الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس: باب ما جاء في المستحاضة: أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، من أبواب الطهارة عن رسول الله عليه وسلم
…
الحديث الخامس: باب ما جاء في المستحاضة: أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، من أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1/221 وما بعدها سنن الترمذي بتحقيق وتعليق أحمد محمد شاكر.
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش1 قالت:
"كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختى زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله: إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما تأمرني فيها قد منعتني الصيام والصلاة؟
قال: "أنعت لك الكرسف2، فإنه يذهب الدم". قالت: "هو أكثر من ذلك؟ قال: "فتلجمي"3، قالت: هو أكثر من ذلك؟ قال: "فاتخذي
1 "حمنة بنت جحش الأسدية أخت زينب كانت تحت مصعب بن عمير، ثم طلحة، وكانت تستحاض، ولها صحبة، وهي أم ولدي طلحة عمران ومحمد، روى لها البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة" ا?. (تقريب التهذيب 2/595) وانظر: "الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 4/275 وحَمْنة -بفتح الحاء المهملة وسكون الميم فنون- وجحش -بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة فشين معجمة.
2 "الكرسف" بضم الكاف وإسكان الراء وضم السين المهملة وآخره فاء وهو القطن كما في (النهاية في غريب الحديث والأثر 4/163) و (القاموس المحيط 3/189) و (مختار الصحاح/567) .
3 أي اجعلي موضع خروج الدم عصابة تمنع الدم، تشبيهاً بوضع اللجام في فم الدابة (النهاية في غريب الحديث والأثر 4/235) .
ثوبا". قالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجاً1؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سآمرك بأمرين أيهما صنعت أجزء عنك فإن قويت عليهما فأنت أعلم. فقال إنما هي ركضة من الشيطان2 فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام3 في علم الله، ثم اغتسلي، فإذا رأيت أنك قد طهرت واستقأت4، فصلي أربعاً وعشرين ليلة أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها، وصومي وصلي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء، وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن، فإن قويت على أن تؤخّري الظهر، وتعجّلي العصر،
1 بالمثلثة وتشديد الجيم أي أصب صباً والثجّ: صب الماء والدم وسيلانه بشدة. انظر (النهاية في غريب الحديث والأثر 1/207) و (تاج العروس 5/444-445) . و (المفردات في غريب القرآن للراغب/79) .
2 أصل الركض: الضرب بالرجل والإصابة بها كما تركض الدابة وتصاب بالرجل.
أراد: الإضرار بها والأذى.
والمعنى: أن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها، وطهرها، وصلاتها، حتى أنساها ذلك عادتها، وصار في التقدير كأنه ركضة بآلة من ركضاته" ا?. (النهاية في غريب الحديث والأثر 2/259) والذي اختاره القاضي أبو بكر بن العربي في "عرضة الأحوذي" 1/208 حملها على الحقيقة لعدم امتناعها عقلا.
3 تحيضت المرأة: إذا قعدت أيام حيضها تنتظر انقطاعه.
أراد: عُدِّي نفسك حائضاً وافعلي ما تفعل الحائض، وإنما خص الست والسبع؛ لأنهما الغالب على أيام الحيض" ا?. (النهاية في غريب الحديث والأثر 1/469) .
4 من الاستنقاء وهو المبالغة في تنقية البدن.
ثم تغتسلين حين تطهرين، وتصلين الظهر والعصر جميعاً، ثم تؤخّرين المغرب وتعجّلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بن الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الصبح وتصلين، وكذلك فافعلي وصومي، إن قويت على ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعجب الأمرين إلي" ا?.
كلام الترمذي على هذا الحديث
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ورواه عبيد الله بن عمرو الرقي، وابن جريج، وشريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران، عن أمه حمنة إلا أن ابن جريج يقول:"عمر بن طلحة، والصحيح "عمران بن طلحة".
قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن صحيح. وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح.
وقال أحمد وإسحاق في المستحاضة: إذا كانت تعرف حيضها بإقبال الدم وإدباره، -وإقباله أن يكون أسود، وإدباره أن يتغير إلى الصفوة-: فالحكم لها على حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وإن كانت المستحاضة لها أيام معروفة قبل أن تستحاض: فإنها تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، وإذا استمر بها الدم ولم يكن لها أيام معروفة، ولم تعرف الحيض بإقبال الدم وإدباره، فالحكم لها على حديث حمنة بنت جحش. وكذلك قال أبو عبيد.
وقال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي1: "وأما العلة الأخرى التي نقلها البيهقي، عن الترمذي، عن البخاري في الشك في سماع ابن عقيل من إبراهيم بن محمد ابن طلحة فإنها علة لا تقوم لها قائمة؛ لأن ابن عقيل تابعي سمع كثيراً من الصحابة، ومات بين سنتي مئة وأربعين وخمس وأربعين ومئة، ويقال سنة (142) وإبراهيم بن محمد ابن طلحة مات سنة 110? فهما متعاصران، وابن عقيل سمع ممن هم أقدم موتاً من إبراهيم هذا".
ذلك هو ما يتعلق بتصحيح البخاري. وأما ما يتعلق بتصحيح أحمد، فقد نقل أبو داود عنه ما يخالف ما نقله الترمذي عنه هنا من تصحيحه، قال أبو داود في "سننه"2:"سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء". وفي الجواب عن ذلك قال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي3: "لعله يشير إلى أن في نفسه شيئاً من جهة الفقه والاستنباط، والجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى، وإن كان صحيحاً ثابتاً عنده من جهة الإسناد".
وقال السبكي في المنهل العذب المورود4: "وفي بعض النسخ إسقاط هذه الجملة، والمنقول عن أحمد قوله: إن في هذا الباب حديثين وثالثاً في النفس منه شيء، ففسر أبو داود الثالث بحديث حمنة".
