الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرى برجشتراسر أن التاء هي الأصل في الحقيقة، وأن الصاد الثانية مبدلة منها، لأن الكلمة معربة - كما يرى - من اليونانية، بواسطة الآرامية، أي: السريانية، وهي في اليونانية (Lestes) وفي السريانية (Lesta) .
قال: ويتضح من ذلك أن (لصت) هي الأصل، وأن (لصّ) أبدلت منها لشبه التاء بالصاد، ثم أدغمت فيها1.
فإن صح هذا الرأي، فإنه يدل على أن القبائل التي نطقتها بالتاء قد عربتها على أصلها في اللغة الأعجمية، وعربها آخرون إلى (اللصّ) ، بإبدال التاء صادًا، ويكون الإبدال فيها على العكس مما ذكره المتقدمون، ولا علاقة له ببداوة أو حضارة، كما علله بعض المعاصرين.
1 التطور النحوي للغة العربية 52.
5-
إبدال النون هاء:
قال ابن فارس في مادة (فكه) : "الفاء والكاف والهاء أصل صحيح يدل على طيب واستطابة، من ذلك الرجل الفكه: الطيب النفس
…
فأما التفكّه في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 2 فليس من هذا، وهو من باب الإبدال، والأصل تفكّنون، وهو من التندم"3.
2 سورة الواقعة 65.
3 المقاييس4/446.
وجاء في تهذيب اللغة: "قال اللحياني: "أزد شنوءة يقولون: يتفكّهون، وتميم تقول: يتفكّنون. وقال مجاهد في قوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي: تعجّبون. وقال عكرمة: تندمون. وقال ابن الأعرابي: تفكّهت وتفكّنت، أي: تندمت"1. وقال ثعلب في أماليه: "أزد شنوءة يقولون: تفكّهون، وتميم يقولون: تفكّنون، بمعنى: تعجبون"2.وقال أبو الطيب اللغوي: "يقال: تركته متفكنًا ومتفكهًا، أي: متندمًا. وفي التنزيل: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي: تندمون، وهو بالهاء لغة أزد شنوءة وبالنون لغة تميم"3.
وقد عزيت بالنون إلى عُكْل أيضًا4، وهم أخوة بني تميم5.
وقد قرأ الجمهور {تَفَكَّهُونَ} بالهاء، وقرأ أبو حرام العكلي (تفكّنون) بالنون6.قال ابن خالويه:"تفكّن: تندّم، وتفكّه: تعجّب"7 وفسرهما ابن السكيت بالتندّم8.
وقال الكسائي: "تفكه من الأضداد، تقول العرب: تفكّهت بمعنى تنعّمت،
1 تهذيب اللغة 10/280.
2 المزهر1/473.
3 الإبدال2/458،459.
4 الأضداد لابن الأنباري 65، وتهذيب اللغة 10/27.
5 جمهرة أنساب العرب 480.
6 شواذ القرآن 152، وتهذيب الألفاظ 1/539، والدر المصون 10/217.
7 شواذ القرآن 152.
8 تهذيب الألفاظ 1/539.
وتفكّهت بمعنى حزنت"1.
يتضح من هذا العرض اختلاف العلماء في تفسير هاتين الصيغتين، فمرة تُفسر (تفكّهون) بـ (تعجّبون) وتفسر الأخرى بـ (تندّمون) كما فسرت الصيغتان مرة بـ (تعجّبون) وأخرى بـ (تندّمون) على أنهما من الأضداد ويتعاقبان على البدل.
والراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه ابن خالويه من أن كل صيغة تختلف عن الأخرى، فـ (تفكّهون) بمعنى تعجّبون فقط، و (تفكّنون) وهي التميمية بمعنى تندّمون فقط، وقد فسرهما بهذا - من قبلُ - أبوحاتم السجستاني2.وتفسير الآية الكريمة يحتمل المعنيين، وهذا يتضح من ذكر بقية الآية والآيتين السابقتين لها: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ. أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 3.
وليس بين النون والهاء علاقة صوتية، فهما متباعدان في المخرج والصفة، فمخرج الهاء من أقصى الحلق مما يلي الصدر، ومخرج النون من أدنى طرف اللسان فويق الثنايا، والهاء صوت رخو مهموس والنون مجهورة4، ولهذا رجح الدكتور أحمد علم الدين الجندي ألا تبادل بين الصيغتين، وأن كلاً منهما أصل
1 تفسير ابن كثير4/317.
2 جمهرة اللغة3/1297.
3 سورة الواقعة 63 - 65.وينظر: لغة تميم 141.
4 الكتاب4/433،434.