المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌«فصل» في الكلام على ما ينصب ثلاثة مفاعيل - شرح التسهيل = تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد - ق ١ - جـ ٤

[بدر الدين الدماميني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس عشر«باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر»

- ‌«فصل» في المواضع التي تكسر فيها همرزة (إن) أو تفتح

- ‌«فصل»: في الكلام على لام الابتداء الواقعة في هذا الباب، وعلى لامات تزاد في محال مخصوصة

- ‌«فصل»: في الكلام على ما هو ثابت بالوضع لـ (إن) من عدم الإعمال، وما يعرض لها من التخفيف والإعمال والإهمال حينئذ، ودخول لام الفرق، وما يتعلق بذلك، والكلام على (لكن) وتخفيفها، ودخول (ما) الكافة

- ‌«فصل»: في الكلام على شيء من أحوال (أن) المفتوحة و (كأن) و (لعل)

- ‌«فصل»: في التوابع التي تذكر في هذا الباب

- ‌الباب السادس عشر«باب (لا) العاملة عمل (إن)»

- ‌«فصل» في الكلام على بطلان عمل (لا)، وفي فروعٍ تتعلق بها وبتوابع اسمها

- ‌الباب السابع عشر«باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر»

- ‌«فصل»: في/ الكلام على القول وما يتفرع منه من الأفعال وغير ذلك

- ‌«فصل» في الكلام على ما ينصب ثلاثة مفاعيل

- ‌الباب الثامن عشر«باب الفاعل»

- ‌الباب التاسع عشر«باب النائب عن الفاعل»

- ‌«فصل»: في كيفية بناء الفعل لما لم يسم فاعله

- ‌«فصل» فيما يعرض للفاعل وتائبه من وجوب البقاء على الأصل والخروج عنه

- ‌الباب العشرون«باب اشتغال العامل»

الفصل: ‌«فصل» في الكلام على ما ينصب ثلاثة مفاعيل

«فصل» في الكلام على ما ينصب ثلاثة مفاعيل

«تدخل همزة النقل» وهي التي تنقل الفعل عما كان عليه من لزوم وتعدٍ إلى واحد واثنين إلى التعدي [إلى] واحد و [التعدي] إلى اثنين وإلى ثلاثة، فمن ثم سميت:(همزة النقل)، وتسمي أيضاً:(همزة التعدية) لذلك.

«على (علم) ذات المفعولين» احترازاً من (علم) اللازمة، وهي التي مصدرها العلمة، أي: شق الشفة العليا، ومن (علم) ذات المفعول الواحد، وهي التي بمعنى عرف. «و (رأي) أختها» وهي القلبية احترازاً من (رأي) البصرية.

«فينصبان ثلاثة مفاعيل» .

قال الشارح: الأحسن أن يظبط (ثلاثة) بالتنوين لأن؛ (مفاعيل) صفة، ولا يضاف العدد إلى الصفة إلا في الشعر أو قليل من الكلام.

قلت: يرد عليه: (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء)، فإنه جمع شهيد، هو صفة.

فإن قلت: استعمل في الغالب من غير موصوف فأجري مجرى الأسماء.

قلت: وكذا (مفاعيل) جمع لمفعول، وهو عند القوم يستعمل بغير

ص: 208

موصوف)، كما تقول: ينصب المفعول المطلق، والمفعول به، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، ولايحتاج في شيء من ذلك إلى أن يذكر المصوف، فتقول ينصب اللفظ المفعول المطلق، وكذا البقية، فأجريت مجرى الأسماء،

فحكمها حكم (شهداء) من غير فرق. «أولها» [أي] أول المفاعيل الثلاثة هو المفعول «الذي كان» قبل دخول همزة النقل «فاعلاً» كما إذا قلت: علم زيد عمراً فاضلاً، فـ (زيد) في هذا التركيب فاعل، فإذا أتيت بهمزة النقل قلت: أعلمت زيداً عمراً فاضلاُ، فنصبت بالفعل ثلاثة أولها الذي كان فاعلاً وهو زيد في [هذا] المثال.

«ويجوز حذفه» أي: حذف هذا المفعول الأول، نحو: أعلمت فرسك مسرجا، ولا يذكر من أعملته «و» يجوز أيضاً في هذا المفعول [الأول] «الاقتصار عليه» فتقول: أعلمت زيداً، ولا تذكر ما أعلمته. «على الأصح» لأن الفائدة متحققة في الصورتين جميعاً، وهذا الأصح هو مذهب الأكثرين، وثم قولان آخران.

أحدهما: منع الحذف والاقتصار جميعاً، وإليه ذهب أبناء: طاهر وخروف وعصفور، والشلوبين.

ص: 209

وثانيهما: منع الاقتصار عليه، ولكن يجوز الاقتصار على الأخرين، وبنسب هذا القول إلى الفارسي.

«وللثاني وللثالث بعد النقل ما لهما قبله مطلقاً» من جواز حذفهما اختصاراً، ومنع حذف أحدهما اقتصاراً، ومن التقديم والتأخير، وغير ذلك من الأحكام السابقة.

قال الشارح: ومن جملة ما لهما قبل النقل منع حذفهما اقتصاراً، على ما اختاره [المصنف][رحمه الله]، وقد أجاز الاقتصار هنا على الأول وحذف الثاني والثالث.

قلت: كأنه يشير إلى الانتقاد عليه بأنه كان حقه تخصيص هذا العموم بما ذكره، وفي الحقيقة لا اعتراض؛ لأن قوله: فيما تقدم في شأن المفعول: إنه يجوز الاقتصار عليه [مخصص] لهذا العموم بلا شك.