1 1/226.
2 1/479 مع عون المعبود.
3 1/226.
4 1/96.
أبو داود في "سننه"1 من طريق زهير بن محمد.
ابن ماجة في "سننه"2 من طريق ابن جريج، ومن طريق شريك.
أحمد في "مسنده"3 من طريق شريك بن عبد الله، ومن طريق زهير ابن محمد.
الشافعي في "الأم"4 من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى.
ابن أبي شيبة في "مصنفه"5 من طريق شريك.
عبد الرزاق في "مصنفه"6 من طريق بن جريج.
الدارقطني في "سننه"7 من طريق زهير بن محمد، وشريك، وعمرو ابن ثابت، وعبيد الله بن عمرو، وإبراهيم بن أبي يحيى.
1 1/120-121.
2 1/203 رقم الحديث (622) و1/205 رقم الحديث (627) .
3 6/381-382 و439-440.
4 1/60.
5 1/128.
6 1/306-307.
7 1/214-215.
الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"1 من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي.
الطحاوي في "مشكل الآثار"2 من طريق زهير بن محمد، ومن طريق شريك.
البغوي "شرح السنة"3 بإسناده إلى أبي داود، وإلى الشافعي.
الحاكم في "المستدرك"4 من طريق زهير بإسناد إلى الحارث بن أسامة.
البيهقي في "السنن الكبرى"5 بإسناده إلى أبي داود، وبإسناده إلى الحاكم، وفي "معرفة السنن"6، وفي "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي"7 بإسناده إلى الشافعي.
ابن الجوزي في "التحقيق"8 بإسناده إلى أحمد بن حنبل.
1 ذكره ابن حزم في "المحلى" 2/193 وابن حجر في "تهذيب التهذيب" 7/466.
2 3/299-300.
3 2/148، 150.
4 1/172-173.
5 1/338-339.
6 1/299.
7 /131 رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام 1398?.
8 1/32.
البخاري في "التاريخ الكبير"1 ولكن إشارة.
كلهم من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد ابن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش، وبعض هذه الروايات مطول، وبعضها مختصر.
درجة هذا الحديث
هذا الحديث مداره على عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد ذكر الدارقطني في علله2 وجوه الاختلاف عليه فيه، منبهاً على ما هو صحيح من غيره فقال: "يرويه عبد الله بن محمد بن عقيل، واختلف عنه:
فرواه أبو أيوب الإفريقي عبد الله بن علي3 عن عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن جابر ووهم فيه.
وخالفه عبيد الله بن عمرو، ويزيد، وابن جريج، وعمرو بن ثابت، وزهير بن محمد، وإبراهيم بن أبي يحيى، رووه عن ابن عقيل، عن إبراهيم ابن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش، وهو صحيح" ا?.
1 1/1/315-316 في ترجمة إبراهيم بن محمد بن طلحة.
2 المجلد الخامس القسم الثاني ورقة 211 وفيه عبيد الله بن عمر وعمرو بن أبي ثابت وهو خطأ صوابه ما أثبته.
3 عبد الله بن علي بن الأزرق أبو أيوب الأفريقي ثم الكوفي صدوق يخطئ من السادسة/ روى له أبو داود والترمذي (تقريب التهذيب 1/434) .
وإذا عرف ذلك فإن موقف العلماء من هذا الحديث كان متبايناً في قبوله ورده، مع تنوّع وجوه رده؛ وذلك نظراً لاختلاف أنظارهم فيه:
فضعّف أبو حاتم الحديث تبعاً لضعف إسناده عنده، قال ابنه في علل الحديث1:"سألت أبي عن حديث رواه ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد، عن عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش في الحيض؟ فوهّنه، ولم يقوّ إسناده" ا?.
وقال الخطابي في "معالم السنن"2: "وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الخبر؛ لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك" ا?.
وهذا الكلام من الخطابي يعني أن ابن عقيل مختلف فيه، وبالتالي مختلف فيما يرويه وهو كذلك، قال البيهقي في كتاب "المعرفة"3 عن هذا الحديث، وعن راويه:"تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به" ا?.
وقال في السنن الكبرى4: "أهل العلم مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته" ا?.
ومن هنا لم يقبل من "ابن مندة" دعوى الإجماع على ترك حديث
1 1/51.
2 1/185 مع مختصر وتهذيب سنن أبي داود.
3 1/231.
4 1/237.
ابن عقيل، واستنكر منه هذا الإطلاق.
قال ابن سيّد الناس1: "وأما ابن مندة فقال: "لا يصحّ عندهم بوجه من الوجوه؛ لأنه من رواية ابن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه".
ذكر ذلك عنه شيخنا الإمام الحافظ أبو الفتح القشيري -رحمه الله تعالى- وتعقبه بالرد عليه، وإنكار هذا الإطلاق على ابن عقيل" ا?.
وقد أيّد ابن سيّد الناس شيخه ابن دقيق العيد فقال عقب ذلك: "ولم يعد القشيري منهج الصواب" ا?.
قال ابن القيّم2: "ودعوى ابن مندة الإجماع على ترك حديثه غلط ظاهر منه" ا?.
أما ابن حجر فإنه اعتذر عن ابن مندة، فحمل مراده بالإجماع على إجماع خاص وهو إجماع من التزم إخراج الصحيح، فقال في التلخيص الحبير3 بعد أن أورد قول ابن مندة، وأشار إلى تعقب ابن دقيق العيد له:"لكن ظهر لي أن مراد ابن مندة بذلك من خرّج الصحيح وهو كذلك" ا?.
قلت: ويمكن أن يرشح لهذا الحمل قول ابن مندة: "لا يصحّ عندهم بوجه من الوجوه" ا?. فإن قوله "لا يصحّ" إيماء إلى أهل الصحيح.
