المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في مفهوم الاستشراق: - الإسلام ومواجهة المذاهب الهدامة

[محمد البهي]

الفصل: ‌ في مفهوم الاستشراق:

•‌

‌ في مفهوم الاستشراق:

ولعل الاستشراق هو أبرز المجالات لتمكين الصليبية الدولية .. والإلحاد العلمي من ترويج ما تبتغيه الكتلتان الصليبية والإلحادية مَعًا ضد الإسلام، وباسم البحث العلمي.

فالقوة التي تحمي الصليبية الدولية من أركانها: المستشرقون الغربيون، أو الماركسيون من عمد الإلحاد العلمي في المجتمعات الإسلامية.

والاستشراق بحوث ودراسات في قضايا التراث الإسلامي: في العقيدة .. وفي الفقه .. والشريعة .. وفي التاريخ السياسي .. وفي الإمامة والخلافة .. وفي الفلسفة .. وفي الاجتماع .. الخ. قام بها قساوسة ولاهوتيون بتكليف من الكنيسة، أو من وزارات الخارجية للدول الغربية أو الشرقية على السواء، ويدعون فيها التزامهم بمناهج البحث العلمية، وقد يدرسون قضايا أدبية أو لغوية في العربية إما للتمويه، أو للإبراز فقط .. ينتقلون منها إلى ادعاء شيء معين، كمشرع كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، ادعاء لتيسير النطق بالعرية وتخفيف الحركات الإعرابية. ثم دخل الاستشراق الآن من ليسوا قساوسة ولا لاهوتيون، وإنما متخرجون في الجامعات ومسيرون في بحثهم طبقًا لمنهج الاستشراق العام.

ومعظم النتائج التي يتوصل إليها المستشرقون إما أن ترجع إلى سوء فهم باللغة العربية والتراث العربي .. إما أن تعود إلى قصد التحريف في مبادئ العقيدة، وبالأخص في دائرة ما يختلف فيه القرآن عن التوراة والإنجيل.

ص: 30

والادعاءات التي يتوصل إليها كثير من المستشرقين - في الغرب أو في الشرق - تكاد تكون تكرارًا لما كان يدعيه مشركو مكة على عهد الرسول عليه السلام. والفرق أن ما يدعيه المكيون يعود إلى اعتقادهم في الشرك والوثنية.

وقد صاحبت بحوث المستشرثن ثقة من كثير من المسلمين فيما يكتبون وينشرون:

أولاً: للتنظيم الذي يتبعونه في التبويب والتصنيف، والإخراج، واستيفاء التاريخ الزمني للأحداث، واستيعاب ظروفها، مما يجذب كثيرًا من المسلمين إلى الاستعانة بما يكتبون، وبالأخص بـ " دائرة المعارف الإسلامية ".

وثانيًا: لما راج بين المسلمين بحكم الاستعمار عن الغربيين عامة أنهم أهل حضارة وأنهم قادة في الثقافة، والعلم. وقد ارتبطت حضارتهم بصناعتهم: في الجودة، والدقة. فعلمهم ونتائج بحوثهم كذلك على هذا النحو في الجودة والدقة!!! هكذا يتصورها الكثيرون من المسلمين.

وثالثًا: إلى الفراغ في التأليف الإسلامي والعربي، والفجوة الواسعة بين كتب الأمس وما يطلب من كتب اليوم والغد. فالمراجع العربية والإسلامية السابقة تحتاج في فهمها والنقل عنها إلى دربة خاصة ومراس في تحديد وجه من وجوه الاحتمال في تراكيبها، وليس من السهل إذن: الرجوع إلى تلك الكتب واستخلاص الرأي المحدد منها في زمن وجيز. ومن هنا كانت دراسة الأزهر القديمة هي الطريق المتعين للإفادة من كتب التراث السابقة.

ص: 31

وفي التطبيق في دائرة الاستشراق:

وفي التطبيق في دائرة الاستشراق تدفع بعض الحكومات في المجتمعات الإسلامية المعاصرة ببعض الشبان من أبناء المسلمين المتخرجين في الجامعات في البلاد العربية والإسلامية، ومن الذين ينتظر منهم أن يسدوا الفراغ في الكادر الجامعي لتميزهم وتفوقهم على زملائهم إلى كبار المستشرقين في الجامعات في أوروبا وأمريكا الشمالية، لتوجيههم وتأهيلهم أكاديميًا، حتى يمكن لهم بعد عودتهم أن يباشروا التدريس في الكليات الجامعية الوطنية.

وفي توجيههم يثير الكثير من المستشرقين شبهات ضد القرآن .. وضد الرسول عليه السلام .. وضد الإسلام، وهي شبهات جمعها المستشرقون على طول عهد الاستشراق بعد تحريف أو تأويل غير سليم لنصوص وردت فيها أو بناء على روايات مكذوبة. وتعتبر هذه الشبهات «رصيد الاستشراق» في الدراسة والبحث (1)، ويتركون لهذه الشبهات: أن تؤتي أكلها في نفوس الشباب المسلم الذي ذهب إليهم، عن حسن نية يتتلمذ عليهم. وربما يحس بعض الطلاب من أساتذتهم المستشرقين: أن حصولهم على المؤهل الأكاديمي - وهو درجة الدكتوراه - رهن بقبولهم لهذه الشبهات وتبنيها في بحوثهم وفي كتاباتهم.

وبعض الطلاب الباكستانيين مثلاً - وباكستان هي الدولة التي قامت على أساس الإسلام - أرسل في الخمسينات من الحكومة

(1) وكتابنا " الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي " يكشف الكثير من شبهات المستشرقين في دراساتهم المختلفة.

ص: 32