الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنصاري، عن محمد بن سهل بن أبي خيثمة، عن محيصة بن مسعود- أنه كان له غلام حجام يقال له نافع أبو طيبة.
وقد ثبت ذكره في الصحيحين أنه حجم النبيّ صلى الله عليه وسلم من حديث أنس وجابر وغيرهما.
وأخرج ابن أبي خيثمة بسند ضعيف عن جابر، قال: خرج علينا أبو طيبة لثمان عشرة خلون من رمضان، فقال له: أين كنت؟ قال: حجمت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن السّكن بسند آخر ضعيف من حديث ابن عباس: كنا جلوسا بباب النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج علينا أبو طيبة بشيء يحمله في ثوبه، فقلنا: ما هذا معك يا أبا طيبة؟ قال:
حجمت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني أجري.
القسم الثاني
لم يذكر فيه أحد من الرجال.
القسم الثالث
10173- أبو الطّفيل سهيل
«1»
بن عوف.
10174- أبو الطّمحان القيني:
اسمه حنظلة- تقدم في الأسماء.
القسم الرابع
10175- أبو طالب بن عبد المطلب
«2»
بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، عمّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شقيق أبيه، أمّهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية، اشتهر بكنيته، واسمه عبد مناف على المشهور. وقيل عمران. وقال الحاكم: أكثر المتقدمين على أن اسمه كنيته.
ولد قبل النبي بخمس وثلاثين سنة. ولما مات عبد المطلب أوصى بمحمد صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب، فكفله وأحسن تربيته، وسافر به صحبته إلى الشام، وهو شابّ، ولما بعث قام في نصرته وذبّ عنه من عاداه ومدحه عدة مدائح منها قوله لما استسقى أهل مكة فسقوا:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
[الطويل]
(1) في أسبيل.
(2)
تنقيح المقال 3/ 321- الطبقات الكبرى 1/ 93، 8/ 51، 151.
ومنها قوله من قصيدة:
وشقّ له من اسمه ليجلّه
…
فذو العرش محمود وهذا محمّد
[الطويل] قال ابن عيينة، عن علي بن زيد: ما سمعت أحسن من هذا البيت.
وأخرج أحمد من طريق حبة العرني، قال: رأيت عليا ضحك على المنبر حتى بدت نواجذه، ثم تذكر قول أبي طالب وقد ظهر علينا وأنا أصلّي مع النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة، فقال له: ماذا يصنعان؟ فدعاه إلى الإسلام، فقال: ما بالذي تقول من بأس، ولكن واللَّه لا يعلوني استي أبدا.
وأخرج البخاريّ في التّاريخ، من طريق طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، عن عقيل بن أبي طالب، قال: قالت قريش لأبي طالب: إن ابن أخيك هذا قد آذانا
…
فذكر القصة، فقال: يا عقيل، ائتني بمحمد. قال: فجئت به في الظهيرة، فقال: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم فانته عن أذاهم، فقال: أترون هذه الشمس «1» ؟ فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك. فقال أبو طالب: واللَّه ما كذب ابن أخي قط.
وقال عبد الرّزّاق: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عمن سمع ابن عباس في قوله تعالى: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ [الأنعام: 26]، قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهي عن أذى النبيّ صلى الله عليه وسلم وينأى عما جاء به.
وأخرج ابن عديّ من طريق الهيثم البكاء، عن ثابت، عن أنس، قال: مرض أبو طالب فعاده النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا ابن أخي، ادع ربّك الّذي بعثك يعافيني. فقال:«اللَّهمّ اشف عمّي» . فقام كأنما نشط من عقال، فقال: يا ابن أخي، إن ربك ليطيعك! فقال:«وأنت يا عمّاه لو أطعته ليطيعنك» «2» .
وفي زيادات يونس بن بكير في المغازي، عن يونس بن عمرو، عن أبي السفر، قال:
بعث أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أطعمني من عنب جنّتك. فقال أبو بكر: إن اللَّه حرّمها على الكافرين.
