الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- عليه الصلاة والسلام بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
وَلَمَّا أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الْقُرَبِ الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ هَدْيٍ وَشِبْهِهِ مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَعَقِيقَةٍ وَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى رَأْيٍ تَنْقَسِمُ إلَى قَسَمٍ وَالْتِزَامِ قُرْبَةٍ ذَيَّلَ أَبْوَابَ الْقُرَبِ بِبَابِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْقُرَبِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ
(بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ الْيَمِينُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)
وَهُوَ بَابٌ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ لِكَثْرَةِ وَقَائِعِهِ وَتَشَعُّبِ فُرُوعِهِ. وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ وَالْأَيْمَانُ جَمْعُ يَمِينٍ وَالْيَمِينُ مُؤَنَّثَةٌ فَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ» الْحَدِيثَ وَتُجْمَعُ عَلَى أَيْمُنٍ أَيْضًا وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا اخْتَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِذَلِكَ وَقِيلَ الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَيُسَمَّى الْعُضْوُ يَمِينًا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ عَنْ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ يَمِينًا بِخِلَافِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ تَعْرِيفَهَا شَرْعًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَحَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي الشَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ (ص) الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ (ش) أَيْ ثُبُوتُ وَلُزُومُ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ وَاجِبًا أَيْ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ الْيَمِينُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ الْيَمِينُ) (قَوْلُهُ عَلَى الْقُرَبِ) أَيْ عَلَى مُعْظَمِ الْقُرَبِ إذْ بَقِيَ الْجِهَادُ (قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْقُرَبِ الْمُنْقَسِمَةِ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَأَرَادَ بِالْمَنْدُوبِ مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَارَةً تَكُونُ وَاجِبَةً وَتَارَةً تَكُونُ مَنْدُوبَةً وَكَذَا الصَّوْمُ وَكَذَا الْحَجُّ وَكَذَا الزَّكَاةُ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصَّدَقَةِ وَحَذَفَهَا وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَيْسَتْ إلَّا مَنْدُوبَةً وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَنْقَسِمُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ أُضْحِيَّةٍ بَيَانٌ لِلشَّبَهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَيْسَا مُتَعَلِّقَيْنِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَعَلَ الْأُضْحِيَّةَ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تُفْعَلُ فِي أَيَّامِهِمَا وَتَسَمَّحَ فِي الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى رَأْيِ إلَخْ) أَيْ رَأْيِ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا رَأْيُ ابْنِ عَرَفَةَ فَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةٍ: قَسَمٌ كَوَاللَّهِ وَالْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الِامْتِنَاعَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ هَذَا قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَقَطْ وَكَذَا إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ مُعَلَّقٍ ذَلِكَ الْإِنْشَاءُ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ كَقَوْلِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَهُوَ مَقْصُودٌ عَدَمُهُ هَذَا فِي جَانِبِ الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مُعَلِّقًا الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ عَدَمِ الدُّخُولِ وَهُوَ الدُّخُولُ فَخَرَجَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ بَرِئَ أَيْ مِنْ مَرَضِهِ فَلَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ وَتَشَعُّبِ فُرُوعِهِ) أَيْ تَفَرُّقِهَا (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ مُؤَنَّثَةٌ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ كَاذِبَةٍ (قَوْلُهُ الْحَدِيثَ) لَفْظُ الْحَدِيثِ «مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ فَقِيلَ لَهُ وَلَوْ شَيْئًا قَلِيلًا قَالَ وَلَوْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» (قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ) أَيْ مَنْقُولَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلنَّقْلِ وَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْيَمِينُ) أَيْ فِي الْأَصْلِ الْقُوَّةُ لَا الْعُضْوُ ثُمَّ نُقِلَتْ لِلْحَلِفِ وَلِلْعُضْوِ، وَالْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ الْحَلِفُ مَنْقُولَةٌ (قَوْلُهُ لِوُفُورِ قُوَّتِهِ) أَيْ لِعِظَمِ قُوَّتِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ) أَيْ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ لِأَنَّك إذَا قُلْت قُمْت يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ أَوْ الْإِخْبَارُ عَنْ الْوُجُودِ كَمَا فِي قَوْلِك أَقُومُ وَقَوْلُهُ أَوْ الْعَدَمَ كَمَا فِي قَوْلِك لَا أَقُومُ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ) وَهُوَ أَنَّ أَصْلَ الْيَمِينِ مَعْنَاهُ الْقُوَّةُ (قَوْلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ كَقَوْلِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ الْتَزَمْت الطَّلَاقَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ وَيَحْصُلُ دُخُولُ الدَّارِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ فِي الْأَصْلِ الْعُضْوُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَعْرِيفَهَا شَرْعًا) أَمَّا لُغَةً فَقَدْ عَرَّفْته وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ الْحَلِفُ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ شَرْعًا بِقَوْلِهِ قَسَمٌ أَوْ الْتِزَامُ مَنْدُوبٍ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ لَا يُغْتَفَرُ لِقَبُولِ مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ وَانْظُرْ تَوْضِيحَ ذَلِكَ فِي شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ الْحَاوِي الشَّافِعِيِّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ فِيهَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ وَحَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ أَيْ الْيَمِينَ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى نَوْعٍ مِنْهُ وَهُوَ الْقَسَمُ (قَوْلُهُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ) عَادَةً أَوْ عَقْلًا وَاَلَّذِي لَمْ يَجِبْ عَادَةً أَوْ عَقْلًا شَامِلٌ لِمَا أَمْكَنَ عَادَةً وَعَقْلًا كَوَاللَّهِ أَقُومُ أَوْ أُصَلِّي وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا أَوْ اسْتَحَالَ عَادَةً وَعَقْلًا كَوَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ بِمَعْنَى إزْهَاقِ رُوحِهِ لَا بِمَعْنَى جَزِّ رَقَبَتِهِ وَالْمُسْتَحِيلُ عَادَةً وَيُمْكِنُ عَقْلًا كَقَوْلِك وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ وَلَا يُعْقَلُ الْقَسَمُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّهُ مُمْكِنٌ عَادَةً مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا إذْ كُلُّ مُسْتَحِيلٍ عَقْلًا مُسْتَحِيلٌ عَادَةً وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَجِبْ مَا وَجَبَ عَادَةً وَعَقْلًا كَوَاللَّهِ إنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَوْ وَجَبَ عَادَةً لَا عَقْلًا كَوَاللَّهِ إنَّ جَبَلَ الْجُيُوشِيِّ حَجَرٌ وَلَا يُعْقَلُ الْقَسَمُ الثَّالِثُ وَهُوَ كَوْنُهُ وَاجِبًا عَقْلًا لَا عَادَةً إذْ كُلُّ مَا وَجَبَ عَقْلًا وَجَبَ عَادَةً.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَاضِي لَا تُكَفَّرُ لِأَنَّهَا إمَّا لَغْوٌ أَوْ غَمُوسٌ أَوْ صَادِقَةٌ، وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُسْتَقْبِلِ تُكَفَّرُ وَلَوْ لَغْوًا أَوْ غَمُوسًا، وَأَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحَالِ: تُكَفَّرُ إنْ كَانَتْ غَمُوسًا وَلَا تُكَفَّرُ إنْ كَانَتْ لَغْوًا. وَمَا أَحْسَنَ مَا قِيلَ
كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا
…
لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا
(قَوْلُهُ ثُبُوتٌ) الْأَوْلَى تَثْبِيتٌ
أَوْ صِفَتِهِ تُحَقِّقُ غَيْرَ الْوَاجِبِ بِالْوُقُوعِ وَتُصَيِّرُهُ وَاجِبًا بِالْوُقُوعِ وَتُصَيِّرُهُ وَاجِبًا ثَابِتًا لَازِمًا فَإِذَا قُلْت وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا فِي هَذَا الْيَوْمِ لَزِمَك عَدَمُ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَوْفَ الْحِنْثِ وَإِذَا قُلْت وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَزِمَك دُخُولُهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَوْفَ الْحِنْثِ وَانْظُرْ تَحْقِيقَ هَذَا الْكَلَامِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
(ص) بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ وَلَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ كَالنَّبِيِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مُعَظَّمٌ شَرْعًا بَلْ إمَّا مَكْرُوهَةٌ أَوْ حَرَامٌ لَا يُقَالُ هَذَا تَعْرِيفٌ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ صِفَتِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ جَمِيعَ الصِّفَاتِ مَعَ أَنَّ صِفَةَ الْأَفْعَالِ خَارِجَةٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ لِأَنَّا نَقُولُ هُنَا حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ صِفَتُهُ الذَّاتِيَّةُ وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ تَصْرِيحُهُ فِيمَا يَأْتِي بِصِفَةِ الْأَفْعَالِ وَقَوْلُهُ (كَبِاللَّهِ) وَمِثْلُهُ الِاسْمُ الْمُجَرَّدُ مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ كَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ (ص) وَهَاللَّهِ (ش) بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ النُّحَاةُ.
(ص) وَأَيْمُ اللَّهِ (ش) أَيْ بَرَكَتُهُ وَهَمْزَةُ " أَيْمُ " يَجُوزُ فِيهَا الْقَطْعُ وَالْوَصْلُ كَمَا قَالَهُ تت وَهَذَا مَعَ الْوَاوِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَهِيَ هَمْزَةُ قَطْعٍ ثُمَّ إنَّ " أَيْمُ " يَجُوزُ فِيهِ إثْبَاتُ الْوَاوِ وَعَدَمُ إثْبَاتِهَا فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً وَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ز وَأَرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ فَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْحَادِثَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَفِي كَلَامِ الْأَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا يَمِينٌ (ص) وَحَقِّ اللَّهِ (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَظَمَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ التَّكَالِيفَ الَّتِي هِيَ صِفَاتُهُ وَيَحْتَمِلُ اسْتِحْقَاقُهُ لِلْأُلُوهِيَّةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَقُّ اللَّهِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينٌ (ص) وَالْعَزِيزِ (ش) اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ وَاشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَزَّ يَعِزُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إذَا اشْتَدَّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ عَزَّ الشَّيْءُ يَعِزُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ إذَا قَلَّ حَتَّى لَا يَكَادَ يُوجَدُ غَيْرُهُ فَهُوَ عَزِيزٌ اهـ وَاللَّامُ فِي الْعَزِيزِ لِلْكَمَالِ أَيْ الْكَامِلِ الْعِزَّةِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَهْدُ الْحُضُورِيُّ لِأَنَّ اللَّهَ حَاضِرٌ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ تَحَقُّقُ غَيْرِ الْوَاجِبِ بِالْوُقُوعِ) أَيْ تَحَقُّقُ الْوَاجِبِ مُتَّصِفًا بِالْوُقُوعِ أَيْ مُتَّصِفًا بِكَوْنِهِ يَقَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ الْمُسْتَقْبَلُ خَاصَّةً (قَوْلُهُ ثَابِتًا) تَفْسِيرٌ لِوَاجِبًا وَكَذَا لَازِمًا (قَوْلُهُ فَإِذَا قُلْت إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْيَمِينِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَحْقِيقَ إلَخْ) بِمَا ذَكَرْنَاهُ لَك ظَهَرَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) أَيْ كَاَللَّهِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ وَأَرَادَ بِالِاسْمِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَاَللَّهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَأَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا دَلَّ عَلَيْهَا فِعْلُهُ بِاعْتِبَارِ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهَا كَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْحَقِّ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا فِعْلُهُ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي ك مَا عَدَا قَوْلِي وَأَلْحَقَ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فِعْلًا تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ) أَرَادَ بِهَا الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الطَّلَاقِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَقَوْلِك أُقْسِمُ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ وَالْحَقِيقَةُ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ) كَمَا قَالَ شَارِحُنَا أَيْ كَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمَعْنَوِيَّةَ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا وَقَضِيَّةُ الشَّارِحِ لَا تَنْعَقِدُ بِالصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ وَلَا السَّلْبِيَّةِ وَفِي عج الِانْعِقَادُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقِدَمِ وَالتَّنْظِيرُ فِيمَا عَدَاهَا وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ فِي الِانْعِقَادِ بِالْكُلِّ وَفِيهِ الِانْعِقَادُ بِالصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ كَالْوُجُودِ بِخِلَافِ الِاسْمِ الدَّالِّ عَلَيْهَا كَالْمَوْجُودِ وَيُدْخِلُ الصِّفَةَ الْجَامِعَةَ فَتَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ كَجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَالْعِلْمِ الشَّرِيفِ وَيُرِيدُونَ عِلْمَ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ صَوْمُ الْعَامِ بِخِلَافِ إنْ كَلَّمْته فَعَلَيَّ صَوْمُ الْعَامِ فَإِنَّهُ الْتِزَامٌ وَهُوَ يَمِينٌ اهـ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الِاسْمُ الْمُجَرَّدُ مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ) كَذَا فِي التَّلْقِينِ وَالْجَوَاهِرِ لَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَجْرُورٌ أَوْ مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ أَمَّا الْجَرُّ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ فَظَاهِرَانِ وَأَمَّا الرَّفْعُ فَلَحْنٌ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَعَلَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فَإِذَا قَالَ الْحَالِفُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ رَفْعًا أَوْ نَصْبًا أَوْ جَرًّا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ ك وَقَالَ التُّونُسِيُّ عَلَى مَا نَقَلَ تت إنْ نَوَى حَرْفَ الْقَسَمِ وَنَصَبَهُ لَحَذَفَهُ كَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ فِيمَنْ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَلَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَمِينَ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْأَصْلُ الْبَاءُ ثُمَّ الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْوَاوِ وَالْوَاوُ مِنْ الْبَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ) الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ هُوَ الْوَاوُ كَمَا أَفَادَهُ صَرِيحُ تت وَمُفَادُ الْقَامُوسِ عَدَمُ مَدِّ الْهَاءِ مِنْ وَاَللَّهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ إثْبَاتِهَا فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً) وَمَعَ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ لِأَجْلِ عَدَمِ الْوَاوِ وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ (وَأَقُولُ) حَيْثُ كَانَتْ مُقَدَّرَةً وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَلْفُوظِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَصْلُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا الْفَرْقُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ أَيْمَ اللَّهِ تُعُورِفَتْ فِي الْقَسَمِ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ) هُوَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِعِظَمِ الْمَوْصُوفِ كَأَوْصَافِهِ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْحَادِثَ هُوَ نُمُوُّ الرِّزْقِ وَاتِّسَاعُهُ (قَوْلُهُ الْعَظَمَةَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَصْفٌ جَامِعٌ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ صِفَاتُهُ) أَيْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ اللَّذَيْنِ مِنْ أَقْسَامِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْأُلُوهِيَّةِ) أَيْ لِكَوْنِهِ إلَهًا أَيْ مَعْبُودًا بِحَقٍّ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ أَزَلِيٌّ إلَّا أَنَّ مَرْجِعَهُ الصِّفَاتُ الْجَامِعَةُ فَهُوَ كَجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ.
(قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِبَادَاتِ) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ التَّكَالِيفَ مَثَلًا أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ إلَخْ) كَلَامُ الْفَرَّاءِ بَيَانٌ لِلْمُشْتَقِّ مِنْهُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِي الْعَزِيزِ لِلْكَمَالِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ أَلْ فِيهَا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَمَالِ أَوْ الْحُضُورِ (قَوْلُهُ أَيْ الْكَامِلُ الْعِزَّةِ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ يَمِينًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ
(ص) وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ (ش) هُمَا يَمِينٌ حَيْثُ أَرَادَ عَظَمَتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ وَاسْتِحْقَاقَهُ صِفَاتِ الْمَدْحِ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِالْعَظَمَةِ الْعَظَمَةَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي خَلْقِهِ وَبِالْجَلَالِ الْجَلَالَ الَّذِي فِيهِمْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمَا الْيَمِينُ (ص) وَإِرَادَتِهِ وَكَفَالَتِهِ (ش) الْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي وَكَفَالَتُهُ الْتِزَامُهُ وَهُوَ يَرْجِعُ لِخَبَرِهِ الَّذِي هُوَ كَلَامُهُ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي (ص) وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِكَلِمَةٍ أَوْ آيَةٍ مِنْهُ أَوْ بِالْمُصْحَفِ وَأَرَادَ الْقَدِيمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الْيَمِينُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هَذَا إذَا نَوَى الْمَعْنَى الْقَدِيمَ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَمَّا إذَا نَوَى الْحَادِثَ وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الدَّالُّ عَلَى الْمَعْنَى الْقَدِيمِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ قُرْآنًا فَقِيلَ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُرْءِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِأَنَّهُ جَمْعُ الْقِرَاءَةِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وَقَرَأْت النَّاقَةَ لَبَنَهَا فِي الضَّرْعِ وَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْمُصْحَفَ مُصْحَفًا.
(ص) وَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت بِاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَنَّ دِينَ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا ثُمَّ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ حَنِثْت فَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت بِقَوْلِي بِاَللَّهِ وَثِقْت بِهِ أَوْ اعْتَصَمْت بِهِ وَلَمْ أُرِدْ تَعَلُّقَهُ بِأَحْلِفُ وَلَا بِحَلَفْتُ وَلَا بِأُقْسِمُ وَلَا بِأَقْسَمْتُ ثُمَّ ابْتَدَأْت أَيْ اسْتَأْنَفْت قَوْلِي لَأَفْعَلَنَّ وَلَمْ أَجْعَلْهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدِينُ وَيُوَكَّلُ لِدِينِهِ وَنُصَدِّقُهُ فِي مَقَالَتِهِ بِلَا
ــ
[حاشية العدوي]
يَكُونُ مَصْدُوقَهُ اللَّهُ عز وجل (قَوْلُهُ هُمَا يَمِينٌ أَرَادَ إلَخْ) مَقْصُودُهُ هُمَا يَمِينٌ حَيْثُ أَرَادَ بِهِمَا اسْتِحْقَاقَهُ صِفَاتِ الْمَدْحِ ثُمَّ أَقُولُ الْأَحْسَنُ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْجَلَالَ وَالْعَظَمَةَ مِنْ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَلَالَ وَالْعَظَمَةَ وَالْكِبْرِيَاءَ بِمَعْنَى وَأَنَّهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ تَقُولُ جَلَّ بِكَذَا دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ النَّبَوِيَّةِ وَجَلَّ عَنْ كَذَا دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ إلَخْ) يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْجَلَالَ غَيْرُ الْعَظَمَةِ مَعَ أَنَّهُ نَفْسُ الْعَظَمَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَرْجِعُ لِخَبَرِهِ إلَخْ) أَيْ لِنَوْعٍ مِنْ خَبَرِهِ الَّذِي هُوَ الْوَعْدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَلَيْسَ فِيهَا لَفْظٌ فَقِيلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ الْقِرَاءَةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فَعْلَانَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ الْمَدْلُولَةِ لِتِلْكَ النُّقُوشِ وَالْقِرَاءَةُ فِي قَوْلِهِ جَمَعَ الْقِرَاءَةَ لَمْ يُرِدْ بِهَا قَطْعًا الْحَدَثَ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الشَّخْصِ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْمَقْرُوءَ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْأَلْفَاظِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَعْنَى سُمِّيَ قُرْآنًا لِأَنَّهُ جَمَعَ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ أَيْ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ قَدْ جَمَعَ بَعْضَ أَجْزَائِهِ إلَى الْبَعْضِ الثَّانِي مِنْ أَجْزَائِهِ أَيْ جَمَعَ السُّوَرَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ.
(ثُمَّ أَقُولُ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَسْمِيَةِ اللَّفْظِ الْحَادِثِ قُرْآنًا وَأَنَّ قَوْلَهُ لِجَمْعِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلتَّسْمِيَةِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ قُرْآنًا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَعَدَمُ تَسْمِيَتِهِ قُرْآنًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحُ عِبَارَةِ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْحَادِثِ قُرْآنًا وَرَجَّحَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُرْءِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِجَمْعِ الْقِرَاءَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ يُسَمَّى قُرْآنًا وَكَلَامَ اللَّهِ كَمَا أَنَّ اللَّفْظَ الْحَادِثَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْحَادِثِ قُرْآنًا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْعِلَّةِ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْقُرْآنِ فَقِيلَ مَهْمُوزٌ وَقِيلَ غَيْرُ مَهْمُوزٍ فَعَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَنْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا ضَمَمْت أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ وَسُمِّيَ بِهِ لِقَرْنِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ فِيهِ وَعَلَى أَنَّهُ مَهْمُوزٌ فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ اللِّحْيَانِيُّ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِقَرَأَ كَالرُّجْحَانِ وَالْغُفْرَانِ سُمِّيَ بِهِ الْكِتَابُ الْمَقْرُوءُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ الزَّجَّاجُ هُوَ وَصْفٌ عَلَى فَعْلَانَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُرْءِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَمِنْهُ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْته قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَمَعَ السُّوَرَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَقَالَ الرَّاغِبُ إنَّمَا سُمِّيَ قُرْآنًا لِكَوْنِهِ جَمَعَ ثَمَرَاتِ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ الْمُنَزَّلَةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ جَمَعَ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ كُلِّهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَعَلَّ قَوْلَ شَارِحِنَا جَمْعُ الْقِرَاءَةِ تَسَامُحٌ وَالْأَصْلُ الْمَنْقُولُ جَمْعُ السُّوَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ) أَيْ أَمَرَ بِجَمْعِهِ أَيْ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَجَمَعَهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ وَالْعُسُبُ جَمْعُ عَسِيبٍ وَهُوَ جَرِيدُ النَّخْلِ كَانُوا يَكْشِطُونَ الْخُوصَ وَيَكْتُبُونَ فِي الطَّرَفِ الْعَرِيضِ وَاللِّخَافُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ خَفِيفَةٍ آخِرُهُ فَاءٌ جَمْعٌ لَخْفَةٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الرِّقَاقُ وَفِي رِوَايَةٍ وَالرِّقَاعُ وَفِي أُخْرَى وَقِطَعُ الْأَدِيمِ وَفِي أُخْرَى وَالْأَكْتَافُ وَفِي أُخْرَى وَالْأَضْلَاعُ وَفِي أُخْرَى وَالْأَقْتَابُ. وَالرِّقَاعُ جَمْعُ رُقْعَةٍ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ رَقٍّ أَوْ كَاغِدٍ، وَالْأَكْتَافُ جَمْعُ كَتِفٍ وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي لِلْبَعِيرِ أَوْ الشَّاةِ كَانُوا إذَا جَفَّ كَتَبُوا عَلَيْهِ وَالْأَقْتَابُ جَمْعُ قَتَبٍ وَهُوَ الْخَشَبُ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ لِيَرْكَبَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْمُصْحَفَ) ضَمُّ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَامِعَ لَهُ مُتَعَدِّدٌ وَقَدْ عَرَفْت الْجَامِعَ لَهُ أَوَّلًا وَأَمَّا الْجَامِعُ لَهُ ثَانِيًا فَهُوَ عُثْمَانُ وَسَبَبُ جَمْعِ عُثْمَانُ كَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى نَسَبَ الْبَعْضُ الْكُفْرَ لِلْبَعْضِ وَيَقُولُ الْبَعْضُ لِلْبَعْضِ قِرَاءَتِي أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِك فَلَمَّا شَاهَدَ حُذَيْفَةُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ فَقَالَ لِعُثْمَانَ بَادِرْ لِلْقُرْآنِ وَاجْمَعْهُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفَ النَّاسُ فِيهِ كَاخْتِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَاسْتَشَارَ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَحَضُّوهُ عَلَى ذَلِكَ وَحَرَّضُوهُ فَأَمَرَ أَنْ يَجْمَعَهُ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِاَللَّهِ) مِثْلُهُ دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى سَائِرِ الصِّفَاتِ وَلَا تُعْطَى التَّاءُ وَالْهَاءُ حُكْمَ الْبَاءِ فِي التَّدَيُّنِ لَوْ لَمْ يَبْتَدِئْ (قَوْلُهُ لَأَفْعَلَنَّ) أَيْ وَأَفْعَلَنَّ جَوَابُ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ كَأُقْسِمُ لَأَفْعَلَنَّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُلْفَظْ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُوَكَّلُ لِدِينِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ يَدِينُ
يَمِينٍ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (ص) لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ (ش) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينَ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت بِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالْمُرَادُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ غَلَبَتُهُ وَجَرَيَانُهُ كَقَوْلِهِ بِلَا وَاَللَّهِ وَلَا وَاَللَّهِ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ فَإِنَّ هَذَا يَدِينُ.
(ص) وَكَعِزَّةِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَخْلُوقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ بِمَا ذُكِرَ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ حَيْثُ حَنِثَ إذَا قَصَدَ بِهِ صِفَةَ اللَّهِ الْقَدِيمَةَ فَالْعِزَّةُ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ وَأَصْلُ الْعِزَّةِ الشِّدَّةُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ عَزَازٌ وَتَعَزَّزَ الْمَرَضُ إذَا اشْتَدَّ وَأَمَانَةُ اللَّهِ تَكْلِيفُهُ وَتَكْلِيفُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ وَعَهْدُهُ إلْزَامُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: 40] أَيْ تَكَالِيفِي وَذِمَّتُهُ الْتِزَامُهُ فَيَرْجِعُ إلَى خَبَرِهِ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ وَالْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالْحَلِفِ فَيَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ تَعَالَى أَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْعِزَّةِ وَمَا بَعْدَهَا الْمَعْنَى الْمَخْلُوقَ لِلَّهِ فِي الْعِبَادِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ وَمِنْ قَوْلِهِ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ عَلَيَّ مَعَ إضَافَةِ الْعَهْدِ إلَى اللَّهِ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَخْلُوقِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى اقْتِرَانِ الْمُتَّصِلِ مِنْ حَرْفٍ أَوْ مُضَافٍ شَرَعَ فِي اقْتِرَانِ الْمُنْفَصِلِ فَقَالَ (ص) وَكَأَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَنَوَى بِاَللَّهِ أَيْ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا وَأَحْرَى إنْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ (ص) وَأَعْزِمُ إنْ قَالَ بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَعْزِمُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا قَالَ بِاَللَّهِ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَسْأَلُ فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الْجَلَالَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ سُؤَالٌ فَكَانَتْ نِيَّةُ الْجَلَالَةِ وَمَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ) أَيْ فِي الْيَمِينِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ قَالَ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فِي الْيَمِينِ أَوْ مُتَعَلِّقُهُ (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينَ) فِي كَلَامِ عج أَنَّهُ لَيْسَ مُخَرَّجًا مِنْ قَوْلِهِ دِينَ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْبُولٌ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى نِيَّةٍ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَفَائِدَةُ قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا قِيلَ لَهُ تَعَمَّدْت الْحَلِفَ عَلَى كَذَا فَحَلَفَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ فَيُصَدَّقُ فِي يَمِينِهِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَجْلِهَا كَفَّارَةٌ بَلْ مُخَرَّجٌ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ لَمْ يَلْزَمْهُ يَمِينٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ دِينَ وَلَمْ تَلْزَمْهُ يَمِينٌ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فَتَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ بَلَا) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا يَقَعُ مِنْ النَّاسِ كُلَّمَا يَتَكَلَّمُ يَقُولُ لَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ نُسْخَةَ الشَّارِحِ بِلَا بِأَلِفٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُرْسَمَ بِيَاءٍ وَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ رَدًّا لِنَفْيٍ يَقَعُ قَبْلَهَا نَحْوَ {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل: 28] بَلَى أَيْ عَمِلْتُمْ السُّوءَ {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: 38] بَلَى أَيْ يَبْعَثُهُمْ الثَّانِي أَنْ تَقَعَ جَوَابًا لِاسْتِفْهَامٍ دَخَلَ عَلَى نَفْيٍ فَتَقَيَّدَ إبْطَالُهُ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِفْهَامُ حَقِيقِيًّا نَحْوَ أَلَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ فَيَقُولُ بَلَى أَوْ تَوْبِيخًا نَحْوَ {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف: 80] بَلَى اهـ قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ (قَوْلُهُ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ) أَيْ كَمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ.
(قَوْلُهُ وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ أَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ يَمِينًا إنْ أَتَى بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقُوَّتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَنَعَتُهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَقَدْ تُسَكَّنُ أَفَادَهُ الْقَامُوسُ (قَوْلُهُ عَزَازٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالزَّايَ (قَوْلُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ (قَوْلُهُ وَعَهْدُهُ إلْزَامُهُ) يَرْجِعُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (قَوْلُهُ الْتِزَامُهُ) أَيْ وَعْدُهُ وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَى خَبَرِهِ أَيْ نَوْعٌ مِنْ خَبَرِهِ وَقَوْلُهُ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ أَيْ نَوْعٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ) الْتِزَامُهُ وَالْتِزَامُهُ وَعْدُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ الْعَهْدَ بِالْإِلْزَامِ الَّذِي يَرْجِعُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَلَكِنَّ التَّأْكِيدَ بِالْحَلِفِ يُنَاسِبُ تَفْسِيرَهُ بِالِالْتِزَامِ الَّذِي يَرْجِعُ لِلْوَعْدِ وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ أَيْ نَوْعٍ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ {رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] أَيْ الْقُوَّةِ الَّتِي فِي الْخَلْقِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا قُدْرَةُ الْخَالِقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمُخْتَصُّ بِالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ (قَوْلُهُ {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] أَيْ الطَّاعَةَ وَقَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] فِيهِ أَنَّ عَهِدْنَا مَعْنَاهُ أَمَرْنَا وَالْأَمْرُ صِفَتُهُ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لَهُ بَلْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَحَقِّ اللَّهِ إلَخْ كَمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ فِيهَا بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْحَادِثَ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَخْلُوقِ) وَهُوَ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ أَيْ مَا طَلَبَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَأَقُولُ) هُوَ بَعِيدٌ وَلَا يَمْنَعُ.
(قَوْلُهُ الْمُتَّصِلِ) أَيْ بِالْمُقْسِمِ أَيْ عَلَى الْمُتَّصِلِ الْمُقْتَرِنِ وَهُوَ وَصْفٌ مُؤَكَّدٌ بِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَرْفٍ وَهُوَ حَرْفُ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ أَوْ مُضَافٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا مُضَافًا مُتَّصِلًا بِالْمُقْسَمِ بِهِ فَيَكُونُ الْمُضَافُ غَيْرَ مُقْسَمٍ بِهِ وَالْمُقْسَمُ هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُضَافُ هُوَ نَفْسُ الْمُقْسَمِ بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ الْمَلْفُوظِ بِهَا شَرَعَ فِي الْيَمِينِ الْمُقَدَّرَةِ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي اقْتِرَانِ الْمُنْفَصِلِ) أَيْ عَنْ الْمُقْسَمِ بِهِ أَيْ الْمُقْتَرِنِ مَعْنًى الْمُنْفَصِلِ لَفْظًا الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ لَفْظِ أُقْسِمُ فَإِنَّهُ مُقْتَرِنٌ مَعْنًى بِالِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ مُنْفَصِلٌ لَفْظًا (قَوْلُهُ وَنَوَى بِاَللَّهِ) وَأَمَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي ك وَمَاضِي هَذِهِ كَمُضَارِعِهَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَنَوَى بِاَللَّهِ أَيْ قَدَّرَ هَذَا اللَّفْظَ فَالْمُرَادُ مِنْ النِّيَّةِ التَّقْدِيرُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللُّزُومِ بِالنِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّ أَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ صَرِيحٌ فِي الْقَسَمِ ك وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَيْ لِأَنَّ قَصْدَهُ بِنِيَّتِهِ إنْشَاءُ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ كَاذِبًا فِي صِيغَةِ الْمَاضِي بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا يُغَيِّرُ كِتَابًا مَثَلًا أَوْ قَصَدَ بِالتَّلَفُّظِ بِالْمُضَارِعِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْكُتْ مُخَاطِبُهُ يَحْلِفُ وَلَوْ نَطَقَ بِاَللَّهِ لَا يَفْعَلُ أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَعْزِمُ) أَيْ وَكَذَا عَزَمْت (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَسْأَلُ إلَخْ) أَقُولُ حَيْثُ كَانَ أَعْزِمُ مَعْنَاهُ أَسْأَلُ فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا وَلَوْ لَفَظَ بِاَللَّهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ قَالَ أَسْأَلُ بِاَللَّهِ وَهُوَ إذَا قَالَ أَسْأَلُ بِاَللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ أَنَّهُ إذَا
يَقُومُ مَقَامَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيح بِهَا.
(ص) وَفِي أُعَاهِدُ اللَّهَ قَوْلَانِ (ش) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَمِينٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصِفَةٍ لِلَّهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِالْعَهْدِ فَيَكُونُ قَدْ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ اُنْظُرْ الشَّارِحَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْقَوْلِ إنَّهُ يَمِينٌ لِمَا عَلَّقَهُ بِمَا قُصِدَ عَدَمُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ وَخَرَّجَ أُبَايِعُ اللَّهَ عَلَى أُعَاهِدُ اللَّهَ (ص) لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ أَوْ أُعْطِيك عَهْدًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَمِثْلُهُ لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ.
