الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِى قَدْرِ الصَّدَاقِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ. وَعَنْهُ، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِى مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْهُمَا.
ــ
كاللَّمْسِ لشَهْوَةٍ، والنَّظَرِ إلى الفَرْجِ، أو إلى جسَدِها وهى عُرْيانَةٌ، فمِنَ الأصْحابِ مَن أَلْحَقَه بالوَطْءِ -وهو المذهبُ- ومنهم مَن خرَّجَه على وَجْهَيْن، أو رِوايتَيْن، مِنَ الخِلافِ فى تَحْريمِ المُصاهرَةِ به، [ولم يُقَيِّده فيهما بالشَّهْوَةِ؛ لأَنَّ قَصْدَ النَّظَرِ إلى الفَرْجِ، أو إلى جسَدِها وهى عُرْيانةٌ، لا يكونُ إلَّا لشَهْوَةٍ، بخِلافِ اللَّمْس، إذِ الغالِبُ فيه عَدمُ اقْتِرانِه بالشَّهْوَةِ، فلذلك قيَّده فيه بها](1). انتهى. فإنْ تحَمَّلَتْ ماءَ الزَّوْجِ، ففى تَقَرُّرِ الصَّداقِ به وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، وقال: ويَلْحَقُه نسَبُه. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُقَرِّرُه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ولوِ اسْتَدخَلَتْ مَنِىَّ زوْجٍ أو أجْنَبِىٍّ بشَهْوَةٍ، ثَبَتَ النَّسَبُ، والعِدَّةُ، والمُصاهرَةُ، ولا تثْبُتُ رجْعَةٌ، ولا مَهْرُ المِثْلِ، ولا يُقَرِّرُ المُسَمَّى. انتهى.
قوله: وإنِ اخْتلَفَ الزَّوْجان فى قَدرِ الصَّداقِ، فالقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مع يَمِينِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» . وعنه، القَوْلُ قولُ مَن يَدَّعِى مهْرَ المِثْلِ منهما. جزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «العُمدَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ» ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، ونصَرَه القاضى، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. قال الزَّركَشِىُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ» : نَصرَه القاضى، وأصحابُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ بلا خِلافٍ بينَهم. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى» . وعنه، يتَحالفان. حَكاها الشِّيرَازِىُّ فى «المُبْهِجِ» . وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: يتَخَرَّجُ لنا قوْلٌ كقَوْلِ مالِكٍ، رحمه الله: إنْ كان الاخْتِلافُ قبلَ الدُّخولِ، تَحالَفا، وإنْ
فَإِنِ ادَّعَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَادَّعَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ، رُدَّ إِلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ، عِنْدَ الْقَاضِى فِى الأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، تَجِبُ الْيَمِينُ.
ــ
كان بعدَه، فالقَوْلُ قولُ الزَّوْجِ. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ -وهو أنَّ القَوْلَ قوْلُ مَن يَدَّعِى مهرَ المِثْلِ منهما- لو ادَّعَى أقَلَّ منه، وادَّعَتْ أكْثَرَ منه، رُدَّتْ (1) إليه بلا يَمينٍ عندَ القاضى، فى الأحْوَالِ كُلِّها. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وقيل: يجِبُ اليَمِينُ فى الأَحْوالِ كلِّها. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، وقطَع به هو والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، فى «خِلافَيْهِما» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . قال المُصَنِّفُ، [وتَبِعَه الشَّارِحُ] (2): إذا ادَّعَى أقَلَّ مِن مَهْرِ المِثْلِ، وادَّعَتْ أكثرَ منه، رُدَّ إلى مَهْرِ المِثْلِ. ولم يذْكُرِ الأصحابُ يَمِينًا، والأَوْلَى أَنْ يتَحالفا، فإنَّ ما يقُولُه كلُّ واحدٍ منهما مُحتَمِلٌ للصِّحَّةِ، فلا يُعدَلُ عنه إلَّا يَمِينٍ مِن صاحبِه، كالمُنْكِرِ فى سائرِ الدَّعاوَى، ولأنَّهما تَساوَيا فى عدَمِ الظُّهورِ، فشُرِعَ التَّحالُفُ، كما لو اخْتلَفَ المُتبَايِعان. انتهيا (3). وقال فى
(1) فى ط: «ردا» .
(2)
سقط من: ط.
