الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع: باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، من أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 /220-221 سنن الترمذي بتحقيق وتعليق أحمد محمد شاكر
حدثنا قتيبة، حدثنا شريك عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "في المستحاضة"1:"تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل، وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم، وتصلي".
حدثنا على بن حجر أخبرنا شريك: نحوه بمعناه.
كلام الترمذي على هذا الحديث
قال أبو عيسى: هذا حديث قد تفرد به شريك عن أبي اليقظان.
قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فقلت: عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده جدّ عدي ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه.
وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين: أن اسمه "دينار" فلم يعبأ به.
وقال أحمد وإسحاق "في المستحاضة": إن اغتسلت لكل صلاة هو أحوط لها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، وإن جمعت بين الصلاتين بغسل واحد أجزأها.
تخريج الحديث
أخرج الحديث سوى الترمذي جماعة وهم:
1 الاستحاضة: أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتادة يقال: استحيضت فهي مستحاضة، وهو استفعال من الحيض. (النهاية في غريب الحديث والأثر 1/1469) .
أبو داود في "سننه"1 وتكلّم عليه.
ابن ماجه في "سننه"2.
الدارمي في "سننه"3.
الطحاوي في "شرح معاني الآثار"4.
ابن عدي في "الكامل"5.
البيهقي في "السنن الكبرى"6.
كلهم من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جدّه. وأشار إليه البخاري في "التاريخ الصغير"7.
التعريف برجال الإسناد
قتيبة: -بضمّ القاف وفتح المثناة الفوقانية- هو ابن سعيد بن جميل -بفتح الجيم- ابن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني -بفتح الموحدة
1 1/125.
2 1/204 رقم الحديث (625) .
3 1/166.
4 1/51.
5 3 قسم3 صفحة97.
6 1/347.
7 2/14.
وسكون المعجمة- يقال اسمه يحيى، وقيل علي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة أربعين أي ومئتين عن تسعين سنة، روى له الجماعة1.
شريك: هو ابن عبد الله النخعي الكوفي القاضي أبو عبد الله، سبقت ترجمته في الحديث الثاني، وهو صدوق يخطئ كثيراً، من الثامنة مات سنة سبع أو ثمان وسبعين أي ومئة، روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعة، وأصحاب السنن الأربعة2.
1 تقريب التهذيب 2/123 وانظر في مصادر ترجمته: "تهذيب التهذيب" 8/358 و"تاريخ بغداد" 12/464 و"اللباب في تهذيب الأنساب" 1/164-165 وفيه أن هذه النسبة البغلاني إلى "بغلان" وهي بلدة بنواحي "بلخ".
2 المصدر السابق 1/351 وانظر في مصادر ترجمته: "تهذيب التهذيب" 4/333 و"تذكرة الحفاظ" 1/232 و"ميزان الاعتدال" 1/444 و"المغني في الضعفاء" 1/297 و"هدي الساري مقدمة فتح الباري"/457 و"الجرح والتعديل" 2/1/365 و"التاريخ الكبير" 2/2/237 و"التاريخ الصغير" 2/213 و"تاريخ بغداد" 9/279 و"البداية والنهاية" 10/171 و"وفيات الأعيان" 2/464 و"التبيين في أسماء المدلسين"/11 و"طبقات المدلسين"/7 وقد ذكره ابن حجر فيها في الثانية منها وهي: من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح؛ لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة، وقد قال فيه:"شريك بن عبد الله النخعي القاضي مشهور كان من الأثبات، فلما ولي القضاء تغير حفظه، وكان يتبرأ من التدليس، ونسبه عبد الحق في "الإحكام" إلى التدليس، وسبقه إلى وصفه به الدارقطني" ا?. وفي "تهذيب التهذيب" في ترجمة شريك 4/337: "وقال عبد الحق الأشبيلي": كان يدلس. قال ابن القطان: وكان مشهوراً بالتدليس" ا?. كما سرده العلائي في أسماء المدلسين من كتابه "جامع التحصيل" 1/187 فقال: "شريك بن عبد الله النخعي القاضي كوفي، وليس تدلسيه بالكثير" ا?.
