الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْوَلِيمَةِ
وَهِىَ اسْمٌ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ خَاصَّةً،
ــ
بابُ الوَليمَةِ
[فائدة: قال الكَمالُ الدَّمِيرِىُّ (1) فى شَرْحِه على «المِنْهاجِ»، فى النُّقوطِ المُعْتادِ فى الأَفْراحِ: قال النَّجْمُ البالِسىُّ (2): إنَّه كالدَّيْنِ، لدافعِه المُطالَبَةُ به، ولا أثَرَ للعُرْفِ فى ذلك، فإنَّه مُضْطَرِبٌ، فكم يُدْفَعُ النُّقوطُ، ثم يُسْتَحَقُّ أَنْ يُطالبَ به. انتهى](3).
قوله: وهى اسْمٌ لدَعْوَةِ العُرْسِ خاصَّةً. هذا قولُ أَهْلِ اللُّغَةِ. قالَه فى
(1) محمد بن موسى بن عيسى الدميرى، كمال الدين، أبو البقاء، من فقهاء الشافعية، كانت له حلقة خاصة فى الأزهر، من كتبه «النجم الوهاج» ، فى شرح منهاج النووى و «حياة الحيوان» . توفى سنة ثمان وثمانمائة. الأعلام 7/ 340.
(2)
هو محمد بن عقيل بن أبى الحسن البالسى المصرى، الشافعى، نجم الدين، أبو عبد اللَّه، فقيه محدث، ولى قضاء بلبيس بمصر، وله «مختصر الترمذى» ، و «شرح التنبيه» . توفى سنة تسع وعشرين وسبعمائة. النجوم الزاهرة 9/ 280.
(3)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُطْلِعِ» . [وفيه أيضًا أنَّ الوَلِيمَةَ اسْمٌ لطَعامِ العُرْسِ](1)، [كالقامُوسِ، وزادَ، أو كُلُّ طَعامٍ صُنِعَ لدَعْوَةٍ أو غيرِها. فقَوْلُهم: اسْمٌ لدَعْوَةِ العُرْسِ. على حَذْفِ مُضافٍ، لطَعام دَعْوَةٍ، وإلَّا فالدَّعْوَةُ نفْسُ الدُّعاءِ إلى الطَّعامِ، وقد تُضَمُّ دالُها، كدالِ الدُّعاءِ](2). قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: قالَه ثَعْلَبٌ وغيرُه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وقال بعضُ أصحابِنا: الوَلِيمَةُ تقَعُ على كل طَعامٍ لسُرورٍ حادِثٍ، [إلَّا أنَّ اسْتِعْمالَها فى طَعامِ العُرْسِ أكثرُ. وقيل: تُطْلَقُ على كلِّ طَعامٍ لسُرورٍ حادِثٍ] (3)، إطْلاقًا مُتَساوِيًا. قالَه القاضى فى «الجامعِ» . نَقَله عنه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وَلِيمَةُ الشئِ كَمالُه وَجمْعُه، وسُمِّيَتْ دَعْوَةُ العُرْسِ وَلِيمَةً؛ لاجْتِماعَ الزَّوْجَيْنِ.
فائدة: الأَطْعِمَةُ التى يُدْعَى إليها النَّاسُ عَشَرَةٌ؛ الأَوَّلُ، الوَلِيمَةُ؛ وهى طَعامُ العُرْسِ. الثَّانِى، الحِذاقُ؛ وهو الطَّعامُ عندَ حِذاقِ الصَّبِىِّ. أىْ مَعْرِفَتُه،
(1) زيادة من: أ.
(2)
زيادة من: ش.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتَمْيِيزُه، وإتْقانُه. الثَّالِثُ، العَذِيرةُ والإِعْذارُ، لطَعامِ الخِتانِ. الرَّابعُ، الخُرْسَةُ والخُرْسُ، لطَعامِ الوِلادَةِ. الخامِسُ، الوَكِيرَةُ، لدَعْوةِ البِناءِ. السَّادِسُ، النَّقِيعَةُ، لقُدومِ الغائبِ. السَّابعُ، العَقِيقَةُ؛ وهى الذَّبْحُ لأجْلِ الوَلَدِ، على ما تقدَّم فى أواخرِ بابِ الأُضْحِيَةِ (1). الثَّامِنُ، المَأْدُبَةُ؛ وهو كلُّ دَعْوَةٍ لسَبَبٍ كانتْ أو غيرِه. التَّاسِعُ، الوَضِيمَةُ، وهو طَعامُ المَأْتَمِ. العاشِرُ، التُّحْفَةُ؛ وهو طَعامُ القادِمِ. زادَ بعضُهم، حادِىَ عشَرَ، وهو الشُّنْدُخِيَّةُ؛ وهو طَعامُ المِلْكِ على
(1) 9/ 435.
وَهِىَ مُسْتَحَبَّةٌ،
ــ
الزَّوْجَةِ. وثانىَ عشَرَ، المِشْداخُ؛ وهو الطَّعامُ المأكُولُ فى خَتْمَةِ القارِئَ. وقد نظَمَها بعضُهم، ولم يَسْتَوْعِبْها، فقال:
وَليِمَةُ عُرْسٍ، ثمِ خُرْسُ وِلادَةٍ
…
وعَقٌّ لسَبْعٍ، والخِتانُ لإِعْذارِ
ومَأْدُبَةٌ أطْلِقْ نقِيعَةُ غائبٍ
…
وَضِيمةُ مَوْتٍ والوَكِيرَةُ للدَّارِ
وزِيدَتْ لإِمْلاكِ المُزَوَّجِ شُنْدُخٌ
…
ومِشْداخٌ المأْكولُ فى خَتْمَةِ القارِى
فأخَا بالحذاقِ والتُّحْفَةِ.
قوله: وهى مُسْتَحَبَّةٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولو بشاةٍ فأقَلَّ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم: يُسْتَحَبُّ أَنْ لا تنْقُصَ عن شاةٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: تُسْتَحَبُّ بشاةٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ذكَر الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهُ، أنَّها تجِبُ ولو بشاةٍ؛ للأمْرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: قوْلُه عليه الصلاة والسلام: «ولو بشَاةٍ» . الشَّاةُ هنا، واللَّهُ أعلمُ، للتَّقْليلِ. أىْ، ولو بشئٍ قليلٍ، كشاةٍ. فيُسْتَفادُ مِن هذا، أنَّه تجوزُ الوَلِيمَةُ بدُونِ شاةٍ. ويُسْتَفادُ مِن الحديثِ، أنَّ الأُوْلَى الزِّيادَةُ على الشاةِ؛ لأنَّه جعَل ذلك قليلًا. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان، إحْداهما، تُسْتَحَبُّ الوَلِيمَةُ بالعَقْدِ. قالَه ابنُ الجَوْزِىِّ. واقْتَصَر عليه فى «الفُروعِ» . وقدَّمه فى «تجْرِيدِ العِنايَةِ» . وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: تُسْتَحَبُّ بالدُّخولِ. قلتُ: الأُوْلَى أَنْ يُقالَ: وَقْتُ الاسْتِحْبابِ مُوَسَّعٌ مِن عَقْدِ النِّكاحِ إلى انْتِهاءِ أيَّامِ العُرْسِ؛ لصِحَّةِ الأخْبارِ فى هذا، وهذا كمالُ السُّرورِ بعدَ الدُّخولِ، لكِنْ قد جرَتِ العادَةُ فِعْلَ ذلك قبلَ الدُّخولِ بيَسِيرٍ. الثَّانيةُ، قال ابنُ عَقِيلٍ: السُّنَّةُ أَنْ يُكْثِرَ للبِكْرِ. قلتُ: الاعْتِبارُ فى هذا باليَسارِ؛ فإنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ ما أَوْلَمَ على أحَدٍ [مِن نِسائِه](1)، ما أوْلَمَ علَى زَيْنَبَ.
(1) سقط من: الأصل، أ.
وَالإِجَابَةُ إِلَيْهَا وَاجِبَةٌ، إِذَا عَيَّنهُ الدَّاعِى الْمُسْلِمُ فِى الْيَوْمِ الأَوَّلِ،
ــ
وكانَتْ ثَيِّبًا. لكِنْ قد جرَتِ العادَةُ بفِعْلِ ذلك فى حقِّ البِكْرِ أكثرَ مِن الثَّيِّبِ.
قوله: والإِجَابَةُ إليها واجبَةٌ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا بشُروطِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونَصروه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا خِلافَ فى وُجوبِ الإِجابَةِ إلى الوَلِيمَةِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «الإِفْصاحِ»: ويجِبُ فى الأَشْهرِ عنه. وقيل: الإِجابَةُ فَرْضُ كِفايةٍ. وقيل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُسْتَحَبَّةٌ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. وعنه، إنْ دَعاه مَن يثِقُ به، فالإِجابَةُ أفْضَلُ مِن عدَمِها. وقدَّم فى «التَّرْغيبِ» ، لا يَلْزَمُ القاضىَ حُضورُ (1)
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلِيمَةِ عُرْسٍ. ذكَرَه عنه فى «الفُروعِ» ، فى بابِ أدَبِ القاضى، وذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» هناك قوْلًا.
