المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أركانه وشروطه وموانعه وغير ذلك من متعلقاته] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٣

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌[باب أركانه وشروطه وموانعه وغير ذلك من متعلقاته]

أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ الْجَوْرِ وَيُبَاحُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَحْمِيَ لَهُ مَا أَرَادَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَحْمِي لِوَلَدِهِ أَوْ لَا.

(ص) وَلَا يُورَثُ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام دُونَ أُمَّتِهِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ لَا يُورَثُ بَلْ مِلْكُهُ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَيَهَبَهُ وَيَنْفُذُ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يُوصِ بِمَالِهِ وَلَا وَهَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ عَنْهُ أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ وَارِثٌ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرِثُونَ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّهُمْ لَا يُورَثُونَ خَشْيَةُ أَنْ يَتَمَنَّى وَارِثُهُمْ مَوْتَهُمْ فَيَكْفُرَ وَفِي أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ خَشْيَةَ أَنْ يَتَوَهَّمَ الْمَوْرُوثُ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ مَوْتَهُ فَيُبْغِضَهُمْ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ وَرِثَ أُمَّ أَيْمَنَ مُعْتَقَتَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ.

(بَابُ النِّكَاحِ)

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ مَطْلُوبِيَّةَ النِّكَاحِ وَأَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَهُوَ بَابٌ مُهِمٌّ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ مَسَائِلِهِ وَفِيهِ فَوَائِدُ أَرْبَعٌ دَفْعُ غَوَائِلِ الشَّهْوَةِ وَالتَّنْبِيهُ بِاللَّذَّةِ الْفَانِيَةِ عَلَى اللَّذَّةِ الدَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَاقَ هَذِهِ اللَّذَّةَ وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ إذَا عَمِلَ الْخَيْرَ مَا هُوَ أَعْظَمُ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ لِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ اللَّذَّةِ وَلِمَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَتَمُّ وَأَبْقَى وَهُوَ اللَّذَّةُ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَالْمُسَارَعَةِ إلَى تَنْفِيذِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِبَقَاءِ الْخَلْقِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِالنِّكَاحِ وَإِرَادَةِ رَسُولِهِ لِقَوْلِهِ «تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَبَقَاءُ الذِّكْرِ وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ بِسَبَبِ دُعَاءِ الْوَلَدِ الصَّالِحِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَمَا هُوَ مَحَلُّ الْحَقِيقَةِ قَالَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ وِجْدَانٍ.

(قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ، وَلَوْ عَدُوَّهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ مَا أَرَادَ) أَيْ يَحْمِيَ لَهُ مَا أَرَادَ مِنْ الْمَوَاتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْكَلَأُ تَرْعَاهُ الْبَهَائِمُ وَثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقِيعَ وَحَمَى ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ بِالزُّبْدَةِ لِلِقَاحِهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا غَيْرُهُ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَحْمِي إلَّا بِشُرُوطٍ سَتَأْتِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا وَعَافِيًا وَمُحْتَاجًا إلَيْهِ وَكَوْنَهُ لِلْغَزْوِ.

(قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمْ يَرِثُونَ (قَوْلُهُ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ يَقَعَ فِي وَهْمِهِ أَيْ فِي ذِهْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ وَرِثَ أُمَّ أَيْمَنَ) أَيْ وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ وَبَعْضَ غَنَمٍ وَغَيْرَهُ أَيْ وَبَعْدَ أَنْ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ أَعْتَقَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَانَ) وَنُوزِعَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ إرْثًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا عَصَمَهُ مُطْلَقًا كَانَ مَا حَصَلَ قَبْلَ الشَّرْعِ مُوَافِقًا لِمَا بَعْدَهُ.

[بَابٌ أَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ]

(بَابُ النِّكَاحِ)

(قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ) أَيْ كَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ فَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ مَسَائِلَ النِّكَاحِ فَقَطْ (قَوْلُهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ) أَيْ يُحْتَاجُ لِمَسَائِلِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ النِّكَاحِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ دَفْعُ غَوَائِلِ الشَّهْوَةِ) جَمْعُ غَائِلَةٍ بِمَعْنَى الشَّرِّ وَكَأَنَّهُ قَالَ دَفْعُ الْأَشْرَارِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ الشَّهْوَةِ مِنْ الزِّنَا وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَلَى اللَّذَّةِ الدَّائِمَةِ) أَيْ عَلَى تَحْصِيلِ أَسْبَابِ اللَّذَّةِ الدَّائِمَةِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِمَا هُوَ) أَيْ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ اللَّذَّةِ وَهِيَ لَذَّةُ الْحُورِ الْعِينِ (قَوْلُهُ وَأَتَمُّ) مُرَادِفٌ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ (قَوْلُهُ بِبَقَاءِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أَرَادَ بِهَا النَّفْخَةَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَإِرَادَةِ رَسُولِهِ) أَيْ وَرَغْبَةِ رَسُولِهِ (قَوْلُهُ: مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) أَيْ رُسُلَ الْأُمَمِ وَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَعْنَاهَا لَكَانَ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَالْأَنْبِيَاءُ يَغْلِبُ صَاحِبُهُ فِي الْكَثْرَةِ فَأَنَا أَغْلِبُهُمْ فِي الْكَثْرَةِ بِمَعْنَى أَنَّ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ أُمَمِهِمْ وَهُمْ كَذَلِكَ أَيْ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُمَّتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أُمَّتِي وَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ أُمَّتِي تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ أُمَمِهِمْ كَثْرَةً بَالِغَةً.

(قَوْلُهُ وَبَقَاءُ الذِّكْرِ) أَيْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَاءِ الذِّكْرِ أَيْ الذِّكْرِ الْحَسَنِ الدُّعَاءُ لَهُ مِمَّنْ يَسْمَعُ اسْمَهُ (قَوْلُهُ الْوَلَدِ الصَّالِحِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ صَالِحًا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا قَوْلًا خَالَفُوا فِيهِ قَوْلَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ فِي أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الشَّرْعِ خَالَفُوا أَهْلَ اللُّغَةِ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافٌ فِي أَنْفُسِهِمْ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ قَوْلَيْنِ لَكِنَّ قَوْلَهُ هَلْ هُوَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَفِي الْعِبَارَةِ تَخَالُفٌ (وَأَقُولُ) حَاصِلُ مَا هُنَاكَ أَنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ اخْتَلَفُوا عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ وَقِيلَ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ مَجَازٌ مُسَاوٍ وَقِيلَ رَاجِحٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

فَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَطْءِ حَقِيقَةٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ بَهْرَامُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرْعِ فِي الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةٌ وَفِي الْآخَرِ مَجَازٌ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ هَذَا غَايَةُ مَا قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ خِلَافٌ خَارِجِيٌّ بِمَعْنَى قِيلَ أَنَّهُ فِي الشَّرْعِ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا وَمَجَازٌ فِي الْآخَرِ أَوْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَرَدُّدٍ وَشَكٍّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَدْ تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ وَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ حَقِيقَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فِيهِمَا أَقْوَالٌ انْتَهَى فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ خِلَافًا إلَخْ أَيْ أَنَّهُ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَأَهْلِ الشَّرْعِ كَذَلِكَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ فَيَكُونُ أَهْلُ اللُّغَةِ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ خَالَفُوا فِيهِ أَهْلَ الشَّرْعِ وَأَهْلُ الشَّرْعِ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ خَالَفُوا فِيهِ أَهْلَ اللُّغَةِ قَوْلُ الْمُحَشِّي النَّقِيعُ أَيْ بِالنُّونِ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ اهـ

ص: 164

وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ إلَخْ.

وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ هَلْ تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا تَحْرُمُ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ الْمُؤَلِّفُ بَلْ ذَكَرَ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِهِ فَقَالَ (ص) نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحٌ بِكْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيُنْدَبُ لِمَنْ احْتَاجَ لَهُ وَلَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَكَانَ ذَا أُهْبَةٍ أَيْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى كِفَايَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ وَقَدْ يَجِبُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّسَرِّي مَعَهُ خُيِّرَ فِيهِمَا، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ بِالصَّوْمِ مَعَهُمَا خُيِّرَ فِيهَا وَالزَّوَاجُ أَوْلَى وَقَدْ يُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَيَقْطَعْهُ عَنْ الْعِبَادَةِ وَيَحْرُمُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَيَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّفَقَةِ أَوْ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ يَتَكَسَّبُ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ قَالَ بَعْضٌ مَفْهُومُهُ لَوْ خَشِيَ الْعَنَتَ تَزَوَّجَ، وَلَوْ عَدِمَ النَّفَقَةَ وَنَحْوَهَا وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِذَلِكَ وَيُبَاحُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا نَسْلَ لَهُ وَالْمَرْأَةُ مُسَاوِيَةٌ لِلرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ إلَّا فِي التَّسَرِّي فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ نُدِبَ هُوَ الْأَصْلُ وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكْرًا لَا ثَيِّبًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِكْرًا لِيُفِيدَ أَنَّ كَوْنَهَا بِكْرًا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ.

(ص) وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ إذَا رَجَا أَنَّهَا وَوَلِيَّهَا يُجِيبَانِهِ إلَى مَا سَأَلَ وَإِلَّا حَرُمَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ) أَيْ مَجَازٌ رَاجِحٌ أَيْ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ) أَيْ بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ أَهْلُ الشَّرْعِ اخْتَلَفُوا عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ) هَذِهِ مُحْتَمِلَةٌ لِقَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَيْ كَمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ الثَّانِي حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَيْ وَمَجَازٌ فِي الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ سَيَأْتِي بِقَوْلِ الشَّارِحُ أَنَّ النَّدْبَ هُوَ الْأَصْلُ اُنْظُرْ مَا الْمُرَجِّحُ لِكَوْنِ النَّدْبِ هُوَ الْأَصْلُ وَمَا عَدَاهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ هُوَ الْأَصْلَ لِكَوْنِ الْأَغْلَبِ مِنْ صِفَاتِ النَّاسِ هِيَ الْحَالَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلنَّدَبِ (قَوْلُهُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ رَغِبَ فِيهِ أَيْ، وَلَوْ قَطَعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاجِ نَقُولُ وَكَذَا يُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وَلَكِنْ رَجَا النَّسْلَ وَلَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ.

(قَوْلُهُ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهَا هَلْ هُوَ شَهْرٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَفَادَهُ فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا) الْمَدَارُ عَلَى خَشْيَةِ الزِّنَا فَمَتَى خَشِيَ الزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ النَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ وَالزَّوَاجُ أَوْلَى أَيْ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» فَقَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَى الصَّوْمِ وَالسَّرَارِي يَتَطَبَّعُ بِطِبَاعِهِنَّ الْوَلَدُ انْتَهَى وَأَيْضًا الزَّوْجَةُ أَحْفَظُ مِنْ السُّرِّيَّةِ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ وَالْبَاءَةُ بِالْمُوحِدَةِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ وَآخِرِهِ هَاءُ تَأْنِيثٍ هُوَ النِّكَاحُ وَالْمُرَادُ بِهِ مُؤَنُ النِّكَاحِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ.

(قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ) أَيْ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَيَقْطَعُهُ عَنْ الْعِبَادَةِ أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا كَذَا أَفَادَهُ عج وَقَدْ يُقَالُ رَجَاءَ النَّسْلِ فِيهِ بَقَاءُ الذِّكْرِ وَتَنْفِيذُ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ فَهَلْ يُرَجَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ (قَوْلُهُ وَيُبَاحُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ رَغْبَةٌ فِيهِ وَلَا يَرْجُو نَسْلًا أَيْ وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مُوجِبُ التَّحْرِيمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِيهِ أَمْ لَا وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَمْ لَا فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَعَ إنْفَاقٍ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ أَوْ مَعَ وُجُودِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَخْشَ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَطَعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ خَافَ بِهِ قَطْعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ كُرِهَ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ وَرَجَا النَّسْلَ نُدِبَ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ النَّسْلَ أُبِيحَ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمِ الْمَنْدُوبِ وَالْجَائِزِ وَالْمَكْرُوهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبَ التَّحْرِيمِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ خَرَجَ قِسْمُ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ وَأَحَدُ قِسْمَيْ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ رَاغِبٍ وَرَجَا النَّسْلَ وَخُرُوجُهُ مُشْكِلٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا وَشَمِلَ قِسْمَ الْوَاجِبِ وَبَعْضَ مَا يَنْدَرِجُ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُقَيَّدُ بِمَا يُخْرِجُهُمَا فَيُقَالُ وَلَمْ يَخْشَ الزِّنَا وَلَمْ يَحْصُلْ مُوجِبُ حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ الْأَقْسَامِ) مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْوُجُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ إلَّا فِي التَّسَرِّي أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُمَكِّنُ عَبْدَهَا مِنْ وَطْئِهَا بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَهُ وَطْءُ مِلْكِهِ مِنْ الْإِنَاثِ (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ أَنَّ كَوْنَهَا بِكْرًا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ لَمْ تُجَرِّبْ الرِّجَالَ فَلَا تَقِيسُ أَحْوَالَهُ بِأَحْوَالِ غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَهِيَ دُرَّةٌ لَمْ تُثْقَبْ وَمُهْرَةٌ لَمْ تُرْكَبْ.

(قَوْلُهُ نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ النَّظَرِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ يُجِيبَانِهِ إلَى مَا سَأَلَ إلَخْ) مُفَادُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَعَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ إجَابَةَ سُؤَالِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ بِعِلْمِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ لَا يَجُوزُ لَهُ، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهَا مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهَا بِعِلْمِهَا دُونَ اسْتِغْفَالِهِ فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ وَأَصْلُ ذَلِكَ لِابْنِ الْقَطَّانِ فَقَدْ قَالَ، وَإِنْ عَلِمَ الْخَاطِبُ أَنَّهَا لَا تُجِيبُهُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَطَبَ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا لَذَّةَ فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ قَصْدِ اللَّذَّةِ وَأَيْضًا يُعَارِضُ قَوْلَهُ بَعْدُ وَيُكْرَهُ اسْتِغْفَالُهَا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ عب مَا نَصُّهُ، فَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ الْإِجَابَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَيْ يَحْرُمُ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ نَظَرُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا جَائِزًا؛ لِأَنَّ

ص: 165

نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمِهَا بِلَا لَذَّةٍ بِنَفْسِهِ وَوَكِيلُهُ مِثْلُهُ إذَا أَمِنَ الْمَفْسَدَةَ وَيُكْرَهُ اسْتِغْفَالُهَا لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ أَهْلُ الْفَسَادِ لِنَظَرِ مَحَارِمِ النَّاسِ وَيَقُولُونَ نَحْنُ خُطَّابٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ فِي الرُّؤْيَةِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ النَّظَرِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَنَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ لَا يَنْفِي الْجَوَازَ مَعَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.

(ص) وَحَلَّ لَهُمَا حَتَّى نَظَرِ الْفَرْجِ كَالْمِلْكِ (ش) ضَمِيرُ لَهُمَا عَائِدٌ عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَنْظُرَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ إلَى جَمِيعِ جَسَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى إلَى عَوْرَتِهِ مِنْ قُبُلٍ أَوْ مِنْ دُبُرٍ وِفَاقًا لِلْبَرْزَلِيِّ وَخِلَافًا لِلْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْقُبُلِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ أَمَتِهِ الْمُسْتَقِلِّ بِمِلْكِهَا وَلَيْسَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ مَحْرَمِيَّةٍ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ إلَى أَجَلٍ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ لِلْعِلْمِ بِهِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ جَازَ إلَى حَلَّ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ يُجَامِعُ الْكَرَاهَةَ بِخِلَافِ الْحِلِّ وَيَصِحُّ فِي حَتَّى أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ حَلَّ لَهُمَا النَّظَرُ أَوْ نَظَرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ وَأَنْ تَكُونَ جَارَّةً أَيْ وَيَنْتَهِي النَّظَرُ أَوْ نَظَرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ حَتَّى نَظَرِ الْفَرْجِ أَيْ إلَى نَظَرِ الْفَرْجِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْجِ لِلْإِشَارَةِ إلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ.

(ص) وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَمَتَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِاسْتِمْتَاعِ خَلَا الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ مَوْضِعُ حَرْثٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ أَيْ ائْتُوا ذَلِكَ الْمَحَلَّ كَيْفَ شِئْتُمْ مِنْ خَلْفٍ أَوْ قُدَّامَ بَارِكَةً أَوْ مُسْتَلْقِيَةً أَوْ مُضْطَجِعَةً وَذِكْرُ الْحَرْثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِتْيَانَ فِي غَيْرِ الْمَأْتِيِّ الْمَأْذُونِ فِيهِ مُحَرَّمٌ بِشَبَهِهِنَّ بِمَحَلِّ الْحَرْثِ؛ لِأَنَّهُ مُزْدَرِعُ الذُّرِّيَّةِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ ثَعْلَبٍ

إنَّمَا الْأَرْحَامُ أَرْضُو

نَ لَنَا مُحْرَثَاتُ

فَعَلَيْنَا الزَّرْعُ فِيهَا

وَعَلَى اللَّهِ النَّبَاتُ

فَفَرْجُ الْمَرْأَةِ كَالْأَرْضِ وَالنُّطْفَةُ كَالْبَذْرِ وَالْوَلَدُ كَالنَّبَاتِ وَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمُحْتَرَثِ وَوَحَّدَهُ؛ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَعَلَ هَذَا مَظِنَّةَ قَصْدِ اللَّذَّةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ نَظَرَ فَقَطْ لَا مَسَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ لَا أَزِيدَ (قَوْلُهُ وَوَكِيلُهُ مِثْلُهُ) لَكِنْ إنْ كَانَ رَجُلًا فَالْآخَرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَنَظَرُهَا لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مَنْدُوبٌ مَا عَدَاهُمَا جَائِزٌ قَالَ تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُ الْكَفَّيْنِ وَبَاطِنُهُمَا وَالْأَصَابِعُ لِلْمِعْصَمِ وَاسْتُظْهِرَ جَوَازُ فِعْلِ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ فَتْحِ فَمِهَا وَنَظَرِ أَسْنَانِهَا لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ يَنْظُرُ الْوَجْهَ لِلْجَمَالِ وَالْيَدَيْنِ لِخِصْبِ الْبَدَنِ يَرُدُّ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا) أَيْ عَلَى الظَّاهِرِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً لِلْمَالِكِيَّةِ.

(قَوْلُهُ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يُبِحْ الْوَطْءَ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلِسَيِّدِهِ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ وَمِثْلُ الصَّحِيحِ الْفَاسِدُ إذَا فَاتَ (قَوْلُهُ الْمُسْتَقِلِّ بِمِلْكِهَا) . وَأَمَّا الْمُشْتَرَكَةُ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهَا (قَوْلُهُ مَحْرَمِيَّةٍ) احْتِرَازًا مِنْ أَمَتِهِ إذَا كَانَتْ عَمَّةً أَوْ خَالَةً مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَقِلِّ بِمِلْكِهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَوَازَ يُجَامِعُ إلَخْ) أَيْ بِمَعْنَى الْإِذْنِ وَإِلَّا فَقَدْ يُرَادُ بِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِي حَتَّى) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ حَلَّ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ وَحَتَّى عَاطِفَةً مَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ وَالْفَصْلُ مَوْجُودٌ (قَوْلُهُ أَيْ حَلَّ النَّظَرُ إلَخْ) أَيْ وَحَلَّ لَهُمَا النَّظَرُ أَيْ فَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يُفْهَمُ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ أَوْ نَظَرَ جَمِيعَ الْبَدَنِ إلَخْ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ حَلَّ لَهُمَا جِنْسُ النَّظَرِ أَوْ نَظَرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِانْتِهَاءَ هُنَا لَيْسَ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ بَلْ بِحَسَبِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ) أَيْ فَقَدْ وَرَدَ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلَا يَنْظُرْ لِفَرْجِهَا فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى» نَعَمْ إنَّ نَظَرَهُ فِي غَيْرِ جِمَاعٍ يُورِثُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُنْكَرٌ أَيْ دُونَ نَظَرِهَا لِذَكَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَبَالَغَ أَصْبَغُ فِي تَحْقِيقِ جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ لِلسَّائِلِ عَنْ ذَلِكَ نَعَمْ وَيَلْحَسُهُ بِلِسَانِهِ انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ أَصْبَغُ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّ لَحْسَهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

(قَوْلُهُ خَلَا الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِظَاهِرِهِ، وَلَوْ بِوَضْعِ الذَّكَرِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِقَوْلِ تت يُمْنَعُ التَّمَتُّعُ بِالدُّبْرِ بِالنَّظَرِ وَدَلِيلُ حُرْمَةِ وَطْءِ الدُّبُرِ خَبَرُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ «مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» (قَوْلُهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] الْحَرْثُ إثَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَقَوْلُهُ أَيْ مَوْضِعُ حَرْثٍ أَيْ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْآيَةُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الَّذِي حُذِفَتْ مِنْهُ الْأَدَاةُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ شَبَّهَهُنَّ إلَخْ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ نِسَاؤُكُمْ كَمَوْضِعِ حَرْثِكُمْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَرْجُ وَكَأَنَّهُ قِيلَ فَرْجُ نِسَائِكُمْ كَالْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ أَيْ ائْتُوا ذَلِكَ الْمَحَلَّ) الَّذِي هُوَ الْفَرْجُ الَّذِي هُوَ شَبِيهٌ بِمَحَلِّ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُزْدَرِعٌ) أَيْ مَوْضِعُ زَرْعِ الذُّرِّيَّةِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ مُزْدَرِعٌ (قَوْلُهُ مَحْرِثَاتٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَحْرَثٍ وِزَانُ جَعْفَرٍ أَيْ إنَّمَا الْأَرْحَامُ كَالْأَرْضِينَ لَنَا مَحْرِثَاتٍ أَيْ مَحَلِّ حَرْثِنَا (قَوْلُهُ فَفَرْجُ الْمَرْأَةِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ ثَعْلَبٍ فَرَحِمُ الْمَرْأَةِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوَضْعُ فِي الرَّحِمِ إنَّمَا يَكُونُ بِوَاسِطَةِ الْفَرْجِ عَبَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمُحْتَرِثِ) كَذَا يَتَرَاءَى فِي نُسْخَتِهِ أَيْ بَعْدَ الْحَاءِ تَاءٌ وَبَعْدَ التَّاءِ رَاءٌ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ وَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمَحْرَثِ وِزَانِ جَعْفَرٍ كَمَا قُلْنَا بَقِيَ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْحَرْثِ الْمَحْرَثِ لَا يَحْتَاجُ لِحَذْفِ مُضَافٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ شَارِحِنَا إشَارَةً إلَى وَجْهٍ ثَانٍ فِي الْآيَةِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ.

ص: 166

مَصْدَرٌ نَحْوُ رَجُلُ صَوْمٍ وَقَوْمُ صَوْمٍ.

(ص) وَخُطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ (ش) الْخُطْبَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ اسْمٌ لِأَلْفَاظٍ تُقَالُ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ وَالْمُحَاوَلَةُ عَلَيْهِ صَرِيحًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ يَخْطُبُ فُلَانَةَ أَوْ غَيْرَ صَرِيحٍ كَيُرِيدُ الِاتِّصَالَ بِكُمْ وَالدُّخُولَ فِي زُمْرَتِكُمْ مِنْ الْخَاطِبِ وَالْمُجِيبِ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ الْأَوَّلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] الْآيَةَ ثُمَّ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فُلَانًا رَغِبَ فِيكُمْ وَانْطَوَى إلَيْكُمْ وَفَرَضَ لَكُمْ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا فَأَنْكِحُوهُ وَيُجِيبُهُ الْمَخْطُوبُ إلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ أَجَبْنَاك وَانْطَوَى لَعَلَّهُ بِالضَّادِ وَمَعْنَاهُ الْإِيوَاءُ وَالِانْضِمَامُ وَيُحْتَمَلُ انْطَوَى بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ فَقَوْلُهُ وَخُطْبَةُ بِالضَّمِّ وَهُوَ كَلَامٌ مُسْجَعٌ مُخَالِفٌ لِلنَّظْمِ وَالنَّثْرِ بِخِطْبَةٍ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ.

(ص) وَعَقْدٍ (ش) أَيْ وَتُسْتَحَبُّ الْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ عِنْدَ عَقْدِ الْعَقْدِ مِنْ الْمُتَزَوِّجِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْحَمْدِ وَمَا مَعَهُ إلَى قَوْلِهِ فَأَنْكِحُوهُ وَيُجِيبُهُ الْمُزَوِّجُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ بِقَوْلِ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي أَوْ بِنْتَ فُلَانٍ أَوْ أَنْكَحْتهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ بِالْخُطْبَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْعَقْدِ.

(ص) وَتَقْلِيلُهَا وَإِعْلَانُهُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ تَقْلِيلُ الْخُطْبَةِ وَإِظْهَارُ النِّكَاحِ وَإِشْهَارُهُ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ عَلَيْهِ (ص) وَتَهْنِئَتُهُ وَالدُّعَاءُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ كَفَرِحْنَا لَكُمْ وَسَرَّنَا مَا فَعَلْتُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَجَعَلَ مِنْكُمَا ذُرِّيَّةً صَالِحَةً فَالضَّمِيرُ فِي تَهْنِئَتِهِ يَرْجِعُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لِلْعَرُوسِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.

(ص) وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ (ش) أَيْ يُنْدَبُ إيقَاعُ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعِنْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فُسِخَ كَمَا يَأْتِي وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْوَلِيِّ بِعَقْدِهِ) إلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْوَلِيِّ عَلَى عَقْدِ وَلِيَّتِهِ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي السَّتْرِ عَلَيْهَا، وَإِنْ شَهِدَ بِتَوْكِيلِهَا غَيْرُ عُدُولٍ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا وَالدُّخُولُ بَعْدَ عِلْمِهَا مَضَى النِّكَاحُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ) أَيْ طَلَبُ التَّزْوِيجِ وَعَطْفُ الْمُحَاوَلَةِ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ زُمْرَتِكُمْ) أَيْ جَمَاعَتِكُمْ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ قَدْرِ الْخُطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ لَعَلَّهُ بِالضَّادِ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ انْطَوَى) أَيْ وَهُوَ بِمَعْنَى نُسْخَةِ الضَّادِ.

(قَوْلُهُ فَأَنْكِحُوهُ) أَمَرَ وَالْأَمْرُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَلَمْ يَكُنْ عَقْدًا بِخِلَافِ زَوَّجْتُك وَأَنْكَحْتُك فَيَقُولُ قَبِلْت فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَتِمُّ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ الْخُطْبَةِ بِالضَّمِّ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَيُفْهَمُ هَذَا أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْخُطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ مُضِرٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا بِالسُّكُوتِ قَدْرَهَا كَذَلِكَ بَقِيَ أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ يُعْطِي أَنَّ الْمَخْطُوبَ إلَيْهِ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ إلَخْ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى تَمَامِ آيَةِ {وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَزِيدُ أَمَّا بَعْدُ فَيَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَجَبْنَاك إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ طَالِبٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْوَسِيلَةَ وَقَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْعَقْدِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعْطِيًا الْآنَ فَيُقَدِّمُ الْخُطْبَةَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخُطَبَ أَرْبَعٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُطْبَةٌ أَرَادَ الْجِنْسَ.

(فَائِدَةٌ) يُسْتَحَبُّ كِتْمَانُ الْأَمْرِ لِلْعَقْدِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ سَعْيُ أَهْلِ الْفَسَادِ فِي إبْطَالِ الْخِطْبَةِ لِحَدِيثِ «اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ» .

(قَوْلُهُ تَقْلِيلُ الْخُطْبَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ قَالَ عج قَالَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ أَقَلُّهَا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْت نِكَاحَهَا لِنَفْسِي (قَوْلُهُ وَإِشْهَارُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. وَأَمَّا الْخِطْبَةُ بِالْكَسْرِ فَيُنْدَبُ إخْفَاؤُهَا كَالْخِتَانِ وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِخْفَاءُ خَوْفًا مِنْ الْحَسَدَةِ فَيَسْعَوْنَ بِالْإِفْسَادِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَخْطُوبَةِ (قَوْلُهُ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَلِيمَةُ (قَوْلُهُ وَتَهْنِئَتُهُ) بِالْهَمْزِ أَيْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الدُّعَاءِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَيْ التَّهْنِئَةُ وَعِبَارَةُ عج أَيْ وَيُسْتَحَبُّ تَهْنِئَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَالدُّعَاءُ لِكُلٍّ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ اهـ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَهْنِئَةُ الْعَرُوسِ وَالدُّعَاءُ لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ وَهَكَذَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي النَّوَادِرِ.

(قَوْلُهُ وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ) أَيْ أَقَلُّ مَا يَكْفِي عَدْلَانِ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِذَلِكَ كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِإِشْهَادِهِمَا وَكَذَا فِي جَانِبِ الْوُجُوبِ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ لَكَانَ الْوَاجِبُ مَتْرُوكًا حِينَ الدُّخُولِ فَيَأْثَمُ الْأَوْلِيَاءُ بِذَلِكَ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَإِنْ صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مَنُوطَةٌ بِالشَّهَادَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ الْإِشْهَادِ أَيْ عَلَى النِّكَاحِ وَاجِبٌ. وَأَمَّا إحْضَارُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ حَصَلَ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ وُجِدَ الْأَمْرَانِ الِاسْتِحْبَابُ وَالْوُجُوبُ، وَإِنْ فُقِدَ وَقْتَ الْعَقْدِ وَوُجِدَ عِنْدَ الدُّخُولِ فَقَدْ حَصَلَ الْوَاجِبُ وَفَاتَ الِاسْتِحْبَابُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إشْهَادٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَلَكِنْ وُجِدَتْ الشُّهُودُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالصِّحَّةُ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْوُجُوبُ وَالِاسْتِحْبَابُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُهُودٌ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْفَسَادُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا) أَيْ الرِّضَا بِفِعْلِ الْوَكِيلِ وَحَصَلَ الدُّخُولُ بَعْدَ عِلْمِهَا وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى التَّوْكِيلِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ أَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلِ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ مَسْتُورٍ وَفَاسِقٍ عَدَمٌ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ السُّيُورِيِّ لَا يَشْهَدُ فِي النِّكَاحِ إلَّا الْعُدُولُ فِي الْوَكَالَةِ يَعْنِي فِي تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا وَفِي الْعَقْدِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ مَا ذُكِرَ يَعْنِي مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِ

ص: 167

وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ.

(ص) وَفَسْخٌ إنْ دَخَلَا بِلَاهُ وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا، وَلَوْ عُلِمَ (ش) ضَمِيرُ بِلَاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ إنْ كَانَ النِّكَاحُ وَالدُّخُولُ ظَاهِرًا فَاشِيًا بَيْنَ النَّاسِ أَوْ شَهِدَ بِابْتِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ عَلِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الدُّخُولُ بِلَا إشْهَادٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا فَاشِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ إنْ أَقَرَّا بِالْوَطْءِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا فَسَخْنَاهُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَيُفْسَخُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ إذْ لَا يَشَاءُ اثْنَانِ يَجْتَمِعَانِ عَلَى فَسَادٍ فِي خَلْوَةٍ إلَّا يَفْعَلَانِهِ وَيَدَّعِيَانِ سَبْقَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيُؤَدِّي إلَى ارْتِفَاعِ حَدِّ الزِّنَا وَالتَّعْزِيرِ وَيَحْصُلُ الْفَشْوُ بِالْوَلِيمَةِ وَضَرْبِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ.

(ص) وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ صَدَاقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَكَنَتْ لِمَنْ خَطَبَهَا وَوَافَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ فَاسِقٍ وَسَوَاءٌ قَدَّرَ لَهَا صَدَاقًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَلَى غَيْرِهَا أَنْ يَخْطُبَهَا وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إذَا رَكَنَتْ لِغَيْرِ فَاسِقٍ فِي دِينِهِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا رَكَنَتْ إلَيْهِ ذِمِّيَّةٌ فَيَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَخِيهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ أَمَّا إنْ رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ جَازَ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ لِمَنْ هُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ، وَلَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ الْفَاسِقِ وَرُكُونُ الْمُجْبَرِ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ، وَلَوْ ظَهَرَ رَدُّهَا، وَكَذَلِكَ رُكُونُ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا وَكُلُّ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمَرْأَةِ مِثْلُ أُمِّهَا كَرُكُونِهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ تَرْكُ مَنْ رَكَنَتْ إلَيْهِ بَعْدَ خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْمَوْعِدِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا بَعْدَ الرُّكُونِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْخَاطِبِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.

(ص) وَفَسْخٌ إنْ لَمْ يَبِنْ (ش) أَيْ، وَإِنْ ارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ وَخَطَبَ مَنْ رَكَنَتْ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَعَقَدَ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا بِطَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ، وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعُدُولِ عَلَيْهَا فِي الْوَكَالَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا وَالدُّخُولُ بِقَصْدِ عِلْمِهَا مَضَى النِّكَاحُ اهـ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ بَلْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ، وَلَوْ تَوَلَّى الْعَقْدَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ هَذَا الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ.

(قَوْلُهُ بِلَاهُ) يُحْتَمَلُ كَوْنُ ضَمِيرِ بِلَاهُ مُتَّصِلًا أَتَى بِهِ بَعْدَ لَا أَوْ مُنْفَصِلًا أَصْلُهُ هُوَ حُذِفَتْ وَاوُهُ وَأَتَى بِهِ كَذَلِكَ اخْتِصَارًا وَكِلَاهُمَا خَاصٌّ بِالضَّرُورَةِ قَالَهُ ابْنُ هِلَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا) قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْفَشْوُ وَجَبَ الْحَدُّ، وَلَوْ جَهْلًا حُكْمُ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) : تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي عَدْلَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَكَذَا إنْ وَجَدَا عَدْلَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَشْهَدَاهُمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ كَفَى اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ ضَمِيرُ بِلَاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ تَنْعَدِمَ الشَّهَادَةُ أَصْلًا أَوْ تُوجَدَ بِدُونِ إشْهَادٍ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) وَإِنَّمَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعِيِّ تَقَدُّمُ وَطْءٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا وَلِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا حَكَمَ حَاكِمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِابْتِنَائِهِمَا) أَيْ دُخُولِهِمَا وَقَوْلُهُ بِاسْمِ النِّكَاحِ أَيْ بِاسْمٍ هُوَ النِّكَاحُ أَيْ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى دُخُولِهِمَا دُخُولًا مُلْتَبِسًا بِاسْمِ النِّكَاحِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ فُلَانًا دَخَلَ عَلَى فُلَانَةَ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ. وَأَمَّا وَلِيُّ الرَّجُلِ فَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ وَلِيَ الْعَقْدَ وَفِي الْحَطَّابِ شَهَادَةُ الْوَلِيِّ لَا تَدْرَأُ الْحَدَّ، وَلَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَلَوْ عَلِمَ الْعَاقِدُ وُجُوبَهُ وَحُرْمَةَ الدُّخُولِ بِلَاهُ (قَوْلُهُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ) أَيْ لِوَسِيلَةِ الْفَسَادِ وَهُوَ الْعَقْدُ بِلَا إشْهَادٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَشَاءُ إلَخْ) أَيْ لَا يُرِيدُ اثْنَانِ اجْتِمَاعًا عَلَى فَسَادٍ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فَعَلَا الْإِفْسَادَ وَادَّعَيَا سَبْقَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ (قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي إلَى ارْتِفَاعِ حَدِّ الزِّنَا) أَيْ إنْ وَقَعَ مِنْهُمَا وَطْءٌ وَأَقَرَّا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقَوْلُهُ وَالتَّعْزِيرِ أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَضَرْبِ الدُّفِّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَالدُّخَانِ.

(قَوْلُهُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعٌ؛ لِأَنَّ الْخَاطِبَ الْأَوَّلَ إمَّا صَالِحٌ أَوْ مَجْهُولُ حَالٍ أَوْ فَاسِقٌ وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ فِي سَبْعٍ وَتَجُوزُ فِي ثِنْتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ يُفِيدُ التِّسْعَ سِتَّةٌ بِمَنْطُوقِهِ وَثَلَاثَةٌ بِمَفْهُومِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ شَامِلٌ لِلصَّالِحِ وَمَجْهُولِهِ كَانَ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ فَهَذِهِ سِتَّةٌ. وَأَمَّا إذَا رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ فَيَجُوزُ لِصَالِحٍ وَمَجْهُولِ حَالٍ لَا فَاسِقٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ وَظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِرُكُونِهَا بَلْ حَتَّى يُقَدَّرَ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ رَكَنَتْ) رَكَنَ مِنْ بَابِ قَعَدَ وَمِنْ بَابِ تَعِبَ (قَوْلُهُ وَرُكُونُ الْمُجْبَرِ) أَيْ، وَلَوْ بِسُكُوتِهِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ يَقُومُ) أَيْ وَرُكُونُ كُلِّ مَنْ يَقُومُ وَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّ أُمِّهَا أَوْ غَيْرِ مُجْبِرِهَا مَعَ رُكُونِهَا (قَوْلُهُ رَكَنَتْ إلَيْهِ) أَيْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِوَلِيِّهَا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْخَاطِبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ الْخَاطِبِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الرُّجُوعِ خِطْبَةَ ذَلِكَ الْغَيْرِ.

(قَوْلُهُ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ) حَيْثُ اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ لِأَجْلِ خِطْبَةِ ذَلِكَ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا لَمْ يُفْسَخْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْفَسْخُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْهُ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ إرْخَاءُ السِّتْرِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَسِيسَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ) أَيْ بِأَنْ رَضِيَ بِتَرْكِهَا لِلثَّانِي، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الثَّانِي وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَجَعَتْ عَنْ الرُّكُونِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي وَادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَلَا قَرِينَةَ لِأَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا وَقَوْلِ مُجْبِرِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ

ص: 168

مِنْ أَنَّ الْعَرْضَ مُسْتَحَبٌّ هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ مَا هُنَا مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَهُ.

(ص) وَصَرِيحُ خُطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً يَحْرُمُ التَّصْرِيحُ لَهَا فِي الْعِدَّةِ بِالْخِطْبَةِ وَالتَّعْرِيضُ لَهَا جَائِزٌ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ مُطَلِّقِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَرِّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ (ص) وَمُوَاعَدَتُهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ أَيْضًا مُوَاعَدَةُ الْمُعْتَدَّةِ بِالنِّكَاحِ بِأَنْ يَتَوَثَّقَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَمَكْرُوهٌ (ص) كَوَلِيِّهَا (ش) تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ صَرِيحِ الْخِطْبَةِ عَلَيْهِ وَمُوَاعَدَتِهِ وَأَطْلَقَهُ فَيَعُمُّ الْمُجْبَرَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِهَا (ص) كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ زِنًا مِنْهُ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ غَصْبٍ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي تَحْرِيمِ التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ لَهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُوَاعَدَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا بِالنِّكَاحِ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ وَيُفْسَخُ وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ تَمَامِ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ وَلَا تَلَذُّذٌ، فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهُمَا فَهُوَ قَوْلُهُ.

(ص) وَتَأَبُّدُ تَحْرِيمِهَا بِوَطْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ رَجْعِيٍّ أَوْ مَوْتٍ، وَالْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ زِنًا أَوْ اغْتِصَابٍ إذَا وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبْرَائِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُسْتَبْرَأَةُ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى وَاطِئِهَا وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ. وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنَاهُ (ص) ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ (ش) بَاؤُهُ سَبَبِيَّةٌ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ بِنِكَاحٍ بَلْ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحٍ كَوَطْءِ الْغَلَطِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَعْدَهَا) إلَى أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا فَرْقَ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يَتَأَيَّدُ بِهِ التَّحْرِيمُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ بِوَطْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَطْءُ نِكَاحٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً لَيْسَتْ فِي عِدَّةٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَإِنَّهَا لَا تَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ، وَلَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ خِطْبَتُهُ إيَّاهَا فِي الْعِدَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ (ص) وَبِمُقَدِّمَتِهِ فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنْ قُبْلَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ كَالْجِمَاعِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَوَقَعَتْ الْمُقَدِّمَاتُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا تَتَأَبَّدُ عَلَى فَاعِلِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلصِّحَّةِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأَوَّلِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَى الرُّجُوعِ لَا لِخِطْبَةِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِ الْخَاطِبِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ غَيْرَهُ) هَذَا الْحَصْرُ غَيْرُ مُرَادٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَتَوَثَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْحَطَّابَ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالْمُوَاعَدَةُ أَنْ يَعِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِالتَّزْوِيجِ فَهِيَ مُفَاعَلَةٌ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَعُمُّ الْمُجْبِرَ وَغَيْرَهُ) أَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَكِنْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مُوَاعَدَةَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا كَالْعِدَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيُكْرَهُ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ مَنْ زِنًا فَيَشْمَلُ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَصْبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا تَفْهَمْ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى صُورَةِ الزِّنَا مِنْهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ بَلْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الزِّنَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْغَصْبُ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ رَجْعِيٍّ أَوْ مَوْتٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ وَالْأَوْلَى زِيَادَتُهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُعْتَدَّةٌ شَامِلٌ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ هَذَا إذَا كَانَ وَطْئًا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَحَاصِلُهُ حِينَئِذٍ أَنَّك تَقُولُ طَرَأَتْ عِدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّارِئَ إمَّا عِدَّةُ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتُهُ وَالْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ غَصْبٍ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ) وَهَلْ يُحَدُّ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَوْ لَا وَلِلشُّيُوخِ فِي بَابِ الزِّنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ وَطْءَ الصَّبِيِّ هَلْ يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَهَا كَالْبَالِغِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنَاهُ) فَلَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْفَاسِدِ وَيَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ ثُمَّ يَعْقِدُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بِاشْتِبَاهٍ؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ الِالْتِبَاسُ فِي الْمَحَلِّ وَالشُّبْهَةُ السَّبَبُ الْمُسَوِّغُ لِلْإِقْدَامِ وَهَذَا لَيْسَ مَعَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْعِدَّةِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ فِي الْعِدَّةِ بِاشْتِبَاهٍ أَيْ غَلَطٍ (قَوْلُهُ كَوَطْءِ الْغَلَطِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِكْرَاهَ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ غَصْبٌ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الزِّنَا وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ الْخَلْوَةُ، وَلَوْ تَقَارَرَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَطْءُ نِكَاحٍ) لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقٌ عَلَى مَا بَعْدَهَا وَهَذَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا قُلْته ظَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْمُبَالَغِ عَلَيْهِ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ وَطْئًا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَقَدْ نَظَرَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ مِنْ زِنًا

ص: 169

لَا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَهَا وَبِعِبَارَةٍ أَيْ بِمُقَدِّمَةِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا مُقَدِّمَاتُ الشُّبْهَةِ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَتَأَبَّدُ بِهَا التَّحْرِيمُ فَمِنْ قِبَلِ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْمِلْكِ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ (ص) أَوْ بِمِلْكٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ الْأَمَةِ إذَا وَطِئَهَا سَيِّدُهَا أَوْ مُشْتَرِيهَا بِمِلْكٍ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِ زَوْجِهَا أَوْ مَوْتِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِنِكَاحٍ الْمُقَدَّرِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا الْمُسْتَبْرَأَةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءِ الْمِلْكِ كَانَتْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ وَصُورَةُ قَوْلِهِ (كَعَكْسِهِ) أَنَّ أَمَةً مُسْتَبْرَأَةً مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ انْتِقَالِ مِلْكٍ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ تَزَوَّجَهَا شَخْصٌ فِي اسْتِبْرَائِهَا وَوَطِئَهَا فِيهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ.

(ص) لَا بِعَقْدٍ أَوْ بِزِنًا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبْرَائِهَا فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بَعْدَ تَمَامِ مَا هِيَ فِيهِ.

(ص) أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَانَتْ تُسْتَبْرَأُ مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَاشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَوَطِئَهَا بِالْمِلْكِ فِي ذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمِلْكِ الْخِدْمَةُ دُونَ الْوَطْءِ فَضَعُفَ الْوَطْءُ فِيهِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ.

(ص) أَوْ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا وَوَطِئَهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهَا مَا كَانَ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ بَلْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَلِذَا لَوْ وَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجٍ بَعْدَهُ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا كَمَا أَفَادَهُ الظَّرْفُ فِي كَلَامِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُحْرِمِ) إلَى أَنَّ الْوَطْءَ الْمُحَرَّمَ لَا يُؤَبِّدُ التَّحْرِيمَ عَلَى فَاعِلِهِ كَفِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ جَمْعٍ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَقَوْلُهُ مُحَرَّمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لِيَتَنَاوَلَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ ضَبْطِهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ غَصْبٍ هَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ (قَوْلُهُ أَيْ بِمُقَدِّمَةِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مُقَدِّمَةُ النِّكَاحِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْمِلْكِ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ) أَيْ يَحْرُمُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ اشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَقَبَّلَهَا فِي حَالِ عِدَّتِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا. وَأَمَّا لَوْ قَبَّلَهَا شَخْصٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَعْنِي حَالَ عِدَّتِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَمَتَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يَتَأَبَّدُ بِالْأَوْلَى مِنْ مُقَدِّمَاتِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ كَانَتْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَحَاصِلُهُ حِينَئِذٍ طَرَأَ وَطْءٌ مُسْتَنِدٌ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَيَبْقَى مَا إذَا طَرَأَ وَطْءٌ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ الَّتِي هِيَ مُرَادَةٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ طَلَاقِ زَوْجِهَا قَبْلُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ إنْ أَمَةٌ مُسْتَبْرَأَةٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْصُرَهَا عَلَى أَمَةٍ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ كَمَا هُوَ الْمُفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهَا مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ طَرَأَ عَلَيْهِمَا عِدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِتَقَدُّمِهِ فِي قَوْلِهِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ أَوْ انْتِقَالِ مِلْكٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَالْمَعْنَى أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِ انْتِقَالِ مِلْكِ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا السَّيِّدُ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ سَيِّدِهَا الْوَاطِئِ لَهَا بِالْفِعْلِ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةَ لِكَوْنِ سَيِّدِهَا بَاعَهَا أَوْ مَاتَ وَوَطِئَهَا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَوَطِئَهَا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَقَوْلُنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ مِلْكٍ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً لِكَوْنِ سَيِّدِهَا وَطِئَهَا أَوْ لِكَوْنِهَا بِيعَتْ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَتِهِ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ انْسِلَاكُهُ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ تَزَوَّجَهَا شَخْصٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ إنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْ كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فِي طُرُوِّ الْعَقْدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا) لَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عِدَّةَ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي اسْتِبْرَائِهَا لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكٍ) أَيْ لَا وَطْءَ بِمِلْكٍ وَمِثْلُهُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ آخِرًا وَقَوْلُهُ عَنْ مِلْكٍ أَيْ طَرَأَ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ نَاشِئٍ عَنْ مِلْكٍ وَمِثْلُهُ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ وَقَوْلُهُ مِنْ سَيِّدِهَا أَيْ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ كَالْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ الَّتِي مَاتَ سَيِّدُهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَهُوَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَالزِّنَا وَالْغَصْبِ فَجُمْلَةُ ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ وَبَيَانُهَا أَنَّهَا مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَالطَّارِئُ إمَّا وَطْءٌ مُسْتَنِدٌ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ لَا بِعَقْدٍ أَوْ زِنًا اثْنَتَا عَشْرَةَ وَصُوَرَ مَا عَدَاهُ غَيْرَ مَسَائِلِ الْمُقَدِّمَاتِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً بَيَانُهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إمَّا مُعْتَدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ وَالطَّارِئُ كَذَلِكَ وَسِتَّةٌ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي طُرُوِّ وَطْءٍ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشْرَ وَكَذَا فِي طُرُوِّ وَطْءٍ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ طَرَأَ عَلَى عِدَّةِ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ الْجُمْلَةُ سِتَّةَ عَشَرَ وَمَا عَدَاهَا لَا يَتَأَبَّدُ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ تَصْرِيحًا وَقِيَاسًا كَمَا تَبَيَّنَ مِمَّا قَرَّرْنَا.

(قَوْلُهُ لِيَتَنَاوَلَ مَا هُوَ أَعَمُّ)

ص: 170

لِخُصُوصِ هَذَا بِمَنْ حَرُمَتْ بِسَبَبِ إحْرَامِهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.

(ص) وَجَازَ تَعْرِيضٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا بِالنِّكَاحِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَفِيك رَاغِبٌ) إلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَلَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَعًا وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوِّحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا وَالْكِنَايَةُ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ كَقَوْلِنَا فِي شَجَاعَةِ الشَّخْصِ طَوِيلُ النِّجَادِ وَكَرَمِهِ كَثِيرُ الرَّمَادِ وَالنِّجَادُ بِكَسْرِ النُّونِ حَمَائِلُ السَّيْفِ.

(ص) وَالْإِهْدَاءُ (ش) أَيْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُهْدِيَ إلَى الْمُعْتَدَّةِ هَدِيَّةً فِي عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْهَدِيَّةِ مَوَدَّةٌ وَلَا يَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ بِخِلَافِ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَنْفَقَ أَوْ أَهْدَى ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمِثْلُهُ لَوْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ لِمَخْطُوبَةٍ غَيْرِ مُعْتَدَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ.

(ص) وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ الْعَاقِلِ لِفَاضِلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْ يُفَوِّضَ الْأَمْرَ فِي وَلِيَّتِهِ إلَى رَجُلٍ صَالِحٍ رَجَاءً لِحُصُولِ خَيْرِهِ وَبَرَكَتِهِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ اسْتِحْبَابُهُ.

(ص) وَذِكْرُ الْمَسَاوِئِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَسُوءُ مِمَّا يَعْلَمُهُ فِي الْآخَرِ لِلتَّحْذِيرِ مِنْهُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ تَلْوِيحٍ وَلَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ مَسَاوِئِ الزَّوْجِ فَقَطْ وَهَذَا أَحَدُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا تَجُوزُ فِيهَا الْغَيْبَةُ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمَدْخَلِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ.

(ص) وَكُرِهَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَلِيَتَنَاوَلَ مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْمُفْسِدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ فِي عِدَّتِهَا بِالنِّكَاحِ) أَيْ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةِ مُطْلَقًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعِدَّةِ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ إجْمَاعًا ثُمَّ جَوَازُهُ فِي غَيْرِهَا فِي حَقِّ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَفِيك) أَيْ حَيْثُ أَتَى بِالْكَافِ (قَوْلُهُ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا) فَقَوْلُهُ كَفِيك رَاغِبٌ اُسْتُعْمِلَ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ ثُبُوتُ الرَّغْبَةِ لَهُ إلَّا أَنَّ غَرَضَهُ التَّلْوِيحُ لِكَوْنِهِ يَتَزَوَّجُهَا (قَوْلُهُ بِلَازِمِهِ) أَيْ بِاسْمِ لَازِمِهِ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ السَّكَّاكِيِّ. وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْقَزْوِينِيِّ فَهِيَ اسْتِعْمَالُ اسْمِ الْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ أَوْ اسْمِ الْمَلْزُومِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي اللَّازِمِ مَعَ الْقَرِينَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَانِعَةٍ (قَوْلُهُ كَقَوْلِنَا فِي شَجَاعَةِ إلَخْ) فَطُولُ الْقَامَةِ يَلْزَمُهُ طُولُ حَمَائِلِ السَّيْفِ وَالْكَرْمُ يَلْزَمُهُ كَثْرَةُ الرَّمَادِ فَقَدْ عَبَّرْت بِهَذَا الِاعْتِبَارِ عَنْ الْمَلْزُومِ بِاسْمِ اللَّازِمِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَقَوْلِنَا فِي وَصْفِ الشَّخْصِ بِالطُّولِ (قَوْلُهُ حَمَائِلُ السَّيْفِ) أَيْ الْخُيُوطُ الَّتِي يُحْمَلُ بِهَا السَّيْفُ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) ، وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ وَذَكَرَ الشَّمْسُ اللَّقَانِيِّ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهَا رَجَعَ بِمَا أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ اهـ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ كَذَلِكَ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا اهـ مِنْ شَرْحِ عب فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَرَّرَهُ شَارِحُنَا وَكَلَامُ الْبَيَانِ ضَعِيفٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ رحمه الله.

(قَوْلُهُ وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) وَأَوْلَى الزَّوْجُ (قَوْلُهُ لِفَاضِلٍ) وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ الْمَسَاوِئِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ إلَخْ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ مِنْ الْجَوَازِ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَإِلَّا فَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّ مَا فِي الْقُرْطُبِيِّ يُخَالِفُهُ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَشَارَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيُنْدَبُ فَقَطْ وَفِي عج مَا نَصُّهُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ حِينَئِذٍ اهـ لَا يَخْفَى أَنَّ الطُّرُقَ ثَلَاثَةٌ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ عج مَنْقُولًا وَبَعْدُ مَا لِلْجُزُولِيِّ حَيْثُ حَكَمَ بِالْجَوَازِ مَعَ الِاسْتِشَارَةِ (قَوْلُهُ الَّتِي تَسُوءُ) وَسُمِّيَتْ عُيُوبُ الْإِنْسَانِ مَسَاوِئُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا يَسُوءُ فَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْمَسَاوِئُ جَمْعُ مَسَاءَةٍ نَقِيضُ الْمَسَرَّةِ وَأَصْلُهَا مَسْوَءَةٌ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَلِهَذَا تُرَدُّ الْوَاوُ فِي الْجَمْعِ فَتَقُولُ الْمَسَاوِئُ لَكِنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْجَمْعَ مُخَفَّفًا (قَوْلُهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ مَسَاوِئِ الرَّجُلِ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ خَصَّهُ بِمَسَاوِئِ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ إلَخْ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ يَجْمَعُهَا قَوْلُ الْقَائِلِ

تَظَلَّمَ وَاسْتَغِثْ وَاسْتَفْتِ حَذِرْ

وَعَرِّفْ بِدْعَةَ فِسْقِ الْمُجَاهِرِ

فَقَوْلُهُ تَظَلَّمْ يَشْمَلُ غَيْبَةَ الظَّالِمِ مِنْ خَصْمِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَذِكْرَهَا لِمَنْ يَرْجُو زَوَالَهَا وَالْمِكَاسَ وَحَذِرْ يَشْمَلُ خُطْبَةَ النَّاكِحِ وَالْمُشَاوَرَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُرَافَقَةِ فِي السَّفَرِ وَمُجَاوَرَةِ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَقَوْلُهُ وَعَرِّفْ يَشْمَلُ التَّعْرِيفَ بِاسْمٍ غَيْرِ جِنْسٍ كَالْأَعْرَجِ وَنَحْوِهِ وَالتَّجْرِيحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالرُّوَاةِ وَمَنْ سَأَلَ الْحَاكِمُ عَنْ حَالِهِ وَبِدْعَةَ يَشْمَلُ الظَّاهِرَةَ الَّتِي يَدْعُو إلَيْهَا وَالْخَفِيَّةَ الَّتِي يُلْقِيهَا لِمَنْ يَظْفَرُ بِهِ اهـ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ يَظْهَرُ لَك أَنَّ الشَّارِحَ سَكَتَ عَنْ ثَلَاثَةٍ اسْتَغِثْ وَاسْتَفْتِ وَفِسْقِ الْمُجَاهِرِ وَعَلَيْهَا فَيَكُونُ عَدُّ قَوْلِهِ وَالتَّجْرِيحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالرُّوَاةِ وَاحِدًا وَالْبِدْعَةُ بِقِسْمَيْهَا قِسْمًا وَاحِدًا وَمُجَاوَرَةِ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاحِدًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَذِكْرَهَا لِمَنْ يَرْجُو يَرْجِعُ لِتَفْسِيرِ وَاسْتَغِثْ فَلَا حَاجَةَ لِدُخُولِهَا تَحْتَ تَظَلَّمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا تَحْتَ تَظَلَّمْ يُوجِبُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ قَوْلِهِ وَاسْتَغِثْ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لِمَنْ يَرْجُو زَوَالَهَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْحَاكِمُ وَأَيْضًا الْمُكَّاسُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ غَيْبَةِ الظَّالِمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ أَدْخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ تَظَلَّمْ أُمُورًا أَرْبَعَةً قَدْ عَلِمْت مَا فِيهَا مِنْ التَّدَاخُلِ، وَلَوْ جَعَلَهَا سَبْعَةً كَمَا فِي النَّظْمِ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَعْضِ مُتَعَدِّدًا لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَدَبَّرْ.

ص: 171

عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (ش) تَقَدَّمَ إذَا وَعَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِالنِّكَاحِ أَنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَأَمَّا إذَا وَعَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَا وَعَدَ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إخْلَافِ الْوَعْدِ.

(ص) وَتَزْوِيجُ زَانِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُتَجَاهِرَةَ بِالزِّنَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا وَالْمُرَادُ بِالزَّانِيَةِ مَنْ شَأْنُهَا ذَلِكَ بِأَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا. وَأَمَّا مَنْ تُكَلِّمَ فِيهَا وَلَيْسَ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ (ص) أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الَّتِي صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ أَيْ أَوْ وَاعَدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا وَنُدِبَ فِرَاقٌ مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أَيْ فِرَاقُ مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا فِي الْعِدَّةِ.

(ص) وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَّلَهُ وَسَامَحَهُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا يُحَلِّلْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ الَّذِي كَانَتْ رَكَنَتْ إلَيْهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَفْسَخُ إنْ لَمْ يَبْنِ.

(ص) وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ مِنْهَا الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ بِدُونِهِ وَمِنْهَا الصَّدَاقُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ أَوْ اشْتَرَطَا إسْقَاطَهُ أَصْلًا فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِإِسْقَاطِهِ وَمِنْهَا الْمَحَلُّ أَيْ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَقِيقَةُ وَهِيَ لَا تَقُومُ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الْخَالِيَيْنِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْمَرَضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ الَّتِي لَا تَقُومُ إلَّا بِمُتَعَدِّدٍ وَمِنْهَا الصِّيغَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَلِيِّ وَمِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ وَكَيْلِهِمَا الدَّالَّةِ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَا وَعَدَ بِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ التَّعْلِيلُ بِخِلَافِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا مَنَعَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ وَالْخِطْبَةَ فِيهَا وَالْمُوَاعَدَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ التَّبَاعُدُ مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ مِنْ فِعْلِهِ وَفِعْلِ أَسْبَابِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ أَحَدِهِمَا سَبَبًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ فِيهَا تَبَاعُدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حُكِمَ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ دُونَ الْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا) ، فَإِنْ اُبْتُلِيَ بِحُبِّهَا فَلْيَحْبِسْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَرْأَةُ الزَّانِيَةُ الْمُبِيحَةُ فَرْجَهَا لِلْغَيْرِ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ (قَوْلُهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ حُدَّتْ أَوَّلًا وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ حُدَّتْ أَوَّلًا وَفِي كَلَامِ عب مَا يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا حُدَّتْ أَوَّلًا لَا يُكْرَهُ تَزْوِيجُهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ جَابِرٌ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا قَدْ يُقَالُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَتُبْ وَلَمْ تُحَدَّ يَحْرُمُ تَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إقْرَارًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَقَالَ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِهِ بِالزَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ الزَّانِيَةِ عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا كَإِرَادَةِ زَوْجِهَا نِكَاحَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَبِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بَعْدَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَزْوِيجِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ مَرَّتَيْنِ الْأَوَّلُ يُنْدَبُ الْعَرْضُ الثَّانِي إذَا عَرَضَ وَأَبَى يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا أَيْ يُطَلِّقُهَا وَمُفَادُ النَّقْلِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِحْبَابُ الثَّانِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُفَادُ النَّقْلِ نَدْبُ الْعَرْضِ بَلْ طَلَبُ التَّحَلُّلِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ اسْتِحْبَابٌ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَدَّمَهُ.

(قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ بِمَعْنَى وَكُلُّ أَرْكَانِهِ ثُمَّ يُرَادُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ أَيْ مَجْمُوعُ أَرْكَانِهِ وَلِي إلَخْ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُفْرَدِ بِالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ) أَيْ بَعْدَ الْمَحَلِّ رُكْنَيْنِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ أَرْكَانًا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْعَقْدِ وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْعَقْدِ فَغَايَةُ مَا يُقَالُ جَعَلَهَا أَرْكَانًا بِاعْتِبَارِ انْعِدَامِ الْمَاهِيَّةِ بِانْعِدَامِهَا فَفِيهِ تَسَامُحٌ غَيْرَ أَنَّهُ هَلَّا جَعَلَ شَهَادَةَ الشُّهُودِ رُكْنًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْحَطَّابِ الظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ إنَّمَا يُوجَدُ بِهِمَا وَالْوَلِيُّ وَالصِّيغَةُ شَرْطَانِ أَيْ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ ذَاتِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا الصَّدَاقُ وَالشُّهُودُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَلَا مِنْ الشُّرُوطِ لِوُجُودِ النِّكَاحِ بِدُونِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ إسْقَاطُ الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ بِلَا شُهُودٍ اهـ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ الْعَقْدُ الْمَخْصُوصُ وَلَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِالصِّيغَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مَحَلَّانِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مُقَوِّمَانِ لِحَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ إسْقَاطِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) التَّفْرِيعُ يُجَامِعُ الشَّرْطِيَّةَ أَيْضًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ) أَيْ بِدُونِ اشْتِرَاطِ وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَا إسْقَاطَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ لَا تُعْقَلُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَقِيقَةُ) مِنْ قِيَامِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ لَا مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ (قَوْلُهُ لَا تَقُومُ) أَيْ لَا تَتَحَصَّلُ مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِأَجْزَائِهِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوَابَهُ الْعَقْدُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ فِيهَا لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَتِهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحَلَّ مِنْ الْأُمُورِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَهِيَ لَا تَقُومُ إلَّا مِنْ إلَخْ ثُمَّ نَقُولُ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ لَفْظُ الْمَحَلِّ وَصَوَابُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ (قَوْلُهُ الدَّالَّةُ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ فَالْكَلَامُ مُشْكِلٌ، وَلَوْ أَرَادُوا بِالْأَرْكَانِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحَقِيقَةُ لَكَانَ أَحْسَنَ

ص: 172

التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَأَنْكَحْتُ وَمَلَّكْت وَبِعْت، وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ اهـ وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) الْبَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا الصِّيغَةُ فَقَالَ الصِّيغَةُ تَحْصُلُ وَتُوجَدُ بِأَنْكَحْتُ إلَخْ أَوْ بَاءُ التَّصْوِيرِ أَيْ وَالصِّيغَةُ مُصَوَّرَةٌ بِأَنْكَحْتُ إلَخْ.

(ص) وَبِصَدَاقٍ وَهَبْت (ش) أَيْ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ مَعَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا خِلَافًا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الصَّدَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِصَدَاقٍ أَنَّ وَهَبْتهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لَا يَكْفِي وَلَا يَنْعَقِدُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ لَفْظِ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ وَلَغْوِهَا قَوْلَا ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ بَعْضٌ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى لَفْظِ الْهِبَةِ وَإِدْخَالِ مَا عَدَاهُ فِي التَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ مِثْلُ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ وَتَصَدَّقْت وَمَلَّكْت وَأَعْطَيْت وَأَبَحْت وَأَحْلَلْت وَأَطْلَقْت وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا أَوَّلًا يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَإِلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ وَابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَأَخْرَجَ مَا لَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ كَأَوْصَيْتُ لِانْحِلَالِهِ وَرَهَنْت لِاقْتِضَائِهِ التَّوَثُّقَ وَآجَرْت وَأَعَرْت لِاقْتِضَائِهِمَا التَّوْقِيتَ وَلَا مَدْخَلَ لِلَّفْظِ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْأَعْمَارِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَبِعْتُ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ مَا مَرَّ.

(ص) وَكَقَبِلْتُ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الزَّوْجِ بَعْدَ قَوْلِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْكَحْتُك أَوْ زَوَّجْتُك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَقُولُ الزَّوْجُ قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ اخْتَرْت وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا مَدْخُولُ الْكَافِ وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبِلْت دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ كَأَنْكَحْتُ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت أَنْكَحْت خَبَرٌ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ فِي الْمَاضِي وَكَلَامُنَا فِي لَفْظٍ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الصِّيَغِ الْإِنْشَاءُ، وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي وَالْإِنْشَاءُ سَبَبٌ لِوُقُوعِ مَدْلُولِهِ كَقَوْلِ الْحَاكِمِ حَكَمْت انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَمَلَّكْت وَبِعْت) لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَلَّكْت وَبِعْت لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْهِبَةِ هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ شَأْنَهُ الْمُعَاوَضَةُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا اشْتَرَطْنَا ذِكْرَ الصَّدَاقِ فَتَدَبَّرْ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ مِنْ مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ مَلَّكْت وَبِعْت ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا. وَأَمَّا وَهَبْت مَعَ ذِكْرِ الْمَهْرِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ وَكَذَا تَصَدَّقْت وَنَحْوُهُ فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ الصِّيغَةُ تَحْصُلُ وَتُوجَدُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الْآلَةِ فَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْبَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ أَنْ يَقُولَ الصِّيغَةُ تُفَسَّرُ بِأَنْكَحْتُ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَاءُ التَّصْوِيرِ) اُعْتُرِضَ عَلَى النُّحَاةِ فِي بَاءِ التَّصْوِيرِ وَكَافِ الِاسْتِقْصَاءِ بِأَنَّهُمَا لَا يُعْرَفَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْسِيرِيَّةَ وَالتَّصْوِيرِيَّة مَرْجِعُهُمَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ يُنَافِيهِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَلِيُّ هُوَ الْوَاهِبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا ضُبِطَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إنْ وَهَبَتْهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لَا يَكْفِي) ظَاهِرُهُ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ وَلَغْوِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ وَهَبْت وَتَصَدَّقْت عِنْدَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِإِلْغَاءِ تَصَدَّقْت دُونَ وَهَبْت (قَوْلُهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَصَّارِ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الصَّدَاقِ لَا فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ لَمْ يَكُنْ الْمُصَنِّفُ حَاكِمًا بِإِلْغَائِهِ جَزْمًا كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا) يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ لَفْظِ تَصَدَّقْت يَنْعَقِدُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَهْرًا بِخِلَافِ وَهَبْت لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ مَهْرٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَا هَذَا إلَّا مَحْضُ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت) أَيْ وَمَا عَدَا وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ لَفْظَ أَحْلَلْت وَمَلَكْت وَبِعْت مُسَاوِيَةٌ لِلَفْظِ تَصَدَّقْت ولعج تَقْرِيرٌ آخَرُ تَبِعَهُ فِيهِ عب فَقَالَ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ وُقُوعَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ النِّكَاحَ وَاقْتَرَنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْعُمْرَى وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقِسْمٌ يَنْعَقِدُ بِهِ إذَا اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَالْمِنْحَةِ وَتَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ تَتَضَمَّنُ إرَادَةَ النِّكَاحِ بِمَا قَارَنَهَا وَقِسْمٌ فِيهِ التَّرَدُّدُ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا مَعَهُمَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ مَعَ ذَلِكَ الصَّدَاقَ وَقَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ وَكَذَا لَفْظُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ أَوْ سَمَّى مَعَهَا الصَّدَاقَ انْتَهَى وَهَذِهِ تَفْرِقَةٌ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهَا فِي الْكُلِّ، وَإِنْ أَقَرَّهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَإِلَى طَرِيقَةِ إلَخْ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ لِانْحِلَالِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا مَدْخَلَ لِلَفْظِ الْوَقْفِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحِلَّ يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْأَعْمَارِ لَا يُتَوَهَّمُ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِهَا بِخِلَافِ وَهَبْت وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ لَكِنْ يُتَوَهَّمُ الِانْعِقَادُ بِهِ فَأَخْرَجَهُ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ أَصْلًا فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَكَانَ أَحْسَنَ.

ص: 173

نِكَاحِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَرَنَ الْكَافَ بِالْوَاوِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّشْبِيهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ.

(ص) وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ فِي صِيغَةِ النِّكَاحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الزَّوْجِ بَعْدَ كَلَامِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ بَلْ لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ زَوِّجْنِي وَلِيَّتَك بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكهَا بِهِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ لَا أَرْضَى لَمْ يُفِدْهُ وَلَزِمَهُ النِّكَاحُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ إنْ لَمْ يَرْضَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ قَالَ عَقِبَ فَعَلْت أَوْ زَوَّجْت لَا أَرْضَى بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذَا وَقَفَ الرَّجُلُ بِسِلْعَتِهِ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِكَمْ هِيَ فَقَالَ الْبَائِعُ هِيَ بِمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْتهَا فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ هَزْلُهُ جَدٌّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فِي الْأَسْوَاقِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ إذَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ كَمَا فِي ح.

(ص) وَجَبَرَ الْمَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلَا إضْرَارٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَرْكَانَ النِّكَاحِ وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الصِّيغَةِ أَخَذَ الْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ وَهُوَ ضَرْبَانِ غَيْرُ مُجْبِرٍ وَسَيَأْتِي وَمُجْبِرٌ وَهُوَ الْمَالِكُ الْمُسْلِمُ فِي أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَالِكُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكِنَّ الْأُنْثَى تُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ ثُمَّ بَعْدَ الْمَالِكِ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ أَوْ الَّتِي ثِيبَتْ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَقَدَّمَ الْمَالِكَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يُجْبِرُ الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ الْمَجْنُونَةَ وَغَيْرَهَا وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ أَنْ يُصْلِحَ مَالَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَ ثُمَّ الْوَصِيُّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَقَرَنَ الْكَافَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّشْبِيهِ لَمْ تَكُنْ مُقْتَرِنَةً بِالْوَاوِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَافِ التَّمْثِيلِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ أَنَّ كَافَ التَّمْثِيلِ تُدْخِلُ الْأَفْرَادَ وَكَافَ التَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَحَيْثُ إنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَصِيغَةُ الزَّوْجِ مِثْلُ قَبِلْت (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ) أَيْ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَالصِّيغَةُ الدَّالَّةُ مِثْلُ قَبِلْت ثُمَّ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاوَ فِي الْمَعْنَى دَاخِلَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ أَيْ وَجَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً خِيَارًا كَمَا جَعَلْت قِبْلَتَكُمْ خَيْرَ الْقِبَلِ أَوْ عُدُولًا كَمَا جَعَلْت قِبْلَتَكُمْ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا هُنَا لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً عَلَى الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا أَنَّهَا هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالصِّيغَةَ الدَّالَّةَ مِثْلُ قَبِلْت.

(قَوْلُهُ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ) لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ شَرْطًا بَلْ مَنْدُوبًا فَقَطْ ذَكَرَ انْعِقَادَهُ بِتَقْدِيمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ فَيَفْعَلُ بِأَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك أَوْ فَعَلْت فَإِذَا جَرَى لَفْظُ الْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ فَيَكْفِي أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ دُونَ اشْتِرَاطِ صِيغَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَخُلُوُّ لَفْظِهِمَا مَعًا عَنْ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ بِالْخِطْبَةِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْوِيرَ مُخْتَلِفٌ إذْ لَوْ قَالَ فِي الْبَيْعِ يَعْنِي هَذِهِ السِّلْعَةُ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكهَا فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ بِكَمْ هِيَ أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ أَصَدَقْت ابْنَتَك فَقَالَ لَهُ الْوَلِيُّ بِمِائَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ أَخَذْتهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَنْكَحْت وَلَا زَوَّجْت وَلَا وَهَبْت فَتَدَبَّرْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْمُشْتَرِي لِمَنْ أَوْقَفَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ وَقَالَ لَهُ بِكَمْ هِيَ نَعَمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا قَالَ تُزَوِّجُنِي وَلِيَّتَك أَوْ تَبِيعُنِي سِلْعَتَك فَقَالَ قَدْ بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ زَوَّجْتهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ يَلْزَمُ وَلَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ لَا يَدَّعِيهِ إلَّا بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَالْفَرْقِ فَيَلْزَمُ فِي النِّكَاحِ لَا الْبَيْعِ انْتَهَى (قَوْلُهُ هَزْلُهُ جِدٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالرَّجْعَةُ وَاخْتُلِفَ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا مَعَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ قَصْدِ النِّكَاحِ حِينَ الْهَزْلِ فَقِيلَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا وَقِيلَ لَا يُمْكِنُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ) أَيْ بِتَعْرِيضِهَا لِلْبَيْعِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِيقَافُهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ (أَقُولُ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يُنْتِجُ اللُّزُومَ لَا عَدَمَهُ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ بَلْ الْمُنَاسِبُ لَهُ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ قَصْدِهِ مَا يُعْطَى فِي السُّوقِ أَيْ وَلَيْسَ قَصْدُهُ الْبَيْعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَكِّدُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَهْرَامَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَقَاصِدَ فِي اخْتِبَارِ السِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ بَيْعٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ) أَيْ قَصَدَ مَعْرِفَةَ مَا يُعْطَى فِيهَا مِنْ الْأَثْمَانِ لَا أَنَّهُ قَصَدَ نَفْسَ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَالِكُ) أَيْ الْحُرُّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمَالِكُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يُجْبِرُ رَقِيقَهُ (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْمَالِكِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّقِيقُ لَا شَائِبَةَ فِيهِ وَلَا تَبْعِيضَ وَسَيَأْتِي الْمُبَعَّضُ وَالتَّفْصِيلُ فِي ذِي الشَّائِبَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ رَقِيقُهُ وَرَقِيقُ مَحْجُورِهِ مِنْ سَفِيهٍ وَصَغِيرٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرُبُ الْأَجَلُ وَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُ رَقِيقِهِ

ص: 174

بِشَرْطِهِ الْآتِي فَالسَّيِّدُ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ أُمَّتَهُ وَعَبْدَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إضْرَارَهُمَا أَمَّا إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِضْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ جَبْرُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ كَمَا إذَا زَوَّجَ أَحَدَهُمَا بِذِي عَاهَةٍ كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (ص) لَا عَكْسُهُ (ش) وَهُوَ عَدَمُ جَبْرِ السَّيِّدِ مَعَ الْإِضْرَارِ إذْ عَكْسُ الْجَبْرِ عَدَمُ الْجَبْرِ وَعَكْسُ عَدَمِ الْإِضْرَارِ الْإِضْرَارُ وَبِعِبَارَةِ عَطْفٍ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ لَا عَكْسَ هَذَا الْفَرْضِ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ لَا يُجْبِرَانِ الْمَالِكَ، وَلَوْ قَصَدَ السَّيِّدُ بِمَنْعِ النِّكَاحِ إضْرَارَهُمَا وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْعَكْسِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْبَيْعِ أَوْ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَجِبُ رَفْعُهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَنْعُ حَقٍّ وَاجِبٍ أَوْ التَّكْلِيفُ بِهِ وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي النِّكَاحِ وَالشَّارِحِ تَبِعَ التَّوْضِيحَ وَفِيهِ نَظَرٌ.

(ص) وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ (ش) أَيْ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكُ بَعْضٍ لَكِنْ لَوْ تَزَوَّجَ الذَّكَرُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَهُ الْإِجَازَةُ سَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مِلْكًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ أُنْثَى فَيَتَحَتَّمُ رَدُّ النِّكَاحِ وَإِلَى التَّخْيِيرِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ الْوِلَايَةُ وَالرَّدُّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُزَوِّجُ ذَكَرًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ قَسِيمًا لِلْوِلَايَةِ بَلْ قِسْمٌ مِنْهَا وَقَسِيمُهَا الْآخَرُ الْإِجَازَةُ.

وَلَمَّا أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَدَمَ جَبْرِ الْمُبَعَّضِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهُوَ بَعْضُ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ اسْتَطْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى بَقِيَّةِ ذَوِي الشَّائِبَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٍ بِخِلَافِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُجْبِرُ مِنْ الْإِنَاثِ الْأُنْثَى الَّتِي فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَأُمُومَةِ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا وَعَقْدُ نِكَاحِهِنَّ بَيْعٌ لِمَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ الْآنَ وَبَعْدَ الْعِتْقِ وَمَا بَعْدَ الْعِتْقِ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُنَّ حَلُّ ذَلِكَ الْعَقْدِ إذَا صِرْنَ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَا يُجْبَرُ مِنْ الذُّكُورِ مَنْ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرَبْ الْأَجَلُ، فَإِنْ مَرِضَ السَّيِّدُ فِي الْمُدَبَّرِ أَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِلْأَجَلِ فَلَا يُجْبِرُهُمَا لِعَدَمِ مِلْكِهِ انْتِزَاعَ مَالِهِمَا حِينَئِذٍ وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ شَرْطٌ لِجَبْرِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ مِنْ جُمْلَةِ اخْتِيَارِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهِمَا مِنْ الصَّدَاقِ مَا يَضُرُّ بِهِمَا فِي الْمُطَالَبَةِ إذَا عَتَقَا وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا بِلَا إضْرَارٍ لِحُصُولِ الْإِضْرَارِ هُنَا. وَأَمَّا الْمُخْدِمَةُ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا وَرِضَا مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ إنْ كَانَ مَرْجِعُهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْقَصْدِ وَيَقُولُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إضْرَارُهُمَا قَصَدَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَهُوَ عَدَمُ جَبْرِ) تَفْسِيرٌ لِلْعَكْسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا عَدَمُ جَبْرِ السَّيِّدِ مَعَ الْإِضْرَارِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا عَكْسُ هَذَا الْفَرْضِ) هَذَا التَّفْسِيرُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَطْفِ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْعَكْسِ وَلَا يَظْهَرُ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ الْعَكْسِ فَالْمَخْلَصُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَالْمَعْنَى لَا عَكْسَ هَذَا الْفَرْضِ وَعَكْسُهُ هُوَ جَبْرُ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ السَّيِّدُ وَالْمَعْنَى لَا عَكْسُ هَذَا الْفَرْضِ يَصِحُّ (قَوْلُهُ أَوْ التَّكْلِيفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْعُ وَالتَّقْدِيرُ إذَا كَانَ فِيهِ التَّكْلِيفُ بِهِ أَيْ بِمَنْعِ حَقٍّ وَاجِبٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْذَفَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالشَّارِحُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ الْمَصْلَحَةَ وَلَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ. وَأَمَّا قَصْدُ الضَّرَرِ أَمْرٌ بِالْبَيْعِ أَوْ التَّزْوِيجِ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ فَعَلَى مَا قُلْنَا سَابِقًا يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ وَالتَّقْدِيرُ لَا عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ يَكُونُ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكُ الْبَعْضِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا كَانَ مَالِكُ الْبَعْضِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ حُرًّا أَوْ لِغَيْرِهِ إذْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْجُزْءِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مُلَّاكُ الْجَمِيعِ فَالْجَبْرُ كَالْوَاحِدِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ أُنْثَى فَيَتَحَتَّمُ رَدُّ النِّكَاحِ) أَيْ، وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بِمَا فَعَلَهُ سَيِّدُ بَعْضِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ لِمَالِكَيْنِ أَوْ بَعْضُهَا لِمَالِكٍ وَبَعْضُهَا الْآخَرُ حُرًّا هَذَا حَاصِلُهُ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يَتَحَتَّمُ رَدُّهُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ شَرِيكَيْنِ مَثَلًا يُزَوِّجُهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّيِّدَ يُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ نِكَاحِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَدِّهِ لَا أَنَّ الرَّدَّ مُتَحَتِّمٌ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَحْرَى هَذِهِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُخْتَارُ مَا يُذْكَرُ بَعْدَهُ مِنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَلَا أُنْثَى) بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَالِكِ أَيْ مَالِكُ الْبَعْضِ فَلَا يُجْبَرُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٌ فَلَا جَبْرَ فِيهِمَا وَيَصِحُّ فِي أُنْثَى وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الْجَرُّ أَيْ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَلَا مَالِكِ أُنْثَى (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٍ) أَيْ ذَكَرٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ هَذَا وَاَلَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَلَوْ جَبَرَ الْمُدَبَّرَةَ وَالْمُعْتَقَةَ لِأَجَلٍ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ وَيَتَحَتَّمُ رَدُّ نِكَاحِ أُمِّ الْوَلَدِ بِتَزْوِيجِهِ لَهَا جَبْرًا أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَذَا فِي عب وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ جَبْرَ أُمِّ الْوَلَدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَيَقْرُبُ الْأَجَلُ) فِي حَدِّ قُرْبِ الْأَجَلِ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الشَّهْرِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَصْبَغَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِعَزْوِهِ لِمَالِكٍ وَلِتَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِاعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَاخْتَارَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ إلَخْ) يَنْبَغِي تَحَتُّمُ رَدِّ نِكَاحِ كُلِّ أُنْثَى بِشَائِبَةٍ زُوِّجَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ، وَلَوْ أَجَازَهُ سَيِّدُهَا وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الذِّكْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَائِبَةِ الْبَعْضِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَائِبَةٍ وَشَائِبَةٍ انْتَهَى قَدْ عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكَلَامِ فِي شَائِبَةِ الْبَعْضِ.

ص: 175

الْحُرِّيَّةَ وَإِلَّا كَفَى ضَامِنًا لَهُ الْخِدْمَةُ.

(ص) ثُمَّ أَبٌ (ش) ثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ أَيْ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْأَبِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ السَّيِّدِ عِنْدَ عَدَمِهِ. وَأَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْأَبِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَبٌ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالْمُجْبِرُ حِينَئِذٍ وَلِيُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي جَبْرِ ابْنَتِهِ عَلَى النِّكَاحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجَرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنُ الْقَاسِمِ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَجَبْرُ الْمَجْنُونَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ جَبْرُ ابْنَتِهِ الْمَجْنُونَةِ الْبَالِغَةِ، وَلَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَبٌ وَتُنْتَظَرُ إفَاقَةُ مَنْ تُفِيقُ لِتَأْذَنَ وَقَوْلُهُ وَجَبْرُ الْمَجْنُونَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ (ص) وَالْبِكْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ جَبْرُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ اتِّفَاقًا وَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْبَالِغُ غَيْرُ الْعَانِسَةِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (عَانِسًا) عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا كَمَا عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَّسَتْ صَارَتْ كَالثَّيِّبِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ الْبَكَارَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ أَوْ الْجَهْلُ بِمَصَالِحِ النِّسَاءِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ وَالْعَانِسُ هِيَ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَعَرَفَتْ مَصَالِحَ نَفْسِهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ أَوْ مِنْهَا لِلسِّتِّينَ أَقْوَالٌ (ص) إلَّا لِكَخَصِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يُجْبَرَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الضَّرَرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِقَوْلِ الْبَاجِيِّ وَرَأَيْت لِسَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِي الْخَصِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَفِي الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ قَالَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْسَخَ بِهِ نِكَاحَ الزَّوْجِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُلْزِمَهَا ذَلِكَ كَمَا لَوْ ظَهَرَتْ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ انْتَهَى، وَلَوْ لِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَبْرَأُ.

(ص) وَالثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبِكْرِ يُرِيدُ إذَا ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَمَا لَوْ أُزِيلَتْ بِعَارِضٍ مِنْ عُودٍ دَخَلَ فِيهَا أَوْ وَثْبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِعَارِضٍ) لِبَقَاءِ الْجَهْلِ بِالْمَصَالِحِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الثُّيُوبَةِ فَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِوَطْءٍ حَرَامٍ كَمَا لَوْ زَنَتْ أَوْ زُنِيَ بِهَا أَوْ غُصِبَتْ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِحِرَامٍ) خِلَافًا لِلْجَلَّابِ وَلِعَبْدِ الْوَهَّابِ جَبْرُهَا إنْ لَمْ تُكَرِّرْ زِنَاهَا وَإِلَّا فَلَا تُجْبَرُ لِخَلْعِ كَجِلْبَابِ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ خِلَافٌ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ لَمْ تُكَرِّرْ الزِّنَا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ تُجْبَرُ الزَّانِيَةُ مُطْلَقًا أَوْ تُجْبَرُ إلَّا أَنْ تُكَرِّرَهُ فَلَا تُجْبَرُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ مَرْتَبَةَ) أَيْ فِي الْجَبْرِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَالِكِ فِي الْوِلَايَةِ الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبَ بَلْ الِابْنُ يَلِي الْمَالِكَ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ غَيْرُ الْمُجْبِرِ فَثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالْمُجْبِرُ إلَخْ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ وَلِيٌّ إلَّا السَّفِيهُ (قَوْلُهُ فَيَجْرِي إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالْأَصْلُ فَيَجْرِي فِي جَبْرِهِ ابْنَتَهُ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ مَالِكٍ.

(قَوْلُهُ وَتُنْتَظَرُ إفَاقَةُ مَنْ تُفِيقُ) حَيْثُ كَانَتْ ثَيِّبًا بَالِغًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَّسَتْ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ) بَيَانٌ لِلْمَبْدَأِ وَمُنْتَهَاهُ لَا حَدَّ لَهُ وَقَدْ وَجَدْته خِلَافًا لعج فَإِنَّهُ جَعَلَهُ بَيَانًا لِلِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْهَا لِلسِّتَّيْنِ) أَيْ فَقِيلَ مِنْ الْوَاحِدِ وَالْخَمْسِينَ وَقِيلَ مِنْ الثَّانِي وَالْخَمْسِينَ وَهَكَذَا.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهَا قَدْرًا وَمَالًا وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبِضَرِيرٍ وَقَبِيحِ مَنْظَرٍ وَفِي التَّوْضِيحِ وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفًا وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتَارَ لِوَلِيَّتِهِ زَوْجًا سَالِمًا وَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُزَوِّجَ وَلِيَّتَهُ الرَّجُلَ الْقَبِيحَ (قَوْلُهُ إلَّا لِكَخَصِيٍّ) مَقْطُوعِ الذَّكَرِ قَائِمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَقْطُوعِ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمِ الذَّكَرِ إذَا كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَمَّا إنْ كَانَ يُمْنِي فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَيْهِ أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَلْتَذُّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِكَخَصِيٍّ) دَخَلَ بِالْكَافِ مَجْنُونٌ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ أَوْ أَبْرَصَ أَوْ مَجْذُومٍ بَيِّنًا، وَلَوْ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ وَفِي الْعِنِّينِ إلَخْ) حَذَفَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَاجِيِّ شَيْئًا وَالْأَصْلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي الْخَصِيِّ وَفِي الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ نَصَّ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ سَحْنُونًا يَقُولُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ لَا خُصُوصِ الْخَصِيِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ تَبْرَأُ) أَيْ وَلَا يُمْكِنُهَا الْفِرَاقُ. وَأَمَّا لَوْ بَرِئَ هُوَ فَيُمْكِنُهُ الْفِرَاقُ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بِفَاسِدٍ أَيْ أَوْ ثِيبَتْ الصَّغِيرَةُ بِعَارِضٍ أَوْ بِحِرَامٍ وَكَلَامُهُ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِعَارِضٍ إلَخْ فِي خُصُوصِ الصَّغِيرَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَوْ بَلَغَتْ وَثِيبَتْ بِعَارِضٍ غَيْرِ جِمَاعٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ إنْ صَغُرَتْ شَامِلًا لِلَّتِي ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَنَتْ) أَيْ تَعَمَّدَتْ فِعْلَ الزِّنَا بِهَا (قَوْلُهُ أَوْ زَنَى بِهَا) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَيْ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ ضَعْفَ كَلَامِ الْجَلَّابِ الذَّاهِبِ لِعَدَمِ الْجَبْرِ مُطْلَقًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْجَلَّابِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا وَعَبْدُ الْوَهَّابِ يُفَصِّلُ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَلِعَبْدِ الْوَهَّابِ قَوْلٌ يُوَافِقُ فِيهِ الْجَلَّابَ (قَوْلُهُ لِخَلْعِ جِلْبَابِ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهَا) الْجِلْبَابُ الْإِزَارُ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ لِخَلْعِ الْحَيَاءِ الشَّبِيه بِالْجِلْبَابِ وَالْخَلْعُ تَرْشِيحٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ) أَيْ لِلْمُدَوَّنَةِ أَيْ تَقْيِيدٌ فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُجْبِرُ الزَّانِيَةَ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الزِّنَا وَقَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ خِلَافٌ أَيْ فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُجْبِرُ الزَّانِيَةَ أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ لَمْ إلَخْ) أَيْ أَوْ مُطْلَقًا فَالْمَحْذُوفُ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ خَارِجًا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ

ص: 176

تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) لَا بِفَاسِدٍ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبِكْرَ الْبَالِغَ إذَا أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَلَوْ مَجْمَعًا عَلَيْهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ فَلَا جَبْرَ لِأَبِيهَا عَلَيْهَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ فُسِخَ نِكَاحُهَا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الصَّحِيحِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَدَرْءِ الْحَدِّ وَعِدَّتُهَا بِبَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ وَعَدَمُ جَبْرِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) عَلَى الْمَعْرُوفِ إذْ لَا يَلْزَمْ مِنْ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالنَّظَرُ فِيهِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ وَبَالَغَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مُسَاوَاتُهُمَا.

(ص) وَبِكْرًا رَشْدَتك (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِكْرَ إذَا رَشَّدَهَا أَبُوهَا لَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا لِغَيْرِهِ وَصَارَ حُكْمُهَا حُكْمُ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ وَانْقَطَعَ حَجْرُهُ عَنْهَا فَإِذَا زَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا. وَأَمَّا مُعَامَلَاتُهَا فَإِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا فِيهَا وَقَوْلُهُ رَشَدَتْ أَيْ وَثَبَتَ تَرْشِيدُهَا بِإِقْرَارِ الْأَبِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ إذَا أَنْكَرَ وَقَوْلُهُ رَشَدَتْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا أَبُوهَا رَشْدَتُك أَوْ أَنْتِ مُرْشَدَةٌ أَوْ أَطْلَقْت يَدَك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَوْلُهُ وَبِكْرًا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ بِفَاسِدٍ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ لِعَطْفِهِ عَلَى بِعَارِضٍ وَهُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ إذْ التَّقْدِيرُ أَوْ ثِيبَتْ بِعَارِضٍ.

(ص) أَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً وَأَنْكَرَتْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِكْرَ إذَا أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا عِنْدَ زَوْجِهَا سَنَةً مِنْ بُلُوغِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ لِأَبِيهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إقَامَةَ السَّنَةِ تُوجِبُ تَكْمِيلَ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ وَمَفْهُومُ وَأَنْكَرَتْ الْمَسِيسَ وَسَوَاءٌ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ كَذَّبَهَا أَحْرَوِيٌّ لَوْ أَقَرَّتْ بِالْمَسِيسِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى إنْكَارِهَا الْمَسِيسَ تَحْتَهُ فَائِدَتَانِ: الْأُولَى إذَا لَمْ يُجْبِرْهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِبَقَاءِ حُكْمِ الْإِجْبَارِ فَأَحْرَى إذَا ادَّعَتْ الْمَسِيسَ الْمُقْتَضِيَ عَدَمَ الْإِجْبَارِ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ إنَّمَا يُجْبِرُهَا فِيمَا نَقَصَ عَنْ السَّنَةِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا كَانَتْ حِينَ الْإِجْبَارِ مُنْكِرَةً لِلْمَسِيسِ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ إقْرَارَهَا بِبَقَاءِ الْإِجْبَارِ حَتَّى لَا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ.

وَلَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ الْوِلَايَةِ خَاصَّةً وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأُبُوَّةُ وَأَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَخِلَافَةُ الْأُبُوَّةِ وَهِيَ الْوِصَايَةُ شَرَعَ الْآنَ فِيهَا وَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَهِيَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَبْرُ وَصِيٍّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْحَطَّابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ اُشْتُهِرَتْ بِالزِّنَا وَحُدَّتْ فِيهِ وَكَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ كَثْرَتِهِ فِيهَا جِدًّا وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَكَرَّرَ الزِّنَا وَلَمْ يَقُلْ تَكَرُّرُهُ أَيْ الْحَرَامُ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ يَشْمَلُ الْغَصْبَ فَلَوْ قَالَ تَكَرُّرُهُ لَأَوْهَمَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْبُرُهَا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ هَذَا مُخْرِجٌ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ) بِأَنْ دَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا وَجَهِلَا حُرْمَةَ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِلْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ دَرَأَ الْحَدَّ وَفَاسِدَ صِفَةِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا مَا لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ كَالْحَرَامِ فَلَهُ جَبْرُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ جَبْرِهَا) أَيْ الَّتِي ثِيبَتْ بِفَاسِدٍ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مُسَاوَاتُهُمَا) أَيْ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ التَّرْشِيدُ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَيْ فَلَا جَبْرَ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيَجْبُرُهَا قَبْلَ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ بِفَاسِدٍ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا إنْ ثِيبَتْ بِفَاسِدٍ وَلَا إنْ ثِيبَتْ بِكْرًا رَشَدَتْ فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ لَا بِفَاسِدٍ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ ثَيِّبًا بِفَاسِدٍ وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا وَجَعَلَهُ تت مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا وَيُجَابُ عَنْ الشَّيْءِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ.

(قَوْلُهُ وَأَنْكَرَتْ إلَخْ) ، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ أَوْ جَهِلَتْ خَلَوْته بِهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَسَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِكْرَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّ الطَّوْلَ إنَّمَا يُحَدُّ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ إذَا أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا) أَيْ السَّاكِنَةِ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا فَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ الْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ عَدَمَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَلَا يَرْتَفِعُ إجْبَارُ الْأَبِ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَقَامَتْ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ (قَوْلُهُ سَنَةً مِنْ بُلُوغِهَا) . وَأَمَّا مُكْثُهَا عِنْدَهُ قَبْلَ بُلُوغِهَا فَلَا يُعَدُّ مِنْ السَّنَةِ (قَوْلُهُ الْأُولَى إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الْفَائِدَةَ الْأُولَى كَوْنُ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ مَفْهُومَةً بِالْأَوْلَوِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ التَّصْرِيحَ أَقْوَى فِي الْفَهْمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ فَاقْتِصَارُهُ إلَخْ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ الِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ حِينَ الْإِجْبَارِ مُنْكِرَةً) أَيْ وَكَانَ الْإِقْرَارُ بِالْبَكَارَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ كَذَا لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَكُونَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجْبُرُهَا إذَا كَانَتْ حِينَ الْإِجْبَارِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْإِجْبَارُ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ شَأْنَ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَنْ يُزِيلَ الْبَكَارَةَ فَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْإِجْبَارِ حِينَئِذٍ يَكُونُ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ فَلَمَّا جَعَلْنَا الْمَوْضُوعَ أَنَّهَا مُنْكِرَةٌ لِلْمَسِيسِ فَلَا يَكُونُ الْإِجْبَارُ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا تَكُونُ الثَّيِّبُ مُجْبَرَةً كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ خَاصَّةً) وَمُقَابِلُهَا الْعَامَّةُ الَّتِي هِيَ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ الْأُبُوَّةُ) هِيَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ وَبَقِيَّتُهَا تَعْصِيبٌ وَإِيصَاءٌ وَكَفَالَةٌ وَسَلْطَنَةٌ وَبَيَانُ الْخَمْسَةِ الَّتِي شَمِلَهَا الْإِيصَاءُ أَوْ لَهَا وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَثَانِيهَا وَصِيٌّ أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِنْكَاحِ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْخِلَافِ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ وَصِيٌّ عَلَى مَالِي أَوْ عَلَى ضَيْعَتِي وَتَفْرِقَةِ ثُلُثِي وَلَا مَقْدِمِ الْقَاضِي لِاخْتِلَافِ الْإِنْقَالِ فِيهَا وَعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ كَمُلَتْ الصُّوَرُ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَصَايَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَجَبْرُ وَصِيٍّ) أَيْ ذَكَرٍ. وَأَمَّا الْأُنْثَى فَهَلْ لَهَا الْجَبْرُ حَيْثُ نَصَّ لَهَا عَلَى الْجَبْرِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي وَقَوْلُهُ وَصَّى، وَلَوْ رَقِيقًا ك (قَوْلِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ) وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَيَّنُ فَاسِقًا إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاسِقِ وَكَذَا لَوْ كَانَ حَالُ الْإِيصَاءِ غَيْرَ فَاسِقٍ وَتَغَيَّرَ حَالُهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ لَا يُزَوِّجَهُ وَلَا يَضُرُّ الْمُعَيَّنَ أَنْ

ص: 177

جَبْرُ مَنْ يُجْبِرُهُ الْأَبُ وَهِيَ الثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ وَالْبِكْرُ، وَلَوْ عَانِسًا إذَا أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ صَرِيحًا أَوْ تَضَمُّنًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ زَوِّجْهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ أَوْ عَيَّنَ الْأَبُ لَهُ الزَّوْجَ كَزَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ كَزَوِّجْهَا مِنْهُ إذَا بَلَغَتْ أَوْ بَعْدَ كَذَا مِنْ السِّنِينَ (ص) وَإِلَّا فَخِلَافٌ (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ الزَّوْجُ لِلْوَصِيِّ وَلَا أَمَرَهُ بِالْإِجْبَارِ بَلْ أَوْصَاهُ بِالْإِنْكَاحِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ جَبْرُهَا وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا بَلْ هُوَ أَحَقُّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ بِإِذْنِهَا وَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي الثَّيِّبِ وَصَرَّحَ الْأَقْفَهْسِيُّ بِتَشْهِيرِهِمَا وَانْظُرْ الثَّلَاثَةَ بَقِيَّةَ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ أَقْسَامِ الْوَصَايَا الْمُشَارِ إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ فِي شَرْحِ س.

(ص) وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ (ش) لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي وَصِيِّ الْبِكْرِ أَشَارَ بِهَذَا إلَى حُكْمِهِ فِي الثَّيِّبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّ عَلَى النِّكَاحِ وَلِيٌّ فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ كَأَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَمَّا كَانَ الْفَوْرُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ شَرْطًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ بِالْإِجْمَاعِ نَصَّ عَلَيْهَا أَصْبَغُ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ إنْ مِتّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي بِمَرَضٍ) فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ طَالَ مَرَضُهُ أَوْ قَصُرَ وَقَيَّدَ سَحْنُونَ الصِّحَّةَ بِمَا إذَا قَبِلَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِقُرْبِ مَوْتِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ بِقُرْبِهَا لَا سِيَّمَا عَقْدُ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَصِحُّ ذَلِكَ طَالَ الْأَمْرُ أَوْ لَمْ يَطُلْ يَعْنِي قَبِلَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِقُرْبِ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ خِلَافُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ تَأْوِيلَانِ ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبَرِ وَهُوَ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَالْأَبُ فِي ابْنَتِهِ وَالْوَصِيُّ بِشَرْطِهِ وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا جَبْرَ

ــ

[حاشية العدوي]

يَكُونَ لَهُ زَوْجَاتٌ أَوْ سَرَارِي، وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ وَكَانَ حَالَ الْإِيصَاءِ عَزَبًا وَيَلْزَمُهَا وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّكَاحُ إنْ فَرَضَ فُلَانٌ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ كَالْأَبِ إلَّا فِي الْجَبْرِ لَا فِي أَنَّ لَهُ التَّزْوِيجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْصَاهُ بِالْإِنْكَاحِ) ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ قَصَرَ مَوْضِعَ الْخِلَافِ عَلَى صُورَةٍ فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا اقْتَصِرْ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِي غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ فِيهَا قَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ تَشْهِيرٍ وَقَوْلُهُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فِيمَا إذَا أَمَرَ الْوَصِيَّ بِالْجَبْرِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِهِ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَخِلَافٌ أَوْ يَقُولُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ هَذَا مَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ خَمْسُ صُوَرٍ زَوِّجْهَا بِمَنْ أَحْبَبْتَ أَوْ زَوِّجْهَا أَوْ أَنْتَ وَصِيُّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى بَعْضِ بَنَاتِي؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ مُبْهَمٌ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ وَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي وَالرَّاجِحُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْجَبْرُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْقُولٍ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَاهُ بِالْإِنْكَاحِ فَفِيهِ قَوْلَانِ بِدُونِ تَشْهِيرٍ وَابْنُ عَرَفَةَ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ فَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَائِلٌ أَيْضًا بِالْجَبْرِ فِيمَا إذَا أَوْصَاهُ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَوْلًا مَشْهُورًا بِعَدَمِ الْجَبْرِ وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِالْإِنْكَاحِ الْوَصِيَّةُ بِالتَّزْوِيجِ سَوَاءٌ قَالَ مِمَّنْ أَحْبَبْت أَوْ لَا وَوَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ بَعْضِ بَنَاتِي بِدُونِ لَفْظِ نِكَاحٍ وَبُضْعٍ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهُنَّ كَمَا أَفَادَهُ عج فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجُبِرَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ بِالْإِنْكَاحِ أَوْ عَلَّقَ الْوَصِيَّةَ بِبُضْعِ الْأُنْثَى أَوْ عَيَّنَ الزَّوْجَ لَطَابَقَ الرَّاجِحَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي الثَّيِّبِ) فَلَوْ كَانَ لَهَا إخْوَةٌ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ أَوْ أَعْمَامٌ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ وَهَكَذَا.

(قَوْلُهُ فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ) فَيَقُومُ الْوَصِيُّ مَقَامَ الْأَبِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَلَهَا ابْنٌ فَهُوَ مُقَدَّمٌ حَتَّى عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الشَّبَهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الرَّشِيدَةِ أَصْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الرَّشِيدَةُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ وَمِنْ بَعْدَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ابْنَهَا مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ فَالسَّيِّدُ إذَا قَالَ مَا ذَكَرَهُ فِي أَمَتِهِ بِمَرَضٍ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهَا أَصْبَغُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَخْصُوصَ بِأَصْبَغَ كَوْنِهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا مُجْمَعًا عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ (قَوْلُهُ إنْ مِتّ) مَعْمُولٌ لِمُقَدِّرٍ تَقْدِيرُهُ وَصَحَّ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ الْأَبِ إنْ مِتّ وَقَوْلُهُ بِمَرَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَكَانَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ بِمَرَضٍ مَفْهُومُهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَرَضِ خَرَجَتْ عَنْ الْأَصْلِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرِهَا، فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتِهِ (قَوْلِهِ وَقَيَّدَ سَحْنُونَ الصِّحَّةَ) أَيْ قَيَّدَ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ فَهُوَ أَحَدِ الْمُؤَوِّلَيْنِ لِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ أَيْ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ يَحْيَى إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ الَّذِينَ أَبْقَوْا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ مِنْ الْمُؤَوِّلِينَ وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا أَيْ وَلِكَوْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ يَصِحُّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا صِحَّةَ لِهَذَا التَّعْلِيلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ كَلَامُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ ظَاهِرٌ وَلِظُهُورِهِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إلَخْ أَيْ فَهُوَ مِنْ الْمُؤَوِّلِينَ الْقَائِلِينَ بِالْإِطْلَاقِ (ثُمَّ أَقُولُ) هَذَا الْكَلَامُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ تَأْوِيلًا لَهَا وَلَا تَقْيِيدًا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ سَحْنُونًا قَيَّدَ الْمُدَوَّنَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ) وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ وَرُئِيَ بِخَطِّ بَعْضٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَفَادَ أَنَّ الْقَبُولَ قَبْلَ الْمَوْتِ عَدَمٌ (قَوْلُهُ فَالْبَالِغُ) مَفْعُولُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يُزَوِّجُ الْوَلِيَّ الْبَالِغَ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَالْبَالِغُ تُزَوَّجُ لَا غَيْرُهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ.

ص: 178

لَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةٌ إلَّا عَلَى الْبَالِغِ فَقَطْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يُزَوِّجُونَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا لَكِنَّ هَذِهِ الْبَالِغَ إمَّا أَنْ تَكُونَ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا فَأَمَّا الثَّيِّبُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ.

(ص) إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا وَشُووِرَ الْقَاضِي (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الْبَالِغِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْأَحْوَالِ أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ لَا يُزَوِّجُ غَيْرَ الْبَالِغِ بِحَالٍ إلَّا يَتِيمَةً وَهِيَ مِنْ لَا أَبَ لَهَا فَتُزَوَّجُ بِشُرُوطٍ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ فِي حَالِهَا أَوْ مَالِهَا بِعَدَمِ تَزْوِيجِهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ وَكَانَ لَهَا مَيْلٌ لِلرِّجَالِ وَأَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَأَنْ تَكُونَ قَدْ أَتَمَّتْ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ وَأَنْ يُشَاوِرَ الْقَاضِي الَّذِي يَرَى ذَلِكَ بِأَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ خَوْفُ فَسَادِهَا وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ فَيَأْمُرُ حِينَئِذٍ الْوَلِيَّ بِتَزْوِيجِهَا وَأَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ لِعَاصِبِهَا أَوْ لِوَصِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَوْ لِلْحَاكِمِ إنْ لَمْ يَكُونَا وَبِعِبَارَةٍ وَشُووِرَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُهَا وَفَقْرُهَا وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ خِيفَ فَسَادُهَا) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ خَوْفُ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِخَوْفِ الْفَسَادِ مَا يَشْمَلُ الْخَوْفَ مِنْ جِهَةِ فَقْرِهَا.

(تَنْبِيهٌ) : مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا لَمْ تَكُنْ يَتِيمَةً لَا تُزَوَّجُ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ لَا خِلَافَ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا قَطَعَ الْأَبُ عَنْهَا النَّفَقَةَ وَغَابَ وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ انْتَهَى أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً كَمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَةَ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرَةً وَلَا أَذِنَتْ بِالْقَوْلِ قَالَ عج وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ يَتِيمَةٍ انْتَهَى مِنْ عب وَذَكَرَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ إذَا زُوِّجَتْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ هَلْ يُحْتَاجُ فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَهُ إلَيْهَا أَيْضًا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَقَوْلُهُ فِي حَالِهَا أَيْ بِأَنْ يَخْشَى عَلَيْهَا الزِّنَا أَوْ الضَّيْعَةَ بِالْفَقْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَالِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَالِ أَيْ بِأَنْ يُضَاعَ يُزَالُ بِالْوَصِيِّ وَبِالْمُقَامِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي وَيُجَابُ بِأَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا وَصِيَّ وَلَا أَمْكَنَ مُقَدَّمٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ وَكَانَ لَهَا مَيْلٌ لِلرِّجَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ حَالِهَا بِالزِّنَا (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً) أَيْ أَوْ أَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي حَالِهَا بِالْفَقْرِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ خَوْفَ الْفَسَادِ يَسْتَلْزِمُ الْمَيْلَ لِلرِّجَالِ وَيَسْتَلْزِمُ الِاحْتِيَاجَ لِلزَّوَاجِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ قَدْ أَتَمَّتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ عَشْرًا أَيْ أَتَمَّتْهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَثْبُتَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُشَاوَرَةِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشَاوَرَةِ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُشَاوَرَةُ عِبَارَةً عَنْ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ خِيفَ فَسَادُهَا فَكَانَ يَقُولُ إلَّا يَتِيمَةً ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي مُوجِبُهُ أَيْ الْمُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ إلَخْ وَقَوْلُهُ خَوْفُ فَسَادِهَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَالِهَا وَحَالِهَا قَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا خِيفَ فَسَادُهَا بِالزِّنَا أَوْ مَالِهَا.

وَأَمَّا خَوْفُ الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَهُوَ مُوجِبٌ لِتَزْوِيجِهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ اهـ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ خَوْفَ فَسَادِهَا بِالزِّنَا فَظِيعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ فَكَانَ أَوْلَى بِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ مِنْ خَوْفِ الضَّيْعَةِ بِالْفَقْرِ وَقَدْ بَحَثْت فِي ذَلِكَ مَعَ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَلَمْ يُسَلِّمْهُ (قَوْلُهُ وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ) أَيْ تَمَامِهَا لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُتِمَّهَا وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَتَمَّتْهَا (قَوْلُهُ وَأَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا يَتِيمَةً مَخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا جَبْرَ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مُخْرَجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ فَالْبَالِغُ لَا غَيْرُهَا إلَّا إلَخْ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَوْ لِوَصِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ) . وَأَمَّا لَوْ كَانَ وَصِيُّهَا مُجْبَرًا لِجَبْرِهَا وَاسْتَغْنَى عَمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَفَقْرِهَا) وَأَنَّهُ مَا أَوْصَى أَبُوهَا لِأَحَدٍ وَلَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ قَدِمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا.

(قَوْلُهُ وَفَقْرِهَا) هَذَا إذَا كَانَتْ تُزَوَّجُ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا فَذِكْرُهَا هُنَا إنَّمَا هُوَ لِاعْتِبَارِ مَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ مِنْهَا كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ بِالزِّنَا أَوْ الْمَالِ لَا فِي الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَقَوْلُهُ وَالْحُرِّيَّةِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ غَيْرُ كُفْءٍ (قَوْلُهُ وَالْحَالِ) مَا يُعَدُّ مِنْ الْمَفَاخِرِ كَكَرْمٍ وَعِلْمٍ لَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الشَّرِيفِ وَالْمَوْلَى وَالْأَقَلَّ جَاهًا كُفْءٌ لِلشَّرِيفِ وَالْعَرَبِيِّ وَالْعَظِيمِ جَاهًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ مِنْ الْكَفَاءَةِ فَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَاشٍ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ اعْتِبَارُهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فَلَا فَسْخَ وَمَضَى النِّكَاحُ وَفِي خَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ وَتَكُونُ هَذِهِ مُخَصِّصَةً لِقَوْلِهِمْ الْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالْحَالُ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ وَالصَّدَاقِ) أَيْ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ) أَيْ كَمَوْضُوعِ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَةَ لَمْ تَكُنْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَشِيدَةً فَلَهَا الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الْمَهْرِ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَقَوْلُهُ بَكَارَتُهَا وَثُيُوبَتُهَا وَيَخْتَلِفُ الْمَهْرُ بِالثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ وَأَيْضًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِخِلَافِ الْبِكْرِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي الَّتِي يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي فَذِكْرُهَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ مِنْهَا

ص: 179

أَمْرِ نَفْسِهَا وَبَكَارَتِهَا وَثُيُوبَتِهَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ اهـ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ أَيْضًا أَنَّ الْجِهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ لَهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَشُووِرَ الْقَاضِي وَشُووِرَ بِالْفَكِّ لَا بِالْإِدْغَامِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بَابُ الْمُفَاعَلَةِ بِبَابِ التَّفْعِيلِ.

(ص) وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (ش) أَيْ وَإِنْ زُوِّجَتْ الْيَتِيمَةُ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ إنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَ مُكْثُهَا مَعَهُ أَصْبَغُ بِأَنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يُرَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ وَالسَّنَتَيْنِ طُولًا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَقَدِمَ ابْنٌ فَابْنُهُ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ عَلَى أَوْلِيَاءِ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ فَهُوَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى نِكَاحَهَا هُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ فَيُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْوَى عَصَبَةً مِنْ أَبِيهَا فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ الْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْمُجْبِرِينَ فَيَخْرُجُ الِابْنُ إذَا كَانَ مِنْ زِنًا فَإِنَّهُ لَا يَنْفِي جَبْرَ الْأَبِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ إذْ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْحَرَامِ بَيْنَ أَنْ يَنْشَأَ عَنْهُ وَلَدٌ أَمْ لَا وَتَقْدِيمُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالْمُقَدَّمُ الْأَبُ.

(ص) فَأَبٌ (ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ فَأَبُوهَا هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى نِكَاحَهَا وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْأَبُ الشَّرْعِيُّ لَا مُطْلَقَ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ الزَّانِي لَا عِبْرَةَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ فَأَخُوهَا ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ دَنِيُّهُ. وَأَمَّا جَدُّ الْجَدِّ فَعَمُّهَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَخَ وَابْنَهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمَانِ فِي الْوَلَاءِ وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَدُّ فَالْعَمُّ وَهُوَ ابْنُ الْجَدِّ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ، وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ فَابْنُهُ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ كَذَلِكَ صُعُودًا وَهُبُوطًا وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْعَمِّ لِشُمُولِهِ مَنْ ذُكِرَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ وَالْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَابْنَهُ وَالْعَمَّ الشَّقِيقَ وَابْنَهُ يُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِ الشَّقِيقِ قِيَاسًا عَلَى الْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ وَالصَّلَاةِ. وَأَمَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ فَلَا كَلَامَ لَهُ كَالْجَدِّ لِلْأُمِّ إلَّا مِنْ بَابِ وِلَايَةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ فَيُفْصَلُ فِي تَزْوِيجِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ جَمَالَتِهَا أَوْ حِفْظِ مَالِهَا وَهَذَا يَظْهَرُ فِي الَّتِي زُوِّجَتْ لِخَوْفِ الْفَسَادِ فِي مَالِهَا أَوْ بِالزِّنَا أَوْ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ؛ لِأَنَّ الْجِهَازَ فِي كُلِّ يَتِيمَةٍ بِحَسَبِهَا فَقْرًا وَغِنًى (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ يَلْتَبِسَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمَقَامِ أَنْ يُرَادَ الْمُشَاوَرَةُ وَمُقْتَضَى التَّشْدِيدِ أَنْ يُرَادَ التَّفْعِيلُ أَيْ التَّجْهِيزُ وَبِذَلِكَ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْإِدْغَامِ تَعَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ فَكَيْفَ يَقُولُ يَلْتَبِسُ.

(قَوْلُهُ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا) الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَحُلُولُو اخْتِصَاصُ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ بِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ خِيفَ فَسَادُهَا وَلَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي بَاقِي مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ اهـ (أَقُولُ) فَحِينَئِذٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ ابْتِدَاءً أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْ عَشْرًا فَعَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَزُوِّجَتْ صَحَّ النِّكَاحُ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ) قَالَ بَعْضٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِوِلَادَةِ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْأَوْلَادِ بَلْ مَا وَازَى ذَلِكَ مِنْ السِّنِينَ بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ وَوِلَادَةُ تَوْأَمَيْنِ لَيْسَتْ كَافِيَةً فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ.

(قَوْلُهُ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ) ، وَلَوْ مِنْ زِنًا إنْ ثِيبَتْ بِحَلَالٍ ثُمَّ زَنَتْ فَأَتَتْ بِهِ مِنْهُ، فَإِنْ ثِيبَتْ بِزِنًا ابْتِدَاءً فَأَتَتْ بِهِ أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ سَفِيهَةً قُدِّمَ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا هُوَ الِابْنُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْأَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحُرَّةِ. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَالْكَلَامُ لِسَيِّدِهَا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ فَيُقَدَّمُ كُلٌّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ. وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَيَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فِي مَنْزِلَةِ الْأَبِ.

(قَوْلُهُ. وَأَمَّا جَدُّ الْجَدِّ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ. وَأَمَّا أَبُو الْجَدِّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْجَدَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَمُّ يُقَدَّمُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ وَأَوْلَى عَلَى جَدِّ الْجَدِّ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَخَ وَابْنَهُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْجَدَّ وَأَبَاهُ، وَإِنْ عَلَا مُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ قَالَ عج

بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءِ جِنَازَةٍ

نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قُدِّمَ

وَعَقْلٍ وَوَسِّطْهُ بِبَابِ حَضَانَةٍ

وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ

(قَوْلُهُ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّمَ أَبَا الْجَدِّ عَلَى عَمِّ الْأَبِ الَّذِي هُوَ ابْنٌ لِأَبِي الْجَدِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ أَبَا الْجَدِّ لَا يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ الْأَبِ مَعَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَوَّلًا الْجَدَّ وَيَلِيهِ الْعَمُّ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَبْنَاؤُهُ وَيَلِيهِ عَمُّ الْأَبِ مَعَ أَنَّ أَبَا الْجَدِّ مُقَدَّمٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جَدٍّ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِهِ وَقَوْلُهُ صُعُودًا وَهُبُوطًا الْمُرَادُ بِالصُّعُودِ عَمُّ جَدِّ الْجَدِّ وَعَمُّ جَدِّ جَدِّ الْجَدِّ وَهَكَذَا وَالْمُرَادُ بِالْهُبُوطِ ابْنُ عَمِّ جَدِّ الْجَدِّ وَابْنُ ابْنِهِ وَهَكَذَا بَلْ قَالَ تت فَجَدٌّ، وَإِنْ عَلَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ بِهِ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنِ رَاشِدٍ (قَوْلُهُ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْعَمِّ لِشُمُولِهِ مَنْ ذُكِرَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِوَاءُ الْمَرَاتِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اتَّكَلَ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْأَبْعَدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ أَيْ فِي الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الِابْنِ وَابْنِهِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَرَاتِبِ وَإِلَّا فَالْأَخُ لِلْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ) هُوَ مُقَابِلٌ لِمَا يَأْتِي.

ص: 180

زَوَّجَ الْأَخُ لِلْأُمِّ مَضَى.

(ص) فَمَوْلَى (ش) أَيْ، فَإِنْ فُقِدَ وَلِيُّ النَّسَبِ فَمَوْلَى أَعْلَى لِلْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ كَالْإِرْثِ (ص) ثُمَّ هَلْ الْأَسْفَلُ وَبِهِ فُسِّرَتْ أَوَّلًا وَصُحِّحَ (ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَلَا عَصَبَتُهُ فَهَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَهُوَ الْعَتِيقُ أَيْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ وَبِهِ فُسِّرَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوَّلًا وِلَايَةً لَهُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ وِلَايَتِهِ لِرَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ بِنَقْلِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْكَافِي وَابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنُ شَاسٍ لَا وِلَايَةً لَهُ.

(ص) فَكَافِلٌ وَهَلْ إنْ كَفَلَ عَشْرًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا يُشْفِقُ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِلَ الذَّكَرَ إذَا كَفَلَ صَبِيَّةً وَرَبَّاهَا إلَى أَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا وَالْمُرَادُ بِالْمَكْفُولَةِ هُنَا مَنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ غَابَ أَهْلُهَا وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي حَدِّ زَمَنِ الْكَفَالَةِ الَّتِي يَكُونُ لِلْكَافِلِ الْوِلَايَةُ بِهَا عَلَى الصَّبِيَّةِ فَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ وَذَلِكَ أَقَلُّ الْكَفَالَةِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَا حَدَّ لَهَا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا إظْهَارُ الشَّفَقَةِ وَالْحَنَانِ عَلَى الصَّبِيَّةِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ لَهُ عَقْدَ نِكَاحِهَا، وَلَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمَكْفُولَةِ أَوْ طَلَّقَ فَهَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْكَافِلِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ فَاضِلًا وَرَابِعُهَا إنْ عَادَتْ لِكَفَالَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَافِلِ الْقَائِمُ بِأُمُورِهَا، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ شَرْعًا وَإِتْيَانُ الْمُؤَلِّفِ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا مُشْعِرٌ بِإِخْرَاجِ الْكَافِلَةِ فَلَا وِلَايَةَ لَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ (ص) وَظَاهِرُهَا شَرْطُ الدَّنَاءَةِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ كَالنَّصِّ فِي أَنَّ وِلَايَةَ الْكَافِلِ فِي نِكَاحِ مَكْفُولَتِهِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الدَّنِيئَةِ دُونَ الشَّرِيفَةِ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ.