(ص) أَوْ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ (ش) أَيْ وَكَذَا لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ إلَّا مَا فَعَلْت كَذَا فَخَالَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ بِذَلِكَ (ص) وَحَاشَا اللَّهِ وَمَعَاذَ اللَّهِ وَاَللَّهُ رَاعٍ عَلَيَّ أَوْ كَفِيلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَكُونُ أَيْمَانًا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا فَإِذَا قَالَ إنْسَانٌ حَاشَا اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَرَاءَةُ اللَّهِ أَيْ بَرَاءَةٌ مِنَّا لِلَّهِ وَكَذَا إذَا قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إذَا قَالَ رَاعٍ عَلَيَّ أَوْ كَفِيلٌ عَلَيَّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(ص) وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ وَالنَّبِيِّ وَالْمُخْتَارِ وَالرَّسُولِ وَالْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ وَالْبَيْتِ وَالْكُرْسِيِّ مِمَّا هُوَ مَخْلُوقٌ وَيُعَظَّمُ شَرْعًا مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَحَنِثَ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَقِيسَتْ الصِّفَةُ عَلَى الِاسْمِ وَإِلَّا ظَهَرَ تَحْرِيمُ الْحَلِفِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَشَهَّرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكَرَاهَةَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ صَادِقًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَأَمَّا الْحَلِفُ بِمَا لَيْسَ بِمُعَظَّمٍ شَرْعًا كَالدِّمَاءِ وَالنُّصُبِ وَرُءُوسِ السَّلَاطِينِ وَالْأَشْرَافِ فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِالْأَنْصَابِ وَنَحْوِهَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ تَعْظِيمًا فَكُفْرٌ وَأَمَّا قَصْدُ تَعْظِيمِ مَنْ عُبِدَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْحَلِفِ بِهِ كَعِيسَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَرَنَ بِاَللَّهِ لَا يُرَادُ مِنْهُ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ السُّؤَالُ بَلْ الْمُرَادُ أَحْلِفُ وَعُورِضَتْ بِمَسْأَلَةِ الْإِيلَاءِ لَوْ قَالَ أَعْزِمُ وَنَوَى بِاَللَّهِ فَهُوَ مُولٍ وَفَرَّقَ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ فِي الْإِيلَاءِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ فَأَلْزَمَهُ الْإِيلَاءَ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ بِخِلَافِ مَا هُنَا.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَخْلُوقِ فَيَرْجِعُ لِالْتِزَامِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ قَصَدَ عَدَمَهُ) أَيْ أَوْ وُجُودَهُ وَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَالثَّانِي كَمَا لَوْ قَالُوا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَفْعَلُ كَذَا (قَوْلُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ) أَيْ وَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَهْدَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ إلْزَامُهُ أَوْ الْتِزَامُهُ (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ فَالْأَوْلَى تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دَلَّ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَهْدِ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَخَرَّجَ أُبَايِعُ اللَّهَ) أَيْ قِيسَ (قَوْلُهُ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ) وَمِثْلُهُ لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ أُعْطِيك عَهْدَ اللَّهِ فَلَيْسَا بِيَمِينٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَفُهِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ أَوْ عَزَمْت) أَيْ أَوْ أَعْزِمُ وَأَمَّا أَعْزِمُ بِاَللَّهِ السَّابِقَةُ فَلَمْ يَأْتِ فِيهَا بِلَفْظِ عَلَيْك بَلْ حَلَفَ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ يَمِينًا وَمَا هُنَا سَأَلَ فِيهَا غَيْرَهُ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ إلَّا مَا فَعَلْت) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا كَذَا فِي عب وشب فَالْمَعْنَى عَلَى الْكَسْرِ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا فِعْلَك كَذَا وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهِيَ لِلتَّخْصِيصِ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَزَمْت عَلَيْك أَحُضُّك عَلَى فِعْلِك كَذَا هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ وَحَاشَا اللَّهِ) وَلَوْ أَتَى فِيهَا بِوَاوِ الْقَسَمِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ ك نَقْلًا عَنْ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ وَمَعَادَ اللَّهِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى اللَّهِ وَأَمَّا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَيْ أَعْتَصِمُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَا فِي اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَمِينٌ (قَوْلُهُ أَيْ بَرَاءَةً مِنَّا لِلَّهِ) أَيْ تَنْزِيهًا مِنْهُ لِلَّهِ أَيْ تَنَزَّهَ اللَّهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ تَنْزِيهًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ مَعَادَ اللَّهِ) أَيْ رُجُوعًا لِلَّهِ أَيْ أَرْجِعُ لِلَّهِ رُجُوعًا فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّازِمِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِمَعَادَ اللَّهِ وُجُودَ اللَّهِ كَانَ يَمِينًا لِأَنَّهُ حَلَفَ بِوُجُودِهِ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لَا يَخْفَى التَّصْرِيحُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِحَذْفِ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ إذْ الْأَصْلُ أُبَرِّئُ اللَّهَ بَرَاءَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ اللَّهُ رَاعٍ) أَيْ حَافِظٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَفِيلٌ) بِرَفْعِ اسْمِ الْجَلَالَةِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ فَغَيْرُ يَمِينٍ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهِ وَإِلَّا فَيَمِينٌ فَقَدْ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ فَغَيْرُ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنْ قَصَدَ جَرَّهُ بِحَرْفِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ فَيَمِينٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَسَمَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ وَاَللَّهِ وَبَيْنَ لَأَفْعَلَنَّ بِجُمْلَةِ وَهِيَ رَاعٍ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ يَمِينًا.
(قَوْلُهُ وَالْحَجَرِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَشَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكَرَاهَةَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ مَنْقُولَ الْمَذْهَبِ الْكَرَاهَةُ وَاسْتِظْهَارُ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَمَا قِيلَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَلَفَ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ فَلَمْ يَثْبُتْ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ مَنْسُوخٌ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] وَنَحْوِهِ فَهَذَا مِنْ اللَّهِ وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْحَالِفِ عِلْمِ اللَّهِ أَوْ يَعْلَمُ اللَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْخِصَالِ فِي الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَيَانِ عَلَى مَا نَقَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ نَعَمْ تُسْتَحَبُّ الْكَفَّارَةُ احْتِيَاطًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ عِلْمِ اللَّهِ مَصْدَرًا مَا لَمْ يُرَدْ الْحَلِفُ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعًا) وَزَادَ فِي ك وَالْأَصْلِ لِلْحَطَّابِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ كُفْرًا لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ بِهِ (قَوْلُهُ كَالدِّمَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْأَشْرَافِ) أَيْ شَرَفٌ دُنْيَوِيٌّ وَمِنْ ذَلِكَ نِعْمَةِ السُّلْطَانِ وَتُرْبَةِ أَبِي وَحَيَاةِ أَبِي وَرَأْسِ أَبِي فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِالْأَنْصَابِ) مُفْرَدَهُ نُصُبٌ بِضَمَّتَيْنِ حَجَرٌ نُصِبَ وَعُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ تَعْظِيمًا فَكُفْرٌ) ظَاهِرُهُ مَتَى قَصَدَ تَعْظِيمَهَا وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا مَعْبُودَاتٍ وَيَأْتِي لَهُ أَنَّ مَحَلَّ الْكُفْرِ إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ وَفِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ قُوَّةَ مَا هُنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ الْقَائِمَ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ.
فَلَيْسَ بِكُفْرٍ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْظِيمَهُ عَلَى أَنَّهُ إلَهٌ.
(ص) وَكَالْخَلْقِ وَالْإِمَاتَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِ اللَّهِ الْفِعْلِيَّةِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِمَاتَةِ بِتَاءَيْنِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِحْسَانِ وَالْعَطَاءِ وَأَمَّا الْمُشْتَقَّاتُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتِ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَمَا مَرَّ.
(ص) أَوْ هُوَ يَهُودِيٌّ (ش) أَيْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ أَوْ إنْ كُنْت فَعَلْته وَقَدْ كَانَ فَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَمِثْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَكُونُ دَاخِلًا عَلَى أَهْلِهِ زَانِيًا فَاسِقًا إنْ فَعَلَ كَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ.
(ص) وَغَمُوسٌ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ وَحَلَفَ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِأَنْ شَكَّ الْحَالِفُ حِينَ حَلِفِهِ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَمَا حَلَفَ أَمْ لَا أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَنَّهُ كَذَا وَأَوْلَى الْمُتَعَمِّدُ لِلْكَذِبِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ صِدْقٌ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِأَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَمَّا إنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا وَكَذَا لَوْ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ فِي ظَنِّي أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يَكُونُ غَمُوسًا وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) لِحَالِفِ الْغَمُوسِ وَيَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَيَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِمَا قَدَرَ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ صِيَامٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْحَلِفِ بِمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِغْفَارِ حَيْثُ أَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ التَّوْبَةُ.
(ص) وَإِنْ قَصَدَ بِكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ فَكُفْرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّاتِي وَالْعُزَّى وَنَحْوِهِمَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَقَصَدَ بِالْقَسَمِ بِهَا تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمْ مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ خَاصٌّ بِاَللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا فِي الْأَصْنَامِ وَعَلَى خِلَافٍ سَبَقَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَكُلِّ مُعَظَّمٍ شَرْعًا.
(ص) وَلَا لَغْوٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِخِفَّتِهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ خِلَافُهُ كَمَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ مَجِيءِ زَيْدٍ فَحَلَفَ مَا جَاءَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاءَ فَقَوْلُهُ وَلَا لَغْوٌ مَعْطُوف عَلَى غَمُوسٍ أَيْ وَلَا بِغَمُوسٍ وَلَغْوٍ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ لَغْوٍ وَقَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ أَيْ يَجْزِمُ بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْعِلْمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَظَهَرَ نَفْيُهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَظْهَرَ نَفْيُهُ بِحَالٍ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْجَزْمُ لَا لِدَلِيلٍ وَالْعِلْمُ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِدَلِيلٍ (ص) وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ كَحَلِفِهِ عَلَى شَخْصٍ مُقْبِلٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ زَيْدٌ مَثَلًا إنْ لَمْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَكَالْخَلْقِ وَالْإِمَاتَةِ) الْخَلْقُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْمَخْلُوقِ وَالْإِمَاتَةُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَالْعَطَاءِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ الَّذِي مِنْ صِفَةِ الْفِعْلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْحَلِفُ بِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ) الْأَوْلَى دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ بِاسْمِ اللَّهِ.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إنْ فَعَلْت إلَخْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ كُفْرٌ وَلَوْ فَعَلَ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّبَاعُدُ وَإِنْشَاءُ الْيَمِينِ لَا إخْبَارُهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَرْتَدُّ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ هَازِلًا وَكَمَا لَا يَرْتَدُّ حَالَ جَعْلِهِ ذَلِكَ يَمِينًا لَا يَرْتَدُّ إذَا قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ حَالَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ إغْرَارَ يَهُودِيَّةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ بَعْضِهِمْ) أَيْ بَعْضِ الْحَالِفِينَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ) الظَّاهِرُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ زَانِيًا إلَّا بِالثَّلَاثِ أَوْ فِي الْخُلْعِ وَلَا خُلْعَ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَغَمُوسٌ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ (قَوْلُهُ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ صِدْقٌ بِنَفْيِ كَوْنِهِ غَمُوسًا وَتَنْتَفِي عَنْهُ الْحُرْمَةُ وَفِيهِ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ نَظَرٌ لِأَنَّ يَمِينَهُ شَاكًّا مَعْصِيَةٌ فَلَا يَسْقُطُ إثْمُهُ بِظُهُورِ الْأَمْرِ كَمَا حَلَفَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ إثْمُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَفْظَهَا عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ الْبِرَّ لَا إنْ أَثِمَ حَلِفُهُ شَاكًّا مُسْقِطٌ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِقْهًا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِهَا أَوْ الْمُرَادِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا فِي عب أَيْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا تَنَافِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الصِّدْقُ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِلَّا كَانَتْ مِنْهَا وَالْغَمُوسُ كَبِيرَةٌ وَلَوْ مَرَّةً فَقَطْ (قَوْلُهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا) أَيْ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمَاضِي فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ أَوْ بِالْحَالِ فَإِنَّهَا تُكَفَّرُ (قَوْلُهُ وَيَتُوبُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَتُوبَ تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِغْفَارِ.
(قَوْلُهُ كَالْمَسِيحِ) نَبِيٌّ وَرَسُولٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْعُزَيْرُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّةِ لُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا) أَيْ أَصْلًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهَا وَلَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كُفْرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَأَوَّلُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ فَجَائِزٌ وَأَمَّا الْإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ كَقَوْلِهِ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا فَخَاصٌّ بِهِ صلى الله عليه وسلم.
(قَوْلُهُ وَلَا لَغْوٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَمُوسٍ (قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ) يُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ) أَيْ إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَاضِي أَوْ الْحَالِ لَا الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ (قَوْلُهُ بَدَلَ مِنْ لَغْوٍ) لَكِنْ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِحَذْفٍ وَالتَّقْدِيرُ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ نَفْيُهُ أَيْ انْتِفَاؤُهُ قَالَ عج
كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا
…
لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْجَزْمُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُطَابِقًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْعِلْمِ أَيْ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَمَّا بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَالْعِلْمُ هُوَ الِاعْتِقَادُ الشَّامِلُ لِلظَّنِّ الْقَوِيِّ
يَكُنْ هَذَا الْمُقْبِلُ زَيْدًا فَعَلَيَّ نَذْرٌ ثُمَّ يَنْكَشِفُ لَهُ أَنَّهُ عَمْرٌو مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
(ص) كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ (ش) التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُفِيدُ إلَّا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَلَغْوِ الْيَمِينِ فَلَا يُفِيدُ فِي الْحَلِفِ بِغَيْرِهَا مِنْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ وَيَلْحَقُ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدُ فَلَا يَنْفَعُهُ وَيَلْزَمُهُ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ وَاسْتَثْنَى ثُمَّ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (إنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ حِلَّ الْيَمِينِ قَيْدٌ فِي الْمَنْطُوقِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِفَادَةِ فِي غَيْرِ اللَّهِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِأَنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَقَصَدَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فِي مَفْهُومِ غَيْرِ اللَّهِ أَيْ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ إنْ قَصَدَ حِلَّ الْيَمِينِ أَيْ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ لَا التَّبَرُّكَ وَأَتَى بِقَوْلِهِ وَقَصَدَ فِيمَا يَأْتِي لِأَجْلِ ضَمِّهِ لِبَقِيَّةِ الْقُيُودِ.
(ص) كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ أَوْ يَقْتَضِيَ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمَيْنِ أَيْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَيُفِيدُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَمَا أَلْحَقَ بِهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى فِي يُرِيدُ أَوْ يَقْضِي وَفِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ خِلَافٍ لِمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ فَقَوْلُهُ عَلَيَّ الْأَظْهَرُ لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهَلْ الِاسْتِثْنَاءُ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ فَقَطْ أَوْ حِلٌّ لِلْيَمِينِ مِنْ أَصْلِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ الْقَاضِي وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى ثُمَّ حَلَفَ مَا حَلَفَ أَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ فَحَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَيَحْنَثُ فِيهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَفِّرُ وَاسْتَثْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَيْهَا.
(ص) وَأَفَادَ بِكَإِلَّا فِي الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا مِنْ خَلَا وَعَدَا وَنَحْوِهِمَا يُفِيدُ وَيَنْفَعُ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ مُسْتَقْبَلَةً أَوْ مَاضِيَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً أَوْ غَمُوسًا وَكَذَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَمَنْ حَلَفَ أَنْ يَشْرَبَ الْبَحْرَ أَوْ يَقْتُلَ مَنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِالْجَمِيعِ جَمِيعَ الْأَدَوَاتِ فَغَيْرُ بَيِّنٍ لِإِفَادَةِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ بِكَإِلَّا (ص) إنْ اتَّصَلَ إلَّا لِعَارِضٍ وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ وَقَصَدَ وَنَطَقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ رحمه الله فِي شَرْطِ إفَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهَا أَنْ يَتَّصِلَ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَلَوْ انْفَصَلَ لَمْ يُفِدْ كَانَ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا كَإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَصْلُ لِعَارِضٍ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ لَا لِتَذَكُّرٍ وَمِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ يَنْوِيَ النُّطْقَ بِهِ لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَهْوًا فَلَا يُفِيدُ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَا بُدَّ مَعَ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قَالَ فِي ك وَظَاهِرُهُ إفَادَةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَلَوْ غَمُوسًا وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ.
(تَنْبِيهٌ) : إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ أَيْ حِلُّ الْيَمِينِ) أَيْ عَدَمُ انْعِقَادِهِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ (قَوْلُهُ لِمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ) أَيْ الَّذِي لَا يَنْفَعُ كَأَنْ تُقِرَّ لِإِنْسَانٍ فَتَقُولَ لَهُ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ تَقُولُ لَهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَقَوْلُك مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَا يَنْفَعُ أَيْ لِأَنَّهُ تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ فَلَا يَنْفَعُهُ فَظَهَرَ مِنْ تَقْرِيرِنَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعْقِيبُ الرَّافِعِ أَيْ التَّعْقِيبُ بِالرَّافِعِ لِأَنَّ الرَّافِعَ مُعَقَّبٌ بِهِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ فِيهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) أَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ غَايَةٍ أَوْ بَدَلِ بَعْضٍ نَحْوِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَّا يَوْمَ كَذَا أَوْ إنْ ضَرَبَنِي أَوْ ابْنَ عَمْرٍو أَوْ إلَى وَقْتِ كَذَا أَوْ لَا أُكَلِّمُ الرَّجُلَ ابْنَ عَمْرٍو (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ.
(قَوْلُهُ مُسْتَقْبَلَةً) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مَاضِيَةً كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ مَا أَخَذْت مِنْ فُلَانٍ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مَا نَصُّهُ مُسْتَقْبَلَةً نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ غَدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُصْحِيَةً وَقَوْلُهُ أَوْ غَمُوسًا نَحْوَ وَاَللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً إلَخْ) أَيْ أَوْ لَغْوًا كَمَا إذَا قُلْت وَاَللَّهِ مَا فِي الْخِزَانَةِ إلَّا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ فِيهَا أَكْثَرَ فَتِلْكَ الْيَمِينُ لَغْوٌ وَمَعَ ذَلِكَ نَفَعَ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَاللَّغْوُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ (قَوْلُهُ فَمَنْ حَلَفَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ غَمُوسًا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ جَعْلَهَا غَمُوسًا إنَّمَا هُوَ بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا يَتَبَيَّنُ وَأَمَّا مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يُقَالُ لَهَا غَمُوسٌ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى) أَيْ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ إلَّا مُعْظَمَهُ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ إلَّا إنْ أُرِدْ فَلَا أَمْكَنَ مِنْ الذَّهَابِ لِقَبْرِهِ (قَوْلُهُ وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْيَمِينِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ تَنَاقُضًا حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الْإِخْرَاجَ أَوَّلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رحمهم الله وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ مَا قِيلَ فِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ قَبْلَ تَمَامِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ الْمُقْسَمِ بِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنْ يَتَّصِلَ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَيْ بِعَدَدِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَوْ يَكْفِي اتِّصَالُهُ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَعُطَاسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ أَوْ تَنَفُّسِ ظَاهِرِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أَوْ تَكَرَّرَتْ
قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حِلَّ الْيَمِينِ لَا التَّبَرُّكَ وَمِنْهَا أَنْ يَنْطِقَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ سِرًّا وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ بَلْ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَقَطْ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(ص) إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا كَالزَّوْجَةِ فِي الْحَلَالِ عَلَى الْحَرَامِ وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النُّطْقِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُحَاشَاةِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى النُّطْقِ وَالنِّيَّةُ فِيهَا كَافِيَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إذَا عَزَلَ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي قَصْدِهِ وَنِيَّتِهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ أَيْ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ وَكَالْمُوصِي الزَّوْجَةُ فِي قَوْلِهِ الْحَلَالِ أَوْ كُلِّ حَلَالٍ عَلَيْهِ حَرَامٌ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا فَكَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزَّوْجَةِ وَتِلْكَ النِّيَّةُ تَكْفِيهِ وَتُفِيدُهُ فِي إخْرَاجِ الزَّوْجَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهَا بِاللَّفْظِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ إخْرَاجٌ لِمَا دَخَلَ فِي الْيَمِينِ أَوَّلًا فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِبَيَانِهِمَا قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا لِقَرِينَةِ التَّخْصِيصِ فَالْقَوْلُ مِنْ قَوْلِنَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى زَيْدٍ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَامِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَا زَيْدٍ وَالْعَامُّ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ هُوَ أَنْ يُطْلَقَ اللَّفْظُ وَيُرَادَ بِهِ بَعْضُ مَا يَتَنَاوَلُهُ فَلَمْ يُرِدْ عُمُومَهُ لَا تَنَاوُلًا وَلَا حُكْمًا بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلِهَذَا كَانَ مَجَازًا قَطْعًا وَصُورَةُ الْمُحَاشَاةِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَلَالَ مِنْ قَوْلِهِ الْحَلَالِ عَلَى حَرَامٍ اسْتَعْمَلَ فِيهَا الْحَلَالَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ الزَّوْجَةُ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ وَهِيَ اللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا وَمُنْعَقِدَةً وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ذَكَرَ مَا يُشَارِكُهَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَيَصِيرُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مُشِيرًا إلَى مَا أَوَّلُهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا فِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حِلَّ الْيَمِينِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ النُّطْقِ بِاَللَّهِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ كَمَا يَقَعُ لِمَنْ يَقُولُ لِلْحَالِفِ قُلْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُوصِلَ النُّطْقَ بِهَا عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا التَّبَرُّكَ) أَيْ أَوْ التَّفْوِيضَ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ امْتِثَالَ أَمْرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] إلَخْ أَيْ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي إنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهَذَا يَأْتِي فِي غَيْرِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ سِرًّا إلَخْ) مَحَلُّ نَفْعِهِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ شُرِطَ فِي إنْكَاحٌ أَوْ عَقْدُ بَيْعٍ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ مَا نَصُّهُ وَكَفَى النُّطْقُ بِإِلَّا وَلَوْ حَذَفَ الْمُسْتَثْنَى كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَّا وَيَنْوِي غَدًا مَثَلًا اهـ وَأَتَى بِقَوْلِهِ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ سِرًّا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّرِّ أَعْلَاهُ فَأَتَى بِهِ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِهِ نَفْسَهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ لَا يُقْضَى فِيهَا بِالْحِنْثِ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَأَمَّا إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَهِيَ مِمَّا يُقْضَى فِيهَا بِالْحِنْثِ فَلَا يُفِيدُ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الرَّافِعُ لِجُمْلَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ نَحْوَ لَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا دِينَارًا إنْ قَدِمَ عَمْرٌو وَإِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ اللِّسَانِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْزَلَ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِيهِ الْإِخْرَاجُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَطْعًا فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا لَكَانَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ إخْرَاجَهُ أَوَّلًا بِأَدَاةٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ نُطْقًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ إخْرَاجِهِ بِالنِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالزَّوْجَةِ لِلتَّمْثِيلِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُعْزَلَ أَوْ لَا فَلَا يَتَعَيَّنُ النُّطْقُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى حَالِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ تَشْبِيهٌ.
(قَاعِدَةٌ عَرَبِيَّةٌ) أَفَادَهَا الْبَدْرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَّصِلَ مِنْ قَبِيلِ الْمَفْهُومِ وَالْمُنْقَطِعَ فَمَا بَعْدُ إلَّا مِنْ قَبِيلِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ فِي الْحَلَالِ إلَخْ) مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ) أَيْ أَوْ فِي حَالِ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَنْوِ إخْرَاجَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِخْرَاجُهَا اسْتِثْنَاءٌ شَرْطُهُ النُّطْقُ أَيْ فَاحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْعَزْلِ بَعْدَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ نُطْقًا مُتَّصِلًا وَقَصْدِ الْيَمِينِ بِهِ ثُمَّ مَا عَدَاهَا لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا لِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَتِلْكَ النِّيَّةُ تَكْفِيهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ أَوْ لَا إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ مَجَازٌ قَطْعًا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْقَرِينَةِ فَشَرْطُ الْقَرِينَةِ عُرْفُ أَهْلِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَلَالِ مَا عَدَا الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ كُلٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ مَجَازًا قَطْعًا) أَيْ بِخِلَافِ الْعَامِ الْمَخْصُوصِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ مَجَازًا لِلْأَكْثَرِ أَوْ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاعْتِبَارَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ وَضْعٌ وَاسْتِعْمَالٌ ثَانٍ بِخِلَافِ الْعَامِّ الْمُرَادِ بِهِ الْخُصُوصُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ الزَّوْجَةُ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْمَانِعُ مِنْ انْدِرَاجِهَا فِيهِ وَتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِمَا عَدَاهَا كَمَا فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ قُلْت عَدَمُ الْقَرِينَةِ الدَّالُّ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا وَالنِّيَّةُ أَمْرٌ خَفِيٌّ فَلَا يَكُونُ قَرِينَةً.
(قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) أَيْ الَّتِي هِيَ النَّذْرُ الْمُبْهَمُ وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُنْعَقِدَةُ إلَخْ فَهُوَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا) أَيْ الَّذِي لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ الْمَنْذُورُ قَوْلًا وَلَا نِيَّةً فَإِذَا عَيَّنَ مَخْرَجَهُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا عَيَّنَهُ ثُمَّ إنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَاللَّغْوِ وَالْغَمُوسِ
كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ عَلَيَّ لَا فَعَلْت كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ فَعَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا لَزِمَهُ مَا عَيَّنَهُ إنْ كَانَ طَاعَةً مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا (ص) وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَرْكِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ يَمِينًا أَوْ كَفَّارَةً بِنَذْرٍ أَوْ تَعْلِيقٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى خُصُوصِ النَّذْرِ كَمَا فَعَلَ تت وَمَا يَتَأَتَّى كَلَامُهُ إلَّا لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَفِي نَذْرٍ مُبْهَمٍ مُجَرَّدًا مِنْ أَلْ.
(ص) وَالْمُنْعَقِدَةُ عَلَيَّ بَرٌّ بِأَنْ فَعَلْت وَلَا فَعَلْت (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فِي هَذَا الْيَوْم مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَاتَانِ الصِّيغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ حَرْفُ نَفْيٍ قَاعِدَةُ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بَرٍّ أَنْ تَكُونَ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْ الْحَالِفِ وَسُمِّيَتْ يَمِينَ بَرٍّ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى بَرٍّ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ الْحَالِفُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
(ص) أَوْ حَنِثَ بِلَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيُخَالِفُهَا فِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَفْظَ النَّذْرِ تَكَرَّرَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الِاتِّحَادَ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ) فِي شَرْحِ عب وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَكَعَلَيَّ نَذْرٌ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ فَيَمِينٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيغَةُ نَذْرٍ مُطْلَقًا وَعَلَى كَذَا صِيغَتُهُ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ وَإِلَّا فَيَمِينٌ اهـ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْمَوَّاقِ يَرُدُّهُ فَقَالَ التَّلْقِينُ إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا هُوَ فَهَذَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَفِيهَا إنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْمَعَاصِي فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ فَإِنْ اجْتَرَأَ وَفَعَلَ أَثِمَ وَسَقَطَ عَنْهُ النَّذْرُ اهـ فَانْظُرْ قَوْلَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ نَذْرٌ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ) أَوْ عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ابْنِ شَاسٍ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَأَمَّا لَوْ جَمَعَ فَقَالَ عَلَيَّ أَيْمَانٌ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَإِذَا نَوَى بِقَوْلِهِ أَيْمَانٌ يَمِينًا وَاحِدَةً فَإِنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْتَبَرُ وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِهِ يَمِينَيْنِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ لِمَا سَيَأْتِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ نَصٌّ فِي مَعْنَاهَا فَلَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ (قَوْلُهُ مُجَرَّدًا مِنْ أَلْ) أَيْ فَيَكُونُ نَذْرًا مُسَلَّطًا عَلَى يَمِينٍ وَكَفَّارَةٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَفِي نَذْرٍ مُبْهَمٍ وَنَذْرِ يَمِينٍ وَكَفَّارَةٍ أَيْ وَفِي نَذْرِ شَيْءٍ مُبْهَمٍ وَفِي نَذْرِ يَمِينٍ وَكَفَّارَةٍ وَفِي حِلِّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَوْلُهُ وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ إلَخْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَتَى مَعَ كُلّ لَفْظٍ مِنْهَا بِللَّهِ عَلَيَّ أَوْ بِعَلَيَّ وَسَوَاءٌ عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ إنْ فَعَلْت كَذَا مَثَلًا أَوْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ.
(قَوْلُهُ وَالْمُنْعَقِدَةُ عَلَى بِرٍّ) إنَّمَا قَالَ وَالْمُنْعَقِدَةُ وَلَمْ يَقُلْ وَاَلَّتِي عَلَى بِرٍّ لِأَجْلِ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَهَا كَاللَّغْوِ وَالْغَمُوسِ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ حَرْفُ نَفْيٍ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنَّظَرِ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا شَرْطِيَّةٌ بَلْ إنْ نَافِيَةٌ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ كَمَا إذَا قُلْت وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَأَمَّا لَا أَفْعَلُهُ أَيْ لَا أُكَلِّمُهُ مَثَلًا فَمُسَلَّمٌ أَنَّهَا نَافِيَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا صِيغَتَا بِرٍّ وَلَوْ رُدَّ إلَى صِيغَةِ حِنْثٍ بِوَاسِطَةِ تَقْدِيرِ التَّرْكِ إذْ الْمَعْنَى لَأَتْرُكَنَّ كَلَامَهُ وَإِمَّا يُرَدُّ فِي الْحِنْثِ بِلَا تَقْدِيرِ التَّرْكِ بَلْ بِتَقْدِيرِ غَيْرِهِ فَصِيغَةُ حِنْثٍ كَوَاللَّهِ إنْ عَفَوْت عَنْ زَيْدٍ أَوْ وَإِنْ أَقَمْت فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ الْبَيْتِ إذْ مَعْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ لَأُطَالِبَنَّهُ أَوْ لَأَشْكُوَنَّهُ وَفِي الثَّانِي لَأَنْتَقِلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَنْتَقِلْ فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ تَقْدِيرُ التَّرْكِ فِيهِمَا أَيْضًا أَيْ لَأَتْرُكَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَلَأَتْرُكَنَّ الْبَقَاءَ فِي الثَّانِي قُلْت لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَأَنْتَقِمَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَلَأَنْتَقِلَنَّ فِي الثَّانِي مُسْتَفَادَةٌ مِنْ لَفْظِ إنْ عَفَوْت وَإِنْ أَقَمْت أَيْ مِنْ جَوْهَرِ لَفْظِهِمَا وَهُوَ أَقْوَى مِمَّا اُسْتُفِيدَ مِنْ حَاصِلِ الْمَعْنَى عج.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْ فَعَلْت لَيْسَتْ صِيغَةَ بِرٍّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ صِيغَةُ بِرٍّ إذَا لَمْ تُرَدَّ إلَى صِيغَةِ الْحِنْثِ مِنْ جَوْهَرِ اللَّفْظِ وَأَمَّا مَا رُدَّ إلَى صِيغَةِ الْحِنْثِ مِنْ جَوْهَرِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ أَمَرَ أَنَّهُ طَالِقٌ إنْ عَفَوْت عَنْك أَوْ إنْ أَقَمْت فِي هَذَا الْبَيْتِ مَثَلًا فَصِيغَةُ حِنْثٍ (قَوْلُهُ أَيْ الْحَالِفُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَيْ لَا يُطَالَبُ فِي بِرِّ يَمِينِهِ بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ فِي بِرِّ يَمِينِهِ بِأَنْ يَأْتِي بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ بِخِلَافِ حَالِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ حَنِثَ.
(قَوْلُهُ أَوْ حَنِثَ بِلَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ) وَلَا يَجْرِي فِيهِ وَاسِطَةُ تَقْدِيرِ الْبِرِّ بِلَفْظِ تَرْكٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ نَافِيَةٌ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ وَمَعْنَاهَا فِي الْحِنْثِ حِينَئِذٍ لَأَفْعَلَنَّ لِأَنَّهَا نَافِيَةٌ وَلَمْ نَافِيَةٌ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَإِنْ ذُكِرَ لَهَا جَوَابٌ فَشَرْطِيَّةٌ فِيهِمَا كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ إنْ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ شَرْطِيَّةٌ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَأَمَّا إنْ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَهِيَ لِلنَّفْيِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ وَإِلَّا فَهِيَ شَرْطِيَّةٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهَا فِي الْبِرِّ نَافِيَةٌ لَا غَيْرَ وَمَالَ إلَيْهِ عج حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ شَرْطِيَّةً فَهِيَ صِيغَةُ حِنْثٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا لَأَضْرِبَنَّكَ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْكَلَامِ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ صَارَ مَطْلُوبًا مِنْهُ الْفِعْلُ
فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ مَثَلًا أَوْ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الطَّعَامَ مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقَاعِدَةُ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ أَنْ تَكُونَ عَلَى إثْبَاتِ الْفِعْلِ أَيْ يَكُونُ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ مَطْلُوبًا مِنْ الْحَالِفِ وَسُمِّيَتْ يَمِينَ حِنْثٍ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَيَبِرُّ إذْ الْحَالِفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَكَانَ عَلَى حِنْثٍ وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يُؤَجَّلْ) شَرْطٌ فِي كَوْنِ الصِّيغَتَيْنِ صِيغَتَيْ حِنْثٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ إذَا لَمْ يَضْرِبْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا أَمَّا إنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا فَلَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ بَلْ يَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى بَرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ كَوَاللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ قَبْلَ شَهْرٍ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَهُوَ عَلَى بَرٍّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِلَا مَانِعٍ أَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ كَمَا يَأْتِي.
(ص) إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ (ش) هَذَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ فِي النَّذْرِ مُبْتَدَأٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ إطْعَامٌ سَبْقُ قَلَمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِطْعَامَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ يَجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا بَعْدَهُ وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ رحمه الله فِي بَيَانِ الْكَفَّارَةِ بِذِكْرِ أَنْوَاعِهَا اسْتِغْنَاءً عَنْ ذِكْرِهَا اخْتِصَارًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِطْعَامِ تَبَرُّكًا بِالْقُرْآنِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ تَمْلِيكُ عَشَرَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الظِّهَارِ وَأَمَّا الْعَدَدُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ الْمُحْتَاجُونَ وَأَخْرَجَ الْغَنِيَّ وَالرَّقِيقَ لِغِنَاهُ بِسَيِّدِهِ وَإِنْ بِشَائِبَةٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَيْعُهُمْ فَمَأْمُورٌ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِمْ فَيَصِيرُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَاسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ وَذِكْرِ الْمُخَرَّجِ فِي قَوْلِهِ (لِكُلِّ مُدٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ مُدٌّ بِمُدِّهِ عليه الصلاة والسلام كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ لِتَقَارُبِ الْبَابَيْنِ وَهَلْ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهَلْ مُوجِبُ الْكَفَّارَةِ الْيَمِينُ أَوْ الْحِنْثُ.
وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَأَجْزَأَ إنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ (ص) وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا تُطْلَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ لِقِلَّةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ أَمَّا بِغَيْرِهَا فَتُنْدَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ كَمَا عِنْدَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ الضَّرْبُ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ شَرْطٌ وَقَسَمٌ كَمَا هُنَا كَانَ الْبَابُ لِلْقَسَمِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا فَيَحْذِفُ جَوَابَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ
…
جَوَابَ مَا أَخَّرْت فَهُوَ مُلْتَزَمْ
وَجَوَابُ الْقَسَمِ أَبَدًا مُؤَكِّدٌ مَذْكُورًا كَانَ أَوْ مَحْذُوفًا وَإِذَا كَانَ مُؤَكِّدًا كَانَ صِيغَةَ حِنْثٍ عج (قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ إذْ الْحَالِفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ) وَأَمَّا الْحَالِفُ بِصِيغَةِ الْبِرِّ فَهُوَ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا (قَوْلُهُ كَوَاللَّهِ لَأُكَلِمَنَّ زَيْدًا إلَخْ) وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَوْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فَإِذَا كَلَّمَ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ بَرَّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّهِ بِدُونِ الْكَلَامِ وَمِنْ التَّأْجِيلِ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا بَعْدَ شَهْرِ كَذَا فَإِذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا يَبِرُّ بِهِ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ مُنِعَ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ
(تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الصِّيغَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَقِيقَةَ لِأَنَّ ذِكْرَ الصِّيغَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَقِيقَةُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ صِيغَةُ الْبِرِّ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ عَلِمَ أَنَّ الْبِرَّ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ بِأَثَرِ حَلِفِهِ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَكَذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ صِيغَةِ الْحِنْثِ أَنَّ الْحِنْثَ يَكُونُ الْحَالِفُ بِحَلِفِهِ مُخَالِفًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَوَطْئِهَا اللَّيْلَةَ فَيَجِدُهَا حَائِضًا وَقَوْلُهُ أَوْ عَادِيٍّ كَذَبْحِ الْحَمَامِ فَسُرِقَتْ لَا عَقْلِيٍّ كَمَوْتِهَا.
(قَوْلُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) اعْلَمْ أَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ سَبْقُ قَلَمٍ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُبْتَدَأِ لُغَةً وَهُوَ مَا اُبْتُدِئَ بِهِ وَمُرَادُهُ بِالْخَبَرِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَهَذَا الْجَوَابُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْ ذِكْرِهَا اخْتِصَارًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ذَكَرَهَا يَقُولُ وَهِيَ فِعْلُ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ يَنْقَسِمُ إلَى كَذَا وَكَذَا وَلَا ثَمَرَةَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ تَمْلِيكُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى إطْعَامِ كَوْنُهُ يُقَدِّمُ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ (قَوْلُهُ بِالْمَسَاكِينِ الْمُحْتَاجِينَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْيَاءِ وَالْمُنَاسِبُ الْمُحْتَاجُونَ أَيْ فَيَشْمَلُ الْفُقَرَاءَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَلْزَمَهُ نَفَقَةٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَتَنْدَفِعُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا الْفَقِيرَيْنِ وَالْمُعْتَبَرُ مَسَاكِينُ مَحِلَّ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ الْيَمِينِ وَلَا بَلَدَ الْحَالِفِ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ أَكْثَرِهَا لِلْمُعْدَمِ (قَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ) الْأَوْلَى وَتَرَكَ شَرْطَ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) أَيْ مِنْ بُرٍّ وَغَيْرِهِ بِلَا غَرْبَلَةٍ إلَّا الْغَلَثَ وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ إذَا أُعْطِيَ مِنْهُ قَدْرُ رُبُعِ الْقَمْحِ كَذَا فِي عب تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ الشَّعِيرَ أَوْ التَّمْرَ أَوْ الذُّرَةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ وَسَطَ الشِّبَعِ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ وَسَطِ الشِّبَعِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالْبَاجِيِّ عَنْ النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِتَقَارُبِ الْبَابَيْنِ) أَيْ فِي الْوَضْعِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَوَجَبَتْ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمَعْنَى يَتَحَتَّمُ الْوُجُوبُ بِهِ.
(قَوْلُهُ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ عَنْ مَالِكٍ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَيْثُمَا أَخْرَجَ مُدًّا بِمُدٍّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَجْزَأَهُ وَمَنْ زَادَ فَلَهُ ثَوَابُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ
مَالِكٌ وَحَدَّهَا أَشْهَبُ بِالثُّلُثِ وَابْنُ وَهْبٍ بِالنِّصْفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يُخْرِجُ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي النَّفَقَاتِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تُشَارِكُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ.
(ص) أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا بِأُدُمٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُدٍّ أَيْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ أَوْ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ مِنْ الْخُبْزِ وَهُمَا مُقَاسَانِ عَلَى الْمُدِّ فَإِنَّهُ الْوَارِدُ وَيَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأُدُمٍ مِنْ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ بَقْلٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ وَيُجْزِئُ قِفَارٌ عَلَى الْأَصْوَبِ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ مَذْهَبُهَا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (ص) كَشِبَعِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شِبَعَهُمْ يُجْزِئُ كَمَا يُجْزِئُ مِنْ الْخُبْزِ رِطْلَانِ سَوَاءٌ أَكَلَ كُلٌّ مُدًّا أَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَوْ مُخْتَلِفِينَ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالْبَاجِيُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْغَدَاءُ وَالْعِشَاءُ لِعَشَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً وَعَشَّى عَشَرَةً أُخْرَى لَمْ يَجْزِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي فَلَوْ عَشَّاهُمْ مَرَّةً ثُمَّ غَدَّاهُمْ أُخْرَى بَعْدَ يَوْمَيْنِ مَثَلًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الْغَدَاءُ وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ فِي يَوْمَيْنِ فَقَطْ أَوْ عَشَّاهُمْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ.
(ص) أَوْ كِسْوَتِهِمْ الرَّجُلُ ثَوْبٌ وَالْمَرْأَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ يُخَيَّرُ فِيمَا يُكَفِّرُ بِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْإِطْعَامِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْكِسْوَةُ فَإِذَا كَسَا الْعَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَإِنَّهُ يَكْسُو الرَّجُلَ ثَوْبًا أَيْ تُجْزِئُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَكْسُو الْمَرْأَةَ ثَوْبَيْنِ دِرْعًا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَمِيصَ وَخِمَارًا وَمِنْهُنَّ الْقَصِيرَةُ الَّتِي يُجْزِئُهَا لِقِصَرِهَا مَا لَا يُجْزِئُ الطَّوِيلَةَ لِطُولِهَا وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الرَّجُلُ إلَخْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ فَمَا يَكْسُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ ثَوْبٌ (ص) وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِطْعَامَ لِلْمَسَاكِينِ يَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ مَا يَأْكُلُ الْمُكَفِّرُ لِلْآيَةِ وَأَمَّا كِسْوَتُهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ أُطْلِقَتْ الْآيَةُ فِيهَا فَإِذَا كَسَاهُمْ مِنْ غَيْرِ وَسَطِ أَهْلِهِ أَجْزَأَهُ.
(ص) وَالرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا (ش) أَيْ فَيُعْطَى الرَّضِيعُ كِسْوَةَ الْكَبِيرِ وَيُعْطَى مُدًّا أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا بِأُدُمٍ وَإِنَّمَا يُعْطَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَحَدَّهَا أَشْهَبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَالِكٍ حَقِيقِيٌّ أَمَّا مُخَالَفَةُ مَالِكٍ لَهُمَا فَظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ قَالَ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاجْتِهَادُ لَا يَتَقَيَّدُ بِثُلُثٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُمَا فَهِيَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الْمَزِيدِ خِلَافٌ فِي حَالٍ اهـ أَيْ زِيَادَةُ الثُّلُثِ إذَا كَانَ يَكْفِي وَزِيَادَةُ النِّصْفِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِي الثُّلُثُ (قَوْلُهُ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ) أَيْ الَّتِي هُوَ قَوْله لِقِلَّةِ الْأَقْوَات بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ لَا يَخْفَى أَنْ تِلْكَ عَلَّلَ بِهَا الْإِمَامُ فَقَالَ لِقِلَّةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَلَهُمْ عَيْشٌ غَيْرُ عَيْشِنَا فَيَزِيدُونَ عَلَى الْمُدِّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ اهـ.
الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَيْسُوا فِي الْقُوتِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ شب وَقَوْلُهُ فِي النَّفَقَاتِ وَعَلَى الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تُشَارِكُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ) مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مُدٌّ وَثُلُثٌ بِمُدِّهِ عليه الصلاة والسلام (قَوْلُهُ وَيَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِهِمْ) أَيْ عَيْشِ الْمُكَفِّرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ عَيْشَ أَهْلِ الْبَلَدِ أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ الْمُكَفِّرُ غَيْرُ الْبَخِيلِ، ثَالِثُهَا الْأَرْفَعُ إنْ قَدَرَ إلَخْ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ عَيْشُ أَهْلِ الْبَلَدِ يُخَالِفُهُ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] قُلْت يُمْكِنُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَهْلِ بَلَدِكُمْ وَالْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ حِينَئِذٍ الْغَالِبُ وَقَدْ يُبْعِدُ ذَلِكَ أَوْ يَمْنَعُهُ قَوْلُهُ تُطْعِمُونَ إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ مِنْ أَوْسَطِ طَعَامِ بَلَدِكُمْ (قَوْلُهُ مِنْ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِاللَّبَنِ الْحَلِيبُ لَا الْمَضْرُوبُ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَقْلٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَقِيلَ لَيْسَا مِنْ الْأُدُمِ وَعَلَيْهِ فَأَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَأَوْسَطُهُ اللَّبَنُ وَأَدْنَاهُ الزَّيْتُ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَقُولُ أَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَيَلِيه اللَّبَنُ وَيَلِيه الزَّيْتُ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ قَفَارٌ) بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الَّذِي لَا أُدُمَ مَعَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالْبَاجِيُّ) أَيْ خِلَافًا لِاشْتِرَاطِ التُّونُسِيِّ تَسَاوِيهِمْ فِي الْأَكْلِ وَالْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ الْمُتَوَسِّطُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ) هَذَا مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ قَدْر الْعَشَرَةِ أَمْدَادٍ فِي مَرَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شِبَعِهِمْ مَرَّةً ثَانِيَةً هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ جُوعٌ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ مَرَّتَيْنِ عَلَى سَبْعٍ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا لِمَرَضٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ كِسْوَتُهُمْ إلَخْ) جَدِيدًا وَكَذَا لَبِيسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي بَعْضِ الطُّرَرِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَخِيطًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ كَعَدَمِ اشْتِرَاطِ طَبْخِ اللَّحْمِ وَقَدْ يُنَافِيه قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جِسْمَهُ (قَوْلُهُ تُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ) يَحْمِلُ عَلَى إجْزَائِهِ عَلَى الْكَمَالِ أَيْ فَيَكُونُ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْجَسَدِ فَلَا تُجْزِئُ عِمَامَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَا إزَارٌ لَا يَبْلُغُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِهِ مُشْتَمِلًا (قَوْلُهُ الْقَمِيصُ) خَاصٌّ بِالْمَخِيطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الثَّوْبُ السَّاتِرُ كَافٍ سَوَاءٌ كَانَ قَمِيصًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُنَّ الْقَصِيرَةُ إلَخْ) أَيْ فَيُعْطِي الْقَصِيرَةَ ثَوْبًا قَدْرهَا فَقَطْ أَيْ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا يَسْتُرُهَا فَإِنَّ تِلْكَ هِيَ كِسْوَتُهَا (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ الْفَقِيرِ فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الِالْتِحَافَ بِرِدَاءٍ مَثَلًا يَدْفَعُ لَهُ رِدَاءً فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثَوْبٌ وَدِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْغَالِبُ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَسَاهُمْ مِنْ غَيْرِ وَسَطِ أَهْلِهِ) فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَوْ كَانَتْ الْكِسْوَةُ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ أَيْ أَهْلِ الْمُكَفِّرِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ وَالْمُرَاعَى فِيهَا الْفَقِيرُ فِي نَفْسِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
(قَوْلُهُ أَيْ فَيُعْطَى الرَّضِيعُ كِسْوَةَ كَبِيرٍ)
مَا ذُكِرَ إنْ أَكَلَ الْوَلَدُ الطَّعَامَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِلْكِسْوَةِ وَلِبَعْضِ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الشِّبَعُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الرَّضِيعِ شَرْعًا إذْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الشَّرْعِ فِيمَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالطَّعَامِ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ الصَّغِيرُ الشَّامِلُ لِمَنْ يَسْتَغْنِي بِالطَّعَامِ فَهُوَ كَالْكَبِيرِ فِي الشِّبَعِ حَيْثُ اسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَكِنْ إذَا سَاوَى أَكْلُهُ الْكَبِيرَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التُّونُسِيِّ لَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي عِمْرَانَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ.
(ص) أَوْ عَتَقَ رَقَبَةً كَالظِّهَارِ (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ الَّتِي يُعْتِقُهَا عَنْ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ الرَّقَبَةِ الَّتِي تُعْتَقُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِيمَا يَجِبُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَفِيمَا يُمْنَعُ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي بَابِ الظِّهَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا جَنِينَ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ مُؤْمِنَةً وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ سَلِيمَةٌ عَنْ قَطْعِ إصْبَعٍ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَبَكَمٍ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنٍ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلَجٍ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ مُحَرِّرَةٌ لَهُ لَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ يَمِينِي تَأْوِيلَانِ إلَى أَنْ قَالَ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ ثُمَّ إنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا حَنِثَ الْعَبْدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَكَسَا أَوْ أَطْعَمَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَهُ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَإِنَّمَا وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَصَوْمُهُ وَفِعْلُهُ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ كَالْحُرِّ.
(ص) ثُمَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (ش) أَتَى بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُخَيِّرَةٌ مُرَتَّبَةٌ فَالْمُكَلَّفُ مُخَيَّرٌ كَمَا مَرَّ فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ يُخْرِجُ أَيَّهَا شَاءَ فَإِنْ عَجَزَ وَقْتَ التَّكْفِيرِ عَنْهَا كُلِّهَا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَتَابُعُ الثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ.
(ص) وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ جِنْسَيْنِ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْآحَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ وَيَصِحُّ فِي قَوْلِهِ مُلَفَّقَةٌ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الرَّاجِعِ لِلْكَفَّارَةِ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ أَيْ وَلَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ الْمُلَفَّقَةُ وَقَوْلُهُ وَمُكَرَّرًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَيْهَا وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الرَّاجِعِ لِلْكَفَّارَةِ وَصَحَّ ذَلِكَ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ وَهُوَ الْحَالُ تَأَمَّلْ.
(ص) وَمُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدٌّ فَالْعَدَدُ مُعْتَبَرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَلَوْ أَعْطَى طَعَامَ الْعَشَرَةِ لِخَمْسَةِ مَسَاكِينَ بِأَنْ دَفَعَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ أَوْ كَسَا خَمْسَةَ مَسَاكِينَ كِسْوَةَ الْعَشَرَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُكْمِلْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي لِلْمُؤَلِّفِ (ص) وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ وَسَطٍ فِي الطُّولِ فِي الْكِسْوَةِ لَهُ كَالْكَبِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الطَّعَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَسْتَغْنِي مَعَهُ بِالطَّعَامِ جَازَ إعْطَاؤُهُ قَطْعًا وَاَلَّذِي لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ قَطْعًا وَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَسْتَغْنِي بِالطَّعَامِ فِيهِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الْإِعْطَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَى الْإِعْطَاءِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ مَا يَدْفَعُ لِلْكَبِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ) أَيْ كَلَامُ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْأَكْلِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ.
(قَوْلُهُ وَفَلَجٍ) أَيْ يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَيُبْسُ الشِّقِّ لَيْسَ شَرْطًا (قَوْلُهُ ثُمَّ صَوْمٍ) أَيْ إذَا عَجَزَ حِينَ الْإِخْرَاجِ لَا حِينَ الْحِنْثِ وَلَا حِينَ الْيَمِينِ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَنْوَاعٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ.
(قَوْلُهُ فَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ جِنْسَيْنِ) وَأَمَّا مِنْ نَوْعَيْ جِنْسٍ فَتُجْزِئُ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ أَمْدَادًا وَلِبَعْضِهِمْ أَرْطَالًا أَوْ دَفَعَ لِكُلٍّ نِصْفَ مُدٍّ وَرِطْلًا أَوْ نِصْفَهُ وَغَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَتُجْزِئُ وَمَحِلُّ هَذَا كُلِّهِ إذَا كَانَتْ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُخْرِجُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ مَثَلًا فَأَطْعَمَ عَشَرَةً وَكَسَا عَشَرَةً وَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَقَصَدَ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهَا عَنْ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَ سَوَاءٌ عَيَّنَ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةً أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ أَنْ يُشْرِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْعِتْقَ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا تُجْزِئُ الْمُلَفَّقَةُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُلَفَّقَةٌ فَلَا يُنَافِي التَّكْمِيلَ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ التَّكْمِيلُ كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَا الْعِتْقِ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَجْزَأَتْ مِنْ حَيْثُ اتِّحَادُ النَّوْعِ لَا مِنْ حَيْثُ التَّلْفِيقُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّلْفِيقِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِتْقِ فَمُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَثَلًا ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَأَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ وَكَسَا عَشَرَةً فَإِنْ شَرَّكَ بِأَنْ نَوَى الْعِتْقَ عَنْ الثَّلَاثِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ الْعِتْقِ لِعَدَمِ تَبْعِيضِهِ إذْ مَآلُ أَمْرِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ ثُلُثَ رَقَبَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الْإِجْزَاءُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْآحَادِ) أَيْ الْجُزْئِيَّاتِ لَا يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْجُزْئِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ الْمُلَفَّقَةُ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ كَفَّارَةٌ مُلَفَّقَةٌ (قَوْلُهُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مُلَفَّقَةٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا مُلَفَّقَةً وَلَا فِي حَالِ كَوْنِهَا مُكَرَّرًا لِمِسْكِينٍ أَيْ أَمْرًا مُكَرَّرًا لِمِسْكِينٍ.
(قَوْلُهُ وَبِالرَّفْعِ إلَخْ) أَيْ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ مُكَرَّرٌ مُذَكَّرٌ فَلَا يُسْنَدُ لَهُ تُجْزِئُ بِالتَّاءِ وَهَذَا وَجْهُ قَوْلِهِ تَأَمَّلْ
قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا دَفَعَ الْعَشَرَةَ أَمْدَادٍ الَّتِي هِيَ كَفَّارَةٌ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ نِصْفُ مُدٍّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْعَدَدَ مُعْتَبَرٌ كَمَا مَرَّ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ أَيْ كَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ مَثَلًا وَقَوْلُهُ لِكُلٍّ نِصْفٌ أَيْ جُزْءٌ (ص) إلَّا أَنْ يَكْمُلَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا أَنْ يَكْمُلَ الْعَدَدُ فِي الْأُولَى وَالْقَدْرُ فِي الثَّانِيَةِ وَهَلْ مَحَلُّ إجْزَاءِ التَّكْمِيلِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بَقِيَ بِيَدِ كُلِّ مِسْكِينٍ مَا أَخَذَ لِيُكْمِلَ لَهُ بَقِيَّةَ الْقَدْرِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُ تَفْرِقَةُ الْمُدِّ فِي أَوْقَاتٍ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ خَالِدٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ يُجْزِئُ التَّكْمِيلُ وَلَوْ بَعْدَ ذَهَابِ مَا أُخِذَ أَوَّلًا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ فَهْمُ الْقَاضِي عِيَاضٍ تَأْوِيلَانِ.
(ص) وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَيَّنَ الْقُرْعَةَ (ش) أَيْ وَلِلْمُكَفِّرِ فِي مَسْأَلَتَيْ التَّكْرِيرِ وَالنَّقْصِ نَزْعُ الْمُدِّ وَالثَّوْبِ الْمُكَرَّرِ فِي الْأُولَى وَالْجُزْءِ فِي الثَّانِيَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِ الْمِسْكِينِ لَمْ يُتْلِفْهُ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ لَفْظُ النَّزْعِ وَكَانَ وَقْتَ الدَّفْعِ لَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَلَكِنْ يَنْزِعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ بِالْقُرْعَةِ لَا بِالتَّخْيِيرِ إذْ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ.
وَلَمَّا ذَكَرَ عَدَمَ إجْزَاءِ الْمُكَرَّرِ لِمِسْكِينٍ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ عُمُومُهُ لِلْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا دَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ.
(ص) وَجَازَ لِثَانِيَةٍ إنْ أَخْرَجَ وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ (ش) أَيْ وَجَازَ إعْطَاءُ أَمْدَادِ كَفَّارَةٍ ثَانِيَةٍ لِمَسَاكِينِ الْكَفَّارَةِ الْأُولًى إنْ أَخْرَجَ الْأُولَى قَبْلَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَخْرَجَ الْأُولَى بَعْدَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ فَيُكْرَهُ دَفْعُ الثَّانِيَةِ لِمَسَاكِينِ الْأُولَى مَعَ الْإِجْزَاءِ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ وَلَوْ صَحَّتْ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ وَخَلَصَتْ كُلٌّ مِنْ الْأُخْرَى بِأَنْ يَنْوِيَ بِعَشَرَةِ أَمْدَادٍ مُعَيَّنَةٍ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا لَجَازَ وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَ مُوجِبُ الْيَمِينِ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ وَظِهَارٍ أَوْ اتَّفَقَ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ وَفِي قَوْلِهِ وَالْإِكْرَاهُ وَوُجُوبُ الظِّهَارِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ.
(ص) وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ (ش) أَيْ وَأَجْزَأَتْ الْكَفَّارَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْحَلِفِ فِي يَمِينِ الْبَرِّ وَالْحِنْثِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَلَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَهَلْ مَحَلُّ. . . إلَخْ) أَيْ فَهُوَ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِلْمُلَفَّقَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ فَهْمُ الْقَاضِي عِيَاضٍ) قَائِلًا تَأَمَّلْ تَفْرِقَتَهُ فِي الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ فَإِنَّهُ بَيِّنٌ فِي مُرَاعَاةِ وُصُولِ الْقَدْرِ إلَى الْمِسْكِينِ وَلَوْ فِي أَوْقَاتٍ وَلَوْ بَعْدَ ذَهَابِ مَا بِيَدِهِ هَذَا ظَاهِرُهَا وَزَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَهَا شَرْطُ الْبَقَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلُ عِيَاضٍ تَأَمَّلْ إلَخْ أَنَّ الْغَدَاءَ لَا يَبْقَى مَعَهُمْ إلَى الْعَشَاءِ وَلَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَنْزِعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ بِالْقُرْعَةِ) قَالَ عج فِي شَرْحِهِ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ وَهَلْ إنْ بَقِيَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنَاقِصٌ وَقَوْلُهُ وَلَهُ نَزْعُهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ بِالْقُرْعَةِ هَذَا فِي الْمُلَفَّقَةِ وَالنَّاقِصَةِ وَلَا يَتَأَتَّى فِيمَا عَدَاهُمَا
(تَنْبِيهٌ) : دُخُولُ الْقُرْعَةِ فِي النَّاقِصَةِ مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخِذُ بَعْدَ الْعَشَرَةِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَخْذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ قِيَاسًا عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إذَا أَعْطَاهَا لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ قَوْلِهِ الْأَظْهَرُ إنْ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا بِيَدِهِ وَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ ثَانِيَةٍ أَيْ جَازَ التَّكْرِيرُ مِنْ أَمْدَادٍ ثَانِيَةٍ كَقَوْلِهِ سَمِعْت لَهُ صُرَاخًا (قَوْلُهُ إنْ أَخْرَجَ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَيْ الْحِنْثَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ قَبْلَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ) أَيْ الْحِنْثِ فِيهِمَا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْأُولَى حَالَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ وَدَخَلَهَا ثُمَّ حَلَفَ لَا يَدْفَعُ الْكَفَّارَةَ لِعَشَرَةٍ مُعَيَّنِينَ وَدَفَعَهَا لَهُمْ فَإِنَّ فِي هَذِهِ أَخْرَجَ الْأُولَى حَالَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ) أَيْ تَلْتَبِسَ نِيَّةُ الْأُولَى بِنِيَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَدْرِي هَلْ الْأَوَّلُ لِلْأُولَى أَوْ الْعَكْسُ وَهَذَا الِاخْتِلَاطُ لَا يَضُرُّ أَيْ الْتِبَاسُ كَوْنِ الْأَوَّلِ لِلْأُولَى وَالْعَكْسُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَخْرَجَ مَا عَلَيْهِ فَلِذَا حَكَمْنَا بِالْكَرَاهَةِ لَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ صَحَّتْ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ الِالْتِبَاسُ رَأْسًا فَلَا مُنَافَاةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ احْتِمَالُ الِاخْتِلَاطِ وَلَوْ فُرِضَ عَدَمُ الِاخْتِلَاطِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَلَوْ صَحَّتْ وَعِبَارَةُ شَارِحِنَا كَعِبَارَةِ بَهْرَامَ.
(تَنْبِيهٌ) : كَمَا يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ التَّخْلِيطِ بِنِيَّةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَحْصُلُ أَيْضًا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُعَيِّنَةٍ لِيَمِينٍ ك (قَوْلُهُ مُوجِبُ الْيَمِينِ) الْمُنَاسِبُ وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَ مُوجِبُ الْكَفَّارَتَيْنِ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ وَظِهَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْمُبَالَغَةُ إلَخْ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَا كَرَاهَةَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت أَنَّ بَهْرَامَ جَعَلَهُ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ وَالْإِكْرَاهُ (قَوْلُهُ وَوُجُوبُ الظِّهَارِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الْوُجُوبُ الَّذِي تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بِالْمَوْتِ مَعَهُ وَذَلِكَ بِالْعَوْدِ أَوْ الْوُجُوبُ الَّذِي لَا تَسْقُطُ مَعَهُ بِالْمَوْتِ وَذَلِكَ بِالْوَطْءِ ك (أَقُولُ) الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى شَرْطِهِ جَازَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ قَبْلَ زَهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ النِّصَابِ وَالْيَمِينُ هُنَا هُوَ السَّبَبُ وَالْحِنْثُ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ وَبَعْدَ السَّبَبِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ السَّبَبِ اتِّفَاقًا حَكَاهُ فِي الْإِكْمَالِ كَتَقَدُّمِ الْعَفْوِ عَلَى الْجُرْحِ وَتَقْدِيمُ إسْقَاطِ الشَّفِيعِ عَلَى الْبَيْعِ وَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْإِيصَاءِ ك (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ إخْرَاجُهَا بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِالصَّوْمِ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الصَّوْمِ دُونَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ: الْإِجْزَاءُ، وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ، الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى حِنْثٍ فَيَجُوزَ تَقْدِيمُهَا أَوْ عَلَى بِرٍّ فَلَا يَجُوزَ وَقَدْ عَلِمْت الرَّابِعَ
بِالصَّوْمِ قَبْلَ حِنْثِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ يَمِينِ الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُكَفِّرُهُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَجْزَأَتْ يَعْنِي الْكَفَّارَةَ أَنَّ هَذَا فِي يَمِينِ تُكَفَّرُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُكَفِّرُ كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُعْتِقَ أَوْ يَمْشِيَ قَبْلَ الْحِنْثِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ مَرَّةً أُخْرَى إذَا حَنِثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ آخِرِ طَلْقَةٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ انْتَهَى وَالصَّدَقَةُ كَالْعِتْقِ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ تَلْخِيصَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكَبِيرِ (ص) وَوَجَبَتْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْحِنْثِ اتِّفَاقًا وَالْحِنْثُ فِي يَمِينِ الْبِرِّ بِالْفِعْلِ وَفِي يَمِينِ الْحِنْثِ بِعَدَمِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ) إلَى أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ مَحِلُّهُ إذَا حَنِثَ طَائِعًا أَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ كَمَنْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ فِيهِ لِمَانِعٍ حَصَلَ أَمَّا مَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ وَأُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ الْحَمَّامَ مَثَلًا فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ أَيْ مُطْلَقٍ بِأَنْ فَاتَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي يَمِينِ الْحِنْثِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا وَلَمْ يُفَرِّطْ كَمَا يَأْتِي أَوْ فِعْلُهُ فِي الْبِرِّ الْمُطْلَقِ طَوْعًا لَا أَنَّ فِعْلَهُ مُكْرَهًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ مَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحِنْثِ بِالْإِكْرَاهِ فِي يَمِينِ غَيْرِ الْبِرِّ أَنَّ يَمِينَ الْحِنْثِ الْحِنْثُ فِيهَا بِالتَّرْكِ وَيَمِينُ الْبِرِّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْفِعْلِ وَأَسْبَابُ التَّرْكِ كَثِيرَةٌ فَضَيَّقَ فِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ يَمِينِ الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ) أَيْ هَذَا فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ الْمُطْلَقِ وَأَمَّا الْحِنْثُ الْمُؤَجَّلُ فَلَا يُكَفِّرُ يُوَافِقُهُ مَا فِي الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ إنْ كَانَ بَرَّ فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ حِنْثِهِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ وَنَصُّ التَّهْذِيبِ مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ أَوْ يُعْتِقَ أَوْ يَمْشِيَ قَبْلَ الْحِنْثِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ صِيغَةَ حِنْثٍ مُطْلَقٍ وَأَمَّا مُقَيَّدٌ فَقَدْ عَرَفْته (قَوْلُهُ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِ عَبْدِ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا آخِرُ طَلْقَةٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَمِثْلُهَا الثَّلَاثُ فَيُكَفِّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ إلَخْ.
