الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتل، وروي ذلك عن أشهب وقيل يزجر عن ذلك، ويؤدب عليه وهو قول مالك في العتبية وليس قول الرجل الشمس أو القمر ينكسف غدا أو نقصان في الشهر، وتمامه من عمل النجوم وليس بكفر لأنه يعرف بالحساب لكنه يكره الاشتغال به لأنه مما لا يعني وفي الإخبار به قبل أن يكون ضرر في الدين على من سمعه من الجهال فيظن ذلك من علم الغيب فيزجر قائله ويؤدب عليه، وكره المازري النظر في الاصطرلابات والصحيفة لأن العمل بها لا يمكن إلا بعد التعمق في علم النجوم.
(ولا يتخذ كلب في الدور في الحضر ولا في دور البادية إلا لزرع أو ماشية يصحبها في الصحراء ثم يروح معها أو لصيد يصطاده لعيشه لا للهو):
يريد إلا أن يصطر فيتخذه حتى يزول المانع ويذكر أن أبا محمد بن أبي زيد وقع له حائط من داره وكان يخاف على نفسه من الشيعة فاتخذ كلبا لذلك، قال الفاكهاني: وانظر على قول من أجاز الصيد للهو من غير كراهة هل يجوز له اتخاذ الكلب لذلك وهو الذي يظهر والله أعلم لكن لم أره منقولا واختلف الشافعية هل يجوز اتخاذ الكلب لحراسة الدواب والحوائط الكبار للضرورة في ذلك أم لا؟ على قولين.
(ولا بأس بخصاء الغنم لما فيه من صلاح لحومها ونهي عن خصاء الخيل):
الخصاء ممدود والفرق بين خصاء الغنم والخيل أن الغنم تراد للأكل فليس في خصائها ما يمنع ذلك بما فيه إصلاح له ومعونة عليه وليس كذلك الخيل لأنها إنما تراد للركوب والجهاد عليه وذلك ينقص قوتها ويضعفها ويقل نسلها وأما الفرس يكلب فيجوز أن يخصى قاله بعض الشيوخ وقبله الفاكهاني وأما الآدمي فلا خلاف في منع خصائه.
(ويكره الوسم في الوجه ولا بأس به في غير ذلك):
قال الفاكهاني: رويناه بالشين المعجمة ليس إلا.
قال الله تعالى (لا يكلف الله نفسها إلى وسعها)[البقرة: 268]، وقال (ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) [البقرة: 286]، وقال صلى الله عليه وسلم "وأوصيكم بالضعيفين المرأة والمملوك".
باب في الرؤية والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد وغيره والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك
قال أبو إسحاق الاسفرائيني الرؤيا هي عبارة عن أمثلة يدركه الرائي بجزء لم يصبه آفات النوم وتلك الأمثلة تدل على معان وقيل هي رؤية القلب.
(قال الرسول عليه السلام الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة ومن رأى منكم ما يكره في منامه فإذا استيقط فليتفل عن يساره ثلاثا وليقل: اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت في منامي أن يضرني في ديني ودنياي):
اختلفت الروايات في هذا الحديث فروي سنة وأربعون جزءا من النبوة وروي خمسة وأربعون جزءا، وروي من سبعين وانظر المازري في كيفية الجمع بين ذلكز
(ومن تثاءب فليضع يده على فيه):
يقال: تثاءب بالمد مخفف وكذلك وقع في بعض نسخ مسلم وفي أكثرها تثاوب بالواو قال العلماء: وإنما أمر بكظم التثاؤب ورده ووضع اليد على الفم لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله في فيه وضحكه منه.
(ومن عطس فليقل: الحمد لله وعلى من سمعه يحمد الله أن يقول له يرحمك الله ويرد العاطس يغفر الله لنا ولكم أو يقول يهديكم الله ويصلح بالكم):
قال ابن الفرس: ويزيد رب العالمين عند ابن مسعود وعلى كل حال عند ابن عمرو حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه عند غيرهما ويقال ذلك جهرا، واختلف في هذا القول فقيل: سنة وقيل مستحب وأما التشميت قال في البيان قيل فرض عين وقيل فرض كفاية وقيل ندب وإرشاد والأول أشهر.
