الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
إِذَا أَبْرَأَتِ الْمَرأَةُ زَوْجَها مِنْ صَدَاقِهَا، أَوْ وَهبَتْهُ لَهُ، ثُمَّ طَلَّقَها قَبْلَ الدُّخولِ، رَجَعَ عَلَيْها بِنِصْفِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَرجِعُ بِشىْءٍ. وَإِنِ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهلْ يَرجِعُ عَلَيْها بِجَمِيعِه؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ.
ــ
فى ذلك عَفْوُ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ.
قوله: وِإذا أبْرَأتِ المَرْأةُ زَوْجَها مِن صَداقِها، أو وهبَتْه له، ثم طلَّقَها قبلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدُّخُولِ، رجَعَ عليها بنصْفِه. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ، وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، لا يرْجِعُ بشئ؛ لأَنَّ عَقْدَ الهِبَةِ لا يقْتَضِى ضَمانًا. وعنه، لا يرْجِعُ مع الهِبَةِ، ويرْجِعُ مع الإِبراءِ. قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن»: وهو الأصحُّ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» : هل يرْجِعُ عليها ببَدَلِ نِصْفِها؟ على رِوايتَيْن؛ فإنْ قُلْنا: يرْجِعُ. فهل يرْجِعُ إذا كان الصَّداقُ دَيْنًا فأبْرَأَتْه منه؟ على وَجْهيْن؛ أصَحُّهما، لا يَرجِعُ؛ لأَنَّ مِلْكَه لم يَزُلْ عنه. انتهى. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: فلو وَهبَتْه بعدَ قَبْضِه، ثم طلَّق قبلَ مسٍّ، رجَع بنِصْفِه، لا إنْ أبْرَأَتْه على الأَظهرِ فيهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ كان الصَّداقُ دَيْنًا فأبْرَأَتْه منه؛ فإِنْ قُلْنا: لا يرْجِعُ فى المُعَيَّنِ. فهنا أوْلَى، وإنْ قُلْنا: يرْجِعُ هناك. خُرِّجَ هنا وَجْهان؛ الرُّجوعُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعدَمُه. وكذا قال فى «البُلْغَةِ» . وقال فيها وفى «التَّرْغيبِ» : أصْلُ الخِلافِ فى الإِبْراءِ، هل زَكاتُه -إذا مَضَى عليه أَحْوالٌ وهو دَيْنٌ- على الزَّوْجَةِ، أو على الزَّوْجِ؟ فيه رِوايَتان. قال فى «الفُروعِ»: وكلامُه فى «المُغْنِى» على أنَّه إسْقاطٌ، أو تَمْلِيكٌ.
فوائد؛ إحْداها، لو وهَبَتْه، [أو أبْرَأَتْه مِن نِصْفِه، أو](1) بعْضِه فيهما (2)، ثم
(1) زيادة من: ش.
(2)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَنَصَّفَ، رجَع بالباقِى، على الرِّوايَةِ الأُولَى، وبنِصْفِه أو بباقِيه، على الرِّوايَةِ الأُخْرَى. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وهى أصحُّ. وقيل: له نصف الباقِى ورُبْعُ بدَلِ الكُلِّ، أو نِصْفُ بدَلِ الكُلِّ فقط. وقيل: يرْجِعُ فى الإِبْراءِ مِنَ المُعَيَّنِ دُونَ الدَّيْنِ. ذكرَهما فى «الرِّعايَةِ» . قال فى «الفُروعِ» : وإنْ وَهبَتْه بعْضَه، ثم تنَصَّفَ، رجَع بنِصْفِ غيرِ المَوْهُوبِ، ونِصْفُ المَوْهُوبِ اسْتَقَرَّ مِلْكُها (1) له، فلا يرْجِعُ به، ونِصْفُه الذى لم يسْتَقِرْ يرْجِعُ به على الأُولَى، لا الثَّانِيَةِ. وفى «المُنْتَخَبِ» ، عليها احْتِمالٌ. الثَّانيةُ، لو وَهَبَ الثَّمَنَ لمُشْتَرٍ، فظَهر المُشْتَرِى على عَيْبٍ، فهل بعدَ الرَّدِّ لها الأَرْشُ، أمْ ترُدُّه وله ثَمَنُه؟ وقال فى «التَّرْغيبِ»: القِيمَةُ فيه الخِلافُ. قالَه فى «الفُروعِ» . وقال فى «القَواعِدِ» : فيه طَرِيقان؛ أحدُهما، تخْرِيجُه على الخِلافِ فى ردِّه. والآخرُ، تمْتَنِعُ المُطالَبةُ هنا وَجْهًا واحدًا. وهو اخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ له الأَرْشَ، على ما تقدَّم فى خِيارِ العَيْبِ.