1 شرح سنن الترمذي (1) ورقة (41) وجه (ب) .
2 تهذيب سنن أبي داود مع عون المعبود 1/477.
3 1/163.
قال الحاكم في ابن عقيل بعد أن أخرج حديثه في "المستدرك"1: "وهو من أشراف قريش وأكثرهم رواية غير أنهما لم يحتجا به" ا?. يعني البخاري ومسلم فيخرجا له في صحيحيهما.
وأيضاً فإنه يبعد أن يجهل ابن مندة الاختلاف في ابن عقيل، وما قيل فيه من الكلام فيطلق على ترك حديثه إجماعاً عاماً.
ومع أني لم أقف على تعقيب بن دقيق العيد ورده، فإن من أوضح وأقرب ما يرد به على ابن مندة في مراده الإجماع العام ما نقله الترمذي عن البخاري أنه سمعه يقول:
"كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل".
وأيضاً تصحيح الترمذي للحديث، وتصحيح أحمد والبخاري له فيما نقله الترمذي عنهما.
ثم الاختلاف الآتي في الاحتجاج براويه وهو عبد الله بن محمد ابن عقيل، وقد صور الترمذي الخلاف في ابن عقيل هذا خير تصوير وأروعه، فذكر –بعد أن أدلى برأيه فيه: موقف العلماء منه بأوجز عبارة وأدقها، وذلك أنه أخرج في أول سننه2 حديث ابن عقيل. "مفتاح الصلاة الطهور" ثم قال عقبه: " هذا الحديث أصحّ
1 1/173.
2 1/8-9 بتحقيق وتعليق أحمد شاكر.
شيء في هذا الباب وأحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد: وهو مقارب الحديث" ا?.
ومن نظر فيما قيل في ابن عقيل في كتب الرجال من مصادر ترجمته1، يجد أن الترمذي كان بارعاً وموفقاً في تلخيص آراء العلماء فيه، مما يدل على نفاذ بصيرة منه، ورسوخ قدم، وطول باع في هذا المجال، وهذا الشأن.
والحق يقال إن ابن عقيل لا يخرج عما قاله الترمذي، وأن من تكلم فيه إنما تكلم فيه من قبل حفظه وضبطه.
1 انظر في مصادر ترجمته: "تهذيب التهذيب" 6/13 و"تقريب التهذيب" 1/447 و"ميزان الاعتدال" 2/484 و"المغني في الضعفاء" 1/354 و"ديوان الضعفاء والمتروكين"/175 و"الكاشف" 2/126-127 و"خلاصة تهذيب تهذيب الكمال"/213 و"الجرح والتعديل" 2/2/153 و"التاريخ الكبير" 3/1/183-184 و"المجروحين" 2/3 و"شرح علل الترمذي"/249 و"الكامل"(3) قسم (2) صفحة (25) و"تهذيب الأسماء واللغات" الجزء الأول من القسم الأول/287 و"الضعفاء" لابن الجوزي مصور ورقة (89) و"التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة" 3/30-31 و"كشف الأحوال في نقد الرجال"/63.
ونعلم من هذا أن من لم يرو عنه، أو ترك الرواية عنه، أو لم يحتج به، أو ضعفه إنما هو من أجل ذلك، بل صرّح بعضهم بهذا؛ السبب كابن خزيمة كما سيأتي.
والمقصود أن عدالة الرجل لم تخدش، ولم تمس بشيء، بل كان موضع ثناء من ناحية عدالته.
قال ابن حبان –وقد ترجمه في "المجروحين"1؛ لأجل رداء حفظه-: "كان عبد الله من سادات المسلمين من فقهاء أهل البيت وقرائهم، إلا أنه كان رديء الحفظ".
وسبق قول الحاكم فيه: هو من أشرف قريش، وأكثرهم رواية.
وقال العقيلي2: "وكان فاضلاً خيراً موصوفاً بالعبادة، وكان في حفظه شيء" ا?.
وقال العجلي3: "مدني تابعي جائز الحديث" ا?.
وقال الساجي4: "كان من أهل الصدق، ولم يكن بمتقن في الحديث" ا?.
إلى غير ذلك مما يدل على صلاحه، وصدقه، وتدينه، وعدالته.
1 2/3.
2 انظر تهذيب التهذيب (6/15) .
3 ترتيب ثقات العجليّ للهيثمي ورقة 32، وانظر تهذيب التهذيب (6/14-15) .
4 انظر المصدر السابق الجزء والصفحة.
أما من تناوله من جهة حفظه وضبطه وإتقانه كابن خزيمة، فإنه قال1:"لا أحتج به لسوء حفظه" ا?.
وقال الدوري عن ابن معين2: "ابن عقيل لا يحتج بحديثه".
وقال ابن سعد3: -وقد ذكره في الطبقة الرابعة من أهل المدينة-: "كان منكر الحديث لا يحتجون بحديثه، وكان كثير العلم" ا?.
ومعنى قوله "لا يحتجون بحديثه" أي إذا انفرد، فإنه مظنة الخطأ والوهم، فإذا ما جاء متابع لحديثه أو شاهد أمن ما كان يخالف منه وحصل الاطمئنان إلى ما رواه.
يؤيد ما قلته أن أبا حاتم قال4 في ابن عقيل –وقد سئل عنه من قبل ابنه-: "لين الحديث ليس بالقوي، ولا ممن يحتج بحديثه، يكتب حديثه، وهو أحب إلي من تمام بن نجيح"5 ا?.
فأنت ترى أنه قال "يكتب حديثه"، أي للاعتبار مع قوله "ولا ممن يحتج بحديثه".
1 تهذيب التهذيب (6/15) .
2 انظر المصدر السابق (6/14) . لم أقف على هذا القول في "التاريخ" 2/226 في ترجمة ابن عقيل.
