الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: رآني أبو هبيرة الأنصاري صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أصلّي الضحى حين طلعت الشمس، فعاب عليّ ذلك ونهاني، ثم قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلّوا حتّى ترتفع الشّمس، فإنّها تطلع بين قرني شيطان» .
خلطه ابن الأثير بالذي قبله، ثم قال: سعيد تابعي لم يدرك من يقتل بأحد، فإن كان غيره وإلا فهو منقطع. انتهى.
وكيف يحتمل أن يكون منقطعا وهو يصرّح بأنه رآه فتعيّن الاحتمال الأول.
10676- أبو هدم بن الحضرميّ
«1»
، أخو العلاء. ذكره الدار الدّارقطنيّ، كذا في التجريد.
10677- أبو هدمة الأنصاري
.
ذكره أبو موسى في الذّيل، فقال: ذكره المستغفري، وقال: روى عنه ابنه محمد من حديث ابن أخي الزهري، عن عمه. ووقع عندنا من حديث أبي حاتم الرازيّ، قال المستغفري: قاله لي البردعي.
10678- أبو هذيل
«2»
، غير منسوب.
ذكره أبو موسى أيضا،
وقال: ذكره أبو بكر بن أبي علي، وساق من طريق أبي الأشعث، عن عبد اللَّه بن خداش، عن أوسط، عن أبي الهذيل، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ليأكل الرّجل من أضحيته» «3» .
10679- أبو هراسة:
هو قيس بن عاصم. ذكره البغوي، عن ابن أبي خيثمة، عن ابن معين.
10680- أبو هريرة
«4»
بن عامر بن عبد ذي الشّرى بن ظريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد اللَّه بن زهران بن كعب الدوسيّ.
(1) مؤتلف الدار الدّارقطنيّ ص 2313.
(2)
تجريد أسماء الصحابة 2/ 208، تهذيب التهذيب 12/ 262، تقريب التهذيب 2/ 483، تهذيب الكمال 3/ 1655.
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير 12/ 143، وأبو نعيم في الحلية 4/ 362 وأورده الهيثمي في الزوائد 4/ 28، عن أبي هريرة قال إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته
…
قال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليأكل كل رجل من أضحيته وفيه عبد اللَّه بن خراش وثقه ابن حبان وقال ربما أخطأ وضعفه الجمهور والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 12197.
(4)
تلقيح فهوم أهل الأثر 152، الكاشف 3/ 385، تهذيب التهذيب 12/ 262، المغني 298 الكنى والأسماء 1/ 60 خلاصة تهذيب الكمال 3/ 252، تهذيب الكمال 3/ 1655، تجريد أسماء الصحابة 2/ 209، الأنساب 5/ 402، تنقيح المقال 3/ 38.
هكذا سماه ونسبه ابن الكلبيّ، ومن تبعه كأبي
…
، وقوّاه أبو أحمد الدمياطيّ.
وقال ابن إسحاق: كان وسيطا في دوس. وأخرج الدولابي، من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: اسم أبي هريرة عبد نهم بن عامر، وهو دوسي حليف لأبي بكر الصديق. وخالف ابن البرقي في نسبه، فقال: هو ابن عامر بن عبد شمس بن عبد الساطع بن قيس بن مالك بن ذي الأسلم بن الأحمس بن معاوية بن المسلم بن الحارث بن دهمان بن سليم بن فهم بن عامر بن دوس، قال: ويقال هو ابن عتبة بن عمرو بن عيسى بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن عمرو بن فهم بن دوس.
وقال أبو عليّ بن السّكن: اختلف في اسمه، فقال أهل النسب: اسمه عمير بن عامر، وقال ابن إسحاق: قال لي بعض أصحابنا عن أبي هريرة: كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر، فسماني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وكنيت أبا هريرة، لأني وجدت هرّة فحملتها في كمّي، فقيل لي أبو هريرة.
وهكذا أخرجه أبو أحمد الحاكم في الكنى من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق.
وأخرجه ابن مندة من هذا الوجه مطولا. وأخرج الترمذي بسند حسن، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، قال: قلت لأبي هريرة: لم كنيت بأبي هريرة؟ قال: كنت أرعى غنم أهلي، وكانت لي هرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل في شجرة، وإذا كان النهار ذهبت بها معي، فلعبت بها فكنوني أبا هريرة. انتهى.
وفي صحيح البخاريّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا أبا هرّ» . وأخرج البغوي، من طريق إبراهيم بن الفضل المخزومي،
وهو ضعيف، قال: كان اسم أبي هريرة في الجاهلية عبد شمس، وكنيته أبو الأسود، فسمّاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه، وكناه أبا هريرة.
وأخرج ابن خزيمة بسند قوي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عبد شمس من الأزد، ثم من دوس.