(أَقُولُ) حَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ شَارِحِنَا أَنَّ الْيَمِينَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِطَلَاقٍ بَالِغِ الْغَايَةِ أَمْ لَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى بِرٍّ أَوْ عَلَى حِنْثٍ وَالْحِنْثُ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ فَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ مُطْلَقٍ فَتُكَفَّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ آخِرِ طَلْقَةٍ وَأَمَّا بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِطَلَاقِ غَيْرِ بَالِغِ الْغَايَةِ فَلَا تُكَفِّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ مُقَيَّدٍ فَلَا تُكَفِّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ مُطْلَقًا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا كَفَّرَتْ قَبْلَ الْحِنْثِ لَا تُجْزِئُ فَيُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ وَانْظُرْ تَلْخِيصَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَتَلْخِيصَهَا عَلَى مَا فِيهِ وَهَذَا كَلَامُ عج أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ بِالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ بِالطَّلَاقِ الْبَالِغِ غَايَتُهُ يُجْزِئُ مَا فَعَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ كَذَلِكَ أَوْ بِطَلَاقٍ لَمْ يَبْلُغْ الْغَايَةَ أَوْ بِصَوْمٍ أَوْ يَمْشِي فَإِنْ كَانَتْ يَمِينٌ أَوْ حِنْثٌ وَقَيَّدَهَا بِأَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِعْلُ شَيْءٍ فِي هَذِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا وَأَمَّا يَمِينُ الْحِنْثِ الَّتِي لَمْ يُعَيِّنْهَا بِأَجَلٍ فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ الْحِنْثُ فِيهَا يُجْزِئُهُ إلَّا يَمِينَ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْعَوْدِ وَلَوْ حَنِثَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ وَإِذَا عَمِلْت ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُ النَّقْلِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا دُونَ كَلَامِ عج.
فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُخْرِجُهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ قَبْلَ حِنْثِهِ إذْ إخْرَاجُهَا لَهُ فِيهِ عَزْمُ الضِّدِّ وَهُوَ يَحْصُلُ بِهِ الْحِنْثُ قُلْت يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مَعَ التَّرَدُّدِ فِي عَزْمِهِ عَلَى الضِّدِّ ثُمَّ يَجْزِمُ بِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ قَالَهُ عج وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إجْزَائِهِ عَنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ وَصُورَةُ الطَّلَاقِ الْبَالِغِ الْغَايَةَ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مُتَمِّمُهَا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ شَرْعِيٍّ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِطْلَاقُ التَّكْفِيرِ عَلَيْهَا مَجَازٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْعِصْمَةِ الْجَدِيدَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ ثُمَّ عَادَتْ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنَّهَا تَعُودُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَلَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَإِنْ دَخَلَهَا حَنِثَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ) أَيْ أَوْ حَنِثَ مُكْرَهًا وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ (قَوْلُهُ وَأُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عَاقِلٍ كَدَابَّةٍ جَمَعَتْ بِرَاكِبِهَا حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الدَّارَ الْمَحْلُوفَ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهَا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى رَدِّهَا وَلَا عَلَى النُّزُولِ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا أَوْ عَادِيًّا أَيْ بِسِتَّةِ قُيُودٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْفِعْلِ وَأَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا وَأَنْ لَا يَكُونَ يَمِينُهُ لَا فِعْلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ ثَانِيًا طَائِعًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَلِفُ عَلَى شَخْصٍ هُوَ الْمُكْرَهُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ مُطْلَق) وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبِرُّ مُقَيَّدًا كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَبِرُّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِكْرَاهِ بَلْ يَحْصُلُ حَتَّى بِفَوَاتِ الزَّمَنِ قَالَهُ مُؤَلِّفُهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ) قَيَّدَ فِي الْمَفْهُومِ الَّذِي هُوَ إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا أَيْ أَنْ صِيغَةَ الْحِنْثِ لَا يَحْنَثُ فِيهَا بِالْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ وَأَمَّا إذَا فَرَّطَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَتَقَدَّمَ تَمْثِيلُ الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْته حَالًا مِنْ الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ الْمَنْفِيِّ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا الْمُقَيَّدُ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ فَيَصْدُقُ الْمَنْطُوقُ بِصُورَةٍ أَيْضًا وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا وَفَرَّطَ.
(قَوْلُهُ فَضَيَّقَ فِيهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ حَلَفَ وَتَجَرَّأَ عَلَى شَيْءٍ أَسْبَابُ تَرْكِهِ كَثِيرَةٌ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى التَّشْدِيدِ عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ شَدَّدَ عَلَيْهِ
وَأَسْبَابُ الْفِعْلِ قَلِيلَةٌ ضَعِيفَةٌ فَوَسَّعَ فِيهِ تَأَمَّلْ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ مُخْتَصَّةً بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ الْتِزَامَاتٌ لَا أَيْمَانٌ شَرْعِيَّةٌ.
وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ اسْتِثْنَاءٍ وَلَغْوٍ وَغَمُوسٍ وَكَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الِالْتِزَامَاتِ فَقَالَ (ص) وَفِي عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ بَتَّ مَنْ يَمْلِكُهُ وَعَتَقَهُ وَصَدَّقَهُ بِثُلُثِهِ وَمَشَى بِحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا مَثَلًا فَكَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْبَتِّ وَأَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ يَمْلِكُهُمْ حِينَ الْيَمِينِ لَا يَوْمَ الْحِنْثِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَأَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فِي حَجٍّ لَا فِي عُمْرَةٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ عُمْرَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا صَوْمٍ سَنَةً (ص) وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي صَوْمُ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُهُ أَوْ كُلُّ الْأَيْمَانِ أَوْ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ أَوْ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَفَعَلَهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَتَرَكَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ سَنَةً كَامِلَةً وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ اُعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ) إلَى أَنَّ صَوْمَ الْعَامِ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْحَلِفِ بِهِ أَيْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِ الْحَالِفِ أَنْ يَحْلِفُوا بِذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةِ الْحَالِفِ وَحْدَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَيَنْبَغِي فِي غَيْرِ الصَّوْمِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْعَادَةِ اهـ وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَيْضًا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَشَهْرَيْ الظِّهَارِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَفِي لُزُومِ صَوْمِ شَهْرَيْنِ كَشَهْرَيْ الظِّهَارِ لَوْ كَانَ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَظَاهَرَ مِنْهَا فِي كَوْنِهِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي وَلَمْ يَقُلْ وَلَا نِيَّةَ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ وَخَصَّصْت نِيَّةَ الْحَالِفِ.
(ص) وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ لِبَاسٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَفْرَدَ أَوْ جَمَعَ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَالْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ قَالَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَرِّمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الزَّوْجَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ إذَا حَرَّمَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا هُوَ طَلَاقُهَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رَأْيٌ ثَالِثٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْقَسِمُ عَلَى رَأْيٍ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَعَلَى رَأْيٍ قِسْمَيْنِ وَهُنَا أَفَادَ أَنَّ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قِسْمٌ وَاحِدٌ
(قَوْلُهُ وَفِي عَلَيَّ إلَخْ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ أَشَدَّ أَنَّ مَا كَانَ أَخَفَّ لَا يَلْزَمُ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ جَرَى بِهِ كَمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِالْمَشْيِ فِي عُمْرَةٍ وَبِالْحَلِفِ بِمَا يَلْزَمُهُ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا مَفْهُومَ لِأَشَدَّ بَلْ مِثْلُهُ أَشَقَّ وَأَعْظَمَ كَذَا يَنْبَغِي وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا وَتَصِيرُ مُحَاشَاةً.
وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِيمَا ذُكِرَ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ نُقِضَ وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ يَمِينِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الدُّيُونِ وَمَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ حِينَ الْيَمِينِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ كَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ وَيَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَبِمَدْلُولِ اللَّفْظِ إذْ لَمْ يَفْصِلْ فِي ذَلِكَ إذْ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ فِي مُوجِبِ الْحِنْثِ كَالْعِلْمِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَلَيَّ إلَخْ حُكْمُ هَذَا حُكْمُ مَنْ حَلَفَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ أَكَانَ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ أَلْبَتَّةَ وَأَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فِي حَجٍّ وَأَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ) أَيْ الَّتِي يَمْلِكُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا أَوْ يَمْلِكُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَوْمَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ) وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ فِي رِبْحِ تِجَارَتِهِ الْغَائِبَةِ عَنْهُ هَلْ حَصَلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَيُنْفِقُ ثُلُثَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِشَيْءٍ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا وَلَا عِتْقًا وَلَا غَيْرَهُ قُبِلَ.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْحَلِفِ بِهِ) أَيْ بِصَوْمِ الْعَامِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي حَلِفِهِ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ فَالِاعْتِبَارُ فِي الْحَلِفِ بِالْمَاصَدَقَاتِ لَا بِقَوْلِهِ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي أَوْ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ خِلَافًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةِ الْحَالِفِ) فَحِينَئِذٍ كَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا اعْتَادَهُ الْحَالِفُ وَأَهْلُ بَلَدِهِ أَوْ هُمْ دُونَهُ سَوَاءٌ اعْتَادَ خِلَافَهُمْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِ عَادَةٌ وَلَا عَادَةَ لَهُمْ بِالْحَلِفِ بِهِ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَهُمْ عَادَةٌ بِالْحَلِفِ بِهِ وَجَعَلَ عج أَنَّ الْأَوْلَى مِنْ هَذَيْنِ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الْحَلِفَ بِهِ اعْتَادَ الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُ أَصْلًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِيهَا اللُّزُومُ فَإِذَا لَمْ يَعْتَدْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَلَا الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ فَلَا لُزُومَ فَإِذَا اعْتَادَ الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ فَقَطْ أَيْ وَأَهْلُ الْبَلَدِ لَمْ يَعْتَادُوا ذَلِكَ فَفِيهَا اللُّزُومُ عِنْدَ عج وَتَبِعَهُ عب دُونَ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا فَهَذِهِ صُوَرٌ خَمْسٌ بِالِاخْتِصَارِ وَبِالْبَسْطِ تِسْعَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْحَلِفَ بِصَوْمِ الْعَامِ أَوْ بِغَيْرِ صَوْمِ الْعَامِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُمْ أَصْلًا بِشَيْءٍ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ وَتُعْلَمُ أَحْكَامُهَا مِمَّا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالْعَادَةِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ إلَّا إذَا جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ بِحَجٍّ إلَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ) وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ عَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَشْيَاخِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ذَلِكَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ.
فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَلَا يَنْوِي فَقَوْلُهُ وَالْأَمَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهِيَ مَجْرُورَةٌ فَيَكُونُ فِي الْأَمَةِ لَغْوًا أَيْضًا فَالْعَامِلُ فِي الْأَمَةِ فِي وَالتَّقْدِيرُ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَغْوٌ وَفِي الْأَمَةِ لَغْوٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَحْرِيمِ الْأَمَةِ عِتْقَهَا وَإِنَّمَا كَفَّرَ عليه الصلاة والسلام فِي تَحْرِيمِهِ أُمَّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَقْرَبُهَا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْأَمَةِ لِلرَّدِّ عَلَى مَا يَقُولُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَعَلَى مَنْ يَقُولُ تَعْتِقُ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَمَةِ بَلْ مَا عَدَا الزَّوْجَةِ كَذَلِكَ.
(ص) وَتَكَرَّرَتْ إنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ مَثَلًا أَنْ لَا يُكَلِّمَ زَيْدًا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا كَلَّمَهُ لَزِمَهُ الْحِنْثُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كُلَّمَا كَلَّمَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا جَامَعْت زَوْجَتِي وَنِيَّتُهُ التَّكْرَارُ يُرِيدُ وَالْيَمِينُ وَاحِدَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ فَإِنَّهُ كَرَّرَ الْقَسَمَ وَنَوَى بِكُلِّ لَفْظَةٍ كَفَّارَةً فَقَوْلُهُ وَتَكَرَّرَتْ أَيْ الْكَفَّارَةُ إنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ بِتَكَرُّرِ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَالْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ بِكَسْرِ الْحَاءِ نَقْضُهَا وَالنَّكْثُ (ص) أَوْ كَانَ الْعُرْفَ كَعَدَمِ تَرْكِ الْوِتْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُرْفَ إذَا كَانَ جَارِيًا بِتَكْرَارِ الْحِنْثِ فِي صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِ الْأَيْمَانِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ الْحِنْثُ عَلَى الْحَالِفِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَصَدَ تَكْرَارَ الْحِنْثِ بِهَا لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتْرُكُ الْوِتْرَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ بِتَكَرُّرِ تَرْكِ الْوِتْرِ لِجَرْيِ الْعُرْفِ بِالتَّكْرَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا تَرَكْت الْوِتْرَ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ فَضَمِيرُ كَانَ لِلتَّكْرَارِ الْمَفْهُومُ مِنْ تَكَرَّرَتْ وَمِثْلُ الْوِتْرِ كُلُّ عِبَادَةٍ لَهَا وَقْتٌ تُفْعَلُ فِيهِ لَا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَهُوَ دَائِمٌ.
(ص) أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَقَصَدَ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ كَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَنَوَى إنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ الْمُقْسَمِ بِهِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ أَمَّا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ دُونَ الْكَفَّارَاتِ لَمْ تَتَعَدَّدْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي.
(ص) أَوْ قَالَ لَا وَلَا (ش) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَا بَاعَ سِلْعَتَهُ هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ آخَرُ وَأَنَا فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ وَلَا أَنْتِ فَبَاعَهَا مِنْهُمَا جَمِيعًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَفِي الطَّلَاقِ طَلْقَتَانِ وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ فَبَاعَهَا مِنْ الثَّانِي فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ بَاعَهَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ فَبَاعَهَا أَيْضًا مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْمَحْلُوفُ بِهِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْمُؤَلِّفِ تَعَدَّدَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَلِذَلِكَ كَانَا يَمِينَيْنِ.
(ص) أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَوْ أَنْ يَفْعَلَهُ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَذِهِ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ لِحِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ وَالْأُخْرَى لِحَلِفِهِ عَلَى أَنْ لَا يَحْنَثَ وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ الْحِنْثُ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْأُولَى لَمْ تُحْمَلْ عَلَى التَّأْكِيدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ.
(ص) أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ (ش) الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ أَيْ أَوْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الشَّرْطِ أَعْنِي قَصَدَ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَحْنَثَ لِكَوْنِهِ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ فَفِيهِ شَيْءٌ لِعَدَمِ تَنَاسُبِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْلُوفٌ بِهِ وَكَذَا عَطْفُهُ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ حَلِفٍ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ كَوْنَ الْحَلِفِ بِالْقُرْآنِ وَمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى ذَلِكَ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ وَفَعَلَهُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَلَعَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ جَمِيعَ أَسْمَاءِ اللَّهِ مَدْلُولُهَا وَاحِدٌ بَلْ لَوْ قَالَ وَالْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ وَالْكِتَابِ وَقَصَدَ التَّأْسِيسَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ (ص) أَوْ دَلَّ لَفْظُهُ بِجَمْعٍ أَوْ بِكُلَّمَا أَوْ مَهْمَا (ش) أَيْ أَوْ دَلَّ لَفْظُ الْحَالِفِ عَلَى التَّكْرَارِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِكَوْنِهِ جَمْعًا كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَيْمَانٌ أَوْ عُهُودٌ أَوْ كَفَّارَاتٌ أَوْ مُتَلَبِّسًا بِكَوْنِهِ بِكُلَّمَا أَوْ مَهْمَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ) أَيْ بِالتَّكْرَارِ (قَوْلُهُ وَالنَّكْثُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالنَّقْضُ (قَوْلُهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ) فَرْضُ مِثَالٍ.
(قَوْلُهُ صُورَتُهَا أَنَّهُ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ إلَخْ) بَلْ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الْيَمِينَ وَقَدْ نَوَى بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٍ فَيَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا نَوَى (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ) وَسَكَتَ عَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
(قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ إلَخْ) الْأَحْسَنِيَّةُ ظَاهِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَحْنَثَ فَإِنَّ الْعَطْفَ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ أَحْسَنَ لِعَدَمِ تَنَاسُبِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَكَذَا عَطْفُهُ إلَخْ فَلَا تَظْهَرُ الْأَحْسَنِيَّةُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ التَّعَيُّنَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ) أَيْ بَلْ قَصَدَ التَّأْسِيسَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جَمِيعَ أَسْمَاءِ اللَّهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مَدْلُولُهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الذَّاتُ الْقَدِيمَةُ ظَاهِرُهُ فِي مِثْلِ الْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَلَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ قَالَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا الْإِضْرَابُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّأْسِيسِ لِقَوْلِهِ وَلَعَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ أَوْ عُهُودٍ) أَيْ جَمْعُ عَهْدٍ بِمَعْنَى يَمِينٍ
فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ يَمِينٌ فَفِي الْأَوَّلِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ مَرَّةً فَعَلَيْهِ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ وَهُنَا لَا تَتَعَدَّدُ إلَّا بِتَعَدُّدِهِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ فَعْلَةٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
(ص) لَا مَتَى مَا (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ الْحَالِفُ مَتَى مَا كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ أَوْ إذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ بَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَكْرَارَ الْحِنْثِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مِنْ أَنَّ مَتَى مَا لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا أَشَارَ لَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ أَوْ كُلَّمَا حِضْت أَوْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً.
(ص) وَوَاللَّهِ ثُمَّ وَاَللَّهِ وَإِنْ قَصَدَهُ (ش) أَيْ وَلَا إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ قَالَ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ مَرَّاتٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ بَلْ قَصَدَ التَّكْرِيرَ وَالْإِنْشَاءَ أَيْ إنْشَاءَ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ مَا لَمْ يَنْوِ تَكْرَارَ الْحِنْثِ أَوْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَجْمُوعِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ حَيْثُ قَالَ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى اتَّحَدَتْ مِثْلُ وَاَللَّهِ وَالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى تَكَرَّرَتْ مِثْلُ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَهُ أَيْ وَإِنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ اللَّفْظِ وَهُوَ تَكْرِيرُ الْيَمِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ وَمِثْلُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الظِّهَارُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ هُنَا وَفِي الظِّهَارِ أَوَّلًا هُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ آخِرًا وَفِي الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ وَاحِدًا فَمَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ وَالثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا وَالثَّالِثُ يُبِينُهَا مِنْ الْعِصْمَةِ.
(ص) أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً عِنْدَ سَحْنُونَ وَابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ.
(ص) وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ غَدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الثَّانِيَةَ إذَا كَانَتْ جُزْءَ الْأُولَى فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَّحِدُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَكَلَّمَهُ غَدًا كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى غَدٍ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ جُزْءَ الْأُولَى فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَاتٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَقَطْ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حَدِّ الْيَمِينِ وَصِيغَتِهَا الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ مِنْهَا وَأَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَتَكْرَارِهَا وَاتِّحَادِهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مُقْتَضِيَاتِ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أُمُورٍ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ وَالْمَقْصِدُ اللُّغَوِيُّ وَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ وَبَدَأَ بِالنِّيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ) وَلَوْ نَوَى بِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّ الْجَمْعَ نَصٌّ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ.
(قَوْلُهُ لَا مَتَى مَا) اقْتَرَنَتْ بِمَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ مَتَى مَا إنْ قَصَدَ بِهَا مَعْنَى كُلَّمَا فَتَتَكَرَّرُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْرَارَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقْتَرِنْ فَلَا تَتَكَرَّرُ إلَّا إذَا نَوَى التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ أَوْ مَتَى مَا حِضْت) أَوْ طَلَّقْتُك.
(قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ مَرَّاتٍ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَالْإِنْشَاءَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ بَلْ قَصَدَ إلَخْ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَاصِلُهُ أَمْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا أَوْ تَعَدُّدُ كَفَّارَاتٍ لَزِمَهُ اتِّفَاقًا أَوْ الْإِنْشَاءُ بِلَا قَصْدِ كَفَّارَاتٍ فَالْمَشْهُورُ كَفَّارَةٌ وَلَوْ فِي مَجْلِسَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَسْمَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنْ تَقُولَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ فَقَطْ أَوْ الصِّفَاتِ فَقَطْ أَوْ الْمَجْمُوعِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ الذَّاتَ الْعَلِيَّةَ وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ بِاعْتِبَارٍ بِالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرِيرُ الْيَمِينِ) أَيْ إنْشَاءُ الْيَمِينِ لَا التَّأْكِيدُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ) أَيْ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ أَيْ حَتَّى يَنْوِيَ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ) أَيْ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ فَمَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ) هَذَا الْفَرْقُ نَفْسُ التَّصْوِيرِ لِأَنَّ كَوْنَ الثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا لِكَوْنِهِ كَانَ تَأْسِيسًا وَأَمَّا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ فَلَا يَزِيدُهَا ضِيقًا.
(قَوْلُهُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) اُنْظُرْهُ فَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَعَلَّهُ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ.
(قَوْلُهُ وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَكَفَّارَتَانِ إنْ كَلَّمَهُ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أُمُورٍ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِغَيْرِهَا النِّيَّةَ الْمُعَمِّمَةَ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَتَبْته وَجَدْت النَّقْلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُخَصَّصَ وَالْمُقَيَّدَ سِتَّةٌ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ وَالْعُرْفُ الْفِعْلِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ تِلْكَ تَقْتَضِي الْحِنْثَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ مَثَلًا لَا آكُلُ سَمْنًا مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ أَيِّ سَمْنٍ فَإِذَا نَوَى خُصُوصَ سَمْنِ الضَّأْنِ فَتِلْكَ النِّيَّةُ اقْتَضَتْ الْحِنْثَ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ
فَقَالَ (ص) وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ فِي اللَّهِ وَغَيْرِهَا كَطَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ وَتُخَصِّصُ اللَّفْظَ الْعَامَّ حَيْثُ كَانَتْ النِّيَّةُ مُنَافِيَةً أَيْ مُخَالِفَةً بِنَقْصِ حَالِ كَوْنِ قَصْدِ مُخَالَفَتِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَيْ يُمْكِنُ إرَادَتُهُ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ بِالسُّوءِ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَتْ بِزِيَادَةٍ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ كَالْحَالِفِ لَا أَشْرَبُ لِفُلَانٍ مَاءً أَوْ لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ امْرَأَتِهِ بِقَصْدِ قَطْعِ الْمَنِّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْهُمَا وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَهِيَ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُبَيِّنَةُ لِإِجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَصَوَّرَهَا ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا حَلَفَ إنْ كَلَّمْته فَأَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ أَوْ فَعَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ تُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ وَقَالَ أَرَدْت فُلَانًا أَوْ بِنْتَ فُلَانٍ وَلَا فَرْقَ فِي تَخْصِيصِ النِّيَّةِ لِلَّفْظِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ قَالُوا وَمِنْ قَوْلِهِ وَسَاوَتْ وَاوُ الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ نَافَتْ أَيْ خَصَّصَتْ النِّيَّةُ الْمُنَافِيَةُ أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ إلَخْ) أَيْ قَصَرَتْ الْعَامَّ فَالْمَفْعُولُ لِخَصَّصَتْ مَحْذُوفٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَتْ أَيْ الْمُطْلَقَ فَمَفْعُولُ قَيَّدَتْ مَحْذُوفٌ وَخَرَجَ بِهِ أَسْمَاءُ الْعَدَدِ كُلِّهِ عَلَى عَشَرَةٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت تِسْعَةً وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً مَثَلًا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُمْتَنَعُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ مَعْنَاهَا فَإِذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ أَرَدْت بِزَيْدٍ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْفَاعِلِ عَلَى أَثَرِهِ لَمْ تُقْبَلْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِمَا تَخْصِيصُ كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُخَصَّصَ لَيْسَ مَجَازًا.
وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَجَازٌ (قَوْلُهُ إنْ نَافَتْ) أَصْلُهُ نَافَيَتْ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَيْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ التَّخْصِيصِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حِلُّهُ وَأَمَّا الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ فَسَيَأْتِي آخِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَيْ فَهِيَ لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَا بِنَقْصٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ أَيْ مُضَادَّةٌ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِنَقْصٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ سَمْنًا وَيَنْوِي أَكْلَ سَمْنِ الْبَقَرِ فَهَذِهِ نِيَّةٌ مُضَادَّةٌ مُلْتَبِسَةٌ بِنَقْصٍ أَيْ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ رُجُوعُهُ أَيْ سَاوَتْ لِقَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ أَيْ وَيُمَثَّلُ بِقَوْلِهِ كَلَا أَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْعَامِّ مَعَ الْمُنَافَاةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُسَاوَاةً بَلْ قَرِيبٌ مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَلِذَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ يُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ الْمُوَافِقِ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ إنْ نَافَتْ قَيْدٌ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ وَسَاوَتْ قَيْدٌ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ بِاللَّفْظِ الصَّادِرَ مِنْهُ مَا نَوَاهُ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ قَالَ مُحَشِّي تت وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَعْيِينِ أَحَدِ مَحَامِلِ الْمُشْتَرَكِ وَقَالَ عَجَم ثُمَّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَحْتَمِلَ اللَّفْظُ مَا نَوَاهُ الْحَالِفُ وَغَيْرُهُ عَلَى السَّوَاءِ لُغَةً وَعُرْفًا فَلَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ لُغَةً وَكَانَ احْتِمَالُهُ فِي الْعُرْفِ لِلْمَعْنَى الْمَنْوِيِّ مَرْجُوحًا كَانَتْ النِّيَّةُ كَالْمُخَالَفَةِ قَرِيبَةً فَيُقْبَلُ إلَّا فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أَمَتَهُ وَنَوَى بِرِجْلِهِ فَإِنْ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي هَذَا مَرْجُوحٌ عُرْفًا وَالرَّاجِحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِمَاعِ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِمَا لُغَةً عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ أَطْرَافِ الْكَلَامِ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ تَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَمَعَ وُجُودِهَا تَنْفَعُ النِّيَّةُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَعِنْدَ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَمَعَ عَدَمِهَا فَمَعَ الْقُرْبِ تَنْفَعُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ لَا فِيهِمَا عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَتْ بِزِيَادَةٍ) أَيْ فِي الِاعْتِبَارِ لَا فِي التَّخْصِيصِ وَالْإِطْلَاقِ الْمُحْدَثِ عَنْهُمَا وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لَا بِنَقْصٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَهِيَ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُبَيِّنَةُ لِإِجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ وَبَيَّنَتْ إجْمَالَ الْمُشْتَرَكِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ مَا يَشْمَلُ تَبْيِينَ إجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَقَوْلُهُ وَصُوَرُهُ إلَخْ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ كَانَتْ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِنَقْصٍ تَكُونُ مُقَيِّدَةً لِلْمُطْلَقِ وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَيِّدَةَ لِلْمُطْلَقِ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ بَلْ مُوَافِقَةً وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ أَيْ النِّيَّةُ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ لَا تَكُونُ أَبَدًا مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ بَلْ مُوَافِقَةً (قَوْلُهُ قَالُوا وَإِلَخْ) أَقُولُ حَيْثُ عَلِمْت أَنَّ إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِتَخْصِيصِ الْعَامِّ وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ لِلْحَالِ يُعْلِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ قَاصِرًا عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ فَلَا يَجْرِي فِي الْمُطْلَقِ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْمُنَافَاةِ هُوَ مَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَقَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ مَعَ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ وَذَخِيرَتِهِ حَيْثُ قَالَ الْحَالِفُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ إنْ أَرَادَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ لَا يُلْتَفَتُ لِنِيَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ عُمُومُ لَفْظِهِ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَ غَيْرِهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ قَالَ مُحَشِّي تت وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي تَوْضِيحِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهُ يَقْصِدُ فَرْدًا مِنْ الْعَامِّ كَأَنْ يَحْلِفَ بِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا وَيَنْوِي بِذَلِكَ سَمْنَ الضَّأْنِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ إخْرَاجَ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَا نَوَى وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَرَّضَ عِنْدَ نِيَّةِ مَا نَوَى مِنْ الْأَفْرَادِ إلَى إخْرَاجِ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ نِيَّةَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ تَسْتَلْزِمُ إخْرَاجَ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لِإِخْرَاجِهِ فَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ نَافَتْ عَلَى هَذَا بِمَعْنَى خَالَفَتْ وَلَيْسَ
لِمُخَالَفَةٍ بِنَقْصِ حَالِ كَوْنِ قَصْدِ مُخَالَفَتِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا مَرَّ وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.
(ص) كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا وَإِنْ فَعَلَتْ فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا وَيَتَزَوَّجُ بَعْدَهَا وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ بِحَيَاتِهَا مَا دَامَتْ تَحْتَهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَالْكَافُ تَمْثِيلِيَّةٌ لِلنِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ الْمُسَاوِيَةِ فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ مُسَاوِيَةٌ فِي احْتِمَالِهِ لَهَا وَعَدَمِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَحْلُوفُ لَهَا زَوْجَةً لَهُ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْت مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ أَنْ طَلُقَتْ وَقَبْلَ أَنْ تَمُوتَ وَقَالَ أَرَدْت مَا عَاشَتْ وَكَانَتْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَنْوِ فِي ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَا عَاشَتْ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ انْتَهَى أَيْ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ الَّتِي لَمْ يُوَافِقْهَا الْعُرْفُ.
(ص) كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا أَوْ لَا أُكَلِّمُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ إذَا خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَوَافَقَتْ الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ الْقَرِيبَ مِنْ الْمُتَسَاوِي فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُسَاوِيَةِ الَّتِي تُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ مَعَ مُرَافَعَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَمَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ سَمْنًا وَقَالَ نَوَيْت سَمْنَ ضَأْنٍ أَوْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ فِي جَارِيَةٍ لَهُ إنْ كَانَ وَطِئَهَا وَهُوَ يُرِيدُ بِقَدَمِهِ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا مَثَلًا فَقَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ أَيْ كَنِيَّةِ سَمْنِ ضَأْنٍ مَعَ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا فِي لَا آكُلُ سَمْنًا بِأَنْ يَنْوِيَ إبَاحَةَ مَا عَدَا سَمْنِ الضَّأْنِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى عَدَمَ أَكْلِ سَمْنِ الضَّأْنِ فَقَطْ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ السَّمْنِ لِأَنَّ ذِكْرَ فَرْدِ الْعَامِّ مَقْرُونًا بِحُكْمِهِ يُؤَيِّدُهُ وَلَا يُخَصِّصُهُ وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ إلَخْ مَقْرُونًا بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِيَرْجِعَ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي لِمَا بَعْدُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُنَافِيَةَ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: مُخَالِفَةٌ بِأَشَدَّ مِنْ مَدْلُولِهِ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا كَمَا مَرَّ مِثَالُهُ وَمُخَالِفَةٌ يَكُونُ قَصْدُهَا وَعَدَمُهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهَذِهِ أَرَادَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ إلَخْ وَتَرَكَ الْأُولَى لِأَحْرَوِيَّتِهَا وَمُخَالِفَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ الْقَرِيبِ مِنْ الْمُتَسَاوِي؛ وَهَذِهِ أَرَادَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ لَفْظَهُ إلَخْ وَهِيَ الَّتِي يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْمُرَافَعَةِ وَعَدَمِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَمُخَالِفَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ الْبَعِيدِ جِدًّا وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي لَا إرَادَةُ مَيِّتَةٍ فَلَا تُقْبَلُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفَتْوَى.
(ص) وَكَتَوْكِيلِهِ فِي لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ (ش) هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا بَاعَ عَبْدَهُ مَثَلًا أَوْ لَأَضْرِبُهُ فَوَكَّلَ مَنْ بَاعَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَقَدْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ فِي الْفَتْوَى وَفِي الْقَضَاءِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
لِلِاحْتِرَازِ بَلْ كَاشِفٌ لِصُورَةِ التَّخْصِيصِ لِأَنَّ الْمُنَافَاةَ حِينَئِذٍ سَبَبُ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ لَا غَيْرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَارِحُنَا نَظَرَ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ أَيْ مُخَالِفَةٌ بِنَقْصٍ إلَخْ غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَالَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي الْعَامِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَامَّ اللَّفْظُ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَالْمُطْلَقُ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَالنَّكِرَةُ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْفَرْدِ الْمُنْتَشِرِ وَاللَّفْظُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَرَجُلٍ وَأَسَدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَقَيَّدْت أَيْ الْمُطْلَقَ وَيُرَادُ بِهِ أَنَّ هَذَانِ وَالْمُشْتَرَكُ اللَّفْظِيُّ كَعَيْنٍ (قَوْلُهُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ بِحَيَاتِهَا مَا دَامَتْ تَحْتَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي خَصَّصَتْهُ النِّيَّةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ حَيَاتِهَا فَخَصَّصَتْهُ نِيَّتُهُ حَيْثُ أَرَادَ بِحَيَاتِهَا مُدَّةَ كَوْنِهَا تَحْتَهُ أَيْ وَإِخْرَاجُ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ مَعَ قِيَام الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي) أَيْ وَيَحْلِفُ.