قلت: وظاهر كلام الشيخ أن رد السامع فرض لقوله وعلى من سمعه يحمد الله أن يقول: يرحمك الله، ولو تكرر العطاس سقط تشميته ودليله ما في مسلم عن سلمة بن الأكوع أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عطس رجل عند فقال "يرحمك الله" ثم عطس أخرى، فقال رسور الله صلى الله عليه وسلم "الرجل مزكوم" وفي الترمذي في الثالثة أنه مزكوم.
(ولا يجوز اللعب بالنرد ولا بالشطرنج ولا بأس أن يسلم على من يلعب بها ويكره الجلوس إلى من يلعب بها والنظر إليهم):
واللعب بذلك جرحة وإن لم يدمن وقيل بشرط الإدمان ولا حد في الإدمان ويرجع فيه إلى العرف وقيل من لعب به أكثر من مرة واحدة في السنة، ويريد بقوله لا بأس أن يسلم على من يلعب بها إذا كان بعد انصرافهم وفراغتهم من اللعب فإما في حالة اللعب فلا يجوز لأنهم متلبسون بالمعصية ألا ترى إلى قوله ولا يجوز اللعب بالنرد، وفي العتبية سئل مالك أيسلم على اللاعب بالشطرنج فقال نعم أو ليسوا
مسلمين، وتأوله ابن رشد على ما ذكرناه من أن معنى ذلك إذا انصرفوا من لعبهم وكان بعض من لقيناه من القرويين يحمل ما في العتبية على ظاهره ولا يفتى به وما ذكر من كراهة الجلوس محمول على التحريم.
(ولا بأس بالسبق بالخيل وبالإبل وبالسهام بالرمي وإن أخرجا شيئا جعلا بينهما محللا يأخذ ذلك المحلل إن سبق هو وإن سبق غيره لم يكن عليه شيء هذا قول ابن المسيب وقال مالك: إنما يجوز ويخرج الرجل سبقا فإن سبق غيره أخذه وإن سبق هو كان للذي يليه من المتسابقين وإن لم يكن غير جاعل السبق وآخر فسبق جاعل السبق أكله من حضر ذلك):
شروط المسابقة أن يجهل كل واحد منهما فرس صاحبه وأن يكونا بالغين ومعرفة انتهاء الغاية وأن يخرج أحدهما مثل ما يخرجه الآخر، وقيل يجوز التفاضل وهو المشهور وإن يقصد بذلك القوة على الجهاد.
(وجاء فيما ظهر من الحيات بالمدينة أن تؤذن ثلاثا وإن فعل ذلك في غيرها فهو حسن ولا تؤذن في الصحراء ويقتل ما ظهر منها):
قال ابن شاس: واختلف في الاستئذان المشروع فقيل: ثلاثة في خرجة واحدة وقيل مرة في كل خرجة وقيل: ثلاثة أيام وإن ظهرت اليوم الواحد مرارا.
قال الفاكهاني: قيل وقول الشيخ ثلاث مرات يحتمل ثلاث ليال وفي الحديث ثلاث أيام رفع للاحتمال، وصفة الاستئذان أن يقول أنشدتكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان ابن داود عليهما السلام أن لا تؤذونا أو تظهروا علينا وهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره عياض في إكماله من رواية ابن حبيب.
(ويكره قتل القمل والبراغيث بالنار):
دليل ذلك ما جاء في الحديث "لا يعذب بالنار إلا رب النار" قال التادلي: وهذا ما لم يضطر فيجوز قتلها بالنار لأن في قتلها بغير النار حرجا ومشقة ويجوز نشرها للشمس.
(ولا بأس إن شاء الله يقتل النمل إذا آذت ولم يقد على تركها ولو لم تقتل كان أحب إلينا إن كان يقدر على تركها):
مفهوم كلام الشيخ إنها إذا لم تؤذ فإنها لا تقتل كقول الخطابي لا تقتل النملة الحمراء الطويلة القوائم لأنه لا تحصل منها إذاية وما ذكر الشيخ هو معنى قول مالك وكان الشيخ لم يقف عليه لمالك من عنده لقوله إن شاء الله.
