المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في أحكام النذر] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٣

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌[فصل في أحكام النذر]

يَفْسُدَ وَعَلَيْهِ فَأَنَّثَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى خَطَفَتْهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْطِفْهَا وَأَكَلَتْ بَعْدَ فَسَادِهَا أَيْ تُرِكَتْ بَعْدَ الْحَلِفِ حَتَّى فَسَدَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَتَوَانَى) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَسَادِ فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ التَّوَانِي فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَفْسُدُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ فِيهِ بِمُجَرَّدِ سُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لَا كَسَوْتهمَا وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ وَاسْتَشْكَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَكْسُوهَا هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَكَسَاهَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَلَبِسَتْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَشْكَلَ الْحِنْثُ حَيْثُ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَدَمَ الْجَمْعِ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ أَيْ وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قُبِلَتْ نِيَّتُهُ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا أَيْ الثَّوْبَيْنِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا كَسَوْتهمَا وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَسَوْتهَا أَيْ إيَّاهُمَا وَقَوْلُهُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ أَيْ عَدَمُ الْجَمْعِ لَهَا بَيْنَهُمَا وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَأَوْلَى فِي الْحِنْثِ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَيْمَانِ وَكَانَتْ النُّذُورُ قَرِينَةً لَهَا فِي التَّرَاجِمِ وَتُشَارِكُهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ جَعَلَ لِلنَّذْرِ فَصْلًا تَالِيًا لِبَابِ الْيَمِينِ فَقَالَ.

(فَصْلٌ) لِذِكْرِ أَرْكَانِ (النَّذْرِ) وَأَحْكَامِهِ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ فِي فَصْلِ النَّذْرِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ النُّذُورُ جَمْعُ نَذْرٍ وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى نُذُرٍ بِضَمِّ النُّونِ وَالذَّالِ يُقَالُ نَذَرْت أَنْذِرُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَعْنَاهُ الِالْتِزَامُ انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ أَمْرًا لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» وَإِطْلَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا بِمَعْنَى أَنَّ النَّذْرَ يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَعَمَّ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ وَالْأَعَمُّ يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ لِمَا وَرَدَ فِي الْإِطْلَاقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَخَصُّهُ الْمَأْمُورُ بِأَدَائِهِ الْتِزَامُ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ هَذَا يَمِينٌ حَسْبَ مَا مَرَّ قَوْلُهُ طَاعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْمُبَاحَ وَالْمُحَرَّمَ الدَّاخِلَ فِي الْأَعَمِّ وَقَوْلُهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْتِزَامَ الطَّاعَةِ لَا بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ وَهُوَ عَدَمُ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَسَتَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ وَالشَّيْءُ الْمُلْتَزَمُ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ.

وَالشَّخْصُ الْمُلْتَزِمُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزَمِ لِلنَّذْرِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا فَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ لَوْ أَسْلَمَ نُدِبَ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الصَّبِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَفَاؤُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَالْمَحْجُورَ الْبَالِغَ وَالرَّقِيقَ

ــ

[حاشية العدوي]

الَّتِي هِيَ قِطْعَةُ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَسَادِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إذَا أَخَذَتْهَا بِحِدْثَانِ أَكْلِهَا قَبْلَ أَنْ تَتَغَيَّرَ وَإِلَّا فَيُتَّفَقُ عَلَى الْحِنْثِ فَالْمُنَاسِبُ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِذَلِكَ تَرْجِيعُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ، وَيُفَسَّرُ التَّوَانِي بِمَا إذَا لَمْ تَأْخُذْهَا بِحِدْثَانِ أَكْلِهَا لِأَنَّهُ يُتَّفَقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحِنْثِ فَلِذَا قَالَ مُحَشِّي تت فَالصَّوَابُ حَمْلُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَقُولُ يَرُدُّ هَذَا الْجَوَابَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَيَأْكُلَنَّهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ فَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى التَّوَانِي قَطْعًا فَلَا يَظْهَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى أَيْ بَعْدَ الْخَطْفِ.

(قَوْلُهُ لَا كَسَوْتهمَا) الْمُرَادُ الْجَمْعُ فِي الْكِسْوَةِ لَا الزَّمَانِ بِأَنْ تُلْبِسَهُمَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ الْمُرَادُ لَا كَسَوْتهمَا مُجْتَمِعَيْنِ وَلَا مُتَفَرِّقَيْنِ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ إلَخْ) .

اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُصَنِّفِ صِحَّةُ هَذَا الْجَوَابِ لَمْ يَذْكُرْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ نِيَّةٌ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةُ الْمُوَافِقَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ تُقْبَلُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَسَوْتُك هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا كَسَوْتهمَا جَمِيعًا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَا كَسَوْتهمَا كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَتْ النِّيَّةُ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَام النَّذْرِ]

(بَابُ النَّذْرِ)(قَوْلُهُ قَرِينَةً لَهَا) قَرِينَةٌ بِالنُّونِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِنُونٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَانَتْ النُّذُورُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ قَرِينَةً لَهَا فِي التَّرَاجِمِ كَقَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْقُرْبِ بِمَعْنَى أَنَّ بَابَ النَّذْرِ بَعْدَ بَابِ الْيَمِينِ بِقُرْبٍ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ الْتِزَامُ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ) إلَّا وَصَحَّ أَنْ يَقُولَ كَمَا يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَخَصَّ (قَوْلُهُ هَذَا يَمِينٌ) أَيْ إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَمْرٍ وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ أَيْ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ مُحْتَرَزٍ قَوْلُهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ كَأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ يَشْمَلُ مَا إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا مَعَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ نَذَرَ ثُمَّ إنَّ التَّعْلِيقَ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ الِامْتِنَاعُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَصِيغَتُهُ كَصِيغَةِ النَّذْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ (فَإِنْ قُلْت) مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ نَذْرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ لِلنَّذْرِ مِنْ صِيغَةٍ وَهِيَ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ (قُلْت) كَلَامُهُ فِي بَحْثِ الصِّيغَةِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَذْرٍ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ الْيَمِينَ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَفَاؤُهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَالَهُ عج تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَدْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِخِلَافِ الْكَافِرِ كَذَا فِي عب (قَوْلُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ) وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ لَهُ الْوَفَاءُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالظَّاهِرُ لَا (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ) أَيْ غَيْرُ الْمَالِ وَكَذَا الْمَالُ إنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ (قَوْلُهُ وَالْمَحْجُورُ الْبَالِغُ) أَيْ السَّفِيهُ يَلْزَمُهُ أَيْ وَلَوْ بِالْمَالِ

ص: 91

ابْنُ عَرَفَةَ وَنَذْرُ ذِي الرِّقِّ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ مِنْ فِعْلِهِ انْتَهَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ حَيْثُ كَانَ نَذْرُهُمَا بِغَيْرِ الْمَالِ أَوْ بِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ زَادَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَالنَّذْرُ مِنْ التَّبَرُّعِ وَلِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ مِنْ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْضًا السَّفِيهَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ عَلَى وَلِيِّهِ رَدُّ نَذْرِهِ مُطْلَقًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْتَزَمُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَحْوَهَا وَإِنْ كَانَ مَالًا فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ ثُمَّ.

بَالَغَ عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ غَضْبَانَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ غَضْبَانَ عَلَى الْمَعْرُوفِ لَرُدَّ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَأَنَّهُ أَفْتَى ابْنَهُ عَبْدَ الصَّمَدِ بِذَلِكَ وَكَانَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فَحَنِثَ وَقَالَ لَهُ إنِّي أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ فَإِنْ عُدْت لَمْ أُفْتِك إلَّا بِقَوْلِ مَالِكٍ ابْنِ بَشِيرٍ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَيَعُدُّونَهُ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَاللَّجَاجُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ وَمُعَاقَبَتَهَا بِإِلْزَامِهَا النَّذْرَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ غَيْظُ نَفْسِهِ وَالتَّشْدِيدُ عَلَيْهَا وَالتَّبَرُّرُ وَالرِّضَا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي مَثَلًا وَقَدْ ذَكَرَ ح مَا يُفِيدُ كَرَاهَةَ نَذْرِ اللَّجَاجِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ لَازِمٌ لِنَاذِرِهِ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي عَدَمُ جَعْلِهِ نَذْرًا أَيْ فَأَحِلُّهُ عَنْ نَفْسِي فَإِنَّهُ لَا يَنْحَلُّ وَهُوَ لَازِمٌ لِأَنَّ السَّبَبَ تَقَدَّمَ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ وَالسَّبَبُ هُوَ الْتِزَامُ النَّذْرِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ النَّذْرُ وَلَوْ قَالَ النَّاذِرُ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَيْ مِنْ هَذَا الْمَنْذُورِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا يُفِيدُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَلَوْ قَالَ هَذَا نَذْرٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَذْرًا إلَّا بِمَشِيئَتِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَبُو الْحَسَنِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَرُدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ النَّذْرَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مَنْدُوبًا فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ فَلَا يَلْزَمُ فِي الْمُبَاحِ كَنَذْرٍ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ فِي السُّوقِ إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَالْمَكْرُوهُ أَحْرَى كَنَذْرٍ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ نَفْلًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْمُحَرَّمُ أَحْرَى كَنَذْرٍ عَلَيَّ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْوَاجِبُ لَازِمٌ بِنَفْسِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَذْرُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ

ــ

[حاشية العدوي]

لَكِنْ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ) أَيْ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِهِ عَمَلُهُ أَوْ كَانَ بِمَالٍ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُوَضِّحَةٌ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ إذْ عَلَى وَلِيِّهِ رَدُّ نَذْرِهِ) أَيْ بِالْمَالِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الثُّلُثَ أَوْ دُونَهُ وَرَدُّ وَلِيِّهِ رَدُّ إبْطَالٍ كَانَ السَّفِيهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ يَلْزَمُهَا مَا لَمْ يَرُدَّ الزَّوْجُ وَرَدُّهُ إبْطَالٌ وَالْعَبْدُ يَلْزَمُهُ نَذْرُهُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالسَّفِيهُ لَا يَلْزَمُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَهُ بَعْدَ الرُّشْدِ رَدُّهُ، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ.

(قَوْلُهُ أَنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِأَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ إنَّمَا أَفْتَى ابْنُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَلَّفَ ابْنَهُ الْمَشْيَ فَلَا يَفْعَلُ فَيَلْزَمُهُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِهَانَةُ بِمَسْأَلَةٍ مِنْ الدِّينِ فَيَكُونُ طَرِيقًا إلَى الِاسْتِهَانَةِ بِغَيْرِهَا وَهَذَا حَسَنٌ مِنْ الْفَتْوَى عَظِيمٌ، الثَّانِي ظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّجَاجَ غَيْرُ الْغَضْبَانِ وَكَذَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ تَفْسِيرَ اللَّجَاجِ بِالتَّفْسِيرِ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّ نَذْرَ الْغَضْبَانِ هُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ لَا أَنَّهُ غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدْت فِي كَلَامِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ هُوَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ كَلَامَنَا فِي النَّذْرِ مَا وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ حَلِفٌ (أَقُولُ) إنَّ النَّذْرَ الْوَاقِعَ مِنْ الْغَضْبَانِ هُوَ يَمِينٌ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَجَعَلَهُ حَلِفًا أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَذْرٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ الثَّانِي اللُّزُومُ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِكَوْنِ الْمَوْلَى تبارك وتعالى شَفَى مَرِيضِي.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَفِي الْمُعَلَّقِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعًا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ وَيَصِحُّ الضَّمُّ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ أَوْ بِالْكَسْرِ أَوْ بِالْفَتْحِ يُخَاطِبُ ذَكَرًا فَالطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ كَانَ الشَّخْصَ الْمُتَكَلِّمَ أَوْ غَيْرَهُ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَهِدَ التَّعْلِيقَ فِي الطَّلَاقِ دُونَ النَّذْرِ وَأَمَّا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَيَنْفَعُ فِي رُجُوعِهِ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فِي الْبَابَيْنِ وَلَا يَنْفَعُ إذَا رَجَعَ لِلْمُعَلِّقِ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَرَجَّعَهُ لِدُخُولِ الدَّارِ لَا إنْ رَجَّعَهُ لِصِيغَةِ النَّذْرِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَهَذَا تَحْقِيقُ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) الْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ لَا يُفِيدُ فِي النَّذْرِ غَيْرِ الْمُبْهَمِ مُطْلَقًا أَيْ مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ سَوَاءٌ رَدَّهَا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ) أَيْ بِأَنْ رَجَّعَهُ لِصِيغَةِ النَّذْرِ فَقَطْ أَوْ لَهَا وَلِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا بَلْ يَكُونُ وَاجِبًا وَحَرَامًا وَمَنْدُوبًا وَمَكْرُوهًا كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُصَلِّ الظُّهْرَ مَثَلًا أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ إنْ لَمْ أَمْشِ إلَى كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ وُجِدَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ نَذْرُ صَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ وَالْإِحْرَامِ

ص: 92

وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ كَذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُمَا قَوْلًا الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ وَالْمُقَدِّمَاتِ انْتَهَى وَعِلَّةُ حُرْمَةِ نَذْرِ الْمُبَاحِ لِأَنَّهُ عَظَّمَ مَا لَمْ يُعَظِّمْهُ الشَّرْعُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَا نُدِبَ مِنْ نَذْرٍ زِيَارَةَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ حَيٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ أَعْمَلَ فِيهِ الْمَطِيَّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ كُلُّ عِبَادَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَاتِ غَيْرَ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ وَحَدِيثُ «لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ» مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ وَأَمَّا زِيَارَةُ الْأَحْيَاءِ مِنْ الْإِخْوَانِ وَالْمَشْيَخَةِ وَنَذْرُ ذَلِكَ وَالرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَتَوَقَّفَ بَعْضُ النَّاسِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ وَآثَارِ الصَّالِحِينَ وَلَا تَوَقُّفَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ انْتَهَى مِنْ مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ لِحُلُولُو (ص) كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ (ش) أَشَارَ إلَى الصِّيغَةِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَوْ لَمْ يَلْفُظْ بِالنَّذْرِ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ عَلَى أُضْحِيَّةٍ وَلَوْ لَمْ يَلْفُظْ بِالْجَلَّالَةِ وَيُنْظَرُ فِي النَّذْرِ كَالْيَمِينِ إلَى النِّيَّةِ ثُمَّ الْعُرْفُ ثُمَّ اللَّفْظُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالنِّيَّةِ دُونَ اللَّفْظِ فَإِنْ قِيلَ تَمْثِيلُهُ لِلْمَنْدُوبِ بِقَوْلِهِ ضَحِيَّةٌ وَهِيَ سُنَّةٌ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمَنْدُوبِ الْمَطْلُوبُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَمَا دُونَهَا وَلَا يُنَافِي جَعْلُهُ هُنَا الضَّحِيَّةَ تَجِبُ بِالنَّذْرِ مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا.