(3)
فى ط: «انتهى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُحَرَّرِ» : [وعنه، يؤْخَذُ بقَوْلِ مُدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ](3)، ولم يذكُرِ اليمينَ. فيُخَرَّجُ وُجوبُها على وَجْهَيْن. وقال فى «الهِدايَةِ»:[وعنه، القَوْلُ قولُ مَن يدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ، فإنِ ادَّعَى هو دُونَه، وادَّعَتْ هى زِيادَةً، رُدَّ إليه، ولا يجِبُ يَمِينٌ فى الأَحْوالِ كلِّها، على قَوْلِ شيْخِنا. وعندِى، أنَّه يجِبُ فيها كلِّها يمينٌ لإِسْقاطِ الدَّعاوَى](3). وفى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ما يدُلُّ على الوَجْهَيْن. انتهى. وتَبِعَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وأَطْلَقهما فى «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِير» ، و «الفُروعِ» ، [وغيرِهم. لكِنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» حكَى الخِلافَ فيما إذا ادَّعَى مَهْرَ المِثْلِ مِن غيرِ زيادةٍ ولا نُقْصانٍ، تبعًا لصاحبِ «المُحَرَّرِ»، ولم يذْكُرا يمينًا فى غيرِها. وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، قد حكَيا الخِلافَ كذلك، وأَطْلَقاه أيضًا، وحَكَياه وَجْهَيْن، فيما إذا ادَّعَى هو نَقْصًا، وادَّعَتْ هى زِيادَةً، وقدَّما عدَمَ اليَمِينِ. وأبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه؛ كالسَّامَرِّىِّ، والمُصَنِّفِ هنا أَجْرَوا الخِلافَ فى جميعِ الصُّوَرِ، وحَكَوه أيضًا عن القاضى أبى يَعْلَى الكبيرِ](1). والظَّاهِرُ أنَّ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُصَنِّف، والمَجْدَ؛ والشَّارِحَ (1) -حالةَ التَّصْنِيفِ- لم يَطَّلِعا على الخِلافِ، أو ما اسْتَحْضَراه. [لكِنَّ المَجْدَ لم يصَرِّحْ فى كلامِه فى حُكْمِ اليَمِينِ نفْيًا ولا إثْباتًا فى المَسْأَلةِ المذْكُورَةِ، نعم حيثُ ردَّ إلى مَهْرِ المِثْلِ، فإنَّه يكونُ كالمَسْأَلةِ قبلَها على الخِلافِ، وأيضًا فإنَّه لم يَنْفِ ذِكْرَ اليمينِ إلَّا عنِ الرِّوايَةِ، ولم يتَعرَّضْ لثُبوتِه فى كلامِ الأصحابِ ولا لنَفْيِه، وكيفَ ينْفِيه عنهم وهو ثابت فى «المُقْنِعِ»، وقبلَه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَب»؟ ويُمْكِنُ أَنْ يقالَ: إنَّما جزَم الشَّيْخُ فى «المُقْنِعِ» بُوجوب اليمينِ فى الأَحْوالِ، أو بعدَمِه فيها، اخْتِيارًا منه لإِطْلاقِ الحالَةِ الأخيرةِ بالأَحْوالِ الأَوَّلَةِ؛ وهى ما يؤخَذُ مِن قولِه: مُدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ فى وُجوبِ اليمينِ، أو عدَمِه. وأنَّ ذلك هو ظاهِرُ كلامِهم. والذى ذكرَه، فى «المُغْنِى» مِن أنَّ الأصحابَ لم يذْكُروا يمينًا، لا يُنافِى صَنِيعَه فى «المُقْنِعِ»، حِينَئذٍ، فإنَّ ذلك مخْتَصٌّ الحالِ الأخيرِ فقط](2).
(1) سقط من: ط.
(2)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو اخْتلَف ورَثَتُهما فى قَدْرِ الصَّداقِ. قالَه فى
وَإِنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى هذَا الْعَبْدِ. قَالَتْ: بَلْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ. خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
ــ
«المُسْتَوْعِبِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. [وكذا لو اخْتلَفَ الزَّوْجُ ووَلِىُّ الزَّوْجَةِ الصَّغيرَةِ فى قَدْرِه. قالَه القاضى وغيرُه، واقْتَصرَ عليه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. ويخْلِفً الوَلِىُّ على فِعْلِ نفْسِه](1).
