الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نص قرار مجلس هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
رقم 10 وتاريخ 16/ 4/1393هـ
في موضوع الأوراق النقدية
قرار المجلس بالأكثرية ما يلي:
بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح بحيث يلقى قبولاً عامًا كوسيط للتبادل كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: «وأما الدرهم والدينار فما يُعرَف له حدٌّ طبيعيٌّ ولا شرعي؛ بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق بالمقصود به؛ بل الغرض أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدارهم والدنانير لا تقصد لنفسها؛ بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا
…
» إلى أن قال: «والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها
المقصود كيفما كانت (1)، وذكر نحو ذلك الإمام مالك في المدونة من كتاب الصرف؛ حيث قالت: ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهت أن تباع بالذهب والورق نسيئة. اهـ.
وحيث إن الورق النقدي يلقى قبولاً عامًا في التداول ويحمل خصائص الأثمان من كونه مقياسًا للقيم، ومستودعًا للثروة، وبه الإبراء العام .. كما ظهر أن الغطاء لا يلزم أن يكون شاملاً لجميع الأوراق النقدية؛ بل يجوز في عرف جهات الإصدار أن يكون جزءًا من عملتها بدون غطاء، وأن الغطاء لا يلزم أن يكون ذهبًا؛ بل يجوز أن يكون من أمور عدة كالذهب والعملات الورقية القوية، وأن الفضة ليست غطاء كليًا أو جزئيًا لأي عملة في العالم، كما اتضح أن مقومات الورقة النقدية قوة وضعفًا مستمدة مما تكون عليه حكومتها من حال اقتصادية؛ فتقوى بقوة دولتها،
(1) ج 29 ص 251 من مجموع الفتاوى.
وتضعف بضعفها، وأن الخامات المحلية كالبترول والقطن والصوف لم تعتبر حتى الآن لدى أيٍّ من جهات الإصدار غطاء للعملات الورقية، وحيث إن القول باعتبار مطلق الثمنية علة في جريان الربا في النقدين هو الأظهر دليلاً والأقرب إلى مقاصد الشريعة، وهو أحد الروايات عن الأئمة مالك وأبي حنيفة وأحمد؛ قال أبو بكر: روى ذلك عن أحمد جماعة، كما هو اختيار بعض المحققين من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، وحيث إن الثمنية متحققة بوضوح في الأوراق النقدية - لذلك كله فإن هيئة كبار العلماء تقرِّر بأكثريتها أن الورق النقدي يعتبر نقدًا قائمًا بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدَّد بتعدُّد جهات الإصدار؛ بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وأنه يترتب على
ذلك الأحكام الشرعية الآتية:
أولاً: جريان الربا بنوعيه فيها كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان كالفلوس، وهذا يقتضي ما يلي:
أ- لا يجوز بيع بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقًا؛ فلا يجوز مثلاً بيع الدولار الأمريكي بخمسة أريلة سعودية أو أقل أو أكثر نسيئة.
ب- لا يجوز بيع الجنس الواحد منه بعضه ببعض متفاضلاً سواء كان ذلك نسيئة أو يدًا بيد؛ فلا يجوز مثلاً بيع عشرة أريلة سعودية ورق بأحد عشر ريالاً سعوديًا ورقًا.
جـ- يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقًا إذا كان ذلك يدًا بيد؛ فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقًا كان أو فضة أو أقل من ذلك أو
أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة أريلة سعودية أو أقل أو أكثر إذا كان ذلك يدًا بيد.
ومثل ذلك من الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة أريلة سعودية ورق أو أقل أو أكثر يدًا بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة.
ثانيًا: وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها.
ثالثًا: جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات.
والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية.