المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ عَلَى الْمَرِيضِ الْأَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِنَ الْمُسَمَّى، - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٣

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

الفصل: فَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ عَلَى الْمَرِيضِ الْأَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِنَ الْمُسَمَّى،

فَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ عَلَى الْمَرِيضِ الْأَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِنَ الْمُسَمَّى، وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَهَذَا حَيْثُ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهِ وَقَبْلَ فَسْخِهِ، بِدَلِيلِ كَلَامِ الْعُضُونِيِّ.

(ص) وَعَجَّلَ بِالْفَسْخِ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا.

(ش) أَيْ: وَعَجَّلَ بِفَسْخِ نِكَاحِ َالْمَرِيضِ وَقْتَ الْعُثُورِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا، كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا فَلَا يُفْسَخُ وَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا كَانَ خَوْفَ مَوْتِهِ، وَقَدْ بَانَ عَدَمُهُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَمَرَ بِمَحْوِ الْفَسْخِ، وَهِيَ إِحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ.

(ص) وَمَنَعَ نِكَاحَهُ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْأَمَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ لِلْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، أَوِ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ تُعْتَقُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ قَدْ تُسْلِمُ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ، فَيَصِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَقُولُ بِجَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْإِسْلَامَ نَادِرَانِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُرَاعَاةِ الطَّوَارِئِ، اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَلَمَا كَانَ الْحَقُّ فِي الْعَيْبِ وَالْغَرَرِ لِآدَمِيٍّ أَعْقَبَهُ لِمَانِعِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِيهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ عَلَى قَوْلٍ فَقَالَ

(فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ أَسْ‌

‌بَابُ الْخِيَارِ

لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا، وَابْتَدَأَ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ:

(ص) الْخِيَارُ إِنْ لَمْ يَسْبِقِ الْعِلْمُ، أَوْ لَمْ يَرْضَ، أَوْ يَتَلَذَّذْ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يُوجِبُ الْخِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ، فَالطَّارِئُ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُ خِيَارًا إِلَّا مَا اسْتَثْنَى كَمَا يَأْتِي، وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ، أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ مِنْ زَوْجَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ؛ فَإِنْ عَلِمَ السَّلِيمُ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ، وَرَضِيَ بِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ، أَوْ تَلَذَّذَ بَعْدَ عِلْمِهِ، فَلَا خِيَارَ لِلسَّلِيمِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قَوْلِهِ:"أَوْ يَتَلَذَّذُ"؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَمْكِينُهَا عَالِمَةً بِعَيْبِهِ رِضًا.

(ص) وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ.

(ش) يَعْنِي: إِذَا أَرَادَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَهُ بِالْعَيْبِ الَّذِي بِهِ، فَقَالَ الْمَعِيبُ لِلسَّالِمِ: أَنْتَ عَلِمْتَ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَدَخَلْتَ عَلَيْهِ، أَوْ: عَلِمْتَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَرَضِيتَ، أَوْ: تَلَذَّذْتَ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَأَنْكَرَ السَّلِيمُ ذَلِكَ، وَأَرَادَ الْمَعِيبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ أَوِ الرِّضَا أَوِ التَّلَذُّذِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَعِيبُ، وَسَقَطَ الْخِيَارُ، وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَرَ فِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوِ الْمَرِيضَ قَطْعًا فِي مَوْتِ الْمَرِيضِ، وَكَذَا فِي مَوْتِ الزَّوْجِ الصَّحِيحِ، وَعَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَوْتِ الْمَرْأَةِ الصَّحِيحَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ إِحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ)، أَيْ: فَكَانَ مَالِكٌ أَوَّلًا يَحْكُمُ بِالْفَسْخِ، وَلَوْ صَحَّ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ، وَقَالَ: امْحُوا الْفَسْخَ، وَبَنَى بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي فَسَادِ هَذَا النِّكَاحِ، هَلْ هُوَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ أَوْ لِعَقْدِهِ؟

وَالثَّانِيَةُ مِنَ الْمَمْحُوَّاتِ: كَانَ الْإِمَامُ أَوَّلًا يَقُولُ بِنَدْبِ ذَبْحِ الْوَلَدِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا مِنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَبْحِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ دُونَ الْمَمْحُوِّ.

الثَّالِثَةُ: مَنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو زَوْجَتَهُ، فَافْتَكَّ ثِيَابَهَا الْمَرْهُونَةَ، فَقَالَ أَوَّلًا: يَحْنَثُ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ، وَقَالَ: لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي تت، وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَقَالَ: النَّصُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِمَحْوِهِ أَبَى الْإِمَامُ أَنْ يُجِيبَ - أَيْ: بِلَا يَحْنَثُ -، ثُمَّ مَحَلُّ الْحِنْثِ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَأَولَى إِنْ نَوَى عَدَمَ نَفْعِهَا، فَإِنْ نَوَى خُصُوصَ الْكِسْوَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِفَكِّ الْمَرْهُونَةِ.

الرَّابِعَةُ: مَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ، أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ، كَانَ يَقُولُ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ رَجَعَ لِقَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى.

(قَوْلُهُ: وَمَنَعَ نِكَاحَهُ النَّصْرَانِيَّةَ

إِلَخْ) ، هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَلَهُمَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِنَ الْمُسَمَّى، وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى، وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالثُّلُثِ. وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ، وَلَا إِرْثَ لَهُمَا إِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمُتَزَوَّجِ فِيهِ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَعِتْقِهَا، وَأَمَّا إِذَا فَسَخَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا سَمَّى لَهُمَا أَوْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ صَدَاقُهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَنْعَ فِيهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ) ، فَالْجَامِعُ أَنَّ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ، وَقَوْلُهُ:"عَلَى قَوْلٍ"، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ لِعَقْدِهِ، فَقَدْ قَالَ بَهْرَامٌ: هَلْ فَسَادُ هَذَا النِّكَاحِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ أَوْ لِعَقْدٍ؟ أَيْ لِذَاتِهِ، أَيْ: فَسَادُهُ لِذَاتِهِ، فَعَلَيْهِ وَلَوْ أَذِنَ الْوَارِثُ يُمْنَعُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَيَجُوزُ عِنْدَ إِذْنِ الْوَارِثِ، تَأَمَّلْ.

[بَاب الْخِيَارِ]

(بَابُ الْخِيَارِ) ، عَرَّفَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِأَنَّهُ تَمْكِينُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ لِكَعَيْبٍ يَظْهَرُ تَغْلُبُ السَّلَامَةُ مِنْهُ عَادَةً، وَقُلْتُ لِكَعَيْبٍ؛ لِيَشْمَلَ الْغُرُورَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوِ الْإِسْلَامِ، اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَرْضَ)، أَيْ: صَرِيحًا أَوِ الْتِزَامًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ)، أَيْ: عِلْمٌ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ النُّحَاةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَطْفَ بِـ"أَوْ" بَعْدَ النَّفْيِ يُفِيدُ الْعُمُومَ، أَيْ: يَكُونُ نَفْيًا لِلْمَنْفِيَّاتِ كُلِّهَا لَا أَحَدِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] .

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ: إِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ، وَادَّعَى حُصُولَ نِسْيَانٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَوْ قَبْلَ التَّلَذُّذِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَلَا يُقْبَلْ مِنْهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ زَوْجَةُ الْمُعْتَرِضِ إِذَا اطَّلَعَتْ عَلَى عَيْبِهِ حَالَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ؛ حَيْثُ رَجَتِ الْبُرْءَ، فَلَهَا الْقِيَامُ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَا رَجَتْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ)، أَيْ: بَعْدَ الْعَقْدِ

إِلَخْ، إِلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ يَكُونَ رَضِيَ، وَلَمْ يَتَلَذَّذْ إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّ التَّلَذُّذَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: تَمْكِينُهَا

إِلَخْ) ظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطَأْ، وَالْمَدَارُ عَلَى التَّمْكِينِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ مَا يُفِيدُهُ.

(قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَا)، الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَ، أَيِ: الْمَعِيبُ بَعْدَ نُكُولِ السَّلِيمِ، وَقَوْلُهُ:"قَالَ: بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا"، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلسَّلِيمِ الْخِيَارُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ.

ص: 235

نَصًّا، ثُمَّ إِنَّ الضَّمِيرَ فِي "حَلَفَ" يَرْجِعُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّامِلِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رُجُوعِهِ لِلسَّلِيمِ؛ إِذْ قَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ عَلَى نَفْيِهِ مَعَ رُجُوعِهِ لِمُتَعَدِّدٍ؛ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِـ"أَوْ"، وَتُرَدُّ الْيَمِينُ إِنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَإِلَّا فَلَا تُرَدُّ، وَحَاصِلُ الْعُيُوبِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، أَرْبَعَةٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ؛ وَهِيَ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، والْعِذْيَوْطَةُ. وَأَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ؛ وَهِيَ: الْخِصَاءُ، وَالْجَبُّ، وَالْعُنَّةُ، وَالِاعْتِرَاضُ. وَخَمْسَةٌ خَاصَّةٌ بِالْمَرْأَةِ؛ وَهِيَ: الْقَرْنُ، وَالرَّتَقُ، وَالْبَخْرُ، وَالْعَفَلُ وَالْإِفْضَاءُ، وَأَضَافَ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ لِضَمِيرِهِ، وَمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ لِضَمِيرِهَا، وَمَا هُوَ مُشْتَرِكٌ لَمْ يُضِفْهُ، وَبَدَأَ بِهِ لِعُمُومِهِ، فَقَالَ:

(ص) بِبَرَصٍ.

(ش) هَذَا مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْيَضِهِ وَأَسْوَدِهِ الْأَرْدَأِ مِنَ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَاتُ الْجُذَامِ، وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ، وَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَالنَّابِتُ عَلَى الْأَبْيَضِ شَعْرٌ أَبْيَضُ، وَعَلَى الْبَهَقِ أَشْقَرُ، وَإِذَا نَخَسَ الْبَرَصَ بِإِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ، وَمِنَ الْبَهَقِ دَمٌ، وَعَلَامَةُُ الْبَرَصِ الْأَسْوَدِ التَّفْلِيسُ وَالتَّقْشِيرُ، بِخِلَافِ الْآخَرِ، وَالطَّيَّارُ مِنْهُ يَتَزَايَدُ، وَرُبَّمَا انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ.

(ص) وعَذْيَطَةٌ.

(ش) أَيْ وَلِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إِذَا وُجِدَ بِهِ ذَلِكَ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ: عِذْبَوطُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: عِذْبَوْطَةُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَغَوَّطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، هَذِهِ عِبَارَاتُهُمْ، وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ قَوْلَانِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت: هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، رِوَايَةً بِالْمَعْنَى.

(ص) وَجُذَامٌ.

(ش) أَيْ: لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إِنْ وُجِدَ بِهِ جُذَامٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ بِالْبَيِّنِ كَمَا فِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بَيِّنًا تَحَقُّقُ كَوْنِهِ جُذَامًا.

(ص) لَا بِجُذَامِ الْأَبِ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ جُذَامَ الْأَبِ أَوِ الْأُمِّ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، فَلَا يَرُدُّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ لَوِ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ أُمٍّ جُذَامًا، فَيَرُدُّهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.

(ص) وَبِخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ.

(ش) هَذِهِ الْعُيُوبُ الْمُخْتَصَّةُ بِالرَّجُلِ، يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَهَا أَنْ تَرُدَّهُ مِنْهَا: الْخِصَى، وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ الذَّكَرُ أَوِ الْأُنْثَيَانِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْجَوَاهِرِ بِمَا إِذَا لَمْ يُنْزِلْ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَمَامِ اللَّذَّةِ لَا لِلْوَطْءِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تُرَدُّ الْعَقِيمُ وَالْخِصَى الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ إِذَا أَنْزَلَ مَثَلَهُ، وَسُلُّ الْأُنْثَيَيْنِ كَقَطْعِهِمَا، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ كَقَطْعِ الذَّكَرِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح، ثُمَّ إِنَّ حُكْمَ خِصَاءِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ جَائِزٌ لِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ لُحُومِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، «وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ خِصَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: بِبَرَصٍ) ، كَانَ الْبَرَصُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فِي الْمَرْأَةِ اتِّفَاقًا، وَفِي الرَّجُلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الْيَسِيرِ، وَهَذَا فِي بَرَصٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا رَدَّ بِالْيَسِيرِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْكَثِيرِ خِلَافٌ؛ وَلِذَا أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ الْبَرَصَ الْحَادِثَ بَعْدَهُ بِالْمُضِرِّ، وَأَمَّا الْجُذَامُ الْمُحَقَّقُ فَيُوجِبُ الْقِيَامَ مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: هَذَا مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ

إِلَخْ) ، هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ النُّحَاةِ فَهُوَ الْخَبَرُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ)، أَيِ: الْأَسْوَدَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجُذَامِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَكْثَرُ سَلَامَةً، وَأَقَلُّ عَدْوَى، وَأَبْعَدُ فِي الِانْتِشَارِ مِنَ الْأَبْيَضِ، كَذَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ)، أَيْ: يُشْبِهُ الْبَرَصَ، الْبَهَقُ بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجِلْدَ بِخِلَافِ لَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْبَرَصِ، قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ:"فِي لَوْنِهِ" أَيْ: لَوْنِ الْأَبْيَضِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ فَرْدَيِ الْبَرَصِ.

(قَوْلُهُ: التَّفْلِيسُ)، أَيْ: يَكُونُ قِشْرُهُ مُدَوَّرًا يُشْبِهُ الْفُلُوسَ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدَّمَ التَّقْشِيرُ عَلَى التَّفْلِيسِ.

(قَوْلُهُ: وَالطَّيَّارُ مِنْهُ يَتَزَايَدُ

إِلَخْ) : الضَّمِيرُ فِي "مِنْهُ"، الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْبَرَصِ مُطْلَقًا، بَلْ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ شَبَّ يَقْتَرِبُ رُجُوعُهُ لِلْأَبْيَضِ.

(قَوْلُهُ: وعَذْيَطَةُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌٍ لِمَا ضَبَطَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَتْحُ الْبَاءِ

إِلَخْ) ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ: أَنَّهُ بِالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتُ لَا بِالْبَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ)، أَيِ: الرِّيحِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفَرْشِ قَوْلَانِ، مُفَادُ الْخِطَابِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَادُ هَذَا، وَأَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ تُكْثِرُ الْقِيَامَ لِلْبَوْلِ لَا أَنَّهَا تَبُولُ فِي الْفَرْشِ.

(قَوْلُهُ: رِوَايَةً بِالْمَعْنَى)، أَيْ: فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَرَادَ بِالْحَدَثِ الْغَائِطَ فَقَطْ، وَكَذَا اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَائِطُ خَاصَّةً، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلْبَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْتُهُ مَرْضَى بَعْضِ الْأَشْيَاخِ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ الْبَوْلَ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ، وَفِي الزَّعِرِ قَوْلَانِ، وَالزَّعِرُ قِلَّةُ شَعْرِ الْعَانَةِ.

(قَوْلُهُ: تَحَقُّقُ كَوْنِهِ جُذَامًا)، أَيْ: وَلَوْ قَلَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ جُذَامًا لَمْ يُفَرََّقْ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْبَرَصُ وَالْجُذَامُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْخِيَارُ فِي صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ مَا بِكُلِّ وَاحِدٍ بِسَبَبِ الِاجْتِمَاعِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْعَذْيَطَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جُنُونَ كُلٍّ كَجُذَامِ كُلٍّ، كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَيْبٌ)، أَيْ: فِي بَابِ الْبَيْعِ دُونَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْهَا الْخِصَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَقْصُورٌ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُصَنَّفِ مَمْدُودٌ، وَقَوْلُهُ: "وَهُوَ - أَيِ: الْخِصَاءُ - الشَّخْصُ الَّذِي

إِلَخْ". وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ وَهُوَ أَيِ: الْخِصَاءُ - صِفَةُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ الذَّكَرُ

إِلَخْ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَبِّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ)، أَيْ: قَيَّدَ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ

إِلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا بِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَمَامِ اللَّذَّةِ فَقَطْ لَا لِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ عَدَمِ الْوَلَدِيَّةِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُرَدُّ بِالْعُقْمِ وَيُرَدُّ بِالْخِصَاءِ قَائِمُ الذَّكَرِ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ، وَلَوْ قُلْنَا: لِعَدَمِ الْوَطْءِ، لَمَا كَانَ رُدَّ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ) ، وَانْظُرْ قَطْعَ بَعْضِهَا وَالظَّاهِرُ أَنْ

ص: 236

الْخَيْلِ» ، فَقِيلَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ الْقُوَّةَ وَذَهَابَ النَّسْلِ مِنْهَا، مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ، وَأَمَّا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ خِصَاؤُهَا؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِعَانَةٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَقَالَ أَيْضًا: الْفَرَسُ يَكْلَبُ، يَجُوزُ خِصَاؤُهُ، وَحَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ خِصَاءِ الْآدَمِيِّ، وَمِنْهَا: الْجَبُّ وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مَعًا، وَالْمُرَادُ هُنَا عَدَمُ مَا ذُكِرَ وَلَوْ خِلْقَةً، وَالْعُيُوبُ تُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهِ بِوُجُودِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَمِنْهَا: الْعُنَّةُ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَالْعِنِّينُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ ذَكَرُهُ كَالزِّرِّ، وَعَلَى الْمُعْتَرِضِ، لَكِنَّ ذِكْرَهُ لِلْمُعْتَرِضِ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَالْعِنِّينُ لُغَةً: هُوَ الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ عِنِّينَةٌ، أَيْ: لَا تَشْتَهِي الرِّجَالَ، وَمِنْهَا: الِاعْتِرَاضُ وَهُوَ الَّذِي لَهُ آلَةٌ كَآلَةِ الرِّجَالِ، وَلَكِنْ لَا يَنْتَشِرُ، وَرُبَّمَا كَانَ عَدَمُ انْتِشَارِهِ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى.

