المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة العيدين - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٥

[المرداوي]

الفصل: ‌باب صلاة العيدين

‌بابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

ــ

بابُ صلاةِ العِيدَيْن

ص: 315

وَهِىَ فَرْضٌ على الْكِفايَةِ، إِذَا اتَّفَقَ أهلُ بَلَدٍ على تَرْكِهَا قاتَلَهُمُ الْإِمَامُ.

ــ

قوله: وهى فَرْضٌ على الكِفايةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميمٍ: فرْضُ كِفايَةٍ، على الأصحِّ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: فْرضُ كِفايَةٍ فى أظْهَرِ الرِّوايتَيْن. قال فى «الحَواشِى» : هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكافِى» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصٍ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرهم. وقدَّمه فى

ص: 316

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. وعنه، هى فرْضُ عَيْنٍ. اخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال: قد يُقالُ بوُجوبِها على النِّساءِ وغيْرِهِنَّ. وعنه، هى سُنَّةٌ مؤكَّدَةٌ. جزَم به فى «التَّبصِرَةِ» . فعلى المذهبِ، يُقاتَلون على ترْكِها، وعلى أنَّها سُنَّةٌ لا يُقَاتَلون. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالأَذانِ، والتَّراوِيحِ، وقال أبو المَعالِى فى «النِّهايَةِ»: يُقاتَلون أيضًا.

ص: 317

وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، وَآخِرُهُ إِذَا زَالَتْ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 318

فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، خَرَجَ مِنَ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ.

ــ

فوائد؛ منها، قوله: فإنْ لم يَعْلَمْ بالعيدِ إلَّا بعدَ الزَّوالِ، خرَج مِنَ الغَدِ فصلَّى بهم. هذا بلا نِزاعٍ، ولكن تكونُ قَضاءً مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو المَعالِى فى «النِّهايَةِ»: تكونُ أداءً، مع عدَمِ العِلْمِ للعُذْرِ. انتهى. ومنها، أنَّها تصلَّى، ولو مضَى أيَّامٌ، وعليه الأكثرُ. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةٌ. قال ابنُ حَمْدانَ: وفيه نظرٌ. وقال القاضى: لا يصَلُّن. وقال فى «التَّعْليقِ» : إنْ علِموا بعدَ الزَّوالِ، فلم يصَلُّوا مِنَ الغَدِ، لم

ص: 319

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يصَلُّوها. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، آخِرَ البابِ، اسْتِحْبابُ قَضائِها إذا فَاتَتْه،

ص: 320

وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْأَضْحَى، وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ، وَالْأَكْلُ فِى الْفطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَالْإِمْسَاكُ فِى الْأَضْحَى حَتَّى يُصلِّىَ،

ــ

وأنَّه يجوزُ قبلَ الزَّوالِ وبعدَه على الصَّحيحِ. ومنها، قوله: ويُسَنُّ تَقْديمُ الأضْحَى، وتأْخيرُ الفِطْرِ. بحيثُ يُوافِقُ أهْلَ مِنًى فى ذَبْحِهم. نصَّ عليه.

قوله: والأكْلُ. فى الفِطْرِ قبلَ الصَّلاةِ. يعْنِى، قبلَ الخُروجِ إلى الصَّلاةِ. والمُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ تَمَراتٍ، وأنْ يكونَ وِتْرًا. قال المَجْدُ، وتَبِعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو آكَدُ مِن إمْساكِه فى الأضْحَى.

قوله: والإمْساكُ فى الأضْحَى حتى يُصلِّىَ. وذلك ليَأْكُلَ مِن أُضحِيَتِه، فلو لم يكُنْ له أُضْحِيَةٌ، أكَل إنْ شاءَ قبلَ خُروجِه. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، وقالَه

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابُ.

ص: 322

وَالْغُسْلُ، وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ، مَاشِيًا عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ، إِلَّا الْمُعْتَكِفَ يَخْرُجُ فِى ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ، أَوْ إِمَامًا يَتَأَخَّرُ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ.

ــ

قوله: والغُسْلُ. تقدَّم الكلامُ عليه فى بابِ الغُسْلِ، فى الأغْسالِ المُسْتَحَبَّةِ.

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: والتَّبْكيرُ إليها بعدَ الصُّبْحِ. هكذا قيَّدَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ بقولِهم: بعدَ الصُّبْحِ. يعْنِى، بعدَ صلاةِ الصُّبْحِ؛ منهم المُصَنِّفُ هنا، وفى «المُغْنِى» ،

ص: 324

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وأطْلَقَ الأكْثَرُ.

قوله: ماشيًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو المَعالِى: إنْ كان البلَدُ ثَغرًا، اسْتُحِبَّ الرُّكوبُ وإظْهارُ السِّلاحِ. وقال الشَّارِحُ وغيرُه: وإنْ كان بعيدًا، فلا بأْسَ أنْ يَرْكَبَ.

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نصَّ عليه. وزادَ ابنُ رَزِينٍ وغيرُه، أو لعُذْرٍ. وهو مُرادٌ قَطْعًا.

فائدة: لا بأْسَ بالرُّكوبِ فى الرُّجوعِ. وكذا مِن صلاةِ الجُمُعَةِ.

قوله: على أحْسَنِ هَيْئَةٍ، إلَّا المعْتَكِفَ، يَخْرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه. الذَّاهِبُ إلى العيدِ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مُعْتَكِفًا، أو غيرَ مُعْتَكِفٍ، فإنْ كان مُعْتَكِفًا، فلا يخْلُو؛ إمّا أنْ يكونَ الإِمامَ أو غيرَه، فإنْ كان الإِمامَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يخْرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وقيل: يُسْتَحَبُّ له التَّجَمُّلُ والتَّنَظُّفُ. جزَم به

ص: 326

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يُسَنُّ التَّزَيُّنُ للإمامِ الأعْظَمِ، وإنْ خرَج مِنَ المُعْتَكَفِ. نقَله عنه فى «الفائِقِ». قال فى «الفُروعِ»: يخْرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه. قال جماعةٌ: إلَّا الإمامَ. وإنْ كان غيرَ الإِمامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يخرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه، وعليه جماهيرُ

ص: 327

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه: المُعْتَكِفُ كغيرِه فى الزِّينَةِ والطِّيبِ ونحوِهما. وإنْ كان غيرَ مُعْتَكِفٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ فى حقِّه، أنْ يأْتِىَ إليها على أحْسَنِ هَيْئَةٍ، وعليهَ الأصحابُ. وعنه، الثِّيابُ الجَيِّدَةُ والرَّثَّةُ فى الفَضْلِ سَواءٌ، وسواءٌ كان مُعْتَكِفًا أو غيرَه.

فائدة: إنْ كان المُعْتَكِفُ فرَغ مِنِ اعْتِكافِه قبلَ ليْلَةِ العيدِ، اسْتُحِبَّ له المَبيتُ

ص: 328

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليْلَةَ العيدِ فى المَسْجدِ، والخُروجُ منه إلى المُصَلَّى، وإنْ كان اعْتِكافُه ما انْقَضَى، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، جوازُ الخُروجِ. وهو صحيحٌ. وصرَّح به المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، وغيرِهم. قال

ص: 329

وَإذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ، رَجَعَ فِى أُخْرَى.

