المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الثالث ‌ ‌تابع القسم الثاني: شرح الأشموني على ألفية بن مالك - شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٣

[الأشموني، أبو الحسن]

الفصل: ‌ ‌المجلد الثالث ‌ ‌تابع القسم الثاني: شرح الأشموني على ألفية بن مالك

‌المجلد الثالث

‌تابع القسم الثاني: شرح الأشموني على ألفية بن مالك المسمى "منهج المسالك إلى ألفية بن مالك

"

‌البدل

البدل:

"تعريفه":

561-

التَّابِعُ المَقْصُودُ بِالحُكْمِ بِلَا

وَاسِطَةٍ هُوَ المُسَمَّى بدلًا

في اصطلاح البصريين "بدلًا" وأما الكوفيون فقال الأخفش: يسمونه بالترجمة والتبيين، وقال ابن كيسان يسمونه بالتكرير.

فالتابع: جنس والمقصود بالحكم يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق سوى المعطوف ببل ولكن بعد الإثبات، وبلا واسطة يخرج المعطوف بهما بعده.

"أنواع البدل":

566-

"مُطَابِقًا أَو بَعْضَاً أَو مَا يَشْتَمِل

عَلَيهِ يُلفَى أَو كَمَعْطُوفٍ بِبَل"

أي يجيء البدل على أربعة أنواع:

الأول بدل كل من كل وهو بدل الشيء مما يطابق معناه نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ} 1، وسماه الناظم البدل المطابق؛ لوقوعه في اسم الله تعالى، نحو:

1 الفاتحة: 6 و7.

ص: 3

{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} 1 في قراءة الجر، وإنما يطلق "كل" على ذي أجزاء وذلك ممتنع هنا.

والثاني: بدل بعض من كل وهو بدل الجزء من كله، قليلاً كان ذلك الجزء أو مساويا أو أكثر نحو أكلت الرغيف ثلثه أو نصفه أو ثلثيه، ولا بد من اتصاله بضمير يرجع للمبدل منه مذكور كالأمثلة المذكورة وكقوله تعالى:{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم} 2 أو مقدر نحو: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} 3 أي منهم.

والثالث: بدل الاشتمال وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه بطريق الإجمال كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه، وسرق زيد ثوبه أو فرسه، وأمره في الضمير كأمر بدل البعض فمثال المذكور ما تقدم من الأمثلة، ومثله قوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} 4 ومثل المقدر قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} 5 أي النار فيه، وقيل الأصل ناره ثم نابت "أل" عن الضمير.

والرابع البدل المباين، وهو ثلاثة أقسام أشار إليها بقوله:

567-

"وَذَا لِلاِضْرَابِ اعْزُ إِنْ قَصْدًا صَحِبْ

وَدُونَ قَصْدٍ غَلَطٌ بِهِ سُلِبْ"

أي: تنشأ أقسام هذا النوع الأخير من كون المبدل منه قصد أولاً لأن البدل لا بد أن يكون مقصودا كما عرفت في حد البدل، فالمبدل منه إن لم يكن مقصودا ألبتة وإنما سبق اللسان إليه فهو بدل الغلط أي بدل سببه الغلط لأنه بدل عن اللفظ الذي هو غلط لا أنه نفسه غلط، وإن كان مقصودا فإن تبين بعد ذكره فساد قصده فبدل نسيان أي بدل شيء ذكر نسيانا وقد ظهر أن الغلط متعلق باللسان والنسيان متعلق بالجنان، والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما فسموا النوعين بدل غلط وإن كان قصد كل واحد من المبدل منه والبدل صحيحا فبدل الإضراب ويسمى أيضا بدل البداء.

1 إبراهيم: 1.

2 المائدة: 71.

3 آل عمران: 97.

4 البقرة: 217.

5 البروج: 5، 4.

ص: 4

ثم أشار إلى أمثلة الأنواع الأربعة على الترتيب بقوله:

568-

كَزُرْهُ خَالِدَا وَقَبِّلْهُ اليَدَا

وَاعْرِفْهُ حَقَّهُ وَخُذْ نَبْلاً مُدَى"

فخالدا: بدل كل من كل، و"اليد": بدل بعض، و"حقه": بدل اشتمال، و"مدى": يحتمل الأقسام الثلاثة المذكورة، وذلك باختلاف التقادير، فإن "النبل" اسم جمع للسهم، والمدى جمع مدية وهي السكين فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى فسبق لسانه إلى النبل فبدل غلط، وإن كان أراد الأمر بأخذ النبل ثم بان له فساد تلك الإرادة وأن الصواب الأمر بأخذ المدى فبدل نسيان، وإن كان أراد الأول ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى وجعل الأول في حكم المسكوت عنه فبدل إضراب وبداء، والأحسن أن يؤتى فيهن بـ"بل".