(1) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 2/ 187 عن عقيل بن أبي طالب والبخاري في التاريخ الكبير 4: 51. وابن حجر في المطالب العالية 4/ 192 حديث رقم 4278 وقال هذا إسناد صحيح.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 432 عن ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه مرض أبو طالب فجاءت قريش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث قال الحاكم حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
وذكر جمع من الرافضة أنه مات مسلما، وتمسكوا بما نسب إليه من قوله:
ودعوتني وعلمت أنّك صادق
…
ولقد صدقت فكنت قبل أمينا
ولقد علمت بأنّ دين محمّد
…
من خير أديان البريّة دينا
[الكامل] قال ابن عساكر في صدر ترجمته: قيل إنه أسلم، ولا يصحّ إسلامه.
ولقد وقفت على تصنيف لبعض الشيعة أثبت فيه إسلام أبي طالب، منها
ما أخرجه من طريق يونس بن بكير، [215] عن محمد بن إسحاق، عن العباس بن عبد اللَّه بن سعيد بن عباس، عن بعض أهله، عن ابن عباس، قال: لما أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا طالب في مرضه قال له: «يا عمّ، قل لا إله إلّا اللَّه- كلمة أستحلّ بها لك الشّفاعة يوم القيامة» «1» . قال: يا ابن أخي، واللَّه لولا أن تكون سبة علي وعلى أهلي من بعدي يرون أني قلتها جزعا عند الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها. فلما ثقل أبو طالب رئي يحرّك شفتيه، فأصغى إليه العباس فسمع قوله، فرفع رأسه عنه، فقال: قد قال واللَّه الكلمة التي سأله عنها.
ومن طريق إسحاق بن عيسى الهاشميّ، عن أبيه: سمعت المهاجر مولى بني نفيل يقول: سمعت أبا رافع يقول: سمعت أبا طالب يقول: سمعت ابن أخي محمد بن عبد اللَّه يقول: «إنّ ربّه بعثه بصلة الأرحام، وأن يعبد اللَّه وحده، لا يعبد معه غيره» ، ومحمد الصدوق الأمين.
ومن طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن أبي عامر الهوزني- أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج معارضا جنازة أبي طالب، وهو يقول:«وصلتك رحم» .
ومن طريق عبد اللَّه بن ضميرة، عن أبيه، عن علي- أنه لما أسلم قال له أبو طالب:
الزم ابن عمك.
ومن طريق أبي عبيدة معمر بن المثنى، عن رؤية بن العجاج، عن أبيه، عن عمران بن حصين- أن أبا طالب قال لجعفر بن أبي طالب لما أسلم قبل جناح ابن عمك، فصلى جعفر مع النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 119 بنحوه. ومسلم في الصحيح 1/ 54 عن المسيب بلفظه كتاب الإيمان (1) باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت
…
(9) حديث رقم (29/ 24)، وابن سعد في الطبقات 1: 1: 77. والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 343، وأبو عوانة في المسند 1/ 14، 15، وأورده السيوطي في الدر المنثور 5/ 134.
ومن طريق محمّد بن زكريّا الغلابيّ، عن العباس بن بكار، عن أبي بكر الهذلي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة، وهو شيخ قد عمي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا تركت الشيخ حتى آتيه «1» . قال: أردت أن يأجره اللَّه، والّذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك.
وأسانيد هذه الأحاديث واهية، وليس المراد بقوله في الحديث الأخير إثبات إسلام أبي طالب،
فقد أخرج عمر بن شبة في كتاب مكة، وأبو يعلى، وأبو بشر سمويه في فوائده، كلهم من طريق محمّد بن سلمة، عن هشام بن حسان، عن محمّد بن سيرين، عن أنس في قصة إسلام أبي قحافة، قال: فلما مدّ يده يبايعه بكى أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما يبكيك؟» قال: لأن تكون يد عمك مكان يده ويسلم ويقرّ اللَّه عينك أحبّ إليّ من أن يكون.