وأخرج الدّولابيّ بسند، حسن، عن أسامة بن زيد الليثي، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع والمقبري، قالا: كان اسم أبي هريرة عبد شمس بن عامر بن عبد الشّرى- والشري: اسم صنم لدوس، فلما أسلم سمّي بعبد اللَّه بن عامر. وقال عبد اللَّه بن إدريس، عن شعبة: كان اسم أبي هريرة عبد شمس، وكذا قال يحيى بن معين، وأحمد بن صالح المصري، وهارون بن حاتم. وكذا قال أبو زرعة، عن أبي مسهر. وقال أبو نعيم الفضل بن دكين مثله، وزاد: ويقال عبد عمرو. وقال مرة أخرى، أبو هريرة سكين، ويقال عامر بن عبد غنم،
وكذا قال إسماعيل بن أبي أويس: وجدت في كتاب أبي: كان اسم أبي هريرة عبد شمس، واسمه في الإسلام عبد اللَّه، وعن أبي نمير مثله.
وذكر التّرمذيّ عن البخاريّ مثله.
وقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: أبو هريرة عبد شمس. ويقال: عبد نهم.
ويقال: عبد غنم. ويقال سكين، ويقال عبد اللَّه بن عامر. أخرجه البغوي عن صالح. وكذا قال الأحوص بن المفضل العلائي، عن أبيه، وكذا حكاه يعقوب بن سفيان في تاريخه.
وذكر ابن أبي شيبة مثله، وزاد: ويقال عبد الرحمن بن صخر، وذكر البغوي، عن عبد اللَّه بن أحمد، قال: سمعت شيخا لنا كبيرا يقول: اسم أبي هريرة سكين بن دومة. وهذا حكاه الحسن بن سفيان بسنده عن أبي عمر الضرير، وزاد: ويقال عبد عمرو بن غنم.
وقال عمرو بن عليّ الفلّاس، عن سفيان بن حسين، [عن الزهري، عن المحرر بن أبي هريرة: كان اسم أبي عبد عمرو بن عبد غنم، أخرجه أسلم بن سهل في تاريخه، وأخرجه البغوي عن المقدمي، عن عمه، سفيان]، ولفظه: كان اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن غنم، كذا في رواية عيسى بن علي، عن البغوي. وأخرجه ابن أبي الدنيا، من طريق المقدمي مثل ما قال عمرو بن علي، وكذا هو في الذهليات، عن عمر بن بكار، عن عمرو بن علي المقدسي. وقال ابن خزيمة: قال الذهلي: هذا أوضح الروايات عندنا على القلب، قال ابن خزيمة: وإسناد محمد بن عمرو عن أبي سلمة أحسن من سفيان بن حسين عن الزهري عن المحرر، إلا أن يكون كان له اسمان قبل إسلامه، وأما بعد إسلامه فلا أحسب اسمه استمرّ.
قلت: أنكر أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم غيّر اسمه، فسماه عبد الرحمن، كما نقل أحمد بن حنبل، عن أبي عبيدة الحداد. وأخرج أبو محمد بن زيد، عن الأصمعي- أن اسمه عبد عمرو بن عبد غنم، ويقال عمرو بن عبد غنم، وجزم بالأول النسائي، وقال البغوي: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، واسمه عبد الرحمن بن صخر.
قلت: وأبو إسماعيل صاحب غرائب مع أن قوله: واسمه عبد الرحمن بن صخر- يحتمل أن يكون من كلام أبي صالح أو من كلام من بعده، وأخلق به أن يكون أبو إسماعيل الّذي تفرد به، والمحفوظ في هذا قول محمد بن إسحاق.
وأخرج أبو نعيم، من طريق إسحاق بن راهويه، قال: أبو هريرة مختلف في اسمه،
فقيل سكين بن مل. وقيل ابن هانئ، وقال بعضهم: عمر بن عبد شمس. وقيل ابن عبد نهم. وقال عباس الدّوري، عن أبي بكر بن أبي الأسود: سكين بن جابر.
وأخرج أبو أحمد الحاكم بسند صحيح، عن صالح بن كيسان، قال: اسمه عامر.
ومثله حكاه الهيثم بن عدي، عن ابن عباس، وهو المسوق، وزاد أنه ابن عبد شمس بن عبد غنم بن عبد ذي الشّرى. وقال أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز: هو عامر بن عبد شمس. وقيل عبد غنم، وقيل سكين بن عامر.
وقال خليفة: اختلف في اسمه، فقيل عمير بن عامر، وقيل سكين بن دومة، ويقال عبد عمرو بن عبد غنم، وقيل عبد اللَّه بن عامر، وقيل برير أو يزيد بن عشرقة.
وقال الفلّاس: اختلفوا في اسمه، والّذي صحّ أنه عبد عمرو بن عبد غنم، ويقال سكين
…
وقال البغويّ: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا أبو نميلة، حدثنا محمد بن عبيد اللَّه، قال: اسمه سعد بن الحارث، قال البغوي: وبلغني أنّ اسمه عبد ياليل.