(1) فى أ: «ملكًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه فى «الفُروعِ» هناك فى هذه المَسْألَةِ. الثَّالثةُ، لو قضَى المَهْرَ أجْنَبِىٌّ مُتَبَرِّعًا، ثم سقَطَ أو تَنصَّفَ، فالرَّاجِعُ للزَّوْجِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: الرَّاجِعُ للأَجنَبِىِّ المُتَبرِّعِ. ومِثْلُه خِلافًا ومذهبًا [حُكْمًا لا صُورَةً](6)، لو باعَ عَيْنًا، ثم وهبَ ثمَنَها للمُشْتَرِى، أو أَبْرَأَه منه، ثم بانَ بها عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ. [ومِثْلُه أيضًا فيهما، لو تبَرَّعَ أجْنَبِىٌّ عنِ المُشْتَرِى بالثَّمَنِ، ثم فُسِخَ بعَيْبٍ، خِلافًا ومذهبًا](1). قال فى «الفُروعِ» : ومِثْلُه أداءُ ثَمَنٍ، ثم يُفْسَخُ بعَيْبٍ. انتهى. وكذا لو أْبرَأَه
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن بعضِ الثَّمَنِ. واخْتارَ القاضى فى «خِلافِه» ، عدَمَ الرُّجوعِ عليه ممَّا أَبْرَأَه منه. وكذا الحُكْمُ. لو كاتَبَ عَبْدَه ثم أبْرَأَه مِن دَيْنِ الكِتابَةِ، وعَتَقَ، فهل يسْتَحِقُّ المُكاتَبُ الرُّجوعَ عليه بما كان له عليه مِنَ الإِيتاءِ الواجبِ، أمْ لا؟ قدَّمه فى «الفُروعِ» . وضعَّفَ المُصَنِّفُ ذلك، وقال: لا يرْجِعُ به المُكاتَبُ. ذكَر هذا وغيرَه فى «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والسِّتِّين» .
قوله: وإنِ ارتَدَّتْ قبلَ الدُّخُولِ، فهل يرْجِعُ عليها بجَميعِه؟ على رِوايتَيْن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يعْنِى، إذا أبْرَأَتْه، أو وَهبَتْه، ثم ارتَدَّتْ. وأطْلَقهما فى «الشَّرحِ» ؛ إحْداهما، يرْجِعُ بجَمِيعِه. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه فى «التَّصحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . [وظاهِرُ كلامِ ابنِ مُنَجَّى، أنَّ هذا المذهبُ](1). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . والثَّانيةُ، لا يرْجِعُ إلَّا بنِصْفِه. وعنه، يرْجِعُ بجميعِه مع الهِبَةِ، وبنِصْفِه مع الإِبْراءِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: على الأَظْهَرِ. قال فى «الرِّعايتَيْن» : وهو أصحُّ. [وصحَّحَه فى المُحَرَّرِ](1).
(1) زيادة من: ش.
وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنَ الزَّوْجِ؛ كَطَلَاقِهِ، وَخُلْعِهِ، وَإسْلَامِهِ، وَرِدَّتِهِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِىٍّ، كَالرَّضَاعِ، وَنَحْوِهِ، قَبْلَ الدُّخُولِ، يَتَنَصَّفُ بِها الْمَهرُ بَيْنَهُمَا.
ــ
قوله: وكلُّ فُرْقَةٍ جاءَت مِن قِبَلِ الزَّوْجِ؛ كطَلاقِه، وخُلْعِه، وإسْلامِه، ورِدَّتِه، أو مِن أَجْنَبِىٍّ، كالرَّضاعِ ونحْوِه، قبْلَ الدُّخُولِ، يتَنصَّفُ بها المَهْرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بينهما. وكذا تعْلِيقُ طَلاقِها على فِعلِها، وتَوْكِيلُها فيه، ففَعَلتْه فيهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: لو علَّق طَلاقَها على صِفَةٍ، وكانتِ الصِّفَةُ مِن فِعلِها الذى لها منه بدٌّ، وفعَلَتْه، فلا مَهْرَ لها. وقوّاه صاحِبُ «القَواعِدِ» . أمَّا إذا خالَعَها، فجزَم المُصَنِّفُ بأنَّه يتنَصَّف به؛ لأنَّه مِن قِبَلِه. وهو أحدُ الوَجْهيْن، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الشَّرْحِ» ، و «شرحِ ابنِ مُنَجَّى» . وجزَم به فى «الكافِى» ، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». قال فى «القَواعِدِ»: المَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّ لها نِصْفَ الصَّداقِ. وهو قَوْلُ القاضى وأصحابِه. والوَجْهُ الثَّانى، يسْقُطُ الجميعُ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِير» ، و «الفُروعِ». وقيل: يتَنَصَّف المَهْرُ، إنْ كان الخُلْعُ مع غيرِ الزَّوْجَةِ.
وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا، كإِسْلَامِها وَرِدَّتِهَا، وَرَضَاعِهَا مَنْ
ــ
تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا قيلَ: هو فَسْخٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: أو طَلاقٌ أيضًا. ذكرَه فى «الرِّعايَةِ» . قال فى «القَواعِدِ» ، بعدَ حِكايَتِه القَوْلَ الثَّانى فى أصْلِ المَسْأَلَةِ: ومِنَ الأَصْحابِ مَن خرَّجه على أنَّه فَسْخٌ، فيَكونُ كسائرِ الفُسوخِ مِنَ الزَّوْجِ، ومنهم مَن جعَله ممَّا يشْتَرِكُ فيه الزَّوْجان؛ لأنَّه إنَّما يكونُ بسُؤَالِ المَرْأَةِ، فتَكونُ الفُرْقَةُ فيه مِن قِبَلِها. وكذلك يسْقُطُ أرْشُها فى الخُلْعِ فى المَرَضِ، وهذا على قَوْلِنا: لا يصِحُّ مع الأجْنَبِىِّ. أظْهَرُ. أمَّا إنْ وقَع مع الأَجْنَبِىِّ، وصحّحناه، فيَنْبَغِى أَنْ يتَنَصَّفَ، وَجْهًا واحدًا. انتهى. وأمَّا إذا أسْلَمَ، أو ارتَدَّ قبلَ الدُّخول، فتقَدَّم ذلك مُحَرَّرًا فى بابِ نِكاحِ الكُفَّارِ (1). وأمَّا إذا جاءَتِ الفُرقَةُ مِنَ الأَجْنَبِىِّ، كالرَّضَاعِ، ونحوِه، فإنَّه يتَنَصَّف المَهْرُ بينَهما، ويرْجِعُ الزَّوْجُ على مَن فعَل ذلك. ويأْتِى ذلك فى كلام المُصَنِّفِ، فى كتاب الرَّضاعِ؛ حيث قال: وكلُّ مَن أفْسَدَ نِكاحَ امرَأةٍ برَضاَع قبْلَ الدُّخولِ، فإنَّ الزَّوْجَ يرْجِعُ عليها بنِصْفِ مَهْرِها الذى يَلْزَمُه لها.
فائدة: لو أقَرَّ الزَّوْجُ بنَسَبٍ أو رَضاعٍ، أو غيرِ ذلك مِنَ المُفْسِداتِ، قُبِلَ منه فى انْفِساخِ النَّكاحِ دُونَ سُقوطِ النِّصْفِ. ولو وَطِى أُمَّ زوْجَتِه، أو ابْنَتَها بشُبْهةٍ، أو زنًى، انْفَسَخَ النِّكاحُ، ولها نِصْفُ الصَّداق. نصَّ عليه، فى رِوايةِ ابنَ هانِئٍ.
قوله: وكُلُّ فرقةٍ جاءَتْ مِن قِبَلِها؛ كإسْلامِها، ورِدَّتِها، ورَضَاعِها (2) مَن
(1) تقدم فى صفحة 19.
(2)
فى أ: «إرضاعها» .
يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا، وَفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ أوْ إِعْسَارِهِ، وَفَسْخِهِ لِعَيْبِهَا، يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُها وَمُتْعَتُها.