تنبيهات: الأول: زاد بعضهم بدل كل من بعض كقوله "من الطويل":

861-

كأنَّي غدَاةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلُوَا

لَدَى سَمُرَات الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

861- التخريج: البيت لامرئ القيس في ديوانة ص9؛ وخزانة الأدب 4/ 376، 377؛ والدرر 6/ 60؛ ولسان العرب 9/ 239 "نقف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 201.

اللغة: البين: الفراق. تحملوا: ارتحلوا. لدى: عند. السمرات: ج السمرة، وهي شجرة الطلح. ناقف الحنظل: الذي يشق ثمره ليستخرج بزره فتدمع عيناه. والحنظل: نبات مر.

المعنى: يصور الشاعر سيلان دمعه من شدة حزنه على فراق أحبته بسيلان دمع من ينقف الحنظل لأنه لا يتمالك احتباس دمعه.

الإعراب: كأني: حرف مشبه بالفعل، و"الياء": ضمير في محل نصب اسم "كأن". غداة: ظرف زمان متعلق بـ"ناقف"؛ وهو مضاف. البين: مضاف إليه مجرور. يوم: ظرف زمان بدل من "غداة"، وهو مضاف. تحملوا: فعل ماض، "الواو": ضمير في محل رفع فاعل، والألف فارقة. لدى: ظرف مكان متعلق بـ"تحملوا"، وهو مضاف. سمرات: مضاف إليه، وهو مضاف. الحي: مضاف إليه مجرور. ناقف: خبر "كأن" مرفوع وهو مضاف. حنظل: مضاف إليه مجرور.

وجملة "كأني ناقف حنظل": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تحملوا": في محل جر بالإضافة.

الشاهد فيه قوله: "تحملوا" حيث وردت بدلًا من"غداة" لكن الجمهور نفوه وتأولوه.

ص: 5

ونفاه الجمهور وتأولوا البيت1.

الثاني: رد السهيلي رحمه الله تعالى، بدل البعض وبدل الاشتمال إلى بدل الكل، فقال: العرب تتكلم بالعام وتريد الخاص، وتحذف المضاف وتنويه فإذا قلت:"أكلت الرغيف ثلثه" إنما تريد أكلت بعض الرغيف ثم بينت ذلك البعض، وبدل المصدر من الاسم إنما هو في الحقيقة من صفة مضافة إلى ذلك الاسم.

الثالث: اختلف في المشتمل في بدل الاشتمال؛ فقيل: هو الأول، وقيل: الثاني، وقيل: العامل وكلامه هنا يحتمل الأولين، وذهب في التسهيل إلى الأول.

الرابع: رد المبرد وغيره بدل الغلط وقال: لا يوجد في كلام العرب نظمًا ولا نثرًا، وزعم قوم منهم ابن السيد أنه وجد في كلام العرب كقول ذي الرمة "من البسيط":

862-

لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ

"وَفِي اللثاثِ وَفي أَنْيَابها شَنَبُ"

فاللعس: بدل غلط لأن الحوة السواد واللعس سواد يشوبه حمرة، وذكر بيتين آخرين، ولا حجة له فيما ذكره لإمكان تأويله.

الخامس: قد فهم من كون البدل تابعًا أنه يوافق متبوعه في الإعراب، وأما موافقته إياه في الإفراد والتذكير والتنكير وفروعها فلم يتعرض لها هنا، وفيه تفصيل؛ أما التنكير وفرعه

1 من التأويلات أن "اليوم" يريد به الوقت مطلقًا، وليس الوقت الممتد، من طلوع الفجر إلى غروبها، أو مقدر 24 ساعة، وعلى هذا يكون إبدال "اليوم" من "غداة البين" من نوع بدل الكل من الكل.

862-

التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص32؛ والخصائص 3/ 291؛ والدرر 6/ 56؛ ولسان العرب 1/ 507 "شنب"، 6/ 207 "لعس"، 14/ 207 "حوا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 203؛ وهمع الهوامع 2/ 126.