(ص) فَحَاكِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ زَوَّجَهَا الْقَاضِي بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ مَرْتَبَةُ الْحَاكِمِ عَنْ مَرْتَبَةِ الْمَوْلَى لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَبِعِبَارَةٍ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَغَيْرُهُ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا وَأَنَّهَا غَيْرُ مُحْرِمَةٍ وَلَا مُحَرَّمَةٍ وَأَنَّهَا بَالِغَةٌ حُرَّةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ عَضْلُهُ أَوْ غَيْبَتُهُ وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا وَبَكَارَتُهَا أَوْ ثُيُوبَتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَيَثْبُتُ عِنْدَهُ فَقْرُهَا وَبُلُوغُهَا عَشَرَةَ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ.

(ص) فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ (ش) هَذَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَمَوْلَى أَعْلَى لِلْمُعْتِقِ) أَيْ الْمُعْتِقِ لِلْمَرْأَةِ أَيْ وَهُوَ مُعْتِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ) أَيْ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَإِنَّمَا قِيلَ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّ بِنْتَه وَأُخْتَه وَزَوْجَتَهُ وَنَحْوَهُنَّ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ يَرِثُونَهُ وَلَا وِلَايَةَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ الْوَلَاءَ فَلَا وِلَايَةَ لِوَرَثَتِهِ بِالنَّسَبِ إلَّا لِمَنْ يَرِثُ الْوَلَاءَ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ فَمَوْلَى إذْ مِنْ ذِكْرِ مَوْلَى بِطَرِيقِ الْجَرِّ وَيُسْتَفَادُ هَذَا التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ لَا يَتَّصِفُونَ حَقِيقَةً بِكَوْنِهِمْ مَوَالِيَ إلَّا مَعَ هَذَا التَّرْتِيبِ إذْ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ مَثَلًا لَيْسَ بِمَوْلًى حَقِيقَةً مَعَ وُجُودِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ وَإِذَا اخْتَلَفَ مَذْهَبُ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجَةِ عَمِلَ بِمَذْهَبِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ هَلْ الْأَسْفَلُ) هُوَ عَتِيقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُرِيدُ التَّزْوِيجَ وَانْظُرْ هَلْ الْأَسْفَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَزَلَ أَوْ فِي مُعْتِقِهَا خَاصَّةً لَا فِي مُعْتِقِهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَتَبِعَهُ عب وَفِي ك نَقْلًا عَنْ ابْنِ يُونُسَ النَّصُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْفَلِ خُصُوصُ الَّذِي أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا مَنْ أَعْتَقَهُ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ فِي التَّاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّنْظِيرِ (قَوْلُهُ أَوَّلًا وَصُحِّحَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِبَارَةُ تُوهِمُ أَنَّ الْمَنْفِيَّ رُتْبَتُهُ مَعَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ وِلَايَتُهُ رَأْسًا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ) بَلْ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ بِالتَّعْصِيبِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ فِي الْحَاكِمِ أَوْ الْكَفَالَةِ فِي الْكَافِلِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَا يُشْفِقُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَوْ غَابَ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ مَاتَ أَبُوهَا وَغَابَ أَهْلُهَا أَيْ عَصَبَتُهَا أَيْ لَمْ يُوجَدْ كُلٌّ مِنْ أَبِيهَا وَأَهْلِهَا وَلَا يَظْهَرُ بَقَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى مَنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ لَمْ يَمُتْ وَغَابَ أَهْلُهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَقَلُّ الْكَفَالَةِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَشَرَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ قَدْ عَلِمْت) أَيْ مِنْ خَارِجِ هَذَا يُؤْذَنُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ اعْتِبَارُ ظَاهِرِهَا وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ عب وَرَجَّحَ اللَّقَانِيِّ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَنَّ الْكَافِلَ يُزَوِّجُ الشَّرِيفَةَ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِتَقْدِيمِهِ الْإِطْلَاقَ وَهُوَ يُؤْذِنُ بِأَرْجَحِيَّتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَدْرَ جَعَلَ الْإِطْلَاقَ مُعْتَمَدَ الْمُصَنِّفِ وَالتَّقْيِيدَ اسْتِشْكَالًا مِنْهُ وَهُمَا قَوْلَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ لُحْمَةٌ) أَيْ عَلَقَةٌ وَارْتِبَاطٌ (قَوْلُهُ صِحَّتُهَا) أَيْ أَنَّهَا غَيْرُ مَرِيضَةٍ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ) مِنْ الْإِحْرَامِ وَلَا مُحَرَّمَةٍ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيَصِحُّ الْعَكْسُ وَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ عَضْلُهُ أَيْ أَوْ ثَبَتَ عَضْلُهُ أَوْ غَيْبَتُهُ (قَوْلُهُ فِي الدِّينِ) أَيْ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَقَوْلُهُ وَالْحَالُ أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا يُوجِبُ الْخِيَارَ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ تَقْرِيرَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْيَتِيمَةِ مَعْنَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ) أَيْ. وَأَمَّا الْمَالِكَةُ أَمْرَ نَفْسِهَا أَيْ الَّتِي هِيَ الرَّشِيدَةُ فَلَهَا أَنْ تَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَقْرُهَا) أَيْ أَوْ خَوْفُ الزِّنَا أَوْ الْخَوْفُ عَلَى مَالِهَا.

(تَنْبِيهٌ) :، فَإِنْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ إثْبَاتِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَالظَّاهِرُ الْإِمْضَاءُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا، فَإِنْ وُجِدَ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَصَّ عَلَيْهَا ابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ نَاجِي وَالنَّوَادِرُ وَالتَّلْقِينِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالْبَرْزَلِيُّ إلَخْ لَكِنَّ الْعَمَلَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ لَمْ يَجْرِ بِهَا وَهِيَ مَجْمَعُ الْإِسْلَامِ قَالَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) أَيْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ أَنَّهَا حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِذَا قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي عَلَى طَرِيقِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَيَدْخُلُ

ص: 181

شُرُوعٌ مِنْهُ عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ وِلَايَةَ الْإِسْلَامِ عَامَّةٌ لَا تَخْتَصُّ بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيهَا مَدْخَلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً أَوْ دَنِيئَةً فَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِي امْرَأَةٍ دَنِيئَةٍ كَمُعْتَقَةٍ وَمُسْلِمَانِيَّةٍ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ بِهَا) أَيْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَيْ بِسَبَبِهَا (فِي دَنِيئَةٍ) أَيْ فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ دَنِيئَةٍ (مَعَ خَاصٍّ) أَيْ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ خَاصٍّ ذِي نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ وِلَايَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا الْفَتْوَى وَالْعَمَلُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ عُزِّرَ الزَّوْجَانِ فَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَهُوَ مُجْبِرٌ كَالْأَبِ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ وَالْوَصِيِّ فِي الْبِكْرِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبَرُ.

(ص) كَشَرِيفَةٍ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الشَّرِيفَةَ أَيْ صَاحِبَةَ الْقَدْرِ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ وَالنَّسَبِ إذَا عُقِدَ نِكَاحُهَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَطَالَ مُكْثُهَا مَعَهُ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَا يُفْسَخُ حِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ الْوَاحِدُ وَالْوَلَدَانِ وَالسَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ لَا يَكُونَانِ طُولًا وَلِلْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ حِينَئِذٍ رَدُّ النِّكَاحِ وَإِجَازَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَكِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً لَهُ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ وَلِيُّهَا غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُوقَفُ الزَّوْجُ عَنْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الرَّدُّ) أَيْ، وَإِنْ قَرُبَ زَمَنُ الِاطِّلَاعِ عَلَى نِكَاحِ الشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ مِنْ وَقْتِ عَقْدِهِ دَخَلَ أَمْ لَا فَلِلْأَقْرَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الْأَقْرَبُ أَيْ وَبَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الرَّدُّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ فَالرَّدُّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ قَبْلَهُ.

(ص) وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ عُقِدَ عَلَى الشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بَيْنَ عَدَمِ الطُّولِ قَبْلَ الْبِنَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

فِيهَا الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى حِينَئِذٍ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي ابْنِ الْعَمِّ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْوِلَايَةُ بِالْفَتْحِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْعِتْقِ وَبِالْكَسْرِ فِي الْإِمَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ كَمُعْتَقَةٍ وَمُسْلِمَانِيَّةٍ) أَيْ وَسَوْدَاءَ حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج أَنَّ الْمُعْتَقَةَ والمسلمانية وَالسَّوْدَاءَ دَنِيئَةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ غَيْرَهَا شَرِيفَةٌ بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهَا بِحَسَبٍ أَوْ مَالٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حَالٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَصْفٌ يَحِلُّ بِالشَّرَفِ كَسُؤَالِ الْجَمِيلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْحَسَبِ مَفَاخِرُ الْآبَاءِ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ طِيبَ النَّسَبِ وَالْمُرَادُ بِالسَّوْدَاءِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ قَوْمٌ مِنْ الْقِبْط يَقْدَمُونَ مِنْ مِصْرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ سُودٌ اهـ أَيْ لَا كُلُّ سَوْدَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ) وَهِيَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً) وَفِي شَرْحِ شب الْمَشْهُورُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ) أَيْ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا الْفَتْوَى) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوِلَايَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ لَا تَعْزِيرَ مَعَ أَنَّهُمَا ارْتَكَبَا مُحَرَّمًا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّعْزِيرِ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُقْتَضٍ لِلْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ إنْ دَخَلَ وَطَالَ) لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَوَابًا وَإِلَّا فَلَهُ فَسْخُهُ، وَلَوْ طَالَ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الْبَدْرُ قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ أَيْ وَيُعَاقَبُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالشُّهُودُ وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْقَدْرِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْجَاهِ إلَخْ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الثَّلَاثَةُ السِّنِينَ فَأَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِقَوْلِهِ سِنِينَ ثُمَّ قَوْلُهُ فَأَكْثَرْيُنَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ إنَّ أَلْ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ فَنَقُولُ الْكَثْرَةُ مُتَحَقِّقَةٌ بِوَاحِدَةٍ عَلَى وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّ السَّنَتَيْنِ لَا يَكْفِيَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ أَلْ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَحِينَئِذٍ تَتَحَقَّقُ الْكَثْرَةُ بِثَلَاثٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَرَادَ بِذَلِكَ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَالْوَلَدُ الْوَاحِدُ) وَالتَّوْأَمَانِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ) فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ فَأَمْضَى النِّكَاحَ أَوْ رَدَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ لَا عَلَاقَةَ لِي أَوْ لَا أَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ بِرَدٍّ وَلَا إمْضَاءٍ فَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْحَاكِمِ دُونَ الْأَبْعَدِ (قُلْت) وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَا عَلَاقَةَ لِي فَقَدْ صَارَ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، فَإِنْ سَكَتَ فَنُصِحَ بِحُضُورِهِ لَهُ فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ كَلَامٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَعَقَدَ شَخْصٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ فَلِلْحَاكِمِ أَيْضًا الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ ضَامِنٌ (قَوْلُهُ أَيْ، وَإِنْ قَرُبَ زَمَنُ الِاطِّلَاعِ) أَيْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ) أَيْ أَطَالَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ ك وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ التَّأْوِيلَيْنِ، وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَلْتَذَّ مِنْهَا بِشَيْءٍ فَتُعَاضُ بِقَدْرِهِ وَانْظُرْ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّأْوِيلُ بِالتَّخْيِيرِ وَلَا يَظْهَرُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا فَرْقَ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلتَّخْيِيرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ الْوَاضِحِ فِيهِ التَّأْوِيلُ فَمَنْ يَقُولُ بِتَحَتُّمِ الْفَسْخِ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ وَمَنْ يَقُولُ بِالتَّخْيِيرِ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَهُ

ص: 182

أَوْ بَعْدَهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ جَازَ سَوَاءٌ دَخَلَ أَمْ لَا، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ بِحِدْثَانِ الدُّخُولِ فَذَلِكَ لَهُ. وَأَمَّا إنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَهُ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَمْضَيْته إنْ كَانَ صَوَابًا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ وَهُوَ ابْنُ سَعْدُونٍ الْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ انْتَهَى.

(ص) وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ (ش) أَيْ وَصَحَّ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَبِالْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ كَعَمٍّ مَعَ أَخٍ أَوْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقٍ وَالصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى لَا مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَإِلَّا لَفُسِخَ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ فَقَالَ (وَلَمْ يَجُزْ) أَيْ ابْتِدَاءً بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْ إمْضَاءَهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِلْخِلَافِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَالْأَوْلَى رُجُوعُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ لِلْجَمِيعِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ (ص) كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْوَلِيَّيْنِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ كَالْمُعْتِقَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ حُكْمُ الْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ فَيَصِحُّ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ مَعًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ غَيْرَ الْمُعْتِقَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَضَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ لَا فِي عَدَمِ الْجَوَازِ أَيْضًا إذْ هُوَ جَائِزٌ ابْتِدَاءً.

وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ وَلِيَّتِهِ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إذْنًا مِنْهَا مُقَسِّمًا لَهَا إلَى بِكْرٍ وَثَيِّبٍ فَقَالَ (ص) وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ يَكْفِي فِي إذْنِهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ صَمْتُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُنَّ مِنْ الِامْتِنَاعِ مِنْ النُّطْقِ وَلِمَا يَلْحَقُهَا بِهِ مِنْ الْحَيَاءِ وَلِئَلَّا تُنْسَبَ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَيْلِ لِلرِّجَالِ وَهَذَا فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا مَاتَ أَبُوهَا أَوْ فُقِدَ أَوْ أُسِرَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَكَمَا يُكْتَفَى بِصَمْتِهَا فِي رِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ يُكْتَفَى بِهِ فِي تَفْوِيضِهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِهَا أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَتَفْوِيضِهَا) إذْ لَا يَعْقِدُ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ إلَّا بِتَفْوِيضٍ مِنْهَا لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَقَوْلُهُ كَتَفْوِيضِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فِيمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا) . وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ صَوَابًا فَلَهُ رَدُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) : يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الشَّرِيفَةِ صَحِيحٌ قَطْعًا لِلتَّخْيِيرِ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدَ التَّحَتُّمِ الْفَسْخُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ إنْ دَخَلَ وَطَالَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ مَعَ عَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمَ الطَّوْلِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ بَاطِلٍ فَكَانَ يَحْتَاجُ لِلْجَوَابِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ مَفْهُومَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ) أَيْ فَابْنُ التَّبَّانِ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالْقُرْبِ فَلِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ، وَإِنْ طَالَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَيْضًا فَسْخُهُ وَإِجَازَتُهُ، وَإِنْ طَالَ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ.

(قَوْلُهُ وَبِأَبْعَدَ إلَخْ) وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ بِمَعْنَى مِنْ نَحْوُ شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلتَّعْدِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بِإِنْكَاحٍ أَبْعَدَ، فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَفْسُقُ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ إمْضَاؤُهُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ أَبْعَدَ قُلْنَا لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَائِلٌ بِالْجَوَازِ وَالْمُرَادُ بِالْأَبْعَدِ الْمُؤَخَّرِ عَنْ الْآخَرِ فِي الرُّتْبَةِ وَبِالْأَقْرَبِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ فَيَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَفُسِخَ) أَيْ لَوْ قُلْنَا مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ لَتَحَتَّمَ الْفَسْخُ وَقَوْلُهُ وَلَمَّا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الصِّحَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ أَيْ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ أَيْ يَقَعُ فِي الْوَهْمِ بِرُجْحَانِ الْجَوَازِ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُرَاعَاةً لِلثَّانِي وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْخِلَافِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُطْلَقَةٌ دَخَلَ أَمْ لَا وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ الدُّخُولِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَيُلْمَحُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَبَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجُزْ هَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّحْرِيمِ وَجُلُّ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَمَبْنَاهُمَا هَلْ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ أَوْ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ مَعًا) بِأَنْ يُجْعَلَ مِثَالًا لِمَحْذُوفٍ كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ كَأَحَدِ الْعَمَّيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ إلَخْ وَيَشْمَلُ أَبَوَيْ مَنْ أَلْحَقَتْهَا الْقَافَّةُ بِأَبَوَيْنِ إذَا لَمْ يَكُونَا مُجْبَرَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْآخَرُ كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْمُجْبِرَيْنِ وَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهَا لِلتَّشْبِيهِ وَيَلْحَقُ بِالْمُعْتَقَيْنِ غَيْرُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ إنَّ الْمُرْتَضَى إلَخْ) أَيْ وَحِلُّهُ الْأَوَّلُ نَاظِرٌ فِيهِ لِلظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ.

(قَوْلُهُ رِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ) فِيهَا قَلْبٌ وَالْأَصْلُ وَصَمْتُ الْبِكْرِ رِضًا حَيْثُ يَفْتَقِرُ الْعَقْدُ لِإِذْنِهَا وُجُوبًا فِي الَّتِي لَا تُجْبَرُ وَنَدْبًا فِي الَّتِي تُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَصَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ عَضَلَهَا أَبُوهَا (قَوْلُهُ أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً) هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الثَّيِّبِ. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَيَكْفِي صَمْتُهَا فِي التَّفْوِيضِ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ إنْكَارِ ذَلِكَ وَقَالَ هُوَ حَقٌّ لَهُ قَدْ اسْتَخْلَفَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَالْوَلِيُّ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ بِكْرًا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْبِكْرِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَخْطُوبَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى وَتُعِيدَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنًى آخَرَ، وَلَوْ مَجَازًا وَشِبْهُ الِاسْتِخْدَامِ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى وَتُعِيدَهُ بِاسْمِهِ

ص: 183

يَأْتِي وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ. وَأَمَّا تَفْوِيضُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ وَبِعِبَارَةٍ كَتَفْوِيضِهَا أَيْ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النُّطْقُ، وَلَوْ ثَيِّبًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ حَضَرَتْ أَوْ غَابَتْ.

(ص) وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْبِكْرِ أَنَّ صَمْتَهَا إذْنٌ مِنْهَا فَيُقَالُ لَهَا إنْ فُلَانًا خَطَبَك عَلَى صَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا الْمُعَجَّلُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ مِنْهُ كَذَا، فَإِنْ رَضِيت فَاصْمُتِي وَإِنْ كَرِهْت فَانْطِقِي وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ وَلِابْنِ شَعْبَانَ ثَلَاثًا.

(ص) وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِهِ فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ إذَا سَكَتَتْ حَتَّى عُقِدَ نِكَاحُهَا ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الصَّمْتَ إذْنٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا ذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأَشْيَاخِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَلَعَلَّ مُقَابِلَهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَقَلِّ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَوْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَمِيدِ.

(ص) ، وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ (ش) لَا إشْكَالَ أَنَّهَا إذَا مَنَعَتْ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ لَا تُزَوَّجُ وَإِلَّا لَذَهَبَتْ فَائِدَةُ اسْتِئْذَانِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا نَفَرَتْ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا بِأَنْ قَامَتْ أَوْ غَطَّتْ وَجْهَهَا حَتَّى ظَهَرَ كَرَاهِيَتُهَا (ص) لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ (ش) يَعْنِي فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ؛ لِأَنَّ الضَّحِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهَا. وَأَمَّا الْبُكَاءُ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ هُوَ رِضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ بَكَتْ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَتَقُولُ فِي نَفْسِهَا لَوْ كَانَ أَبِي حَيًّا لَمَا احْتَجْت إلَى ذَلِكَ.

(ص) وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ (ش) الْمُرَادُ بِالْإِعْرَابِ هُنَا الْإِفْصَاحُ وَالظُّهُورُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الثَّيِّبَ لَا تَأْذَنُ إلَّا بِالْقَوْلِ لِفَقْدِ مَا عُلِّلَ بِهِ صَمْتُ الْبِكْرِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَوْلُهُ تُعْرِبُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ. وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ كَمَا مَرَّ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا مِنْ الْأَبْكَارِ وَإِنَّمَا قَالَ تُعْرِبُ وَلَمْ يَقُلْ تَنْطِقُ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ (ص) كَبِكْرٍ رَشَدَتْ أَوْ عَضَلَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ عَيْبٍ أَوْ يَتِيمَةٍ أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ رِضَا الْبِكْرِ صَمْتُهَا وَأَنَّ الثَّيِّبَ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الصَّمْتَ كَافٍ فِي كُلِّ بِكْرٍ وَأَنَّ النُّطْقَ خَاصٌّ بِالثَّيِّبِ فَدَفَعَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْكَارَ السَّبْعَ لَا يَكُونُ رِضَاهُنَّ إلَّا بِالنُّطْقِ كَالثَّيِّبِ الْأُولَى الْبِكْرُ الْبَالِغُ الْمُرْشَدَةُ، وَلَوْ ذَاتَ أَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَشَّدَهَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا عَارِفَةٌ بِمَصَالِحِ نَفْسِهَا وَمَا يُرَادُ مِنْهَا فَفَارَقَتْ غَيْرَهَا وَحُكْمُهَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الثَّيِّبِ فَإِذَا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ مَضَى ذَلِكَ الثَّانِيَةُ الَّتِي عَضَلهَا أَيْ مَنَعَهَا وَلِيُّهَا عَنْ النِّكَاحِ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ فَزَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا. وَأَمَّا لَوْ أَمَرَ الْحَاكِمُ أَبَاهَا بِتَزْوِيجِهَا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْبِرُهَا وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ الثَّالِثَةُ الَّتِي زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ أَيْ وَلَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ يَنْظُرُ فِي مَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ مُشْتَرِيَةٌ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لَا يَلْزَمُ بِالصَّمْتِ وَانْظُرْ مَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ فِي الْكَبِيرِ الرَّابِعَةُ الَّتِي زُوِّجَتْ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ

ــ

[حاشية العدوي]

الظَّاهِرُ بِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَقُولَ وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ كَتَفْوِيضِ الْبِكْرِ أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَخْطُوبَةِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ لَهَا نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك فَوَّضْت الْعَقْدَ لِوَكِيلِك أَوْ هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ فِي الْعَقْدِ فَسَكَتَتْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَيُكْتَفَى بِهِ فِيهِمَا غَابَتْ أَوْ حَضَرَتْ. وَأَمَّا إنْ لَمْ تَسْأَلْ وَأَرَادَتْ أَنْ تُفَوِّضَ لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ السُّكُوتُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيت فَاصْمُتِي) مِنْ بَابِ قَتَلَ أَيْ فَاسْكُتِي عَبْدِ الْمَلِكِ وَيُطِيلُونَ الْجُلُوسَ عِنْدَهَا قَلِيلًا لِئَلَّا تَهَابَ وَتَخْجَلَ فِي وَقْتِ دُخُولِهِمَا فَتَمْتَنِعُ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِعْلَامَ يَكْفِي مِنْهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ.

(قَوْلُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ بِالْبَلَهِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاللَّامِ (قَوْلُهُ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَمِيدِ) فَإِنَّهُ يَقُولُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْجَهْلِ إذَا عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ) فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ فَلَوْ زَوَّجَتْ مَعَ النَّفْرِ لَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ أَبَدًا وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهَا مَنْعٌ وَهَذِهِ قَدْ أَظْهَرَتْهُ (قَوْلُهُ هُوَ رِضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ بَكَتْ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا) أَيْ لِاحْتِمَالٍ رَاجِحٍ عَلَى مُقَابِلِهِ الَّذِي هُوَ كَرَاهَةُ التَّزْوِيجِ وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُهُ رِضًا، فَإِنْ أَتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ بِمُتَنَافِيَيْنِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْأَخِيرِ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ. وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ) أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ لَا إنْ غَابَتْ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَيُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ الْبِكْرُ عَلَى مَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِالْإِعْرَابِ الْإِفْصَاحَ وَالظُّهُورَ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ كَبِكْرٍ رَشَدَتْ) رَشَّدَهَا أَبِيهَا أَوْ وَصِيُّهَا وَهَلْ لِلْأَبِ رَدُّ تَرْشِيدِهَا إلَى وِلَايَتِهِ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ يَثْبُتْ مُوجِبُ الرَّدِّ أَوْ عَدَمِهِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى مَا ثَبَتَ (قَوْلُهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهَا) عَطْفٌ مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِعَرْضٍ) أَيْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوِّجُونَ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا) إلَّا مِنْ قَوْمٍ تُزَوِّجُ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِنُطِقْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَلَا كَلَامَ لَهَا (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا يَرِدُ إلَخْ) أَيْ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَيْعَ يُكْتَفَى فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالصَّمْتُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِالْعَرْضِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَيُزَوِّجُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِالْعَرْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِي الْعِوَضَيْنِ الْحَقِيقِيَّيْنِ وَالْبِضْعُ مَعَ الصَّدَاقِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَيْ قَوْلُهُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إلَخْ أَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْهَا مِثْلُ النُّطْقِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ بِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ جَعْلُهَا مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي تُعْرِبُ فِيهَا وَلَا يُرَادُ بِالْإِعْرَابِ مَا قَابَلَ الصَّمْتَ لِيَشْمَلَ الْإِشَارَةَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ

ص: 184

وَلَوْ كَانَ لِأَبِيهَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ فَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ وَقِيلَ إنْ كَانَ لِأَبِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ كُفْءٌ لِلْحُرَّةِ لِمَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ مِثْلُهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ عَبْدِ غَيْرِ أَبِيهَا الْخَامِسَةُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِذِي عَيْبٍ يُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ، وَلَوْ مُجْبَرَةً وَعِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ هَذِهِ فِي الْيَتِيمَةِ كَمَا فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِهَا هُنَا إلَّا النُّطْقُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ تَدْخُلُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهَا السَّادِسَةُ الْيَتِيمَةُ الصَّغِيرَةُ الْمُحْتَاجَةُ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَإِنَّمَا أَعَادَهَا جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ مُقَيَّدَةً بِالْحَاجَةِ ذَكَرَهَا بِوَصْفِ الْيُتْمِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ الْيُتْمُ بِهَا السَّابِعَةُ الَّتِي يَتَعَدَّى الْوَلِيُّ عَلَيْهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِافْتِيَاتِ فَيُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ تُسْتَأْذَنُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَتَفْتَقِرُ إجَازَتُهَا إلَى النُّطْقِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمَّا تَعَدَّى عَلَيْهَا افْتَقَرَتْ لِلتَّصْرِيحِ لِنَفْيِ الْعَدَاءِ فَقَوْلُهُ أَوْ اُفْتِيتَ أَيْ الْبِكْرُ الْمُفْتَاتُ عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا غَيْرَ مُجْبَرَةٍ إذْ الْمُجْبَرَةُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا افْتِيَاتٌ.

(ص) وَصَحَّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يَقْرَبْهُ حَالَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا يَصِحُّ بِشُرُوطٍ إنْ رَضِيَتْ بِالنُّطْقِ كَمَا مَرَّ وَقَرُبَ زَمَنُ رِضَاهَا مِنْ الْعَقْدِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِالسُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمِ مِنْ حَيِّزِ الْبُعْدِ، فَإِنْ بَعُدَ فَلَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ كَالشَّرْطِيِّ أَمْ لَا وَكَوْنِ الْمَرْأَةِ بِالْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِافْتِيَاتُ فَلَوْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ الْوَاقِعُ مِنْهُ الِافْتِيَاتُ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى إذْنَهَا أَوْ سَكَتَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالِافْتِيَاتِ فُسِخَ أَبَدًا اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَرُبَ رِضَاهَا وَأَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا، فَإِنْ رَدَّتْ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا، وَإِنْ قَرُبَ.

وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ أَنَّ إنْكَاحَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَشْخَاصًا ثَلَاثَةً أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ (ش) أَيْ، وَإِنْ أَجَازَ النِّكَاحَ وَلِيٌّ مُجْبِرٌ كَسَيِّدٍ أَوْ أَبٍ فِي عَقْدٍ صَدَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ ابْنٍ لِلْمُجْبِرِ وَهُوَ أَخُو الْمُجْبَرَةِ وَأَخٌ لَهُ وَهُوَ عَمُّهَا وَجَدٌّ لِلْمُجْبَرَةِ وَهُوَ أَبُو الْمُجْبَرَةِ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُجْبِرُ فَوَّضَ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ أُمُورَهُ وَثَبَتَ تَفْوِيضُهُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ لَا بِقَوْلِ الْمُجْبِرِ فَقَوْلُهُ مُجْبِرٌ بِالْأُبُوَّةِ أَوْ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَوَّضَ بِالنَّصِّ أَوْ بِالْعَادَةِ وَقَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِفَوَّضَ وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ عَلَى التَّفْوِيضِ بِالصِّيغَةِ أَوْ الْعَادَةِ بِأَنْ تَقُولَ رَأَيْنَا قَرِيبَهُ الْمَذْكُورَ يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَالْمُرَادُ بِالتَّفْوِيضِ بِالصِّيغَةِ الَّتِي حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى مَا يَعُمُّهُ وَهُوَ مَا يَحْتَاجُ لِإِجَازَةٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ فَوَّضْت إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِي أَوْ أَقَمْته مَقَامِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِأَحَدِهِمَا فَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا بِالصِّيغَةِ أَمَّا إنْ كَانَ بِهَا لَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى إجَازَةٍ فَالتَّفْوِيضُ بِالصِّيغَةِ لَهُ صُورَتَانِ كَمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِأَبِيهَا إلَخْ) بَالَغَ عَلَى مَا ذُكِرَ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ الْأَبُ مُجْبِرٌ فَلَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ لِأَبِيهَا إلَخْ) مُفَادُ عج اعْتِمَادُ هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ) كَلَامُهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِذِي عَيْبٍ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْيَتِيمَةَ حَقِيقَةٌ فِي الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ. وَأَمَّا وَصْفُ الْبَالِغِ بِهِ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ فَصَحَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ الَّتِي يَتَعَدَّى الْوَلِيُّ عَلَيْهَا) وَكَذَا إذَا كَانَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مَعًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ مُطْلَقًا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَلَوْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ.

(قَوْلُهُ بِالْبَلَدِ) ، وَلَوْ بَعْدَ طَرَفَاهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ الْبَلَدُ وَاحِدَةً نَزَلَ بَعْدَ الطَّرَفَيْنِ مَنْزِلَةَ الْقُرْبِ بِخِلَافِ الْبَلَدَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَتَا فَإِنَّ شَأْنَهُمَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهَا الْمُقَدَّرِ بَعْدَ صَحَّ أَيْ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حَالَ كَوْنِهَا بِالْبَلَدِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ يَكُونُ الْعَقْدُ بِالسُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمِ مِنْ حَيِّزِ الْبُعْدِ) هَذَا الْحَدُّ لِعِيسَى (قَوْلُهُ وَيُسَارُ إلَيْهَا) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ لَيْسَ فِيهَا نَقْطٌ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَوْمِ مِنْ حَيِّزِ الْبُعْدِ) لَا يَخْفَى تَعَارُضُ مَفْهُومِ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَفْهُومِ هَذَا مُرَاعَاةٌ لِقَوْلِ سَحْنُونَ الْيَوْمَانِ مِنْ الْقُرْبِ وَعَنْهُ مَا بَيْنَ مِصْرَ وَالْقُلْزُمِ قَرِيبٌ وَمَا بَيْنَ مِصْرَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة أَوْ أُسْوَانَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ كَالشَّرْطِيِّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا فَيَصِحُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ وَالْمَرْأَةُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ حِينَ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مُتَأَتٍّ، وَلَوْ قُرْبَ رِضَاهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَلَ الْقُرْبُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا) أَيْ وَأَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِثْلَ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا الِافْتِيَاتُ عَلَيْهِ فَقَطْ. وَأَمَّا إذَا اُفْتِيتَ عَلَيْهِمَا مَعًا فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ جُمْلَةَ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ الرِّضَا وَقُرْبُهُ وَكَوْنُهُ بِالْبَلَدِ وَأَنْ لَا يُقِرَّ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ وَأَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا وَأَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَى الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي جَعْلِهِ مُتَعَلِّقًا بِفَوَّضَ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَخُو الْمُجْبَرَةِ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِيمَا إذَا زُوِّجَتْ بِنْتُهُ لَا أَمَتُهُ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُزَوِّجَ أَخُو الْمُجْبَرَةِ أَوْ ابْنُهُ أَوْ جَدُّهُ (قَوْلُهُ وَجَدٌّ لِلْمُجْبَرَةِ) وَيُحْتَمَلُ جَدُّ أَبِيهَا الْمُجْبِرِ (قَوْلُهُ يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِ) أَيْ يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَرَّحِ بِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ فَلَا (قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يَقُولَ) خَبَرُ الْمُرَادِ وَقَوْلُهُ هُوَ مَا يَحْتَاجُ هَذَا مَا يَعُمُّ الصِّيغَةَ وَالْعَادَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْعِبَارَةَ عَلَى مَعْنًى إنَّمَا حَمَلَهَا عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لَهُ صُورَتَانِ) أَيْ فَوَاحِدَةٌ تَحْتَاجُ لِإِذْنٍ وَوَاحِدَةٌ لَا تَحْتَاجُ لِإِذْنٍ

ص: 185

عَلِمْت وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ بَلْ غَيْرُهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ مِثْلُهُمْ بَلْ وَالْأَجْنَبِيُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذَا قَامَ هَذَا الْمَقَامَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي وَلِيٍّ لَهَا لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ (ص) وَهَلْ إنْ قَرُبَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ الْجَوَازِ بِإِجَازَةِ الْمُجْبِرِ إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ حَمْدِيسٌ أَوْ مُطْلَقًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ تَأْوِيلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ.

وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ إلَخْ أَنَّ غَيْرَ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ إنْكَاحُهُ لِلْمُجْبَرَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُجْبَرِ، وَلَوْ أَجَازَهُ حَضَرَ الْمُجْبِرُ أَوْ غَابَ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ ذُكِرَ أَنَّ لِغَيْبَةِ الْمُجْبَرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَرِيبَةً وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي كَعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَأَخٍ وَجَدٍّ إذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُجْبَرَةَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً مَجْنُونَةً فِي غَيْبَةِ أَبِيهَا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ التَّزْوِيجَ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ أَجَازَهُ الْأَبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ ضَرَرُ الْأَبِ بِهَا وَإِلَّا زُوِّجَتْ وَيَصِيرُ كَالْعَاضِلِ الْحَاضِرِ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا عَلَيْهِ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَمِثْلُ الْأَبِ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُجْبَرَتِهِ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ لِأَجْلِ الْأَقْسَامِ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْحُرَّةِ.

(ص) وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ يَعْنِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَغَايَتُهَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ مَسَافَةُ إفْرِيقِيَّةَ أَيْ الْقَيْرَوَانُ وَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهَا فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِصْرَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ بِهَا وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَظَهَرَ مِنْ مِصْرَ) وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَ قَوْلَ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ نَحْوُ شَهْرٍ وَبَيْنَ مِصْرَ وَأَفْرِيقِيَّةَ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَكَمَا تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِيطَانِ لِلْمُجْبَرَةِ تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى اشْتِرَاطِ الِاسْتِيطَانِ بِالْفِعْلِ لَهُ وَلَا يَكْفِي مَظِنَّتُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) .

(ص) كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَةَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بَلْ وَالْأَجْنَبِيُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ) وَهُوَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ تَفْوِيضُ الْأَبِ فَلَا فَرْقَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ قَالَ شب وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَفِي شَرْحِ عب تَضْعِيفُهُ بَلْ شَارِحُنَا حَيْثُ يَقُولُ فَلَوْ قَالَ فِي وَلِيٍّ إلَخْ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ابْنٍ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُفَوَّضُ لَهُ نَصًّا أَوْ عَادَةً بِنْتَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَمْضِ، وَإِنْ أَجَازَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ، وَلَوْ تَفْوِيضًا لَهُ بِالنَّصِّ مِنْ إجَازَةِ الْمُجْبَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ بِالنَّصِّ لَا يُزَوِّجُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُجْبِرِ ابْنَتَهُ وَلَا يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ وَلَا عَبْدَهُ وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عُرْفًا عَنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ هُنَا كَالْقُرْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي السَّابِقَةِ.

(قَوْلُهُ وَفُسِخَ تَزْوِيجُ) هَذَا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَتُرْفَعُ لِلْقَاضِي فَيُزَوِّجُهَا (قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا) أَيْ ذَهَابًا وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّحْوَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِخَمْسَةٍ وَعَشْرَةٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَتَعَارَضُ مَفْهُومُ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ كَمَا إذَا زَوَّجَهَا عَلَى مَسَافَةِ شَهْرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَشَرَةِ وَفِي عِبَارَةِ عب (تَنْبِيهٌ) : يَتَعَارَضُ قَوْلُهُ كَعَشَرَةٍ وَكَإِفْرِيقِيَّةَ فِي غَيْبَتِهِ بِمَسَافَةٍ فَوْقَ كَعَشَرَةٍ وَدُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَكِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ عَلَى مَا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِي قَائِلِينَ إنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا) نُسْخَةُ الشَّارِحِ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَخْ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ فَيُرْسِلُ لَهُ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَوَّجَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الْحَاكِمُ فَلَوْ تَبَيَّنَ ضَرَرُ الْأَبِ بِهَا فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِدُونِ كَتْبٍ فَهَلْ يَمْضِي أَوْ يَصِحُّ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْقَيْرَوَانُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ إفْرِيقِيَّةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْمُرَادُ الْقَيْرَوَانُ؛ لِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ كَانَتْ عَامِرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ) يُقَالُ وَابْنُ الْقَاسِمِ حِينَ قَرَّرَهَا لَمْ يُقَيِّدْهَا فَأَفَادَ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ بَعِيدَةٌ مِنْ الْبَلَدَيْنِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي وَعِبَارَةُ عب وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ غَالِبًا بِغَيْبَتِهِ الْمَسَافَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةً وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ، وَلَوْ خِيفَ فَسَادُهَا خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُجْبِرُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِدُونِ إذْنِهَا اهـ وَلَكِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ اللَّخْمِيِّ.

(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَزُوِّجَ بِالْبَالِغِ دُونَ غَيْرِهَا مَا لَمْ يَخَفْ ضَيْعَةً ذَكَرَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ غَالِبًا وَلَمْ تُعْدَمْ النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ. وَأَمَّا مَنْ لَا تَطُولُ إقَامَتُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُزَوَّجُ حَيْثُ لَمْ تَعْدَمْ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، فَإِنْ عَدِمَتْ النَّفَقَةَ أَوْ خُشِيَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ فَيُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَهَذَا مَا قَالَهُ عج لَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهَا تُزَوَّجُ إذَا قَطَعَ عَنْهَا الْأَبُ النَّفَقَةَ وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ اتِّفَاقًا هَكَذَا بِالْوَاوِ فَاعْتَبَرَ الْأَمْرَيْنِ وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِمَنْ اعْتَبَرَ قَطْعَ النَّفَقَةِ فَقَطْ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغَائِبِ عَضْلٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ بِمَنْزِلَةِ عَضْلِهِ.

ص: 186

لَيَالٍ أَوْ نَحْوِهَا وَدَعَتْ لِكُفْءٍ وَأَثْبَتَتْ مَا تَدَّعِيهِ مِنْ الْغَيْبَةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْكَفَاءَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدَ؛ لِأَنَّ غَيْبَةَ الْأَقْرَبِ لَا تَسْقُطُ حَقُّهُ وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ وَحَذْفُ التَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ الثَّلَاثِ لِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّلَاثِ وَمَا نَقَصَ عَنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ لَكِنْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ إلَيْهِ، فَإِنْ حَضَرَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدَ.

(ص) ، وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ غَيْبَةِ أَبِي الْبِكْرِ وَهُوَ مَا إذَا حَصَلَ لَهُ أَسْرٌ أَوْ فُقِدَ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ فَيَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُزَوِّجُهَا وَلِهَذَا قَالَ (فَالْأَبْعَدُ) أَيْ فَالْأَبْعَدُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا لَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ جَرَتْ عَلَى الْبِكْرِ النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ.

(ص) كَذِي رِقٍّ وَصِغَرٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي شُرُوطِ الْوَلِيِّ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لَا حَقَّ لَهُ وَالْحَقُّ إنَّمَا هُوَ لِلْأَبْعَدِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَرَقِيقُ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى إمَائِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا كَمَا يَأْتِي فَإِنْكَاحُ الرَّقِيقِ بَاطِلٌ يُفْسَخُ أَبَدًا بِطَلْقَةٍ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَإِنْ دَنِيُّهُ، وَإِنْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَالِغًا احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَأْمُرُ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ شَرْطُهُ الْعَقْلُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَعَتَهٌ) أَيْ وَجُنُونٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ (وَأُنُوثَةٌ) مَا قِيلَ فِي صِغَرٍ أَيْ فَالْأُنْثَى مَسْلُوبَةٌ وِلَايَتُهَا عَنْ مِثْلِهَا لِلذَّكَرِ الْأَبْعَدِ عَنْهَا وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهُ حَلَالًا وَكَوْنُهُ مُسْلِمًا عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ يَأْتِي.

وَكَوْنُهُ عَدْلًا عَلَى قَوْلٍ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) ذِي (فِسْقٍ) فَلَا يَسْلُبُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ يَسْلُبُ الْكَمَالَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَسُلِبَ الْكَمَالُ) أَيْ وَسَلَبَ الْفِسْقُ الْكَمَالَ عَنْ الْوِلَايَةِ لَكِنْ إنْ أُرِيدَ بِهِ تَقْدِيمُ الْأَبْعَدِ الْعَدْلِ عَلَى الْأَقْرَبِ الْفَاسِقِ فَبَعِيدٌ، وَإِنْ أُرِيدَ رُجْحَانُ الْعَدْلِ الْمُسَاوِي فِي الْقَرَابَةِ عَلَى مُسَاوِيهِ فَقَرِيبٌ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةٌ عَنْ الْمَرْأَةِ ذَكَرَ أَنَّ لَهَا وِلَايَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ أَنَّ لَهَا التَّوْكِيلُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ فِي مَسَائِلَ ثَلَاثٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ وَوَصِيَّةٌ وَمُعْتَقَةٌ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ تُوَكِّلُ حُرًّا ذَكَرًا يُبَاشِرُ عَقْدَ مَمْلُوكَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْوَصِيَّةُ تُوَكِّلُ رَجُلًا يَعْقِدُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي إيصَائِهَا فَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ مُوصَاةً عَلَى أَيْتَامٍ تَخْتَارُ الْأَزْوَاجَ وَتُقَرِّرُ الْأَصْدِقَةَ ثُمَّ تَقُولُ اعْقِدُوا فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَعْقِدْنَ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتِقَةُ بِكَسْرِ التَّاءِ تُوَكِّلُ فِي تَزْوِيجِ مَوْلَاتِهَا.

وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلَةِ فِي الثَّلَاثِ وَمِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأَوْلَى، وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ عَلَى وَلِيِّ النَّسَبِ لَا فِي الثَّالِثَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ تَقْدِيمِ وَلِيِّ النَّسَبِ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ عَاصِبُ نَسَبٍ فَلَيْسَ لِلْمُعْتِقَةِ بِالْكَسْرِ أَنْ تُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ إذْ لَيْسَ لَهَا وِلَايَةٌ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ وَلَمَّا ذَكَرَ سَلْبَ الْوِلَايَةِ عَنْ ذِي الرِّقِّ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ كَبَعْضِ الْإِنَاثِ الْمَذْكُورَاتِ مُشَبِّهًا لَهُ بِهَا بِقَوْلِهِ (كَعَبْدٍ أُوصِيَ) عَلَى إنَاثٍ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُبَاشِرُ عَقْدَهُنَّ نِيَابَةً عَمَّنْ أَوْصَاهُ عَلَيْهِنَّ فَوَكِيلُهُ نَائِبُ نَائِبٍ وَلَا يَضُرُّهُ وَصْفُ رَقِّهِ اللَّازِمِ السَّالِبِ لِوِلَايَتِهِ عَنْ ابْنَتِهِ مَثَلًا إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً، وَلَوْ وَكَّلَ فِيهَا كَانَ وَكِيلُهُ نَائِبَ وَلِيٍّ أَصْلِيٍّ وَالْأَصْلِيَّةُ مَسْلُوبَةٌ عَنْهُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا.

كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَمُكَاتَبٌ) يُوَكِّلُ (فِي) تَزْوِيجِ (أَمَتِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا) أَوْ غِبْطَةً لِمَهْرِهَا (وَإِنْ كَرِهَ) ذَلِكَ (سَيِّدُهُ) لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَكَّلَ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ غَيْبَةِ أَبِي الْبِكْرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ أَبِي الْبِكْرِ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْلَى فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ أَيْ فِي أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُزَوِّجُهَا إلَخْ) قَالَ فِي ك وَيَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ الْوَلِيُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ طُولَ غَيْبَةِ الْأَبِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ وَالْجَهْلَ بِمَكَانِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إنْكَاحُهَا وَصُوِّبَ أَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَسِيرٍ وَبَعِيدِ غَيْبَةٍ.

(تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمَحْبُوسَ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا تُزَوَّجُ بِنْتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ وَخُرُوجَهُ مَرْجُوٌّ إنْ قَالَهُ تت وَفِي التَّوْضِيحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِي الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا. وَأَمَّا الْمُطْبِقُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُفِيدُهُ.

(قَوْلُهُ جُنُونٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ) أَيْ إذَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ. وَأَمَّا الطَّارِئُ فَيَنْبَغِي انْتِقَالُهُ لِلسُّلْطَانِ (قَوْلُهُ فَبَعِيدٌ) لَا بُعْدَ أَصْلًا خُصُوصًا وَبَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ الْوَلِيِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لَهُ (قَوْلُهُ وَلَمَّا ذَكَرَ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ لَوْ قَالَ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهَا الْعَقْدَ عَلَى الْأُنْثَى وَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا أَصْلًا ذَكَرَ أَنَّ لَهَا وِلَايَةً فِي الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ) ، وَلَوْ قَصَدَتْ التَّوْكِيلَ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَكَانَتْ الْوِلَايَةُ تَبَعًا أَيْ لَا كَافِلَةً إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ مَالِكَةً) أَيْ فِي تَزْوِيجِ الْأُنْثَى احْتِرَازًا عَنْ الذَّكَرِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا يَلِي تَزْوِيجَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا (قَوْلُهُ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ) أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ابْنَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ) مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحَيْثُ كَانَتْ الْأَصْلِيَّةُ مَسْلُوبَةً عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يُوَكِّلَ (قَوْلُهُ وَغِبْطَةً) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَضْلًا فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ، فَإِنْ جَهِلَ هَلْ زَوَّجَهَا لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ أَمْ لَا حُمِلَ عَلَى عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَقَصَ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ

ص: 187

وَلَوْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَوْلِيَاءُ ابْنَتِهِ الْحُرَّةِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِطَلَبِهِ الْفَضْلُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا يَزِيدُ عَمَّا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَزَائِدًا عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا.

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ شَرْطَ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَنَعَ إحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِحْرَامَ الْكَائِنَ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَقْبَلُ زَوْجٌ وَلَا تَأْذَنُ زَوْجَةٌ وَلَا يُوجِبُ وَلِيٌّ مُحْرِمُونَ وَلَا يُوَكِّلُونَ وَلَا يُجِيزُونَ إلَى إتْمَامِ الْإِحْلَالِ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَجَائِزٌ وَلَا يَطَأُ حَتَّى يُحِلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهُ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ لِمَا هُوَ أَعَمُّ.

(ص) كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ ذَكَرَ أَنَّ كُفْرَ الْوَلِيِّ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ (ص) وَعَكْسُهُ (ش) أَيْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي عَكْسِ هَذَا الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُسْلِمًا وَالْمَرْأَةُ كَافِرَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] فَلَوْ زَوَّجَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ أَيْ، وَإِنْ عَقَدَ لِمُسْلِمٍ لَا يُتْرَكُ بَلْ يُفْسَخُ فَمَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ. وَأَمَّا الْفَسْخُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ (ص) إلَّا لِأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ كَافِرَةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمُعْتَقَةُ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ بِأَنْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَهْلُ الْكُفْرِ إلَّا أَنْ تُسْلِمَ.

(ص) وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى السَّلَبِ فَإِنَّ الْكَافِرَ يُزَوِّجُ وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ لِمُسْلِمٍ وَأَوْلَى لِكَافِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرَةِ وَلِيٌّ كَافِرٌ فَأَسَاقِفَتُهُمْ، فَإِنْ امْتَنَعُوا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلسُّلْطَانِ جَبَرَهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ التَّظَالُمِ الَّذِي لَهُ نَظَرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ فَرْعًا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَجَرَّأَ الْمُسْلِمُ وَعَقَدَ عَلَى وَلِيَّتِهِ الْكَافِرَةِ بَعْدَ أَنْ قُلْنَا بِسَلْبِ وِلَايَتِهِ عَنْهَا فَقَالَ (وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ) وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ؛ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ فِي الزِّنَا إذَا لَمْ يُعْلِنُوهُ فَأَحْرَى النِّكَاحُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِمَا أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مُعْتَقَةَ الْعَاقِدِ فَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْأَمَةَ الْكَافِرَةَ إنَّمَا تُوطَأُ بِالْمِلْكِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ شَرْطَ الرُّشْدِ فِي الْوَلِيِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى النَّظَرِ وَقَوْلُهُ أَمَتُهُ أَيْ لَا فِي ابْنَتِهِ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا إلَخْ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا يَزِيدُ عَمَّا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَزَائِدًا عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا خَمْسِينَ وَبِعَيْبِ التَّزْوِيجِ أَرْبَعِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ تَزْوِيجِهَا عَيْبًا عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُزَوِّجُهَا بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ أَزِيدُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَمِنْ عَيْبِ التَّزْوِيجِ مَعًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَزِيدَ صَدَاقُهَا عَلَى مَا يَجْبُرُ بِهِ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَمَنَعَ إحْرَامٌ إلَخْ) الْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ وَكَّلَ حِلًّا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَأَحَدُهُمْ مُحْرِمٌ فَسَدَ، وَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمًا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَالْجَمِيعُ حِلٌّ لَمْ يَفْسُدْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَنَائِبُهُ، وَلَوْ قَاضِيًا حَلَالٌ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ لِعُمُومِ مَصَالِحِ النَّاسِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي وَهُوَ مُحْرِمٌ وَنَائِبُهُ حَلَالٌ فَكَذَلِكَ صَحِيحٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَفْهَمْ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُوَكِّلُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالرَّمْيِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَطَافَ وَرَكَعَ لِلطَّوَافِ ثُمَّ عَقَدَ فَإِنَّ عَقْدَهُ يُفْسَخُ.

(تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَسْتَمِرَّ الْمَنْعُ فِي الْحَجِّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ فَعَلَ السَّعْيَ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَتَمَامُ السَّعْيِ، فَإِنْ أَفَاضَ وَقَدْ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ وَعَقَدَ قَبْلَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فُسِخَ حَيْثُ قَرُبَ، فَإِنْ تَبَاعَدَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَجِّ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُعْدَ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَنْعِهِ وَفَسْخِهِ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ جَوَازِ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا طُولُ فِرَاقِ أَهْلِهِ فَأُبِيحَ لَهُ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَنْ أَنْشَأَ عَقْدًا قَبْلَهَا فَفِيهِ إحْدَاثُ مَا لَيْسَ فِيهِ نِكَاحُ حَاضِرٍ.

(قَوْلُهُ لِمُسْلِمَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَمَا يَمْنَعُ وَصْفُ كُفْرٍ وِلَايَةَ كَافِرٍ لِمُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ) فَلَوْ زَوَّجَهَا فُسِخَ أَبَدًا (قَوْلُهُ {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] إلَخْ) أَيْ وَالْهِجْرَةُ كَانَتْ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ أَنَّ الْكَافِرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَتَأَمَّلْ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ مَعَ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ نَسْخَ الْمَنْطُوقِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ فَحَوَاهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا) لِعَبْدٍ كَافِرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا لِمُسْلِمٍ. وَأَمَّا الْكَافِرُ الْحُرُّ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ عَقْدَهُ لِلْكَافِرِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ) أَوْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْحَرْبِ.

(قَوْلُهُ وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ) مَعَ مُرَاعَاةِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا (قَوْلُهُ لِمَا أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ لِمَا أَعَانَ الْكَافِرُ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ بَعَثَهُ.

ص: 188

ص) وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (ش) أَيْ وَعَقَدَ السَّفِيهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى وَلِيَّتِهِ إذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ جَازَ إنْكَاحُهُ اتِّفَاقًا وَانْظُرْ لَوْ عَقَدَ ذُو الرَّأْيِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ وَلِيُّهُ. وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيُفْسَخُ وَالْمُرَادُ بِالرَّأْيِ الْعَقْلُ وَالدِّينُ وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ السَّفَهَ.

(ص) وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَقْدُ النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ لِنَقْصٍ فِيهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا وُكَلَاءَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَيَقْبَلُوا لَهُ فَفِي سَمَاعِ عِيسَى لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَزِيَادَةُ ابْنِ شَاسٍ أَوْ صَبِيًّا لَا أَعْرِفُهُ وَاعْتَرَضَهُ الْمَشَذَّالِيُّ بِأَنَّهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُحْرِمُ فَلَا يُوَكِّلُ وَلَا يَتَوَكَّلُ وَالْمَعْتُوهُ. وَأَمَّا وَلِيُّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُوَكِّلُ إلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لَهَا وَلِهَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا وَلِيَّ إلَّا كَهُوَ (ش) أَيْ لَا وَلَيُّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُوَكِّلُ عَلَى نِكَاحِهَا إلَّا مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُ فِي اسْتِكْمَالِ شُرُوطِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فَلَا يُوَكِّلُ كَافِرًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صَبِيًّا وَلَا امْرَأَةً وَأَدْخَلَ الْمُؤَلِّفُ الْكَافَ عَلَى الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ مَعَ أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا ضَرُورَةٌ.

(ص) وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ وَكُفُؤُهَا أَوْلَى فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ زَوْجٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ إجَابَةُ الْمَرْأَةِ إلَى كُفْءٍ مُعَيَّنٍ دَعَتْ إلَيْهِ يُرِيدُ وَهِيَ بَالِغَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً إلَى عَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا بِهَا، فَإِنْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى كُفْءٍ غَيْرِ كُفُئِهَا أُجِيبَتْ وَكَانَ كُفُؤُهَا أَوْلَى مِنْ كُفُئِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ لِلْعِشْرَةِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ دَعَتْ إلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ فَيَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا عُدَّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَحِينَئِذٍ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ ثُبُوتِ ثُيُوبَتِهَا عِنْدَهُ وَمِلْكُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا وَإِنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَكَفَاءَةُ الْخَاطِبِ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ مَعَ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَقْدَ لِغَيْرِ الْعَاضِلِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ وَجَوَّزَ هَذَا الِاحْتِمَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ.

(ص) وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتَكَرِّرٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ فِي ابْنَتِهِ الْمُجْبَرَةِ لَا يَكُونُ عَاضِلًا بِرَدِّ خَاطِبٍ أَوْ خَاطِبَيْنِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتَكَرِّرِ أَيْ بِرَدٍّ مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْخُطَّابِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ وَلِجَهْلِهَا بِمَصَالِحِ نَفْسِهَا فَرُبَّمَا عَلِمَ الْأَبُ مِنْ حَالِهَا أَوْ حَالِ الْخَاطِبِ مَا لَا يُوَافِقُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ إضْرَارُهُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إمَّا أَنْ تُزَوِّجَ وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك، وَلَوْ أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِلَمْ عِوَضَ لَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَمْ لِنَفْيِ الْمَاضِي وَلَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَعَدِّدٍ بَدَلَ مُتَكَرِّرٍ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ وَعَقَدَ السَّفِيهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُجْبَرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ) لَفْظَةُ لَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا عج وَلَا الشَّيْخُ سَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ فَسْخُ عَقْدِهِ وَقَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُهُ بَيَانُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ وَلِيُّهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ مَضَى (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدِّينِ التَّدَيُّنُ وَهُوَ كَوْنُهُ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ وَقَوْلُهُ الْعَقْلُ إنْ أَرَادَ كَمَا لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ طَيْشٌ فَنَقُولُ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ مَجْنُونًا وَلَا مَعْتُوهًا فَظَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى أَنَّ سَفَهَهُ يُنَافِي كَوْنَ عَقْلِهِ كَامِلًا (قَوْلُهُ وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ السَّفَهَ) ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ الْمَالِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَلَوْ مُبَاحَةً.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ هُنَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَا وَلِيٍّ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ زَوْجٍ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ قَلِيلٌ) كَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ أَيْ مَذْهَبُ ابْنِ مَالِكٍ كَوْنَهُ قَلِيلًا لَا ضَرُورَةً وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ.

(قَوْلُهُ وَكُفُؤُهَا أَوْلَى) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْأَبَ يُجْبِرُ الْمُجْبَرَةَ إلَّا لِكَخَصِيٍّ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ كُفُئِهَا كَمَا هُوَ بَيِّنٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي غَيْرِ مُجْبِرٍ كَمُجْبِرٍ تَبَيَّنَ مِنْهُ عَضْلٌ قَالَ فِي ك وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ ذِمِّيَّةً وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَهْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِكُفْءٍ عِنْدَهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إلَخْ) إذَا دَقَّقَتْ النَّظَرَ تَجِدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ يَصِيرُ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ. وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَأَنْ يَكُونَ غَائِبًا مَثَلًا.

(قَوْلُهُ وَلَا يَعْضُلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ يَكُونُ عَاضِلًا بِتَحَقُّقِ الضَّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رَدٌّ مِنْ خَاطِبٍ كَمَنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ مَنْعُهُ إيَّاهَا مِنْ النِّكَاحِ تَكَرَّرَ خَاطِبُهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ إلَخْ) مَفْهُومُ بِكْرًا أَنَّ مَنْ لَا يُجْبِرُ يُعَدُّ عَاضِلًا مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَكَذَا الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ يُعَدُّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ فَهُوَ لَيْسَ كَالْأَبِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ بِكْرًا) وَمِثْلُهَا الثَّيِّبُ الْمُجْبَرَةُ تُجْبَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ) أَيْ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ وَانْظُرْ إذَا زَوَّجَ الْحَاكِمُ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْأَبِ وَامْتِنَاعِهِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ فُسِخَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا) أَيْ، فَإِنْ لَمْ تُزَوَّجْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِلسُّؤَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِتْيَانُ بِلَا أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَعَدِّدٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هَذِهِ تَقْتَضِي أَنَّ تَحَقُّقَ الْعَضْلِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَعَدَّدَ لَا إنْ اتَّحَدَ، وَلَوْ بِمُتَكَرِّرٍ وَعِبَارَةُ شب أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ وَبِرَدٍّ بِالتَّنْوِينِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ التَّكَرُّرُ مِنْ خَاطِبٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَكَلَامُ

ص: 189

مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ يَصْدُقُ عَلَى تَكَرُّرِ خَاطِبٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ وَالضَّمِيرُ فِي يَتَحَقَّقُ عَائِدٌ عَلَى الْعَضْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَعْضُلُ.