قوله: إذا عَيَّنَه الدّاعِى المُسْلِمُ. مُقَيَّدٌ بِها إذا لم يَحْرُمْ هَجْرُه، فإنْ حَرُمَ (1) هَجْرُه، لم يُجِبْه، ولا كَرامَةَ، ومُقَيَّدٌ أيضًا بما إذا لم يكُنْ كَسْبُه خَبِيثًا، فإنْ كان كسبُه خَبِيثًا، لم يُجِبْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: بلَى. ومنَع ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المِنْهاجِ» ، مِن إجابَةِ ظالمٍ وفاسقٍ ومُبْتَدِعٍ، ومُفاخِرٍ بها، أو فيها، ومُبْتَدِع يتَكَلَّمُ ببِدْعَتِه، إلَّا لرادٍّ عليه. وكذا إنْ كان فيها مُضْحِكٌ بفُحْشٍ أو كَذِبٍ، وإلَّا أُبِيحَ إذا كان قليلًا. وقيل: يُشْترَطُ أَنْ لا يخُصَّ بها الأغْنِياءَ، وأنْ لا يخَافَ المَدْعُوُّ الدَّاعِىَ، ولا يرْجُوَه، وأنْ لا يكونَ فى المَحَلِّ مَن يكْرَهُه المَدْعُوُّ، أو يكْرَهُ هو المَدْعُوَّ. قال فى «التَّرْغيبِ» ، و «البُلْغَةِ»: إنْ عَلِمَ حُضورَ الأَراذِلِ، ومَن مُجَالسَتُهم تُزْرِى بمِثْله، لم تجِبْ إجابَتُه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، عن هذا القَوْلِ: لم أرَه لغيرِه مِن أصحابِنا. قال: وقد أطْلَق الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، الوُجوبَ، واشْترَطَ الحِلَّ، وعدَمَ المُنْكَرِ. فأمَّا هذا الشَّرْطُ، فلا أَصْلَ له، كما أنَّ مُخالطَةَ هؤلاءِ فى صُفوفِ الصَّلاةِ لا تُسْقِطُ الجماعةَ. وفى الجِنازَةِ لا تُسْقِطُ حقَّ الحُضورِ. فكذلك ههُنا. وهذه شُبْهَةُ الحَجَّاجِ بنِ
(1) كذا بالنسخ، والصواب:«لم يحرم» .
فَإِنْ دَعَا الْجَفَلَى، كَقَوْلِهِ: أيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إِلَى الطَّعَامِ. أَوْ دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ،
ــ
أَرْطَاةَ (1)، وهو نَوْعٌ مِن التَّكَبُّرِ، فلا يُلْتفَتُ إليه. نعم، إنْ كانوا يتَكلَّمونَ بكَلامٍ مُحَرَّمٍ، فقد اشْتَملَتِ الدَّعْوَةُ على مُحَرَّمٍ، وإنْ كان مَكْرُوهًا، فقد اشْتَملَتْ على مَكْرُوهٍ. وأما إنْ كانُوا فُسَّاقًا، لكِنْ لا يأْتُونَ بمُحَرَّمٍ ولا مَكْرُوهٍ، لهَيْبَتِه فى المَجْلِسِ، فيتَوجَّهُ أَنْ يحْضُرَ، إذا لم يكُونُوا ممَّن يُهْجَرونَ، مِثْلَ المُسْتَتِرينَ. أمَّا إنْ كان فى المَجْلِسِ مَن يُهْجَرُ، ففيه نظرٌ، والأَشْبَهُ، جوازُ الإِجابَةِ، لا وُجوبُها. انتهى.
قوله: فإنْ دَعا الجَفَلَى، كقَوْلِه: أيُّها النّاسُ تَعالَوْا إلى الطَّعامِ. أو دَعاه فيما
(1) حجاج بن أرطاة بن ثور النخعى، أبو أرطاة، الإمام العلامة، مفتى الكوفة، كان من بحور العلم، تكلم فيه لكبر وتيه فيه ولتدليسه، ولنقص قليل فى حفظه، ولم يترك. توفى سنة خمس وأربعين ومائة. انظر ترجمته فى سير أعلام النبلاء 7/ 68 - 75.
أَوْ دَعَاهُ ذِمِّىٌّ، لَمْ تَجِبِ الإِجَابَةُ.
ــ
بعدَ اليَومَ الأَوَّلِ، أو دَعاهُ ذِمِّىٌّ، لم تَجِبِ الإِجابَةُ. إذا دعَا الجَفَلَى، لم تجِبْ إجابَتُه. على المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يجِبَ. قال ابنُ رَزِينٍ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«شَرْحِه» . [فعلى المذهبِ](1)، بل (2) يُكْرَهُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لم تجِبْ، ولم تُسْتَحَبَّ. وقيل: تُباحُ (3). وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» . وأمَّا إذا دَعاه فيما بعدَ اليومِ الأَوَّلِ، وهو اليومُ الثَّانِى والثَّالثُ، فلا تجِبُ الإِجابَةُ، بلا نِزاعٍ، لكِنْ تُسْتَحَبُّ إجابَتُه فى اليومِ الثَّانِى، وتُكْرَهُ فى اليومِ الثَّالثِ. ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ أحَبَّ أجابَ فى الثَّانِى، ولا يُجِيبُ فى الثَّالثِ. وأمَّا إذا دَعاه الذِّمِّىُّ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، لا تجِبُ إجابَتُه، كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. وقال أبو داودَ: وقيلَ لأحمدَ: تُجِيبُ دَعْوَةَ الذِّمِّىِّ؟ قال: نعم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: قد يُحْمَلُ كلامُه على الوُجوبِ. فعلى المذهبِ، تكرَه إجابَتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقيل: تجوزُ مِن غيرِ كَراهَةٍ. قال المُصَنِّفُ (6) فى «المُغْنِى» (4): قال أصحابُنا: لا تجِبُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: أ، ط.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
10/ 195.
وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ والإِجَابَةُ إِلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ.
ــ
إحابَةُ الذِّمِّىِّ، ولكِنْ تجوزُ. وقال فى «الكافِى»: وتجوزُ إجابَتُه. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، المُتَقدِّمِ، عدَمُ الكراهَةِ. وهو الصَّوابُ. قال ابن رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: لا بَأْسَ بإجابَتِه. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» . وخرَّج الزَّرْكَشِىُّ، مِن روايَةِ عدَمِ جَوازِ تَهْنِئَتِهم وتَعْزِيَتِهم وعِيادَتِهم، عدَمَ الجوازِ هنا.
قوله: وسائرُ الدَّعَواتِ والإِجَابَةُ إليها مُسْتَحَبَّةٌ. هذا قولُ أبى حَفْصٍ العُكْبَرِىِّ، وغيرِه. وقطَع به فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِى مُوسى. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» . والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ بَقِيَّةَ الدَّعَواتِ مُباحَةٌ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: قالَه القاضى، وعليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عامَّةُ أصحابِه. وقطَع به فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصولِ» ، و «خِصالِ ابن البَنَّا» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» . وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، تُكْرَهُ دَعْوَةُ الخِتانِ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» . ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأما الإِجابَةُ إلى سائرِ الدَّعَواتِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ اسْتِحْبابُها، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الظَّاهِرُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. وقيل: تُباحُ. ونصَّ عليه، وهو قوْلُ القاضى، وجماعَةٍ مِن أصحابِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «المُوجَزِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، ومُثَنَّى، تجِبُ الإِجابَةُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: لو قيلَ بالوُجوبِ،
وَإذَا حَضَرَ وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا، لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ كَانَ نَفْلًا أَوْ
ــ
لَكَانَ مُتَّجِهًا. وكَرِهَ الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ» ، حُضورَ غيرِ وَلِيمَةِ العُرْسِ إذا كانت كما وصَف النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«يُمْنَعُ المُحْتاجُ، ويَحْضُرُ الغَنِىُّ» (1).
فائدة: قال القاضى فى آخِرِ «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: يُكْرَهُ لأَهْلِ الفَضْلِ والعِلْمِ الإِسْراعُ إلى إجابةِ الطَّعامِ والتَّسامُحِ؛ لأنَّ فيه بِذْلَةً ودَناءَةً وشَرَهًا، لاسِيَّما الحاكِمُ.
قوله: وإنْ حضَر وهو صائِمٌ صَوْمًا واجبًا، لم يُفْطِرْ، وإنْ كان نَفْلًا أو كان
(1) تقدم تخريجه فى صفحة 318.
كَانَ مُفْطِرًا، اسْتُحِبَّ لَهُ الأَكْلُ، وإِنْ أَحَبَّ دَعَا، وَانْصَرَفَ.