(ص) وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ (ش) أَيْ وَنُدِبَ الْتِزَامُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ غَيْرِ الْمُكَرَّرِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ مَا يُوجِبُهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا كَانَ وَمَضَى كَمَنْ شُفِيَ مَرِيضُهُ فَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ وَمَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ فَمُبَاحٌ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ.

(ص) وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَذْرَ الْمُكَرَّرِ مَكْرُوهٌ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَتَى بِهِ عَلَى كَسَلٍ أَوْ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ فِي الْوَفَاءِ بِهِ وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَلَّقُ بِمَحْجُوبٍ آتٍ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا أَوْ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ كَذَا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْقُرَبِ فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمَّا لِكَوْنِهِ أَتَى بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ لَا الْقُرْبَةِ أَوْ خَوْفَ تَوَهُّمِ الْجَاهِلِ مَنْعَهُ مِنْ حُصُولِ الْمُقَدَّرِ أَوْ مُبَاحٌ تَرَدُّدٌ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ نَذْرُ التَّبَرُّمِ كَنَذْرِ عِتْقِ عَبْدٍ ثَقُلَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ نَفْعِهِ تَخَلُّصًا مِنْهُ وَإِبْعَادًا لَهُ وَنَذْرُ التَّحَرُّجِ كَنَذْرِ كَثِيرٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَمَّا مَا لَا يُطِيقُهُ فَحَرَامٌ وَمَعَ كَوْنِ الْمُكَرَّرِ مَكْرُوهًا فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا نُدِبَ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ وَهَذَا مَنْدُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَارِضَةٌ وَإِذَا لَزِمَ الْمُكَرَّرُ فَأَحْرَى الْمُعَلَّقُ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَالْمُعَلَّقُ مُخْتَلَفٌ فِي كَرَاهَتِهِ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ وَلَا يُقْضَى بِالنَّذْرِ وَلَوْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ كَانَ عِتْقًا لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ وَمَتَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ نِيَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ.

(ص) وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لَا غَيْرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ هَدْيَ بَدَنَةٍ نَذْرًا مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا فَإِنْ عَجَزَ النَّاذِرُ عَنْ الْبَدَنَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ بَقَرَةً لِقَوْلِ الْخَلِيلِ الْبَقَرُ مِنْ الْبُدْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

بِالْحَجِّ قَبْلَ زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْإِحْرَامَ مَطْلُوبَانِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الزَّمَنِ وَغَيْرُ مَطْلُوبَيْنِ عِنْدَ مُلَاحَظَتِهِ فَالنَّذْرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ نَذْرَ صَلَاةٍ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ وَبَقِيَّةِ الْمَكْرُوهَاتِ هَلْ يَلْزَمُ أَيْضًا نَظَرًا لِمُطْلَقِ النَّفْلِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْوَقْتِ لِأَشَدِّيَّتِهِ فَكَأَنَّهُ ذَاتِيٌّ كَذَا ذَكَرُوا وَتَأَمَّلْ مَعَ صَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ الْقُدُومُ عَلَى نَذْرِ الْوَاجِبِ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ نَذْرَ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ حَرَامٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُقَدِّمَاتُ رَاجِعٌ لِلثَّانِي مِنْ أَنَّهُ مِثْلُهُمَا (قَوْلُهُ الْمَطِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ يُسْتَعْمَلُ وَاحِدًا وَجَمْعًا أَيْ جَمْعُ مَطِيَّةٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْمَطِيُّ الَّتِي تَمُطُّ فِي سَيْرِهَا أَيْ تَمُدُّ فِي سَيْرِهَا كَذَا أَفَادَهُ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ غَيْرَ الصَّلَاةِ) لَا شَكَّ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّوْمِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَلْزَمُ فِي غَيْرِ الثُّغُورِ (قَوْلُهُ الْإِخْوَانِ) جَمْعُ أَخٍ (قَوْلُهُ وَالْمَشْيَخَةِ) جَمْعُ شَيْخٍ كَمَا أَفَادَهُ الصِّحَاحُ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ) أَرَادَ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا) وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَضْعِيفُ هَذَا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ لَنَا فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَظْهَرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ مَا نَدَبَ الضَّحِيَّةَ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لَا حَقِيقَةٌ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ) فِيهِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَنْدُوبٍ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَعْنَى وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ أَيْ تَخْصِيصُهُ مِنْ بَيْنِ أَفْرَادِ الْمَنْدُوبِ هُوَ الْمُبَاحُ وَفِي ذَاتِهِ مَنْدُوبٌ.

(قَوْلُهُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ نَفْعَ النَّذْرِ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا قَالَهُ بَعْضٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَحْبُوبًا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَمَّا مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ فَيُتَّفَقُ عَلَى كَرَاهَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا مُبْهَمًا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَذَا الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ نَذْرُ التَّبَرُّمِ) أَيْ التَّضَجُّرِ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ نَفْعِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ ثَقُلَتْ وَقَوْلُهُ تَخَلُّصًا مِنْهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ نَذْرٌ (قَوْلُهُ وَنَذْرُ التَّحَرُّجِ) أَيْ الضِّيقِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْوَفَاءُ بِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ الْوَفَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ أَيْ وَفَاءٌ صَحِيحٌ وَتَأَمَّلْ فِي الْمَقَامِ يَظْهَرْ لَك الْمَرَامُ.

(قَوْلُهُ لَا غَيْرُ) أَيْ لَا غَيْرَ السَّبْعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) أَيْ فَالتَّاءُ فِي الْبَدَنَةِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَزِمَ وَلَمْ يَقُلْ وَلَزِمَتْهُ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُجْزِئُهُ الْبَقَرَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَذَرَ (قَوْلُهُ الْبَقَرُ مِنْ الْبُدْنِ) أَيْ لِأَنَّ أَصْلَ الْبَدَنَةِ عَظِيمَةُ الْبَدَنِ فَيَشْمَلُ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الْبُدْنِ تَجَوُّزٌ لَا حَقِيقَةٌ وَإِلَّا

ص: 93

فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ سَبْعَ شِيَاهٍ مِنْ سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ وَصِفَتِهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا صِيَامٌ وَلَا غَيْرُهُ بَلْ يَصْبِرُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ بَدَلِ بَدَلِهِ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى دُونِ السَّبْعَةِ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمَوَّاقِ وَقَالَ بَعْضٌ يَلْزَمُهُ ثُمَّ يُكْمِلُ مَا بَقِيَ مَتَى أَيْسَرَ وَهُوَ ظَاهِرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كُلِّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ نَذَرَ بَدَنَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا فَإِنْ نَوَى نَوْعًا لَزِمَ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الْبَدَنَةُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ إلَخْ.

(ص) وَصِيَامٌ بِثَغْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ كَعَسْقَلَانَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيَأْتِي رَاكِبًا فَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي ثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ إلَى ذَلِكَ وَمَفْهُومُ الثَّغْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الثُّغُورِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيَصُومُ فِي مَكَانِهِ إذْ لَا قُرْبَةَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

(ص) وَثُلُثَهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْجِهَادُ وَالرِّبَاطُ بِمَحِلٍّ خِيفَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ بِمَوْضِعٍ يَخَافُ الْعَدُوَّ فِيهِ وَنَحْوُ مَا مَرَّ مِنْ الثُّغُورِ وَالسَّوَاحِلِ وَمِثْلُهُ الْفُقَرَاءُ أَوْ هِبَتُهُ لَهُمْ أَوْ هَدْيٌ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ قُرْبَةٌ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَعَرْضٍ وَقِيمَةِ كِتَابَةٍ ثُمَّ إنْ عَجَزَ وَكَانَ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا قِيمَةِ مُدَبَّرَةٍ فَإِنْ زَادَ الْمَالُ بِهِبَةٍ أَوْ نَمَاءٍ أَوْ وِلَادَةٍ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالْحِنْثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ سِوَى ثُلُثِهِ يَوْمَ الْحَلِفِ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ حَلَفَ وَمَالُهُ أَلْفٌ وَحَنِثَ وَهُوَ أَلْفَانِ لَزِمَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَبِالْعَكْسِ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ حِينَ يَمِينِهِ رِفْقًا بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِنْفَاقٍ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ وَيَحْسِبُ دَيْنَهُ وَمَهْرَ امْرَأَتِهِ وَيُخْرِجُ ثُلُثَ مَا عَدَاهُ (ص) وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَالِهِ فَاحْتَاجَ إلَى إرْسَالِهِ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ مِنْ غَيْرِ الثُّلُثِ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي فَالْأَصْلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ الْجَمِيعِ فَلَمَّا رُخِّصَ لَهُ فِي الثُّلُثِ وَجَبَ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ مِنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ثُلُثُ مَالِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ.

(ص) إلَّا لِمُتَصَدِّقٍ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَالِي أَيْ أَنَّ مَنْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ لِزَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَالِهِ لِزَيْدٍ إلَّا ثُلُثَهُ فَقَطْ وَيَعْتَبِرُ الْجَمِيعَ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمَا سَمَّى إلَخْ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ الْجَمِيعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَالنَّذْرِ السَّابِقِ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَيُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ كَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ مَا يَعِيشُ بِهِ انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَنْ كَانَ مَضْبُوطًا بِنَفْسِهِ كَزَيْدٍ أَوْ بِجِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ كَبَنِي زَيْدٍ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ بِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

(ص) وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَاذِرَ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ الْحَالِفُ بِذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَرِّرَ إخْرَاجَ الثُّلُثِ لِكُلِّ يَمِينٍ فَيُخْرِجُ ثُلُثَ مَالِهِ لِمَا لَزِمَهُ أَوَّلًا ثُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي لِلثَّانِي لَكِنْ اتِّفَاقًا إنْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الْأَوَّلِ بَعْدَ لُزُومِهِ لَهُ وَقَبْلَ

ــ

[حاشية العدوي]

لَكَانَتْ الْبَقَرَةُ فِي مَرْتَبَتِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ) وَانْظُرْ مَنْ نَذَرَ بَقَرَةً وَعَجَزَ عَنْهَا هَلْ يَلْزَمُهُ سَبْعُ شِيَاهٍ كَمَا هُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَجِبُ دُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ الَّتِي يَقُومُ مَقَامَهَا الشِّيَاهُ السَّبْعُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ عِوَضًا عَنْ الْبَدَنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ النَّذْرُ عَنْ الْبَقَرَةِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْحِرَاسَةَ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الرِّبَاطَ أَوْ الصَّوْمَ بِثَغْرٍ لَزِمَهُ وَكَذَا إذَا نَذَرَ صَلَاةً يُمْكِنُ مِنْ الْحِرَاسَةِ وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً فَقَطْ ثُمَّ يَعُودُ لَيْسَ لِلرِّبَاطِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُهُ وَلْيُصَلِّ بِمَوْضِعِهِ وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَلَوْ ذَكَرَ مَوْضِعًا غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ عِبَارَةٌ تَخْتَصُّ بِهِ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ كَرِبَاط أَوْ جِهَادٍ.

(قَوْلُهُ بِمَحِلٍّ خِيفَ) تَحْقِيقٌ لِلرِّبَاطِ لَا أَنَّهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعْطَى مِنْهُ مُقْعَدٌ وَلَا أَعْمَى وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا صَبِيٌّ وَلَوْ قَاتَلَ وَلَا مَرِيضٌ مَأْيُوسٌ مِنْهُ وَلَا مَفْلُوجٌ وَلَا شِبْهُهُ وَلَا أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدِ الْيُسْرَى انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَوْلَوِيَّةُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا) أَيْ عَطْفٌ عَلَى الْبَدَنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلُزِمَ الْبَدَنَةَ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ مَا مَرَّ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ الثَّغْرِ (قَوْلُهُ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ) أَيْ وَأُجْرَةِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لَا خِدْمَتِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَا ذَاتِهِمَا اتِّفَاقًا وَهَلْ يُعْتَبَرُ عَدَدُ دَيْنِهِ أَوْ قِيمَتُهُ أَوْ يُفَصِّلُ فِيهِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ وَدَيْنَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَجَزَ) كَمَا لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ عَجَزَ فَوَجَدَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ أَنَّ كَوْنَ الْمُعْتَبَرِ الثُّلُثَ حِينَ الْيَمِينِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ إخْرَاجُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ) وَمِثْلُ الْيَمِينِ النَّذْرُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ كَانَ بِإِنْفَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ أَوْ بَعْدَهُ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حِينَ يَمِينِهِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فَتَمْثِيلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا صِيغَةُ نَذْرٍ أَيْ وَمِثْلُهُ الْيَمِينُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ آخِرَ الْعِبَارَةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لعج وَتَبِعَهُ عب أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَيَحْسِبُ دَيْنَهُ) أَيْ وَمَا يُنْفِقُهُ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ بِلَا سَرْفٍ وَالْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَالنَّذْرِ السَّابِقِ

ص: 94

إنْشَاءِ الثَّانِي وَقَوْلُنَا بَعْدَ لُزُومِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ بِلَفْظِهِ وَالْيَمِينُ بِالْحِنْثِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْأَوَّلَ حَتَّى أَنْشَأَ الثَّانِيَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ثُلُثُ مَالِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا ثُلُثُ مَالِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يُخْرِجُ ثُلُثَ الْبَاقِي ثُمَّ كَذَلِكَ قَوْلَانِ وَمَبْنَاهُمَا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُخْرِجْ حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ صَارَا كَأَنَّهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى لِلْجِهَادِ وَالثَّانِيَةُ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ وَقُلْنَا بِلُزُومِ ثُلُثٍ فَقَطْ لَهُمَا فَهَلْ يَقْسِمُ عَلَى قَدْرِ الْجِهَاتِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَى وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَقْرِيرٌ.

