المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الاستسقاء - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٥

[المرداوي]

الفصل: ‌باب صلاة الاستسقاء

‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ

وَإذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، وَقَحَطَ الْمَطَرُ، فَزِعَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ.

ــ

بابُ صلاةِ الاسْتِسْقاءِ

تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإذا أجْدَبَتِ الأرْضُ، فزِع النَّاسُ إلى الصَّلاةِ. أنَّه إذا خِيفَ مِن جدْبِها، لا يُصَلَّى. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يُصَلَّى.

قوله: وقَحَطَ المَطَرُ. أى احْتَبَسَ القَطْرُ. واعلمْ أنَّه إذا احْتَبَسَ عن قومٍ، صلَّوا بلا نِزَاعٍ، وإنِ احْتبَسَ عن آخَرِين، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يصلِّى لهم

ص: 409

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غيرُ مَن لم يُحْبَسْ عنهم. قطعَ به ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «الإِفاداتِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرُهم. قال ابنُ تَميمٍ: لا يخْتَصُّ بأهْلِ الجَدْبِ. قال فى «الرِّعايتَيْن» : إنِ اسْتَسْقَى مُخْصِبٌ لمُجْدِبٍ، جازَ. وقيل: يُسْتَحَبُّ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» : يُسْتَحَبُّ ذلك. وقيل: لا يصلِّى لهم غيرُهم. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» .

فائدة: لو غارَ ماءُ العُيونِ أو الأنْهارِ، وضرَّ ذلك، اسْتُحِبَّ أنْ يصلُّوا صلاةَ الاسْتِسْقاءِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الرِّعايتَيْن»: اسْتَسْقَوْا على الأقْيَسِ. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وعنه، لا يصلُّون. قال ابنُ عَقِيلٍ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: قال

ص: 410

وَصِفَتُهَا فِى مَوْضِعِهَا وَأحْكَامِهَا، صِفَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ.

ــ

أصحابُنا: لا يصلُّون. وقدَّمه فى «الفائقِ» . وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» . وهما وَجْهان فى «شَرْحِ المَجْدِ» .

قوله: وصفَتُها فى مَوْضِعِها وأحكامها، صِفَةُ صَلاةِ العيدِ. هذا المذهبُ،

ص: 411

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَيْن، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يصلِّى بلا تَكْبِيراتٍ زَوائِدَ، ولا جَهْرٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال أبو إسْحَاقَ البَرْمَكِىُّ: يَحْتَمِلُ أنَّ هذه الرِّوايَةَ قوْلٌ قديمٌ رجَع عنه. وأطْلقَهما فى «الكافِى» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يقْرأُ فى الأُولَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} (1) وفى

(1) سورة نوح 1.

ص: 412

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّانيةِ ما أحَبَّ. وجزَم به فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» . وقال ابنُ رَجبٍ، فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: وإنْ قرَأ بذلك كان حَسَنًا. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنْ يقْرأُ بالشَّمْسِ وضُحَاها، واللَّيْلِ إذا يَغْشَى. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنْ يقْرأ بعدَ الفاتحةِ بما يقْرأُ به فى صلاةِ العيدِ.

فائدتان؛ إحْداهما، لا يصلِّى الاسْتِسْقاءَ وقْتَ نَهْى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، وغيرُهم: بلا خلافٍ. قال ابنُ رَزِينٍ: إجْماعًا. وأطْلَقَ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،

ص: 413

وَإذَا أَرَادَ الإِمَامُ الْخُرُوجَ لَهَا، وَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِى، وَالْخُروجِ مِنَ الْمَظَالِمِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ، وَتَرْكِ التَّشَاحُنَ،

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، وغيرِهم، رِوايتَيْن. وصحَّحوا جوازَ الفِعْلِ. قلتُ: وهو بعيدٌ. والعجَبُ مِن صاحِبِ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» كوْنُه قطَع هنا، بأنَّها لا تصلَّى. وقال: بلا خِلافٍ. وذكَر فى أوْقاتِ النَّهْى رِوايتَيْن. وصحَّح أنَّها تصلَّى. وهو ذُهولٌ منه. وتقدَّم ذلك فى أوْقاتِ النَّهْى. الثَّانيةُ، وقْتُ صلاتِها وقْتُ صلاةِ العيدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بعدَ الزَّوالِ.

قوله: وأمرَهم بالتَّوْبةِ مِنَ المعَاصِى، والخُروجِ مِنَ المظالمِ، والصِّيامِ، والصدَّقَةِ. والتَّوْبَةُ فى كل وَقْتٍ مطْلوبَة شرْعًا، وكذا الخُروجُ مِنَ المَظَالِمِ، لكَنْ

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هنا يتأكَّدُ ذلك. وأمَّا الصَّيامُ والصَّدقَةُ، فَيأْمُرُهم بهما الإِمامُ مِن غيرِ عَدَدٍ فى الصَّوْمِ. كما هو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقالَه جماعةٌ كثيرةٌ مِنَ الأصحابِ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الإِفاداتِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «التَّسْهِيلِ» ، وغيرِهم. وقال ابنُ حامِدٍ: ويُسْتَحَبُّ الخُروجُ صائمًا. وتَبِعَه جماعةٌ. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يكونُ الصَّوْمُ ثلاثَةَ أيَّامٍ، منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الفائقِ» . ولم يذْكُرْ جماعةٌ الصَّوْمَ والصَّدَقَةَ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «النِّهَايَةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرُهم. وذكَر ابنُ تَميم الصَّدَقَةَ، ولم يذْكُرِ الصوْمَ: وذكرَ ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ» الصَّوْمَ، ولم يذْكُرِ الصَّدقَةَ.

فائدة: هل يلْزَمُ الصَّوْمُ بأمْرِ الإمامَ؟ قال فى «الفُروعِ» : ظاهرُ كلامَ الأصحابِ، لا يلْزَمُ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِه: تجِبُ طاعَتُه فى غيرِ المَعْصِيَةِ. وذكَره بعضُهم إجْماعًا. ثم قال صاحِبُ «الفُروعِ» : ولعلَّ المُرادَ فى السياسَةِ والتَّدْبيرِ والأُمورِ المُجْتَهدِ فيها، لا مُطْلَقًا. ولهذا جزَم بعضُهم، تجِبُ فى الطَّاعةِ، وتُسَنُّ فى المَسْنُونِ، وتُكْرَهُ فى المَكْروهِ. وقال فى «الفائقِ» قلتُ: ويأْمُرُهم بصِيامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ فيِجبُ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وأبو المَعالِى، لو نذَر الإِمامُ الاسْتِسْقاءَ مِنَ الجَدْبِ وحدَه، أو هو والنَّاسُ، لَزِمَه فى نفْسِه، وليس له أنْ يُلْزِمَ غيرَه بالخُروجِ معه، وإنْ نذَر غيرُ الإِمامِ، انْعَقَد أيضًا.

ص: 415

وَيَعِدُهُمْ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، وَيَتَنَظَّفُ لَهَا، وَلَا يَتَطَيَّبُ، وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَذَلِّلًا، مُتَضَرِّعًا،

ــ

قوله: ويتنظَّفُ لها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ

ص: 416

وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينَ وَالصَّلَاحِ، وَالشُّيُوخُ، وَيَجُوزُ خُروجُ الصِّبْيَانِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُسْتَحَبُّ.

ــ

منهم. وقيل: لا يَتنظَّفُ، كما أنَّه لا يتَطيَّبُ.

قوله: ويجوزُ خُروجُ الصِّبْيانِ. يعْنِى، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ. فإنْ كان غيرَ مُمَيِّزٍ، جازَ خُروجُه بلا خِلافٍ. وكذلك الطِّفْلُ مِن غيرِ اسْتِحْبابٍ، بلا خِلافٍ فيهما.

ص: 417

وَإنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا، وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ.

ــ

وإنْ كان مُمَيِّزًا، فقدَّم المُصَنِّفُ جوازَ خُروجِه مِن غيرِ اسْتِحْباب. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقال ابنُ حامِدٍ: يُسْتَحَبُّ. وهو المذهب. اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «الكافِى» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ، والآمِدِىُّ، والقاضى، وغيرُهم. قال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: نحن لخُروجِ الصِّبْيانِ والشُّيوخِ أشدُّ اسْتِحْبابًا. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» : هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» .

فوائد؛ منها، يجوزُ خُروجُ العَجائزِ مِن غيرِ اسْتِحْبابٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ. وجعَله ابنُ عَقِيل ظاهِرَ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقيل: يُسْتَحَبُّ خُروجُهُنَّ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» . واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» . ومنها، لا تخرُجُ امْرأةٌ ذاتُ هَيْئَةٍ، ولا شابة؛ لأنَّ القَصْدَ إجابَةُ الدُّعاءِ، وضرَرُها أكثرُ. قال المَجْدُ: يُكْرَهُ. ومنها، يجوزُ إخْراجُ البَهَائمِ مِن غيرِ كراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُكْرَهُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يُسْتَحَبُّ إخْراجُها. ونصَرَاه. ومنها، ما قالَه ابنُ عَقِيل، والآمِدِىُّ: إنَّه يؤْمَرُ سادةُ العَبِيدِ بإِخْراجِ عبيدِهم وإمائِهم، ولا يجِبُ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه مع أمْنِ الفِتْنَةِ.

قوله: وإنْ خرَج أهْلُ الذمَّةِ يُمْنَعُوا، ولم يَخْتَلِطوا بالمُسْلِمين. وهذا بلا

ص: 418

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم لا يُفْرَدُون بيومٍ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ونصَرَه المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا يُفْرَدُ أهلُ الذِّمَّةِ بيوْم فى الأظْهَرِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الإِفاداتِ» . واخْتارَه المَجْدُ، وغيرُه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الحَواشِى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ». قال فى «البُلْغَةِ»: فإنْ خرَج أهلُ الذِّمَّةِ، فَلْيَنْفَرِدوا. قال فى «الوَجيزِ»: وينْفَرِدُ أهلُ الذمَّةِ إنْ خَرَجوا. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» : فإنْ خرَجُوا لم يُمْنَعُوا، وأُمِرُوا بالانْفِرادِ عنِ المُسْلِمين. قال الخِرَقِىُّ: لم يُمْنَعوا، وأُمِرُوا أنْ يكُونوا مُنْفرِدين عنِ المُسْلِمين. فكلام هؤلاءِ يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُهم بالانفِرادِ، عَدَمَ الاخْتِلاطِ. وهو الذى يظْهَرُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُهم، الانْفِرادَ بيوم. وقيل: الأُوْلَى خُروجُهم مُنْفرِدين بيومٍ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» ؛ فقال: وخُروجُهم فى يوم آخَرَ أوْلَى. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لو قال قائلٌ: إنه لا يجوزُ خُروجُهم فى وقْتٍ مُفْرَدٍ. لم يُبْعِدْ؛ لأنَّهم قد يُسْقَون فتُخْشَى الفِتْنَةُ على ضَعَفَةِ المُسْلِمين.

فوائد؛ منها، يُكْرَهُ إخْراجُ أهلِ الذِّمَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وغيرُهم مِنَ العُلَماءِ. وظاهرُ كلامِ أبِى بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ» ، أنَّه لا يُكْرَهُ. وهو قوْل فى «الفُروعِ» . وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ» . ونقَل المَيْمُونِىُّ، يخْرُجون معهم. فأمَّا خُروجُهم مِن تلْقاءِ أنْفُسِهم، فلا يُكَرهُ، قولًا واحدًا. ومنها، حُكْمُ نِسائِهم ورَقِيقِهم وصِبْيانِهم، حُكْمُهم. ذكَرَه الآمِدِىُّ.

ص: 419

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال فى «الفُروعِ» : وفى خُروجِ عَجائزِهم، الخِلافُ. وقال: ولا تخرُجُ شابَّةٌ منهم. بلا خِلافٍ فى المذهبِ. ذكَرَه فى «الفُصولِ» . وجعَل كأهْلِ الذِّمَّةِ كلَّ مَن خالَفَ دِينَ الإسْلامِ فى الجُمْلَةِ. وفنها، يجوزُ التَّوَسُّلُ بالرَّجُلِ الصَّالحِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُسْتَحَبُّ. قال الإِمامُ أحمدُ للمَرُّوذِىِّ: يتَوسَّلُ بالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فى دُعائِه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِه. وجعَله الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ كَمَسْألةِ اليَمينِ به. قال: والتَّوسُّلُ بالإيمانِ به وطاعَتِه ومَحَبَّتِه والصَّلاةِ والسَّلام عليه، وبدُعائِه وشَفاعتِه، ونحوِه ممَّا هو مِن فعْلِه أو أفْعالِ العِبادِ المأْمورِ بها فى حَقِّه، مَشْروعٌ إجْماعًا. وهو مِنَ الوَسِيلةِ المأْمورِ بها فى قولِه تعالى:{اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (1) وقال الإِمامُ أحمدُ، وغيرُه مِنَ العُلَماءِ: فى قوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ:«أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَق» (2). الاسْتِعاذَةُ لا تكونُ بمَخْلُوقٍ.

