الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- بعد أن حمد اللَّه وأثنى عليه: «إنّي لرسول اللَّه إليكم بالآيات البيّنات، وإنّ أسفل منبري هذا لرجل من سعد العشيرة قدم يريد الإسلام، ولم أره قط، ولم يرني إلّا في ساعتي هذه، وسيحدّثكم بعد أن أصلّي عجبا» . قال: فصلى وقد مليت منه عجبا، فلما صلى قال لي:
«ادن يا أخا سعد العشيرة، حدّثنا خبرك وخبر صافي وقرّاط» ، يعني كلبه وصنمه. قال:
فقمت على قدمي فحدثته حديثي حتى أتيت على آخره، فرأيت وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كأنه للسرور مذهب، فدعاني إلى الإسلام وقرأ عليّ القرآن فأسلمت «1»
…
الحديث.
وكذا أخرجه أبو سعد النّيسابوريّ في «شرف المصطفى» مطوّلا، وفي آخره: ثم استأذنته في القدوم على قومي، فأتيتهم ورغّبتهم في الإسلام [191] فأسلموا، فأتيت بهم النبيّ صلى الله عليه وسلم،
وفي ذلك أقول:
تبعت رسول اللَّه إذ جاء بالهدى
…
وخلّفت قرّاطا بدار هوان
فمن مبلغ سعد العشيرة أنّني
…
شريت الّذي يبقى بما هو فان
[الطويل]
9876- أبو ذباب:
آخر.
ذكره الفاكهي من طريق محمد بن يعقوب بن عتبة عن أبيه، عن الحارث بن أبي ذباب، عن أبيه العباس: أنشد النبي صلى الله عليه وسلم قول قصي بن كلاب:
أنا ابن العاصمين بني لؤيّ
…
بمكّة مولدي وبها ربيت
لي البطحاء قد علمت معدّ
…
وبرزتها رضيت بها رضيت
فلست بغالب إن لم تأمّل
…
بها أولاد قيذر والنّبيت
[الوافر]
9877- أبو ذرّ الغفاريّ
الزاهد المشهور الصادق اللهجة «2» .
مختلف في اسمه واسم أبيه. والمشهور أنه جندب بن جنادة بن سكن. وقيل: عبد اللَّه. وقيل اسمه بربر، وقيل بالتصغير، والاختلاف في أبيه كذلك إلا في السكن: قيل يزيد وعرفة، وقيل اسمه هو السكن بن جنادة بن قيس بن [
…
] بن عمرو بن مليل، بلامين مصغرا، ابن صغير، بمهملتين مصغرا، ابن حرام، بمهملتين، ابن غفار، وقيل: اسم جده
(1) أورده الهيثمي في الزوائد 3/ 20 وقال رواه أحمد وفيه علي بن زيد وفيه كلام وهو موثق، والسيوطي في الدر المنثور 6/ 38.
(2)
أسد الغابة ت 5869، الاستيعاب ت 2985.
سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار، واسم أمه رملة بنت الوقيعة غفارية أيضا، ويقال: إنه أخو عمرو بن عبسة لأمه.
وقع في رواية لابن ماجة أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: «يا جنيدب» .
بالتصغير.
وهذا الاختلاف في اسمه واسم أبيه أسنده كلّه ابن عساكر إلى قائليه، وقال هو: إن بريرا «1» تصحيف [بريق]«2» . وكذا زيد ويزيد وعرفة.
وكان من السابقين إلى الإسلام، وقصة إسلامه في الصحيحين على صفتين بينهما اختلاف ظاهر،
فعند البخاري من طريق أبي حمزة عن ابن عباس، قال: لما بلغ أبا ذر مبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأخيه: «اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيّ يأتيه الخبر من السّماء، واسمع من قوله ثمّ ائتني» .
فانطلق الأخ حتى قدم وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، ويقول كلاما ما هو بالشعر، فقال: ما شفيتني مما أردت، فتزوّد وحمل شنّة فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل فاضطجع فرآه عليّ فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظلّ ذلك اليوم ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمرّ به عليّ، فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله، فأقامه فذهب به معه لا يسأل أحدهما صاحبه عن شيء حتى كان اليوم الثالث، فعل مثل ذلك، فأقامه، فقال: ألا تحدّثني ما الّذي أقدمك؟ قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا أن ترشدني فعلت. ففعل فأخبره، فقال: إنه حقّ، وإنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإذا أصبحت فاتبعني، فإنّي إن رأيت شيئا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتّبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه، وسمع من قوله، فأسلم مكانه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«ارجع إلى قومك فأخبرهم حتّى يأتيك أمري» «3» . فقال:
والّذي نفسي بيده لأصرخنّ بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته:
أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا عبده ورسوله، فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكبّ عليه، وقال: ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار! وأنه من طريق
(1) في (أ) : بريق.
(2)
سقط في (أ) .
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 60 ومسلم 4/ 1923 في كتاب فضائل الصحابة باب 28 فضائل أبي ذر حديث رقم 133- 2474 وأحمد في المسند 4/ 114، والبيهقي في دلائل النبوة 1/ 79.
تجارتكم «1» إلى الشام؟ فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه، فأكبّ العباس عليه.