ــ
مُفْطِرًا، اسْتُحِبَّ الأَكْلُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، اسْتِحْبابُ الأكْلِ لمَن صَوْمُه نَفْلٌ أو هو مُفْطِرٌ. قالَه القاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. وقيل: يُسْتَحَبُّ الأَكْلُ للصَّائِمِ إنْ كان يَجْبُرُ قلْبَ داعِيه، وإلَّا كان إتْمامُ الصَّوْمِ أوْلَى. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الوَجيزِ» . وهو ظاهِرُ تعْليلِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وقيل: نصُّه: يدْعُو، ويَنْصَرِفُ. وقال فى «الواضِحِ»: ظاهِرُ الحديثِ وُجوبُ الأكْلِ للمُفْطِرِ. وفى مُناظراتِ ابنِ عَقِيلٍ، لو غمس إصْبَعَه فى ماءٍ ومَصَّها، حصَل به إرْضاءُ الشَّارِعِ، وإزالَةُ المأْثَمِ بإجْماعِنا. ومِثْلُه لا يُعَدُّ إجابةً عُرْفًا، بل استِخْفافًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالدَّاعِى.
فائدة: فى جَواز الأَكْلِ مِن مالِ مَن فى مالِه حرامٌ أقْوالٌ؛ أحدُها، التَّحْريمُ مُطْلَقًا. قطَع به وَلَدُ الشِّيرازِىِّ فى «المُنْتَخَبِ» ، قُبَيْلَ بابِ الصَّداقِ. قال الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: هذا قِياسُ المذهبِ، كما قُلْنا فى اشْتِباهِ الأوانِى الطَّاهِرَةِ بالنَّجِسَةِ. وهو ظاهِرُ تعْليلِ القاضى. وقدَّمه أبو الخَطَّابِ، فى «الانْتِصارِ» . قال ابنُ عَقِيلٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «فُنُونِه» ، فى مَسْألَةِ اشْتِباهِ الأوانِى: وقد قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: لا يُعْجِبُنِى أَنْ يأْكُلَ منه. وسأله المَزْوَزِىُّ عن الذى يُعامِلُ بالرِّبا، يَأْكلُ عندَه؟ قال: لا. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» فى آدابِها: ولا يأْكُلُ مُخْتَلِطًا بحرامٍ بلا ضَرُورَةٍ. والقوْلُ الثَّانى، إنْ زادَ الحرامُ على الثُّلُثِ، حَرُمَ الأَكْلُ، وإلَّا فلا. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ؛ لأَنَّ الثُّلُثَ ضابِطٌ فى مَواضِعَ. والقَوْلُ الثَّالثُ، إنْ كان الحرامُ أكْثرَ، حَرُمَ الأَكْلُ، وإلَّا فلا، إقامَةً للأَكْثَرِ مَقامَ الكُلِّ. قطَع به ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المِنْهاجِ» . نقَل الأَثْرَمُ، وغيرُ واحدٍ، عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى مَن وَرِثَ مالًا فيه حرامٌ، إن عرَف شيئًا بعَيْنه، ردَّه، وإنْ كان الغالِبُ على مالِه الفَسَادَ، تنَزَّهَ عنه، أو نحوَ هذا. ونقَل حَرْبٌ، فى الرَّجُلِ يخْلُفُ مالًا، إنْ كان غالِبُه نَهْبًا أو رِبًا، يَنْبَغِى لوارِثِه أَنْ يتَنَزَّه عنه، إلَّا أَنْ يكونَ يسِيرًا لا يُعْرَفُ. ونقَل عنه أيضًا، هل للرَّجُلِ أَنْ يَطْلُبَ مِن وَرَثَةِ إنْسانٍ مالًا مُضارَبَةً ينْفَعُهم ويَنْتَفِعُ؟ قال: إنْ كان غالِبُه الحرامَ فلا. والقَوْلُ الرَّابعُ، عدَمُ التَّحْريمِ مُطْلَقًا، قلَّ الحرامُ أو كَثُرَ، لكِنْ يُكْرَهُ، وتقْوَى الكراهَةُ وتضْعُفُ بحسَبِ كثْرَةِ الحرامِ وقِلَّتِه. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وقالَه ابنُ عَقِيلٍ فى «فُصولِه» وغيرُه. وقدَّمه
فإِن دَعَاهُ اثنَانِ، أَجَابَ أَوَّلهُمَا،
ــ
الأَزَجِىُّ وغيرُه. قلتُ: وهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ» ، فى بابِ صدَقَةِ التَّطَوُّعِ، و «الآدابِ الكُبْرَى» ، و «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ». قال فى «الفُروعِ»: ويَنْبَنِى على الخِلافِ، حُكْمُ مُعامَلَتِه، وقَبُولُ صدَقَتِه وهِبَتِه، وإجابَةُ دَعْوَتِه، ونحوُ ذلك. وإنْ لم يعْلَمْ أنَّ فى المالِ حرامًا، فالأَصْلُ الإِباحةُ، ولا تحْريمَ بالاحْتِمالِ، وإنْ كان ترْكُه أوْلَى للشَّكِّ. وإنْ قَوِىَ سبَبُ التحْريمِ، فَظنُّه، فيَتَوجَّهُ فيه، كآنِيَةِ أَهْلِ الكِتابِ وطَعامِهم. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ التَّرْكُ، وأنَّ ذلك يَنْبَنِى على ما إذا تَعارَضَ الأصْلُ والظَّاهِرُ، وله نَظائِرُ كثيرةٌ (1).
قوله: فإنْ دَعاه اثْنان، أجابَ أسْبَقَهما. وهذا بلا خِلافٍ أعْلَمُه، لكِنْ هلِ السَّبْقُ بالقَوْلِ -وهو الصَّوابُ- أو بقُرْبِ (2) البابِ؟ فيه وَجْهانِ. قال فى «الفُروعِ» . وحُكِىَ، هل السَّبْقُ بالقَوْلِ أو البابِ؟ فيه وَجْهانِ. انتهى. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ السَّبْقَ بالقولِ. وهو كالصَّريحِ فى كلامِ المُصَنِّفِ (3) وغيرِه، خُصوصًا «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . فإنِ اسْتَوَيا فى السَّبْقِ، فقطَع المُصَنِّفُ هنا بتَقْديمِ الأَدْيَنِ، ثم الأقرَبِ جِوارًا. وقالَه فى
(1) فى الأصول بعد ذلك «فوائد جمة فى آداب الأكل والشرب» . وقد نقلناها إلى صفحة 357، لتوافق كتاب الشرح. وسيذكر المؤلف فى صفحة 347، 352 أنه تقدم جملة صالحة فى آداب الأكل والشرب، لذلك لزم التنبيه.
(2)
زيادة من: أ.
(3)
سقط من: الأصل.
فَإِنِ اسْتَوَيَا، أجَابَ أَدْيَنَهُمَا، ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا.
ــ
«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادِى» . وقال فى «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»: فإنِ اسْتوَيَا، أجابَ أقْرَبَهما بابًا. زادَ فى «الخُلاصةِ» ، ويقَدِّمُ إجابَةَ الفَقيرِ منهما. وزادَ فى «الكافِى» ، فإنِ اسْتَويَا، أجابَ أقْرَبَهما رَحِمًا، فإنِ اسْتَويَا، أجاب أدينَهما، فإنِ اسْتَويَا، أقْرَعَ بينَهما. وكذا قال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِى الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا، كَالزَّمْرِ وَالْخَمْرِ، وَأَمْكَنَهُ الإِنْكَارُ، حَضَرَ وَأَنكَرَ، وَإِلَّا لَمْ يَحْضُرْ.
وَإِنْ حَضَرَ، فَشَاهَدَ الْمُنْكَرَ، أَزَالَهُ، وَجَلَسَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ، انْصَرَفَ،
ــ
وقال فى «المُحَرَّرِ» : ومَن دَعاه اثْنانِ، قدَّم أسْبَقَهما، ثم إنْ أَتيا معًا قدَّم أَدْيَنَهما، ثم أَقرَبَهما رَحِمًا، ثم جِوارًا، ثم بالقُرْعَةِ. وجزَم به فى «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: ويقَدَّمُ أَسبَق، ثم أدينُ، ثم أَقرَبُ جِوارًا، ثم رَحِمًا. وقيل: عكْسُه، ثم قارِعٌ. وقال فى «الفصولِ»: يقَدِّمُ السَّابِقَ، فإنْ لم يسْبِقْ أحدُهما الآخَرَ، فقال أصحابُنا: ينْظُرُ أقْرَبَهما دارًا فيُقَدِّمُه فى الإِجابةِ. وقيل: الأَدْيَنُ بعدَ الأَقْرَبِ جِوارًا. وقال فى «البُلْغَةِ» : فإنْ جاءَا معًا، أجابَ أقْرَبَهما جِوارًا، فإنِ اسْتَويَا، قدَّم أدْيَنَهما.