(1) سورة المائدة 35.

(2)

أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 2/ 290، 375.

ص: 420

فَيُصَلِّى بِهِمْ، ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ،

ــ

قوله: ثم يخْطُبُ خُطْبةً واحِدةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وعنه، يخْطُبُ خُطْبَتَيْن. قال ابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ» (1): اخْتارَها الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ. قلتُ: الخِرَقِىُّ قال: ثم يخْطُبُ. فكلامُه مُحْتَمِلٌ.

فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا صعِد المِنْبَرَ، واسْتقْبَلَ النَّاسَ، يجْلِسُ جَلْسَةَ الاسْتِراحةِ. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يجْلِسُ فى الأصحِّ. وهو ظاهرُ كلامِه. ثم يقومُ يخْطُبُ. انتهى. وقيل: لا يجْلِسُ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ.

(1) 1/ 180.

ص: 421

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهرُ قولِه: فيُصَلِّى بهم، ثم يخْطُبُ. أنَّ الخُطةَ تكونُ بعدَ الصَّلاةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضى فى «رِوايتَيْه» والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ. وعنه، يُخَيَّرُ. اخْتارَها جماعةٌ، منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِى مُوسى، والمَجْدُ. وأطْلَقَهُنَّ فى «المُسْتَوْعِبِ» .

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رحمه الله، بقولِه: ثم يخْطُبُ. أنَّه يخْطُبُ للاسْتِسْقاءِ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم أبو

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَكْرٍ، والقاضى فى «الرِّوايتَيْن» ، والمَجْدُ، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ: هذا المشْهورُ. وقالَهْ الخِرَقِىُّ، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقال القاضى: فحمَل الرِّوايَةَ الأُولَى، وقوْلَ الْخِرقِىِّ على الدُّعاءِ. وعنه، يدْعُو مِن غيرِ خُطْبَةٍ. نَصَره القاضى فى «الخِلافِ» وغيرِه: قال ابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ» : وهو الظَّاهِرُ مِن مذهبِه. وذكَر أيضًا، أنَّه أصحُّ الرِّوايتَيْن. قال ابنُ هُبَيْرَةَ، وصاحِب «الوَسِيلَةِ»: هى المنْصوصُ عليها. قال الزَّرْكَشىُّ هى الأشْهَرُ عن أحمدَ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» .

ص: 423

وَيُكْثِرُ فِيهَا الِاسْتِغْفَارَ، وَقِرَاءَةَ الْآياتِ الَّتِى فِيهَا الْأَمْرُ بِهِ،

ــ

قوله: يفتَتِحُها بالتَّكبيرِ. هذا المذهبُ، وعليه مُعْظمُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: يفْتَتِحُها بالاسْتِغفارِ. وقالَه أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى» . وعنه، يفْتَتِحُها بالحَمْدِ. قالَه القاضى فى «الخِصَالِ» ، واخْتارَه فى «الفائقِ» . وهو

ص: 424

وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:

ــ

ظاهرُ ما اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، كما تقدَّم عنه فى خُطْبةِ العيدِ. قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: وهو الأظْهَرُ.

فائدة: «قوله: ويرْفعُ يدَيْه، فيَدْعو. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ يكونُ ظهورُ يَدَيْه نحوَ

ص: 425

«اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا، غَدَقًا مُجَلِّلًا، سَحًّا عَامًّا، طَبَقًا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّماءِ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْىَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا» .

ــ

السَّماءِ؛ لأنّه دُعاءُ رَهْبَةٍ. ذكَره جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» .

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال ابنُ عَقِيل وجماعة: دُعاءُ الرَّهْبَةِ بظهورِ الأكُفِّ. وذكَر بعضُ الأصحابِ وَجْهًا، أن دُعاءَ الاسْتِسْقاءِ كغيرِه، فى كوْنِه يجْعَلُ بطونَ أصابعِه نحوَ السَّماءِ. وهو ظاهرُ كلامَ كثيرٍ مِنَ الأصحاب. قلتُ: قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . وزادَ، ويُقيمُ إبْهامَهُما فيَدْعو بهما. وقَدَّمه فى «الحَواشِى». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال: صارَ كفُّهما نحوَ السَّماءِ لشِدَّةِ الرَّفْع، لا قصْدًا له، وإنَّما كان

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يوَجِّهُ بطُونَهما مع القَصْدِ، وأنَّه لو كان قصدَه، فغيرُه أوْلَى وأشْهَرُ. قال: ولم يقُلْ أجَدٌ ممَّن يرَى رَفْعَهما فى القُنوتِ: إنَّه يرْفَعُ ظُهورَهما، بل بطُونَهما.

