الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الصَّدَاقِ
وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي النِّكَاحِ،
ــ
كِتَابُ الصَّداقِ
فائدة: للمُسَمَّى في العَقْدِ ثمانِيَةُ أسْماءَ: الصَّداقُ (1)، والنِّحْلَةُ، والأَجْرُ، والفَرِيضَةُ، والمَهْرُ (2)، والعَلائقُ، والعُقْرُ بضَمِّ العَينِ وسُكونِ القافِ، والحِبَاءُ ممْدودًا مع كَسْرِ الحاءِ المُهْمَلَةِ.
(2)
بعده في ا: «والنكاح. ومنه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} .
وَيُسْتَحَبُ تَخْفِيفُهُ،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنْ لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ،
ــ
قوله: ويُسْتَحَبُّ أن لا يَعْرَى النِّكاحُ عن تسمِيَتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَسمِيَةَ الصَّداقِ في العَقدِ مُسْتَحَبَّةٌ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ رحمهم الله. وقال في «التَّبصِرَةِ»: يُكرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ فيه. ويأتِي ذِكرُ الخِلافِ.
تنبيه: قولُه: ويُسْتَحَبُّ أن لا يَعْرَي النِّكاحُ عن تَسمِيَتِه. هذا مَبنِيٌّ على أصلٍ؛ وهو أنَّ الصَّداقَ هل هو حَقٌّ للهِ أو للآدَمِيِّ؟ قال القاضي في «التعْليقِ» ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُه مِن أصحابِه في كُتُبِ الخِلافِ: هو حقٌّ للآدَمِيِّ. لأنَّه يَملِكُ
وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَنَاتِهِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ.
ــ
إسقاطَه بعدَ ثُبوتِه والعَفوَ عنه. وترَدَّدَ ابنُ عَقِيلٍ فقال مَرَّةً كذلك، وقال أُخرَى: هو حقٌّ للهِ؛ لأنَّ النِّكاحَ لا يَعرَى عنه ثُبوتًا ولُزومًا، فهو كالشَّهادَةِ. وقاله أبو يَعلَى الصَّغِيرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قِياسُ المَنْصُوصِ في وُجوبِ المَهْرِ فيما إذا زوَّجَ عَبْدَه مِن أمَتِه. فإن قيلَ بالأوَّلِ -[وهو كوْنُه حقًّا للآدَمِيِّ](1) - فالحِلُّ مُستَفادٌ مِنَ العَقْدِ بمُجَرَّدِه، ويُستَحَبُّ ذِكرُه فيه. وصرَّح به الأصحابُ. وهل هو عِوَضٌ حَقِيقيٌّ أم لا؟ للأصحابِ فيه ترَدُّدٌ، ومنهم مَن ذكَر احتِمالين. ويَنبَني على ذلك لو أخَذَه بالشُّفعَةِ وغيرِ ذلك. وإن قيلَ: هو حقٌّ للهِ. فالحِلُّ مرَتَّبٌ عليه مع العَقدِ. وتقدَّم في أوَّلِ كتابِ النِّكاحِ (2)، هل المَعقُودُ عليه المَنْفَعَةُ أو الحِلُّ؟
قوله: وأن لا يَزِيدَ على صَداقِ أزواجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وبَناتِه، وهو خَمْسُمائةِ درْهمٍ. وكذا قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذَّهَبِ» ، و «مَسبوكِ الذَّهَبِ» ،
(1) زيادة من: ا.
(2)
20/ 11.
وَلَا يَتَقَدَّرُ أَقَلَّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ، بَلْ كُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا، جَازَ
ــ
و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِب» وغيرِه. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: يُسَنُّ أن لا يَعْبُرَ خَمسَمِائَةِ دِرهَمٍ. وقال في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم: مِن أَرْبَعمائةٍ إلى خمسِمائةٍ. وقال القاضي في «الجامعِ» : قوْلُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله: أرْبَعمائَةٍ. يعنِي، مِنَ الدَّراهِمِ التي وَزنُ الدِّرْهَمِ منها مِثْقالٌ؛ فتكونُ الأرْبَعمائَةٍ خَمْسَمائةٍ، أو قريبًا منها بضَرْبِ الإِسْلامِ. وقدَّم في «التَّرْغيبِ» ، أنَّ السُّنَّةَ أنْ لا يزيدَ على مَهرِ بَناتِه صلى الله عليه وسلم وهو أربَعُمِائةٍ. قال في «البُلْغَةِ»: السُّنَّةُ أن لا يزيدَ على مَهرِ بَناتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو أرْبَعُمِائةِ دِرهَمٍ. وقيل: على مَهرِ نِسائِه. وهو خَمسُمِائةِ دِرهَمٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبرى» : يُستَحَبُّ جعلُه خَفِيفًا، مِن أرْبَعِمائةٍ، كصَداقِ بَناتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى خَمسِمائةٍ كصَداقِ زَوجاتِه. وقيل: بَناتِه. انتهى. قال في «المُستَوْعِبِ» : ورُوِيَ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه قال: الذي نحِبُّه أرْبَعُمائةِ دِرْهَمٍ، على فعلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في بَناتِه. قال القاضي: وهذا يدُلُّ على أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما أصدَقَ بَناتِه غيرَ ما أصْدَقَه زوجاتِه؛ لأنَّ حديثَ عائشةَ: أنَّه أَصدَقَ نِسَاءَه اثنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً ونَشًّا. والنَّشُّ نِصفُ أُوقِيَّةٍ؛ وهو عِشرون دِرهمًا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، في رِوايةِ حَنْبَلٍ، يقْتَضِي أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ الصَّداقُ أرْبَعَمائةِ دِرْهَمٍ. وهو الصَّوابُ مع القُدرَةِ واليَسارِ فيُسْتَحَبُّ بلُوغُه، ولا يُزادُ عليه. قال: وكلامُ القاضي وغيرِه يقتَضِي أنَّه لا يُستَحَبُّ، بل يكونُ بلُوغُه مُباحًا. انتهى.
قوله: ولا يَتَقَدَّرُ أقَلُّه ولا أَكثَرُه، بل كُلُّ ما جازَ أَن يَكُونَ ثمَنًا جازَ أن يَكُونَ
أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا،
ــ
صَداقًا. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. واشترَطَ الخِرَقيُّ أن يكونَ له نِصْفٌ يُحصَّلُ. فلا يجوَزُ، على فَلَسٍ ونحوه. وتَبِعَه على ذلك ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وفسَّرُوه بنِصْفٍ يتَمَوَّلُ عادةً. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّرْكَشِيُّ: وليسَ في كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، هذا الشَّرْطُ، وكذا كثيرٌ مِن أصحابِه حتى بالغَ ابنُ عَقِيلٍ في ضِمْنِ كلامٍ له، فجوَّزَ الصَّداقَ بالحَبَّةِ والتَّمْرَةِ التي يُنتَبَذُ مِثلُها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا يُعرَفُ ذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: ذكرَ القاضي أبو يَعلَى الصَّغِيرُ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، وغيرهما، أنَّه يُسْتَحَبُّ أن لا ينقُصَ المَهْرُ عن عَشْرَةِ دَراهِمَ.
مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَعَينٍ وَدَينٍ، وَمُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ، وَمَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ، كَرِعَايَةِ غَنَمِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَرَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً، كَرَدِّ عَبْدِها أَينَ كَانَ، وَخِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ، لم يَصِحَّ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَعَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: وإن تزَوَّجَها -يعنِي الحُرَّ- على مَنَافِعِه مُدَّةً مَعْلُومَةً، فعلى رِوايتَين. وأطلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «تَذكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الكافِي» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ» ، و «النَّظمِ» ، و «التَّصْحيحِ» ، و «تَجريدِ العِنايةِ» ، وغيرُهم. واختارَه ابنُ عَبدُوسٍ وغيرُه. والرِّوايةُ الثَّانِيةُ، لا يصِحُّ. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، قولًا؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ محَلَّ الخِلافِ يختَصُّ بالخِدمَةِ؛ لِمَا فيه مِنَ المهْنَةِ والمُنافاةِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: وإذا لم تصِحَّ الخِدْمَةُ صَداقًا، فقِياسُ المذهبِ، أنَّه يَجِبُ قِيمَةُ المَنفَعَةِ المَشروطَةِ، إلَّا إذا عَلِمَا أنَّ هذه المَنفعَةَ لا تكونُ صَداقًا، فيُشبِهُ ما لو أصدَقَها مالًا مغصُوبًا في أنَّ الواجِبَ مَهرُ المِثلِ في أحدِ الوَجهَين.
تنبيه: ذكَر صاحِبُ «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «التَّبْصِرَةِ» ، و «التَّرغيبِ» ، و «البُلغَةِ» ، وغيرُهم، الرِّوايتَين في مَنافِعِه مُدَّةً معلومَةً، كما قال المُصَنفُ هنا. وأَطلَقوا المَنفَعةَ، ولم يُقَيِّدُوها بالعِلمِ، لكِنْ قيَّدوها بالمُدَّةِ المَعلومَةِ، ثم قالوا بعدَ ذلك: وقال أبو بَكرٍ: يصِحُّ في خِدمَةٍ معلومَةٍ؛ كبِناءِ حائطٍ، وخِياطَةِ ثَوبٍ، ولا يصِحُّ إنْ كانت مجهولَةً، كرَدِّ عبدِها الآبِقِ، أو خِدمَتِها في أيِّ شيءٍ أرادَتْه سَنةً. فقيَّدَ المَنفَعَةَ بالعِلمِ، ولم يذْكُرِ المُدَّةَ. وهو الصَّوابُ. وقال في «الفُروعِ»: وفي مَنْفَعَتِه المَعْلُومَةِ مُدَّةً معلومَةً، رِوايَتان. ثم ذكَرَ بعضَ مَن نقَل عن أبِي بَكرٍ فقيَّد المَنْفَعَةَ والمُدَّةَ بالعِلمِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وفي مَنفَعَةِ نفسِه. وقيل: المَقْدِرَةُ. رِوايَتان. وقيل. إن عيَّنا العَمَلَ، صحَّ، وإلَّا فلا.
وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ.
ــ
فوائد؛ إحْداها، لو تَزوَّجها على مَنافِعِ حُرٍّ غيرَه مُدَّةً معلومَةً، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واختارَه ابنُ عَبدُوسٍ في «تَذكِرَتِه» ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ، رحمه الله، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هي كالأُولَى. وقاله القاضي في «التَّعليقِ» ، وابنُ عَقِيلٍ. الثَّانيةُ، لا يضرُّ جَهلٌ يسِيرٌ ولا غَرَرٌ يُرْجَى زَوالُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يضُرُّ. فعلى المذهبِ، لو تزَوَّجَها على أن يشتَرِيَ لها عَبدَ زَيدٍ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى المَنصوصِ لو تعَذَّرَ شِراؤُه بقيمَتِه، فلها قِيمَتُه. الثَّالثةُ، يصِحُّ عقدُه أَيضًا على دَينِ سَلَمٍ وغيرِه، وعلى غيرِ مَقدورٍ له كآبقٍ، ومُغتَصَبٍ يُحَصِّلُه، وعلى مَبِيعٍ اشترَاه ولم يقبِضه. نصَّ على ذلك كلُّه. وجزَم به في «الرِّعايتَين» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهمِ. وقيل: لا تصِحُّ التَّسْمِيَةُ في الجميعِ؛ كثَوبٍ، ودابَّةٍ، ورَدِّ عَبدِها أينَ كان، وخِدمَتِها سنَةً فيما شاءَت، كما تقدَّم، وما يُثمِرُ شجَرُه، ومَتاعِ بيتِه.
وَإنْ أصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أبْوَابٍ مِنَ الْفِقْهِ أو الْحَدِيثِ، أوْ قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ، صَحَّ،
ــ
قوله: وإن أصْدَقَها تَعلِيمَ أبوابٍ مِنَ الفِقه أو الحَدِيثِ، أو قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعرِ المباحِ، صَحَّ. وكذا لو أصدَقَها تعليمَ شيءٍ مِنَ الأدَبِ، أو صَنعَةٍ، أو كِتابَةٍ، وهذا المذهبُ، وأَطلَقه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ هنا. قال في «الهدايَةِ» وغيرِه في القَصِيدَةِ: يصِحُّ، رِوايةً واحدةً. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» . قال في «البُلغَةِ» ، و «تَجريدِ العِنايَةِ»: ويصِحُّ على تعليمِ حديثٍ، وفِقهٍ، وشِعْرٍ
وَإنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، لَمْ يَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، وَيَتَعَلَّمُهَا، ثُمَّ يُعَلِّمُهَا.
ــ
مُباحٍ. وقطَعَا به. وقيَّده المُصَنِّفُ، والمَجدُ، والشَّارِحُ، و «الحاوي» ، وغيرُهم، بما إذا قُلنا بجَوْازِ أخذِ الأُجرَةِ على تَعليمِها. وجزَم في «المُنَوِّرِ» بعدَمِ الصِّحَّةِ. وقدَّمه في «النَّظمِ» في الفِقهِ. وأَطلَقَ في «الفُروعِ» في بابِ الإِجارَةِ، في جوازِ أخذِ الأجرَةِ على تعليمِ الفِقهِ والحديثِ، الوَجْهَين، كما تقدَّم هناك.
قوله: وإنْ كان لا يَحْفَظُها، لم يَصِحَّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال الشَّارِحُ: يُنْظَرُ في قولِه؛ فإنْ قال: أُحَصِّلُ لكِ تعليمَ هذه السُّورَةِ. صحَّ؛ لأنَّ هذا منْفَعَةٌ في ذِمَّتِه لا يخْتَصُّ بها، فجازَ أن يستَأْجِرَ عليها مَن [لا يُحسِنُها](1)، وإن قال: على
(1) في ا: «يحسنها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنْ أُعَلِّمَكِ. فذكَر القاضي في «الجامعِ» ، أنَّه لا يصِحُّ. وذكَر في «المُجَرَّدِ» احتِمالًا بالصِّحَّةِ، أشْبَهَ ما لو أصدَقها مالًا في ذِمَّتِه، [ولو كان مُعْسِرًا به](1). قال في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ»: ويصِحُّ على قصِيدَةٍ لا يحْسِنُها، يتَعَلَّمُها ثم يُعَلِّمُها. وقيل: لا تصِحُّ التَّسْمِيَةُ. وقال في «الرِّعايتَين» في القِراءَةِ: لو شرَطَ سُورَةً لا يعْرِفُها، تَعَلَّم وعلَّم، كمَنْ شرَطَ تِعْليمَها. وقيل: يبْطُلُ. وقال بعدَ ذلك: وإنْ أصْدَقَها تعْليمَ فِقْهٍ أو حديثٍ أو أدَبٍ أو شِعْرٍ مُباح معْلومٍ أو صَنْعَةٍ أو كِتابَةٍ، صحَّ، وفرُوعُه كفُروعِ القِراءَةِ. انتهى.
قوله: ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، ويَتَعَلَّمُها ثم يُعَلِّمُها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وهو الذي قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي
(1) زيادة من: ا.
وَإنْ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ غَيرِهِ، لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا،
ــ
الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: يصِحُّ، ولو لم يحْفَظْه نصًّا.
فائدة: قولُه: وإنْ تَعَلَّمَتْها مِن غيرِه، لَزِمَتْه أُجْرَةُ تَعْلِيمِها. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو ادَّعَى الزَّوْجُ أنَّه علَّمَها، وادَّعَتْ أنَّ غيرَه علَّمَها، كان القَوْلُ قولَها، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: القَوْلُ قولُه.
فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعْلِيمِهَا، فَعَلَيهِ نِصْفُ الأُجْرَةِ، يَحْتَمِلُ أنْ يُعَلِّمَهَا نِصْفَهَا، وَإنْ كَانَ بَعْدَ تَعْلِيمِهَا، رَجَعَ عَلَيهَا بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ.
ــ
قوله: وإنْ طَلَّقَها قبْلَ الدُّخُولِ وقبلَ تَعْلِيمِها، فعليه نِصْفُ الأُجْرَةِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الفُصولِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يَلْزَمُه نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُعَلِّمَها نِصْفَها، بشَرْطِ أمْنِ الفِتْنَةِ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ووَجْهٌ في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» . وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشّرْحِ» . فعلى هذا الوَجْهِ، يُعَلِّمُهَا مِن وَراءِ حِجابٍ مِن غيرِ خَلْوَةٍ بها.
وَإنْ أصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ.
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو طَلَّقَها بعدَ (1) الدُّخولِ، وقبلَ تعْلِيمِها. قاله المُصنِّفُ والشَّارِحُ، [وغيرُهما، فعليه الأجْرَةُ كامِلَةً. وقيل: يَلْزَمُه مَهْرُ المِثْلِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه يَلْزَمُه تعْلِيمُها كامِلَةً لها، قِياسًا على ما تقدَّم قبلَه](2).
الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ كان بعدَ تَعْلِيمِها، رجَعَ عليها بنِصْفِ الأجْرَةِ. بلا نِزاعٍ، ولو حصَلَتِ الفُرْقَةُ مِن جِهَتِها، رجَع بالأُجْرَةِ كامِلَةً عليها.
قوله: وإنْ أَصْدَقَها تَعْلِيمَ شيْءٍ مِنَ القُرآنِ مُعَيَّنٍ، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ. نصَّ
(1) في ط: «قبل» .
(2)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم. وصحَّحه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. قال في «البُلْغَةِ» ، و «النَّظْمِ»: هذا المَشْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يصِحُّ. قال ابنُ رَزِينٍ هذا الأظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ» . وأطْلَقهما في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» .
وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ قِرَاءَةِ مَنْ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ.
ــ
وقيل: يصِحُّ [مطْلقًا. وقيل: بل يصِحُّ](1)، إنْ جازَ أخْذُ الأُجْرَةِ عليه. ذكَره في «الرِّعايتَين» ، وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قلتُ: الذي يظْهَرُ أنَّ هذا مُرادُ مَنْ قال: لا يصِحُّ. وأَطْلَقَ، وأَنَّ الخِلافَ مَبْنِيٌّ على جَوازِ أخْذِ الأجْرَةِ على ذلك على ما تقدَّم في بابِ الإِجارَةِ (2).
قوله: ولا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ قِراءَةِ مَن. يعْنِي على القَوْلِ بالصِّحَّةِ لا يُشْترَطُ أنْ
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
14/ 379.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُعَيِّنَ قِراءَةَ شَخْصٍ مِنَ القُرَّاءِ. وهذا هو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروع». وقال أبو الخَطَّابِ: يحْتاجُ إلى ذلك. وجزَم به في «الهدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وصحَّحه في «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» . وأطْلَقهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» .
فوائد؛ الأولَى، هل يتوَقَّفُ الحُكْمُ بقَبْضِ السُّورَةِ على تَلْقينِ جَميعِها، أو تَلْقِينُ كُلِّ آيةٍ قَبْضٌ لها؟ فيه احْتِمالان، ذكرَهما الأزَجِيُّ. قلتُ: الصوابُ الذي لا شَكَّ فيه، أنَّ تلْقِينَ كلِّ آيَةٍ قَبْضٌ لها؛ لأنَّ تعْليمَ كلِّ آيَةٍ يحْصُلُ به نَفْعٌ كامِلٌ فهو كقَبْضِ بعْضِ الصَّداقِ إذا كان عَينًا. الثَّانيةُ، أجْرَى في «الواضحِ» الرِّوايتَين
وَإنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، أوْ خَالعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، صَحَّ، وَيُقْسَمُ بَينَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ في أَحدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخرِ يُقسَمُ بَينَهُنَّ بِالسَّويَّةِ.
ــ
في بقِيَّةِ القُرَب، كالصَّلاةِ، والصَّوْمِ، ونحوهما. الثَّالثةُ، لا يصِحُّ إصْداقُ الذمِّيَّةِ شيئًا مِنَ القُرْآنَ، وإنْ صحَّحْناه في حقِّ المُسْلِمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ: يصِحُّ بقَصْدِها الاهْتِداءَ. وقطَع به في «المُذْهَبِ» . وتقدَّم في أحْكامِ أهْلِ الذِّمَّةِ، أنَّهم يُمْنَعُون مِن قِراءَةِ القُرْآنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. الرَّابعةُ، لو طلَّقَها ووُجِدَتْ حافِظَةً لِمَا أصْدَقَها وتَنازَعا هل علَّمها الزَّوْجُ أمْ لا؟ فأيُّهما يُقْبَلُ قوْلُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عشرَةَ». قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُ قوْلِها. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» .
قوله: وإذا تَزَوَّجَ نِساءً بمَهْرٍ واحِدٍ، أو خالعَهُنَّ بعِوَضٍ واحدٍ، صَحَّ، ويُقْسَمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَينَهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزجِيِّ» . وقدَّمه في «الهدايةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وفي الآخَرِ، يُقسَمُ بينَهُنَّ بالسَّويَّةِ. اختارَه أبو بَكْرٍ. وذكَره ابنُ رَزِينٍ رِوايَةً. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصةِ». وقيل في الخُلْعِ: يُقْسمُ على قَدْرِ مُهورِهِنَّ. وفي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّداقِ: يُقْسَمُ بيَنْهُنَّ بالسَّويَّةِ. [وقال: الصَّداقُ يُقْسَمُ بينَهُنَّ بالسَّويّةِ على عَدَدِهنَّ. وفي «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، في الخُلْعِ، أنَّ العِوضَ يُقْسَمُ بينَهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ المُسَمَّاةِ لَهُنَّ. والقَوْلان الأوَّلان فيهما على قَدْرِ مُهورِ مِثْلِهِنَّ، أو على عَددِهِنَّ بالتَّسْويَةِ، كالقَوْلَين في الصَّداقِ ونحوه](1).
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو كانَ عَقْدُ بعْضِهِنَّ فاسِدًا، ففيه الخِلافُ المُتقَدِّمُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: للتي عقْدُها فاسِدٌ مَهْرُ المِثْلِ. وهو احتِمالٌ في «التَّرْغيبِ» مع صِحَّةِ العُقودِ.
فَصلٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، كَالثَّمَنِ، وَإنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غَيرَ مُعَيَّنةٍ أَوْ دَابَّةً، لَمْ يَصِحَّ،
ــ
قوله: ويُشْتَرَطُ أنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كالثَّمَنِ، فإنْ أصْدَقها دارًا غيرَ مُعَيَنَةٍ، أو دابَّةً، لم يَصِحَّ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْر وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، وهو ظاهرُ ما قدَّمه الشَّارحُ. وقال القاضي: يصِحُّ مجْهولًا، ما لم تزِدْ جَهالتُه على مَهْرِ المِثْلِ. فعليه، لو تزَوَّجَها على عَبْدٍ أو أمَةٍ أو فرَسٍ أو بَغْلٍ أو حَيوانٍ مِن جِنْس معْلُوم، أو ثَوْبٍ هَرَويٍّ أو مَرْويٍّ، وما أَشْبَهَه ممَّا يُذْكَرُ جِنْسُه، صحَّ، ولها الوَسَطُ. وكذا لو أصْدَقَها قَفِيزَ حِنْطَةٍ، أو عَشَرَةَ أرْطالِ زَيتٍ، وما أشْبَهَه. فإنْ كانتِ الجَهالةُ تزيدُ على جَهالةِ مَهْرِ المِثْلِ؛ كثَوْبٍ، أو دابَّةٍ، أو حَيوانٍ، مِن غيرِ ذِكْرِ الجِنْسِ، أو على حُكْمِها، أو حُكْمِ أجْنَبِيٍّ، أو على حِنْطَةٍ، أو زَبِيبٍ، أو على ما اكْتَسبَه في العامِ، لم يصِحَّ. ذكَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. ويأْتِي مَعْنَى هذا قريبًا عندَ قوْلِه وكذلك يُخَرَّجُ إذا أصْدَقَها دابَّةً مِن دَوابِّه، ونحوَه.
وَإنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا، لَمْ يَصحَّ.
ــ
قوله: وإنْ أصْدَقَها عبْدًا مُطْلَقًا، لم يَصِحَّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ،
وَقَال الْقَاضِي: يَصِحُّ، وَلَهَا الْوَسَطُ، وَهُوَ السِّنْدِيُّ.
ــ
وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكافِي» ، ونَصَره. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقال القاضي: يصِحُّ، ولها الوَسَطُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ نصِّه صِحَّتُه. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وقدّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» -وقال: نصَّ عليه- و «إدْراكِ الغايةِ» . وظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» الإطْلاقُ.
فائدة: قولُه: وهو السِّنْدِيُّ. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ»: لها في المُطْلَقِ وَسَطُ رَقيقِ البَلَدِ نَوْعًا وقِيمَةً، كالسِّنْدِيِّ بالعِراقِ. زادَ في «الفُروعِ» ، فقال: لأنَّ أعْلَى العَبِيدِ التُّرْكِيُّ والرُّومِيُّ، وأدْناهُم الزِّنْجِيُّ، والحَبَشِيُّ، والوَسَطُ السِّنْدِيُّ والمَنْصُورِيُّ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رِوايةِ جَعْفَرٍ النَّسائِيِّ، أنَّ لها وَسَطًا، يعْنِي، فيما إذا أصْدَقَها عَبْدًا مِن عَبِيدِه على قَدْرِ ما يُخْدَمُ مِثْلُها. وهذا تقْيِيدٌ للوَسَطِ بأنْ يكونَ [ممَّا يُخْدَمُ] (1) مِثْلُها. انتهى. وقال أَيضًا: والذي يَنْبَغِي في سائرِ أصْنافِ المالِ؛ كالعَبْدِ، والشَّاةِ، والبَقَرَةِ، والثِّيابِ، ونحوها، أنَّه إذا أصْدَقَها شيئًا من ذلك، أنَّه يرْجِعُ فيه إلى مُسَمَّى ذلك اللَّفْظِ في عُرْفِها، وإنْ كان بعْضُ ذلك غالِبًا،
(1) سقط من: الأصل، ط.
وَإنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ، لَم يَصِحَّ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَرُويَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ. وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ إِذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ، أَوْ قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ، وَنَحْوَهُ.
ــ
أخَذَتْه، كالبَيعِ، أو كان مِن عادَتِها اقتناؤُه أو لُبْسُه، فهو كالمَلْفُوظِ به. انتهى. ويأْتي، إذا أصْدَقَها ثوْبًا هرَويًّا (1) أو مَرْويًّا، أو ثَوْبًا مُطْلَقا قريبًا. وتقدَّم (2) ذلك أَيضًا.
قوله: وإنْ اصدَقَها عَبْدًا مِن عَبِيدِه، لم يَصِحَّ، ذَكَرَه أَبُو بَكْرٍ. واخْتارَه هو والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الكافِي» ونصَرَه. ورُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ،
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
في ط: «ولزوم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رحمه الله، أنَّه يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ»: وظاهِرُ نصِّه صِحَّتُه. واخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» -وقال: نصَّ عليه- و «إدراكِ الغايةِ» ، وغيرِهم. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: إذا أصْدَقَها مُبْهَمًا مِن أعْيانٍ مُخْتَلِفَةٍ، ففي الصِّحَّةِ وَجْهان، أصحُّهما الصِّحَّةُ. انتهى. وظاهِرُ «الفُروعِ» الإِطْلاقُ؛ فإنَّه قال فيها وفي التي قبلَها: لم يصِحَّ عندَ أبِي بَكْرٍ، والشَّيخِ، وظاهِرُ نصِّه صِحَّتُه. انتهى. فتلَخَّصَ في المَسْألتَين أنَّ أَبا بَكْرٍ، والمُصَنِّفَ، وحماعَةً، قالوا بعدَمِ الصِّحَّةِ فيهما، وأنَّ القاضيَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجماعةً قالوا بالصِّحَّةِ فيهما، وأنَّ أَبا الخَطَّابِ، وجماعةً قالوا: لا يصِحُّ في الأُولَى، ويصِحُّ في الثَّانيةِ. وهو المذهبُ، كما تقدَّم. فعلى المذهبِ، لها أحدُهم بالقُرْعَةِ على الصَّحيحِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» . وعنه، لها الوَسَطُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُحَرِّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأَطلَقهما في «القاعِدَةِ السِّتِّين بعدَ المِائَةِ». [وقيل: لها ما اخْتارَتْ منهم. وقيل: هو كنَذْرِه عِتْقَ أحَدِهم. ذكَرهما ابنُ عَقِيلٍ] (1). وقيل: لها ما اخْتارَ الزَّوْجُ. وأطْلَقَ الثَّلَاثةَ، الأوَّلَ والأخِيرَ، في «البُلْغَةِ» . واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّهم إن تساوَوْا، فلها واحِدٌ
(1) سقط من: الأصل.
وَإنْ أَصْدَقَها عَبْدًا مَوْصُوفًا، صَحَّ، وَإنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ،
ــ
بالقُرْعَةِ، وإلَّا فلها الوَسَطُ.
قوله: وكذلك يُخَرَّجُ إذا أصْدقَها دابَّةً مِن دَوابِّهِ، أو قَمِيصًا مِن قُمْصانِه. وكذا لو أصْدَقَها عِمامَةً مِن عَمائمِه، أو خِمارًا مِن خُمُرِه، ونحوَ ذلك. وهذا التَّخْرِيج لأبِي الخَطَّابِ، ومَن تابعَه مِنَ الأصحابِ. وقطَع في «المُحَرَّرِ» وغيرِه، أنَّه كذلك. قال في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ»: وثَوْبٌ مَرْويٌّ، ونحوُه، كعَبْدٍ مُطْلَقٍ؛ لأنَّ أعْلَى الأجْناسِ وأدْناهَا مِنَ الثِّيابِ غيرُ معْلومٍ، وثَوْبٌ مِن ثِيابِه، ونحوُه، كقَفِيزِ حِنْطَةٍ، وقِنْطارِ زَيتٍ، ونحوه، كعَبْدٍ مِن عَبِيدِه. وجزَم بالصِّحَّةِ في ذلك في «الوَجيزِ». ومنَع في «الواضِحِ» في غيرِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ. ومنَع أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» عدَمَ الصِّحَّةِ في قَوْسٍ أو ثَوْبٍ. وقال: كلُّ ما جُهِلَ دُونَ جَهالةِ المِثْلِ، صح. وتقدَّم ذلك عنِ القاضي أَيضًا.
قوله: وإنْ أصْدَقَها عبْدًا موْصُوفًا، صَح. قطَع به الأصحابُ. وفي «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» وَجْهٌ بعدَمِ الصِّحةِ، وفيه نظرٌ. قاله بعْضُهم.
أوْ أصْدَقَهَا عَبْدًا وَسَطًا وَجَاءَهَا بِقِيمَتِهِ، أوْ خَالعَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَجَاءَتْهُ بِقِيمَتِهِ، لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا. وَقَال الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا ذَلِكَ.
ــ
قوله: وإنْ جاءَها بقيمَتِه، أو أصْدَقَها عَبْدًا وسَطًا وجاءَها بقِيمَتِه، أو خالعتْه على ذلك فجاءَتْه بقِيمَتِه، لم يلْزَمْهُما قَبُولُها. هذا أحدُ الوَجْهَين. وهو المذهبُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في تَصْحيحِ المُحَرَّرِ، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. [وجزَم به الشِّيرازِيُّ](1). وقال القاضي: يلْزَمُهُما.
(1) سقط من: الأصل.
وَإنْ أَصْدَقَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ أخْرَى، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ. فَإِنْ فَاتَ طَلَاقُهَا بِمَوْتِهَا، فَلَهَا مَهْرُهَا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ.
ــ
وقدَّمه في «الرِّعايتَين» . وقطَع به ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما» . وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» .
قوله: وإنْ أصْدَقَها طَلاقَ امْرَأةٍ له أخْرَى، لم يَصِحَّ. يعْنِي، لم يصِحَّ جعْلُ الطلاقِ صَداقًا. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «النَّظْمِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ»: لم يصِحَّ في الأصحِّ. وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، يصِحُّ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، ولم أرَ مَنِ اخْتارَه غيرَه، مع أنَّ له قُوَّةً. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «البُلْغَةِ» . وقال الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: ولو قيلَ ببُطْلانِ النِّكاحِ، لم يبْعُدْ؛ لأنَّ المُسَمَّى فاسِدٌ لا بدَلَ له، فهو كالخَمْرِ ونِكاحِ الشِّغَارِ. فعلى المذهبِ، لها مَهْرُ مِثْلِها. قاله القاضي في «الجامعِ» ، وأبو الخَطَّاب، وغيرُهما.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. وحكَى القاضي في «المُجَرَّدِ» ، عن أبِي بَكْر، أنَّها تسْتَحِقُّ مَهْرَ الضَّرَّةِ. وقاله ابنُ عَقِيلٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: وهو أجْوَدُ. ذكرَه في «الاخْتِياراتِ» .
قوله: فإنْ فاتَ طَلاقُها بمَوْتِها، فلها مَهْرُها في قِياسِ المذهبِ. وهكذا قال في «الهدايَةِ» . وهو الصَّحيحُ على هذه الرِّوايَةِ. جزَم به في «المُذْهَبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، [وفرَضَا المَسْألةَ فيما إذا لم يُطَلِّقْها. وقيل: لها مَهْرُ مِثْلِها. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ] (1)، ووَجْهٌ في «البُلْغَةِ» ، وأطْلَقهما.
فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو جعَل صَداقَها أنْ يجْعَلَ إليها طَلاقَ ضَرَّتِها إلى سنَةٍ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وقيل: يسْقُطُ
(1) سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حقُّها مِنَ المَهْرِ، إذا مَضَتِ السَّنَةُ ولم تُطَلِّقْ. ذكرَه أبو بَكْرٍ. وأَطْلَقهما في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . الثَّانيةُ، لو أصْدَقَها عِتْقَ أمَتِه، صحَّ، بلا نِزاعٍ.
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إِنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَأَلْفَينَ إِنْ كَانَ مَيِّتًا، لَمْ يَصِحَّ. نَصَّ عَلَيهِ.
وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَأَلْفَينِ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ، لَمْ يَصِحَّ في قِيَاسِ الَّتِي قبْلهَا. وَالمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَصِحُّ.
ــ
قوله: وإنْ تَزوَّجَها على أَلْفٍ إنْ كان أَبُوها حَيًّا، وأَلْفَين إِنْ كان مَيِّتًا، لم يَصِحَّ. نَصّ عليه. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال في «الفُروعِ» : ونصُّه: لا يصِحُّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهما. قال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: بطَلَ في المَشْهورِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وعنه، يصِحُّ. وهي مخَرَّجَةٌ، خرَّجها الأصحابُ مِنَ التي بعدَها. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ» .
قوله: وإنْ تَزَوَّجَها على أَلْفٍ إنْ لم تَكُنْ له زَوْجَةٌ، وأَلْفَين إنْ كان له زَوْجَةٌ، لم يَصِحَّ في قِياسِ التي قبْلَها. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الخُلاصَةِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو رِوايَةٌ مخَرَّجَةٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمَنْصوصُ أنَّه يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ» : ونصُّه: يصِحُّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» . قال في «المُذْهَبِ» : صحَّ في المَشْهورِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأطْلَقهما في «الفُروعِ» . قال في «الهِدايَةِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهما: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، في الأولَى على وُجوبِ مَهْرِ المِثْلِ، وفي الثَّاثيةِ على صِحَةِ التَّسْمِيَةِ، فيُخَرَّجُ في المَسْألتَين رِوايتَان. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: قال أصحابُنا: تُخرَّجُ المَسْألةُ على رِوايتَين. وقدَّم «البُلْغَةِ» عدَمَ التَّخْريجِ، وهو المذهبُ كما تقدَّم. قال: وحمَلَ بعْضُ أصحابِنا كلَّ واحدَةٍ على الأخْرَى.
وَإذَا قَال الْعَبْدُ لِسَيِّدَتِهِ: أَعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ. فَأَعْتَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ، عَتَقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَإذَا فَرَضَ الصَّدَاقَ مُؤجَّلًا وَلَمْ
ــ
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو تزَوَّجَها على ألْفٍ إنْ لم يُخْرِجْها مِن دارِها، وعلى أَلْفَين إنْ (1) أخْرَجَها، ونحوُه.
قوله: وإذا قال العَبْدُ لسَيِّدَتِه: أعْتِقِينِي على أنْ أتَزَوَّجَكِ. فأعْتَقَتْه على ذلك، عَتَقَ ولم يَلْزَمْه شيْءٌ. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «المُغْني» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وكذا لو قالتْ: أَعْتَقْتُكَ على أنْ تتَزَوَّجَ بي. لم يَلْزَمْه ذلك، ويَعْتِقُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ (2)، عندَ قوْلِه: إذا قال: أعْتَقْتُكِ، وجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ.
قوله: وإذا فَرَضَ الصَّداقَ مُؤجَّلًا ولم يَذْكُرْ مَحِلَّ الأجَلِ، صَحَّ في ظاهِرِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
20/ 234.
يَذْكُرْ مَحِلَّ الأجَلِ، صَحَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَمَحِلُّهُ الْفُرْقَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ لَا يَصِحُّ.
ــ
كَلامِه، ومَحِلُّه الفُرْقَةُ عند أصحابِنا. اعلمْ أنَّ الصَّداقَ يجوزُ فَرْضُه مُؤجَّلًا ومُعَجَّلًا بطَريقٍ أوْلَى، ويجوزُ بعْضُه مُعَجَّلًا، وبعْضُه مُؤجَّلًا. ومتى فُرِضَ الصَّداقُ وأُطلِقَ، اقْتَضَى الحُلولَ، وإنْ شرَطَه مُؤجَّلًا إلى وَقْتٍ، فهو إلى أجَلِه، وإنْ شرَطَه مُؤجَّلًا، ولم يذْكُرْ محَلَّ الأجَلِ -وهي مَسْألَةُ المُصَنِّفِ- فالصَّحيحُ أنَّه يصِحُّ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضي. وقدَّمه في «المُسْتَوعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يصِحُّ. يعْنِي، لا يصِحُّ فرْضُه مُؤجَّلًا مِن غيرِ ذِكْرِ محَلِّ الأجَلِ، ولها مَهْرُ المِثْلِ. وقال عن الأوَّلِ: فيه نظَرٌ. وهو رِوايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. واخْتارَه القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ» . وقدَّمه في «الخُلاصةِ» . وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . فعلى المذهبِ (1)، قال المُصَنِّفُ هنا: ومحَلُّه الفُرْقَةُ عندَ أصحابِنا، منهم القاضي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ» ، وغيرِهم.
(1) في ط: «الأول» .
فَصْلٌ: وَإنْ أصْدَقَهَا خَمْرًا أوْ خِنْزِيرًا أوْ مَالًا مَغْصُوبًا، صَحَّ النِّكَاحُ، وَوَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُعْجِبُهُ اسْتِقبَال النِّكَاحِ. اخْتَارَهُ أبُو بَكْرٍ. وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ.
ــ
وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يكونُ حالًّا. وذكرَها ابنُ أبِي مُوسى احْتِمالًا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ عندِي أنْ يكونَ الأجَلُ إلى حينِ الفُرْقَة، أو حينِ الخَلْوَةِ والدُّخولِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: الأظْهَرُ أنَّهم أرادُوا بالفُرْتَةِ البَينُونَةَ، فعلى هذا، الرَّجْعِيَّةُ لا يحِل مَهْرُها إلَّا بانْقِضاءِ عِدَّتِها.
قوله: وإنْ أصدَقَها خَمْرًا أو خِنْزِيرًا أو مالًا مَغْصُوبًا، صَحَّ النِّكاحُ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ هنا: والمذهبُ صِحَّتُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، أنَّه يُعْجِبُه اسْتِقْبالُ النِّكاحِ، يعْنِي أنَّ النِّكاحَ فاسِدٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، واخْتارَه أَيضًا شيخُه الخَلَّالُ، والجُوزْجَانِيُّ، لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَا يعْلَمان حالةَ العَقْدِ أنَّه خَمْرٌ، أو خنزيرٌ، أو مَغْصُوبٌ. وحمَلها القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم على الاسْتِحْبابِ.
تنبيه: إلْحاقُ المَغْصُوبِ بالخَمْرِ والخِنْزِيرِ عليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم. وقيل: محَلُّ الخِلافِ فيما هو مُحَرَّمٌ لحَق اللهِ؛ كالخَمْرِ، والخِنْزيرِ، والحُرِّ، ونحو ذلك، [ولا] (1) يدْخُلُ المَغْصوبُ. فيَصِحُّ (2) به قوْلًا واحدًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا اخْتِيارُ الشَّيخَين، حتَّى بالغ أبو محمدٍ، فحكَى الاتِّفاقَ عليه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ صاحبِ «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوي» .