قوله: وإنْ عَلِم أنَّ فى الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا، كالزَّمْرِ والخَمْرِ، وأمْكَنَه الإِنْكارُ، حضَر وأنْكَرَ، وإلَّا لم يَحْضُرْ -بلا نِزاعٍ- وإنْ حضَر وشاهَدَ المُنْكَرَ، أزالَه، وجلَس، فإنْ لم يَقْدِرِ، انْصَرَفَ. بلا خِلافٍ.
وَإِنْ عَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَلَهُ الْجُلُوسُ،
ــ
قوله: وإنْ عَلِم بِه، ولم يَرَه ولم يَسْمَعْه، فله الجُلُوسُ. ظاهِرُه الخِيَرَةُ بينَ الجُلوسِ وعدَمِه. وهو المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: لا بأْسَ به (1). وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال النَّاظِمُ:
. . . . . . . . إنْ [يَشَا
…
لِيَجْلِس] (2) ولكِنْ عَنْهُمُ البُعْدَ جَوِّدِ (3)
(1) زيادة من: أ.
(2)
فى الأصل: «شاء ليجلس» . وفى أ: «إن شاء يجلس» .
(3)
فى أ: «أجود» . والشطر الأول فى عقد الفرائد 2/ 116 هكذا: «وإن كان معلوما بلا الحس إن يشا» .
وإنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيها صُوَرُ الْحَيَوَانِ، لم يَجْلِسْ إِلّا أَنْ تُزَالَ، وَإِنْ كَانَتْ مَبْسُوطَةً أو عَلَى وِسَادَةٍ، فَلَا بَأْسَ بِهَا.
ــ
وقال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: لا ينْصَرِفُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
قوله: وإنْ شاهَد سُتُورًا مُعَلَّقةً فيها صُوَرُ الحَيَوانِ، لم يَجْلِسْ إلَّا أَنْ تُزالَ. هكذا قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وفى تحْريمِ لُبْثِه فى مَنْزِلٍ فيه صُورَةُ حَيوانٍ على وَجْهٍ مُحَرَّم وَجْهانِ. والمذهبُ، لا يَحْرُمُ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ (1) ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. وتقدَّم فى سَتْرِ العَوْرَةِ (2): هل يَحْرُمُ ذلك، أمْ لا؟
فائدة: إذا عَلِم به قبلَ الدُّخولِ، فهل يَحْرُمُ الدُّخُولُ، أمْ لا؟ فيه الوَجْهان المُتَقدِّمان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . وجزَم فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
3/ 257.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه لا يحْرُمُ الدُّخولُ. وهو المذهبُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وإنْ كانت مَبْسُوطَةً، أو على وِسادَةٍ، فلا بَأْسَ بها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الإِرْشادِ»: الصُّوَرُ والتَّماثِيلُ مَكْروهةٌ عندَه (1)، إلَّا (2) فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأَسِرَّةِ والجُدُرِ. وتقدَّم ذلك أيضًا فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: يَحْرُمُ تعْليقُ ما فيه صُورَةُ حَيوانٍ، وسَتْرُ الجُدُرِ به، وتَصْوِيرُه. وقيل: لا يَحْرُمُ. وذكَره ابنُ عَقِيلٍ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، رِوايَةً، كافْتِراشِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجَعْلِه مِخَدًّا. وتقدَّم بعضُ ذلك فى ستْرِ العَوْرَةِ.
وَإِنْ سُتِرَتِ الْحِيطَانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا، أَو فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، فَهَلْ تُبَاحُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
قوله: وإنْ سُتِرَتِ الحِيطانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فيها، أو فيها صُوَرُ غيرِ الحَيَوانِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهل تُباحُ؟ على رِوايتَيْن. مُرادُه، إذا كانت غيرَ حَرِيرٍ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ؛ إحْداهما، يُكْرَهُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» ، واخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى مَوْضِعٍ، و «الوَجيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . وقدَّمه فى «البُلْغَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَحْرُمُ. وقال فى «الخُلاصَةِ»: وإذا حضَر فرأى سُتُورًا مُعَلَّقَةً لا صُوَرَ عليها، فهل يجْلِسُ؟ فيه رِوايَتانِ، أصْلُهما، هل هو حرَامٌ، أو مَكْرُوهٌ؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ، إذا لم تَكُنْ حاجَةٌ، فأمَّا إنْ دَعتِ الحاجَةُ إليه، مِن حَرٍّ، أو بَرْدٍ، فلا بَأْسَ به. ذكَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وهو واضِحٌ.
الثانى، ظاهِرُ قولِه: فهل يُباحُ؟ أنَّ الخِلافَ فى الإِباحَةِ وعدَمِها. وليس الأمْرُ كذلك، وإنَّما الخِلافُ فى الكَراهةِ والتَّحْريمِ؛ فمُرَادُه بالإِباحةِ، الجَوازُ الذى هو ضِدُّ التَّحْريمِ. فعلى القَوْلِ بالتَّحْرِيم، يكونُ وُجودُ ذلك عُذْرًا فى تَرْكِ الإِجابَةِ. وعلى القَوْلِ بالكراهةِ، يكُونُ أيضًا عُذرًا فى تَرْكِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: لا يكونُ عُذْرًا. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلاصَةِ» المُتقدِّمِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والواجِبُ لا يُتْرَكُ لذلك. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . ونقَل ابنُ هانِئٍ وغيرُه، ما كانَ فيه شئٌ مِن زِىِّ الأعاجِمِ وشِبْهِه، فلا يدْخُلُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا بَأْسَ أَنْ لا يدْخُلَ. قال: لا كرَيْحانٍ مُنَضَّدٍ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، أنَّ النَّهْىَ عن التَّشَبُّهِ بالعَجَمِ للتَّحْرِيمِ. ونقَل جَعْفَرٌ، لا يشْهَدُ عُرْسًا فيه طَبْلٌ، أو مُخَنَّثٌ، أو غِناءٌ، أو تُسْتَرُ الحِيطانُ، ويخْرُجُ لصُورةٍ على الجِدارِ. ونقَل الأَثْرَمُ،. والفَضْلُ، لا لصُورَةٍ على سِتْرٍ، لم يَسْتُرْ به الجُدُرَ.
وَلَا يُبَاحُ الأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ. وَالدُّعَاءُ إِلَى الْوَلِيمَةِ إِذْنٌ فِيهَا.
ــ
قوله: ولا يُباحُ الأَكْلُ بغيرِ إذْنٍ. أو ما يَقُومُ مَقامَها. بلا نِزاعٍ. فيَحْرُمُ أكْلُه بلا إذْنٍ صريحٍ، أو قرينَةٍ، ولو مِن بَيْتِ قريبِه أو صَديقِه، ولم يُحْرِزْه عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَله ابنُ القاسِمِ، وابنُ النَّضْرِ. وجزَم به القاضى فى «الجامعِ» . وظاهِرُ كلامِ ابنِ الجَوْزِىِّ وغيرِه، يجوزُ أكْلُه مِن بَيْتِ قرِيبِه وصديقِه، إذا لم يُحْرِزْه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. قال فى «الفُروعِ»: وهو أَظْهَرُ. وقدَّمه فى «آدابِه» ، وقال: هذا هو المُتوَجَّهُ، ويُحْمَلُ كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، على الشَّكِّ فى رِضاه، أو على الوَرَعِ. انتهى. وجزَم القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» ، فى آخِرِ الغَصْبِ، فى مَن كتَبَ مِن مَحْبَرَةِ غيرِه، يجوزُ فى حقِّ مَن ينْبَسِطُ إليه، ويَأْذَنُ له عُرْفًا.
قوله: والدُّعاءُ إلى الوَلِيمَةِ إذْنٌ فيه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وكذا تقْديمُ (1) الطَّعامِ إليه بطَريقٍ أوْلَى. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى
(1) فى الأصل: «تقدم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الغُنْيَةِ» : لا يحْتاجُ بعدَ تقْديمِ الطَّعام إِذْنًا إذا جَرَتِ العادةُ فى ذلك البلَدِ الأَكْلَ بذلك، فيكونُ العُرْفُ إِذْنًا. وقد تقدَّم أنَّ المَسْنونَ الأَكْلُ عندَ حُضورِ رَبِّ الطَّعامِ وإذْنِه. وتقدَّم جُمْلَةٌ صالحةٌ فى آدابِ الأكْلِ والشُّرْبِ.
فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ الدُّعاءَ ليس إذْنًا فى الدُّخولِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو إذْنٌ فيه. وقدَّمه فى «الآدابِ» ، ونسَبَه إلى المُصَنِّفِ وغيرِه. قلتُ: إنْ دلَّتْ قرِينَةٌ عليه، كان إِذْنًا، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، قال المَجْدُ: مذهَبُنا، لا يَمْلِكُ الطَّعامَ الذى قُدِّمَ إليه، بل يَهْلِكُ بالأَكْلِ (1) على مِلْكِ صاحبِه. قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِينَ» (2): أكْلُ الضَّيْفِ (3) إباحَةٌ مَحْضَةٌ، لا يحْصُلُ المِلْكُ به (2) بحالٍ، على المَشْهورِ عندَنا. انتهى. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، فى مَسْألةِ غيرِ المَأْذُونِ له، هل له الصَّدقَةُ مِن قُوتِه؟ الضَّيْفُ لا يَمْلِكُ الصَّدقَةَ بما أُذِنَ له فى أكلِه. وقال: إنْ حلَف لا يَهَبُه، فأَضافَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لم يُمَلِّكْه شيئًا، وإنَّما أباحَه الأَكْلَ، ولهذا لم يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فيه (4) بغيرِ إذنِه. انتهى (5). [قلتُ: فيَحْرُمُ عليه تصَرُّفُه فيه بدُونِه. قال الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا] (6): يأْكُلُ الضَّيْفُ
(1) زيادة من: أ.
