المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ، اعْتُبِرَ بِنِسَاءِ بَلَدِهَا، ثُمَّ بِأَقْرَبِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢١

[المرداوي]

الفصل: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ، اعْتُبِرَ بِنِسَاءِ بَلَدِهَا، ثُمَّ بِأَقْرَبِ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ، اعْتُبِرَ بِنِسَاءِ بَلَدِهَا، ثُمَّ بِأَقْرَبِ النِّسَاءِ شِبْهًا بِهَا.

‌فَصْلٌ:

وَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، فَإِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلاقٍ

ــ

الثَّانى، يُفْرَضُ حالًّا، كما لو اخْتلَفَتْ عادَتُهم. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

فائدة: لو اخْتَلفَتْ مُهُورُهُنَّ، أُخِذَ بالوَسَطِ الحالِّ.

قوله: فأمَّا النِّكاحُ الفاسِدُ، [فإِذَا افْتَرَقا قَبْلَ الدُّخُولِ بطَلاقٍ أو غَيرهِ، فلا](1)

(1) زيادة من: ش.

ص: 286

أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا مَهْرَ فِيهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى. وَعَنْهُ، يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهِىَ أَصَحُّ.

ــ

[مَهْرَ فيهِ. إذا افْتَرَقا فى النِّكاحِ الفاسدِ](1) قبلَ الدُّخولِ، بغيرِ طَلاقٍ ولا موتٍ، لم يكُنْ لها مَهْرٌ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان بطَلاقٍ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، بأنَّه لا مهْرَ لها. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه وصحَّحه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لها نِصْفُ المَهْرِ. وحَكاه ابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا. وإن افْترَقا بمَوْتٍ، فظاهِرُ كلامِه هنا، أنَّه لا مَهْرَ لها. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ أنَّه على الخِلافِ فى وُجوبِ العِدَّةِ به.

قوله: وِإنْ دَخَكَ بها، اسْتَقَرَّ المُسَمَّى. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى

(1) زيادة من: ش.

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» : وهى المَشْهورةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وهى المذهبُ عند أبى بَكْرٍ، وابنِ أبِى مُوسى. واخْتارَها القاضى وأكثرُ أصحابِه، فى كُتُبِ الخِلافِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، يجِبُ مَهْرُ المِثْلِ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهى أصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتارَه الشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . فعلى المذهبِ، يُفرَّقُ بينَ النِّكاحِ والبَيْعِ، بأنَّ المَبِيعَ [فى البَيْعِ](1) الفاسدِ إذا تَلِفَ يَضْمَنُه بالقِيمَةِ لا بالثَّمَنِ، على المَنْصُوصِ، وبأنَّ النِّكاحَ -مع فسَادِه- منْعَقِدٌ، ويتَرتَّبُ عليه أكثرُ أحْكامِ الصَّحيحِ؛ مِن وُقوعِ الطَّلاقِ، ولزُومِ عِدَّةِ الوَفاةِ بعدَ الموتِ، والاعْتِدادِ منه

(1) سقط من: الأصل.

ص: 288

وَلَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَسْتَقِرُّ.

ــ

بعدَ المُفارَقةِ فى الحياةِ، ووُجوبِ المَهْرِ فيه بالعَقْدِ، وتقَرُّره بالخَلْوَةِ، فلذلك لَزِمَ المَهْرُ المُسَمَّى فيه كالصَّحيحِ. ويُوَضِّحُه، أنَّ ضَمانَ المَهْرِ فى النِّكاحِ الفاسدِ، ضَمانُ عَقْدٍ، كضَمانِه فى الصَّحيح، وضَمانُ البَيْعِ الفاسدِ، ضَمانُ تَلَفٍ، بخِلافِ البَيْعِ الصَّحيحِ، فإنَّ ضَمانه ضَمانُ عَقْدٍ.

قوله: ولا يَسْتَقِرُّ بالخَلْوَةِ. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وذكرَه فى «الانْتِصارِ» ، و «المُذْهَبِ» رِوايَةً عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال ابن رَزِينٍ: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يجِبَ؛ لظاهرِ الخَبَرِ. وهو قولُ الجُمْهورِ. ومُرادُه،

ص: 289

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واللَّهُ أعلمُ، جُمْهورُ العُلَماءِ، لا جُمْهورُ الأصحابِ. وقال أصحابُنا: يسْتَقِرُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. لكِنْ هل يجِبُ مَهْرُ المِثْلِ، أو المُسَمَّى؟ مَبْنِىٌّ على الذى قبلَه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ». وقيل: يجِبُ لها شئٌ، ولا يُكَمَّلُ المَهْرُ.