ــ

المَجْدُ: يجوزُ له الخُروجُ، ولُزومُه مُعْتَكَفَه أوْلَى. وتابَعَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم.

قوله: وإذا غدا مِن طريقٍ، رجَع فى أُخْرَى. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يرْجِعُ فى الطَّريقِ الأقْرَبِ إلى مَنْزِلِه،

ص: 330

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويذهبُ فى الطَّريقِ الأبْعَدِ.

فائدة: ذَهابُه فى طَريقٍ ورُجوعُه فى أُخْرَى، فعَله النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم. رواه البُخَارِىُّ ومُسْلِمٌ (1). فقيل: فعَل ذلك ليَشْهَدَ له الطَّرِيقان. وقيلَ: ليَشْهَدَ له سُكَّانُ الطَّريقَيْن مِنَ الجِنِّ والإِنْسِ. وقيل: ليتَصَدَّقَ على أهْلِ الطَّريقَيْن. وقيل: ليُساوِىَ بينَهما فى التَّبُّركِ به، وفى المَسَرَّةِ بمُشاهَدَتِه، والانْتِفاعِ بمَسْألَتِه. وقيل: ليَغيظَ المُنافِقين أو اليهودَ. وقيل: لأنَّ الطَّريقَ الذى يغْدو منه كان أطْوَلَ، فيَحْصُلُ كثْرَةُ الثَّوابِ بكَثْرَةِ الخُطَى إلى الطَّاعَةِ. وقيل: لأنَّ طريقَه إلى المُصَلَّى كانت على اليَمِينِ، فلو

(1) أخرجه البخارى، فى: باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد، من كتاب العيدين. صحيح البخارى 2/ 29. ولم يخرجه مسلم.

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رجَع لرجَع إلى جِهَةِ الشِّمالِ. وقيل: لإظْهارِ شِعارِ الإسْلامِ فيهما. وقيل: لإظْهارِ ذِكْرِ اللَّهِ. وقيل: ليُرْهِبَ المُنافِقين واليهودَ بكَثْرَةِ مَن معه. ورَجَّحَه ابنُ بَطَّالٍ. وقيل: حذَرًا مِن كَيْدِ الطَّائفتَيْن أو إحْدَاهما. وقيل: ليزورَ أقارِبَه الأحْياءَ والأمْواتَ. وقيل: ليَصِلَ رَحِمَه. وقيل: ليتَفاءلَ بتَغْييرِ الحالِ إلى المَغْفِرَةِ والرِّضا. وقيل: كان فى ذَهابِه يتَصدَّقُ، فإذا رجَع لم يَبْقَ معه شئٌ، فيَرْجِعُ فى طريقٍ أُخْرَى، لِئَلَّا يَرُدَّ مَن يسْألُه. قال الحافِظُ شِهابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ حَجَرٍ (1): وهو ضعيفٌ جِدًّا. وقيل: فعَل ذلك لتَخْفيفِ الزِّحامِ. وقيل: لأنَّ المَلائكَةَ تَقِفُ على الطُّرُقاتِ، فأرادَ أنْ يشْهَدَ له فَريقان منهم. وقال ابنُ أبى جَمْرَةَ (2): هو فى مَعْنى قولِ يَعْقوبَ لبَنيه {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} (3) فأَشارَ إلى أنَّه فَعل ذلك حذَرًا مِن إصابَةِ العَيْنِ. وقال العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله: إنَّه فعَل ذلك لجميع ما ذُكِرَ مِنَ الأشْياءِ المُحْتَمِلَةِ القريبةِ. انتهى. قلتُ: فعلَى الأَقْوالِ الثَّلاثةِ الأُوَلِ، يخرجُ لنا فِعْلُ ذلك فى جميع الصَّلَواتِ الخَمْسِ. وقد نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، على

(1) انظر: فتح البارى 2/ 473.

(2)

عبد اللَّه بن أبى جمرة، أبو محمد. الولى القدوة، الزاهد، العلامة المقرئ، مؤلف «مختصر البخارى» وشرحه «بهجة النفوس» . توفى سنة تسع وتسعين وستمائة. نيل الابتهاج بتطريز الديباج، للتنبكتى 140.

(3)

سورة يوسف 67.

ص: 332

وهل مِن شَرْطِها الاسْتِيطانُ، وإذْنُ الإِمامِ، والعَدَدُ المَشْرُوطُ للجُمُعَةِ؟ على رِوايَتَيْن.

ــ

اسْتِحْبابِ ذلك فى الجُمُعَةِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ.

قوله: وهل مِن شَرْطِها الاسْتيطانُ، وإذنُ الإِمامِ، والعَدَدُ المشْترَطُ للجُمُعَةِ؟ على روايتَيْن. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الحاوِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الحَواشِى» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» . أمَّا الاسْتيطانُ والعدَدُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما يُشْتَرَطان كالجُمُعَةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» : اخْتارَه القاضى، والآمِدِىُّ، وأكثرُنا. قال فى «الخُلاصَةِ»: يُشْتَرَطان على الأصحِّ. قال فى «الوَسيلَةِ» : هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . ونصَرَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ. وجزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيل» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرَحِ» ، و «الفائقِ» ،

ص: 333

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُشْتَرَطان. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قلتُ: منهم المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «نَظْمِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «نَظْمِ الوَجيزِ» . وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . وقدَّمه فى «الكافِى» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، وأوْجبَ فى «المُنْتَخَبِ» صلاةَ العيدِ بدُونِ العدَدِ المُشْتَرَطِ للجُمُعَةِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ: يُشْترَطُ الاسْتيطانُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ الاسْتيطانُ، رِوايةً واحدةً. وذكَر فى اشْتِراطِ العدَدِ الرِّوايتَيْن. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكْتفَى باسْتيطانِ أهْلِ

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البادِيَةِ إذا لم نَعْتَبرِ العدَدَ. وقالَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ أيضًا: إذا قُلْنا باعْتِبارِ العدَدِ، وكان فى القرْيَةِ أقَلُّ منه، وإلى جَنْبِه مِصْرٌ أو قرْيَةٌ يُقامُ فيها العيدُ، لزِمهمُ السَّعْىُ إليه، قَرُبوا أو بعُدوا؛ لأن العيدَ لا يتَكَرَّرُ، فلا يشُقُّ إتْيانُه، بخِلافِ الجُمُعَةِ. قال ابنُ تَميمٍ: وفيه نظَرٌ. وقال المَجْدُ: ليستْ بدُونِ اسْتيطانٍ وعدَدٍ سُنَّةً مؤَكَّدَةً إجْماعًا. وأمَّا إذْنُ الإِمامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، أنَّه لا يُشْترَطُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ كالجُمُعَة. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ إذْنُه. قال فى «الخُلاصَةِ»: يُشْترَطُ على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» هنا، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفائق» ، والقاضى أبو الحُسَيْنِ. وذكَر فى «الوَسِيلَةِ» ، أنَّه أصحُّ الرِّوايتَيْن. ونصرَه الشَّرِيفُ، وأبو الخطَّابِ، مع أنَّهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الفائقِ» ، قدَّما فى كتابِ الجُمُعَةِ، عدَمَ اشْتِراطِ إذْنِ الإِمامِ فى صلاةِ العيدِ، وقدَّما فى هذا البابِ اشْتِراطَ إذْنِه، فناقَضا. وأطْلَقَ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» هنا فى إذْنِه الرِّوايتَيْن، مع أنَّهما قدَّما فى الجُمُعَةِ عدَمَ الاشْتِراطِ، فيكونُ الخِلافُ هنا أقْوَى عندَهم فى الاشْتِراطِ، يُؤيِّدُه أنَّه قدَّم فى «المُسْتوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» هناك، عدَمَ الاشْتِراطِ، وقدَّما هنا الاشْتِراطَ. قلتُ: وهو ضعيفٌ. والظَّاهِرُ، أن مُرادَ صاحِبِ «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، ذِكْرُ الخِلافِ، لا إطْلاقُه لقُوَّتِه. وجعَلها فى «الفُروعِ» وغيرِه

ص: 335

وَتسَنُّ فِى الصَّحْرَاءِ، وَتُكْرَهُ فِى الْجَامِعِ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ.

