المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأولفي ذكر منشئه وعمره ومدة عمره رضي الله عنه وأرضاه - الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية - ط عطاءات العلم

[أبو حفص البزار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ ترجمة المؤلف

- ‌ نبذة عن الكتاب:

- ‌1 - إثبات نسبته للمؤلف:

- ‌2 - نسخ الكتاب الخطية:

- ‌3 - طبعات الكتاب:

- ‌4 - منهج التحقيق:

- ‌الفصل الأولفي ذكر منشئه وعمره ومدّة عمره رضي الله عنه وأرضاه

- ‌الفصل الثانيفي غزارة علومه ومؤلفاته ومصنفاته، وسَعَة نقله في فتاويه ودروسه البديهية ومنصوصاته

- ‌الفصل الثالثفي ذكر معرفته بأنواع أجناس المذكور والمقول والمنقول، والمتصوَّر والمفهوم والمعقول

- ‌الفصل الرابعفي ذكر تعبّده

- ‌الفصل الخامسفي ذكر بعض وَرَعه

- ‌الفصل السادسفي ذكر بعض زُهده وتجرده وتقاعده عن الدنيا وتبعّده

- ‌الفصل السابعفي إيثاره مع فقره، وتواضعه

- ‌الفصل الثامنفي هيئته ولباسه

- ‌الفصل التاسعفي ذكر بعض كرامته وفراسته

- ‌الفصل العاشرفي ذكر كرمه رضي الله عنه

- ‌الفصل الحادي عشرفي ذكر قوة قلبه وشجاعته

- ‌الفصل الثاني عشرمن ذكر قوّته في مرضاة الله وصبره على الشدائد،واحتماله إياها وثبوته على الحق

- ‌الفصل الثالث عشرفي أنّ الله جعله حُجّة في عصره ومعيارًا للحق والباطل

- ‌الفصل الرابع عشرفي ذكر وفاته وكثرة من صلى عليه وشَيَّعه

الفصل: ‌الفصل الأولفي ذكر منشئه وعمره ومدة عمره رضي الله عنه وأرضاه

‌الفصل الأول

في ذكر منشئه وعمره ومدّة عمره رضي الله عنه وأرضاه

أمّا مولده فكما أخبرني به غيرُ واحد من الحُفاظ أنه ولد بحرّان في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وست مائة. وبقي بها إلى أن بلغ سبع سنين، ثم انتقل به والده ــ رحمه الله ــ إلى دمشق المحروسة، فنشأ بها أتمَّ إنشاءٍ وأزكاه، وأنبته الله أحسن النبات وأوفاه.

وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة، ودلائل العناية فيه واضحة. أخبرني من أثق به عن جدّته أنّ الشيخ رضي الله عنه في حال صغره، كان إذا أراد المضيّ إلى المكتب، يعترضه يهوديٌّ كان منزله بطريقه، بمسائل يسأله عنها لما يلوح عليه من الذكاء والفطنة. وكان يجيبه عنها سريعًا، حتى تعجّب منه. ثم إنه صار كلّما اجتاز يُخبره بأشياء مما يدلّ على بُطلان ما هو عليه، فلم يلبث أن أسلم وحسن إسلامه. وكان ذلك ببركة الشيخ على صغر سنّه.

ولم يزل منذ أيام صغره مستغرق الأوقات في الجدّ والاجتهاد. وخَتَم القرآن صغيرًا، ثم اشتغل بحفظ الحديث والفقه والعربية حتى برع في ذلك، مع ملازمته مجالس الذِّكر وسماع الأحاديث والآثار. ولقد سمع غير كتابٍ على غير شيخ من ذوي الروايات الصحيحة العالية.

أمّا دواوين الإسلام الكبار، كـ «مسند أحمد» ، و «صحيح البخاري» ، ومسلم، و «جامع الترمذي» ، و «سنن أبي داود السجستاني» ، والنسائي،

ص: 742

وابن ماجه، والدارقطني؛ فإنه سمع كل واحد منها مرّات عدّة. وأول كتاب حفظه في الحديث «الجمع بين الصحيحين» للإمام الحُمَيدي.

وقلّ كتاب من فنون العلم إلّا وقف عليه. كأنّ الله قد خصّه بسرعة الحفظ وإبطاء النسيان. لم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء غالبًا إلا ويبقى على خاطره، إمّا بلفظه أو معناه.

وكان العلم كأنّه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره، فإنه لم يكن له مستعارًا، بل كان له شِعارًا ودثارًا. لم يزل آباؤه أهل الدراية التامة والنقد، والقدم الراسخة في الفضل. لكن جمع الله له ما خرق بمثله العادة، ووفقه في جميع عمره لأعلام السعادة، وجعل مآثره لإمامته أكبر شهادة، حتى اتفق كلُّ ذي عقل سليم أنّه ممن عنى نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله:«إنّ الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدِّد لهذه الأمة أمرَ دينها»

(1)

. فلقد أحيا الله به ما كان قد دَرَس من شرائع الدين، وجعله حجة على أهل عصره أجمعين. والحمد لله رب العالمين.

(1)

أخرجه أبو داود (4291)، والحاكم:(4/ 522) وصححه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر «المقاصد الحسنة» (ص 121).

ص: 743