(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ الَّتِي لَمْ يَكُنْ الْمَحْلُوفُ لَهَا زَوْجَةً (قَوْلُهُ الَّتِي لَمْ يُوَافِقْهَا الْعُرْفُ) أَيْ فَتُقْبَلُ نِيَّةٌ عِنْدَ الْمُفْتِي مُطْلَقًا وَعِنْدَ الْقَاضِي إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ إلَخْ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ صِفَةٌ لِلْمُخَالَفَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِخَالَفَتْ أَيْ خَالَفَتْ مُخَالَفَةً مِثْلَ مُخَالَفَةِ سَمْنِ ضَأْنٍ فِي كَوْنِهَا قَرِيبَةً غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ فِي جَارِيَةٍ لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بَلْ مِنْ قَبِيلِ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُطْلَقِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمُشْتَرَكَ وَلَفْظُ وَطِئَتْ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْجِمَاعِ وَوَطْءُ الْقَدَمِ لُغَةٌ إلَّا أَنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الْجِمَاعِ دُونَ الْوَطْءِ بِالْقَدَمِ وَنَوَى غَيْرُ الْمُشْتَهِرِ وَلِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ مُخَالِفَةٍ بِأَشَدَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَلَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ وَمُخَالَفَةٌ مُوَافَقَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ.
(قَوْلُهُ وَكَتَوْكِيلِهِ إلَخْ) هَذَا أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ أَوْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا أَبِيعُهُ أَيْ لَا يَقَعُ بَيْعٌ مِنْ جِهَتِي الشَّامِلُ لِلْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنْهُ مُبَاشَرَةً وَالصَّادِرِ مِنْ وَكِيلِهِ فَإِنْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ الْعُمُومَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَإِنْ أَرَادَ الْجِنْسَ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ حَنِثَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَذُكِرَ فِي ك مَا نَصُّهُ فَإِنْ قُلْت هَذَا التَّأْلِيفُ مُخْتَصَرٌ وَيَكْفِي فِيهِ بِالْمِثَالِ الْوَاحِدِ فَلِمَ ذَكَرَ أَرْبَعَةً قُلْت قَدْ يُقَالُ ذَكَرَ الْمِثَالَ الثَّانِي لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَذَكَرَهُ لِلثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَتَوْكِيلِهِ فِي لَا يَبِيعُهُ وَلَا
حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا حَنِثَ وَلَا بِدَيْنٍ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ عَبْدًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ حَنِثَ اهـ (ص) إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَالِفَةَ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ تُقْبَلُ مِمَّنْ ادَّعَاهَا فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا وَفِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِهِمَا وَرَفَعَ لِلْحَاكِمِ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ الْمُخَالِفَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَبَيِّنَةٌ بِمَعْنَى مَعَ قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَيْ إلَّا لِرَفْعٍ لِأَنَّ الرَّفْعَ مِنْ جَانِبِ غَيْرِهِ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ إقْرَارٍ لِلتَّنْوِيعِ وَقَوْلُهُ وَعِتْقٍ أَيْ مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ وَالنَّذْرُ وَالْيَمِينُ سَوَاءٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي تَعْيِينِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَتْ لَهُ عَبِيدٌ.
(ص) أَوْ اسْتَحْلِفْ مُطْلَقًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ مُسْتَحْلَفًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ كَحَلِفِهِ عَلَى وَدِيعَةٍ أَنْكَرَهَا وَنَوَى حَاضِرَةً أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا ثُمَّ تَسَرَّى حَبَشِيَّةً وَقَالَ نَوَيْت مِنْ غَيْرِ الْحَبَشِ أَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ إلَى أَجَلٍ فَمَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ فَقَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت وَاحِدَةً وَقَالَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت الثَّلَاثَ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي الْفَتْوَى أَوْ الْقَضَاءِ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَكَذَا الْعِتْقُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ كَامِلًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ كَالتَّدْبِيرِ إذَا كَانَ فِي رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْوَثِيقَةِ التَّوَثُّقُ أَيْ قَطْعُ النِّزَاعِ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ عَنْ حَقِّهِ هَذِهِ الْيَمِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَثِيقَةِ حَقِيقَتَهَا وَهِيَ الْوَرَقَةُ الْمُكْتَتَبُ فِيهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ اتِّفَاقًا وَفِي غَيْرِهَا عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ وَأَفْهَمَ بِسِينِ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَوْ طَاعَ بِالْيَمِينِ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ
ــ
[حاشية العدوي]
يَضْرِبُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ كُلًّا مِنْ فَرْعَيْ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشُّرْبِ حُكْمُهَا وَاحِدٌ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَالتَّفْرِقَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصِّهَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبُ عَبْدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَا يَبِرُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا حَنِثَ وَلَا يَدِينُ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) حَاصِلُهُ كَمَا قَالَ عج أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الْحَلِفَ لِأَنَّهُ إنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ وَجُلِبَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَقْبَلْ نِيَّتُهُ تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ كَانَتْ مُوَافِقَةً بَلْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَنِثَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ نِيَّتَهُ تَنْفَعُهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَنِثَ فِي حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ فَيُنْكِرَ الْحِنْثَ فَيُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ كَذَا أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَفَعَلَهُ هَذَا ضِدُّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَادَّعَى نِيَّةً تَنْفَعُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ إنَّمَا يُعْقَلُ كَوْنُ الْبَيِّنَةِ تَشْهَدُ بِالْحَلِفِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحَلِفِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مُرَافَعَةً يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَتْوَى لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ.
(قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُرَافَعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالنِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِأَنَّهُ فِي الْمُخَالِفَةِ وَالْمُسَاوِيَةِ وَالْمُوَافِقَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَا لَا نِيَّةَ فِيهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَوْجُودَةٌ لَكِنَّهَا نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى اسْمٍ لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ فَيُجْعَلُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ أَيْ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ إلَّا فِي اسْتِحْلَافٍ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُهُ فِي الطِّخِّيخِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ لَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَلَا مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا) أَيْ وَحَلَفَ أَنَّهُ إنْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ مَا يُطَالِبُ بِهِ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ تَعْلِيقًا لِزَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُحَلِّفُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَفْظُ الطَّلَاقِ الصَّادِرُ مِنْهُ يَقْتَضِي وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا) كَأَنْ يَقُولَ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُوفِك رَأْسَ الشَّهْرِ فَيَقُولُ نَوَيْت وَاحِدَةً وَيَقُولَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَجَّزًا كَأَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَيَقْصِدَ حَاضِرَةً (قَوْلُهُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ كَانَ الطَّلَاقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ آيِلًا إلَيْهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ وَالْقَدِيرُ مُنَجَّزًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ أَيْ التَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ التَّوَثُّقُ) أَيْ قَطْعُ النِّزَاعِ فَالْمَعْنَى فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَيْ قَطْعُ نِزَاعٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقٍّ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَيْ مُتَوَثِّقٍ فِيهِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ حَقٍّ مُتَوَثِّقٍ فِيهِ أَيْ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ عَنْ حَقِّهِ) أَيْ كَأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ عِوَضُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا.
(قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ) أَفَادَ ذَلِكَ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَعِيسَى وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ إنْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فَعَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَخَصَّصَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْخِلَافَ بِمَا عَدَا الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ خِلَافُ طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ زَرْقُونٍ فَإِنَّهُمَا عَمَّمَا الْخِلَافَ وَزَادَا قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ أَوَّلُهُمَا عَكْسُ الثَّالِثِ إنْ حَلَفَ مُتَطَوِّعًا فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ لِأَجْلِهِ وَإِنْ اسْتَحْلَفَ فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ لَهُ ثَانِيهمَا إنَّمَا يَفْتَرِقُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْلَفًا أَوْ مُتَطَوِّعًا بِهِ فِيمَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَى نِيَّةِ
لِنَفْعِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ.
(ص) لَا إرَادَةُ مَيِّتَةٍ وَكَذِبٍ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ أَوْ حَرَامٍ وَإِنْ بِفَتْوَى (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَسِمَنٍ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى النِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ أَرَدْت امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي الْمَيِّتَةَ فَإِنَّ نِيَّتَهُ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى، وَكَذَا إذَا قَالَ امْرَأَتِي حَرَامٌ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّ كَذِبَهَا حَرَامٌ فَقَوْلُهُ وَكَذِبٍ عَطْفٌ عَلَى مَيِّتَةٍ وَالْعَامِلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ رَاجِعٌ إلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ وَحَرَامٌ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْكَذِبِ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ وَلَا يَصْدُقُ فِي إرَادَةِ الْمَيِّتَةِ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَجَارِيَتِي حُرَّةٌ وَلَا فِي إرَادَةِ الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ وَإِنْ بِفَتْوَى.
(ص) ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ أَوْ كَانَتْ وَنَسِيَ ضَبْطَهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى بِسَاطِ يَمِينِهِ وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ كَمَا يَعْمَلُ عَلَى النِّيَّةِ مِنْ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ فِيمَا يَنْوِي فِيهِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِانْتِقَالٍ عَنْ النِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مَظِنَّةٌ لَهَا وَتَحْوِيمٌ عَلَيْهَا بِحَيْثُ إذَا تَذَكَّرَهَا الْحَالِفُ وَجَدَهُ مُنَاسِبًا لَهَا وَعَطَفَهُ عَلَى النِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تِلْكَ نِيَّةٌ صَرِيحَةٌ وَهَذِهِ نِيَّةٌ ضِمْنِيَّةٌ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ.
. (ص) ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ وَلَيْسَ ثُمَّ بِسَاطٌ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ حُمِلَتْ عَلَى الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ لِأَنَّهُ غَالِبُ قَصْدِ الْحَالِفِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَوْلِيٌّ عَنْ الْفِعْلِيِّ فَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِثَالٌ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ اخْتِصَاصُ الْحَالِفِ لَا أَرْكَبُ دَابَّةً بِالْحِمَارِ دُونَ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا وَاخْتِصَاصُ الْمَمْلُوكِ بِالْأَبْيَضِ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثَالُ الْفِعْلِيِّ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ خُبْزًا فَالْخُبْزُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُخْبَزُ فِي عُرْفِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا يَأْكُلُونَ إلَّا الشَّعِيرَ فَقَطْ فَأَكْلُ الشَّعِيرِ عِنْدَهُمْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فَإِذَا أَكَلَ الْحَالِفُ خُبْزَ الْقَمْحِ حَنِثَ وَلَا يَكُونُ عُرْفُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْفِعْلِيُّ مُخَصِّصًا قَوْلُهُ قَوْلِيٌّ أَيْ عُرْفٌ مَنْسُوبٌ لِلْقَوْلِ بِأَنْ يَكُونَ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِحَسَبِ مُتَعَارَفِهِمْ فِي إطْلَاقِ أَقْوَالِهِمْ.
(ص) ثُمَّ مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ اُعْتُبِرَ مُخَصِّصًا وَمُقَيِّدًا مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْحَالِفِ رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلْحَالِفِ نِيَّتَهُ فِي الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا.
قَوْلٌ سَادِسٌ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي غَيْرِهَا أَقُولُ سِتَّةٌ لَا يَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَنَفَعَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ) وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ لَا إرَادَةٌ مَيِّتَةٌ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِي دَعْوَى الْمَيِّتَةِ وَدَعْوَى الْكَذِبِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ إرَادَةِ الْمَيِّتَةِ إرَادَةُ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُعْتَقَةِ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مَوْتُهَا قَبْلَ الْيَمِينِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حِينَ الْيَمِينِ حَيَّةً ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك.
(قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ) كَمَا إذَا قِيلَ لَهُ أَنْتَ تُزَكِّي النَّاسَ بِشَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُزَكِّي وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِلُزُومِ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالتَّزْكِيَةِ لَهُ وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْخُذُ لَحْمًا لِزَحْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا زَالَتْ تِلْكَ الزَّحْمَةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ بِالْبِسَاطِ فَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِالْفِعْلِ بِمُشَاجَرَةٍ حَصَلَتْ مِنْهَا ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الْمُشَاجَرَةُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِسَاطًا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا.
(قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ) فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى التَّعْمِيمِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ خَصَّصَتْ أَيْ ثُمَّ اُعْتُبِرَ بِسَاطُ يَمِينِهِ وَالِاعْتِبَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَعْمِيمٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَمِثَالُ الْمُعَمَّمِ كَمَا إذَا امْتَنَّ عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَوْ خَيْطًا.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْبِسَاطِ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كَوْنِ الْحَلِفِ عِنْدَ وُجُودِ الْبِسَاطِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ إذَا تَذَكَّرَهَا الْحَالِفُ) أَيْ فِي حَالِ حُصُولِ الْبِسَاطِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ) أَيْ عُرْفٌ عَامٌّ وَالشَّرْعِيُّ عُرْفٌ خَاصٌّ فَلَا إشْكَالَ بِأَنَّ الشَّرْعِيَّ دَاخِلٌ فِي الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلَدِ لَا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ لَفْظَ الْخُبْزِ يُطْلَقُ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ وَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْخُبْزِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ خُبْزَ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِ الشَّعِيرِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ تَبِعَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ وَالتَّحْقِيقُ اعْتِبَارُهُ فَيُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيَّدُ الْمُطْلَقَ كَمَا أَفَادَهُ الْبَاجِيُّ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَقْصِدَ الشَّرْعِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَعَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ فَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ إمَّا أَخَصُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْغَالِبُ أَوْ مُسَاوٍ كَمَا فِي الظُّلْمِ فَإِنَّهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ لُغَةً وَشَرْعًا وَحِينَئِذٍ فَيَشْكُلُ تَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا أُصَلِّي مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَيَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ أَنَّ لِلصَّلَاةِ مَعْنًى لُغَوِيًّا وَقَوْلُهُ هُنَا ثُمَّ إنَّ عَدَمَ مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنْ لَا مَعْنَى لَهَا فِي الدُّعَاءِ وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ عَنْ قَوْلِنَا كُلُّ مَعْنًى شَرْعِيٍّ فَهُوَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّ أَوْ مُسَاوٍ الْأَوَّلَ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مِثْلِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لُغَةً الزِّيَادَةُ وَالزِّيَادَةُ لِمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ كَانَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ كَالْعَدَمِ فَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُزَكِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالزَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِزِيَادَةِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَعِلْمِ الثَّانِي يُفْرَضُ فِي مِثْلِ الْقِسْطَاسِ فَإِنَّهُ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ وَلَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ مَا وَضَعَهُ الشَّارِعُ لَا مَا وَضَعَهُ أَهْلُ الشَّرْعِ فِيهِ.
فَإِذَا حَلَفَ لَا وَزْنَ بِالْقِسْطَاسِ فَيَحْنَثُ بِوَزْنِ الْمِيزَانِ إذْ هُوَ مَعْنَى الْمِيزَانِ فِي غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي مِثَالِ الصَّلَاةِ فَيُجَابُ بِأَنَّ تَمْثِيلَهُ أَوَّلًا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ اللُّغَوِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ وَتَمْثِيلُهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ أُنَاسٍ لَمْ يُعْهَدْ عِنْدَهُمْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ كَالْعَدَمِ وَيَكُونُ
مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لُغَةً كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَرْكَبُ دَابَّةً وَلَيْسَ لِأَهْلِ بَلَدِهِ عُرْفٌ فِي الدَّابَّةِ بَلْ لَفْظُ الدَّابَّةِ عِنْدَهُمْ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَاهُ لُغَةً وَهُوَ كُلُّ مَا دَبَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ حِينَئِذٍ بِرُكُوبِهِ وَلَوْ كَتِمْسَاحٍ، وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ إذْ هُوَ الصَّلَاةُ لُغَةً وَمَقْصَدٌ بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ ثَمَّ مَا يُقْصَدُ مِنْ اللُّغَةِ وَكَسْرِهَا وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِخِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّاسِخَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْسُوخِ.
(ص) ثُمَّ شَرْعِيٌّ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ خُصِّصَ وَقُيِّدَ مَقْصَدٌ شَرْعِيٌّ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَيُصَلِّيَنَّ أَوْ لَا أُصَلِّي أَوْ لَيَتَوَضَّأَنَّ انْتَهَى.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا شَرَعَ فِي فُرُوعٍ تُبْنَى عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ وَهِيَ فِي أَنْفُسِهَا أَيْضًا أُصُولٌ وَمِنْ قَاعِدَتِهِ غَالِبًا أَنَّهُ يَأْتِي بِالْبَاءِ لِلْحِنْثِ وَبِلَا لِعَدَمِهِ فَقَالَ (ص) وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ وَفَرَّطَ حَتَّى تَعَذَّرَ حَنِثَ اتِّفَاقًا وَإِنْ بَادَرَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَالْمُؤَقَّتِ وَالْمُؤَقَّتُ تَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ عَقْلِيًّا كَمَوْتِ الْحَمَامِ الْمَحْلُوفِ بِذَبْحِهَا إذْ الذَّبْحُ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَيِّتِ فَلَا يَحْنَثُ وَتَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ شَرْعِيًّا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ اللَّيْلَةَ زَوْجَتَهُ فَيَجِدُهَا حَائِضًا أَوْ لَيَبِيعَنَّ الْيَوْمَ الْجَارِيَةَ فَيَجِدُهَا حَامِلًا فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَلِتَفْرِقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ دِينَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْوَطْءُ فَيَحْنَثُ أَوْ لَا فَلَا وَرَدَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهِمَا بِلَوْ وَتَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ عَادِيًّا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ الْحَمَامَةَ غَدًا فَسُرِقَتْ أَوْ غُصِبَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَيْ وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنْ وَطِئَ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَفِي بِرِّهِ فِي لَيَطَأَنَّهَا أَيْ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا فَوَطِئَهَا قَوْلَانِ (ص) لَا بِكَمَوْتِ حَمَامٍ فِي لَيَذْبَحَنَّهُ (ش) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا كَمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَى ذَبْحِهِ وَوَقَّتَ أَوْ أَطْلَقَ وَبَادَرَ وَلَمْ يُفَرِّطْ أَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُوَقِّتٍ وَفَرَّطَ فَالْحِنْثُ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى حَمَامٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ مِنْ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ بَقَاؤُهَا عَلَى حَالَتِهَا لِيَدْخُلَ مَنْ حَلَفَ لَيَلْبِسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَأَخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ فَخَلَعَهُ مِنْهُ آخَرُ وَحَرَقَهُ وَصَارَ رَمَادًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْحَالِفِ.
(ص) وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِفَوْتٍ إلَخْ أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ بِالْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَوَاللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ دَارَ زَيْدٍ أَوْ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ يَنْوِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ لِقَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ وَبِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَهُ الْيَأْسُ أَوْ الْعَزِيمَةُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ عَلَى ضِدِّ مَا حَلَفَ فِي الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَا فِي الْبِرِّ فَفِي تَعْمِيمِ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلْحِنْثِ وَالْبِرِّ نَظَرٌ.
(ص) وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَهَذَا.
(قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ) أَيْ صَاحِبَ الشَّرْعِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مُقَرِّرِي الشَّرْعِ كَالْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ شَرْعٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُقَرِّرِينَ لِلشَّرْعِ إلَّا أَنَّ حَلِفَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَوْ لَيَتَوَضَّأَنَّ) أَيْ أَوْ لَا يَتَوَضَّأُ.
(قَوْلُهُ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْبِرِّ) بِكَسْرِ الضَّادِ (قَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى الْمَانِعِ الْعَادِيِّ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ النَّصَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَنِثَ اتِّفَاقًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْعَادِيِّ الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَانِعِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمَانِعِ الْعَادِيِّ كَالْعَقْلِيِّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ يَحْنَثُ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَلَا حِنْثَ بِالْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ إذَا تَقَدَّمَ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ فَلَا حِنْثَ فِي ثَلَاثٍ وَهُوَ مَا إذَا أَقَّتَ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يُؤَقِّتْ وَلَمْ يُفَرِّطْ فَإِذَا لَمْ يُؤَقِّتْ وَفَرَّطَ فَيَحْنَثُ وَأَمَّا الْمَانِعُ الْعَادِيُّ فَلَا حِنْثَ بِالْمُتَقَدِّمِ فَرَّطَ أَوْ لَا أَقَّتَ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَيَحْنَثُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا وَلَا يَخْفَى مَا فِي التَّقْسِيمِ مِنْ التَّسَامُحِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مُتَقَدِّمًا إلَى الْيَمِينِ فَلَا يَتَأَتَّى تَفْرِيطٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَادَرَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَالْمُؤَقَّتِ) إلَّا أَنَّهُ تَتَأَتَّى الْمُخَالَفَةُ فَكَالْمُؤَقَّتِ إلَّا أَنَّهُ تَتَأَتَّى الْمُخَالَفَةُ فِي الْجُمْلَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَكَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا وَيَزُولُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّ الزَّوْجَةَ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ ثُمَّ حَصَلَ حَيْضٌ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِوَطْئِهَا بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْحَيْضِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَخَلَعَهُ مِنْهُ آخَرُ) أَيْ نَزَعَهُ.
(قَوْلُهُ وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ) مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَرْتَجِعْهَا فَيَزُولُ يَمِينُهُ وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْنَثَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَإِذَا كَانَ لَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ فِي الطَّلَاقِ فَأَوْلَى الْيَمِينُ بِاَللَّهِ.
(قَوْلُهُ وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ) أَيْ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ قَيَّدَ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ كَذَا عَمْدًا فَلَا حِنْثَ بِالنِّسْيَانِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ عَمْدًا وَلَا نِسْيَانًا فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا فَالشَّرْطُ لَهُ مَفْهُومَانِ مُوَافَقَةٌ وَمُخَالَفَةٌ
(ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ إذَا خَالَفَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] إذْ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ فَحَنِثْتُمْ وَالْحِنْثُ مُخَالَفَةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي النِّسْيَانِ كَحُصُولِهَا فِي الْعَمْدِ فَوَجَبَ مُسَاوَاتُهُمَا حُكْمًا وَلِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى إلْحَاقِ الْمُخْطِئِ بِالْعَامِدِ مِثَالُ الْجَهْلِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَنْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ فِي وَقْتِ كَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمِثَالُ الْخَطَأِ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فَيَدْخُلَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُهَا هَذَا فِي الْفِعْلِ وَمِثَالُهُ فِي الْقَوْلِ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَذْكُرُ فُلَانًا فَأَرَادَ ذِكْرَ غَيْرِهِ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ ذِكْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ غَلَطًا أَوْ لَا كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَمْرٌو.
(ص) وَبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ بَعْضَهُ كَقَوْلِهِ لَا آكُلُ رَغِيفًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ وَلَوْ لُقْمَةً وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِرِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَلَا يَبِرُّ بِالْبَعْضِ فَإِذَا قَالَ لَآكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ مَثَلًا فَلَا يَكْفِي فِي بِرِّهِ إلَّا أَكْلُ جَمِيعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ قَوْلُهُ وَبِالْبَعْضِ الْحِنْثُ وَلَوْ قَيَّدَ بِكُلٍّ فَقَالَ لَا آكُلُهُ كُلُّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ لَا الْكُلِّ فَيَتَعَلَّقُ بِالْأَجْزَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْكُلِّيَّةُ هِيَ الْحُكْمُ عَلَى كُلٍّ فَرْدٍ فَرْدٍ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فَرْدٌ كَكُلِّ رَجُلٍ يُشْبِعُهُ رَغِيفَانِ غَالِبًا فَالْحُكْمُ صَادِقٌ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيَّةِ وَالْكُلُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ كَكُلِّ رَجُلٍ يَحْمِلُ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ فَهَذَا الْحُكْمُ صَادِقٌ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّ دُونَ الْكُلِّيَّةِ فَقَوْلُهُ وَبِالْبَعْضِ أَيْ وَالصِّيغَةُ صِيغَةُ بِرٍّ وَقَوْلُهُ عَكْسُ الْبِرِّ أَيْ وَالصِّيغَةُ صِيغَةُ حِنْثٍ.
(ص) وَبِسَوِيقٍ أَوْ لَبَنٍ فِي لَا آكُلُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِشُرْبِ السَّوِيقِ وَاللَّبَنِ فِي قَوْلِهِ لَا آكُلُ لِأَنَّهُ أَكَلَ شَرْعًا وَلُغَةً، وَهَذَا إذَا قَصَدَ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِي بَطْنِهِ طَعَامٌ وَالسَّوِيقُ وَاللَّبَنُ طَعَامٌ وَإِنْ قَصَدَ الْأَكْلَ دُونَ الشُّرْبِ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا.
(ص) لَا مَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ فَشَرِبَ مَاءً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا عُرْفًا وَإِنْ كَانَ طَعَامًا شَرْعًا لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ.
(ص) وَلَا بِتَسَحُّرٍ فِي لَا أَتَعَشَّى (ش) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّسَحُّرِ وَهُوَ الْأَكْلُ آخِرَ اللَّيْلِ فِي حَلِفِهِ لَا أَتَعَشَّى لِأَنَّ السُّحُورَ لَيْسَ بِعَشَاءٍ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ مِنْ الْغَدَاءِ.
(ص) وَذُوَاقٌ لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ (ش) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامَ كَذَا أَوْ لَا يَشْرَبَ شَرَابَ كَذَا فَذَاقَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ لِيَصِحَّ الْكَلَامُ وَمَعْنَاهُ وَلَا يَحْنَثُ بِكَذَا وَلَا بِذَوَاقِ شَيْءٍ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّغَذِّي وَلَمْ يَحْصُلْ وَلَا بَعْضُهُ فَقَوْلُهُ وَذَوَاقٌ أَيْ مَذُوقٌ.
(ص) وَبِوُجُودِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلنِّسْيَانِ أَيْ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَيُحْمَلُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» الَّذِي احْتَجَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِالنِّسْيَانِ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ وَإِلَّا فَرَفْعُ الْوَاقِعِ مُحَالٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ) أَيْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ وَلِاتِّفَاقِهِمْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحِ لِلْخَطَأِ بِمَا تَرَى وَأَمَّا النِّسْيَانُ كَمَنْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَهَا نَاسِيًا لِلْحَلِفِ (قَوْلُهُ وَمِثَالُ الْخَطَأِ أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) فَهَذَا لَا يُقَالُ لَهُ نِسْيَانٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ خَطَأٌ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ لِشُهْرَةِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الشُّهْرَةَ إذَا لَمْ يَسْبِقْ النَّفْيُ لَفْظَ كُلٍّ وَأَمَّا إذَا سَبَقَ النَّفْيُ لَفْظَ كُلٍّ فَلَيْسَتْ بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ بَلْ بِمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي (قَوْلُهُ الْكُلِّيَّةِ لَا الْكُلِّ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْكُلَّ حَقِيقَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ فَيَتَعَلَّقُ بِالْإِجْزَاءِ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْمُوعِ) أَيْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْ الْأَفْرَادِ فَإِذًا اسْتِعْمَالُ الْمَجْمُوعِ فِي الْبَعْضِ مَجَازٌ كَمَا أَفَادَهُ مَنْ حَقَّقَ مِنْ شُيُوخِنَا.
(تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا حَنِثَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ دُونَ الْبِرِّ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِفِعْلِ الْكُلِّ وَوَجْهُهُ أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ غَالِبًا أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْحِلِّ إلَى التَّحْرِيمِ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَمِنْ التَّحْرِيمِ إلَى الْحِلِّ بِالْعَكْسِ فَالْعَقْدُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مُبَاحٌ وَتَذْهَبُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْأَبِ عَلَيْهَا وَلَا تَذْهَبُ حُرْمَةُ الْمَبْتُوتَةِ إلَّا بِمَجْمُوعِ أُمُورٍ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا الْمُحَلَّلُ وَوَطِئَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِشُرْبِ السَّوِيقِ) أَيْ فَالسَّوِيقُ يُوضَعُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُشْرَبُ ذَلِكَ الْمَاءُ كَالْعَجِينِ الَّذِي يُذَابُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُشْرَبُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْأَكْلَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّضْيِيقَ بَلْ قَصَدَ مَدْلُولَ لَفْظِ أَكَلَ وَمِثْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ قَصْدُ شَيْءٍ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ طَعَامًا شَرْعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَاءُ زَمْزَمَ طَعَامًا شَرْعًا أَيْ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَانْظُرْ عَلَى طَرْدِ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ لَوْ كَانَ قَصْدُهُ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ جَوْفَهُ شَيْءٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ ك أَيْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ طَعَامًا أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ فِي الْغِذَاءِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ أَنْ يَكُونَ طَعَامًا.
(قَوْلُهُ وَلَا بِتَسَحُّرٍ فِي لَا أَتَعَشَّى) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَرْكَ الْأَكْلِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَبِتَسَحُّرٍ فَيَحْنَثُ.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَلَا بِذَوَاقِ شَيْءٍ لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِوُصُولِهِ إلَى الْحَلْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ وَمَنْ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ شَيْءٌ لَمْ يُمْسِكْ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ التَّغَذِّي بِمَا يُشْغِلُ الْمَعِدَةَ وَالْوَاصِلُ لِلْحَلْقِ فَقَطْ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ أَيْ مَذُوقٍ) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ شَيْءٍ
أَكْثَرَ فِي لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لِمُتَسَلِّفٍ لَا أَقَلَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَحَنِثَ بِكَذَا يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا لَغْوَ فِيهِ لِمَنْ سَأَلَهُ قَرْضَ خَمْسَةَ عَشَرَ لَيْسَ مَعِي إلَّا عَشَرَةٌ فَوَجَدَهَا أَحَدَ عَشَرَ وَلَا يَحْنَثُ إذَا وَجَدَهَا تِسْعَةً لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ مَعِي مَا يَزِيدُ عَلَى مَا حَلَفْت عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِسَاطُ يَمِينِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ وَنَحْوِهِمَا.
(ص) وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ وَلُبْسِهِ فِي لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ لَا أَلْبَسُ الثَّوْبَ وَهُوَ عَلَيْهِ وَتَمَادَى عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَنِثَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَلَوْ حَلَفَ لَأَلْبِسَنَّ أَوْ لَأَرْكَبَنَّ بِرَّ بِالدَّوَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الدَّوَامُ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ بَلْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِالنُّزُولِ لَيْلًا وَلَا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ وَلَا بِنَزْعِ الثَّوْبَ لَيْلًا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ فَائِدَةُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ.
(ص) لَا فِي كَدُخُولٍ (ش) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِ الدُّخُولِ حَيْثُ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الدُّخُولِ ثُمَّ تَمَادَى عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالدُّخُولِ ابْتِدَاءً وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا أَرْكَبُهَا وَالدَّارُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا.
(ص) وَبِدَابَّةِ عَبْدِهِ فِي دَابَّتِهِ (ش) قَالَ فِيهَا وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ لَعَتَقَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَكَذَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ وَلَدِهِ مِمَّا لِلْأَبِ اعْتِصَارُهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُ اهـ. لَكِنَّ تَخْصِيصَ عَدَمِ الْحِنْثِ بِأَشْهَبَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ يَحْنَثُ فِي دَابَّةِ الْوَلَدِ كَمَا فِي شَرْحِ س وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنَّمَا حَنِثَ هُنَا لِأَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ عَبْدِهِ كَمَا تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَقَلِّ الْأَشْيَاءِ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَالْمُكَاتَبُ كَغَيْرِهِ.