(ص) وَبِقَرْنِهَا، وَرَتَقِهَا، وَبَخَرِهَا، وَعَفَلَهَا، وَإِفْضَائِهَا.

(ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَةِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ؛ وَلِذَا أَضَافَهَا لِضَمِيرِهَا، مِنْهَا: الْقَرْنُ: شَيْءٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ، يُشْبِهُ قَرْنَ الشَّاةِ، تَارَةً يَكُونُ عَظْمًا فَيَعْسُرُ عِلَاجُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ لَحْمًا وَهُوَ الْغَالِبُ فَلَا يَعْسُرُ عِلَاجُهُ، وَمِنْهَا: الرَّتَقُ - بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ -: وَهُوَ انْسِدَادُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا انْسَدَّ بِعَظْمٍ لَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهُ، وَبِلَحْمٍ أَمْكَنَتْ، وَمِنْهَا: الْبَخَرُ: وَهُوَ نَتَنُ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ مُنَفِّرٌ؛ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّخْمِيُّ بَخَرَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ، لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى فِيمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ عَيْبٍ، بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ فَهُوَ عَيْبٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْفَرْجِ أَوْ بِالْفَمِ، وَمِنْهَا: الْعَفَلُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ -: لَحْمٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ يُشْبِهُ أُدْرَةَ الرَّجُلِ، وَلَا تَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ رَشْحٍ، وَقِيلَ: رَغْوَةٌ فِي الْفَرْجِ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَمِنْهَا: الْإِفْضَاءُ: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اخْتِلَاطِ مَسْلَكَيِ الذَّكَرِ وَالْبَوْلِ حَتَّى يَصِيرَا مَسْلَكًا وَاحِدًا. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: هُوَ زَوَالُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَمَخْرَجِ الْغَائِطِ، اهـ. وَنُوزِعَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَعْنَى الْإِفْضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ يُرَدُّ بِهِ، انْتَهَى.

(ص) قَبْلَ الْعَقْدِ.

(ش) فِي مَحَلِّ نَصْبِ حَالٍ مِنْ قَوْلِهِ: "بِبَرَصٍ إِلَخْ"، أَيِ: الْخِيَارُ بِبَرَصٍ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَائِنَاتٍ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ: قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ:

(ص) وَلَهَا فَقَطِ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ.

(ش) أَيْ: وَلِلزَّوْجَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّوْجِ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ ضِدِّ الْخَفِيِّ وَإِنْ قَلَّ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، أَيِ: الْفَاحِشِ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَقَوْلُهُ:"بَعْدَهُ" صَادِقٌ بِبَعْدَ الدُّخُولِ أَيْضًا، كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ لَا يُسَيِّرُهُمَا.

(ص) لَا بِكَاعْتِرَاضٍ.

(ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِالْجُذَامِ، وَيُرِيدُ بِهِ: بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَلَوْ مَرَّةً، فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَأَمَّا قَبْلَ الْوَطْءِ فَسَيَأْتِي أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ بَعْدَ أَنْ يُؤَجَّلَ الْحُرُّ سَنَةً، وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا.

(ص) وَبِجُنُونِهِمَا، وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ.

(ش) لَا إِشْكَالَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِجُنُونِ

ــ

[حاشية العدوي]

يُقَالَ: الْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ)، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّضْعِيفُ. (قَوْلُهُ: وَذَهَابَ) ، أَيْ: وَيَحْصُلُ ذَهَابُ النَّسْلِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ الْخَاصُّ، وَهُوَ الرُّكُوبُ فِي الْجِهَادِ.

(قَوْلُهُ: يَكْلَبُ)، أَيْ: يَعْتَرِيهِ شَيْءٌ كَالْجُنُونِ، بِحَيْثُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا فِي الطَّاحُونِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا)، أَيْ: فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ طَارِئًا، وَقَوْلُهُ:"وَالْعُيُوبُ"، الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالنِّكَاحُ يُخَالِفُ الْبَيْعَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ يَقْتَضِي أَشُدِّيِّةَ النِّكَاحِ عَلَى الْبَيْعِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي الْعَكْسَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ بِوُجُودِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ، أَيْ: بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِكُلِّ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ، بَلْ بِشَيْءٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ يُتَسَامَحُ فِيهِ، بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، عَلَى أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْعُنَّةَ وَالِاعْتِرَاضَ لَا رَدَّ بِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا كَانَ عَدَمُ انْتِشَارِهِ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى) هَلْ ذَلِكَ خِلْقِيٌّ أَوْ بِأَمْرٍ طَرَأَ كَسِحْرٍ.

(فَائِدَةٌ) : لَوْ كَانَ خُنْثَى مَحْكُومًا لَهُ بِحُكْمِ الرُّجُولِيَّةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، قَالَهُ الْبَدْرُ، وَانْظُرْ فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتِ الْأُنْثَى خُنْثَى مَحْكُومًا لَهَا بِحُكْمِ الْإِنَاثِ.

(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ

إِلَخْ) هُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ) ، وَجْهُ الْمُنَازَعَةِ أَنَّهُ خِلَافُ تَفْسِيرِ الْقَرَافِيِّ، وَبَهْرَامٍ بِالْأَوَّلِ، وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ قَوْلٌ فِي اللُّغَةِ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: وَأَفْضَاهَا: جَعَلَ مَسْلَكَيْهَا بِالِافْتِضَاضِ وَاحِدًا، وَقِيلَ: جُعِلَ سَبِيلُ الْحَيْضِ وَالْغَائِطِ وَاحِدًا.

(فَإِنْ قُلْتَ) : هَذِهِ الْأُمُورُ إِنَّمَا تُدْرَكُ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، فَيَنْتَفِي الْخِيَارُ.

(قُلْتُ) : الْوَطْءُ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ الْحَاصِلُ بَعْدَ عِلْمِ مُوجِبِ الْخِيَارِ، لَا الْحَاصِلِ قَبْلَهُ، وَلَا رَدَّ بِكَوْنِهَا عَجُوزًا فَانِيَةً، أَوْ صَغِيرَةً بِنْتَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَحَرْقِ فَرْجِهَا حَيْثُ لَا شَرْطَ.

(قَوْلُهُ: وَلَهَا

إِلَخْ) ثُبُوتُ الرَّدِّ لَهَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً، وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) ، أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنِ الْمُحَقَّقُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا.

(قَوْلُهُ: لَا يُسَيِّرُهُمَا) هَذَا يُنَافِي صَدْرَ الْعِبَارَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ: لَا تُرَدُّ بِالْجُذَامِ إِلَّا إِذَا تَفَاحَشَ، وَلَا يُمْكِنُ النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَا بِكَاعْتِرَاضٍ) أَدْخَلَتِ الْكَافُ الْخِصَاءَ وَالْجَبَّ، وَكِبَرَ الذَّكَرِ الْمَانِعَ مِنَ الْوَطْءِ، وَكِبَرَ الْأُدْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنَ الذَّكَرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ لَهَا) ، هَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْوَطْءِ، كَمَا حَدَثَ قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ) قَضِيَّتُهُ لَوْ كَانَ يَأْتِي بَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا رَدَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْكَثْرَةِ، كَقَوْلِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) ، ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَعْضِهِ رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ فَلَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ

ص: 237

أَحَدِهِمَا الْكَائِنِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَمَّا الْجُنُونُ الْحَادِثُ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، فَإِنَّهُ أَيْضًا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَسْتَغْرِقَ كُلَّ الْأَوْقَاتِ، بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَلَوْ حَصَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَيُفِيقُ فِيمَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَصْرُوعَ تَخَافُهُ النُّفُوسُ وَتَنْفِرُ مِنْهُ.

(ص) وَأَجَلًا فِيهِ وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً.

(ش) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ، أَيْ: وَأَجَّلَا فِي الْجُنُونِ وَفِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ؛ حَيْثُ رُجِيَ بُرْءُ مَنْ ذَكَرَ سَنَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْ هَذِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَا حَدَثَ بَعْدَهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا فِيمَا حَدَثَ بَعْدَهُ لَا سِيَّمَا نُسْخَةَ أَجَلًا بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ، فَإِنْ قُلْتَ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ: مَا مَوْقِعُ أَجَلًا. قُلْتُ: هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْخِيَارِ أَجَلًا فِيهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: بُرْؤُهَا، بِضَمِيرِ الْمُفْرَدَةِ الْمُؤَنَّثَةِ، فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَاتٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ التَّأْجِيلَ فِي الْجُنُونِ، وَلَوْ عُدِمُ رَجَاءُ الْبُرْءِ؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ أَرْجَى مِنْ بُرْءِ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ تَثْنِيَةِ ضَمِيرِ بُرْؤُهُمَا، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذِهِ النُّسْخَةِ بِجَعْلِ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ عَائِدًا عَلَى الزَّوْجَيْنِ، فَلَا يُنَافِي شُمُولَهُ لِلثَّلَاثَةِ وَيُوَافِقُ عِبَارَةَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَاتٍ، وَعَلَيْهِ فَإِسْنَادُ بُرْءٍ إِلَى الزَّوْجَيْنِ إِسْنَادٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِلَى الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ مَجَازِيٌّ، وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ، تَأَمَّلْ.