قوله: وإنْ قال: تَزَوَّجْتُكِ على هذا العَبْدِ. فقالتْ: بل على هذه الأمَةِ. خُرِّجَ على الرِّوايتَيْن. يعْنِى، اللَّتَيْن فيما إذا اخْتَلَفا فى قَدْرِ الصَّداقِ. وكذا قال أبو الخَطَّابِ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وكذا الحُكْمُ لو اخْتلفَا فى جنْسِه أو صِفَتِه، عندَ الأكْثَرين. لكِن على روايةِ مَن يدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ، لو كانتِ الأَمَةُ تُساوِى مَهْرَ المِثْلِ، لم يَدْفَعْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إليها، بل يدْفَعُ إليها القِيمَة؛ لئَلَّا يُمَلِّكَها ما ينْكِرُه. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، بعد ذِكْرِ الرِّوايتَيْن: لكِنَّ الواجِبَ القِيمةُ، لا شئَ مِنَ المُعَيَّنَين. وقيل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنْ كان مُعَيَّنُ المرْأَة أعْلَى قيمةً، وهو كمَهْرِ المِثْلِ أو أقَلَّ، وأخَذْنا بقوْلِها، أُعْطِيَتْه بعَيْنِه. وكذا قال فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ فى «فَتاوِيه»: إنْ عيَّنَتِ المرأةُ أُمَّها، وعيَّنَ الزَّوْجُ أبَاها، فيَنْبَغِى أَنْ يعْتِقَ أبُوها؛ لأنَّه مُقِرٌّ بمِلْكِها له وإعْتاقِه عليها، ثم يتَحالَفان، ولها الأقَلُّ مِن قيمَةِ أُمِّها، أو مَهْرُ مِثْلِها. انتهى. وفى «الواضِحِ» ، يتَحالفَان، كبَيْعٍ، ولها الأقَلُّ ممَّا ادَّعَتْه، أو مَهْرُ مِثْلِها. وفى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«التَّرْغيبِ» ، يُقْبَلُ قولُ مُدَّعِى جِنْسَ مَهْرِ المِثْلِ، فى أشْهَرِ الرِّوايتَيْن. والثانيةُ، قِيمَةُ ما يدَّعِيه هو. وقدَّم فى «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ» ما قالَ فى «التَّرْغيبِ»: إنَّه أشْهَرُ الرِّوايتَيْن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو ادَّعَتْ تسْمِيَةَ الصَّداقِ وأنْكَرَ، كان القولُ قوْلَها فى تسْمِيَةِ مَهْرِ المِثْلِ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، القَوْلُ قولُه، ولها مَهْرُ مِثْلِها. وأَطْلَقهما فى «البُلْغَةِ» ،
وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى قَبْضِ الْمَهْرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ، أُخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ وَإِنْ كَانَ قَدِ انْعَقَدَ بِالسِّرِّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ الْقَاضِى: إِنْ تَصَادَقَا عَلَى السِّرِّ لَمْ يَكُنْ لَها غَيْرُهُ.
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . فعلى الأُولى، يتَنَصَّفُ المَهْرُ إذا طلَّق قبلَ الدُّخولِ. وعلى الثَّانيةِ، فى تنَصُّفِه أو المُتْعَةِ فقط، الخِلافُ الآتِى.
قوله: وإنِ اختلَفا فى قبْضِ المَهْرِ، فالقولُ قولُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطبةً. وذكرَ فى «الواضِحِ» رِوايةً، أنَّ القولَ قوْلُه؛ بِناءً على ما إذا قال: كانَ له علىَّ كذا، وقَضَيْتُه. على ما يأتِى فى كلامِ الخِرَقِىِّ، فى بابِ طريقِ الحاكمِ وصِفَتِه.
قوله: وإنِ اختَلَفَا فيما يَسْتَقِرُّ به المَهْرُ، فالقَولُ قولُه. بلا نِزاعٍ.
قوله: وإنْ تَزَوَّجَها على صَداقَيْن؛ سِرٍّ وعَلانِيَةٍ، أُخِذَ بالعَلانِيَةِ، وإنْ كان قد انعقَدَ بالسِّرِّ. ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. وذكره فى «التَّرْغيبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم، وهو مَنْصوصٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله؛ لأنَّه قد أقرَّ به. نقَل أبو الحارِثِ، يُؤْخَذُ بالعلانِيَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. قالَه فى «الخُلاصَةِ» . فإنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رضِيَتِ المرأةُ بمَهْرِ السِّرِّ، وإلَّا لَزِمَه العلانِيَةُ. وقال القاضى: وإن تصَادَقا على السِّرِّ، لم يكُنْ لها غيرُه. وحمَل كلامَ الإِمامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، على أنَّ المرأةَ لم تُقِرَّ بنِكاحِ السِّرِّ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» .
فائدة: ذكَر الحَلْوانِىُّ، أنَّ البَيْعَ مِثْلُ النِّكاحِ فى ذلك. وتقدَّم ذلك فى كتابِ البَيْعَ بأتَمَّ مِن هذا.