ــ
ينْفسِخُ به نِكاحُها -وارتِضاعِها منه بنَفْسِها- وفَسْخِها لعَيْبِه وإعْسارِه، وفَسْخِه لعَيْبِها، يسْقُطُ به مَهْرُها ومُتْعَتُها. أمَّا إذا أسْلَمَتْ، أو ارْتَدَّتْ قبلَ الدُّخولِ، فتقَدَّم ذلك أيضًا فى أوَّلِ بابِ نِكاحِ الكُفَّارِ مُسْتَوْفًى (1)، فليُعاوَد. وأمَّا إذا جاءَتِ الفرقَةُ مِن قِبَلِها -برَضاعِها، [أو ارْتِضاعِها](2) ممَّنْ ينْفَسِخُ به نِكاحُها، فيَأْتِى ذلك أيضًا فى كتابِ الرَّضاع؛ حيثُ قال: فإذا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُه الكُبْرَى الصُّغْرَى، فانْفَسَخَ نِكاحُهما، فعليه نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى، يرْجِعُ به على الكُبْرَى، ولا مَهْرَ للكُبْرَى. وأمَّا فسْخُها لعَيْبِه، وفسْخُه لعَيْبِها، فإنَّ ذلك يسْقُطُ به مَهْرُها بلا خِلافٍ فى المذهبِ، إلَّا توْجِيهٌ لصاحِبِ «الفُروعِ» ، يأْتِى فى الفائدَةِ الآتيةِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ قيلَ: فهلا جعَلْتُم فسْخَها لعَيْبِه كأَنَّه منه؛ لحُصُولِه بتَدْليسِه؟ قُلْنا: العِوَضُ مِنَ الزَّوْجِ فى مُقابَلةِ مَنافِعِها، فإذا اخْتارَتْ فَسْخَ العَقْدِ،
(1) تقدم فى صفحة 19.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مع سلامَةِ ما عقَد عليه -[وهو نَفْعُ بُضْعِها](1) - رجَع العِوَضُ إلى العاقِدِ معها، وليسَ مِن جِهتِها عِوَضٌ فى مُقابلَةِ مَنافِعِ الزَّوْجِ، وإنَّما يثْبُتُ لها لأَجْلِ ضَرَرٍ يلْحَقُها لا لتَعَذُّرِ ما اسْتَحَقَّتْ عليه فى مُقابَلَتِه عِوَضًا فافْتَرَقا. وقال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمسِينَ بعدَ المائَةِ»: هذِا الفَرقُ يرْجِعُ إلى أنَّ الزَّوْجَ غيرُ مَعْقُودٍ عليه فى النِّكاحِ، وفيه خِلافٌ، والأظْهَرُ فى الفَرْقِ أَنْ يقالَ: الفُسوخُ الشَّرْعِيَّةُ التى يملِكُها كلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْن على الآخَرِ إنَّما شُرِعَتْ لإِزالَةِ ضَرَرٍ حاصِلٍ، فإذا وقَعَتْ قبلَ الدُّخولِ، فقد رجَع كلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْن إلى ما بذَلَه سَلِيمًا، كما خرَج منه، فلا حَقَّ له فى غيرِه، بخِلافِ الطَّلاقِ، وما فى مَعناه -[كالخُلْعِ ونحوِهما، لا كالانْفِساخاتِ القَهْرِيَّةِ بأسْبابِها؛ كالرَّضاعِ، واللِّعانِ، والرِّدَّةِ، والإِسْلامِ، والرِّقِّ، والحُرِّيَّةِ، ونحوِها، بشُروطِها، وكثُبوتِ القَرابَةِ ونحوِها](2) - مِن مُوجِباتِ الفُرْقَةِ بغيرِ ضَررٍ ظاهِرٍ، فإنَّه يحْصُلُ للمرأة به انْكِسارٌ وضَررٌ، فجبَرَه الشَّارِعُ [بإعْطائِها نِصْفَ المَهْرِ [عندَ تَسْمِيَةِ المَهْرِ](3)، وبالمُتْعَةِ عندَ فَقْدِ التَّسْمِيَةِ] (2). انتهى.
فائدة: لو شُرِطَ عليه شرْطٌ صحيحٌ حالَةَ العَقْدِ، فلم يَفِ به، وفسَخَتْ، سقَطَ به مَهْرُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ». قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائةِ»: وهو قوْلُ القاضى والأَكْثَرِين. وعنه، يتَنَصَّف بفَسْخِها قبلَ الدُّخولِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». قال فى «الفُروعِ»: فتتَوَجَّهُ هذه الرِّوايَةُ فى فَسْخِها لعَيْبِه. ولو
(1) زيادة من: أ.
(2)
سقط من: الأصل، ط.
(3)
سقط من النسخ. والمثبت من القواعد 361.
وَفُرْقَةُ اللِّعَانِ تُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
فسَخَتْ بعدَ الدُّخولِ، فلها المُتْعَةُ إنْ لم يُسَمِّ مَهْرًا. وأمَّا فسْخُها لإِعْسارِه بالمَهْرِ، أو بالنَّفَقَةِ وغيرِ ذلك، فهو مِن جِهتِها، فلا تسْتَحِقُّ شيئًا، بلا نِزاعٍ أعلَمُه.
قوله: وفُرْقَةُ اللِّعانِ تُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ منَجَّى» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، و «الفُروعِ» ؛ إحداهما، يسْقُطُ بها المَهْرُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»](1)، وغيرِهم (2). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ» ، [و «الحاوِى الصَّغِيرِ»](3) وغيرِه (4)، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يتَنَصَّفُ بها المَهْرُ. وخرَّج القاضى، إنْ لاعنَها فى مرَضِه، تكونُ الفُرْقَةُ منه، لا مِنْها.