(ص) ، وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عُيِّنَ وَإِلَّا فَلَهَا الْإِجَازَةُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ لِوَكِيلِهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَقُلْ مِمَّنْ أَحْبَبْت فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيَّنَ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ ذَلِكَ الزَّوْجُ الَّذِي أَحَبَّهُ فَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مُعْتَمِدًا عَلَى عُمُومِ إذْنِهَا فَلَهَا أَنْ تُجِيزَ النِّكَاحَ أَوْ تَرُدَّهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ وَسَوَاءٌ قَرُبَ زَمَنُ مَا بَيْنَ التَّعْيِينِ وَالْعَقْدِ أَوْ بَعْدُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَعْدَ) وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ. وَأَمَّا الرَّدُّ فَيُشْتَرَطُ الْقُرْبُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِجَازَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا الْعَكْسُ) إلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا يُزَوِّجُهُ مِمَّنْ أَحَبَّ فَزَوَّجَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ أَوْ امْرَأَةً تَتَزَوَّجُهُ فَزَوَّجَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَعَقَدَ ذَلِكَ وَلِيُّهَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ النِّكَاحَ قَدَرَ عَلَى حَلِّهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ.

(ص) وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوِهِ إنْ عَيَّنَ تَزْوِيجَهَا مِنْ نَفْسِهِ بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا وَتَرْضَى وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْعَمِّ وَالْمُعْتِقِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى مَا فِيهِ وَالْحَاكِمِ وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ إنْ عَيَّنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَيُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا احْتِيَاطًا مِنْ مُنَازَعَتِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى قِرَاءَةِ بِرَدٍّ بِدُونِ تَنْوِينٍ. وَأَمَّا مَعَ التَّنْوِينِ فَالنُّسْخَتَانِ بِمَعْنَى، وَإِنْ ادَّعَى عَضْلَهَا لِعُذْرٍ وَادَّعَتْ هِيَ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُ الَّذِي تَدَّعِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَإِلَّا سَأَلَ الْجِيرَانَ وَكَلَامُ شَارِحِنَا ظَاهِرٌ فِي قِرَاءَتِهِ بِتَنْوِينِ رَدٍّ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِتَصَدُّقٍ. وَأَمَّا قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ فَهُوَ نَصٌّ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ) أَيْ وَكَالَةَ تَفْوِيضٍ. وَأَمَّا لَوْ قَالَتْ لَهُ مِمَّنْ أَحْبَبْت بِضَمِّ التَّاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ أَيْ فَيَصِحُّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ عج (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) ، وَلَوْ بَعْدُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، وَلَوْ بَعْدَ جِدًّا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ طَالَ مَا بَيْنَ التَّعْيِينِ) أَيْ التَّعْيِينِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلِذَلِكَ قَالَ عب، وَلَوْ بَعْدَ مَا بَيَّنَ الْعَقْدَ وَعَلِمَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ) . وَأَمَّا الرَّدُّ فَيُشْتَرَطُ الْقُرْبُ خُلَاصَتُهُ أَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا. وَأَمَّا الْإِجَازَةُ، وَلَوْ بَعْدُ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إجَازَةٌ يَكُونُ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَالْمُنَاسِبُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الرَّدَّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَصَرَّحَ بِالتَّعْمِيمِ شب (وَأَقُولُ) إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْإِجَازَةِ رَدًّا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْإِجَازَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِالْقُرْبِ. وَأَمَّا إنْ بَعُدَ فَلَيْسَ الرِّضَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَا الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ فِي الْجُمْلَةِ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا فِي التَّصْوِيرِ فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ وَالْمُوَكِّلَ فِي هَذِهِ رَجُلٌ أَيْ وَكَّلَ شَخْصًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلِذَا قُلْت فِي الْجُمْلَةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ وَكَّلَ امْرَأَةً كَانَ عَكْسًا فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُهُ) إنْ كَانَتْ تَلِيقُ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) رَاجِعٌ لِمَا إذَا وَكَّلَ امْرَأَةً تُزَوِّجُهُ فَزَوَّجَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا (أَقُولُ) اعْتَمَدَ الْمُقَابِلَ عج وَتَبِعَهُ عب وشب قَائِلًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا زَوَّجَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حِينَئِذٍ الْخِيَارُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَفْعَلُهُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ إلَخْ) لَا يُقَالُ كَوْنُ خَلَاصِهِ بِيَدِهِ مَعَ غُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِيهِ ضَيَاعُ مَالٍ عَلَيْهِ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ تَلَذَّذَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْغُرْمِ بِتَوْكِيلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَتُهُ زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ زَوِّجْنِي وَأَطْلَقَ كَذَا فِي عب.

(قَوْلُهُ وَلِابْنِ عَمٍّ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَتَزْوِيجُهَا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ بِكَسْرِ اللَّامِ مَصْدَرُ تَوَلَّى عَطْفٌ عَلَى تَزْوِيجِهَا عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَوْ مُفَسِّرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّهُ مُرَادِفٌ لَهُ أَوْ مُفَسِّرٌ وَقَوْلُهُ إنْ عَيَّنَ أَيْ مَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ وَبِهِ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ وَقَوْلُهُ بِتَزَوَّجْتُكِ إلَخْ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَقَوْلُهُ وَتَرْضَى أَيْ وَيَقَعُ مِنْهَا الرِّضَا حِينَ يَقُولُ تَزَوَّجْتُك بِكَذَا أَوْ قَبِلَ أَوْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهَا الرِّضَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ سَنَةَ تَعْيِينِ نَفْسِهِ وَتَعْيِينِ مَا تَتَزَوَّجُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ كَانَ قَوْلُهُ بِتَزَوَّجْتُكِ تَصْوِيرًا لِصِيغَةِ التَّزْوِيجِ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَهَا كَانَ تَصْوِيرُ الصِّيغَةِ التَّزْوِيجَ وَتَعْيِينُ نَفْسِهِ وَتَعْيِينُ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَهَا بِأَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَعْيِينُ نَفْسِهِ دُونَ تَعْيِينِ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ كَانَ تَصْوِيرُ الصِّيغَةِ التَّزْوِيجَ وَتَعْيِينُ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ تَعْيِينُ مَا يَتَزَوَّجُهَا دُونَ تَعْيِينِ نَفْسِهِ كَانَ تَصْوِيرُ الصِّيغَةِ التَّزْوِيجَ وَلِتَعْيِينِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ وَالْمُعْتِقُ الْأَعْلَى إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهِ أَيْ فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ مَنْ يُعَدُّ صَالِحًا لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ لَهَا) أَيْ فِي صِيغَةِ التَّزْوِيجِ أَوْ قَبْلُ (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا) الْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَالَهُ الْحَطَّابُ أَيْ رِضَاهَا الْحَاصِلِ حِينَ تَلْفِظُهُ بِذَلِكَ أَوْ رِضَاهَا السَّابِقِ عَلَى الصِّيغَةِ الْمُسْتَمِرِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ لَهَا قَبْلَ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَعَيَّنَ لَهَا الصَّدَاقَ وَحَصَلَ مِنْهَا الرِّضَا، وَلَوْ حَالَ نُطْقِهِ بِالصِّيغَةِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِمَنْزِلَةِ التَّفْوِيضِ وَإِنَّمَا الْمُشْتَرَطُ رِضَاهَا، وَلَوْ بِالسُّكُوتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ قَبِلْت؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُك فِيهِ قَبُولٌ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَوْلُهُ تَزَوَّجْتُك بِكَذَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ مِنْ جَانِبِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ تَزَوَّجْتُك وَقَبِلْت اهـ

ص: 190

فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَفْظُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا قَدْ تَزَوَّجْتُك عَلَى صَدَاقِ كَذَا وَكَذَا وَتَرْضَى بِهِ وَأَتَى بِقَوْلِهِ وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَفَادًا مِمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ أَيْ إيجَابًا وَقَبُولًا.

(ص) وَإِنْ أَنْكَرَتْ لِلْعَقْدِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْوَكِيلِ لَمْ تُزَوِّجْنِي فَإِنَّ الْوَكِيلَ مُصَدَّقٌ بِلَا يَمِينٍ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ وَالْوَكِيلُ قَائِمٌ مَقَامَهَا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ هِيَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَكِيلَ، وَلَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بَعْدَهُ حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ ادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَادَّعَى أَنَّهُ عَقَدَ قَبْلَ الْعَزْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ نَحْوُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَزْلِ.

(ص) وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ الزَّوْجِ نَظَرَ الْحَاكِمُ (ش) أَيْ إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَوْلِيَاءُ وَهُمْ فِي الْمَنْزِلَةِ سَوَاءٌ إخْوَةٌ أَوْ بَنُو إخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٌ أَوْ بَنُو أَعْمَامٍ فَاخْتَلَفُوا أَيُّهُمْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ بِأَنْ يُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ مَنْ يُرِيدُهُ الْآخَرُ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ وَإِلَّا أُجِيبَتْ إلَى مَا عَيَّنَتْهُ إنْ كَانَ كُفُئًا كَمَا مَرَّ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ مِنْهُمْ فِي الْأَوْلَى وَفِيمَنْ يُزَوِّجُهَا هُوَ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَيْ فِي الدَّرَجَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ.

(ص) ، وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَعَقَدَا فَلِلْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ فَعَقَدَ لَهَا كُلٌّ عَلَى زَوْجٍ فَتَكُونُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ وَمَفْهُومُ وَلِيَّيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ أَذِنَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُجْبَرَةٍ وَهُوَ وَاضِحٌ (ص) إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِهَا لِلْأَوَّلِ إنْ انْتَفَى تَلَذُّذُ الثَّانِي مِنْهَا بِمُقَدِّمَاتِ وَطْءٍ فَمَا فَوْقَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِلَا عِلْمٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْعَاقِدِ لَهُ بِالْأَوَّلِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ فِي صُورَتَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ الثَّانِي مِنْهَا أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا بِعِلْمٍ وَلِلثَّانِي فِي صُورَةٍ بِأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا بِلَا عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ ثَانٍ وَمَحِلُّ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي عَالِمًا حَيْثُ ثَبَتَ عِلْمُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ بِأَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِأَنَّهُ عَالِمٌ أَنَّهُ ثَانٍ. وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَطْ بَعْدَ التَّلَذُّذِ فَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي زَوْجَةً وَلَكِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَيَكُونُ فَسْخُهُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا فِي ز.

(ص) ، وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ أَيْ الْإِذْنُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لِلثَّانِي مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِذْنِ لِعَاقِدِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ تَفْوِيضِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْأَصْلُ تَفْوِيضُهَا لَهُ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لِلْأَوَّلِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا أَيْ أَنَّ الثَّانِيَ إذَا تَلَذَّذَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لِلرَّدِّ) أَيْ صَرِيحًا وَقَوْلُهُ مِمَّا قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ تَزْوِيجُهَا.

(قَوْلُهُ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) أَلْ فِي الزَّوْجِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمَعْهُودِ أَيْ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالشُّهْرَةِ وَالْإِظْهَارِ. وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهُ سِرًّا فَلَا يُعْزَلُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنْ ادَّعَتْ إلَخْ) إشَارَةٌ لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ) فَيُقَدِّمُ الْأَكْفَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي الْعَقْدِ فَيُقَدِّمُ أَفْضَلَهُمْ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَأَسَنُّهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِيهِ زَوَّجَ الْجَمِيعَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَأَقُولُ) يُمْكِنُ حَلُّ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَتَرْضَى أَيْ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ رِضَا وَلِيُّهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَذِنَتْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ وَيُحْمَلُ هَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ لَهَا هَذَا الثَّانِيَ كَانَتْ نَاسِيَةً لِلْأَوَّلِ أَوْ اتَّحَدَ اسْمُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ أَشْهَرَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا الزَّوْجَ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا الزَّوْجَ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ نَظَرِ التَّلَذُّذِ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَوْ تَلَذَّذَ بِعِلْمٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ أَيْ لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ ابْنَ سَهْلٍ لَمْ يُقَيِّدْ اسْتِحْقَاقَ الثَّانِيَ لَهَا بِالدُّخُولِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ غَيْرَ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْعِلْمِ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ مَعَ أَنَّهُ بِلَا طَلَاقٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا خِلَافٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ لِوَلِيَّيْنِ) وَكَذَا الْأَوْلِيَاءُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إلَخْ) وَكَذَا الْمُجْبَرُ إذَا أَذِنَ لِوَلِيَّيْنِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ) وَالْمُرَادُ بِالتَّلَذُّذِ إرْخَاءُ السُّتُورِ وَانْظُرْ هَلْ تَلَذُّذُ الصَّغِيرِ يَفُوتُ كَالْكَبِيرِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِمُقَدَّمَاتِ وَطْءٍ وَمَا قُلْنَاهُ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ تَصَادَقَ هُوَ وَالزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَلَذُّذٌ وَلَا وَطْءٌ الْحُكْمُ هَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْخَلْوَةُ فَوْتًا عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ لَا تَكُونُ فَوْتًا وَظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ أَنَّ الدُّخُولَ فَوْتٌ (قَوْلُهُ وَلِلثَّانِي فِي صُورَةِ إلَخْ) وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي أَيْضًا هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ تَلَذَّذَ بِهَا قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ تَفْوِيضُهَا لَهُ) أَيْ لِلْعَاقِدِ الثَّانِي الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ الْمُرَادُ التَّفْوِيضُ الْمَنْسُوبُ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ

ص: 191

بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَ التَّلَذُّذِ بِهَا فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَمَّا إنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ كَأَنْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ الثَّانِي ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِإِكْمَالِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَتَرِثُهُ وَقَوْلُهُ وَفَاةٍ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ إذْ لَا تَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا إلَّا عِدَّةَ وَفَاةٍ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذْ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ دَخَلَ بِهَا وَتَكُونُ لِلثَّانِي.

وَقَوْلُهُ (وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ) مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَلَذِّذُ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ لَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتَرِثُ الْأَوَّلَ وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُقَرُّ نِكَاحُهُ مَعَهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَقَدَ وَدَخَلَ قَبْلَ مَوْتِهِ انْتَهَى وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ وَجَوَابُ ز فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.

(ص) وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ أَنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ (ش) أَيْ وَفُسِخَ عَقْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا بِلَا طَلَاقٍ سَوَاءٌ حَصَلَ دُخُولٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَمَا وَقَعَ فِي الشَّارِحِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَتُوُهِّمَ وُقُوعُ الْعَقْدَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ كَالشَّكِّ فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَعَقْدُ الثَّانِي لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ بِلَا طَلَاقٍ أَيْضًا وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِبَيِّنَةٍ الْمَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ فَسْخٍ مَحْذُوفٌ وَأَوْ لِلتَّقْسِيمِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا تَرَى.

وَالضَّمِيرُ فِي بِعِلْمِهِ لِلزَّوْجِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَا إنْ أَقَرَّ) أَنَّهُ ثَانٍ أَيْ لَا إنْ أَقَرَّ الثَّانِي أَنَّهُ عَقَدَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ بَنَى أَوْ أَقَرَّ بَعْدَ بِنَائِهِ أَنَّهُ بَنَى وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الْعِلْمَ بِالْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا وَحُكْمُ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عِلْمِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ الثَّانِي كَحُكْمِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَى عِلْمِ الزَّوْجِ أَنَّهُ ثَانٍ فَيُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ (ص) أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ (ش) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ النِّكَاحَانِ بِطَلَاقٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا إذَا جُهِلَ الزَّمَنُ لِلْعَقْدَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، فَإِنْ دَخَلَا مَعًا كَانَتْ لِأَوَّلِهِمَا دُخُولًا إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فُسِخَا وَصُورَةً أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ أَنَّهُ جَهِلَ تَقَدُّمَ زَمَنِ أَحَدِهِمَا عَلَى زَمَنِ الْآخَرِ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ. وَأَمَّا مَعَ احْتِمَالِ اتِّحَادِ زَمَنِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ كَمَا مَرَّ.

(ص) ، وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَةَ التَّلَذُّذِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ عَقَدَ وَدَخَلَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَقَدَ فِي حَيَاتِهِ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ عِدَّةِ وَفَاتِهِ نَعَمْ يُصَدَّقُ الْمُصَنِّفُ بِصُورَةٍ غَيْرِ مُرَادَةٍ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَقَدَ الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي) أَيْ وَكَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَا تَكُونُ لَهُ وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ عَقَدَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ كَذَا قَرَّرُوا وَأَظُنُّهُ لعج.

(قَوْلُهُ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ مُقَابِلًا بِهِ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ وَجَوَابُ ز فِيهِ نَظَرٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، فَإِنْ قِيلَ مَا بَيَانُ الْخِلَافِ الَّذِي اخْتَارَ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَشْبِيهَ ابْنِ الْمَوَّازِ ذَلِكَ لِمَنْ عَقَدَ وَدَخَلَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ يُفِيدُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ إذْ مَذْهَبُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالٍ فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ هَذَا قَوْلُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ أَنَّهَا لِلثَّانِي مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ بَلْ هُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِالتَّفْصِيلِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ دُونَ الِاسْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُشْبِهُ هَذَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلَّخْمِيِّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى أَنَّ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ بَعْضَ مَا تَقَدَّمَ لَا غَيْرَهُ جَعَلَهُ مُخْتَارًا مِنْ الْخِلَافِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَقْلِهِ انْتَهَى.

قَالَ اللَّقَانِيِّ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ فَيَقُولُ عَلَى مَا ظَهَرَ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَابُ ز فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا عُلِمَ بِالنَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ لَا بِالِاحْتِمَالِ.

(قَوْلُهُ وَمَا وَقَعَ فِي الشَّارِحِ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ فَسْخِهِمَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا، فَإِنْ دَخَلَ كَانَتْ لِمَنْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ) عِلَّةٌ لِفَسْخِ عَقْدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ) أَيْ فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ أَنَّهُ دَخَلَ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ ثَانٍ فَخُلَاصَتُهُ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ ثَانٍ سَوَاءٌ عَقَدَ مَعَ عِلْمِهِ أَوْ حَدَثَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ ثَانٍ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا إنْ أَقَرَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يُقِرَّ فَيَقُولَ عَقَدْت وَأَنَا عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ دَخَلْت الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ دَخَلْت وَأَنَا عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا) وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ ثَانٍ قَالَ عج فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ عَلِمَ قَبْلَ التَّلَذُّذِ أَنَّ الزَّوْجَ ثَانٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ عَقَدَ لِلزَّوْجِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ ثَانٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ. وَأَمَّا دَعْوَى الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَتَبْقَى زَوْجَةً لِلثَّانِي وَفَائِدَةُ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا) ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَحَدُهُمَا كَانَ أَوْلَى بِهَا.

(قَوْلُهُ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَدَّرٌ فِيهَا قَدْ

ص: 192

فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ، فَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِيمَا إذَا جُهِلَ الزَّمَنُ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَيْ الَّذِي يَقْضِي بِالزَّوْجَةِ لَهُ لَوْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ إمَّا الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي أَوْ الثَّانِي بَعْدَ دُخُولِهِ فَاخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ الْإِرْثِ لِلزَّوْجَيْنِ مِنْهَا وَعَدَمِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سُقُوطِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ تَرَتُّبٌ. وَأَمَّا إنْ وَقَعَا فِي زَمَنٍ، وَلَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا فَلَا إرْثَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ كَمَا مَرَّ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ (ص) وَعَلَى الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ وَإِلَّا فَزَائِدُهُ (ش) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِرْثِ فَاللَّازِمُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ إلَّا الصَّدَاقَ وَيَقَعُ الْإِرْثُ فِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِرْثِ فَاللَّازِمُ لَهُ الزَّائِدُ عَلَى إرْثِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِرْثِ فَمَنْ كَانَ صَدَاقُهُ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ مِيرَاثُهُ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِهِ غَرِمَ مَا زَادَ عَلَى مِيرَاثِهِ لِإِقْرَارِهِ بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مَا يَرِثُهُ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْهِ كَمَا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَرِمَ الصَّدَاقَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ شَكَّا فَلَا غُرْمَ كَمَا فِي تت وَعَلَيْهِ، فَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ الْآخَرُ الزَّائِدَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى الْإِرْثِ (ص) ، وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ فَلَا إرْثَ وَلَا صَدَاقَ (ش) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ جَهْلِ الْأَحَقِّ فَلَا إرْثَ لَهَا مِنْهُمَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ الزَّوْجِيَّةُ وَلَمْ تَثْبُت؛ لِأَنَّا نَشُكُّ فِي زَوْجِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِهَا وَمَوْتِهِمَا أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مَوْتِهَا مُحَقَّقَةٌ وَكُلٌّ يَدَّعِيهَا وَهُنَا لَا يُمْكِنُ دَعْوَى تَحْقِيقِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَفِي شَرْحِ (هـ) مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ بَيَانِ كَوْنِهَا تَعْتَدُّ فِي هَذِهِ أَمْ لَا وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ حَيْثُ كَانَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَذَلِكَ حَيْثُ حَصَلَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ أَوْ حَصَلَ نِكَاحُهَا فِي زَمَانَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدَانِ فِي زَمَنٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ دُخُولٌ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ وَفِي الثَّانِي مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ تَأَمَّلْ.

(ص) وَأَعْدَلِيَّةٌ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ (ش) أَيْ وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ كَمَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ نِكَاحَهُ سَابِقٌ وَنِكَاحَ غَيْرِهِ لَاحِقٌ فَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً عَلَى عَكْسِهِ وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الْأُخْرَى فَإِنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا لِقِيَامِ الزِّيَادَةِ مَقَامَ شَاهِدٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الْبَيْعِ فَتَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ لِتَنَاقُضِهِمَا وَعَدَمِ مُرَجِّحٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ بِغَيْرِ النِّكَاحِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ) إلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَسَاقَطَا صَارَ الزَّوْجَانِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمَرْأَةِ حِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَالْمُضَافَ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْصُوفُ وَأَبْقَى صِفَتَهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ أَقْسَامًا ثَلَاثَةً وَهِيَ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ يَطُلْ وَمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ وَمَا يُفْسَخُ أَبَدًا شَرَعَ فِي ذِكْرِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ جَوَابُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ الْأَحَقُّ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ فَفِي الْإِرْثِ) أَيْ لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحَقِّهَا لَا يَضُرُّ وَعَدَمِ إرْثِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ كَشَكِّهِ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ دَفْعُهُ لِلزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ فِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ لَا فِي أَصْلِ وُجُوبِهِ وَلَكِنْ رُجِّحَ عَدَمُ الْإِرْثِ.

(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا ادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ الْأَوَّلَ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلَ وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَدْرِي أَوْ عُلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَقَالَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي أَنْتَ لَمْ تَتَلَذَّذْ وَقَالَ الثَّانِي بَلْ تَلَذَّذْت غَيْرَ عَالِمٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ صَدَرَ بِهِ فِي ك وَقَدْ نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ اللُّبَابِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُذَاكِرِينَ لَهُ (قَوْلُهُ قَدْرَ مِيرَاثِهِ) أَيْ مِنْ مَالِهَا كَمَا إذَا كَانَ يَخُصُّهُ مِنْ مَالِهَا غَيْرُ الصَّدَاقِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَصَدَاقُهَا عَشَرَةٌ وَقَوْلُهُ فَأَقَلَّ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ مِيرَاثُهُ أَقَلَّ كَمَا إذَا كَانَ يَخُصُّهُ مِنْ مِيرَاثِهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَصَدَاقُهَا عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ عَشَرَةً (قَوْلُهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْإِرْثِ مِنْ مَالِهَا كَانَ مَالُهَا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَيَدْفَعُ الصَّدَاقَ وَيَرِثُ مِنْهُ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا إلَّا الصَّدَاقَ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَإِنَّهُ يَغْرَمُهُ وَلَا إرْثَ وَإِذَا كَانَ مَا يَخُصُّهُ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الْإِرْثِ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ وَكُلٌّ يَدَّعِيهَا) الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ حَيْثُ حَصَلَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ) هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ لَا إنْ أَقَرَّ وَقَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ نِكَاحُهَا فِي زَمَانَيْنِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ.

(قَوْلُهُ وَأَبْقَى صِفَتَهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ) أَيْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِصِفَتِهِ أَيْ. وَأَمَّا الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُضَافِ فَمَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ إنَّمَا يَكُونُ قَائِمًا بِأَحَدِهِمَا.

ص: 193

فَقَالَ (ص) وَفَسْخُ مُوصًى، وَإِنْ بِكَتْمٍ شُهُودٍ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ بِمَنْزِلٍ أَوْ أَيَّامٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيَطُلَّ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى حُكْمِ نِكَاحِ السِّرِّ وَإِلَى مَعْنَاهُ وَإِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ، وَلَوْ شَهِدَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مُسْتَكْثَرَةٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى هُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِيهِ شَاهِدَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْأَلَ الشُّهُودُ أَنْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ مِنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَظَاهِرُهُ امْرَأَتُهُ أَوْ غَيْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْوَاضِحَةِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ مَنْزِلِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ يَكْتُمُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّخْمِيُّ، وَلَوْ يَوْمَيْنِ فَقَطْ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نِكَاحُ سِرٍّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ التَّوَاصِي بِالْكِتْمَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ. وَأَمَّا لَوْ أَمَرَ الشُّهُودَ بِالْكِتْمَانِ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ نِكَاحَ سِرٍّ وَيُؤْمَرُونَ بِإِشْهَارِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلزَّوْجِ فِي نِكَاحِ السِّرِّ مَدْخَلٌ فَلَوْ اسْتَكْتَمَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجَةُ دُونَ الزَّوْجِ لَا يَضُرُّ. وَأَمَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ فَأَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَحَلُّ فَسْخِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ، فَإِنْ دَخَلَ وَطَالَ فَلَا فَسْخَ لِحُصُولِ مَظِنَّةِ الظُّهُورِ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَعَقُّبُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ طَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَفُسِخَ أَيْ بِطَلَاقٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ مُوصًى أَيْ بِكَتْمِهِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَبَالَغَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ يَكْتُمْ شُهُودٌ فَقَطْ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلرَّدِّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْقَائِلِ بِأَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِيهِ شَاهِدَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا مَرَّ وَالطُّولُ هُنَا بِمَا يَحْصُلُ فِيهِ الْفَشْوُ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ يُعَاقَبُ الزَّوْجَانِ وَالشُّهُودُ مَعَ الْعَمْدِ لَا مَعَ الْجَهْلِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَعُوقِبَ وَالشُّهُودُ) وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِارْتِكَابِهِمْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ إلَّا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي غَيْرِهِ مِنْ امْرَأَةٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ وَفُسِخَ نِكَاحٌ أَوْصَى الزَّوْجُ فِيهِ بِكَتْمِ شُهُودٍ، وَإِنْ مِنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ الزَّوْجَ وَالْمُوصَى بِالْكِتْمَانِ الشُّهُودَ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَنْزِلٍ) أَيْ عَنْ مَنْزِلٍ (قَوْلُهُ إلَى حُكْمِ نِكَاحِ السِّرِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حُكْمِ نِكَاحِ السِّرِّ (وَأَقُولُ) أَفَادَ بَهْرَامُ أَنَّ الْحُكْمَ الْبُطْلَانُ وَأَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَادَ لِلشَّارِحِ هُوَ الْمَنْعُ فَقَدْ قَالَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فُسِخَ يَدُلُّ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ أَشَارَ إمَّا بِالصَّرَاحَةِ أَوْ بِالِالْتِزَامِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ بِالِالْتِزَامِ وَالْعُلَمَاءُ قَدْ يَسْتَعْمِلُونَ الْإِشَارَةَ فِيمَا يَشْمَلُ الصَّرِيحَ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ مَا أَوْصَى فِيهِ الزَّوْجُ الشُّهُودَ بِكَتْمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَتْمُ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ قَاضٍ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ وَأَنَّ إيصَاءَ الْوَلِيِّ فَقَطْ أَوْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ هُمَا الشُّهُودُ دُونَ الزَّوْجِ فَلَا يَضُرُّ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى الْكَتْمِ دُونَ إيصَاءِ الشُّهُودِ فَلَا يَضُرُّ أَيْضًا وَكَذَا نُسْخَةُ حُلُولُو وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ، وَإِنْ مِنْ امْرَأَةٍ إلَخْ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ قَالَ لَعَلَّهُ وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ، وَإِنْ مِنْ امْرَأَةٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ أَيْ الْمُتَوَاصَى فِيهِ الشُّهُودُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بِكَتْمِ شُهُودٍ الْوَاوُ فِيهِ وَاوُ الْحَالِ وَإِنَّمَا فُسِخَ؛ لِأَنَّ الْكَتْمَ مِنْ أَوْصَافِ الزِّنَا قَالَ عج فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِكَتْمِ شُهُودٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحَ سِرٍّ بِإِيصَاءِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ بِكَتْمِهِ بَلْ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَتْ الشُّهُودُ وَأَوْصَى بِكَتْمِهِ مَا عَدَا شَاهِدِينَ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحَ سِرٍّ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فَإِذَا عَلِمْت الَّذِي قَرَّرْنَاهُ يَكُونُ قَوْلَ الْبَاجِيِّ إنْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى كَتْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحُ سِرٍّ انْتَهَى ضَعِيفًا.

(قَوْلُهُ امْرَأَةٌ لَهُ إلَخْ) فَقَضِيَّتُهُ لَوْ كَانَتْ امْرَأَةَ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ نِكَاحَ سِرٍّ وَيُقَالُ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إنَّمَا قَالَ امْرَأَةٌ لَهُ نَظَرًا لِلشَّأْنِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ ذَلِكَ يُكْتَمُ عَنْ امْرَأَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ مَنْزِلِهِ) عِبَارَةُ بَهْرَامَ فِي حِلِّهِ أَوْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي نَكَحَ فِيهِ وَيُظْهِرُوهُ فِي غَيْرِ مَا وَعَكْسِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَنْ امْرَأَةٍ فَأَوْلَى الْمَنْزِلُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ فَأَزْيَدَ فَلَا يُتَوَهَّمُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْيَوْمَيْنِ فَمَا بَعْدَهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ الْأَيَّامِ أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي اثْنَيْنِ فَيُصَدَّقُ بِالْيَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُئِيَ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ جَائِزٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.

(قَوْلُهُ أَيْ بِكَتْمِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ بِكَتْمِهِ نَائِبُ الْفَاعِلِ فَهُوَ عُمْدَةٌ فَحُذِفَ الْجَارُّ ثُمَّ الْمُضَافُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي عَامِلِهِ (قَوْلُهُ وَبَالَغَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِكَتْمِهِ هُوَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ أَيْ وَاَلَّذِي يُوصِي هُوَ الزَّوْجُ فَقَطْ وَإِذَا عَلِمْت مَا ذُكِرَ فَالْمَدَارُ عَلَى إيصَاءِ الشُّهُودِ بِالْكَتْمِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ كَمَا قَرَّرْنَا أَوَّلًا تَبَعًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ لِلرَّدِّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى لَا يَكُونُ بِالْوَاوِ وَلِلْمُبَالَغَةِ بَلْ تَكُونُ الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ لِلْمُبَالَغَةِ يَكُونُ الرَّدُّ بِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ فَالرَّدُّ لَيْسَ بِالْوَاوِ بَلْ الرَّدُّ بِتَبْيِينِ كَوْنِ نِكَاحِ السِّرِّ هُوَ الْمُوصَى بِكَتْمِ الشُّهُودِ.

(قَوْلُهُ وَالطَّوْلُ هُنَا) أَيْ خِلَافُ الطَّوْلِ فِي نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ (قَوْلُهُ وَعُوقِبَا) أَيْ الزَّوْجَانِ مَا لَمْ يَكُونَا مُجْبَرَيْنِ وَإِلَّا فَالْعِقَابُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَرْجَحُ نَصْبُ الشُّهُودِ مَفْعُولًا مَعَهُ لِضَعْفِ رَفْعِهِ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ لِعَدَمِ الْفَصْلِ

وَالنَّصْبُ مُخْتَارٌ لَدَى ضَعْفِ النَّسَقِ

ص: 194

الْعِصْيَانَ لَكِنْ قَالَ ابْنُ نَاجِي إنَّ الْمُعَاقَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَسْخٌ (ص) وَقَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَّا نَهَارًا (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ أَيْ وَفَسْخُ النِّكَاحِ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا إذَا نَكَحَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَأْتِيَهُ أَوْ يَأْتِيَهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَيَمْضِي بِالدُّخُولِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ لِمَا فِي الشَّرْطِ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ يَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِدُخُولِهِ هُنَا عَلَى دَوَامِ النِّكَاحِ بِيَدِهِ إلَى الْمَمَاتِ وَتَنْصِيفُ الزَّمَنِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنَّمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وُجُوبًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَمَّا كَانَ يَمْضِي بَعْدَ الدُّخُولِ يَكُونُ الْفَسْخُ فِيهِ اسْتِحْبَابًا فَدَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ.

(ص) أَوْ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ وَجَاءَ بِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْمُسَمَّى مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خِيَارٍ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَلِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ أَوْ بَعْضِهِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَأَتَى بِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَصْلًا وَالْبَاءُ فِي بِخِيَارٍ تُطْلَقُ عَلَى إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(ص) وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا مَرَّ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ أَيْ وَمِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ مَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِصَدَاقِهِ إمَّا لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ كَآبِقٍ أَوْ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَنِكَاحٍ مَعَ بَيْعٍ أَوْ لِتَضَمُّنِ إثْبَاتِهِ رَفْعَهُ كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ (ص) أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ كَأَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَّا نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ أَيْ أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا فِي الْمَبِيتِ مَعَ غَيْرِهَا وَأَعَادَ الْعَامِلَ لِلْبُعْدِ وَكَعَقْدِهِ عَلَى أَنْ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا أَوْ عَلَى أَنْ لَهَا نَفَقَةَ مُسَمَّاةَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْعَبْدِ عَلَى الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ وَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ الْكَبِيرِ الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ لِكَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ فَيَثْبُتُ الْعَقْدُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الزَّوْجُ حَمِيلًا بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ كَالْمَهْرِ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَمِيلِ بِالنَّفَقَةِ كَشَرْطِهَا عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ فِي مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ إلَّا نَهَارًا) أَيْ أَوْ لَيْلًا أَيْ أَوْ بَعْضَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ هَذَا عَطْفٌ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْمَعْطُوفُ جُمْلَةٌ وَهُوَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ وَفُسِخَ النِّكَاحُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ يُفْسَخُ، وَلَوْ دَخَلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ يَكُونُ الصَّدَاقُ أَزْيَدَ وَإِذَا كَانَ مِنْهَا يَكُونُ الصَّدَاقُ قَلِيلًا.

(قَوْلُهُ لِأَحَدِهِمَا) وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَوَّلَهُمَا؛ لِأَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ يُوهِمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ عِنْدَ الْخِيَارِ لَهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ وَجَاءَ بِهِ) . وَأَمَّا إنْ وَهَبَتْ لَهُ وَقَبِلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَحُكْمِ مَا إذَا أَتَى بِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْمُسَمَّى) وَهَذَا إذَا سَمَّى شَيْئًا وَكَانَ حَلَالًا وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَالنِّكَاحُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ) أَيْ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ أَيْ فِي الْيَوْمِ الْمُتَمِّمِ لِلْأَجَلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا) لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ عَقْدٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْفَسْخِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِ التَّوْضِيحِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا إلَخْ هَذَا مَعْنَاهُ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَاءَ بِهِ مُفِيدٌ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَجِيءَ لَا يَصِيرُ بِسَبَبِهِ صَحِيحًا الثَّانِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِئْ بِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَذِهِ وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَيْعِ يُفْسِدُ فَأَوْلَى النِّكَاحُ بَلْ الْبَيْعُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ عُهِدَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَجَابَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَسُومِحَ فِيهِ مَا لَمْ يُتَسَامَحْ فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) كَعَبْدٍ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا مَثَلًا أَيْ أَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ السِّلْعَةِ بَيْعًا وَبَعْضَهَا صَدَاقًا فَيَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَعَلَّ تَسْمِيَتَهُ تَفْرِيقَ صَفْقَةٍ مَعَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ فِي صَفْقَةٍ أَنَّ الْقَصْدَ بِصَفْقَةِ النِّكَاحِ وِحْدَتُهَا وَكَذَا بِصَفْقَةِ الْبَيْعِ فَقَدْ فَرَّقَ الصَّفْقَةَ عَنْ وِحْدَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ لَهَا نَفَقَةً مُسَمَّاةً فِي كُلِّ شَهْرٍ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَطْرَأَ مَا يَقْتَضِي أَنْ لَا تَكْفِي تِلْكَ النَّفَقَةُ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ جَعَلَ لَهَا دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً فِي كِسْوَةٍ لَهَا كُلَّ سَنَةٍ لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِ السِّعْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ الْكَبِيرِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ إلَخْ) مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ الْكَبِيرِ إلَخْ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَهِيَ بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ

ص: 195

غَيْرِ الزَّوْجِ وَهَذَا مَا لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُلْتَزِمُ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ الرُّشْدِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا، وَلَوْ شَرَطَ سُقُوطَهَا بِمَوْتِ الْمُلْتَزِمِ وَلَا تَعُودُ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا بِبُلُوغِهِ أَوْ رُشْدِهِ فَسَدَ اتِّفَاقًا، وَلَوْ تَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ وَسَقَطَتْ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الطَّوْعِ وَالشَّرْطِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الشَّرْطِ لِلْعُرْفِ.

(ص) أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا أَوْ يُؤْثِرَهَا عَلَى غَيْرِهَا أَوْ لَا يُعْطِيَهَا الْوَلَدَ أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَإِذَا عُثِرَ عَلَى الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَأَلْغَى أَيْ أَبْطَلَ الشَّرْطَ الْمُنَاقِضَ وَوَجَبَ لَهَا مِنْ الْقَسْمِ وَمَا مَعَهُ مَا يَجِبُ لِغَيْرِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَلْغَى) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يُنَاقِضُ عَنْ الشَّرْطِ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ مَكَانِ كَذَا فَإِنَّ النِّكَاحَ مَعَهُ صَحِيحٌ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وَكُرِهَ وَعَنْ الْجَائِزِ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ ذِكْرَهُ وَحَذْفَهُ سَوَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي.

(ص) وَمُطْلَقًا كَالنِّكَاحِ لِأَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْمُؤَجَّلَ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا مَبْلَغَ الْحَدِّ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقِيلَ بِهِ وَهَلْ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ أَوْ الْمِثْلِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ قِيلَ بِالْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ لِأَجَلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ اللَّخْمِيِّ الْأَحْسَنُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ فَاسِدٍ لِعَقْدِهِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نِكَاحِ الْخِيَارِ وَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ عَلَى إتْيَانِهِ بِالصَّدَاقِ (ص) أَوْ إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَفُسِخَ إنْ قَالَ أَنَا أَتَزَوَّجُك مُدَّةَ كَذَا أَوْ قَالَ إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك أَيْ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَصَدَ بِهِ انْبِرَامَ الْعَقْدِ بِحَيْثُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنَّ الْجُمْلَةَ تَكُونُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ إلَى اللُّزُومِ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الْحَمِيلِ بِالنَّفَقَةِ كَشَرْطِ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الْفَسْخِ فِي الْتِزَامِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْعَبْدِ فَلَوْ اشْتَرَطَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ لَكَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ وَوَجْهُهُ انْعَقَدَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِصْمَةِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِصْمَةِ لَرَجَعْت عَلَى الْعَبْدِ جَازَ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا) وَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْكَبِيرِ فَاتُّفِقَ عَلَى الْمَنْعِ وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِظُهُورِ الْغَرَرِ وَالْفَسَادِ فِي هَذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الطَّوْعِ وَالشَّرْطِ إلَخْ) هَذَا جَارٍ فِي السَّيِّدِ وَالصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الشَّرْطِ لِلْعُرْفِ) قَالَ فِي ك قُلْت وَانْظُرْ هَلْ يُعَارِضُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا فِي الْعَبْدِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِوَاءُ الْعُرْفِ وَالشَّرْطِ أَوْ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَهُمَا انْتَهَى ك.

(قَوْلُهُ إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا) هَذَا يَكُونُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُؤْثِرَهَا عَلَى غَيْرِهَا هَذَا يَكُونُ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُعْطِيهَا الْوَلَدَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يُعْطِيَهَا الْوَلَدَ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ فِرَاقٌ لَا تَسْتَحِقُّ حَضَانَةَ الْوَلَدِ وَلَا تَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ مَعَهُ صَحِيحٌ) أَيْ وَلَا يُفْسَخُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ وَهَذَا الْكَلَامُ فِيمَا لَا تَعْلِيقَ فِيهِ، فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا عَلَى التَّزْوِيجِ أَوْ طَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَعَ مَا عَلَّقَهُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَمُطْلَقًا كَالنِّكَاحِ) الْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلِ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ فُسِخَ وَمُطْلَقًا حَالٌ مِنْ النِّكَاحِ أَيْ فُسِخَ مِثْلُ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ وَمَا أَشْبَهَهُ حَالَةَ كَوْنِ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ مَدْخُولًا فِيهِ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ فِيهِ، فَإِنْ قُلْت مَا يُشْبِهُ النِّكَاحَ لِأَجَلٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَبَهِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالتَّأْجِيلِ كَأَنْ أَعْلَمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِأَنَّهُ مُفَارِقٌ بَعْدَ سَفَرِهِ مَثَلًا كَمَا فِي تَزْوِيجِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ سَفَرِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا قَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا أَنَّ الْمَانِعَ إذَا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ أَشَدُّ تَأْثِيرًا مِنْ الْمَانِعِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْأَجَلَ الْبَعِيدَ الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا فَيَضُرُّ وَهَلْ يُعْتَبَرُ عَلَى كَلَامِهِ فِي قَدْرِ سِنِّهِ ثَمَانُونَ أَوْ سَبْعُونَ أَوْ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ الْآتِيَةُ فِي الْفَقْدِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَعْلَمَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَوْ وَلِيَّهَا بِمَا قَصَدَهُ مِنْ الْأَجَلِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَا اشْتَرَطَهُ إلَّا أَنَّ الرَّجُلَ قَصَدَهُ وَفَهِمَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقِيلَ بِالْفَسَادِ، فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُتْعَةٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا (قَوْلُهُ لِأَجْلِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ إلَّا أَنَّهُ وَجَدَ مَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ يُوجِبُ صَدَاقَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِكَاحِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ مَضَى شَهْرٌ) هَذَا نِكَاحُ مُتْعَةٍ تَقَدَّمَ فِيهِ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِهِ انْبِرَامَ الْعَقْدِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ هَذَا وَعْدًا فِيهِمَا لَمْ يَضُرَّ نُقِلَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ

ص: 196

لَا يُحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ أَجَابَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَسْئِلَةٍ وَهِيَ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهَلْ التَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ أَمْ لَا وَهَلْ فِيهِ الْإِرْثُ أَمْ لَا وَإِذَا فُسِخَ هَلْ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ عَنْ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى إلَخْ وَعَمًّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ الْإِرْثُ وَعَمًّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ. . . إلَخْ وَعَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ هُنَا (ص) وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَسْخَ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا يَكُونُ طَلَاقًا بِمَعْنَى أَنَّ الْفَسْخَ نَفْسَهُ طَلَاقٌ أَيْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ أَيْ يَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إيقَاعِ طَلَاقٍ فَقَوْلُهُمْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ أَيْ أَنَّ الْفَسْخَ مَتَى وَقَعَ كَانَ طَلَاقًا لَفَظَ الزَّوْجُ أَوْ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَلْفِظْ، مِثَالُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَشِغَارِ بُضْعٍ بِبُضْعٍ.

(ص) وَالتَّحْرِيمِ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ تَارَةً بِعَقْدِهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ مَثَلًا فَفَسَخَ نِكَاحَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا وَتَارَةً بِوَطْئِهِ دُونَ عَقْدِهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ مَثَلًا فَفُسِخَ نِكَاحُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهَا، وَلَوْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ.

(ص) وَفِيهِ الْإِرْثُ (ش) أَيْ وَفِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ الْإِرْثُ إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَسْخِ سَوَاءٌ دَخَلَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَهَذَا فِي غَيْرِ نِكَاحِ الْخِيَارِ أَمَّا هُوَ فَلَا إرْثَ فِيهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَهُوَ كَالْعَدَمِ بِمَثَابَةِ تَلَفِ السِّلْعَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْإِرْثِ فَقَطْ مَا لَوْ كَانَ سَبَبُ الْفَسْخِ التَّوَارُثَ فَقَالَ (إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ مِنْهُمَا) فَلَا إرْثَ فِيهِ لِلْحَيِّ سَوَاءٌ مَاتَ الصَّحِيحُ أَوْ الْمَرِيضُ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ فَسَادِهِ وَفَسْخِهِ إدْخَالُ وَارِثٍ.

(ص) وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمُحْرِمٍ أَيْ أَنَّ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ النِّكَاحُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ عَلَى أَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَبْدِ وَلِيًّا وَالْخِلَافُ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَإِنْكَاحِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِأَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَوْلَهُ (ص) لَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا طَلَاقَ (ش) أَيْ فَلَيْسَ الْفَسْخُ طَلَاقًا، وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ الْوَلِيُّ فَسَخْته بِطَلَاقٍ كَمَا أَنَّ فَسْخَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِطَلَاقٍ، وَلَوْ قَالَ مَنْ ذَكَرَ فَسَخْته بِلَا طَلَاقٍ.

(ص) وَلَا إرْثَ كَخَامِسَةٍ (ش) أَيْ وَلَا إرْثَ فِي النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ كَالْخَامِسَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ الظَّاهِرِيَّةِ.

(ص) وَحَرُمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَلْ إنَّمَا يَنْشُرُهَا الْوَطْءُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ كَأَنْ يَجْهَلَ فِي الْخَامِسَةِ الْحُكْمَ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ سَيَأْتِي وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى خَامِسَةٍ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا وَلَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ، فَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا نَشَرَ الْحُرْمَةَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَنْ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لَا عِمَادَ دُونَ الْوَطْءِ حَتَّى يَخْرُجَ مُقَدِّمَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ كَالْوَطْءِ، وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَحْرُمْ عَقْدُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَاجِبِ لِلْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا فُسِخَ أَوْ طَلَّقَ فِيهِ فَقَالَ (ص) وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَا يَكُونُ فَسَادُهُ إلَّا لِعَقْدِهِ أَوْ لَهُ وَلِصَدَاقِهِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَصَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسَمًّى كَصَرِيحِ الشِّغَارِ أَوْ كَانَ وَفَسَدَ فَالْوَاجِبُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ.

(ص) وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ (ش) أَيْ وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسَادِ بِالْمَوْتِ شَيْئًا أَمْ لَا وَالْحُكْمُ أَنَّ مَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَمَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ وَمَا اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْمَوْتِ. وَأَمَّا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ) أَيْ لَا الْمُخْتَلَفِ فِي جَوَازِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِجَوَازِ الشِّغَارِ وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمُخَالِفُ الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ أَيْ فَمَذْهَبُنَا قَائِلٌ بِالْفَسَادِ وَغَيْرُنَا كَالشَّافِعِيَّةِ مَثَلًا قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ وَقَوْلُنَا الشِّغَارُ أَيْ صَرِيحُ الشِّغَارِ وَفِي عب وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ فَهُوَ بَائِنٌ لَا رَجْعِيٌّ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ احْتِيَاجُهُ لِحُكْمٍ فَإِنْ عَقَدَ شَخْصٌ عَلَيْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ) الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَوْلُهُ بِنَفْسِهِ أَيْ نَكَحَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ بَلْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ حَلَالًا.

(قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ) أَيْ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ وَوَطِئَهُ أَيْ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا) أَيْ دُونَ أَبِيهِ وَابْنِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا نِكَاحُ أُمِّهَا. وَأَمَّا نِكَاحُهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ لَا اُتُّفِقَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَنْ نَكَحَتْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَحْتَاجُ الْفَسْخُ فِيهِ لِحُكْمٍ بَلْ لَا يَحْتَاجُ لِفَسْخٍ أَصْلًا هَكَذَا فِي شَرْحِ شب وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ لَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ إذَا تَرَاضَى الزَّوْجَانِ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ) ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ كَخَمْرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَيْ كَآبِقٍ (قَوْلُهُ وَمَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ إلَخْ) أَيْ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (قَوْلُهُ وَأَثَّرَ خَلَلًا) وَالْمُرَادُ بِتَأْثِيرٍ الْخَلَلِ فِي الصَّدَاقِ أَنْ يُوجِبَ نَقْصًا فِيهِ أَوْ زِيَادَةً وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ يُؤَثِّرُ خَلَلًا

ص: 197

مَا اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ وَلَا تَأْثِيرٌ لَهُ فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ.

(ص) إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفُهُمَا (ش) أَيْ وَسَقَطَ كُلٌّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَا فَسَادَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ إذَا أَبَى الزَّوْجُ مِنْ إتْمَامِهِ فَنِصْفُهُمَا وَاجِبٌ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَاسِدًا حَقِيقَةً بَلْ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ إلَخْ وَلِهَذَا يَزْدَادُ فُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْوَاجِبُ لِلْمَرْأَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ وَمُرَادُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ إلَخْ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا قَالَ فَنِصْفُهُمَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُفِيدُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْفَسْخِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ (كَطَلَاقِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ أَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَفَسْخِهِ فَيُعْتَبَرُ طَلَاقُهُ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ لَا إنْ اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ طَلَاقٌ وَفِيهِ الْمُسَمَّى إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ فِيهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفُهُمَا فَأَفَادَ بِالتَّشْبِيهِ أَحْكَامَ الْفَسْخِ الثَّلَاثَةِ.

(ص) وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا فُسِخَ بَعْدَ أَنْ تَلَذَّذَ مِنْ الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ دُونَ الْوَطْءِ فَإِنَّهَا تُعْطَى شَيْئًا وُجُوبًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي إرْخَاءِ سُتُورِهَا وَعَدَدِهَا.

(ص) وَلِوَلِيِّ صَغِيرٍ فَسْخُ عَقْدِهِ فَلَا مَهْرَ وَلَا عِدَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ إذَا تَوَلَّى عَقْدَ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَنْظُرُ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَإِذَا فَسَخَهُ فَلَا مَهْرَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَلَوْ افْتَضَّهَا؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ أَوْ وَلِيُّهَا عَلَى نَفْسِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَا وَطْءَ أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا مَا جَرَى فِي السَّفِيهِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَلَوْ مَاتَتْ وَتَعَيَّنَ بِمَوْتٍ رَاجِعْ ح، فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ بِهِ إبَاحَتَهَا لِبَائِنِهَا إبَاحَةً شَرْعِيَّةً وَلَمْ تَسْتَوْفِ فِيهِ الشُّرُوطَ فَيُتَسَاهَلُ فِي قِلَّةِ الصَّدَاقِ لِقَصْدِ الزَّوْجِ التَّحْلِيلَ بِهِ فَقَطْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا فَسَخَ لَا فِيمَا إذَا طَلَّقَ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي فَالْمُصَنِّفُ حِينَئِذٍ قَدْ مَشَى عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا فَسَادَ بِدَلِيلِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ فُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِيهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ لَاعَنَهَا لِيَفْسَخَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَهِيَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ وَدَعْوَى الزَّوْجِ الرَّضَاعَ الْمُحَرَّمَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَيُفْسَخُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ الرَّضَاعُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ إتْهَامِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ جُعِلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي فُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ صَحِيحٌ ابْتِدَاءً وَطَرَأَ لَهُ مَا فِيهِ الْفُرْقَةُ وَكَلَامُهُ فِي الْفَاسِدِ ابْتِدَاءً وَمَسْأَلَةُ الرَّضَاعِ الْغَالِبِ طُرُوُّ الدَّعْوَى فِيهَا عَلَى صَحِيحٍ وَالْعَقْدُ فِي نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا بِالنَّظَرِ لِآخِرَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ رِضَاهُ بِإِتْمَامِ الصَّدَاقِ وَلَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى إتْمَامِ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَكْمُلْ أَلْزَمْنَاهُ نِصْفَ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ لَقَبٌ عِنْدَهُمْ لِكُلِّ مَا نَقَصَ الصَّدَاقُ فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ رُبْعِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الصَّدَاقَ إنَّمَا يَتَنَصَّفُ حَيْثُ كَانَ صَدَاقًا شَرْعِيًّا. وَأَمَّا إنْ كَانَ دُونَهُ فَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُهُ (قَوْلُهُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْفَسْخِ فَقَطْ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِأَصْلِ الْكَلَامِ وَهُوَ الْفَسْخُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ فَمُفَادُهُ عَدَمُ السُّقُوطِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْمَفْرُوضِ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا. وَأَمَّا فِي مِثْلِ هَذَا فَتَسْتَحِقُّ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَوْلِهِ فَنِصْفُهُمَا انْتَهَى وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُ مِنْ الْفَسْخِ فَقَطْ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْفَسْخِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ الْكَائِنِ قَبْلَهُ الْحَاصِلِ فِي كُلِّ فَاسِدٍ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَلَيْسَ الْفَسْخُ حَاصِلًا فِيهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَحْكَامُ الْفَسْخِ الثَّلَاثَةِ) الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ طَلَاقُهُ الثَّانِي قَوْلُهُ وَفِيهِ الْمُسَمَّى إلَخْ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْمُصَنِّفُ أَحْكَامَ فَسْخِ الْفَاسِدِ وَأَحْكَامَ طَلَاقِهِ. وَأَمَّا أَحْكَامُ الْمَوْتِ فَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ يَكُونُ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ وَالْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مَوْتِ وَاحِدٍ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ الَّذِي لَا تَأْثِيرَ لِعَقْدِهِ فِي الصَّدَاقِ وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْمَذْهَبُ اهـ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا فُسِخَ بَعْدَ أَنْ تَلَذَّذَ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ بِقَدْرِ حَالِهَا وَحَالِهِ بِأَنْ يُقَالَ مِثْلُ هَذَا لَا يَتَلَذَّذُ بِمِثْلِ هَذِهِ إلَّا بِعِوَضٍ قَدْرُهُ كَذَا وَكَذَا.

(قَوْلُهُ وَلِوَلِيٍّ صَغِيرٍ) اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَشْمَلُ التَّخْيِيرَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ وَتَعَيَّنَ الْبَقَاءُ أَوْ الْفَسْخُ عِنْدَ تَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ) أَيْ سَوَاءٌ قَوِيَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ كَانَ وَلِيُّهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ اهـ ك (قَوْلُهُ: وَلَوْ افْتَضَّهَا) إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ مَا شَأْنُهَا (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ عَقْدِهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِطَلَاقٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ رَاجِعْ الْحَطَّابُ) قَالَ الْحَطَّابُ فَرْعٌ فَلَوْ لَمْ يُرِدْ النِّكَاحَ حَتَّى مَاتَ الصَّغِيرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ

ص: 198

أَنَّ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَقَعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَالنِّكَاحُ يَصِحُّ عَقْدُهُ فِيهِ وَيُخَيَّرُ فِيهِ الْوَلِيُّ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت أَجَابَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهَا وَالطَّلَاقُ سَبَبٌ لِلتَّحْرِيمِ وَلَمْ يُخَاطَبْ بِهِ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ وَلِيُّهُ كَزَكَاةِ مَالِهِ.

(ص) ، وَإِنْ زَوَّجَ بِشُرُوطٍ أَوْ أُجِيزَتْ وَبَلَغَ وَكُرِهَ فَلَهُ التَّطْلِيقُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا عَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ أَبٌ أَوْ غَيْرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى امْرَأَةٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ لِلْمَرْأَةِ شُرُوطًا كَطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا أَوْ عِتْقُ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا أَوْ عَقَدَ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ وَأَجَازَهَا وَلِيُّهُ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنْ رَضِيَ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ كَرِهَهَا فَلَهُ الْبَقَاءُ فَتَلْزَمُهُ وَلَهُ التَّطْلِيقُ فَتَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا تَعُودُ عَلَيْهِ الشُّرُوطُ إنْ تَزَوَّجَهُمَا، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ عَلَى شُرُوطِ وَهُوَ بَالِغٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّ الشُّرُوطَ تَعُودُ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ لَا إنْ عَادَتْ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ وَهَذَا فَائِدَةُ تَخْيِيرِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ فَلَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي النَّصِّ عَلَى التَّخْيِيرِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ لِكُلِّ زَوْجٍ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْإِبْقَاءِ وَالطَّلَاقِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَلَهُ التَّطْلِيقُ أَنَّ فِرَاقَهُ بِطَلَاقٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ (وَفِي وُجُوبِ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ وَفِي وُجُوبِهِ لَهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ إذَا طَلَّقَ وَعَدَمُ وُجُوبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهُ عَنْهُ (قَوْلَانِ عُمِلَ بِهِمَا) أَيْ عَمِلَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ إذَا تَمَسَّكَتْ الْمَرْأَةُ بِالشُّرُوطِ. وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَوْ مَحْجُورَةً دُونَ أَبِيهَا فَيَلْزَمُهُ بِالطَّلَاقِ النِّصْفُ اتِّفَاقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ أَمَّا إنْ دَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعِلْمِهِ لَزِمَتْهُ الشُّرُوطُ وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ بُلُوغِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوطُ، وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْعِلْمِ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي لُزُومِهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُخَيَّرُ الْآنَ بِنَاءً عَلَى لُزُومِهَا لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسُقُوطِهَا وَتَخْيِيرِهِ فِيهَا.