(ص) وَبِغَيْرِهَا إِنْ شَرَطَ السَّلَامَة.

(ش) أَيْ: وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ سَوَادٍ وَقَرَعٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ مِمَّا يَعُدُّ عَيْبًا عُرْفًا إِنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ، سَوَاءٌ عَيَّنَ مَا شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: مِنَ الْعُيُوبِ، أَوْ: مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلَا يُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى عُيُوبٍ تُرَدُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ لِشُمُولِهِ لِغَيْرِهَا أَيْضًا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ شَرْطِ السَّلَامَةِ إِذَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ نَحْوِ السَّوَادِ وَالْقَرَعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهَا إِلَّا بِالشَّرْطِ، وَمَا تَقَدَّمَ يُرَدُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ أَنَّ تِلْكَ الْعُيُوبَ مِمَّا تَعَافُهَا النُّفُوسُ، وَتُنْقِصُ الِاسْتِمْتَاعَ، أَوْ لِأَنَّهَا تَسْرِي إِلَى الْوَلَدِ، أَوْ لِأَنَّ الْجُذَامَ أَوِ الْجُنُونَ شَدِيدٌ لَا يُسْتَطَاعُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ، وَالْبَرَصُ وَعَيْبُ الْفَرْجِ مِمَّا يَخْفَى، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ فَالْغَالِبُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مِمَّا لَا يَخْفَى فَغَيْرُ الْمُشْتَرِطِ مُفَرِّطٌ فِي اسْتِعْلَامٍ ذَلِكَ، وَإِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبٍ لَا يُرَدُّ بِهِ إِلَّا بِشَرْطٍ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا شَرَطَهُ، فَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، أَوْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ رُدَّتْ لِصَدَاقِ مِثْلِهَا، وَسَقَطَ عَنْهُ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَهُ، أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمُسَمَّى، وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ؛ حَيْثُ زَادَ عَلَيْهِ: وَلَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ، فَلَيْسَ كَالْعَيْبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.

(ص) وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ.

(ش) الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ: وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ الزَّوْجَ لَهُ رَدُّ الزَّوْجَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا وَجَدَهَا عَلَى خِلَافِ مَا وَصَفَهَا لَهُ وَلَيُّهَا أَوْ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ، وَسَوَاءٌ صَدَرَ سُؤَالٌ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ لَا، فَإِنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ.

(ص) وَفِي الرَّدِّ إِنْ شَرَطَ الصِّحَّةَ تَرَدُّدٌ.

(ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوَثِّقَ إِذَا كَتَبَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجُنُونُ الْحَادِثُ لِأَحَدِهِمَا) ظَاهِرُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُخَصُّ بِالْحَادِثِ بِالرَّجُلِ، فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لَا مَا حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَا خِيَارَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا حَدَثَ قَبْلَ الْعَقْدِ يَثْبُتُ لِكُلٍّ الْخِيَارُ فِي صَاحِبِهِ، وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، أَوِ الْحَادِثُ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِالرَّجُلِ ثَبَتَ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِالْمَرْأَةِ فَلَا خِيَارَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَبِجُنُونِهِمَا، أَيْ: يُرَدُّ بِسَبَبِ الْجُنُونِ، أَيِ: الْقَدِيمِ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَيْ: لَهَا الْخِيَارُ بِجُنُونِهِ، وَلَهُ الْخِيَارُ بِجُنُونِهَا وَجُنُونِهِمَا جَمِيعًا أَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ: "قَبْلَ الدُّخُولِ

إِلَخْ"، فَهُوَ مَعْمُولُ الْمَحْذُوفِ، أَيْ: وَإِنْ حَدَثَ بِالزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَهُ، قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الْحَذْفِ، فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: " قَبْلَ الدُّخُولِ

إِلَخْ"، مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: "وَلَهَا

إِلَخْ".

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْرُوعَ تَخَافُهُ النُّفُوسُ) ، هَذَا يُفِيدُ الرَّدَّ بِالَّذِي عِنْدَنَا بِمِصْرَ يُصْرَعُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا.

(قَوْلُهُ: سَنَةً)، أَيْ: قَمَرِيَّةً إِنْ كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَيُؤَجَّلُ نِصْفَهَا، وَالتَّأْجِيلُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي صِحَّتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِِ.

(قَوْلُهُ: فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ

إِلَخْ) ، أَيْ: لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الَّذِي طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: إِنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ كَالشَّرْطِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَعْلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَبْوَابِ أَنَّهُ كَالشَّرْطِ أَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ سَوَادٍ وَكِبَرٍ)، أَيْ: وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ الثَّانِي)، أَيِ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مِنَ الْعُيُوبِ أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. (قَوْلُهُ: مِمَّا تَعَافُهُ النُّفُوسُ) كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوَ لأَنَّهَا تَسْرِي إِلَى الْوَلَدِ)، أَيْ: وَهُوَ الْجُذَامُ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الْجُذَامَ وَالْجُنُونَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَرَصَ لَيْسَ مِثَلَهُمَا مَعَ أَنَّهُ مِثَلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ: مُفَرِّطٌ فِي اسْتِعْلَامٍ)، أَيْ: فِي طَلَبِ عِلْمِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ "فِي " لِلسَّبَبِيَّةِ، فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ، أَيْ: بِسَبَبِ عَدَمِ اسْتِعْلَامٍ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ)، أَيْ: فَلَا رَدَّ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ لَهَا مِنِ الْجِهَازِ كَذَا، وَمِنَ الْمَالِ كَذَا.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخِطْبَةِ)، أَيْ: مِنَ الزَّوْجِ أَوْ وَلَيّهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا عِنْد اللَّخْمِيِّ) ، وَصَدَرَ بِهَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ إِذَا صَدَرَ الْوَصْفُ ابْتِدَاءً مِنَ الْوَاصِفِ، وَإِنْ صَدَرَ سُؤَالٌ مِنَ الزَّوْجِ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصْلُحُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ "لَوْ" يُشِيرُ بِهَا إِلَى الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ "لَوْ" بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ.

(قَوْلُهُ: إِذَا كَتَبَ

إِلَخْ) ، أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ الْكِتَابَةُ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الرَّدِّ يُعَلَّلُ بِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِتَلْفِيقِ الْمُوَثِّقِ.

ص: 238

أَنَّهَا صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ، وَتَنَازَعَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنَا شَرَطْتُ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: لَا رَدَّ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ أَشْيَاخُنَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الصِّحَّةَ بِاللَّفْظِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ، كَمَا إِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهَا سَلِيمَةُ الْبَدَنِ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(ص) لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، كَالْقَرْعِ، وَالسَّوَادِ مِنْ بَيْضِ وَنَتَنِ الْفَمِ.

(ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِبَرَصٍ

إِلَخْ. وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ شَرْطَ السَّلَامَةِ، وَتَقْدِيرُهُ: وَبِغَيْرِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، ثُمَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ أَرَادَ عَطْفَهُ عَلَى قَوْلِهِ: بِكَاعْتِرَاضٍ، لَقَالَ: وَلَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، فَيَكُونُ الْعَاطِفُ "الْوَاوُ" وَ"لَا" لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ، وَلَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّرْطِ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الظَّنَّ إِذَا تَخَلَّفَ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِصَاحِبِهِ كَلَامًا فِي رَدِّ الزَّوْجَةِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ إِنْسَانٌ امْرَأَةً مِنْ قَوْمٍ بِيضٍ، وَظَنَّهَا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ، أَوْ ظَنَّهَا أَنَّهَا سَالِمَةُ الرَّأْسِ فَوَجَدَهَا قَرْعَاءَ، أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَهَا مُنْتِنَةَ الْفَمِ - وَهِيَ: الْبَخْرَاءُ - أَوِ الْأَنْفِ - وَهِيَ: الْخَشْمَاءُ - فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ.

(ص) وَالثُّيُوبَةُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ، وَفِي بِكْرٍ تَرَدُّدٌ.

(ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَرْعِ، فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا خَالَفَ الظَّنَّ، أَيْ: إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ظَانًّا أَنَّهَا بِكْرٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْأَبِ، فَلَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَتَزَوَّجُهَا بِشَرْطِ أَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا بِمُزِيلٍ، فَإِذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ رَدُّهَا، وَسَوَاءٌ عِلْمَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا، كَانَتِ الثِّيُوبَةُ بِنِكَاحٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا بِغَيْرِ وَطْءِ نِكَاحٍ وَلَمْ يَعْلَمِ الْأَبُ بِذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، قِيلَ: يُخَيِّرُ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ عَلَيْهَا وَإِنْ زَنَتْ؛ وَلِأَنَّ الْبَكَارَةَ قَدْ تَزُولُ بِوَثْبَةٍ أَوْ تَكَرُّرِ حَيْضٍ؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ جَارٍ مَجْرَى الصَّحِيحِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أُزِيلَتْ بِكَارَتُهَا بِزِنًا أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ، فَهِيَ بِكْرٌ أَعَمُّ مِنَ الْعَذْرَاءِ، أَمَّا إِنْ عَلِمَ الْأَبُ فَهُوَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثِيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ وَكَتَمَ، فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَحْرَى بِوَطْءٍ وَلَوْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ، وَثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ رُدَّ مُطْلَقًا عَلِمَ الْأَبُ أَوْ لَا.

