الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: نظرة علمية إلى المؤلف
المبحث الأول: عقيدته
المذهب الأشعري هو المنتشر في المغرب في العصر الذي عاش فيه المؤلف.
يقول محمد المنوني: كانت المذاهب الغالبة على المغرب في الفترة المرينية هي: المذهب الأشعري في المعتقدات، والمذهب المالكي في الفقهيات، والصوفية السنية (1).
ويقول في موضع آخر: أما الاعتقادات فكانت على مذهب أبي الحسن الأشعري على طريقة المتقدمين من أتباعه بما فيهم إمام الحرمين، ومن شواهد هذا أن أبا الحسن (2) كان يقرأ بين يديه كتاب الإرشاد للإمام الآنف الذكر، وكان يصغي لما يلقى من أدلة أهل السنة وبيان مذاهبهم - يعني الأشاعرة - حتى إذا عرضت المذاهب المناهضة لأهل السنة يقول: دعوا هذا (3).
(1) انظر: ورقات من الحضارة المغربية في عصر بني مرين 213.
(2)
أي: أبو الحسن المريني.
(3)
المصدر السابق ص 112.
والذي ظهر لنا أن الشوشاوي أشعري في العقيدة، وقد لمسنا هذا منه من خلال موقفه في بعض المسائل المتعلقة بالعقيدة، ونكتفي بذكر بعض نماذج لهذه المسائل؛ فهي كافية لبيان مذهبه:
النموذج الأول: ذكرالشوشاوي تعريف الحكم الشرعي بأنه: خطاب الله تعالى القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير.
ثم ذكر من محترزات التعريف (خطاب الله تعالى القديم) احترازًا من خطاب الله تعالى الحادث، وذلك أن كلام الله تعالى يقال للمعنى القائم بذات الله تعالى، ويقال أيضًا للفظ الدال على المعنى القائم بذات الله تعالى.
وهذا التقسيم الذي ذكره الشوشاوي إنما هو على مذهب الأشاعرة الذين يقولون: إن كلام الله حقيقة في النفساني مجاز في اللساني، ويترتب على مذهبهم هذا أن الآيات ليست كلام الله، بل هي عبارة عن كلام الله أي: هي اللفظ الدال على المعنى القائم بذات الله.
يقول الشوشاوي: وإنما قلنا في الآيات القرآنية المعبر بها عن الأحكام الشرعية: حادثة؛ لأنها صفات المخلوقات؛ لأنها تكلم بها جبريل عليه السلام، ثم النبي عليه السلام، ثم حملة القرآن، فهي حادثة؛ لأن كلام الحادث حادث، وأما المعنى القائم بالنفس فهو قديم؛ لأنه صفة القديم جل وعلا، فتبين بما قررناه أن كلام الله تعالى يقال على الشيئين وهما الدليل ومدلوله، أحدهما قديم وهو المدلول، والآخر حادث وهو الدال (1).
النموذج الثاني: مذهب الأشاعرة في الصفات: تأويل بعض الصفات
(1) انظر: (1/ 634 - 635) من هذا الكتاب.
إلى معانٍ أخرى تصرفها عن ظاهرها.
يقول الشوشاوي في كتابه قرة الأبصار على الثلاثة الأذكار: واختلفوا في معنى الرحمة قيل: إرادة الإنعام والإحسان.
وقيل: نفس الإنعام والإحسان.
وتظهر ثمرة الخلاف في قول القائل في الدنيا: اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك، وهل يجوز هذا الدعاء أو لا؟
فمن فسر الرحمة بالإرادة أو الإنعام قال: لا يجوز؛ لأن إرادة الله تعالى صفة قديمة أزلية، ومن فسر الرحمة بنفس الإنعام قال: يجوز الدعاء المذكور؛ لأن نفس الإنعام هي الجنة (1) اهـ.
وهذان التفسيران للرحمة فيهما تأويل للرحمة بالإنعام والإحسان أو إرادتهما، وهذا على مذهب الأشاعرة، وأما مذهب السلف فهو إثبات صفة الرحمة كما جاءت في القرآن والسنة بدون تأويل.
…
(1) قرة الأبصار على الثلاثة الأذكار، الفصل السادس فيما يتعلق بالرحمن من الباب الثاني ص 87، 88 من نسخة خطية في مكتبة خاصة.