قوله: ووجَبَ مَهْرُ المثْلِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في
(1) في ط: «لأنه» .
(2)
في ط: «فصح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» . وعندَ ابنِ أبِي مُوسى يجِبُ مِثْلُ المَغْصوبِ أو قِيمَتُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: واخْتارَه أبو العَبَّاسِ. وقال في «الواضِحِ» : إنْ باعَ المَغْصُوبَ صاحِبُه بثَمَنِ مِثْلِه، لَزِمَه. وعنه، يجِبُ مِثْلُ الخَمْرِ خَلًّا.
فائدة: يجِبُ المَهْرُ هنا بمُجَرَّدِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «التّرْغيبِ» ، و «البُلْغَةِ»: وعنه، يجِبُ بالعَقْدِ، بشَرْطِ الدُّخولِ.
وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا، أو عَصِيرِ فَبَانَ خَمْرًا، فَلَهَا قِيمَتُهُ.
ــ
قوله: وإنْ تَزَوَّجَها على عَبْدٍ فخَرَجَ حُرًّا أو مَغْصُوبًا، أو عَصيرٍ فبان خَمْرًا، فلها قِيمَتُه. يعْنِي يوْمَ التَّزْويجِ. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: إنْ خرَج حُرًّا، فلها قِيمَتُه. وقطَع به الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ (1). وإنْ خرَج العَبْدُ مغْصُوبًا، فلها قِيمَتُه أَيضًا. وهو المذهبُ. وقطَع به في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وإنْ بانَ العَصِيرُ خَمْرًا، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّ لها قِيمَتَه.
(1) في ط: «الأصحاب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وقالا: رِوايةً واحدةً. وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ». وقيل: لها مِثْلُ العَصِيرِ. وهو المذهبُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ورَدَّا قَوْلَ القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لها مَهْرُ المِثْلِ. وقدَّمه في «الإِيضاحِ» . قال في «البُلْغَةِ» : يُرْجَعُ إلى مَهْرِ المِثْلِ في المِثْلِيِّ وبالقِيمَةِ في غيرِه. وعندَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رحمه الله، لا يَلْزَمُه في هذه المَسائلِ شيءٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكذا قال في مَهْرٍ مُعَيَّنٍ تعَذَّرَ حُصُولُه.
فائدة: لو تزَوَّجَها على عَبْدَين، فبانَ أحدُهما حُرًّا. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ لها قِيمَةَ الحُرِّ فقط، وتأْخُذُ الرَّقيقَ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لها (1) قِيمَتُهما. ولو تزَوَّجَها على عَبْدٍ، فبانَ نِصْفُه مُسْتَحَقًّا، أو أصْدَقَها أَلْفَ ذِراعٍ، فبانَتْ
(1) في ط: «له» .
وَإنْ وَجَدَتْ بِهِ عَيبًا، فَلَهَا الْخِيَارُ بَينَ أَخْذِ أَرْشِهِ أَوْ رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ.
ــ
تِسْعَمائةٍ، خُيِّرَتْ بينَ أخْذِه وقِيمَةِ التَّالِفِ، وبينَ قِيمَةِ الكُلِّ. ذكرَه أبو بَكْرٍ وقال: هو مَعْنى المَنْقُولِ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رحمه الله، أنَّه لا يَلْزَمُه شيءٌ.
قوله: وإنْ وجَدَتْ به عَيبًا، فلها الخِيَارُ بينَ أخْذِ أَرْشِه أو رَدِّه وأَخْذِ قِيمَتِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكذا لو بانَ ناقِصًا صِفَةً شرطَتْها. [فأمَّا الذي بالذِّمَّةِ إذا قُبِضَ مِثْلُه عنه، ثم بانَ مَعِيبًا ونحوه، فإنَّه يجِبُ بدَلُه لا أرْشُه ولا قِيمَتُه. كما قد صرَّح به «المُحَرَّرِ» وغيرُه](1). وحُكْمُ ذلك كلِّه كالبَيعِ، كما تقدَّم. ذكرَه في «الفُروعِ». وقال النَّاظِمُ: لها أخْذُ الأَرْشِ في الأصحِّ. وقال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وعنه، لا أرْشَ لها مع إمْساكِه.
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: ذكَر الزَّرْكَشِيُّ، عن الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رحمه الله، أنَّه ذكَر في بعْضِ «قَواعِدِه» جَوازَ فَسْخِ المَرْأةِ النِّكاحَ إذا ظهَر المَعْقُودُ عليه حُرًّا أو مَغْصُوبًا أو مَعِيبًا، والإمامُ والأصحابُ على خِلافِ ذلك.
فَصْلٌ: وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا، صَحَّ، وَكَانَا جَمِيعًا مَهْرَهَا،
ــ
قوله: وإِنْ تَزَوّجَها على أَلْفٍ لها وأَلْفٍ لأبِيها، صَحَّ، وكانا جَمِيعًا مَهْرَهَا،
فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهِمَا، رَجَعَ عَلَيهَا بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ مِمَّا أخَذَ.
ــ
فإنْ طَلَّقَها قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهما، رَجَعَ عليها بأَلْفٍ، ولم يَكُنْ على الأبِ شَيءٌ مِمَّا أخَذَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. لكِنْ يشْتَرَطُ في الأبِ أنْ يكونَ ممَّنْ يصِحُّ تَملُّكُهْ. قاله الأصحابُ. وذكَر في «التَّرْغيبِ» رِوايَةً؛ أنَّ المُسَمَّى كلَّه لها، ويرْجِعُ به على الأبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى أبو عَبْدِ اللهِ بنُ تَيمِيَّةَ (1) رِوايةً ببُطْلانِ الشَّرْطِ وصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ. وقيل: يَبْطُلانِ ويجِب مَهْرُ
(1) هو محمَّد بن الخضر، فخر الدين: تقدمت ترجمته في 1/ 18.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المِثْلِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه.
فائدة: لو شرَط أنَّ جميعَ المَهْرِ له، صحَّ، [كشُعَيبٍ صلى الله عليه وسلم](1)، فلو طَلَّقها قبلَ الدُّخولِ، رجَع بنِصفِه عليها، ولا شيءَ على الأبِ. وهذا الصَّحيحُ. وقاله القاضي، وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ،
(1) زيادة من: ا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. وقيل: يرْجِعُ عليه بنِصْفِ ما أَخَذَ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك. [فعلى هذا لو كانَ ما شرَطه الأبُ أكثرَ مِنَ النِّصْفِ، رجَع على الأبِ بما زادَ على النِّصْفِ، وببَقِيَّةِ النِّصْفِ على الزَّوْجَةِ](1).
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، رحمه الله، وغيرِه أنَّه سواءٌ أجْحَفَ الأخْذُ بمالِ البِنْتِ أوْ لا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ إطْلاقِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، والقاضي في «تَعْليقِه» ، وأبِي الخَطَّابِ، وطائفَةٍ. وشرَط عدَمَ الإجْحافِ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. رحمه الله: وهذا ضعيفٌ، ولا يُتَصَوَّرُ الإِجْحافُ، لعدَمِ مِلْكِها له.
فائدة: يَمْلِكُ الأبُ ما شرَطَه لنَفْسِه بنَفْسِ العَقْدِ، كما تَمْلِكُه هي، حتَّى لو ماتَ قبلَ القَبْضِ، وَرِثَ عنه، لكِنْ يُقَدَّرُ فيه الانْتِقالُ إلى الزَّوْجَةِ أوَّلًا، ثم إليه، كأعْتِقْ عَبْدَكَ عن كفَّارَتي. ذكَر ذلك ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» . وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وقال القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يَمْلِكُه إلَّا بالقَبْضِ مع النِّيَّةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وضعَّفَ هذا بأنَّه يَلْزَمُ منه بُطْلانُ خَصِيصةِ هذه المَسْأَلةِ. قال: ويتَفَرَّع مِن هذا -على قَوْلِ أبِي محمدٍ- أَنه لو وُجِدَ الطَّلاقُ قبلَ القَبْضِ، فللأبِ أنْ يأخُذَ مِنَ الأَلْفِ التي اسْتَقَرَّتْ للِبنْتِ ما شاءَ، والقاضي يجْعَلُ الأَلْفَ بينَهما نِصْفَين، كجُمْلَةِ الصَّداقِ.
(1) زيادة من: ش.
وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيرُ الأَبِ، فَالْكُلُّ لَهَا دُونَهُ. وَلِلأَب تَزْويجُ ابْنَتِهِ
ــ
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فإنْ فعَلَ ذلك غيرُ الأبِ، فالكُلُّ لها. صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: تَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ، ويجِبُ لها مَهْرُ المِثْلِ. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ» .
قوله: وللأَب تَزْويجُ ابْنَتِه البِكْرِ والثَّيِّبَ بدونِ صَداقِ مِثلِها، وإنْ كَرِهَتْ. هذا
الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَإنْ كَرِهَتْ،
ــ
المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَنْصُوصُ والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وهو مُقْتَضَى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» اخْتِصاصُ هذا الحُكْمِ بالأَبِ المُجْبَرِ. وهو قَوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ أَيضًا. وقيل: يخْتَصُّ ذلك بالمَحْجُورِ عليها في المال. ذكرَه ابنُ أبِي مُوسى في الصَّغِيرَةِ، وفي معْناها السَّفِيهَةُ. وفي «التَّعْليقِ» احْتِمالٌ؛ أنَّ حُكْمَ الأبِ مع الثَّيِّبِ حُكْمُ غيرِه مِنَ الأوْلِياءِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: حيثُ قُلْنا: للأَبِ ذلك. فليسَ لها إلَّا ما وقَع عليه العَقْدُ، فلا يُتَمِّمُه الأبُ ولا الزَّوْجُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُتَمِّمُه الأبُ، كبَيعِه بعْضَ مالِها بدُونِ ثَمَنِه لسُلْطَانٍ يَظُنُّ به حِفْظَ الباقِي. ذكَره في «الانْتِصارِ». وقيل: يُتَمِّمُه لثَيِّبٍ كبيرَةٍ. وفي «الرَّوْضَةِ» بما وقَع عليه العَقْدُ قبلَ لُزومِ العَقْدِ. وقيل: على الزَّوْجِ بقِيَّةُ مَهْرِ المِثْلِ. ذكَره ابنُ حَمْدانَ في «رِعايتَيه» .
تنبيه: قوْلُه: وإنْ كَرِهَتْ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد يسْتَشْكِلُ مَنْ لا يَمْلِكُ إجْبارَها، إذا قالتْ: أَذِنْتُ لكَ أنْ تُزَوِّجَنِي على مِائَةِ درْهَمٍ لا أقلَّ. فكيفَ يصحُّ أنْ يُزَوِّجَها على أقلَّ مِن ذلك؟ وقد يقالُ: إذْنُها في المَهْرِ غيرُ مُعْتَبَرٍ، فيُلْغَى ويبْقَى أصْلُ إذْنِها في النِّكاحِ.
وَإنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيرُهُ بِإِذْنِهَا، صَحَّ، وَلَمْ يَكُنْ لغَيرِهِ الاعْتِرَاضُ، فَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيرِ إِذْنِهَا، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ.
ــ
قوله: وإنْ فعَل ذلك غيرُه بإذْنِها، صَحَّ، ولم يكُنْ لغيرِه الاعتِراضُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: على الزَّوْجِ بقِيَّةُ مَهْرِ المِثْلِ. ذكَره ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه» . قلتُ: وهو مُشْكِلٌ؛ لأنَّها إنْ كانتْ رشِيدةً، فكيفَ يلْزَمُ الزَّوْجَ ذلك مع رِضَاها بغيرِه؟ وإنْ كانتْ غيرَ رشِيدَةٍ ولها إذْنٌ، وأذِنَتْ في ذلك، فهذا يَحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَ الزَّوْجَ التَّتِمَّةُ (1)، ويحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَ الوَلِيَّ، لكِنَّ الأوْلَى هنا لُزومُ التَّتِمَّةِ إمَّا على الزَّوْجِ، أو الوَلِيِّ. هذا ما يظْهَرُ.
قوله (2): وإِنْ فعَلَه بغيرِ إذنِها، وجَب مَهْرُ المِثلِ. فيُكْمِلُه الزَّوْجُ. على
(1) في الأصل: «القيمة» .
(2)
سقط من: ط.
وَيَحْتَمِلُ أن لَا يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلا الْمُسَمَّى، وَالْبَاقِي عَلَى الْوَلِيِّ، كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيعِ. وَإنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، صَحَّ، وَلَزِمَ ذِمَّةَ الابْنِ،
ــ
الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنْ لا يلْزَمَ الزَّوْجَ إلَّا المُسَمَّى، والباقِي على الوَلِيِّ، كالوَكِيلِ في البَيعِ. وهو. لأبي الخطَّابِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقد نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه في «القَواعِدِ» في «الفائِدَةِ العِشْرِين» ، وقال: نصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قال في «الفُروعِ» : وبدُونِ إذْنِها يلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُه، ويضْمَنُه الوَلِي. وعنه، تَتِمَّتُه عليه كمَنْ زوَّجَ بدُونِ ما عيَّنَتْه له. قال: ويتَوَجَّهُ كخُلْعٍ. وفي «الكافِي» ، للأبِ تعْويضُها.
قوله: وإنْ زَوَّجَ ابنَه الصَّغِيرَ بأكْثَرَ مِن مَهْرِ المِثْلِ، صَحَّ، ولَزِمَ ذمَّةَ الابنِ. هذا المذهبُ. قال القاضي: هذا المذهبُ، رِوايَةً واحِدةً. وجَزَم به في
فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْأَبُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ.