(2)
كذا بالنسخ والصواب: «السادسة والثمانين» . انظر: القواعد 209.
(3)
فى الأصل: «المضيف» .
(4)
سقط من: ط.
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
زيادة من: أ.
وَالنِّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهٌ. وَعَنْهُ، لَا يُكْرَهُ.
ــ
على مِلْكِ صاحبِ الطَّعامِ على وَجْهِ الإِباحةِ، وليس ذلك بتَمْلِيكٍ. انتهى. قال فى «الآدابِ»: مُقْتَضَى تعْليله فى «المُغْنِى» ، التَّحْريمُ. قلتُ: والأمْرُ كذلك. [قال فى «الانْتِصارِ» وغيرِه: لو قدَّم لضِيفانِه طَعامًا، لم يَجُزْ لهم قَسْمُه؛ لأنَّه إباحَةٌ. نقَله عنهم فى «الفُروعِ»، آخِرَ الأطْعِمَةِ](1). وقال فى «القَواعِدِ» : وعن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، رِوايَةٌ بإجْزاءِ الطَّعامِ فى الكفَّاراتِ، وتُنَزَّلُ على أحدِ قوْلَيْن؛ إمَّا أنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ ما قُدِّم إليه، وإنْ كان مِلْكًا خاصًّا بالنِّسْبَةِ إلى الأكْلِ. وإمَّا أنَّ الكفَّارَةَ لا يُشْتَرَطُ فيها تَمْلِيكٌ. انتهى. وقال فى «الآدابِ»: ووُجِّهَتْ رِوايةُ الجَوازِ، فى مَسْألَةِ (2) صَدَقَةِ (3) غيرِ المَأْذُونِ له، بأنَّه ممَّا جرَتِ العادةُ بالمُسامحَةِ فيه والإِذْنِ عُرْفًا، فجازَ، كصَدقَةِ المَرْأةِ مِن بَيْتِ زَوْجِها. قال: وهذا التَّعْليلُ جارٍ فى مَسْألَة الضَّيْفِ. انتهى (3). وللشَّافِعيَّةِ فيها أرْبَعَةُ أقْوالٍ، يَمْلِكُه بالأَخْذِ، أو بحُصُولِه فى الفَمِ، أو بالبَلْعِ، أو لَا يمْلِكُه بحالٍ، كمذهبِنا. قوله: والنِّثَارُ والْتِقاطُه مَكْرُوهٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ فهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ فى «خِلافَيْهما» ، والشِّيرازِىُّ. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» :
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا المذهبُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحبُ «الإِيضاحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَة» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، وغيرِهم. وعنه، إباحَتُهما. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، كالمُضَحِّى يقولُ: مَن شاءَ اقْتَطَعَ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الكافِى» ، و «البُلْغَةِ». وقيل: يُكْرَهُ فى العُرْسِ دُونَ غيرِه. وعنه، لا يُعْجِبُنِى، هذا نُهْبَةٌ، لا يُأكَلُ. [وعنه، أنه يَحْرُمُ، كقَوْلِ الإِمامِ والأميرِ، فى الغَزْوِ وفى الغَنِيمَةِ: مَن أخَذَ شيئًا، فهو له. ونحوِه](1).
(1) زيادة من: أ.
وَمَنْ حَصَلَ فِى حِجْرِهِ شَىْءٌ مِنْهُ، فَهُوَ لَهُ.
ــ
قوله: ومَن حصَل فى حِجْرِه شَىْءٌ منه، فهو له. وكذا مَن أخَذ شيئًا منه، فهو له. وهذا المذهبُ فيهما مُطْلَقًا. جزَم به فى «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: لا يَمْلِكُه إلَّا بالقَصْدِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .
فائدة: يجوزُ للمُسافِرينَ خَلْطُ أزْوادِهم ليَأْكُلُوا جميعًا، وهو النِّهدُ، على ما
وَيُسْتَحَبُّ إِعْلَانُ النِّكَاحِ وَالضَّرْبُ عَلَيْهِ بِالدُّفِّ.
ــ
تقدَّم.
قوله: ويُسْتَحَبُّ إعْلانُ النِّكاحِ، والضَّرْبُ عليه بالدُّفِّ. إعْلانُ النِّكاحِ مُسْتَحَبٌّ. بلا نِزاع. وكذا يُسْتَحَبُّ الضَّرْبُ عليه بالدُّف. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. واسْتَحَبَّ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أيضًا الصَّوْتَ فى العُرْسِ. ونقَل حَنْبَل، لا بَأْسَ بالصَّوْتِ والدُّفِّ فيه. قال فى «الرِّعايَةِ» ، فى بابِ بقِيَّةِ مَن تصِحُّ شَهادَتُه: ويُباحُ الدُّفُّ فى العُرْسِ. انتهى.
تنبيه: ظاهرُ قولِه: والضَّرب عليه بالدُّفِّ. أنَّه سواءٌ كان الضارِبُ رجُلًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو امْراة. قال فى «الفُروعِ» : وظاهِرُ نُصوصِه، وكلام الأصحابِ، التَّسْوِيَةُ. قيل له، فى رِوايةِ المَرُّوذِىِّ: ما ترَى النَّاسَ اليومَ، تُحَرِّكُ الدُّفَّ فى إمْلاكٍ، أو بِناءٍ، بلا غِناءٍ؟ فلم يَكْرَهْ ذلك. وقيل له، فى رِوايةِ جَعْفَرٍ: يكونُ فيه جَرَسٌ؟ قال: لا. وقال المُصَنِّفُ: ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصوصٌ بالنِّساءِ. قال فى «الرِّعايَةِ» : ويُكْرَهُ للرِّجالِ مُطْلَقًا.
فائدتان؛ إحْداهما، ضَرْبُ الدُّفِّ فى نحوِ العُرْسِ، كالخِتانِ، وقُدومِ الغائبِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونحوِهما، كالعُرْسِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُكْرَهُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: أصحابُنا كَرِهُوا الدُّفَّ فى غيرِ العُرْسِ. وكَرِهَه القاضى وغيرُه، فى غيرِ عُرْس وخِتانٍ. ويُكْرَهُ لرَجُلٍ؛ للتَّشَبُّهِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: يُباحُ فى الخِتانِ. وقيل: وكلِّ سُرورٍ حادثٍ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ كل مَلْهاةٍ سِوَى الدُّفِّ؛ كمِزْمارٍ، وطُنْبُورٍ، ورَبابٍ، وجَنْكٍ، وناىٍ، ومَعْزفَةٍ، وسَرْناى، نصَّ على ذلك كلِّه. وكذا الجُفانَةُ، والعُودُ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّرْغِيبِ»: سواءٌ اسْتُعْمِلَتْ لحُزْنٍ، أو سُرورٍ. وسألَه ابنُ الحَكَمِ عنِ النَّفْخِ فى القَصَبَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالمِزْمارِ؟ فقال: أكْرَهُه. وفى تحْريمِ الضَّرْبِ بالقَضِيبِ وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» الكَراهةَ. وقال فى «المُغْنِى»: لا يُكْرَهُ إلَّا مع تَصْفيقٍ، أو غِناءٍ، أو رَقْصٍ، ونحوِه. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بالتَّحْريمِ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، الطَّبْلَ لغيرِ حَرْبٍ. واسْتَحَبَّهُ ابنُ عَقِيلٍ فى الحَرْبِ، وقال: لتَنْهِيضِ طِباعِ الأوْلِياءِ، وكَشْفِ صُدورِ الأعْداءِ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، التَّعبيرَ، ونَهَى عنِ اسْتِماعِه، وقال: هو بِدْعَة ومُحْدَثٌ. ونقَل أبو داودَ، لا يُعْجِبُنِى. ونقَل يُوسُف، لا يسْتَمِعُه؟ قيل: هو بِدْعَةٌ؟ قال: حَسْبُكَ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» : فقد منَع [الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله](1)، مِن إطْلاقِ (2) اسْمِ البِدْعَةِ عليه، ومِن تحْريمِه؛ لأنَّه شِعْرٌ مُلَحَّنٌ، كالحِداءِ والحَدْوِ للإِبلِ، ونحوِه.
(1) زيادة من: أ.