وقال ابن سعد، عن الواقديّ: كان اسمه عبد شمس، فسمّي في الإسلام عبد اللَّه، ونقل عن الهيثم مثله. وزاد البغوي، عن الواقدي: ويقال إنه عبد اللَّه بن عائذ. وقال ابن البرقي: اسمه عبد الرحمن، ويقال عبد شمس، ويقال عبد غنم، ويقال عبد اللَّه، ويقال: بل هو عبد نهم، وقيل عبد تيم.
وحكى ابن مندة في أسمائه عبد بغير إضالة، وفي اسم أبي عبد غنم. وحكى أبو نعيم فيه عبد العزي وسكن- بفتحتين، قال النووي في مواضع من كتبه: اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر على الأصح من ثلاثين قولا. وقال القطب الحلبي: اجتمع في اسمه واسم أبيه أربعة وأربعون قولا مذكورة في الكنى للحاكم، وفي الاستيعاب، وفي تاريخ ابن عساكر.
قلت: وجه تكثره أنه يجتمع في اسمه خاصة عشرة أقوال مثلا، وفي اسم أبيه نحوها، ثم تركبت، ولكن لا يوجد جميع ذلك منقولا، فمجموع ما قيل في اسمه وحده نحو من عشرين قولا: عبد شمس، وعبد نهم، وعبد تيم، وعبد غنم، وعبد العزى، وعبد ياليل، وهذه لا جائز أن تبقى بعد أن أسلم كما أشار إليه ابن خزيمة.
وقيل فيه أيضا: عبيد بغير إضافة، وعبيد اللَّه بالإضافة، وسكين بالتصغير، وسكن بفتحتين، وعمرو بفتح العين، وعمير بالتصغير، وعامر، وقيل برير، وقيل بر، وقيل يزيد، وقيل: سعد، وقيل سعيد، وقيل عبد اللَّه، وقيل عبد الرحمن، وجميعها محتمل في الجاهلية والإسلام إلا الأخير، فإنه إسلامي جزما.
والّذي اجتمع في اسم أبيه خمسة عشر قولا: فقيل عائذ، وقيل عامر، وقيل عمرو، وقيل عمير، وقيل غنم، وقيل دومة، وقيل هانئ، وقيل مل، وقيل عبد نهم، وقيل عبد غنم، وقيل عبد شمس، وقيل عبد عمرو، وقيل الحارث، وقيل عشرقة، وقيل صخر، فهذا معنى قول من قال: اختلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من ثلاثين قولا، فأما مع التركيب بطريق التجويز فيزيد على ذلك نحو مائتين وسبعة وأربعين من ضرب تسعة عشر في ثلاثة عشر، وأما مع التنصيص فلا يزيد على العشرين، فإن الاسم الواحد من أسمائه يركب مع ثلاثة أو أربعة من أسماء الأب إلى أن يأتي العدّ عليهما، فيخلص للمغايرة مع التركيب عدد أسمائه خاصة وهي تسعة عشر مع أنّ بعضها وقع فيه تصحيف أو تحريف، مثل بر، وبرير، ويزيد، فإنه لم يرد شيئا منها إلا مع عشرقة، والظاهر أنه تغيير من بعض الرواة، وكذا سكن وسكين، والظاهر أنه يرجع إلى واحد، وكذا سعد وسعيد مع أنهما أيضا لم يردا إلا مع الحارث، وبعضها انقلب اسمه مع اسم أبيه كما تقدم في قول من قال: عبد عمرو بن عبد غنم. وقيل عبد غنم بن عبد عمرو، فعند التأمل لا تبلغ الأقوال عشرة خالصة ومزجها من جهة صحة النقل إلى ثلاثة: عمير، وعبد اللَّه، وعبد الرحمن الأولان محتملان في الجاهلية والإسلام، وعبد الرحمن في الإسلام خاصة كما تقدم.
قال ابن أبي داود: كنت أجمع سند أبي هريرة، فرأيته في النوم، وأنا بأصبهان، فقال لي: أنا أول صاحب حدثت في الدنيا، وقد أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثا.
وذكر أبو محمّد بن حزم أنّ مسند بقيّ بن مخلد احتوى من حديث أبي هريرة على خمسة آلاف وثلاثمائة حديث وكسر. وحدث أبو هريرة أيضا عن أبي بكر، وعمر، والفضل بن العباس، وأبيّ بن كعب، وأسامة بن زيد، وعائشة، وبصرة الغفاريّ، وكعب الأحبار.