3 انظر المصدر السابق الجزء والصفحة.
4 الجرح والتعديل 2/2/154.
5 تمام بن نجيح الأسدي الدمشقي نزيل حلب، ضعيف، من السابعة، روى له البخاري في جزء رفع اليدين في الصلاة، وأبو داود، والترمذي. (تقريب التهذيب 1/113) .
فهذا دليل على أن المراد ليس هو نفي الاحتجاج بحديثه مطلقاً، بل إذا انفرد.
وقال ابن عدي1 بعد أن ساق جملة من أحاديثه: "ولعبد الله بن محمد بن عقيل غير ما أمليت أحاديث وروايات، وقد روى عنه جماعة من المعروفين الثقات، وهو خير من ابن سمعان2، ويكتب حديثه" ا?.
وقال الخطيب3: "كان سيء الحفظ" ا?.
وقال أبو أحمد الحاكم4: "كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه يحتجان بحديثه، وليس بذاك المتين المعتمد" ا?.
وضعفه ابن المديني والنسائي5
وقال يعقوب بن شيبة6: "وابن عقيل صدوق، وفي حديثه ضعف شديد جداً، وكان ابن عيينة يقول: "أربعة من قريش يترك حديثهم فذكره منهم".
1 الكامل 3 قسم 2 صفحة 25.
2 هو عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي، أبو عبد الرحمن المدني، قاضيها، متروك اتهمه بالكذب أبو داود وغيره، من السابعة، روى له أبو داود في "المراسيل" وابن ماجة (تقريب التهذيب 1/416) .
3 تهذيب التهذيب 6/15.
4 المصدر السابق الجزء والصفحة.
5 تهذيب التهذيب 6/14-15.
6 تهذيب التهذيب 6/14.
وقال القطيعي1: "كان ابن عيينة لا يحمد حفظه" ا?.
وقال الحميدي2 عن ابن عيينة: "كان في حفظه شيء، فكرهت أن ألقاه" ا?.
وقال بشر بن عمر3: "كان مالك يروي عنه" ا?.
وابن عبد البر الذي وثّق ابن عقيل ردّ على من جرحه بأنه لا حجة له، ولم يكتف بهذا بل جعله أوثق من جميع المتكلمين فيه، مما حدا ابن حجر الذي نقل ذلك عنه أن يعقب عليه بقوله4:"وهذا إفراط" ا?.
وقد قلد الشيخ أحمد شاكر ابن عبد البر وتبنى حكمه في ابن عقيل، حيث قال5:"وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ثقة لا حجة لمن تكلم فيه، بل هو أوثق من كل من تكلم فيه، كما قال ابن عبد البر" ا?. فعلى هذا عنده أن حديث ابن عقيل صحيح مطلقاً، كما هو عند ابن عبد البر.
أما ابن رجب6 الذي قسّم الرواة المختلف فيهم إلى ثلاثة أقسام فإنه مثّل بابن عقيل للقسم الثاني، وهو: "من اختلف فيه هل هو ممن
1 تهذيب التهذيب 6/14.
2 المصدر السابق الجزء والصفحة.
3 المصدر السابق الجزء والصفحة.
4 تهذيب التهذيب 6/15.
5 في تعليقه على "سنن الترمذي" 1/9.
6 شرح علل الترمذي/249.
غلب على حديثه الوهم والغلط أو لا؟ " فساق فيه ما ذكره الترمذي عن البخاري، كما أشار إلى تصحيح الترمذي لحديثه، ثم أورد قول ابن معين وغيره "لا يحتج به"، وختم بما قاله الجوزجاني: "عامة ما يروى عنه غريب وتوقف عنه" ا?.
ويجدر التنبيه هنا أن كتب الرجال إنما اعتمدت في احتجاج أحمد ابن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والحميدي بحديث ابن عقيل على ما ذكره الترمذي عن شيخه البخاري.
هذا وتشير بعض النقولات إلى أن الرجل كان حافظاً متقناً لما يؤديه، ثم تغير في آخر عمره فاختل ضبطه وساء حفظه، فقد قال الحاكم أبو عبد الله1:"عُمِّر فساء حفظه فحدث على التخمين" ا?.
ويؤيد هذا قول ابن المديني2 عن ابن عيينة: "رأيته –يعني ابن عقيل- يحدث نفسه، فحملته على أنه قد تغيّر" ا?.
وقد حكى ابن حجر القول بتغيره في "تقريب التهذيب"3 فقال: "ويقال تغير بآخرة من الرابعة مات بعد الأربعين أي ومئة، روى له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة" ا?.
1 تهذيب التهذيب 6/15.
2 المصدر السابق.
3 1/448.
فإذا ثبت هذا أمكن الجمع بين قول من وثّقه وقول من جرّحه، بأن يقال أن من وثّقه بناء على أول أمره، ومن جرّحه بناء على آخر أمره، ويكون حكم حديثه حكم حديث المختلط.
هذا وقد مال الذهبي إلى توثيقه وأنه حسن الحديث، فقال في ترجمته من "ميزان الاعتدال"1 بعد ذكر أقوال الجارحين والمعدلين:"حديثه في مرتبة الحسن" ا?.
والذي يبدو أن ابن حجر يسير على هذا؛ فإنه اختار من الحكم فيه في "تقريب التهذيب"2: "صدوق في حديثه لين".
وممن مشى على ذلك من المتأخرين المباركفوري في "تحفة الأحوذي"، فإنه حسّن حديث علي "مفتاح الصلاة الطهور" الذي في سنده ابن عقيل، حيث قال3:"فالراجح المعمول عليه هو أن حديث علي المذكور حسن يصلح للاحتجاج" ا?.