(ص) وَإِلَّا تَزْوِيجَ الْحُرِّ الْأَمَةَ، وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ.

(ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمَعْطُوفِ؛ إِذْ لَيْسَ مُسْتَثْنًى مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوَّلَ، كَمَا قَالَهُ الْجِيزِيُّ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَكَذَلِكَ:" وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ "؛ إِذِ الْحُرَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْحُرِّ، وَالْعَبْدُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَمَةِ؛ إِذْ لَيْسَ هُنَا شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: كَمَا إِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهَا سَلِيمَةٌ)، قَالَ: بَعْضُهُمْ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ صَحِيحَةٍ وَسَلِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَادَةٌ جَارِيَةٌ فِي تَلْفِيقِ الْمُوثِّقِينَ، وَلَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِالثَّانِي، ذَكَرَهُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ)، أَيِ: الْمَظْنُونُ، أَيْ: تَخَلُّفُهُ.

(قَوْلُهُ: وَنَتَنُ الْفَمِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَتَنِ الْفَمِ وَنَتَنِ الْفَرْجِ هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَهَمَّ مِنَ الزَّوْجَةِ وِقَاعُهَا فِي الْفَرْجِ، فَنَتَنُهُ هُوَ الْمَانِعُ لَا نَتَنُ الْفَمِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَانَ نَتَنُ الْفَمِ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ أَوْ مِنَ التَّغَيُّرِ بِوَسَخِ الْأَسْنَانِ لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ.

(قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى بِبَرَصٍ) انْظُرْهُ، فَإِنَّ (لَا) لَا تَعْطِفُ إِلَّا الْمُفْرَدَاتِ، ثُمَّ هَذَا يَأْتِي فِيهِ الْبَحْثُ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّرْطِ بِخُلْفِ الظَّنِّ. وَقَوْلُهُ:"جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ"، هُوَ الَّذِي يَدْرَأُ الْحَدَّ، وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ: وَلَوْ دَرَأَ الْحَدَّ مَعَ أَنَّهُ إِذَا دَرَأَ الْحَدَّ يَجْرِي مَجْرَى الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: بِمَفْهُومِهِ)، أَيْ: مَفْهُومُ إِنَّ شَرْطَ السَّلَامَةِ.

(قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِخُلْفِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاشْتِرَاطِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْأَبِ) ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إِنْ شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا) ، أَيْ: أَوْ كَتَبَهَا الْمُوَثِّقُ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ تَلْفِيقِهِ.

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ وَطْءِ نِكَاحٍ

إِلَخْ) ، بَقِيَ اثْنَانِ: أَنْ لَا يَجْرِي الْعُرْفُ بِاسْتِوَاءِ الْبِكْرِ لِلْعَذْرَاءِ، فَإِنْ جَرَى بِاسْتِوَائِهِمَا كَمَا بِمِصْرَ فَلَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ الرَّدُّ، وَأَنْ يَتَّفِقَ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ بِكْرٍ، فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَادَّعَى عَدَمَهَا، فَالْقَوْلُ لَهَا فِي وُجُودِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَكَارَتُهَا إِلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْبَكَارَةَ

إِلَخْ) ، كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ هَذَا إِذَا زَالَتْ بِغَيْرِ زِنًا، بَلْ وَإِنْ بِزِنًا، وَإِنَّمَا صَحَّ قَوْلُنَا هَذَا إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ زِنًا؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ قَدْ تَزُولُ، فَالْوَاوُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا نَرَى، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى قَلْبُ الْمُبَالِغَةِ، أَيْ: هَذَا إِذَا ثَبَتَ بِزِنًا، بَلْ وَإِنْ بِغَيْرِ زِنًا وَصَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ

إِلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَثْبَةٌ)، أَيْ: قَفْزَةٌ، وَقَوْلُهُ:" لِأَنَّ الْبَكَارَةَ" تَعْلِيلٌ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ:"أَوْ فَاسِدٍ " جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ، أَيْ: فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ:"لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ" لَا مَفْهُومَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: " وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ ") ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ.

(قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ

إِلَخْ) ، لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَقْرُونٌ بِأَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ، فَهُوَ اسْمٌ تَأْوِيلًا. نَقَلَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الِاسْمَ الْمَؤَوَّلَ مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ اسْمٌ صَرِيحٌ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: عَطْفُ الْمَصْدَرِ عَلَى الْفِعْلِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَقَوْلُ الْأَلْفِيَّةِ: "وَاعْطِفْ

إِلَخْ"، فَهُوَ فِي اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا الْمَصْدَرُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمَعْطُوفِ) ، أَيِ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: "وَإِلَّا تَزْوِيجَ"، ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا كَمَا بَيَّنَّا.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مُسْتَثْنًى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ) ، أَيْ: إِفْرَادُهُ، وَلَوْ قَالَ: مُسْتَثْنًى مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوَّلَ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: "وَكَذَلِكَ، وَالْحُرَّةِ

إِلَخْ" فِيهِ أَنَّ تَزْوِيجَ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ مُسَلَّطٌ عَلَى: "وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ"، فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ

إِلَخْ. (قَوْلُهُ: إِذِ الْحُرَّةُ) فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: إِذْ لَيْسَ هُنَا شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ.

ص: 239

فِي الصُّورَتَيْنِ، نَعَمْ إِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْغُرُورِ فَيَتَّضِحُ؛ فَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ فِي حَلِّهِ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: تَزْوِيجُ الْحُرِّ أَمَةً، وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ دُونَ بَيَانٍ غُرُورٌ وَاضِحٌ، انْتَهَى. أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْبَرْمُونِيُّ.

(ص) بِخِلَافِ الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ، أَوْ تَزَوَّجَتِ النَّصْرَانِيَّةُ رَجُلًا تَظُنُّهُ نَصْرَانِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ، أَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ امْرَأَةً يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً فَإِذَا هِيَ نَصْرَانِيَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ فِي الرِّقِّ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ، وَالْحُرِّيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ.

(ص) إِلَّا أَنْ يُغَرَّا.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ لِلْأَمَةِ: إِنَّهُ حُرٌّ، أَوِ الْمُسْلِمُ إِذَا قَالَ لِلنَّصْرَانِيَّةِ: إِنَّهُ عَلَى دِينِهَا، ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ، فَلِلْأَمَةِ أَنْ تَرُدَّ الْعَبْدَ، وَلِلنَّصْرَانِيَّةِ أَنْ تَرُدَّ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهَا، وَقَوْلُهُ: يُغَرَّا بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَوْ بِالْبَنَّاءِ لِلْفَاعِلِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ الْمَغْرُورَانِ، وَالْفَاعِلُ عَلَى نُسْخَةِ الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ هُوَ الْغَارَّانِ، وَعَلَى كُلٍّ يَشْمَلُ الْغُرُورُ الْجَانِبَيْنِ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: بِخِلَاف الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَوَجْهُ كَوْنِهَا أَرْبَعَةً أَنَّ قَوْلَهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ شَامِلٌ لِغُرُورِهِ لَهَا وَغُرُورِهَا لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ.

(ص) وَأَجَلُ الْمُعْتَرَضِ سَنَةٌ.

(ش) تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَرَضَ هُوَ الَّذِي لَهُ آلَةٌ كَآلَةِ الرِّجَالِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَنْتَشِرُ، فَإِذَا كَانَ الْمُعْتَرَضُ حُرًّا أَوْ هُوَ مُقِرٌّ بِاعْتِرَاضِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ أَصْلًا، فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً لِعِلَاجِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا، وَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، فَإِذَا مَرَّتْ سَنَةٌ فَإِنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا كَانَ أَجَلُهُ سَنَةً لِتَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ؛ فَإِنَّ الدَّوَاءَ رُبَّمَا أَثَّرَ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ، وَإِذَا قَامَتْ زَوْجَةُ الْمُعْتَرَضِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَلَا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ الْآنَ بَلْ حَتَّى يَصِحَّ، فَإِذَا صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً ضُرِبَ الْأَجَلُ، فَلَوْ مَرِضَ ثَانِيًا فَلَا يُزَادُ لَهُ عَلَى أَجَلِهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَإِنْ مَرِضَ)، أَيْ: بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَسَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ مَرَضُهُ جَمِيعَ السَّنَةِ أَوْ بَعْضَهَا.

(ص) وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَرَضَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ أَصْلًا، وَهُوَ مُقِرٌّ بِاعْتِرَاضِهِ يُؤَجَّلُ نِصْفَ سَنَةٍ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِيَّةٍ كَالْمُدَبَّرِ وَنَحْوِهُ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَالْحُرِّ.

(ص) وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا.