(ص) وَمَا سَمَّى وَإِنْ مُعَيَّنًا أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ صَدَقَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ ثُلُثِهِ وَأَمَّا إذَا سَمَّى شَيْئًا أَوْ عَيَّنَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَمَّاهُ بِنَحْوِ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ أَوْ عَيَّنَهُ كَعَبْدِي فُلَانٌ أَوْ دَارِي الْفُلَانِيَّةُ أَوْ حَائِطِي الْفُلَانِيُّ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ جَمِيعَ مَالِهِ فَقَوْلُهُ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ لَا لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَقُولَ نِصْفُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَالِي إلَّا كَذَا وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيمَا سَمَّى وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْجَمِيعِ كَأَنْ يَقُولَ أَلْفٌ مِنْ مَالِي وَلَا يَكُونَ مَالُهُ غَيْرَ أَلْفٍ وَقَوْلُهُ وَمَا سَمَّى عَطْفٌ عَلَى الْبَدَنَةِ.

(ص) وَبَعْثُ فَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِمَحِلِّهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ لَزِمَ وَالضَّمِيرُ فِي مَحِلِّهِ يَرْجِعُ لِلْجِهَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرَسِي أَوْ سَيْفِي أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نَذْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُرْسِلَهُ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ هَذَا إنْ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِيعَ وَعُوِّضَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُ مَا أَهْدَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْلَمُ أَمَانَتَهُ وَلَا مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مِثْلَهُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ سِلَاحٍ هَذَا إذَا بَلَغَ ثَمَنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ اشْتَرَى بِهِ أَقْرَبَ شَيْءٍ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ دَفَعَ ثَمَنَهُ لِلْغَازِينَ وَلَا يَجْعَلُ فِي شِقْصٍ مِثْلَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ (ص) كَهَدْيٍ وَلَوْ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْإِرْسَالِ وَالْبَدَلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْهَدْيَ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهَا إلَى مَحِلِّ الْهَدْيِ وَهُوَ مَكَّةُ أَوْ مِنًى إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيُعَوِّضُ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَيُخْرِجُهُ إلَى الْحَلِّ إنْ اشْتَرَاهُ بِمَكَّةَ اللَّخْمِيُّ يَشْتَرِي مِنْ حَيْثُ يَرَى أَنَّهُ يَبْلُغُهُ.

وَلَوْ وَجَدَ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَا يُؤَخِّرُ رَجَاءَ أَفْضَلَ مِنْهُ بِمَكَّةَ وَيَلْزَمُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَعْثُ الْمُعَيَّنِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ مَعِيبًا كَعَلَيَّ نَذْرُ هَذِهِ الْبَدَنَةِ الْعَرْجَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُهْدَى عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ السَّلَامَةَ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَيْعٌ وَعَوَّضَ بِثَمَنِهِ سَلِيمًا وَنَفَقَةٌ بَعَثَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَعِيبًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ يَعْنِي وَهُوَ مَعِيبٌ وَفِي بَعْضِهَا بِالنُّونِ يَعْنِي وَهُوَ مُعَيَّنٌ (ص) وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْأَبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ (ش) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَهَدْيٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرَسِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ قَالَ هَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ وَتَعَذَّرَ إرْسَالُ ذَلِكَ إلَى مَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَا وَيُعَوَّضُ بِثَمَنِهِ فِي مَحِلِّهِ لَكِنَّ ثَمَنَ الْفَرَسِ أَوْ السِّلَاحِ لَا يُعَوِّضُ بِهِ إلَّا مِنْ جِنْسِهِ فِي مَحِلِّ الْجِهَادِ وَأَمَّا الْهَدْيُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَ بِثَمَنِهِ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ أَيْ فِي الْهَدْي سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا إذَا بِيعَ الْأَبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْغَنَمَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا إبِلًا أَوْ بَقَرًا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْهَدْيِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَمَّاهُ) لَهُ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الثُّلُثِ وَمَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ سَمَّى شَيْئًا يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ أَنَّ الَّذِي سَمَّى لِنَفْسِهِ وَلَوْ ثِيَابَ ظَهْرِهِ وَمَا جَعَلَهُ وَاَلَّذِي قَالَ مَالِي أَدْخَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَكَانَ مِنْ الْحَرَجِ الْمَرْفُوعِ فَوَجَبَ قَصْرُهُ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيمَا سَمَّى إلَخْ) وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ إمَّا لَفْظًا أَوْ وَاقِعًا.

(تَنْبِيهٌ) : يُتْرَكُ لَهُ فِي هَذِهِ أَيْضًا أَيْ كَقَوْلِهِ قَبْلُ فَالْجَمِيعُ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يُصْرَفُ فِي حَجِّ فَرْضٍ بِلَا سَرَفٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ سَابِقٍ وَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ.

(قَوْلُهُ وَلَا مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُبَلِّغُهُ رَأْسًا أَوْ يُبَلِّغُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مِثْلَهُ) أَيْ وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنِ فَرَسٍ سِلَاحًا وَلَا عَكْسَهُ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا خِلَافًا لِتَنْظِيرِ عج (قَوْلُهُ أَقْرَبَ شَيْءٍ إلَيْهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ فَإِنْ أَمْكَنَ شِرَاءُ مِثْلِهِ سَيْفًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ سَيْفٌ فَأَنْ يُشْتَرَى بِهِ رُمْحٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْفِيِّ يَجْعَلُ فِي شِقْصٍ فَإِذَا وَقَفَ عَبْدًا عَلَى خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَجَزَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَنْ الْخِدْمَةِ لِلْمَسْجِدِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَوَّابًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ نِصْفَ عَبْدٍ مَثَلًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ شِرَاءُ عَبْدٍ كَامِلٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ عِنْدَ أَشْهَبَ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ سَالِمًا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ مَعِيبٌ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ سَالِمٌ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ.

(قَوْلُ هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَهَدْيٍ) أَيْ مَنْطُوقًا وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَنْطُوقُ وَمِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ لِأَنَّ مَنْطُوقَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَدْيِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيهِ أَيْ الْهَدْيِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْفَرَسِ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ شِرَاءُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاعَهُ وَعَوَّضَ مِنْ جِنْسِهِ إنْ بَلَغَ أَوْ أَفْضَلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ وَلَا يُخَالِفُ إلَى الْأَفْضَلِ

ص: 95

شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّحْمُ تَوْسِعَةً لِلْفُقَرَاءِ وَلَحْمُ الْإِبِلِ أَكْثَرُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ فَإِنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ (ص) وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَذَرَهُ الْإِنْسَانُ وَالْتَزَمَهُ هَدْيًا مِمَّا يُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي الْعَادَةِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ مِمَّا يُهْدَى فِي الْعَادَةِ وَلَا يُرْسِلُهُ بِعَيْنِهِ لِمَوْضِعِ الْهَدْيِ (ص) وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَأَهْدَى بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَا هُوَ كَالثَّوْبِ لِإِيهَامِ تَغْيِيرِ سُنَّةِ الْهَدْيِ لِأَنَّ جِنْسَهَا مَحْصُورٌ فِي بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَبَعْثُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ يُبْطِلُ هَذَا الْحَصْرِ فَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَأَرْسَلَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَاكَ وَيُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ يُنْحَرُ بِمَحِلِّ الْهَدْيِ.

فَقَوْلُهُ وَأَهْدَى بِهِ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَبِيعَ وَأَهْدَى بِهِ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ بَعْثُهُ أَهْدَى بِهِ أَيْ بِثَمَنِهِ (ص) وَهَلْ اخْتَلَفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ أَوَّلًا أَوْ لَا نَدْبًا أَوْ التَّقْوِيمُ إنْ كَانَ بِيَمِينٍ تَأْوِيلَاتٌ (ش) فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النَّذْرِ أَنَّهُ إذَا أَهْدَى ثَوْبًا وَنَحْوَهُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَبْعَثُ ثَمَنَهُ وَلَا يَبْعَثُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَوَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ النَّذْرِ جَوَازُ تَقْوِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِخْرَاجِ قِيمَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَحَمَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وَاكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ اخْتَلَفَ أَيْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مَعَ مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.

فَلَفْظُ اخْتَلَفَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَهَلْ ذَلِكَ حَمْلٌ عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لَا وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ اخْتَلَفَ فَقَالَ هَلْ يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ فَقِيلَ لَهُ إذَا قُلْنَا بِالتَّوْفِيقِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فَقَالَ يُتْرَكُ نَدْبًا لَا وُجُوبًا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ قَوْلِهَا يَبِيعُهُ وَقَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ إنْ شَاءَ بَاعَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا بِالْبَيْعِ أَمْرُ نَدْبٍ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ وَالْمَنْدُوبُ مُوَكَّلٌ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ إلَى الْمَشِيئَةِ أَوْ يُقَالُ التَّقْوِيمُ الْوَاقِعُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَ الِالْتِزَامُ حَصَلَ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَقْصِدُ قُرْبَةً فَلَمْ يَدْخُلْ فِي خَبَرِ «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَالْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ قَاصِدًا الْقُرْبَةَ فَيَدْخُلُ فِي الْخَبَرِ فَهَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ ثَلَاثٌ هَذَا زُبْدَةُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ.

(ص) فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ) أَيْ وُجُوبًا وَاشْتُرِيَ بِهِ هَدْيٌ أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالتَّأْوِيلَاتُ الْآتِيَةُ ضَعِيفَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَذَرَهُ الْإِنْسَانُ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَيْسَ بِفَرَسٍ وَلَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ كَقَوْلِهِ عَبْدِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ وَأُهْدِيَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ فِعْلَ رَبِّ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْلًا أَوْلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى مُقَابِلُ يُقَوِّمُهُ وَمُقَابِلُ أَوْلًا الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ وَلَا اعْتِرَاضَ فِي إتْيَانِ مُعَادِلٍ لِهَلْ لِأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ وَابْنَ هِشَامٍ فِي مُغْنِيهِ صَرَّحَا بِأَنَّهُ يُؤْتَى لِهَلْ بِمُعَادِلٍ قَلِيلًا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ هَلَّ تَزَوَّجْت بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ نَدْبًا) حِلُّ الشَّارِحِ الْآتِي يَقْتَضِي أَنَّ نَدْبًا مُرْتَبِطٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ يُتْرَكُ التَّقْوِيمُ نَدْبًا أَيْ يُتْرَكُ التَّقْوِيمُ حَالَ كَوْنِ التَّرْكِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ يُتْرَكُ نَدْبًا أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّوْفِيقُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ التَّقْوِيم لَمْ يَأْتِ عَلَى سُنَنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَقَالَ أَوْ هُوَ أَيْ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّقْوِيمِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَيْ إذَا كَانَ الِالْتِزَامُ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ النَّذْرُ.

(قَوْلُهُ وَأَنَّ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرٌ) أَيْ مُفِيدٌ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِيعَ أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ) أَيْ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ التَّقْوِيمُ مَنْدُوبٌ وَإِذَا كَانَ التَّرْكُ مَكْرُوهًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مَنْدُوبًا غَيْرَ أَنَّ التَّعْلِيلَ شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْأَخْبَارِ بِكَرَاهَةِ التَّقْوِيمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ إنْ قُلْنَا بِالتَّوْفِيقِ فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي الْحُكْمَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ يُخَيَّرُ الشَّخْصُ فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرْكَ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى فَيُحْمَلُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى النَّدْبِ أَوْ يُقَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ التَّقْوِيمُ) أَيْ جَوَازُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ هُنَا عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ عَلَى طَرِيقِ الْجَوَازِ (أَقُولُ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ بِعِوَضِهَا مَكْرُوهٌ فَقَطْ.

(تَنْبِيهٌ) : يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ أَوَّلًا الْأُولَى بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ ظَرْفٌ أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِلِاخْتِلَافِ أَيْ هَلْ قَوْلُهُ بِتَقْوِيمِهِ خِلَافُ قَوْلِهِ يَبِيعُهُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ بَلْ يَبِيعُهُ نَدْبًا وَالتَّقْوِيمُ جَوَازًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَحْوَطُ عِنْدِي لِمَنْ أَرَادَ التَّقْوِيمَ أَنْ لَا يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِإِحْضَارِ السِّلْعَةِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَسُؤَالِهِمْ عَنْ قِيمَتِهَا بَلْ يُدْخِلُهَا السُّوقَ وَيُنَادِي عَلَيْهَا فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَنًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى) حِلُّ الشَّارِحِ مُفَادُهُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَإِنْ بِيعَ فَيُشْتَرَى بِهَا هَدْيٌ كَبِيرٌ كَبَدَنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ مَطْلُوبًا بِالْأَعْلَى أَوَّلًا فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى مَعَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ الْهَدْيُ مُتَعَيِّنًا فِي أَعْلَى وَلَا فِي أَدْنَى فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ إلَخْ فَظَاهِرٌ

ص: 96

(ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَهْدَى ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُهْدَى عَادَةً أَنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَلَا يُرْسِلُهُ وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ فِي مَحَلِّ الْهَدْيِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ إذَا عَجَزَ عَنْ شِرَاءِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ أَقَلَّ الْهَدْيِ وَهُوَ شَاةٌ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْأَدْنَى فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ثَمَنِ شَاةٍ فَإِنَّهُ يُرْسِلُهُ إلَى خَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِي مَصَالِحِهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِهِ فِي أَيِّ مَكَان.