(2)
زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد جَمَّةٌ فى آدابِ الأكْلِ والشُّرْبِ وما يتَعَلَّقُ بهما
كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أَنْ يتَعمَّدَ القَوْمَ، حينَ وَضْعِ الطَّعامِ، فيَفْجَأَهم، وإنْ فَجأَهُم بلا تعَمُّدٍ، أَكلَ. نصَّ عليه. وأَطْلقَ فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، الكراهةَ، إلَّا مَن عادَتُه السَّماحَةُ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، الخُبْزَ الكِبارَ، وقال: ليس فيه بَرَكَةٌ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، وَضْعَه تحتَ القَصْعَةِ لاسْتِعْمالِه له. وقال الآمِدِىُّ: يَحْرُمُ عليه ذلك، وإنَّه نصُّ الإِمامِ أحمدَ. وكَرِهَه غيرُه، وكَرِهَهُ الأصحابُ فى الأوَّلتَيْنِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» فى الثَّانيةِ. ذَكَر ذلك كلَّه فى «الفُروعِ» ، فى بابِ الأطْعِمَةِ. ويَحْرُمُ عليه أخْذُ شئٍ مِن الطَّعام مِن غيرِ إذْنِ رَبِّه، فإنْ عَلِم بقرِينةٍ رِضَا مالِكِه، فقال فى «التَّرْغيبِ»: يُكْرَهُ. وقال فى «الفُروعِ» : يتوَجَّهُ أنَّه يُباحُ، وأنَّه يُكْرَهُ مع ظَنِّه رِضَاه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: له أخْذُ ما عَلِم رِضَا رَبِّه به، وإطْعامُ الحاضِرينَ معه، وإِلَّا فلا. ويأْتِى، هل له أَنْ يُلْقِمَ غيرَه؟ وما يُشابِهُه. ويأْتِى أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، تَحْريمُ الأَكْل مِن غيرِ إذْنٍ ولا قرينَةٍ، وأنَّ الدُّعاءَ إلى الوَلِيمَةِ إذْنٌ فى الأَكْلِ. ويغْسِلُ يدَيْه قبلَ الطَّعام وبعدَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أَكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُكْرَهُ قبلَه. اخْتارَه القاضى. قالَه فى «الفُروعِ». قال: وأطلقَ جماعَةٌ روايةَ الكراهَةِ. قلتُ: قال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وعنه، يُكْرَهُ. اخْتارَه القاضى. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»: يُسْتَحَبُّ غَسْلُ يدَيْه بعدَ الطعامِ إذا كانَ له
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَمْرٌ. انتهى. ولا يُكْرَهُ غسْلُه فى الإناء الَّذى أكلَ فيه. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. ويُكْرَهُ الغسْلُ بطَعامٍ، ولا بَأْسَ بنُخالَةٍ. نصَّ عليه. وقال بعضُهم: يُكْرَهُ بدَقيقِ حِمَّصٍ وعَدَسٍ وباقِلَّاءَ ونحوِه. وقال فى «الآدابِ» : ويتوَجَّهُ تحْرِيمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغَسْلِ بمَطْعُومٍ، كما هو ظاهرُ تعْليلِ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لمَّا أمَر، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، المَرْأَةَ أَنْ تجْعَلَ مع الماءِ مِلْحًا، ثم تغْسِلَ به الدَّمَ عن حَقِيبَتِه صلى الله عليه وسلم (1). والمِلْحُ طَعامٌ، ففى مَعْناه ما أشْبَهَه. انتهى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: كلامُ أبِى محمدٍ يقْتَضِى جَوازَ غَسْلِها بالمَطْعومِ، وهو خِلافُ المَشْهورِ. وجزَم النَّاظِمُ بجوازِ غَسْلِ يَدِه بالمِلْحِ، وهو قولٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال إسْحاقُ: تعَشَّيْتُ مع أبِى عبدِ اللَّهِ مَرَّةً، فجَعل يأْكُلُ، ورُبَّما مسَح يَدَه عندَ كُلِّ لُقْمَةٍ بالمِنْديلِ. ويتَمضْمَضُ مِن شُرْبِ اللَّبَنِ، ويَلْعَقُ قبلَ الغَسْلِ أو المَسْحِ أصابِعَه، أو يُلْعِقُهما. ويعْرِضُ رَبُّ الطَّعامِ الماءَ لغَسْلِهما، ويُقَدِّمُه بقُرْبِ طَعامِه، ولا يعْرِضُ الطعامَ. ذكَره فى «التَّبْصِرَةِ» ، وغيرها، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ» . ويُسَنُّ أَنْ يُصَغرَ اللُّقْمَةَ، ويُجِيدَ المَضْغَ، ويُطِيلَ البَلْعَ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: إلَّا أَنْ يكونَ هناك ما هو أهَمُّ
(1) تفدم تخريجه فى 2/ 292.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ الإِطالَةِ. وذكَرَ بعضُ الأصحاب اسْتِحْباب تَصْغيرِ الكِسَرِ. انتهى. ولا يأْكُلُ لُقْمَةً حتَّى يبْلَعَ ما قبلَها. وقال ابنُ أَبِى مُوسَى، وابنُ الجَوْزِىِّ: ولا يمُدُّ يدَه إلى أُخْرى، حتَّى يبْتَلِعَ الأُولَى. وكذا قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وينْوِى بأكْلِه وشُرْبِه (1) التَّقَوِّى على الطَّاعةِ. ويبْدَأُ بها الأكْبَرُ والأعْلَمُ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقدَّمه فى «الآدابِ الكُبْرَى» . وقال النَّاظِمُ، فى «آدابِه»:
(1) فى الأصل: «شبعه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُكْرَهُ سبْقُ القَوْمِ للأَكْلِ نُهْمَةً
…
ولكِنَّ ربَّ البَيْتِ إنْ شاءَ يبْتَدِى
وإذا أكلَ معه ضَرِيرٌ، أعْلمَه بما بينَ يدَيْه. وتُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عليهما، والأكْلُ باليمينِ. ويُكْرَهُ ترْكُ التَّسْمِيَةِ والأَكْلُ بشِمالِه، إلَّا مِن ضَرُورةٍ. على الصَّحيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ «المذهبِ» ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وذكَرَه النَّوَوىُّ فى الشُّرْبِ إجْماعًا. وقيلِ: يَجِبَانِ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: يَنْبَغِى أَنْ نقُولَ بوُجوبِ الاسْتِنْجاءِ باليُسْرَى، ومَسِّ الفَرْجِ بها؛ لأَنَّ النَّهْىَ فى كِليْهما. وقال ابنُ البَنَّا: قال بعضُ أصحابِنا: فى الأَكْلِ أرْبَعُ فرائِضَ؛ أَكْلُ الحلالِ، والرِّضَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بما قسَم اللَّهُ، والتَّسْمِيَةُ على الطَّعامِ، والشُّكْرُ للَّهِ عز وجل. وإنْ نَسِىَ التَّسْمِيَةَ فى أوَّلِه، قال إذا ذكَر:«بسمَ اللَّهَ أوَّلَه وآخِرَه» . وقال فى «الفُروعِ» : قال الأصحابُ: يقولُ: «بِسْمِ اللَّهِ» . وفى الخَبَرِ: «فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أوَّلَه وآخِرَه» (1). قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: لو زادَ: «الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ» . عندَ الأَكْلِ، لَكانَ حسَنًا، فإنَّه أكْمَلُ بخِلافِ الذَّبْحِ، فإنَّه قد قيلَ: لا يُناسِبُ ذلك. انتهى. ويُسَمِّى المُمَيِّزُ، ويُسَمِّى عمَّن لا عَقْلَ له ولا تَمْيِيزَ غيرُه. قالَه بعضُهم. إنْ شُرِعَ الحَمْدُ عنه. ويَنْبَغِى للمُسَمِّى أَنْ يجْهَرَ بها. قالَه فى
(1) تقدم تخريجه فى صفحة 362.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الآدابِ» ؛ ليُنَبِّهَ غيرَه عليها. ويَحْمَدُ اللَّهَ إذا فرَغ، ويقولُ ما ورَد. وقيل: يجِبُ الحَمْدُ. وقيل: يَحْمَدُ الشَّارِبُ كلَّ مَرَّةٍ. وقال السَّامَرِّىُّ: يُسَمِّى الشَّارِبُ عندَ كلِّ ابْتِداءٍ، ويَحْمَدُ عندَ كلِّ قَطْعٍ. قال فى «الآدابِ»: وقد يقالُ مِثْلُه فى أكْلِ كلِّ لُقْمَةٍ. وهو ظاهِرُ ما رُوِى عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. نقَل ابنُ هانِئٍ، أنَّه جعَل عندَ كلِّ لُقْمَةٍ يُسَمِّى ويَحْمَدُ. وقال: أكْلٌ وحَمْدٌ خَيْرٌ مِن أكْلٍ وصَمْتٍ. ويُسَنُّ مَسْحُ الصَّحْفَةِ، وأَكْلُ ما تَناثَرَ، وأكْلُ عندَ حُضورِ رَبِّ الطَّعام وإذْنِه، ويأْكُلُ بثَلاثِ أصابِعَ، ويُكْرَهُ بإصْبَعٍ؛ لأنَّه مَقْتٌ، وبإصْبَعَيْن؛ لأنَّه كِبْرٌ، وبأَرْبَعٍ وخَمْسٍ؛ لأنَّه شَرَهٌ. قال فى «الآدابِ»: ولَعَلَّ المُرادَ ما لا (1) يُتَناوَلُ، عادةً وعُرْفًا، بإصْبَعٍ أو إصْبَعيْنِ، فإنَّ العُرْفَ يقْتَضِيه. ويُسَنُّ أَنْ يأْكُلَ ممَّا يَليه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال جماعَة مِن الأصحابِ؛ منهم القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ حَمْدانَ، فى «الرِّعايَةِ» ، وغيرُهم: إذا كان الطَّعامُ لوْنًا واحدًا. وقال الآمِدِىُّ: لا بأْسَ بأكْلِه مِن غيرِ ما يَليه إذا كان وحدَه. قالَه فى «الفُروعِ» . وقال فى «الآدابِ» : نقَل الآمِدِىُّ، عن ابنِ حامِدٍ، أنَّه قال:
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا كان مع جماعَةٍ، أكَل ممَّا يَليه، وإنْ كانَ وحدَه، فلا بأْسَ أَنْ تجولَ يدُه. انتهى. قلتُ: وظاهِرُ كلامِهم، أنَّ الفاكِهَةَ كغيرِها. وكلامُ القاضى ومَن تابعَه مُحْتَمِلٌ الفَرْقَ. ويُويِّدُه حديثُ عِكْراش [بنِ ذُويْبٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهُ](1). لكِنْ فيه مقالٌ. انتهى. ويُكْرَهُ الأَكْلُ مِن أَعْلَى القَصْعَةِ، وأوْسَطِها. قال ابنُ عَقِيلٍ:
(1) زيادة من: أ. وتقدم تخريجه صفحة 363.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكذلك الكيلُ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُسَنُّ أَنْ يخْلَعَ نَعْلَيْه. ويُكْرَهُ نَفْخُ الطَّعامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. زادَ فى «الرِّعايَةِ» ، و «الآدابِ» ، وغيرِهما: والشَّرابِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» : النَّفْخُ فى الطَّعامِ والشَّرابِ (1) والكِتابِ، مَنْهِىُّ عنه. وقال الآمِدِى: لا يُكْرَهُ النَّفْخُ فى الطَّعامِ إذا كان حارًّا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، إنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ إلى الأكْلِ حِينَئذٍ. ويُكْرَهُ الأَكْلُ الطَّعامِ الحارِّ. قلتُ: عندَ عدَمِ الحاجةِ. ويُكْرَهُ فِعْلُ ما يَسْتَقْذِرُه مِن غيرِه. وكذا يُكْرَهُ الكَلامُ بما يُسْتَقْذَرُ، أو بما يُضْحِكُهم أو يُحْزِنُهم. قالَه الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ [فى «الغُنْيَةِ»](2). وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، الأَكْلَ مُتَّكِئًا. قال الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: وعلى الطَّرِيقِ أيضًا. ويُكْرَهُ أيضًا الأَكْلُ مُضْطَجِعًا ومُنْبطِحًا.
(1) سقط من: ط.
(2)
زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. ويُسَنُّ أَنْ يجْلِسَ للأكْلِ على رِجْلِه اليُسْرَى، ويَنْصِبَ اليُمْنَى، أو يتَرَبَّعَ. قالَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. وذكَر ابنُ البَنَّا، أنَّ مِن آدابِ الأكْلِ، أَنْ يجْلِسَ مُفْتَرِشًا، وإنْ ترَبَّعَ، فلا بأْسَ. انتهى. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» ، مِن آدابِ الأكْلِ، أَنْ يأكلَ مُطْمَئِنًا. كذا قال. ويُكْرَهُ عَيْبُ الطَّعامِ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: يَحْرُمُ. ويُكْرَهُ قِرانُه فى التَّمْرِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه النَّاظِمُ فى «آدابِه» ، وابنُ حَمْدانَ فى آدابِ «رِعايتَيْه» ، وابنُ مُفْلِح فى «آدابِه». وقيل: يُكْرَهُ مع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَريكٌ لم يَأْذَنْ. قال فى «الرِّعايَةِ» : لا وحدَه، ولا مع أهْلِه، ولا مَن أطْعَمْهم ذلك. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِىُّ فى كتابِه «أُصولِ الفِقْهِ»: لا يُكْرَهُ القِرانُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الواضِحِ» : الأَوْلَى ترْكُه. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صاحبُ «التَّرْغيبِ» ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: ومِثْلُه ما العادَةُ جارِيَةٌ بتناوُلِه وله أفرادٌ. وكذا قال النَّاظِمُ فى «آدابِه» . وهو الصَّوابُ. وله قَطْعُ اللَّحْمٍ بالسِّكينِ، والنَّهْىُ عنه لا يصِحُّ. قالَه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله. والسُّنَّةُ أَنْ يكونَ البَطْنُ أثلَاثًا؛ ثُلُثًا للطَّعامِ، وثُلُثا للشَّرابِ، وثُلُثًا للنَّفَسِ. ويجوزُ أكلُه كثيرًا بحيثُ لا يُؤْذِيه، قالَه فى «التَّرْغيبِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو مُرادُ مَن أَطْلَقَ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: ولو أكَل كثيرًا، لم يكُنْ به بأْسٌ. وذكَر النَّاظِمُ أنَّه لا بأْسَ بالشِّبَعِ، وأنَّه يُكْرَهُ الإِسْرافُ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: يُكْرَهُ الأَكْلُ كثيرًا مع خَوْفِ تُخَمَةٍ. وكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أكْلَه حتَّى يُتْخَمَ، وحرَّمه أيضًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وحرَّم أيضًا الإِسْرافَ؛ وهو مُجاوزَةُ الحَدِّ. ويأْتِى فى الأطْعِمَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كراهَةُ إدْمانِ أكلِ اللَّحْمِ. ولا يُقَلِّلُ مِن الأكْلِ بحيثُ يضُرُّه ذلك. وليس مِن السُّنَّةِ ترْكُ أكْلِ الطَّيِّباتِ. ولا يُكْرَهُ الشُّرْبُ قائمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقلَه الجماعَةُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُكْرَهُ. وجزَمْ به فى «الإِرْشادِ» . واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. قال صاحِبُ «الفُروعِ»: وظاهِرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلامِهم، لا يُكْرَهُ أكلُه قائمًا، ويتوَجَّهُ أنَّه كالشُّرْبِ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. قلتُ: إنْ قُلْنا: إنَّ الكراهَةَ فى الشُّرْبِ قائمًا لِما يحْصُلُ له مِنَ الضّرَرِ، ولم يحْصُلْ مثْلُ ذلك فى الأكْلِ. امْتَنعَ الإِلْحاقُ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، الشُّرْبَ مِن فَمِ السِّقاءِ، واخْتِناثَ الأسْقِيَةِ؛ وهو قَلْبُهَا. ويُكْرَهُ أيضًا الشُّرْبُ مِن ثَلْمَةِ الإِناءِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ولا يشْرَبُ مُحاذِيًا العُرْوَةَ، ويشْرَبُ ممَّا يَلِيها. وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّهما سواءٌ. وحمَله فى «الآدابِ» على أنَّ العُرْوَةَ مُتَّصِلَةٌ برَأْسِ الإناءِ. وإذا شرِبَ ناوَلها الأَيْمَنَ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: وكذا فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَسْلِ يَدِه. وقال ابنُ أبِى المَجْدِ: وكذا فى رَشِّ [ماءِ الوَرْدِ](1). قال فى «الفُروعِ» : وما جرَتِ العادةُ به، كإطْعامِ سائلٍ، وسِنَّوْرٍ (2)، وتَلْقيمٍ، وتقْديمٍ، يَحْتَمِلُ كلامُهم وَجْهَيْن. قال: وجَوازُه أظْهَرُ. وقال فى «آدابِه» :
(1) فى الأصل، ط:«الماء ورد» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأَوْلَى جوازُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : ولا يُلْقِمُ جَلِيسَه، ولا يَفْسَحُ له إلَّا بإذنِ ربِّ الطَّعامِ. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ مَن حضَر معه؛ لأنَّه يأْكُلُ [ويتْلِفُ بأَكْلِه](1) على مِلْكِ صاحِبِه على وَجْهِ الإِبَاحَةِ. وقال بعضُ الأصحابِ: مِنَ الأدابِ أَنْ لا يُلقِمَ أحدًا يأكلُ معه إلَّا بإذْنِ مالِكِ الطَّعام. قال فى «الآدابِ» : وهذا يدُلُّ على جَوازِ ذلك، عمَلًا بالعادةِ والعُرْفِ فى ذلكَ، لكِنَّ الأدَبَ والأَوْلَى الكَفُّ عن ذلك؛ لِمَا فيه مِن إساءةِ الأدَبِ على صاحبِه، والإِقْدامِ على طعامِه ببَعْضِ التَّصَرُّفِ مِن غيرِ إذنٍ صريح. وفى معْنَى ذلك، تقْديمُ بعضِ الضِّيفانِ ما لدَيْه، ونقْلُه إلى البَعْضِ الآخَرِ (2)، لكِنْ لا يَنْبَغِى لفاعِلِ ذلك أن يُسْقِطَ حقَّ جَليسِه مِن ذلك. والقَرينَةُ تقومُ مَقامَ الإذْنِ فى ذلك. وتقدَّم كلامُه فى «الفُروعِ». وقال فى «الفُنونِ»: كُنْتُ أقولُ: لا يجوزُ للقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمَ بعضُهم لبَعْضٍ، ولا لسِنَّوْرٍ، حتَّى وَجَدْتُ فى «صحيحِ البُخارِىِّ» حديثَ أَنَسٍ (3)،
(1) زيادة من: ش.