روى عنه ولده المحرر، بمهملات، ومن الصحابة ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وواثلة بن الأسقع. ومن كبار التابعين: مروان بن الحكم، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد اللَّه بن ثعلبة، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وسلمان الأغر، والأغر أبو مسلم وشريح بن هانئ، وخباب صاحب المقصورة، وأبو سعيد المقبري، وسليمان بن يسار، وسنان بن أبي سنان، وعبد اللَّه بن شقيق، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وعراك بن مالك، وأبو رزين الأسدي، وعبد اللَّه بن قارظ، وبسر بن سعيد، وبشير بن نهيك، وبعجة الجهنيّ، وحنظلة الأسلمي، وثابت بن عياض، وحفص بن عاصم بن عمرو، وسالم بن عبد اللَّه بن
عمر، وأبو سلمة، وحميد: ابنا عبد الرحمن بن عوف، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وخلاس بن عمرو، وزرارة بن أبي أوفى، وسالم أبو الغيث، وسالم مولى شداد، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، وأبو الحباب سعيد بن يسار، وعبد اللَّه بن الحارث البصري، ومحمد بن سيرين، وسعيد بن مرجانة، والأعرج، وهو عبد الرحمن بن هرمز، والمقعد وهو عبد الرحمن بن سعيد، ويقال له الأعرج أيضا وعبد الرحمن بن أبي نعيم، وعبد الرحمن بن يعقوب والد العلاء، وأبو صالح السمان، وعبيدة بن سفيان، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، وعطاء بن مينا، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يزيد الليثي، وعطاء بن يسار، وعبيد بن حنين، وعجلان والد محمد، وعبيد اللَّه بن أبي رافع، وعنبسة بن سعيد بن العاص، وعمرو بن الحكم أبو السائب مولى ابن زهرة، وموسى بن يسار، ونافع بن جبير بن مطعم، وعبد اللَّه بن رباح، وعبد الرحمن بن مهران، وعمرو بن أبي سفيان، ومحمد بن زياد الجمحيّ، وعيسى بن طلحة، ومحمد بن قيس بن مخرمة، ومحمد بن عباد بن جعفر، ومحمد بن أبي عائشة، والهيثم بن أبي سنان، وأبو حازم الأشجعي، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو الشعثاء المحاربي، ويزيد بن الأصم، ونعيم المجمر، ومحمد بن المنكدر، وهمام بن منبه، وأبو عثمان الطنبذي، وأبو قيس مولى أبي هريرة، وآخرون كثيرون.
قال البخاريّ: روى عنه نحو الثمانمائة من أهل العلم، وكان أحفظ من روى الحديث في عصره.
قال وكيع في نسخته: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، قال: كان أبو هريرة أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرجه البغوي، من رواية أبي بكر بن عياش، عن الأعمش بلفظ: ما كان أفضلهم، ولكنه كان أحفظ.
وأخرج ابن أبي خيثمة، من طريق سعيد بن أبي الحسن، قال: لم يكن أحد من الصحابة أكثر حديثا من أبي هريرة. وقال الربيع: قال الشافعيّ: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره.
وقال أبو الزّعيزعة كاتب مروان: أرسل مروان إلى أبي هريرة، فجعل يحدّثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدّث به حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله وأمرني أن انظر، فما غيّر حرفا عن حرف.
وفي صحيح البخاريّ، من طريق وهب بن منبه، عن أخيه همام، عن أبي هريرة،
قال لم يكن من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا مني إلا عبد اللَّه بن عمر، فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وقال للحاكم أبو أحمد- بعد أن حكى الاختلاف في اسمه ببعض ما تقدم: كان من أحفظ أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وألزمهم له صحبة على شبع بطنه، فكانت يده مع يده يدور معه حيث دار إلى أن مات، ولذلك كثر حديثه.
وقد أخرج البخاريّ في الصحيح، من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قلت: يا رسول اللَّه من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: «لقد ظننت ألّا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك، لما رأيت من حرصك على الحديث» .
وأخرج أحمد، من حديث أبيّ بن كعب- أن أبا هريرة كان جريئا على أن يسأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره.
وقال أبو نعيم: كان أحفظ الصحابة لأخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ودعا له بأن يحبّبه إلى المؤمنين، وكان إسلامه بين الحديبيّة وخيبر قدم المدينة مهاجرا، وسكن الصّفة.
وقال أبو معشر المدائنيّ، عن محمد بن قيس، قال: كان أبو هريرة يقول: لا تكنوني أبا هريرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كناني أبا هرّ والذّكر خير من الأنثى.
وأخرجه البغويّ بسند حسن، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة. وقال عبد الرّحمن بن أبي لبيبة: أتيت أبا هريرة وهو آدم بعيد ما بين المنكبين ذو ضفيرتين أفرق الثنيتين.
وأخرج ابن سعد، من طريق قرة بن خالد: قلت لمحمد بن سيرين: أكان أبو هريرة مخشوشنا؟ قال: لا، كان لينا. قلت: فما كان لونه؟ قال: أبيض. وكان يخضب، وكان يلبس ثوبين ممشّقين «1» ، وتمخّط يوما فقال: بخ! بخ! أبو هريرة يتمخّط في الكتان.