ــ

فى الشُّروطِ كالجُمُعَةِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» : ورِوايَتا إذْنِ الإِمامِ هنا فرْعٌ على رِوايَتَى الجُمُعَةِ. وتَحْريرُ المذهبِ فى ذلك؛ أنَّه يُعْتَبَرُ فى الجُمُعَةِ، فهنا أوْلَى، وإنْ لم نَعْتَبِرْها ثَمَّ. فأصحُّ الرِّوايتَيْن هنا، لا يُعْتَبَرُ أيضًا، كالعدَدِ والاسْتيطانِ. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّ القوْلَ باشْتِراطِهما فى الجُمُعَةِ أوْلَى مِنَ القولِ بالاشْتِراطِ فى العيدِ، فعلى المذهبِ، يفْعَلُها المُسافِرُ والعَبْدُ والمرأةُ والمُنْفَرِدُ ونحوُهم تبَعًا. ويُسْتَحَبُّ أنْ يقْضِيَهَا مَن فاتَتْه، كما يأْتِى. واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، لا يُسْتَحَبُّ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يفْعَلُونَها أصالَةً.

قوله: وتُسَنُّ فى الصَّحْراءِ. وهذا بلا نِزاعٍ إلَّا ما اسْتُثْنِىَ على ما يأْتِى. وتكْرَهُ فى الجامِع إلَّا مِن عُذْرٍ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقيل: لا تُكْرَهُ فيه مُطْلَقًا.

تنبيه: يسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممّن أطْلَقَ، مكَّةُ؛ فإنَّ المَسْجِدَ فيها أفْضَلُ مِنَ الصَّحْراءِ قَطْعًا. ذكَره فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» محَلَّ وِفاقٍ. وقالَه فى «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهما. فيُعايَى بها.

فائدة: يجوزُ الاسْتِخْلافُ للضَّعَفَةِ مَن يصَلِّى بهم فى المَسْجِدِ. قالَه فى

ص: 336

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» . وقال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ، وصاحِبُ «الفائقِ»: يسْتَحَبُّ. نصَّ عليه. وقالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، وغيرُهم. ويخْطُبُ بهم إنْ شاءَ وإنْ ترَكوها فلا بأْسَ، لكنَّ المُسْتَحَبَّ أنْ يخْطُبَ. ولهم فِعْلُها قبلَ الإِمامِ وبعدَه، والأَوْلَى أنْ يكونَ بعدَ صلاةِ الإِمامِ، فإنْ خالَفوا وفَعَلوا، سَقَط الفَرْضُ، وجازَتِ التَّضْحِيَةُ. ذكَرَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرِهم. وقال بعضُ الأصحابِ: إنْ صلَّاها أرْبعًا، لم يصَلِّها قبلَ مُسْتَخْلِفِه؛ لأنَّ تَقْيِيدَه يُظْهِرُ شعارَ اليَوْمِ ويَنْوِيها كمَسْبوقَةٍ نَفْلًا. قدَّمه فى

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ». وقال: فإنْ نَوَوْه فرْضَ كِفايَةٍ أو عَيْنٍ، أو جَهِلوا السَّبْقَ، فَنَوَوه فرْضًا أو سُنَّةً، فوَجْهان. انتهى. ويصَلِّى بهم رَكْعَتَيْن، كصَلاةِ الخَليفةِ. قدَّمه فى «الفائقِ» . وعنه، أربَعًا. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» . وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». قال فى «الفُروعِ»: وفى صِفَةِ صلاةِ الخَلِيفَةِ الخِلافُ، لاخْتِلافِ الرِّوايَة فى صِفَةِ صلاةِ علىٍّ وأبِى مَسْعُودٍ البَدْرِىِّ. وعنه، رَكْعَتَيْن إنْ خطَب، وإنْ لم يخْطُبْ فأَرْبَعٌ.

فائدة: يُباح للنِّساءِ حُضورُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يسْتَحَبُّ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والمَجْدُ فى غيرِ المُسْتَحْسَنَةِ. وجزَم بالاسْتِحْبابِ فى «التَّلْخيصِ» . وعنه، يُكرهُ. وعنه، يُكْرَهُ للشَّابَّةِ دُونَ غيرِها. قال النَّاظِمُ:

وأكْرَهُ لخُرَّدٍ بأوْكَدَ

وعنه، لا يُعْجِبُنِى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: قد يقالُ بوُجوبِها على النِّساءِ.

ص: 338

وَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ، فَيُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 339

يُكَبِّرُ فِى الأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاح. وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ سِتًّا، وَفِى الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ السُّجُودِ خَمْسًا،

ــ

قوله: فيُصلِّى ركْعَتَيْن، يُكَبِّرُ فى الأُولَى بعدَ الاسْتِفْتاحِ وقبلَ التَّعَوُّذِ سِتًّا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكَبِّرُ سَبْعًا. وعنه، يُكَبِّرُ خَمْسًا. وفى الثَّانِيَةِ أرْبَعًا. كما يأْتِى. وقوله: بعدَ الاسْتِفْتاحِ. هو المذهبُ، وعليه الأكثرُ. وعنه، يسْتَفْتِحُ بعدَ التَّكْبِيراتِ الزَّوائدِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزِيزِ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، يُخَيَّرُ بينَ ذلك.

ص: 341

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وفى الثَّانيَةِ بعدَ القيامِ مِنَ السُّجودِ خَمْسًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم رِوايةٌ، أنَّه يكَبِّرُ فى الأُولَى خَمْسًا، وفى الثَّانيةِ أرْبَعًا.

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ أهْلَ القُرَى والأمْصارِ فى هذه الصِّفَةِ، على حَدٍّ سواءٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصَلِّى أهْلُ القُرَى بلا تكْبيرٍ. ونقَل جَعْفَرٌ، يصَلِّى أهْلُ القُرَى أربَعًا، إلَّا أنْ يخْطُبَ رجُلٌ فيُصَلِّىَ رَكْعَتَيْن.

ص: 343

يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، ويَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِىِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَإنْ أَحَبَّ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ.