ص: 428

وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فى أثْنَاءِ الْخُطْبَةِ، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ، فَيَجْعَلُ الْأيْمَنَ عَلَى الْأيْسَرِ، وَالْأَيْسَرَ عَلَى الأَيْمَنِ، حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ.

ــ

قوله: ويستَقْبِلُ القِبلَةَ فى أثناء الخطْبَةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «الوَجيزِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرهم. وقيل: لا يسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ إلَّا بعدَ فَراغِه مِنَ الخُطْبةِ. قال فى «المُحَرَّرِ» ،

ص: 429

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفائقِ» ، وغيرِهما: ويسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ فى أثْناءِ دُعائِه. وقال فى «الفُروعِ» : ويَسْتَقبِلُ القِبْلَةَ فى أثْناءِ كلامِه، قيل: بعدَ خُطْبَتِه. وقيل: فيها.

فائدة: قوله: ويُحَوِّلُ رِداءَه. مَحَلَّ التَّحْويلِ، بعدَ اسْتِقْبالِ القِبْلةِ.

ص: 430

وَيَدْعُو سِرًّا حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ:

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 431

اللَّهُمَّ إِنَّكَ أمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدتَّنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَاسْتَجِبْ لَنَا كَمَا وَعَدتَّنَا.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 432

فَإِنْ سُقُوا، وَإلَّا عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا. وَإنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ، شَكَروا اللَّهَ تَعَالَى، وَسَأَلُوة الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

ــ

قوله: وإنْ سُقُوا قبلَ خُروجِهم، شكَروا اللَّهَ تعالى. وتحْريرُ المذهبِ فى ذلك، أنَّهم إنْ كانوا لم يتَأهَّبوا للخُروجِ، لم يصلُّوا، وإنْ كانوا تأهَّبوا للخُروجِ، خرَجوا وصلَّوا شكْرًا للَّهِ، وسأَلُوه المَزِيدَ مِن فضْلِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وغيرهما: وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، وغيرِه. وقيل: يخْرُجون ويدْعُون ولا يصلُّون. وهو ظاهِرُ كلامِ الآمِدِيِّ.

ص: 433

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: يصلُّون ولا يخْرُجون. وهو ظاهِرُ ما فى «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّر»؛ فإنَّهما قالَا: يصلُّون، ولم يتَعَرَّضا للخُروجِ. وقيل: لا يخْرُجون ولا يصلُّوَن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإنْ سُقُوا قبلَ

ص: 434

وَيُنادَى لَهَا: الصَّلَاةَ جَامِعَةً. وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا إِذْنُ الإِمَامِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن.

ــ

خُروجِهم، صلَّوا فى الأصَحِّ، وشَكروا اللَّهَ، وسأَلُوه المزِيدَ مِن فَضْلِه. وقيل: فى خُروجِهم إلى الصَّلاةِ والدُّعاءِ، أو الدُّعاءِ وحدَه، وَجْهان. وقيل: شُكْرُهم له بإدْمانِ الصَّوْمِ والصَّلاةِ والصَّدَقَةِ. انتهى. وإنْ كانوا تَأَهَّبوا للخُروجِ، وخرَجوا، وسُقُوا بعدَ خُروجِهم وقبلَ صَلاِتهم، صلَّوا بلا خِلافٍ أعْلَمُه.

قوله: ويُنادَى لها: الصَّلاةَ جامِعَةً. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقيل: لا يُنادَى لها. وهو ظاهرُ ما قدَّمه ابنُ رَزِينٍ؛ فإنَّه قال: وقيل: يُنادَى لهاَ، الصَّلاةُ جامِعَةٌ. ولا نصَّ فيه. انتهى.

