الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - إصلاح ذات البين
من أعظم الأسباب للسلامة من الضغائن، والأحقاد، والقطيعة والشحناء؛ لما في ذلك من الفضل العظيم؛ ولهذا الفضل قال الله عز وجل:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (1). وقال عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (2). وقال عز وجل: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (3). وقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ سُلامَى (5) من الناس عليه صدقة كلَّ يوم تطلع فيه
(1) سورة النساء، الآية:114.
(2)
سورة الأنفال، الآية:1.
(3)
سورة النساء، الآية:128.
(4)
سورة الحجرات، الآية:10.
(5)
السُّلامي: جمع سُلامية، وهي الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل: واحده وجمعه سواء، ويجمع على سلاميات، وهي التي بين كل مفصلين من = = أصابع الإنسان، وقيل: السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام: والمعنى على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة. [النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب السين مع اللام (2/ 396)]، ويوضح هذا حديث عائشة رضي الله عنها ترفعه:((إنه خلق كل إنسان من بنى آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله عز وجل، وعزل حجراً عن طريق الناس أو شوكة أو عظماً عن طريق الناس، وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار)) [مسلم برقم 1007].
الشمس: تعدل بين الاثنين صدقة (1)، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكلُّ خطوَةٍ تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط (2) الأذى عن الطريق صدقة)) (3).
(1) تعدل بين اثنين: أي تصلح بينهما بالعدل. شرح النووي على صحيح مسلم (7/ 99).
(2)
تميط الأذى عن الطريق: أي تنحيه وتبعده عنها. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (ص 217).
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من أخذ بالركاب ونحوه (4/ 19) برقم 2989، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (2/ 699) برقم 1009.
وعن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيراً، وينمي (1) خيراً (2)). قالت: ((ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها)) (3). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟)) قالوا: بلى، قال: ((إصلاح
(1) ينمي: يقال: نَميْتُ الخبر أو الحديث إذا بلغته على جهة الإصلاح، ونمَّيت بالتشديد، إذا كان على جهة النميمة وإفساد ذات البين. انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (ص 571).
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصلح، باب ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس (3/ 221)، برقم 2692، ومسلم واللفظ له، كتاب البر والصلة، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه (4/ 2011)، برقم 2605.
(3)
رواية لمسلم في الحديث السابق رقم 2605.
ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة)) (1)، وهذا يؤكد أهمية إصلاح ذات البين.
وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بما يُثبِّتُ ذلك لكم؟ أفشوا السلام بينكم)) (2).
(1) أبو داود، كتاب الأدب، باب إصلاح ذات البين (4/ 280) برقم 4919، والترمذي، كتاب صفة القيامة، باب: حدثنا أبو يحيى (4/ 663) برقم 2509، وقال:((هذا حديث صحيح))، وأحمد في المسند (6/ 444)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 929)، والحالقة: أي الماحقة للأجر والحسنات، وجاء في الترمذي، ويروى:((لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)) (4/ 664) برقم 2509، 2510.
(2)
الترمذي، كتاب صفة القيامة، 56 - باب، برقم 2510، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (3/ 607)، وفي صحيح الترغيب والترهيب (3/ 99).