تنبيه: قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، ومن تابعَه مِن الشَّارِحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه: وَجْهُ قوْلِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إذا عقَد فى الظَّاهرِ عَقْدًا، بعدَ عقْدِ السِّرِّ، فقد وُجِدَ منه بَذْلُ الزَّائدِ على مَهْرِ السِّرِّ؛ فيجِبُ ذلك عليه، كما لو زادَها على صَداقِها. قالوا: ومُقْتَضَى ما ذكَرْناه مِنَ التَّعْليلِ لكلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إنْ كانْ مَهْرُ السِّرِّ أكْثَرَ مِنَ العلانِيَةِ، وجَبَ مَهْرُ السِّرِّ؛ لأنَّه وجَبَ عليه بعَقْدِه، ولم تُسْقِطْه العَلانِيَةُ، فبَقِىَ وُجوبُه. انتهَوْا. قال الزَّرْكَشِىُّ: قد حمَلْنا كلامَ الخِرَقِىِّ على ما إذا كان مَهْرُ العلانِيَةِ أزْيَدَ، وهو مُتأَخِّرٌ؛ بِناءً على الغالِبِ. انتهى. قلتُ: بل هذا هو الواقِعُ، ولا يَتأتَّى فى العادةِ غيرُه. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وإذا كرَّر العَقْدَ بمَهْرَيْن؛ سِرًّا وعلانِيَةً، أُخِذَ بالمَهْرِ الزَّائدِ، وهو العلانِيَةُ، وإنِ انْعَقَدَ بغيرِه. نصَّ عليه. وقالَه الخِرَقِىُّ. قال شارِحُه: فقَولُه: أُخِذَ بالمَهْرِ الزَّائدِ؛ وهو العلانِيَةُ. أخْرَجَه مخرجَ الغالِبِ. انتهى. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ» ، فجعَل قَوْلَ الخِرَقِىِّ ومَن تابَعه قوْلًا غيرَ القَوْلِ بالأخْذِ بالزَّائدِ، فقال: ومَن تزَّوج سِرًّا بمَهْرٍ، وعلانِيَةً بغيرِه، أُخِذَ بأزْيَدِهما. وقيل: بأَوَّلِهما. وفى «الخِرَقِىِّ» وغيرِه، يُؤْخَذُ بالعلانِيَةِ. وذكَره فى «التَّرْغيبِ» نصَّ الإمام أحمدَ مُطْلَقًا. انتهى. قلتُ: أمَّا على تقْديرِ وُقوعِ أنَّ مَهْرَ السِّرِّ أكْثَرُ، فلا نعلمُ أحَدًا صرَّح بأنَّها لا تسْتَحِقُّ الزَّائدَ، وإنْ كان انْقَصَ، فَيأْتِى كلامُ الخِرَقِىِّ والقاضى.
فوائد؛ الأُولَى، لو اتَّفقَا قبلَ العَقْدِ على مَهْرٍ وعقدَاه بأكْثَرَ منهِ، تجَمُّلًا -مِثْلَ أَنْ يتَّفِقا على أنَّ المَهْرَ ألْفٌ، ويعْقِدَاه على أَلْفَيْن- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الأَلْفَيْن هى المَهْرُ. جزَم به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى» ، وغيرُهم. وقالَه القاضى، وغيرُه. وقيل: المَهْرُ ما اتَّفقَا عليه أوَّلًا. فعلى المذهب، قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: تَفِى بما وَعدَتْ به وشرَطَتْه، مِن أنَّها لا تأْخُذُ إِلَّا مَهْرَ السِّرِّ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم: هذا على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: يجِبُ عليها الوَفاءُ بذلك. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، لو وقَع مثْلُ ذلك فى البَيْعِ، فهل يُؤْخَذُ بما اتَّفَقا عليه، أو بما وقَع عليه العَقْدُ؟ فيه وَجْهان وأَطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يُؤْخَذُ بما اتَّفَقا عليه. قطَع به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وحكاه أبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَيْنِ عن القاضى. وهو مِن المُفْرَداتِ. والثَّانِى، يُؤْخَذ بما وقَع عليه العَقْدُ. قطَع به القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ» . وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى كتابِ البَيْعِ (1)، بعدَ قولِه: فإنْ كان أحدُهما مُكْرَهًا.