ــ
«المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. [وعنه، على الأبِ ضَمانًا. وعنه، أصالةً. ذكرَهما الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ](1). ونقَل ابنُ هانِيُّ، يلْزَمُ ذِمَّةَ الابْنِ مع رِضَاه. وقيل: لا يتزَوَّجُ له بأكْثرَ مِن مَهْرِ المِثْلِ. اخْتارَه القاضي. وتقدَّم ذلك بأبْسَطَ مِن هذا في أرْكانِ النِّكاحِ (2)، بعدَ قوْلِه: الثَّاني، رِضَا الزَّوْجَين. فعلى المذهبِ، لو قَضاه عته أَبُوه، ثم طلَّق ابنُه قبلَ الدُّخولِ، وقيل: بعدَ البُلوغِ. فنِصْفُ الصَّداقِ للابنِ دُونَ الأبِ. قاله في «الرِّعايةِ» .
قوله: فإنْ كان مُعْسِرًا، فهل يضْمَنُه الأبُ؟ يَحْتَمِلُ وجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ إحْداهما، لا يضْمَنُه الأبُ، كثَمَنِ مَبِيعِه. وهو المذهبُ. قال القاضي: هذا أصحُّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي
(1) سقط من: الأصل.
(2)
20/ 13.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» . والثَّانيةُ (1)، يضْمَنُه للعُرْفِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وعنه، يلْزَمُه أصالةً. ذكَر ما في «الرِّعايةِ». وقيل: يضْمَنُ الأبُ الزِّيادَةَ فقط. وقال في «النَّوادِرِ» : نقَلَ صالح، كالنَّفَقَةِ، فلا شيءَ على الابْنِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: ويتَحَرَّرُ لأصحابِنا، فيما إذا زوَّج ابْنه الصَّغِيرَ بمَهْرِ المِثْلِ أو أزْيدَ، رِواياتٌ؛ إحْداهُنَّ، هو على الابْنِ مُطْلَقًا، إلَّا أنْ يضْمَنَه الأبُ، فيكونَ عليهما. الثَّانية، هو على الابنِ، إلَّا أنْ يضْمَنَه الأبُ، فيكونَ عليه وحدَه. الثَّالثةُ، هو على الأب ضَمانًا. الرَّابعةُ، على الأبِ أصالةً. الخامسةُ، إنْ كان الابْنُ مُقِرًّا، فهو على الأبِ أصَالةً. السَّادِسَةُ، فرَّق بينَ رِضَا الابنِ وعدَمِ رِضَاه.
(1) في ط: «والثاني» .
وَلِلْأَب قَبْضُ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِغَيرِ إِذْنِهَا، وَلَا يَقْبِضُ صَدَاقَ الثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ إلا بِإِذْنِهَا. وَفِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ رِوَايَتَانِ.
ــ
تنبيه: قولُه: وللأبِ قبْضُ صَداقِ ابْنَتِه الصَّغِيرَةِ بغيرِ إذنِها. وهذا بلا نِزاعٍ. ولا يقْبِضُ صَداقَ الثَّيِّبِ الكَبِيرَةِ إلَّا بإذْنِها. يعْنِي، إذا كانتْ رشِيدَةً، فأمَّا إنْ كانتْ محْجُورًا عليها، فله (1) قبْضُه بغيرِ إذنِهاء وهو واضِحٌ، وتقدَّم ذلك في بابِ الحَجْرِ (2).
قوله: وفي البِكْرِ البالِغِ رِوَايتَان. يعْنِي الرَّشِيدَةَ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ،
(1) في ط: «ولهما» .
(2)
13/ 393.
فَصْلٌ: وَإنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى صَدَاقٍ مُسَمًّى، صَحَّ،
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يقْبِضُه إلَّا بإذْنِها إذا كانتْ رشيدةً. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وغيرُه. وصحَّحه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «التَّصْحيحِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، والحارِثِيُّ، في بابِ الهِبَةِ. والثَّانيةُ، يقْبِضُه بغيرِ إذْنِها مُطْلَقًا. زادَ في «المُحَررِ» ومَن تابَعه، ما لم يمْنَعْه. فعلى الثَّانيةِ، يبْرأُ الزَّوْجُ بقَبْضِ الأبِ، وترْجِعُ على أبِيها بما بَقِيَ، لا بما أنْفَقَ منه.
فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وإنْ تزَوَّجَ العَبْدُ بإذْنِ سَيِّدِه على صَداقٍ مُسَمًّى، صَحَّ. بلا نِزاعٍ، ويجوزُ له نِكاحُ أَمَةٍ، ولو قدَرَ على نِكاحِ حُرَّةٍ. ذكَره أبو
وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وهو مَعْنَى كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. الثَّانيةُ، متى أَذِنَ له وأطْلقَ، لم ينْكِحْ إلَّا واحدةً. نصَّ عليه. [وزيادَتُه على مَهْرِ المِثْلِ في رَقَبَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بذِمَّتِه. وفي تناوُلِ النِّكاحِ الفاسِدِ احْتِمالان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يتَناوَلُه](1).
قوله: وهل يتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِه، أو ذِمَّةِ سَيِّدِه؟ على روَايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ إحْداهما، يتَعلَّقُ بذِمَّةِ سيِّدِه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعَةُ عن الإمام أحمدَ، رحمه الله. وصحَّحه في «التَّصحيحِ». قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: ويتعَلَّقُ بذِمَّةِ سِيِّدِه على الأسَدِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» . والثَّانيةُ، يتعَلَّقُ برَقَبَتِه. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وعنه، يتعَلَّقُ بذِمَّةِ السَّيدِ ورَقَبَةِ العَبْدِ. وعنه، يتعَلقُ بذِمَّتِهما؛ ذِمَّةِ العَبْدِ أصالةً، وذِمَّةِ السَّيِّدِ ضَمانًا. وعنه، يتعَلَّقُ بكَسْبِه. وأطْلَقَهُن في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». فإنْ قيل: هذه الروايةُ هي عَينُ الرِّوايَةِ الأولَى؛ لأنَّ السَّيِّدَ (1) يمْلِكُ كسْبَه، فهو في ذِمَّتِه. قيل: ليستْ هي، بل غيرُها. وفائدةُ الخِلافِ أنَّا إذا قُلْنا: يتَعلَّقُ بذِمَّةِ السَّيدِ. تجِبُ النَّفَقَةُ عليه وإنْ لم يكُنْ للعَبْدِ كسْبٌ، وليسَ للمَرْأةِ الفَسْخُ لعدَم كَسْبِه وللسَّيِّدِ اسْتِخْدامُه ومنْعُه مِنَ التَّكَسُّبِ. وإنْ قُلْنا: يتَعلَّقُ بكَسْبِه. فللْمَرْأةِ الفَسْخُ إذا لم يكُنْ له كسْبٌ، وليسَ لسَيِّدِه منْعُه مِنَ الثَّلاثِ. ذكَرَه المُصَنفُ وغيرُه. ويأْتِي في آخِرِ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليكِ، هل له أنْ يتسَرَّى بإذْنِ سَيِّدِه، أمْ لا؟
تنبيه: إذا قُلْنا: يتعَلَّقُ المَهْرُ بذِمَّةِ السَّيَدِ ضَمانًا، فقَضاه عن عَبْدِه، فهل يرْجِعُ عليه إذا عتَقَ؟ قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: ينْبَغِي أنْ يُخَرَّجَ هنا على الخِلافِ
(1) سقط من: الأصل.
وَإنْ تَزَوَّجَ بِغَيرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ،
ــ
في مَهْرِ زَوْجَتِه إذا كانتْ أَمَةً للسَّيِّدِ؛ فحيثُ رجَع هناك رجَع هنا.
فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ النَّفَقَةِ حُكْمُ الصَّداقِ، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الفُروعِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»:
وزوْجَةُ العَبْدِ بإذْنِ السَّيِّدِ
…
عليهما يُنْفِقُ في المُجَوَّدِ
الثَّانيةُ، لو طلَّق العَبْدُ؛ فإنْ كان الطلاقُ رَجْعِيًّا، فله الرَّجْعَةُ بدُونِ إذْنِ سيِّدِه. ذكَره القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. واقْتَصرَ عليه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ؛ لأنَّ المِلْكَ قائمٌ بعْدُ، وإنْ كان الطلاقُ بائنًا، لم يمْلِكْ إعادَتَها بغير إذنِه؛ لأنَّه تجدْيدُ مِلكٍ، والإذْنُ مُطلَق، فلا يتَناوَلُ أكثرَ مِن مَرَّةٍ واحدَةٍ (1). قاله في «القاعِدَةِ الأرْبَعِين» .
قوله: وإنْ تزَوَّجَ بغيرِ إذْنِه، لم يَصِحَّ النِّكاحُ. هذا المذهبُ. نقَله الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ،
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» ، وغيرِهم. وعنه، النِّكاحُ مَوْقوفٌ. قال في «الفُروعِ» ، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ: وقال أصحابُنا: كفُضُولِيٍّ. ونقَله حَنْبَلٌ. وإنْ وطِئ فيه، فكنِكاحٍ فاسِدٍ. فعلى القَوْلِ بالوَقْفِ على إجازَةِ السَّيِّدِ، لو أعْتَقَه عَقِبَ النِّكاحِ، فقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صحَّ نِكاحُه ونفَذَ، بخِلافِ ما لو اشْتَرَى شيئًا بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، ثم أعْتَقَه عقِبَ الشِّراءِ، لم ينْفُذْ شِراؤه. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيةِ (1)»: وما قاله فيه نظَرٌ.
(1) سقط من: الأصل.
وَإنْ دَخَلَ بِهَا، وَجَبَ فِي رَقَبَتِهِ مَهْرُ المِثْلِ.
ــ
قوله: فإِنْ دخَلَ بها، وجَبَ في رَقَبَتِه مَهْرُ المِثْلِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهبِ»: وجَب مَهْرُ المِثْلِ في أصحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ» . وقدَّمه في «المُحَررِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وقيل: في ذِمَّتِه. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. [واخْتارَه الشَّارِحُ وغيرُه. وعنه، الواجِبُ هو المُسَمَّى ويتعَلَّقُ برَقَبَتِه. وقيل: الواجِبُ خُمْسَا مَهْرِ المِثْلِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» أيضًا وغيرِه](1). وعنه، الواجِبُ خُمْسَا المُسَمَّى. نقلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما» ، والشيرَازِيُّ. وقال الزَّرْكَشِي: هذه أشْهَرُ الرِّوايَاتِ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» . وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ وهو منها. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، إنْ علِمَتْ أنَّه عَبْدٌ، فلها خُمْسَا المُسمَّى، وإنْ لم تعْلَمْ، فلها المَهْرُ في رَقبَتِه. ونقَل حَنْبَلٌ، لا مَهْرَ لها مُطْلَقًا. قال في «المُحَرَّرِ»: وعنه، إنْ علِمَا، فلا مَهْرَ لها بحالٍ.
وَعَنْهُ، يَجِبُ خُمْسَا الْمُسَمَّى. اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ.
ــ
فقَيَّدها بما إذا علِمَا التَّحْريمَ. وكذا حمَلَها القاضي أيضًا وتَبِعَه في «الرِّعايَةِ» ، وزادَ. قلتُ: إنْ علِمَتِ المرْأةُ وحدَها. قال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، أو علِمَتْه هي، يعْنِي وحدَها. قال: والإخْلالُ بهذه الزِّيادَةِ سَهْوٌ. انتهى. وقال المُصَنفُ: يحْتَمِلُ ما نقَل حَنْبَل، أنْ يُحْمَلَ على إطْلاقِه، ويحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ على ما قبلَ الدُّخولِ، ويحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ علي أنَّ المَهْرَ لا يجِبُ في الحالِ، بل يجِبُ في ذِمَّةِ العَبْدِ، يُتْبَعُ به إذا عَتَقَ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وأُوِّلَتْ هذه الرِّوايَةُ بتَأْويلاتٍ فيها نظرٌ. وعنه، تُعْطَى شيئًا. نقَله المَرُّوذِيُّ، قال: قلتُ: أتَذْهَبُ إلى قَوْلِ عُثْمانَ؟ قال: أذْهَبُ إلى أنْ تُعْطَى شيئًا. قال أبو بَكْرٍ: وهو القِياسُ.
تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قولِ المُصَنِّفِ، وغيرِه، أنَّ خُمْسَا المُسَمَّى يجِبُ في رَقَبَةِ العَبْدِ، وقالوا: اخْتارَه الخِرَقيُّ. والخِرَقِيُّ إنَّما قال: على سيِّدِه خُمْسَا المَهْرِ. والجَوابُ عن ذلك، أنَّ القَوْلَ بوُجوبِه في رَقَبَةِ العَبْدِ، هو على السَّيِّدِ؛ لأنَّه مِلْكُه. غايَتُه أنَهم خصَّصُوه برَقَبَةِ العَبْدِ، والخِرَقِيُّ جعَله على السَّيدِ، ولا ينْفَكُّ ذلك عن مالِ السَّيِّدِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّاني، مُرادُه، والله أعلمُ، بالدُّخولِ في قوْلِه: فإنْ دخَل بها. الوَطْءُ. وقد صرَّح به في «الوَجيزِ» وغيرِه. فعلى هذا، لا يجِبُ بالخَلْوَةِ إذا لم يطَأْ. والظَّاهِرُ أنَّ هذا مِنَ الأنْكِحَةِ الفاسِدَةِ، يُعْطىَ حُكْمَها في الخَلْوَةِ، على ما يأْتِي في آخرِ البابِ، والخِلافُ فيه.