وقال أبو هلال، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: لقد رأيتني أصرع بين منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة، فيقال: مجنون، وما بي جنون، زاد يزيد بن إبراهيم، عن محمد، عنه: وما بي إلا الجوع.
ولهذا الحديث طرق في الصحيح وغيره، وفيها سؤال أبي بكر ثم عمر عن آية، وقال: لعل أن يسقني فيفتح عليّ الآية ولا يفعل.
(1) المشق والمشق: المغرة وهو صبغ أحمر، وثوب ممشوق وممشّق: مصبوغ بالمشق قال الليث: المشق والمشق طين يصبغ به الثوب. اللسان 6/ 4211.
وقال داود بن عبد اللَّه، عن حميد الحميري: صحبت رجلا صحب النبيّ صلى الله عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة.
وقال ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم: نزل علينا أبو هريرة بالكوفة، واجتمعت أحمس، فجاءوا ليسلموا عليه، فقال: مرحبا، صحبت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، لم أكن أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن.
وقال البخاريّ: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عمر بن ذرّ، حدثنا مجاهد، عن أبي هريرة، قال: واللَّه الّذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد على الأرض بكبدي من الجوع، وأشدّ الحجر على بطني
…
فذكر قصة القدح واللبن.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن- هو ابن مهدي- حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني أبو كثير، حدثني أبو هريرة، قال: أما واللَّه ما خلق اللَّه مؤمنا يسمع بي ولا يراني إلا أجبني، قال: وما علمك بذلك يا أبا هريرة؟ قال: إنّ أمي كانت مشركة، وإني كنت أدعوها إلى الإسلام، وكانت تأبي عليّ، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فذكرت له، فقال:«اللَّهمّ اهد أمّ أبي هريرة» «1» ، فخرجت عدوا، فإذا بالباب مجاف وسمعت حصحصة الماء «2» ، ثم فتحت الباب، فقالت: أشهد لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، فرجعت وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يحبّبني وأمي إلى المؤمنين، فدعا له.
وقال الجريريّ، عن أبي بصرة، عن رجل من الطفاوة، قال: نزلت على أبي هريرة قال: ولم أدرك من الصحابة رجلا أشدّ تشميرا ولا أقوم على ضيف منه.
وقال عمرو بن عليّ الفلّاس: كان مقدمه عام خيبر، وكانت في المحرم سنة سبع.
وفي الصحيح، عن الأعرج، قال: قال أبو هريرة: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واللَّه الموعد، إني كنت امرأ مسكينا أصحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصّفق «3» بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام
(1) أخرجه مسلم 4/ 1938 في كتاب فضائل الصحابة باب 35 في فضائل أبي هريرة الدوسيّ رضي الله عنه حديث رقم 158- 2491 وأحمد في المسند 2/ 320.
(2)
الحصحصة: الحركة في شيء حتى يستقرّ فيه ويستمكن منه ويثبت، وقيل: تحريك الشيء في الشيء حتى يستمكن ويستقر فيه. اللسان 2/ 899.
(3)
يقال: تصافق القوم: تبايعوا، وصفق يده بالبيعة والبيع وعلى يده صفقا: ضرب بيده على يده وذلك عند وجوب البيع، والاسم منه الصّفق. اللسان/ 4/ 2463.
على أموالهم فحضرت من النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا، فقال:«من يبسط رداءه حتّى أقضي مقالتي، ثمّ يقبضه إليه، فلن ينسى شيئا سمعه منّي؟» «1» فبسطت بردة عليّ حتى قضى حديثه، ثم قبضتها إليّ، فو الّذي نفسي بيده ما نسيت شيئا سمعته منه بعد.
وأخرجه أحمد، والبخاريّ، ومسلم، والنّسائيّ، من طريق الزهري، عن الأعرج، ومن طريق الزهري أيضا عن سعيد بن المسيّب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة، يزيد بعضهم على بعض.
وأخرجه البخاريّ وغيره، من طريق سعيد المقبري، عنه مختصرا. قلت: يا رسول اللَّه، إني لأسمع منك حديثا كثيرا أنساه.
فقال: «ابسط رداءك، فبسطته» ، ثم قال:«ضمّه إلى صدرك» ، فضممته فما أنسيت حديثا بعد.
وأخرج أبو يعلى، من طريق الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، عن أبي هريرة، قال: شكوت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سوء الحفظ، فقال:«افتح كساءك» . فذكر نحوه.
وأخرج أبو نعيم، من طريق عبد اللَّه بن أبي يحيى، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي هريرة- أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«ألا تسألني عن هذه الغنائم؟» . قلت: أسألك أن تعلّمني مما علّمك اللَّه. قال: فنزع نمرة «2» على ظهري ووسّطها بيني وبينه، فحدثني حتى إذا استوعبت حديثه قال:«اجمعها فصرها «3» إليك» . فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني.