(ص) وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ فِي لَأَضْرِبَنَّهُ كَذَا (ش) أَيْ وَلَا يَبِرُّ مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مَثَلًا مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَ الْأَسْوَاطَ الْمِائَةَ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْتَسِبُ بِالضَّرْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ بِالْأَسْوَاطِ الْمَجْمُوعَةِ أَصْلًا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَا إيلَامٌ كَإِيلَامِ الْوَاحِدَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَإِلَّا حُسِبَتْ وَاحِدَةً كَمَا يَرْشُدُ لَهُ التَّعْلِيلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ رَمَى الْحَصَيَاتِ السَّبْعَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ فِي رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا كَحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْحَصَاةِ الرَّمْيُ وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالضَّرْبَةِ الْإِيلَامُ وَلَمْ يَحْصُلْ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَصَوْمِ الْعَامِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا لَغْوَ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ وَجَدَهُ أَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ لَا حِنْثَ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ أَوْ لَا وَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ أَكْثَرَ فَيَحْنَثُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ
(قَوْلُهُ بِرَّ بِالدَّوَامِ) أَيْ دَوَامِ اللُّبْسِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ لُبْسَ الثَّوْبِ فِيهَا أَوْ الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ رُكُوبَ الدَّابَّةِ فِيهَا فَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا مِثْلَ مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَقَالَ وَاَللَّهِ لَأَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ إلَّا إذَا رَكِبَهَا الْمَسَافَةَ بِتَمَامِهَا وَلَا يَضُرُّهُ النُّزُولُ لَيْلًا وَلَا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِمَّا يَقْتَضِي رُكُوبَهُ الْمَسَافَةَ بِتَمَامِهَا أَوْ بَعْضِهَا وَقَوْلُهُ وَلَا بِنَزْعِ الثَّوْبِ أَيْ فِي وَقْتِ النَّوْمِ مَثَلًا تَأَمَّلْ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ لَا فِي كَدُخُولِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ يُعَدُّ رَاكِبًا بِالدَّوَامِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُعَدُّ دَاخِلًا بِالْجُلُوسِ فِي الدَّارِ ذَكَرَهُ بَهْرَامُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ مِثْلُ إنْ حِضْت أَوْ طَهُرْت أَوْ حَمَلْت أَوْ نِمْت وَهِيَ مُتَّصِفَةٌ بِهِ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِمْرَارِهَا عَلَى ذَلِكَ حِينَ حَلَفَ اُنْظُرْ تَمَامَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحِلِّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِ الدُّخُولِ) أَيْ الْمُكْثِ لِأَنَّهُ حَلَفَ وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِيهَا.
(قَوْلُهُ لِعِتْقٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ مِمَّا لِلْأَبِ اعْتِصَارُهُ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَ زَيْدٌ لِابْنِهِ دَابَّةً وَلَهُ اعْتِصَارُهَا وَحَلَفَ إنْسَانٌ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ زَيْدٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ ابْنِ زَيْدٍ الَّتِي وَهَبَهَا أَبُوهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيَحْنَثُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الدَّابَّةُ مَوْهُوبَةً لِلْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ ابْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الطِّخِّيخِيُّ أَنَّ دَابَّةَ وَالِدِهِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِرُكُوبِهَا وَلَوْ كَانَ لِلْوَالِدِ اعْتِصَارُهَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ عَبْدِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي دَابَّةِ الْوَالِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا) أَيْ التَّعْلِيلِ وَهُوَ أَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ عَبْدِهِ فَالْمُكَاتَبُ كَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِنْثِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ يُوقَفُ عَنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَظْهَرَ هَلْ عَجَزَ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ
(قَوْلُهُ وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ إلَخْ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ الْآخَرِ فِيمَا عَدَا مَحَلِّ مَسْكِهِ وَيَحْصُلُ بِكُلٍّ إيلَامُ الْمُنْفَرِدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ بِذَلِكَ فَلَوْ ضَرَبَهُ الْعَدَدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَمِائَةٍ سَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ خَمْسِينَ ضَرْبَةً فَإِنَّهُ يُجْتَزَأُ بِخَمْسِينَ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يَبِرُّ مَنْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحِنْثِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمُصَنِّفُ عَدَمُ الْبِرِّ فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْحِنْثِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ تَجَوُّزٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاءَ تَكُونُ لِلْحِنْثِ غَالِبًا وَيَكُونُ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَى ضَرْبِهِ فِيهِ فَيَحْنَثُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ وَهُوَ أَنَّ الْقَصْدَ الْإِيلَامُ
وَبِلَحْمِ الْحُوتِ وَبَيْضِهِ وَعَسَلِ الرُّطَبِ فِي مُطْلَقِهَا (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ الْحِيتَانِ وَالطَّيْرِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَجْمَعُ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14]{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 21] وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ بَيْضًا أَوْ رُءُوسًا بِأَكْلِ بَيْضِ الْحُوتِ أَوْ رُءُوسِهِ وَالْمُرَادُ بِبَيْضِ الْحُوتِ بَيْضُ التُّرْسِ وَالتِّمْسَاحِ لِأَنَّ لَهُمَا بَيْضًا وَأَمَّا الْبَطَارِخُ فَقَدْ دَخَلَ فِي لَحْمِ الْحُوتِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ بَيْضُ الْحَشَرَاتِ أَوْ لَحْمُ الْآدَمِيِّ فِي مُطْلَقِهَا احْتِيَاطًا لِشُمُولِ ذَلِكَ لُغَةً أَوْ لَا لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ لَحْمًا وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ عَسَلًا بِأَكْلِ عَسَلِ الرُّطَبِ وَمِثْلُهُ عَسَلُ النَّخْلِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِعَسَلِ الرُّطَبِ أَيْ وَالْخَرُّوبِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِأَكْلِ مَا طُبِخَ بِالْعَسَلِ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فِي مُطْلَقًا مُطْلَقُ كُلِّ جِنْسٍ مِمَّا ذُكِرَ أَيْ مُطْلَقُ اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْعَسَلِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ أَوْ الْبِسَاطِ بِالْأَنْعَامِ وَالدَّجَاجِ وَالنَّحْلِ وَغَيْرِهَا.
(ص) وَبِكَعْكٍ وخشكنان وَهَرِيسَةٍ وَإِطْرِيَةٍ فِي خُبْزٍ لَا عَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الْخُبْزِ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَاصَّةِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ وَالْخَشْكِتَانِ اسْمٌ عَجَمِيٌّ عَلَى عُجْمِيَّتِهِ وَهُوَ كَعْكٌ مَحْشُوٌّ بِسُكَّرٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَالْأَطْرِيَةُ قِيلَ هِيَ مَا تُسَمَّى فِي زَمَانِنَا الشِّعْرِيَّةَ وَقِيلَ مَا تُسَمَّى الرِّشْتَة وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا يَجْرِي عَلَى عُرْفِ زَمَانِنَا وَالْجَارِي عَلَيْهِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ.
(ص) وَبِضَأْنٍ وَمَعْزٍ وَدِيَكَةٍ وَدَجَاجَةٍ فِي غَنَمٍ وَدَجَاجٍ لَا بِأَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ (ش) ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ غَنَمًا حَنِثَ بِأَكْلِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْحَالِفُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ وَالْحَالِفُ عَلَى الدَّجَاجِ يَحْنَثُ بِالدِّيكِ وَالدَّجَاجَةِ وَعَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ فَقَوْلُهُ فِي غَنَمٍ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ وَقَوْلُهُ وَدَجَاجٌ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَدِيَكَةٍ وَدَجَاجَةٍ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ.
(ص) وَبِسَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ فِي سَوِيقٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ سَمْنًا بِأَكْلِهِ مُسْتَهْلَكًا فِي سَوِيقٍ أَيْ لَتَّهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ خَالِصًا وَسَوَاءٌ وَجَدَ طَعْمَهُ أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِهَا خِلَافًا لِابْنِ مُيَسَّرٍ.
(ص) وَبِزَعْفَرَانٍ فِي طَعَامٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ زَعْفَرَانًا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي طَعَامٍ قَالَ سَحْنُونَ وَلَا يَنْوِي لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ هَكَذَا يُؤْكَلُ وَأَمَّا الْخَلُّ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي طَعَامٍ طُبِخَ بِهِ فَلَا يَحْنَثُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ (لَا بِكَخَلٍّ طُبِخَ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السَّوِيقِ لِأَنَّ السَّمْنَ يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَاءَ الْوَرْدِ وَالْخِلَافَ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(ص) وَبِاسْتِرْخَاءٍ لَهَا فِي لَا قَبَّلْتُك أَوْ لَا قَبَّلْتنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِأَنْ قَالَ لَا قَبَّلْتُك أَوْ ضَاجَعْتُك وَاسْتَرْخَى لَهَا حَتَّى قَبَّلَتْهُ هِيَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا قَبَّلَتْهُ عَلَى فَمِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لَهَا لَا قَبَّلْتِنِي أَنْتَ أَوْ ضَاجَعْتِنِي أَنْتَ حَنِثَ بِتَقْبِيلِهَا أَوْ مُضَاجَعَتِهَا لَهُ، سَوَاءٌ اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَبَّلَتْهُ عَلَى الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهَا وَقَدْ وُجِدَ فَفِي تَسْوِيَةِ الْمُؤَلِّفِ بَيْنَهُمَا فِي التَّقْيِيدِ بِالِاسْتِرْخَاءِ نَظَرٌ وَلَوْ قَالَ وَبِتَقْبِيلِهَا مُطْلَقًا فِي لَا قَبَّلْتِنِي كَلَا قَبَّلْتُك وَقَبَّلَهَا كَأَنْ قَبَّلَتْهُ إنْ اسْتَرْخَى لَهَا وَقَبَّلَتْهُ فِي فِيهِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ زِيَادَةٍ بِلَا تَكَلُّفٍ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَطَارِخُ إلَخْ) إلَّا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْحُوتِ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَطَارِخِهِ لِتَقَرُّرِ الْعُرْفِ فِي زَمَانِنَا بِأَنَّ لَحْمَ الْحُوتِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْبَطَارِخِ يَبْقَى النَّظَرُ إذَا قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ مُشِيرًا لِلَحْمِ الْحُوتِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَطَارِخِهِ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ فَرْعُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ) لَا وَجْهَ لِذَلِكَ التَّنْظِيرِ لِأَنَّ الشُّمُولَ لُغَةً مَوْجُودٌ وَعَدَمُهُ عُرْفًا مَعْلُومٌ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ عَسَلُ النَّخْلِ) أَيْ أَنَّ النَّخْلَ يَخْرُجُ مِنْهُ عَسَلٌ يُطْبَخُ عِنْدَ قَطْعِ رَأْسِهَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ) وَانْظُرْ هَلْ هَذِهِ النِّيَّةُ مُخَالِفَةٌ لِلظَّاهِرِ مُخَالَفَةً قَرِيبَةً فَيَفْصِلُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ مُوَافِقَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْعَادَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ
(قَوْلُهُ وَإِطْرِيَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ
(قَوْلُهُ وَدِيَكَةٍ) ذُكُورُ الدَّجَاجِ وَقَوْلُهُ وَدَجَاجَةٍ إنَاثُ الدَّجَاجِ وَذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ دَالَ الدَّجَاجِ مُثَلَّثَةٌ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ فَتْحَ الدَّالِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا
(قَوْلُهُ وَبِسَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ مِنْ السَّوِيقِ (قَوْلُهُ أَيْ لَتَّهُ) وَأَمَّا إنْ اُسْتُهْلِكَ فِي طَعَامٍ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ كَمَا قَالَهُ تت فَيَكُونُ كَالْخَلِّ الْمُسْتَهْلَكِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِهْلَاكِهِ بِالطَّبْخِ أَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ اُسْتُهْلِكَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ مُيَسَّرٍ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا وَجَدَ طَعْمَهُ كَمَا أَفَادَهُ تت
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ هَكَذَا يُؤْكَلُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْلِيلِ السَّمْنِ فِي سَوِيقٍ أَنَّ الْحِنْثَ حَيْثُ وُجِدَتْ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَإِنْ انْتَفَيَا فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ لَا بِكَخَلٍّ إلَخْ) أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى الْحِنْثِ وَلَكِنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحِنْثِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا الْخَلَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ فِي الطَّعَامِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ طُبِخَ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ عَلَى الطَّعَامِ حَنِثَ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافَ) شَجَرُ الصَّفْصَافِ
(قَوْلُهُ وَهَذَا إنْ قَبَّلَتْهُ عَلَى فَمِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ قَبَّلَهَا هُوَ فَيَحْنَثُ قَبَّلَهَا فِي فَمِهَا أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِنِيَّةِ الْفَمِ (قَوْلُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِاسْتِرْخَائِهَا فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحِنْثُ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِتَقْبِيلِهَا مُطْلَقًا) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ اسْتَرْخَى أَمْ لَا كَانَتْ عَلَى الْفَمِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَلَا قَبَّلْتُك وَقَبَّلَهَا) أَيْ عَلَى الْفَمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ) أَيْ
وَبِفِرَارِ غَرِيمِهِ فِي لَا فَارَقْتُك أَوْ فَارَقْتنِي إلَّا بِحَقِّي وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِنْ أَحَالَهُ (ش) أَيْ وَهَكَذَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا إذَا حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ إلَّا بِحَقِّهِ فَفَرَّ مِنْهُ حَنِثَ حَيْثُ فَرَّطَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُفَرِّطْ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ انْفَلَتَ مِنْهُ كَرْهًا أَوْ اسْتِغْفَالًا وَكَمَا يَحْنَثُ بِالْفِرَارِ مِنْ غَيْرِ إحَالَةٍ يَحْنَثُ وَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ الْحَوَالَةَ وَلَا يَنْفَعُهُ نَقْضُهَا وَلَا يَنْفَعُهُ قَبْضُهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُحِيلِ وَمِثْلُ إلَّا بِحَقِّي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي أَوْ أَقْبِضُ حَقِّي وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا فَارَقْتُك أَوْ فَارَقْتنِي وَلِي عَلَيْك حَقٌّ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِالْحَوَالَةِ دُونَ الرَّهْنِ وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا فَارَقْتنِي أَوْ فَارَقْتُك وَبَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ.
(ص) وَبِالشَّحْمِ فِي اللَّحْمِ لَا الْعَكْسُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَا آكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الشَّحْمَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ اللَّحْمِ لَا الْعَكْسِ.
(ص) وَبِفَرْعٍ فِي لَا آكُلُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ أَوْ هَذَا الطَّلْعِ (ش) عَبَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ هَذَا الْفَصْلِ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْأُصُولِ هَلْ يَقْتَضِي الْحِنْثَ بِفِعْلِ الْفُصُولِ وَبَعْضُهُمْ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْأُمَّهَاتِ هَلْ يَقْتَضِي الْحِنْثَ بِالْبَنَاتِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ وَبِفَرْعٍ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِمُلَابَسَةِ الْفَرْعِ فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ أَصْلِهَا إنْ أَتَى فِي يَمِينِهِ بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فَقَطْ كَوَاللَّهِ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الطَّلْعِ أَوْ هَذَا الطَّلْعُ فَيَحْنَثُ بِبُسْرِهِ وَرُطَبِهِ وَعَجْوَتِهِ وَتَمْرِهِ وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَ الْإِشَارَةَ وَمِنْ جَمِيعًا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِعَيْنِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ عَرَّفَ أَوْ نَكَّرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لَا الطَّلْعِ أَوْ طَلْعًا) فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُتَوَلَّدِ مِنْ الْفُرُوعِ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ كَهَذَا الطَّلْعِ الْقَمْحُ وَاللَّبَنُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ كُلِّ أَصْلٍ فَيَحْنَثُ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ وَالْخُبْزِ وَالْكَعْكِ وَبِالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالتَّمْرُ وَمَا مَعَهُ فِيهِ أَجْزَاءُ الطَّلْعِ وَالزُّبْدُ وَالسَّمْنُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَالْإِشَارَةُ تَنَاوَلَتْ الْجَمِيعَ (ص) إلَّا بِنَبِيذِ زَبِيبٍ أَوْ مَرَقَةِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمِهِ وَخُبْزِ قَمْحٍ وَعَصِيرِ عِنَبٍ (ش) يَعْنِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ وَلَا بِمِنْ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْفُرُوعِ إلَّا فِي مَسَائِلَ خَمْسٍ: مِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الزَّبِيبِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْعِنَبِ مُعَرِّفًا أَوْ مُنَكِّرًا فَيَحْنَثُ بِشُرْبِهِ لِنَبِيذِ مَا ذُكِرَ. وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ اللَّحْمِ أَوْ الشَّحْمِ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَيَحْنَثُ بِمَرَقَةِ مَا ذُكِرَ وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلٍ الْقَمْحِ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهِ وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الْعِنَبِ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَيَحْنَثُ بِشُرْبِ عَصِيرِهِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ كَالْمُسْتَغْنَى عَنْهَا لِأَنَّهُ إذَا حَنِثَ بِالنَّبِيذِ فَأَوْلَى بِالْعَصِيرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِي هَذِهِ الْخَمْسِ لِقُرْبِ الْفَرْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْعَصِيرُ أَقْرَبُ إلَى الْعِنَبِ مِنْ النَّبِيذِ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ.
(ص) وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ إنْ نَوَى الْمَنَّ لَا لِرَدَاءَةٍ أَوْ سُوءِ صَنْعَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ فِي قَبَّلَتْنِي يَحْنَثُ مُطْلَقًا اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا قَبَّلَتْهُ عَلَى الْفَمِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ أَيْ قَوْلُهُ كَلَا قَبَّلْتُك وَقَبَّلَهَا وَقَوْلُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ أَيْ مَعَ وُضُوحِ الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِتَكَلُّفِ شَيْءٍ فِي الْعِبَارَةِ أَيْ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِيهِ عَدَمُ التَّوْفِيَةِ وَفِيهِ التَّكَلُّفُ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِخِلَافِ عُرْفِ مِصْرَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُفَرِّطْ عَلَى الْمَشْهُورِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ لَا فَارَقْتُك لَا فِيمَا إذَا قَالَ لَا فَارَقَتْنِي فَحِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى لِلْخِلَافِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّحْمَ مُتَوَلِّدٌ عَنْ اللَّحْمِ) لَا يُقَالُ إذَا كَانَ الشَّحْمُ فَرْعًا لِلَّحْمِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ إلَّا إذَا أَتَى فِي يَمِينِهِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِمِنْ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ نَحْوُ حَلِفِهِ لَا آكُلُ هَذَا اللَّحْمَ أَوْ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ
(قَوْلُهُ وَبِفَرْعٍ) أَيْ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْيَمِينِ فِي حَلِفِهِ بِخِلَافِ: مِنْ طَلْعِ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الشَّاةِ فَيَحْنَثُ بِالْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ كَالْمُتَأَخِّرِ (قَوْلُهُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ إلَخْ) مِنْ لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِآكُلُ بَلْ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الطَّلْعِ وَالشَّيْءُ شَامِلٌ لِلطَّلْعِ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِ " مِنْ " وَعَدِّ الْإِيتَانِ بِهَا أَيْ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَطْوَارَهُ أَبْعَاضٌ لَهُ انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ الْفَرْعُ مِنْهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى الْفَرْعِ فَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ فَلَا يَحْنَثُ بِالطَّلْعِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا الطَّلْعَ) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَا آكُلُ الطَّلْعَ (قَوْلُهُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرْجَمَةَ هُنَا الِاسْتِفْهَامُ بِدُونِ بَابٍ أَوْ فَصْلٍ (قَوْلُهُ أَجْزَاءَ الطَّلْعِ) لَكِنْ مَعَ تَغْيِيرِ الصُّورَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ) إنَّمَا حَنِثَ فِي هَذِهِ بِمَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ لِقُرْبِ هَذِهِ الْمُتَوَلِّدَاتِ مِنْ أَصْلِهَا قُرْبًا قَوِيًّا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ اللَّحْمِ إلَخْ) أَفَادَهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ شَحْمِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَحْمٍ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ يُعْطَفُ عَلَى مَرَقَةِ لَحْمٍ أَيْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ أَوْ لَحْمًا فَيَحْنَثُ بِشَحْمِهِ وَهِيَ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ لَكِنْ أَعَادَهَا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَعَلَى حَلِّ الشَّارِحِ لَا تَكُونُ مِنْ النَّظَائِرِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الْقَمْحِ) وَمِثْلُ الْحِنْطَةِ الشَّعِيرُ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا حَنِثَ بِالنَّبِيذِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْخَلِّ فِيمَنْ إذَا قَالَ لَا آكُلُ عِنَبًا ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْحِنْثُ فِي الْعِنَبِ بِنَبِيذِهِ كَنَبِيذِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ لَا أَعْرِفُهُ اهـ وَاسْتَشْكَلَ التُّونُسِيُّ الْحِنْثَ بِالنَّبِيذِ فِي الثَّلَاثَةِ قَالَ لِأَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَ زُبْدًا أَوْ لَا يَأْكُلُ زُبْدًا فَأَكَلَ سَمْنًا أَوْ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ تَمْرًا أَوْ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا يَأْكُلُ قَصَبًا لَا بَأْسَ بِأَكْلِ عَسَلِ الْقَصَبِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا يَحْنَثُ بِشُرْبِ نَبِيذِهِ (قَوْلُهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِنَبِ مِنْ النَّبِيذِ) أَيْ مِنْ قُرْبِ النَّبِيذِ مِنْ الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ بَعْضُهُ.
(قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْمَنَّ)
طَعَامٍ (ش) يَعْنِي وَهَكَذَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَأَكَلَ مِمَّا أَنْبَتَتْهُ أَوْ مِمَّا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا وَهَذَا إذَا نَوَى قَطْعَ الْمَنِّ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَهُ لَوْلَا أَنَا أُطْعِمُك مَا عِشْت وَلَوْلَا وَجَدْت مَا تَأْكُلُهُ لَضِعْت وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ فِي الْحِنْطَةِ مِنْ رَدَاءَةٍ أَوْ سُوءِ صَنْعَةٍ فِي الطَّعَامِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ جُوِّدَ لَهُ وَقَوْلُهُ لَا لِرَدَاءَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ أَنَّ الْحَلِفَ بِقَطْعِ الْمَنِّ لَا لِرَدَاءَةٍ فَإِنْ قُلْت لِمَ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَا إذَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ مَعَ أَنَّ مَنْ نَوَى قَطْعَ الْمَنِّ لَا يَتَقَيَّدُ حِنْثُهُ بِمَا أَنْبَتَتْهُ بَلْ لَوْ بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْمَخْرَجِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا لِرَدَاءَةٍ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا أَنْبَتَتْهُ وَأَحْرَى مَا اشْتَرَى بِثَمَنِهَا.
(ص) وَبِالْحَمَّامِ فِي الْبَيْتِ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَمَّامَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا فَلَا حِنْثَ وَلَيْسَتْ كَبَيْتِ جَارِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي مَبْنَاهَا الْعُرْفُ كَهَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْحِنْثِ بِمِصْرَ الْآنَ إذْ لَا يُطْلَقُ الْبَيْتُ عَلَى الْحَمَّامِ فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ.
(ص) أَوْ دَارِ جَارِهِ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ بَيْتَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي دَارِ جَارِهِ أَيْ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ مِنْ الْحُقُوقِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَشْبَهَ بَيْتَهُ أَوْ لِأَنَّ الْجَارَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ جَارِهِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ عُرْفًا وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْحَالِفِ وَتَكُونُ دَارُ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَحْرَى لَكِنْ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحَالِفِ تَخْتَصُّ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا بِالتَّنْوِينِ لَا بَيْتَهُ بِالْإِضَافَةِ فَلَا يَحْنَثُ.
(ص) أَوْ بَيْتِ شَعْرٍ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ أَوْ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ شَعْرٍ أَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا أَوْ لَا أَسْكُنُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتَ شَعْرِهِ أَوْ سَكَنَ بَيْتَ شَعْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80] الْآيَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِيَمِينِهِ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَسْمَعَ بِقَوْمٍ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنُ فَحَلَفَ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ بِسُكْنَى بَيْتِ الشَّعْرِ.
(ص) كَحَبْسٍ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَيَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْحَبْسَ وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا بِحَقٍّ لِأَنَّ صِيغَةَ الْبِرِّ لَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ كَالطَّوْعِ فَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ طَوْعًا يَحْنَثُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَمَّا إنْ سُجِنَ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَاعَ الْحَالِفُ بِدُخُولِ السِّجْنِ حَنِثَ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا نَوَى الْمُجَامَعَةَ.
(ص) لَا بِمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَ آخَرَ تَحْتَ سَقْفٍ فَصَلَّى مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ سَقْفِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ كَالْحَلِفِ عَلَى الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبًا بِدُخُولِهِ شَرْعًا صَارَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْحَالِفِ.
(ص) وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتًا فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا مِنْ تَجْهِيزٍ يَجْرِي مَجْرَى الْمِلْكِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ أَوْ حَيَاتَهُ أَوْ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ التَّقْيِيدَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ التَّأْبِيدَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا آكُلُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِشَيْءٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لَا لِرَدَاءَةِ إلَخْ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ شب (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَخْ) عَدَمُ الْحِنْثِ عَمَّا أَنْبَتَتْ فِيمَا إذَا نَوَى الرَّدَاءَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مُغَيِّرَةٌ لَا مُنَمِّيَةٌ وَإِلَّا كَانَ يَحْنَثُ لِأَنَّ النَّابِتَ عَيْنُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ حَيْثُ جُوِّدَ لَهُ) كَمَا لَوْ صُنِعَ لَهُ طَعَامٌ وَلَمْ يَنْتَهِ طَيْبُهُ فَحَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ ثُمَّ جُوِّدَ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ بَعْدُ أَوْ وَجَدَ رَائِحَتَهُ كَرِيهَةً فَطُيِّبَتْ لَهُ رَائِحَتُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ فَهَذَا مِنْ بِسَاطِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ مُنَاسِبٌ لِلْمُخْرَجِ مِنْهُ وَالْمُخْرَجُ رَدَاءَةُ الطَّعَامِ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ مِنْهُ الطَّعَامُ، وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ كَأَنَّهُ زَرْعٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَنَصَّ عَلَيْهِ دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ وَأَمَّا مَا أُخِذَ بِثَمَنِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ فِي هَذَا لِأَنَّ دَرَجَةَ الْمُعَاوَضَةِ رُبَّمَا كَانَتْ فِي لَحْظَةٍ لَا بُطْءَ فِيهَا فَإِنْ قُلْت عِنْدَ الرَّدَاءَةِ لِمَ لَا يَحْنَثُ حَيْثُ أَتَى بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْعَ هُنَاكَ بَعْضُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَأَلْغَى الْأَصْلَ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ الْأَصْلُ يَذْهَبُ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ لِرَدَاءَتِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ك
(قَوْلُهُ وَبِالْحَمَّامِ) مِثْلُهُ الْقَهْوَةُ وَالْمَعْصَرَةُ وَالطَّاحُونُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْصُرَ الْمَتْنُ عَلَى بَيْتِهِ لِأَجْلِ تَخْصِيصِ الْحِنْثِ بِبَيْتِ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَقْصُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَعْنَى
(قَوْلُهُ وَإِنْ طَاعَ الْحَالِفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطِعْ فَلَا حِنْثَ وَلَوْ نَوَى الْمُجَامَعَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى نَوَى الْمُجَامَعَةَ حَنِثَ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حُبِسَ طَوْعًا أَوْ كُرْهًا (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا.
(قَوْلُهُ لَا بِمَسْجِدٍ) فَإِنْ قَالَ لَا دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ ثُمَّ جُعِلَتْ مَسْجِدًا لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ كَالْحَلِفِ عَلَى الدُّخُولِ) الْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ إلَخْ يَجْعَلُهَا نَظِيرَةً لِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ يَمْلِكُهُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ مِلْكِ الذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ أَوْ بِعُمْرَى مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا ك (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا إلَخْ) أَيْ إلَّا لِنِيَّةِ الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَإِنْ دُفِنَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفِ حَلِفَهُ لَا دَخَلَ
هَذَا الطَّعَامَ أَوْ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا حَيَاتِي أَوْ مَا عِشْت يُرِيدُ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا.
(ص) لَا بِدُخُولِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُجَامَعَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ بَيْتًا فِيهِ الْحَالِفُ فَلَا حِنْثَ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُجَامِعَهُ فِي بَيْتٍ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَجْلِسَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ جَلَسَ وَتَرَاخَى حَنِثَ وَيَصِيرُ كَابْتِدَاءِ دُخُولِهِ هُوَ عَلَيْهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ دَوَامَ الْإِقَامَةِ لَا يُعَدُّ دُخُولًا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا فِي كَدُخُولٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ هُنَا لَمْ يَرْضَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِذَلِكَ.
(ص) وَبِتَكْفِينِهِ فِي لَا نَفَعَهُ حَيَاتَهُ (ش) أَيْ وَحَنِثَ بِتَكْفِينِهِ فِي حَلِفِهِ لَا نَفَعَهُ حَيَاتَهُ أَوْ لَا أَدَّى إلَيْهِ حَقًّا مَا عَاشَ وَبِتَخْلِيصِهِ مِمَّنْ يَشْتِمُهُ وَبِثَنَائِهِ عَلَيْهِ فِي نِكَاحٍ حَيْثُ كَانَ الثَّنَاءُ مَقْصُودًا بِهِ نَفْعُهُ وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَنْفَعُ أَخَاهُ بِنَفْعِ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِتَكْفِينِهِ إدْرَاجُهُ فِي الْكَفَنِ وَأَوْلَى شِرَاءُ الْكَفَنِ لَهُ وَمِثْلُهُ تَغْسِيلُهُ وَأَمَّا بَقِيَّةُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَفْعِهِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ.
(ص) وَبِأَكْلٍ مِنْ تَرِكَتِهِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا فِي لَا أَكَلْت طَعَامَهُ إنْ أَوْصَى أَوْ كَانَ مَدِينًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ إذَا حَلَفَ لَا أَكَلْت مِنْ طَعَامِ زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ مِنْ تَرِكَةِ زَيْدٍ قَبْلَ قَسْمِهَا بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهَا إنْ كَانَ زَيْدٌ الْمَيِّتَ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُحِيطٍ أَوْ غَيْرِ مُحِيطٍ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ قَيَّدَهَا ابْنُ الْكَاتِبِ بِمَا إذَا كَانَتْ بِمَعْلُومٍ يَحْتَاجُ فِيهَا لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ لَوْ ضَاعَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوصَى لَهُ لَرَجَعَ فِي الثُّلُثِ أَمَّا إنْ كَانَتْ بِمُعَيَّنٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ كَإِيصَائِهِ بِعَبْدٍ عَيَّنَهُ لِفُلَانٍ أَوْ شَائِعٍ كَرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ فَلَا حِنْثَ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِوُجُوبِ وَقْفِهَا لِلدَّيْنِ أَوْ لِلْوَصِيَّةِ فَالضَّمِيرُ فِي تَرِكَتِهِ رَاجِعٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَى أَكْلِ طَعَامِهِ.
(ص) وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ أَوْ رَسُولٍ فِي لَا كَلَّمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَتَبَ الْحَالِفُ مَكْتُوبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَمْلَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ وَوَصَلَ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْمُجَانَبَةُ وَهِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ مَعَ وُصُولِ الْكِتَابِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا أَرْسَلَ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَلَامًا مَعَ رَسُولٍ وَبَلَّغَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَلِّغْهُ الرَّسُولُ فَلَا حِنْثَ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَصِلْ الْكِتَابُ وَلَوْ كَتَبَهُ الْحَالِفُ عَازِمًا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ عَازِمًا وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ الزَّوْجُ بِهِ بِخِلَافِ الْمُكَالَمَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ.