فائدتان؛ إحْداهما، ظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، إنَّما صارَ إلى أنَّ الواجِبَ خُمْسَا المُسَمَّى توْقِيفًا؛ لأنَّه نُقِلَ عن عُثْمانَ، رضي الله عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ووَجَّهَها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، فقال: المَهْرُ في نِكاحِ العَبْدِ يجِبُ بخَمْسَةِ أشْياءَ؛ عَقْدِ النِّكاحِ، وعَقْدِ الصَّداقِ، وإذْنِ السَّيِّدِ في النِّكاحِ، وإذْنِه في الصَّداقِ والدُّخولِ. فإذا نكَحَ بلا إذْنِه، فالنِّكاحُ باطِلٌ، ولم يُوجَدْ إلَّا التَّسْمِيَةُ مِنَ العَبْدِ والدُّخولُ، فيَجِبُ الخُمْسَانِ. الثَّانيةُ، يفدِيه سيِّدُه بالأقَل مِن قِيمَتِه، أو المَهْرِ الواجبِ.
وَإنْ زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقِيلَ: يَجِبُ وَيَسْقُطُ.
ــ
قوله: وإنْ زوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَه أمَتَه، لم يجِبْ مَهْرٌ. ذكرَه أبو بَكْرٍ. واخْتارَه هو وجماعةٌ، منهم القاضي، وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقيل: يجِبُ ويسْقُطُ. وهو رِوايَةٌ في «التبصِرَةِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الرِّعايتَين» ، و «إدْراكِ الغايةِ» . وعنه، يجِبُ المَهْرُ ويُتْبَعُ به بعدَ عِتْقِه. نقَله سِنْدِيٌّ. وهو المذهبُ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وهو المَنْصوصُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وظاهِرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ.
وَإنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً، ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا، أَوْ نِصْفُهُ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إِلَى ثَمَنِهِ،
ــ
قوله: وإنْ زَوَّجَ عَبْدَه حُرَّةً، ثم باعَها العَبْدَ بثَمَن في الذِّمَّةِ، تحَولَ صَداقُها أو نِصْفُه إنْ كان قبلَ الدُّخُولِ إلى ثمَنِه. يعْنِي إذا قُلْنا: يتَعَلَّقُ المَهْرُ برَقَبَةِ العَبْدِ. قاله الأصحابُ. فأمَّا إنْ قُلْنا: يتَعلَّقُ بذِمَّةِ السَّيِّدِ. وهو المذهبُ، كما تقدَّم، فأنْ كان المَهْرُ وثَمَنُ العَبْدِ مِن جِنْس واحدٍ واتَّفَقا في الحُلولِ أو التَّأْجِيلِ، تقَاصَّا. وأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّ المَهْرَ يتَعلَّقُ بذِمَّتَيْهما. فإنَّه يسْقُطُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهمِ؛ لمِلْكِها العَبْدَ، [والمالِكُ لا يجِبُ له شيءٌ على مَمْلوكِه](1)، والسَّيدُ تبَعٌ له؛ لأنه ضامِن، ويبْقَى الثَّمَنُ للسَّيِّدِ عليها؛ [لسُقوطِ مَهْرِها] (3). وقيل: لا يسْقُطُ؛ لثُبوتِه [لها عليهما](3) قبَلَ أنْ تمْلِكَه. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: بِناءً على مَن ثبَتَ له دَين على عَبْدٍ، ثم ملَكَه، فإنَّ في سقُوطِه وجْهَين. قال في «المُحَرَّرِ»: أصْلُهما مَن ثبَتَ له دَين على عَبْدٍ ثم ملَكَه، هل يسْقُطُ؟ على وجْهَين. [وقدَّم في «المُحَررِ» وغيرِه، السُّقوطَ](2). وقاله في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي». وقيل: لا يسْقُطُ؛ لثُبوتِه لها قبلَ شِرائِه. فمَن ثبَتَ له على عَبْدٍ دَين أو أرْشِ جِنايَةٍ ثم ملَكَه، سقَطَ. وقيل: لا يسْقُطُ. وتقدَّم ذلك في أواخرِ بابِ الحَجْرِ (3).
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
13/ 424.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ بقَوْلِه: تحَوَّلَ صَداقُها، أو نِصْفُه. أنَّ شِراءَها له قبلَ الدُّخولِ، لا يُسْقِطُ نِصْفَ مَهْرِها. وهو إحْدَى الرِّوايتَين، [وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»](1). وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» هنا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» هنا، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . والرِّوايةُ الثانيةُ، يسْقُطُ؛ لأنَّ الفَسْخَ إنَّما تمَّ بشِرائِها، فكأنها هي الفاسِخَةُ. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . [ويأْتِي هذا مُحَررًا في كلامِ المُصَنِّفِ، فيما إذا جاءَتِ الفُرْقَةُ مِن جِهَتِها](2).
(1) سقط من: ط.
(2)
سقط من: الأصل.
وَإنْ بَاعَهَا إِيَّاهُ بِالصَّدَاقِ، صَحَّ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَصِحَّ قَبْلَ الدُّخُولِ.
ــ
قوله: وإنْ باعَها إِيَّاه بالصَّداقِ، صَحَّ قبلَ الدُّخُولِ وبعدَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضي. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» (1)، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ قبلَ الدُّخُولِ. وهو رِوايةٌ ذكرَها في «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وقال: لأنَّها
(1) سقط من: الأصل.
فَصْلٌ: وَتَمْلِكُ الْمَرأةُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ،
ــ
متى ملَكَتْه، انْفَسَخَ النِّكاحُ. قال: فعلى هذا، يجِبُ أنْ لا يصِحَّ شِراؤُها لزَوْجِها قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّه مُبْطِل مَهْرَها؛ لأنَّ الفُرْقَةَ بسَبَب مِن جِهَتِها، وإذا بطَلَ المَهْرُ بطَلَ الشِّراءُ. قال: وهذه إحْدَى مَسائلِ الدَّورِ. قال: وعلى الأوَّلَةِ، السَّيِّدُ قائمٌ مَقامَ الزَّوْجِ في توْفِيَةِ المَهْرِ، فصارَتِ الفُرْقَةُ مُشْتَرَكةً بين الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ، وإذا كان كذلك، غلَب فيها حكمُ الزَّوْجِ كالخُلْعِ. وإذا ثبَتَ أنَّ الفَسْخَ مِن جِهَةِ الزَّوْجِ، فعليه نِصْفُ المَهْرِ فيَصِحُّ البَيعُ ويغْرَمُ النِّصْفَ الآخَرَ، كما لو قبَضَتْ جميعَ الصَّداقِ، ثم طَلُقتْ قبلَ الدُّخولِ فإنَّها ترُدُّ نِصْفَه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: واخْتارَ وَلَدُ صاحبِ «التَّرْغيبِ» ، أنَّه إنْ تعَلَّقَ برَقَبَتِه أو ذِمَّتِه وسقَطَ ما في الذِّمَّةِ بمِلْكٍ طارِئٍ، برِئَتْ ذِمَّةُ السَّيِّدِ. فعلى هذا، يلْزَمُ الدَّوْرُ، فيكونُ في الصِّحَّةِ بعدَ الدُّخولِ، الرِّوايَتان قبلَه. انتهى. فعلى المذهبِ، وهو الصِّحَّةُ في رُجوعِه قبلَ الدُّخولِ بنِصْفِه، أو بجَميعِه، الرِّوايَتان المُتَقدِّمَتان.
فائدة: لو جعَل السَّيِّدُ العَبْدَ مَهْرَها، بطَلَ العَقْدُ، كمَن زوَّجَ ابْنَه على رَقَبَةِ مَن يَعْتِقُ على الابْنِ لو ملَكَه، إذْ نُقَدِّرُه له قبلَها، [فيُقَدَّرُ المِلْكُ في مَن يَعْتِقُ على الابْنِ للابنِ قبلَ الزَّوْجَةِ. وقيل: عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ إذا دخَل في مِلْكِه هو قبلَها، عتَقَ عليه دُونَها] (1).
قوله: وتمْلِكُ المَرْأَةُ الصَّدَاقَ المُسَمَّى بالعَقْدِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه
(1) سقط من: الأصل، ط.
فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ، فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَنَمَاؤُهُ لَهَا، وَزَكَاتُهُ وَنَقْصُهُ وَضَمَانُهُ عَلَيهَا،
ــ
الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ المَعْروفُ المَجْزومُ به عندَ الأكْثَرِين. انتهى. وجزَمِ به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا تَمْلِكُ إلَّا نِصْفه. ذكَرَه القاضي ومَن بعدَه.
قوله: فإنْ كان مُعَيَّنًا، كالعَبْدِ والدَّارِ، فلها التَّصَرُّفُ فيه، ونماؤُه لها،
إلا أن يَمْنَعَهَا قَبْضَهُ، فَيَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، فِي مَنْ تُزَوَّجُ عَلَى عَبْدٍ فَفُقِئَتْ عَينُهُ، إِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتهُ، فَهوَ لَهَا، وَإلَّا فَهُوَ عَلَى الزَّوْجِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهَا إلا بِقَبْضِهِ.
ــ
وزَكاتُه نَقْصُه وضمانُه عليها، إلَّا أنْ يمْنَعَها قَبْضَه فيكُونُ ضمانُه عليه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» -وقال: هذا المذهبُ- وغيرِهم. وعنه، في مَن تزَوَّجَ على عَبْدٍ، ففُقِئَتْ عَينُه، إنْ كانتْ قد قبَضَتْه، فهو لها، وإلَّا فهو للزَّوْجِ. فعلى هذا، لا يدْخُلُ في ضَمانِها إلَّا بقَبْضِه. قال في «المُحَرَّرِ»
وَإنْ كَانَ غَيرَ مُعَيَّنٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا، وَلَمْ تَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فِيهِ، إلا بِقَبْضِهِ كَالْمَبِيعِ.
ــ
وغيرِه: ومِن شَرْطِ تصَرُّفِها فيه ودُخولِه في ضَمانِها، قَبْضُه، إلَّا المُتَمَيِّزَ، فإنَّه على رِوايتَين، كما بيَّنَّاه في البَيعِ. وقال في «الفُروعِ»: وتقدَّم الضَّمانُ والتَّصَرُّفُ في البَيعِ.
قوله: وإنْ كان غيرَ مُعيَّنٍ، كقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ، لم يدْخُلْ في ضَمانِها، ولم تمْلِكِ التَّصَرُّفَ فيه، إلَّا بقَبْضِه كالمَبِيع. قاله الأصحابُ، وتقدَّم الخِلافُ في ذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وما يحْصُلُ به القَبْضُ، في آخرِ بابِ خِيارِ البَيعِ (1)، فإنَّ
(1) 11/ 498.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا مِثْلُه عندَ الأصحابِ. وذكَر القاضي، في مَوْضِع مِن كلامِه، أنَّ ما لم ينْتَقِض
وَإنْ قَبَضَتْ صَدَاقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ بِنِصْفِهِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ.
ــ
العَقْدُ بهَلاكِه؛ كالمَهْرِ وعِوَضِ الخُلْعِ، يجوزُ التَصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه.
قوله: وإنْ قبَضَتْ صَداقَها، ثم طَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ، رجَعَ بنِصْفِه إِنْ كان باقِيًا،
وَيَحْتَمِلُ أن لَا يَدْخُلَ حَتَّى يُطَالِبَ بِهِ وَيَخْتَارَ، فَمَا يَنْمِي قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لَهَا.
ــ
ويدْخُلُ في مِلْكِه حُكْمًا كالمِيراثِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال المُصَنفُ في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في «الخُلاصةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم ويحْتَمِلُ أنْ لا يدْخُلَ حتى يُطالبَ به ويختَارَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذكَرَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ. وهو وَجْه لبَعْضِهم. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ» . قال في «التَّرْغيبِ» ، و «البُلْغَةِ»: أصْلُ هذين الوَجْهَين، الاخْتِلافُ في مَن بيَدِه عقْدَةُ النِّكاحِ. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين»: وليس كذلك. ولا يلْزَمُ مِن طَلَبِ العَفْو مِنَ الزَّوْجِ أنْ يكونَ هو المالِكَ؛ فإنَّ العَفْوَ يصِحُّ عمَّا يثْبُتُ فيه حقُّ التَّمَلكِ، كالشُّفْعَةِ، وليسَ في قوْلِنا: إن الذي بيَدِه عُقْدَةُ النِّكاحِ هو الأبُ. ما يسْتَلْزِمُ أنَّ الزَّوْجَ لم يمْلِكْ نِصْفَ الصَّداقِ؛ لأنَّه إنَّما يعْفُو عنِ النِّصْفِ المُخْتَصِّ بابْنَتِه. انتهى. فعلى المذهبِ، ما حصَل مِنَ النَّماءِ قبلَ ذلك، فهو بينَهما نِصْفان. وعلى الثَّاني، يكونُ لها. وعلى المذهبِ، لو طلَّقَها على أنَّ المَهْرَ كلَّه لها، لم يصِحَّ الشَّرْطُ. وعلى الثاني، فيه وَجْهان. قاله في «الفُروعِ» . وعلى المذهبِ أيضًا، لو طلَّق ثم عفا، ففي صِحَّتِه وَجْهان. قاله في «الفُروعِ» . ويصِحُّ على الثَّاني ولا يتَصَرَّفُ. وفي «التَّرْغيبِ» ، على الثَّاني وَجْهان؛ لترَدُّدِه بين خِيارِ البَيعِ وخِيارِ الواهبِ. ويأْتِي، إذا طلَّقها قبلَ الدُّخولِ، وكان الصَّداقُ باقِيًا بعَينه، هل يجِبُ ردُّه، أمْ لا؟ بعدَ قوْلِه: وإنْ نقَصَ الصَّداقُ بيَدِها.