قوله: وهل مِن شَرْطِها إذْنُ الإِمامِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ،

ص: 435

وَيُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ فى أوَّلِ الْمَطرَ، وَيُخْرِجَ رَحْلَهُ وَثِيَابَهُ؛ لِيُصِيبَهَا

ــ

و «عُقودِ ابنِ البَنَّا» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُشْتَرَطُ. وهى المذهبُ. قال فى «الفائقِ»: ولا يُشْتَرَطُ إذْنُ الإِمامِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وعنه، يُشْتَرَطُ إذْنُه فى الصَّلاةِ والخُطْبَةِ، دُونَ الخُروجِ لها والدُّعاءِ. نقَلَها البُرْزَاطِىُّ. وقيل: وإنْ خَرَجوا بلا إذْنِه، صلَّوا ودَعَوا بلا خُطْبَةٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ.

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى اشْتِراطِ إذْنِ الإِمامِ، إذا صلَّوا جماعةً، فأمَّا إنْ صلَّوا فُرادَى، فلا يُشْتَرَطُ إذْنُه، بلا نِزاعٍ.

فائدتان؛ إحْداهما، قال القاضى، وتَبِعَه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: والاسْتسْقاءُ ثلَاثَةُ أضْرُبٍ، أحدُها، الخُروجُ والصَّلاةُ، كما وَصَفْنا. الثَّانى، اسْتِسْقاءُ الإِمام يِوْمَ الجُمُعَةِ على المِنْبَرِ. الثَّالثُ، أنْ يَدْعُوا اللَّهَ عَقِيبَ صَلَواتِهم وفى خَلَواتِهم. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِه: الاسْتِسْقاءُ على ثلَاثَةِ أضْرُبٍ، أكْمَلُها الاسْتِسْقاءُ على ما وَصَفْنا. الثَّانِى يَلِى الأُولَى فى الاسْتِحْبابِ، وهو أنْ يَسْتَسْقوا عَقِيبَ صَلَواتِهم وفى خُطْبَةِ الجُمُعَةِ، فإذا فرَغ، صلَّى الجُمُعَةَ. الثَّالثُ، وهو أقْرَبُها، أنْ يخْرُجَ ويدْعُوَ بغيرِ صلاةٍ. الثّانيةُ، قولُه: ويُسْتحَبُّ أنْ يَقفَ فى أوَّلِ المَطرَ، ويُخرِجَ رَحْلَه وثِيابَه؛ ليُصِيبَها. قال الأصحابُ: ويتَوضَّأُ منه ويغْتَسِلُ. وذكَر الشَّاِرحُ وغيرُه الوُضوءَ فقط.

ص: 436

وَإذَا زَادَتِ الْمِيَاهُ فَخِيفَ مِنْهَا، اسْتُحِبَّ أنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ، وَالْآكَامِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} الْآيَةَ.

ــ

قوله: وإنْ زادَتِ المِياهُ، فَخِيفَ منها، اسْتُحِبَّ أنْ يقولَ. كذا إلى آخرِه.

ص: 438

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المِياهَ إذا زادَتْ وخِيفَ منها، يُسْتَحَبُّ أنْ يقولَ ذلك حَسْبٌ. وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَعوا به. وقيل: يُسْتَحَبُّ مع ذلك صلاةُ الكُسوفِ؛ لأَنَّه ممَّا يخَوِّفُ اللَّهُ به عِبادَه، فاسْتُحِبَّ له صلاةُ الكُسوفِ. كالزَّلْزَلَةِ. وهذا الوَجْهُ اخْتِيارُ الآمِدِىِّ.

فائدة: يحْرُمُ أنْ يقولَ: مُطِرْنَا بنَوْءِ كذا. لمِا ورَد فى «الصَّحِيحَيْن» (1).

ولا يُكْرَهُ أنْ يقولَ: مُطِرْنَا فى نَوْءِ كذا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الآمِدِىُّ: يُكْرَهُ، إلَّا أنْ يقولَ مع ذلك: برَحْمَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى.

(1) أخرجه البخارى، فى: باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم، من كتاب الأذان، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} . . . إلخ، من كتاب الاستسقاء، وفى: باب غزوة الحديبية. . . إلخ، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 1/ 214، 2/ 41، 5/ 155. ومسلم، فى: باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 36، 37. كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى النجوم، من كتاب الطب. سنن أبى داود 2/ 341، 342. والنسائى، فى: باب كراهية الاستمطار بالكوكب، من كتاب الاستسقاء. المجتبى 3/ 133، 134. والإمام مالك، فى: باب الاستمطار بالنجوم، من كتاب الاستسقاء. الموطأ 1/ 192. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 117.

ص: 439