فائدة: لا يصِحُّ تزْويجُ مَن نِكاحُها فاسد قبلَ طَلاقٍ أو فَسْخٍ، فإنْ أبَى الزَّوْجُ الطَّلاقَ، فسَخَه الحاكِمُ. هذا المذهبُ. قالَه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو زوَّجها قبلَ فسْخِه، لم يصِحَّ مُطْلَقًا. ومثْلُه نَظائِرُه. وقال ابنُ رَزِينٍ: لا يفْتَقِرُ إلى فُرْقَةٍ؛ لأنَّه غيرُ منْعَقِدٍ كالنِّكاحِ الباطلِ.

ص: 290

وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَالْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَى، وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ.

ــ

انتهى. وقال فى «الإِرْشادِ» : لو زوَّجَتْ نفْسَها بلا شُهودٍ، ففى تزْويجها قبلَ الفُرْقَةِ رِوايَتان؛ وهما فى «الرِّعايَةِ» ، إذا زُوِّجَتْ بلا وَلِىٍّ، أو بدُونِ الشُّهودِ. وفى «تَعْليقِ ابنِ المَنِّىِّ» ، فى انْعقادِ النِّكاحِ برَجُلٍ وامْرأتَيْن، أنَّه إذا عُقِدَ عليها عقدٌ فاسدٌ لا يجوزُ، صحيحٌ حتى يُقْضَى بفَسْخِ الأَوَّلِ، ولو سلَّمْنا؛ فلأَنَّه حرامٌ، والحَرامُ فى حُكْمِ العدَمِ.

قوله: ويجِبُ مَهْرُ المثْلِ للموْطُوءَةِ بشُبْهَةٍ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله، أنَّه لا يجبُ لها مَهْرٌ؛ لأنَّه قال: البُضْعُ إنَّما يُتقَوَّمُ على زوْجٍ أو شِبْهِه، فيَمْلِكُه.

ص: 291

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: والمُكْرَهَةُ على الزِّنَى. يعْنِى، يجِبُ لها مَهْرُ المِثْلِ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدُّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، يجبُ للبِكْرِ خاصَّةً. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، لا يجِبُ مُطْلَقًا. ذكرَها واخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وقال: هو خَبِيثٌ.

فائدة: لو أكْرَهَها ووَطِئَها فى الدُّبُرِ، فلا مَهْرَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

ص: 292

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الوَطْءِ فى القُبُلِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» . وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» .

تنبيهان؛ أحدُهما، يدْخُلُ فى عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، الأَجْنَبِيَّةُ، وذَواتُ

ص: 293

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

محَارِمِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصرَاه. وعنه، لا مَهْرَ لذاتِ مَحْرَمِه، كاللِّواطِ بالأَمْرَد. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لأَنَّ تحْرِيمَهُنَّ تحْريمُ أصْلٍ، وفارَقَ مَن حَرُمَتْ تحْريمَ مُصاهَرَةٍ؛ فإنَّ تحْريمَها طارِئٌ. قال: وكذلك يَنْبَغِى أَنْ يكونَ الحكمُ فى مَن حَرُمَتْ بالرَّضاعِ، لأنَّه طارِئٌ أيضًا. انتهيا. وعنه، أنَّ مَن تحْرُمُ ابْنَتُها، لا مَهْرَ لها، كالأُمِّ والبِنْتِ، والأُخْتِ، ومَنْ تحِلُّ ابْنَتُها؛ كالعَمَّةِ، والخالَةِ، لها المَهْرُ. قال بعْضُهم، عن رِوايَةِ مَنْ تَحْرُمُ ابْنَتُها: بخِلافِ المُصاهَرَةِ؛ لأنَّه طارِئٌ.

ص: 294

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّانى. مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا مَهْرَ للمُطاوِعَةِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال فى «الانْتِصارِ» ، يجِبُ المَهْرُ للمُطاوِعَةِ، ويسْقُطُ. ويُسْتَثْنَى مِن ذلك الأمَةُ إذا وُطِئَتْ مُطاوِعَةً، فإن المَهْرَ لا يسْقُطُ بذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قطَع به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما، بل يأْخُذُه السَّيِّدُ. وقيل: لا مَهْرَ لها. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، فقال: وفى أَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهان.

