المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: أن يكون الهدف محددا بوقت معين: - رسم الأهداف

[عبد القادر المحمدي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: (الهدف) مفهومه، وشروط تحقيقه

- ‌المطلب الأول: تعريف الهدف لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: شروط تحقيق الأهداف (في ضوء السنة النبوية)

- ‌أولاً: أن يكون الهدف محدداً واضحاً:

- ‌ثانياً: أن يكون الهدف قابلاً للتنفيذ

- ‌ثالثاً: أن يكون الهدف واقعياً:

- ‌رابعاً: أنْ يكون الهدف محدداً بوقت معين:

- ‌خامساً: وضع الأهداف الجزئية:

- ‌المبحث الثاني: معايير تحقيق الأهداف (في ضوء السنة النبوية)

- ‌المطلب الأول: تحديد العمل المطلوب انجازه، ومَنْ يقوم به، ومتى يقوم به، ولماذا يقوم به

- ‌المطلب الثاني: تحديد المعيار الكمي، والنوعي لقياس الإنجاز:

- ‌المطلب الثالث: تحديد الإطار الزمني المطلوب لإنجاز العمل

- ‌المطلب الرابع: أن تكون مرنة قابلة للتعديل (البدائل):

- ‌المطلب الخامس: أن تكون متوافقة مع قيم المجتمع وتوجهاته:

- ‌المبحث الثالث: مراجعة الأداء وتقييم صحة الأهداف ودقتها (في ضوء السنة النبوية)

- ‌المطلب الأول: مقدار علاقة الهدف بالرسالة المقصودة

- ‌المطلب الثاني: مراجعة الجدول الزمني وتدقيقه:

- ‌المطلب الثالث: مراجعة وتدقيق مكان الهدف:

- ‌المطلب الرابع: من سيقوم بالأعمال والخطوات اللازمة لتحقيق الهدف

الفصل: ‌رابعا: أن يكون الهدف محددا بوقت معين:

قال:" ولا النّاس يحبونه لخالاتهم". قال: فوضع يده عليه وقال:" اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه وحصن فرجه". فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء " (1).

فعالجه النبيّ صلى الله عليه وسلم بواقعية تامة، وجعله يقيس الحكم على نفسه، فقال (أترضاه لأمك ..) فالمقياس واقعي، لذا جعل الشاب ينأى بنفسه عن هذا العمل القبيح.

أما إذا كان الحل (الهدف) خيالياً متقاطعاً مع الفطرة الإنسانية فإنه سيفشل حتماً، لذا فشلت الكنيسة في تحقيق هدف (الرهبنة)، وكلنا سمع ويسمع وسيسمع بالشذوذ الجنسي والاغتصاب من قبل كثير من المترهبنين في كنائس الغرب والشرق، نسأل الله العافية.

فالمشكلة أنهم خالفوا الفطرة ونقضوا المنطق وعارضوا الواقع، فالانسان مجبول بالفطرة على الميل إلى المرأة والأسرة والأولاد، وقد زُين ذلك لهم، قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} آل عمران14 لذا فالنبيّ صلى الله عليه وسلم حث على الزواج وشجع الشاب على الانجاب، ورفض كل مظاهر الرهبنة؛ لأنها لا تمت إلى الحياة بصلة، وديننا هو دين الحياتين الدنيا والأخرة، ولهذا عنف النبيّ صلى الله عليه وسلم أولائك النفر الذي استقلوا عمل النبيّ صلى الله عليه وسلم وأرادوا الانحياز عن الفطرة، فأخرج مسلم وغيره من حديث أنس رضي الله عنه أنّ نفراً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، سألوا أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فقام صلى الله عليه وسلم فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:" ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"(2).

‌رابعاً: أنْ يكون الهدف محدداً بوقت معين:

الأهداف الناجحة هي التي تحمل خطة زمنية محددة، لها نقطة انطلاق ونقطة انتهاء.

وكل هدف ليس له زمن محدد يكون عشوائياً غير منضبط، فمثلاً: من أراد حفظ كتاب الله تعالى فلابد أن يضع لنفسه خطة زمنية مرسومة يومية وأسبوعية وشهرية، وهكذا كل مشروع لابد له من خطة زمنية ليحقق هدفه. ومن يتأمل في سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم يلمس ذلك بوضوح، فمنه:

قوله صلى الله عليه وسلم:"لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا "(3).

(1) أخرجه أحمد 5/ 256 باسناد صحيح.

(2)

أخرجه مسلم 4/ 129 (3384)،وغيره.

(3)

أخرجه أحمد 1/ 355، من حديث ابن عباس رضي الله عنه باسناد صحيح.

ص: 11

فالهجرة على عضم منزلتها في الإسلام، حتى قال تعالى في فضلهم {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} التوبة20

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم في فضل الهجرة:" لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار

" (1).

وقد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة بيدأن لها زمناً محدداً، فكانت الهجرة فرض عين ثم نسخت بهذا الحديث (2)، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم رسم لها خطة زمنية محددة، ابتدأت في ساعة وانتهت في ساعة.

قال الحافظ في الفتح:" وإنما كان كذلك؛ لأنّ مكة بعد الفتح صارت دار إسلام فالذي يهاجر منها للمدينة إنما يهاجر لطلب العلم أو الجهاد لا للفرار بدينه بخلاف ما قبل الفتح"(3).

ومن ذلك أنّ الله تعالى شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم إعطاء سهم من أسهم الزكاة لمن يريد أن يتالفه للإسلام، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعطي الرجل الغني من مال الزكاة والخمس؛ ليقربه من الدين ويتألفه حتى يقوى عوده في الإسلام ويعايش كبار المسلمين فيقوى ويصلب في الدين، فعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إني أعطي قريشا أتألفهم، لأنهم حديث عهد بجاهلية"(4).ومن هؤلآء صفوان بن أمية، فأخرج مسلم من حديث صفوان أنّه قال: «والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض النّاس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب النّاس إليّ" (5).

فالهدف من هذا السهم هو تأليف القلوب للإسلام في فترة من الفترات الزمنية المحددة، وينتهي زمنه بقوة الدين في نفوس النّاس، لذا فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف هذا السهم.

قال ابن تيمية:"وما شرعه النبيّ صلى الله عليه وسلم شرعاً معلقاً بسبب إنما يكون مشروعاً عند وجود السبب: كإعطاء المؤلفة قلوبهم؛ فإنه ثابت بالكتاب والسنة. وبعض النّاس ظنَّ أنَّ هذا نسخ، لما روي عن عمر رضي الله عنه: أنه ذكر أن الله أغنى عن التألف، {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} الكهف29، وهذا الظن غلط؛ ولكن عمر استغنى في زمنه عن إعطاء المؤلفة قلوبهم، فترك ذلك لعدم الحاجة إليه؛ لا لنسخه"(6).

(1) أخرجه بتمامه البخاري (7244)،وغيره.

(2)

ينظر: فتح الباري، ابن حجر 7/ 259.

(3)

المصدر نفسه 10/ 185.

(4)

أخرجه البخاري (2977)،ومسلم 2/ 733 (1059)،وغيرهما.

(5)

صحيح مسلم 4/ 068 ((2313).

(6)

مجموع الفتاوى 3/ 260.

ص: 12