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
فى الأصل: «وغيره» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: الأصل.
وَفِى فُرْقَةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ مِنَ الزَّوْجِ وَشِرَائِهَا لَهُ وَجْهَانِ.
ــ
قوله: وفى فُرْقَةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ مِنَ الزَّوْجِ وشِرائِها له وجْهان. وهما رِوايَتان فى الثَّانيةِ. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ»؛ إحداهما: يَتنَصَّفُ بها المَهْرُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»] (2). وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «القواعِدِ»: هذا أَشْهرُ الوَجْهَيْن. وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، والقاضى، وأصحابِه، فيما إذا اشْتَرَتِ الزَّوْجَ. والثَّانى، يسْقُطُ بها كلُّه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، فيما إذا اشْتَراها الزَّوْجُ. وقيل: محَلُّ الخِلافِ إذا اشْتَراها مِن مُسْتَحِقِّ مَهْرِها. وهى طريقَتُه فى «المُحَرَّرِ» . [وقال أبو بَكْرٍ: إنِ اشْتَراها، سقَطَ المَهْرُ، وِإن اشْترَتْه هى، تنَصَّفَ](1). واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ» ، إنْ طلَبَ الزَّوْجُ شِراءَ زَوْجَتِه، فلها المُتْعَةُ، وإنْ طلَبَه سيِّدُها، فلا.
فائدة: لو جعَل لها الخِيارَ بسُؤالِها، فاخْتارَتْ نفْسَها، فالمَنْصُوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه لا مَهْرَ لها. قالَه فى «القَواعِدِ». وقيل: يتَنَصَّفُ. وأطْلَقهما
(1) سقط من: الأصل.
وَفُرْقَةُ الْمَوْتِ يَسْتَقِرُّ بِها الْمَهْرُ كُلُّهُ كَالدُّخُولِ. وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَها لَاسْتَقَرَّ مَهْرُها كَامِلًا.
ــ
فى «الفُروعِ» . وإنْ جعَل لها الخِيارَ مِن غيرِ سُؤالٍ منها، فاختارَتْ نفْسَها، لم يسْقُطْ مَهْرُها. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .
قوله: ولو قَتَلتْ نفسَها لاسْتَقَر مهْرُها كامِلًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، لا يجِبُ سِوَى النِّصْفِ. وقال فى «الوَجيزِ»: يتَقَرَّرُ المَهْرُ إنْ قتَل نفْسَه، أو قَتَله غيرُهما. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه لا يتَقرَّرُ إنْ قتَل أحدُهما الآخَرَ. قال: وهو مُتَوَجِّهٌ إنْ قتَلَتْه هى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائدُ جمةٌ؛ اعلم أنَّ المَهْرَ يتَقَرَّرُ كامِلًا -سواءٌ كانتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أو أمَةً- بأَشْياءَ، ذكرَ المُصَنِّفُ بعضَها، فذكَر المَوْتَ. وهو بلا خِلافٍ. [قال فى «الفُروعِ»: ويتقَرَّرُ المُسَمَّى لحُرَّةٍ أو أمَةٍ بمَوْتِ أحَدِهما. انتهى] (1). وذكَر القَتْلَ، وتقدَّم الخِلافُ فيه. وممَّا يُقَرَّرُ المَهْرَ كامِلًا وَطْؤُه فى فَرجِ حَيَّةٍ لا مَيِّتَةٍ. ذكرَه أبو المَعالِى وغيرُه. ولو بوَطْئِها فى الدُّبُرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُقَرِّرُه الوَطْءُ فى الدُّبُرِ. ومنها، الخَلْوَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال فى «الفُروعِ»: وعنه، أَوْ لا. اخْتارَه فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ» بزيادةِ «أو» قبْلَ «لا». والذى يَظْهرُ أنَّها سَهْوٌ. قال فى «القاعِدَةِ الخامسَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائةِ»: مِنَ الأصحابِ مَن حكَى رِوايةً بأنَّ المَهْرَ لا يسْتَقِرُّ بالخَلْوَةِ بمُجَرَّدِها بدُونِ الوَطْءِ، وأنْكَرَ الأَكْثَرون هذه الرِّوايةَ، وحمَلُوها على وَجْهٍ آخَرَ، وذكروه. فعلى المذهبِ، يتقَرَّرُ كامِلًا، إنْ لم تَمْنَعْه بشَرطِ أَنْ يعْلَمَ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يتَقَرَّرُ وإنْ لم يعلَمْ بها. ويُشْترَطُ فى الخَلْوَةِ أَنْ لا يكونَ عندَهما مُمَيِّزٌ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: مُمَيِّزٌ مُسْلِمٌ. وجزَم به فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل (2): يُشْترَطُ أيضًا أَنْ يكونَ الزَّوْجُ ممَّنْ يطَأُ مِثْلُه بمَنْ يُوطَأُ مِثْلُها. ولا تُقْبَلُ دَعْواه عدَمَ عِلْمِه بها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ولو كان أَعْمَى. نصَّ عليه؛ لأن العادةَ أنَّه لا يخْفَى عليه ذلك. وقيل: تُقْبَلُ دَعْواه عدَمَ عِلْمِه إذا كان أعْمَى. وقال فى «المُذْهبِ» : إنْ صدَّقَتْه، لم تَثْبُتِ الخَلْوَةُ، وإنْ كذَّبَتْه، فهى خَلْوَةٌ. فعلى المَنْصوصِ، قدَّم الأصحابُ هنا العادَةَ على
(1) زيادة من: أ.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصْلِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: فكذا دَعوَى إنْفاقِه، فإنَّ العادَةَ هناك أَقْوَى. انتهى. والنَّائمُ [فى الخَلْوَةِ](1) كالأَعْمَى. ويُقْبَلُ قولُ مُدَّعِى الوَطْءِ -[يعنِى فى الخَلْوَةِ](1) - على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. [وإلَّا فسَيأْتِى، أنَّ القَوْلَ قولُ الزَّوْجِ، فيما إذا اخْتَلَفا فيما يسْتَقِرُّ به المَهْرُ مِن جُملَةِ الوَطْءِ بلا خَلْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ](2). وفى «الواضِحِ» وَجْهٌ، يُقْبَلُ قولُ مُنْكِرَةٍ، كعَدَمِها. قالَه ابنُ عَقِيلٍ، وجماعةٌ. فلا يرْجِعُ هو بمَهْرٍ لا يدَّعِيه، ولا لها ما لا تدَّعِيه. [وسيَأْتِى أنَّ القَوْلَ قولُه هو دُونَها، فيما إذا اخْتَلَفا فيما يسْتَقِرُّ به المَهْرُ؛ ومنه الوَطْءُ، ونحوه بلا خَلوَةٍ](2). قال فى «الانْتِصارِ» : والتَّسْلِيمُ بالتَّسَلُّمِ، ولهذا لو دَخَلَتِ البَيْتَ، فخرَجَ، لم تَكْمُلْ. قالَه قُبَيْلَ المَسْأَلَةِ. وفى «الانْتِصارِ» أيضًا، يسْتَقِرُّ به وإنْ لم يتَسَلم، كبَيْعٍ وإجارةٍ. وفى العِدَّةِ والرَّجْعَةِ وتَحْريمِ الرَّبِيبَةِ بالخَلْوَةِ، الخِلافُ. قالَه فى «الفُروعِ» . ويأتى فى أوَّل بابِ العِدَدِ، حُكْمُ الخَلْوَةِ مِن جِهةِ العِدَّةِ، وتقدَّم أحْكامُ الرَّبِيبَةِ إذا خَلا بأُمِّها، فى المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ (3). وقطَع المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، بثُبوتِ الرَّجْعَةِ له عليها إذا خَلا بها فى عِدَتِها. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: الخَلْوَةُ تقومُ مَقامَ الدُّخولِ فى أرْبَعَةِ أشْياءَ، تَكْمِيلِ الصَّداقِ، ووُجوبِ العِدَّةِ، ومِلْكِ الرَّجْعَةِ إذا طلَّقها دُونَ الثَّلاث، وثُبوتِ الرَّجْعَةِ إنْ كانتَ مُطَلَّقَةً بعدَ الدُّخولِ. وقيل: هذه الخَلْوَةُ دُونَ الثَّلاثِ. انتهى. ولا يتعَلَّقُ بالخَلْوَةِ بقِيَّةُ حُكْمِ الوَطْءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: كمدخُولٍ بها، إلَّا فى حِلِّها لمُطَلِّقِها وإحْصانٍ. قالَه فى «الفُروعِ» . ونقَل أبو الحارِثِ وغيرُه، هى كمَدْخُولٍ بها، ويُجْلَدان إذا زَنَيا. انتهى. وأمَّا لُحوقُ
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
زيادة من: ش.