أبو اليقظان: نتيجة الحكم في هذا الرجل أعطاها ابن حجر في "تقريب التهذيب"1 حيث قال: أبو اليقظان هو عثمان بن عمير –بالتصغير- ويقال ابن قيس والصواب أن قيساً جدّ أبيه، وهو عثمان ابن أبي حميد أيضاً البجلي، الكوفي، الأعمى، ضعيف، واختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيّع، من السابعة، مات في حدود الخمسين ومئة، روى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجة.
عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي.
روى عن أبيه، والبراء بن عازب، وسعيد بن جبير، وغيرهم.
1 2/13 وانظر في مصادر ترجمته: "تهذيب الكمال" 7/460 و"تهذيب التهذيب" 7/145 و"ميزان الاعتدال" 3/50 و"المغني في الضعفاء" 2/428 و"التاريخ" لابن معين 2/321 نسخة بالآلة الكاتبة محققة؛ لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر بمصر و"التاريخ الكبير" 3/2/245-246 و"التاريخ الصغير" 2/13-14 و2/21 و"الجرح والتعديل 3/1/161" و"الكامل" 3 قسم3 ص96 و"المجروحين" 2/95 و"الكنى والأسماء مصورة" ورقة 56 و"والمقتنى في الكنى" ورقة 82 و"الكنى والأسماء" للدولابي 2/169 و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي/76 و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني مصور ورقة (17) و"سؤالات البرقاني للدارقطني" مصور ورقة (15) .
وعنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش، وشعبة، وآخرون1.
لخص ما قيل فيه ابن حجر في "هدي الساري مقدمة فتح الباري"2 فقال: "عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي التابعي المشهور، وثقه أحمد، والنسائي، والعجلي، والدارقطني، إلا أنه قال: "كان يغلو في التشيع"، وكذا قال ابن معين، وقال أبو حاتم: "صدوق، وكان إمام مسجد الشيعة وقاضيهم"3، وقال الجوزجاني: "مائل عن القصد"، وقال عفان عن شعبة: "كان من الرفاعين"4، قلت: احتج به الجماعة وما أخرج له في الصحيحين شيء مما يقوي بدعته" ا?.
فأكثر ما نقم عليه بدعة التشيع ومع هذا قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"5: "عالم الشيعة، وصادقهم، وقاصهم، وإمام مسجدهم، ولو كانت الشيعة مثله لقل شرّهم" ا?.
وقد مال هو في "المغني في الضعفاء"، وابن حجر في "تقريب التهذيب" إلى توثيقه.
1 تهذيب التهذيب 7/165.
2 /424.
3 هكذا هنا والذي في الجرح والتعديل، وميزان الاعتدال "وقاصهم".
4 أي يرفع الموقوف كثيراً.
5 3/61.
فقال في "المغني"1: "عدي بن ثابت تابعي كوفي، شيعي، جلد، ثقة مع ذلك" ا?.
وقال ابن حجر في "التقريب"2: "عدي بن ثابت الأنصاري، الكوفي، ثقة رمي بالتشيع، من الرابعة مات سنة ست عشرة أي ومئة، روى له الجماعة" ا?.
والد عدي: الظاهر من السند أن ثابتاً هو والد عدي، وفي "تهذيب الكمال"3 و"تهذيب التهذيب"4 وتقريبه5 التنصيص على ذلك، وهو أن ثابتاً والد عدي، وذكر الذهبي شيئاً آخر هو أن والد عدي "أبان" وليس ثابتاً، فقال في "ميزان الاعتدال"6: في ترجمة ثابت الأنصاري "والصحيح أنه عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري الظفري، فغلبت على عدي بن ثابت النسبة إلى جده ذكره ابن سعد وغيره. وقيل: هو عدي بن ثابت بن دينار قاله يحيى بن معين. وقيل: عدي بن ثابت بن عبيد بن عازب بن أخي
1 2/431.
2 2/16 وانظر في مصادر ترجمته: "الجرح والتعديل" 3/2/2 و"التاريخ الكبير" 4/1/44.
3 2 ورقة 88.
4 2/19.
5 1/118.
6 1/369.
البراء بن عازب. ثم قال: "فعلى كل تقدير والد عدي بن ثابت مجهول الحال؛ لأنه ما روى عنه سوى ولده" ا?.
