الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ الرَّمْيِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لِغَيْرِهِ وَبِالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَشْيِ فِي الْحَرْبِ كَفِعْلِ أَبِي دُجَانَةَ فَقَالَ لَهُ عليه السلام إنَّهَا مِشْيَةٌ يَبْغُضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الرَّجَزُ عِنْدَ الرَّمْيِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَرَجْت فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ الْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ كَأَنَا فُلَانٌ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَيَجُوزُ الصِّيَاحُ عِنْدَ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ وَإِشْغَالِ النَّفْسِ عَنْ التَّعَبِ (ص) وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ لَا حَدِيثُ الرَّامِي (ش) أَيْ وَالْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ الرَّمْيِ بِالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ لَا حَدِيثُ الرَّامِي بِأَنْ يَتَمَدَّحَ وَيَذْكُرَ مَنَاقِبَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّمْيُ مَوْضِعُ الرَّامِي وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِهِ الِافْتِخَارُ وَالرَّجَزُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَحَادِيثَ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَالتَّعْلِيلِ جَمْعُ حَدِيثٍ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ عليه السلام وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَازِ أَيْ جَازَ الِافْتِخَارُ وَمَا مَعَهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ فِيهَا الْمَنْعُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِعْجَابِ وَالْخُيَلَاءِ.
(تَنْبِيهٌ) : وَيَجْرِي فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ وَفِي الْقِتَالِ الْجَائِزِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ وَالِافْتِخَارُ إلَخْ.
(ص) وَلَزِمَ الْعَقْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ لَازِمٍ بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ كَلُزُومِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ (كَالْإِجَارَةِ) إلَى أَنَّ لُزُومَ الْعَقْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رُشْدِ الْعَاقِدِ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الْجِهَادِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُشْرِكُهُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ لِخَبَرِ إنَّ «مِنْ الذُّنُوبِ ذُنُوبًا لَا يُكَفِّرُهَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا جِهَادٌ إلَّا السَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ» أَوْ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام وَافْتَتَحَهُ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ لِكَثْرَتِهَا فِي النِّكَاحِ قَالَ وَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ هُنَا مَشْهُورًا بَلْ فِيهِ أَشْيَاءُ مَا قَالَ بِهَا إلَّا مَنْ شَذَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَوُجُوبِ الضُّحَى وَاسْتِبْدَادِهِ بِجَمِيعِ الْخَمْسِ قَالَ وَلَيْسَ مَا قِيلَ بِاخْتِصَاصِهِ بِهِ صلى الله عليه وسلم مَحْصُورًا فِيمَا ذُكِرَ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذِهِ الْخَصَائِصِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا قَدْ مَضَى حُكْمُهَا بِمَوْتِهِ لِلتَّنْوِيهِ بِعِظَمِ قَدْرِهِ وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى بِهِ فِيهَا أَحَدٌ فَذِكْرُهَا إمَّا مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ قَالَ بَعْضٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
فَقَالَ (ص) خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خُصَّ عَنْ أُمَّتِهِ بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَالْأَضْحَى أَيْ الضَّحِيَّةُ وَالْأَضْحَى لُغَةٌ فِي الضَّحِيَّةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
لَا خُصُوصُ الْبَحْرِ الْمَخْصُوصِ لَكِنْ الْأَكْثَرُ فِي الْحَرْبِ الرَّجَزُ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ الْحَرَكَةَ وَالِاضْطِرَابَ (قَوْلُهُ إنَّهَا مِشْيَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ بِالنَّبْلِ) أَيْ السِّهَامِ (قَوْلُهُ الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ) سَجْعٌ لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهِ الْوَزْنَ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا أَيْ الْيَوْمُ وَالْيَوْمُ وَرَفْعُ الثَّانِي وَنَصْبُ الْأَوَّلِ عَلَى جَعْلِ الْأَوَّلِ ظَرْفًا قَالَ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ الظَّرْفُ وَاسِعًا وَلَمْ يُضَفْ عَلَى الثَّانِي وَالرُّضَّعُ جَمْعُ رَاضِعٍ وَهُوَ اللَّئِيمُ فَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ يَوْمُ اللِّئَامِ أَيْ يَوْمُ هَلَاكِ اللِّئَامِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَئِيمٌ رَاضِعٌ وَهُوَ الَّذِي رَضَعَ اللُّؤْمَ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ وَكُلُّ مَنْ نُسِبَ إلَى لُؤْمٍ فَإِنَّهُ يُوصَفُ بِالْمَصِّ وَالرَّضَاعِ وَالْأَصْلُ أَنَّ شَخْصًا كَانَ شَدِيدَ الْبُخْلِ وَكَانَ إذَا أَرَادَ حَلْبَ نَاقَتِهِ ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا لِئَلَّا يَحْلُبَهَا فَيَسْمَعُ جِيرَانَهُ أَوْ مَنْ يَمُرُّ بِصَوْتِ الْحَلْبِ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ اللَّبَنَ إلَخْ فَقَالُوا فِي الْمَثَلِ أَلْأَمُ مِنْ رَاضِعٍ انْتَهَى وَقِيلَ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَمَالِقَةِ طَرَقَهُ ضَيْفٌ لَيْلًا فَمَصّ ضَرْعَ شَاتِه لِئَلَّا يَسْمَعَ الضَّيْفُ صَوْتَ الْحَلْبِ فَكَثُرَ حَتَّى صَارَ كُلُّ لَئِيمٍ رَاضِعًا سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَقِيلَ الْمَعْنَى الْيَوْمَ يَعْرِفُ مَنْ رَضَعَ كَرِيمَةً فَأَنْجَبَتْ أَوْ لَئِيمَةً فَهَجَّنَتْ أَوْ الْيَوْمَ يَعْرِفُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْحَرْبُ مِنْ صِغَرِهِ وَتَدَرَّبَ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَزَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَنْ بَغْلَتِهِ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» (قَوْلُهُ لَا حَدِيثُ الرَّامِي) أَيْ تَحَدُّثُهُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ إلَخْ) كَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ» إلَخْ.
(قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي الْمُسَابَقَةِ إجَارَةٌ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ تَشْبِيهُ إجَارَةِ خَفِيَّةٍ بِإِجَارَةٍ شَهِيرَةٍ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ إجَارَةٌ غَيْرُهَا
[بَابُ النِّكَاحِ]
[بَابٌ خصائص النَّبِيُّ]
(بَابٌ)(قَوْلُهُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّكَاحَ لُغَةً الْعَقْدُ فَلَا مُشَارَكَةَ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْنَى مَا يَشْمَلُ الْمَدْلُولَ الِالْتِزَامِيَّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَهْدَ وَالْمَشَقَّةَ لَازِمَانِ لِلنِّكَاحِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ الْجَهْدُ أَيْ لِأَنَّهُ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ أَيْ أَنَّ مِنْ لَوَازِمِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ، دَلِيلٌ لِكَوْنِ النِّكَاحِ جَهْدًا وَمَشَقَّةً؛ لِأَنَّ السَّعْيَ عَلَى الْعِيَالِ مَشَقَّةٌ أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ الْعِيَالِ الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ أَوْ كَمَا قَالَ) لَفْظُهُ تُقَالُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي لَفْظِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتِبْدَادِهِ بِجَمِيعِ الْخَمْسِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ خُمْسُ الْخُمْسِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ أَشْيَاءَ زَائِدَةً عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمِمَّا اخْتَصَّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ فِي وَجْهٍ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا وَإِتْمَامُ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ وَأَنْ يَدْفَعَ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لِلتَّنْوِيهِ) أَيْ لِلْإِعْلَامِ بِعِظَمِ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى) أَيْ يَقْتَدِيَ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) الْأَحْسَنُ التَّفْصِيلُ إنْ ظَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنْ احْتَمَلَ عَلَى السَّوَاءِ فَذِكْرُهَا مَنْدُوبٌ.
(بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم)(قَوْلُهُ بِوُجُوبِ الضُّحَى) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ (قَوْلُهُ عَنْ أُمَّتِهِ) وَيُحْتَمَلُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ خُصَّ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ فِي بَعْضِهَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ) لَا أَوْسَطُهُ وَلَا أَكْثَرُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّهُ رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرَهُ ثَمَانٍ وَأَوْسَطَهُ سِتٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَاهِيَّةُ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهَا فِي الْأَقَلِّ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ وَالْأَضْحَى أَيْ الضَّحِيَّةُ) أَرَادَ الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ وَالْأَضْحَى أَرَادَ اللَّفْظَ أَيْ وَالْأَضْحَى لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى اللَّفْظِ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ وَقَوْلُهُ لُغَةٌ فِي الضَّحِيَّةِ أَيْ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ فِي مَعْنَى ضَحِيَّةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ الْأُولَى بِهَذَا الْمَعْنَى لَفْظُ ضَحِيَّةٍ أَيْ فَالذَّاتُ يَدُلُّ عَلَيْهَا لَفْظَانِ لَفْظُ ضَحِيَّةٍ وَلَفْظُ أَضْحَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّهِ
فِي الْمُخَاطَبَةِ بِالْهَدْيِ وَالتَّهَجُّدِ وَهُوَ صَلَاةُ اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْوِتْرِ وَقَوْلُهُ بِحَضَرٍ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْوِتْرِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ بِدَلِيلِ إيتَارِهِ فِيهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ وَلِصَلَاةِ الضُّحَى.
(ص) وَالسِّوَاكِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السِّوَاكُ حَضَرًا وَسَفَرًا لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت مَا هُوَ الَّذِي كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ مِنْهُ.
(ص) وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ أَيْ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ أَوْ مُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا تَبَيَّنَ بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّخْيِيرَ الَّذِي يُوقِعْنَ فِيهِ الثَّلَاثَ كَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ وَهُوَ ظَنُّ سَوْءٍ بِهِ عليه السلام أَنْ يُخَيِّرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمِنْ الْخَصَائِصِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ لَكِنْ نُسِخَ هَذَا.
(ص) وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ رحمه الله فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام إذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى زَوْجَةِ شَخْصٍ وَرَغِبَ فِيهَا وَجَبَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا صلى الله عليه وسلم وَإِذَا طَلَّقَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَخْطُبَهَا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا رَغِبَ صلى الله عليه وسلم فِي خَلِيَّةٍ أَنْ لَا يَخْطُبَهَا غَيْرُهُ وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ لَهُ عليه السلام وَعَمَّمَ بَعْضُهُمْ هَذَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام.
(ص) وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ إذَا خَاطَبَ شَخْصًا فِي حَالِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُجِيبَهُ عليه السلام وَعُمُومُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى يُشْعِرُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُجِيبِ.
(ص) وَالْمُشَاوَرَةِ (ش) هَذَا مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عليه السلام يَعْنِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ بِالْهَدْيِ) أَيْ إنْ حَصَلَ مُوجِبُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ النَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ التَّهَجُّدُ هُوَ النَّوْمُ وَالصَّلَاةُ بَعْدَهُ فَهُوَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَصَلَّى آخِرَ اللَّيْلِ لَا يُقَالُ لَهُ مُتَهَجِّدٌ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْمُتَهَجِّدِ وَهُوَ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بَعْدَ النَّوْمِ أَيْ بَعْدَ وَقْتِ النَّوْمِ نَامَ أَمْ لَا أَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّوْمِ نَظَرًا لِلْأَغْلَبِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا قِيلَ فِي الضُّحَى فَيُقَالُ الْوَاجِبُ الْمَاهِيَّةُ الْمُتَحَقِّقَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْوِتْرِ) أَيْ فَقَطْ أَيْ. وَأَمَّا التَّهَجُّدُ وَالضُّحَى فَجَرَيَانُهُ فِيهِ يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوِتْرُ مَعَ سُهُولَتِهِ يَتَقَيَّدُ بِالْحَضَرِ فَأَوْلَى مَا هُوَ أَشَقُّ مِنْهُ كَالتَّهَجُّدِ إلَخْ أَيْ فَمَآلُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلتَّهَجُّدِ) أَيْ. وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّقْيِيدُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا.