اللغة: اللمياء: التي في شفتيها سمرة. الحوة: الحمرة المائلة إلى السواد في الشفة. اللعس: السمرة في باطن الشفة. اللثاث: ج اللثة، وهي ما حول الأسنان من اللحم. الشنب: صفاء الأسنان.

الإعراب: لمياء: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هي". في شفتيها: جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. حوة: مبتدأ مؤخر مرفوع. لعس: بدل من "حوة" مرفوع. وفي الثالث: "الواو" حرف عطف، و"في اللثاث": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر. وفي أنيابها: جار ومجرور معطوف على "في اللثاث" وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. شنب: مبتدأ مؤخر مرفوع.

وجملة "هي لمياء" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "في شفتيها حوة" في محل رفع نعت "لمياء". وجملة "في أنيابها شنب": معطوفة على سابقتها.

الشاهد فيه قوله: "حوة لعس" حيث وقعت "لعس" بدل غلط من "حوة".

ص: 6

وهو التعريف فلا يلزم موافقته لمتبوعه فيهما، بل تبدل المعرفة من المعرفة نحو:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} 1 في قراءة الجر، والنكرة من النكرة نحو:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} 2 والمعرفة من النكرة نحو: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ} 3 والنكرة من المعرفة نحو: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} 4 وأما الإفراد والتذكير وأضدادهما: فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها ما لم يمنع مانع من التثنية والجمع ككون أحدهما مصدرًا نحو: {مَفَازًا، حَدَائِقَ} 5 أو قصد التفصيل كقوله "من الطويل":

863-

وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَينِ رِجْلٍ صَحِيحَةٍ

وَرِجْل رَمَى فِيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ

وإن كان غيره من أنواع البدل لم يلزم موافقته فيها.

569-

وَمِنْ ضَمِيرِ الحَاضِرِ الظاهِرَ لا

تُبْدِلهُ، إلا ما إحاطة جَلا

1 إبراهيم: 1.

2 النبأ: 32.

3 الشورى: 52.

4 العلق: 15-16.

5 النبأ: 31، 32.

863-

التخريج: البيت لكثير عزة في ديوانه ص99؛ وأمالي المرتضى 1/ 46؛ وخزانة الأدب 5/ 211، 218؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 542؛ والكتاب 1/ 433؛ والمقاصد النحوية 4/ 204؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 3/ 68؛ والمقتضب 4/ 290.

المعنى: كنت كصاحب رجلين تمنيت لو شلت إحداهما حتى لا أبتعد عنها وأبقى ملازمًا لها.

الإعراب: وكنت "الواو": حسب ما قبلها، "كنت": فعل ماض وناقص مبني على السكون، و"التاء" ضمير متصل في محل رفع اسمها. كذي "الكاف": حرف جر، "ذي": اسم مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة، والجار والمجرور متعلقان بخبر محذوف. رجلين، مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، و"النون" عوض عن التنوين في الاسم المفرد. رجل: بدل مجرور بالكسرة. صحيحة: صفة مجرورة بالكسرة. ورجل: "الواو" عاطفة، "رجل": بدل اسم معطوف على "رجل مجرور بالكسرة. رمى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف. فيها: جار ومجرور متعلقان بالفعل "رمى". الزمان: فاعل مرفوع بالضمة. فشلت: "الفاء": عاطفة، "شلت": فعل ماض مبني للمجهول، مبني على الفتحة الظاهرة، و"التاء" للتأنيث، و"الفاعل": ضمير مستتر جوازًا تقديره هي.

وجملة "كنت

": بحسب الواو. وجملة "رمى الزمان": في محل جر صفة "رجل". وجملة "فشلت": معطوفة في محل جر.

والشاهد فيه قوله: "رجل صحيحة" و"رجل رمى" حيث أبدل المفرد من المثنى "بدل بعض من كل"، على إبدال التفصيل.