(ص) وَأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مِنْهُ عليه السلام (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالِكًا اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ أَنْ يُشْرَكَ مَعَ خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ غَيْرُهُمْ فِي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا وَخِدْمَتِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا فَإِنَّ خَزَنَتَهَا هُمْ أَصْحَابُ عَقْدِهَا وَحِلِّهَا فَلَا يُشْرِكُهُمْ غَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ.

(ص) وَالْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلَوْ لِصَلَاةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَلُزِمَ الْبَدَنَةَ بِنَذْرِهَا وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ لِأَجْلِ صَلَاةٍ بِهِ وَلَوْ نَفْلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْأُولَى بِلَا خِلَافٍ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَأْتِي ذَلِكَ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا خِلَافًا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْحَجِّ لَا يَمْشِي بَلْ يَرْكَبُ إنْ شَاءَ وَأَمَّا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَأْتِيهِمَا رَاكِبًا كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَشَى لِلْمَدِينَةِ أَوْ إيلِيَاءَ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّيهِمَا فَيَرْكَبُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ فِي لُزُومِ ذَلِكَ إذَا نَذَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلِيَاءَ.

(ص) وَخَرَجَ مَنْ بِهَا وَأَتَى بِعُمْرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ قَاطِنٌ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ مَاشِيًا فِي إيَابِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ لِلْحِلِّ رَاكِبًا وَمَشَى مِنْهُ لِمَكَّةَ.

(ص) كَمَكَّةَ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ جُزْئِهِ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ وَكَذَا إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ أَوْ إلَى الْبَيْتِ أَوْ جُزْئِهِ الْمُتَّصِلِ كَالْحَجَرِ وَالْمُلْتَزَمِ وَالرُّكْنِ وَالْبَابِ وَالشَّاذَرْوَانِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مَاشِيًا وَإِنَّمَا لَزِمَ مَنْ قَالَ إلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَوِي عَلَى الْبَيْتِ وَالْبَيْتُ لَا يُؤْتَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ فَمِنْ حَيْثُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا بِيعَ الثَّوْبُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بَدَنَةً لَا بَقَرَةً وَلَا شَاةً فَإِذَا عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إنْ احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ) عَبَّرَ بِإِنْ إشَارَةً إلَى أَنَّ احْتِيَاجَهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَضُّ فَتُبْنَى وَلَا يَكْسُوهَا إلَّا الْمُلُوكُ وَيَأْتِيهَا مِنْ الطِّيبِ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ وَمَكَانِسُهَا خُوصٌ ثَمَنُهَا لَا بَالٌ لَهُ وَبَعْدَ الْكَنْسِ يَزِيدُ ثَمَنُهَا عَلَى مَا كَانَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَأْكُلَهُ الْخَزَنَةُ وَلَيْسَ مِنْ قَصْدِ النَّاذِرِ فِي شَيْءٍ وَخَزَنَتُهَا بَنُو شَيْبَةَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ النَّاذِرُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى خَزَنَتِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ فَإِنَّ خَزَنَتَهَا إلَخْ) لَيْسَ هَذَا هُوَ تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ الْمُنَاسِبُ لِتَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ مَالِكًا اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ إلَخْ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمْ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وِلَايَةٌ مِنْهُ عليه السلام وَإِذَا امْتَنَعَ الشِّرْكُ فَأَوْلَى الِانْتِزَاعُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا حَافَظُوا عَلَى حُرْمَتِهِ وَلَازَمُوا الْأَدَبَ فِي خِدْمَتِهِ وَإِلَّا جُعِلَ عَلَيْهِمْ مُشْرِفٌ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ النَّذْرِ وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا اسْتِطْرَادًا وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَتَقْدِيرُهُ هَلْ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِغَيْرِ الْخَزَنَةِ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ «هِيَ لَكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ خَالِدَةٌ تَالِدَةٌ لَا يَنْتَزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ» فَكَانَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُسْنَدَ الْإِعْظَامُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا لِلْإِمَامِ قُلْت النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا عَبَّرَ بِالِانْتِزَاعِ الظَّاهِرِ مِنْهُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ وَإِخْرَاجُهُمْ فَأَفَادَهُ مَالِكٌ أَنَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلُهُ الْإِشْرَاكُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لِصَلَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ نَذَرَ الْمَشْيَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَلْ وَلَوْ لِصَلَاةٍ فَلَيْسَ الصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ دَاخِلَيْنِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ بَلْ هُمَا مُسَاوِيَانِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الصَّلَاةَ بِالْفَرْضِ لِمُضَاعَفَةِ الْأَجْرِ فِيهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ أَوْ لِأَنَّ النَّافِلَةَ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ الشُّمُولُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَأَنَّ الْمُضَاعَفَةَ بِمَكَّةَ حَاصِلَةٌ بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ خِلَافًا لِلطَّحَاوِيِّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ حَنِثَ خَصَّهُ بِالْفَرْضِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ مَذْهَبُ الْغَيْرِ مُحَشِّي تت.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِلصَّلَاةِ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْرَامِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ بِقَيْدِ الْوُجُوبِ بِمَا إذَا لَمْ يَلْحَقْهَا ضَرَرٌ يُظَنُّ بِهِ انْكِشَافُهَا وَلَمْ يَخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهَا الْمَشْيُ بَلْ رُبَّمَا امْتَنَعَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَمَشَى لِمَسْجِدِ مَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ لِصَلَاةٍ.

(قَوْلُهُ فِي إيَابِهِ) أَيْ رُجُوعِهِ وَقَوْلُهُ وَيَمْشِي مِنْهُ أَيْ مِنْ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ.

(قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ تَامٌّ) أَيْ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لِصَلَاةٍ (قَوْلُهُ كَالْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ الْخَارِجَ عَنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحَجَرِ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ مُحَشِّي تت مُرَادُهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَأَمَّا الْحِجْرُ بِسُكُونِ الْجِيمِ فَنَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ فِيهِ وَنَازَعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بَحْثًا لَا نَصًّا وَلِذَا حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا ضُبِطَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَوِي إلَخْ) قَضِيَّةُ حِلِّ الشَّارِحِ أَوَّلًا حَيْثُ جَعَلَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ وَمَا بَعْدَهَا الصَّلَاةَ وَمِثْلُهَا الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَمْ يُلَاحِظْ شَيْئًا أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ اللُّزُومُ وَيُؤْخَذُ الْجَوَابُ مِنْ شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لِصَلَاةٍ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ نَاوِيًا مُجَرَّدَ الْوُصُولِ فَقَطْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ فَهُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ اهـ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ إنْ نَوَى مُجَرَّدَ الْوُصُولِ

ص: 97

إلَيْهِ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.

(ص) لَا غَيْرَ إنْ لَمْ يَنْوِ نُسُكًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى زَمْزَمَ أَوْ إلَى الْمَقَامِ أَوْ إلَى قُبَّةِ الشَّرَابِ أَوْ إلَى الْمَرْوَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَيْتِ مَا هُوَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَهُ وَمَحِلُّ عَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَيْتِ وَجُزْئِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فَإِنْ نَوَاهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ مَاشِيًا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَيَدْخُلُ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِمَا نَوَى وَصَارَ كَالْمُتَّصِلِ عِنْدَ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلْمُدَوَّنَةِ.

(ص) مِنْ حَيْثُ نَوَى وَإِلَّا حَلَفَ أَوْ مِثْلُهُ إنْ حَنِثَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ مَوْضِعٍ نَوَاهُ فِي النَّذْرِ وَالْحَلِفِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ مَوْضِعِ نَذْرِهِ وَفِي الْحَلِفِ مِنْ مَوْضِعِ حَلِفِهِ فَإِنْ حَنِثَ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْهُ إنْ كَانَ مِثْلَ مَوْضِعِ الْحَلِفِ فِي الْبُعْدِ فَإِنْ كَانَ دُونَ مَوْضِعِ الْحَلِفِ وَلَوْ يَسِيرًا رَجَعَ لِمَوْضِعِ الْحَلِفِ وَمَشَى مِنْهُ وَقِيلَ فِي الْيَسِيرِ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِهِ وَيُهْدِي، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْمَسَافَةِ لَا فِي الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ حَنِثَ بِهِ أَنَّهُ إذَا مَشَى مِنْ مِثْلِ مَوْضِعِ الْحَلِفِ وَلَمْ يَكُنْ حَنِثَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَنَقْلُ الشَّارِحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ بِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

(ص) وَتَعَيَّنَ مَحَلٌّ اُعْتِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ مَثَلًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ لِلْحَالِفِينَ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لِلْحَالِفِينَ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُعْتَادُ لِغَيْرِهِمْ فَقَطْ فَلَا يَمْشِي مِنْهُ وَيَتْرُكُ الْمُعْتَادَ لِلْحَالِفِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلِابْتِدَاءِ عُرْفٌ بِمَوْضِعٍ وَلَا هُنَاكَ نِيَّةٌ فَمِنْ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ.

(ص) وَرَكِبَ فِي الْمَنْهَلِ (ش) أَيْ فِي مَكَانِ النُّزُولِ لِحَوَائِجِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَاءٌ أَمْ لَا (ص) وَلِحَاجَةٍ (ش) أَيْ وَرَكِبَ فِي طَرِيقِهِ لِحَاجَةٍ نَسِيَهَا وَعَادَ لَهَا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا قَبْلَهُ (ص) كَطَرِيقِ قُرْبَى اُعْتِيدَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي الطَّرِيقِ الْقَرِيبِ إنْ كَانَ مُعْتَادًا الْمَشْيَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ مِنْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَعِبَارَةِ الْمَوَّاقِ اعْتِبَارُ الِاعْتِيَادِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ، وَاَلَّذِي يُقَرِّرُهُ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتَبِرُ الِاعْتِيَادَ لِلْحَالِفِينَ فَقَطْ أَوْ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ أَمَّا لَوْ اُعْتِيدَتْ الْبُعْدَى لِلْحَالِفِينَ وَالْقُرْبَى لِغَيْرِهِمْ مَشَى مِنْ الْبُعْدَى ثُمَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقُرْبَى وَالْبُعْدَى مُعْتَادًا فَلَهُ الْمَشْيُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَمْشِي الْبُعْدَى كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَبَحْرًا اُضْطُرَّ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ فِي جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى الْبَرِّ إلَّا فِي السُّفُنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ فِي السَّفِينَةِ إلَى الْبَرِّ ثُمَّ يَمْشِي مَا بَقِيَ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وَقَوْلُهُ وَبَحْرًا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحِلٍّ فِي الْمَنْهَلِ وَقَوْلُهُ وَبَحْرًا يَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (ص) لَا اُعْتِيدَ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَحْرَ الْمُعْتَادَ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ كَالتُّجَّارِ وَالْحُجَّاجِ لَا يَرْكَبُهُ بَلْ يَمْشِي مِنْ مَحَلٍّ اعْتَادَ الْحَالِفُونَ الْمَشْيَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ اعْتَادَ الْحَالِفُونَ رُكُوبَهُ رَكِبَهُ (ص) لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جَعَلَ مَشْيَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّهَابُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ بَلْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْمَقَامُ قَابِلٌ لِلتَّكَلُّمِ وَحُرِّرَ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ) أَيْ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ بِهِ لَا الْمَوْضِع الَّذِي حَلَفَ فِيهِ مِنْ الْبَلَدِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ) أَيْ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ حَلَفَ لَا مِنْ حَيْثُ حَنِثَ وَقَوْلُهُ أَوْ مِثْلِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ أَعْنِي حَيْثُ إلَخْ أَوْ مِنْ مِثْلِهِ إنْ حَنِثَ بِهِ وَلَوْ قَالَ أَوْ حَنِثَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَيُصَدَّقُ فِيمَا نَوَاهُ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُقْضَى بِهِ (قَوْلُهُ إنْ حَنِثَ بِهِ) أَيْ إنْ حَنِثَ بِذَلِكَ الْمُمَاثِلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّقَرُّبُ بِمِثْلِ تِلْكَ الْخُطَى وَلَا مَزِيَّةَ لِلْأَرَاضِيِ بَقِيَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَيْثُ نَوَى وَإِلَّا اُعْتِيدَ وَإِلَّا حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَوْ مِثْلُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَعَيَّنَ إلَخْ لَا يُفِيدُ بَيَانَ الْمَرْتَبَةِ.

(قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ الْمُعْتَادُ لِلْحَالِفِينَ) وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِينَ مُعْتَادٌ أَصْلًا وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا مُعْتَادٌ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَمْشِي مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ عج.