وقال في "المغني في الضعفاء"1 في ترجمة ثابت أيضاً: "وقيل: هو عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري الظفري، غلبت عليه النسبة إلى جده، فإن كان هكذا وهو الأصح إن شاء الله –فابنه أبان هو المجهول" ا?.
وفي نظري أن هذا الخلاف في والد عدي تأثر بالخلاف في جده كما سيأتي.
قال ابن حجر في ترجمة عدي2: "وقد جمعت ما قيل في اسم أبيه وجده في ترجمة "ثابت" فلا حاجة إلى تكراره" ا?.
وكانت النتيجة هي أن والد عدي مجهول الحال عند ابن حجر أيضاً كما هو عند الذهبي.
قال ابن حجر في "تقريب التهذيب"3: "ثابت الأنصاري والد عدي قيل: هو ابن قيس بن الخطيم، وهو جدّ عدي لا أبوه، وقيل: اسم أبيه دينار، وقيل: عمرو بن أخطب، وقيل: عبيد بن عازب فهو مجهول الحال من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه".
1 1/122.
2 تهذيب التهذيب 7/165.
3 1/118.
قال البرقاني1: قلت للدارقطني: "فعدي بن ثابت عن أبيه عن جدّه، قال: لا يثبت ولا يعرف أبوه ولا جده وعدي ثقة" ا?.
جدّ عدي.
ما اسم جدّ عدي؟
هذا السؤال هو ما وجهه الترمذي إلى شيخه البخاري، وقد كان جواب شيخه له بالنفي، وأن جدّ عدي مجهول لا يعرفه، ولا يعرف ما اسمه، ولم ير قول ابن معين الذي ذكره له تلميذه الترمذي شيئاً.
فقول ابن معين اسمه "دينار" ليس إلا أحد الأقوال التي قيلت فيه والتي لا يدري معها عنه وعن اسمه بالضبط وعلى جهة الترجيح.
الخلاف في جدّ عدي
اختلف في اسم جدّ عدي، وفي تعيينه، وهل جده لأمه أو لأبيه على أقوال:
فقيل اسمه "دينار"2.
1 سؤالات البرقاني للدارقطني ورقة 16. انظر: تهذيب التهذيب 7/165 في ترجمة عدي بن ثابت.
2 قال يحيى بن معين وكما سبق لم يعده البخاري شيئاً، وقد رده الدارقطني، وأبو علي الطوسي كما سيأتي، وأبو أحمد الدمياطي انظر "نيل الأوطار" 1/322 وكذا رده ابن حجر في "تقريب التهذيب" 1/237 فقال:"دينار هو جدّ عدي بن ثابت، ولا يصح، روى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه" ا?.
وقيل: "عمرو بن أخطب"1.
وقيل: "عبيد بن عازب"2.
وقيل: "قيس الخطمي"3.
وقيل: "قيس بن الخطيم الظفري"4.
1 قاله أبو زرعة الدمشقي. "تهذيب التهذيب" 2/20 قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" 2/65: "عمرو أخطب أبو زيد الأنصاري، صحابي جليل، نزل البصرة مشهور بكنيته، روى له مسلم، وأهل السنن الأربعة" ا?. وانظر في مصادر ترجمته: "تهذيب التهذيب" 8/4 و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" بهامش الإصابة 2/524-525 و"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 2/522 وفي الكنى منها 4/78.
2 قاله ابن حبان في "الثقات" 3/26 في ترجمة ثابت. وأبو عمر بن عبد البر في ترجمة عبيد من "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" بهامش الإصابة 2/438. قال ابن حجر في "الإصابة" 2/445 في ترجمة عبيد بن عازب مبيناً موقف ابن عبد البر من اسم جدّ عدي: "كذا جزم به هناك (يعني في ترجمة عبيد بن عازب) وذكر في موضع آخر أن اسم جده: دينار (الاستيعاب 1/476) وفي آخر قيس الأنصاري (الاستيعاب 3/237) وفي آخر عبد الله بن يزيد (الاستيعاب 2/391) فالله أعلم" ا?.
3 قال أبو نعيم في "الصحابة" انظر "تهذيب التهذيب" 2/20 في ترجمة ثابت الأنصاري.
4 قاله جماعة من النسابين منهم الطبري، والكلبي، والمبرد، وابن حزم انظر "المصدر السابق" الجزء والصفحة والترجمة، وقد تعقبه ابن حجر بقوله:"ويخدش فيه أن قيس بن الخطيم قتل قبل الإسلام؛ ومن أجل هذا قال الحربي في "العلل": "ليس لجد عدي بن ثابت صحبة" ا?.