(ش) أَيْ: وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ: لَا نَفَقَةَ لِامْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ فِي السَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ إِذَا عُزِلَ عَنْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا بِمَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى رَفْعِهِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَهَا النَّفَقَةُ كَامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالصَّدَاقِ إِذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ صَدَاقَهَا؛ إِذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا فَكَتَمَهُ، فَامْرَأَةُ الْمُعْتَرَضِ أَحْرَى فِي وُجُوبِهَا لَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: إِذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْغُرُورِ)، أَيْ: لَا مِنْ بَابٍ خُلْفِ الظَّنِّ. (قَوْلُهُ: فِي حَلِّهِ)، أَيْ: حَلِّ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ:" ابْنُ عَرَفَةَ " مَقُولُ الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: دُونَ بَيَانٍ)، أَيْ: تَزَوَّجَتِ الْأَمَةُ الْحُرَّ وَلَمْ تُخْبِرْهُ بِأَنَّهَا أَمَةٌ، وَتَزَوَّجَتِ الْحُرَّةُ الْعَبْدَ وَلَمْ يُخْبِرْهَا بِأَنَّهُ عَبْدٌ. (قَوْلُهُ: غُرُورٌ) خَبَرُ " تَزْوِيجُ "، وَقَوْلُهُ:" وَاضِحٌ " خَبَرُ " قَوْلُ "، وَإِنَّمَا كَانَ وَاضِحًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ إِنَّمَا يَتَزَوَّجَانِ مَثَلَهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ)، وَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا لِغُرُورِهِ لِلذِّمِّيَّةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ ذِمِّيٌّ "؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ صَارِفَةٌ عَنْ ذَلِكَ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مُرْتَدًّا بِذَلِكَ لَمَا أَقَرَّ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَزَوَّجَ

إِلَخْ) ، وَمِثْلُهُ: لَوْ تَزَوَّجَتِ الْأَمَةُ عَبْدًا تَظُنُّهُ حُرًّا.

(قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يُغَرَّا) دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: "وَبِغَيْرِهَا إِنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ" ذَكَرَهُ تَوْضِيحًا. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ كَوْنِهَا أَرْبَعَةً

إِلَخْ) إِذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ؛ تَعْلَمُ قُصُورَ مَا حَلَّ بِهِ سَابِقًا، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَيْهِ، إِلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْعَبْدَ غَرَّ الْأَمَةَ، وَالْمُسْلِمَ غَرَّ النَّصْرَانِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: وَأَجَلُ الْمُعْتَرَضِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُقَيِّدًا بِإِقْرَارِهِ، وَبِرَجَاءِ بُرْئِهِ وَعَدَمِ تَقَدُّمِ وَطْءٍ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ:"سَنَةٌ "، أَيْ: قَمَرِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: قَدِيمًا) بِأَنْ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ:"أَوْ حَادِثًا" بِأَنْ كَانَ حَاصِلًا بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) هَذَا إِذَا تَرَافَعَا لِلْحَاكِمِ، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَتَرَافَعَا وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ، فَمِنْ يَوْمِ التَّرَاضِي بَهْرَامَ.

(قَوْلُهُ: الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ) : فَصْلُ الشِّتَاءِ، وَفَصْلُ الرَّبِيعِ، وَفَصْلُ الصَّيْفِ، وَفَصْلُ الْخَرِيفِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَأْتِي فِي الْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنَّفَ قَدْ قَالَ:"وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا". (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَرِضَ) ، سَوَاءٌ كَانَ يَقْدِرُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ عَلَى عِلَاجٍ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا) بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، أَيْ: لِأَنَّ تَحْدِيدَ مُدَّةِ النِّكَاحِ عَذَابٌ، وَالْعَبْدُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ، وَالْعِلَلُ الشَّرْعِيَّةُ أَمَارَاتٌ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِخِلَافِ الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا التَّعْلِيلِ وَبَيْنَ تَعْلِيلِهِ التَّأْجِيلَ فِي الْحُرِّ بِالسَّنَةِ بِمُرُورِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ

إِلَخْ) ، وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّمَا اخْتَارَ عَدَمَهَا فِي امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ؛ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً أَوْ نِصْفَهَا، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَرَضَ عَلَى الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: إِذَا عُزِلَ عَنْهَا) ، أَيْ: إِذَا أُجِّلَ سَنَةً، وَعُزِلَ عَنْهَا، أَيْ: لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً، أَوْ نِصْفَهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: بِمَا) ، أَيْ: بِسَبَبِ جُنُونٍ لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى رَفْعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَهَا النَّفَقَةُ

إِلَخْ) ، أَيْ: لِامْرَأَةِ الْمَجْنُونِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ: وَيُتَلَوَّمُ لِلْمَجْنُونِ، وَيُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي زَمَنِ التَّلَوُّمِ، فَإِنْ بَرِئَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ زَوْجَةِ الْمَجْنُونِ وَالْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ وَالْمُعْتَرَضِ مُسْتَوٍ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِالدُّخُولِ أَوِ التَّمْكِينِ مَعَ الدُّعَاءِ لَهُ، فَإِنْ مَنَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، إِلَّا زَوْجَةَ الْمَجْنُونِ عَلَى غَيْرِ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِشِدَّةِ خَوْفِ ضَرَرِهَا.

(قَوْلُهُ: إِذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: "كَامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ"، أَيْ: أَنَّ امْرَأَةَ الْمُعْسِرِ لَهَا النَّفَقَةُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ. (قَوْلُهُ: فَامْرَأَةُ الْمُعْتَرَضِ أَحْرَى)، أَيْ:

ص: 240

لِإِرْسَالِهِ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ وَالْمُعْتَرَضِ؛ وَلِهَذَا وَهِمَ بَعْضُ الْمُؤَلِّفِ فِي قِيَاسِهِ.

(ص) وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ.

(ش) أَيْ: وَصُدِّقَ الْمُعْتَرَضُ إِنِ ادَّعَى فِي السَّنَةِ الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالِاعْتِرَاضِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ.

(ش) هَذَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا، أَمَّا لَوِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ فَإِنْ نَكَلَ بَقِيَتْ زَوْجَةً إِلَى الْأَجَلِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ مِنْ حَقِّهِ، فَإِنْ حَلَفَ أَوْ وَطِئَ عِنْدَهُ بَطَلَ خِيَارُهَا، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِنْكَارِهِ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً، فَالْمُؤَلِّفُ خَلَطَ مَا بَعْدَ السَّنَةِ بِمَا قَبْلَهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ فِيمَا بَعْدَهَا، أَيْ: وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا، قَالَهُ س فِي تَقْرِيرِهِ.

(ص) وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ طَلَّقَهَا، وَإِلَّا فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ؟ قَوْلَانِ.

(ش) يَعْنِي: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُعْتَرَضُ الْوَطْءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ، بَلْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ إِنِ اخْتَارَتْهُ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ فَوَاضِحٌ، وَلَهُ أَنْ يُوقِعَ مِنَ الطَّلَاقِ مَا شَاءَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُطَلِّقَ فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً؟ فَإِنْ زَادَ لَمْ يَلْزَمِ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، أَوْ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الزَّوْجَةَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَتُوقِعُهُ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِذَلِكَ، قَوْلَانِ. وَفَائِدَةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِمَا أَوْقَعَتْهُ الْمَرْأَةُ صَيْرُورَتُهُ بَائِنًا، وَإِلَّا كَانَ رَجْعِيًّا كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ.

(ص) وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ رَضِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لَهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا، فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَا تَحْتَاجُ لِضَرْبِ أَجَلٍ بَعْدُ، وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا رَضِيتُ بِهِ، أَوْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ أَبَدًا، فَلَيْسَ لَهَا فِرَاقُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي النَّصِّ، انْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ:"أَمْ لَمْ يَرْضَ"، وَقُوَّةُ النَّصِّ تُعْطِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُجْذَمِ لَهَا الْقِيَامُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْ رِضَاهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِأَجَلٍ آخَرَ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الضَّرَرِ فِي فَرْعِ الْجُذَامِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُعْتَرَضُ.

(ص) وَالصَّدَاق بَعْدَهَا.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إِذَا أُجِّلَ سَنَةً، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ، وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ بَعْدَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَطَالَ مُقَامُهُ مَعَهَا، وَتَلَذَّذَ بِهَا، وَأَخْلَقَ شُورَتَهَا أَبُو عِمْرَانَ، جَعَلَ مَالِكٌ الْحُجَّةَ فِي التَّكْمِيلِ: التَّلَذُّذُ، وَإِخْلَاقُ الشُّورَةِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى انْخَرَمَ أَحَدُهُمَا لَا تَكْمِيلَ، وَلَوْ طَلَّقَ الْمُعْتَرَضُ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَهَا النِّصْفُ كَمَا أَفْهَمَهُ الظَّرْفُ، وَاحْتَجَّ ابْنُ الْحَاجِبِ لِاسْتِحْقَاقِ امْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ الصَّدَاقَ بَعْدَ السَّنَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَجْبُوبِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ:(كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ) ، ثُمَّ يُطَلِّقَانِ، وَالْجَامِعُ حُصُولُ انْتِفَاعِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَجْبُوبَ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى التَّلَذُّذِ، وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الْمُعْتَرَضِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْوَطْءِ التَّامِّ وَلَمْ يَحْصُلْ، وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَجْبُوبِ وَمَنْ مَعَهُ خُرِّجَتْ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُنَا: ثُمَّ يُطَلِّقَانِ، أَيْ: بِاخْتِيَارِهِمَا احْتِرَازًا مِمَّا إِذَا طُلِّقَ عَلَيْهِمَا لِعَيْبِهِمَا، فَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ، وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى وَلِيِّ

إِلَخْ.