(2)
زيادة من: أ.
(3)
حديث أنس أن خياطا دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرأيته يتتبع الدباء من حوالى القصعة. قال: فلم أزل أحب الدباء من يومئذ.
والحديث أخرجه البخارى، فى: باب التيمن فى الأكل وغيره، وباب الثريد، وباب الدباء، وباب من أضاف رجلا إلى طعام وأقبل هو على عمله، وباب المرق، وباب القديد، وباب من ناول أو قدم إلى صاحبه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى الدُّباءِ. انتهى. ويُسَنُّ أَنْ يغُضُّ طرْفَه عن جَلِيسِه. قال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: مِنَ الأدَبِ، أن لا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلى وُجوهِ الآكِلينَ. انتهى. ويُسَنُّ أَنْ يُؤْثِرَ على نفْسِه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الآدابِ»: ويأْكُلُ ويشْرَبُ (1) مع أَبْنَاءِ الدُّنْيا بالأدَبِ والمُروءَةِ، ومع الفُقَراءِ بالإِيثارِ، ومع الإخْوانِ بالانْبِساطِ، ومع العُلَماءِ بالتَّعَلُّمِ. وقال الإِمامُ أحمدُ: يأْكُلُ بالسُّرورِ مع الإِخْوانِ، وبالإِيثارِ مع الفُقَراءِ، وبالمُروءَةِ مع أبْناءِ الدُّنْيا. انتهى. ويُسَنُّ أَنْ يخَلِّلَ أسْنانَه إنْ عَلِقَ بها شئٌ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: رُوِى عن ابنِ عمرَ: تَرْكُ الخِلالِ يُوهِنُ الأسْنانَ (2). وذكَره بعضُهم مرْفُوعًا. قال النَّاظِمُ: ويُلْقِى ما أخْرَجَه الخِلالُ، ولا يبْتَلِعُه؛ للخَبَرِ. ويُسَنُّ الشُّرْبُ ثلاثًا، ويَتَنفَّسُ دُونَ الإِناءِ ثلاثًا، فإنْ تنَفَّسَ فيه كُرِهَ. ولا يشْرَبُ فى أثْناءِ الطَّعامِ؛ فإنَّه مُضِرٌّ، ما لم يَكُنْ عادةً ويُسَنُّ أَنْ يُجْلِسَ غُلامَه معه على الطَّعامِ، وإنْ لم يُجلِسْه أطْعَمَه. ويُسَنُّ لمَن أكَل مع الجماعةِ أَنْ لا يرْفَعَ يدَه قبلَهم، ما لم تُوجَدْ قرِينة. ويُكْرَهُ مَدْحُ طَعامِه وتقْويمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: يَحْرُمُ عليه ذلك. وقال الآمِدِىُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ بيَدِه، ولا يَأْكُلَ بِملْعَقَةٍ، ولا غيرِها، ومَن أكلَ بمِلْعَقَةٍ أو غيرِها، أكَل بالمُسْتَحَبِّ. انتهى. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأ بالمِلْحِ، ويَخْتِمَ
= على المائدة شيئا، من كتاب الأطعمة. صحيح البخارى 7/ 89، 98، 101، 102.
كما أخرجه مسلم، فى: باب جواز أكل المرق. . .، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم 3/ 1615. وأبو داود، فى: باب فى أكل الدباء، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 314. والترمذى، فى: باب ما جاء فى أكل الدباء، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى 7/ 42. وابن ماجه، فى: باب الدباء، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1098.
(1)
سقط من: ط.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: زادَ المِلْحَ. ويُكْرَهُ إخْراجُ شئٍ مِن فِيه ورَدُّه فى القَصْعَةِ. ولا يمْسَحُ يدَه بالخُبْزِ، ولا يسْتَبْذِلُه، ولا يْخلِطُ طعامًا بطعامٍ. قالَه الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ. ويُسْتَحَبُّ لصاحِبِ الطَّعامِ، أَنْ يُباسِطَ الإِخْوانَ بالحديثِ الطَّيِّبِ، والحِكاياتِ التى تَلِيقُ بالحايَةِ إذا كانوا مُنْقَبِضينَ. وقد كان الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، يُباسِطُ مَن يأْكُلُ معه. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ، أنَّ مِن آدابِ أكْلِ، أَنْ لا يسْكُتُوا على الطَّعامِ، بل يتَكلَّمونَ بالمَعْروفِ، ويتَكلَّمونَ بحِكاياتِ الصَّالحِينَ فى الأَطْعِمَةِ. انتهى. ولا يتَصَنَّعُ بالانْقِباضِ، وإذا أخْرَجَ مِن فِيه شيئًا ليَرْمِىَ به، صرَفَ وَجْهَه عنِ الطَّعامِ، وأخذَه بيَسارِه. قال: ويُسْتَحَبُّ تقْديمُ الطَّعامِ إليهم، ويُقَدِّمُ ما حضَر مِن غيرِ تَكلُّفٍ، ولا يسْتأْذِنُهم فى التَّقْديمِ. انتهى. قال فى «الآدابِ»: كذا قال. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ أيضًا: ولا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلى المَكانِ الَّذى يخرجُ منه الطَّعامُ، فإنّه دليلٌ على الشَّرَهِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: إذا دُعِىَ إلى أكْلٍ، دخَل إلى بَيْتِه، فأكَلَ ما يكْسِرُ نُهْمَتَه قبل ذَهابِه. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: ومِن آدابِ الأكْلِ، أَنْ لا يجْمَعَ بينَ النّوَى والتَّمْرِ فى طبَقٍ واحدٍ (1)، ولا يجْمَعُه فى كفِّه، بل يضَعُه مِن فِيهِ على ظَهْرِ كفِّه. وكذا كل ما فيه عَجَمٌ، وثُفْلٌ. وهو مَعْنَى كلامِ الآمِدِىُّ. وقال أبو بَكْرِ بنُ حَمَّادٍ (2): رأَيْتُ الإِمامَ أحمد، رحمه الله، يَأْكُلُ التَّمْرَ، ويأْخُذُ النَّوَى على ظَهْرِ إصْبَعَيْه السَّبَّابَةِ والوُسْطَى، ورأيْتُه يَكْرَهُ أَنْ يجْعَلَ النَّوَى مع التَّمْرِ فى شئٍ واحدٍ. ولرَبِّ الطَّعامِ
(1) زيادة من: أ.
(2)
هو محمد بن حماد بن بكر بن حماد المقرئ، أبو بكر، صاحب خلف بن هشام كان أحد القراء المجودين، ومن عباد اللَّه الصالحين، نقل عن أبى عبد اللَّه مسائل جماعة، لم يجئ بها أحد غيره. توفى سنة سبع وستين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 291، 292.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَنْ يخُصَّ بعْضَ الضِّيفانِ بشئٍ طيِّبٍ، إذا لم يَتأَذَّ غيرُه. ويُسْتَحَبُّ للضَّيْفِ أَنْ يُفْضِلَ شيئًا، لاسِيَّما إنْ كان ممَّن يُتَبَرَّكُ بفَضْلَتِه، أو كان ثَمَّ حاجَةٌ. وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، أنَّ الخُبْزَ لا يُقَبَّلُ، ولا بَأْسَ بالمُناهَدَةِ. نقَل أبو داودَ، لا بَأْسَ أَنْ يتَناهَدَ فى الطَّعامِ ويتَصدَّقَ منه، لم يَزَلِ النَّاسُ يفْعَلُونَ هذا. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ رِوايَة، لا يتَصدَّقُ بلا إذْنٍ ونحوِه. انتهى. ومَعْنَى النِّهْدِ؛ أَنْ يُخْرِجَ كلُّ واحدٍ مِن الرفْقَةِ شيئًا مِنَ النَّفَقَةِ، ويدْفَعونَه إلى رجُلٍ يُنْفِقُ عليهم منه، ويأْكُلُونَ جميعًا. وإنْ أَكَل بعضُهم أكثرَ مِن بعْضٍ فلا بَأْسَ.