ومن المعاصرين الشيخ الألباني فقد حسن في –سلسلة الأحاديث الصحيحة- عدة أسانيد فيها ابن عقيل، فما قاله في أحدها4: "وهذا
1 2/485.
2 1/448.
3 تحفة الأحوذي 1/40.
4 سلسلة الحاديث الصحيحة وشيء من فقهها 2/477 وانظر صفحة 630 و675 من الجزء عينه.
إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، وفي ابن عقيل كلام من قبل حفظه لا ينزل به حديثه عن هذه المرتبة التي ذكرنا" ا?.
وإذا عرف ذلك فإن ابن حزم تعرض لهذا الحديث في كتابه "المحلى"1، ورده بأنواع من الرد غير ابن عقيل.
قال ابن سيّد الناس2: "ليس منها ما يستقر على النقد"، وقال:"ولم يعلله بابن عقيل، وذلك يقتضي أنه عنده مقبول، إلا أن يكون يرى أنه استغنى بإعلاله بغيره" ا?. فمما أعله به:
الانقطاع بين ابن جريج وابن عقيل فقد زعم أن ابن جريج3 لم يسمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل، ثم ذكر بسنده عن أحمد أنه قال: قال ابن جريج: حدثت عن ابن عقيل، "ولم يسمعه".
قال أحمد: "وقد رواه ابن جريج عن النعمان بن راشد" قال: "والنعمان بن راشد يعرف فيه الضعف" ا?.
وفي الجواب عن هذه العلة قال ابن القيم4: "أما قوله: "إن ابن جريج لم يسمعه من ابن عقيل، وأن بينهما النعمان بن راشد"
1 2/193-195.
2 شرح سنن الترمذي 1 ورقة41 وجه أ.
3 هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي، ثقة، فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة خمسين أو بعدها أي ومئة وقد جاوز السبعين وقيل: جاوز المئة ولم يثبت، روى له الجماعة. (تقريب التهذيب 1/520) .
4 تهذيب سنن أبي داود (1/476) مع عون المعبود.
فجوابه: "أن النعمان بن راشد1 ثقة، أخرج له مسلم في صحيحه، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، واستشهد به البخاري، وقال2:"في حديثه وهم كثير، وهو صدوق" ا?.
وقال ابن أبي حاتم3: "أدخله البخاري في "الضعفاء"4، فسمعت أبي يقول: "يحول اسمه منه" ا?.
وأجاب ابن سيد الناس عن ذلك بإمكان الاستغناء عن طريق ابن جريج؛ لوروده متصلا من غير طريقه، قال5:"أما ما رده به من الانقطاع بين ابن جريج وابن عقيل، ومن ضعف الواسطة فقد سقناه من غير طريق ابن جريج، (يعني أنه ساقه من طريق زهير بن محمد عن ابن عقيل) ، فلتتصل طريق ابن جريج، أو لتتقطع، وليكن الواسطة بينه وبين ابن عقيل ضعيفاً إن شاء أو قوياً" ا?.
1 النعمان بن راشد الجزري أبو إسحاق الرقي، مولى بني أميّة، صدوق، سيء الحفظ، من السادسة، روى له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأهل السنن الأربعة. (تقريب التهذيب 2/204) .
2 التاريخ الكبير 4/2/80 والتاريخ الصغير 2/69 و"الضعفاء"/112.
3 الجرح والتعديل 4/1/449.
4 /112 وانظر في مصادر ترجمته: "تهذيب التهذيب" 10/452 و"ميزان الاعتدال" 4/265 و"المغني في الضعفاء" 2/699 و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي/101.
5 شرح سنن الترمذي 1 ورقة41 وجه أ.
أعلّه بشريك، وزهير، وعمرو بن ثابت. قال:"وقد رواه أيضاً شريك، وزهير بن محمد، وكلاهما ضعيف، وعن عمرو بن ثابت، وهو ضعيف" ا?.
والجواب أن شريكاً هذا هو ابن عبد الله النخعي1 مختلف فيه، احتج به أهل السنن الأربعة، واستشهد به البخاري، وروى له مسلم في المتابعات، قال عنه ابن حجر2:
"صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي قضاء الكوفة" ا?.
وأما زهير بن محمد: فاحتج به الشيخان، وباقي الستة، وعن أحمد فيه أربع روايات3:
إحداها: أنه ثقة، والثانية: مستقيم الحديث، والثالثة: مقارب الحال، والرابعة: ليس به بأس.
وعن يحيى بن معين فيه ثلاث روايات4: "إحداها: صالح لا بأس به، والثانية: ثقة، والثالثة: ضعيف".
وقال النسائي5: "ليس بالقوي" ا?.
1 تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والرابع.
2 تقريب التهذيب 1/351.
3 انظر تهذيب التهذيب 3/349.
4 انظر تهذيب التهذيب 3/349.
5 الضعفاء والمتروكين للنسائي/44.
وقال عثمان الدارمي1: "ثقة صدوق، وله أغاليط كثيرة" ا?.
وقال يعقوب بن شيبة2: "صدوق صالح الحديث" ا?.
وذكره ابن حبّان في "الثقات"3، وقال:"يخطئ ويخالف" ا?.
وقال أبو حاتم4 وقد سأله ابنه عنه: "محله الصدق، وفي حفظه سوء، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق؛ لسوء حفظه، وكان من أهل خراسان سكن المدينة، وقدم الشام، فما حدّث من كتبه فهو صالح، وما حدّث من حفظه ففيه أغاليط" ا?.
وقال البخاري5: "ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح الحديث" ا?.
قال ابن القيّم6: "وهذا الحديث قد رواه أبو داود، والترمذي من حديث أبي عامر العقدي –عبد الملك بن عمرو-7 عنه وهو بصري
1 تهذيب التهذيب 3/349.
2 المصدر السابق 3/350.