(قَوْلُهُ وَالسِّوَاكِ) بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ لَا بِمَعْنَى الْآلَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ) أَيْ. وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ عَلِمَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدِهِمْ نَعَمْ قَوْلُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ هَلْ الْمُرَادُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَكَذَا يُقَالُ الْوَاجِبُ مَاهِيَّةُ الِاسْتِيَاكِ الْمُتَحَقِّقَةِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِيَارِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ فِي عِصْمَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتْ الدُّنْيَا فَفَارَقَهَا عليه الصلاة والسلام فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَلْتَقِطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ هِيَ الشَّقِيَّةُ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ يَرْوِي عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ خُيِّرَ فِي نِسَائِهِ بَدَأَ بِهَا فَاخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَابَعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ إذَا أَحْدَثَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ نُسِخَ هَذَا) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
(قَوْلُهُ وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ بِتَزْوِيجِهَا إذَا فَارَقَهَا زَيْدٌ فَهُوَ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا رَغِبَ فِي بَقَائِهَا تَحْتَ زَيْدٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ السَّنُوسِيُّ فِي صُغْرَى الصُّغْرَى وَمَا عَدَا ذَلِكَ هُوَ مَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الَّذِي أَخْفَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفْسِهِ هُوَ الْعِشْقُ بِحُبِّ زَيْنَبَ وَحُبِّ فِرَاقِ زَيْدٍ لَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِهَا حَيَاءً مِنْهُ وَخَشْيَةً مِنْ مَقَالَةِ النَّاسِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ نِكَاحَ زَيْنَبَ كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ نَسَخَ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَحْرِيمِ أَزْوَاجِ الْأَدْعِيَاءِ وَإِنَّمَا أَخْفَى فِي نَفْسِهِ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ طَعْنِ الْمُنَافِقِينَ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ نَسْخَ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ أَوْحَى إلَيْهِ أَنَّ زَيْدًا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَتَزَوَّجْ بِهَا فَلَمَّا حَضَرَ زَيْدٌ لِيُطَلِّقَهَا خَافَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا لَزِمَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا وَيَصِيرُ سَبَبًا لِطَعْنِهِمْ فِيهِ فَقَالَ لِزَيْدٍ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَأَخْفَى فِي نَفْسِهِ مَا أَوْحَى إلَيْهِ وَعَزْمَهُ عَلَى نِكَاحِهَا فَلِذَلِكَ عُوتِبَ انْتَهَى وَمَرْغُوبَتِهِ فِيهِ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ وَالْأَصْلُ مَرْغُوبٌ فِيهَا قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْ لَوْ امْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنْ طَلَاقِ الْمَرْغُوبَةِ هَلْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَهَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ وَعُمُومُ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي صَلَاتِهِ وَتَكَلَّمَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَبَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إجَابَتِهِ عليه السلام وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَهَلْ تَبْقَى الصَّلَاةُ مَعَهَا أَوْ تَبْطُلُ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةُ يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ إذَا ابْتَدَأَهُ الْمُصَلِّي بِالْخِطَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ عج وَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ قَصْرُهُ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النَّوَوِيُّ لَا مَا كَانَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا وَظَاهِرُ قَوْلِ بَهْرَامَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِإِجَابَتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَابَتِهِ بِنَحْوِ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ
وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاوِرَ ذَوِي الْأَحْلَامِ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي الْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ وَالْمُهِمَّاتِ لَا فِي الشَّرَائِعِ تَطْيِيبًا لِخَوَاطِرِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا أَنَّهُ عليه السلام يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ عِلْمًا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ عليه السلام بِوُجُوبِ الْمُشَاوَرَةِ بَلْ عَلَى الْوُلَاةِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَوُجُوهِ الْكُتَّابِ وَالْعُمَّالِ وَالْوُزَرَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَعِمَارَتِهَا كَمَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ عليه السلام كَوْنُهُ كَامِلَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُشَاوَرَةُ.
(ص) وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ. وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْوُلَاةِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ الْمَيِّتِ بَلْ الْحَيُّ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ «مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» أَيْ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَإِلَيَّ كِفَايَةُ عِيَالِهِ ابْنُ بَطَّالٍ هَذَا نَاسِخٌ لِتَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْقَرَافِيُّ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ بِالدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى السُّلْطَانِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَحَ الْفُتُوحَاتُ.
(ص) وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَهُ وَيُدَاوِمَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَقْطَعُهُ حَتَّى يُعَدَّ تَارِكَهُ لَهُ بِالْمَرَّةِ لَا الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَتْرُكُهُ وَيَتْرُكُهُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَفْعَلُهُ وَوَرَدَ أَيْضًا كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ.
(ص) وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَابِرَ الْعَدُوَّ الْكَثِيرَ الزَّائِدَ عَلَى الضِّعْفِ، وَلَوْ أَهْلَ الْأَرْضِ
ــ
[حاشية العدوي]
مَا فَعَلْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ جَوَابًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام هَلْ فَعَلْته وَانْظُرْهُ ثُمَّ مَعْنَى وُجُوبِ إجَابَتِهِ عليه الصلاة والسلام اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى أُمَّتِهِ إجَابَتَهُ إذَا نَادَى أَحَدًا مِنْهُمْ فِي صَلَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ عليه الصلاة والسلام كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ لِأَبِي وَانْظُرْ بَعْدَهَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي عب.
(قَوْلُهُ الْأَحْلَامِ) جَمْعُ حِلْمٍ الْأَنَاةُ وَالْعَقْلُ أَيْ ذَوِي الْعُقُولِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ الْآرَاءِ) جَمْعُ رَأْيٍ مَا يَرَاهُ الشَّخْصُ (قَوْلُهُ وَالْحُرُوبِ) وَالْمَعْنَى فِي الرَّأْيِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا فِي الشَّرَائِعِ) لَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ مُشَاوَرَتُهُ فِي الْأَذَانِ وَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَحْيِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِالْمُشَاوَرَةِ إذْ قِصَّتُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ أَوْ الْأُولَى قَوْلَانِ رَجَّحَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الثَّانِيَ. وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمُشَاوَرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] فَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ بَلْ عَلَى الْوُلَاةِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ عَدُّهُ فِي الْخَصَائِصِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ وَوُجُوهِ الْكُتَّابِ) أَيْ مَحَامِلِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ وَالْعُمَّالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْوُلَاةِ جَمْعُ عَامِلٍ وَهُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي يُرْسِلُهُ السُّلْطَانُ فِي الْبَلَدِ يَقْبِضُ خَرَاجَهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَعِمَارَتِهَا إلَخْ) أَيْ عِمَارَةِ الْعِبَادِ أَيْ عِمَارَةِ بِلَادِ الْعِبَادِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ عِمَارَةُ مَصَالِحِ الْعِبَادِ أَيْ اسْتِمْرَارُهَا وَدَوَامُهَا (قَوْلُهُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ (قَوْلُهُ فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ عليه الصلاة والسلام إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَا خُصُوصِيَّةَ إلَخْ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ كَامِلَ الْعِلْمِ. وَأَمَّا لَوْ نَظَرَ لِذَلِكَ فَالْخُصُوصِيَّةُ بَاقِيَةٌ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَذْكُرَهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْمُتَقَدِّمِ.
(قَوْلُهُ فَيُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْوُلَاةِ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَتَدَايُنِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَوْ فِيهَا وَتَابَ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ ضَيَاعًا) أَيْ عِيَالًا وَهُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ (قَوْلُهُ فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلتَّفَنُّنِ. وَأَمَّا كِفَايَةُ الْعِيَالِ فَوَاجِبَةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى السُّلْطَانِ) وَسَيِّدُ السَّلَاطِينِ هُوَ صلى الله عليه وسلم وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَقْضِيهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ السَّلَاطِينِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي أَوَّلًا عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَانَ الْمَيِّتُ يُحْبَسُ عَنْ الْجَنَّةِ لِذَلِكَ فَلَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ صَارَ الْمَيِّتُ لَا يُحْبَسُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَمُفَادُ قَوْلِ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ وَاجِبًا عَلَى السُّلْطَانِ وَلَا سُلْطَانَ إلَّا هُوَ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّلْطَانَ يَقْضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشَارَ لِلْقَوْلَيْنِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ تَطَوُّعًا وَهَلْ كَانَ يَقْضِيهِ مِنْ خَالِصِ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَى الْأَخِيرِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ ذَهَبَ الْقَرَافِيُّ حَيْثُ قَالَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ أَنَّهُ يَقْضِي صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ عَلَيَّ قَضَاؤُهُ أَيْ مِمَّا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْغَنَائِمِ وَالصَّدَقَاتِ قَالَ وَهَذَا يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَقُّ الْمَيِّتِ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَفِي بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَإِلَّا فَيَسْقُطُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ قَالَ الْحَطَّابُ وَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي هَذَا الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ ظَاهِرٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ يَقْضِيهِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ أَنْ تُفْتَحَ الْفُتُوحَاتُ) جَمْعُ فَتْحٍ أَيْ فَتْحُ بِلَادِ الْكُفَّارِ وَالْإِتْيَانِ بِأَمْوَالِهِمْ.
(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَقْطَعُهُ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ ظَاهِرٍ تَقْدِيرُهُ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ عَمَلُهُ الْخَاصُّ بِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ.
لِأَنَّهُ مَوْعُودٌ مِنْ رَبِّهِ بِالْعِصْمَةِ بِخِلَافِ أُمَّتِهِ إذَا زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى الضِّعْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْفِرَارُ.
(ص) وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَيْنًا أَنْ يُغَيِّرَ الْمُنْكَرَ بِغَيْرِ شَرْطٍ مِنْ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَظَنِّ التَّأْثِيرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إظْهَارُ الْإِنْكَارِ وَلَا يَسْقُطُ لِكَوْنِ الْمُرْتَكِبِ يَزِيدُهُ الْإِنْكَارُ إغْرَاءً بِخِلَافِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَكِبُ كَافِرًا صَرِيحًا أَوْ مُنَافِقًا وَيُشَارِكُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قِسْمَيْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبِ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ شَرَعَ فِي قِسْمَيْ الْحَرَامِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (ص) وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَتَيْنِ أَيْ الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ لِإِنْبَائِهَا عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ قَالَ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] وَأَمْوَالُ النَّبِيِّ عليه السلام مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ مِنْ الصَّفِيِّ وَالْهَدِيَّةِ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ وَخُمُسِ الْخُمُسِ وَتَقَدَّمَ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْآلُ إنْ لَمْ يُعْطَوْا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَأَنَّ إعْطَاءَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ قَالَهُ ح قُلْت وَتَقَدَّمَ عَنْ شَارِحِ الْمُوَطَّإِ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا إذَا بَلَغُوا إلَى حَاجَةٍ يُبَاحُ لَهُمْ فِيهَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ.
(ص) وَأَكْلِهِ كَثُومٍ (ش) أَيْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ عليه السلام أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا رَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ مِنْ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ؛ لِأَنَّهُ يُنَاجِي الْمَلَائِكَةَ. وَأَمَّا الْمَطْبُوخُ مِنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي حُكْمِ الْمَطْبُوخِ كَالْبَصَلِ الْمَنْقُوعِ فِي الْخَلِّ حَتَّى تَذْهَبَ رَائِحَتُهُ كَذَلِكَ.
(ص) أَوْ مُتَّكِئًا (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا وَهُوَ التَّقَعْدُدُ فِي الْجُلُوسِ كَالْمُتَرَبِّعِ فَإِنَّ الْجُلُوسَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ يَسْتَدْعِي الِاسْتِكْثَارَ مِنْ الْأَكْلِ وَإِنَّمَا كَانَ جُلُوسُهُ عليه السلام لِلْأَكْلِ جُلُوسَ الْمُسْتَوْفِزِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَّكِئًا مَنْصُوبٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَثُومٍ.
(ص) وَإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه السلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا كَرِهَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ نِكَاحَهُ لِغَيْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِخَبَرِ «الْعَائِذَةِ الْقَائِلَةِ لَهُ عليه الصلاة والسلام أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ زَادَ فِي الْأُنْمُوذَجِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا انْتَهَى وَقَوْلُنَا لِغَيْرَةِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِذَاتِهِ عليه الصلاة والسلام فَإِنَّهُ كُفْرٌ وَتَبَيَّنَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ مَوْعُودٌ مِنْ رَبِّهِ بِالْعِصْمَةِ) أَيْ مِنْ الْقَتْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ شُجَّ فِي وَجْهِهِ وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهُ يَعْصِمُك إلَخْ كَانَ بَعْدَ الشَّجِّ وَنَحْوِهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ فِي التَّعْلِيلِ إنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ وَأَشْجَعُ النَّاسِ وَفِي الْمُصَابَرَةِ إظْهَارٌ لِذَلِكَ وَفِي عَدَمِهَا انْخِفَاضٌ لِشَأْنِهِ وَتَحْقِيرٌ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ أَنْ يُغَيِّرَ الْمُنْكَرَ)، وَلَوْ صَغِيرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ) ؛ لِأَنَّهُ السُّلْطَانُ الْأَكْبَرُ وَالْخَلِيفَةُ الْأَعْظَمُ وَالْكُلُّ دُونَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَرِينَةَ كَوْنِ الْإِنْكَارِ يَزِيدُ إغْرَاءً لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ صَرِيحًا أَيْ ظَاهِرًا.