(ص) وَالْقَوْلُ لَهَا أَنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ كَبِيرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ عَقَدْتُ أَوْ عَقَدَ لِي وَلِيٌّ عَلَى هَذِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

حُكْمُ السَّفِيهِ وَكَذَا إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ (قَوْلُهُ قُلْت أَجَابَ الْقَرَافِيُّ إلَخْ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ الْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ وَلَا حَدَّ عَلَى الصَّبِيِّ وَلِذَا يَنْشَطِرُ طَلَاقُ الْعَبْدِ وَالنِّكَاحُ جَرَى مَجْرَى الْمُعَاوَضَةِ فَلِذَلِكَ خُيِّرَ وَلِيُّهُ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة: 229] وَنَصَّتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْحُدُودِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أُجِيزَتْ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْضًا وَالتَّقْدِيرُ أَوْ زَوَّجَ نَفْسَهُ بِشُرُوطٍ أُجِيزَتْ وَقَوْلُهُ فَلَهُ التَّطْلِيقُ لَيْسَ جَوَابُ الشَّرْطِ بَلْ الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَالتَّقْدِيرُ، وَإِنْ زَوَّجَ بِشُرُوطٍ إلَخْ خُيِّرَ فِي الْتِزَامِهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَعَدَمُ الْتِزَامِهَا وَحَيْثُ لَمْ يَلْتَزِمْ فَعَلَيْهِ التَّطْلِيقُ أَيْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ وَبَلَغَ) أَيْ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْبُلُوغُ. وَأَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّشْدُ فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْبُلُوغُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِهِ فِيهِ قَبْلَ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا) أَيْ كَأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَهِيَ أَوْ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَا مَا لَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ إذَا وَقَعَتْ مِنْهُ كَقَوْلِهِ فِي الْعَقْدِ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ وَيُكْرَهُ مَا ذَكَرَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلِيُّهُ وَلَا يُفْسَخُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ بَلْ يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ يَتَفَرَّعُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ بَهْرَامَ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ يَتَفَرَّعُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُهُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى الطَّلَاقِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَلَى عَدَمِهِ عَدَمُ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ مَجْمُوعِ نَقْلِ الشُّرَّاحِ. وَأَمَّا شَارِحُنَا فَيُمْكِنُ أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ أَيْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا الْقَوْلَانِ مَعًا ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَصْلِهِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْفَسْخِ لَا يَقُولُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَقَدْ فَرَّعَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسْخِ عَدَمَ لُزُومِ الصَّدَاقِ وَقَدْ حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِلُزُومِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى الْوِفَاقِ لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ الشُّرُوطِ لَا أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْفَسْخِ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَفِي وُجُوبِ نِصْفِ الصَّدَاقِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا بَعْدُ فَالصَّدَاقُ كَامِلٌ.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَمَحَلُّ لُزُومِ النِّصْفِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْهَا) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا لَا فِيمَا إذَا تَزَوَّجْت عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ لِلُزُومِ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ عب (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الشُّرُوطُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِهَا صُدِّقَ) وَحِينَئِذٍ تَجْرِي الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوطُ) إذَا كَانَتْ بَالِغَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الشُّرُوطُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ كَأَنْ أَسْقَطَتْ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ الصَّدَاقِ مِائَةً عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِتَمْكِينِهَا، وَلَوْ بَالِغَةً حَيْثُ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْعِصْمَةِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ كَلَامٌ فِيهِ عج.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْعِلْمِ) أَيْ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي لُزُومِهَا) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى لُزُومِهَا) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَسُقُوطُهَا رَاجِعٌ لِلثَّانِي الْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَتَخْيِيرُهُ فِيهَا رَاجِعٌ لِلثَّالِثِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ ثَالِثُهَا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ أَصْلًا الثَّالِثُ يُخَيَّرُ فَإِمَّا أَنْ يَمْكُثَ مَعَ الْمَرْأَةِ فَتَلْزَمُهُ أَوْ لَا فَلَا تَلْزَمُهُ وَيَأْتِي الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ وَجَوَابُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.

(قَوْلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ)

ص: 199

الشُّرُوطِ وَأَنَا صَغِيرٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا بَلْ عَقَدْته وَأَنْتَ كَبِيرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَلَفَ الْوَلِيُّ.

(ص) وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ بَائِنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ كَانَ قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ مِنْ مُكَاتَبٍ فَمَنْ دُونَهُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ الْإِمْضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِذَا فُسِخَ يَكُونُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ لَا أَكْثَرَ وَلَا الثَّانِيَةَ إنْ أَوْقَعَ اثْنَيْنِ وَاحْتَرَزَ بِالْعَبْدِ مِنْ الْأَمَةِ فَإِنَّ نِكَاحَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا يَتَحَتَّمُ رَدُّهُ وَوَارِثُ السَّيِّدِ كَهُوَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَارِثُوهُ فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْفَسْخِ (ص) إنْ لَمْ يَبِعْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ لَهُ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ الْمُتَزَوِّجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَبِعْهُ وَإِلَّا فَلَا مَقَالَ لَهُ حِينَئِذٍ لِزَوَالِ تَصَرُّفِهِ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كُنْت عَلِمْت بِالزَّوَاجِ فَهُوَ عَيْبٌ دَخَلْت عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَكَ الرَّدُّ، فَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ لِنِكَاحِهِ وَإِذَا سَقَطَ رَدَّ الْبَائِعُ النِّكَاحَ بِبَيْعِهِ لِعِلَّةِ زَوَالِ مِلْكِهِ لَوْ عَادَ لِمِلْكِهِ عَادَ لَهُ الرَّدُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَرُدَّ بِهِ) أَيْ بِعَيْبِ التَّزْوِيجِ وَقَدْ كَانَ حِينَ بَيْعِهِ غَيْرَ عَالِمٍ فَيَعُودُ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ بِعِتْقِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ لِنِكَاحِ عَبْدِهِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ يَعْتِقَهُ فَكُلٌّ مِنْ بَيْعِهِ وَعِتْقِهِ أَيْ نَاجِزًا مُفَوِّتٌ لِرَدِّهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَمَفْهُومُ يُرَدُّ بِهِ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ وَرَضِيَهُ وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ آخَرَ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِهِ كَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ رَدُّ نِكَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ أَرْشَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي لَيْسَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأَرْشِهِ وَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ رَدُّ نِكَاحِهِ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ إنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ حِينِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِصِيغَةِ فَرْعٍ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهُ بِغَيْرِهِ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ نِكَاحِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الشَّارِحِ بِالْأَوْلَى.

(ص) وَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إنْ دَخَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا رَدَّ نِكَاحَ عَبْدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رُبْعَ دِينَارٍ وَفِي حُكْمِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ أَوْ بَعْضِهِ وَتَرُدُّ الزَّائِدَ إنْ قَبَضَتْهُ فَإِنْ أُعْدِمَتْ اتَّبَعَتْ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ رُبْعَ الدِّينَارِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ لَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ (ص) وَاتَّبَعَ عَبْدٌ وَمُكَاتَبٌ بِمَا بَقِيَ، وَإِنْ لَمْ يَغُرَّا إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ سَيِّدٌ أَوْ سُلْطَانٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إذَا عَتَقَا فَإِنَّهُمَا يُتْبَعَانِ بِمَا بَقِيَ لِلْمَرْأَةِ عَلَيْهِمَا بَعْدَ رُبْعِ دِينَارٍ غَرَّا الْمَرْأَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

يَجُوزُ فَتْحُ أَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَحَذْفُهُ فِي مِثْلِ هَذَا مُطَّرِدٌ وَكَسْرُهُ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مَحْكِيَّةٌ بِالْقَوْلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ عَيْنَ اللَّفْظِ الْوَاقِعِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ فَيَجُوزُ الْفَتْحُ أَفَادَهُ الدَّمَامِينِيُّ (قَوْلُهُ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ وَعَلَى الصَّبِيِّ أَوْ وَلِيِّهِ إثْبَاتُ أَنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ صَغِيرٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى انْعِقَادِهِ وَهِيَ تَدَّعِي اللُّزُومَ وَهُوَ أَوْ وَلِيُّهُ يَدَّعِي عَدَمَهُ وَيُرِيدُ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ وَلِيِّهَا أَبًا أَوْ وَصِيًّا. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْهَا فَتَحْلِفُ هِيَ، وَلَوْ سَفِيهَةً وَيُؤَخَّرُ يَمِينُ الصَّغِيرَةِ لِبُلُوغِهَا. وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ فِي حَالِ الصِّغَرِ وَاخْتُلِفَ فِي الْتِزَامِ الشَّرْطِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى صِهْرِهِ.

(قَوْلُهُ بَائِنَةً) لَيْسَتْ مَجْرُورَةً؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ إذَا قُيِّدَتْ بِبَائِنَةٍ كَانَتْ بَتَاتًا (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ) اللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَبْدِهِ مُطْلَقًا قَرُبَ نِكَاحُ الْعَبْدِ أَوْ بَعُدَ وَالتَّقْيِيدُ بِالْقُرْبِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْإِمْضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّهُ يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ وَصَحَّحَهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَوَارِثُ السَّيِّدِ كَهُوَ) إذْ هُوَ سَيِّدُهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ابْتِدَاءً الْخَلَلُ فِي سِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْفَسْخِ) فَإِنْ قَسَمُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ وَقَعَ لِذِي إجَازَتِهِ جَازَ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ نِكَاحِهِ فَلَيْسَ كَالْوَارِثِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُشْتَرِي وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّدَقَةَ كَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرَدَّ بِهِ) ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ رَجَعَ بِأَرْشِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْعَالِمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِهِ) وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ فَرْعٌ) فَإِنَّهُ قَالَ فَرْعٌ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يَمْضِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ اطَّلَعَ بَعْدَ رِضَاهُ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَهُ الرَّدُّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُعَدُّ الْعَيْبُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ نَقْصًا؛ لِأَنَّ رِضَاهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالْحَادِثِ عِنْدَهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ مَا يَنْقُصُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلُ فَسْخٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا نَقَصَ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَأَجْرَى هَذَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ نَقْضٌ لَهُ الْآنَ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ نَقْضًا لَهُ مِنْ أَصْلِهِ لَمْ يُرِدْ مَا نَقَصَ وَكَانَ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ الْخِيَارُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ نَقْضًا لَهُ الْآنَ رَدَّ مَا نَقَصَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ خِيَارٌ اهـ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَقَدْ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الرَّدُّ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ فَقَدْ جَرَى فِيهِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ رَدُّ نِكَاحِهِ وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ قُلْنَا لَهُ رَدُّ نِكَاحِهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَأَوْلَى مَا لَمْ يَجْرِ فِيهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ.

(قَوْلُهُ وَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ بَالِغًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَغُرَّا) وَنُسْخَةٌ إنْ غَرَّا فَمَفْهُومُهَا إنْ لَمْ يَغُرَّاهَا بَلْ أَخْبَرَهَا الْعَبْدُ أَنَّهُ عَبْدٌ وَالْمُكَاتَبُ أَنَّهُ مُكَاتَبٌ أَوْ سَكَتَا فَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهِيَ أَحْسَنُ وَاعْتَمَدَهُ عج أَيْضًا

ص: 200

بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ أَخْبَرَاهَا بِرِقِّهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَقَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَلَا يُتْبَعُ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِمَا بِمَا بَقِيَ إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ السَّيِّدُ عَنْ الْعَبْدِ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ سُلْطَانٌ بِأَنْ يَرْفَعَ السَّيِّدُ الْأَمْرَ إلَيْهِ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ يَذُبُّ عَنْ مَالِ الْغَائِبِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْعَبْدِ (ص) وَلَهُ الْإِجَازَةُ إنْ قَرُبَ (ش) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِمْضَاءِ فَلَهُ إمْضَاءُ ذَلِكَ بِالشُّرُوطِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا وَإِذَا كَلَّمَ السَّيِّدَ فِي إجَازَتِهِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيزَ ثُمَّ أَجَازَ، فَإِنْ أَرَادَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ فَسْخًا تَمَّ الْفَسْخُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ ثُمَّ أَجَازَ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ قَرُبَ وَقْتُ إجَازَتِهِ مِنْ امْتِنَاعِهِ بِأَنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ وَلَمْ يُتَّهَمْ وَلَمْ يَطُلْ فَلَيْسَ قَسِيمَ قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدٌّ إلَخْ بَلْ هُوَ فَرْعٌ مُقْتَضَبٌ وَإِنَّمَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدٌّ إلَخْ هُوَ الْإِجَازَةُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ امْتِنَاعٍ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُرْبِ (ص) وَلَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ أَوْ يَشُكَّ فِي قَصْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ السَّيِّدِ لَهُ الْإِجَازَةُ بِالْقُرْبِ حَيْثُ يَرِدُ بِامْتِنَاعِهِ الْفَسْخُ أَوْ يَشُكُّ فِي قَصْدِهِ بِامْتِنَاعِهِ هَلْ قَصَدَ بِهِ الْفَسْخَ أَوْ الْغَضَبَ أَمَّا إذَا أَرَادَ بِهِ الْفَسْخَ أَوْ شَكَّ فِيهِ كَانَ فِرَاقًا وَاقِعًا ابْنُ مُحْرِزٍ وَيَكُونُ بَتَاتًا احْتِيَاطًا كَمُتَطَهِّرٍ شَكَّ فِي الْحَدَثِ قُلْت هَذَا مُنَاسِبٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ إذَا أَوْقَعَهُ السَّيِّدُ وَالْأَحْسَنُ خِلَافُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ.

(ص) وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ فَسْخُ عَقْدِهِ، وَلَوْ مَاتَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَهُ فَسْخُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ رُبْعُ دِينَارٍ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ، وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذْ قَدْ يَكُونُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصَّدَاقِ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَفِي قَوْلِهِمْ لَهُ الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ تَسَاهُلٌ لِتَعَيُّنِ الْإِمْضَاءِ لِمَصْلَحَةٍ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ لِعَدَمِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّخْيِيرِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَى الْإِمْضَاءُ وَالْفَسْخُ فِي الْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ الْوَلِيُّ حَتَّى خَرَجَ مِنْ وِلَايَتِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ (وَتَعَيَّنَ لِمَوْتِهِ) أَيْ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ لِمَوْتِ السَّفِيهِ لَا مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ لِفَوَاتِ نَظَرِهِ بِمَوْتِ السَّفِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَرِثُهُ.

(ص) وَلِمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ تَسَرٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ التَّسَرِّي يُرِيدُ مِنْ مَالِهِمَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ لَهُمَا فِي ذَلِكَ رَاجِعَةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ خَوْفُ عَجْزِهِ كَالتَّزْوِيجِ وَفِي الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَالِهِ كَالْوَكِيلِ.

(ص) وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ كَالْمَهْرِ (ش) هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا بُوِّئَتْ أَمْ لَا مَحْسُوبَةٌ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَتَكُونُ فِيمَا يُوهَبُ لَهُ أَوْ يُوصَى لَهُ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةً بِالْإِنْفَاقِ مِنْ الْخَرَاجِ وَالْكَسْبِ وَإِلَّا أَنْفَقَ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ أَيْنَ يُنْفِقُ وَلَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِمَا ذُكِرَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ أَوْ يَتَطَوَّعُ بِهَا مُتَطَوِّعٌ وَحُكْمُ الْمَهْرِ كَالنَّفَقَةِ لَا يَكُونُ مِنْ كَسْبِهِ وَخَرَاجِهِ إلَّا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْمَهْرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَوْ السُّلْطَانِ الْإِسْقَاطُ عَنْ الْعَبْدِ، وَإِنْ غَرَّ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَهُمَا الْإِسْقَاطُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَغُرَّ وَكَذَا إنْ غَرَّ وَرَجَعَ رَقِيقًا فَإِنْ خَرَجَ حُرًّا فَلَا يُعْتَبَرُ إسْقَاطُهُمَا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيزَ) إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ سُؤَالٍ بِأَنْ قَالَ لَا أَرْضَى أَوْ لَا أُجِيزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ رَدَدْت (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ) عِيَاضٌ الْقُرْبُ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِنْ طَالَ أَيَّامًا لَمْ يُجِزْهُ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ أَيَّامًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ لَا الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ فَرْعٌ مُقْتَضَبٌ) أَيْ فَهُوَ قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ قَسِيمًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ إذَا أَوْقَعَهُ السَّيِّدُ) أَيْ إذَا أَوْقَعَ الْبَتَاتَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ إلَخْ) ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ أَرَادَ فِرَاقًا أَمْ لَا فَفِرَاقٌ وَلَا إجَازَةَ لَهُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ) وَيَرِثُهَا حَيْثُ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الْفَسْخِ، فَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ رَدَّ الْمَالَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ يَفُوتُ بِالْمَوْتِ وَيَتَوَارَثَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّفِيهِ وَلِيٌّ فَيَأْتِي قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ) ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ لِمَوْتِهِ) وَمُفَادُهُ أَنَّهُ بِمَوْتِهِ يَحْصُلُ الْفَسْخُ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ وَيَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ انْقَطَعَتْ وِلَايَتُهُ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْفَسْخُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ فِي إمْضَائِهِ تَرَتَّبَ الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ بِدُونِ فَائِدَةٍ. وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ كَانَ لَهَا الصَّدَاقُ يَأْخُذُهُ وَرَثَتُهَا وَلِلزَّوْجِ الْمِيرَاثُ فَأَشْبَهَا الْمُعَاوَضَةَ.

(قَوْلُهُ يُرِيدُ مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ لَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ قَالَ عج الْمُرَادُ بِمَالِ الْمَأْذُونِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْمُرَادُ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي بِيَدِهِ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَفْصِيلٌ بِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ لِلسَّيِّدِ وَمِنْهُ مَا هُوَ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُمَا مِنْ التَّسَرِّي بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَلَهُ الْمَنْعُ.

(قَوْلُهُ هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ) أَوْ نَقُولُ إنَّ نَفَقَةَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى إنْفَاقٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ. وَأَمَّا نَفَقَةُ وَلَدِ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بُوِّئَتْ أَمْ لَا) أَيْ اسْتَقَلَّتْ بِبَيْتٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ) . وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَكُونُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ وَفِي رِبْحِهِ وَفِيمَا أَتَى بِهِ مِنْ نَحْوِ صَدَقَةٍ لَا فِي غَلَّتِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ لَا تَكُونُ مِنْ غَلَّتِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي أَنَّهُ يَكُونُ فِي رِبْحِ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ

ص: 201

وَالْمُبَعَّضُ فِي يَوْمِهِ كَالْحُرِّ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ كَالْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِالْخَرَاجِ مَا يَنْشَأُ عَنْ كَإِجَارَةٍ وَبِالْكَسْبِ مَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ مَالٍ.

(ص) وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ فَإِنَّ الْمَهْرَ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى السَّيِّدِ وَمِثْلُ الْمَهْرِ النَّفَقَةُ أَيْ وَلَا يَضْمَنُ مَا ذُكِرَ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ بَلْ، وَلَوْ جَبَرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا حَلَّهُ الْمَوَّاقُ وَح فَلَيْسَ السَّيِّدُ كَالْأَبِ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ حَيْثُ جَبَرَ عَبْدَهُ.

وَلَمَّا كَانَ الْجَبْرُ عَلَى النِّكَاحِ مَخْصُوصًا بِالْأُنْثَى وَجَبْرُ الذَّكَرِ عَلَى سَبِيلِ التَّطَفُّلِ عَلَيْهَا مَخْصُوصٌ بِأَشْخَاصٍ ثَلَاثَةٍ فِي ذُكُورٍ ثَلَاثَةٍ عَلَى خِلَافٍ فِي بَعْضِهَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَبْرُ أَبٍ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ مَجْنُونًا احْتَاجَ وَصَغِيرًا وَفِي السَّفِيهِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْحَاكِمُ يَجْبُرُ الْمَجْنُونَ إذَا احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ لَا لِلْخِدْمَةِ بِأَنْ خِيفَ مِنْهُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ، وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ فَلَا يُعَانُ عَلَى الزِّنَا وَهَذَا إذَا كَانَ مُطْبِقًا، فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونَةِ وَكَذَا يُجْبَرُ الصَّغِيرُ لِمَصْلَحَةٍ كَتَزْوِيجِهِ مِنْ شَرِيفَةٍ أَوْ مُوسِرَةٍ أَوْ ابْنَةِ عَمِّهِ وَكَذَا يُجْبَرُ السَّفِيهُ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ لِلُزُومِ طَلَاقِهِ وَالصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ جَبْرِ الْوَصِيِّ فِي مَحْجُورِهِ الذَّكَرِ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى وَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْبَرُ الصَّغِيرُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَكَذَا السَّفِيهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَحْمُولًا فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ.

(ص) وَصَدَاقُهُمْ إنْ أُعْدِمُوا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَيْسَرُوا بَعْدُ، وَلَوْ شَرَطَ ضِدَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ أَوْ السَّفِيهَ، وَلَوْ تَفْوِيضًا وَكَانُوا وَقْتَ الْجَبْرِ مُعْدَمِينَ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ عَلَى الْأَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْوَلَدِ فِي تَعْمِيرِ ذِمَّتِهِ بِالصَّدَاقِ مَعَ فَقْرِهِ وَعَدَمِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ حَيَاةِ الْأَبِ أَوْ مَوْتِهِ وَيُتْبَعُ بِهِ كَدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَسَوَاءٌ بَقِيَ الْوَلَدُ عَلَى فَقْرِهِ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ جَبْرِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْفَرْضِ فِي التَّفْوِيضِ، وَلَوْ شَرَطَ الْأَبُ الصَّدَاقَ عَلَى الْوَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ. وَأَمَّا صَدَاقُهُمْ إنْ زَوَّجَهُمْ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ فَفِي مَالِهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُمْ (ص) وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ إلَّا لِشَرْطٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَحِينَئِذٍ فَعَطْفُ الْكَسْبِ عَلَى الْخَرَاجِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَإِجَارَةٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْجَعَالَةَ أَيْ أَجْرَ نَفْسِهِ فِي صَنْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) أَيْ أَوْ يَجْرِي بِهِ عُرْفٌ (قَوْلُهُ بَلْ، وَلَوْ جَبَرَهُ) أَيْ أَوْ بَاشَرَ الْعَقْدَ.

(قَوْلُهُ وَوَصِيٍّ) ، وَلَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَحَاكِمٍ) عَبَّرَ بِالْحَاكِمِ دُونَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ مَجْنُونًا) أَصْلِيًّا مُطْبِقًا، وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ جَبَرَهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ لَا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ الْمَجْنُونُ الذَّكَرُ لَا الْأُنْثَى فَلَا يَجْبُرُهَا إلَّا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ عَلَى تَفْصِيلٍ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ وَصِيٌّ (قَوْلُهُ لِلُزُومِ طَلَاقِهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا اُحْتُمِلَ وُقُوعُ ذَلِكَ فَالْمَصْلَحَةُ كَالْعَدَمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ جَبْرِ الْوَصِيِّ إلَخْ) وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ مَحْجُورُهُ الذَّكَرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الصَّغِيرُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ وَصِيٍّ هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ إطْلَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَالْمُصَنِّفِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ جَعْلُهُمْ مُقَدَّمَ الْقَاضِي مِثْلَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا السَّفِيهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ فِي السَّفِيهِ حَيْثُ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ بَالِغٌ وَلَا يَرُدُّ أَنَّ الْوَصِيَّ يُجْبِرُ الْبَالِغَةَ إنْ عَيَّنَ الْأَبُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّ جَبْرَهَا لَهُ مُعَلَّلٌ بِالْبَكَارَةِ فَلَهُ فِيهَا الْجَبْرُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي الصَّغِيرِ تَزْوِيجُهُ مِنْ شَرِيفَةٍ أَيْ لِاكْتِسَابِ الْوَلَدِ الشَّرَفَ وَالْمُوسِرَةُ أَمْرُهَا ظَاهِرٌ وَفِي ابْنَةِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا الشَّفَقَةُ بِابْنِ عَمِّهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَهَلْ بِنْت عَمِّ الْعَمِّ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَأَمَّا بِنْتُ الْخَالَةِ وَبِنْتُ الْخَالِ فَهَلْ هُمَا كَذَلِكَ وَالْعِلَّةُ تُفِيدُهُ وَحُرِّرَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي السَّفِيهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْخِلَافَ فِي السَّفِيهِ حَيْثُ خِيفَ فَسَادُهُ وَأُمِنَ طَلَاقُهُ وَالْمُنَاسِبُ عَدَمُ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَةَ لَا تُجْبَرُ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَبِ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ.

(قَوْلُهُ إنْ أُعْدِمُوا) أَيْ، وَلَوْ أُعْدِمُوا أَيْ، وَلَوْ كَانُوا أُعْدِمُوا وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ أَيْ أُعْدِمُوا كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَيْ فَمَا أُعْدِمُوا بِهِ فَعَلَى الْأَبِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَلَوْ أُعْدِمَ الْأَبُ أَيْضًا اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى فَإِذَا أُعْدِمَا يَتْبَعُ الْأَبَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي عَدَمِهِمَا وَفِي عَدَمِ الِابْنِ وَيَتْبَعُ الِابْنَ فِي مُلَائِهِمَا وَفِي مُلَاءِ الِابْنِ فَقَطْ وَمُفَادُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا بَلْ تُقَرَّرُ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَبِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي لَهُ الْأَبَ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُزَوِّجُ إلَّا الْمُوسِرَ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ وَمِثْلُهُ الْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَوْ مُعْدِمًا وَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ تُقْبَضْ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَبِ مِنْ الْمُجْبِرِينَ؛ لِأَنَّهُ الْمُخْتَصُّ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي شَيْءٍ عَلَيْهِمَا وَهُوَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَى الْوَلَدِ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ وَفَهِمَ جَمَاعَةٌ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ عَلَى الْأَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْأَبَ إنْ بَيَّنَ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْوَلَدِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ مِنْهُ فَقَوْلُهُ وَعَدَمُ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَجْنُونِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ فَإِذَنْ يُرَادُ وَعَدَمُ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ) وَإِنْ أُعْدِمُوا بَعْدُ وَقَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ وَيَجْرِي فِي الْحَاكِمِ وَالْوَصِيِّ أَيْضًا

ص: 202

ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَقْتَ جَبْرِ الْأَبِ لَهُمْ مُعْدَمِينَ بَلْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَلَوْ بِبَعْضِهِ فَإِنَّ مَا أَيْسَرُوا بِهِ مِنْ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ عَلَيْهِمْ دُونَ الْأَبِ وَسَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْأَبِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ قَالَ الشَّارِحُ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ هُوَ مَنْصُوصٌ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الصَّغِيرَ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ مِثْلُهُ وَلَمْ أَرَ مِنْ نَصٍّ عَلَى الْمَجْنُونِ كَذَلِكَ اهـ.

(ص) ، وَإِنْ تَطَارَحَهُ رَشِيدٌ وَأَبٌ فُسِخَ وَلَا مَهْرَ وَهَلْ إنْ حَلَفَا وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ تَرَدُّدٌ (ش) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي " تَطَارَحَهُ " رَاجِعٌ إلَى الصَّدَاقِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَمَعْنَى التَّطَارُحِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبِ وَالرَّشِيدِ يُرِيدُ أَنْ يُلْزِمَ ذِمَّةَ الْآخَرِ بِهِ كَمَا إذَا زَوَّجَ الْأَبُ وَلَدَهُ الرَّشِيدَ وَبَاشَرَ الْعَقْدَ بِإِذْنِهِ بِصَدَاقٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الصَّدَاقَ عَلَى أَيِّهِمَا فَقَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا أَرَدْت أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْأَبِ أَوْ شَرَطْته عَلَى الْأَبِ وَقَالَ الْأَبُ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ يَكُونَ عَلَى الِابْنِ أَوْ شَرَطْته عَلَى الِابْنِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَبْنِ بِالزَّوْجَةِ وَهَلْ الْفَسْخُ وَعَدَمُ الْمَهْرِ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ حَلَفَا وَيَلْزَمُهُمَا الصَّدَاقُ سَوِيَّةً إنْ نَكَلَا مَعًا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَحْدَهُ أَوْ الْفَسْخُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْدَأُ الْأَبُ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَقِيلَ يُقْرَعُ فِيمَنْ يَبْدَأُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَا مَهْرَ " أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْخُلْ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ فَيَحْلِفُ الْأَبُ وَيَبْرَأُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَيْ أَوْ مِثْلَهُ غَرِمَ الزَّوْجُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ حَلَفَ وَغَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنَّمَا غَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أُلْغِيَ وَصَارَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ وَهُوَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَلَا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ دُفِعَ لِلزَّوْجَةِ مَا لَمْ تَدَّعِهِ.

(ص) وَحَلَفَ رَشِيدٌ وَأَجْنَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ أَنْكَرُوا الرِّضَا وَالْأَمْرَ حُضُورًا إنْ لَمْ يُنْكِرُوا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ، وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمَالِكَ لِأَمْرِ نَفْسِهِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ يُزَوِّجُهُ مِنْ زَعْمِ تَوْكِيلِهِ أَوْ رِضَاهُ أَوْ الْمَرْأَةَ يُزَوِّجُهَا غَيْرَ مُجْبِرٍ يَزْعُمُ تَوْكِيلَهَا أَوْ رِضَاهَا وَيُنْكِرُ كُلٌّ مِنْ الِابْنِ الرَّشِيدِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الرِّضَا بِالْعَقْدِ وَالْأَمْرِ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ حَاضِرُونَ لِلْعَقْدِ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُنْكِرُوا الرِّضَا بِالْعَقْدِ وَالْأَمْرِ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَادَرَةٍ بِالْإِنْكَارِ فَيَحْلِفُ الِابْنُ الرَّشِيدُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ عَنْ الْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرُوا حِينَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ الْعَقْدِ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا حِينَ الْعَقْدِ حُضُورًا أَوْ غُيَّبًا

ــ

[حاشية العدوي]

مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ الصَّدَاقُ فِي مَالِ الْمَجْبُورِينَ أَوْ فِي مَالِ مَنْ تَحَمَّلَ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الصَّدَاقُ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْوَصِيِّ فَيُعْمَلُ بِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا حَالَ الشَّرْطِ مُعْدَمَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَكَلَّمَ عَلَى الْجَبْرِ. وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ فِي النِّكَاحِ وَلَا مَالَ لَهُ فَتَزَوَّجَ وَكَتَبَ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا مِنْ الْأَبِ وَقَالَتْ إذْنُك كَعَقْدِك عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ نَزَلَتْ بِقَفْصَةَ وَأَفْتَى الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَقَوْلِهِمْ فِي السَّيِّدِ يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ اهـ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَضْمَنُ صَدَاقَ الْعَبْدِ إذَا جَبَرَهُ عَلَى النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ هُوَ مَنْصُوصٌ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَدَاقُهُمْ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ بَهْرَامَ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ حَلَفَا إلَخْ) أَيْ أَوْ الْفَسْخُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ غَيْرَ الرَّشِيدِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا فَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِمْ فِي حَالَةِ جَبْرِ الْأَبِ لَهُمْ فَأَوْلَى فِي حَالَةِ عَدَمِ الْجَبْرِ، وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَفِي حَالَةِ الْجَبْرِ الصَّدَاقُ عَلَى الْأَبِ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْجَبْرِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَقَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا أَرَدْت إلَخْ) هَذَا حَلُّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطْته إلَخْ) هَذَا حَلُّ الْبِسَاطِيِّ وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ قَرَّرَ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ أَنَّ الْأَبَ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ يَكُونَ عَلَى الِابْنِ وَقَالَ الِابْنُ إنَّمَا ظَنَنْت أَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَبِي وَعَلَى هَذَا يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ مِنْ غَيْرِ انْقِلَابٍ عَلَى قَاعِدَةِ أَيْمَانِ التُّهَمِ ابْنُ بَشِيرٍ وَيَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ وَوَلِيَّهَا لَا يُحَقِّقَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَلَى فَرْضِ الْبِسَاطِيِّ فَلَيْسَ يَمِينَ تُهْمَةٍ لِإِمْكَانِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى فَلَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ فَأَفْهَمَ أَفَادَ مُحَشِّي تت إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ فِي ك أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ، فَإِنْ قِيلَ لِأَيِّ شَيْءٍ مَا طُولِبَ الْأَبُ بِالصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَ الرَّشِيدَ بِإِذْنِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ يُقَالُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ حَيْثُ قَبَضَ السِّلْعَةَ وَهُنَا الْقَابِضُ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ فَاتَّفَقَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ تُحَقِّقْ الزَّوْجَةُ وَلَا وَلِيُّهَا الدَّعْوَى عَلَى أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَقْرَعُ فِيمَنْ يَبْدَأُ) الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيُزَادُ أَيْ أَوْ مِثْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ نُسْخَةُ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ حُضُورًا) حَالٌ مِنْ الْوَاوِ فِي أَنْكَرُوا وَلَا يُسْتَغْنَى بِالرِّضَا عَنْ الْأَمْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا أَيْ أَنْكَرُوا الرِّضَا أَيْ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ الرِّضَا دُونَ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَمْرُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ الْأَمْرَ أَيْ الْإِذْنَ قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ، وَلَوْ عَطَفَهُ بِأَوْ كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْ إذَا دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَهُوَ يُنْصَبُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ حُضُورًا فَإِنَّهُ لَا كَبِيرَ فَائِدَةَ فِيهِ فَكَانَ يَقُولُ أَنْكَرُوا الرِّضَا وَالْأَمْرُ إنْ لَمْ يُنْكِرُوا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ وَالْعُذْرُ لَهُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةُ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الِابْنُ إلَخْ) فَيَحْلِفُونَ، وَلَوْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ إذْ حُضُورُهُمْ الْمَجْلِسَ يَقْتَضِي حَمْلَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا أَنْ يُنْكِرُوا حِينَ عِلْمِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مِنْ الِابْنِ وَنَحْوُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا

ص: 203

وَأَمَّا أَنْ يُنْكِرُوا بَعْدَ طُولٍ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَيَلْزَمُ كُلًّا النِّكَاحُ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ إلَخْ أَيْ بَعْدَ طُولٍ يَسِيرٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَبِعِبَارَةٍ بِأَنْ يَحْصُلَ الْإِنْكَارُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَبَعْدَ مَا حَصَلَتْ التَّهْنِئَةُ وَالدُّعَاءُ عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا أَنْكَرُوا بَعْدَ الطُّولِ وَقُلْنَا بِلُزُومِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْهَا، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهَا، فَإِنْ رَجَعَ لَهَا فَالظَّاهِرُ تَمْكِينُهُ مِنْهَا. وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ فِيهَا إنْ نَكَلَ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ حَلَفَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا بَعْدَ نُكُولِهِ حَيْثُ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّاكِلِ وَغَيْرِهِ هُوَ أَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ وَبِحَقِّيَّةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِ النَّاكِلِ وَهُوَ مَنْ طَالَ سُكُوتُهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ اتِّهَامًا وَهُوَ مُتَمَادٍ عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَكْذِيبٌ تَأَمَّلْ.

(ص) وَرَجَعَ لِأَبٍ وَذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الرَّشِيدَ وَضَمِنَ صَدَاقَهُ أَوْ ذَا الْقَدْرِ إذَا زَوَّجَ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ أَوْ الْأَبُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ لَهَا عَنْهُ فَطَلَّقَ الْوَلَدُ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ مَنْ مَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَأَخَذَتْ الزَّوْجَةُ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يَرْجِعُ لِلْأَبِ الْمُزَوِّجِ وَلَدَهُ أَوْ لِذِي الْقَدْرِ الْمُزَوِّجِ غَيْرَهُ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ فِيهِ حَقٌّ؛ لِأَنَّ الْمُعْطِيَ إنَّمَا قَصَدَ بِالِالْتِزَامِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حُكْمِ الصَّدَاقِ، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ رَجَعَ لِمَنْ ذُكِرَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ يُرِيدُ إذَا وَقَعَ التَّفْرِيقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ كَمَا مَرَّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَالْجَمِيعُ بِالْفَسَادِ) فَفَاعِلُ رَجَعَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُوَ النِّصْفُ وَبِالطَّلَاقِ مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَ، وَكَذَلِكَ لِلْأَبِ وَالتَّقْدِيرُ وَرَجَعَ لِلْأَبِ نِصْفُ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ وَذِي الْقَدْرِ وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ مَعْطُوفَانِ عَلَى الْمَجْرُورِ وَهُوَ لِأَبٍ (ص) وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ يَكُونَ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْ الْأَبِ وَذِي الْقَدْرِ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ نِصْفٍ أَوْ كُلٍّ عَلَى مَا مَرَّ إنْ كَانَ الْتِزَامُ مَنْ ذُكِرَ عَنْ الزَّوْجِ بِلَفْظِ الْحَمْلِ كَانَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ إذْ الْحَمْلُ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْقُرْبَةُ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَا رُجُوعَ فِيهَا لِمُعْطِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ مَنْ ذُكِرَ عَنْ الزَّوْجِ بِلَفْظِ الْحَمَالَةِ يَرْجِعُ كَانَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ كَحَمَالَةِ الدُّيُونِ، وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ مَنْ ذُكِرَ عَنْ الزَّوْجِ بِغَيْرِ اللَّفْظَيْنِ بَلْ كَانَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ أَوْ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ حُمِلَ عَلَى الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ حُمِلَ عَلَى الْحَمَالَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ أَيْ الدَّفْعُ أَوْ الضَّمَانُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَا عُرْفَ وَلَا قَرِينَةَ تُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَأَمَّا إنْ وُجِدَ عُرْفٌ يُخَالِفُهُ كَمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ مَنْ دَفَعَ عَنْ شَخْصٍ صَدَاقَهُ أَوْ تَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ بِأَيِّ لَفْظٍ يَرْجِعُ بِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ وَكَذَا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

(ص) وَلَهَا الِامْتِنَاعُ إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ حَتَّى يُقَرِّرَ وَتَأْخُذُ الْحَالَّ وَلَهُ التَّرْكُ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَا حَصَلَتْ إلَخْ) قَالَ عج ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْعِلْمِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّهْنِئَةِ وَالدُّعَاءِ وَطَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ فَأَنْكَرَ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ مَعَ احْتِمَالِ الْعِلْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّاكِلِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ. وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) هُوَ مَنْ أَنْكَرَ بَعْدَ الطُّولِ (قَوْلُهُ هُوَ أَنَّ النُّكُولَ) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ فَجُعِلَ الْمُوجِبُ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ لَا الْإِنْكَارَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَمَادٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَادٍ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ اتِّهَامًا أَيْ إنَّمَا لَزِمَهُ النِّكَاحُ اتِّهَامًا لَا تَحْقِيقًا وَقَوْلُهُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ إنْكَارٌ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ دِقَّةٌ أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ التَّمَادِي إنَّمَا هُوَ فِي السُّكُوتِ وَقَدْ عَقَّبَهُ بِالْإِنْكَارِ دُفْعَةً فَلَيْسَ فِيهِ تَمَادٍ، فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ إنْكَارَ الزَّوْجِ لَيْسَ طَلَاقًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَمْكِينُهُ مِنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَمْرَ وَالرِّضَا لَمَّا كَانَا غَيْرَ ثَابِتَيْنِ هُنَا بَلْ مُحْتَمِلَانِ وَكَانَ النِّكَاحُ هُنَاكَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ كَانَ الْإِنْكَارُ هُنَا قَوِيًّا وَهُنَاكَ ضَعِيفًا.

(قَوْلُهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى) أَيْ أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ " وَالْبَاءُ فِي بِالطَّلَاقِ وَبِالْفَسَادِ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَفَاعِلُ رَجَعَ هُوَ النِّصْفُ) أَيْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَالْجَمِيعُ وَقَوْلُهُ وَبِالطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِالْفَسَادِ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بِالْحَمْلِ بِأَنْ قَالَ وَالْمَهْرُ عَلَى حَمْلٍ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْحِمَالَةِ بِأَنْ قَالَ وَالْمَهْرُ عَلَى حِمَالَةٍ رَجَعَ مُطْلَقًا فَفَرَّقُوا هُنَا بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْحِمَالَةِ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ لَهُمْ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ أَصْلُهُ أَنْ لَا يُطَالَبَ غَيْرُ الْحَامِلِ بِشَيْءٍ وَالْحِمَالَةُ أَصْلُهَا الضَّمَانُ فَنَظَرُوا فِي هَذَا الْبَابِ لِلْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ لَا بَابُ مُشَاحَّةٍ مِنْ ك غَيْرَ أَنَّهُ هُنَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْحِمَالَةِ وَالضَّمَانِ مَعَ أَنَّ الْحِمَالَةَ بِمَعْنَى الضَّمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ أَيْ الدَّفْعُ أَوْ الضَّمَانُ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الضَّمَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَضَامِنٌ هَذَا الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت فَانْظُرْهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ مُبْهَمًا أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ رُجُوعٌ وَلَا عَدَمُهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالشَّرْطِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ حَتَّى يُقَرِّرَ) بِرَاءٍ مُكَرَّرَةٍ أَوْ بِدَالٍ فَرَاءٍ أَيْ يُعَيِّنَ لَهَا الصَّدَاقَ وَيُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَنُسْخَةُ الدَّالِ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ وَلَهُ التَّرْكُ) وَلَهُ دَفْعُهُ لَهَا عِنْدَ الِامْتِنَاعِ وَيَتْبَعُ بِهِ الْحَامِلَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى غُرْمِ شَيْءٍ، فَإِنْ فَارَقَ ثُمَّ مَاتَ الْحَامِلُ اتَّبَعَتْ تَرِكَتَهُ مَتَى طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَلَوْ كَانَ الْحَاصِلُ

ص: 204

سَيَأْتِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الصَّدَاقِ حَيْثُ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ لَهَا أَيْضًا ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَتَأْخُذُ الْحَالَّ بِالْأَصَالَةِ أَوْ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ فِي التَّسْمِيَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُتَحَمِّلُ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى تَسْلِيمِ سِلْعَتِهَا مَجَّانًا وَلِلزَّوْجِ التَّرْكُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَدَمِ رُجُوعِ مَنْ قَامَ بِهِ عَنْ الزَّوْجِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا صَرَّحَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ كَانَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَوَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْكُ أَيْ الطَّلَاقُ مَجَّانًا بَلْ إنْ طَلَّقَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ وَغَرِمَ لَهَا الصَّدَاقَ لَمْ يَتْبَعْ بِهِ الْحَامِلَ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ إذَا دَفَعَ شَيْئًا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ الْتِزَامُ الْمَهْرِ حَمْلًا وَحَمَالَةً وَغَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ وَكَانَ الْحَمْلُ صِلَةً لَا رُجُوعَ فِيهِ جَرَى مَجْرَى الْوَصِيَّةِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَرَضِ فَيَبْطُلُ لِلْوَارِثِ وَيَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَطَلَ إنْ ضَمِنَ فِي مَرَضِهِ عَنْ وَارِثٍ (ش) أَيْ وَبَطَلَ الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ إنْ ضَمِنَ أَحَدٌ مَهْرًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ عَنْ وَارِثِ ابْنٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَبَضَتْهُ مِنْ الضَّامِنِ ثُمَّ مَاتَ رَدَّتْهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَقَدْ دَخَلَ أَوْ صَغِيرًا وَدَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ اتَّبَعَتْهُ الزَّوْجَةُ بِهِ فَفَاعِلُ بَطَلَ الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ. وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ فَتَصِحُّ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ عَنْ وَارِثٍ صِحَّتُهُ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ وَلَمَّا كَانَ مِنْ صُوَرِهِ ضَمَانُ الْأَبِ صَدَاقَ ابْنَتِهِ عَنْ زَوْجٍ غَيْرِ وَارِثٍ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهَا بِقَوْلِهِ (لَا زَوْجُ ابْنَتِهِ) فَيَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَاءَةُ مَطْلُوبَةً فِي النِّكَاحِ طَلَبًا لِدَوَامِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَعْقَبَ الْمُؤَلِّفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا لِمَا قِيلَ إنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَشُرِطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالْحَالُ (ش) الْكَفَاءَةُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ وَالْمُرَادُ بِالدِّينِ التَّدَيُّنُ أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ فَاسِقٍ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا أَيْ تَرْكُ الْكَفَاءَةِ بِمَعْنَى التَّدَيُّنِ أَيْ زِيَادَةِ الدِّيَانَةِ لَا بِمَعْنَى الدِّينِ أَيْ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلَا لِلْوَلِيِّ تَرْكُهُ وَتَأْخُذُ كَافِرًا وَالْمُرَادُ بِالْحَالِ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ بِهَا الْخِيَارُ لَا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِنْ قُلْت تَفْسِيرُ الْكَفَاءَةِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَارَبَةِ لَا يُوَافِقُ مَا فَسَّرَهَا الْمُؤَلِّفُ بِهِ قُلْت الْمُرَادُ بِالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَارَبَةِ الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ (ص) وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا (ش) أَيْ وَلِلْمَرْأَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا مَعَ وَلِيِّهَا تَرْكُ الْكَفَاءَةِ وَالرِّضَا بِالْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَدِيمًا فَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعَذُّرِ التَّعَسُّرُ؛ لِأَنَّ التَّعَذُّرَ لَا يُشْتَرَطُ وَمَفْهُومُ إنْ تَعَذَّرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْأَخْذُ لِكَوْنِهِ مَلِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لَا يَخْفَى إنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ بِخِلَافِ الْأَخْذِ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَالَ عج عَنْ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ حَتَّى يُعَيِّنَهُ وَيَقْبِضَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُتَعَذِّرًا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَقْرِيرِ الصَّدَاقِ وَحْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ الَّذِي الصَّدَاقُ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ الَّذِي الصَّدَاقُ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الثَّانِي التَّعْيِينُ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَبَطَلَ الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ إنْ ضَمِنَهَا) لَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّكَّةِ إلَّا أَنْ يُضَمِّنَ ضَمِنَ مَعْنَى وَقَعَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ دَخَلَ إلَخْ أَيْ أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ مِنْ صُوَرِهِ أَيْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَقَوْلُهُ لَا زَوْجَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَنْ وَارِثٍ أَيْ، وَلَوْ أَتَى بِالْمَفْهُومِ بِتَمَامِهِ لَقَالَ لَا كَزَوْجِ ابْنَتِهِ (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثِ) إنَّمَا تَقَيَّدَ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ لَا زَوْجُ ابْنَتِهِ) أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ قَرِيبًا غَيْرَ وَارِثٍ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَيَبْطُلُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ يَتْرُكَ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَا قِيلَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ إلَخْ) أَيْ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا لِلَّهِ وَلَا شُرِطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ.

(قَوْلُهُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ) أَيْ مُطْلَقُ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَارَبَةِ إلَّا أَنَّ صِيغَةَ الْمُفَاعَلَةِ تَقْتَضِي مُقَارَبَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَارَبَ الْآخَرَ وَلَا تَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ فَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الْحَالُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُقَارَبَةِ عَيْنَ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ ثَبَتَ بِهَا الْخِيَارُ أَمْ لَا بَلْ الْمُرَادُ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْفَاحِشَةِ مَا تُرَدُّ بِهَا بِخِلَافِ الدَّاءِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النَّاسِ بِالْمُبَارَكِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ بِهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ فَقَدْ نَقَلَ لَنَا شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ عَنْ الشَّارِحِ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُبَارَكَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت تَفْسِيرُ الْكَفَاءَةِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ مَعْنًى لُغَوِيٌّ فَلَا يَرِدُ الِاعْتِرَاضُ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا اللُّغَوِيَّ مُرَادٌ فِي الْفِقْهِ (قَوْلُهُ قُلْت الْمُرَادُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقُ مُمَاثَلَةٍ وَمُقَارَبَةٍ بَلْ الْمُرَادُ الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ الْكَفَاءَةُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ إلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ مُطْلَقٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِالْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ) ، وَلَوْ سِكِّيرًا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لَهُمَا وَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهَا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى حِينَئِذٍ لِوُجُوبِ

ص: 205

وَالْمَعِيبِ الْفَاحِشِ الْعَيْبِ، فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْمَرْأَةُ فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ وَبِالْعَكْسِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُؤَلِّفُ أَعَادَ الْجَارَّ لِلْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ لَا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَافِيًا فِي التَّرْكِ دُونَ الْآخَرِ.

(ص) وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ فَطَلَّقَ امْتِنَاعٌ بِلَا حَادِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا رَضِيَ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَرَادَ عَوْدَهَا فَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ وَيُعَدُّ عَاضِلًا.

(ص) وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ فَقِيرٍ وَرُوِيَتْ بِالنَّفْيِ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ (ش) وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ وَفِي الْأُمَّهَاتِ مُعْدِمًا لَا مَالَ لَهُ فَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا قَالَ نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك مُتَكَلَّمًا عِيَاضٌ وَكَذَا رَوَيْنَاهُ بِالْإِيجَابِ لَا عَلَى النَّفْيِ وَلَا يَصِحُّ الْكَلَامُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ أَنَّ لَهَا تَكَلُّمًا قَالَ نَعَمْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهَا أَنَّهُ رَأَى لَهَا مُتَكَلَّمًا وَمَنْ رَوَى فَلَا أَرَى أَيْ عَلَى النَّفْيِ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ نَعَمْ وَاخْتَلَّ الْمَعْنَى وَنَاقَضَ بَعْضُ كَلَامِهِ بَعْضًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقٌ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَقُولُ قَالَ وَيَعْنِي بِالضَّرَرِ ضَرَرَ الْبَدَنِ. وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ وِفَاقٌ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْفَقْرِ الْفَادِحِ الْمُضِرِّ بِهَا وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْأَخِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَالِهَا فَقِيرٌ لِسَعَةِ حَالِهَا وَكَثْرَةِ يُسْرِهَا أَوْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَمَالِكٌ إنَّمَا تَكَلَّمَ قَبْلَهُ وَقَالَ لَهَا مُتَكَلِّمٌ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَهَذَا يَتَأَتَّى عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ فَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ جَعَلَ لَهَا التَّكَلُّمَ وَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَ فِعْلَ الْأَبِ مَاضِيًا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا إذْ لَوْ كَانَ لَهَا التَّكَلُّمُ لَكَانَ لَهَا الرَّدُّ وَوَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِ الْإِمَامِ لَهَا التَّكَلُّمُ حَيْثُ كَانَ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ الْبَيِّنُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ فَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا التَّكَلُّمَ مُطْلَقًا وَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ حَيْثُ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ وَوَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ وَلِلشُّيُوخِ فِي الْوِفَاقِ غَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

حِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ الْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ) وَالْفَاسِقِ بِالِاعْتِقَادِ فَهُوَ كَالْفَاسِقِ بِجَارِحَةٍ أَوْ أَشَدَّ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّهَا إلَى اعْتِقَادِهِ وَمَذْهَبُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى حُرْمَةِ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُفْسَخُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَنْ تُزَوَّجَ ابْنَتِهِ مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ فَعَلَهُ الْأَبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْمَرْأَةُ فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، فَإِنْ دَخَلَ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ كَانَ مُعْتَرِضًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَرْضَ هُوَ بِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلُهُ.

(قَوْلُهُ فَطَلَّقَ) قَالَ الزَّرْقَانِيُّ هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْفَاءَ الْفَصِيحَةَ هِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ عب بَلْ الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ فَقَطْ بِدُونِ تَعْقِيبٍ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْفَاءِ الْفَصِيحَةِ أَحَدُ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) . وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَهِيَ زَوْجَةٌ وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا.

(قَوْلُهُ وَلِلْأُمِّ) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ (قَوْلُهُ التَّكَلُّمُ) أَيْ بِأَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ فَيَنْظُرَ فِيمَا أَرَادَهُ الْأَبُ هَلْ هُوَ صَوَابٌ فَيَرُدَّهَا إلَيْهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فِي تَزْوِيجٍ أَيْ فِي إرَادَةِ تَزْوِيجٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَقِيرٍ) ابْنِ أَخٍ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ فَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ وَفِي ك عَنْ تَقْرِيرِ قَوْلِهِ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ وَغَيْرُ الْأَبِ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَأَمَّا الْأُمُّ فَخَاصٌّ بِهَا مُطَلَّقَةً أَمْ لَا وَمِثْلُ الْفَقْرِ مَنْ يُغَرِّبُهَا عَنْ أُمِّهَا مَسَافَةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَيُشْكِلُ هَذَا الْفَرْعُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِكَخَصِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُجْبِرَ ابْنَتَهُ عَلَى الْخَصِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ أَيْ. وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ فَلَهُ جَبْرُهَا وَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ حَتَّى لِلْأُمِّ مَعَ جَعْلِهِمْ هُنَا لِلْأُمِّ التَّكَلُّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَبْنَى مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ فَتَرَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي نُسْخَةٍ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ مُتَكَلَّمًا) أَيْ تَكَلُّمًا (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهَا) أَيْ مُؤَكِّدًا لِقَوْلِهِ نَعَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ نَعَمْ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ مَعْنَاهُ أَجَبْت سُؤَالَك قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ رِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَصَحُّ قَالَهُ الْبَدْرُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَتَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَ مَالِكٍ وَتَقْدِيمُهُ الْإِثْبَاتَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهَا اهـ (أَقُولُ) وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا التَّكَلُّمُ أَيْ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ (قَوْلُهُ وَيَعْنِي بِالضَّرَرِ ضَرَرَ الْبَدَنِ) أَيْ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْفَقْرِ الْمُضِرِّ بِهَا) أَيْ. وَأَمَّا الْإِمَامُ فَقَطْ تَكَلَّمَ عَلَى الْفَقْرِ الْمُضِرِّ بِهَا أَيْ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَيْ إلَّا لِفَقْرٍ بَيِّنٍ مُضِرٍّ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ الْبَيِّنُ) أَيْ بِفَقْرِ ابْنِ الْأَخِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا التَّكَلُّمَ) فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ بِفَقْرِ ابْنِ الْأَخِ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ) يَحْصُلُ لَهَا بِفَقْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِلشُّيُوخِ فِي الْوِفَاقِ) أَيْ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى صَدَاقِ

ص: 206

وَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كُفْءٌ لِمَنْ هُوَ دُونَهَا فِي الْمَرْتَبَةِ فَالْمَوْلَى أَيْ الْعَتِيقُ كُفْءٌ لِلْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرُ الشَّرِيفِ كُفْءٌ لِلشَّرِيفَةِ وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ لِمَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ جَاهًا (ص) وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي كَفَاءَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرَّةِ وَعَدَمِ كَفَاءَتِهِ لَهَا تَأْوِيلَانِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَفِي الْعَبْدِ، وَلَوْ عَبْدَ أَبِيهَا.

(ص) وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ (ش) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أُصُولُهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ أُمُّهُ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ أَبِيهِ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ أَبِي أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ وَعَلَى الْأُنْثَى أَبُوهَا وَأَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا وَأَبُو أُمِّ أَبِيهَا وَأَبُو أُمِّهَا، وَإِنْ بَعُدَ وَأَبُو أُمِّ أُمِّهَا كَذَلِكَ وَفُصُولُهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ، وَإِنْ بَعُدَتْ فَيَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ بِنْتُهُ، وَإِنْ سَفَلَتْ وَعَلَى الْأُنْثَى ابْنُهَا كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ أَيْ مِنْ النَّسَبِ. وَأَمَّا مِنْ الرَّضَاعِ فَسَيَأْتِي.

(ص) ، وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِابْنَةٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ بَنَاتِهِ مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُلِقْنَ مِنْ مَائِهِ فَهِيَ بِنْتٌ أَوْ كَالْبِنْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لَا رَبِيبَةٌ وَمِثْلُ الْبِنْتِ الِابْنُ الْمَخْلُوقُ مِنْ مَائِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ.

(ص) وَزَوْجَتُهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ إلَى أَصْلِ الشَّخْصِ وَفَصْلِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وَإِنْ عَلَوْا أَوْ بَنِيهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَابْنَةَ زَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي لَمْ تَرْضَعْ بِلِبَانِ أَبِيهِ وَالْمُنَاسِبُ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ حَذْفُ التَّاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ النَّاكِحِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَزَوْجَاهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِضَافَةَ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْمُفْرَدِ وَالْمُتَعَدِّدِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ الضَّابِطِ فَقَالَ (ص) وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ (ش) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ فُصُولُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُمْ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَأَوْلَادُهُمْ، وَإِنْ سَفَلُوا (ص) وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ خَاصَّةً مِنْ كُلِّ أَصْلٍ مَا عَدَا الْأَصْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي يَلِي الْأَصْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْجَدَّةُ الْقُرْبَى وَابْنُ الْأَوَّلِ عَمٌّ أَوْ خَالٌ وَابْنَتُهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ وَابْنُ الْجَدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَابْنَتُهَا كَذَلِكَ وَهُمْ أَوَّلُ الْفُصُولِ وَالتَّحْرِيمُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا أَوْلَادُهُمْ فَهُمْ حَلَالٌ. وَأَمَّا فُصُولُ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فَهُمْ حَرَامٌ، وَإِنْ سَفَلُوا كَمَا مَرَّ.

(ص) وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ أُصُولُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمِثْلِ وَالْإِمَامُ عَلَى مَا دُونَهُ أَوْ أَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ يُخْشَى مِنْهُ أَكْلُ مَالِهَا وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُخْشَى مِنْهُ لَكِنْ رُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ إحَالَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ إذْ لَا مَعْنَى لِذِكْرِ الْفَقْرِ حِينَئِذٍ إذْ الْمَانِعُ الْخَوْفُ مِنْهُ أَوْ عَدَمُ أَمَانَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْمَوْلَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَاءَةِ حَسَبٌ وَلَا نَسَبٌ وَالنَّسَبُ يَرْجِعُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْحَسَبُ الْمَنَاقِبُ وَالصِّفَاتُ الْحَمِيدَةُ كَالْكَرَمِ وَالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ وَالتَّقْوَى وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلِلْعَرَبِيَّةِ رَدُّ الْمَوْلَى الْمُنْتَسِبِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِسَابِهِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعَقْدَ عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَمَا هُنَا لَمْ يَحْصُلْ انْتِسَابُ وَلَا اشْتِرَاطُ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَالْأَقَلُّ جَاهًا) أَرَادَ بِالْأَقَلِّ مَا يَشْمَلُ الْعَامَّ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ كَذَا فِي شب (أَقُولُ) وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كُفْءٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ فَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَبْيَضِ فَهُوَ كُفْءٌ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَبِهِ الشَّرَفُ فِي عُرْفِ مِصْرِنَا وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ السُّودِ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَنْفِرُ مِنْهُ وَيَقَعُ بِهِ الذَّمُّ وَالْخِسَّةُ.

(قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ الْحُرِّ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ وَفُصُولُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَحَرُمَ عَلَى الذَّكَرِ أُصُولُهُ الْإِنَاثُ فَإِذَنْ يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَفُصُولُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ التَّنْصِيصَ عَلَى تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَيْرَ مُكْتَفٍ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ فِي مَقَامِ الضَّبْطِ وَالْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُلِقْنَ مِنْ مَائِهِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ، وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ فَهِيَ بِنْتٌ أَوْ كَالْبِنْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَنَّهَا رَبِيبَةٌ فَقَوْلُهُ لَا رَبِيبَةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنْتٌ أَوْ كَالْبِنْتِ فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهَا كَالرَّبِيبَةِ فَيَلْزَمُهُ حِلُّهَا لِأَبِي الْوَاطِئِ وَابْنِهِ وَأَجَازَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ جَمِيعَ ذَلِكَ وَجَعَلَهَا أَجْنَبِيَّةً وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ) وَمِثْلُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ مَنْ شَرِبَتْ مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ زَنَى بِهَا حَالَ وَطْئِهِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ رَضَاعًا، وَكَذَلِكَ الْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ زِنَا أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْقَبَسِ بِأَنَّ مَنْ زَنَى بِحَامِلٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بِنْتِهَا الَّتِي تَلِدُهَا بَعْدَ الزِّنَا؛ لِأَنَّ زَرْعَ غَيْرِهِ سُقِيَ بِمَائِهِ. وَأَمَّا الْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ أَخِيهِ فَلَا تَحْرُمُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ لَا بِمَنْزِلَةِ بِنْتِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَرْجِيحُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ مَا إذَا الْتَقَطَتْ مَنِيَّهُ فِي نَحْوِ حَمَّامٍ وَوَضَعَتْهُ فِي فَرْجِهَا ثُمَّ حَمَلَتْ مِنْهُ فَيُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ وَانْظُرْ حَلِيلَةَ الِابْنِ مِنْ الزِّنَا هَلْ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ الزِّنَا وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْمَخْلُوقِ مِنْ الزِّنَا كَوَلَدِ الصُّلْبِ الْحُرْمَةُ وَانْظُرْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ) بِأَنْ يُقَالَ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْأَصْلِ وَالْفَصْلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى آخَرَ وَهُوَ الذِّكْرُ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ وَيَجْرِي هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْأَصْلِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ فَيَصْدُقُ بِالْمُفْرَدِ وَالْمُتَعَدِّدِ) أَيْ وَالْمُتَعَدِّدُ مُرَادٌ هُنَا.