فائدتان، إحْداهما، إذا كان نِكاحُها باطِلًا بالإِجْماعِ، ووَطِئَ فيه، فهى كمُكْرَهَةٍ فى وُجوبِ المَهْرِ وعدَمِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى

ص: 295

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الكافِى» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهما. وفى «التَّرْغيبِ» رِوايَة، يَلْزَمُ المُسَمَّى. الثَّانيةُ، لو وَطِئَ مَيِّتَةً، لَزِمَه المَهْرُ. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَه المَهْرُ فى ظاهرِ كلامِهم. وهو مُتَّجِهٌ. وقال القاضى فى جَوابِ مسْألَةٍ: ووَطْءُ المَيِّتَةِ مُحَرَّم، ولا مَهْرَ، ولا حَدَّ فيه.

قوله: ولا يَجِبُ معه أَرْشُ البَكارَةِ. يعْنِى، مع وُجوبِ المَهْرِ للمَوْطوءَةِ

ص: 296

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بشُبْهَةٍ، أو زِنِّى. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ للمُكْرَهَةِ. وهو رِواية مَنْصوصةٌ عن الإِمام أحمدَ، رحمه الله. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وقالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» . وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

فائدة: يتَعدَّد المَهْرُ بتَعَدُّدِ الزِّنَى، لا بتَكَرُّر الوَطْءِ بشُبْهَةٍ. قالَه فى «التَّرْغِيبِ»

ص: 297

وَإذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا، فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا. وَقَالَ الْقَاضِى: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

ــ

وغيرِه. وذكَر أبو يَعْلَى الصَّغيرُ، أنَّه يتعَدَّدُ بتَعدُّدِ الوَطْءِ فى الشُّبْهَةِ، لا فى نِكاحٍ فاسدٍ. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: ويتعَدَّدُ المَهْرُ بتعَدُّدِ الشُّبْهَةِ. وفى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النِّهايَةِ» ، وغيرِهم، فى الكِتابةِ يتَعدَّدُ المَهْرُ فى نِكاحٍ فاسدٍ، وقالوا: إنِ اسْتَوْفَتِ المُكاتَبَةُ، [فى النِّكاحِ الفاسدِ، المَهْرَ](1) عنِ الوَطْءِ الأَوَّلِ، فلها مَهْرٌ (2) ثانٍ وثالثٌ، وإلَّا فلا. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» هنا: لا يتعَدَّدُ فى نِكاحٍ فاسدٍ. وقالَه القاضى فى «التَّعْليقِ» ، كدُخولِها على أَنْ لا (3) تسْتَحِقَّ مَهْرًا. وفى «التَّعْليقِ» أيضًا، بكُلِّ وَطْءٍ فى عَقْدٍ فاسدٍ مَهْرٌ، إنْ علِمَ فَسادَه، وإلَّا مَهْرٌ واحدٌ. وفى «التَّعْليقِ» أيضًا، فى المُكْرَهَةِ لا يتعَدَّدُ لعَدَمِ التَّنْقيصِ، كنِكاحٍ، وكاسْتِواءِ مُوضِحَةٍ. وفى «التَّعْليقِ» أيضًا، لو أقَرَّ بشُبْهَةٍ، فلها المَهْرُ ولو سكَتَتْ.

قوله: وإذا دفَع أجْنَبِيَّةٌ فأَذهَبَ عُذْرَتَها، فعليه أَرْشُ بَكارَتِها. هذا المذهبُ،

(1) سقط من: الأصل، ط.

(2)

زيادة من: أ.

(3)

زيادة من: ش.

ص: 298

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ،

ص: 299

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وقال: هو القِياسُ، لولا ما رُوِىَ عن الصَّحابَةِ. وقال القاضى: يَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ. وهو

ص: 300

وَإِنْ فَعَلَ ذَلِك الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى.

ــ

روايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» .

قوله: وإنْ فعَل ذلك الزَّوْجُ، ثم طَلَّقَ قبلَ الدُّخُولِ، لم يَكُنْ عليه إلَّا نِصْفُ المُسَمَّى. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج وُجوبَ المَهْرِ كامِلًا مِنَ الرِّوايَةِ التى قال بها القاضى قبلُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ وُجوبَه.

ص: 301

وَلِلْمَرأةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا،

ــ

فائدة: قال المُصَنِّفُ. فى «فَتاوِيه» : لو ماتَ أو طلَّق مَن دخَل بها، فوَضَعَتْ فى يوْمِها، ثم تزَوَّجَتْ فيه وطلَّق قبلَ دُخولِه، ثم تزَوَّجَت فى يوْمِها مَن دخَل بها، فقد اسْتَحَقَّتْ فى يومٍ واحدٍ بالنِّكاحِ مَهْرَيْن ونِصْفًا. فيُعايَى بها. قلتُ: ويُتَصَوَّرُ أَنْ تسْتَحِقَّ أكثرَ مِن ذلك، بأَنْ تَطْلُقَ مِنَ الثَّالثِ قبلَ الدُّخولِ، وكذا رابعٌ وخامِسٌ.

تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: وللْمَرأةِ مَنْعُ نَفْسِها حتى تَقْبِضَ مَهْرَها. مُرادُه، المَهْرُ الحالُّ. وهذا بلا نِزاعٍ بين الأصحابِ. ونقَله ابنُ المُنْذِرِ اتِّفاقًا، وعلَّلَه الأصحابُ بأنَّ المَنْفَعَةَ المعْقُودَ عليها تتْلَفُ بالاسْتِيفاءِ، فإذا تعَذَّرَ اسْتِيفاءُ المَهْرِ عليها، لم يُمْكِنْها

ص: 302

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اسْتِرْجاعُ عِوَضِها، بخِلافِ المَبِيعِ. الثَّانى، هذا إذا كانت تصْلُحُ للاسْتِمْتاعِ، فأمَّا إنْ كانت لا تصْلُحُ لذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ لها المُطالَبَةَ به أيضًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ورَجَّح المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» خِلافَه. وخرَّجه صاحِبُ «التَّرْغيبِ» ، ممَّا حكَى الآمِدِىُّ أنَّه لا يجِبُ البَداءَةُ بتَسْليمِ المَهْرِ، بل بعَدْلٍ، كالثَّمَنِ المُعَيَّنِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: الأَشْبَهُ عندِى أنَّ الصَّغِيرَةَ تسْتَحِقُّ المُطالبَةَ لها بنِصْفِ الصَّداقِ؛ لأَنَّ النِّصْفَ يُسْتَحَقُّ بإزاء الحَبْسِ، وهو حاصِلٌ بالعَقْدِ، والنِّصْفَ الآخَرَ بإزاءِ الدُّخولِ، فلا يُسْتَحَقُّ إلَّا بالتَّمْكِينِ.

فوائد؛ الأُولَى، لو كان المَهْرُ مُؤَجَّلًا، لم تَمْلِكْ مَنْعَ نفْسِها، لكِنْ لو حَلَّ قبلَ الدُّخولِ، فهل لها مَنْعُ نفْسِها، [كقَبْلِ التَّسْلِيمِ، كما هى عِبارَةُ «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم](1) فيهما (2)؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ؛ أحدُهما، ليسَ لها ذلك. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .

(1) سقط من: الأصل، ط.

(2)

زيادة من: ش.

ص: 303

فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، ثُمَّ أَرادَتِ الْمَنْعَ، فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.

ــ

وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّانى، لها ذلك.

الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا: لها مَنْعُ نفْسِها. فلها أَنْ تُسافِرَ بغيرِ إذْنِه. قطَع به الجُمْهورُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ» : لها ذلك فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن لها النَّفَقَةَ. وعلَّلَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، وُجوبَ النَّفَقَةِ بأنَّ الحَبْسَ مِن قِبَلِه. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، وقال: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا نفَقَةَ، وهو مُتَّجِهٌ. الثَّالثةُ، لو قبَضَتِ المَهْرَ، ثم سلَّمَتْ نفْسَها، فبانَ مَعِيبًا، فلها مَنْعُ نفْسِها، حتى [تقْبِضَ بدَله بعدَه أو معه](1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: ليسَ لها ذلك. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

قوله: فإنْ تَبَرَّعَتْ بتَسْليمِ نَفْسِها، ثم أَرادتِ المَنْعَ -يعْنى، بعدَ الدُّخولِ، أو الخَلْوَةِ- فهل لها ذلك؟ على وجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ،

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 304

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «المُذْهَبِ» ؛ أحدُهما، ليسَ لها ذلك. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. انتهى. منهم أبو عَبْدِ اللَّهِ ابنُ بَطَّةَ، وأبو إسْحاقَ بنُ شَاقْلَا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّانى، لها ذلك. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. فعلى المذهبِ، لو امْتَنَعَتْ، لم يكُنْ لها نفَقَةٌ. ويأتِى ذلك أيضًا فى كتابِ النَّفَقاتِ، فى أثْناءِ الفَصْلِ الثَّالثِ.