(قَوْلُهُ عَلَى آلِهِ) وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لِمَوَالِي آلِهِ كَمَوَالِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فِي الْخَاصَّةِ بِهِ فَيَحْرُمُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ صَدَقَاتِ الْأَعْيَانِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ دُونَ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَمِيَاهِ الْآبَارِ (قَوْلُهُ مِنْ الصَّفِيِّ) أَيْ مِنْ صَفِيِّ الْمَغْنَمِ وَهُوَ مَا يُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قِسْمِهَا وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ) . وَأَمَّا فِي الْغَزْوِ فَهِيَ لِلْجَيْشِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ إذَا بَلَغُوا إلَخْ) قَالَ عب وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَلُ مِنْ حُرْمَةٍ إلَى حِلٍّ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا السَّلْمُونِيَّ نَقَلَ لَنَا عَنْ الشَّيْخِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ وَهُوَ لَمْ يَصِلْ إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ فَأَخْذُهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْلَى مِنْ إهَانَتِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ خُصُوصًا أَهْلَ الذِّمَّةِ كَمَا شُوهِدَ وَفِي السُّؤَالِ فِي الْأَسْوَاقِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ قُلْت وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت النَّصَّ أَنَّهُ قَدْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ.
(قَوْلُهُ كَثُومٍ) بِضَمِّ الثَّاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُنَاجِي الْمَلَائِكَةَ) أَيْ يُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ وَهُمْ يَكْرَهُونَ الرَّوَائِحَ الْكَرِيهَةَ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الْمَطْبُوخُ إلَخْ) كَمَا وَقَعَ لَهُ أَكْلُ طَعَامٍ طُبِخَ بِبَصَلٍ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْقُوعَ فِي الْخَلِّ لَمْ يَقَعْ.
(قَوْلُهُ التَّقَعْدُدُ) أَيْ التَّمَكُّنُ وَقَوْلُهُ كَالْمُتَرَبِّعِ تَمْثِيلٌ وَقَوْلُهُ مُتَّكِئًا مَائِلًا عَلَى شِقٍّ كَمَا لِلْفَاكِهَانِيِّ وَقِيلَ مُسْتَنِدًا كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ لِشِقٍّ (قَوْلُهُ جُلُوسَ الْمُسْتَوْفِزِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ اسْتَوْفَزَ فِي قَعْدَتِهِ قَعَدَ مُنْتَصِبًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ وَهُوَ أَحْسَنُ الْجِلْسَاتِ ثُمَّ الْجِثِيُّ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَظُهُورُ الْقَدَمَيْنِ ثُمَّ نَصْبُ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَالْقُعُودُ عَلَى الْيُسْرَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الِاتِّكَاءَ التَّرَبُّعُ كَمَا فِي شَرْحِ شب.
(قَوْلُهُ لِغَيْرَةٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهَا كَتَعْلِيمٍ كَالْمِثَالِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ، فَإِنْ قُلْت إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَرَاهِيَةٌ لِنِكَاحِهِ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ حَيْثُ قُلْنَ لَهَا إنَّهُ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ قُلْت يُرَادُ كَرَاهِيَةٌ، وَلَوْ صُورَةً وَالْكَرَاهِيَةُ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ قَوْلِهَا ذَلِكَ، وَلَوْ بِالتَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك) أَيْ أَتَحَصَّنُ بِاَللَّهِ مِنْك (قَوْلُهُ لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَكَان مِنْ عَاذَ الثُّلَاثِيِّ أَيْ اسْتَعَذْت بِعِيَاذٍ عَظِيمٍ أَوْ بِمَحَلِّ الْعِيَاذِ هَذَا بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَإِلَّا فَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الْمَحَلِّ وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بِضَمِّ الْمِيمِ قَائِلًا أَيْ بِاَلَّذِي يُعَاذُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَعَاذَ الْغَيْرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ} [آل عمران: 36] وَاقْتَصَرَ فِي النِّهَايَةِ عَلَى الْفَتْحِ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُعَاذُ الْمَصْدَرُ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ أَيْ لَقَدْ لَجَأْت إلَى مَلْجَأٍ وَلُذْت بِمَلَاذٍ (قَوْلُهُ الْحَقِي بِأَهْلِك) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ الْحَاءِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ لَحِقَ الثُّلَاثِيِّ وَأَجَازَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فَتْحَ الْهَمْزَةِ وَكَسْرَ الْحَاءِ أَمْرٌ مِنْ أَلْحَقَ الرُّبَاعِيِّ لُغَةٌ فِي لَحِقَ يُقَالُ لَحِقْته وَأَلْحَقْته بِمَعْنَى تَبِعْته وَأَتْبَعْته أَفَادَهُ مُحَشِّي تت قَالَ الْمُنَاوِيُّ رَوَى أَنْ نِسَاءً لَقَّنَّهَا أَنْ تَقُولَ
اسْمَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَقِيلَ مُلَيْكَةُ اللَّيْثِيَّةُ.
(ص) وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَ أَزْوَاجَهُ اللَّاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ بِغَيْرِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ لَمَّا خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [الأحزاب: 52]، وَإِنْ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] لِتَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ عَلَيْهِنَّ بِتَرْكِ التَّزْوِيجِ عَلَيْهِنَّ فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّتِهِ أَوَّلًا قَبْلَ النَّسْخِ.
(ص) وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكِتَابِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ أَوْ؛ لِأَنَّهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ وَلِخَبَرِ «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا أُزَوَّجَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» بِخِلَافِ التَّسَرِّي بِهَا فَمُبَاحٌ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا لِعَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الْأَوَّلِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَعَنْ الثَّانِي لِلْعِصْمَةِ. وَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَحَلَالٌ.
(ص) وَمَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ دَخَلَ بِهَا النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام وَمَاتَ عَنْهَا لَا طَلَّقَهَا وَكَذَا تَحْرُمُ السُّرِّيَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ الَّتِي فَارَقَهَا بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَنِكَاحُ مَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ هُنَا الْوَطْءُ حَتَّى يَشْمَلَ الْوَطْءَ بِمِلْكٍ فَيَحْرُمُ وَطْءُ مَوْطُوءَتِهِ بِالْمِلْكِ وَمَفْهُومُ مَدْخُولَتِهِ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَقَطْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَحِلُّ، وَلَوْ قَالَ وَمَوْطُوءَتِهِ بَدَلَ وَمَدْخُولَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى.