(قَوْلُهُ وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ) ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا.

ص: 207

زَوْجَتِهِ وَهُنَّ أُمَّهَاتُهَا، وَإِنْ عَلَوْنَ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهَا وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ بِالزَّوْجَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

(ص) وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا (ش) الْوَاوُ وَاوُ الْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ وَهُوَ حَرُمَ وَبِتَلَذُّذِهِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ رَاجِعٌ إلَى الزَّوْجَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَفُصُولُهَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَالْمَحْذُوفُ مُبْتَدَأٌ أَيْ وَحَرُمَ بِالتَّلَذُّذِ بِالزَّوْجَةِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا وَهُنَّ بَنَاتُهَا، وَإِنْ سَفَلْنَ أَوْ وَالْمُحَرَّمُ بِتَلَذُّذِهِ فُصُولُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] وَصْفٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا تَحْرُمُ فُصُولُ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ أُصُولِهَا وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ أَشَدُّ بِرًّا بِابْنَتِهَا مِنْ الِابْنَةِ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ كَافِيًا فِي بُغْضِهَا لِابْنَتِهَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ مَيْلِهَا لِلزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ فَاشْتُرِطَ فِي التَّحْرِيمِ إضَافَةُ الدُّخُولِ وَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي الِابْنَةِ لِضَعْفِ وُدِّهَا لِأُمِّهَا وَمَيْلِهَا لِلزَّوْجِ (ص) كَالْمِلْكِ (ش) إنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ، وَإِنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ إلَى هُنَا يُسْتَثْنَى الْعَقْدُ، فَإِنْ عَقَدَ الْأَبُ فِي النِّكَاحِ يَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ وَعَقْدُ الِابْنِ يُحَرِّمُ عَلَى الْأَبِ وَعَقْدُ الشِّرَاءِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْوَطْءُ وَإِنَّمَا الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْخِدْمَةُ وَالِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي وَطْءِ أَوْ تَلَذُّذِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا فِيهِ كَوْنَهُ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ كَوْنَهُ مُرَاهِقًا هَلْ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ أَمْ لَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ التَّحْرِيمُ عَلَى التَّلَذُّذِ. وَأَمَّا مَا لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ التَّحْرِيمُ عَلَى التَّلَذُّذِ بَلْ يَحْصُلُ فِيهِ التَّحْرِيمُ بِالْعَقْدِ كَتَحْرِيمٍ الْأُمِّ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِعَقْدِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الْوَطْءِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ إجْمَالًا أَنَّ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ تَارَةً يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَأُخْرَى بِالتَّلَذُّذِ بِالْوَطْءِ وَكَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا تَارَةً وَفَاسِدًا أُخْرَى وَالتَّلَذُّذُ بِالْوَطْءِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ فِيهِ الْحَدُّ تَارَةً وَلَا حَدَّ فِيهِ أُخْرَى شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اخْتَلَفَ فِيهِ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ لَا مَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ وَحَرُمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ الْعَقْدُ، وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَوَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ عَلَى ضَرْبَيْنِ تَارَةً يَكُونُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ يُرِيدُ وَالْمَذْهَبُ قَائِلٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَبِتَلَذُّذِهِ) أَيْ قَصْدُ لَذَّةٍ وَوِجْدَانُهَا كَوِجْدَانِهَا فَقَطْ وَفِي الْقَصْدِ وَحْدَهُ قَوْلَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ وَهُوَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ. وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَبَاطِنِ الْجَسَدِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا (قَوْلُهُ وَبِتَلَذُّذِهِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ حُرْمَةُ الْفُصُولِ بِالتَّلَذُّذِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَقْتَ التَّلَذُّذِ بِهَا صَغِيرَةً جِدًّا فَلَيْسَ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَظَرٍ) أَيْ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ، وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ خَفِيفٍ يَشِفُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّلَذُّذِ مَعَ وُجُودِ التَّلَذُّذِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ قُبْلَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَمُلَاعَبَةٍ وَنَظَرٍ لَا فِي خُصُوصِ النَّظَرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ الْتَذَّ بِالنَّظَرِ أَمْ لَا لَا أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِالنَّظَرِ أَوْ اللَّمْسِ أَوْ الْقُبْلَةِ بَلْ مَهْمَا كَانَ بِلَمْسٍ أَوْ قُبْلَةٍ لَا يَخْتَصُّ بِوَجْهٍ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) لَا حَذْفَ بَلْ الْمَعْطُوفُ قَوْلُهُ فُصُولُهَا (قَوْلُهُ كَالْمِلْكِ) يَشْمَلُ مَنْ تَلَذَّذَ بِأَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا وَأُمَّهَاتُهَا وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ اُخْتُلِفَ فِي وَطْئِهِ وَمُقَدِّمَاتِهِ هَلْ يَحْرُمُ كَالْبَالِغِ أَمْ لَا وَالرَّاجِحُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا فِيهِ كَوْنَهُ يَقْوَى) أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ أَوْ كَوْنَهُ مُرَاهِقًا أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ آخَرُ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ مُرَاهِقًا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا إلَخْ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَوَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاطِئِ وَاللَّامِسِ. وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ وَالْمَلْمُوسَةُ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حُرْمَةُ فُصُولِهَا بِالتَّلَذُّذِ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَلَذِّذُ بِهِ وَقْتَهُ صَغِيرًا (قَوْلُهُ هَلْ يَنْشُرُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إلَخْ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ) أَيْ تَفْصِيلِ بَعْضِ ذَلِكَ أَيْ تَبْيِينِ بَعْضِ ذَلِكَ أَيْ وَهُوَ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ. وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا وَطْؤُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ) أَيْ نَوْعٌ مِنْ التَّكْرَارِ بِاعْتِبَارِ الْبَعْضِ فَقَطْ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ لَا يَحْرُمُ فِيهِ إلَّا الْوَطْءُ الصَّحِيحُ وَالْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ الْعَقْدُ فِيهِ وَحْدَهُ كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ أَيْ فِي غَيْرِ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ فَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فِيهِ تَكْرَارٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَسَادَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ لَا رَقِيقًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَرُدَّ عَقْدُهُ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رُدَّ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ وَانْظُرْ فِيمَا هُوَ مِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْبَتِّ مِنْ عَقْدِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَازِمٌ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى حِلِّهِ بِخِلَافِ نِكَاحِ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى حِلِّهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لَازِمًا وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُ عَقْدِ النِّكَاحِ عَقْدُ الْبَيْعِ بِفَصْلٍ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيْعِ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ الْمُسْتَنِدُ إلَيْهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ فَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَإِلَّا فَلَا وَيَجْرِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا جَرَى فِي الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ) أَيْ فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ أَوْ دُبُرِهَا

ص: 208

بِالْفَسَادِ وَتَارَةً يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمُحَرَّمٍ وَشِغَارٍ وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّ عَقْدَهُ يَنْشُرُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا يَنْشُرُهَا الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَقْدُهُ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا يَنْشُرُهَا الْوَطْءُ بِشَرْطِ أَنْ يَدْرَأَ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ كَمَنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ غَيْرَ عَالِمٍ أَمَّا إنْ عَلِمَ حُدَّ فِي ذَاتِ الْمَحْرَمِ وَالرَّضَاعِ وَفِي حَدِّ الْعَالِمِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ قَوْلَانِ سَيَأْتِيَانِ وَقَدْ أَفْهَمَ قَوْلُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْرَأْهُ كَمَا مَرَّ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى وَطْئِهِ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالزِّنَا وَفِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ بِوَطْءِ الزِّنَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا، وَإِنْ زَنَى بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنَتِهَا فَلْيُفَارِقْهَا فَحَمْلُهَا الْأَكْثَرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى تَرْجِيحِهِ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ عَدَمِ نَشْرِهِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَمَّا فِي الْمُوَطَّإِ وَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ إلَى أَنْ مَاتَ وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَلَا تَمْحُو الْأَوَّلَ قَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ وَعَدَمُ النَّشْرِ بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَالرِّسَالَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ بَلْ قِيلَ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافٌ فَإِذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ يَجُوزُ لِلزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَتِهَا وَأُمِّهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ.

(ص) ، وَإِنْ حَاوَلَ تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا فَتَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِزَوْجَتِهِ فِي ظَلَامٍ مَثَلًا فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهَا فَالْتَذَّ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَقَدْ تَرَدَّدَ الْأَشْيَاخُ فِي تَحْرِيمِ أُمِّهَا عَلَى زَوْجِهَا وَفِرَاقِهَا وُجُوبًا وَعَدَمِ تَحْرِيمِهَا وَعَدَمِ وُجُوبِ الْفِرَاقِ، وَلَوْ قَصَدَ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ لَمْ يُنْشَرْ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللِّوَاطُ بِابْنِ امْرَأَتِهِ لَا يَنْشُرُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَإِنْ وَقَعَ الِالْتِذَاذُ مِنْهُ عَلَى الِابْنَةِ عَمْدًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ وَلَا يُقَالُ إذَا الْتَذَّ بِابْنَةِ زَوْجَتِهِ بِوَطْءٍ تَحْرُمُ زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَحْرُمُ اتِّفَاقًا فَلِمَ جَرَى التَّرَدُّدُ هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ غَلَطًا فِيمَنْ تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا وَلِذَا كَانَ وَطْءُ أُخْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا مُحَرِّمًا بَنَاتِهَا عَلَى زَوْجِ أُخْتِهَا الْوَاطِئِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا فَوَطْؤُهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا وَطْءُ بِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا فَلَيْسَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ.

(ص) ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ نَكَحْتهَا أَوْ وَطِئْت الْأَمَةَ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ نُدِبَ التَّنَزُّهُ وَفِي وُجُوبِهِ إنْ فَشَا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ عَقَدْت عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ الْعَقْدَ عَلَيْهَا أَوْ وَطِئْت الْأَمَةَ أَوْ تَلَذَّذْت بِهَا بِشِرَاءٍ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الِابْنُ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبْقِيَّةَ مِلْكِ الْأَبِ لَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِ الْأَبِ قَبْلَ شِرَاءِ أَوْ نِكَاحِ الِابْنِ، فَإِنْ فَشَا قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ إرَادَةِ الِابْنِ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ الْفَسْخُ أَوْ إنَّمَا يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ بِالْفَشْوِ وَلَا يَجِبُ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : مَنْ مَلَكَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَطِئَهَا أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الْعَلِيَّةِ وَقَالَ يُنْدَبُ فِي الْوَخْشِ أَنْ لَا يُصِيبَ وَلَا تَحْرُمُ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا ثُمَّ غَابَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ.

(ص) وَجَمْعُ خَمْسٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ أَوْ هُوَ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ حَرُمَ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى وَحَرُمَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمْعُ خَمْسٍ مِنْ النِّسَاءِ فِي عَقْدٍ، وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ أَوْ عُقُودٍ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ وَيَجُوزُ مَا دُونَهُنَّ بِالْوَجْهَيْنِ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْوَاحِدَةِ بِالْأُخْرَى أَمْ لَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقِيلَ لَهُ لَوْ مَحَوْت مَا فِي الْمُوَطَّإِ فَقَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ) وَبَقِيَ هُنَا بَحْثٌ كَيْفَ يَكُونُ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَشْهُورُ هُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ لَا يُنْسَبُ إلَى قَائِلِهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَمَدًا مَشْهُورًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ أَخَذُوا مِنْ قَوَاعِدِهِ مَا رَجَعَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْسَبُ إلَى نَفْسِ الْإِمَامِ إنَّمَا يُنْسَبُ لِمَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَعْتَبِرُوا نَقْلَ ابْنُ حَبِيبٍ رُجُوعَهُ لِانْفِرَادِهِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا.

(قَوْلُهُ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا إلَخْ) وَمِثْلُ بِنْتِهَا سَائِرُ فُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي تَلَذُّذِهِ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ. وَأَمَّا بِهِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ حُرْمَةُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ رَاجِحًا أَيْضًا فِي التَّلَذُّذِ (قَوْلُهُ فَالْتَذَّ بِهَا بِوَطْءٍ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت بَلْ الصَّوَابُ وَالْمُتَعَيِّنُ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْوَطْءُ فَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَا يُقَالُ فِي الْوَطْءِ الْتَذَّ قَالَهُ مُحَشِّي تت وَذَكَرَ النُّصُوصَ الْمُفِيدَةَ لِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.

(قَوْلُهُ نُدِبَ التَّنَزُّهُ إلَخْ) ، وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ التَّنَزُّهِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ وَالْخُضْرَةِ خَطَأٌ قَالَهُ الْبَدْرُ قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَيَنْبَغِي إذَا صَدَقَتْ الْحُرَّةُ الْأَبَ أَنْ تُؤْخَذَ بِإِقْرَارِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْوَلَدَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَا تَقُولُهُ الْأَمَةُ لِاتِّهَامِهَا فِي مَحَبَّةِ الْوَلَدِ أَوْ ضِدِّهَا (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ) وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَبُ لِابْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ فَلَا تَحِلُّ فَغَيْبَتُهُ مِثْلُ مَوْتِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِعَدَمِ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ فَلَوْ أَخْبَرَ الْأَبُ الْبَائِعُ مَثَلًا الْأَجْنَبِيَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ ثُمَّ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَلَدَ بِأَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْوَلَدَ لِأَجْنَبِيٍّ وَبَاعَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْوَالِدِ وَحَصَلَ مِثْلُ ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ أَنْ يُصَدَّقَ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ فَاعِلٌ إلَخْ) يُنَافِي قَوْلَهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَهُوَ فَاعِلٌ إلَخْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إذَا سَمَّى) أَوْ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَفْوِيضٍ

ص: 209

فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَمْعُ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) إلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ يُبَاحُ لَهُ تَزَوُّجُ ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَهُوَ مِنْ مَعْنَى الْحُدُودِ فَكَانَ طَلَاقُهُ نِصْفَ طَلَاقِ الْحُرِّ كَمَا فِي الْحُدُودِ.

(ص) أَوْ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ (ش) فَاعِلُ حَرُمَ يَرْجِعُ لِلنِّكَاحِ أَيْ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ إذَا قَدَّرْت إحْدَاهُمَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا لَحَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا فَيُفِيدُ مَنْعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُجَابُ بِتَخْصِيصِ هَذَا الضَّابِطِ بِمَا يَمْتَنِعُ جَمْعُهُمَا لِقَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَ حَرُمَ رَاجِعًا لِلْوَطْءِ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَةَ إذَا قُدِّرَتْ رَجُلًا جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ كَمَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَبِنْتُ زَوْجِهَا أَوْ أُمُّ زَوْجِهَا سَوَاءٌ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي حَرُمَ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَلِابْنَتِهِ بِنِكَاحٍ وَلَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَبِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ السَّابِقِ.

(ص) كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ كَمَا مَرَّ وَإِمَّا بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَسَيَأْتِي وَإِمَّا بِمِلْكٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، وَلَوْ طَرَأَ مِلْكُهَا عَلَى الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْئِهَا حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الْمَوْطُوءَةِ نَعَمْ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا لِلْخِدْمَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِلْخِدْمَةِ وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ فَالضَّمِيرُ فِي وَطْئِهِمَا لِلثِّنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ.

وَلَمَّا كَانَ صُوَرُ جَمْعِ الْمُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ إمَّا بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكٍ أَوْ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ شَرَعَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ لَوْ وَقَعَتْ فَقَالَ (ص) وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَاحِدٍ فُسِخَا أَبَدًا، وَإِنْ أَفْرَدَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي عَقْدٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْهُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فِي كَوْنِهَا الثَّانِيَةَ يُرِيدُ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِهَا؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِسُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْهُ الْوَاجِبِ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا الْأُولَى وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ فَقَوْلُهُ بِلَا طَلَاقٍ مُتَعَلِّقٌ بِفُسِخَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ إلَّا وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُشْبِهَ بِهِ مَا بَعْدَهُ.

(ص) كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْبَاءُ فِي بِعَقْدٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَحَذَفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَيْ بِكَأُمٍّ وَابْنَتِهَا جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ وَلَمَّا كَانَ لِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا إنْ دَخَلَ وَلَا إرْثَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَوَطِئَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا يُرِيدُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ. وَأَمَّا الْعَالِمُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ هَلْ يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْ الْوَاطِئِ أَمْ يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ. وَأَمَّا مَنْعُ الْإِرْثِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَوَاضِحٌ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ لِلْمَسِيسِ وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَبَالَغَ عَلَى الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَيْنِ.

(قَوْلُهُ أَيَّةٌ) مَوْصُولَةٌ وَصِلَتُهَا مَحْذُوفَةٌ وَأَيَّةُ مَفْعُولٌ أَوَّلُ نَائِبُ فَاعِلٍ قُدِّرَتْ وَقَوْلُهُ ذَكَرًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ لَوْ قُدِّرَتْ الَّتِي هِيَ مَعَهَا ذَكَرًا حَرُمَتْ الْأُخْرَى وَهِيَ مُبْهَمَةٌ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقْدِيرِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا) ؛ لِأَنَّك لَوْ قَدَّرْت الْجَارِيَةَ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى سَيِّدَتِهِ أَوْ قُدِّرَتْ السَّيِّدَةُ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَمَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجَتِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجِهَا.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ) أَيْ وَإِلَّا تُصَدَّقُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي مَفْهُومُ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ حَلِفِهَا إنْ كَذَّبَتْهُ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي أَنَّ فَاطِمَةَ مَثَلًا هِيَ الْأُولَى وَخَدِيجَةَ الثَّانِيَةُ وَهِيَ تُكَذِّبُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ فَاطِمَةَ هِيَ الْأُولَى وَاسْتَشْكَلَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي تَعْيِينِ الْأُولَى بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَدَمُ قَبُولِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَالزَّوْجُ يَقْبَلُهُمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا وَادَّعَتْ كِلْتَاهُمَا الْجَهْلَ مِثْلَهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا نِصْفَ صَدَاقٍ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمِ النِّصْفِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ زَوْجَةٌ قَطْعًا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى مَعَ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا إنْ حَلَفَتْ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَتْ مِنْهُمَا، فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَقَالَتْ الْأُخْرَى لَا أَدْرِي حَلَفَتْ الْمُدَّعِيَةُ وَأَخَذَتْ نِصْفَ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ صَدَاقِهَا هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ حَيًّا وَادَّعَى جَهْلَ الْأُولَى، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَتَأْخُذُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا وَمَنْ نَكَلَتْ لَا شَيْءَ لَهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِسُقُوطٍ إلَخْ) فَإِذَا دَخَلَ بِهَا لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْبِنَاءِ وَفَارَقَهَا وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى الْمُدَّعِيَةِ أَنَّهَا الْأُولَى وَمُوَافَقَتُهُ لَهَا فِي دَعْوَاهَا وَظَاهِرُهُ حَلَفَ لِلْأُخْرَى أَمْ لَا (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) الْأَوَّلُ إذَا دَخَلَ بِهِمَا الثَّانِي لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ الثَّالِثُ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَالْمُرَادُ بِهِ التَّلَذُّذُ (قَوْلُهُ هَلْ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ) بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهَا بِنْتُهَا (قَوْلُهُ وَبَالَغَ إلَخْ) لَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَلَا يَصْلُحُ هُنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا جَمَعَهُمَا عَقْدٌ وَاحِدٌ

ص: 210

التَّحْرِيمِ إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَلُزُومُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْعَقْدِ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فَكَذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ وَيَأْتِي مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمُرَتَّبَتَيْنِ وَهِيَ الْأُولَى ثَبَتَ عَلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَتَأَبَّدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّانِيَةِ وَكَانَتْ الْبِنْتَ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُهَا وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ حَرُمَتَا أَبَدًا وَلَا مِيرَاثَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْمَدْخُولَ بِهَا أَهِيَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ فَيَحْرُمَانِ أَبَدًا إنْ كَانَتْ الْأُمَّ وَلَا مِيرَاثَ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ، فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ كَانَ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَصُوِّبَ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.

(ص) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ حَلَّتْ الْأُمُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَمَعَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ إذَا كَانَ صَحِيحًا. وَأَمَّا الْفَاسِدُ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّحِيحِ. وَأَمَّا حِلِّيَّةُ الْبِنْتِ فَلَا خِلَافَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ فَأَحْرَى الْفَاسِدُ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حِلِّيَّةِ الْأُمِّ وَقَوْلُنَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ عَقْدُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ وَيُمْسِكُ الْأُولَى كَانَتْ الْأُمَّ أَوْ الْبِنْتَ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا الْأُمَّ فَهِيَ حَرَامٌ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتَ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ الْأُولَى وَهِيَ الْأُمُّ وَيَتَزَوَّجَهَا وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ. وَأَمَّا مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ إلَخْ.

(ص) ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ فَالْإِرْثُ وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَبِنْتِهَا مُرَتَّبَتَيْنِ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الْإِرْثَ بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ سَبَبِهِ وَجَهْلِ مُسْتَحِقِّهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ تَكْمُلُ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَدَّعِيهِ مِنْ غَيْرِ مُصَدِّقٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقَيْنِ فَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الصَّدَاقَانِ أَوْ اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) كَأَنْ لَمْ تَعْلَمْ الْخَامِسَةُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْمِيرَاثِ وَالصَّدَاقِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَزَوَّجَ خَمْسَ نِسْوَةٍ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ جَمَعَ أَرْبَعًا بِعَقْدٍ وَأَفْرَدَ وَاحِدَةً بِعَقْدٍ أَوْ جَمَعَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بِعَقْدٍ وَأَفْرَدَ مَا بَقِيَ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِعَقْدٍ وَمَاتَ الزَّوْجُ وَلَمْ تَعْلَمْ الْخَامِسَةُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ فَإِنَّ الْإِرْثَ يَقْتَسِمْنَهُ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ نِكَاحَ أَرْبَعٍ صَحِيحٌ وَلِمَنْ مَسَّهَا مِنْهُنَّ صَدَاقُهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَلَهُنَّ خَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ وَبِأَرْبَعٍ فَلَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ وَلِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نِصْفُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إنْ شَرْطِيَّةً) هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُمِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا يُحَرَّمَانِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْبِنْتِ الْفَاسِدِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت رحمه الله رَحْمَةً وَاسِعَةً (قَوْلُهُ حُرِّمَتَا أَبَدًا إلَخْ) أَمَّا الْأُمُّ فَلِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ. وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَعَلَى هَذَا، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ فَيُحَرَّمَانِ أَبَدًا إنْ كَانَتْ الْأُمَّ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ أَيْ فَالْأُمُّ مَدْخُولٌ بِهَا قَطْعًا لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هِيَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْأُمُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ هِيَ الثَّانِيَةُ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ وَحُرِّمَتْ الْبِنْتُ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَقَوْلُهُ وَلَا مِيرَاثَ أَيْ حَيْثُ حَكَمْنَا بِتَحْرِيمِهِمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا) مَعًا مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأُولَى فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ فَالْعَقْدُ عَلَى الْأُمَّهَاتِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا عَلِمَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا وَجُهِلَ كَوْنُهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى وَثَلَاثَةَ قُرُوءٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ وَقَوْلُهُ وَصُوِّبَ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا أَيْ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى تَرِثُ وَعَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ لَا تَرِثُ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ وَكَانَ عَقْدُهُمَا مَعًا وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَحِلُّ لَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَتْ الْأُمَّ وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَدْخُولَ بِهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ حَلَّتْ الْأُمُّ) وَأَوْلَى الْبِنْتُ وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْهُمَا فَهِيَ عَلَى الْعِصْمَةِ كَامِلَةٌ وَسَكَتَ أَيْضًا عَمَّا إذَا عَلِمَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَجَهِلَتْ وَكَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، فَإِنْ جَهِلَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَقَلُّ الْمَهْرَيْنِ كَانَ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ. وَأَمَّا مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا إلَخْ) وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ فَإِنَّ سَبَبَ الْمِيرَاثِ فِي كُلٍّ مُحَقَّقٌ وَالْجَهْلُ فِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ النَّظَرُ إلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِ رَجُلَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ دُونَ اجْتِمَاعِ امْرَأَتَيْنِ لِرَجُلٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَبِأَرْبَعٍ إلَخْ) وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ أَصْلًا وَمَا إذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ وَمَا إذَا دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا إذَا دَخَلَ

ص: 211

صَدَاقٍ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَامِسَةٍ وَأَنَّ الْخَامِسَةَ إحْدَى الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَيَدَّعِي الْوَارِثُ أَنَّهَا هِيَ الْخَامِسَةُ فَلَا شَيْءَ لَهَا فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. .

وَلَمَّا قَدَّمَ ضَابِطَ مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ وَكَانَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ تَحْرِيمُهُ مُؤَبَّدٌ كَالْبِنْتِ مَعَ الْأُمِّ عَلَى مَا مَرَّ وَبَعْضُهَا مُقَيَّدٌ كَالْأُخْتَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَا يُزِيلُ ذَلِكَ الْقَيْدَ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ السَّابِقَةَ إمَّا مَنْكُوحَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ وَإِلَى مَا يُزِيلُ ذَلِكَ الْقَيْدَ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهِ (ص) وَحَلَّتْ الْأُخْتُ بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا مَثَلًا بِمِلْكٍ أَوْ بِنِكَاحٍ مَا دَامَتْ الْأُولًى فِي عِصْمَتِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُبِينَهَا إمَّا بِأَنْ يُخَالِعَهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا فَإِذَا ادَّعَتْ احْتِبَاسَ الدَّمِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ بَعْدَهَا تَحْرِيكًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ فَإِنْ صَدَّقْنَهَا لَمْ تَحِلَّ أُخْتُهَا مَثَلًا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ التَّرَبُّصُ إلَى أَقْصَى الْحَمْلِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ.

(ص) أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ بِعِتْقٍ، وَإِنْ لِأَجَلٍ أَوْ كِتَابَةٍ (ش) مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا خَاصٌّ بِالنِّكَاحِ كَمَا مَرَّ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يُمْنَعُ الْجَمْعَ مَعَهَا مِنْ عَمَّةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُحَرِّمَ فَرْجَ السَّابِقَةِ بِعِتْقٍ نَاجِزٍ، وَإِنْ لِبَعْضِهَا أَوْ مُؤَجَّلٍ أَوْ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ عَجْزِهَا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَنْعُ وَطْءِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرِّسَالَةِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَإِذَا وَطِئَهَا وَحَمَلَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَسَقَطَتْ عَنْهَا خِدْمَتُهَا بِذَلِكَ فَيُعَجَّلُ عِتْقُهَا حِينَئِذٍ وَقِيلَ لَا يُعَجَّلُ لِبَقَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَهُ إنْ جُرِحَتْ وَقِيمَتُهَا إنْ قُتِلَتْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَجَّلَ عِتْقَهَا أَوْ بَقِيَتْ إلَى أَجَلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بَقِيَتْ مُعْتَقَةً لِأَجَلٍ فَلَهَا حُكْمُهَا وَمِثْلُ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ عِتْقُ الْبَعْضِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

(ص) أَوْ إنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَقَدَ عَلَى أَمَتِهِ لِشَخْصٍ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أُخْتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّنْ يَحْرُمُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ مَعَهَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْمُشْعِرِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحِلِّيَّةِ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ مَتْرُوكٌ وَلَكِنَّ عُدُولَهُ عَنْ لَفْظِ نِكَاحٍ الَّذِي

ــ

[حاشية العدوي]

بِثَلَاثٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ يَقْتَسِمْنَهُ عَلَى قَدْرِ أَصْدِقَتِهِنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ صَدَاقِهَا كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَإِنْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ فَلِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ أَصْدِقَتُهُنَّ وَلِلْبَاقِيَتَيْنِ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ رَابِعَةٌ قَطْعًا وَالْأُخْرَى تَدَّعِي أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَأَنَّ الْخَامِسَةَ مِنْ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَالْوَارِثُ مُنَازِعُهَا فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ فَيَكُونُ لَهُمَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمَةِ صَدَاقٍ وَنِصْفٍ عَلَيْهِمَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا كَثُرَ أَوْ قَلَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِاثْنَيْنِ فَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ لِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ صَدَاقَيْنِ قَطْعًا وَالصَّدَاقُ الثَّالِثُ يُنَازِعُ فِيهِ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا عَلَى إلَّا اثْنَانِ فَقَطْ، وَإِنْ وَاحِدَةٌ مِنْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا خَامِسَةً قَطْعًا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَهُنَّ يَقُلْنَ أَنَّ الْخَامِسَةَ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنَّا بَلْ هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ اللَّتَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا قُلْنَا ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ كَوَامِلُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِذَا قُسِمَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُلُثًا ثَمَنُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُهَا إلَّا ثَمَنُهُ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ خِلَافًا لِمَا فِي عب.

(قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ ضَابِطَ مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبِنْتَ وَالْأُمَّ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُمَا لَا مَعِيَّةً وَلَا تَرْتِيبًا فَلَا يَدْخُلَانِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَمَّتِهَا إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَحَلَّتْ كَأُخْتٍ وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي الْأُخْتِيَّةِ تَقْتَضِي جَرَيَانَهَا فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقْنَهَا) الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ تَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْنَهَا إلَخْ وَهَلْ مَنْعُهُ مِنْ النِّكَاحِ يُسَمَّى عِدَّةٌ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَعْتَدُّ فِيهَا الزَّوْجُ وَمِنْهَا مَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَمِنْهَا إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا وَادَّعَى حَمْلَهَا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِأَجْلِ إرْثِ حَمْلِهَا إنْ كَانَ بِإِخْوَةٍ لِأُمٍّ أَيْ إنْ كَانَ الْإِرْثُ بِسَبَبِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ.

(قَوْلُهُ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ عَلَى الْوَطْءِ لَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إنْكَاحٍ فَإِنَّ كُلًّا لَا يُزِيلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَإِنَّمَا يُزِيلُ مِلْكَ الْوَطْءِ أَيْ لَمْ يَبْقَ لَهُ تَسَلُّطٌ شَرْعِيٌّ عَلَى الْوَطْءِ أَيْ أَوْ زَوَالِ حِلِّ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كِتَابَةٍ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ يُخَالِفُ فِيهَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَرِيحِ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَبَهًا بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَيْ بِالْعَقْدِ عَلَى امْرَأَةٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ خِدْمَتُهَا) أَيْ الْخِدْمَةُ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُعْتَقَةَ لِأَجْلِ (قَوْلِهِ لِبَقَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا يَقُولُ لَمَّا سَقَطَتْ خِدْمَتُهَا صَارَ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهَا أُمَّ وَلَدٍ فَيُنْجِزُ عِتْقَهَا وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ هُنَاكَ فَائِدَةٌ فِي بَقَائِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَهُوَ بَقَاءُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَهُ إنْ جُرِحَتْ وَقِيمَتِهَا إنْ قُتِلَتْ فَلَا يُنْجِزُ عِتْقَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَ تَنْجِيزِ عِتْقِهَا فِي قَتْلِهَا الْقِيمَةُ بَلْ فِي قَتْلِهَا الدِّيَةُ كَمَا هُوَ فِي كُلِّ حُرٍّ كَانَتْ حُرِّيَّتُهُ أَصَالَةً أَوْ طَارِئَةً بِالْعِتْقِ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ عِتْقُ الْبَعْضِ) فَتَحِلُّ أُخْتُهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ لِحُرْمَةِ وَطْءِ الْمُبَعَّضَةِ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ عِتْقُهَا لِدَيْنٍ أَوْ أَنَّ حُصُولَ التَّحْرِيمِ بِعِتْقِ الْبَعْضِ لَا يُنَافِي أَنَّ عِتْقَ الْبَعْضِ يُوجِبُ التَّكْمِيلَ أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا) أَيْ أَوْ فَاسِدًا

ص: 212

هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ الصَّالِحِ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ الدُّخُولُ إلَى الْإِنْكَاحِ الرُّبَاعِيِّ الَّذِي لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إلَّا الْعَقْدُ دَلِيلٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ إنْكَاحَ إفْعَالٌ أَيْ إيجَادُ الْعَقْدِ.

(ص) أَوْ أَسْرٌ أَوْ إبَاقُ إيَاسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا أَسَرَهَا الْعَدُوُّ أَوْ أَبَقَتْ إبَاقًا أَيِسَ سَيِّدُهَا مِنْ عَوْدِهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالنِّكَاحِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا مِنْ أُخْتٍ وَنَحْوِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَسْرَ بِالْإِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَلِذَلِكَ حَسُنَ التَّقْيِيدُ فِيهِ بِالْيَأْسِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ تُوطَأُ بِالْمِلْكِ. وَأَمَّا مَنْ تُوطَأُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ مَعَهَا بِأَسْرِهَا أَوْ إبَاقِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ أَسْرِهَا طَلَاقًا بَائِنًا حَلَّتْ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ مَعَهَا مِنْ أُخْتٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ تَحِلَّ كَأُخْتِهَا إلَّا بِمُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ أَسْرِهَا لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَتَأَخُّرِهِ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا لِاحْتِمَالِ رِيبَتِهَا وَحَيْضَتِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي آخِرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِمُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهَكَذَا، وَإِنْ أُسِرَتْ بِفَوْرِ نِفَاسِهَا اكْتَفَتْ بِثَلَاثِ سِنِينَ لِلْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا كَمَا قَالَهُ ح وَقَوْلُهُ بِمُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ أَسْرِهَا نَأْيٌ إنْ كَانَ مُسْتَرْسِلًا عَلَيْهَا لِوَقْتِ الْأَسْرِ وَإِلَّا فَتُعْتَبَرُ الْخَمْسَةُ مِنْ يَوْمِ أَمْسَكَ عَنْهَا وَمِثْلُ أَسْرِهَا بِفَوْرِ نِفَاسِهَا مَا إذَا تَحَقَّقَ نَفْيُ حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ اكْتَفَتْ بِثَلَاثِ سِنِينَ أَيْ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا مَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا أَكْثَرَ فَيُعْمَلُ بِمَا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهَا.

(ص) أَوْ بَيْعٍ دَلَّسَ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمَعِيبَةِ بَيْعًا صَحِيحًا كَافٍ فِي حِلِّيَّةِ مَنْ يَحْرُمُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهَا حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ فِيهِمَا (ص) لَا فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ وَحَيْضٍ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ وَرِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ وَظِهَارٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَخِيَارٍ وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَإِخْدَامِ سَنَةٍ وَهِبَةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ، وَإِنْ بِبَيْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي حِلِّيَّةٍ كَالْأُخْتِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ فَإِذَا بَاعَ الْمَوْطُوءَةَ بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ زَوَّجَهَا تَزْوِيجًا فَاسِدًا وَلَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سَوْقٍ فَأَعْلَى أَوْ دُخُولٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى وَكَذَا إذَا حَاضَتْ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ وَلَا يَحْرُمُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ. وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ مِنْ شُبْهَةٍ أَيْ الَّتِي غَلِطَ بِهَا فَهِيَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْرُمُ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ زَمَنَهُ قَصِيرٌ وَأَقْصَرُ مِنْهُ زَمَنُ الِاسْتِتَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَدَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالْغَالِبُ رُجُوعُهَا إلَى الْإِسْلَامِ لِخَوْفِ الْقَتْلِ وَزَمَنِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَصِيرٍ. وَأَمَّا الظِّهَارُ فَلَا يَحِلُّ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمُظَاهِرَ قَادِرٌ عَلَى رَفْعِ تَحْرِيمِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِالْكَفَّارَةِ وَلَا تَحِلُّ كَالْأُخْتِ بِيَمِينٍ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ أُخْتِهَا، وَلَوْ بِحُرِّيَّتِهَا. وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ فَهُوَ كَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ. وَأَمَّا بَيْعُ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَكْفِي فِي تَحْرِيمِ الْمَبِيعَةِ وَحِلِّيَّةِ الْأُخْرَى لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ كَمَا إذَا أَبْقَى الْأُولَى وَحَرَّمَ الثَّانِيَةَ فَلَا تَحْتَاجُ الْأُولَى إلَى اسْتِبْرَاءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لَوَطِئَهَا زَمَنُ الْإِيقَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا لِفَسَادِ مَائِهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْخِيَارُ وَاحْتَرَزَ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

يَمْضِي بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ نِكَاحَ عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنٍ ثُمَّ أُجِيزَ وَكَنِكَاحِ ذِي عَيْبٍ أَوْ غَرَرٍ ثُمَّ رَضِيَ الْآخَرُ فَتَحِلُّ بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي الْأَوَّلِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إنْكَاحَ إفْعَالٌ إلَخْ) وَيَكُونُ قَوْلُهُ يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ أَيْ يَحِلُّ وَطْؤُهُ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ لَازِمًا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ أَوْ شَأْنُهُ يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ لَوْ وَطِئَ.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ رِيبَتِهَا) أَيْ بِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ وَحَيْضَتِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي آخِرِهَا) . وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحِضْ فِي آخِرِهَا وَكَانَتْ تَحِلُّ بِمُضِيِّ السَّنَةِ فَلَمَّا حَاضَتْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَتَنْتَظِرُ إمَّا حَيْضَةً أَوْ سَنَةً بَيْضَاءَ فَإِنْ جَاءَتْ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ حَلَّتْ، وَإِنْ جَاءَتْهَا الْحَيْضَةُ تَنْتَظِرُ إمَّا الْحَيْضَةَ أَوْ سَنَةً بَيْضَاءَ وَحِينَئِذٍ تَحِلُّ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَرَّةً (قَوْلُهُ اكْتَفَتْ بِثَلَاثِ سِنِينَ) مِنْ طَلَاقِهَا، وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ قَبْلَ السَّنَةِ خِلَافًا لعب؛ لِأَنَّ التَّرَبُّصَ سَنَةً إنَّمَا هُوَ لِاحْتِمَالِ الِاحْتِبَاسِ لِمَنْ تَكُونُ عَادَتُهَا الْحَيْضُ قَبْلَ السَّنَةِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ) وَالْمُتَوَاضِعَةُ هِيَ الْجَارِيَةُ الَّتِي أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمَوْضُوعَ هُنَا أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِوَطْئِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا وَكَذَا إنْ كَانَتْ فِيهَا عُهْدَةٌ أَوْ خِيَارٌ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ دَلَّسَ فِيهِ مَفْهُومُهُ أَحْرَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَيْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِطْلَاقُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا تَجُوزُ (قَوْلُهُ وَرِدَّةٍ) أَيْ فِي أَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ. وَأَمَّا رِدَّةُ الزَّوْجَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بَيْنُونَةُ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ قَصَدَتْ بِرِدَّتِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي حِلِّيَّةِ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِسَبَبِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الرِّدَّةَ غَيْرُ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِبْرَاءٍ) أَيْ بِأَنْ زَنَى بِهَا إنْسَانٌ أَوْ غَصَبَهَا أَوْ أَنَّهُ وَطِئَ الْأُخْتَ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ يُرِيدُ الْعَوْدَ لِلْأُولَى بَعْدَ أَخْذِهِ فِي اسْتِبْرَاءِ الثَّانِيَةِ فَلَا تَحِلُّ الْأُولَى بِهَذَا الِاسْتِبْرَاءِ ذَكَرَهُ فِي ك إلَّا أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ.

وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا أَبْقَى الْأُولَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا زَمَنَ الْإِيقَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَزَمَنُ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَصِيرٌ) أَيْ. وَأَمَّا إحْرَامُهُ قَبْلَ زَمَانِهِ فَهُوَ أَمْرٌ نَادِرٌ وَمَكْرُوهٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ فَمَعْنَاهُ أَنَّ إنْسَانًا وَطِئَهَا غَلَطًا فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ عِدَّةُ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِبْرَاءٍ عَلَى خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْنِي مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مَا إذَا وَطِئَ الْأُخْتَ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ يُرِيدُ الْعَوْدَ لِلْأُولَى كَمَا بَيَّنَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهَا بِغَيْرِهَا وَقَالَ مُحَشِّي تت بَلْ الْمُتَعَيِّنُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأُولَى بَيْعًا فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ أَيْ مُوَاضَعَةٌ

ص: 213

عُهْدَةِ السَّنَةِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَبِيعَةِ وَحِلِّيَّةِ الْأُخْرَى لِطُولِ زَمَنِهَا وَنُدُورِ أَدْوَائِهَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّ إخْدَامَ الْأَمَةِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يُحِلُّ أُخْتَهَا لِلسَّيِّدِ فَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ مَا عَدَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا هِبَةُ الْأَمَةِ فَلَا يَكْفِي فِي حِلِّيَّةِ أُخْتِهَا مَثَلًا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ قَادِرًا عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا إمَّا بِاعْتِصَارٍ كَمَا إذَا وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِمَّا بِشِرَاءٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَمَا إذَا وَهَبَهَا الْمَحْجُورَةَ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ فَقَوْلُهُ وَأَنْ يَبِيعَ مُبَالَغَةٌ فِي الِاعْتِصَارِ بِمَعْنَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الرُّجُوعُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ بِشِرَائِهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ فَوَاتِهَا.

(ص) بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِمَنْ يَصِحُّ الِاعْتِصَارُ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِالْمَوْطُوءَةِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَافِيًا فِي حِلِّيَّةِ وَطْءٍ كَأُخْتِهَا وَهِبَتِهَا لِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَصْلًا يَحِلُّ كَالْأُخْتِ وَإِنْ كَانَتْ لِثَوَابٍ فَلَا تَحِلُّ كَالْأُخْتِ حَتَّى يُعَوَّضَ عَلَيْهَا أَوْ تَفُوتَ عِنْدَهُ وَتَجِبُ فِيهَا الْقِيمَةُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ.

(ص) وَإِخْدَامِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَخْدَمَ مَوْطُوءَتَهُ سِنِينَ كَثِيرَةً بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَالْخَمْسَةِ فَمَا فَوْقَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِلُّ لَهُ وَطْءَ كَأُخْتِهَا وَمِثْلُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ حَيَاةُ الْمُخْدَمِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا بِمُسَوِّغٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ وَطْءُ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ فَقَالَ (ص) وَوَقْفٍ إنْ وَطِئَهُمَا لِيُحَرِّمَ، فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَطِئَ كَالْأُخْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لِوَطْءِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَنْهُمَا لِيُحَرِّمَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِمُحَرَّمٍ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا، فَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى وَحَرَّمَ الثَّانِيَةَ اسْتَمَرَّ عَلَى الْأُولَى مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَائِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لَوَطِئَهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا لِفَسَادِ مَائِهِ، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا لِفَسَادِ مَائِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ فَقَدْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَذْفِ فَإِذَا نَسَبَ شَخْصٌ هَذَا الْوَلَدَ إلَى شُبْهَةٍ فِي نِسْبَةٍ لَمْ يُحَدَّ حَيْثُ نَشَأَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْفَسْخِ.

(ص) ، وَإِنْ عَقَدَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا بِبَيْعٍ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَلَا عَلَى الْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَرْنُهُ بِالْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَدْوَائِهَا) جَمْعُ دَاءٍ وَهِيَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَخْدُمَهَا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ مَا عَدَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ أَرْبَعَةٌ فَمَا فَوْقَ (قَوْلُهُ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حُصُولِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ وَلَدٍ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَعْتَصِرُهَا بِالْعِوَضِ، فَإِنْ قُلْت شِرَاءُ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ لَا يَجُوزُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ انْتِزَاعُهَا بِالْبَيْعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ شِرَاؤُهُ مَالُ مَحْجُورِهِ الَّذِي لَمْ يَهَبْهُ لَهُ. وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَا يُمْنَعُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْهِبَةَ لِمَنْ يَعْتَصِرُ لَا تَحِلُّ بِهَا الْأُخْتُ ظَاهِرًا وَتَحِلُّ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ بِشِرَائِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْبَيْعَ عَلَى الشِّرَاءِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ بِشِرَاءٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ فَوَاتِهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَهَبَهَا لِابْنِهِ وَفَاتَتْ فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ أُخْتُهَا؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اعْتِصَارِهَا بِالشِّرَاءِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ عب أَوَّلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى حَصَلَ مُفَوِّتٌ جَازَ لَهُ وَطْءٌ كَأُخْتِهَا وَحِينَئِذٍ نَقُولُ لَك مَا فِيهِ الصَّوَابُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَهَبَهَا لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا الثَّوَابُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا فَإِذَا فَاتَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ حَلَّتْ الْأُخْتُ لِثَوَابٍ أَمْ لَا كَانَتْ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ لَمْ تَحِلَّ إنْ كَانَتْ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ كَانَتْ لِثَوَابٍ، وَلَوْ قَبَضَهُ أَمْ لَا وَلِغَيْرِهِ تَحِلُّ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ ثَوَابٍ كَأَنْ يَكُونَ لِثَوَابٍ وَقَبَضَهُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّيَّةِ أُخْتِهَا. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الصَّدَقَةِ فَيَكْفِي حَوْزُهُ لِمَحْجُورِهِ وَالْحَوْزُ إمَّا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَعْتَقَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْزِ فَيَمْضِي فِعْلُهُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَكْفِي لِقُدْرَةِ الْأَبِ عَلَى انْتِزَاعِهَا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ كَالْخَمْسَةِ فَمَا فَوْقَ) بَلْ الْأَرْبَعَةُ كَذَلِكَ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُخْدِمِ بِالْكَسْرِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمُخْدِمَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ حَوْزُ الْهِبَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُحْمَلُ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ فَيُؤَدِّي إلَى اسْتِخْدَامِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ قُلْت حَيْثُ حَرُمَ وَطْءُ الْمُخْدِمَةِ فَلِمَ لَمْ تَحِلَّ بِهِ الْأُخْتُ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّتُهُ قَلِيلَةً كَسَنَةٍ قُلْت لَعَلَّهُ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا لَا تَحْرُمُ حَيْثُ قَلَّتْ مُدَّتُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ وَطْئِهَا وَبَيْنَ جَوَازِ وَطْءِ السَّيِّدِ لِلْمُؤَجِّرَةِ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي إيجَارُهَا فِي حِلِّيَّةِ أُخْتِهَا قُلْت لَعَلَّهُ أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ إذَا حَمَلَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَسَقَطَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأُجْرَةُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُخْدِمَةِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ خِدْمَتِهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَهُ مِثْلَهَا إنْ أَيْسَرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَطِئَ الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ فَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُحَدُّ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ. وَأَمَّا الْمُؤَجَّرَةُ فَيَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَطَأَهَا زَمَنَ الْإِجَارَةِ وَقَالَ بِحُرْمَةِ وَطْءِ الْمُخْدِمَةِ أَبُو الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ وَوَقَفَ إنْ وَطِئَهُمَا) أَيْ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لِوَطْئِهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ) هَذَا فِي الْمَوْطُوءَتَيْنِ بِالْمِلْكِ وَفِيمَا إذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ وَأُخْرَى بِمِلْكٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ

ص: 214

فَاشْتَرَى فَالْأُولَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا ثُمَّ اشْتَرَى مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى وَيُبْقِي الثَّانِيَةَ عِنْدَهُ لِلْخِدْمَةِ فَقَطْ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ (ص) ، فَإِنْ وَطِئَ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَكَالْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ الْمُشْتَرَاةَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى كَأُخْتِهَا أَوْ عَقَدَ عَلَى كَالْأُخْتِ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِمُقَدِّمَةِ جِمَاعٍ فَمَا فَوْقَهَا بِكَأُخْتِهَا بِمِلْكٍ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يُوقِفَ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ أَيَّتَهمَا شَاءَ إمَّا الْمَنْكُوحَةُ بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةُ بِزَوَالِ مِلْكٍ بِمَنْزِلَةِ وَطْءٍ كَالْأُخْتَيْنِ فَقَوْلُهُ فَكَالْأَوَّلِ أَيْ فَكَالْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَوَقَفَ عَنْهُمَا لِيُحَرِّمَ فَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْفَرْعَيْنِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى لِلْوَطْءِ لَا لِلْخِدْمَةِ أَبَانَ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ وَقَفَ عَنْ الْأُولَى أَيْ كَفَّ عَنْهَا وَيُوَكِّلُ ذَلِكَ لِأَمَانَتِهِ.

(ص) وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرَّمَ يَعْنِي أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ وَهِيَ الْمُسْتَوْفَاةُ طَلَاقًا ثَلَاثًا لِلْحُرِّ وَاثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ أَوْ مَا فِي مَعْنَى الثَّلَاثِ كَالْبَتَّةِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا لِمَنْ طَلَّقَهَا، وَلَوْ بِالْمِلْكِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ مُسْلِمًا بَالِغًا عِنْدَ الْوَطْءِ وَيَدْخُلَ بِهَا وَيُصِيبَهَا بِذَكَرِهِ الْمُنْتَشِرِ فِي قُبُلِهَا، وَلَوْ حَصَلَ الِانْتِشَارُ بَعْدَ الْإِيلَاجِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ يُطَلِّقَ أَوْ يَمُوتَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ الْإِسْلَامُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لَازِمٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ زِيَادَةِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهَا يَلْزَمُ التَّكْرَارُ (ص) بِلَا مَنْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِيلَاجَ الْمَذْكُورَ لَا تَحِلُّ بِهِ الْمَبْتُوتَةُ إلَّا إذَا كَانَ إيلَاجًا مُبَاحًا، فَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِهِ كَمَا إذَا وَطِئَهَا فِي حَالِ إحْرَامِهَا وَنَحْوِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَطْءِ الْمَمْنُوعِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ فِي قُبُلٍ لَكَانَ أَحْسَنَ غَيْرَ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَشْمَلُ الدُّبُرَ وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْنُوعِ الْوَطْءُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمُسْتَدْبِرَهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَكُلُّ وَطْءٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ أَيْ فَلَا يُحِلُّهَا وَفِي التَّبْصِرَةِ مَا يُخَالِفُهُ (ص) وَلَا نُكْرَةَ فِيهِ (ش) أَيْ فِي الْإِيلَاجِ بِأَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْإِيلَاجِ أَوْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ فَقَوْلُهُ فِيهِ يَتَنَازَعُ فِيهِ قَوْلُهُ وَلَا نُكْرَةَ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَيْ بِلَا مَنْعٍ فِيهِ وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى الْمِلْكِ أَوْ تَأَخَّرَ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتَا مِنْ نِكَاحٍ فَإِنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُهَا، وَلَوْ وَطِئَهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ قَالَهُ عج.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَطِئَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي جُلِّهَا بِالْوَاوِ وَيَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمُفَرَّعِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ إلَخْ عَكْسُهُ فَكَيْفَ يُفَرِّعُ مَا هُوَ عَكْسُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَى الثَّانِي فَوَاتُ الرَّبْطِ اهـ الْبَدْرُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا رحمه الله يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِجَوَابَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ بِاعْتِبَارِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومُ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ، وَإِنْ عَقَدَ فَاشْتَرَى عَكْسَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّغْلِيبِ وَهُوَ بَابٌ وَاسِعٌ وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّ الرَّبْطَ مَفْهُومٌ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَيُوَكِّلُ ذَلِكَ لِأَمَانَتِهِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ الْمُسَوِّغَاتِ السَّابِقَةِ وَإِذَا اخْتَارَ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ هَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ لَا نَظَرَ فِيهِ أَبُو الْحَسَنِ وَهَذِهِ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ قَالَ بَعْضٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا الْمُسَمَّى كَامِلًا وَهَذَا أَيْضًا جَارٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَتَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ فِي هَذِهِ مِثْلُ تَحْرِيمِهَا فِي تِلْكَ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ.

(قَوْلُهُ وَالْمَبْتُوتَةُ) ، وَلَوْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ مَلْفُوفًا بِخِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ فَلَا تَحِلُّ وَلَا تُحْصِنُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً حَلَّتْ وَتَحَصَّنَتْ بِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهَا إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ غُسْلًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَطْءَ الْعِنِّينِ وَالْخُنْثَى لَا يُحِلُّهَا اهـ ك (قَوْلُهُ بَالِغٌ) أَيْ الْوَاطِئُ بَالِغٌ، وَلَوْ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ غَيْرَ بَالِغٍ (قَوْلُهُ قَدْرَ الْحَشَفَةِ) أَيْ فِيمَنْ لَا حَشَفَةَ لَهُ خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ أَوْ الْحَشَفَةُ فِيمَنْ هِيَ لَهُ أَيْ فِي مُطِيقَةٍ وَفِي غَيْرِهَا عَدَمٌ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا مَنْعٍ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرُمَ) يَرُدُّ أَنَّ حَرُمَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ حَرُمَتْ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ أَوْ الْمُرَادُ الْجِنْسُ أَيْ وَحَرُمَ هَذَا الْجِنْسُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْعُسَيْلَةِ فِي الْحَدِيثِ الْإِيلَاجُ تَصْغِيرُ عَسَلٍ؛ لِأَنَّهَا حَالَةٌ تُشْبِهُ حَلَاوَةَ الْعَسَلِ بِخِلَافِ الْإِنْزَالِ يُقَالُ لَهُ ذُبَيْلَةٌ الْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ فِي لَذَّةٍ فِي الْمُلَاعَبَةِ حَتَّى إذَا أَوْلَجَ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ لَذَّةُ الْعَسَلِ ثُمَّ لَا يَزَالُ يُتْعِبُ نَفْسَهُ وَيُجْهِدُهَا إلَى أَنْ يُنْزِلَ فَيَحْصُلَ لَهُ فُتُورٌ فَهُوَ يَبْدَأُ بِلَذَّةٍ وَيَخْتِمُ بِأَلَمٍ وَلِهَذَا ذَهَبَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَبِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ إلَى أَنَّ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَلَذُّ وَأَمْتَعُ مِنْ حَالَةِ الْإِنْزَالِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ بِالْعَكْسِ قَالَ، وَلَوْ دَامَتْ لَقَتَلَتْ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ الْإِسْلَامُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَا يَكُونُ إلَّا صَحِيحًا أَيْ وَأَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ أَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فِي قُبُلٍ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ بِلَا مَنْعٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَا مَنْعٍ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ قُلْنَا وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْنُوعِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ يَشْمَلُ الدُّبُرَ أَيْ فَيَخْرُجُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ بِقَوْلِهِ بِلَا مَنْعٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ فِي قُبُلٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُمَا إقْرَارٌ) أَيْ لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ أَوْ مَوْتِهِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِهَا وَأَشَارَ الْحَطَّابُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَرْعٌ إذَا عُلِمَتْ الْخَلْوَةُ وَغَابَ الْمُحَلِّلُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ مِنْهُ إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ صُدِّقَتْ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا أَيْ مَعًا فَلَا يُنَافَى أَنَّهَا تَدَّعِي الْإِصَابَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ ابْتِدَاءً ثُمَّ اعْتَرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي الْإِنْكَارِ فَلَا يُصَدَّقُ.

ص: 215

نُكْرَةَ فِيهِ فَلَوْ حَصَلَتْ نُكْرَةٌ فِي الْإِيلَاجِ فَلَا تَحِلُّ وَظَاهِرُهُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ عَلَيْهِ (ص) بِانْتِشَارٍ (ش) هَذَا أَيْضًا مِنْ شُرُوطِ الْإِحْلَالِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ إلَّا الْوَطْءُ مَعَ انْتِشَارِ الذَّكَرِ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ إذْ لَا تَحْصُلُ الْعُسَيْلَةُ إلَّا مَعَ الِانْتِشَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ تَامًّا وَبَاءُ بِانْتِشَارٍ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسًا الْإِيلَاجُ بِانْتِشَارٍ مُقَارِنٍ أَوْ مُتَعَقِّبٍ لَهُ.

(ص) فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ يَكُونَ فِي نِكَاحٍ فَوَطْءُ سَيِّدِهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَازِمٍ مِنْ الْوَطْءِ لَهَا فِي نِكَاحٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَنِكَاحِ الْمَحْجُورِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ فَلَا تَحِلُّ لِمَنْ طَلَّقَهَا إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْإِجَازَةِ (ص) وَعُلِمَ خَلْوَةٌ وَزَوْجَةٌ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ الَّتِي تُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ تُعْلَمَ الْخَلْوَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُحَلِّلِهَا، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ، وَلَوْ صَدَّقَهَا الثَّانِي عَلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى الْوَطْءِ لِتَمَلُّكِ الرَّجْعَةِ لِمَنْ طَلَّقَهَا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ حَتَّى تَحِلَّ لِمَنْ طَلَّقَهَا فَلَوْ جَامَعَهَا الْمُحَلِّلُ حَالَ جُنُونِهَا أَوْ نَوْمِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَاقِلًا فَلَوْ جَامَعَهَا حَالَ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ حَلَّتْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَةً؛ لِأَنَّ الْحِلِّيَّةَ وَعَدَمَهَا مِنْ صِفَاتِهَا هِيَ فَاعْتُبِرَتْ فَقَطْ.

(ص) ، وَلَوْ خَصِيًّا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَلِّلِ أَنْ يَكُونَ قَائِمَ الذَّكَرِ، وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الْخُصْيَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَمْ لَا وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ الزَّوْجَ خَصِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ نِكَاحٌ مَعِيبٌ فَلَا يُحِلُّهَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٌ (ص) كَتَزْوِيجِ غَيْرِ مُشَبَّهَةٍ لِيَمِينٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّهُ يُحِلُّهَا لِمُطَلِّقِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ فَتَزَوَّجَ الْمَبْتُوتَةَ وَدَخَلَ بِهَا وَغَيَّبَ فِيهَا الْحَشَفَةَ أَوْ قَدْرَهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّهَا، وَلَوْ لَمْ تُشْبِهْ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ لِدَنَاءَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنَّهُ يُحِلُّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَنَاكِحِهِ نَظَرَا فِيهَا إلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى نِكَاحِهَا لَثَبَتَ بِخِلَافِ نِكَاحِهَا بِنِيَّةِ أَنْ يُحِلَّهَا.

