الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاقْتِرَانَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْجَمْعُ فَقَطْ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الزِّنَا الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يُحَرَّمُ إلَّا عِنْدَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَعَازِفِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.
وَأَيْضًا يَلْزَمُ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى: {إنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ عَدَمَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْحَضِّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَإِنْ قِيلَ تَحْرِيمُ مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْإِلْزَامِ قَدْ عُلِمَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ.
فَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الْمَعَازِفِ قَدْ عُلِمَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ أَيْضًا كَمَا سَلَفَ، ولفظ:«المعازف» عام يشمل جميع آلات اللهو، فتحرم إلا ما ورد الدليل باستثنائه كالدف فهو مباح للنساء.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «يَسْتَحِلُّونَ» من أقوى الأدلة على تحريم المعازف إذ لو كانت المعازف حلالاً فكيف يستحلونها!.
وأيضا: دلالة الاقتران في الحديث تفيد التحريم حيث قرن المعازف مع الخمر والحرير والحر أي الزنا وهي محرمات قطعاً بالنص والإجماع.
(16)
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ
وَلَا يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا تُفْضِى الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ (1)».
(1) أخرجه مسلم (338) والترمذي (2793) وابن ماجه (661) وأحمد (11601).
استدل به القائلون بدلالة الاقتران على التساوي في حدود العورة نساء ورجالاً، بدلالة الاقتران والقياس. وهذا مذهب أحمد بن حنبل. والحنابلة على أن عورة الرجل من الرجل هي السوءتين، فكذلك المرأة.
والذين قالوا بأن عورة الرجل هي ما بين السرة إلى الركبة، جعلوا ذلك للمرأة مع المرأة كذلك.
قال الإمام المرداوي (1) في كتابه "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل"(8| 24): «قوله "وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة": يجوز للمرأة المسلمة النظر من المرأة المسلمة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة.
(1) المرداوي (817 - 885 هـ) هو علي بن سليمان بن أحمد بن محمد، علاء الدين المرادوي نسبتة الي (مردا) احدي قري نابلس بفلسطين. شيخ المذهب الحنبلي حاز رئاسة المذهب. ولد بمردا، ونشأ بها ثم انتقل الي دمشق وتعلم بها وانتقل الي القاهرة ثم مكة. من مصنفاته:(الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف) ثمانية مجلدات؛ و (والتنقيح المشبع في تحرير احكام المقنع)؛و (وتحرير المنقول في تهذيب علم الأصول). [الضوء اللامع 5/ 225،227؛ والاعلام للزركلي 5/ 104؛ والمنهج الاحمد في تراجم اصحاب الامام أحمد]
وما ذكره المجيزون في احتجاجهم بحديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة» وأخذهم القول بجواز إظهار ما فوق السرة ودون الركبة بدلالة الاقتران والقياس، فيقال: أن دلالة الاقتران ضعيفة إلا بقرائن تؤيدها، ومن العجيب أن المجيزين يأخذون بدلالة الاقتران في هذا الحديث رغم معارضته لنصوص أخرى كما في الآية الكريمة {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} الآية.
أما قياسهم فهو قياس مع الفارق {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} قدراً وشرعاً، فلا يصح هذا القياس، وأيضاً فإن مقدار عورة الرجل مختلف فيها (1) بين أهل العلم، فكيف يصح القياس على أصل مختلف فيه.
(1) من العلماء من يدخل الفخذ في عورة الرجل لحديث جرهد أن النبي ? صلى الله عليه وسلم قال له: «إِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ» أخرجه البخاري معلقا في كتاب الصلاة، بَاب مَا يُذْكَرُ فِي الْفَخِذِ، والترمذي (2795) وأبو داود (4014) وأحمد (15926)، ومنهم من يقول بأن الفخذ ليس بعورة لحديث أنس رضي الله عنه:«ثُمَّ حَسَرَ الْإِزَارَ عن فَخِذِهِ حتى إني أَنْظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» أخرجه البخاري (371) قال البخاري (1 |145): (وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ).
قال ابن العربي في أحكام القرآن (2 |307):والصحيح أن الفخذ ليس بعورة لأنها ظهرت من النبي يوم جرى في زقاق خيبر ولأن النبي كان يصلها بأفخاذ أصحابه ولو كانت عورة ما وصلها بها ، قال زيد نزل على النبي الوحي وفخذه على فخذي حتى كادت أن ترض فخذي أما إنه يكره كشفها فإن مالكا وغيره قد روى حديث جرهد أن النبي قال له:«غط فخذك فإن الفخذ عورة» وهو حديث مشهور اهـ.