(ص) وَنَزْعِ لَأْمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام إذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَيْ آلَةَ الْحَرْبِ مِثْلَ الْخُوذَةِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَفِي قَوْلِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ مُسَامَحَةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبَهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ الصَّوَابُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ حَتَّى يُقَاتِلَ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ تُشَارِكُهُ عليه الصلاة والسلام فِي ذَلِكَ.
(ص) وَالْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ
ــ
[حاشية العدوي]
ذَلِكَ وَقُلْنَ لَهَا إنَّهُ كَلَامٌ يُعْجِبُهُ أَيْ جَوَارِي نِسَائِهِ أَيْ صِغَارِ نِسَائِهِ (قَوْلُهُ أُمَيْمَةُ) بِمِيمَيْنِ فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ شُرَحْبِيلُ) بِضَمِّ الشِّينِ كَمَا ضَبَطَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مُلَيْكَةُ) عِنْدِي ضَبْطٌ بِفَتْحٍ عَلَى الْمِيمِ وَلَا أَدْرِي صِحَّتَهُ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) الْأَوْلَى الْوَاوُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} [الأحزاب: 52] أَيْ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَةً وَتَنْكِحَ غَيْرَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ {اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشْرَفُ) أَيْ أَشَدُّ شَرَفًا كَأَنَّهُ ضَمَّنَهُ تَبَاعُدَ أَيْ أَنَّهُ أَشَدُّ تَبَاعُدًا مِنْ وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَشْرَفُ أَيْ أَشَدُّ شَرَفًا فِي حَالِ وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ مُسْلِمَةٍ مِنْ نَفْسِهِ فِي حَالِ وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ فَمِنْ بِمَعْنَى فِي وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَفْضُلُ عَلَى وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ فَلَا مَعْنَى لَهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَوْجُودَانِ فِي الْأَمَةِ وَكَذَا الْحَدِيثُ يَخُصُّ الْمُسْلِمَةَ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ كُلِّهِ حُرْمَةُ التَّسَرِّي مَعَ أَنَّهُ مُبَاحٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ التَّسَرِّي وَلِذَا اخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حُرْمَتَهُ كَالنِّكَاحِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ ظَاهِرٌ فِي مَنْعِ التَّسَرِّي بِوَطْءِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ وَلِذَا قَالَ بِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْجَوَازُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يُبَاشِرَ كَافِرَةً أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْمُبَاشَرَةُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الْأَوَّلِ) الْأَوْلَى وَلَا يُعْقَلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً) أَيْ فِي مَبْدَإِ أَمْرِهِ وَمُنْتَهَاهُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ عَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعَدَمِ شَرْطِهِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَحَلَالٌ) زَادَ فِي الْأُنْمُوذَجِ، وَلَوْ قُدِّرَ نِكَاحُ أَمَةٍ كَانَ وَلَدُهُ مِنْهَا حُرًّا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ خَوْفُ الْعَنَتِ وَلَا فَقْدُ الطَّوْلِ وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ، وَلَوْ غَرَّتْهُ سُرِّيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاخْتُلِفَ فِي مَوْطُوءَتِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ تَكُونُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.
(قَوْلُهُ لَا طَلَّقَهَا) ظَاهِرُهُ حَتَّى الَّتِي مَسَّهَا وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا وَهُوَ الَّذِي تَطْمَئِنُّ لَهُ النَّفْسُ قَالَهُ عج. عَنْ شَيْخِهِ الْبَدْرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي مَسَّهَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ الَّتِي فَارَقَهَا بِمَوْتٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ (قَوْلُهُ بَيْعٍ) أَيْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً) صَحَّ هَذَا التَّعْمِيمُ لِقَوْلِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ مَا صَحَّ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ شَاسٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْهَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. وَأَمَّا الَّتِي وَطِئَهَا وَطَلَّقَهَا فَتَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ مُطْلَقًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ. وَأَمَّا الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَطَلَّقَهَا فَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَلْ كَذَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْطُبِيِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إيذَاءً لَهُ كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ فِينَا وَكَذَا لَا تَحْرُمُ مُطَلَّقَتُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْمَسِّ كَمَا عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ الشَّافِعِيُّ كَاَلَّتِي وَجَدَ فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا.
(فَائِدَةٌ) زَوْجَاتُهُ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ عَشْرَةَ عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ وَبَنَى بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ أَيْ وَهُنَّ سَوْدَةُ وَعَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَجُوَيْرِيَةُ وَصَفِيَّةُ وَمَيْمُونَةُ هَذَا تَرْتِيبُهُنَّ فِي تَزَوُّجِهِ صلى الله عليه وسلم بِهِنَّ.
(قَوْلُهُ لَأْمَتَهُ) بِالْهَمْزِ جَمْعُهُ لَأْمٌ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ (قَوْلُهُ مِثْلُ الْخُوذَةِ) الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا كَالدِّرْعِ (قَوْلُهُ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِيهِ) أَيْ يُصْلِحَ وَلَا يَحْصُلُ قِتَالٌ أَيْ وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِيهِ كَذَا قَالُوا إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ مَعْنًى آخَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَتَّى يُلَاقِيَ إلَخْ) أَيْ يَقُولَ أَمَّا هَذِهِ أَوْ هَذِهِ أَيْ وَمُلَاقَاةُ الْعَدُوِّ إمَّا مَعَهَا قِتَالٌ أَوْ لَا وَالْحُكْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِيهِ كَذَلِكَ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الشَّامِلَةِ لِلْأَمْرَيْنِ الْقِتَالِ أَوْ الصُّلْحِ وَيَرْجِعَ بِدُونِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ الصَّوَابُ إلَخْ) أَيْ وَالْحُكْمُ وُجِدَ بِالْهَامِشِ صَوَابُهُ فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ هَكَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَالْمُحَشِّي الَّتِي بِأَيْدِينَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ اهـ مُصَحَّحًا
ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَنُّ لِيَسْتَكْثِرَ بِأَنْ يُعْطِيَ قَلِيلًا فَيَأْخُذَ كَثِيرًا أَوْ بِأَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً فَيَنْتَظِرَ ثَوَابَهَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْآيَةِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ قَرِيبٌ مِنْ لَفْظِهَا.