(ص) وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إِنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ، فِيهَا قَوْلَانِ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

مِنِ امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ، وَقَوْلُهُ:"وَلِهَذَا"، أَيْ: قَوْلُنَا: لِإِرْسَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَهِمَ)، أَيْ: غَلِطَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إِلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَوْنَ الْمُسْتَظْهِرِ الْمُصَنِّفَ خِلَافًا لِاصْطِلَاحِهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ يُشِيرُ لِغَيْرِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ يُصَحِّحُ أَوِ اسْتَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: هَذَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا) ، فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ لَمْ يُصَدَّقْ قَطْعًا، وَمَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا يُصَدَّقُ، لِابْنِ هَارُونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَإِنِ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِتَقْدِيمِهِ "فِيهَا" عَلَى "الْوَطْءِ"، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهَا مِنَ الْفِرَاقِ بِدَعْوَاهُ "الْآنَ".

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ

إِلَخْ) ، لَمْ يَعْتَمِدْ عَجَّ ذَلِكَ، بَلِ اعْتَمَدَ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَوْلُهُ: "وَإِلَّا بَقِيَتْ

إِلَخْ"، أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ بَقِيَتْ زَوْجَةً.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) صَادِقٌ بِمَا إِذَا صُدِّقَ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَمْرٍ هَابَهُ) ؛ بِأَنْ تَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي مِنْكِ، أَوْ: أَنَا طَالِقَةٌ مِنْكَ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ)، رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: صَيْرُورَتُهُ بَائِنًا) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ بَائِنٌ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، بَلْ الْحُكْمُ لِرَفْعِ خِلَافِ مَنْ لَا يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

(قَوْلُهُ: كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ

إِلَخْ) ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بَائِنَةً.

(قَوْلُهُ: بِلَا أَجَلٍ)، أَيْ: بِلَا أَجَلٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ قَدْ تَقَدَّمَ ضَرْبُهُ، وَضُرِبَ أَوَّلًا، وَأَمَّا لَوْ رَضِيَتِ ابْتِدَاءً بِلَا تَقَدُّمِ ضَرْبِ أَجَلٍ، ثُمَّ قَامَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ: أَوْ لَمْ يَرْضَ) ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ رِضًا مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ. (قَوْلُهُ: بِأَجَلٍ آخَرَ) ، أَيْ: غَيْرُ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: "وَأَجَّلَ فِيهِ وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ

إِلَخْ".

(قَوْلُهُ: فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ)، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ لَهَا نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ) ، لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْإِمَامِ: أَنَّ الْمُكْثَ سَنَةً مَظِنَّةُ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ "فَظَاهِرُهُ

إِلَخْ". (قَوْلُهُ: فَلَهَا النِّصْفُ)، أَيْ: وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فِيمَا إِذَا رَضِيَ بِالْفِرَاقِ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَفِيمَا إِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ.

(قَوْلُهُ: بِالْقِيَاسِ

إِلَخْ) ، قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ بِعِيدٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْتُ مَا يُوَافِقُهُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَجْبُوبُ) وَأَوْلَى مِنْهُ الْخَصِيُّ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَجْبُوبِ)، أَيْ: فَهِيَ مَسْأَلَةٌ سَمَاعِيَّةٌ فَمَا عَدَاهَا بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ، فَلَا يُخَرَّجُ عَلَيْهَا شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: قُطِعَ ذَكَرُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهُ هُوَ فَيُجْعَلُ الطَّلَاقُ قَطْعًا، وَلَهَا النِّصْفُ حِينَئِذٍ، وَانْظُرْ: لَوْ قَطَعَتْهُ

ص: 241

فَهَلْ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَيْثُ طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ؛ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ لَعَلَّهَا تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ مَالِكٍ، قَوْلَانِ. وَقِيلَ: لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وَتَكُونُ مُصِيبَةً بِهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَطْعَ ذَكَرِ الْمَوْلَى فِي الْأَجَلِ يُبْطِلُهُ، وَتُثْبَتُ الزَّوْجِيَّةُ، وَكَذَا مَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَكُنْ مُوَلِّيًا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: لَا بِكَاعْتِرَاضٍ.

(ص) وَأُجِّلَتِ الرَّتْقَاءُ لِلدَّوَاءِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خِلْقَةً.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَتَدَاوَى لِلرَّتَقِ، فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ لِذَلِكَ بِاجْتِهَادِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ لِعِلَاجِهَا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّتَقِ بِذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَةَ الْقَطْعِ عَلَى الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُمَكِنَ زَوْجَهَا، وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَأُجِّلَتِ الرَّتْقَاءُ لِلدَّوَاءِ وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ؛ حَيْثُ أَرَادَتِ التَّدَاوِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ خِلْقَةً أَوْ غَيْرَ خِلْقَةٍ، وَأَمَّا إِنِ امْتَنَعَتْ مِنْهُ وَطَلَبَهُ الزَّوْجُ فَلَا تُجْبِرُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خِلْقَةً، وَتُجْبِرُ عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا كَانَ غَيْرَ خِلْقَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَابْنِ غَازِيٍّ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّتَقِ، بَلْ غَيْرُهُ مِنْ دَاءِ الْفَرْجِ كَذَلِكَ، فَتُؤَجَّلُ فِيهِ لِلدَّوَاءِ وَلَا تُجْبِرُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خِلْقَةً، وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ انْظُرْهُ إِنْ شِئْتَ.

(ص) وَجُسَّ عَلَى ثَوْبِ مُنْكِرِ الْجُبِّ وَنَحْوِهِ (ش) يعني أن المرأة إ>اادعت على زوجها أنه مجبوب أو خصي أو عنين أي ذو ذكر صغير وأكذبها فإنه يتوصل إلى معرفة ذلك بالجس على الثوب بظاهر اليد لا بباطنها لأن باطن اليد مظنة اللذة بذلك فلا يرتكب مع التمكن من العلم من ذلك بظاهر اليد (ص) وصدق في الاعتراض كالمرأة في دائها (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ مُعْتَرَضٌ وَأَكْذَبَهَا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ بِالْجَسِّ بَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ بِيَمِينٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ تت مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فِيهِ نَظَرٌ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهَا فِي نَفْيِ دَاءِ فَرْجِهَا مِنْ عَفَلٍ وَقَرْنٍ وَرَتَقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى زَوْجُهَا أَنَّ بِفَرْجِهَا ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا يَنْظُرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فَالْمُرَادُ بِالدَّاءِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِرِجَالٍ وَلَا بِنِسَاءٍ.

أَمَّا مَا يَثْبُتُ بِالرِّجَالِ كَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالرِّجَالِ أَوْ كَانَ دَاخِلَ الثِّيَابِ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالنِّسَاءِ فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ اللَّازِمِ عَلَى جَوَابِ الْبِسَاطِيِّ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي تت.

. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ إلَخْ) وَأُجْرَةُ الْجَسِّ عَلَيْهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ عَلَى دَعْوَاهَا.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَإِنْ اسْتَوَى النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ وَاللَّمْسُ فِي الْمَنْعِ وَالنَّظَرُ يُحَصِّلُ الْعِلْمَ الْقَوِيَّ دُونَ اللَّمْسِ إلَّا أَنَّ اللَّمْسَ أَخَفُّ وَيَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ مَظِنَّةَ اللَّذَّةِ أَيْ كَمَالَهَا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ تَحْصُلُ اللَّذَّةُ.

(ص) أَوْ وُجُودُهُ حَالَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي عَيْبِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ بِمُدَّةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ فَالْخِيَارُ لِي فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفْيِ وُجُودِهِ حَالَ

ــ

[حاشية العدوي]

هِيَ عَمْدًا، وَالظَّاهِرُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ) وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ)، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ شَهْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ خِلْقَةً) ، مُرَادُهُمْ بِالْخِلْقَةِ: مَا كَانَ أَصْلِيًّا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ حِينَ الْوِلَادَةِ، وَبِغَيْرِهَا: مَا كَانَ عَارِضًا بِسَبَبٍ كَمَا إِذَا أُخْفِضَتْ وَالْتَقَتْ فَخْذَاهَا فَالْتَحَمَ اللَّحْمُ، وَإِلَّا فَالْكُلُّ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمُحَشِّيِّ قَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ لَيْسَ هَذَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِي الْقَطْعِ ضَرَرٌ وَلَا عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنِ ادَّعَى إِلَيْهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ رِضَاهَا بِهِ وَقَبْلَ الْقَطْعِ لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَرِهَتْ فَطَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقَطْعِ ضَرَرٌ وَلَا عَيْبٌ بَعْدَهُ خُيِّرَتْ دُونَهُ، وَعَكْسُهُ خُيِّرَ دُونَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ وَبُعْدَهُ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ خُيِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ تَارَةً يُجْبِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى التَّدَاوِي، وَتَارَةً لَا يُجْبِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْآخَرَ، وَتَارَةً تُجْبِرُهُ فَقَطْ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ عَلَيْهَا فِيهِ ضَرَرٌ وَلَا عَيْبٌ مَعَهُ، وَتَارَةً يُجْبِرُهَا فَقَطْ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتْ لَا ضَرَرٌ عَلَيْهَا، وَيَحْصُلُ مَعَهُ الْعَيْبُ.