(3)
20/ 275.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّسَبِ، فقال ابنُ أبِى موسى: رُوِى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى صائمٍ خَلا بزَوْجَتِه، وهى نَصْرانِيَّةٌ، ثم طلقها قبلَ المَسيسِ، وأتَتْ بوَلَدٍ مُمْكِنٍ، رِوايَتان؛ إحْداهما، يَلْزَمُه؛ لثُبوتِ الفِراشِ. وهى أصحُّ. والأُخْرَى، قال: لا يَلْزَمُه الوَلَدُ إلَّا بالوَطْءِ. انتهى. ولوِ اتَّفَقا على أنَّه لم يَطَأْ فى الخَلْوَةِ، لَزِمَ المَهْرُ والعِدَّةُ. نصَّ عليه؛ لأَنَّ كُلًّا منهما مُقِرٌّ بما يَلْزَمُه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، فى تَنْصيفِ المَهْرِ هنا رِوايتَيْن. إذا عُلِمَ ذلك، فالخَلْوَةُ مُقَرِّرَة للمَهْرِ؛ لمَظِنَّةِ الوَطْءِ. ومِنَ الأصحاب مَن قال: إنَّما قَرَّرَتِ المهْرَ لحُصولِ التَّمْكِينِ بها. وهى طريقَةُ القاضى. وردَّها ابنُ عقِيلٍ، وقال: إنَّما قرَّرَتْ لأحَدِ أمرَيْن؛ إمَّا لإِجْماعِ الصَّحابَةِ -وهو حُجَّةٌ- وإمَّا لأَنَّ طَلاقَها بعدَ الخَلْوَةِ بها، ورَدَّها زُهْدًا منه فيها، فيه ابْتِذالٌ لها وكَسْرٌ، فوَجَبَ جَبْرُه بالمَهْرِ. وقيل: بلِ المُقَرِّرُ هو اسْتِباحَةُ ما لا يُباحُ إلَّا بالنِّكاحِ مِنَ المَرْأَةِ، فدَخَلَ فى ذلك الخَلْوَةُ واللَّمْسُ بمُجَرَّدِهما. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى رِوايَةِ حَرْبٍ. ذكرَه فى «القَواعِدِ» . فلو خَلا بها، ولكِنْ بهما مانِعٌ شَرْعِىٌّ؛ كإحْرامٍ وحَيْضٍ وصَوْمٍ، أو حِسِّىٌّ؛ كجَبٍّ ورَتَقٍ ونِضاوَةٍ، تقَرَّرَ المَهْرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّركَشِىُّ: وهو المُخْتارُ للأَصحابِ. وقال: اتَّفَقُوا، فيما عَلِمْتُ، أنَّ هذا هو المذهبُ. انتهى. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقدَّمه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعنه، لا يُقَرِّرُه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وعنه، يُقَرِّرُه إنْ كان المانِعُ به، وإلَّا فلا. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ خَلا بها وهو مُدْنِفٌ (1)، أو صائمٌ، أو مُحْرِمٌ، أو مَجْبُوبٌ، اسْتقَرَّ الصَّداقُ. رِوايةً
(1) مُدْنفٌ: براه المرض حتى أشفى على الموت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدةً، وإنْ خَلا بها وهى مُحْرِمَةٌ، أو صائمةٌ، أو رَتْقاءُ، أو حائِضٌ، كَمَلَ الصَّداقُ فى أَشْهَرِ الرِّوايتَيْن. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، يَكْمُلُ مع ما لا يَمْنَعُ دَواعِىَ الوَطْءِ، بخِلافِ صَوْمِ رَمَضانَ، والحَيْضِ، والإِحْرامِ بنُسُكٍ ونحوِها. قال القاضى: إنْ كان المانِعُ لا يَمْنَعُ دَواعِىَ الوَطْءِ؛ كالجَبِّ والعُنَّةِ والرَّتْقِ والمَرضِ والحَيْضِ والنِّفاسِ، وَجَبَ الصَّداقُ، وإن كان يَمْنَعُ دَواعِيَه؛ كالإِحْرامِ وصِيامِ الفَرْضِ، فعلى رِوايتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وعنه رِوايَةٌ، إنْ كانَا صائمَيْن صَوْمَ رَمَضانَ، لم يَكْمُلِ الصَّداقُ، وإنْ كان غيرَه، كَمَلَ. انتهى. وقيل: إنْ خَلا بها، وهو مُرْتَدٌّ أو صائمٌ أو مُحْرِمٌ أو مَجْبُوبٌ، استَقَرَّ الصَّداقُ، وإنْ كانتْ صائمةً أو مُحْرِمَةً أو رَتْقاءَ أو حائِضًا، كَمَلَ الصَّداقُ على الأصحِّ. وتقدَّم كلامُه فى «المُسْتَوْعِبِ» .