فإن قلت: ما السر في كونه هناك منع حذف المفعولين اقتصاراً، وهنا أجازه؟ .

قلت: لانتفاء سبب المنع هنا، وذلك لأن المانع هناك من الحذف اقتصاراً هو ما يفضي إليه من عدم الفائدة في مثل قولك: علمت، وظلت؛ إذ [لا] يخلو

ص: 210

الإنسان في الأغلب من علم [ما] أو ظن كما سبق، وأما هذا الاقتصار على الأول وترك المفعولين الآخرين محصل للفائدة كما سبق/ فثبت الجواز. «خلافاً لمن منع الإلغاء والتعليق» والصحيح ما ذكره المصنف من الجواز بدليل قول من يوثق بعربيته: البركة أعملنا الله مع الأكابر، فألغي (أعلم) متوسطاً، قول الآخر:

وكيف أبالي بالعدي ووعيدهم وأخشى ملمات الزمان الصوائب وأنت أراني الله أمنع عاصم وأراف مستكفىً وأسمح واهب «وألحق بهما» أي: بـ (أعلم) و (أرى)«سيبويه (نبأ» ) كقول النابغة:

نبئت زرعة- والسفاهة كاسمهاـ يهدي إليّ غرائب الأشعار

ص: 211

«وزاد غيره (أنبأ» ) وممن ذكرها الفارسي والجرحاني، وزعم ابن هشام: أن سيبويه ذكرها أيضاً. «و (خبرً) و (أخبر) و (حدّث» ) فذكر الفراء الأولين في معانيه وشاهدهما قول الشاعر:

وخُبِّرتُ سوداء الغميم مريضة فأقبلت من أهلي بمصر أعودها وقول الآخر:

وما عليك إذا أخبرتني دنفا وغاب بعلك يوماً أن تعوديني؟

ص: 212

وأما (حدّث) فزادها الكوفيون، وممن ذكرها من المتأخرين الزمخشري، وشاهدها قول الحارث اليشكري:

أو منعتم ما تسألون فمن حُدِّثتموه له عليا الولاء

ص: 213

واختار المصنف رحمه الله في الشرح عدم إلحاق (نبّأ) وأخواتها بـ (أعلم)، [قال]: وقد حمل سيبويه على حذف الحرف قول الشاعر:

ونُبئّت عبدالله بالجو أصبحت كراماً مواليها لئاما صميمها

[أي][نبئت عن عبدالله]، مع إمكان إجرائه مجرى (أعلمت) فدل ذلك على أن تقدير الحرف راجح عنده إذ ليس فيه إخراج شيء عن أصله، ولا تضمن شيء معنى شيء [غيره، وأيضاً فإن النصب بحذف حرف الجر بعد (نبأ) مقطوع يثبوته فيما حكى من قول بعض العرب: (نبئت زيداً) مقتصراً عليه، وبعد (أتبأ) في قوله تعالى: {من أنباك هذ}]، ولم يثبت الإجراء محرى (أعلم) إلا حيث يحتمل حذف الحرف، فكان الحمل عليه أولى، هذا في (نبأ) مع كثرة استعمالها بالصورة المختلف فيها، وأما أخواتها فيندر استعمالها بتلك الصورة. انتهى.

ص: 214

واعلم أن من ألحق هذه الأفعال بـ (أعلم) ليس قائلاً يأن الهمزة والتضعيف [فيها] للنقل إذ لم يثبت في لسانهم ما ينقل عنه هذه الأفعال، وإنما هو عنده من باب التضمين، أي أن كلاِّ من تلك الأفعال ضمن [معنى](أعلم) فعومل معاملته.

«وزاد الأخفش (أظن) و (أحسب) و (أخال) و (أزعم) و (أوجد» ). واختاره ابن السراج، ولاسماع يعتمدان عليه، وإنما استندا إلى القياس، وهو ضعيف؛ لأن المتعدي بالهمزة فرع المتعدي بنفسه، وليس في الأفعال متعد بنفسه إلى ثلاثة [فيحمل عليه متعد بالهمزة، وكان مقتضي هذا أن لا تنقل (علم) و (رأى) إلى ثلاثة]، لكن ورد السماع بنقلهما فقبل، ووجب الاقتصار عليه. كذا قال المصنف [رحمه الله].

«وألحق غيرهم (أرى) الحلمية سماعاً» ومنه قوله تعالى: {إذ يريكم الله في منامك قليلا} ، لأنه ثبت أن (رأى) الحلمية تتعدى إلى اثنين،

ص: 215

فجاز تعديتها إلى الثلاثة بهمزة النقل، ومن خالف في تعديها إلى اثنين جعل المنصوب الثاني هناك، والثالث هنا حالاً.

فإن قلت: قد علم حكم (رأى) الحلمية من قول المصنف فيما تقدم: تدخل همزة النقل على (علم) ذات المفعولين و (رأى) أختها)، فلم يكن لذكر ذلك ثانياً فائدة.

قلت: الظاهر أن المراد بـ (رأى أختها) إنما هو (رأى) القلبية كما أسلفناه فهى التي عرفت بمؤاخاتها.

«وما صيغ للمفعوا من ذي ثلاثة» كـ (أُعْلِمَ) المبنيِّ للمجهول في مثل قولك: أعلمت زيداً فاضلاً «فحكمه حكم (ظن» ) في الإلغاء وغيره؛ لأنه صار مثله.

«في الاقتصار على المرفوع» . فإنه ممتنع في (ظن) وأخواتها؛ لعدم الفائدة كما مر، وهنا جائز، فتقول: أعلم زيد؟ لحصول القائدة لما قدمناه، والله [تعالى] أعلم بالصواب.

ص: 216