وقيل: "ثابت بن قيس الخطيم الأنصاري" وأنه عدي بن أبان بن ثابت
…
الخ. نسب إلى جده على سبيل الغلبة1.
1 حكاه أبو أحمد الدمياطي، وقطع بصحبته، وتبعه العلائي "تهذيب التهذيب" 2/20 و"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 1/195 في ترجمة ثابت بن قيس بن الخطيم، و"النكت الظراف على الأطراف" 3/134، وهو ما اعتمده الذهبي في "ميزان الاعتدال" 1/369 و3/61 و"المغني في الضعفاء" 1/122 واصفا له بالصحيح مرة وبالأصح أخرى. وقد تعقب ابن حجر الدمياطي، وبيّن وهمه فيما جزم به فبعد أن صرّح ابن حجر بما يؤيده من كون ابن سعد ذكر "ثابت بن قيس بن الخطيم" في الصحابة، وذكر في أولاده "أبان"، وأنه على هذا يكون ثابت هذا هو ابن قيس بن الخطيم الصحابي أورد ما يعكر عليه، وهو أن ابن الكلبي وابن سعد وغيرهما ذكروا أن أبان ابن ثابت بن قيس بن الخطيم "درج لا عقب له". قال ابن حجر:"ومما يعكر عليه أيضاً أن مصعباً الزبيري ذكر في "كتاب النسب" عن عبد الله بن محمد بن عمارة القداح النسابة في نسب الأنصار، ثم نسب الخزرج، قال: "فولد الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن كعب "قيس بن الخطيم الشاعر"، قال:"ومن ولده: "يزيد بن قيس" وبه كان يكنى شهد أحداً، وقتل يوم جسر أبي عبيد، ومن ولده "عدي بن أبان بن يزيد بن قيس بن الخطيم مات على فراشه".
قال ابن حجر: "قلت: فمن هنا تبيّن أن الدمياطي وهم فيما جزم به، وظهر أن عدي بن أبان بن يزيد بن قيس غير عدي بن ثابت صاحب الترجمة" ا?. "تهذيب التهذيب" 2/20-21 وانظر "الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 1/195 في ترجمة ثابت بن قيس بن الخطيم.
وقيل: أن جده هو جده لأمه "عبد الله بن يزيد الخطمي"1. إلى غير ذلك مما قيل فيه.
هذا وممن اشتغل بذكر الخلاف في ذلك المنذري، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم.
قال ابن حجر في "لسان الميزان"2: "وقد اختلف في المراد بقول عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، كما أوضحته في "تهذيب التهذيب" ا?.
قلت: نعم وضح الحافظ ذلك وفصّله، وجمع ما قيل في اسم أبيه وجده، وأشبع القول فيه، وذلك في ترجمة "ثابت الأنصاري" من "تهذيب التهذيب"3، وانتهى إلى هذه النتيجة الآتية وهي قوله: "ولم يترجح لي في اسم جده إلى الآن شيء
1 مال إليه ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 2/21 كما سيأتي ويبدو أنه مال إليه أخيراً بعد أن اتضح له عدم صواب قول أبي أحمد الدمياطي، وكان ابن حجر قد رجحه كما يعلم من تعليقاته على أطراف المزي المسماة "النكت الظراف على الأطراف" 3/134، حيث قال:"قلت: الراجح أن اسم جد عدي "ثابت"، وهو "ابن قيس بن الخطيم"، وعدي كان ينسب إلى جده وهو "عدي بن أبان بن ثابت"، قاله الحافظ أبو أحمد الدمياطي وتبعه العلائي من قوله" ا?.
2 2/81.
3 2/19-21.
من هذه الأقوال كلها، إلا أن أقربها إلى الصواب أن جده هو جده لأمه عبد الله بن يزيد الخطمي1 والله أعلم" ا?.
وعلى أن موقف ابن حجر من اسم جد عدي هو هذا، لم يجزم بصواب ما أورده، فإنه مغاير لموقف الدارقطني الذي يرى أنه لا يصحّ شيء من هذه الأقوال.