ص: 7

"ومن ضمير الحاضر" متكلمًا كان أو مخاطبًا "الظاهر لا تبدله " أي: يجوز إبدال الظاهر من الظاهر، ومن ضمير الغائب كما ذكره في أمثلة، ولا يجوز أن يبدل الظاهر من ضمير المتكلم أو المخاطب "إلَاّ مَا إحَاطَةً جَلَا" أي إلا إذا كان البدل بدل كل فيه معنى الإحاطة نحو:{تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} 1 وقوله "من الطويل":

864-

فَمَا بَرِحَتْ أَقْدَامُنَا فِي مَقَامِنَا

ثَلَاثَتُنَا حَتَّى أُزِيرُوا المَنَائِيَا

فإن لم يكن فيه معنى الإحاطة فمذاهب: أحدها المنع وهو مذهب جمهور البصريين، والثاني الجواز وهو قول الأخفش والكوفيين، والثالث: أنه يجوز في الاستثناء نحو ما ضربتكم إلا زيدًا وهو قول قطرب "أَو اقْتَضَى بَعْضًا" أي كان بدل بعض نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} 2 وقوله "من الرجز":

865-

أَوعَدَنِي بِالسِّجْنِ وَالأَدَاهِمِ

رِجْلِي فَرِجْلِي شَثْنَةُ المَنَاسِمِ

1 المائدة: 114.

864-

التخريج: البيت لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188؛ ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص588؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 188.

اللغة: ثلاثتنا: أي الشاعر وعلي بن أبي طالب وحمزة رضي الله عنهما أزيروا: المجهول من "أزار" أي قصد في زيارة. المنائيا: الموت.

المعنى: يقول: إنهم كانوا ثابتين في الحرب؛ غير هيابين الموت الذي كانوا يسقونه إلى الأعداء.

و"التاء": للتأنيث. أقدامنا: اسم "ما برح" مرفوع، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة. في مكاننا: جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. ثلاثتنا: بدل من "نا" في "مكاننا" مجرور، وهو مضاف، و"نا" ضمير في محل جر بالإضافة. حتى: حرف ابتداء وغاية. أزيروا: فعل ماض للمجهول، و"الواو": ضمير في محل رفع نائب فاعل، والألف للتفريق. المنائيا: مفعول به ثان، و"الألف" للإطلاق.

وجملة "ما برحت

": بحسب ما قبلها وجملة "أزيروا": استئنافية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله: "ثلاثتنا" حيث وقع بدلًا من الضمير "نا" في "مكاننا" وهذا جائز.

3 الممتحنة: 6.

865-

التخريج: الرجز للعديل بن الفرخ في خزانة الأدب 5/ 188، 189، 190؛ والدرر 6/ 62؛ والمقاصد النحوية 4/ 190؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص226، 294؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 124؛ وشرح التصريح 2/ 160؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص21؛ وشرح ابن عقيل ص510؛ وشرح =

ص: 8

570-

أو اقتضى بعضًا أو اشتمالًا

كأنك ابتهاجك اشتمالا

"أو" اقتضى "اشتمالًا" أي: كان بدل اشتمال "كأنك ابتهاجك اشتمالًا" وقوله "من الطويل":

866-

بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا

وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرًا

المفصل 3/ 70؛ ولسان العرب 3/ 463 "وعد"، 12/ 210 "رهم"؛ ومجالس ثعلب ص274؛ وهمع الهوامع 2/ 127.

اللغة والمعني: أوعدني: هددني. الأداهم: ج الأدهم، وهو القيد. الشثنة: الغليظة. المناسم: ج المنسم، وهو خف البعير.

يقول: هددني بالسجن والقيود، ولكن رجلي قويتان تشبهان خف البعير "أي أنهما قادرتان على تحمل المكروه".

الإعراب: أوعدني: فعل ماض، والفاعل: هو، والنون: للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به.

بالسجن: جار ومجرور متعلقان بـ"أوعدني". والأداهم: الواو: حرف عطف، الأداهم: معطوف على السجن: رجلي: بدل من "ياء" المتكلم في "أوعدني". وهو مضاف، والياء: ضمير في محل جر بالإضافة. فرجلي: الفاء حرف استئناف، رجلي: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء، وهو مضاف، والياء: ضمير في محل جر بالإضافة. شثنة: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف. المناسم: مضاف إليه مجرور.

وجملة "أوعدني" الفعلية لا محل لها من الأعراب لأنها ابتدائية. وجملة "رجلي شثنة المناسم" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية.

والشاهد فيه قوله: "أوعدني

رجلي" حيث أبدل الاسم الظاهر "رجلي" من ضمير الحاضر، وهو الياء في "أوعدني " بدل بعض من كل.