ــ

قوله: ويقولُ: اللَّهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للَّهِ كَثيرًا، وسُبْحانَ اللَّهِ بُكْرَةً

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأصيلًا، وصلَّى اللَّهُ على محمدٍ النَّبِىِّ وآلِه، وسَلَّم تَسْليمًا. وإنْ أحَبَّ قالَ غيرَ ذلك. هكذا قال كثير مِنَ الأصحابِ. واعلمْ أنَّ الذِّكْرَ بينَ التكْبيرِ غيرُ مَخْصوصٍ بذِكْرٍ. نقَله حَرْبٌ عنه. ورُوِىَ عنه، أنَّه يَحْمَدُ ويُكَبِّرُ ويصَلِّى على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. وعنه، يقولُ ذلك ويدْعُو. وعنه، يُسَبِّحُ ويُهَلِّلُ. وعنه، يذْكُرُ ويُصَلِّى على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. وعنه، يدْعُو ويصَلِّى على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. كلُّ ذلك قد ورَد عنه؛ فلذلك قال المُصَنِّفُ: وإنْ أحَبَّ قال غيرَ ذلك.

فائدة: يأْتِى بالذِّكْرِ أيضًا بعدَ التَّكْبيرةِ الأخيرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَيْن. قال المَجْدُ: وهو أصحُّ. قال الزَّرْكَشىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ أبِى الخطَّابِ.

ص: 346

ثُمَّ يَقْرا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِى الأولَىْ بـ «سَبِّح» ، وَفِى الثَّانِيَةِ بِـ «الغَاشِيَةِ» ، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ،

ــ

والوَجْهُ الثَّانِى، لا يأْتِى به. قالَه القاضى، وابنُه أبو الحُسَيْنِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفائقِ» . قال فى «الرِّعايَة الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن»: ويقولُه فى وَجْهٍ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُغْنِى» وغيرِه؛ لأنَّهم قالوا: يأْتِى بالذِّكْرِ بينَ كلِّ تَكْبيرَتَيْن. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَة الكُبْرى» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» .

قوله: ثم يَقْرأُ بَعْدَ الفاتحةِ فى الأُولى بـ «سَبِّح» ، وفى الثَّانيةِ بـ «الغاشية» هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يقْرأُ فى الأُولَى بـ «ق» ، وفى الثَّانيةِ بـ «اقْتَرَبَت» . اخْتارَهَا

ص: 347

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الآجُرِّىُّ. وعنه، يقْرَأُ فى الثَّانيةِ بالفَجْرِ. وعنه، لا تَوقيتَ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ.

ص: 348

وَيَكُونُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ فِى الرَّكْعَتَيْنِ. وَعَنْهُ، يُوَالِى بَيْنَ الْقرَاءَتَيْنِ.

ــ

قوله: ويكونُ بعدَ التَّكْبيرِ. يعْنِى، القِراءةُ تكونُ بعدَ التَّكْبيرِ فىَ الرَّكْعَتَيْن. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَروه. وعنه، يوالِى بينَ

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القِراءَتَيْن. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. فتكونُ القِراءةُ فى الرَّكْعَةِ الثَّاْنيةِ عَقِبَ القيامِ. وعنه، يُخَيَّرُ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه.

ص: 350

فَإِذَا سَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ، يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، يَسْتَفْتِحُ الأُولَى بِتِسْعِ تَكبِيرَاتٍ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، يَحُثُّهُمْ فِى خُطْبَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ، وَيُرَغِّبُهُمْ فِى الأُضْحِيَةِ فِى الْأَضْحَى، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ حُكْمَ الأُضْحِيَةِ.

ــ

تنبيه: قوله: فإذا سلَّم خطَب خُطْبَتَيْن، يَجْلِسُ بينَهما. صرح بأنَّ الخُطْبَةَ بعدَ الصَّلاةِ. وهو كذلك. فلو خطَب قبلَها لم يعْتَدَّ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر المَجْدُ قولَ أكثرِ العُلَماءِ. وذكَر أبو المَعالِى وَجْهَيْن.

فائدة: خُطْبَةُ العيدَيْن فى أحْكامِها، كخُطْبَةِ الجُمُعَةِ فى أحْكامِها، غيرَ التَّكْبيرِ مع الخَطيبِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن»: على الأصحِّ. زادَ فى «الرِّعايَةِ» ، وقدّمه فى «الفائقِ» حتى فى أحْكامِ الكلامِ، على الأصحِّ. حتى قال الإِمامُ أحمدُ: إذا لم يسْمَعِ الخَطيبَ فى

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العيدِ، إنْ شاءَ رَدَّ السَّلَامَ وشَمَّتَ العاطِسَ، وإنْ شاءَ لم يفْعَلْ. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن» ، إلَّا فى الكلامِ. قال ابنُ تَميمٍ: وهى فى الإنْصاتِ والمَنْع مِنَ الكَلامِ، كخُطةِ الجُمُعَةِ. نصَّ عليه. وعنه، لا بأْسَ بالكلامِ فيهما بخِلافِ الجُمُعَةِ. وأطْلقَهما فى «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: فى تَحْريمِ الكلامِ رِوايتَان، إمَّا كالجُمُعَةِ، أو لأنَّ خُطْبَتَها مَقامُ رَكْعَتَيْن، بخِلافِ العيدِ. واسْتَثْنَى جماعةٌ مِنَ الأصحابِ أنَّها تُفارِقُ الجُمُعَةَ فى الطَّهارةِ، واتِّحادِ الإِمامِ والقِيامِ،

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجَلْسَةِ بينَ الخُطْبَتَيْن، والعدَدِ؛ لكَوْنِها سُنَّةً لا شرْطًا للصَّلاةِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن»: وتُفارِقُ خُبطْةُ العيدِ خُبطةَ الجُمُعَةِ فى سِتَّةِ أشْياءَ؛ فلا تجِبُ هنا الطَّهارَةُ، ولا اتِّحادُ الإِمامِ، ولا القِيامُ، ولا الجَلْسَةُ هنا، قولًا واحدًا بخِلافِ الجُمُعَةِ فى وَجْهٍ. ولا يُعْتَبَرُ لها العدَدُ، وإنِ اعْتَبَرْناه للصَّلاةِ، بخِلافِ الجُمُعَةِ. ولا يجْلِسُ عَقيبَ صُعودِه للخُطةِ فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لعدَمِ انْتِظارِ فَراغِ الأذانِ هنا. انتهى. واسْتثْنَى ابنُ تَميمٍ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، و «الحَواشِى» ، الأرْبَعَةَ الأُوَلَ. وأطْلقَ ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الكُبْرى» وَجْهَيْن فى اعْتِبارِ العدَدِ للخُطةِ، إنِ اعْتَبَرْناه فى الصَّلاةِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجْلِسُ إذا صَعِدَ المِنْبَرَ ليسْتَريحَ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الكافِى» . و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ،

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الرِّعايتَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. قال ابنُ تميمٍ: المنْصوصُ أنَّه يجْلِسُ. صحَّحه فى «الفُصولِ» . قال المَجْدُ: الأظْهَرُ أنَّه يجْلِسُ ليسْتريحَ ويتَرادَّ نفَسَه إليه. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقيل: لا يجْلِسُ. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن» . قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وقال المَجْدُ أيضًا: ويُفارِقُها أيضًا فى تأخيرِها عنِ الصَّلاةِ، واسْتِفْتاحِها بالتَّكْبيرِ، وبَيانِ الفطْرَةِ والأُضْحِيَةِ، وأنَّه لا يجِبُ الإنْصاتُ لها، بل يُسْتحَبُّ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: إذا اسْتَقْبَلَهم سلَّم وأوْمَأ بيَدِه.