(ص) لَا بِفَاسِدٍ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي الْأَوَّلِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ تَزْوِيجًا فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِوَطْئِهِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَتَحِلُّ لِمَنْ طَلَّقَهَا إنْ فَارَقَهَا الْمُتَزَوِّجُ لَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا حَيْثُ وَطِئَهَا وَطْئًا ثَانِيًا غَيْرَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ الَّذِي فَوَّتَ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا ثَانِيًا فَهَلْ تَحِلُّ لِمَنْ طَلَّقَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ أَوْ لَا يُحِلُّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ وَطْئًا فَقَوْلُهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ رَاجِعٍ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ، فَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ حَلَّتْ بِوَطْءٍ ثَانٍ أَيْ حَاصِلٍ بَعْدَ الْوَطْءِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ وَفِي حِلِّهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ تَرَدُّدٌ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِلتَّفْصِيلِ فِي الْوَطْءِ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْدَهُ لِلدُّخُولِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِوَطْءٍ ثَانٍ (ص) كَمُحَلِّلٍ، وَإِنْ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا مَعَ الْإِعْجَابِ (ش) هَذَا مِثَالٌ لِلْفَاسِدِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ وَلَا يَحِلُّ وَهُوَ مَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أَبَتَّهَا زَوْجُهَا بِنِيَّةِ إحْلَالِهَا أَوْ بِنِيَّةِ الْإِحْلَالِ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا إنْ أَعْجَبَتْهُ لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ فَلَوْ جَامَعَهَا إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِحْلَالِ بِوَطْءِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَكَأَنَّ الْإِمَامَ فَهِمَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِهَا هِيَ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ) أَيْ فَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا لَازِمٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُخْتَلَفٌ فِي فَسَادِهِ لَا يُفْسَخُ أَبَدًا مَعَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ وَالْمَرْأَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْعَبْدِ يُفْسَخُ أَبَدًا (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُحِلُّهَا) وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَقَوْلُهُ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُهُ مُتَعَلِّقُ الْجَوَابِ أَيْ جَوَابِ الشَّرْطِ وَذَلِكَ الْمُتَعَلِّقُ هُوَ قَوْلُهُ بِوَطْءٍ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومٍ إلَخْ) وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَنْطُوقِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ ثَبَتَ أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ حَالَ كَوْنِ حِلِّيَّتِهَا بِوَطْءٍ ثَانٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ ثَبَتَ بَعْدَ حِلِّيَّتِهَا بِوَطْءٍ ثَانٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا مَفْهُومُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا حَالٌّ احْتِرَازًا مِنْ تَعَلُّقِهِ بِيَثْبُتَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّبَاتَ هُنَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَطْءِ الثَّانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ حَاصِلٌ بِالْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْحِلِّيَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِي حِلِّهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ تَرَدُّدًا لِلْبَاجِيِّ لِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَعِنْدِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْإِحْلَالَ وَعَدَمَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ لِلْخِلَافِ فِي النَّزْعِ هَلْ هُوَ وَطْءٌ أَيْ هَلْ يَتَبَعَّضُ أَمْ لَا اهـ (قَوْلُهُ كَمُحَلِّلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

(فَائِدَةٌ) يُعَاقَبُ الْمُحَلِّلُ وَمِنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ مَنْ يَرَاهُ وَإِلَّا مَضَى وَانْظُرْ لَوْ نَوَى الزَّوْجُ الْمُحَلِّلُ إمْسَاكَهَا عَلَى التَّأْبِيدِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحِلَّهَا لِزَوْجِهَا وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرًا فَهَلْ يَكُونُ نِكَاحُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ صَحِيحًا وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا ذَكَرُوا مِثْلَهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ أَمْ لَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْرِفْ أَنَّ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ الْمُطْلَقُ صِفَةُ الْإِمْسَاكِ وَقَوْلُهُ خَالَطَهُ أَيْ الْإِمْسَاكَ أَيْ نِيَّتَهُ وَقَوْلُهُ إنْ أَعْجَبَتْهُ شَرْطٌ فِي الْإِمْسَاكِ وَقَوْلُهُ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ بَيَانٌ لِمَا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ شَرْطٌ فِي نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَيُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَجَبَ صَدَاقُ الْمِثْلِ.

ص: 216

الْإِمْسَاكِ الْمُطْلَقَةِ الْمُشْتَرَطَةِ شَرْعًا فِي الْإِحْلَالِ لِمَا خَالَطَهُ إنْ أَعْجَبَتْهُ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ (ص) وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَحْلِيلِ الْمَبْتُوتَةِ نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ. وَأَمَّا نِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّةُ الْمُطَلَّقَةِ فَلَغْوٌ.

(ص) وَقَبْلَ دَعْوَى طَارِئَةِ التَّزْوِيجِ كَحَاضِرَةٍ أُمِنَتْ أَنَّ بَعْدُ وَفِي غَيْرِهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ وَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ لِمَنْ طَلَّقَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ طَارِئَةً عَلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ يَشُقُّ عَلَيْهَا إثْبَاتُ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ حَاضِرَةً فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ طَارِئَةً فَإِنَّهَا تَصْدُقُ فِي أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ لِمَشَقَّةِ الْإِثْبَاتِ عَلَيْهَا لَوْ كُلِّفَتْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ الْبَلَدِيَّةُ فَتُصَدَّقُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا وَدَعْوَاهَا التَّزْوِيجَ بِمَا يُمْكِنُ فِيهِ مَوْتُ شُهُودِهَا وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً مَعَ الطُّولِ فَهَلْ تُصَدَّقُ كَالْمَأْمُونَةِ أَوْ لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقُبِلَ إلَخْ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْإِحْلَالِ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعَقْدِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَاتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ أُمِنَتْ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَمِثْلُ دَعْوَى التَّزْوِيجِ دَعْوَى الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ لِلزَّوْجِ الثَّانِي.

(ص) وَمِلْكُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَتِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدِهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يُنَافِي الزَّوْجِيَّةَ لِطَلَبِ أَحَدِهِمَا بِحَقِّ الرِّقِّ وَمِنْهُ النَّفَقَةُ وَالْآخَرُ بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ وَمِنْهُ النَّفَقَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ. وَأَمَّا فِي تَزْوِيجِهِ أَمَتَهُ فَلَا يُنَافِي؛ لِأَنَّهَا مُطَالِبَةٌ بِالنَّفَقَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِحُقُوقِ الزَّوْجِ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ وَخِدْمَةٍ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْمِلْكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَقَةُ الرِّقِّ لَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ فَتُنَافِيَا فِيهَا أَيْضًا وَشَمِلَ الْمِلْكَ الْكَامِلَ وَالْمُبَعَّضَ وَذَا الشَّائِبَةِ وَأُمُومَةَ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ لِوَلَدِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ لِلْجَدِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ ابْنِ ابْنِهِ وَلَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ الذَّكَرِ وَإِنْ نَزَلَ وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدِ ابْنِهَا أَوْ ابْنَتِهَا لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي لِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مِنْ مَوَانِعِ التَّزْوِيجِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ.

(ص) وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ بِأَمَةِ نَفْسِهِ أَوْ بِأَمَةِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ الْمِلْكُ النِّكَاحَ أَوْ يَسْبِقَ النِّكَاحُ الْمِلْكَ كَمَا لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَةً بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ (ص) كَمَرْأَةٍ فِي زَوْجِهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِلَا طَلَاقٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ إذَا مَلَكَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا زَوْجَهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَغْنًى عَنْهَا لِانْدِرَاجِهَا فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ (وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ لِيُعْتِقَهُ عَنْهَا) أَيْ أَنَّ الْمَرْأَةَ دَفَعَتْ لِسَيِّدِ زَوْجِهَا مَالًا أَوْ سَأَلَتْهُ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ مَالٍ لِيُعْتِقَهُ عَنْهَا فَفَعَلَ فَإِنَّ نِكَاحَهَا يُفْسَخُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا تَقْدِيرًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِهَذَا كَانَ وَلَاؤُهُ لَهَا وَإِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهَا فَلَا فَسْخَ وَلَهَا الْوَلَاءُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً.

(ص) لَا إنْ رَدَّ سَيِّدٌ شِرَاءَ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ) ، فَإِنْ قَرُبَ الْمَكَانُ الَّذِي طَرَأَتْ مِنْهُ فَلَا تُصَدَّقُ (قَوْلُهُ وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ) أَيْ الْعِلْمِ بِتَزْوِيجِهَا.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَقَةُ إلَخْ) وَأَيْضًا خِدْمَةُ الزَّوْجَةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ أَوْ لِوَلَدِهِ) أَيْ أَوْ مِلْكٍ لِوَلَدِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي مَلَكَهُ وَالْفَصْلُ بِاللَّامِ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ لَا يَضُرُّ فَقَدْ جَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ} [البقرة: 102] فِي قِرَاءَةِ حَذْفِ النُّونِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّامِ وَغَيْرِهَا مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ وَلَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَيَزِيدُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ نَزَلَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ الذَّكَرِ) صِفَةٌ لِوَلَدِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِمِلْكِ بِنْتِ بِنْتِهِ لِمَا قَالَهُ الشَّاعِرُ

بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا

بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ

كَذَا كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَكَذَا فِي عب مِثْلُ شَارِحِنَا وَفِي شب الْعُمُومُ وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ إلَخْ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّتِي لِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّقَّ إلَخْ) فِيهِ شِبْهُ مُصَادَرَةٍ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) هَذَا التَّصْوِيرُ فِيمَا إذَا سَبَقَ الْمِلْكُ النِّكَاحَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ الْمِلْكُ النِّكَاحَ هُوَ عَيْنُ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلِهِ أَوْ يَسْبِقَ النِّكَاحُ الْمِلْكَ هُوَ عَيْنُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمُصَنِّفِ فَمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ وَفَسْخُ النِّكَاحِ هَذَا إذَا سَبَقَ الْمِلْكَ بَلْ، وَإِنْ طَرَأَ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ وَلَدِهِ لَهَا أَوْ بَعْضِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيُّهَا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إذَا مَلَكَ زَوْجَهَا لَا فَسْخَ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ وَلَدُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ وَلِيًّا مَخْصُوصًا الَّذِي هُوَ وَلَدُهَا (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تُنْتِجُ الِاسْتِغْنَاءَ حَقِيقَةً لَا شِبْهَ الِاسْتِغْنَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ سَأَلَتْهُ) أَيْ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي عِتْقِهَا عَنْهُ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَتْ مَالًا لِيُعْتِقَ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ دَفَعَتْ لَهُ مَالًا لِيَعْتِقَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ أَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِرُّ فِي مِلْكِهَا حَقِيقَةً وَلَيْسَ لَهَا فِيهِ إلَّا الْوَلَاءُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهَا (قَوْلُهُ وَإِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَنْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْمِلْكِ تَقْدِيرًا وُجِدَ هُنَا أَيْضًا.

ص: 217

لَهَا سَيِّدُهَا فِي التِّجَارَةِ إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ رَدَّ شِرَاءَهَا فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَامِ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهَا، وَلَوْ بِعُمُومٍ فِي تِجَارَةٍ أَوْ تَضْمَنُ بِكِتَابَةٍ فَيَنْفَسِخُ (ص) أَوْ قَصَدَا بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ (ش) أَيْ قَصَدَ سَيِّدُ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ بِالْبَيْعِ أَيْ بِبَيْعِ الْعَبْدِ لَهَا الْفَسْخَ فَلَا فَسْخَ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ مُعَامَلَةً لَهُمَا بِنَقِيضِ قَصْدِهِمَا وَمِثْلُهُ قَصْدُ السَّيِّدِ فَقَطْ بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ فَنُسْخَةُ التَّثْنِيَةِ تَجْرِي عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَنُسْخَةُ الْإِفْرَادِ وَالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ تَجْرِي عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَصْدُهَا وَحْدَهَا لَا يَفْسَخُ عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

(ص) كَهِبَتِهَا لِعَبْدٍ لِيَنْتَزِعَهَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ زَوَّجَ أُمَّتَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ إنَّ السَّيِّدَ وَهَبَ الزَّوْجَةَ لِزَوْجِهَا لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ بَلْ رَدَّهَا فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ وَتُرَدُّ كَرَدِّ الْبَيْعِ فِيمَا مَرَّ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِقَصْدِ السَّيِّدِ الْإِضْرَارَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَصَدَ إزَالَةَ عَيْبِ عَبْدِهِ أَوْ إحْلَالَهَا لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ قَبِلَ الْعَبْدُ الْهِبَةَ لِفَسْخِ نِكَاحِهِ، وَلَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ الْفَسْخَ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ إرَادَةُ السَّيِّدِ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ وَبِهِ يَتِمُّ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (ص) فَأَخَذَ مِنْهُ جَبْرَ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ (ش) أَيْ فَأُخِذَ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ جَبْرُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّفْرِقَةِ مَعْنًى.

وَلَمَّا كَانَ مِنْ ثَمَرَاتِ شُبْهَةِ الْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ حُرْمَةُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ قَطْعِهِ لِسَرِقَةِ مَالِهِ وَعَدَمُ حَدِّهِ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ فَرْعِهِ أَشَارَ إلَى هَذِهِ الثَّمَرَةِ وَإِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ، وَإِنْ عَلَا يَمْلِكُ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا بِمُجَرَّدِ تَلَذُّذِهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْجِمَاعِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِ الشُّبْهَةِ لَكِنْ لَا مَجَّانًا بَلْ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ، وَلَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَيُتْبَعُ بِهَا إنْ كَانَ مُعْدِمًا وَتُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَعَلَيْهِ وَلَهُ النَّقْصُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهَا إلَخْ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهَا فِي شِرَائِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ حَاصِلًا بِالتَّنْصِيصِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ حَاصِلًا بِسَبَبِ إذْنٍ فِي تِجَارَةِ ذِي عُمُومٍ أَيْ عَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا بِالتَّنْصِيصِ أَوْ حَاصِلًا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ أَيْ طَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ بِسَبَبِ كِتَابَةٍ أَيْ أَنَّ الْحُصُولَ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ أَوْ مُصَوِّرًا تِلْكَ الطَّرِيقَ بِالْكِتَابَةِ وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ تَضَمَّنَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ حَاصِلًا بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ بَلْ، وَلَوْ حَصَلَ بِسَبَبِ إذْنٍ عَامٍّ فِي تِجَارَةٍ بِتَصْرِيحٍ أَوْ اسْتِلْزَامٍ بِسَبَبِ كِتَابَةٍ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ فَاللَّازِمُ لِلْكِتَابَةِ عَلَى الْأَوَّلِ الْإِذْنُ فِي التَّزْوِيجِ وَعَلَى الثَّانِي الْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ الْإِذْنُ فِي شِرَاءِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ فَيُفْسَخُ) ، وَإِنْ كَانَ مُزَلْزَلًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ زَلْزَلَتَهُ فِي الْأُولَى فِي مُضِيِّهِ وَرَدِّهِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَفِي انْتِقَالِهِ لِسَيِّدِهِ فَالْبَيْعُ فِيهَا ثَابِتٌ قَطْعًا بِخِلَافِ الْأُولَى (قَوْلُهُ تَجْرِي عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ فَهْمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ فِي أَوَّلِ نِكَاحِهَا إنْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فُسِخَ نِكَاحُهَا وَتَتْبَعُهُ بِمَهْرِهَا وَقَبْلَهُ لَا تَتْبَعُهُ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّهَا وَسَيِّدَهُ اغْتَزَيَا أَيْ قَصَدَا فَسْخَ نِكَاحِهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً قُلْت ظَاهِرُهُ إنْ اغْتِزَاءَهُ وَحْدَهُ لَغْوٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ فَبَحَثَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ وَقَصْدُهَا وَحْدَهَا لَا يَفْسَخُ عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُوَافِقُهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا إذَا قَصَدَ وَحْدَهُ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ بِالْفَسْخِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ لِقَصْدِ السَّيِّدِ الْإِضْرَارَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيلُ مَعَ قَوْلِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ لَا يَحْسُنُ هَذَا التَّعْلِيلُ إلَّا مَعَ قَبُولِ الْعَبْدِ لِلْهِبَةِ وَلِذَلِكَ عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ خَالِيَةٌ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج فَرَّعَهُ عَلَى مَنْطُوقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَهِبَتِهَا إلَخْ وَأَنَّ الْمَعْنَى فَقَبِلَ وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ وَإِنَّمَا كَانَ الْجَبْرُ مَأْخُوذًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَجْبُورٍ لَكَانَ مِنْ حُجَّةِ السَّيِّدِ أَنْ يَقُولَ قَبُولُهَا بِاخْتِيَارِهِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِمَا قَصَدَ بِهِ إذْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى إبْطَالِ ذَلِكَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا) أَيْ كَانَ ذَا مَالٍ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ قَصَدَ إزَالَةَ عَيْبِ عَبْدِهِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِالتَّزْوِيجِ أَمْ لَا وَأَتَى بِهَذَيْنِ التَّعْمِيمَيْنِ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا أَوْ قَصَدَ إزَالَةَ الْعَيْبِ لِفَسْخِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ أَيْ فَأُخِذَ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ) وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا الْأَخْذُ مِنْ مَفْهُومِ لِيَنْتَزِعَهَا أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْهِبَةِ أَيْ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ. وَأَمَّا مِنْ السَّيِّدِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ كَذَا فِي ك وشب وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هِبَةُ غَيْرِ السَّيِّدِ أَوْ هِبَةُ السَّيِّدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ حُرْمَةُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ) أَيْ حُرْمَةُ تَزْوِيجِ مِلْكِ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى هَذِهِ الثَّمَرَةِ) أَيْ جِنْسِ الثَّمَرَةِ أَيْ؛ لِأَنَّهَا ثَمَرَاتٌ ثَلَاثَةٌ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هُنَاكَ ثَمَرَاتٌ أُخَرُ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنْ يُعْتَبَرَ التَّبْعِيضُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَعْضُ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الثَّمَرَةِ وَهُوَ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَأَرَادَ بِالتَّرَتُّبِ الْحُكْمَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِهَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُشِرْ لِتِلْكَ الثَّمَرَةِ بَلْ أَشَارَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ بِتَلَذُّذِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ، وَلَوْ بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَهُوَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ الْبَاءُ لِلْعِوَضِ أَيْ مَلَكَهَا بِتَعْوِيضِ الْقِيمَةِ أَيْ بِسَبَبِ تَلَذُّذِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعَلَّقَ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ ذَكَرًا إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَلَدِ (قَوْلُهُ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ) لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ بِنِكَاحٍ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْوَطْءِ) أَيْ أَوْ يَوْمَ التَّلَذُّذِ (قَوْلُهُ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ، وَلَوْ لِلِابْنِ

ص: 218

وَالزِّيَادَةُ وَلِلِابْنِ التَّمَسُّكُ بِهَا فِي عَدَمِ الْأَبِ وَقِيلَ يَتَمَاسَكُ بِهَا مُطْلَقًا إنْ كَانَ مَأْمُونًا، فَإِنْ حَمَلَتْ لَمْ تُبَعْ وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَيَطَؤُهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ وَإِلَّا فَلَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ وَبِعِبَارَةٍ وَمَلَكَ أَبٌ، وَلَوْ عَبْدًا، وَإِنْ عَلَا جَارِيَةَ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ لَكِنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ فِي رَقَبَةِ الْأَبِ حَيْثُ كَانَ عَبْدًا وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ لِلشُّبْهَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِوَطْءِ الِابْنِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ الِابْنُ إذَا وَطِئَ جَارِيَتَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَلَذُّذِ أَبِيهِ بِهَا (ص) وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا إنْ وَطِئَاهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا الِابْنُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ وَطْءَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُحَرِّمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَمِثْلُ الْوَطْءِ التَّلَذُّذُ (ص) وَعَتَقَتْ عَلَى مُوَلِّدِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا مَعًا بِأَنْ وَطِئَهَا الِابْنُ ثُمَّ الْأَبُ وَأَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهَا تُعْتَقُ عَلَى مَنْ أَوْلَدَهَا مِنْهُمَا نَاجِزًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا سِوَى الِاسْتِمْتَاعِ وَقَلِيلِ الْخِدْمَةِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى مُوَلِّدِهَا فَإِنَّهَا يَتَنَجَّزُ عِتْقُهَا عَلَيْهِ وَلِذَا يَعْتِقُ مُحَرَّمُ الشَّخْصِ عَلَيْهِ إنْ أَوْلَدَهَا غَيْرَ عَالِمٍ.

(ص) وَلِعَبْدٍ تَزَوَّجَ ابْنَةَ سَيِّدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ سَيِّدِهِ الْبِكْرِ أَوْ الْبَالِغِ الثَّيِّبِ لَكِنْ بِرِضَا سَيِّدِهِ وَرِضَاهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْهُ عَدَمُ كَفَاءَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرَّةِ وَكَذَا يَتَزَوَّجُ ابْنُ السَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ فُسِخَ النِّكَاحُ وَالْكِتَابَةُ قَائِمَةٌ كَانَتْ الِابْنَةُ مُتَزَوِّجَةً بِالْمُكَاتَبِ أَوْ الِابْنُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِثِقَلٍ) لِقَوْلِهَا كَانَ مَالِكٌ يَسْتَثْقِلُهُ وَحَمَلَهُ الْأَشْيَاخُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالزَّوْجَةِ وَأَوْلِيَائِهَا دُونَ الزَّوْجِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَجَازَ وَقَوْلُهُ بِثِقَلٍ لِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِمَا وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَنَّ النِّكَاحَ مُعَرَّضٌ لِلْفَسْخِ لِمَوْتِ الْأَبِ فَتَرِثُهُ وَرُدَّ بِجَوَازِ نِكَاحِ الِابْنِ أَمَةَ أَبِيهِ وَأُجِيبَ بِبَقَاءِ حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الِابْنَةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ وَارِثٌ وَبِجَوَازِ نِكَاحِ الزَّوْجِ أَمَةَ زَوْجَتِهِ وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِرْثِهَا فَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمُؤَدٍّ إلَى التَّنَافُرِ وَالتَّقَاطُعِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ.

(ص) وَمِلْكِ غَيْرِهِ (ش) يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ ابْنَةٍ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ تَزَوُّجَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إسْلَامِهَا فَقَطْ سَوَاءٌ خَشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَكِنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ) وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهَا إنْ عَتَقَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِوَطْءِ الِابْنِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ) هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ مَا لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَطْءِ الْوَلَدِ عَلَى الرَّاجِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَبَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْءِ جَارِيَةِ ابْنِهِ مُطْلَقًا عَلِمَ بِوَطْءِ ابْنِهِ لَهَا أَمْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ وَيُحَدُّ الِابْنُ مُطْلَقًا بِجَارِيَةِ أَبِيهِ عَلِمَ بِوَطْءِ أَبِيهِ لَهَا أَمْ لَا وَكَذَا يُحَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ أَبَاهُ تَلَذَّذَ بِهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ.

(قَوْلُهُ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا) هَذَا إنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْأَبِ كَمَا فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَمْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ) يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا الِابْنُ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمُتَقَدِّمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِ الْوَلَدِ يُحَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَتَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَلَذُّذِ أَبِيهِ بِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا (قَوْلُهُ وَأَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً تَلِدُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَيَعْلَمُ أَوْ لَا وَتَارَةً تَلِدُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُعْلَمُ السَّابِقُ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقَعَ الْوَطْآنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا، فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَعُلِمَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَبَ أَوْ الِابْنَ كَانَ وَطْؤُهُمَا فِي طُهْرٍ أَوْ طُهْرَيْنِ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا الْوَلَدُ فَيُفْصَلُ إنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَالْقَافَّةُ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكَانِ فِي طُهْرٍ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَّةُ فَهُوَ ابْنٌ لَهُ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ وَإِنْ لَمْ تُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ قَافَّةٌ أَوْ كَانَتْ وَاخْتَلَفُوا وَلَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ، وَإِنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرَيْنِ بِأَنْ اسْتَبْرَأَهَا أَحَدُهُمَا بِحَيْضَةٍ وَوَطِئَهَا بَعْدَ وَطْءِ الْآخَرِ لَهَا فِي طُهْرٍ آخَرَ وَحَدَثَ وَلَدٌ بَعْدَ الْوَطْأَيْنِ فِي طُهْرَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ وَلِأَقَلَّ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي بَطْنِهَا عِنْدَ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ عِنْدَ مَالِكٍ.

وَأَمَّا لَوْ وَلَدَتْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَدًا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا إنْ عُلِمَ وَإِلَّا عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ مَنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَفِي الْعِتْقِ عَلَيْهِمَا الْوَلَاءُ لَهُمَا وَيَغْرَمُ الْأَبُ قِيمَتَهَا فِي كُلِّ الصُّوَرِ، وَلَوْ عَتَقَتْ عَلَى ابْنِهِ وَحْدَهُ وَتَكُونُ قِيمَةَ قِنٍّ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَ الْوَلَدُ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَحِقَ بِالِابْنِ فَكَذَلِكَ عَلَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَيُؤَدَّبُ الْأَبُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ عج فَإِذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَتَقَتْ عَلَى مُوَلِّدِهَا أَيْ جِنْسِ مُوَلِّدِهَا الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبِهِمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا) الْمُبَالَغَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ بِثِقَلٍ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَيَجُوزُ بِلَا ثِقَلٍ (قَوْلُهُ فَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ رِضَا الْبِنْتِ الْبِكْرِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا يَتَزَوَّجُ ابْنُ السَّيِّدِ) أَيْ بِثِقَلٍ (قَوْلُهُ بِثِقَلٍ) يَصِحُّ قِرَاءَةُ بِثِقَلٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْقَافِ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْقَافِ؛ لِأَنَّهُ الْمَتَاعُ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِمَا) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَوَازُ مِنْ جَانِبٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْجَانِبُ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جَانِبٍ تَكُونُ الْكَرَاهَةُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ الصَّادِقَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَبِجَوَازِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِجَوَازِ نِكَاحِ الِابْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ) أَيْ فَلَا يَتَأَتَّى الْجَوَابُ بِالْحِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَالتَّقَاطُعِ) أَيْ التَّبَاعُدِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ.

ص: 219

كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِحُّ رَفْعُ قَوْلِهِ وَمِلْكٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَلِلْعَبْدِ خَبَرٌ وَيُقَدَّرُ خَاصًّا أَيْ وَيُبَاحُ لِلْعَبْدِ مِلْكُ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَقَوْلُهُ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِ نَفْسِهِ بِأَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ.

(ص) كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحُرِّ الَّذِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ كَالشَّيْخِ الْفَانِي أَوْ الْمَجْبُوبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ كَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ خَوْفِ إرْقَاقِ الْوَلَدِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا (ص) وَكَأَمَةِ الْجَدِّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْهَا حُرًّا كَتَزْوِيجِهِ بِأَمَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ جَدَّتِهِ، وَإِنْ عَلَتْ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لِلْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا وَالزَّوْجُ حُرًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِهَذَا الْعِلْمِ الْقَيْدَ الْأَوَّلَ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ فِي الْمَنْعِ خَوْفُ الِاسْتِرْقَاقِ لِلْوَلَدِ وَلَا يَنْتَفِي إلَّا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لِلْأَمَةِ حُرًّا وَلِعِلْمِ الْقَيْدِ الثَّانِي مِمَّا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَتِهِمْ بِالْمِلْكِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْكَافَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْجَدِّ لِمَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ إدْخَالَ الْكَافِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمَقْصُودُهُ الثَّانِي كَقَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَإِلَّا، فَإِنْ خَافَ زِنًا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً (ش) يَعْنِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَلْ كَانَ حُرًّا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْحَمْلُ وَالْأَمَةُ مِلْكٌ لِمَنْ لَا يُعْتِقُ وَلَدَهَا عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَحَدُ أُصُولِهِ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَادِمَ الطَّوْلِ أَيْ لَا يَجِدُ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ وَالطَّوْلُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يَقْدِرُ بِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحَرَائِرِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ مَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ أَوْ إجَارَتَهُ إلَّا دَارَ سُكْنَاهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْكِتَابَةُ طَوْلٌ وَكَذَا خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ. وَأَمَّا عَبْدُ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةُ رُكُوبِهِ وَكُتُبُ الْفِقْهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فَمِنْ جُمْلَةِ الطَّوْلِ.

(ص) غَيْرَ مُغَالِيَةٍ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ إلَّا حُرَّةً طَلَبَتْ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ لِعُذْرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ وَعَلَى النَّعْلَيْنِ فِي الْحَجِّ وَعَدَلَ عَنْ غَالِيَةٍ إلَى مُغَالِيَةٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُدَافَعَةٍ وَمُرَاوَضَةٍ؛ لِأَنَّ مُغَالِيَةَ مُفَاعِلَةٌ وَهِيَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (ص) ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ (ش) الْمُبَالَغَةُ بِالنِّسْبَةِ لِكِتَابِيَّةٍ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ حُرَّةٌ أَوْ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ شَرْطَ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ أَنْ يَخَافَ الزِّنَا وَأَنْ يَعْدَمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَالْمَعْنَى عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ) سَوَاءٌ خُشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا كَانَ وَاجِدًا إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُرَّ لَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ أَيْ وَيُبَاحُ إلَخْ) هَذَا يُؤْذِنُ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ مِلْكَ غَيْرِهِ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ غَيْرُهُ إلَخْ) التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ كَالشَّيْخِ الْفَانِي) أَيْ وَعَقِيمٍ وَعَقِيمَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَزْمِ الْعُرْفِ بِالْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ) أَيْ، وَإِنْ وَجَدَ الطَّوْلَ وَلَمْ يَخْشَ زِنًا (قَوْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ لِمُلَاحَظَةِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي حَالِ انْتِفَائِهَا فَقَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا إلَخْ) وَالضَّابِطُ كُلُّ مَنْ يُعْتِقُ وَلَدَهُ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَهَا حُرًّا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ رَقِيقًا لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا، فَإِنْ خَافَ زِنًا) ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ إلَّا بِأَرْبَعٍ تَزَوَّجَهُنَّ، فَإِنْ خَشِيَ الزِّنَا فِي وَاحِدَةٍ تَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ وَهَلْ هَذَانِ الشَّرْطَانِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ أَوْ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ قَوْلَانِ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَاهُمَا شَرْطَيْنِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُطْلَقَ الْخَوْفِ كَافٍ، وَلَوْ وَهْمًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ رَضِيَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ وَلَا يَلْزَمُهُ السَّلَفُ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُعْطِيَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى حَيْثُ تَكْفِهِ الْأُولَى ك إلَّا قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَعَدِمَ) فِعْلَ مَاضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خَافَ (قَوْلُهُ وَالطَّوْلُ هُوَ الْمَالُ) وَهَذَا كَلَامُ أَصْبَغَ وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ لَا تُعْتَبَرُ وَالرَّاجِحُ كَلَامُ أَصْبَغَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّوْلِ الْقُدْرَةُ عَلَى الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَدِمَ مَا تُفَسَّرُ " مَا " بِأُهْبَةٍ لِيَشْمَلَ الصَّدَاقَ وَالنَّفَقَةَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِهِ بِمَعْنَى مَعَ وَلَا تُفَسَّرُ مَا بِصَدَاقٍ وَتُجْعَلُ الْبَاءُ لِلْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ إلَّا دَارَ سُكْنَاهُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ قَالَهُ عج وَالْفَرْقُ بَيْنَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَكُتُبِ الْفِقْهِ وَبَيْنَ دَارِ السُّكْنَى أَنَّ الْحَاجَةَ لَهَا أَشَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الْقَصِيرَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطُّولَ وَالْقِصَرَ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجِهَادِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ طُولًا مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ لِأَجْرِهِ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ يَكُونُ طُولًا لِبَعْضِ الْحَرَائِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ عج (قَوْلُهُ بِمَا لَا يُغْتَفَرُ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ تَصْوِيرِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ بِمَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ) بِأَنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُدَافَعَةٍ وَمُرَاوَضَةٍ) أَيْ وَمُدَاوَمَةٍ عَلَى الدَّفْعِ أَيْ فَلَا يَتَوَجَّهُ لِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ أَنَّهَا غَالِيَةٌ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَذْهَبَ وَيَسْأَلَ الْحُرَّةَ وَيُدَافِعَهَا وَتُدَافِعَهُ فَيَجِدَهَا تَطْلُبُ الزَّائِدَ فَحِينَئِذٍ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ وَالْمُرَادُ بِالْمُبَالَغَةِ أَنْ تَطْلُبَ أَزْيَدَ مِنْ

ص: 220

الثَّانِي فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ الْغَيْرُ الْمُغَالِيَةِ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّ عَدَمَ إرْقَاقِ الْوَلَدِ يَحْصُلُ بِنِكَاحِ الْكَافِرَةِ وَبِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ أَيْ إنْ خَافَ زِنًا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ،.

وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَا تَعَفُّهُ إذْ لَيْسَ وُجُودُهَا تَحْتَهُ طَوْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَالظَّاهِرُ لَا فَسْخَ أَيْضًا لَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِهِ.

(ص) وَلِعَبْدٍ بِلَا شِرْكٍ وَمُكَاتَبٍ وَغْدَيْنِ نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْوَغْدَ أَيْ الْقَبِيحَ الْمَنْظَرِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ سَيِّدَتِهِ وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُهَا مَحْرَمُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كَامِلًا لَهَا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ وَالْمُكَاتَبُ الْوَغْدُ مِثْلُهُ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا لَهَا فِيهِ شِرْكٌ، وَلَوْ لِلزَّوْجِ وَأَحْرَى مَا لَا شَيْءَ لَهَا فِيهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ حُرٍّ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ أَيْضًا.

(ص) كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَبْدَ الزَّوْجِ إذَا كَانَ خَصِيًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ إنْ كَانَ وَغْدًا لَا إنْ كَانَ لَهُ مَنْظَرٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ، وَلَوْ وَغَدًا (ص) وَرُوِيَ جَوَازُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا (ش) أَيْ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ رُؤْيَةِ الْخَصِيِّ إلَى شَعْرِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَوْلُهُ لَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ عَدْلٌ لَا يُتَّهَمُ فِي النَّقْلِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِ تت عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ عَدَمُ وُجُودِهَا وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَخُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرِّ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ وَجَدَ الطَّوْلَ لِلْحُرَّةِ فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فَإِذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا حُرَّةً وَلَمْ تَعْلَمْ الْحُرَّةُ بِالْأَمَةِ إلَّا بَعْدَ زَوَاجِهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ فِي نَفْسِهَا لَا فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الْأَمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً؛ لِأَنَّ بِهَا يَزُولُ ضَرَرُهَا فَإِنْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ فَلَا يَلْزَمُ الزَّائِدُ الزَّوْجَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحْتَرَزَ بِالْحُرِّ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَمَةِ لَا خِيَارَ لِلْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ وَلَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ فِي نَفْسِهَا لَا فِي الْأَمَةِ سَوَاءٌ سَبَقَتْ الْأَمَةُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ أَوْ سَبَقَتْ هِيَ عَلَى الْأَمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ شَبَّهَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى فَقَالَ (كَتَزَوُّجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً بِشُرُوطِهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ تَعَفُّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَهْرِ مِثْلِهَا إلَى مَا يُعَدُّ سَرَفًا.

(قَوْلُهُ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ الْأُولَى فِي أَنَّ الْحُرَّةَ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ الْكِتَابِيَّةُ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ وَالثَّانِيَةُ مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَفِيهِ تَخَالُفُ مَوْضُوعِ الْإِغْيَاءَيْنِ وَتَعَاكُسُ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْأَوَّلِ الْمَنْعُ وَفِي الثَّانِي الْجَوَازُ فَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ، وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَلَوْ تَزَوَّجَ مَعَ الطَّوْلِ أَوْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُعِفُّهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَانْظُرْ، وَلَوْ دَخَلَ أَوْ مَا لَمْ يَدْخُلْ اُنْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ نَظَرُهُمَا لِسَيِّدَتِهِمَا، وَلَوْ كَانَا كَامِلَيْنِ لَهَا وَوَغْدَيْنِ فَلَا يَخْتَلِيَانِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ (قَوْلُهُ وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا) هَكَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَمُفَادُ عج عَدَمُ ارْتِضَائِهِ وَأَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ نَظَرُ الشَّعْرِ فَقَطْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ بَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَمَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ مِنْ النَّقْلِ عَنْ ابْنِ نَاجِي سَهْوٌ وَالصَّوَابُ مَا نَقَلَهُ عج انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَطْرَافِ فَرَأَيْت مَا يُقَوِّي مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي) رَاجِعٌ لِلْخَلْوَةِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَمَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا لَهَا فِيهِ شِرْكٌ) ، وَلَوْ لِلزَّوْجِ كَانَا وَغْدَيْنِ أَمْ لَا وَانْظُرْ فِي الْمُبَعَّضِ مِنْ شَرْحِ شب (قَوْلُهُ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ) أَيْ فِيمَا لَا شَيْءَ لَهَا فِيهِ مِنْ رِقٍّ إلَخْ نَصَّ اللَّخْمِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي عَبْدِ زَوْجِهَا وَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ هَلْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَرَى شَعْرَهَا.

(قَوْلُهُ كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ) الْمُرَادُ بِالْخَصِيِّ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَحْرَى الْمَجْبُوبُ. وَأَمَّا الْخَصِيُّ ذَاهِبُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّالِمِ (قَوْلُهُ وَرُوِيَ جَوَازُهُ إلَخْ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ الْيَوْمَ فِيمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَلَا بَأْسَ فِي حَالِ حُضُورِهِ وَيُمْنَعُ عَبْدُ الْأَجْنَبِيِّ جُمْلَةً (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِ تت) نُسْخَةُ تت، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَفِيهِ بَعْضُ التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يُصَدَّقُ بِعَبْدِ الزَّوْجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ بَلْ لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ مُؤَدَّى الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَلْ كَانَ جَرًّا غَيْرَ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَبْدِ نَعَمْ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَلَى نُسْخَةِ التَّثْنِيَةِ.

(قَوْلُهُ بَائِنَةٌ) صِفَةُ كَاشِفَةٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي تُوقِعُهُ الْمَرْأَةُ كَطَلَاقِ الْحَاكِمِ يَكُونُ بَائِنًا أَيْ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ جَمِيعَ مَا لِلْعَبْدِ مِنْ الطَّلَاقِ وَهُوَ طَلْقَتَانِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَالْفَرْقُ أَنَّ شَرَفَهَا عَلَى زَوْجِهَا بِالْعِتْقِ صَيَّرَ لَهَا أَنْ تُوقِعَ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ الطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا هُنَا لِتَسَاوِيهَا مَعَهُ وَإِذَا اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَلَمْ يَجْعَلْهُ لَهَا فَلَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِالْأَمَةِ ثُمَّ رَجَعَتْ فَلَيْسَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَتْ الْفِرَاقَ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ الزَّائِدُ الزَّوْجَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ أَوْقَعَتْ الثَّلَاثَ لَزِمَتْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) مُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فَقَدْ قِيلَ إنْ كَانَتْ هِيَ السَّابِقَةَ عَلَى الْأَمَةِ فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ هِيَ السَّابِقَةُ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَرَكَتْ النَّظَرَ لِنَفْسِهَا وَقِيلَ إنَّ نِكَاحَ

ص: 221

وَلَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا فَإِنَّ الْحُرَّةَ تُخَيَّرُ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الْأَمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً بَائِنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ سَبَقَتْ عَلَيْهَا الْأَمَةُ فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ فَتُخَيَّرُ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ مِنْهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ بَدَلَ الْكَافِ وَفِي بَعْضِهَا بِاللَّامِ أَيْ فَالتَّخْيِيرُ لِأَجْلِ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا وَنُسْخَةُ الْكَافِ الَّتِي شَرَحْنَا عَلَيْهَا أَحْسَنُ لِاشْتِمَالِ الْكَلَامِ مَعَهَا عَلَى صُورَتَيْنِ تُفْهَمُ كَيْفِيَّةُ أُولَاهُمَا مِنْ كَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ (ص) أَوْ ثَانِيَةً أَوْ عَلِمَهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ إذَا رَضِيَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً وَاحِدَةً فَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ ثَانِيَةٍ أَوْ عَلِمَتْ الْحُرَّةُ بِأَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ بِأَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَتَزَوَّجَتْهُ رَاضِيَةً بِمَا عَلِمَتْ بِهِ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَجَدَتْ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا عَلَى مَا مَرَّ.

(ص) وَلَا تُبَوَّأُ أَمَةٌ بِلَا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَنْ تُقِيمَ عِنْدَ سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي خِدْمَتِهَا بَاقٍ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ مَعَ زَوْجِهَا فِي بَيْتٍ وَهُوَ مَعْنَى التَّبَوُّءِ نَعَمْ إنْ شَرَطَ الزَّوْجُ أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّبَوُّءِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا عَنْ سَيِّدِهَا إلَى مَسْكَنٍ غَيْرِ مَسْكَنِ سَيِّدِهَا وَتُبَوَّأُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عُرْفٍ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا خِدْمَةَ لَهُ فِيهِمَا كَمَا فِي غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ تَعْجَزَ الْمُكَاتَبَةُ فَكَالْأَمَةِ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَإِنَّهَا لَا تُبَوَّأُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.

(ص) وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ وَلَمْ تُبَوَّأْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَيَقْضِي لِزَوْجِهَا بِعَدَمِ مُفَارَقَتِهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ السَّفَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمُ السَّفَرِ بِهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ بُوِّئَتْ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ السَّفَرُ بِهَا فَإِذَا بُوِّئَتْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ السَّيِّدَ مِمَّا لَهُ فِيهَا مِنْ الْخِدْمَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ إنْ أَمِنَ وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى الْحُرَّةِ اُنْظُرْ الْبَرْمُونِيَّ.

(ص) وَأَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنَهَا إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِ أَمَتِهِ عَنْ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُحِيطٌ تَدَايَنَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَشَرْطُ الْوَضِيعَةِ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَا بَقِيَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ لَكِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إذْ مَنْ دَخَلَ بِهَا لَهُ وَضْعُ جَمِيعِ صَدَاقِهَا وَدَيْنُ السَّيِّدِ الَّذِي عَلَيْهِ كَدَيْنِهَا وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي إتْيَانِ الْمُؤَلِّفِ بِمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ صَدَاقِهَا الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ الْمُجَوِّزِ زِيَادَتَهَا فِي الْإِثْبَاتِ (ص) وَمَنَعَهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ إذَا زَوَّجَهَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْحُرَّةِ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَمَةِ يَنْفَسِخُ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ سَابِقَةً انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ) مُتَعَدٍّ لِوَاحِدٍ وَيُحْتَمَلُ تَعْدِيَتُهُ لِاثْنَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ فَأَلْفَتْهُ أَكْثَرَ ك.

(قَوْلُهُ وَتُبَوَّأُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عُرْفٍ) وَالظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ بِعَدَمِ التَّبَوُّءِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ) ، وَلَوْ طَالَ السَّفَرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا السَّفَرَ الطَّوِيلَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا كَانَ قَبْلَ السَّفَرِ وَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا لَيْسَ فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ السَّفَرِ) أَيْ أَوْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ السَّفَرَ) أَيْ أَوْ يَحْصُلْ شَرْطٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا بُوِّئَتْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ) وَأَحْرَى عِنْدَ عَدَمِ التَّبَوُّءِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب، وَلَوْ تَعَارَضَ الشَّرْطُ وَالْعُرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَتَقَدَّمُ الشَّرْطُ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَوْ جَاهِلِينَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ بِمَنْزِلَةِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ ثُمَّ هَذَا خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْحُرِّ السَّفَرَ بِمَنْ بُوِّئَتْ كَالْعَبْدِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُخَافُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ لَكِنْ مَا ذَكَرُوا مِنْ كَوْنِهَا تَخْدُمُ سَيِّدَهَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ التَّبَوُّءُ فَلِسَيِّدِهَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِخْدَامِ مَا لَا يَشْغَلُهَا عَنْ زَوْجِهَا وَنَفَقَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى السَّيِّدِ بُوِّئَتْ أَمْ لَا وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَا تُبَوَّأُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ لَهَا وَقَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ كُلَّهُ صَارَ بُضْعُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَتْ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ أَيْ وَقَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ نَقُولُ هُوَ أَيْ السَّيِّدُ قَائِمٌ مَقَامَهَا وَمَالُهَا مَالُهُ فَحَقُّ اللَّهِ حَاصِلٌ بِأَخْذِهِ جَمِيعَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ تَدَايَنَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ لَهُ وَضْعُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ يُشْبِهُ تَحْلِيلَ الْأَمَةِ أَوْ عَارِيَّةَ الْفُرُوجِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَنْتَزِعُ مَالَهَا كَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ) الْأَوْلَى حَذْفُ مِنْ أَيْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ دَلِيلُ الْعُمُومِ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ ذِي مِيزَانٍ هُوَ الْعُمُومُ وَكَأَنَّهُ قَالَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْعَامِّ (أَقُولُ) وَإِذَا أُسْقِطَتْ مِنْ فَلَا عُمُومَ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا مُنْقَطِعًا، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ مُتَعَاطِفِهَا الْأَرْبَعِ إلَخْ تَجِدْهُ لَا صِحَّةَ لَهُ فَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَبْقَى شَيْئًا إلَّا رُبْعُ دِينَارٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَوْ يُقَالُ إنَّمَا أَتَى بِمِنْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمَنْعَ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ لَا كُلًّا وَلَا بَعْضًا بِخِلَافِ لَوْ أَسْقَطَ مِنْ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ مَعَ وُجُودِهِ لَيْسَ لَهُ وَضْعُ

ص: 222

وَأَخَذَهُ، وَإِنْ قَتَلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ ثُمَّ قَتَلَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ بِالْقَتْلِ إذْ لَا يُتَّهَمُ السَّيِّدُ فِي قَتْلِ أَمَتِهِ لِيَأْخُذَ صَدَاقهَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَخَذَهُ إلَخْ أَنَّ لَهُ أَخْذَ جَمِيعِهِ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَإِلَّا كَانَ يُؤَخِّرُ قَوْلَهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ عَنْ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِثْلُهُ لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِلْمُدَوَّنَةِ.

(ص) أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا إلَى مَكَان بَعِيدٍ يَشُقُّ عَلَى الزَّوْجِ الْوُصُولُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ بِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَوْلُهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مُتَعَلِّقٌ بِمِقْدَارٍ أَيْ أَوْ بَاعَهَا وَتَبْقَى بِمَكَانٍ بَعِيدٍ هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ يَنْتَصِفُ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ شَيْءٌ وَيُقْضَى عَلَى السَّيِّدِ بِرَدِّهِ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَمَتَى قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا دَفَعَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِظَالِمٍ) وَمِثْلُهُ هُرُوبُهَا لِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ فَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ بَعْدَ بَيْعِهَا لِظَالِمٍ أَوْ هُرُوبِهَا لِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ.

(ص) وَفِيهَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَوَّلُ لَمْ تُبَوَّأْ أَوْ جَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ صَدَاقَ أَمَتِهِ الَّتِي زَوَّجَهَا، وَإِنْ قَتَلَهَا أَوْ بَاعَهَا لِزَوْجِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَكُونُ لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ حَبْسُ صَدَاقِهَا وَتَرْكِهَا بِلَا جِهَازٍ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْهَا أَنَّ السَّيِّدَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَهِّزَ أُمَّتَهُ بِمَهْرِهَا وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافٌ وَقَالَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ أَقَلُّهُمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلَافٍ بَلْ هُوَ وِفَاقٌ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ الْأَمَةَ لَمْ تُبَوَّأْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا بَلْ أَقَامَتْ عِنْدَ سَيِّدِهَا فَجَازَ لَهُ أَخْذُ صَدَاقِهَا وَأَنَّ مَعْنَى مَا فِي الرُّهُونِ أَنَّهَا بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَيَلْزَمُ سَيِّدَهَا أَنْ يُجَهِّزَهَا وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَوَّلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَأْخُذَ صَدَاقَهَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ السَّيِّدَ جَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَدَاقَهَا. وَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ الرُّهُونِ أَنَّهُ لَمْ يُجَهِّزْهَا مِنْ عِنْدِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجَهِّزَهَا بِصَدَاقِهَا فَقَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُمَا تَأْوِيلٌ بِالْخِلَافِ وَتَأْوِيلٌ بِالْوِفَاقِ وَتَأْوِيلُ الْوِفَاقِ بِوَجْهَيْنِ.

(ص) وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ السَّيِّدَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ أُمَّتَهُ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا مِنْهُ، فَإِنْ بَاعَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا أَنْ يَمْنَعَ تَسْلِيمَهَا مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِبَائِعِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ لَهُ الْمَنْعُ. وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَصَدَاقُهَا، وَلَوْ بِبَيْعٍ إلَخْ فَصُورَتُهَا أَنَّهُ بَاعَهَا لِزَوْجِهَا فَقَوْلُهُ وَسَقَطَ إلَخْ ذَكَرَ الْعِلَّةَ وَالْحُكْمَ وَالصُّورَةَ قَوْلُهُ لِسُقُوطِ عِلَّةِ لَسَقَطَ وَسُقُوطُ الْمَنْعِ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ عَلَّلَهُ فِي جِهَةِ الْبَائِعِ وَتَرَكَهُ فِي جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِوُضُوحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَالِهَا وَمَالُهَا لِبَائِعِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.

(ص) وَالْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا أَعْتَقَ عَلَيْهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِهِ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَعْتَقَ أُمَّتَهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا تَمَّ عِتْقُهَا امْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ وَالْوَعْدُ لَا يُقْضَى بِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْكُلِّ وَلَهُ وَضْعُ الْبَعْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ لَهَا وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِظَالِمٍ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلِلْبَائِعِ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْمَسِيسِ.

(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ إلَخْ) أَوْ الْأَوَّلُ بَاعَهَا فَقَدَّمَ حَقَّهُ وَالثَّانِي لَمْ يَبِعْهَا فَقَدَّمَ حَقَّ الزَّوْجِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَذَكَرَهُ تت بِعَكْسِ ذَلِكَ أَوْ الْأَوَّلُ زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ وَالثَّانِي مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَبْدِ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَسْقَطَهُمَا الْمُصَنِّفُ لِضَعْفِهِمَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ طَارَ عَلَى التَّزْوِيجِ فَالصَّدَاقُ لِلسَّيِّدِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ وَعَبْدُهُ لَا يَمْنَعُ التَّمَتُّعَ بِشُورَتِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَعَبْدِ الْغَيْرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَبْدِ الْغَيْرِ وَعَبْدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَهَا إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهَا.

(قَوْلُهُ وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَإِذَا سَقَطَ مُنِعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَيَتْبَعُهُ الْبَائِعُ بِالصَّدَاقِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهَا فَتَمْنَعُ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا كَالْحُرَّةِ. وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى مَالَهَا فَلَا كَلَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ (قَوْلُهُ وَسُقُوطُ الْمَنْعِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي خَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إلَخْ وَقَوْلُهُ ذَكَرَ الْعِلَّةَ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِسُقُوطِ إلَخْ وَالْحُكْمُ الَّذِي هُوَ مُضَمَّنٌ قَوْلَهُ وَسَقَطَ إلَخْ وَهُوَ السُّقُوطُ وَقَوْلُهُ وَالصُّورَةُ أَيْ وَهُوَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ) وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَتْ سَيِّدَةُ الْعَبْدِ عَلَى مَمْلُوكِهَا إذَا أَعْتَقْته أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُنَافِي جَوَازَهُ أَوْ اسْتِحْبَابَهُ وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ الْقَضَاءِ عَدَمُ لُزُومِ الْوَفَاءِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ (قَوْلُهُ وَالْوَعْدُ لَا يُقْضَى بِهِ) مُفَادُهُ أَنَّ تَصْوِيرَهَا أَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجِينِي تَفْعَلِينَ ذَلِكَ فَتَقُولُ أَفْعَلُ ذَلِكَ فَيُعْتِقُهَا فَلَيْسَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ بَلْ مَعْنَوِيٌّ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ وَعِبَارَةُ عج أَيْ إذَا جَعَلَ

ص: 223

فَإِنْ قِيلَ هَذَا وَعْدٌ أَدَّى إلَى التَّوْرِيطِ فَيَلْزَمُ فَالْجَوَابُ أَنَّ وَعْدَ الرَّقِيقِ كَلَا وَعْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِيَّةِ وَأَيْضًا الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُخَالِفُ مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَنْتَ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ تُسْلِمِي وَتَأْبَى الْإِسْلَامَ أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ النَّصْرَانِيَّةَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شِئْت الْإِسْلَامَ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ فَرَدَّهَا الْإِسْلَامَ رِضًا بِأَنْ لَا تُعْتَقَ وَفِي الْأَمَةِ الَّتِي أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ إنَّمَا صَارَ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ بِيَدِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ تَصَرُّفِهَا فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهَا مِنْهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ إذْ قَبْلَهُ لَا تَصَرُّفَ لَهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَالْعِتْقُ فِي الْأُولَى مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرٍ بِيَدِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ.

(ص) وَصَدَاقُهَا وَهَلْ، وَلَوْ يَبِيعُ سُلْطَانٌ لِفَلَسٍ أَوْ لَا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا بَاعَ الْأَمَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ لِزَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَلَوْ بَاعَهَا السُّلْطَانُ لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَلَسِ السَّيِّدِ فَهَلْ كَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ النِّصْفُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ وَهُوَ مَا فِي الْأَسْمِعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ مَا فِي الْأَسْمِعَةِ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ وِفَاقٌ فَذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ إلَى الْخِلَافِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ إلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعُهُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ بِهِ الْبَائِعَ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ أَخْذُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْبَائِعِ فَقَوْلُهُ وَهَلْ، وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ أَيْ لِأَجْلِ فَلْسٍ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ إشَارَةً لِلْوِفَاقِ أَيْ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ لِلْفَلَسِ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يُتْبَعُ الْبَائِعُ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ طَرَأَ بَعْدَ الْفَلَسِ (ص) وَبَعْدَهُ كَمَالُهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَى الْبِنَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ كَمَالُهَا يَرْجِعُ إلَى الْأَمَةِ يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا بَاعَهَا لِزَوْجِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ صَدَاقَهَا حِينَئِذٍ كَمَالُهَا يَكُونُ لِسَيِّدِهَا انْتِزَاعُهُ فِيمَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهَا وَيَتْبَعُهَا إنْ عَتَقَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

عِتْقَهَا فِي نَظِيرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَقَالَ عج فِي كَبِيرِهِ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتِينِي فَقَدْ أَعْتَقْتُك هَلْ هُوَ كَمَا إذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ لِحُصُولِ التَّعْلِيقِ فِيهِمَا أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَدَاتِهِ أَقْوَى مِنْ التَّعْلِيقِ الْمَعْنَوِيِّ فَإِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ لَا تَعْتِقُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ بِخِلَافِ حُرٌّ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا اهـ وَيَجُوزُ الْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ حَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ جَائِزًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجَائِزِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنَّ صَدَاقَهَا عِتْقُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَمَا فِي الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ وَعْدَ الرَّقِيقِ كَلَا وَعْدَ) وَالْوَعْدِ الَّذِي يَلْزَمُ بِسَبَبِهِ التَّوْرِيطُ هُوَ الْوَعْدُ الْمُعْتَبَرُ وَهُوَ وَعْدُ الْأَحْرَارِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ وَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ وَصَدَاقُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَ لِكَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهَا سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَبَضَ مَهْرَ أَمَتِهِ فَبَاعَهَا السُّلْطَانُ فِي فَلْسِهِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ لَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا عَلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِالْبَيْعِ لَهُ وَقَدْ عَلِمْت لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ فَهَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ وَفَرْضُ الْعُتْبِيَّةِ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ وِفَاقٌ بِحَمْلِ الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ أَيْضًا أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَفِّقَ أَنْ يَكُونَ لَا مَفْهُومَ لِلسُّلْطَانِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَكِنْ إلَخْ إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ وَلَكِنْ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْوِفَاقِ. وَأَمَّا التَّأْوِيلُ بِالْخِلَافِ فَقَدْ أُشِيرَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَعْنَاهُ لَا يَسْقُطُ فَيَقْتَضِي دَفْعَهُ وَعَدَمَ الرُّجُوعِ بِهِ مُطْلَقًا بَيَّنَ الْمُرَادَ بِعَدَمِ سُقُوطِهِ أَنَّهُ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَشِّي تت إنَّ قَوْلَهُ وَلَكِنْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ النَّفْيِ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا إشَارَةٌ إلَى التَّأْوِيلِ بِالْخِلَافِ وَعَلَيْهِ فَصَدْرُ الْمَسْأَلَةِ وَعَجُزُهَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّأْوِيلِ بِالْوِفَاقِ وَوُسِّطَ بَيْنَهُمَا التَّأْوِيلُ بِالْخِلَافِ وَالْأَوَّلُ أَقْعَدُ لِعَدَمِ تَشْتِيتِهِ وَالتَّأْوِيلُ بِالْخِلَافِ ظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ صَدَاقِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَدَاقِهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَا فِي الْأَسْمِعَةِ أَيْ أَسْمِعَةِ أَبِي زَيْدٍ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ لَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا أَيْ فَهُوَ قَوْلُهَا مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّأْوِيلَ لِكَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ أَخْذُهُ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ يَتْبَعُ ذِمَّةَ الْبَائِعِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْبَائِعِ.

(قَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ فَلَسٍ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ) فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ إنْ شَاءَ، وَلَوْ مِنْ ثَمَنِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ إلَخْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَكِنْ مِنْ تَتِمَّةِ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ يَسْقُطُ مُحْتَمِلًا لِلرُّجُوعِ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ اسْتَدْرَكَ وَقَالَ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ طَرَأَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ دَفَعَهُ الزَّوْجُ لِلسَّيِّدِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ لَا قَبْلَهُ قُلْت بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي دَفْعِهِ قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ بَعْدَ بَيْعِهَا لِزَوْجِهَا لِتَرَتُّبِ فَسْخِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِ الصَّدَاقِ.

وَأَمَّا قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ يَتَقَرَّرُ كَوْنُهُ دَيْنًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقُ أَمَتِهِ اهـ عج

ص: 224

لَا إنْ بِيعَتْ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِبَيْعٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ مَالِهَا.

(ص) وَبَطَلَ فِي الْأَمَةِ إنْ جَمَعَهَا مَعَ حُرَّةٍ فَقَطْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَأَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ وَأَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا فَإِذَا عُدِمَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَوْ بَعْضُهَا وَعَقَدَ عَلَى الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا أَمْ لَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ بَاطِلًا وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرَّةِ صَحِيحًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا غُلِّبَ جَانِبُ الْحُرْمَةِ وَبَطَلَتْ كُلُّهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى الْحَرَامِ بِحَالٍ كَمَا لَوْ جَمَعَتْ بَيْنَ خَلٍّ وَخَمْرٍ فِي عَقْدَةِ الْبَيْعِ أَوْ بَيْنَ ثَوْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فِي عَقْدٍ فَإِنَّ الْأَمَةَ نِكَاحُهَا صَحِيحٌ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الزِّنَا فَلَا يُرَدُّ احْتِجَاجُ سَحْنُونَ فِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ فِيهِمَا وَمَحِلُّ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ سَيِّدَتَهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا مَعًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِاتِّحَادِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَيْنِ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْحَلَالُ مِنْ الْحَرَامِ وَهَذَا حَيْثُ امْتَنَعَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَإِلَّا جَازَ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَيُتَصَوَّرُ حِلِّيَّةُ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فِيمَا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا بِلَا شَرْطٍ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ (ص) بِخِلَافِ الْخَمْسِ وَالْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فِي الْجَمِيعِ أَبَدًا أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَمَنْ بَنَى بِهَا مِنْهُنَّ فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا كَعَمَّتِهَا مَثَلًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فِيهِمَا أَبَدًا، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَا إرْثَ كَمَا فِي جَمْعِ الْخَمْسِ وَإِنَّمَا فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ هُنَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَرَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ.