وسنده صحيح. وأخرجه الحاكم من هذا الوجه، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وعلى تقدير ثبوتها فقد عارضها ما هو أصحّ منها.
أما الأول
ففي الصحيحين من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبيه- أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل، وعبد اللَّه بن أبي أمية، فقال:«يا عمّ، قل لا إله إلا اللَّه كلمة أحاج لك بها عند اللَّه» . فقال له أبو جهل، وعبد اللَّه بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملّة عبد المطلب، فلم يزالا به حتى قال آخر ما قال: هو على ملّة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك» «2» .
فنزلت: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [التوبة: 113] الآية. ونزلت:
إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص: 56] .
فهذا هو الصحيح برد الرواية التي ذكرها ابن إسحاق، إذ لو كان قال كلمة التوحيد ما نهى اللَّه تعالى نبيّه عن الاستغفار له.
وهذا الجواب أولى من قول من أجاب بأن العباس ما أدّى هذه الشهادة وهو مسلم، وإنما ذكرها قبل أن يسلم، فلا يعتد بها، وقد أجاب الرافضيّ المذكور عن قوله: وهو على
(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 5/ 334 والطبراني في الكبير 9/ 29. وأورده الهيثمي في الزوائد 6/ 177 وقال رواه الطبراني والبزار وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح 5/ 66، 6/ 141، وأحمد في المسند 5/ 433 والحاكم في المستدرك 2/ 336 وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه فإن يونس وعقيلا أرسلاه ووافقه الذهبي والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 343.
ملة عبد المطلب بأن عبد المطلب مات على الإسلام، واستدل بأثر مقطوع عن جعفر الصادق. وسأذكره بعد، ولا حجة فيه، لانقطاعه وضعف رجاله.
وأما الثاني وفيه شهادة أبي طالب بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم فالجواب عنه وعما ورد من شعر أبي طالب في ذلك أنه نظير ما حكى اللَّه تعالى عن كفار قريش: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل: 14] ، فكان كفرهم عنادا، ومنشؤه من الأنفة والكبر، وإلى ذلك أشار أبو طالب بقوله: لولا أن تعيّرني قريش.
وأما الثالث وهو أثر الهوزنيّ فهو مرسل، ومع ذلك فليس في قوله:«وصلتك رحم» ما يدلّ على إسلامه، بل فيه ما يدلّ على عدمه، وهو معارضته لجنازته، ولو كان أسلم لمشى معه وصلّى عليه.
وقد ورد ما هو أصحّ منه، وهو
ما أخرجه أبو داود والنّسائيّ، وصححه ابن خزيمة من طريق ناجية بن كعب، عن علي، قال: لما مات أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الضال قد مات. فقال لي: «اذهب فواره» ، ولا تحدّثني شيئا حتّى تأتيني» «1» . ففعلت ثم جئت فدعا لي بدعوات.
وقد أخرجه الرّافضيّ المذكور من وجه آخر عن ناجية بن كعب، عن علي بدون قوله:
الضال.
وأما الرابع والخامس، وهو أمر أبي طالب ولديه باتباعه فتركه ذلك هو من جملة العناد، وهو أيضا من حسن نصرته له وذبه عنه ومعاداته قومه بسببه.
وأما قول أبي بكر فمراده لأنا كنت أشدّ فرحا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، أي لو أسلم.
ويبين ذلك
ما أخرجه أبو قرّة موسى بن طارق، عن موسى بن عبيدة، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده يوم فتح مكة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«ألا تركت الشّيخ حتّى تأتيه؟» قال أبو بكر: أردت أن يأجره اللَّه، والّذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام أبي طالب لو كان أسلم مني بأبي.
وذكر ابن إسحاق أنّ عمر لما عارض العباس في أبي سفيان لما أقبل به ليلة الفتح، فقال له العباس: لو كان من بني عدي ما أحببت أن يقتل. فقال عمر: إنا بإسلامك إذا
(1) أخرجه النسائي في السنن 1/ 110 كتاب الطهارة باب 128 الغسل من مواراة المشرك حديث رقم 190. وأحمد في المسند 1/ 131، وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 348.