قوله: يستفْتِحُ الأُولَى بتِسْع تَكبيراتٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ افْتِتاحَها يكونُ بالتَّكبيرِ، وتكونُ التَّكبيراتُ مُتَوالِيَةً نَسَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى: إنْ هلَّل بينَهما أو ذكَر، فحسَن، والنَّسَقُ أوْلَى. وقال فى «الرِّعايَةِ»: جازَ. قال فى «الفُروعِ» : وظاهرُ كلامِ أحمدَ، تكونُ التَّكبيراتُ وهو جالِسٌ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّانِى، يقولُها وهو قائمٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، والعَمَلُ عليه، وهو ظاهرُ كلامِ

ص: 354

وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ، وَالذِّكْرُ بَيْنَهُمَا، وَالْخُطْبَتَانِ، سُنَّةٌ.

ــ

المُصَنِّفِ هنا وغيرِه؛ حيْثُ جعَل التَّكْبيرَ مِنَ الخُطبَةِ. قال فى «الفُروعِ» ، بعدَ ذِكْرِ هذا الوَجْهِ: فلا جَلْسَةَ ليَسْتَرِيح إذا صَعَد؛ لعدَمِ الأذانِ هنا، بخِلافِ الجُمُعَةِ. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفائقِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» . واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، افْتِتاحَ خُطبةِ العيدِ بالحَمْدِ؛ قال: لأنَّه لم يُنْقَلْ عنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه افْتَتَح خُطْبةً بغيرِه وقال صلى الله عليه وسلم:«كلُّ أمْرٍ ذى بالٍ لَا يُبْدأُ فيه بالحَمْدِ للَّهِ، فهو أجْذَمُ» (1) انتهى.

قوله: والثَّانيةَ بسَبْعٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَحَلَّ التَّكْبيرِ فى الخُطْبَةِ الثَّانيةِ فى أوَّلِها، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، مَحَلُّه فى آخِرِها. اخْتارَه القاضى.

فائدة: هذه التَّكبيراتُ التى فى الخُطبةِ الأُولَى والثَّانيةِ، سُنَّة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: شَرْطٌ.

قوله: والتَّكبيراتُ الزَّوائدُ، والذِّكْرُ بينَهما، سُنَّةٌ. يعْنِى، تَكبيراتِ الصَّلاةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، هما شرْطٌ. اخْتارَه الشَّيْخُ أبو الفَرَجِ الشِّيرازِىُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. وقال فى «الرَّوْضَةِ» : إنْ ترك التَّكبيراتِ الزَّوائِدَ عامِدًا، أثِمَ، ولم تبْطلْ، وساهيًا لا يَلْزَمُه سُجودٌ؛ لأنَّه هَيْئَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال ابنُ تَميمٍ وغيرُه: وعلى الأُولَى إنْ ترَكَه سَهْوًا، فهل يُشْرَعُ له السُّجودُ؟ على روايتَيْن.

(1) أخرجه أبو داود، فى: باب الهَدْى فى الكلام، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 560.

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: والخُطْبَتَان سُنَّةٌ. هذا المذهبُ بلا رَيْب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: هما شرْطٌ. ذكَرَه القاضى وغيرُه. قال ابنُ عقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» : هما مِن شَرائطِ صلاةِ العيدِ.

ص: 357

وَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَا بَعْدَهَا فِى مَوْضِعِهَا.

ــ

قوله: ولا يَتَنَفَّلُ قبل الصَّلاةِ، ولا بعدَها فى مَوْضِعِها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ،

ص: 358

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كراهَةُ التَّنَفُّلِ قبلَ صلاةِ العيدِ وبعدَها فى مَوْضِعِها. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: هذا المذهبُ. وكذا قال فى «النُّكَتِ» . وقال: هذا مَعْنَى كلامِ أكثرِ الأصحابِ. انتهى. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. ونصَّ عليه. ونقَل الجَماعَةُ عنِ

ص: 359

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإِمامِ أحمدَ، لا يصَلِّى. وقال فى «المُوجزِ»: لا يجوزُ. وقال صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، وابنُ رَزِين، وغيرُهما: لا يُسَنُّ. وقال فى «النَّصِيحَةِ» : لا ينْبَغِى. وقدَّم فى «الفُروعِ» أنَّ ترْكَه أوْلَى. وقيل: يصَلِّى تحيَّةَ المَسْجدِ. اخْتارَه أبو الفَرَجِ. وجزَم به فى «الغُنْيَةِ» . قال فى «الفُروعِ» : وهو أظْهَرُ. ورجَّحه فى «النُّكَتِ» . ونصُّه، لا يصَلِّيها. وقيل: تجوزُ التَّحيَّةُ قبلَ صلاةِ العيدِ لا بعدَها. وهو احْتِمالٌ لابنِ الجَوْزِىِّ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» : والأظْهَرُ عندِى، يأْتِى بتَحيَّةِ المَسْجدِ قبلَها. قال فى «الفائقِ»: فلو أدْرَك الإِمامَ يخْطُبُ وهو فى المَسْجدِ، لم يُصَلِّ التَّحِيَّةَ عندَ القاضى. وخالَفَه الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّف.

ص: 360

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلتُ: وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه» . وقال فى «المُحَرَّرِ» : ولا سُنَّةَ لصَلاةِ العيدِ قبلَها ولا بعدَها. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال.

تنبيه: ظاهرُ قولِه: فى مَوْضِعِها. جوازُ فعْلِها فى غيرِ مَوْضِعِها مِن غيرِ كراهَةٍ.

ص: 361

وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَام الْإِمَامِ، صَلَّى مَا فَاتَهُ عَلَى صِفَتِهِ،

ــ

وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: لا ينْبَغِى أنْ يصلِّىَ قبلَها ولا بعدها حتى تَزُولَ الشَّمْسُ، لا فى بيْتِه ولا فى طَريِقه، اتِّبَاعًا للسُّنَّةِ والجماعةِ مِنَ الصَّحابةِ. وهو قولُ أحمدَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.

فائدة: كَرِهَ الإِمامُ أحمْدُ قَضاءَ الفائتَةِ فى مَوضع صلاةِ العيدِ فى هذا الوَقْتِ؛ لئَلَّا يُقْتَدَى به.

قوله: ومَن كبَّر قبلَ سَلامِ الإِمامِ، صلَّى ما فاتَه على صِفَتِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضى: هو كَمن فاتَتْه الجُمُعَةُ، لا فرْقَ

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى التَّحْقيقِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد نصَّ أحمدُ على الفرْقِ فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ. فيَمْتَنِعُ الإِلْحاقُ. وقال القاضى أيضًا: يصَلِّى أرْبعًا، إذا قُلْنا: يقْضِى مَن فاتَتْه الصلاةُ أربْعًا.