(قَوْلُهُ وَرَكِبَ) أَيْ جَوَازًا (قَوْلُهُ لِحَوَائِجِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَكِبَ أَيْ رَكِبَ لِحَوَائِجِهِ وَالْأُمُورُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهِ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى التَّقْدِيمِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَشْيِهِ بِأَنْ يَرْجِعَ لَهُ وَيَنْزِلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَيَمْشِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَعِبَارَةِ الْمَوَّاقِ اعْتِبَارُ الِاعْتِيَادِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ) وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُونَ اعْتَادُوا غَيْرَهَا فَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي إلَخْ مُقَابِلُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَوَّاقَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) زَادَ فِي ك وَانْظُرْ إذَا مَشَى فِي الْقُرْبَى الَّتِي لَمْ تُعْتَدْ هَلْ يَأْتِي بِالْمَشْيِ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ يَنْظُرُ لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبُعْدَى مِنْ التَّفَاوُتِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا رَكِبَ فَيُفَصِّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ بِالْمَشَقَّةِ بِالتَّحْلِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّحْلِيقُ أَيْ فَلَا يَرْكَبُهُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ التَّحْلِيقُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ مَسَافَتُهُ قَلِيلَةً جِدًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً وَلَهَا بَالٌ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَزَالَ رَجَعَ وَمَشَاهَا كَمَنْ رَكِبَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَزَلْ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ كَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّجُوعِ يَمْشِي مَا رَكِبَ فِيهِ كَثِيرًا فَيَجْرِي فِي رُكُوبِهِ مَا جَرَى فِي رُكُوبِ الْمَسَافَةِ لِمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فَادِحَةٌ بِالتَّحْلِيقِ يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ (قَوْلُهُ بَلْ يَمْشِي مِنْ مَحَلٍّ اعْتَادَ الْحَالِفُونَ الْمَشْيَ مِنْهُ) فَلَوْ اعْتَادَ الرُّكُوبَ غَيْرُ الْحَالِفِينَ وَلَمْ يَعْتَدْ الْحَالِفُونَ شَيْئًا فَبَيَّنَهُ عج بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اُعْتِيدَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا اُعْتِيدَ أَيْ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ

ص: 98

إلَى مَكَّةَ فِي حَجٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ لِتَمَامِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيَرْكَبَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَيَرْكَبَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَأَمَّا إنْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَوْلُهُ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَلَهُ بَعْدَهُ الرُّكُوبُ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِقْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلِلْغَيْرِ إنْ نَوَى نُسُكًا كَمَا مَرَّ وَضَمِيرُ (وَسَعْيِهَا) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْعُمْرَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ وَلِلْإِفَاضَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ مَشْيَهُ إلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَى تَمَامِ سَعْيِهَا فَقَطْ، وَأَمَّا الْحِلَاقُ فَإِنَّهُ مِنْ وَاجِبَاتِهَا لَا مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ إذَا جَعَلَ مَشْيَهُ إلَى مَكَّةَ فِي حَجٍّ فَإِنَّهُ يَنْتَهِي مَشْيُهُ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَسَعْيُهَا إنْ كَانَ لَمْ يَسْعَ أَوَّلًا، وَعَلَى هَذَا يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى سَعْيِ الْعُمْرَةِ.

(ص) وَرَجَعَ وَأَهْدَى إنْ رَكِبَ كَثِيرًا بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِأَنْ نَذَرَ ذَلِكَ أَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ فَلَمَّا مَشَى رَكِبَ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَنْ يَرْجِعَ ثَانِيًا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ يَمْشِي مَا رَكِبَهُ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ وَيُؤَخِّرُهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ لِيَجْتَمِعَ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَلَوْ قَدَّمَهُ فِي عَامِ مَشْيِهِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَهُ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ فَقَدْ يَكُونُ الرُّكُوبُ كَثِيرًا وَهُوَ قَلِيلٌ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ كَمَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ وَقَدْ يَكُونُ الرُّكُوبُ يَسِيرًا وَهُوَ كَثِيرٌ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ كَالْمِصْرِيِّ وَالْمَدَنِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَمْشِيَ عِدَّةَ أَيَّامٍ إذْ قَدْ يَرْكَبُ رُكُوبَهُ أَوْ لَا وَلُزُومُ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ الْيَسِيرِ جِدًّا أَوْ الْبَعِيدِ جِدًّا كَمَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (ص) أَوْ الْمَنَاسِكُ وَالْإِفَاضَةِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ وَالْإِفَاضَةَ مَعًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فِي نَفْسِهِ أَشْبَهَ الْكَثِيرَ وَالْمَنَاسِكُ هِيَ أَفْعَالُ الْحَجِّ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى رُجُوعِهِ مِنْهُ لِمِنًى وَالْإِفَاضَةُ هِيَ رُجُوعُهُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَمِثْلُهَا لَوْ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ لَا الْإِفَاضَةَ فَقَطْ وَإِذَا رَجَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ اسْتِحْبَابًا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ لَا يَرَى الْمَشْيَ إلَّا إلَى مَكَّةَ فَقَطْ.

وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَنَاسِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى كَثِيرًا أَيْ أَوْ رَكِبَ فِي فِعْلِ الْمَنَاسِكِ وَقَوْلُهُ وَالْإِفَاضَةَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ لَا بِمَعْنَى أَوْ لِئَلَّا يُنَافِيَهُ قَوْلُهُ كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ (ص) نَحْوُ الْمِصْرِيِّ (ش) هُوَ فَاعِلُ رَجَعَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِصْرِيَّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرِيبِ فِي لُزُومِ الرُّجُوعِ يَمْشِي مَا رَكِبَ وَقَوْلُهُ نَحْوُ إلَخْ يَتَنَازَعُهُ رَجَعَ وَأَهْدَى وَرَكِبَ وَأَحْرَى نَحْوُ الْمَدَنِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَعِيدِ جِدًّا فِي قَوْلِهِ وَكَإِفْرِيقِيٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ (ص) قَابِلًا فَيَمْشِي مَا رَكِبَ فِي مِثْلِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ بِأَنْ رَكِبَ كَثِيرًا وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِيَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَإِذَا رَجَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي حَجٍّ إنْ كَانَ حِينَ نَذْرِهِ نَذَرَ حَجًّا أَوْ نَوَاهُ أَوْ فِي عُمْرَةٍ إنْ نَذَرَهَا أَوْ نَوَاهَا فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَجْزِهِ وَقَوْلُهُ قَابِلًا صِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ زَمَنًا قَابِلًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ عَامًا قَابِلًا لِشُمُولِهِ لِمَنْ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ أَوْ لِمَنْ يُمْكِنُهُ فِيهِ الرُّجُوعُ فِي عُمْرَةٍ.

(ص) وَإِلَّا فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ (ش) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

فَإِنَّهُ لَا يَرْكَبُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا لِلْحَالِفِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا اُعْتِيدَ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ فَإِنَّهُ يَرْكَبُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَمُحَشِّي تت مَا يُقَوِّي كَلَامَ عج خِلَافًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَمِّمْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى سَعْيِ الْعُمْرَةِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى السَّعْيِ إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ رُكُوبُهُ فِي غَيْرِ الْمَنَاسِكِ فَلَوْ رَكِبَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رُجُوعٌ بَلْ لَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ فَحَجَّ وَمَشَاهَا أَجْزَأَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ إنْ رَكِبَ كَثِيرًا) أَيْ وَلَوْ اضْطِرَارًا (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِكَثِيرًا أَيْ أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ بِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَسَافَةُ جَمِيعُهَا فِي الصُّعُوبَةِ أَوْ فِي السُّهُولَةِ وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ أَوْ بِحَسَبِ صُعُوبَةِ الْمَسَافَةِ وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا مَعَ الْمَسَافَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْمِسَاحَةُ فِي ذَلِكَ وَيُعَوَّلُ فِي الْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَنْ يَرْجِعَ ثَانِيًا) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ أَوْ يَرْجِعَ لِمَوْضِعِ الرُّكُوبِ إنْ كَانَ قَدْ مَكَثَ بِمَكَّةَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَمْشِي جَمِيعَ الطَّرِيقِ وَقِيلَ إذَا كَانَ قَدْ رَكِبَ الْجُلَّ أَوْ لَا قِيلَ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ رَكِبَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَيُؤَخِّرُهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ) فَإِنْ قَدَّمَهُ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَالتَّأْخِيرُ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ.

(قَوْلُهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) الَّذِي هُوَ الْحَجُّ وَقَوْلُهُ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ الَّذِي هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ) أَيْ إذَا اسْتَوَتْ الْمَسَافَةُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ مَكَثَ فِي مَكَّةَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ أَيْ يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ لِفِعْلِهَا (قَوْلُهُ إلَى رُجُوعِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ عَرَفَةَ لِمِنًى أَيْ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (قَوْلُهُ إلَى مَكَّةَ) فَقَطْ لَا إلَى عَرَفَةَ وَلَا مِنْ عَرَفَةَ لِرُجُوعِهِ لِمِنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمَشْيُ لِمَكَّةَ وَأَمَّا الذَّهَابُ لِعَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ اسْتِحْبَابًا (قَوْله نَحْوَ الْمِصْرِيِّ) وَكَذَا مَا تَوَسَّطَ بَيْنَ مِصْرَ وَإِفْرِيِقِيَّةَ وَأَوْلَى الْقَرِيبُ مِنْ مِصْرَ.

وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ فَيُعْطَى حُكْمَ إفْرِيقِيَّةَ كَذَا يَنْبَغِي أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ فَيَمْشِي مَا رَكِبَ) أَيْ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إذَا كَانَتْ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ مَضْبُوطَةً وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَقْدُورِهِ (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ لِمَنْ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حَقِّهِ لَيْسَ

ص: 99

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ لَهُ حِينَ نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ بَلْ أَبْهَمَ وَمَشَى فِي أَحَدِهِمَا فَرَكِبَ فِيهِ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا فِي الزَّمَنِ الْقَابِلِ فَيَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِغَيْرِ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا مَا لَمْ يَكُنْ رُكُوبُهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ فِي الْمَنَاسِكِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ فَيَتَعَيَّنُ جَعْلُ الثَّانِي فِي حَجٍّ لَا عُمْرَةٍ لِأَنَّ عَمَلَهَا أَقْصَرُ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى جَوَازِ الْمُخَالَفَةِ وَلَوْ رَكِبَ أَوَّلًا الْمَنَاسِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.

(ص) إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ وَرَكِبَ وَأَهْدَى فَقَطْ (ش) أَيْ إنَّمَا يَجِبُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ رَكِبَ كَثِيرًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ حَيْثُ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ وَلَوْ فِي عَامَيْنِ فَخَالَفَ ظَنَّهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ خُرُوجِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَيْ أَوْ ظَنُّهُ الْقُدْرَةُ حِينَ يَمِينِهِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ بِأَنْ تَوَهَّمَ أَوْ شَكَّ أَوْ عَلِمَ الْعَجْزَ لِضَعْفٍ أَوْ كِبَرٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ يَمْشِي مَقْدُورَهُ وَلَوْ نِصْفَ مَيْلٍ وَرَكِبَ مَعْجُوزَهُ وَأَهْدَى مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِمَنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ يَمِينِهِ احْتِرَازٌ مِمَّنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ نَوَى أَنْ لَا يَمْشِيَ إلَّا مَا يُطِيقُهُ وَلَوْ شَابًّا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ وَيَمْشِي مَقْدُورَهُ وَيَرْكَبُ مَعْجُوزَهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ (ص) كَأَنْ قَلَّ وَلَوْ قَادِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَرَكِبَ فِيهِ رُكُوبًا قَلِيلًا بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ (ص) كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رَكِبَ الْإِفَاضَةَ فَقَطْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ كَمَا إذَا رَكِبَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَوْلُهُ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ الْمَنَاسِكِ وَلَا الْمَنَاسِكِ فَقَطْ وَإِلَّا رَجَعَ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ كَأَنْ قَلَّ مُشْبِهٌ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَقَوْلُهُ كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَعَ الْهَدْيِ.

(ص) وَكَعَامٍ عَيَّنَ وَلْيَقْضِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ فَقَطْ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ مَاشِيًا فِي عَامِ كَذَا فَخَرَجَ وَرَكِبَ كُلَّ الطَّرِيقِ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُهْدِي وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فَلَوْ لَمْ يَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ الْمُعَيَّنِ بَلْ تَرَكَ الْحَجَّ فِيهِ عَمْدًا مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ مَشْيٍ وَتَرَاخَى حَتَّى فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ (ص) أَوْ لَمْ يَقْدِرْ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الْهَدْيُ فَقَطْ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ أَيْ فِي أَوَّلِ الْخُرُوجِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رَكِبَ كَثِيرًا وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هُوَ مَعْطُوفٌ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ بَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ إلَّا فِي ثَانِي عَامٍ إذَا كَانَ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْعَامِ نَفْسِهِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ زَمَنَ الْوُقُوفِ لَمْ يَأْتِ فَالرُّجُوعُ لَيْسَ مِنْ بَلَدِهِ بَلْ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا أَيْ يَرْجِعُ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا إذَا وَصَلَ إلَيْهَا إلَى أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فَيَمْشِيهَا فَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ أَخَّرَهُ لِثَانِي عَامٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ بِمِنًى وَعَرَفَةَ) أَيْ الْكَائِنَةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ عَمَلَهَا أَقْصَرُ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَنَاسِكُ الَّتِي فِي مِنًى وَعَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى جَوَازِ الْمُخَالَفَةِ وَلَوْ رَكِبَ أَوَّلًا الْمَنَاسِكَ) لَكِنْ يُقَالُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ وَرَجَعَ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَأَتَى بِعُمْرَةٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ مَشْيٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي رُجُوعِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا لَوْ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الرُّجُوعِ مَشْيٌ مَعَ أَنَّهُ مَتَى أَتَى بِعُمْرَةٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الرُّجُوعِ مَشْيٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فِي الْعَامِ الثَّانِي يَذْهَبُ وَيَمْشِي أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَهَذَا يُسْتَبْعَدُ فِي نَفْسِهِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ اعْتِمَادُ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ حَيْثُ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ) وَأَوْلَى لَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ يُضْرَبَانِ فِي خَمْسَةٍ حَالَ الْيَمِينِ وَهِيَ مَا إذَا اعْتَقَدَ الْقُدْرَةَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّهَا أَوْ تَوَهَّمَهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عَامَيْنِ) لَا ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ وَيَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ وَأَمَّا إذَا رَجَعَ يَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ الْقُدْرَةِ عَلَى مَشْيِهِ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ خُرُوجِهِ) فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَوَهَّمَ أَوْ شَكَّ أَوْ عَلِمَ الْعَجْزَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ تُضْرَبُ فِي حَالَتَيْنِ وَهُمَا إذَا عَلِمَ الْقُدْرَةَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ الْيَمِينِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ) جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى نِصْفِ الْمِيلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ لَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَصْلًا أَيْ فَيَخْرُجُ وَيَحُجُّ رَاكِبًا وَيُهْدِي (قَوْلُهُ وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِمَنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ) لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ مَعَ عِلْمِهِ الْقُدْرَةَ.