وقد تقدمت طرق هذا الحديث الصحيحة، وله طرق أخرى، منها
عند أبي يعلى، من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«من يأخذ منّي كلمة أو كلمتين أو ثلاثا، فيصرّهنّ في ثوبه، فيتعلّمهنّ ويعلّمهنّ؟ «4» قال: فنشرت ثوبي، وهو يحدّث، ثم ضممته، فأرجو ألا أكون نسيت حديثا مما قال.
وأخرج أحمد، من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن نحوه، وفيه: فقلت: أنا، فقال:«ابسط ثوبك» ، وفي أخره: فأرجو ألّا أكون نسيت حديثا سمعته منه بعد ذلك.
(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4: 2: 56 ولفظه من يبسط ثوبه حتى أفرغ
…
(2)
النّمرة: كلّ شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهي نمرة وجمعها نمار كأنها أخذت من لون النّمر لما فيها من السواد والبياض. اللسان/ 6/ 4546.
(3)
صرها إليك: اجمعها المعجم الوسيط 1/ 515.
(4)
أخرجه أبو يعلى في مسندة 11/ 102 (389- 6229) وانظر الحميدي 2/ 483 (1142) وأحمد في المسند 2/ 240 والبخاري (7354) ومسلم (2492) والترمذي (3833) .
وأخرج ابن عساكر، من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن أبي الربيع، عن أبي هريرة: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فبسطت ثوبي، ثم جمعته، فما نسيت شيئا بعد. هذا مختصر مما قبله.
ووقع لي بيان ما كان حدّث به النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذه القصة إن ثبت الخبر،
فأخرج أبو يعلى، من طريق أبي سلمة: جاء أبو هريرة فسلّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم في شكواه يعوده، فأذن له فدخل فسلم وهو قائم، والنبيّ صلى الله عليه وسلم متساند إلى صدر عليّ، ويده على صدره ضامّة إليه، والنبيّ صلى الله عليه وسلم باسط رجليه، فقال:«ادن يا أبا هريرة» . فدنا، ثم قال:«ادن يا أبا هريرة» ، ثم قال:«ادن يا أبا هريرة» فدنا، حتى مسّت أطراف أصابع أبي هريرة أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له:«اجلس» . فجلس، فقال له:«ادن منّي طرف ثوبك» . فمدّ أبو هريرة ثوبه فأمسك بيده ففتحه وأدناه من النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أوصيك يا أبا هريرة بخصال لا تدعهنّ ما بقيت» . قال: أوصني ما شئت. فقال له: «عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تلغ، ولا تله، وأوصيك بصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، فإنّه صيام الدّهر، وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما، وإن صلّيت اللّيل كلّه فإنّ فيهما الرّغائب» - قالها ثلاثا، ثم قال:«ضمّ إليك ثوبك» . فضمّ ثوبه إلى صدره، فقال: يا رسول اللَّه، بأبي وأمي! أسرّ هذا أو أعلنه؟
قال: «أعلنه يا أبا هريرة» «1» - قالها ثلاثا.
والحديث المذكور من علامات النبوة، فإن أبا هريرة كان أحفظ الناس للأحاديث النبويّة في عصره.
وقال طلحة بن عبيد اللَّه: لا أشك أن أبا هريرة سمع من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع.
وقال ابن عمر: أبو هريرة خير مني وأعلم بما يحدث.
وأخرج النّسائيّ بسند جيد في العلم من كتاب السنن- أنّ رجلا جاء إلى زيد بن ثابت، فسأله، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإنّي بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو للَّه ونذكره إذ خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا، فقال:«عودوا للّذي كنتم فيه» «2» قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي، فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يؤمّن على دعائنا، ودعا أبو هريرة، فقال:
«إنّي أسألك ما سأل صاحباك، وأسألك علما لا ينسى» . فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «آمين» .
فقلنا: يا رسول اللَّه، ونحن نسألك علما لا ينسى، فقال:«سبقكم بها الغلام الدّوسي» .
(1) أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 43412، 43486 وعزاه لأبي يعلى عن أبي هريرة.
(2)
أخرجه الحاكم 3/ 508، وذكره الهيثمي في المجمع 9/ 361.
وأخرج التّرمذيّ، من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول اللَّه، إني أسمع منك أشياء لا أحفظها. قال:«ابسط رداءك» . فبسطته فحدّث حديثا كثيرا فما نسيت شيئا حدثني به.
وسنده صحيح، وأصله عند البخاري بلفظ: فما نسيت شيئا سمعته بعد.
وأخرج التّرمذيّ أيضا عن عمر- أنه قال لأبي هريرة: أنت كنت ألزمنا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأحفظنا لحديثه.
وأخرج ابن سعد، من طريق سالم مولى بني نصر: سمعت أبا هريرة يقول: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرميّ، فأوصاه بي خيرا، فقال لي:«ما تحبّ؟» قلت:
أؤذن لك، ولا تسبقني بآمين.
وأخرج البخاريّ، من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: حفظت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم «1» .