3 انظر المصدر السابق 3/350.
4 الجرح والتعديل 1/2/590.
5 انظر تهذيب التهذيب 3/349 فقد نقله عنه والذي في التاريخ الكبير 2/1/427 والضعفاء/47 "روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير" ا?.
6 تهذيب سنن أبي داود مع عون المعبود 1/480-481.
7 عبد الملك بن عمرو القيسي أبو عامر العقدي -بفتح المهملة والقاف- ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس ومئتين، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 1/521 وانظر في مصادر ترجمته: تهذيب التهذيب 6/409، الجرح والتعديل 2/2/359، التاريخ الكبير 3/1/425، التاريخ الصغير 2/304، الطبقات الكبرى لابن سعد 7/299، الطبقات لخليفة بن خياط/227، تاريخ خليفة بن خياط/472، اللباب في تهذيب الأنساب 2/348.
فيكون على قول البخاري صحيحاً" ا?.
وقال البخاري1: قال أحمد بن حنبل: "كأن الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر فقلب اسمه" ا?.
وفي "تهذيب التهذيب" وتقريبه نقلا عن البخاري: "كان زهير الذي روى عنه أهل الشام زهيراً آخر"، ولم يذكر "فقلب اسمه".
قال ابن حجر في "تقريب التهذيب"2: "زهير بن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني سكن الشام، ثم الحجاز، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعّف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كان زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر.
وقال أبو حاتم: حدّث بالشام من حفظه فكثر غلطه، من السابعة مات سنة اثنيتين وستين أي ومئة، روى له الجماعة. ا?.
1 التاريخ الكبير 2/1/427-428 والتاريخ الصغير 2/149.
2 1/264 وانظر في مصادر ترجمته: "ميزان الاعتدال" 2/84 و"المغني في الضعفاء" 1/241 و"هدي الساري مقدمة فتح الباري"/403 و"شرح علل الترمذي" لابن رجب/430.
وأما عمرو بن ثابت: فقد ذكر أبو داود في "سننه"1 عن يحيى بن معين بأنه كان رافضياً، ونقل هذا ابن حجر في "تهذيب التهذيب"2 بزيادة عما في نسخة السنن فقال:"وقال أبو داود في السنن إثر حديث في الاستحاضة: "ورواه عمرو بن ثابت عن ابن عقيل، وهو رافضي خبيث، وكان رجل سوء زاد في رواية ابن الأعرابي:"ولكنه كان صدوقاً في الحديث" ا?.
قال الشيخ أحمد شاكر3: "وعمرو4 هذا ضعّفه أكثر أهل العلم، وقال ابن حبّان5:"يروي الموضوعات عن الأثبات".
وأحسن أمره أن يكون صدوقاً في الرواية، كما روى ابن الأعرابي
1 1/479 مع عون المعبود.
2 8/10.
3 في تعليقه على "سنن الترمذي" 1/227.
4 عمرو بن ثابت هو ابن أبي المقدام الكوفي، مولى بكر بن وائل، ضعيف رمي بالرفض، من الثامنة، مات سنة اثنتين وسبعين أي ومئة، روى له ابن ماجة في "التفسير" وأبو داود. (تقريب التهذيب 2/66) وانظر في مصادر ترجمته:"ميزان الاعتدال" 3/249 و"المغني في الضعفاء" 2/482 و"الجرح والتعديل" 3/1/223 و"التاريخ الكبير" 3/2/319 و"الضعفاء" للبخاري/83 و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي/81 و"شرح علل الترمذي" لابن رجب/92.
5 المجروحين 2/76 وعبارته فيه: "كان ممن يوري الموضوعات لا يحل ذكره إلا على سبيل الاعتبار" ا?
عن أبي داود، فإن قبل حديثه في ذاته فلا يقبل ما يخالف فيه الثقات الحافظين المعروفين" ا?.
ويكفي في الرد على ابن حزم أن عمرو بن ثابت لم ينفرد به عن ابن عقيل، فقد تقدم أنه رواه جماعة عن ابن عقيل، فلا تضر متابعة عمرو ابن ثابت لهم.
أنه تعلق في رده للحديث بما وقع من الغلط من عمران بن طلحة إلى عمر بن طلحة فقال:
"وأيضاً فعمر بن طلحة غير مخلوق، ولا يعرف لطلحة ابن اسمه عمر" ا?.
قال ابن القيّم1: "وهذا تعلق باطل أما قوله عمر بن طلحة غير مخلوق، فقد ذكرنا أن هذا وهم ممن سماه عمر، وإنما هو عمران بن طلحة2" ا?.
قال البخاري في "التاريخ الكبير"3 -في ترجمة إبراهيم بن محمد ابن طلحة التيمي –بعد أن أخرج الحديث إشارة كما سبق من طريق شريك
1 تهذيب سنن أبي داود 1/481 مع عون المعبود.
2 انظر: في مصادر ترجمته: تهذيب التهذيب 8/133، تقريب التهذيب 2/83، الجرح والتعديل 1/1/299، التاريخ الكبير 3/2/416، الطبقات الكبرى لابن سعد 5/166، الطبقات لخليفة بن خياط/244.
3 1/1/316.
عن ابن عقيل وفيه عمران بن طلحة قال: "قال زهير بن محمد وعبد الله ابن عمرو، عن ابن عقيل- نحوه".
وقال عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن ابن عقيل، عن إبراهيم ابن محمد بن طلحة، عن عمه عمر بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش.
قال أبو عبد الله (كنية البخاري) والأول أصحّ1.
وقد نبه الترمذي على أن عمر لا يقوله في هذا الإسناد إلا ابن جريج، وأن غيره يقول عمران وهو الصواب.
