الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشحناء العداوة، والحقد (1).
واصطلاحاً: امتلاء الصدر بالعداوة والبغضاء والحقد (2).
ثانياً: خطر الهجر، والقطيعة، والشحناء والحسد والبغضاء:
الحقد، والبغضاء، والحسد، والهجر، والشحناء، والقطيعة، آفاتٌ مهلكةٌ، ومدمرةٌ للمجتمع، ومفرقة بين الأخلاء والأصحاب، وأسباب لنيل غضب الله عز وجل، وعقوبته في الدنيا والآخرة؛ للأدلة من الكتاب والسنة الثابتة الصريحة على النحو الآتي:
1 - تحريم التدابر، والتحاسد، والتباغض
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا،
(1) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/ 449)، ومعجم لغة الفقهاء (ص 334).
(2)
معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس، (ص 230).
ولا تدابروا (1)، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم:
لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا)) ويشير إلى صدره ثلاث مرات ((بحسب امرئ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه)) (2).
وهذا الحديث قد دل على أمور عظمية، منها، ما يأتي:
الأمر الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسدوا)) يدل على تحريم الحسد، وهو في الحقيقة: بغض نعمة الله تعالى على المحسود، وتمني زوالها، وهو على أنواع:
(1) لا تدابروا: لا تتهاجروا، فيهجر أحدكم أخاه، مأخوذ من تولية الرجل دبره، إذا أعرض عنه حين يراه، وقيل للإعراض: مدابرة؛ لأن من أبغض أعرض، ومن أعرض ولَّى دبره. فتح الباري، لابن حجر (10/ 482).
(2)
مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم، وخذله، واحتقاره، ودمه، وعرضه، وماله، برقم 2564.
النوع الأول: بغض نعمة الله تعالى على المحسود، وتمني زوالها، فتكون له، وهذا فيه اعتراض على الله وقسمته، وما أحسن ما قاله القائل:
ألا قل لمن بات لي حاسداً
…
أتدري على من أسأت الأدب؟
أسأت على الله في حكمه
…
بأنك لم ترض لي ما وهب
النوع الثاني: بغض نعمة الله تعالى على المحسود وتمني زوالها، ولو لم تكن له، وهذا شر من النوع الأول، وما أحسن ما قاله القائل:
اصبر على حسد الحسود
…
فإن صبرك قاتله
النار تأكل بعضها
…
إن لم تجد ما تأكله
وهذان النوعان من أنواع الحسد المذموم.
النوع الثالث: حسد الغبطة: وهو تمني أن يكون له مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه، فهذا لا بأس به ولا يعاب صاحبه، بل هذا قريب من المنافسة، وقد قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ
فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (1). ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) (2).
وقد قسم الإمام ابن القيم رحمه الله الحسد إلى ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: تمني زوال النعمة عن المحسود، وتحقيق ذلك بالأذى بالقلب، واللسان، والجوارح، فهذا هو الحسد المذموم.
المرتبة الثانية: تمني استصحاب عدم النعمة، فهو يكره أن يحدث الله تعالى لعبده نعمة، بل يحب
(1) سورة المطففين، الآية:26.
(2)
متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: البخاري، كتاب فضائل القرآن، برقم 5025، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، برقم 815.
أن يبقى على حاله: من جهله، أو فقره، أو ضعفه، أو شتات قلبه عن الله، أو قلة دينه، فهو يتمنى دوام ما هو فيه من نقصٍ وعيبٍ، فهذا حسد على شيء مقدر، والأول حسد على شيء محقق.
المرتبة الثالثة: حسد الغبطة، ففي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) (1). فهذا حسد غبطة، الحامل لصاحبه عليه كِبَرُ نفسه، وحبُّه لخصال الخير.
والحسد المذموم من صفات اليهود، ومن عمل إبليس، ومن أمثلته: قصة ابني آدم وحسد أولاد يعقوب لأخيهم يوسف، وأما أضراره فكثيرة منها:
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، برقم 73، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن، برقم 816.