وعند أحمد، من طريق يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة: وقيل له أكثرت، فقال: لو حدثتكم بما سمعت لرميتموني بالقشع، أي الجلود.
وفي الصحيح، عن نافع، قال: قيل لابن عمر: حديث أبي هريرة: «إنّ من اتّبع جنازة فصلّى عليها فله قيراط
…
» الحديث؟ فقال: أكثر علينا أبو هريرة، فسأل عائشة فصدقته، فقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة.
وأخرج البغويّ بسند جيد عن الوليد بن عبد الرحمن، عن ابن عمر- أنه قال لأبي هريرة: أنت كنت ألزمنا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه.
وأخرج ابن سعد بسند جيد، عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: قالت عائشة لأبي هريرة: إنك لتحدث بشيء ما سمعته. قال: يا أمه، طلبتها وشغلك عنها المكحلة والمرآة، وما كان يشغله عنها شيء، والأخبار في ذلك كثيرة.
وأخرج البيهقيّ في المدخل، من طريق بكر بن عبد اللَّه بن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال: لقي كعبا فجعل يحدثه ويسأله، فقال كعب: ما رأيت رجلا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من أبي هريرة.
(1) أخرجه الترمذي في السنن 4/ 576 كتاب صفة القيامة والرقائق والورع باب 60 حديث رقم 2518 وقال أبو عيسى الترمذي حديث حسن صحيح والنسائي في السنن 8/ 328 كتاب الأشربة باب 50 الحث على ترك الشبهات حديث رقم 5711، وأحمد في المسند 1/ 200، 3/ 112، 153 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 512، والحاكم في المستدرك 2/ 13، 4/ 909.
وأخرج أحمد، من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه: سمعت أبا هريرة يبتدئ حديثه بأن يقول: قال رسول اللَّه الصادق المصدوق أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوَّأ مقعده من النّار» .
وأخرج مسدّد في مسندة، من رواية معاذ بن المثنى، عنه، عن خالد، عن يحيى بن عبيد اللَّه، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: بلغ عمر حديثي، فقال لي: كنت معنا يوم كنّا في بيت فلان؟ قلت: نعم، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: «من كذب عليّ
…
» الحديث.
قال: اذهب الآن فحدّث.
وأخرج مسدّد، من طريق عاصم بن محمد بن يزيد بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه، قال: ابن عمر إذا سمع أبا هريرة يتكلم قال: إنا نعرف ما نقول، ولكنا نجبن ويجترئ.
وروينا في فوائد المزكي تخريج الدّارقطنيّ، من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة- رفعه:«إذا صلّى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه» «1» ،
فقال له مروان: أما يكفي أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع؟ قال:
لا. فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة. فقيل لابن عمر: هل تنكر شيئا مما يقول؟
قال: لا، ولكنه أجرأ وجبنّا، فبلغ ذلك أبا هريرة، فقال: ما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا.
وقد أخرج أبو داود الحديث المرفوع. وأخرج ابن سعد، من طريق الوليد بن رباح:
سمعت أبا هريرة يقول لمروان حين أرادوا أن يدفنوا الحسن عند جدّه: تدخل فيما لا يعنيك- وكان الأمير يومئذ غيره- ولكنك تريد رضا الغائب، فغضب مروان، وقال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة
…
الحديث.
وإنما قدم قبل وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيسير، فقال أبو هريرة: قدمت ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخيبر، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين، فأقمت معه حتى مات أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه وأغزو معه وأحجّ، فكنت أعلم الناس بحديثه، وقد واللَّه سبقني قوم بصحبته،
(1) أخرجه الترمذي 2/ 281 في كتاب أبواب الصلاة باب 194، ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر حديث رقم 420، وقال أبو عيسى الترمذي حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وقد روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر في بيته اضطجع على يمينه وقد رأى أهل العلم أن يفعل هذا استحبابا أ. هـ وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه 2/ 167 كتاب الصلاة باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر حديث رقم 1120 وأبو داود في السنن 1/ 404 كتاب الصلاة باب الاضطجاع بعدها حديث رقم 1261 وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 19332 وابن حبان 2/ 347 كتاب الصلاة باب 118 الاضطجاع بعد ركعتي الفجر حديث رقم 612.
فكانوا يعرفون لزومي له فيسألونني عن حديثه، منهم: عمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، ولا واللَّه لا يخفى عليّ كلّ حديث كان بالمدينة وكلّ من كانت له من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منزلة، ومن أخرجه من المدينة أن يساكنه، قال: فو اللَّه ما زال مروان بعد ذلك كافّا عنه.
وأخرج ابن أبي خيثمة، من طريق ابن إسحاق، عن عمر أو عثمان بن عروة، عن أبيه، قال أبي: أدنني من هذا اليماني- يعني أبا هريرة- فإنه يكثر، فأدنيته، فجعل يحدث والزبير يقول: صدق، كذب، فقلت: ما هذا؟ قال: صدق أنه سمع هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولكن منها ما وضعه في غير موضعه.