(ويقتل الوزغ):
هذا لما في مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الوزغ وسماه "الفويسقة" وفيه أيضا "من قتل وزغة في أول ضربة كتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك"، قال ابن رشد وكذلك يقتل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله من العقرب والفأرة والحدأة والغراب والكلب العقور.
(ويكره قتل الضفادع):
الأصل في ذلك ما في النسائي أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله قال عبد الوهاب كان الأصل منع إتلاف الحيوان إلا لمنفعة ورفع ضرر ولا ضرر في الضفدع.
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي أو فاجر شقي أنتم بنو آدم من تراب):
لأن المفاخرة بالأنساب تؤدي إلى إيقاع العداوة والبغض وذلك ممنوع لأنه مؤد إلى الهجر والفساد ولأن الله تعالى قال (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)[الحجرات: 13]
فأخبر تعالى أن الفضل عند بالتقوى دون النسب وعبية العين المهملة وكسرها ومعناه الكبر والتجبر.
(وقال عمر تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم قال مالك أن يرفع في النسبة فيما قبل الإسلام من الآباء):
قال التادلي: يريد وجوبا لأن صلة الرحم واجبة فوسيلته كذلك.
(والرؤيا الصالحة جزء من سنة وأربعين جزءًا من النبوة ومن رأى في منامه ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا وليتعوذ من شر ما رأى):
قال الفاكهاني: قد تقدم مستوعبا وما أدري لم أعاده الشيخ رحمه الله تعالى، ونفع به.
(ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها ولا يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه):
قال التادلي: يريد إلا إذا كان عالما بأصول التفسير وهي الكتاب والسنة وكلام العرب وأشعارها وأمثالها وكان له فضل وصلاح فراسة ولا يعبرها بالنظر في كتاب
العبارات ويفتي بذلك على جهة التقليد لذلك فإن ذلك لا يجوز لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان قال الفاكهاني: ولا ينبغي على التحريم لأنه يكون كاذبا أو مخمنا قال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم)[الإسراء: 36].
(ولا بأس بإنشاد الشعر وما خف من الشعر أحسن ولا ينبغي أن يكثر منه ومن الشغل به):
إنشاد ما خف من الشعر جائز بلا خلاف وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر في المسجد وغيره، وقال عليه السلام "إن من الشعر لحكمة" وقال عليه الصلاة والسلام "أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد".
ألا كل شيء ما خلا الله باطل"
وقال لحسان " أنشد ومعك روح القدس" قال عبد الوهاب: والإكثار منه مكروه لأنه يشغل عن الحلال والحرام، قال الطرطوشي: ولأن أطيبه أكذبه قال ابن الفرس وقد منع قوم قليله وكثيره.
(وأولى العلوم وأفضلها وأقربها إلى الله علم دينه وشرائعه مما أمر به ونهى عنه ودعا إليه وحض عليه في كتابه وعلى لسان نبيه والفقه في ذلك والفهم فيه والتهمم برعايته والعمل به والعلم أفضل الأعمال وأقرب العلماء إلى الله وأولادهم به أكثرهم له خشية وفيما عند رغبة والعلم دليل على الخيرات وقائد إليها):
قال الفاكهاني: هذا قد تقدم في أول الكتاب فراجعه هناك فلا معنى للإعادة.
(واللجأ إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه السلام واتباع سبل المؤمنين وخير القرون من خير أمة أخرجت للناس نجاة في المفرع إلى ذلك العصمة وفي اتباع سبيل السلف الصالح النجاة وهم القدوة في تأويل ما تأولوه واستخراج ما استنبطوه وإذا اختلفوا في الفروع والحوادث يخرج عن جماعتهم والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله):
اللجأ بفتح اللام والجيم والملتجأ بمعنى واحد وهو في اللغة بمعنى الاستناد على الشيء والاعتماد عليه، وكتاب لله المراد به القرآن لأنه غلب إطلاقه على ذلك وإلا فكتب الله المنزلة تزيد على المائة، والمفزع هو الملجأ يعني فزعت إلى كذا لجأت إليه والعصمة الحفظ وخص الفروع بالذكر في قوله وإذا اختلفوا في الفروع والأحاديث
لأنهم متفقون على أصول التوحيد وسائر الاعتقادات المتعلقة بذلك مما يجب لله تعالى وما يجوز في حقه وما يستحيل عليه فكلام الشيخ كالنص في أن خرق الإجماع لا يجوز وهو كذلك قال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى)[النساء: 115]
الآية ويقوم من كلام الشيخ جواز إمامة المخالف في الفروع الطنية وهو كذلك بإجماع عند المارزي باختلاف عند اللخمي.
(قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد قد أتينا على ما شرطنا أن نأتي به في كتابنا هذا مما ينتفع به إن شاء الله من رغب في تعليمه ذلك من الصغار ومن احتاج إليه من الكبار وفيه ما يؤدي الجاهل إلى علم ما يعتقده من دينه ويعمل به من فرائضه ويفهم كثيرا من أصول الفقه وفنونه ومن السنن والرغائب والآداب وأنا أسأل الله أن ينفعنا وإياك بما علمنا ويعيننا وإياك على القيام بحقه فيما كلفنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على نبيه وآله وسلم تسليما):
يقول مؤلف هذا المختصر وهو أبو القاسم بن عيسى بن ناجي التونسي القروي: أطلب ممن وقف على مختصري هذا لو رأى فيه خرقا أن يتجاوز عن خشونة الكلام فإنه لا معصوم إلا من عصمه الله تعالى وأطلب منه أن يدعو لي بالمغفرة والرحمة ولوالدي وللمسلمين أجمعين.
(يقول مصححه الراجي عفو به الكريم ابن الشيخ حسن الفيومي إبراهيم):
نحمدك اللهم أن أرشدت من اخترت لتبليغ دينك القويم. ودللت الهداة إلى سبل الخيرات فسلكوا أنهج طريق إلى رضا ربهم البر الرحيم، ونصلي ونسلم على الرسول المرسل رحمة للعالمين، سيدنا محمد القائل "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وآله الهادين، وصحابته أجمعين.
وبعد:
فقد قيض الله جلت قدرته لنشر شرعه بين طلابه، حتى لا يتمكن حاجب فضل من ستره عن أصحابه، أناسا نظر لهم بعين عنايته، وأيدهم بوفور فضله ومنته، فاستخرجوا دفين فنون الفضائل، من تربة الإهمال بعد أن كاد يقضي عليها طول عهد مؤلفيها الأماثل، من ذلك أن انتدب سلطان العلماء العاملين، وسيد الجهابذة المحققين، صاحب السيف والقلم، وينبوع الحكمة والحكم، فرع الشجرة المباركة النبوية، ومفخر السلالة الطاهرة العلوية، من دان لمكانته القاصي والداني، واعترف الزمان بأن ليس يدانيه ثاني، جلالة مولانا عبد الحفيظ سلطان المغرب الأقصى السابق ابن السلطان مولاي الحسن ابن السلطان
مولاي محمد رفع الله قدره وأدام فخره بأن عنى حفظه الله بنشر لواء العلم النافع بين طلابه ففتح لهم بذلك ما استغلق عليهم من أبوابه، فتقدم بأمره السامي لجناب الحاج محمد بن العباس بن شقرون خديم المقام العالي بالله الآن بثغر طنجة ووكيل دولة المغرب الأقصى سابقا بمصر بطبع شرحي الرسالة ورسالة ابن أبي زيد القيرواني الأول لهما: شرح العلامة زروق الفاسي والثاني: شرح العلامة ابن ناجي فأناط حفظه الله ورعاه بهذا التوكيل نجله الشاب النجيب، والفاضل الأديب الحاج عبد السلام ابن شقرون فقام بهذه الخدمة الجليلة، وباشر بنفسه أمر ذلك إحرازا لتلك الفضيلة فتم ولله الحمد طبعهما على وفق المرام، وكان بذلك قرة عين أهل العلم الأعلام، وذلك بالمطبعة الجمالية ذات الأدوات البهية، الكائنة بمصر المحمية. أوائل شهر شوال المعظم لسنة 1332 هجرية وعلى صاحبها أفضل الصلاة وأتم التحية والحمد لله أولا وآخرًا.