866-

التخريج: البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص68؛ وخزانة الأدب 3/ 169، 7/ 419؛ وشرح التصريح 2/ 161؛ ولسان العرب 4/ 523، 529 "ظهر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 193.

شرح المفردات: بلغ: وصل. السناء: المنزلة العالية.

المعنى: يقول: إنهم بلغوا بالمجد والشرف أعالي السماء، ويطمحون إلى أن يبلغوا مراتب أعلى.

الإعراب: "بلغنا": فعل ماض، و"نا": ضمير في محل رفع فاعل. "السماء": مفعول به منصوب. "مجدنا": بدل من الضمير المتصل في "بلغنا"، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة. "وسناؤنا": الواو حرف عطف، "سناؤنا": معطوف على "مجدنا" مرفوع، وهو مضاف، و"نا" ضمير في محل جر بالإضافة. "وإنا": الواو حرف عطف، "إنا" حرف مشبه بالفعل، و"نا": ضمير في محل نصب اسم "إن". "لنرجو": اللام المزحقلة، و"نرجو": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"نحن". "فوق": ظرف مكان منصوب، متعلق بـ"نرجو"، وهو مضاف. "ذلك": اسم إشارة في محل جر بالإضافة.

"مظهر": مفعول به منصوب.

وجملة: "بلغنا" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "إنا لنرجو" معطوفة على الجملة السابقة. =

ص: 9

تنبيه: قال في التسهيل ولا يبدل مضمر من مضمر ولا من ظاهر وما أوهم ذلك جعل توكيدًا إن لم يفد إضرابًا، اهـ.

571-

وَبَدَلُ المُضَمَّنِ الهَمْزَ يَلِي

هَمْزًا كـ"مَنْ ذَا أَسَعِيدٌ أَمْ عَلِي؟ "

"وبدل" المبدل منه "المضمن" معنى "الهمز" المستفهم به "يلي همزا" مستفهما به وجوبًا "كمن ذا أسعيد أم علي؟ " و"كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ " و"ما صنعت أخيرًا أم شرًا؟ " وكيف جئت أراكبًا أم ماشيًا؟ ".

تنبيه: نظير هذه المسألة بدل اسم الشرط نحو من يقم إن زيد وإن عمرو أقم معه وما تصنع إن خيرًا أو شرًا تجز به ومتى تسافر إن ليلًا أو نهارًا أسافر معك.

572-

وَيُبْدَلُ الفِعْلُ مِنَ الفِعْلِ كـ"من

يصل إلينا يستعن بنا يعن"

"ويبدل الفعل من الفعل" بدل كل من كل، قال في البسيط: باتفاق، كقوله "من الطويل":

867-

متى تأتينا تلمم بنا في ديارنا

تجد حطبًا جزلًا ونارًا تأججا

= وجملة: "لنرجو

" في محل رفع خبر "إن".

الشاهد فيه قوله: "مجدنا وسناؤنا" حيث جاء الاسم الظاهر "مجدنا" بدلًا من الضمير البارز الواقع فاعلًا في "بلغنا" وهو بدل اشتمال.

867-

التخريج: البيت لعبيد لله بن الحر في خزانة الأدب 9/ 90-99؛ والدرر 6/ 69؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 66؛ وسر صناعة الإعراب ص678؛ وشرح المفصل 7/ 53؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص32، 335؛ وشرح الأشموني ص440؛ وشرح المفصل 10/ 20؛ والكتاب 3/ 86؛ ولسان العرب 5/ 242 "نور"؛ والمقتضب 2/ 63؛ وهمع الهوامع 2/ 128.

الإعراب "متى": اسم شرط مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه متعلق بـ"تأتنا". "تأتنا": =

ص: 10

وبدل اشتمال على الصحيح "كَمَنْ يَصِل إِلَينَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ" ومنه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} 1 وقوله "من الرجز":

868-

إنَّ عَلَيَّ اللَّهَ أَنْ تُبَايِعَا

تُؤْخَذَ كَرْهًا أَو تَجِيءَ طَائِعَا

= فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت، و"نا": ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. "تلمم": بدل من "تأتنا" مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. "بنا": جار ومجرور متعلقان بـ"تلمم". "في ديارنا": جار ومجرور متعلقان بـ"تأتنا"، و"نا": ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه. "تجد": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. "حطبا": مفعول به منصوب بالفتحة. "جزلا": نعت منصوب بالفتحة. "ونارا": "الواو": حرف عطف، و"نارا": اسم معطوف منصوب. "تأججا": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر يعود إلى الحطب أو إلا النار، و"الألف": للإطلاق، ويجوز أن يكون هذا الفعل مضارعا، وأصله: تتأججن، فحذفت إحدى التاءين، وقلبت النون ألفا.

