الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)).
وفي رواية: ((تُعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أركوا هذين (1) حتى يصطلحا، أركوا هذين حتى يصطلحا)) (2).
8 - الهجر المشروع للمصلحة
لا يدخل في الهجر المحرم، فالإمام والعالم، والمطاع يجوز له أن يهجر من فعل ما يوجب العتب، ويكون هجرانه
(1) أركوا هذين: أي أخروا، يقال: ركاه يركوه، ركواً، إذا أخره. شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 358).
(2)
مسلم، كتاب البر والصلة، باب النهي عن الشحناء والتهاجر، برقم 2565.
دواء له، بحيث لا يضعف عن حصول الشفاء به، ولا يزيد في الكمية والكيفية، فيهلكه، إذ المراد تأديبه لا إتلافه (1).
وقد قال أبو داود: ((النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نسائه أربعين يوماً، وابن عمر هجر ابناً له إلى أن مات (2)، قال أبو داود: إذا كانت الهجرة لله، فليس من هذا في شيء، وإن عمر بن عبد العزيز غطى وجهه عن رجل)) (3).
ويوضح ذلك ما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من أن الهجر يختلف باختلاف الهاجرين
(1) زاد المعاد، لابن القيم (3/ 575).
(2)
سنن أبي داود برقم 4916، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 205).
(3)
سنن أبي داود برقم 4916، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 205).
في قوتهم وضعفهم، وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور، وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كان هجره يضعف الشر؛ كان مشروعاً، وإن كان المهجور لا يرتدع بذلك، ولا يرتدع به غيره، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف، وتكون مفسدة الهجر راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، كما كان الهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين (1)، وينبغي أن يفرق بين الهجر لحق الله، وبين الهجر لحق النفس، فالهجر لحق الله تعالى مأمور به، والهجر لحق النفس منهي عنه (2).
(1) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (28/ 204 - 207).
(2)
المرجع السابق (28/ 208)، وفتح الباري لابن حجر (8/ 124).