فوائد؛ إحْداها، يكَبِّرُ المَسْبوقُ فى القَضاءِ بمذهبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بمذهبِ إمامِه. الثَّانيةُ، لو أدْرَكَ الإِمامَ قائمًا، بعدَ فَراغِه مِنَ التَّكْبيراتِ أو بعضِها، أو ذكَرَها قبلَ الرُّكوعِ، لم يأْتِ بها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه فى المَسْبوقِ، وكما لو أدْرَكَه راكِعًا. نصَّ عليه. قال جماعةٌ: كالقِراءَةِ وأوْلَى؛ لأنَّها رُكْنٌ. قال الأصحابُ: أو ذَكَرَه فيه. وقيل: يأْتِى به. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وعن أحمدَ: إنْ سَمِع قِراءَةَ الإِمامِ لم يكَبِّرْ، وإلَّا كبَّرَ. قال ابنُ تَميمٍ: واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. الثَّالثةُ: لو نَسِىَ التَّكْبيرَ حتى ركَع، سقَط، ولا يأْتِى به فى رُكوعِه، وإنْ ذكَرَه قبلَ الرُّكوعِ فى القِراءةِ أو بعدَها، لم يأْتِ به. على أصحِّ الوَجْهَيْن، كما تقدَّم. فإنْ كان قد فرَغ مِنَ

ص: 363

وَإنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ، اسْتُحِبَّ لَهُ أنْ يَقْضِيَهَا عَلَى صِفَتِهَا. وَعَنْهُ، يَقْضِيهَا أَرْبَعًا. وَعَنْهُ، أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ.

ــ

القِراءةِ، لم يُعِدْها، وإنْ كان فيها أَتَى به، ثم اسْتَأْنفَ القِراءَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: لا يَسْتَأْنِفُ إنْ كان يسِيرًا. وأطْلقَه القاضى وغيرُه.

قوله: وإنْ فاتَتْه الصَّلاةُ، اسْتُحِبَّ له أنْ يَقْضيها. يعْنِى متى شاءَ، قبلَ الزَّوالِ وبعدَه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يقْضيها قبلَ الزَّوالِ، وإلَّا قضاها مِنَ الغَدِ.

قوله: على صِفَتِها. هذا المذهبُ. اخْتارَه الجُوزجانِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المَحَرَّرِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، و «النِّهايَةِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. قال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن» : هذا أشْهَرُ الرِّواياتِ. وعنه، يقْضِيها أرْبَعًا بلا تكْبيرٍ، ويكونُ بسَلامٍ. قال فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ»: كالظُّهْرِ.

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعنه، يقْضِيها أرْبعًا بلا تكْبيرٍ أيضًا، بسَلامٍ أو سلَامَيْن. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه المشْهورةُ مِنَ الرِّواياتِ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافاتِهم» . وأبو بَكْرٍ فيما حَكاه عنه القاضى والشَّرِيفُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . وجزَم به ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ» . وعنه، يُخَيَّرُ بينَ رَكْعَتَيْن وأرْبَعٍ. وعنه، يُخَيَّرُ فى الركعَتَيْن بينَ التَّكْبيرِ وترْكِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُخَيَّرُ بينَ رَكْعَتَيْن بتَكْبيرٍ، وغيرِه. وقيل: بل كالفَجْرِ. وبينَ أرْبَعٍ بسَلامٍ أو سَلامَيْن، وبينَ التَّكْبيرِ الزَّائدِ. وعنه، لا يُكَبِّرُ المُنْفَرِدُ. وعنه، ولا غيرُه. بل

ص: 365

وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ فى لَيْلَتَى الْعِيدَيْنِ،

ــ

يصَلِّى رَكْعَتَيْن كالنَّافلةِ. وخيَّرَه فى «المُغْنِى» (1) بينَ الصَّلاةِ أرْبعًا، إمَّا بسَلامٍ واحدٍ، وإمَّا بسَلامَيْن، وبينَ الصَّلاةِ رَكْعَتَيْن، كصَلاةِ التَّطَوُّعِ، وبينَ الصَّلاةِ على صِفَتِها. وقال فى «العُمْدَةِ»: فإنْ أحبَّ صلَّاها تَطَوُّعًا، إنْ شاءَ رَكْعَتَيْن، وإنْ شاءَ أرْبعًا، وإنْ شاءَ صلَّاها على صِفَتِها. وقال فى «الإِفاداتِ»: قَضاها على صِفَتِها، أو أرْبَعًا سَرْدًا أو بسَلامَيْن. وأطْلقَ رِوايَةً؛ القَضاءَ على صِفَتِها، أو أرْبَعًا، أو التَّخْيِيرَ بينَ أرْبَع ورَكْعَتَيْن، فى «الجامِع الصَّغِير» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «الإِيضاحِ» ، و «الفُصولِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكافِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرِهم.

فائدة: لو خرَج وَقْتُها ولم يصَلِّها، فحُكْمُها حُكْمُ السُّنَنِ الرَّواتبِ فى القَضاءِ. قالَه الأصحابُ. قال فى «الفُصولِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ أنْ يجْمَعَ أهْلَه ويُصلِّيها جماعةً. فعَله أنَسٌ.

قوله: ويُسَنُّ التَّكْبيرُ فى لَيْلَتَى العيدَيْن. أمَّا ليْلَةُ عيدِ الفِطْرِ، فيُسَنُّ التَّكْبيرُ فيها

(1) انظر: المغنى 3/ 284، 285.

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بلا نِزاعٍ أعَلَمُه. ونصَّ عليه. ويُسْتَحَبُّ أيضًا أنْ يكَبِّرَ مِنَ الخُروجِ إليها إلى فَراغِ الخُطْبَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ مِنهم القاضى وأصحابُه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، إلى خُروجِ الإِمامِ الي صلاةِ العيدِ. وقيل: إلى سَلامِه. وعنه، إلى وُصولِ المُصلِّى إلى المصلَّى، وإنْ لم يخرُجِ الإِمامُ.

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، لا يُسَنُّ التَّكْبيرُ عَقيبَ المَكْتُوباتِ الثَّلاثِ فى ليْلَةِ عيدِ الفِطْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ولا يُكَبِّرُ عَقيبَ المَكْتوبَةِ فى الأشْهَرِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. واخْتارَه القاضى، وغيرُه. وقيل: يُكَبِّرُ عَقيبَها. وهو وَجْهٌ ذكَره ابنُ حامِدٍ، وغيرُه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «الحاوِيَيْن» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» . قال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وهو عَقيبُ الفَرائضِ، أشدُّ اسْتِحْبابًا. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . الثَّانيةُ، يجْهَرُ بالتَّكْبيرِ فى الخُروجِ إلى المُصلَّى فى عيدِ الفِطْرِ خاصَّةً. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وعنه، يُظهِرُه فى الأضْحَى

ص: 368

وَفِى الْأَضْحَى، يُكَبِّرُ عَقِيبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ فى جَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُكَبِّرُ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ، مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ،

ــ

أيضًا. جزَم به فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، ونصَره. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ» ، فقال فيه: ويكَبر فى خُروجِه إلى المُصلَّى. وأمَّا التَّكْبيرُ فى ليْلَةِ عيدِ الأضْحَى، فيُسَنُّ فيها التَّكْبيرُ المُطْلَقُ بلا نِزاعٍ. وفى العَشْرِ كلِّه لا غيرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُسَنُّ المُطقُ مِن أوَّلِ العَشْرِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشْريقِ. جزَم به فى «الغُنْيَةِ» ، و «الكافِى» ، وغيرِهما.