(قَوْلُهُ: وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ) اعْتَمَدَهُ عَجَّ، وَأَقُولُ: تَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ظَاهِرٌ مَعْقُولٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشُّيُوخِ تَضْعِيفَهُ، كَمَا قَالَ: اللَّقَّانِيُّ، قَالَ عَجَّ: وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا يَقَعُ الْقَطْعُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَكَذَا عَدَمُهُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ إلَخْ) يُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ بِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ إذَا صُدِّقَ فِي زَوَالِهِ بَعْدَ وُجُودِهِ فَأَوْلَى يُصَدَّقُ فِي نَفْيِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينهَا إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِي الصَّغِيرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ اللَّازِمِ عَلَى جَوَابِ الْبِسَاطِيِّ) وَعِبَارَةُ تت وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحِ بِأَنَّ دَاءَهَا يُوهِمُ قَبُولَ قَوْلِهَا فِي الْبَرَصِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَجَابَ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ دَاءَ الْفَرْجِ قَسِيمُ بَقِيَّةِ الْعُيُوبِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى أَيْ قِسْمٌ مِنْ الْعُيُوبِ وَوَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي الْبَرَصِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاءَهَا الْمَعْهُودَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ..

ص: 242

الْعَقْدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (ص) أَوْ بَكَارَتِهَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَائِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي نَفْيِ دَائِهَا وَفِي وُجُودِ بَكَارَتِهَا أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الْمُقَدَّرِ أَيْ أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَزَالَ الزَّوْجُ الْبَكَارَةَ فَإِنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى النِّسَاءِ فَإِنْ شَهِدْنَ أَنَّ بِهَا أَثَرًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ دِينَتْ وَحَلَفَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا رُدَّتْ بِهِ دُونَ يَمِينٍ عَلَى الزَّوْجِ.

وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ اهـ.

(ص) وَحَلَفَتْ هِيَ أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً (ش) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَمِثْلُ السَّفِيهَةِ الصَّغِيرَةُ وَإِنَّمَا أَبْرَزَ الضَّمِيرَ الَّذِي لِلتَّأْكِيدِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ، إذْ قَوْلُهُ أَوْ أَبُوهَا عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي حَلَفَتْ أَيْ الْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنْ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ يَحْلِفَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ حَلَفَ أَبُوهَا هُنَا قُلْت لَمَّا كَانَ الْغُرْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ حَلَفَ لِرَدِّ الْغُرْمِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ يَغْرَمُ وَهُنَا لَا غُرْمَ عَلَيْهَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْأَبُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ يُقَالُ أُمِرَ الْأَبُ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ وَلِيَّتَهُ سَالِمَةٌ، وَأَيْضًا لَوْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا لَرُبَّمَا تَنْكُلُ فَيَسْقُطُ الْمَالُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْوَلِيَّ الْقَرِيبَ كَالْأَبِ فَمَحَلُّ الْيَمِينِ مَحَلُّ الْغُرْمِ.

(ص) وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ (ش) رَاجِعٌ لِكُلِّ عَيْبٍ بِالْفَرْجِ وَلَا يُقْصَرُ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ أَيْ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ جَبْرًا عَلَيْهَا أَوْ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ قُبِلَتَا) أَيْ تَشْهَدَانِ لِلزَّوْجِ عَلَى مَا هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ كَالرَّتَقِ وَنَحْوِهِ قُبِلَتَا وَلَا يَكُونُ تَعَمُّدُهُمَا النَّظَرَ جُرْحَةً إمَّا لِعُذْرِهِمَا بِالْجَهْلِ أَوْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ أَوْ لَعَلَّ الْمَانِعَ مِنْ نَظَرِهِمَا حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ الِاطِّلَاعِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إلَخْ) رُجِّحَ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَعْتَمِدَ الزَّوْجُ عَلَى إخْبَارِ امْرَأَتَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ، وَالْأَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ كَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ بِيَمِينٍ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ اهـ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَلَهُمْ فِي الِاسْتِصْحَابِ الْمَعْكُوسِ اضْطِرَابٌ وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ هُنَا وَسَيَأْتِي اعْتِبَارُهُ فِي مَوَاضِعَ وَالِاسْتِصْحَابُ الْمَعْكُوسُ هُوَ انْسِحَابُ وُجُودِ الشَّيْءِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فِيمَا مَضَى حَتَّى يَنْتَهِيَ وَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَعْكُوسِ وَهُوَ الْمُسْتَقِيمُ فَهُوَ انْسِحَابُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَا يَقْطَعُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَكَارَتُهَا إلَخْ) عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ أَوْ أَرَادَ بِهَا الْعَذْرَاءَ أَوْ هُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الثُّيُوبَةَ يُرَدُّ بِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وتت. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَائِهَا) فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ فَهُوَ حِينَئِذٍ عَيْنُ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الْمُقَدَّرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ.

(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ مِنْهُ لَا تَحْلِفُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَامَتْ بِمَا يُحَقِّقُ عَلَى أَنَّ الزِّنَا بِهَا وَقَعَ غَصْبًا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ زَادَ فِي ك لَكِنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ مِنْ نَظَرِ النِّسَاءِ لَهَا وَلَمْ يَمْشِ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاث) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ عج لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ أَنَّهَا تَحْلِفُ، وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَانْظُرْ الصَّغِيرَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الْعَقْدِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ أَخًا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا قَالَ فَجَعَلَ مَحَلَّ الْيَمِينِ مَحَلَّ الْغُرْمِ وَكَلَامُ اللَّقَانِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا فَرْقَ.

(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدِهِ) أَيْ إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَوْ السَّفِيهُ عَلَى إنْسَانٍ بِمَالٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: قُلْت لِأَنَّهُ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ يَغْرَمُ وَهُنَا لَا غُرْمَ عَلَيْهَا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْحَلِفِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ الْعَكْسُ فَيَقُولُ قُلْت لِأَنَّهُ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَيْ الْوَلِيُّ لَا يَغْرَمُ فَلِذَا أُمِرَ السَّفِيهُ بِالْحَلِفِ وَهُنَا يَغْرَمُ فَلِذَا يَحْلِفُ وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ فُجْلَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّ السَّفِيهَ يَحْلِفُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ حَلَفَ أَبُوهَا قِيلَ لَمَّا كَانَ الْغُرْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ حَلَفَ لِرَدِّ الْغُرْمِ عَنْ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْأَبُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ) لَا يَخْفَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ حَلِفَهُ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِيَدْفَعَ الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا وُرُودَ لَهُ. (قَوْلُهُ: يُقَالُ أُمِرَ الْأَبُ بِالْحَلِفِ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ حَلَفَ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ بَلْ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مِمَّا يُقَوِّي الْإِشْكَالَ وَهُوَ أَنَّ حَلِفَهُ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ الَّذِي هُوَ الزَّوْجَةُ.

(قَوْلُهُ: فَمَحَلُّ الْيَمِينِ مَحَلُّ الْغُرْمِ) أَيْ فَالْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْيَمِينُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْغُرْمُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: جَبْرًا عَلَيْهَا أَوْ ابْتِدَاءً) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ قَالَ فِي ك عَنْ تَقْرِيرِ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا إذَا أَتَى الزَّوْجُ بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا تُصَدَّقُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ وَقَوْلُهُ إمَّا لِعُذْرِهِمَا أَوْ إنَّ جِنَايَةَ النَّظَرِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَارْتِكَابَ الصَّغَائِرِ لَا يَكُونُ جُرْحَةً إلَّا إذَا كَانَتْ مِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ.

(قَوْلُهُ: قُبِلَتَا) إنَّمَا قُبِلَتَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَالًا فَهِيَ تَئُولُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا سُقُوطَ الصَّدَاقِ عَنْ الزَّوْجِ قَالَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ إلَخْ) بَلْ يَقُولُ سَحْنُونَ تُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَنْظُرَهَا النِّسَاءُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَعَلَّ الْمَانِعَ إلَخْ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَعَلَّ الْمَانِعَ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي بَحْثِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ رَضِيَتْ. (قُلْت) أُجِيبَ بِحَمْلِ مَا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِنَفْعٍ شَرْعِيٍّ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِثْلُهُ الطَّبِيبُ اهـ

ص: 243