قال أبو بكر البرقاني2:"قلت للدارقطني: عدي بن ثابت ابن من؟
قال: قد قيل: ابن دينار، وقيل: أنه يعني جده أبو أمه، وهو عبد الله بن يزيد الخطمي، ولا يصح من هذا كله شيء" ا?.
والحاصل أن أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين تشير إلى أن جد عدي لا يعرف، مما يثبت صحة موقف البخاري، ويقوي ما ذهب إليه.
قال أبو علي الطوسي3: "جد عدي مجهول لا يعرف، ويقال اسمه دينار ولا يصحّ" ا?.
وقد سبق قول الدارقطني: "لا يعرف أبوه ولا جده".
1 عبد الله بن يزيد الخطمي -بفتح المعجمة وسكون المهملة- الأنصاري صحابي صغير، ولي الكوفة لابن الزبير، روى له الجماعة. (تقريب التهذيب 1/461) وانظر في مصادر ترجمته:"تهذيب التهذيب" 6/78 و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" بهامش الإصابة 2/391 و"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 2/382.
2 تهذيب الكمال 2 ورقة 88 و"تهذيب التهذيب" 2/19.
3 تهذيب التهذيب 2/19-20.
وقال البرقي1: "لم نجد من يعرف جده معرفة صحيحة، وقد قيل: إنه عدي بن ثابت بن قيس الخطيم".
وقال المنذري2: "وقيل: لا يعلم من جده، وكلام الأئمة يدل على ذلك".
وقال ابن العربي3: "لا يعلم جده".
وقال أحمد شاكر4: "وجد عدي بن ثابت لم يعرف، وتضاربت فيه الأقوال جداً".
وقال السبكي: صاحب "المنهل العذب المورود"5: "اختلف في اسم جد عدي اختلافاً كثيراً، وبعد أن ساق ما قيل فيه قال: ولا يصحّ من هذا شيء".
وقال الألباني6: "وقد قيل في اسمه أقوال خمسة، وليس فيها شيء تطمئن النفس إليه".
ويبدو للناظر فيما تقدم رجحان الجانب الذي فيه البخاري على غيره والله تعالى أعلم.
1 تهذيب التهذيب 2/20.
2 مختصر سنن أبي داود 1/191 مع شرح وتهذيب سنن أبي داود.
3 عرضة الأحوذي 1/202.
4 في تعليقه على سنن الترمذي 1/221.
5 1/115.
6 مشكاة المصابيح بتعليق وعناية الألباني 1/176.
موقف البخاري والترمذي من هذا الحديث
تومئ إجابة البخاري أن حال هذا الحديث عنده هو الضعف؛ لجهالة جد عدي، وهذا ما صرّح به في "التاريخ الصغير"1 إذ قال:"وروى عثمان عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم –في المستحاضة- وعن أبيه عن علي –في المستحاضة- ولا يصح" ا?.
أما الترمذي فإنه –كما قال ابن سيد الناس-2: "سكت عن هذا الحديث فلم يحكم عليه بشيء" ا?.
وهذا وإن كان على خلاف عادته، فإنه لا يبعد أنه كان يرى ضعفه؛ ذهاباً منه إلى إجابة شيخه.
ووهم المجد بن تيمية في "منتقى الأخبار"3 حين عزا إلى الترمذي تحسين هذا الحديث، وقد عقب عليه الشوكاني4 بقوله:"الحديث لم يحسنه الترمذي كما ذكره المصنف، بل سكت عنه" ا?. واستشهد بقول ابن سيد الناس السابق.
1 2/14.
2 شرح سنن الترمذي 1 ورقة 40 وجه أ.
3 1/321 مع نيل الأوطار.
4 نيل الأوطار 1/321.
وقال الفقي في تعليقه على "منتقى الأخبار"1 بعد أن ذكر كلام الترمذي إلى قوله: "فلم يعبأ به": "فيدل هذا أن الترمذي لم يحسنه كما ذكر المصنف بل قال ابن سيّد الناس في شرح الترمذي: "وليس من باب الصحيح، ولا ينبغي أن يكون من باب الحسن؛ لضعف راويه عن عدي ابن ثابت وهو أبو اليقظان" ا?.