وجملة "متى تأتنا

تجد": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تأتنا": في محل جر بالإضافة. وجملة "تجد" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو إذا. وجملة "تأججا": في محل نصب نعت لـ"حطبا" أو "نارا".

والشاهد فيه قوله: "متى تأتنا تلمم" حيث أبدل الفعل "تأتنا".

1 الفر قان: 68.

ش 868- التخريج: الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 203، 204؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 402؛ وشرح التصريح 1/ 161؛ وشرح عمدة الحافظ ص591؛ والكتاب 1/ 156؛ والمقاصد النحوية 4/ 199؛ والمقتضب 2/ 63.

اللغة: علي الله: أي علي والله فحذف واو القسم ونصب "الله" على نزع الخافض. تبايع: من البيعة.

المعنى: أقسم بالله إن لم تأت طائعا للمبايعة، لتحضرن مرغما.

الإعراب: "إن": حرف مشبه بالفعل. "علي": جار ومجرور في محل رفع خبر "إن". "الله": لفظ الجلالة، اسم منصوب على نزع الخافض. "أن": حرف نصب ومصدرية. "تبايعا": فعل مضارع منصوب، والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنت": والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل نصب اسم "إن". "تؤخذ": فعل مضارع للمجهول، منصوب لأنه بدل من "تبايع"، ونائب فاعله ضمير مسستر تقديره:"أنت". "كرها": مفعول مطلق لفعل محذوف، أو نعت لمفعول مطلق محذوف. "أو": حرف عطف. "تجيء": فعل مضارع منصوب، لأنه معطوف على "تؤخذ"، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنت""طائعا": حال منصوب.

وجملة: "إن علي

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "تبايع" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة "تؤخذ" بدل من "تبايع". وجملة "تجيء" معطوفة على سابقتها.

الشاهد فيه قوله: "أن تبايعا تؤخذ" حيث أبدل بالنصب الفعل "تؤخذ" من الفعل "تبايع" المنصوب بـ"أن".

ص: 11

ولا يبدل بدل بعض: وأما بدل الغلط فقال في البسيط: جوزه سيبويه وجماعة من النحويين، والقياس يقتضيه.

تنبيه: تبدل الجملة من الجملة نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} 1، وقوله "من الطويل":

869-

أَقُولُ لَهُ ارْحَل لَا تُقِيمَنَّ عِنْدَنَا

"وإلا فكن في السر والجهر مسلما"

وأجاز ابن جني والزمخشري والناظم إبدالها من المفرد كقوله "من الطويل":

870-

إلَى اللَّهِ أَشْكُو بِالمَدِينَةِ حَاجَةً

وَبِالشَّامِ أُخْرَى كَيفَ يَلتَقِيَانِ

1 الشعراء: 132-133.

869-

التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 207، 8/ 463؛ وشرح التصريح 2/ 162؛ وشرح شواهد المعنى 2/ 839؛ ومجالس ثعلب ص96؛ ومعاهد التنصيص 1/ 278؛ والمقاصد النحوية 4/ 200.

المعنى: اذهب وانتقل عنا، أو ابق صالحا بإسلامك بيننا قلبا وقالبا، باطنا وظاهرا.

الإعراب: أقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة و"الفاعل": ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. له: جار ومجرور متعلقان بالفعل أقول. ارحل: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره "أنت". لا تقيمن: "لا": ناهية جازمة "تقيمن": فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، و"الفاعل": ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. عندنا: مفعول فيه ظرف مكان منصوب متعلق بالفعل "تقيمن" وهو مضاف و"نا": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وإلا: "الواو": حرف استئناف، "إن": حرف شرط جازم و"لا": نافية. فكن: "الفاء": رابطة لجواب الشرط، "كن": فعل أمر ناقص مبني على السكون واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. في السر: جار ومجرور متعلقان بالخبر مسلما. والجهر: "الواو": عاطفة، "الجهر": اسم معطوف مجرور. مسلما: خبر كن منصوب بالفتحة الظاهرة.