وَإنْ كَانَ الصَّدَاقُ زَائِدًا زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، رَجَعَ فِي نِصْفِ الأصْلِ، وَالزِّيَادَةُ لَهَا، وَإنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً، فَهِيَ مُخيَّرَةٌ بَينَ دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا، وَبَينَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ.
ــ
قوله: وإنْ كان الصَّداقُ زائِدًا زيادَةً مُنْفَصلَةً، رجَعَ في نِصفِ الأصْلِ، والزِّيادَةُ لها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايةِ أبِي داودَ، وصالحٍ. وقال في «الفُروعِ»: لا يرْجِعُ في نِصفِ زِيادةٍ مُنْفَصِلَةٍ على الأصح. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين» : هذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيُّ» ، وغيرِهم. وعنه، له نِصفُ الزِّيادَةِ المُنْفَصِلَةِ.
تنبيه: ظاهِرُ قولِه: رَجَعَ في نِصفِ الأصْلِ، والزِّيادَةُ لها. أنَّ الأصْلَ لو كان أَمَةً، ووَلَدَتْ عندَها، أنَّ الوَلدَ لها. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، فإن الوَلَدَ. نَماءٌ مُنْفَصِلٌ. على الصَّحيحِ. على ما تقدَّمَ. وصرَّحَ القاضي به في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«التَّعْليقِ» . وقال في «المُجَرَّدِ» : للزَّوْجِ نِصفُ قِيمَةِ الأمِّ. وقال في «الخِلافِ» : يرْجِعُ بنِصْفِ الأمَةِ. قاله في «القَواعِدِ» . واسْتَثْنَى أبو بَكْرٍ -قاله في «القَواعِدِ» ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، والمُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم- مِنَ النَّماءِ المُنْفَصِلِ وَلَدَ الأَمَةِ، فلا يجوزُ للزَّوْجِ الرُّجوعُ في نِصفِ الأَمَةِ، حذَرًا مِنَ التَّفْريقِ في بعْضِ الزَّمانِ. قلتُ: وفي هذا نظرٌ ظاهِر، فإنَّ ذلك كالأَمَةِ المُشْتَرَكَةِ، إذا وَلَدَتْ. وخرَّجَ ابنُ أبِي مُوسى، أنَّ الوَلَدَ للمَرْأة، ولها نِصْفُ قِيمَةِ الأمِّ. قال في «القَواعِدِ»: وهذا ضعيفٌ جِدًّا. وهو كما قال.
قوله: وإنْ كانتْ مُتَّصلَةً، فهي مُخَيَّرَةٌ بين دَفْعِ نِصْفِه زائدًا، وبين دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِه يَوْمَ العَقْدِ. اعلمْ أنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلَةَ للزَّوْجَةِ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وليس للزَّوْجِ (1) الرُّجوعُ فيها، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والثَّمانِين»: ذكرَه الخِرَقِيُّ، ولم يُعْلَمْ عن أحدٍ مِنَ الأصحابِ خِلافُه،
(1) في الأصل: «للزوجة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حتى جعَله القاضى فى «المُجَرَّدِ» رِوايةً واحدةً. وخرَّجَ المَجْدُ، ومَن تَبِعَه رِوايةً بوُجوبِ دَفْعِ النِّصْفِ بزِيادَتِه، مِنَ الرِّوايَةِ التى فى المُنْفَصِلَةِ. وهذا التَّخْريجُ رِوايَةٌ فى «التَّرْغِيبِ». وأَطْلَق فى «المُوجَزِ» الرِّوايتَيْنَ فى النَّماءِ. وقال فى «التَّبْصرَةِ»: لها نَماؤُه بتَعْيِينِه. وعنه، بقَبْضِه. وخرَّجَ فى «القَواعدِ» وَجْهًا آخَرَ، بالرُّجوعِ فى النِّصْفِ بزِيادَتِه، وبرَدِّ قِيمَةِ الزِّيادة، كما فى الفَسْخِ بالعَيْبِ. قال: وهذا الحُكْمُ إذا كانتِ العَيْنُ يُمْكِنُ فَصْلُها وقِسمَتُها، وأمَّا إِنْ لم يُمْكِنْ، فهو شرِيكٌ بقِيمَةِ النِّصْفِ يومَ الإِصْداقِ.
تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِيَرَةِ للزَّوْجَةِ، إذا كانتْ غيرَ مَحْجورٍ عليها، فأمَّا المَحْجورُ عليها، فليس لها أَنْ تُعْطِيَه إلَّا نِصْفَ القِيمَةِ. قالَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. وهو واضِحٌ.
الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: وبينَ دَفْعِ نِصفِ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ. أنَّه سواءٌ كان مُتَمَيِّزًا، أَوْ لا. وكذا قال الخِرَقِىُّ، والمُصنِّفُ فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتَيْه» ، وغيرُهم. وحرَّر فى «المُحَرَّرِ» ، وتبِعَه فى «الفُروعِ» ، فقالا: إنْ كان المَهْرُ المُتَميِّزُ يُضْمَنُ بمُجَردِ العَقْدِ، فله نِصْفُ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ، وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، فله قِيمَةُ نِصْفِه يومَ الفُرْقَةِ، على أَدْنَى صِفَةٍ مِن وَقْتِ العَقْدِ إلى وَقْتِ قَبْضِه. وفى «الكافِى» إلى وَقْتِ التَّمْكِينِ منه، قالَه الزَّرْكَشِىُّ. ويُحْمَلُ كلامُ الخِرَقِىِّ، وأبِى محمدٍ، ومَن تابعَهما على ذلك، قال: إذِ الزِّيادَةُ فى غيرِ المُتَمَيِّزِ صورَةٌ نادِرَةٌ. ولذلك علَّلَ أبو محمدٍ بأنَّ ضَمانَ النَّقْصِ عليها، فعُلِمَ أنَّ كلامَه فى المُتَميِّزِ. انتهى. وقال فى «البُلْغَةِ» ، و «التَّرْغيبِ»:
وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا، وَبَيْنَ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ.
ــ
المَهْرُ المُعَيَّنُ قبلَ قَبْضِه، هل هو بيَدِه أمانَةٌ أو مَضْمونٌ، فيكونُ مُؤْنَةُ دَفْنِ العَبْدِ عليه؟ فيه رِوايَتان، وبَنَى عليهما التَّصَرُّفَ والنَّماءَ وتلَفَه. وعلى القَوْلِ بضَمانِه، هو ضَمانُ عَقْدٍ، بحيثُ ينْفَسِخُ فى المُعَيَّنِ ويَبْقَى فى تَقْديرِ المالِيَّةِ يومَ الإصْداقِ، أو ضَمانُ يَدٍ، بحيثُ تجِبُ القِيمَةُ يومَ تَلَفِه، كعارِيَّةٍ؟ فيه وَجْهان. ثم ذكَر أنَّ القاضىَ، وجماعَةً قالوا: ما تفْتَقِرُ تَوْفيَتُه إلى مِعْيارٍ، ضَمِنَه، وإلَّا فلا، كبَيْعٍ. انتهى. والوَجْهان فى «المُسْتَوْعِبِ» .
قوله: وإنْ كان ناقِصًا، خُيِّرَ الزَّوْجُ بين أخْذِه ناقِصًا -ولا شئَ له غيرُه- وبينَ نِصْفِ القِيمَةِ وَقْتَ العَقْدِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو اخْتِيارُ الأَكْثرَين. قال فى «البُلْغَةِ» : ولا أَرْشَ على الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وحكَى شيْخُنا فى «شَرْحِه» رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه إنِ اخْتارَ أَنْ يأْخُذَ نِصْفَه ناقِصًا ويرْجِعَ عليها بنِصْفِ النُّقْصانِ، فله ذلك. واخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ». وقال فى «المُحَرَّرِ»: وخرَّجَ القاضى رِوايَةً بالأَرْشِ مع نِصْفِه. قال الشَّارِحُ: قال القاضى: القِياسُ أنَّ له ذلك، كالمَبِيعِ يُمْسِكُه ويُطالِبُ بالأَرْشِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وفى «التَّبْصِرَةِ» رِوايَة ثالثة، وقدَّمها، له نِصْفُه بأَرْشِه بلا تَخْيِيرٍ.
تنبيه: محَلُّ ذلك، إذا حدَث ذلك عندَ الزَّوْجَةِ، فأمَّا إنْ كان بجِنايَةِ جانٍ، فالصحيحُ أنَّ له -مع ذلك- نِصْفَ الأَرْشِ. قالَه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واضِحٌ. [وعِبارَتُها، وأمَّا النُّقْصانُ؛ فإنْ تعَيَّبَ فى يَدِها، تَخَيَّرَ هو، فإنْ شاءَ رجَع بقِيمَةِ النِّصْفِ سلِيمًا، وإنْ شاءَ قنَع به مَعِيبًا، إلَّا أَنْ يكونَ بحِيازَتِه، جازَ. فالصَّحيحُ أنَّ له مع ذلك نِصْفَ الأَرْشِ](1).
فائدة: قوْلُه: وَقْتَ العَقْدِ. هذا أحدُ الأقْوالِ، وقالَه الخِرَقِىُّ. واعْتَبرَ القاضى
(1) زيادة من: ش.
وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، أَوْ مُسْتَحَقًّا بِدَيْنٍ أَوْ شُفْعَةٍ، فَلَهُ نصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا، فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَهُ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إِلَى يَوْمِ الْقَبْضِ.
ــ
أخْذَ القِيمَةِ بيَوْمِ القَبْضِ. وقال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما: له نِصْفُ قِيمَتِه يومَ الفُرْقَةِ على أَدْنَى صِفاتِه، مِن يومِ العَقْدِ إلى يومِ القَبْضِ، إلَّا المُتَمَيِّزَ إذا قُلْنا: إنَّه يضْمَنُه بالعَقْدِ. فتُعْتَبرُ صِفَتُه وَقْتَ العَقْدِ، كما تقدَّم فى الزَّيادةِ المُتَّصِلَةِ.
قوله: وإنْ كان تالِفًا، أو مُسْتَحَقًّا بدَيْن أو شُفْعَةٍ، فله نِصْفُ قِيمَتِه يَوْمَ العَقْدِ، إلَّا أَنْ يكُونَ مِثْلِما، فيرْجِعُ بنِصْفِ مِثْلِه. إذا فاتَ ما قبَضَتْه بتَلَفٍ، أو انْتِقالٍ، أو غيرِ ذلك، فإنْ كان مِثْليًّا، فله نِصْفُ مِثْلِه، وإنْ كان غيرَ مِثْلِىٍّ، فقدَّم المُصَنِّفُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ له نِصْفَ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ. وقالَه الخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وقال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما: إنْ كان مُتَمَيِّزًا، وقُلْنا: يضْمَنُه. وهبر المذهبُ، كما تقدَّم. اعْتُبِرَت صِفَتُه وَقْتَ العَقْدِ، وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، فله نِصْفُ قِيمَتِه يومَ الفُرْقَةِ على أدْنَى صِفاتِه مِن يومِ العَقْدِ إلى يوِم القَبْضِ، كما تقدَّم فى نَظائرِه، فإنَّهم قد قَطُعوا فى المَسائلِ الثَّلاثِ بذلك. وقال القاضى: له القِيمَةُ أقلُّ ما كانتْ مِن يومَ العَقْدِ إلى يوم القَبْضِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا مَبْنِىٌّ على أنَّ الصَّداقَ لا يدْخُلُ فى ضَمانِ المَرْأَةِ إلَّا بقَبْضِه وإنْ كان مُعَيَّنًا، كالمَبِيعِ فى رِوايةٍ.
فائدة: لو طلَّق قبلَ أخْذِ الشَّفِيعِ، فقيلَ: يُقدَّمُ الشَّفِيعُ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ؛ لأَنَّ حقَّه أسْبَقُ. وقيل: يُقَدَّمُ الزَّوْجُ؛ لأَنَّ حقه آكَدُ؛ [لثُبوتِه بنَصِّ القُرْآنِ والإِجْماعِ](1). وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم.
(1) سقط من: الأصل.
وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ فِى يَدِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَهَلْ تَضْمَنُ نَقْصَهُ؟
ــ
قوله: وإِنْ نقَص الصَّداقُ فى يَدِها بعدَ الطَّلاقِ، فهل تضْمَنُ نَقْصَه؟ يحْتَمِلُ
يَحْتَمِلُ وَجْهيْنَ.
ــ
وَجْهَيْن. فإذا كانتْ مَنعَتْه منه بعدَ طَلَبِه منها حتى نقَصَ، أو تلِفَ، فعليها الضَّمانُ؛ لأنَّها غاصِبَةٌ، وإنْ تلِفَ، أو نقَصَ قبلَ المُطالَبَةِ، بعدَ الطَّلاقِ، فقال المُصَنِّفُ هنا: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وكذا قال فى «الهِدايَةِ» . وأَطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ؛ أحدُهما، تضْمَنُه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . والثَّانى، لا تضْمَنُه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: هو قِياسُ المذهبِ. قال فى «الخُلاصةِ» : لم تضْمَنْ فى الأصحِّ. وقيل:
وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: نَقَصَ قَبْلَ الطَّلَاقِ. وَقَالَتْ: بَعْدَهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا.