(ص) وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَهِيَ أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحُرُوبِ فَقَدْ أُبِيحَ لَهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَنْ يُوَرِّيَ بِغَيْرِهِ وَيُسَمَّى مَا ذُكِرَ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي مَحْظُورٍ.
(ص) وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ (ش) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1] أَيْ اتَّقُوهُ فِي التَّقَدُّمِ السِّلْمِيِّ فِي إهْمَالِ حَقِّهِ وَتَضْيِيعِ حُرْمَتِهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمُحَارِبِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ خُصُومَةٌ.
(ص) وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ «أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ» فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّهْيِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ عَلَى كَلَامِهِ كَرَفْعِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَإِذَا قُرِئَ كَلَامُهُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرِضَ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204] الْآيَةَ وَكَلَامُهُ مِنْ الْوَحْيِ وَلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مِثْلُ مَا لِلْقُرْآنِ إلَّا فِي مَعَانٍ مُسْتَثْنَاةٍ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ وَيُكْرَهُ قِيَامُ قَارِئِ كَلَامِهِ لِأَحَدٍ قِيلَ وَتُكْتَبُ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ.
(ص) وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نُنَادِيَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4]{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: 5] وَالْحُجْرَةُ جَمْعُهَا حُجُرَاتٌ وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ بِحَائِطٍ أَوْ نَحْوِهِ.
(ص) وَبِاسْمِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارَبِيهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ أَوْ انْهِزَامٍ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ فَيُرَادُ بِالثَّانِي مَا عَدَا الْأَوَّلَ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ إلَخْ لِشُمُولِهِ كَمَا قَرَّرْنَا وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يُقَاتِلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَنُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَعْضَ رَذَالَةٍ لَا تَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُ كَثِيرًا) صَادَقَ بِالطَّلَبِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ) أَيْ فِي الْآيَةِ فَقَدْ قِيلَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ لَا تَمْنُنْ بِعَمَلِك عَلَى رَبِّك وَمِنْ ذَلِكَ لَا تَمْنُنْ عَلَى النَّاسِ بِالنُّبُوَّةِ تَأْخُذُ مِنْهُمْ أَجْرًا عَلَيْهَا وَمِنْ ذَلِكَ لَا تَضْعُفْ عَنْ الْخَيْرِ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ) أَيْ جِنْسِهَا الْمُتَحَقِّقِ، وَلَوْ فِي اثْنَيْنِ كَمَا هُنَا.
(قَوْلُهُ وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْإِظْهَارَ مَدْرَكُهُ السَّمْعُ لَا الْعَيْنُ فَمَا وَجْهُ نِسْبَتِهِ لِلْأَعْيُنِ نَعَمْ لَوْ أُرِيدَ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ لَصَحَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ هِيَ أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ) بِأَنْ يُظْهِرَ الْمَنَّ وَالْفِدَاءَ وَيُرِيدَ الْقَتْلَ وَسُمِّيَ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ لِإِخْفَائِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحُرُوبِ) قَدْ يُبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُ فِي الْحُرُوبِ إنَّمَا هُوَ إظْهَارُ مَا قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَحَلٍّ يَسْأَلُ عَنْ سُهُولَةِ الطَّرِيقِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَكَيْفَ مَاؤُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِمُ الذَّهَابَ إلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَقُولُ أَنَا ذَاهِبٌ إلَى مَحَلِّ كَذَا وَقَصْدُهُ الذَّهَابُ إلَى غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ عَلَى تَفْسِيرِ الْجَوَاهِرِ بِأَنَّهُ الَّذِي يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ. وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْحُرُوبِ كَذَا قَالَ عج قَالَ عب وَقَدْ يُقَالُ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ تَوْرِيَةٌ قَطْعًا (أَقُولُ) لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ وَحَدِيثُ «إنَّا لَنَبَشُّ فِي وُجُوهِ قَوْمٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ» هُوَ كَالْحَرْبِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَبَشَّ مِنْ بَابِ عَلِمَ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ لِمَوْضِعِ كَرَامَةٍ، وَيَخَافُ إنْ ذَهَبَ مِنْ بَابٍ مُعَيَّنٍ يَتْبَعُهُ الْغَيْرُ فَيَذْهَبُ مِنْ بَابٍ آخَرَ يُوقِعُ فِي وَهْمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ ذَاهِبًا لِمَوْضِعِ كَرَامَةٍ فَلَا يَحْرُمُ.
(قَوْلُهُ السِّلْمِيِّ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا الصُّلْحِيِّ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (قَوْلُهُ فِي إهْمَالِ حَقِّهِ إلَخْ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ التَّقَدُّمِ السِّلْمِيِّ أَوْ بِسَبَبِ إهْمَالِ حَقِّهِ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ إهْمَالِ حَقِّهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمُحَارِبِ لَهُ لَا خُصُوصَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (ثُمَّ أَقُولُ) فِي الْكَلَامِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ السِّلْمِيَّ مَعْنَاهُ الصُّلْحِيُّ أَيْ الْمَنْسُوبُ لِلصُّلْحِ فَهُوَ غَيْرُ الصُّلْحِ إذْ الْمَنْسُوبُ غَيْرُ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّقَدُّمَ هُوَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَكُنْ مِنْكُمْ صُلْحٌ بَيْنَ النَّبِيِّ وَمُحَارِبِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إهْمَالِ حَقِّهِ وَتَضْيِيعِ حُرْمَتِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ نِسْبَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ قَدْ تَجُوزُ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَالَغَةِ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ يَكُونُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْنَا لَهُ مَعَ أَنَّ سِيَاقَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ سَابِقًا.
(قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ. وَأَمَّا هُنَا فَلَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ حَضَرَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ لِقِرَاءَتِهِ وَأَنَّ الْكَلَامَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَرَامٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَرَاجِعْ (قَوْلُهُ إلَّا فِي مَعَانٍ مُسْتَثْنَاةٍ إلَخْ) أَيْ كَإِبَاحَةِ مَسِّهِ لِغَيْرِ مُتَوَضِّئٍ وَجَوَازِ قِرَاءَتِهِ لِجُنُبٍ (قَوْلُهُ قِيلَ وَتُكْتَبُ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشَّارِحِينَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ قَوْلَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ فَكَلَامُهُ دَالٌّ عَلَى ضَعْفِ الْحُرْمَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْكَرَاهَةُ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمَحْجُورُ بِحَائِطٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ فِي أَشْغَالِهِ الْمُهِمَّةِ فَإِزْعَاجُهُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ سُوءُ أَدَبٍ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ نِدَاءَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْرُمُ كَأَنْ يُنَادِيَهُ مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِنِدَائِهِ إزْعَاجٌ كَخَادِمِهِ أَوْ أَكَابِرِ الصَّحْبِ وَلِذَا قَالَ أَكْثَرُهُمْ وَقَوْلُهُ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ أَيْ خَيْرِيَّةٌ تَنْفِي عَنْهُمْ الْإِثْمَ فَصَحَّ الدَّلِيلُ لِلدَّعْوَى.
- عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْغَيْرِ أَنْ يُنَادِيَهُ بِاسْمِهِ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَحْمَدُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم يُنَادُونَهُ بِيَا رَسُولَ اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِاسْمِهِ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ السُّيُوطِيّ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَوْلُهُ وَبِاسْمِهِ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِمَا يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ كَأَنْ يَقُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّدُ.
(ص) وَإِبَاحَةِ الْوِصَالَةِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ رحمه الله فِي ذِكْرِ الْمُبَاحِ أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ عليه الصلاة والسلام الْوِصَالُ بِأَنْ يُتَابِعَ الصَّوْمَ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ وَحُكْمُ الْوِصَالِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ.
(ص) وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَبِقِتَالٍ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ وَيُبَاحُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِقِتَالٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ.
(ص) وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ صَفِيِّ الْمَغْنَمِ قَبْلَ قَسْمِهِ مَا أَرَادَ مِنْهُ وَيُنْفِقَ مِنْهُ مَا أَرَادَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ (ص) وَالْخُمُسِ (ش) صَوَابُهُ وَخُمُسُ الْخُمُسِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ.
(ص) وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ وَبِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ وَبِلَا قَسْمٍ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَاءِ أُمَّتِهِ مَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَيُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ وَبِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام يُبَاحُ لَهُ إذَا وَهَبَتْهُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَهْرٍ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلُهُ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهُ أَوْ نِكَاحَ غَيْرِهِ بِلَا مَهْرٍ يَدْفَعُهُ لَهَا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَبِلَا وَلِيٍّ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ وَبِلَا شُهُودٍ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ نِكَاحَهَا وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ بَلْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمَبِيتِ وَالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ وَاخْتُصَّ عليه الصلاة والسلام بِإِبَاحَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا وَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ وَلَا بِاللَّمْسِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(ص) وَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ وَيَحْمِي لَهُ (ش)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَحْمَدُ) .
(فَائِدَةٌ) سُمِّيَ بِأَحْمَدَ قَبْلَ مُحَمَّدٍ كَمَا لِعِيَاضٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ) عِنْدَ قَبْرِهِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الشَّفَاعَةُ يَا مُحَمَّدُ أَمْ لَا وَمِثْلُ نِدَائِهِ بِاسْمِهِ نِدَاؤُهُ بِكُنْيَتِهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَاهُمْ عَنْ الْوِصَالِ فَقِيلَ إنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ إنِّي لَسْت كَأَحَدِكُمْ إنِّي أَبِيت عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» وَفِي مَعْنَاهُ أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ مِنْهَا مَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ يُطْعِمُهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ كَرَامَةً لَهُ صلى الله عليه وسلم وَطَعَامُ الْجَنَّةِ لَا يُفْطِرُ وَقِيلَ يُعْطِينِي قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ ك.
(قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) كَحَصْرِ عَدُوٍّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) تَقْتَضِي قِتَالَهُ كَأَنْ يَفْجَأَ الْعَدُوَّ بِالْقِتَالِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي قِتَالِ الْحَاصِرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَصْرِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا كَانَ الْحَاصِرُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَمَنْعِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ يَفْجَأْ الْحَاصِرُ بِالْقِتَالِ وَإِلَّا جَازَ بِلَا خِلَافٍ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الْحَصْرِ وَأَنَّ الْحَصْرَ لَيْسَ ضَرُورَةً وَأَنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا هِيَ فَجْأَةٌ وَحَاصِلُ مَا فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ كَحَصْرٍ فَيَجُوزُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ لِغَيْرِ الضَّرُورَةِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُوجِبَ الْقِتَالِ عُذْرٌ وَالْعُذْرُ ضَرُورَةٌ فَمُفَادُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ أَصْلًا وَلَا صِحَّةَ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ) تَزَوَّجَ بِهَا صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ) أَيْ لِيَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ وَيُزَوِّجَ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ) بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا وَعِبَارَةُ عب وَيُزَوِّجُ مَنْ شَاءَ مِنْ الرِّجَالِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَذَا النِّسَاءُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْهِبَةِ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْهُ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ فَسَّرَهَا بِالْهِبَةِ مِنْهَا وَعِبَارَةُ شب وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَالْمُنَاسِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَتَزَوَّجُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَبِلَا مَهْرٍ إلَخْ) أَيْ بِلَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَةً ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ نِكَاحَهُ أَوْ نِكَاحَ غَيْرِهِ، وَكَلَامُ الْحَطَّابِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَا إذَا عَقَدَ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ مَهْرٍ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ أَيْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا إذَا وَهَبَتْهُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِ قَبِلْت مَثَلًا (قَوْلُهُ يَدْفَعُهُ لَهَا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً) بِخِلَافِنَا فَيَصِحُّ بِلَا مَهْرٍ نَدْفَعُهُ ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِ انْتِهَاءً (قَوْلُهُ وَبِلَا وَلِيٍّ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَفِي حَالِ إحْرَامِهِمَا مَعًا، وَلَوْ صَاحَبَ ذَلِكَ إحْرَامُ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ فِي الْمَبِيتِ وَالْكِسْوَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْقَسْمُ فِي الْمَبِيتِ فَقَطْ ثُمَّ قَوْلُهُ وَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقِظٌ قَلْبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا بِاللَّمْسِ ظَاهِرُهُ مُجَرَّدُ اللَّمْسِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ اللَّمْسِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ نَاقِضٌ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ لَذَّةٌ وَمَذْهَبُنَا لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ لَذَّةٍ