الثَّالثةُ، أفادَنا المُصَنِّفُ، رحمه الله، بقوله: وإنْ تزَوَّجَها على صَداقَيْن؛ سِرٍّ وعلانِيَةٍ، أُخِذَ بالعلانِيَةِ. أنَّ الزِّيادةَ فى الصَّداقِ بعدَ العَقْدِ، تَلْحَقُ به. ويَبْقَى حُكْمُها حُكْمُ الأَصْلِ المَعْقُودِ عليه فيما يُقَرِّرُه ويُنَصِّفُه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تَلْحَقُ به، وإنَّما هى هِبَةٌ تفْتَقِرُ إلى شُروطِ الهِبَةِ؛ فإنْ طلَّقَها بعدَ هِبَتِها، لم يرْجِعْ بشئٍ مِن الزِّيادةِ. وخرَّج على المذهبِ سُقوطَه بما يُنَصِّفُه، مِن وُجوبِ المُتْعَةِ لمُفَوَّضَةٍ مُطَلَّقَةٍ قبلَ الدُّخولِ بعدَ فرْضِه. فعلى المذهبِ، يمْلِكُ الزِّيادَةَ مِن حينِها. نقَلَه مُهَنَّا فى أمَةٍ عتَقَتْ، فزِيدَ مهْرُها. وجعَلَها القاضى لمَن أصْلُ الزِّيادةِ له. [قال فى «المُحَرَّرِ»: وإذا ألْحَقَ بالمَهْرِ بعدَ العَقْدِ زِيادةً، أُلْحِقَتْ به ولَزِمَتْه، وكانتْ كأصْلٍ فيما يُقَرِّرُه ويُنَصِّفُه. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله. ويتخَرَّجُ أَنْ تسْقُطَ هى بما يُنَصِّفُه، ونحوِه. انتهى بما معه] (2). الرَّابعةُ، هدِيَّةُ الزَّوْجَةِ ليستْ مِنَ المَهْرِ. نصَّ عليه. فإنْ كانتْ قبلَ العَقْدِ، وقد وَعدُوه
(1) 11/ 16.
(2)
زيادة من: ش.
وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَقْدٌ وَاحِدٌ، أَسْرَرْتُهُ ثُمَّ أَظْهَرْتُهُ. وَقَالَتْ: بَلْ هُوَ عَقْدَانِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا.
ــ
بأنْ يُزَوِّجُوه، فزَوَّجُوا غيرَه، رجَع بها. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: وهذا ممَّا لا شكَّ فيه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، أيضًا: ما قُبِضَ بسبَبِ النِّكاحِ فكمَهْرٍ. وقال أيضًا: ما كُتِبَ فيه المَهْرُ لا يخْرُجُ منها بطَلاقِها. وقال فى «القاعِدَةِ الخَمْسِين بعدَ المِائةِ» : حكَى الأَثْرَمُ، عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى المَوْلَى يتزَوَّجُ العرَبِيَّةَ، يُفَرَّقُ بينَهما؛ فإنْ كان دفَع إليها بعْضَ المَهْرِ ولم يدْخُلْ بها، يرُدُّوه، وإنْ كان أهْدَى هدِيَّةً، يرُدُّونَها عليه. قال القاضى فى «الجامعِ»: لأنَّ فى هذه الحالِ يدُلُّ على أنَّه وهَبَ بشَرْطِ بقاءِ العَقْدِ، فإذا زالَ، ملَكَ الرُّجوعَ، كالهِبَةِ بشَرْطِ الثَّوابِ. انتهى. وهذا فى الفُرْقَةِ القَهْرِيَّةِ، لفَقْدِ الكفاءَةِ ونحوِها، ظاهرٌ، وكذا الفُرْقَةُ الاخْتِيارِيَّةُ المُسْقِطَةُ للمَهْرِ، فأمَّا الفَسْخُ المُقَرِّرُ للمَهْرِ أو لنِصْفِه، فتَثْبُتُ معه الهَدِيَّةُ. وإنْ كانتِ العَطِيَّةُ لغيرِ المُتَعاقِدَيْن بسَبَبِ العَقْدِ؛ كأجْرَةِ الدَّلَّالِ (1)، ونحوِها، ففى «النَّظَرِيَّاتِ» لابنِ عَقِيلٍ، إنْ فُسِخَ البَيْعُ بإقالَةٍ، ونحوِها، لمِ يقِفْ على التَّراضِى، فلا تُرَدُّ الأُجْرَةُ، وإنْ فُسِخَ بخِيارٍ أو عَيْبٍ، رُدَّتْ؛ لأنَّ البَيْعَ وقَع متَرَدِّدًا بين اللُّزومِ وعدَمِه. وقِياسُه فى النِّكاحِ، أنَّه إنْ فُسِخَ لفَقْدِ الكفاءَةِ أو لعَيْبٍ رُدَّتْ، وإنْ فسِخَ لرِدَّةٍ أو رَضاعٍ أو مُخالَعَةٍ لم تُرَدَّ. انتهى. نقَله صاحِبُ «القَواعِدِ» .
(1) بعده فى أ: «والخاطب» .