(ص) وَلَمْ يَنْوِ فِي الْكِتَابِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِعَدَمِ الْكَلَامِ الْمُشَافَهَةَ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ فِي الرَّسُولِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَيْهِ بَيْتَ فُلَانٍ مَا عَاشَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِيهِ قَبْلَ دَفْنِهِ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُجَامِعَهُ) أَيْ وَإِلَّا حَنِثَ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ جُلُوسٌ (وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ تت وَنَحْوِهِ أَنَّ كَذَلِكَ زَائِدَةٌ وَأَنَّ الْمَعْنَى يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ دَوَامَ الْإِقَامَةِ لَا يُعَدُّ دُخُولًا) وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الثَّنَاءُ مَقْصُودًا بِهِ نَفْعَهُ) أَمَّا إذَا قَصَدَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ إيقَاعَهُ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ لِعِلْمِهِ بِمَآلِ شَرِّهِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ) كَذَا قَالَ عج وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ إدْخَالَهُ قَبْرَهُ وَحَمْلَ جِنَازَتِهِ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ تَكْفِينَهُ لَا مُحْتَرَزَ لَهُ أَيْ وَتَجْهِيزَهُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَتَوْجِيهُ بَعْضِهِمْ لِمَا قَالَهُ عج بِأَنَّ الدَّفْنَ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقَانِ بِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ بِخِلَافِ التَّكْفِينِ وَالتَّغْسِيلِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَلَا يَظْهَرُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ بِمَعْلُومٍ إلَخْ) كَأَعْطُوا فُلَانًا مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ يَحْتَاجُ فِيهِ لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ) أَيْ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يُبَاعُ أَيْ يُرَادُ بَيْعُهُ لَوْ ضَاعَ أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ إذْ لَوْ كَانَ حَقًّا لِلْمُوصَى لَهُ لَمْ يَرْجِعْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهُوَ لَمْ يَبْقَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَإِذَا ضَاعَ فَلَا يَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَلِذَا لَا حِنْثَ بِالْأَكْلِ مِنْ التَّرِكَةِ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا وَضَاعَ رَجَعَ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ بِمُعَيَّنٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَكَلَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَسْمِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ شَائِعٍ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ شَائِعًا لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ بَلْ مِنْ شَائِعٍ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَهُمَا حَيَّانِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ فِي حَلِفِهِ لِغَيْرِ قَطْعِ مَنٍّ فَإِنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ لِخَبَثٍ فِي الْمَالِ حَنِثَ إنْ كَانَ مَغْصُوبًا مُعَيَّنًا إذْ لَا يَحِلُّهُ الْإِرْثُ فَإِنْ أَحَلَّهُ كَمَالٍ نَشَأَ مِنْ مُعَامَلَاتٍ فَاسِدَةٍ فَيَزُولُ عَنْ الْمَالِ الْخَبَثُ بِإِرْثِهِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
(قَوْلُهُ وَبِكِتَابٍ) كَتَبَهُ بِعَرَبِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا حَيْثُ يَفْهَمُهُ الْمَكْتُوبُ لَهُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَمْلَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ) لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَوَصَلَ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْحَالِفِ وَلَوْ حَكَمًا كَعِلْمِهِ بِخُرُوجِ حَامِلِ الْكِتَابِ وَسُكُوتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ) بَلْ وَلَوْ لَمْ يَفْتَحْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بِاللَّفْظِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا فِي الْمُصَنِّفِ بَيْنَ عِلْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ الْحَالِفِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ يَسْمَعُ الْحَالِفَ يَقُولُ لِلرَّسُولِ بَلِّغْ فُلَانًا كَذَا الَّذِي هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ
يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لَكِنْ يَحْلِفُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لِحَقِّ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ وَيَنْوِي فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالطَّلَاقِ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَنْوِي فِيهِمَا فِي الْقَضَاءِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ وَتَقْيِيدُ تَنْوِيَتِهِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مَذْكُورٌ فِي الْأُمِّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّهُ فِي التَّهْذِيبِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ وَلَوْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّ لَمْ يَبِرَّ بِالْكِتَابِ وَلَا بِالرَّسُولِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ بِخِلَافِ الْبِرِّ كَمَا مَرَّ (ص) وَبِالْإِشَارَةِ لَهُ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَشَارَ الْحَالِفُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ كَلَامٌ وَسَوَاءٌ السَّمِيعُ وَالْأَصَمُّ وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا بِالنَّفْخِ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ وَقَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ يَنْبَغِي حَيْثُ كَانَ يُبْصِرُ وَإِلَّا فَلَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ النِّيَّةِ فِي الْإِشَارَةِ كَحُكْمِهَا فِي الْكِتَابِ فَتُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (ص) وَبِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا كَلَّمَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِصَمَمٍ أَوْ نَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ أَوْ اشْتِغَالٍ بِكَلَامِ غَيْرِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ فِي مَكَان يَسْمَعُ فِيهِ كَلَامَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَادَةً لَوْلَا الْمَانِعُ لَا إنْ كَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ لَا يَسْمَعُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَلَامَهُ عَادَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
(ص) لَا قِرَاءَتُهُ بِقَلْبِهِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ أَوْ لَا يَقْرَأُ جَهْرًا أَوْ لَا يَقْرَأُ هَذَا الْكِتَابَ أَوْ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَمَرَّ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فَفَاعِلُ الْقِرَاءَةِ الْحَالِفُ لَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَرَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ حِنْثُ الْحَالِفِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ بِقِرَاءَتِهِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) أَوْ قِرَاءَةُ أَحَدٍ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا كَتَبَ كِتَابًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ أَوْ قَالَ لِرَسُولِهِ اُرْدُدْهُ أَوْ اقْطَعْهُ فَعَصَاهُ وَدَفَعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ أَوْ رَمَاهُ الْحَالِفُ فَأَخَذَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ فَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَبِلَا إذْنٍ لِلْحَالِفِ وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ كِتَابًا وَصَلَ بِلَا إذْنٍ أَيْ وَصَلَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْحَالِفِ وَالْمُرَادُ بِالْإِذْنِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ بِذَهَابِهِ وَسَكَتَ.
(ص) وَلَا بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ بِصَلَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا فَصَلَّى الْحَالِفُ بِقَوْمٍ فِيهِمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عليه السلام مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَتْ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي عَلَى يَسَارِهِ (ص) وَلَا كِتَابَةُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرَأَ عَلَى الْأَصْوَبِ وَالْمُخْتَارُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَتَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَرْسَلَهُ إلَى الْحَالِفِ وَوَصَلَ إلَيْهِ وَقَرَأَهُ بِلِسَانِهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ بَلْ لَوْ حَضَرَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَكَلَّمَ الْحَالِفَ وَلَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ حَلِفَهُ لَا كَلَّمْته وَلَمْ يَحْلِفْ لَا كَلَّمَنِي.
(ص) وَبِسَلَامِهِ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُهُ فَإِذَا هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فَالْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ الْجَزْمُ فَإِنْ قُلْت هَذَا مِنْ اللَّغْوِ فَلَا يَحْنَثُ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ اللَّغْوُ قُلْت اللَّغْوُ الْحَلِفُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ نَفْيُهُ وَالِاعْتِقَادُ هُنَا لَيْسَ فِي الْحَلِفِ بَلْ فِي فِعْلِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ) أَيْ وَالْكِتَابُ كَلَفْظِهِ إذْ الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَنْبَغِي إذَا بَلَغَ الرَّسُولَ كَلَامُهُ بِعَيْنِهِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَالْكِتَابِ لَا يَنْوِي فِيهِ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ عَدَمَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ فِي الْكِتَابِ لِكَوْنِهَا مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَحْلِفُ إلَخْ) فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دِينَ.
(قَوْلُهُ مَذْكُورٌ فِي الْأُمِّ) اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي الْأُمِّ وَإِنَّمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ لَهُ) أَيْ إشَارَةٌ شَأْنُهَا الْإِفْهَامُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يُبْصِرُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَمِيعًا أَوْ أَصَمَّ وَشَمِلَ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ لَهُ مَعَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ (قَوْلُهُ وَبِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا لَوْ حَلَفَ وَهُوَ سَلِيمٌ لَا كَلَّمَهُ فَكَلَّمَهُ أَصَمُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت يَنْبَغِي إنْ حَلَفَ عَلَيْهِ سَمِيعًا فَكَلَّمَهُ وَهُوَ أَصَمُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمِثْلُ الْبَعِيدِ مَا لَوْ كَلَّمَ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَيِّتٌ (قَوْلُهُ أَوْ رَمَاهُ الْحَالِفُ) أَيْ رَاجِعًا عَنْهُ إذْ مُفَادُ النَّقْلِ كَمَا فِي ك أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِتَقْطِيعِهِ وَلَا رَدِّهِ وَلَمْ يَكُنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَعَلَى هَذَا فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ لَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِلَا إذْنٍ) أَيْ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِلَا إذْنٍ أَيْ الضَّمِيرُ الْمُقَدَّرُ أَيْ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ أَوْ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِلَا إذْنِهِ وَيَكُونُ التَّنْوِينُ عِوَضًا عَنْ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ وَلَا بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ السَّلَامَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا مُعْتَقِدًا إتْمَامَهَا (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ هُوَ الْحَالِفُ وَقَوْلُهُ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَتْ إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ الْحَالِفَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ الْإِمَامَ أَوْ الْمَأْمُومَ وَمَحِلُّ ذَلِكَ حَيْثُ طَلَبَ الْحَالِفُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَإِلَّا حَنِثَ أَيْ بِأَنْ كَانَ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَيَدْخُلُ حِينَئِذٍ تَحْتَ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِسَلَامِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُصَوِّبُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَأَنْكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْحِنْثِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ ظَانًّا) أَيْ أَوْ شَاكًّا أَوْ مُتَوَهِّمًا بَلْ هُمَا أَوْلَوِيَّانِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي الْحَلِفِ) أَيْ لَيْسَ فِي مُتَعَلَّقِ الْحَلِفِ مَثَلًا إذَا قُلْت وَاَللَّهِ إنَّ فِي جَيْبِي دِينَارًا لِكَوْنِك تَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالِاعْتِقَادُ هُنَا فِي مُتَعَلَّقِ الْحَلِفِ وَهُوَ أَنَّ فِي جَيْبِهِ دِينَارًا
غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ لَوْ كَلَّمَ رَجُلًا يَظُنُّهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَصَدَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَشَامِلِهِ وَلَا يُقَالُ هَذَا فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ يُوجِبُ الْحِنْثَ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ إنَّمَا يُوجِبُ الْحِنْثَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَقَطْ.
(ص) أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِهِ وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ فَلَا حِنْثَ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُعْتَقِدًا وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ هُنَا اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَدَاهُ لَا الْمُحَاشَاةُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فَيَكْفِي أَنْ يَقْصِدَ بِالسَّلَامِ غَيْرَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْزِلَهُ أَوَّلًا أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ رَأَى الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَرَفَ الْجَمَاعَةَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَرَ فِيهِمْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ عَلَى مَنْ عَرَفَ (ص) وَبِفَتْحٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ وَوَقَفَ فِي قِرَاءَتِهِ وَاسْتَدَّتْ عَلَيْهِ طُرُقُ الْقِرَاءَةِ فَفَتَحَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَرْشَدَهُ وَلَقَّنَهُ مَا غَلِطَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفَتْحُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ قُلْ أَوْ اقْرَأْ كَذَا بِخِلَافِ سَلَامِ الصَّلَاةِ.
(ص) وَبِلَا عِلْمِ إذْنِهِ فِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِسَبَبِ إذْنِي وَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ سَبَبِ إذْنِهِ.
(ص) وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ فِي لَأُعْلِمَنَّهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ لَيُعْلِمَنَّ بِهِ زَيْدًا فَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُعْلِمْ زَيْدًا بِهِ حَتَّى عَلِمَهُ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُعْلِمَهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ الْمُتَضَمِّنُ لِبِرِّ الْحَالِفِ أَيْ فَإِذَا أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَبِرُّ، وَلَوْ كَانَ الْإِعْلَامُ بِرَسُولٍ يُرْسِلُهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ وَأَحْرَى بِكِتَابٍ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَيَصِحُّ كَوْنُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْطُوقِ أَيْ وَحَنِثَ بِانْتِفَاءِ الْإِعْلَامِ وَإِنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ مِنْ رَسُولٍ لَكِنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَفْهُومِ أَتَمَّ فَائِدَةً وَعِلْمُهُ اسْمُ مَصْدَرٍ مُرَادًا بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ إعْلَامُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَلْ لَا يَبِرُّ الْحَالِف إلَّا بِإِعْلَامِهِ بِمَا وَقَعَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهُ وَصَلَ لَهُ الْعِلْم بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ رَأْيُ أَبِي عِمْرَانَ وَغَيْرِهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إعْلَامٌ حِينَئِذٍ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ) وَمَبْنَاهُمَا يَنْزِلُ عِلْمُهُ بِإِعْلَامِ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إعْلَامِهِ أَمْ لَا (ص) أَوْ عَلِمَ وَالٍ ثَانٍ فِي حَلِفِهِ لِأَوَّلِ فِي نَظَر (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ طَوْعًا لِوَالٍ أَيْ لِمُتَوَلٍّ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ نَظَرُ الْمُسْلِمِينَ وَمَصْلَحَةٌ لَهُمْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِهِ فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ رَأَى ذَلِكَ الْأَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْوَالِيَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَا يَبِرُّ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْأَوَّلِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يُعْتَبَرُ وَمَفْهُومُ فِي نَظَرٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخُصُّ الْمَعْزُولَ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ رَآهُ بَعْدَ عَزْلِهِ فَلْيُعْلِمْهُ بِهِ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَفْعُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَلَا إلَى وَصِيِّهِ وَلَا إلَى أَمِيرٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ عِلْمُ وَالٍ أَيْ إعْلَامٌ فَأَجْرَى مَصْدَرَ الْمُجَرَّدِ مَجْرَى الْمَزِيدِ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ بَلْ فِي فِعْلِ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ فِعْلِ وَيَقُولُ بَلْ فِي غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ تَعَلَّقَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا فَزَيْدٌ لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا عَكْسُ إلَخْ) مِنْ فَرْعِ الْمُصَنِّفِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحِنْثَ وَعَدَمَهُ مَنُوطٌ بِمَا تَبَيَّنَ لَا بِاعْتِبَارِ الِاعْتِقَادِ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا لَهُ مَالٌ وَقَدْ وَرِثَ قَبْلَ يَمِينِهِ مَالًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي يَمِينِهِ أَعْلَمُهُ فَلَا حِنْثَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَالَ عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ وَانْكَشَفَ الْأَمْرُ أَنَّهُ وَرِثَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ هَذَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَ مَنْصُوصًا (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ أَوَّلًا بِالنِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ) رَدَّ ذَلِكَ عج بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحَاشَاةِ هُنَا الْمُحَاشَاةُ بِاللِّسَانِ وَكَذَا بِالْقَلْبِ إنْ تَقَدَّمَتْ مُحَاشَاتُهُ عَلَى السَّلَامِ أَوْ قَارَنَتْ السَّلَامَ فَإِنْ حَاشَاهُ أَثْنَاءَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالْمُحَاشَاةِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ.
. (قَوْلُهُ وَبِلَا عِلْمِ إذْنِهِ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ رَجَعَ فَخَرَجَتْ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ لَا حِنْثَ وَخَرَّجَا عَلَى شَرْطِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا إلَّا بِرِضَاهَا فَرَضِيَتْ وَأَخْرَجَهَا ثُمَّ طَلَبَ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ.
(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُعْلِمَهُ) أَيْ فَلَا نَقُولُ يَبِرُّ بِسَبَبِ كَوْنِ زَيْدٍ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ مِنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ) فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ إعْلَامَهُ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ كِتَابِهِ فَإِنَّهُ كَنُطْقِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ مِنْهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاءُ حَاصِلًا مِنْ رَسُولِ الْحَالِفِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ حَاصِلًا مِنْ الْحَالِفِ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي حَلَفَ (قَوْلُهُ أَتَمُّ فَائِدَةً) أَيْ أَظْهَرُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ أَزْيَدُ مَعْنًى (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ إعْلَامَهُ بِالرَّسُولِ أَوْ الْكِتَابِ كَافٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَأَجْرَى مَصْدَرَ الْمُجَرَّدِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلْمَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْلَمَ وَمَصْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَلِمَ
وَبِمَرْهُونٍ فِي لَا ثَوْبَ لِي (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا طَلَبَ مِنْهُ إنْسَانٌ ثَوْبًا عَارِيَّةً فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ثَوْبًا وَلَهُ ثَوْبٌ مَرْهُونٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ نَوَى مَا عَدَا الثَّوْبَ الْمَرْهُونَ فَلَا حِنْثَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَدْرَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْمَرْهُونِ الْمُعَارَ وَالْمُسْتَأْجَرَ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) .
(ص) وَبِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فِي لَا أَعَارَهُ وَبِالْعَكْسِ وَنَوَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَعَارَهُ فَوَهَبَهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ تَصَدُّقٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ عَدَمُ نَفْعِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَنْفَعُهُ بِهِ مِنْ نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ إسْكَانٍ أَوْ تَحْبِيسٍ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا وَهَبَهُ أَوْ لَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَأَعَارَهُ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ أَرَدْت قَصْرَ الْيَمِينِ عَلَى الْعَارِيَّةِ دُونَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَرَدْت قَصْرَ الْيَمِينِ عَلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ دُونَ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِالْعَارِيَّةِ وَلَا يَنْوِي فِي إرَادَةِ خُصُوصِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ إذَا حَلَفَ أَحَدَهُمَا لِتَقَارُبِهِمَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (لَا فِي صَدَقَةٍ عَنْ هِبَةٍ وَعَكْسِهِ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَعْتَصِرَ الْهِبَةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ الِاعْتِصَارُ فَإِنَّهُ يَنْوِي إذَا حَلَفَ عَلَى الصَّدَقَةِ أَنَّهُ أَرَادَ خُصُوصَهَا لِعَدَمِ عَصْرِهَا فَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ.
(ص) وَبِبَقَاءٍ وَلَوْ لَيْلًا فِي لَا سَكَنْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا سَكَنَ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْهَا فَوْرًا لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهَا سُكْنَى عُرْفًا فَإِنْ بَقِيَ وَلَوْ لَيْلًا بَعْدَ يَمِينِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِقَالِ حَنِثَ قَالَ فِيهَا يَخْرُجُ وَلَوْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الصَّبَاحِ وَإِنْ تَغَالَوْا عَلَيْهِ فِي الْكِرَاءِ أَوْ وَجَدَ مَنْزِلًا لَا يُوَافِقُ فَلْيَنْتَقِلْ إلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ سِوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَبِبَقَاءٍ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُكْرَهٌ فِي الْبَقَاءِ.
(ص) لَا فِي لَأَنْتَقِلَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ فِيهَا إلَى الصَّبَاحِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ وَيُؤْمَرُ بِالِانْتِقَالِ بِسُرْعَةٍ وَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَنْتَقِلَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ وَرَافَعْته ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ عَلَى بِرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّ الْأَجَلِ انْتَهَى فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ السُّكْنَى فَإِنَّهُ إذَا عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ سُكْنَى فِي تِلْكَ الدَّارِ فَمَتَى وُجِدَتْ حَنِثَ.
(ص) وَلَا بِخَزْنٍ (ش) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ بِبَقَاءٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَالتَّقْدِيرُ وَحَنِثَ بِبَقَاءٍ وَلَوْ لَيْلًا وَلَا يَحْنَثُ بِخَزْنٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ خَزَّنَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُكْنَى وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ فِي الدَّارِ شَيْءٌ مَخْزُونٌ وَقَدْ حَلَفَ لَا سَكَنْت بِهَا فَانْتَقَلَ وَأَبْقَاهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَبِمَرْهُونٍ) وَكَذَا بِمَالٍ غَائِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي حَلِفِهِ لَا مَالَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي يَمِينِهِ أَعْلَمُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ لَهُ عُمْرَى تَرْجِعُ يَوْمًا فَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَمْ يَقْبَلْهَا قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَبِلَهَا فَقَوْلَانِ بِالْحِنْثِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهَا بِالْقَبُولِ صَارَتْ مَالَهُ الْآنَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يُنْقِصَ الْقِيَمَ.
(قَوْلُهُ نِحْلَةٍ) هِيَ الْعَطِيَّةُ لَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَحْنَثُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى خُصُوصَ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْوِي فِي إرَادَةِ إلَخْ) لَا عِنْدَ الْمُفْتِي وَلَا عِنْدَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ أَوْ الصَّدَقَةُ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا أَفَادَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَهَكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْوِي إذَا حَلَفَ) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ فِي الْعَكْسِ يَنْوِي فِي الْفَتْوَى وَفِي الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا فِي الَّتِي قَبْلُ فَيَنْوِي وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ عِنْدَ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ مَنْزِلًا) هَلْ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَوْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَذُكِرَ فِي ك أَنَّ مِنْ الْمَنْزِلِ الَّذِي لَا يُوَافِقُ مَا إذَا وَجَدَ بَيْتَ شَعْرٍ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ بِهِ مُكْرَهًا كَالْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) : مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ وَمَنْ يُرَاعِي الْعُرْفَ أَمْهَلَهُ لِلصُّبْحِ فَيَنْتَقِلُ إلَى مَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مِثْلُهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَسْكُنَنَّهَا فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَبِرُّ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ بِأَكْثَرَ وَعَلَى رَعْيِ الْقَصْدِ لَا يَبِرُّ إلَّا بِطُولِ مَقَامٍ يَرَى أَنَّهُ قَصْدٌ وَلِذَا فِي عب لَوْ حَلَفَ لَيَسْكُنَنَّ فَإِنَّمَا يَبِرُّ بِطُولِ مَقَامٍ يَرَى أَنَّهُ قَصَدَهُ رَعْيًا لِلْقَصْدِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ.
(قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ إذَا رَجَعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَبِرُّ بِإِقَامَتِهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَانْتِقَالِهِ وَهِيَ نِصْفُ شَهْرٍ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ كَأَنْتَقِلَنَّ فَإِنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْمُكْثِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَا لَهُ حَيْثُ قَالَ لَأَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ.
(قَوْلُهُ وَحَنِثَ بِبَقَاءٍ) أَيْ زَائِدٍ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِقَالِ وَلَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِكَثْرَةِ مَتَاعِهِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي مُدَّةِ النَّقْلَةِ سَاكِنًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَيْلًا) رَدٌّ عَلَى أَشْهَبَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَكْمُلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ) هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ مَطَامِيرُ فَقَدْ قَالَ التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ الْمَطَامِيرُ لَا تَدْخُلُ فِي الْكِرَاءِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَتُكْرَى وَحْدَهَا لِخَزْنِ الطَّعَامِ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْيَمِينِ وَأَنَّ لَهُ تَرْكَهَا إذَا كَانَ قَدْ اكْتَرَى الْمَطَامِيرَ مُنْفَرِدَةً قَبْلَ سُكْنَاهَا أَوْ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِالْمَطَامِيرِ أَنْ تَبْقَى إلَّا بِمَكَانِ سُكْنَاهُ يَنْبَغِي نَقْلُهَا مَعَ قَشِّهِ.
الْمَوَّاقِ.
(ص) وَانْتَقَلَ فِي لَا سَاكَنَهُ عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ لَا سَاكَنَهُ فِي دَارٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْتِقَالِ أَحَدِهِمَا أَوْ انْتِقَالِهِمَا مَعًا انْتِقَالًا يَزُولُ مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا يُحْتَرَزُ عَمَّا إذَا انْتَقَلَ أَحَدُهُمَا إلَى مَوْضِعِ الْآخَرِ أَيْ وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَكَانِ الْآخَرِ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَإِنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لَا يَزُولُ مَعَهَا اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا فَيَحْنَثُ بِهِ أَيْ لَا يَبِرُّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا) إلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْيَمِينِ أَيْضًا بِضَرْبِ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجِدَارِ وَثِيقًا بِالطُّوبِ وَالْحَجَرِ بَلْ يَكْفِي (وَلَوْ جَرِيدًا) عِنْدَ الْأَكْثَرِ إنْ جُعِلَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مَدْخَلٌ عَلَى حِدَتِهِ وَلَوْ قَسْمَ مَنَافِعَ لَا قَسْمَ رَقَبَةِ وَقَوْلُهُ (بِهَذِهِ الدَّارِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَاكَنَهُ أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا سَاكَنَهُ بِهَذِهِ الدَّارِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ.
(ص) وَبِالزِّيَارَةِ إنْ قَصَدَ التَّنَحِّي لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فَزَارَهُ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ لَا لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ مِنْ الشَّنَآنِ بَلْ قَصْدُهُ الْبُعْدُ وَالتَّنَحِّي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ لِأَنَّ التَّبَاعُدَ غَيْرُ مَوْجُودٍ مَعَ الزِّيَارَةِ لِأَنَّهَا مُوَاصَلَةٌ وَقُرْبٌ وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ مِنْ الشَّنَآنِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُكْنَى عُرْفًا وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا وَيَبِتْ بِلَا مَرَضٍ (ص) إنْ لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا وَيَبِتْ بِلَا مَرَضٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ وَمَحِلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا وَبَاتَ بِلَا مَرَضٍ أَمَّا لَوْ أَكْثَرَهَا نَهَارًا وَبَاتَ بِلَا مَرَضٍ بِأَنْ بَاتَ اخْتِيَارًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالشَّيْئَيْنِ مَعًا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ الشَّيْئَيْنِ تَنْتِفِي بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَكْثَرَ الزِّيَارَةَ نَهَارًا مِنْ غَيْرِ مَبِيتٍ أَوْ بَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ بَاتَ بِلَا مَرَضٍ وَلَمْ يُكْثِرْ الزِّيَارَةَ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الشَّامِلِ لَكِنَّ الَّذِي فِي نَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ التَّعْبِيرُ بِأَوْ وَحِينَئِذٍ، قَالُوا وَهُنَا بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَا فِي الشَّامِلِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ فِي لَا سَاكَنَهُ) هَذَا فِي حَلِفِهِ لَا سَاكَنَهُ بِدَارٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا أَيْ أَوْ لَا سَاكَنَهُ فِي دَارٍ أَوْ لَا سَاكَنَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ دَارٍ أَصْلًا لِأَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ وَفِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ إمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُجَرَّدَ سَاحَةٍ لَا بُيُوتَ بِهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي جَنْبٍ مِنْهَا أَوْ ذَاتَ بَيْتٍ وَاحِدٍ أَوْ بُيُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ فِي الدَّارِ. وَأَمَّا لَا سَاكَنَهُ فِي حَارَةٍ فَإِنْ كَانَا مَعًا فِي حَارَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْتَقِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِحَارَةٍ أُخْرَى كَانَتْ الْقَرْيَةُ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهَا فِي حَارَةٍ وَالْقَرْيَةُ صَغِيرَةٌ وَحَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فَيَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ أُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَبِرَتْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْبِرُّ عَلَى الِانْتِقَالِ وَفَائِدَةُ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِهِ وَلَا يَسْكُنُ مَعَهُ. وَإِذَا حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ بِبَلْدَةٍ فَيَنْتَقِلُ لِأُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ وَكُلٌّ بِقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ تَعَيَّنَ انْتِقَالُهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَهُ فِي مَسْقًى أَوْ مَحْطَبٍ فَإِنْ كَبِرَتْ الْبَلْدَتَانِ فَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ عُرْفًا تَأَمَّلْ، هَذَا مَا فِي عب وَفِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي حَارَةٍ حِينَ الْحَلِفِ بَعُدَ عَنْ حَارَتِهِ بِحَارَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ إذَا كَانَ الْبَلَدُ مِصْرًا وَلَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ لِبَلَدٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً خَرَجَ مِنْهَا لِقَرْيَةٍ أُخْرَى.
(تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا مَعًا بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ وَفَوْقَهُ مَحَلٌّ خَالٍ فَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُهُمَا إلَى الْعُلْوِ وَبَقِيَ الْآخَرُ فِي السُّفْلِ أَجْزَأَهُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكْتَفِي إذَا كَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِ الْمَاعُونِ وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ فَلَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَسْكَنٍ مُسْتَغْنِيًا بِمَرَافِقِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ سَكَنَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا) أَيْ شَرَعَا فِي ضَرْبِهِ بِأَثَرِ الْيَمِينِ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَضْرِبَ فَقَدْ يَكُونُ ضَرْبُهُ أَسْرَعَ مِنْ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مُقَابِلُهُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْجَرِيدَ لَغْوٌ (قَوْلُهُ إنْ جُعِلَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مَدْخَلٌ عَلَى حِدَتِهِ إلَخْ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مِرْفَقٌ سَوَاءٌ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَدْخَلٌ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ وَأَمَّا إنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَدْخَلٌ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمِرْفَقِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْعُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِسَاكَنَهُ) الْأَوْلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لَا يَكْفِي فِيهَا ضَرْبُ الْجِدَارِ فَلِذَا بَالَغَ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهَا وَتَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ وَلَوْ جَرِيدًا وَلَوْ فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى شَيْئَيْنِ كِفَايَةُ الْجِدَارِ وَلَوْ قَالَ بِهَذِهِ الدَّارِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى كِفَايَتِهِ وَلَوْ جَرِيدًا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
(قَوْلُهُ لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ لَا إنْ حَلَفَ لِدُخُولِ عِيَالٍ أَوْ مَعْطُوفٍ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ حَلَفَ لِقَصْدِ التَّنَحِّي لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ (قَوْلُهُ الشَّنَآنُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِهَا الْبُغْضُ (قَوْلُهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَصْدُ التَّنَحِّي أَيْ فَلَا يَحْنَثُ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيَبِتْ بِلَا مَرَضٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَيَبِتْ لِلْعَطْفِ عَلَى يُكْثِرْ فَهُوَ مَجْزُومٌ وَالْيَاءُ فِيهِ مَحْذُوفَةٌ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْ وَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ بِلَا مَرَضٍ) أَيْ مَرَضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ) أَيْ وَهُوَ الْحِنْثُ وَقَوْلُهُ الْمُرَكَّبَةَ أَيْ الْمُرَكَّبَ مُتَعَلِّقُهَا مِنْ شَيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا لِكَثْرَةِ نَهَارًا وَالْبَيَاتُ بِلَا مَرَضٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا هُوَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَهِيَ الْكَثْرَةُ نَهَارًا وَالْبَيَاتُ بِلَا مَرَضٍ (قَوْلُهُ التَّعْبِيرُ بِأَوْ) أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ يَكُونُ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَحِينَئِذٍ فَالْحِنْثُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَلَا
غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْكَثْرَةُ مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ كَثْرَةً وَلَوْ فِي أَيَّامٍ وَقِيلَ مَعْنَى الْكَثْرَةِ نَهَارًا طُولُ الْإِقَامَةِ بِأَهْلِهِ مُدَّةَ الزِّيَارَةِ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الزِّيَارَاتِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالزِّيَارَةِ الْمَعْرُوفَ مِنْهَا تَأَمَّلْ.
(ص) وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ وَمَكَثَ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَأُسَافِرَنَّ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَسَافَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَيَمْكُثُ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُ الشَّهْرِ فَقَوْلُهُ وَسَافَرَ إلَخْ حَلَالُهُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ دُونَ اللُّغَوِيِّ وَإِلَّا لَأَجْزَأَ مَا يُسَمَّى سَفَرًا وَدُونَ الْعُرْفِيِّ وَإِلَّا لَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَالْبِسَاطِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَأَحَدِ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُكْثِ حَقِيقَتَهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ سَفَرِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَبْلَ نِصْفِ شَهْرٍ فَلَوْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ نِصْفَ شَهْرٍ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (ص) كَأَنْتَقِلَنَّ (ش) يَحْتَمِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ بَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَيَلْزَمَهُ أَنْ يُقِيمَ هُنَاكَ أَيْ فِي انْتِهَاءِ سَفَرِهِ نِصْفَ شَهْرٍ وَيُنْدَبُ كَمَالُهُ فِي انْتِهَاءِ سَفَرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَدْرِ الْمُكْثِ فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ دَارِ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فِي الْمَكَانِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَبِرُّ إلَّا بِفِعْلِ مَنْ قَيَّدَ بِبَلَدِهِ.
(ص) وَلَوْ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ لَا بِكَمِسْمَارٍ وَهَلْ إنْ نَوَى عَدَمَ عَوْدِهِ لَهُ تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنْت وَلَا وَجْهَ لِفَصْلِهِ عَنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ فَارْتَحَلَ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَتَاعِهِ وَأَبْقَى مَا لَهُ بَالٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لَا إنْ تَرَكَ نَحْوَ مِسْمَارٍ وَخَشَبَةٍ مِمَّا لَا يَحْمِلُ الْحَالِفَ عَلَى الْعَوْدِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَرَكَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ أَمْ لَا وَقِيلَ إنْ نَوَى الْعَوْدَ إلَيْهِ حَنِثَ لَا إنْ نَوَى عَدَمَ الْعُودِ أَوْ لَا نِيَّةَ فَالتَّرَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى الْعَوْدَ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تُعْطِي أَنَّ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا فَلَوْ قَالَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَوْدَ لَهُ تَرَدُّدٌ لِتَنْزِلْ عَلَى مَا تَرَى.
(ص) وَبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ أَوْ عَيْبِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ إيَّاهُ فَاسْتَحَقَّ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ يَدِهِ أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَظَاهِرُهُ الْحِنْثُ
ــ
[حاشية العدوي]
يَتَوَقَّفُ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ بَلْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى فِي الْحِنْثِ وَالْمَعْنَى إنْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الْكَثْرَةِ نَهَارًا وَالْبَيَاتِ بِلَا مَرَضٍ فَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ مَا فِي نَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَالْكَثْرَةُ مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ كَثْرَةً وَلَوْ فِي أَيَّامٍ) أَيْ أَنَّهُ يَغِيبُ يَوْمَيْنِ وَيَأْتِي يَوْمًا وَهَكَذَا فَهَذِهِ كَثْرَةٌ بِاعْتِبَارِ أَيَّامٍ أَيْ زِيَارَاتٍ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ بِاعْتِبَارِ زِيَارَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ بِأَهْلِهِ) وَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ مُدَّةَ الزِّيَارَةِ لَا حَاجَةَ لَهُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ طُولُ الْإِقَامَةِ بِأَهْلِهِ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الزِّيَارَاتِ وَأَمَّا لَوْ زَارَهُ زِيَارَةً وَاحِدَةً وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ بِأَهْلِهِ بَلْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي الزِّيَارَةِ الْوَاحِدَةِ بِدُونِ أَهْلِهِ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ طُولُ الزِّيَارَةِ الْوَاحِدَةِ أَيْ بِحَيْثُ يَمْكُثُ عِنْدَهُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَلَلُ وَلَوْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ لَكَانَ أَوْضَحَ وَفِي شَرْحِ شب الْكَثْرَةُ هِيَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ وَاضِحَةٌ.