تنبيه: قال الزَّركَشِىُّ وغيرُه، بعدَ أَنْ ذكَر الرِّوايتَيْن: اخْتَلفَتْ طُرُقُ الأصحابِ فى هذه المَسْألَةِ، فقال أبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه» ، والمَجْدُ والقاضى فى «الجامعِ» ، فيما نقَله عنه فى «القَواعِدِ»: محَلُّ الرِّوايتَيْن فى المانعِ؛ سواءٌ كان مِن جِهتِه، أو مِن جِهتِها، شَرْعيًّا كانَ؛ كالصَّوْمِ والإِحْرامِ والحَيْضِ، أو حِسِّيًّا؛ كالجَبِّ والرَّتَقِ ونحوِهما. وقال القاضى فى «الجامعِ» ، والشَّرِيفُ فى «خِلافِه»: محَلُّهما إنْ كان المانِعُ مِن جِهَتِها، أمَّا إنْ كان مِن جِهَتِه، فإنَّ الصَّداقَ يتَقَرَّرُ بلا خِلافٍ. ونسَبَ هذه الطَّريقةَ فى «القَواعِدِ» إلى القاضى فى «خِلافِه». وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ» -فيما أظُنُّ- وابنُ البَنَّا: محَلُّهما إذا امْتَنَع الوَطْءُ ودَواعِيه؛ كالإِحرامِ والصِّيامِ. فأمَّا إنْ كان لا يَمْنَعُ الدَّواعِىَ؛ كالحَيْضِ والجَبِّ والرَّتَقِ، فيَسْتَقِرُّ، رِوايَةً واحدةً. ونسَبَ هذه الطَّريقَةَ فى «القَواعِدِ» إلى القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنِ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ». وقال القاضى فى «الرِّوايتَيْن»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
محَلُّهما فى المانعِ الشَّرعِىِّ، أمَّا المانِعُ الحِسِّىُّ، فيتَقَرَّرُ معه الصَّداقُ. وهى قرِيبَةٌ مِنَ التى قبلَها. ويَقْرُبُ منها طريقَةُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» ، أنَّ المَسْألَةَ على ثَلاثِ رِواياتٍ. الثَّالثةُ، إن كان المانعُ متَأَكِّدًا؛ كالإِحْرامِ والصِّيامِ، لم يَكْمُلْ، وإلا كَمَلَ. انتهى. وهذه الرِّوايةُ الثَّالِثَةُ لم يُصَرحِ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، فيها بالإِحْرامِ، وإنَّما قاسَه المُصَنِّفُ على الصَّوْمِ الذى صرَّح به الإِمامُ أحمدُ. وممَّا يُقَرِّرُ المَهْرَ أيضًا اللَّمْسُ والنَّظَرُ إلى فَرجِها ونحْوِه لشَهْوَةٍ، حتى تقْبِيلها بحَضْرَةِ النَّاسِ. نصَّ عليه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. [وقدَّمه فى «الفُروعِ»] (1). وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ على المُصاهَرَةِ. وقالَه القاضى مع الخَلْوَةِ. وقال: إنْ كان ذلك عادَتَه، تقَرَّرَ، وإلَّا فلا. هكذا نقَله فى «الفُروعِ». قلتُ: قال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» : إنْ كان ممَّنْ يُقَبِّلُ أو يُعانِقُ بحَضْرَةِ النَّاسِ عادةً، كانتْ خَلْوَةً منه، وإلَّا فلا. ونقَلَه عنه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «القَواعِدِ». فلعَلَّ قوْلَ صاحبِ «الفُروعِ»: وقال: إنْ كان ذلك عادَتَه، تقَرَّرَ. عائدٌ إلى ابنِ عَقِيلٍ، لا إلى القاضى، أو يكونُ ابنُ عقِيلٍ وافَقَ القاضىَ، ويكونُ لابنِ عَقِيلٍ فيها قوْلان. قال فى «القَواعِدِ»: والمَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، أنَّه إذا تعَمَّدَ النَّظَرَ إليها، وهى عُرْيَانَة تغْتَسِلُ، وَجَبَ لها المَهْرُ. ولا يُقَرِّرُه النَّظَرُ إليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بلَى [إذا كانتْ غيرَ عُرْيانَةٍ، فأمَّا إنْ كانتْ عُريانَة وتعَمَّدَ النَّظَرَ إليها، فالمَنْصوصُ أنَّه يجِبُ لها المَهْرُ](2). قال فى «الرِّعايَةِ» : ويُقَرِّره النَّظَرُ إليها عُريانَة. وقطَع ناظِمُ المُفْرَداتِ، أنَّ النَّظَرَ إلى فَرجِها يُقَرِّرُ المَهْرَ. قال فى «القَواعِدِ»: أمَّا مُقَدِّماتُ الجِماعِ؛
(1) سقط من: الأصل.
(2)
زيادة من: ش.