الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الاستدلال بالاقتران: فهو ضعيف إلا أنه في هذا المكان قوي لأن لفظة الفطرة لفظة واحدة استعملت في هذه الأشياء الخمسة فلو افترقت في الحكم - أعني أن تستعمل في بعض هذه الأشياء بإفادة الوجوب وفي بعضها بإفادة الندب - لزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين وفي ذلك ما عرف في علم الأصول وإنما تضعف دلالة الاقتران ضعفاً إذا استقلت الجمل في الكلام ولم يلزم منه استعمال اللفظ الواحد في معنيين كما جاء في الحديث: «لا يَبُولَنَّ أحدُكُم في المَاءِ الدائِمِ ولا يَغْتَسِل فِيهِ مِنَ الجَنَابَةِ» حيث استدل به بعض الفقهاء على أن اغتسال الجنب في الماء يفسده لكونه مقروناً بالنهي عن البول فيه والله أعلم (1) اهـ
بحث في تحقيق معنى السنة
السنة هي الطريقة يقال سننت له كذا أي شرعت فقوله الختان سنة للرجال أي مشروع لهم لا أنه ندب غير واجب فالسنة هي الطريقة المتبعة وجوباً واستحبابا لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى (2)» .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ (3)» .
وتخصيص السنة بمعنى المستحب أو بما يجوز تركه اصطلاح حادث (4)،
(1) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (ص 77 ـ 78) للعلامة تقي الدين بن دقيق العيد طبعة أولى دار الفكر بيروت 1417 هـ، 1997م، تحقيق الشيخ عرفان العشا حسونة.
(2)
أخرجه: البخاري (5063) ومسلم (1401) والنسائي في الكبرى (5305).
(3)
أخرجه: الترمذي (2676) وأبو داود (4607) وابن ماجه (42) والدارمي (95) وأحمد (17144)(17145).
(4)
السنة عند الأصوليين وأهل الحديث تطلق على ما أضيف للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ من قول أو فعل أو تقرير، وهي مصدر من مصادر التشريع ودليل من أدلة الأحكام، فهي تدل على الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام.
وإن كان الفقهاء وغيرهم يستعملون لفظ السنة مرادفاً للمستحب والمندوب وقد قامت على ذلك أدلة، إلا أن هذا لا يلغي المعنى الأول والأساسي لمفهوم السنة، فينبغي التفريق بين لفظ السنة كدليل من أدلة الأحكام ولفظ السنة كحكم كما عند الفقهاء.
وإلا فالسنة ما سنه رسول الله لأمته من واجب ومستحب فالسنة هي الطريقة وهي الشريعة والمنهاج والسبيل.
وأما القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن الختان بالمسنونات، فالاقتران هنا في الطلب والمشروعية لا في الحكم، وعلى أية حال فدلالة الاقتران لا تقوى على معارضة أدلة الوجوب ثم إن الخصال المذكورة في الحديث منها ما هو واجب كالمضمضة والاستنشاق والاستنجاء ومنها ما هو مستحب كالسواك وأما تقليم الأظفار فإن الظفر إذا طال جداً بحيث يجتمع تحته الوسخ وجب تقليمه لصحة الطهارة وأما قص الشارب فالدليل يقتضى وجوبه إذا طال وهذا الذي يتعين القول به لأمر رسول الله به ولقوله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا (1)» .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً (2)».
وهذا فيه دلالة على الوجوب عند تمام الأربعين، وإن كان قبل فوات الأربعين لا يلزم.
قال العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع (1|168):
السُّنَنَ: جمع سُنَّّة، وتُطلق على الطَّريقة، وهي أقوال الرَّسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، ولا فرق في هذا بين الواجب والمستحبِّ، فالواجب يُقال له: سُنَّة، والمستحبُّ يُقال له: سُنَّة.
(1) صحيح: أخرجه الترمذي (2761) والنسائي (14)(9241) وأحمد (19263)(19273).
(2)
أخرجه: مسلم (258) وأبو داود (4200) والترمذي (2758) وابن ماجه (295). وفي رواية النسائي وأبي داود وأحمد (وقت لنا رسول الله صلى الله عليه) وصحح الألباني إسنادها. وانظر: آداب الزفاف ص 118.