وقد ذكر ابن القيّم أن ابن جريج يقول عمران أيضاً على الصواب، وذلك أخذاً من كلام الدارقطني فقال2:
"وقد تقدم في كلام الدارقطني أن ابن جريج قال فيه عمران بن طلحة وهو الصواب، فوقع الغلط من عمران بن طلحة إلى عمر بن طلحة".
أنه تعلق في رده للحديث برواية الحارث بن أبي أسامة له، قال وهو قد ترك حديثه.
قال ابن القيّم3: وقوله الحارث بن أبي أسامة رواه وقد ترك حديثه، "فإنما اعتمد في ذلك على كلام أبي الفتح الأزدي فيه، ولم يلتفت إلى
1 انظر: تهذيب التهذيب 7/465 وتقريب التهذيب 2/58.
2 تهذيب سنن أبي داود 1/479 مع عون المعبود.
3 تهذيب سنن أبي داود 1/481 مع عون المعبون.
ذلك، وقد قال إبراهيم الحربي: هو ثقة. وقال البرقاني: أمرني الدارقطني أن أخرج عنه في الصحيح"، وصحح له الحاكم، وهو أحد الأئمة الحفاظ1" ا?.
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المحلى"، وهنا بهامش اليمنية ما نصّه: قال الشيخ شمس الدين الذهبي: "هذا يدل على قلة معرفة المؤلف؛ إذ يسقط هذا الحديث برواية الحارث له، كأنه لم يروه إلا الحارث، وقد رواه جماعة غيره، وقد صححه الترمذي، وأخرجه هو وأبو داود" ا?.
وبعد: فهذا الحديث –كما رأيت- مختلف في جواز الاحتجاج به بين العلماء.
1 ترجمة الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 2/619-620 فقال: "الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر الإمام أبو محمد التميمي البغدادي، صاحب المسند، ومسنده لم يرتب، ولد سنة ست وثمانين ومئة، وتوفي يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين ومئتين". وقال في "ميزان الاعتدال" 1/442 -وقد علم على اسمه بكلمة صح، وهي إشارة إلى أن العمل على توثيقه (انظر: لسان الميزان 1/9) -: "الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي صاحب المسند. سمع علي بن عاصم ويزيد بن هارون. وكان حافظاً عارفاً بالحديث، عالي الإسناد بالمرة. تكلم فيه بلا حجة
…
، ولينه بعض البغاددة لكونه يأخذ على الرواية".
وقد بين في تذكرة الحفاظ 2/620 السبب في ذلك بقوله: "وأما أخذه الدراهم على الرواية فكان فقيراً كثير البنات". وانظر في مصادر ترجمته: لسان الميزان 2/157، والبداية والنهاية 11/72.
وضعّفه بعضهم كأبي حاتم، وابن حزم، والشوكاني في نيل الأوطار؛ حيث قال1:"وهو غير صالح للاحتجاج".
وحسّنه بعضهم كالألباني؛ فإنه قال في تعليقه على مشكاة المصابيح2: "وإسناده حسن كما بينت ذلك في صحيح السنن (لم يطبع) رقم 292".
وصححه جماعة كالترمذي، والبخاري، والإمام أحمد، وأحمد شاكر، والنووي أيضاً فقد قال في "المجموع شرح المهذب"3:"حديث حمنة صحيح".
قال الدكتور نور الدين عتر4: "وقد يقال: كيف يصحح الترمذي، والبخاري حديثه (يعني عبد الله بن محمد بن عقيل) مع قول الترمذي فيه: "صدوق"، وقول البخاري: "مقارب الحديث"؟ ثم قال: الذي نجيب به عنهما ونعلل هذا التصرف: هو أن الترمذي والبخاري قد صححا من حديثه ما علم أنه أتقنه، وحدّث به قبل تغيّره.
ولعل الترمذي نقل عن أحمد والبخاري تصحيح الحديث؛ استشهاداً بهما، وإشارة إلى اندفاع الاعتراض عليه في تصحيحه؛ لأنه مما قامت عليه
1 نيل الأوطار 1/315.
2 1/177.
3 2/538.
4 الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين/284.
الأدلة عنده وعند من صححه من الأئمة؛ ذلك أن الحديث قد تقوى بحديث عائشة، وأسماء بنت عميس.
أما حديث عائشة فرواه أحمد1، وأبو داود2، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أن سهلة بنت سهيل بن عمرو استحيضت، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، والصبح بغسل.
وأما حديث أسماء فرواه أبو داود3، عن سهيل بن أبي صالح، (عن الزهري) ، عن عروة بن الزبير، عن أسماء بنت عميس قالت: قلت يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله إن" هذا من الشيطان"
…
الحديث بمعنى السابق4.
فكل من الحديثين شاهد يؤيد حديث عبد الله بن محمد بن عقيل
1 مسند أحمد بن حنبل 6/119، 139.
2 سنن أبي داود 1/488 مع عون المعبود.
3 سنن أبي داود 1/488 مع عون المعبود وسكت عنه أبو داود، وتبعه المنذري في مختصر السنن 1/191.
4 تكملة الحديث: "
…
لتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحداً، وتغتسل للفجر غسلا، وتتوضأ فيما بين ذلك".
وإن كان الحديث الأول عن عائشة فيه القاسم بن محمد1 عن أبيه2، وقد قيل: إنه لم يسمع أباه فإن الحديث مع حديث أسماء بنت عميس يعضدان حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، ويدلان على صحته. فصح فيه قول الترمذي:"حسن صحيح" ا?. قلت: وكلمة "صحيح" عن البخاري –على حدّ قول الدكتور العتر- ثبتت في نسخة بولاق، ونسخة خطية عند الشيخ أحمد شاكر محقق الكتاب، ولم تثبت في طبعات الهند.