ثم كيف يحسنه الترمذي وهو قد أدخله في كتابه "العلل الكبير"2 وذكر عليه من الكلام نحو ما هنا؟
ومما يصلح إيراده هنا هو أن نسخة السنن التي حققها أحمد شاكر والتي اعتمد فيها على سبع نسخ مطبوعة ومخطوطة منها نسخة مطبوعة معها شرح المباركفوري، تلتقي مع نسخة ابن سيّد الناس، وتؤيد ما قاله من عدم حكم الترمذي على هذا الحديث بشيء لا بحسن، أو صحة، أو تضعيف.
كلام العلماء في هذا الحديث
تضافرت أقوال الأئمة والعلماء على تضعيف هذا الحديث.
فقال أبو داود في "سننه"3: "حديث عدي بن ثابت ضعيف لا
1 1/177.
2 ورقة 10.
3 1/126.
يصحّ" ا?. وقال: "روى أبو اليقظان عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن علي وهو ضعيف"1 ا?.
وقال ابن أبي داود2: "حديث عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده معلول".
وقال ابن عدي في "الكامل"3 في ترجمة عثمان بن عمير (أبي اليقظان) : "روى عثمان بن عمير عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة- ولا يصحّ" ا?.
وقال أبو بكر البرقاني4: "قلت لأبي الحسن الدارقطني: شريك عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، كيف هذا الإسناد؟ قال ضعيف. قلت: من جهة من؟ قال: أبو اليقظان ضعيف. قلت: فيترك؟ قال: لا يخرج رواه الناس قديماً" ا?.
وقال البرقاني5: قلت للدارقطني: فعدي بن ثابت، عن أبيه،
1 انظر السنن الكبرى 1/347 والكامل (3) قسم (3) ص (97) وقد أخرجه الطحاوي في معاني الآثار 1/51.
2 تهذيب التهذيب 7/166.
(3)
قسم (3) صفحة (97) .
4 تهذيب الكمال (2) ورقة (88) في ترجمة ثابت الأنصاري وتهذيب التهذيب 2/19.
5 سؤالات البرقاني للدارقطني ورقة 16، وانظر: تهذيب التهذيب 7/165 في ترجمة عدي بن ثابت، وفي كل كلام البرقاني عن الدارقطني الذي ذكرته في هذا الحديث قد بحثت عنه في "سؤالات البرقاني للدارقطني" وهو مصور إلا أني لم أعثر عليه فيه، ما عدا القول الأخير كما هو مبين.
عن جده. قال: لا يثبت، ولا يعرف أبوه ولا جده، وعدي ثقة.
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب1 في معرفة الأصحاب"، وقد ذكر أن اسم جد عدي "دينار" قال:"دينار الأنصاري انفرد بالرواية عنه ابنه ثابت بن دينار، وهو جد عدي بن ثابت حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة يضعفونه" ا?.
وقال ابن العربي2: "أما حديث عدي بن ثابت فإنه لا يصح؛ لأنه مجهول لا يعلم من جده" ا?.
وقال ابن سيد الناس3: "وسكت الترمذي عن هذا الحديث فلم يحكم بشيء، وليس من باب الصحيح، ولا ينبغي أن يكون من باب الحسن؛ لضعف راويه عن عدي بن ثابت وهو أبو اليقظان" ا?.
وقال المنذري4: "وشريك هو ابن عبد الله النخعي قاضي الكوفة تكلم فيه غير واحد، وأبو اليقظان هذا هو عثمان بن عمير الكوفي ولا يحتج بحديثه" ا?. وقد نقل الزيلعي في "نصب الراية"5 كلام المنذري هذا، وأقره؛ إذ لم يتعرض له بشيء.
1 1/476 بهامش الإصابة.
2 عارضة الأحوذي 1/201.
3 شرح سنن الترمذي 1 ورقة 40 وجه أ.
4 مختصر سنن أبي داود 1/191 مع شرح وتهذيب سنن أبي داود.
5 1/201.
وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير"1: "إسناده ضعيف".
وقال في "لسان الميزان"2: "ثابت الأنصاري عن أبيه عن جده –في المستحاضة- لا يتابع عليه أبو اليقظان" ا?.
وقال أحمد شاكر3: "كلام الأئمة يدل على تضعيفه".
خاتمة المطاف
والخلاصة في هذا الحديث أن إسناده ضعيف، وقد اتفق على ذلك العلماء الذين نقلت كلامهم عليه وذلك للأمور الآتية:
لتفرد شريك به وهو ضعيف من قبل حفظه.