وتقدم قول طلحة: قد سمعنا كما سمع، ولكنه حفظ ونسينا.
وفي فوائد تمام، من طريق أشعث بن سليم، عن أبيه: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة، فسألته، فقال: إن أبا هريرة سمع.
وأخرج أحمد في «الزّهد» بسند صحيح، عن أبي عثمان النهدي، قال: تضيّفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه يقسّمون الليل أثلاثا، يصلّي هذا ثم يوقظ هذا.
وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة- أن أبا هريرة كان يسبّح كلّ يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، يقول: أسبّح بقدر ذنبي.
وفي «الحلية» من تاريخ أبي العباس السّراج بسند صحيح، عن مضارب بن حزن:
كنت أسير من الليل، فإذا رجل يكبّر فلحقته فقلت: ما هذا؟ قال: أكثر شكر اللَّه عليّ إن كنت أجيرا لبسرة بنت غزوان لنفقة رحلي وطعام بطني، فإذا ركبوا سبقت بهم، وإذا نزلوا خدمتهم، فزوّجنيها اللَّه، فأنا أركب، وإذا نزلت خدمت.
وأخرجه ابن خزيمة من هذا الوجه وزاد: وكانت إذا أتت على مكان سهل نزلت، فقالت لا أريم حتى تجعلي لي فيّ عصيدة، فها أنا ذا أتيت على نحو من مكانها، قلت: لا أريم حتى تجعل لي عصيدة.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين- أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال، فمن أين لك؟ قال: خيل نتجت، وأعطية تتابعت، وخراج رقيق لي، فنظر فوجدها كما قال، ثم دعاه ليستعمله فأبى، فقال: لقد طلب العمل من كان خيرا منك؟ قال: ومن؟ قال: يوسف. قال:
إنّ يوسف نبي اللَّه، ابن نبي اللَّه وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثا أن أقول بغير علم، أو أقضي بغير حكم، ويضرب ظهري، ويشتم عرضي، وينزع مالي.
وأخرج ابن أبي الدّنيا في كتاب «المزاح» والزّبير بن بكّار فيه، من طريق ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة- أن رجلا قال له: إني أصبحت صائما، فجئت أبي فوجدت عنده خبزا ولحما، فأكلت حتى شبعت، ونسيت أني صائم. فقال أبو هريرة: اللَّه أطعمك. قال:
فخرجت حتى أتيت فلانا فوجدت عنده لقحة تحلب فشربت من لبنها حتى رويت. قال: اللَّه سقاك. قال: ثم رجعت إلى أهلي وثقلت فلما استيقظت دعوت بماء فشربته. فقال: يا ابن أخي، أنت لم تعود الصيام.
وأخرج ابن أبي الدّنيا في «المحتضرين» بسند صحيح، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: دخلت على أبي هريرة وهو شديد الوجع فاحتضنته، فقلت: اللَّهمّ اشف أبا هريرة. فقال: اللَّهمّ لا ترجعها- قالها مرتين، ثم قال: إن استطعت أن تموت فمت، واللَّه الّذي نفس أبي هريرة بيده ليأتينّ على الناس زمان يمرّ الرجل على قبر أخيه فيتمنى أنه صاحبه.
قلت: وقد جاء هذا الحديث مرفوعا عن أبي هريرة، عن عمير بن هانئ، قال: كان أبو هريرة يقول: تشبّثوا بصدغي معاوية، اللَّهمّ لا تدركني سنة ستين.
وأخرج أحمد والنّسائيّ بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة- أنه قال حين حضره الموت: لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي.
وأخرج أبو القاسم بن الجرّاح في «أماليه» ، من طريق عثمان الغطفانيّ، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: إذا مت فلا تنوحوا عليّ، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي.
وأخرج البغويّ، من وجه آخر، عن أبي هريرة- أنه لما حضرته الوفاة بكى، فسئل، فقال: من قلة الزاد وشدة المفازة.
وأخرج ابن أبي الدّنيا، من طريق مالك، عن سعيد المقبري، قال: دخل مروان على أبي هريرة في شكواه الّذي مات فيها، فقال: شفاك اللَّه. فقال أبو هريرة: اللَّهمّ إني أحب لقاءك، فأحبب لقائي، فما بلغ مران- يعني وسط السوق- حتى مات.
وقال ابن سعد، عن الواقديّ: حدثني ثابت بن قيس، عن ثابت بن مسحل، قال:
صلى الوليد بن عقبة بن أبي سفيان على أبي هريرة بعد أن صلّى بالناس العصر، وفي القوم ابن عمر، وأبو سعيد الخدريّ، قال: وكتب الوليد إلى معاوية يخبره بموته، فكتب إليه:
انظر من ترك فادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسن جوارهم، فإنه كان ممن نصر