(قَوْلُهُ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ الْيَمِينِ) وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ بَلْ وَمُحْتَرَزُ الشَّكِّ حِينَ الْيَمِينِ كَمَا أَفَادَهُ عج فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ ظَنُّ الْعَجْزِ أَوْ اعْتِقَادُهُ أَوْ الشَّكُّ حَالَ الْيَمِينِ تُضْرَبُ فِي خَمْسَةٍ وَهِيَ اعْتِقَادُ الْقُدْرَةِ حِينَ الْخُرُوجِ أَوْ ظَنُّهَا أَوْ اعْتِقَادُ عَدَمِهَا أَوْ ظَنُّهُ أَوْ شَكُّهُ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ تُضَمُّ لِلْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا رَكِبَ إلَخْ) تَمْثِيلٌ (قَوْلُهُ مَعَ الْهَدْيِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا هَذَا الْفَارِقُ (قَوْلُهُ فَخَرَجَ وَرَكِبَ كُلَّ الطَّرِيقِ) أَيْ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ أَوْ فَاتَهُ لِعُذْرِ كَمَرَضٍ أَوْ مَشَى فِيهِ وَفَاتَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَلْيَقْضِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَحُجَّ إلَخْ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ) وَلَوْ رَاكِبًا لِأَنَّ الْعَامَ الْمُعَيَّنَ لِلْمَشْيِ قَدْ فَاتَ قَالَ بَعْضٌ وَيَنْبَغِي إلَّا فِي الْمَنَاسِكِ فَيَمْشِي وَفِي شب قَضَاهُ مَاشِيًا وَانْظُرْ الْأَصَحَّ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ الْهَدْيُ) هَذَا صَادِقٌ بِعَطْفِهِ عَلَى كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ وَعَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَلَّ وَبِعَطْفِهِ عَلَى كَعَامٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُقَابِلٌ) لَا تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمُقَابِلَ لَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ فَالْمُنَاسِبُ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَشْيِ شَيْءٍ

ص: 100

عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَلَّ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْهَدْيُ وَهَذَا فِي خُرُوجِهِ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى فَقَدْ مَرَّ إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ.

(ص) وَكَإِفْرِيقِيٍّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ ثَانِيًا نَحْوُ الْمِصْرِيِّ لَا مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ مِنْ مَكَّةَ بُعْدًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا إذَا رَكِبَ كَثِيرًا فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ كَإِفْرِيقِيٍّ لِبُعْدِ دَارِهِ وَمَشَقَّةِ رُجُوعِهِ وَإِفْرِيقِيٌّ نِسْبَةٌ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا.

(ص) وَكَأَنْ فَرَّقَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَفَرَّقَ الْمَشْيَ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ بِأَنْ مَشَى مُدَّةً وَأَقَامَ مُدَّةً أُخْرَى ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى أَنْ وَصَلَ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَيُهْدِي فَقَطْ وَسَوَاءٌ فَرَّقَ مَشْيَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ أَقَامَ وَحَجَّ فِي عَامٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُ التُّونُسِيِّ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ.

(ص) وَفِي لُزُومِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عَقَبَةٍ وَرُكُوبِ أُخْرَى تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهُمَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَمَشَى عَقَبَةً وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَرَكِبَ أُخْرَى وَفَعَلَ كَذَلِكَ طُولَ طَرِيقِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَمْشِ لِمَا حَصَلَ بِذَلِكَ مِنْ الرَّاحَةِ الْمُعَادِلَةِ لِرُكُوبِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَقَطْ تَأْوِيلَانِ وَمَحِلُّهُمَا إذَا كَانَتْ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ وَأَمَاكِنُ مَشْيِهِ مَضْبُوطَةً وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعُ بِاتِّفَاقٍ وَفَرَضَ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّنَاصُفِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ كَمَا مَرَّ (ص) وَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَنَدْبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَاجِبٌ أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَ مَعَهُ الرُّجُوعُ إلَى مَكَّةَ أَوْ لَا إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ رَاكِبًا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ الْهَدْيُ (ص) وَلَوْ مَشَى الْجَمِيعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُجُوبَ الْهَدْيِ وَنَدْبَهُ حَاصِلَانِ وَلَوْ مَشَى فِي رُجُوعِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِأَنَّ الْهَدْيَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ.

(ص) وَلَوْ أَفْسَدَ أَتَمَّهُ وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ (ش) يَعْنِي لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ بِهِ فَجَعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجَّةٍ ثُمَّ أَفْسَدَهَا بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهُ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ فِي الْعَامَيْنِ لِأَنَّ الْمَشْيَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي فَسَادِهِ أُلْغِيَ وَاعْتُبِرَ الْمَشْيُ قَبْلَ الْفَسَادِ فَصَارَ مُتَبَعِّضًا بِهِ وَإِذَا أَتَمَّهُ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ أَفْسَدَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَمْ لَا

ــ

[حاشية العدوي]

مِمَّا رَكِبَ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَشْيِ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَوْ رَكِبَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْهَدْيُ فَقَطْ فَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ وَيَنْظُرُ فِي الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَكِبَهُ وَجَبَ فِيهِ الْهَدْيُ رَكِبَ وَأَهْدَى وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ رَكِبَ وَلَا هَدْيَ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ وَكَإِفْرِيقِيٍّ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَأَنْ قَلَّ فَيُقْرَأُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِأَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ وَتُسْبَكُ مَعَ مَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ أَيْ كَقَلِيلٍ وَكَافِرٍ بَقِيَ لِأَجَلٍ أَنْ يُعْطَفَ اسْمٌ عَلَى اسْمٍ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ أَنْ بِالْكَسْرِ وَمَا بَعْدَهَا فِعْلٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَطْفُ اسْمٍ عَلَى فِعْلٍ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ نِسْبَةً إلَى إفْرِيقِيَّةَ) سُمِّيَتْ بِأَفْرِيقَ بْنِ أَبْرَهَةَ مَلِكُ الْيَمَنِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ افْتَتَحَهَا قَالَهُ الْبَكْرِيُّ.

(قَوْلُهُ وَكَأَنْ فَرَّقَهُ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ إلَخْ) وَأَمَّا الْمُعْتَادُ كَالْمَغْرِبِيِّ يُقِيمُ بِمِصْرَ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ لِيَأْتِيَ إبَّانَ الْحَجِّ فَلَا هَدْيَ وَلَا إثْمَ كَانَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فَرَّقَ مَشْيَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا) لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ يَأْثَمُ وَمَعَ الْعُذْرِ لَا إثْمَ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَيَرْجِعُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ هَذَا إذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَلَوْ أَقَامَ حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامٍ آخَرَ لَمْ يَجْزِهِ.

(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) قَالَ تت فِي صَغِيرِهِ قَاعِدَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ اخْتِلَافُ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّأْوِيلِ هَلْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا انْتَهَى وَمِنْهُ يَظْهَرُ ضَعْفُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّنَاصُفِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ) هَذَا التَّفْسِيرُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَالْمُرَادُ مَسَافَةٌ مُعَيَّنَةٌ.

(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ الْمَشْيُ قَبْلَ الْفَسَادُ) الْأَوْلَى مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ مُتَبَعِّضًا) أَيْ فِي عَامَيْنِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَشَى خَمْسَةَ أَمْيَالٍ ثُمَّ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَيَمْشِي ثَانِي عَامٍ فِي تِلْكَ الْخَمْسَةِ الْأَمْيَالِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَيَمْشِي مِنْ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَهَذِهِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ إلَخْ فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِلَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ أَيْ وَإِنْ كَانَ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ تت فِي كَبِيرِهِ وَلِقَوْلِ عج لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ لَانْبَغَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ ثَانِيًا وَيَمْشِي مِنْ مَحِلِّ إحْرَامِهِ لِيَصِحَّ لَهُ الْمَشْيُ الْفَاسِدُ فِي الْأَوَّلِ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَخْ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا أَتَمَّهُ مَاشِيًا وَأَمَّا إذَا أَتَمَّهُ رَاكِبًا فَالْهَدْيُ لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ إذَا أَتَى بِبَعْضِهِ فِي زَمَانٍ وَبَعْضِهِ فِي زَمَانٍ آخَرَ (قَوْلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ أَفْسَدَهُ) الْأَوْلَى مِنْ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ الْأَوْلَى أَيْضًا مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ وَحَاصِلُهُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ يَمْشِي ثَانِي عَامٍ مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ كَانَ الْإِحْرَامُ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَأَمَّا الْإِحْرَامُ ثَانِي عَامٍ فَهُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ أَيْ مِنْ مَوْضِعٍ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ

ص: 101

فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَيْ إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَأَفْسَدَ حَجَّهُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ لَا مِنْ الْمِيقَاتِ.

(ص) وَإِنْ فَاتَهُ جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ وَرَكِبَ فِي قَضَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَجَعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَفَاتَهُ الْحَجُّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي عُمْرَةٍ لِرُجُوعِهِ إلَى عَمَلِ عُمْرَةٍ يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنْ حَجِّهِ وَيَقْتَضِي بِهَا نَذْرُهُ وَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِيهَا لِتَمَامِ السَّعْيِ ثُمَّ يَقْضِيَ حَجَّهُ الَّذِي فَاتَهُ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاتِ وَيَرْكَبَ فِي قَضَائِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ انْقَضَى، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ لِلْفَوَاتِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِفَوَاتِ الْحَجِّ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَنَاسِكِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا وَفَاتَهُ فَإِنَّهُ يَرْكَبُ فِي قَضَائِهِ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ وَالْمُرَادُ بِبَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ مَا زَادَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِيهِ.

(ص) وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجًّا تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهُمَا أَنَّ شَخْصًا عَلَيْهِ حَجَّةُ الضَّرُورَةِ وَنَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَحَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ مَعًا مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَقَدَّمَهَا فِي نِيَّتِهِ وَجَعَلَهَا عَنْ النَّذْرِ وَالْحَجَّ عَنْ الْفَرْضِ أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا وَنَوَى بِهِمَا فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ النَّذْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ قَابِلًا وَهَلْ إجْزَاؤُهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْفَرْضِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْذُرْ أَوْ يُعَيِّنْ فِي يَمِينِهِ حَجًّا بِأَنْ نَذَرَ عُمْرَةً أَوْ مَشْيًا مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ بِهِ كَذَلِكَ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ وَأَمَّا إنْ نَذَرَ إلَخْ مَاشِيًا أَوْ عَيَّنَهُ فِي يَمِينِهِ وَنَوَى بِحَجِّهِ نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَوْ إجْزَاؤُهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ.

(ص) وَعَلَى الصَّرُورَةِ جَعْلُهُ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْفَوْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ بِأَنْ نَذَرَهُ نَذْرًا مُبْهَمًا أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ وَهُوَ صَرُورَةٌ أَيْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَنْ يَجْعَلَ مَشْيَهُ فِي عُمْرَةٍ فَيَدْخُلُ مَكَّةَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَقَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَانْقَضَى نَذْرُهُ ثُمَّ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِشَرْطِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَلَا يَجِبُ فِعْلُ هَذَا وَنَحْوِهِ فِي ح وَفِي الْبِسَاطِيِّ خِلَافُهُ وَأَفَادَ الْمُؤَلِّفُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ غَيْرَ الصَّرُورَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَغْرِبِيًّا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ جَعَلَهُ أَيْ جَعَلَ مَشْيَهُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ أَدَاءَ نَذْرِهِ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهَا ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ مُتَعَلِّقٌ بِيَحُجُّ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ.

(ص) وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ إنْ قَيَّدَ بِيَوْمٍ كَذَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ يَوْمَ كَذَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إنْ فَعَلْت

ــ

[حاشية العدوي]

الْإِفْسَادُ وَهُوَ الْإِحْرَامُ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي عُمْرَةٍ) أَيْ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ) أَيْ أَنْ يَمْشِيَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ إلَخْ أَيْ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا نَذْرُ الْحَجِّ مَاشِيًا وَفَاتَهُ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ إذَا قَضَاهُ يَرْكَبُ فِيهَا إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ وَهِيَ مَا زَادَ عَلَى السَّعْيِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ) الْمُنَاسِبُ إلَّا فِي الْمَنَاسِكِ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَ السَّعْيِ الْوَاقِعُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ إنَّمَا هِيَ الْمَنَاسِكُ.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْذُرْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ لَكِنَّ الذَّالَ مَضْمُومَةٌ أَوْ مَكْسُورَةٌ لِأَنَّ فِعْلَهُ ثُلَاثِيٌّ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَوْ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ) ظَاهِرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَشْيًا مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ بِهِ كَذَلِكَ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِأَنْ نَذَرَ عُمْرَةً فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ فِي حَجٍّ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ نَذَرَ عُمْرَةً لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ قَالَ نَذْرٌ عَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ إلَّا أَنَّهُ حِينَ خُرُوجِهِ نَوَى الْحَجَّ الْفَرْضَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَالْعُمْرَةُ الَّتِي نَذَرَ الْمَشْيَ لَهَا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى قَارِنٌ فَقَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ أَنَّهُ جَعَلَهُ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ مَعَ الْعُمْرَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُ وَنَذْرًا لَمْ يَجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ وَهِيَ إذَا شَرَكَ فِي نِيَّتِهَا تَبْطُلُ وَلَا تُجْزِئُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا نَوَاهُ وَالْحَجُّ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ فَبَعُدَ شَبَهُهُ بِالصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ فِعْلُ هَذَا) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ فِي فِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَالْجَلَّابِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبِسَاطِيِّ خِلَافُهُ) لِأَنَّهُ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ أَصَالَةٌ لَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ انْتَهَى وَلَوْ أَحْرَمَ حِينَ أَتَى الْمِيقَاتُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ ثُمَّ يَأْتِي عَنْ نَذْرِهِ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ وَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا وَلَوْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَذْرًا انْصَرَفَ لِلْفَرْضِ قَالَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَعَلَى الصَّرُورَةِ وَقَوْلِهِ مَغْرِبِيًّا كَذَا فِي نُسْخَةِ مُصَلَّحَةٍ بَلْ وَبِخَطِّهِ فِي ك وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ لِأَنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ لَهُ وَكَأَنَّ نُكْتَةَ التَّعْمِيمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَغْرِبِيًّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي حَجٍّ لِكَوْنِ مَحِلِّهِ بَعِيدًا.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ يَوْمَ كَذَا) أَيْ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّهُ يَوْمَ يَفْعَلُهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ كَذَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ أَيْ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ بَهْرَامُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ مِثْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ كَذَا وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ كَذَا كَالْمِثَالِ الَّذِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا نَوَاهُ) أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَكِنْ نَوَى يَوْمَ حِنْثِهِ

ص: 102

كَذَا فَأَنَا أُحْرِمُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا أَوْ فَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ وَقْتِ حِنْثِهِ لِأَنَّ الْقَيْدَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْفَوْرِيَّةِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَا لِوُجُودِ رُفْقَةٍ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ قَيَّدَ فَيُحْرِمُ وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَقَوْلُهُ عَجَّلَ أَيْ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرِ النِّيَّةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ إنْ قَيَّدَ بِيَوْمِ كَذَا لَفْظًا أَوْ نِيَّةً (ص) كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَعْدَمْ صُحْبَةً (ش) أَيْ كَمَا يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ نَاذِرُهَا حَالَةَ كَوْنِهِ مُطْلِقًا بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ إنْ وَجَدَ صُحْبَةً كَمَا إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَكَلَّمَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَصْحَبُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ حَتَّى يَجِدَ وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَيُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهَا وَلَوْ عَدِمَ صُحْبَةً كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ كَالْعُمْرَةِ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَصِحُّ فَتْحُ اللَّامِ مِنْ مُطْلَقًا لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْجِيلَ فِي الْعُمْرَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ قَيَّدَ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) لَا الْحَجُّ وَالْمَشْيُ فَلِأَشْهُرِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْعُمْرَةِ أَيْ لَا نَاذِرُ الْحَجِّ وَالْمَشْيِ حَالَ كَوْنِهِ مُطْلِقًا فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْجِيلِ فَحَذَفَ مُطْلِقًا مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْته فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّعْجِيلِ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَوْلُهُ فَلِأَشْهُرِهِ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَهَذَا إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يُدْرِكُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ وَأَنْ يَمْشِيَ مِنْ الزَّمَنِ الَّذِي إذَا خَرَجَ فِيهِ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ فَيُعَجِّلُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ عِنْدَ الْمُعَانِيَيْنِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُحْرِمُ فِي الْمُطْلَقِ لِأَشْهُرِهِ نَعَمْ إذَا نَوَى الْإِحْرَامَ مِنْ يَوْمِ الْحِنْثِ لَزِمَ الْإِحْرَامُ مِنْ يَوْمِ الْحِنْثِ وَلَوْلَا قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَيْدَ إلَخْ لَحُمِلَتْ عِبَارَتُهُ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَشْهُرِ الْحَجِّ) ذَكَرَ تت مَا نَصُّهُ لِأَنَّ الْقَيْدَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْفَوْرِيَّةِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأَنَّ النُّذُورَ الْمُطْلَقَةَ مَحْمَلُهَا عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عِنْدَ السَّبَبِ الَّذِي عُلِّقَتْ عَلَيْهِ انْتَهَى فَظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ مُقَابِلٌ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ حَيْثُ قَيَّدَ) أَيْ بِيَوْمِ كَذَا لَفْظًا أَوْ نِيَّةً لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَيْدِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ يَوْمَ كَذَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ إتْيَانَهُ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ كَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ الْفِعْلِيَّةِ كَأَنَا أُحْرِمُ يَوْمَ كَذَا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِنَذْرٍ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ إلَخْ أَوْ يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ أَنَا مُحْرِمٌ الْتِزَامَ ذَلِكَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ أَوْ الْفِعْلِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّذْرِ أَيْ دُونَ التَّعْلِيقِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَوْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِهِمَا فِي وَقْتٍ بَعْدَ غَدٍ إلَّا بِنَذْرٍ انْتَهَى وَأَمَّا التَّعْلِيقُ عَلَى أَمْرٍ قَصَدَ عَدَمَهُ كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِيَوْمِ كَذَا فَيَلْزَمُهُ إنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.

فَالتَّعْلِيقُ عَلَى أَمْرٍ قَصَدَ عَدَمَهُ دَلِيلٌ عَلَى الِالْتِزَامِ وَعِبَارَةُ مُحَشِّي تت كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِيَوْمِ كَذَا مَعَ كَوْنِهَا مُقَيَّدَةً بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ كَمَا فِي فَرْضِهَا الْمُدَوَّنَةُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ عُمْرَةٌ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً عَلَيَّ عُمْرَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا الْحَجُّ الْمُطْلَقُ أَيْ غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِيَوْمِ كَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُقَيَّدًا بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ عَلَيَّ حَجٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ وَكَذَا فَرْضُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ كَالْعُمْرَةِ وَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى ذَلِكَ يَحْرُمُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّذْرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ وَالْإِحْرَامِ كَيَوْمِ كَذَا يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَمُقَيَّدٌ بِالْإِحْرَامِ فَقَطْ يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ فِي الْعُمْرَةِ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً وَفِي الْحَجِّ لِأَشْهُرِهِ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْرَامِ وَلَا الزَّمَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ بَلْ يُسْتَحَبُّ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَجَدَ صَحَابَةً أَمْ لَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا هَذَا الْمُلَخَّصُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَتَلَقَّهُ بِالْيَمِينِ وَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ وَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّا فِي كَلَامِ الشُّرُوحِ.

(قَوْلُهُ أَيْ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ) عِنْدَ إتْيَانِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُهُ مِنْ تَعْجِيلِ الْإِحْرَامِ الْآنَ إنْ قَيَّدَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ إتْيَانِ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ غَيْرِ النِّيَّةِ الْأُولَى) أَيْ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ حِينَ قَوْلِهِ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ كَذَا إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ فِعْلِ كَذَا (قَوْلُهُ أَيْ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ نَاذِرُهَا) التَّعْجِيلُ هُنَا مِنْ يَوْمِ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِالشَّرْطِ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ فَيُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهَا) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا مِنْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ يُحْرِمُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ فَحَذَفَ مُطْلَقًا مِنْ الثَّانِي) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لَا الْحَجِّ وَالْمَشْيِ (قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ قَوْلُهُ فَلِأَشْهُرِهِ رَاجِعٌ لِلْحَجِّ بِخُصُوصِهِ وَأَمَّا نَاذِرُ الْمَشْيِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَوْرُ وَيَمْشِي فِي أَيِّ عَامٍ أَرَادَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إذَا خَرَجَ إلَخْ) أَيْ كَالْمَغْرِبِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَالَ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَحْرَمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِصَحِيحٍ أَوْ اُسْتُحْسِنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِيَوْمِ كَذَا مَثَلًا يَجِبُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ عِنْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْذُورُ أَوْ الْمَحْلُوفُ بِهِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً سَوَاءٌ وَجَدَ رُفْقَةً أَمْ لَا وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّقْيِيدِ

ص: 103

الْإِحْرَامَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ وَالْمُؤَلِّفُ اسْتَعْمَلَ حَيْثُ هُنَا الزَّمَانُ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ قَالَ مَتَى بَدَلَ حَيْثُ كَانَ أَوْلَى فَقَوْلُهُ الْحَجُّ مُخْرِجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ وَمِنْ قَوْلِهِ كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَيْ أَنَّهُ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ لَا فِي الْحَجِّ الْمُطْلَقِ وَالْمَشْيِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.

(ص) وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَذَرَ مَالَهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ فِي ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ مَالِي فِي الْحَطِيمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ نَذْرٌ لَا قُرْبَةَ فِيهِ، وَالْحَطِيمُ هُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ إلَى زَمْزَمَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْطِمُ الذُّنُوبَ كَمَا تَحْطِمُ النَّارُ الْحَطَبَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَضُّ فَتُبْنَى أَبُو الْحَسَنِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِنَاءَهَا فَلِذَلِكَ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ مَالِي فِي كِسْوَتِهَا أَوْ طِيبِهَا دَفَعَ ثُلُثَهُ إلَى الْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي بَابِهَا أَوْ فِي حَطِيمِهَا أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ وَهُوَ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَقَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي رِتَاجِهَا مَثَلًا أَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي السَّبِيلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَدْفَعُهُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ.

(ص) أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ (ش) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا يَصِحُّ هَدْيُهُ بِلَفْظِ هَدْيٍ أَوْ لَفْظِ بَدَنَةٍ فَإِنْ سَمَّى مَكَّةَ أَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ سَوْقُهُ لَهَا حَيْثُ كَانَ الْمَحِلُّ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَصِلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مِثْلَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ مِنْ مَكَان يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصِلُ مِنْهُ وَإِنْ سَمَّى بُقْعَةً غَيْرَ مَكَّةَ فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهَا حَتَّى كَأَنَّهَا مَكَّةُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَصَدَ الرِّفْقَ بِفُقَرَائِهَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ سَوْقَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى بِلَفْظِ جَزُورٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ قَيَّدَ بِمَكَّةَ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ إلَّا أَنْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُشْعِرَهُ فَيَكُونَ هَدْيًا فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَنْحَرَهُ وَيُطْعِمَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَإِنَّهَا يَفْتَرِقَانِ فَالْعُمْرَةُ يُعَجِّلُ إحْرَامَهَا بِشَرْطِ وُجُودِ صُحْبَةٍ فَقَطْ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ أَشْهُرِهِ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ) أَيْ إذَا خَرَجَ فِيهِ يَصِلُ لِمَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ وَمِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) تَسَمُّحٌ لِأَنَّهُ لَا إخْرَاجَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَأَيْضًا الْإِخْرَاجُ فَرْعُ الْإِدْخَالِ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْعُمْرَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْبَابَيْنِ إلَى الْمَقَامِ إلَى زَمْزَمَ إلَخْ) وَاَلَّذِي فِي الْحَطَّابِ وتت وَبَهْرَامَ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إلَى الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ أَبُو مُحَمَّدٍ فَعَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ حَبِيبٍ ذَلِكَ كُلُّهُ حَطِيمٌ الْجِدَارُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالْفَضَاءُ الَّذِي بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامُ الْآنَ انْتَهَى فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَطِيمَ الْفَرَاغُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُهُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْضُ حَائِطِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ يُحَطِّمُ الذُّنُوبَ) أَيْ يُهْلِكُ الذُّنُوبَ أَيْ بِالدُّعَاءِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِنَاءَهَا) وَكَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ ثُلُثُهُ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ) ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ) ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ فِي يَمِينٍ بِأَنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَا يَقْصِدُ امْتِنَاعَهُ كَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أُفِيدُهُ صَدَقَةٌ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ أَوْ مَكَان وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ بِأَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يُفِيدُهُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ كُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أُفِيدُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يُفِيدُهُ لَا ثُلُثُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ.

وَأَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان فَيَلْزَمُهُ مَا اكْتَسَبَهُ فِيهِ كَمَا إذَا أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ وَقَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِمُعَيَّنٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَوْ قَالَ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَقَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ إلَخْ) أَيْ وَقَصَدَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا لَا الْبِنَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ فِي رِتَاجِهَا) بِنُقْطَةٍ بِخَطِّهِ فَيَكُونُ بِالْجِيمِ لَا بِالْحَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمِصْبَاحِ بِالْجِيمِ فَقِرَاءَتُهُ بِالْحَاءِ خَطَأٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ) الرَّاجِحُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ.

(قَوْلُهُ بِلَفْظِ جَزُورٍ) إنْ قُلْت أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ جَزُورٍ وَبَدَنَةٍ قُلْت ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْبَدَنَةَ مَا يُعَدُّ لِلذَّبْحِ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ وَالْجَزُورُ مَا يُعَدُّ لِلذَّبْحِ فِي مَكَان غَيْرِ مَخْصُوصٍ.

(قَوْلُهُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ تَفْصِيلُهُ) فَإِنْ سَاقَهُ فِي حَجٍّ وَقَفَ بِهِ فِي عَرَفَةَ فَيَذْبَحُهُ فِي مِنًى وَإِلَّا فَفِي مَكَّةَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ إلَخْ أَيْ أَوْ أَطْلَقَ أَيْ فَلَمْ يَجْعَلْهُ لِمَكَّةَ وَلَا لِغَيْرِهَا لَا بِلَفْظٍ وَلَا بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ إلَخْ) أَيْ وَيَحْرُمُ بَعْثُهُ وَلَوْ لِقَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لَهُ فَقَوْلُهُمْ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لِصَالِحٍ وَأَرَادَ بِهِ الْإِعْطَاءَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ بِمَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ إلَيْهِمْ فِيمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى لَا فِيمَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى لِأَنَّ سَوْقَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ، كَذَا أَفَادَهُ عج وَأَمَّا مَا لَا يُهْدَى بِهِ كَثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَجَاجَةٍ أَوْ طَعَامٍ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ أَرْسَلَهُ إلَيْهِمْ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ الْوَلِيِّ

ص: 104

الْمَسَاكِينَ قَدْرَ لَحْمِهِ.