فائدتان؛ إحْداهما، لو أَبَى كلُّ واحدٍ مِنَ الزَّوجَيْن التَّسْليمَ أوَّلًا، أُجْبِرَ الزَّوْجُ على تسْليمِ الصَّداقِ أوَّلًا، ثم تُجْبَرُ هى على تسْليمِ نفْسِها. على الصَّحيحِ مِنَ

ص: 305

وَإِنْ أَعْسَرَ بالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَهَا الْفَسْخُ، وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ،. وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بجَعْلِه تحتَ يَدِ عَدْلٍ، وهى بتَسْليمِ نفْسِها، فإذا فَعَلَتْه، أخَذَتْه مِنَ العَدْلِ. وإنْ بادَرَ أحدُهما، فسَلَّم، أُجْبِرَ الآخَرُ، فإنْ بادَرَ هو، فسَلَّمَ الصَّداقَ، فله طلَبُ التَّمْكينِ، فإنْ أبتْ بلا عُذْرٍ، فله اسْتِرْجاعُه. الثَّانيةُ، لو كانتْ مَحْبُوسَةً، أو لها عُذْرٌ يَمْنَعُ التَّسْليمَ، وجَب تسْلِيمُ الصَّداقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كمَهْرِ الصَّغيرَةِ التى لا تُوطَأُ مِثْلُها. كما تقدَّم. وقيل: لا يجِبُ.

قوله: وإنْ أعْسَرَ بالْمَهْرِ قبلَ الدُّخُولِ، فلها الفَسْخُ. يعْنِى، إذا كان حالًّا.

ص: 306

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا المذهبُ. قال فى «التَّصْحيحِ» ، فى كتابِ النَّفَقاتِ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: فلها الفَسْخُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. [ورَجَّحه فى «المُغْنِى»](1). وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» -[فيما إذا كانَ ذلك بعدَ الدُّخولِ لا قبلَهْ](2) - و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقيل: ليسَ لها ذلك. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ حامِدٍ. قالَه الشَّارِحُ. [والذى نقَله فى «المُحَرَّرِ»، عن ابنِ حامدٍ، عدَمُ ثُبوتِ الفَسْخِ بعدَ الدُّخولِ، ومُقْتَضاه، أنَّه لا يُخالِفُه فى ثُبوتِه لها قبلَ ذلك](3). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» .

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: الأصل، ط.

(3)

زيادة من: ش.

ص: 307

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: فإنْ أعْسَرَ بعدَه، فعلى وجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، لها الفَسْخُ. قال فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى»: فلها الفَسْخُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» . والوجهُ الثَّانى، ليسَ لها الفَسْخُ بعدَ الدُّخولِ. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ تزَوَّج مُفْلِسًا، ولم تعْلَمِ المرأةُ، لا يُفَرّقُ بينَهما، إلَّا أَنْ يكونَ قال: عِنْدِى عَرَضٌ ومالٌ وغيرُه. قال فى «التَّصْحيحِ» ، فى كتابِ النَّفَقاتِ: المَشْهورُ فى المذهبِ لا فَسْخَ لها. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ. وقيل: إنْ أعْسَرَ بعدَ الدُّخولِ، انْبَنَى على مَنْعِ نفْسِها لقَبْضِ صَداقِها بعدَ الدُّخولِ، كما تقدَّم، إنْ قُلْنا: لها منْعُ نفْسِها هناك. فلها الفَسْخُ هنا، وإلَّا فلا. وهى طريقَتُه فى «المُغْنِى» ، وابنِ مُنَجَّى فى

ص: 308

وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ.

ــ

«شَرْحِه» .

فائدتان؛ إحْداهما، لو رضِيَتْ بالمُقامِ معه مع عُسْرَتِه، ثم أرادَتْ بعدَ ذلك الفَسْخَ، لم يكُنْ لها ذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لها ذلك. فعلى المذهب، لها مَنْعُ نفْسِها. الثَّانيةُ، لو تزَوَّجَتْه عالمةً بعُسْرَتِه، لم يكُنْ لها الفَسْخُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لها ذلك.

تنبيه: محَلُّ هذه الأحْكامِ، إذا كانت الزَّوْجَةُ حُرَّة، فأمَّا إنْ كانتْ أَمَةً، فالخِيَرَةُ فى المَنْعِ والفَسْخِ إلى السَّيِّدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما (1). وقيل: لها. قال فى «الرِّعايَةِ» : وهو أوْلَى، كولِىِّ الصَّغيرةِ والمَجْنونةِ.

قوله: ولا يجُوزُ الفَسْخُ إلا بحُكْمِ حاكِمٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 309

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقيل: لا يحْتاجُ إلى حُكْمِ حاكمٍ، كخِيارِ المُعْتَقَةِ تحتَ عَبْدٍ. انتهى.

ص: 310