وجملة "أقول له": ابتدائية لا محل لها. وجملة "ارحل": مقول القول في محل نصب مفعول به وجملة "لا تقيمن": بدل من جملة "ارحل". وجملة "فكن مسلما": جواب شرط لا محل له. وجملة "إلا فكن": استئنافية لا محل لها وجملة الشرط المحذوف لا محل لها.

والشاهد فيه قوله: "لا تقيمن عندنا" أبدلت بمقول القول وهذا أكثر جلاء وإيضاحا للمعنى المراد.

870-

التخريج: البيت للفرزدق في خزانة الأدب 5/ 208؛ وشرح التصريح 2/ 162؛ وشرح شواهد المغني 2/ 557؛ والمقاصد النحوية 4/ 201؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في المحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 27، 426؛ والمقتضب 2/ 329؛ وهمع الهوامع 2/ 128.

المعنى: يشكو الشاعر تفرق أغراضه، وتشتت حاجاته، فهو مضطرب البال، موزع الأهواء. =

ص: 12

أبدل كيف يلتقيان" من "حاجة وأخرى" أي: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما، وجعل منه الناظم نحو عرفت زيدًا أبو من هو".

خاتمة: في مسائل متفرقة من التسهيل وشرحه.

الأولى: قد يتحد البدل والمبدل منه لفظًا إذا كان مع الثاني زيادة بيان كقراءة يعقوب: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} 1 بنصب كل الثانية، فإنها قد اتصل بها ذكر سبب الجثو.

الثانية: الكثير كون البدل معتمدًا عليه، وقد يكون في حكم الملغى كقوله "من الكامل":

871-

إنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّهَا وَرَوَاحَهَا

تَرَكَتْ هَوَازِنَ مِثْلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ

= الإعراب: "إلى الله": جار ومجرور متعلقان بـ"أشكو". "أشكو": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". "بالمدينة": جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "حاجة". "حاجة": مفعول به منصوب. "وبالشام": الواو حرف عطف، "بالشام": جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "أخرى". "أخرى": معطوف على "حاجة" منصوب. "كيف" اسم استفهام في محل نصب حال. "يلتقيان": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والألف في محل رفع فاعل.

وجملة: "أشكو" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "كيف يلتقيان" في محل نصب بدل من "حاجة"، وقيل: استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "كيف يلتقيان" حيث جاءت هذه الجملة بدلا من "حاجة " و"أخرى" فيكون فيه إبدال الجملة من المفرد، والمعنى:"إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما".

1 الجاثية: 28.

871-

التخريج: البيت للأخطل في ديوانه ص329؛ وخزانة الأدب 5/ 199، 201؛ ولسان العرب 1/ 609 "عضب"؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص354.

اللغة: الأغضب: الذي كسر أحد قرنيه.

المعنى: يقول: إن سيوفهم فتكت بهوازن شر فتك.

الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. السيوف: اسم "إن" منصوب. غدوها: بدل من "السيوف" منصوب، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ورواحها: معطوفة على "غدوها" وتعرب إعرابها. تركت: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". هوازن: مفعول به. مثل: حال منصوب، وهو مضاف. قرن: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. الأعضب: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة "إن السيوف

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تركت": في محل رفع خبر "إن".

الشاهد فيه قوله: "غدوها ورواحها" حيث وقعت "غدوها" بدلا من "السيوف".

ص: 13

الثالثة: قد يستغنى في الصلة بالبدل عن لفظ المبدل منه، نحو أحسن إلى الذي صحبت زيدًا1" أي صحبته زيدًا.

الرابعة: ما فصل به مذكور وكان وافيًا به يجوز فيه البدل والقطع نحو مررت برجال قصير وطويل وربعة، وإن كان غير واف تعين قطعه إن لم ينو معطوف محذوف، نحو مررت برجال طويل وقصير، فإن نوى معطوف محذوف فمن الأول، نحو "اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر" بالنصب، التقدير وأخواتهما لثبوتها في حديث آخر، والله تعالى أعلم.

1 يجوز في "زيد" الرفع على إنه خبر مبتدأ محذوف، والنصب على أنه بدل من الضمير المقدر، والجر على أنه بدل من "الذي".

ص: 14