فائدتان؛ إحْداهما، قال الإِمامُ أحمدُ: يرْفَعُ صوْتَه بالتَّكْبيرِ. الثَّانيةُ، التَّكْبيرُ فى ليْلَةِ الفِطْرِ آكَدُ مِنَ التَّكْبيرِ فى ليْلَةِ الأضْحَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ» ، أنَّ التَّكْبيرَ فى عيدِ الأضْحَى آكَدُ، ونَصَره بأدِلَّةٍ كثيرةٍ. وقال فى «النُّكَتِ»: التَّكْبيرُ ليْلَةَ الفِطْرِ آكَدُ، مِن جِهَةِ أمْرِ اللَّهِ به، والتَّكْبيرُ فى عيدِ النَّحْرِ آكَدُ، مِن جِهَةِ أنَّه يُشْرَعُ أدْبارَ الصَّلَواتِ، وأنَّه مُتَّفَقٌ عليه.

قوله: وفى الأضْحى، يُكَبِّرُ عَقِيبَ كلِّ فَريضَةٍ فى جَماعَةٍ. هذا المذهبُ. يعنى، أنَّه لا يُكَبِّرُ إلَّا إذا كان فى جماعةٍ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه الخِرَقِىُّ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحَواشِى» ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ رَزِينٍ. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال: هو المشْهورُ عن

ص: 369

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحمدَ. قال فى «مَجمَعِ البَحْرَيْن» : هذا أقْوَى الرِّوايتَيْن. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» : على الأظْهَرِ. قاك الزَّرْكَشِىُّ: المشْهورُ أنَّه لا يكَبِّرُ وحدَه. وهى اخْتِيارُ أبى حَفْصِ، والقاضى، وعامَّةِ أصحابه. انتهى. وعنه، أنَّه يُكَبِّرُ، وإنْ كان وحدَه. قال فى «الإِفاداتِ»: ويكَبِّرُ بعدَ الفَرْضِ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «البُلْغَةِ» ، وظاهرُ كلامِ ابن أبى مُوسى. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» . وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ،

ص: 371

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُحَرَّرِ» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» .

تنبيهُ: مفهومُ قوله: عَقيبَ كلِّ فريضَةٍ. أنَّه لا يكَبِّرُ عَقيبَ النَّوافلِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ،

ص: 372

إِلَّا الْمُحْرِمَ، فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ.

ــ

وغيرِه: لا يكَبِّرُ، رِوايةً واحدةً. وقال الآجُرِّىُّ مِن أئمَّةِ أصحابِنا: يكَبِّرُ عَقِيبَها.

قوله: مِن صَلاةِ الفَجْرِ يومَ عَرَفَةَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، هو كالمُحْرِمِ، على ما يأْتِى. وعنه، يكَبِّرُ مِن صلاةِ الفَجْرِ يومَ النَّحْرِ.

قوله: إلَّا المُحْرِمَ، فإنَّه يُكَبِّرُ مِن صَلاةِ الظُّهْرِ يومَ النَّحْرِ. وَآخِرُه كالمُحِلِّ؛ وهو إلى العَصْرِ مِن آخِرِ أيَّامِ التَّشْريقِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِن المُفْرَداتِ. وعنه، ينْتَهِى تكْبيرُ المُحْرِمِ صُبْحَ آخرِ أيَّامِ التَّشْريقِ. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. وأمَّا المُحِلُّ، فلا أعلمُ فيه نِزاعًا، أنَّ آخِرَه إلى العَصْرِ مِن آخرِ أيَّامِ التَّشْريقِ.

ص: 373

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ: لو رمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ قبلَ الفَجْرِ، فمَفْهومُ كلامِ أصحابِنا، يقْتَضِى أنَّه لا فَرْقَ، حمْلًا على الغالِبِ. والمنْصوصُ فى رِوايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّه يبْدَأْ بالتَّكْبيرِ ثم يُلَبِّى؛ إذِ التَّلْبِيَةُ قد خرَج وقْتُها المُسْتَحَبُّ، وهو الرَّمْىُ ضُحًى، فلذلك قدَّم التَّكْبيرَ عليها. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها.

فوائد؛ الأُولَى، يُكَبِّرُ الإِمامُ إذا سلَّم مِنَ الصَّلاةِ، وهو مُسْتَقْبلَ القِبْلةِ. على ظاهرِ ما نقَل ابنُ القاسِمِ عنه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ فى المذهبِ، أنَّه يكَبِّرُ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هو الأظْهَرُ. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» . وقدَّمه ابنُ تَميم، و «الحَواشِى». وقيل: يُخَيَّرُ بينَهما. وهو احْتِمالٌ فى «الشَّرْحِ» . وقيل: يكَبِّرُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، ويكَبِّرُ أيضًا مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ. الثَّانية، لو قضَى صلاةً مكْتُوبةً فى أيَّامِ التَّكْبيرِ، والمَقْضِيَّةُ مِن غيرِ أيَّامِ التَّكْبيرِ، كبَّرَ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ،

ص: 374

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، وابنُ رَزِينِ فى «شَرْحِه» . وعنه، لا يُكَبِّرُ. قال المَجْدُ: الأقْوَى عندِى أنَّه لا يكَبِّرُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وجزَم به فى «الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن». قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إليه. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . ولو قَضاها فى أيَّامِ التَّكْبيرِ، والمَقْضِيَّةُ مِن أيَّامِ التَّكْبيرِ أيضًا، كبَّر لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى» ، و «المُغنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقيَّدَه بأن يقْضِيَهَا فى تلك السَّنَةِ. وكَذا فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال: وقيل: مَن فاتَتْه صلاةٌ مِن أيَّامِ التَّشْريقِ، فقَضاها فيها، فهى كالمُؤَدَّاةِ فى أيَّامِ التَّشْريقِ فى التَّكْبيرِ وعدَمِه. وقال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: حُكْمُها حُكْمُ المُؤَدَّاةِ فى التَّكْبيرِ؛ لأنَّها صلاةٌ فى أيَّامِ التَّشْريقِ. وقال فى «الفُروعِ» : يكَبِّرُ. وقيل: حُكْمِ المَقْضِىِّ كالصَّلاةِ. وقيل:

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا؛ لأنَّه تعْظِيمٌ للزَّمانِ. انتهى. ولو قَضاها بعدَ أيَّامِ التَّكْبيرِ، لم يُكَبِّرْ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكْثَرُ؛ لأنَّها سُنَّةٌ فاتَ محَلُّها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هذا التَّعْليلُ باطِلٌ بالسُّنَنِ الرَّواتِبِ، فإنَّها تُقْضَى مع الفَرائضِ أشْبَهَ التَّلْبِيَةَ. وقال ابنُ تَميمٍ: وإنْ قَضاها فى غيرِها، فهل يُكَبِّرُ؟ على وَجْهَيْن. الثَّالثةُ، تكَبِّرُ المرأةُ كالرَّجُلِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، مع الرِّجالِ ومُنْفَردَةً، لكنْ لا تجْهَرُ به، وتأْتِى به كالذِّكْرِ عَقيبَ الصَّلاةِ. وعنه، لا تُكَبِّرُ كالأَذانِ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، تُكَبِّرْ تَبَعًا للرِّجالِ فقط، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. قال فى «النُّكَتِ»: هذا المشهورُ. وفى تكْبيرِها إذا لم تُصَلِّ معهم رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقال فى «التَّرْغِيبِ»: هل يُسَنُّ لها التَّكْبيرُ؟ فيه رِوايَتان. الرَّابعةُ، المسافِرُ كالمُقيمِ فيما ذكَرْنا.