أسلمت أفرح مني بإسلام الخطاب، يعني لو كان أسلم.
ثم ذكر الرّافضيّ من طريق راشد الحماني، قال: سئل أبو عبد اللَّه- يعني جعفر بن محمّد الصادق من أهل الجنة؟ فقال: الأنبياء في الجنة، والصالحون في الجنة، والأسباط في الجنة، وأجل العالمين مجدا محمّد صلى الله عليه وسلم، يقدم آدم فمن بعده من آبائه، وهذه الأصناف يحدثون به ويحشر عبد المطلب به نور الأنبياء، وجمال الملوك، ويحشر أبو طالب في زمرته، فإذا ساروا بحضرة الحساب وتبوّأ أهل الجنة منازلهم، ودحر أهل النار ارتفع شهاب عظيم لا يشكّ من رآه أنه غيم من النار، فيحضر كلّ من عرف ربّه من جميع الملل، ولم يعرف نبيه، ومن حشر أمة وحده، والشيخ الفاني، والطفل، فيقال لهم: إن الجبّار تبارك وتعالى يأمركم أن تدخلوا هذه النار، فكلّ من اقتحمها خلص إلى أعلى الجنان، ومن كع «1» عنها غشيته.
أخرجه عن أبي بشر أحمد بن إبراهيم بن يعلى بن أسد، عن أبي صالح الحمادي، عن أبيه، عن جده: سمعت راشدا الحماني
…
فذكره.
وهذه سلسلة شيعية غلاة في رفضهم، والحديث الأخير ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة، ومن ولد أكمه أعمى أصم، ومن ولد مجنونا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك، وأن كلّا منهم يدلي بحجة ويقول: لو عقلت أو ذكرت لآمنت، فترفع [216] لهم نار، ويقال لهم: ادخلوها، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن امتنع أدخلها كرها.
هذا معنى ما ورد من ذلك. وقد جمعت طرقه في جزء مفرد، ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو، لكن ورد في أبي طالب ما يدفع ذلك، وهو ما تقدم من آية براءة،
وما ورد في الصحيح عن العباس بن عبد المطلب أنه قال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمّك أبي طالب! فإنه كان يحوطك ويغضب لك، فقال:«هو في ضحضاح «2» من النّار، ولولا أنا لكان في الدّرك الأسفل» «3» .
(1) الكع والكاعّ: الضعيف العاجز، قال ابن المظفّر: رجل كعّ كاعّ وهو الّذي لا يمضي في عزم ولا خرم وهو الناكص على عقبيه. اللسان 5/ 3891.
(2)
الضحضاح في الأصل: ما رق من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين، فاستعاره للنار. النهاية 3/ 75.
(3)
أخرجه البخاري في الصحيح 5/ 65، 8/ 57. ومسلم في الصحيح 1/ 194 عن العباس بن عبد المطلب بن عبد المطلب بزيادة في أوله كتاب الإيمان- باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب
…
(90) حديث رقم (357/ 209) ، وأحمد في المسند 1/ 206، 207، 210 وعبد الرزاق في المصنف 9939، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 3409، وابن عساكر في التاريخ 3/ 107.
فهذا شأن من مات على الكفر، فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلا.
والأحاديث الصحيحة، والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك، وقد فخر المنصور على محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن لما خرج بالمدينة وكاتبه المكاتبات المشهورة، ومنها في كتاب المنصور: وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وله أربعة أعمام، فآمن به اثنان أحدهما أبي، وكفر به اثنان أحدهما أبوك.