ولا يخفى أن الترمذي أدخل هذا الحديث في كتابه "العلل الكبير"، ونقل عن شيخه البخاري توقفه في تحسينه بسبب شكه في سماع ابن عقيل من إبراهيم بن محمد بن طلحة3، فقال4: "قال محمد حديث حمنة بنت
1 هكذا قال، وهو خطأ صوابه عبد الرحمن بن القاسم، قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" 1/495 عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي أبو محمد المدني، ثقة جليل، قال ابن عيينة كان أفضل أهل زمانه، من السادسة، مات سنة ست وعشرين أي ومئة، وقيل بعدها، روى له الجماعة.
2 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي ثقة أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة مات سنة ست ومئة على الصحيح. (تقريب التهذيب 2/120) .
3 إبراهيم بن محمد بن طلحة التيمي أبو إسحاق المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة وله أربع وسبعون، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأهل السنن الأربعة. (المصدر السابق 1/41) وانظر في مصادر ترجمته: تهذيب التهذيب 1/153، الجرح والتعديل 1/1/124، التاريخ الكبير 1/1/315.
4 العلل الكبير ورقة 10.
جحش في المستحاضة هو حديث حسن، إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم لا أدري سمع منه عبد الله بن محمد بن عقيل أم لا؟ وكان أحمد ابن حنبل يقول هو حديث صحيح" ا?. وقد نقل هذه العلة عن الترمذي البيهقي في "السنن الكبرى"1.
وممن تصدى للرد على هذه العلة ابن سيّد الناس الذي أنكر قول البخاري هذا، وشك في صحته عنه فقال2:
"وهذا القول عن البخاري لا أعلم له وجهاً إبراهيم بن محمد ابن طلحة مات سنة عشر ومئة فيما قاله أبو عبيد القاسم بن سلام، وعلي بن المديني، وخليفة بن خياط، وهو تابعي سمع أبا أسيد الساعدي، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبا هريرة، وعائشة رضي الله عنهم. وابن عقيل سمع عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، والربيّع بنت معوذ رضي الله عنهم. فكيف ينكر سماعه من إبراهيم بن محمد بن طلحة لقدمه؟ وأين ابن طلحة من هؤلاء في القدم وهم نظراء شيوخه في الصحبة وقريب منهم في الطبقة؟ ولو توقف عن القول بسماعهم من ابن طلحة؛ معللا ذلك بعلة غير القدم؛ أو غير معلل له بعلة؛ لما توجه إنكاره، وفي صحة هذا عن البخاري عندي نظر".
1 1/339.
2 شرح سنن الترمذي 1 ورقة 41 وجه أ.
وقال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي1: "وأما العلة الأخرى التي نقلها البيهقي، عن الترمذي، عن البخاري في الشك في سماع ابن عقيل من إبراهيم بن محمد ابن طلحة فإنها علة لا تقوم لها قائمة؛ لأن ابن عقيل تابعي سمع كثيراً من الصحابة، ومات بين سنتي مئة وأربعين وخمس وأربعين ومئة، ويقال سنة (142) وإبراهيم بن محمد ابن طلحة مات سنة 110? فهما متعاصران، وابن عقيل سمع ممن هم أقدم موتاً من إبراهيم هذا".
ذلك هو ما يتعلق بتصحيح البخاري. وأما ما يتعلق بتصحيح أحمد، فقد نقل أبو داود عنه ما يخالف ما نقله الترمذي عنه هنا من تصحيحه، قال أبو داود في "سننه"2:"سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء". وفي الجواب عن ذلك قال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي3: "لعله يشير إلى أن في نفسه شيئاً من جهة الفقه والاستنباط، والجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى، وإن كان صحيحاً ثابتاً عنده من جهة الإسناد".
وقال السبكي في المنهل العذب المورود4: "وفي بعض النسخ إسقاط هذه الجملة، والمنقول عن أحمد قوله: إن في هذا الباب حديثين وثالثاً في النفس منه شيء، ففسر أبو داود الثالث بحديث حمنة".
1 1/226.
2 1/479 مع عون المعبود.
3 1/226.
4 1/96.
وقال الشوكاني1: "ويجاب عن ذلك بأن الترمذي قد نقل عن أحمد تصحيحه نصاً، وهو أولى مما ذكره أبو داود؛ لأنه لم ينقل التعيين عن أحمد، وإنما هو شيء وقع له ففسر به كلام أحمد، وعلى فرض أنه من كلام أحمد فيمكن أن يكون قد كان في نفسه من الحديث شيء، ثم ظهرت له صحته".
كان ذلك هو بيان موقف العلماء من حديث ابن عقيل هذا. والذي أراه بالنسبة لأحاديث ابن عقيل هو ألا يحكم لها بصحة، أو حسن، أو غير ذلك قبل أن يتثبت منها؛ فإن ما قيل فيه من قبل حفظه أحدث شكاً فيما يرويه، فينبغي أن ينظر في كل ما يرويه، ويتأكد منه هل هو مما ضبطه أو لا؟ فإن كان لما يرويه مثلا شواهد –كما هنا- قُبِل، وكذلك يقبل إذا لم يخالف الثقات، ولم ينفرد عنهم بما ينكر عليه. قال ابن القيّم2:"هذا الحديث مداره على ابن عقيل وهو عبد الله بن محمد بن عقيل ثقة صدوق، لم يتكلم فيه بجرح أصلا، وكان الإمام أحمد وعبد الله بن الزبير الحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون بحديثه، والترمذي يصحح له، وإنما يخشى من حفظه إذا انفرد عن الثقات أو خالفهم، أما إذا لم يخالف ولم ينفرد بما ينكر عليه فهو حجة، وقال البخاري في هذا الحديث هو حديث حسن، وقال الإمام أحمد هو حديث صحيح".
1 نيل الأوطار 1/319.
2 تهذيب سنن أبي داود 1/475 مع عون المعبود.