لضعف أبي اليقظان، وهذا بالإضافة إلى أنه مدلس، وقد عنهنه، ومختلط.
لجهالة والد عدي.
لجهالة جد عدي.
والحق يقال: إن واحداً من هذه الأمور كاف في تضعيفه، كيف وقد اجتمعت فيه كلها غير أن له شواهد ذكرها كل من
1 1/169-170.
2 2/81 ويلاحظ أنه قال: "ثابت الأنصاري عن أبيه عن جده" وحقه أن يقول بعد قوله ثابت الأنصاري وعدي بن ثابت عن ابيه عن جده
…
الخ.
3 في تعليقه على "سنن الترمذي" 1/221.
الزيلعي في "نصب الراية"1، وابن حجر في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية"2، و"التلخيص الحبير"3، والهيثمي في "مجمع الزوائد"4، وغيرهم.
تجعله صالحاً للاحتجاج به، لا باعتباره هو بل باعتبار شواهده، وهذا خلاف صنيع العيني5 الذي جعل الحديث صالحاً للاحتجاج، باعتباره هو معتمد في ذلك على الآتي:-
أن ابن حبّان ذكر في "الثقات" أن ثابتاً هو ابن عبيد بن عازب ابن أخ البراء.
أن ابن معين قال في شريك: صدوق ثقة، وأن العجلي وثقه.
أن أبا اليقظان قد أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة.
وقد تكفل المعلق على الدراية6 في الرد عليه برد النقطة الأخيرة فقال: "وقد حاول العيني جاهداً أن يجعل الحديث صالحا
1 1/199-204.
2 1/88-89.
3 1/162 وما بعدها.
4 1/280-281.
5 عمدة القارئ.
6 1/88.
للاحتجاج؛ باعتبار أن أبا اليقظان أخرج له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه فهم لم يقولوا ذلك، والمتبع لسننهم يعلم أنهم لم يشترطوا أن إخراجهم لشخص كاف لتعديله" ا?.
وما ذكر ابن حبّان في "الثقات" يمثل أحد الأقوال التي دار عليها الخلاف في جد عدي الذي هو والد ثابت، ولم يحصل القطع أن والد ثابت هو هذا؛ لوجوده في ثقات ابن حبان، بل سار الخلاف مساره، ولم يترجح شيء من تلك الأقوال تطمئن إليه النفس، وهذا القول لم ينفرد به ابن حبان بل شاركه فيه ابن عبد البر، والحال أنه سبق بحث هذه المسألة، وكانت النتيجة جهالة جد عدي، وجهالة والده.
وأما ما يتعلق بشريك فإنه نقل فيه ما يتعلق بتوثيقه، وكان الواجب يقتضيه أن ينقل بجانبه ما قيل في تجريحه؛ فإنه كما قال المنذري قد تكلم فيه غير واحد.
وكانت حصيلة الحكم فيه أنه ضعيف من قبل حفظه، كما أشار إلى هذا ابن حجر في "تقريب التهذيب" في ترجمته.
ذكر بعض الشواهد للحديث عن عائشة قالت: جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت
حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلّي، ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت". أخرجه البخاري1 ومسلم2 واللفظ للبخاري.
وعن سليمان بن يسار أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فأمرت أم سلمة أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتستذفر بثوب وتصلي". رواه الدارقطني في "سننه"3.
قال الزيلعي في "نصب الراية"4: "ورواه ابن أبي شيبة في "مسنده" حدثنا يزيد بن هارون، ثنا حجاج عن نافع عن سليمان بن يسار أن امرأته أتت أم سلمة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها عن المستحاضة فقال: صلى الله عليه وسلم: "تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتستثفر بثوب، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي إلى مثل ذلك" ا?.
1 صحيح البخاري مع فتح الباري 1/331-332.
2 صحيح مسلم بشرح النووي 2/16 وانظر "اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" 1/70-71.
3 1/280 وقوله صلى الله عليه وسلم: "وتستذفر" أي: تستثفر وهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطناً، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم، وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/214 وانظر:"تاج العروس" 10/327، 11/376.
4 1/202.
قال الزيلعي: وهذه المرأة هي فاطمة بنت أبي حبيش، يفسره رواية الدراقطني المذكورة.