ص: 376

وَإنْ نَسِىَ التَّكْبِيرَ قَضَاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، أوْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسجِدِ.

ــ

قوله: وإنْ نَسْىَ التكْبيرَ قَضاه. وهذا بلا نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، فيَقْضِيه فى المَكانِ الذى صلَّى فيه، فإنْ قامَ منه أو ذهَب، عادَ وجلَس وقَضاة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: جلَس جِلْسَةَ التَّشَهُّدِ. وقيل: له قَضاؤُه ماشِيًا. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ» .

قوله: ما لم يُحْدِثْ، أو يَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ. فإذا أحْدَث، أو خَرج مِنَ المسجدِ، لم يُكَبِّرْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «المُغْنِى». وقيل: يُكَبِّرُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» : وهو الصَّحيحُ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال فى «الكافِى»: فإنْ أحْدَث قبلَ التَّكْبيرِ، لم يكَبِّرْ، وإنْ نَسِىَ التَّكْبيرَ، اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وكبَّر، ما لم يخْرُجْ مِنَ المسجدِ. انتهى. وقيل: إنْ نَسِيَه حتى خرَج مِنَ المسجدِ، كبَّر. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ» . وزادَ، وإنْ بَعُدَ.

تنبيهان؛ أحدُهمما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يكَبِّرُ إذا لم يُحْدِثْ، ولم يخْرُجْ

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنَ المَسْجدِ ولو تكلَّم. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يكَبِّرُ إذا تكلَّم. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلقَهما فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» . الثَّانِى، ظاهرُ كلامِه أيضًا، أنَّه يكَبِّرُ إذا لم يُحْدِثْ، ولم يخْرُجْ مِنَ المسْجدِ ولو طالَ الفَصْلُ. وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحاب. قالَه فى «الفُروعِ» ، وجعَل القوْلَ به تَوْجيهَ احْتِمالٍ وتخْريجٍ مِن عندِه. قلتُ: هذه المَسْأَلَةُ تُشْبِهُ ما إذا نَسِىَ سُجودَ السَّهْوِ قبلَ السَّلامِ، فإنَّ لَنا قوْلًا يقْضِيه، ولو طالَ الفَصْلُ وخرَج مِنَ المَسْجدِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، تقدَّم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يقْضِية إذا طالَ الفَصْلُ، سواءٌ خرَج مِنَ المَسْجدِ أو لا. وقطَع به أكثرُ الأصحابِ.

فائدة: يكَبِّرُ المأْمومُ إذا نَسِيَه الإِمامُ، ويكَبِّرُ المَسْبوقُ إذا كمَّل، وسلَّم. نصَّ عليه. ويكَبِّرُ مَن لم يَرْمِ جَمْرَةَ العَقَبَةِ ثم يُلبِّى. نصَّ عليه.

ص: 378

وَفِى التَّكْبِيرِ عَقِيبَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَجْهَانِ.

ــ

قوله: وفى التَّكْبيرِ عَقيبَ صَلاةِ العيدَيْن وجْهان. وكذا فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الشَّرْحِ» وغيرِهم. وحكَى كثيرٌ مِنَ الأصحابِ الخِلافَ رِوايتَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفى التَّكْبيرِ بعدَ صلاةِ العِيدَيْن رِوايَتَان. وقيل: وفيه بعدَ صلاةِ الأضْحَى وَجْهان. وقال ابنُ تَميم، والزَّرْكَشِىُّ: وفى التَّكْبيرِ عَقيبَ صلاةِ عيدِ الأضْحَى وَجْهان. وحكَى فى «التَّلْخيصِ» ، فى التَّكْبيرِ عَقِيبَ صلاةِ العيدِ، رِوايتَيْن. وقال فى «النُّكَتِ» ، عن كلامِ «المُحَرَّرِ»: سياقُ كلامِه، فى عيدِ الأضْحَى. وهو صحيحٌ؛ لأنَّ عيدَ الفِطْرِ ليس فيه تَكْبيرٌ مُقَيَّدٌ. وكذا قطَع المَجْدُ فى «شَرْحِه» . ولَنا وَجْهٌ؛ أنَّ فى عيدِ الفِطْرِ تكْبيرًا مُقَيَّدًا. فعليه، يُخرَّجُ فى التَّكْبيرِ عَقِيبَ عيدِ الفِطْرِ وَجْهان كالأضْحَى. انتهى. وأطْلقَ الخِلافَ فى «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قال أبو الخَطَّابِ: وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ؛ أحدُهما، لا يكَبِّرُ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يُكَبِّرُ عَقِيبَها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ.

ص: 379

وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ شَفْعًا، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، وللَّهِ الْحَمْدُ.

ــ

وقال: هو أشْبَهُ بالمذهبِ وأحَقُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «الفائقِ» : يكَبَر عَقِيبَ صلاةِ العيدِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الإِفاداتِ» . وقدَّمه ابنُ رَزِيق فى «شَرْحِه» . واخْتارَه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» .

قوله: وصِفَة التَّكْبيرِ شَفْعًا، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِله إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ اللَّه

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أكْبرُ، وللَّهِ الحَمْدُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واسْتَحَبَّ ابنُ هُبَيْرَةَ تَثْلِيثَ التَّكْبيرِ أوَّلًا وآخِرًا.

فائدتان؛ إحْداهما، لا بأْسَ بقولِه لغيرِه بعدَ الفَراغِ مِنَ الخُطْبَةِ: تقَبَّل اللَّهُ مِنَّا ومِنك. نقَله الجماعةُ عنِ الإِمامَ أحمدَ، كالجَوابِ. وقال الإِمامُ أحمدُ أيضًا: لا أبْدَأُ به. وعنه، الكُلُّ حسَنٌ. وعنه، يُكْرَهُ. قيلَ له فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ: تَرَى أنْ تَبْدأَ

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به؟ قال: لا. ونقَل علِىٌّ بنُ سَعيدٍ، ما أحْسنَه! إلَّا أنْ يخافَ الشُّهْرَةَ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: هو فِعْلُ الصَّحابَةِ وقولُ العُلَماءِ. الثَّانيةُ، لا بأْسَ بالتَّعْريفِ بالأمْصارِ عَشِيَّةَ عرَفَةَ. نصَّ عليه. وقال: إنَّما هو دُعاء وذِكْرٌ. وقيل له: تفْعَلُه

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنتَ؟ قال: لا. وعنه، يُسْتَحَبُّ. ذِكَرَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. ولم يَرَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين التَّعْريفَ بغيرِ عَرَفَةَ، وأنَّه لا نِزاعَ فيه بينَ العُلَماءِ، وأنَّه مُنْكَرٌ، وفاعِلُه ضالٌّ.

ص: 383