ومن شعر عبد اللَّه بن المعتز يخاطب الفاطميين:
وأنتم بنو بنته دوننا
…
ونحن بنو عمّه المسلم
[المتقارب]
وأخرج الرّافضيّ أيضا في تصنيفه قصة وفاة أبي طالب من طريق علي بن محمّد بن متيم: سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول: تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملّته، وأوصاني أن أدفنه في قبره، فأخبرت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب فواره. وأتيته لما أنزل به فغسلته وكفنته، وحملته إلى الحجون فنبشت عن قبر عبد المطلب، فوجدته متوجها إلى القبلة فدفنته معه.
قال متيم: ما عبد علي ولا أحد من آبائه إلا اللَّه إلى أن ماتوا. أخرجه عن أبي بشر المتقدم ذكره عن أبي بردة السلمي، عن الحسن بن ما شاء اللَّه، عن أبيه، عن علي بن محمّد بن متيم.
وهذه سلسلة شيعية من الغلاة في الرّفض، فلا يفرح به، وقد عارضه ما هو أصح منه مما تقدم فهو المعتمد، ثم استدل الرافضيّ بقول اللَّه تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف: 157] قال: وقد عزّره أبو طالب بما اشتهر وعلم، ونابذ قريشا وعاداهم بسببه مما لا يدفعه أحد من نقلة الأخبار، فيكون من المفلحين. انتهى.
وهذا مبلغهم من العلم، وإنا نسلم أنه نصره وبالغ في ذلك، لكنه لم يتبع النّور الّذي أنزل معه، وهو الكتاب العزيز الداعي إلى التوحيد، ولا يحصل الفلاح إلا بحصول ما رتب عليه من الصفات كلها.
وقال المرزباني: مات أبو طالب في السنة العاشرة من المبعث، وكان له يوم مات بضع وثمانون سنة.
وذكر ابن سعد، عن الواقدي- أنه مات في نصف شوال منها.
وقد وقعت لنا رواية أبي طالب عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الخطيب في كتاب رواية الآباء عن الأبناء، من طريق أحمد بن الحسن المعروف بدبيس: حدثنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم العلويّ، حدثني عم أبي الحسين بن محمّد، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمّد ابن أخي، وكان واللَّه صدوقا، قال: قلت له: بم بعثت يا محمّد؟ قال: «بصلة الأرحام، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة» .
قال الخطيب: لم أكتبه بهذا الإسناد إلا عن هذا الشيخ، ودبيس المقرئ صاحب غرائب، وكثير الرواية للمناكير. ز
وقال الخطيب أيضا: أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمّد بن فارس بن حمدان، حدثنا علي بن السراج البرقعيدي، حدثنا جعفر بن عبد الواحد القاص، قال: قال لنا محمّد بن عباد، عن إسحاق عن عيسى، عن مهاجر مولى بني نوفل، سمعت أبا رافع أنه سمع أبا طالب يقول: حدثني محمّد أن اللَّه أمره بصلة الأرحام، وأن يعبد اللَّه وحده لا يعبد معه أحد، ومحمّد عندي الصدوق الأمين.
قال الخطيب: لا يثبت هذا الحديث أهل العلم بالنقل، وفي إسناده غير واحد من المجهولين، وجعفر ذاهب الحديث.
وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا إسحاق الأزرق، حدثنا عبد اللَّه بن عون، عن عمرو بن سعيد- أنّ أبا طالب قال: كنت بذي المجاز مع ابن أخي، فأدركني العطش، فشكوت إليه ولا أرى عنده شيئا، قال: فثنى وركه، ثم نزل فأهوى بعصاه إلى الأرض، فإذا بالماء، فقال: اشرب يا عم، فشربت.
ومما لم يذكره الرّافضيّ من الأحاديث الواردة في هذا الباب ما
أخرجه تمام الرازيّ في فوائده، من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد اللَّه بن عمر- رفعه- أنه إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي، وأمّي، وعمّي أبي طالب، وأخ لي كان في الجاهلية.
وقال تمّام: الوليد منكر الحديث. قال ابن عساكر: والصحيح ما
أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدريّ- أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر عنده أبو طالب فقال: «ينفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النّار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه» .