(ص) أَوْ مَالِ غَيْرِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي مَالِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ النَّذْرُ فِي مَالِ غَيْرٍ (إنْ لَمْ يُرِدْ إنْ مَلَكَهُ) فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ عِنْدَ نَذْرِهِ أَنَّهُ إنْ مَلَكَهُ فَهَدْيٌ أَوْ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ مَالِ فُلَانٍ وَنَذْرِ هَدْيِ فُلَانٍ هُوَ أَنَّ مَالَ الْغَيْرِ لَمَّا كَانَ يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ وَيُهْدَى ثَمَنُهُ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ هَدْيَ ثَمَنِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْقَائِلِ عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ أَوْ مَالُ فُلَانٍ صَدَقَةٌ وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْحُرِّ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْهَدْيَ عَنْهُ قُلْت فَيَخُصُّ لُزُومَ الْهَدْيِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ إلَخْ بِفُلَانٍ الْحُرِّ لِيَتِمَّ هَذَا الْفَرْقُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ وَلَوْ قَرِيبًا (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ قَرِيبِي فُلَانٍ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ نَفْسِي مِنْ كُلِّ مَا لَا يَمْلِكُ كَالْحُرِّ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَحْرُهُ أَوْ أَنَا أَنْحَرُهُ أَوْ هُوَ بَدَنَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَقَوْلُهُ فُلَانٌ أَيْ الْحُرُّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ عَبْدَ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ص) إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرُ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَفَظَ بِالْهَدْيِ كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا أَوْ نَوَى الْهَدْيَ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ كَمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ مَوْضِعًا مِنْ مَوَاضِعِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فِي الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ مَعًا لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ فِي إرَادَةِ الْقُرْبَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْحَلِفِ (ص) وَالْأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةً ثُمَّ بَقَرَةً (ش) يَعْنِي حَيْثُ أَمَرْنَاهُ بِالْهَدْيِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَمِنْ الْبَقَرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَمِنْ الْغَنَمِ فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَفَظَ بِالْهَدْيِ أَوْ نَوَاهُ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ نَوَاهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِي نَذْرِ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ شَاةٌ وَلَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهَا آخِرُ الْمَرَاتِبِ وَالْأَحَبِّيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْمَرَاتِبِ وَإِلَّا فَالْهَدْيُ فِي الْجُمْلَةِ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ (كَنَذْرِ الْحَفَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ الْمَشْيُ بِلَا نَعْلٍ وَلَا خُفٍّ يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي الِاسْتِحْبَابِ إلَّا أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِيمَا قَبْلَهُ فِي صِفَةِ الْهَدْيِ مَعَ لُزُومِهِ لَهُ وَفِي نَذْرِ الْحَفَاءِ وَمِثْلُهُ الزَّحْفُ وَالْحَبْوُ فِي اسْتِحْبَابِ الْهَدْيِ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ مُنْتَعِلًا أَوْ حَافِيًا وَيَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ) كَمَا لَا يَلْزَمُ الْحَفَاءُ وَمَا مَعَهُ فِي نَذْرِهِ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْحَفَاءِ أَيْ وَنَذْرٌ كَالْحِفَاءِ.

(ص) أَوْ حَمَلَ فُلَانٌ إنْ نَوَى التَّعَبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحْمِلَ فُلَانًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ عَلَى عُنُقِهِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ إتْعَابَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ وَيَحُجُّ مَاشِيًا وُجُوبًا وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْهَدْيُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إحْجَاجُ فُلَانٍ (ص) وَإِلَّا رَكِبَ وَحَجَّ بِلَا هَدْيٍ (ش) .

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ الثَّوَابَ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ بِمَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَصْدٌ أَوْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِ قَصْدِهِ فَيَنْظُرُ لِعَادَتِهِمْ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِأَنْ كَانُوا تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْثُ سِتْرٍ وَلَا شَمْعٍ وَلَا زَيْتٍ يُوقِدُ عَلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ نَذَرَهُ فَإِنْ بَعَثَ مَعَ شَخْصٍ وَقَبِلَهُ مِنْ صَاحِبِهَا فَاسْتَظْهَرَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكْرُوهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّ إخْرَاجَ مَالِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ وَجْهُ الْقُرْبَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَالَهُ فَلَا يَسُوغُ لِغَيْرِهِ تَنَاوُلُهُ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ هُنَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ إذَا مَلَكَهُ أَتَى بِلَفْظِ جَمِيعِ مَالِ الْغَيْرِ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَنَذْرِهِ جَمِيعَ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الَّذِي نَذَرَ مَالَ الْغَيْرِ قَدْ أَبْقَى مَالَ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَنَذَرَ هَدْيَ فُلَانٍ) أَيْ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ فُلَانًا أَيْ أَذْبَحُهُ هَدْيًا (قَوْلُهُ لَمَا كَانَ يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ وَيُهْدَى ثَمَنُهُ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ الثَّوْبَ بِبَعِيرٍ (قَوْلُهُ فَيَخُصُّ لُزُومَ الْهَدْيِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَأَمَّا عَبْدُهُ فَيَلْزَمُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيَخُصُّ لُزُومَ الْهَدْيِ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ الشَّاهِدُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَلْ فِيمَا إذَا لَزِمَهُ كَمَا إذَا تَلَفَّظَ بِالْهَدْيِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَرِيبًا) قَالَ فِي ك وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِب التَّابِعِ لِابْنِ بَشِيرٍ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَعَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي وَمِثْلُهُ فِي شب انْتَهَى (أَقُولُ) الظَّاهِرُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بَدَلَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَرِيبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ) أَمَّا إنْ لَفَظَ بِهِ كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَهُوَ كَالْأَوَّلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ إلَخْ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ حَقِيقَةُ النَّحْرِ وَعَدَمُ نِيَّةِ شَيْءٍ وَالْمَشْهُورُ فِي الثَّانِي أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِيَّةَ ذَلِكَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) وَالْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ قِصَّتُهُ مَعَ وَلَدِهِ لَا مَقَامِ مُصَلَّاهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا إذَا نَوَى قَتْلَهُ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَوْ مَحِلِّ ذَكَاةٍ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ إنْ قَصَدَ الْهَدْيَ وَالْقُرْبَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَكَذَا حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِذَا قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ) لَيْسَتْ الْمُزْدَلِفَةُ مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَاةٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سَبْعِ شِيَاهٍ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ نَذْرِ الْبَدَنَةِ بِلَفْظِهَا وَإِنَّمَا يُقَارِبُهَا الْبَقَرَةُ أَوْ السَّبْعُ شِيَاهٍ وَمَا هُنَا نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ أَوْ مَا يُفِيدُهُ كَنَحْرِ فُلَانٍ بِقَيْدِهِ وَمِنْ أَفْرَادِ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ (قَوْلُهُ الزَّحْفُ وَالْحَبْوُ) الزَّحْفُ مَعْلُومٌ وَكَذَا الْحَبْوُ فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَمْشِي فِي نَذْرِ الْحَفَاءِ مُنْتَعِلًا إنْ شَاءَ وَأَمَّا فِي نَذْرِ الْحَبْوِ فَيَمْشِي عَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْحَفَاءُ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ.

ص: 105

أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ إتْعَابَ نَفْسِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُنُقِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حِجَاجَهُ مَعَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِهِ رَاكِبًا وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَحُجَّ مَعَ الْحَالِفِ حَجَّ الْحَالِفُ وَحْدَهُ رَاكِبًا وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى إحْجَاجَهُ مِنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا إحْجَاجُ الرَّجُلِ فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ فَلَا حَجَّ عَلَى الْحَالِفِ.

(ص) وَلَغَا عَلَى الْمَسِيرِ وَالذَّهَابِ وَالرُّكُوبِ لِمَكَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَسِيرَ إلَى مَكَّةَ أَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إلَيْهَا أَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ إلَيْهَا أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ فَحَنِثَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَاشِيًا فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ يَلْزَمُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الذَّهَابَ وَالْمَسِيرَ مُسَاوِيَانِ لِذَلِكَ قُلْت قَالَ الشَّيْخُ دَاوُد مَا نَصُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا جَرَى بِلَفْظِ الْمَشْيِ وَلِأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ فِيهِ السُّنَّةُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى.

(ص) وَمُطْلَقُ الْمَشْيِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَكَّةَ وَلَا بَيْتِ اللَّهِ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ الْمَشْيُ عَلَى انْفِرَادِهِ لَا طَاعَةَ فِيهِ وَأَلْزَمَهُ أَشْهَبُ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ.

(ص) وَمَشَى لِمَسْجِدٍ وَإِنْ لِاعْتِكَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ وَلَغَا إتْيَانٌ لِمَسْجِدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِيهَامِ كَلَامِهِ لُزُومَ الرُّكُوبِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَشْيِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا فَقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدٍ قَرِيبٍ جِدًّا كَالْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مَاشِيًا أَوْ يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ يَلْزَمُهُ فِعْلُ مَا نَذَرَهُ بِمَوْضِعِهِ كَمَنْ نَذَرَهُمَا بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ.

(ص) وَمَشَى لِلْمَدِينَةِ أَوْ إيلِيَاءَ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا فَيَرْكَبُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْيَسِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْمَدِينَةِ أَوْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لَا مَاشِيًا وَلَا رَاكِبًا فَإِنْ نَوَى صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ سَمَّى مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَوْ إيلِيَاءَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ فِيهِمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِمَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّاهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَافِلَةً، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْيِ إلَى هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ وَبَيْنَ الْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُ هُنَا يَرْكَبُ وَهُنَاكَ يَمْشِي فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَشْيَ إلَى الْمَدِينَةِ مَثَلًا لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى مَا فِيهِ قُرْبَةٌ وَالْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فِيهِ قُرْبَةٌ لِأَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمَشْيَ فِيهِ أَنْسَبُ لِعِبَادَةِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ يَمْشِي فِي الْمَنَاسِكِ وَقُرْبَةُ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا إحْجَاجُ الرَّجُلِ) أَيْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ هُوَ.

(تَنْبِيهٌ) : إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أُحِجُّهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فَحَنِثَ أَحَجَّهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَأْبَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا أَحُجُّ بِهِ حَجَّ رَاكِبًا وَحَجَّ بِهِ فَإِنْ أَبَى حَجَّ وَحْدَهُ فَإِنْ قَالَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ النَّذْرُ مِثْلُ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ أَنَّ الْعُرْفَ إلَخْ) هَذَا لَا يَنْفَعُ شَيْئًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ قَدْ جَاءَتْ فِيهِ السُّنَّةُ أَيْ فَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعُرْفِ عُرْفُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ السُّنَّةُ.

(قَوْلُهُ وَمُطْلَقُ الْمَشْيِ) وَأَوْلَى ذَهَابُهُ أَوْ إتْيَانُهُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ اللُّزُومِ فِيمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قُرْبَةٌ فَأَوْلَى غَيْرِهِ وَهَذَا جَوَابُ غَيْرِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَشْيِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مَحَلُّ الْقُدْسِ أَيْ بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْأَصْنَامِ وَالْمُقَدَّسُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَتَشْدِيدٍ أَيْ الْمُطَهَّرُ وَتَطْهِيرُهُ خُلُوُّهُ مِنْ الْأَصْنَامِ وَإِبْعَادُهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ) فِيهِ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ هُوَ الصَّلَاةُ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ يُلْزِمُهُ الْمَشْيَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَعْتَكِفَ) وَسَكَتَ عَنْ الصَّوْمِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ وَانْظُرْ لَوْ نَذَرَ صَوْمًا بِمَسْجِدٍ قَرِيبٍ جِدًّا فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ بِمَوْضِعِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَصْلًا انْتَهَى (قَوْلُهُ كَالْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ) يُفَسَّرُ بِمَا فَسَّرَ بِهِ عب الْقَرِيبُ وَهُوَ مَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَقَالَ الْحَطَّابُ هُوَ أَيْ الْقَرِيبُ جِدًّا مَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِأَعْمَالِ الْمَطِيِّ وَشَدِّ الرَّحْلِ.

(قَوْلُهُ أَوْ إيلِيَاءَ) هُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ لَامٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ يَاءٍ ثُمَّ أَلِفٍ مَمْدُودَةٍ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَحُكِيَ فِيهِ الْقَصْرُ وَلُغَةً ثَالِثَةً بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْمَدِّ وَمَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ وَحُكِيَ الْإِيلِيَاءُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ غَرِيبٌ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَيْتُ اللَّهِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ بَيْتَ اللَّهِ هُوَ الْمَسْجِدُ لَا الْبَلَدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَافِلَةً) بَالَغَ عَلَى النَّافِلَةِ لِأَنَّهُ حَكَى فِي الشِّفَاءِ فِي النَّافِلَةِ قَوْلَيْنِ أَبُو الْحَسَنِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُقِيمَ هُنَاكَ أَيَّامًا فَيَتَنَفَّلَ فَيَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الصَّلَاةَ الْفَرْضَ وَلَعَلَّ جَرَيَانَ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّفْلِ لِأَنَّ الْمُضَاعَفَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْفَرْضِ، وَاخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي قَدْرِ الْمُضَاعَفَةِ فِي مَسْجِدِ إيلِيَاءَ فَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ وَفِي أُخْرَى بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَفِي أُخْرَى بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَفِي أُخْرَى بِعِشْرِينَ أَلْفًا (قَوْلُهُ وَالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فِيهِ قُرْبَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ قُرْبَةٌ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَسِيلَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقَدْ وَجَدَ عِبَادَةً فِي الطَّرِيقِ فَيَصِيرُ الْمَشْيُ فِيهَا عِبَادَةً فَرَجَعَ الْحَالُ إلَى أَنَّ الْمَشْيَ فِي الذَّهَابِ لِمَكَّةَ قُرْبَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَصْلُهُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَمْشِي فِي الْمَنَاسِكِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَمْشِي فِي السَّعْيِ وَفِي الطَّوَافِ

ص: 106