(ص) وَلِزَوْجِهَا الْعَزْلُ إنْ أَذِنَتْ وَسَيِّدُهَا كَالْحُرَّةِ إذَا أَذِنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ زَوْجَتِهِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا وَإِذْنِ سَيِّدِهَا لِلزَّوْجِ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْمِلُ لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ فَلَا تَسْتَقِلُّ دُونَ السَّيِّدِ، فَإِنْ امْتَنَعَ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَمْلٍ اسْتَقَلَّتْ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَيَكْفِي إذْنُهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً.

(تَنْبِيهٌ) : لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْعَلَ مَا يُسْقِطُ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ الْجَنِينِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَقِيلَ يُكْرَهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ لِلْمَرْأَةِ شُرْبُ مَا يُسْقِطُهُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَا إنْ بِيعَتْ) أَيْ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ. وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَتْ يَكُونُ لَهَا هَذَا مَعْنَى يَتْبَعُهَا وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ زَوْجُهَا وَإِلَّا كَانَ لَهُ عج (قَوْلُهُ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ) أَيْ إذَا وَهَبَهَا لِرَجُلٍ هَلْ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ) أَيْ كَانَ الْبَيْعُ صَادِرًا مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ وَالْمَعْنَى وَيَثْبُتُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ مَالِهَا.

(قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ بَطَلَ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا مَعًا عَلَى الْمَشْهُورِ) كَأَنَّ مُقَابِلَهُ يَقُولُ يَبْطُلُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) سَيَأْتِي مُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ إلَخْ أَيْ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّسْمِيَةِ بِأَنْ يُقَالَ لِلْأَمَةِ كَذَا وَلِلسَّيِّدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَيْنِ يَئُولَانِ لَهَا بِحَوْزِهِمَا مَعًا فَعَدَمُ التَّعْيِينِ بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ وَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلتَّشَاحُنِ وَالتَّبَاغُضِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ الْعَقْدُ فِيهِمَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ حَتَّى فِي الْأَمَةِ وَسَيِّدَتِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَازَ أَخْذُ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِمَا، وَلَوْ فِي الْأَمَةِ وَسَيِّدَتِهَا. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا فِي الْأَمَةِ وَسَيِّدَتِهَا وَفِي غَيْرِهِمَا يَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ وَيَبْطُلُ فِي الْأَمَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَمْسِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إحْدَى الْخَمْسِ أَمَةً لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِفَقْدِ شَرْطٍ وَإِلَّا فُسِخَ نِكَاحُهَا فَقَطْ وَهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مَعَ حُرَّةٍ إذْ هِيَ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْوَاحِدَةَ وَالْمُتَعَدِّدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ وَمَحْرَمُهَا) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أَمَةً لَا تُبَاحُ لَهُ فَيُفْسَخُ فِيهَا فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ وَسَيِّدَهَا) مَفْعُولٌ مَعَهُ وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ عَزْلِ السَّيِّدِ عَنْ أَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ إذْ لَا حَقَّ لَهَا وَمِثْلُ الْعَزْلِ أَنْ تَجْعَلَ فِي الرَّحِمِ خِرْقَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِلرَّحِمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ أَمَةً كَالْجَدِّ فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ يَنْفَرِدُونَ بِالْإِذْنِ دُونَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) تُجْبَرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَقِلُّ بِالْإِذْنِ فِي الْعَزْلِ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ، فَإِنْ أَخَذَتْ مَالًا عَلَى الْعَزْلِ مُدَّةً فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ وَتَرُدَّ جَمِيعَ مَا أَخَذَتْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَاسُ أَنْ تَرُدَّ بِقَدْرِ مَا مَنَعَتْ مِنْ الْأَجَلِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ تُوَضِّحُ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَهِيَ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ جَوَازُ الْعَزْلِ بِأَنَّ الْمَنِيَّ إذَا صَارَ دَاخِلَ الرَّحِمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَشَدُّ مِنْهُ إذَا تَخَلَّقَ وَأَشَدُّ مِنْهُ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ إجْمَاعًا قَالَهُ ابْنُ جُزَيٍّ وَمُفَادُ النَّقْلِ تَرْجِيحُهُ بَلْ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِالْمَشْهُورِ فَقَالَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْعَزْلُ أَنَّ الْمَنِيَّ إذَا صَارَ دَاخِلَ الرَّحِمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْعَلَ مَا يُسْقِطُ مَا بِبَطْنِهَا مِنْ الْجَنِينِ انْتَهَى (قَوْلُهُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ) وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِكُرْهِ إخْرَاجِ الْمَنِيِّ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ انْتَهَى وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْحُرَّةِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إلَخْ) يُوَافِقُهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ جَارِيَانِ فِي الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْأَمَةِ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ حَيْثُ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا سَيِّدُهَا وَظَاهِرُهَا أَيْضًا، وَلَوْ مِنْ مَاءِ زِنًا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ بِغَيْرِهِ خُصُوصًا إنْ خَافَتْ الْقَتْلَ بِظُهُورِهِ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّ قَوْلَ

ص: 225

أَنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا يُقَلِّلُ نَسْلَهُ قَالَهُ ح وَانْظُرْ هَلْ الْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ قَطْعَ مَائِهَا يُوجِبُ قَطْعَ نَسْلِهَا أَمْ لَا.

(ص) وَالْكَافِرَةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى أُصُولِهِ أَيْ وَحَرُمَ نِكَاحُ الْكَافِرَةِ أَوْ وَطْءُ الْكَافِرَةِ وَهُوَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ وَأَمَتِهِمْ بِالْمِلْكِ مُتَّصِلًا وَمُرَادُهُ بِالْكَافِرَةِ غَيْرُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ لِيَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ أَيْ دَلِيلِ الْعُمُومِ وَفِي تَرْكِ التَّاءِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْمَبْتُوتَةِ مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ يُكْرَهُ) وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ الْحَرَائِرُ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَتُغَذِّي وَلَدَهُ بِهِ وَهُوَ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَقَدْ تَمُوتُ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ وَهِيَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ (ص) وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُرْهَ تَزْوِيجِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَشَدُّ مِنْ كُرْهِ تَزْوِيجِهَا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ لِتَرْكِهِ وَلَدَهُ بِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ تَرْبِيَتِهِ عَلَى دِينِهَا وَأَنْ تَدُسَّ فِي قَلْبِهِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَلَا تُبَالِي بِاطِّلَاعِ أَبِيهِ عَلَى ذَلِكَ (ص) ، وَلَوْ يَهُودِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ وَبِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ جَوَازُ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِحُرٍّ أَوْ لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّصْرَانِيَّةُ بَاقِيَةً عَلَى دِينِهَا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيَّةُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً عَلَى دِينِهَا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ إلَى الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ إلَى الدَّهْرِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا.

(ص) وَأَمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ يُكْرَهُ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِالْمِلْكِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا بِالنِّكَاحِ وَلَا أَمَةَ الْمَجُوسِيِّ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ جَازَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَكُلُّ مَنْ مُنِعَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مُنِعَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ.

(ص) وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا يَرْجِعُ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْمَعْنَى.

ــ

[حاشية العدوي]

عب وَيَنْبَغِي إلَخْ لَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَيَنْبَغِي لَا مَاضِيَ لَهُ وَهُوَ مُطَاوِعٌ بَغَيْته فَانْبَغَى لَكِنْ لَا يُنْطَقُ بِهِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَلِدُ أَصْلًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْ يُقَلِّلَ نَسْلَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَطْعَ مَائِهَا إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لِإِحْدَى الصُّورَتَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ وَسَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَا أَنْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْكَافِرَةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ فَيَعُمُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ مِنْ مِعْيَارِ) مِنْ زَائِدَةٌ أَيْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ دَلِيلُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ وَفِي تَرْكِ التَّاءِ مَا مَرَّ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ وَحُرِّمَتْ الْكَافِرَةُ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ فَلَا يَصِحُّ أَنَّك تَقُولُ ابْتِدَاءً وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ) أَيْ وَالْخِنْزِيرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ، وَلَوْ تَضَرَّرَ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ الثُّومِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُقَبِّلُهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَقَوْلُهُ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ أَيْ وَلَا مَنْعِهَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ.

(فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ) وَكَذَا لَا يَمْنَعُهَا مِنْ فَرِيضَتِهَا وَلَا مِنْ صِيَامِهَا وَلَا يَطَؤُهَا صَائِمَةً؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ دِينِهَا وَهُوَ يُفْسِدُ عَلَيْهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يُوجِبُ حُرْمَتَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَلِذَا كُرِهَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَهُودِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ) أَيْ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ دَهْرِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ أَوْ تَهَوَّدَتْ لَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ) أَيْ لَا إلَى دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ أَنَّهُمَا لَوْ انْتَقَلَتَا لِمَجُوسِيَّةٍ أَوْ دَهْرِيَّةٍ تَحِلُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَيْ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ مِلَلٌ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» أَيْ الدِّينَ الْمُعْتَبَرَ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ مُسْلِمَةٌ بِمَجُوسِيٍّ أَوْ كَافِرٍ لَمْ تُحَدَّ، وَلَوْ تَعَمَّدَتْ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمُسْلِمُ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّةِ رُجِمَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ اسْتِنَادَ النِّكَاحِ لِلرَّجُلِ حَقِيقَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ مَجَازٌ.

(فَائِدَةٌ) أَهْلُ الْكِتَابِ هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ عَدَاهُمْ مَجُوسٌ تَمَسَّكُوا بِصُحُفِ شِيثٍ أَوْ إدْرِيسَ أَوْ إبْرَاهِيمَ أَوْ زَبُورِ دَاوُد وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مَوَاعِظُ لَا أَحْكَامُ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ دِينَيْنِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ الْمُوَطَّإِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَنَقَلَ الْجُزُولِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ وَرُفِعَ وَسَبَبُ رَفْعِهِ أَنَّ عَظِيمَهُمْ تَزَوَّجَ بِابْنَتِهِ فَأَرَادُوا رَجْمَهُ فَتَحَصَّنَ بِحِصْنِهِ وَقَالَ لَهُمْ نِعْمَ الدِّينُ دِينُ آدَمَ الَّذِي زُوِّجَ الْأَخُ أُخْتَهُ فَرُفِعَ الْكِتَابُ عُقُوبَةً لَهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالدَّهْرِيَّةُ) بِضَمِّ الدَّالِ نِسْبَةٌ لِلدَّهْرِ بِفَتْحِهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.

(قَوْلُهُ وَأَمَتَهُمْ) بِالنَّصْبِ أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِمُسْلِمٍ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى مِنْ لَا أَنَّهَا بِمَعْنَى اللَّامِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِ تَجُوزُ بِغَيْرِ الْمِلْكِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَأَمَتُهُمْ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا أَنْ أَسْلَمَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. وَأَمَّا إنْ

ص: 226

أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا تَرْغِيبًا لِلْإِسْلَامِ بَلْ الْإِسْلَامُ هُوَ الْمُصَحِّحُ لَهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَحَارِمِهِ.

وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَقْرِيرِهِ عَلَيْهَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ نِكَاحِهِمْ رَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَتَأَتَّى اسْتِيفَاءُ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ إسْلَامُ الزَّوْجِ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا غَلَطٌ.

(ص) وَعَلَى الْأَمَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ إنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ (ش) يَعْنِي كَمَا يُقِرُّ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ يُقِرُّ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ الْحُرَّةِ إنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَقَوْلُهُ إنْ عَتَقَتْ خَاصٌّ بِالْأَمَةِ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ عَامٌّ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ مِنْ أَيِّ دِينٍ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ فَيُشْتَرَطُ خَشْيَةُ الْعَنَتِ وَعَدَمُ الطَّوْلِ كَابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ التَّهَوُّدُ أَوْ التَّنَصُّرُ لِلْحُرَّةِ عَلَى مَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ إنْ عَتَقَتْ رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَتَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الرَّاجِحِ وُجُودُ شُرُوطِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ شُرَّاحُهُ مِنْ كَوْنِهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا (ص) وَلَمْ يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ (ش) هُوَ مِثَالٌ لِلَّذِي لَمْ يَبْعُدْ أَيْ مِثَالٌ لِلنَّفْيِ الَّذِي هُوَ حَرْفُ لَمْ لَا لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ لَفْظٌ يَبْعُدُ أَيْ وَلَمْ يَبْعُدْ الزَّمَانُ أَيْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا بَلْ كَانَ قَرِيبًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ (ص) وَهَلْ إنْ غَفَلَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ فِي الشَّهْرِ إنْ غَفَلَ عَنْهَا وَلَمْ تُوقَفْ حِينَ أَسْلَمَ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغْفُلْ فَيَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ حِينَ إسْلَامِهِ، فَإِنْ أَبَتْهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ يُقَرِّرُ النِّكَاحَ فِي الشَّهْرِ مُطْلَقًا غَفَلَ عَنْ إيقَافِهَا أَمْ لَا فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ تَأْوِيلَانِ.

(ص) وَلَا نَفَقَةَ (ش) أَيْ لَا نَفَقَةَ لِلْكَافِرَةِ الَّتِي أَسْلَمَ زَوْجُهَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبْلِهَا وَهُوَ تَأْخِيرُ إسْلَامِهَا فَلَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا زَوْجُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ إسْلَامِهِمَا وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْحَامِلِ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية العدوي]

أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا وَقَفَ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُفَرَّقَ إنْ لَمْ تُسْلِمْ (قَوْلُهُ بَلْ الْإِسْلَامُ) أَيْ بَلْ يُقَالُ إنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْمُصَحِّحُ لَهُ أَيْ لَا التَّرْغِيبُ فِيهِ أَيْ لَا التَّرْغِيبُ لِلْغَيْرِ فِي الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً لِلشُّرُوطِ مِنْ صَدَاقٍ يُتَعَامَلُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَوَلِيٍّ مُسْلِمٍ وَشَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَا عِدَّةَ وَلَا مَانِعَ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ الزَّوْجِ مُسْلِمًا شب (قَوْلُهُ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ هُوَ الْقَرَافِيُّ فَعِنْدَهُ أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجِ لَيْسَ شَرْطَ صِحَّةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ شَرْطَ صِحَّةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً. وَأَمَّا كَوْنُهَا كَافِرَةً فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَوْلُهُ غَلَطٌ يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ النَّقْلُ عَنْ الْأَقْدَمِينَ هَكَذَا فَلْيُتَّبَعْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَفِي لُزُومِهَا إلَخْ يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْقَرَافِيِّ.

(قَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ) أَيْ أَوْ تَهَوَّدَتْ أَوْ تَنَصَّرَتْ (قَوْلُهُ أَوْ مَجُوسِيَّةً) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ (قَوْلُهُ إنْ عَتَقَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ فَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ خَاصٌّ بِالْأَمَةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ عَامٌّ إلَخْ) يُنَافِي أَوَّلَ حَلِّهِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ مَدْخُولًا بِهِمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْعُدُ كَالشَّهْرِ) قَالَ عج ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ لَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ فَإِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ، فَإِنْ عَتَقَتْ عَقِبَ إسْلَامِهِ أُقِرَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ يُفِيدُ أَنَّ إسْلَامَهَا كَعِتْقِهَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَقِبَ إسْلَامِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ كَإِسْلَامِ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَيُنْظَرُ مَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) لَمْ يُبَيِّنْ النَّحْوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قُلْت كَمْ الطُّولُ قَالَ لَا أَدْرِي وَالشَّهْرُ وَأَكْثَرُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا أَرَى الشَّهْرَيْنِ أَيْ قَلِيلًا انْتَهَى فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِنَحْوِهِ شَهْرًا آخَرَ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَرَى إلَخْ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِنَحْوِهِ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالشَّهْرِ. وَأَمَّا الْكَافُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَاسْتِقْصَائِيَّة.

(قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ غَفَلَ) أَيْ عَنْهُ فَحُذِفَ الْجَارُّ وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ بِعَامِلِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ تَوَقَّفَتْ فَلَا كَمَا إذَا غَفَلَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِقَوْلِ مَالِكٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مُطْلَقٌ وَنَصُّهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً مَا لَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ (قَوْلُهُ غَفَلَ عَنْ إيقَافِهَا أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَمْ لَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ أَبَتْ كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ عج فَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَعَرَضْنَا عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ وَأَبَتْ وَلِلشَّيْخِ أَحْمَدَ كَلَامٌ آخَرُ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت ثُمَّ أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ اتَّفَقَ التَّأْوِيلَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا وَأَسْلَمَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا وَلَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَأَسْلَمَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا وَعَرَضْنَاهُ عَلَيْهَا وَأَجَابَتْ لَهُ وَأَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا عُرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إبَايَةٌ بَلْ تَوَقَّفَتْ فَإِنَّهَا لَا تَبِينُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ.

قَالَ عج وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقْتَ إسْلَامِهِ يُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ إلَخْ يَشْمَلُ مَا إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقْتَ إسْلَامِهِ أَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا بَعْدَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقْتَ إسْلَامِهِ لَا بَعْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُطْلَبُ الْفَرْقُ تَأَمَّلْ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَلَا نَفَقَةَ) ، وَلَوْ أَمَةً خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ لِقُدْرَتِهَا كَالْحُرَّةِ عَلَيْهِ دُونَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْحَامِلِ مُطْلَقًا) أَيْ أَنَّ الْحَامِلَ مُطْلَقًا إلَخْ أَيْ حَصَلَ مِنْهَا امْتِنَاعٌ أَمْ لَا لَهَا

ص: 227

وَبِمَنْ حَصَلَ مِنْهَا امْتِنَاعٌ بَعْدَ وَقْفِهَا (ص) أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا (ش) الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ تَقَدَّمَ فِيهَا إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلَى إسْلَامِ زَوْجَتِهِ وَهُنَا تَقَدَّمَ إسْلَامُهَا عَلَى إسْلَامِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ فَقَوْلُهُ فِي عِدَّتِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إسْلَامَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ (ص) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَلَا نَفَقَةَ (ش) الْمُبَالَغَةُ فِي أَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي عِدَّتِهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ إسْلَامِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكُفْرِ فَإِنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْكُفَّارُ أَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَتَزَوَّجَهَا كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى ابْتِدَاءِ عِصْمَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبْلِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَهُ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ أَنَا عَلَى دِينٍ لَا أَنْتَقِلُ عَنْهُ وَهِيَ فَعَلَتْ مَا حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْأَقْيَسُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى بِلَا خِلَافٍ.

(ص) وَقَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَةَ إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَقَدْ بَانَتْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لَهُ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَقِبَ إسْلَامِهَا نَسَقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا وَإِلَّا نَظَرَ السُّلْطَانُ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا قَالَهُ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ (ص) أَوْ أَسْلَمَا (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُقِرُّ عَلَى نِكَاحِهَا فِي هَذِهِ وَهِيَ مَا إذَا أَسْلَمَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِحَضْرَتِنَا أَوْ جَاءَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَإِنَّهُمَا يُقِرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا فَقَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَا مَعْطُوفٌ عَلَى أَسْلَمَ لَا عَلَى قَبْلَ الْبِنَاءِ (ص) إلَّا الْمُحَرَّمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُقِرُّ فِيهَا مَعَ زَوْجَتِهِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ مَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى عَمَّتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقِرُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُقِرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ إلَّا الْمُحَرَّمَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ إلَى هُنَا.

(ص) وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا عَقَدَ عَلَى كَافِرَةٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْأَجَلِ وَقَالَا نَحْنُ نَتَمَادَى لِلْأَجَلِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَيُفْسَخُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ سَقْيُ زَرْعِ غَيْرِهِ بِمَائِهِ فِي الْأُولَى وَإِجَازَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي الْإِسْلَامِ فِي الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ وَتَمَادَيَا لَهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ. وَأَمَّا إنْ قَالَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ نَحْنُ نَتَمَادَى أَبَدًا فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ صَحَّحَهُ كَمَا أَنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا إذَا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (ص) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَلِقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَلِقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَا يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَقَعْ بَيْنَهُمَا بَيْنُونَةٌ بِأَنْفُسِهِمَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ إسْلَامِهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَهُ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَالْإِسْلَامُ صَحَّحَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَكَرَّرَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَوْ طَلَّقَهَا لِأَجَلٍ قَوْلُهُ ثَلَاثًا وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا وَنَبَّهَ بِلَوْ عَلَى خِلَافِ الْمُغَيَّرَةِ مِنْ اعْتِبَارِ طَلَاقِهِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إذَا أَسْلَمَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ.

(ص) وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا بِلَا مُحَلِّلٍ (ش) أَيْ وَعَقَدَ

ــ

[حاشية العدوي]

النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ وَبِمَنْ حَصَلَ مِنْهَا امْتِنَاعٌ) أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا امْتِنَاعٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الِامْتِنَاعِ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَجَابَتْ لِلْإِسْلَامِ وَبِمَا إذَا تَوَقَّفَتْ أَمَّا إذَا أَجَابَتْ لِلْإِسْلَامِ فَلَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ زَوْجَةً لَهَا النَّفَقَةُ فَالْكَلَامُ حِينَئِذٍ فِي الَّتِي تَوَقَّفَتْ وَلَمْ تَمْتَنِعْ فَلَهَا النَّفَقَةُ أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الْإِيقَافِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا) مَا لَمْ يَحْضُرْ عَقْدُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا فَاتَتْ وَمَا لَمْ يَكُنْ غَائِبًا وَيَدْخُلُ بِهَا غَيْرُهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَزَوُّجِهَا بِالثَّانِي فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ.

(قَوْلُهُ بَانَتْ مَكَانَهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنْ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ بَلْ ذَلِكَ فَسْخٌ (قَوْلُهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ) أَيْ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ فَلَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا بَلْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّا لَمَّا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِمَا مُسْلِمَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ إسْلَامُهُمَا إلَّا الْآنَ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى حَيْثُ عَلِمْنَا بِإِسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَالَا) أَيْ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ قَالَا) أَيْ مَعًا (قَوْلُهُ إذَا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) ، وَلَوْ حَصَلَ وَطْءٌ فِي الْعِدَّةِ حَالَةَ الْكُفْرِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ عِبَارَاتِهِمْ. وَأَمَّا إنْ حَصَلَ الْوَطْءُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ إذَا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) مَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا.

(قَوْلُهُ وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا بِلَا مُحَلِّلٍ) يُفِيدُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ أَخْرَجَهَا إلَخْ

ص: 228

عَلَيْهَا عَقْدًا جَدِيدَا بِلَا مُحَلِّلٍ إنْ أَبَانَهَا أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ بِمَا يُعَدُّ فِرَاقًا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ طَلَاقٌ.

(ص) وَفُسِخَ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا بِلَا طَلَاقٍ (ش) أَيْ وَحَيْثُ وَجَبَ التَّفْرِيقُ وَفُسِخَ لِإِسْلَامِهِمَا أَوْ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا لِأَجْلِ مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ كَكَوْنِهَا غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مَحْرَمًا فَهُوَ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَمَاعِ عِيسَى.

(ص) لَا رِدَّتُهُ فَبَائِنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَا رَجْعِيَّةٍ خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ عَدَمُ رَجْعَتِهَا إنْ تَابَ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَقِيلَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ وَفَائِدَتُهُ إذَا تَابَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى ثَلَاثٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لِدَيْنِ زَوْجَتِهِ) إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ رِدَّةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ، وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ إلَى دِينِ زَوْجَتِهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيَّةً أَوْ يَهُودِيَّةً ثُمَّ ارْتَدَّ إلَى دِينِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ سَبَبَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ اسْتِيلَاءُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا وَعَلَى هَذَا فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكِتَابِيَّةُ إذَا عَاوَدَ الْإِسْلَامَ.

(ص) وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ أَوْ بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا أَوْ لَا تَأْوِيلَاتٌ (ش) لِلْأَشْيَاخِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَمَوْضُوعُهَا كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْكَافِرَةَ ثَلَاثًا وَإِلَى الثَّلَاثِ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ طَلَّقَهَا أَيْ الثَّلَاثَ وَلَمْ يُفَارِقْهَا ثُمَّ تَرَافَعَا إلَيْنَا وَتَرَاضَيَا بِأَحْكَامِنَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمَعْنَاهُ لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا نَعْرِضُ لَهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عَدَدٍ فَتَحِلُّ لَهُ إذَا رَضِيَتْ قَبْلَ مُحَلِّلٍ إذَا أَسْلَمَ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا أَسَاقِفَتِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ وَمَفْهُومُ تَرَافَعَا أَنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَافُعِ.

وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَلْ يُقَرَّرُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ أَصْلًا أَوْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ، وَلَوْ فَاسِدًا أَوْ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ أَشَارَ لِبَيَانِ ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ أَوْ الْإِسْقَاطُ إنْ قَبَضَ وَدَخَلَ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ (ش) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ تَارَةً تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ هَذَا الصَّدَاقَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ) . وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ حَوْزِهِ وَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ وَلَا حَاجَةَ لِلْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ لَفَظَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ حَالَ الْكُفْرِ.

(قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ وَجَبَ التَّفْرِيقُ) إشَارَةٌ لِإِصْلَاحِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا يُفْسَخُ وَيَكُونُ بِلَا طَلَاقٍ.

(قَوْلُهُ لَا رِدَّتُهُ فَبَائِنَةٌ) أَيْ أَنَّ نَفْسَ الِارْتِدَادِ طَلَاقٌ بَائِنٌ لَا أَنَّهُ يَنْشَأُ بَعْدَهُ طَلَاقٌ وَتُقَيَّدُ رِدَّةُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ لَا تَقْصِدَ فَسْخَ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ ثُمَّ إنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ اعْتِمَادُ أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ وَإِنْ ارْتَدَّتْ فَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ أَصْبَغَ جَارٍ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَجُوسِيَّةً وَانْظُرْهُ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت تت قَالَ وَلِوَلَدَيْنِ زَوْجَتُهُ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ قَالَ الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ مَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنَّهُ يُحَالُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَصْبَغُ لَا يُحَالُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ طَلَّقَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ الْكَافِرَةَ وَيُحْتَمَلُ طَلَّقَهَا أَيْ الثَّلَاثَ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ هَذَا مُرَادُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا صَادِقٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ. وَأَمَّا إنْ قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي طَلَاقِ الْكُفْرِ أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عِنْدَكُمْ أَوْ اقْتَضَى الْعُرْفُ أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ أَلْغَاهُ أَيْ أَلْغَى الطَّلَاقَ أَيْ حَكَمَ بِعَدَمِ لُزُومِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْ أَوْ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ حُكِمَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ ثَلَاثًا مُنِعَ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهَا قَبْلَ ذَلِكَ رُجُوعٌ عَمَّا اُلْتُزِمَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِمَا يَجِبُ فِي دِينِنَا أَوْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ لَمْ تَحْكُمْ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ هُوَ مِمَّا غُيِّرَ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ هَلْ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِلْأَشْيَاخِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ تَأْوِيلَاتٌ وَفِي الْوَاقِعِ هِيَ تَأْوِيلَاتٌ وَأَقْوَالٌ فِي الْخَارِجِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِلْأَشْيَاخِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَأْوِيلَاتٌ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ ش الْمُشَارُ بِهَا لِلشَّارِحِ يُبْعِدُهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ " أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ " خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عَدَدٍ) فَتَلْزَمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ النُّصُوصِ.

(قَوْلُهُ وَمَضَى) لَمْ يَقُلْ وَجَازَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَقَعَ فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِجَوَازٍ وَقَوْلُهُ قُبِضَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ قَبْضَهَا وَقَبْضَ غَيْرِهَا مِمَّنْ لَهُ قَبْضُهُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ) هَذَا التَّفْصِيلُ مَوْضُوعُهُ أَسْلَمَا مَعًا لَا إنْ أَسْلَمَتْ فَقَطْ وَلَمْ يُسْلِمْ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْفَاسِدِ وَصُورَةٌ فِي الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ) الْمُنَاسِبُ أَقْسَامٌ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَيْسَتْ أَرْبَعَةً كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ

ص: 229

الْفَاسِدَ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُكِّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَقَبَضَتْ الصَّدَاقَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهَا قَبْضُهُ وَتَارَةً لَا تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ إنْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا ذَلِكَ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَ الْمِثْلِ، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يَدْخُلُ الزَّوْجُ بِهَا وَلَا تَقْبِضُ الصَّدَاقَ حَتَّى أَسْلَمَا فَيُقْضَى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ عَلَى شَرْطِ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَلَا شَيْءَ لَهَا الْقِسْمُ الثَّانِي إذَا أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَيُخَيَّرُ، فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ فَرَضَ أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ هُوَ أَنْ يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ كَمُتَزَوِّجٍ امْرَأَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (ص) وَهَلْ إنْ اسْتَحَلُّوهُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ أَيْ يَسْتَحِلُّونَ النِّكَاحَ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ أَوْ الْإِسْقَاطِ وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَسْتَحِلُّوا ذَلِكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا دَخَلُوا عَلَى الزِّنَا لَا عَلَى النِّكَاحِ أَوْ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ فِي دِينِهِمْ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَافِرٌ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ وَإِمَّا تَنْبِيهًا بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ الصِّحَّةُ إذَا كَانُوا يَسْتَحِلُّونَهُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ تَأْوِيلَانِ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ الْكِتَابِيَّ أَوْ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ مَجُوسِيَّاتٍ ثُمَّ أَسْلَمْنَ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَسَوَاءٌ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي عُقُودٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَإِنْ كُنَّ أَوَاخِرَ فِي الْعَقْدِ وَيُفَارِقُ الْبَوَاقِي وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ اخْتِيَارِهِ مَرِيضًا أَمْ لَا مُحْرِمًا أَمْ لَا كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ أَمَةً وَهُوَ وَاجِدٌ لِطَوْلِ الْحُرَّةِ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ كَرَجْعَةٍ وَقِيلَ بِامْتِنَاعِهِ كَالِابْتِدَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَلْغَى فِيهِ رُكْنَ النِّكَاحِ أَوْ شَرْطَهُ وَهُوَ رِضَا الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ فَأَحْرَى الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ الْمُسْلِمُ أَيْ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ يَخْتَارُ لَهُ وَلِيُّهُ وَقَوْلُهُ أَرْبَعًا أَيْ، وَإِنْ مُتْنَ وَفَائِدَتُهُ الْإِرْثُ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَوَاخِرَ) أَيْ فِي الْعَقْدِ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِتَعْيِينِ الْأَوَائِلِ دُونَ الْأَوَاخِرِ.

(ص) وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى كَأُخْتَيْنِ كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَتَا عَقِبَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهِمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا ذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى وَلَا يَلْزَمُهُ هُوَ أَنْ يَفْرِضَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَ دُخُولٌ دُونَ قَبْضٍ وَيُخَيَّرُ فِي بَاقِي الصُّوَرِ بَيْنَ أَنْ يَفْرِضَ الْمِثْلَ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُفْرَضَ ذَلِكَ فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فِي الْفِرَاقِ وَالْبَقَاءِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّدَاقُ خَمْرًا وَبَاعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا بِالدُّخُولِ غَيْرَ ثَمَنِهَا إنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ وَشُرْبُهَا إيَّاهُ كَعَدَمِ قَبْضهَا، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ بِيَدِهَا وَقِيمَتُهَا الْآنَ رُبْعُ دِينَارٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا بِالدُّخُولِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ الْإِسْقَاطِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَمْرِ أَيْ يَسْتَحِلُّونَ النِّكَاحَ بِالْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَمَادَوْا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ صِحَّتِهِ فِي زَعْمِهِمْ فَيَمْضِي أَيْضًا فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ طَرْدِيٌّ) أَيْ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَقَوْلُهُ لَا عَلَى سَبِيلِ شَرْطُ تَبْيِينٍ لِقَوْلِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَافِرٌ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ أَنَّهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ بِالْفَسَادِ لَا قَيْدٌ لِلْإِمْضَاءِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ أَنَّهُ قَيْدٌ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ.

(تَنْبِيهٌ) : بَحَثَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ وُجِدَ مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَشِبْهَهُ وَبَحْثُهُ بِمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مِنْ مِثْلِ الصَّدَاقِ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مِثَالِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ يَشْمَلُ مَا لَا يَسْتَحِلُّونَهُ فِي دِينِهِمْ قَطْعًا كَالْمَيْتَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.

(قَوْلُهُ أَرْبَعًا) أَيْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ أَقَلَّ، وَإِنْ شَاءَ لَا يَخْتَارُ شَيْئًا (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ كَرَجْعَةٍ) أَيْ لِكَوْنِ الِاخْتِيَارِ كَرَجْعَةٍ أَيْ وَاَلَّذِي يَتَزَوَّجُ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحَرَائِرِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرْطُهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَفِي شب أَيْضًا بِأَوْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلتَّرَدُّدِ إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ رُكْنٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا الْوَاقِعُ مِنْهُمَا الرِّضَا وَلَمْ يَقَعْ الرِّضَا فِيمَا سَبَقَ رُكْنًا وَلَا شَرْطًا (قَوْلُهُ يَخْتَارُ لَهُ وَلِيَّهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ يَخْتَارُ لَهُ ذَكَرَهُ بَعْضٌ وَفِي عِبَارَةٍ الْقَاضِي بَدَلَ السُّلْطَانِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَوَاخِرَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ أَوَائِلَ أَيْ يَخْتَارُ، وَإِنْ أَوَائِلَ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي تَعَيُّنِ الْأَوَائِلِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ فَتِلْكَ النُّسْخَةُ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِقَوْلِ بَهْرَامَ لَا مَعْنَى لِهَذِهِ النُّسْخَةِ أَفَادَهُ تت وَرُدَّ بِأَنَّ مَعْنَى اخْتَارَ أَيْ أَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ إنْ شَاءَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا قَبْلَ لَوْ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا وَلَا يَظْهَرُ هُنَا. وَأَمَّا التَّعَيُّنُ فَلَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ قَوْلِنَا أَيْ أَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ إنْ شَاءَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَأَسْلَمَتَا) الْأَوْلَى

ص: 230

مَعًا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا أَمْ لَا تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا كَانَتَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ.

(ص) وَأُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا، وَإِنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا نَكَحَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَأَسْلَمَتَا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهُمَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا مَعًا حَالَ الْكُفْرِ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِمَا حَرُمَتَا؛ لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ تَعَيَّنَتْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفِرَاقِ أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَ فَلَا يُبْقِي إلَّا هَذِهِ وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى الْبِنْتُ اتِّفَاقًا وَالْأُمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَمْ لَا.

(ص) وَلَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا (ش) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْأُمِّ وَابْنَتِهَا خَاصَّةٌ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِحُرْمَةِ مَنْ فَارَقَهَا مِنْهُمَا عَلَى أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ سَوَاءٌ مَسَّ الَّتِي أَمْسَكَهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَلَمْ يَكُنْ إلَّا الْعَقْدُ وَعَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ، فَإِنْ مَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا تَعَيَّنَ مُفَارَقَةُ مَنْ لَمْ يَمَسَّهَا وَمَسُّ مَنْ مَسَّهَا لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْبِنْتِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا يُحَرِّمُ أُمَّهَا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. وَأَمَّا إنْ مَسَّهُمَا مَعًا فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُمَا مَعًا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيَكُونُ كَلَامُهُ فِي مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ غَيْرِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا وَكَانَتْ الَّتِي فَارَقَهَا مَسَّهَا لِأَنَّ مَسَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ كَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ وَحَصَلَ مِنْهُ الْمَسُّ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَفَارَقَ مَنْ مَسَّهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ.

(ص) وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ (ش) تَقَدَّمَ مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَوْ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا أَنَّهُ يَخْتَارُ الْبَعْضَ وَيُفَارِقُ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَأَشَارَ هُنَا إلَى صِفَةِ الِاخْتِيَارِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ اخْتَرْت فُلَانَةَ بَلْ يَكْفِي بِغَيْرِ صَرِيحِ اللَّفْظِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فَأَشَارَ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَا قَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعَدُّ بِالطَّلَاقِ مُخْتَارًا لِمَنْ طَلَّقَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ بِالظِّهَارِ مُخْتَارًا لِمَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا إذْ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ زَوْجَةٍ فَالظِّهَارُ مَلْزُومٌ لِبَقَائِهَا زَوْجَةً، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ بِالْإِيلَاءِ مُخْتَارًا وَهَلْ الْإِيلَاءُ اخْتِيَارُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ تَوْجِيهُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّوْجِيهِ أَوْ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارَانِ أَقَّتَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَيَّدَ بِمَحَلٍّ كَلَا أَطَؤُك إلَّا فِي بَلَدِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَانْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ الرَّجُلِ يَكُونُ اخْتِيَارًا وَانْظُرْ لِعَانَ الزَّوْجَةِ فَقَطْ. وَأَمَّا لِعَانُهُمَا مَعًا فَيَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وَأَشَارَ إلَى الِاخْتِيَارِ الْفِعْلِيِّ بِقَوْلِهِ (أَوْ وَطْءٍ) فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً بَعْدَ إسْلَامِهِ مِمَّنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ اخْتَارَهَا فَالْوَطْءُ دَلَالَةٌ فِعْلِيَّةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ كَذَلِكَ وَالْوَطْءُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَتَا.

(قَوْلُهُ: وَأُمًّا وَابْنَتَهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَفِي بَعْضِهَا بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى أُخْتَيْنِ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَعُلِمَتْ الْأُولَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَعُلِمَتْ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ فَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا) أَيْ مَسَّ الْبِنْتَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَقَاءَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْبِنْتُ اتِّفَاقًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ الْمَدْخُولُ بِهَا فَيُبْقِي عَلَيْهَا اتِّفَاقًا وَتَحْرُمُ الْأُخْرَى اتِّفَاقًا الَّتِي هِيَ الْأُمُّ وَقَوْلُهُ وَالْأُمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ إذَا كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ فَإِنَّهُ يُبْقِي عَلَيْهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُفَارِقُ الْبِنْتَ وَمُقَابِلُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ وَمَسُّ الْأُمِّ كَلَا مَسَّ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَتَزَوَّجْ) بِالْجَزْمِ بِلَا النَّاهِيَةِ وَهِيَ تَجْزِمُ فِعْلَ الْغَائِبِ كَثِيرًا وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ فَارَقَهَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ لَمْ يُفَارِقْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وعب صَحَّحَ كَلَامَ بَهْرَامَ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا مَسَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَلَمْ يُلْتَفَتْ لِهَذَا الْمَفْهُومِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَحْمِلُهُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَأَنَّ النَّهْيَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ مَنْ مَسَّهَا) أَيْ فِي صُورَةٍ أَوْ إحْدَاهُمَا. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا مَسَّهُمَا فَالْمُنَاسِبُ لَهُ وَفَارَقَ إحْدَاهُمَا.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) كَلَامُهُ فِي الِاخْتِيَارِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا أَوَّلًا فَشَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ رَجْعِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ بَالِغِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِمَّا كَانَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّوْجِيهِ) فَوَجَّهَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ فِي الْعُرْفِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ قَالَ بِشَرْطِ تَقَرُّرِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَرُّرِ الْعُرْفِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ فِي اسْتِعْمَالِ أَدَاةِ السَّلَبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبَلُ الْمَسْلُوبَ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِالْعَدَمِ الْمُقَابِلِ لِلْمَلَكَةِ كَقَوْلِك زَيْدٌ لَا يُبْصِرُ لَا فِيمَا لَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِالسَّلَبِ الْمُقَابِلِ لِلْإِيجَابِ كَقَوْلِك الْحَائِطُ لَا يُبْصِرُ فَقَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتهَا دَلِيلُ جَعْلِهِ إيَّاهَا قَابِلَةً لِوَطْئِهِ وَلَا سِيَّمَا كَوْنُ النَّفْيِ مُقَسَّمًا عَلَيْهِ وَلَا تَقْبَلُهُ إلَّا لِكَوْنِهَا زَوْجَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ بَحْثَ إلَخْ) كَأَنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِذَنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ اُنْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالزَّمَنُ قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَطْءٍ إلَخْ) مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فَعَلَ مَا يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَوْ يُوجِبُ فِيهَا خَلَلًا

ص: 231

اخْتِيَارٌ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ فَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْوِهِ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَصْرِفْهُ إلَى جَانِبِ الِاخْتِيَارِ لَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى جَانِبِ الزِّنَا وَالنَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَفِي تَنْظِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفِي كَوْنِهِ اخْتِيَارًا بِذَاتِهِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ نَظَرٌ اهـ نَظَرٌ.

(ص) وَالْغَيْرُ إنْ فَسَخَ نِكَاحُهَا (ش) أَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَغَيْرُ امْرَأَةٍ إنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا أَيْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ قَالَ وَغَيْرُ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لَكَانَ أَظْهَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَقَالَ لِوَاحِدَةٍ فَسَخْت نِكَاحَك فَإِنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا لَهَا وَلَكِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ إعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَفَسَخَ فِي كَلَامِهِ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ.

(ص) أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَاخْتَارَ غَيْرُ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُنًّ أَخَوَاتٌ، وَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ كَأَخَوَاتٍ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْته وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ رَاجِعٌ لِمُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أَخَوَاتٌ أَيْ فَلَا يَخْتَارُ جَمِيعَهُنَّ بَلْ وَاحِدَةٌ وَيُتَمِّمُ بَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَيَدْخُلْ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ يَتَلَذَّذْ بِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَبَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ بِمَنْ تَلَذَّذَ بِهِنَّ غَيْرَ عَالِمٍ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ (ص) وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِنَّ يَرْجِعُ لِمَنْ اخْتَارَهُنَّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ يَرْجِعُ لِغَيْرِ مَنْ اخْتَارَهُنَّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْبَعْضَ وَفَارَقَ الْبَعْضَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الصَّدَاقِ لَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا شَيْءَ فِيهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَا فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ أَنَّهُ اخْتَارَ بَعْضَهُنَّ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ غَيْرَ مُعَيَّنَاتٍ صَدَاقَانِ صَحِيحَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِذَا قَسَمَ اثْنَانِ عَلَى عَشْرَةٍ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَمْسٌ.

(ص) كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَضْعِيَّاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ رَضْعِيَّاتٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ نِكَاحًا صَحِيحًا ثُمَّ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِمَنْ فَارَقَهَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ وَمَا هَذَا شَأْنُهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ مَاتَ كَانَ لَهُنَّ صَدَاقٌ وَاحِدٌ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُ صَدَاقٍ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ مِمَّنْ لَا يَحْرُمُ رِضَاعُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً كَمَا إذَا أَرْضَعَتْهُنَّ أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ الصَّدَاقِ إذْ لَا تَصْلُحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَأَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ.

(ص) وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِيَارُ فَأَوْلَى الْوَطْءُ الْمُتَرَتِّبُ اعْتِبَارُهُ عَلَى وُجُودِهَا (قَوْلُهُ وَفِي تَنْظِيرِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نَظَرٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَوَجْهُ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَالْغَيْرُ إلَخْ) أَيْ وَيَخْتَارُ غَيْرَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحَهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ) ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ نِكَاحِهَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الْوَاقِعَةِ مُضَافًا إلَيْهَا بَلْ لَوْ قَالَ وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ لَا فَسْخٍ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِعَقْدِ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ نِصْفَ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ الْمَفْسُوخَةِ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَيْضًا الطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا بِخِلَافِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ) أَيْ وَقَوْلُهُ نِكَاحَهَا مَفْعُولٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَخَوَاتُ مَنْ أَسْلَمَ الثَّانِي أَنَّ حِلَّ إحْدَاهُمَا هُوَ قَوْلُهُ وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا فَبِمُجَرَّدِ أَنْ اخْتَارَ الْأَرْبَعَ حَلَّ الْبَاقِي لِلْأَزْوَاجِ فَقُدِّرَ أَنَّهُ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُخْتَارَاتِ أَخَوَاتٌ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَتَرْجِعُ لَهُ وَلَا يُفَوِّتُهَا إلَّا دُخُولُ الثَّانِي أَيْ الْوَطْءُ أَوْ التَّلَذُّذُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ أَخَوَاتٌ فَلَا يَفُوتُ بِذَلِكَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عب (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَخْتَارُ جَمِيعَهُنَّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَيُتَمِّمُ بَاقِيَ الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ اخْتَارَ أَرْبَعًا وَظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ فَارَقَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ وَإِذَا قَسَمَ إلَخْ) فَإِذَا اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ فَلِلْبَاقِيَاتِ صَدَاقٌ يَقْتَسِمْنَهُ وَثَلَاثًا فَلِلْبَاقِيَاتِ نِصْفُ صَدَاقٍ.

(قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ تَامٌّ) الْأَحْسَنُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ أَيْ أَنَّ الثَّلَاثَ اللَّاتِي يُفَارِقْهُنَّ لَا شَيْءَ لَهُنَّ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا فِي الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ تَشْبِيهُ اخْتِيَارٍ بِاخْتِيَارٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ لَا الْوَاوُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً إلَخْ الْمُنَاسِبُ لِمَا قُلْنَا فَإِنَّهُ إذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لِلْبَوَاقِي؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ) وَقِيلَ بِطَلَاقٍ وَهُمَا فِي تت.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَاتَ) يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ لَهُ الِاخْتِيَارُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِنَّ

ص: 232

شَرْعًا إلَّا أَرْبَعٌ غَيْرُ مُعَيَّنَاتٍ يَقْتَسِمْنَ ذَلِكَ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمُسَا صَدَاقِهَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَإِنَّ نِسْبَةَ الْأَرْبَعَةِ إلَى الْعَشَرَةِ خُمُسَانِ وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِهَا فَإِذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ غَيْرِهَا خُمُسَا صَدَاقِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ بِثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا خُمُسَيْ صَدَاقِهَا وَلِمَنْ دَخَلَ بِهَا صَدَاقَهَا كَامِلًا، وَلَوْ دَخَلَ بِأَرْبَعٍ هَذَا إذَا كَانَ دُخُولُهُ بِمَنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلِمَنْ دَخَلَ بِهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَلِغَيْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمَةِ بَاقِي الْأَصْدِقَةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى عَدَدِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَإِذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُنَّ عَشْرَةٌ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُلُثُ صَدَاقِهَا إذْ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ ثَلَاثَةٍ عَلَى تِسْعَةٍ ثُلُثٌ فَإِذَا دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُهَا وَلِلْبَاقِي رُبْعُ صَدَاقِهَا إذْ هُوَ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ اثْنَيْنِ عَلَى ثَمَانٍ وَهَكَذَا الْعَمَلُ إذَا دَخَلَ بِثَالِثَةٍ. وَأَمَّا إنْ دَخَلَ بِرَابِعَةٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اخْتِيَارٌ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا بِدُخُولِهِ بِهِنَّ.

(ص) وَلَا إرْثَ إنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ عَنْ الْإِسْلَامِ (ش) صُورَتُهَا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ كِتَابِيَّاتٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ سِتٌّ وَتَخَلَّفَ عَنْ الْإِسْلَامِ أَرْبَعٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ لَا إرْثَ لِجَمِيعِهِنَّ أَيْ لَا إرْثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ أَمَّا الْكِتَابِيَّاتُ فَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ. وَأَمَّا الْمُسْلِمَاتُ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ وَهُنَّ غَايَةُ مَا يَخْتَارُ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ وَلَا إرْثَ مَعَ الشَّكِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ دُونَ الْأَرْبَعِ لَحَصَلَ الْإِرْثُ لِلْمُسْلِمَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ اعْتَادَ الْأَرْبَعَ فَأَكْثَرَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُنَّ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِنَّ وَبِهَذَا يُرَدُّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ مَا دُونَ الْأَرْبَعِ.

(ص) أَوْ الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى تَخَلَّفَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ زَوْجَتَانِ مُسْلِمَةٌ وَكِتَابِيَّةٌ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا أَنْتَ طَالِقٌ وَمَاتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالطَّلَاقِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا إرْثَ لِلْمُسْلِمَةِ لِثُبُوتِ الشَّكِّ فِي زَوْجِيَّتِهَا، وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ لَا الْتِبَاسَ وَالْإِرْثُ جَمِيعُهُ لِلْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْكِتَابِيَّةُ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمَةِ وَعَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُطَلَّقَةِ هِيَ الْمُسْلِمَةُ وَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ أَيْضًا (ص) لَا إنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَجُهِلَتْ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِغَيْرِهَا رُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَخَلَّفَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْرَجَةٌ مِنْ عَدَمِ الْإِرْثِ وَهَذِهِ الْإِرْثُ فِيهَا ثَابِتٌ لِعَدَمِ الشَّكِّ فِي سَبَبِهِ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمُسْلِمَتَيْنِ طَلَاقًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ وَجُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِأَنْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ لِلْبَيِّنَةِ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَعُلِمَتْ ثُمَّ مَاتَ الْمُطَلِّقُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا وَبَيَانُ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا مُنَازِعَ لَهَا فِي الصَّدَاقِ فَهُوَ لَهَا بِكَمَالِهِ لِلْمَسِّ.

وَأَمَّا الْمِيرَاثُ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ فَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَلَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ وَنِصْفُهُ لِلْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْأُخْرَى كَانَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الْمِيرَاثُ كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَالنِّصْفُ مِنْهُ لَا مُنَازِعَ لَهَا فِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ تُنَازِعُهَا فِيهِ الْأُخْرَى فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى رُبْعُهُ. وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ فَإِنَّك إنْ قَدَّرْت أَنَّهَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ قَدَّرْت أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْأُخْرَى كَانَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا فَنِصْفُ الصَّدَاقِ لَا مُنَازِعَ لَهَا فِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمُسَا صَدَاقِهَا إلَخْ) وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ الصَّدُقَاتُ مُتَّحِدَةً وَإِذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَمَا الْمُرَاعَى مِنْهَا هَلْ الْكَثِيرُ أَوْ الْقَلِيلُ أَوْ الْقُرْعَةُ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ النِّسَاءُ عَشْرًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسَا صَدَاقِهَا وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُنَّ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ خُمُسَيْ صَدَاقِهَا، وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا غَيْرَ أَنَّهُ يَتَكَمَّلُ لَهَا بِالدُّخُولِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ) وَمِثْلُهُ إذَا تَخَلَّفَ أَرْبَعُ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ لَا كَافِرَاتٍ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُنَّ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ) وَمِثْلُ الْكِتَابِيَّةِ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ وَجُهِلَتْ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا إلَخْ) أَيْ وَعُلِمَتْ. وَأَمَّا الْعَكْسُ أَوْ جُهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَالشَّارِحُ تَكَفَّلَ بِبَيَانِهِ وَقَوْلُهُ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا مَفْهُومُهُ صُورَتَانِ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ أَصْلًا تَكَفَّلَ الشَّارِحُ بِبَيَانِهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ مَفْهُومُهُ لَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ تَكَفَّلَ الشَّارِحُ بِبَيَانِهِ (قَوْلُهُ وَجُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ) مَفْهُومُ جُهِلَتْ وَاضِحٌ، فَإِنْ ادَّعَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ طَلُقَتَا فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ عَيَّنَهَا وَنَسَوْهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَحِينَئِذٍ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ شَهَادَتَهَا فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهُ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنَةً وَلَمْ يُبَيِّنْهَا أَوْ بَيَّنَ وَنَسِيَ مَا بَيَّنَ فَمِنْ الِالْتِبَاسِ

ص: 233

وَالنِّصْفُ الْآخَرُ تُنَازِعُهَا فِيهِ الْوَرَثَةُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَلِلْوَرَثَةِ رُبْعُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالصَّدَاقُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَلِكُلٍّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ.

وَإِنْ دَخَلَ بِكُلٍّ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا كَامِلًا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ صُوَرِ الِالْتِبَاسِ أَيْ وَالْحُكْمُ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ عُلِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَجُهِلَ الْمَدْخُولُ بِهَا أَيْ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ الصَّدَاقُ كَامِلًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَرُبْعُ الْمِيرَاثِ، فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَجَمِيعُ الْمِيرَاثِ وَلِلَّتِي طَلُقَتْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ جُهِلَ كُلٌّ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُهَا غَيْرَ ثُمُنٍ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ.

(ص) وَهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ أَوْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ خِلَافٌ (ش) مَوَانِعُ النِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ الرِّقُّ وَالْكُفْرُ وَتَقَدَّمَا وَكَوْنُ الشَّخْصِ خُنْثَى مُشْكِلًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِنُدُورِهِ وَالْمَرَضُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْآذِنِ أَوْ صَيْرُورَتِهِ غَيْرَ وَارِثٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ الْمَرِيضُ إلَى النِّكَاحِ أَمْ لَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِلنَّهْيِ عَنْ إدْخَالِ وَارِثٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ إدْخَالَ وَارِثٍ مُحَقَّقٌ وَلَيْسَ عَنْ كُلِّ وَطْءٍ حُمِلَ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَقُولُ مَنْعُ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّكَاحِ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَيَخْدُمُهُ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ جَازَ لَهُ النِّكَاحُ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْوَارِثُ مِنْهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْخِلَافِ وَيَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَحْجُورٍ مِنْ حَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ وَحَامِلِ سِتَّةٍ.

(ص) وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ حَالَ مَرَضِهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ، فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِالْمُسَمَّى، قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ وَإِنْ حَرُمَ.

(ص) وَعَلَى الْمَرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ.

(ش) التَّعْبِيرُ بِالثُّلُثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ الْمَوْتِ حِينَئِذٍ، فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إِذَا تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ وَدَخَلَ وَلَمْ يَفْسَخِ النِّكَاحَ، فَتَارَةً يَمُوتُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَتَارَةً يَصِحُّ فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ، وَأَمَّا إِذَا فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ صَحَّ، فَقَالَ الْعُضُونِيُّ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فُسِخَ أَيْضًا، وَكَانَ لَهَا الْمُسَمَّى، تَأْخُذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ مَبْدَأً إِنْ مَاتَ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، اهـ.

فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسَمَّى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ غَيْرَ ثُمُنٍ) وَذَلِكَ أَنَّ الْوَرَثَةَ يُسَلِّمُونَ لَهُمَا صَدَاقًا وَنِصْفًا وَيُنَازِعُونَهُمَا فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَتَدَّعِي كُلٌّ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا فَيَكُونُ لَهُمَا صَدَاقَانِ وَتَدَّعِي الْوَرَثَةُ أَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَهُمَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقٌ غَيْرَ ثُمُنٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُمْنَعُ

إِلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: مَرِضَ أَحَدُهُمَا) ، وَلَوْ مَرِضَا مَعًا لَاتَّفَقَ عَلَى الْمَنْعِ كَمَا هُوَ مَفْهُومُهُ؛ إِذِ الْمَرِيضَةُ لَا تَنْفَعُ الْمَرِيضَ لِحَاجَتِهِ غَالِبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ مُتَطَاوِلًا، كَالسُّلِّ وَالْجُذَامِ، أَوْ لَا.

(تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنَ الْمُصَنَّفِ صَحِيحٌ طَلَّقَ حَامِلًا دُونَ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، ثُمَّ مَرِضَ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا لَا إِنْ أَتَمَّتْهَا، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَرِيضَةً شَرْعًا فَصَارَا مَرِيضَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُلْحَقُ بِالْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إِنَّ فِي وَطْءِ الزَّوْجَةِ إِدْخَالُ وَارِثٍ، وَنُهِيَ عَنْ إِدْخَالِ وَارِثٍ، فَأَجَابَ بِمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: وَحَامِلُ سِتَّةٍ) صُورَتُهَا: طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَأَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ مَضَى لِلْحَمْلِ سِتَّةٌ، فَإِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُ زَوْجِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لَهَا، فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ، إِلَّا إِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَى فَسْخِهِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا، وَمِثْلُ الدُّخُولِ مَوْتُهُ أَوْ مَوْتُهَا قَبْل الْفَسْخِ، فَيُقْضَى بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ حَصَلَ دُخُولٌ، أَوْ مَوْتُهَا، أَوْ مَوْتُهُ، قَالَ: عَجَّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إِذْ فِيهِ - إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتِ - الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَلَمْ يُؤَثَّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ، اهـ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْنَعُ

إِلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: مَرِضَ أَحَدُهُمَا) ، وَلَوْ مَرِضَا مَعًا لَاتَّفَقَ عَلَى الْمَنْعِ كَمَا هُوَ مَفْهُومُهُ؛ إِذِ الْمَرِيضَةُ لَا تَنْفَعُ الْمَرِيضَ لِحَاجَتِهِ غَالِبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ مُتَطَاوِلًا، كَالسُّلِّ وَالْجُذَامِ، أَوْ لَا.

(تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنَ الْمُصَنَّفِ صَحِيحٌ طَلَّقَ حَامِلًا دُونَ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، ثُمَّ مَرِضَ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا لَا إِنْ أَتَمَّتْهَا، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَرِيضَةً شَرْعًا فَصَارَا مَرِيضَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُلْحَقُ بِالْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إِنَّ فِي وَطْءِ الزَّوْجَةِ إِدْخَالُ وَارِثٍ، وَنُهِيَ عَنْ إِدْخَالِ وَارِثٍ، فَأَجَابَ بِمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: وَحَامِلُ سِتَّةٍ) صُورَتُهَا: طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَأَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ مَضَى لِلْحَمْلِ سِتَّةٌ، فَإِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُ زَوْجِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لَهَا، فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ، إِلَّا إِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَى فَسْخِهِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا، وَمِثْلُ الدُّخُولِ مَوْتُهُ أَوْ مَوْتُهَا قَبْل الْفَسْخِ، فَيُقْضَى بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ حَصَلَ دُخُولٌ، أَوْ مَوْتُهَا، أَوْ مَوْتُهُ، قَالَ: عَجَّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إِذْ فِيهِ - إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتِ - الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَلَمْ يُؤَثَّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ، اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَرِيضِ

إِلَخْ) ، الْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ فِي الْأَوَّلِ صَحِيحٌ، فَتَبَرُّعُهُ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ الثَّانِي؛ فَلِذَا كَانَ فِي الثُّلُثِ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمَرَضِ؟ أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْأَعْدَلِ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ: فَتَارَةً يَمُوتُ) ، اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، دَخَلَ أَمْ لَا، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: وَدَخَلَ. وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَفْسَخْ، وَلَوْ صَحَّ قَبْل الْفَسْخِ لَا فَسْخَ. (قَوْلُهُ: الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى) ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فُسِخَ أَيْضًا) ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَفَسَخَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: تَأْخُذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ مَبْدَأً) ، أَيْ: عَلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ، ثُمَّ مُدَبَّرٌ صِحَّةً، ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ. (قَوْلُهُ: فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ) ، أَيْ: فَضَمِيرُ " مِنْهُ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَائِدٌ عَلَى الْمُسَمَّى.

(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِرْثِ، وَحَاصِلُهُ لَا إِرْثَ لِأَحَدِهِمَا بِمَوْتِ صَاحِبِهِ، كَانَ الْمَيِّتَ الصَّحِيحَ

ص: 234