وعند مسلم من طريق عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذرّ في قصة إسلامه: وفي أوله: صليت قبل أن يبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم حيث وجّهني اللَّه، وكنا نزلا مع أمّنا على خال لنا، فأتاه رجل، فقال له: إن أنيسا يخلفك في أهلك، فبلغ أخي، فقال: واللَّه لا أساكنك، فارتحلنا، فانطلق أخي، فأتى مكة، ثم قال لي: أتيت مكة فرأيت رجلا يسمّيه الناس الصابئ هو أشبه الناس بك. قال: فأتيت مكة فرأيت رجلا، فقلت: أين الصابئ؟ فرفع صوته عليّ فقال:
صابئ صابئ! فرماني الناس حتى كأني نصب «2» أحمر، فاختبأت بين الكعبة وبين أستارها، ولبثت فيها بين خمس عشرة من يوم وليلة ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم، قال: ولقينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقد دخلا المسجد، فو اللَّه إنّي لأوّل الناس حيّاه بتحية الإسلام، فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه. فقال: «وعليك السّلام ورحمة اللَّه. من أنت؟» فقلت: رجل من بني غفار، فقال صاحبه: ائذن لي يا رسول اللَّه في ضيافته الليلة، فانطلق بي إلى دار في أسفل مكة، فقبض لي قبضات من زبيب، قال: فقدمت على أخي فأخبرته أني أسلمت، قال: فإنّي على دينك، فانطلقنا إلى أمنا فقالت: فإنّي على دينكما. قال:
وأتيت قومي فدعوتهم. فتبعني بعضهم.
وروينا في قصة إسلامه خبرا ثالثا تقدمت الإشارة إليه في ترجمة أخيه أنيس، ويقال:
إن إسلامه كان بعد أربعة، وانصرف إلى بلاد قومه، فأقام بها حتى قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة، ومضت بدر وأحد، ولم تتهيأ له الهجرة إلا بعد ذلك، وكان طويلا أسمر اللون نحيفا.
وقال أبو قلابة، عن رجل من بني عامر: دخلت مسجد مني فإذا شيخ معروق آدم، عليه حلّة قطري «3» ، فعرفت أنه أبو ذر بالنعت.
وفي مسند يعقوب بن شيبة، من رواية سلمة بن الأكوع- أنّ أبا ذر كان طويلا.
وأخرج الطّبرانيّ من حديث أبي الدرداء قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده إذا غاب.
(1) في أتجاركم.
(2)
النصب: هي الآلهة التي كانت تعبد من الأحجار اللسان 6/ 4435.
(3)
هو ضرب من البرود فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين، وقال الأزهريّ: في أعراض البحرين قرية يقال لها: مطر، وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها فكسروا القاف للنسبة وخففوا. النهاية 4/ 80.
وأخرج أحمد من طريق عراك بن مالك، قال: قال أبو ذر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أقربكم منّي مجلسا يوم القيامة من خرج من الدّنيا كهيئته يوم تركته فيها، وإنّه واللَّه ما منكم من أحد إلّا وقد نشب «1» فيها بشيء غيري» «2»
رجاله ثقات، إلا أن عراك بن مالك عن أبي ذر منقطع.
وقد أخرج أبو يعلى معناه من وجه آخر عن أبي ذر متصلا، لكن سنده ضعيف،
قال الإمام أحمد في كتاب الزهد: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا محمد بن عمرو، سمعت عراك بن مالك يقول: قال أبو ذر: إني لأقربكم مجلسا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وذلك أني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:«أقربكم منّي مجلسا يوم القيامة من خرج من الدّنيا كهيئته يوم تركته فيها، وإنّه واللَّه ما منكم من أحد إلّا وقد نشب فيها بشيء غيري» .
وهكذا أورده في المسند، وأظنه منقطعا، لأن عراكا لم يسمع من أبي ذر.
روى أبو ذرّ عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه أنس، وابن عباس، وأبو إدريس الخولانيّ، وزيد بن وهب الجهنيّ، والأحنف بن قيس، وجبير بن نفير، وعبد الرحمن بن تميم، وسعيد بن المسيب، وخالد بن وهبان ابن خالة أبي ذر، ويقال ابن أهبان، وقيل ابن أخيه، وامرأة أبي ذر «3» ، وعبد اللَّه بن الصامت، وخرشة بن الحر، وزيد بن ظبيان، وأبو أسماء الرّحبي، وأبو عثمان النهدي، وأبو الأسود الدؤلي، والمعرور بن سويد، ويزيد بن شريك، وأبو مراوح الغفاريّ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الرحمن بن حجيرة، وعبد الرحمن بن شماسة، وعطاء بن يسار، وآخرون.
قال أبو إسحاق السّبيعيّ، عن هانئ بن هانئ، عن علي: أبو ذر وعاء مليء علما ثم أوكئ عليه.
أخرجه أبو داود بسند جيد،
وأخرجه أبو داود أيضا، وأحمد عن عبد اللَّه بن عمرو:
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أقلت الغبراء ولا أظلّت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذرّ» .
(1) يقال: نشب بعضهم في بعض أي دخل وتعلق، ونشب في الشيء إذا وقع فيما لا مخلص له منه. النهاية 5/ 52.
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية 1/ 162 قال الهيثمي في الزوائد 9/ 330 رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن عراك بن مالك لم يسمع من أبي ذر فيما أحسب واللَّه أعلم. وكنز العمال حديث رقم 1068، 36891.
(3)
في أأبي ذر وقيل: ابن أخته وعبد اللَّه بن الصامت.