ــ
لا تضْمَنُ المُتَمَيِّزَ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» . وقيل: هو كتَلَفِه فى يَدِه قبلَ طَلَبِها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ إحْداها، لو زادَ الصَّداقُ مِن وَجْهٍ، ونقَصَ مِن وَجْهٍ، كعَبْدٍ صغيرٍ كَبِرَ، ومصُوغٍ كسَرَتْه وأعادَتْه على صِياغَةٍ أُخْرَى، وحَمْلِ الأمَةِ، فلكُلٍّ منهما الخِيارُ. قالَه فى «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقالوا: حَمْلُ البَهِيمَةِ زِيادَة مَحْضَةٌ ما لم يفْسُدِ اللَّحْمُ. والزَّرْعُ والغَرْسُ نقْصٌ للأَرْضِ، والإِجارَةُ والنِّكاحُ نقْصٌ. ولا أثَرَ لمَصُوغٍ كسَرَتْه وأعادَتْه كما كان، أو أمَةٍ سمِنَتْ ثم هَزَلَتْ ثم سمِنَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وفى «المُغْنِى» ، و «الشَّرحِ» ، وَجْهان. ولا أثَرَ أيضًا لارْتفاعِ سُوقٍ، ولا لنَقلِها المِلْكَ فيه، ثم طلَّق وهو بيَدِها، ولا يُشْتَرطُ للخِيارِ زِيادَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القِيمَةِ، بل ما فيه غرَضٌ مَقْصودٌ. قالَه فى «البُلْغَةِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، وغيرِهما. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ بعْضِهم خِلافُه. الثَّانيةُ، إنْ كان النّخْلُ حائِلًا ثم أَطْلَعَتْ، فزِيادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وكذا ما أُبِرَ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم. وقال فى «البُلْغَةِ»: زِيادَةٌ متَّصِلَةٌ على المَشْهورِ. وذكرَ فى «التَّرْغيبِ» وَجْهَيْن. الثَّالثةُ، لو أصْدَقَها أمَةً حامِلًا، فوَلدَتْ، لم يرْجِعْ فى نِصْفِه، إنْ قُلْنا: لا يُقابِلُه قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ. وإنْ قُلْنا: يُقابِلُه. فهو بعْضُ مَهْرٍ زادَ زِيادةً لا تتَمَيَّزُ، ففى لُزومِها نِصْفُ قِيمَتِه، ولُزومِه قَبُولُ نِصْفِ الأَرْضِ بنِصْفِ زَرْعِها وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» فيهما، وأطْلَقَهما فى [«المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وفى](1)«البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، فى الأُولَى. [واخْتارَ القاضى أنَّه يلْزَمُه قَبُولُ نِصْفِ الأَرْض بنِصْفِ زَرْعِها. والصَّحيحُ أنه لا يَلْزَمُه. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»](1). الرَّابعةُ، ممَّا يمْنَعُ الرُّجوعَ، البَيْعُ والهِبَةُ المَقْبوضَةُ والعِتْقُ. وكذا الرَّهْنُ والكِتابةُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ». وقيل: يرْجعُ إلى نِصْفِ المُكاتَبِ إنِ اخْتارَ، ويكونُ على كِتابَتِه. ولو قال فى الرَّهْنِ: أنا أَصْبِرُ إلى فِكَاكِه. فصَبَر، لم يلْزَمْها دَفْعُ العَيْنِ، كما لو رجَعَتْ بالابْتِياعِ بعدَ الطَّلاقِ. وهل يمْنَعُ التَّدْبِيرُ الرُّجوعَ؟ على وَجْهَيْن. وأَطلَقهما فى «البُلْغَةِ» . وقدَّم فى «الرِّعايَةِ» ، أنَّه لا يمْنَعُ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ؛ لأنَّه وَصِيَّةٌ، أو تعْلِيقُ نِصْفِه، وكِلاهُما لا يمْنَعُ الرُّجوعَ. قال فى «الفُروعِ»: له الرُّجوعُ فى المُدَبَّرِ، إنْ رجَع فيه بقَوْلٍ. وفى لُزومِ المَرْأةِ ردُّ نِصْفِه قبل تقْبِيض
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هِبَةٍ ورَهْنٍ. وفى مُدَّةِ خِيارِ بَيْعٍ، وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ؛ أحدُهما، لا يلْزَمُها ذلك. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . والثَّانِى، يَلْزَمُها. الخامِسَةُ، لو أصْدَقَها صَيْدًا، ثم طلَّق وهو مُحْرِمٌ، فإنْ لم يمْلِكْه بإرْثٍ فى الإِحْرامِ، فله هنا نِصْفُ قِيمَتِه، وإلَّا فهل يُقَدَّمُ حقُّ اللَّهِ، فيُرْسِلُه ويغْرَمُ لها قِيمَةَ النِّصْفِ، أو يُقدَّمُ حقُّ الآدَمِىِّ، فيُمْسِكُه، ويَبْقَى مِلْكُ المُحْرِمِ ضَرُورَةً، أم هما سواءٌ فيُخَيَّران؟ فيه الأَوْجُهُ. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ» . فعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، لو أَرْسَلَه برِضاها، غرِمَ لها، وإلَّا بقِيا مُشْتَرِكَيْن. قال فى «التَّرْغِيبِ»: ينْبَنِى على حُكْمِ الصَّيْدِ المَمْلُوكِ بينَ مُحِل ومُحْرِمٍ. السَّادِسَةُ، لو أصْدَقَها ثَوبًا فصَبَغَتْه، أو أَرْضًا فبنَتْها، فبذَلَ الزَّوْجُ قِيمَةَ زِيادَتِه لتَمَلُّكِه، فله ذلك على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»: فله ذلك عندَ الخِرَقِىِّ، والشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال القاضى: ليسَ له إلَّا القِيمَةُ. انتهى. فلو بذَلَتِ المَرْأَةُ النِّصْف بزيادَتِه، لَزِمَ الزَّوْجَ قَبُولُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: ويتَخَرَّجُ عدَمُ اللُّزومِ ممَّا إذا وهَبَ العامِرُ تَزْويقَ الدَّارِ ونحوِها للمَغْصُوب منه. وهو أَظْهَرُ فى البِناءِ. انتهى. السَّابعَةُ، لو فاتَ نِصْف الصَّداقِ مُشاعًا، فله النِّصْفُ الباقِى. وكذا لو فاتَ النِّصْفُ مُعَينًا مِنَ المُتَنَصِّفِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فيَأْخُذُ النِّصْفَ الباقِىَ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ: له نِصْفُ البَقِيَّةِ، ونِصْفُ قِيمَةِ الفائتِ أو مِثْلُه. الثَّامِنَةُ، إنْ قبَضَتِ المُسَمَّى فى الذِّمَّةِ، فهو كالمُعَيَّنِ، إلَّا أنَّه لا يرْجِعُ بنَمائِه مُطْلَقًا، ويُعْتَبرُ فى تقْويمِه صِفَةُ يومِ قَبْضه، وفى وُجوبِ ردِّه بعَيْنِه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى
وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَيُّهُمَا عَفَا لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنَ الْمَهْرِ، وَهُوَ جَائِزُ الأَمْرِ فِى مَالِهِ، بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ الْأَبُ. فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخولِ.
ــ
الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يجِبُ ردُّه بعَيْنِه. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . والوَجْهُ الثَّانى، لا يجِبُ ذلك.
قوله: والزَّوْجُ هو الذى بيدِه عُقْدَةُ النِّكاحِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وهو المَشْهورُ، وعليه الجُمْهورُ، حتى قال أبو حَفْصٍ: رجَع الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، عنِ القَوْلِ بأنَّه الأَبُ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، وغيرُه، واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وأبو حَفْصٍ، والقاضى، وأصحابُه، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه الأصحابُ. وعنه، أنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأبُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وقال: ليسَ فى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّ عفْوَه صحيحٌ؛ لأَنَّ بيدِه عُقْدَةَ النِّكاحِ، بل لأَنَّ له أَنْ يأْخُذَ مِن مالِها ما شاءَ. وتعْلِيلُه بالأَخْذِ مِن مالِها ما شاءَ يقْتَضِى جَوازَ العَفْوِ، بعدَ الدُّخولِ، عن الصَّداقِ كلِّه. وكذلك سائرُ الدُّيونِ. وأَطْلَقَ الرِّوايتَيْنِ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «البُلْغَةِ». وقيل: سيِّدُ الأمَةِ كالأبِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى المذهب، إذا طلَّق قبلَ الدُّخولِ، فأَيُّهما عفا لصاحبِه عمَّا وجب له مِنَ المَهْرِ، وهو جائزُ الأَمْرِ فى مالِه، بَرِئَ منه صاحِبُه. وعن الثَّانيةِ، للأبِ أَنْ يعْفُوَ عن نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِه الصَّغيرَةِ، إذا طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخولِ، كما قالَه المُصَنِّفُ هنا. وكلامُه يشْمَلُ البِكْرَ والثَّيِّبَ الصَّغِيرَتَيْن، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعِبارَتُه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «إِدْراكِ الغايةِ» ، وغيرِهم، كعِبارَةِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ»: ليسَ للأبِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك إلَّا (1) إذا كانتْ بِكْرًا صغيرةً. واشْتَرَطَ فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، البَكارَةَ لا غيرُ.
فائدة: المَجْنونَةُ كالبِكْرِ الصَّغِيرةِ.
(1) سقط من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهات؛ الأَوَّلُ، مفْهومُ قولِه: ابْنَتِه الصَّغيرةِ. أنَّ الأَبَ ليسَ له أَنْ يعْفُوَ عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَهْرِ ابْنَتِه البِكْرِ البالِغَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، و «إِدْراكِ الغايةِ» ، وغيرُهم. واخْتارَ جماعَةٌ، أنَّها كالصَّغيرةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى، وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» . وهو ظاهِرُ كلامِه فى «النَّظْمِ» . وأطْلَقهما فى «البُلْغَةِ» . وقال فى «التَّرْغِيبِ» ، و «البُلْغَةِ» أيضًا: أصْلُ الوَجْهَيْن، هل ينْفَكُّ الحَجْرُ بالبُلوغِ، أمْ لا؟ ولم يُقَيِّدْ فى «عُيونِ المَسائلِ» بصِغَرٍ وكِبَرٍ، وبَكارَةٍ وثُيوبَةٍ.
الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: للأَبِ أَنْ يعْفُوَ. أنَّ غيرَه مِنَ الأوْلِياءِ ليسَ له أَنْ يعْفُوَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وذكرَ ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً فى عَفْوِ الوَلِىِّ فى حق الصَّغيرةِ. قلتُ: إذا رأى الوَلِىُّ المَصْلحَةَ فى ذلك، فلا بَأْسَ به.
الثَّالثُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وغيرِه، أنَّ المَعْفُوَّ عنه مِنَ الصَّداقِ؛ سواءٌ كان دَيْنًا أو عَيْنًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «البُلْغَةِ»: قالَه جَماعة مِن أصحابِنا. قال الزَّركَشِىُّ: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، والجُمْهورِ. وقيل: مِن شرطِه أَنْ يكونَ دَيْنًا. قدَّمه فى «البُلْغَةِ» ، و «التَّرْغيبِ». فليسَ له أَنْ يعفُوَ عن عَيْنٍ. قالِ الزَّركَشِىُّ: نعم، يُشْترَطُ أَنْ لا يكونَ مَقْبوضًا. وهو مَفْهوم مِن كلامِهم؛ لأنَّه يكونُ هِبَةً لا عَفْوًا.
الرَّابعُ، مفْهومُ قولِه: إذا طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخُولِ. أنَّها إذا طُلِّقَتْ بعدَ الدُّخولِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ليسَ للأبِ العَفْوُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «البُلْغَةِ»: لا يَملِكُه فى أظهر الوَجْهيْن. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقيل: له ذلك، ما لم تلِدْ، أو يمْضِ لها سنَة فى بَيْتِ الزَّوْجِ. وهو مَبْنِىٌّ أيضًا على أنَّه، هل ينْفَكُّ الحَجْرُ عنها بالبُلوغِ، أم لا؟ قالَه فى «التَّرْغيبِ» ، وقال فيه: وفى «البُلْغَةِ» : وعلى هذا الوَجْهِ يَنْبَنِى مِلْكُ الأبِ لقَبْضِ صَداقِ ابْنَتِه البالِغَةِ الرَّشيدَةِ.
فائدة: إنْ كان العَفْوُ عن دَيْنٍ، سقَطَ بلَفْظِ الهِبَةِ، والتَّمليكِ، والإِسْقاطِ، والإِبْراءِ، والعَفْوِ، والصدَقَةِ، والتَّرْكِ، ولا يفْتَقِرُ إلى قَبُولٍ. على الصَّحيحِ مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ. وقيل: يفْتَقِرُ. وإنْ كان العَفْوُ عن عَيْن، صحَّ بلَفْظِ الهِبَةِ، والتَّمْلِيكِ، وغيرِهما، كعَفَوْتُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «القَواعِدِ» ، وغيرُهم. وقيل: لا يصِحُّ بها. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقهما فى «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وقدَّم أنَّه لا يصِحُّ بالإِبْراءِ. واقْتَصرَ فى «التَّرْغِيبِ» على وَهبْتُ ومَلَّكْتُ. وقال فى «القَواعِدِ»: وإنْ كان عَيْنًا -وقُلْنا: لم يملِكْه الزَّوْجُ، وإنَّما يثْبُتُ له حقُّ التَّمْلِيكِ- فكذلك. يعْنِى، هو كالعَفْوِ عنه، إذا كان دَيْنًا. وهل يفْتَقِرُ إلى قَبُولِه؟ فيه وَجْهان، وأطلَقهما فى «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، قال فى «القَواعِدِ»: قال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ هنا الإِيجابُ والقَبُولُ والقَبْضُ. والصَّحيحُ أنَّ القَبْضَ لا يُشْترَطُ فى الفُسوخِ، كالإِقالَةِ ونحوِه. صرَّح به القاضى فى «خِلافِه» . وقد تقدَّم ذلك فى أوَّلِ كتابِ الهِبَةِ فى العَيْنِ، وبعدَه بيَسِيرٍ فى الدَّيْنِ، فى إبْراءِ الغَرِيمِ، وسواءٌ