(قَوْلُهُ وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي حَلِفِهِ لَأُسَافِرَنَّ) وَإِنْ لَمْ يُقْصِرْ الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا دَفْعَةً أَوْ لِعِصْيَانِهِ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَسَافَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَوْ تَخَلَّفَ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَارِضٍ وَلَوْ جَرَى عُرْفٌ بِانْتِقَالِ الْحَالِفِ مِنْ بَلَدِهِ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى قَرِيبَةٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْعُرْفُ لِأَنَّهُ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلِيٌّ دُونَ اللُّغَوِيِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ مِنْ تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ عَلَى الشَّرْعِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الشَّرْعِيِّ عَلَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ وَأَحَدِ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) وَمَا حَلَّ بِهِ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ فَإِنَّمَا نَظَرَ فِيهِ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ بَلَدٍ) أَيْ أَوْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ دَارٍ) أَيْ أَوْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ.
(قَوْلُهُ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ) وَالشَّيْخُ سَالِمٌ رَجَّعَهُ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنْت وَلِقَوْلِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ فَالْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبِرُّ بِانْتِقَالِهِ حَيْثُ أَبْقَى رَحْلَهُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ مُحَشِّي تت وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَقَاءِ مَتَاعِهِ فِي لَأَنْتَقِلَنَّ وَتَسْوِيَةُ الْأُجْهُورِيِّ بَيْنَهُمَا عَهِدْته عَلَيْهِ انْتَهَى وَمَحِلُّ الْحِنْثِ بِإِبْقَاءِ الرَّحْلِ إذَا كَانَ فِي مَحَلِّ السَّكَنِ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ كَالْمَطَامِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ مَا خَزَّنَهُ فِيهَا بِهَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الرَّحْلِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي نَقْلِهِ فَسَادٌ فَلَا يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ مَا فِي نَقْلِهِ فَسَادٌ كَثَمَرِ شَجَرٍ بِالدَّارِ فِي قَطْعِهِ فَسَادٌ وَأَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِقَطْعِ الْمِنَّةِ وَنَحْوِهِ كَالْخُرُوجِ مِنْ كِرَاءِ رَبِّ الدَّارِ وَأَمَّا لِمَا يَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِيرَانِ فَلَا حِنْثَ، وَمِنْ جُمْلَةِ رَحْلِهِ مَتَاعُ زَوْجَتِهِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا كَانَ كَاَلَّذِي تَتَّجِرُ بِهِ فَلَا حِنْثَ بِبَقَائِهِ (قَوْلُهُ وَأَبْقَى مَالَهُ بَالٌ) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّحْلِ مَا هُوَ بَالٌ وَهُوَ مَا يَحْمِلُ الْحَالِفَ عَلَى رُجُوعِهِ لَهُ أَوْ طَلَبِهِ إنْ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ وَهَلْ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ عَدَمُ الْحِنْثِ مُطْلَقًا نَوَى الْعَوْدَ أَوْ نَوَى عَدَمَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ عَدَمَ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَوْدَ.
(قَوْلُهُ وَبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَيْبِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ حُدُوثَ الْعَيْبِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ الْآنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ بِهِ الرَّدُّ
وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي قِيمَتُهُ تَفِي بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ فِي ظُهُورِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْأَجَلِ إذَا قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِالْعَيْبِ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحِنْثِ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ فِي الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَحْصُلْ قِيَامٌ أَصْلًا، وَهَذَا فِي غَيْرِ نَقْصِ الْعَدَدِ وَأَمَّا فِيهِ فَيَحْنَثُ وَلَوْ حَصَلَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ الْقِيَامِ.
(ص) وَبِبَيْعِ فَاسِدٍ فَاتَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَفِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ بَيْعًا فَاسِدًا بِمِثْلِ الدَّيْنِ وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ حَنِثَ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُوفِيَهُ الْمَدِينُ الْحَالِفُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ يَكُونُ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَفِ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ الْقِيمَةُ أَوْ التَّحْتِيَّةِ أَيْ إلَّا أَنْ يُوفِيَهُ الْحَالِفُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ (ص) كَأَنْ لَمْ يَفُتْ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ أَيْ وَفَاتَ بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ بِالدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ كَمَا فِي فَوْتِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ بِالْحِنْثِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ فِي مَنْطُوقٍ إنْ لَمْ تَفِ وَفِي مَفْهُومِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفُتْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اتِّفَاقًا إذْ الْمَبِيعُ حِينَئِذٍ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَحْصُلْ وَفَاءٌ.
(ص) وَبِهِبَتِهِ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَوَهَبَهُ رَبُّهُ لِلْمَدِينِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَبِلَ الْمَدِينِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ سَقَطَ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ (ص) أَوْ دَفَعَ قَرِيبٌ عَنْهُ وَإِنْ مِنْ مَالِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَغَابَ الْحَالِفُ أَوْ لَمْ يَغِبْ إلَّا أَنَّ بَعْضَ أَقَارِبِ الْحَالِفِ قَضَاهُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ فَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُؤَجَّلَةً وَمَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ حَانِثٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيَرْضَى بِهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ عَنْهُ وَكِيلُهُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ فِي الْقَضَاءِ أَوْ مُفَوَّضًا بَرَّ وَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّقَاضِي فَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَهُ بِهِ الْحَالِفُ وَإِلَّا فَلَا يَبِرُّ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ لِلْحَالِفِ وَكَذَا ضَمِيرُ مَالِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنْ مِنْ مَالِكَ (ص) أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِالْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّهُ حَقَّهُ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَضَاهُ لَهُ لَمْ.
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي قِيمَتَهُ تَفِي بِالدَّيْنِ) هَذَا إنَّمَا يُصَوَّرُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيُعْطِيهِ بَدَلَ ذَلِكَ سِلْعَتَيْنِ يَسْتَحِقُّ إحْدَاهُمَا وَالْبَاقِيَةُ تَفِي بِالْعَشَرَةِ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ دَفَعَهُمَا لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ بِأَنْ رَضِيَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا وَاسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا حِنْثَ بَعْدُ وَإِلَّا وَوَجْهُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْنَثُ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ فَكَذَا يَحْنَثُ وَلَوْ رَضِيَ بِعَدَمِ الْقِيَامِ بِالِاسْتِحْقَاقِ إذْ لَا فَارِقَ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا حِنْثَ حَيْثُ رَضِيَ بِعَدَمِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِيهِ) أَيْ نَقْصُ الْعَدَدِ وَمِثْلُهُ نَقْصُ الْوَزْنِ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا.
(قَوْلُهُ قِيمَتُهُ أَقَلُّ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدَ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَفِ أَيْ الْعِوَضُ الشَّامِلُ لِلْقِيمَةِ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ وَالثَّمَنُ فِي الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى نُسْخَةِ الْيَاءِ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ التَّاءِ فَلَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بَاعَ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مُسَاوٍ لِلدَّيْنِ ثُمَّ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الدَّيْنِ وَذَلِكَ الثَّمَنِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا أَيْ بِنَظِيرِهِ لَا أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِنَفْسِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَادَقَ بِأَنْ يَكُونَ بَاعَ الدَّيْنَ بِعَرْضِ قِيمَتِهِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ أَعْلَى مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ أَيْ كَتَغَيُّرِ بَدَنٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ حَنِثَ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَيْ وَمَضَى الْأَجَلُ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُوفِيهِ إلَخْ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ مُتَّصِلٌ وَلِلثَّانِي مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَفِ بِالْمُثَنَّاةِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ نُسْخَةُ الْيَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ التَّاءِ تُفِيدُ أَنَّ الْحِنْثَ حَيْثُ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ وَإِنْ وَفَّاهُ الْمَدِينُ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِخِلَافِ نُسْخَةِ الْيَاءِ فَإِنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ يَفِ الْحَالِفُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ سَحْنُونًا قَالَ بِالْحِنْثِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ بِعَدَمِهِ وَاللَّخْمِيُّ قَالَ بِالثَّانِي إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً نَظَرًا إلَى أَنَّهُ حَصَلَ بِيَدِهِ عِوَضُ حَقِّهِ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهُ فِي نَفْسِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ التَّفْصِيلَ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَانَ مُخْتَارًا مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فِي مِلْكِهِ) النَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الضَّمَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ كَذَا فَهِمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الشَّارِحِ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ مَكَانَهُ) وَلَوْ دَفَعَهُ لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إذَا قَضَاهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ فِي الْقَضَاءِ) أَيْ قَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّقَاضِي أَيْ يَقْبِضُ الدُّيُونَ الَّتِي لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ مَالِك) أَيْ يَا حَالِفٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ مِنْ مَالِهِ يَعُودُ عَلَى الْقَرِيبِ
يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ وَلَا يَبِرُّ إلَّا بِدَفْعِهِ لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ وَمِثْلُ الشَّهَادَةِ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ الْمَحْلُوفُ عَلَى وَفَائِهِ عِوَضَ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَرَدَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُوَفِّيَهُ عِوَضَ الْعَبْدِ ثُمَّ يَرُدَّهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اعْتَرَفَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ حَقُّهُ قَبْلَ حَلِفِ الْمِدْيَانِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَبِرُّ إلَّا بِدَفْعِهِ لَهُ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ (إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخْذِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَيْ وَلَا يَبِرُّ الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِدَفْعِهِ الْحَقَّ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ حَقِيقَةً كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَجَازَ دَفْعَهُ وَبِهَذَا يَصِحُّ مَا قَرَّرَهُ تت مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ.
(ص) لَا إنْ جُنَّ وَدَفَعَ الْحَاكِمُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَوْلَانِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا ثُمَّ حَصَلَ لِلْحَالِفِ جُنُونٌ فِي الْأَجَلِ فَإِنْ دَفَعَ الْحَاكِمُ عَنْهُ الدَّيْنَ فِي الْأَجَلِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ فَدَفَعَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ بَعْدَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ بِالْحِنْثِ نَظَرًا إلَى يَمِينِهِ وَعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى حِينِ النُّفُوذِ وَفِي شَرْحِ (هـ) بَعْدَ أَنْ اسْتَظْهَرَ أَنَّ دَفْعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُ مَقَامَ دَفْعِ الْحَاكِمِ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانَ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ قَالَ ثُمَّ إنَّ الْبَرَاءَةَ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجُنُونِ وَلِيٌّ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ، كَذَا يَنْبَغِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَسِيرُ كَالْمَجْنُونِ وَانْظُرْ هَلْ الْمَفْقُودُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَبِرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ مَالِ الْحَاكِمِ وَالْوَلِيِّ مِثْلُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحْبُوسَ مَتَى أَمْكَنَ الْوُصُولُ لَهُ فَلَا يَبِرُّ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا بَرَّ.
(ص) وَبِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي لَأَقْضِيَنَّكَ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ هُوَ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا وَهُوَ يَظُنُّهُ كَذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ غَدًا يَوْمُ الْخَمِيسِ مَثَلًا فَإِنْ قَضَاهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ إذْ هُوَ مُسَمًّى غَدًا عُرْفًا وَلَا يَضُرُّهُ غَلَطُهُ فِي اسْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ فِيهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ لَا تَسْمِيَةُ الْيَوْمِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى يَوْمِ كَذَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَوْمَ الَّذِي سَمَّى فَيَنْوِي إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ.
(ص) لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ لَآكُلَنَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي غَدٍ فَعَجَّلَهُ لَهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ اقْتَضَتْ أَنَّ الْحَلِفَ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْيَوْمِ، وَلِذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ غَدًا الْمَطْلَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِقَضَائِهِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَكَلَهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْيَوْمُ وَالْغَرِيمُ إنَّمَا الْقَصْدُ مِنْهُ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ حَمَلَهُ فِي الطَّعَامِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَفِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَقْصَدِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَصَدَ بِالدَّيْنِ اللَّدَدَ بِالتَّأْخِيرِ وَبِالطَّعَامِ الرَّغْبَةَ فِي أَكْلِهِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا لَانْعَكَسَ الْحُكْمُ وَنَحْوُهُ لِأَشْهَبَ. .
(ص) وَلَا إنْ بَاعَهُ بِهِ عَرْضًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ أَيْ فَلَا حِنْثَ وَصُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ لَمْ يَبِرَّ، وَلَوْ بَاعَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِجَانِبِ الْبِرِّ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ وَإِنْ كَانَ الْغَبْنُ جَائِزًا فِي مِثْلِ هَذَا.
(ص) وَبِرَّ إنْ غَابَ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ أَوْ مُفَوَّضٍ (ش) أَيْ وَبِرَّ الْحَالِفُ إنْ غَابَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ تَغَيَّبَ وَاجْتَهَدَ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَلْ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي التَّوْضِيحِ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَلَوْ قَضَاهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ فَأَوَّلًا ذَهَبَ لِقَوْلٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُنَا ذَهَبَ لِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ) لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا إذْ لَيْسَ هُنَا أَخْذٌ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخْذِهِ أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَخْذِهِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَصِحُّ إلَخْ) وَرَجَّعَهُ عج لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَشُبْهَتُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ لَا يَشْتَرِطُ دَفْعَهُ بَلْ تَكْفِي إجَازَتُهُ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ بِقَوْلِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَعَلَى كَلَامِهِ يَفُوتُهُ مَسْأَلَةُ الْهِبَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ وَتَرْكِ مُرَاعَاةِ الْبِسَاطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا هُنَا بِخُصُوصِهِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ أَبَى الْمَحْلُوفُ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ أَنَا لَا حَقَّ لِي آخُذُهُ فَيَدْفَعُ الْحَالِفُ الْحَقَّ لِلْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْبِرِّ ثُمَّ يَأْخُذُ وَلَا يُجْبِرُ الْغَرِيمَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ فَدَفَعَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ عِلَّةِ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُ شَيْئًا وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ انْتَهَى فَهُوَ صَادِقٌ بِعَدَمِ الدَّفْعِ رَأْسًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ فَلَا يَبِرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ لَعَلَّ ذَلِكَ يُفْرَضُ فِي سَفِيهٍ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ بِأَنْ يَتَدَايَنَ دَيْنًا ثُمَّ يَحْلِفُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَقْضِيهِ حَقَّهُ فِي أَجَلِ كَذَا ثُمَّ جُنَّ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمَفْقُودُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي فَقْدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخْتَارٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا إلَخْ) وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَيَنْوِي إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا) أَيْ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي عِنْدَ الْقَاضِي فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ.
(قَوْلُهُ حَمَلَهُ) أَيْ حَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمِينَهُ فِي الطَّعَامِ لِأَنَّ النَّصَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا) وَهُوَ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَلَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُمَا مَفْهُومُهُ لَوْ قَصَدَ عَيْنَهُمَا لَمْ يَبِرَّ إلَّا بِدَفْعِهِ الْعَيْنَ وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا يَبِرُّ إلَّا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ الْمُطْلَقِ فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا (قَوْلُهُ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الدَّيْنَ) رَدَّهُ اللَّقَانِيِّ قَائِلًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا
طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ لِدَيْنِهِ أَوْ مُفَوَّضٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَابَ عَمَّا لَوْ كَانَ رَبُّ الْحَقِّ حَاضِرًا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يُحْضِرُهُ وَيُجْبِرُهُ عَلَى قَبْضِ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَبِرُّ مِنْ يَمِينِهِ بِدَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَرَّ بِقَضَاءِ وَارِثِهِ كَمَا مَرَّ (ص) وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ أَوْ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يَلِي مَا مَرَّ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ بَلْ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ خَرَاجِ رِزْقِهِ أَوْ ضَيْعَتِهِ فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ فَأَيُّهُمَا قَضَاهُ بَرَأَ وَإِنَّمَا يَلِي مَا تَقَدَّمَ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ الْعَدْلُ أَوْ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ وَأَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَلَا يَبِرُّ إلَّا بِهِ تَأْوِيلًا وَأَلْحَقَ أَبُو عِمْرَانَ الصِّدِّيقَ الْمُلَاطِفَ بِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ دَفَعَ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ هَلْ يَبِرُّ أَمْ لَا فَالْبِرُّ بِالدَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ مَعَ وُجُودِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَافُ فِي الْبِرِّ بِالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ مَعَ وُجُودِ السُّلْطَانِ وَلَمَّا كَانَ الْبِرُّ مِنْ الْيَمِينِ حَاصِلًا بِقَضَاءِ الْأَشْخَاصِ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ حَاصِلَةٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ.
وَفِيهَا فِي الرَّابِعِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ جَوْرَهُ وَإِلَّا بَرَّ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ وَخَشِيَ الْحَالِفُ الْحِنْثَ بِخُرُوجِ الْأَجَلِ وَغِيَابِ رَبِّ الْحَقِّ فَدَفَعَ الْحَقَّ لِلْحَاكِمِ حَيْثُ لَا وَكِيلَ أَوْ كَانَ وَغَابَ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَدْلًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لَهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا وَإِنْ حُقِّقَ جَوْرُهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الدَّيْنِ (ص) كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُهُمْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبِرِّ مِنْ الْيَمِينِ لَا فِي الْإِبْرَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إذَا لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ الْعَدْلَ وَلَا وَجَدَ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَأْتِي إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يُعْلِمُهُمْ بِحَالِهِ وَبِاجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ لِسَفَرِهِ أَوْ تَغَيُّبِهِ وَيُشْهِدُهُمْ عَلَى عَدَدِ الْحَقِّ وَوَزْنِهِ وَيُبْقِيهِ تَحْتَ يَدِهِ إلَى حُضُورِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِيَشْهَدُوا لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ حِينَئِذٍ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ مَضَى الْأَجَلُ وَمَطَلَ رَبُّهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي.
(ص) وَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ فَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ وَلَمْ يُوفِهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْيَوْمَ عَلَى اللَّيْلَةِ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ لِأَنَّ لَيْلَةً كُلُّ يَوْمٍ إلَّا مَا اسْتَثْنَى كَيَوْمِ عَرَفَةَ لَكِنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَبِيعِ أَنْ تُسَاوِيَ قِيمَتُهُ الدَّيْنَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ وَتَقْيِيدُ تت لَهُ بِذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ مُفَوَّضٍ) بِالْجَرِّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى تَفْوِيضٍ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6] أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى وَكِيلٍ وَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ (قَوْلُهُ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا) أَيْ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ ضَيَاعَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ بِدَفْعِهِ) أَيْ بِدَفْعِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُعَارِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَمَّا لَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِقَضَاءِ وُرَّاثِهِ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ عَلَى الْحَاكِمِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ فِي الْبِرِّ بِالدَّفْعِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ عِيَاضٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَإِنَّمَا بَرَّ بِدَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ لَا يَقْتَضِي دَيْنًا لِغَائِبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْحَالِفِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَبِرِّهِ فِي يَمِينِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَدَّمُ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَيْعَتِهِ) أَيْ بَلَدِهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ بَلْ وَكَّلَهُ إلَخْ تَفْسِيرٌ مِنْ الشَّارِحِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ.
(قَوْلُهُ وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إلَخْ) أَطْلَقَ فِي الْحَاكِمِ فَيَشْمَلُ السُّلْطَانَ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَانْظُرْ هَلْ لِلسُّعَاةِ هُنَا وَفِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَدْخَلٌ ك وَسَكَتَ عَنْ الْبَرَاءَةِ فِي غَيْرِهِ وَحُكْمُهُمَا أَنَّهَا تَحْصُلُ بِالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الْقَاضِي الْمُفَوَّضِ دُونَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَدْلًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ عِنْدَ النَّاسِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَحَقُّقَ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَانْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُحَقِّقُ جَوْرَهُ أَوْ يَنْظُرُ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ الْعَدْلَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَصْلًا أَوْ جَارٍ أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا وَجَدَ وَكِيلًا) أَيْ غَيْرَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ إذْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبِرُّ بِالدَّفْعِ لَهُ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ (قَوْلُهُ يَأْتِي إلَى جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ بِجَعْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَوَزْنِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا (قَوْلُهُ وَيُبْقِيهِ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ أَوْ يَدِ عَدْلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي) عِبَارَةُ عب أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِجَمَاعَةٍ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ عَدَالَةٌ فَالْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَبِرُّ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ الْقَضَاءِ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْبِرِّ أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخَافُ الْحِنْثَ.
(قَوْلُهُ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ الْحَلِفُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّهْرَ الثَّانِي هُوَ عَيْنُ الشَّهْرِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ كَيَوْمِ عَرَفَةَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ فَإِنَّهُ سَابِقٌ عَلَى لَيْلَتِهِ الَّتِي هِيَ لَيْلَةُ الْوُقُوفِ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَيُقَالُ لَيْلَةُ عَرَفَةَ لِلَيْلَةِ التَّاسِعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ لَهُ لَيْلَتَانِ لَيْلَةٌ قَبْلَهُ وَلَيْلَةٌ بَعْدَهُ وَيَوْمُ النَّحْرِ لَيْسَ لَهُ لَيْلَةٌ أَيْ بِحَسَبِ الشَّرْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَيْلَتَهُ لَيْلَةُ الْعَاشِرِ
وَإِلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ شَعْبَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ فَظَرْفُ الْقَضَاءِ شَعْبَانُ لَا غَيْرُهُ فَبِمُجَرَّدِ انْسِلَاخِ شَعْبَانَ وَاسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُوَفِّهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا لَكِنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي إلَى لَا فِي اللَّامِ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ قَرَنَ اللَّامَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ انْسِلَاخِهِ أَوْ اسْتِهْلَالِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ انْقِضَاءِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
(ص) وَبِجَعْلِ ثَوْبٍ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً فِي لَا أَلْبَسُهُ لَا إنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْفُلَانِيَّ فَقَطَعَهُ وَجَعَلَهُ قَبَاءً بِالْمَدِّ وَهُوَ ثَوْبٌ مُفَرَّجٌ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ عِمَامَةً وَلَبِسَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَمِثْلُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ أَوْ لَفَّ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ جَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ ضِيقِهِ أَوْ لِأَجْلِ سُوءِ عَمَلِهِ فَقَطَعَهُ وَجَعَلَهُ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً وَلَبِسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِمَّا يُلْبَسُ بِأَنْ كَانَ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُلْبَسُ بِوَجْهٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شُقَّةً فَإِنَّهُ إذَا قَطَعَهَا وَلَبِسَهَا يَحْنَثُ وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ ضِيقَهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ أَيْ لِأَنَّهَا تُلْبَسُ عَلَى حَالِهَا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً فَأَكَلَ خُبْزَهَا وَلَا يَنْوِي فَقَوْلُهُ وَبِجَعْلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ إلَخْ، وَالْقَبَاءُ مَمْدُودٌ وَجَمْعُهُ أَقْبِيَةٌ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَبْوِ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ.
(ص) وَلَا وَضْعِهِ عَلَى فَرْجِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ الثَّوْبَ الْفُلَانِيَّ فَوَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ وَلَا إدَارَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَضْطَجِعُ عَلَى فِرَاشٍ فَفَتَقَهُ وَالْتَحَفَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِسُوءِ حَشْوِهِ لَا ذَاتِهِ فَيَفْتُقَهُ وَيُزِيلَ حَشْوَهُ وَيَجْعَلَهُ إزَارًا، ثُمَّ إنْ قُرِئَ قَوْلُهُ وَلَا وَضْعِهِ بِالْفِعْلِ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى كَرِهَهُ أَيْ وَلَا إنْ وَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ وَإِنْ قُرِئَ بِالْمَصْدَرِ وَجَرَرْته كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى التَّوَهُّمِ أَيْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْبَاءَ دَاخِلَةٌ عَلَى كَرِهَهُ وَأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ.
(ص) وَبِدُخُولِهِ مِنْ بَابِ " غَيْرَ " فِي لَا أَدْخُلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ ضِيقُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَحَوَّلَ الْبَابَ عَنْ حَالَةِ الْأَوَّلِ أَوْ سَدَّ وَفَتَحَ غَيْرَهُ وَدَخَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ مُرُورِهِ عَلَى مَا لَا يُحِبُّ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ أَوْ لِضِيقِهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِدُخُولِهِ مِمَّا غُيِّرَ، وَأَصْلُ قَوْلِهِ لَا أَدْخُلُهُ لَا أَدْخُلُ مِنْهُ فَحَذَفَ الْجَارَّ وَوَصَلَ الضَّمِيرَ بِالْفِعْلِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ.
(ص) وَبِقِيَامٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَبِمُكْتَرِي فِي لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ أَوْ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي بَيْتٍ يَسْكُنُهُ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَسَوَاءٌ مَلَكَ فُلَانٌ الرَّقَبَةَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ بِكِرَاءٍ أَوْ إعَارَةٍ إذْ الْبُيُوتُ تُنْسَبُ لِسُكَّانِهَا فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ظَهْرِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الَّذِي سَكَنَهُ فُلَانٌ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ مَلَكَ الرَّقَبَةَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ الِاسْتِعْلَامُ وَلَوْ مَارًّا.
(ص) وَبِأَكْلٍ مِنْ وَلَدٍ دُفِعَ لَهُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ شَخْصٌ لَا آكُلُ طَعَامًا لِزَيْدٍ مَثَلًا فَدَخَلَ وَلَدُ الْحَالِفِ أَوْ عَبْدُهُ وَلَا دَيْنَ لِلْعَبْدِ عَلَى زَيْدٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ خُبْزًا فَخَرَجَ الْوَلَدُ أَوْ الْعَبْدُ فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ زَيْدٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ أَيْ لَازِمَةً بِأَنْ يَكُونَ الِابْنُ عَدِيمًا وَالْأَبُ مُوسِرًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَدْفُوعِ لِلْوَلَدِ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَحْنَثْ، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ أَنَّ الْيَسِيرَ لَمَّا كَانَ لِلْوَالِدِ رَدُّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) فَإِذَا قَالَ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ رَمَضَانَ فَإِذَا قَالَ لِانْسِلَاخِ رَمَضَانَ أَوْ لِانْقِضَاءِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ شَوَّالٍ وَإِذَا قَالَ لِاسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ رَمَضَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إلَى مُخَالِفَةٌ لِلَّامِ وَأَنَّ مِثْلَ اللَّامِ عِنْدَ أَوْ إذَا.
(قَوْلُهُ مَمْدُودٌ إلَخْ) وَقَوْلُ تت بِالْقَصْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَفَادَهُ شب وَمُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَ لُبْسِهِ يَضُمُّهُ وَيَجْمَعُهُ عَلَيْهِ وَعَطْفُ الْجَمِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ وَالْقَبْوُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ.
(قَوْلُهُ وَلَا إدَارَةٍ) عَيَّنَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ وُجُودَانِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ تُفْتَحَ هَمْزَةُ أَنْ فَتُسْبَكَ مَعَ مَا بَعْدَهَا وَيُتَوَهَّمُ دُخُولُ الْبَاءِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لَا عَدَمَ الْأَحْسَنِيَّةِ وَقِيلَ فِي وَجْهِ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ الْجَرَّ بِالتَّوَهُّمِ ضَعِيفٌ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لَا أَدْخُلُهُ) أَيْ وَقَصَدَ تَجَبُّنَهَا أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ أَوْ بِسَاطٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْمَانِعُ مِنْ إبْقَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ قُلْت الْمَانِعُ أَنَّهُ لَيْسَ قَصْدُهُ دُخُولَهُ بَلْ الدُّخُولُ مِنْهُ لِلدَّارِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَهْمَلَ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ ذِكْرُ الْبَيْتِ مَعَ إضَافَتِهِ أَوْ تَنْكِيرِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِمِلْكِهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ بَيْتَ الْكِرَاءِ.
(قَوْلُهُ إذْ الْبُيُوتُ إنَّمَا تُنْسَبُ لِسُكَّانِهَا) وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ مَنْزِلَ فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَى رَجُلٍ سَكَنَهُ بِالْكِرَاءِ مِنْ فُلَانٍ فَلَا يَحْنَثُ ك.
(قَوْلُهُ وَبِأَكْلٍ) أَيْ طَعَامًا (قَوْلُهُ دُفِعَ) أَيْ دَفَعَهُ لَهُ فَحَذَفَ مَفْعُولَ أَكَلَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ أَكَلَ أَنَّهُ أَكَلَ طَعَامًا وَحَذَفَ مَفْعُولَ دُفِعَ لِأَنَّهُ لَمَّا حَذَفَهُ حَذَفَ عَائِدَهُ وَلَمْ يَحْذِفْ لَهُ لِئَلَّا تَخْلُوَ الصِّفَةُ مِنْ عَائِدٍ (قَوْلُهُ فَدَخَلَ وَلَدُ الْحَالِفِ) وَوَلَدُ الْمَحْلُوفِ لَوْ أَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ كَوَلَدِ الْحَالِفِ وَانْظُرْ لَوْ الْتَقَطَ الْحَالِفُ لَقِيطًا وَأَكَلَ مِنْهُ طَعَامًا مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَوَلَدِ الْحَالِفِ فَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَا يُنْفِقُ مِنْهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ك (قَوْلُهُ فَأَطْعَمَهُ خُبْزًا) أَيْ أَوْ أَطْعَمَهُ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ خُبْزِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمُصَنِّفِ لِتِلْكَ الصُّورَةِ بِقِرَاءَةِ دُفِعَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ صِفَةٌ طَعَامٍ أَيْ دُفِعَ لَهُ طَعَامٌ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَحْنَثْ إلَخْ) فَبِذَلِكَ يُعْلَمُ
فَكَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْكَثِيرُ إذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَقَدْ أَشَارَ عَبْدُ الْحَقِّ إلَى بَيَانِ قَدْرِ الْيَسِيرِ فَقَالَ قَيَّدَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلَ مَالِكٍ بِكَوْنِ الْأَبِ قَادِرًا عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لِابْنِهِ لِكَوْنِ الطَّعَامِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَكْلِهِ فِي الْوَقْت كَالْكِسْرَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ يَقُولُ نَفَقَةُ ابْنِي عَلَيَّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ عَنِّي شَيْئًا مِنْهَا فَهَذَا إنْ أَكَلَ مِمَّا أَعْطَى الصَّبِيَّ حَنِثَ وَيُعَدُّ ذَلِكَ قَبُولًا لِخَبَرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ اهـ وَعَبْدُهُ كَوَلَدِهِ إلَّا أَنَّهُ يَحْنَثَ بِأَكْلِ مَا دَفَعَ لَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِأَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَأَمَّا وَالِدُهُ الَّذِي تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ.
(ص) وَبِالْكَلَامِ أَبَدًا فِي لَا أُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ أَوَالسِّنِينَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ لَهُ أَبَدًا أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ لِأَنَّ أَبَدًا ظَرْفٌ لِاسْتِغْرَاقِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ حَمْلًا لِلْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فِي الثَّلَاثَةِ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْكَلَامِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ مِثْلُهُ لَا أَلْبَسُهُ أَوْ لَا أَرْكَبُهُ الْأَيَّامَ إلَخْ.
(ص) وَثَلَاثَةٌ فِي كَأَيَّامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ أَيَّامًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
(ص) وَهَلْ كَذَلِكَ فِي لَأَهْجُرَنَّهُ أَوْ شَهْرٌ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَهْجُرَنَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَلْزَمُهُ شَهْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا حَلَفَ لَيَهْجُرَنَّهُ أَيَّامًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَفِي لَأُطِيلَنَّ هِجْرَانَهُ سَنَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ شَهْرٌ اللَّخْمِيُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ احْتِيَاطًا لَا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ دُونَهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُصَافَاةٌ وَمُصَادَقَةٌ فَالشَّهْرُ طُولٌ وَإِلَّا فَهُوَ قَلِيلٌ.
(ص) وَسَنَةٌ فِي حِينٍ وَزَمَانٍ وَعَصْرٍ وَدَهْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ حِينًا أَوْ زَمَانًا أَوْ دَهْرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ فَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا حَنِثَ فَلَوْ عَرَّفَهَا فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ الْأَبَدُ فِيمَا عَدَا الْحِينَ وَأَمَّا هُوَ فَسَنَةٌ وَلَوْ عَرَّفَ.
(ص) وَبِمَا يُفْسَخُ أَوْ بِغَيْرِ نِسَائِهِ فِي لَأَتَزَوَّجَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ لَا يَبِرُّ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحُهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ يَمْضِي بِالدُّخُولِ أَوْ كَانَ نِكَاحُهَا مِمَّا يُفْسَخُ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَقَوْلُهُ بِمَا يُفْسَخُ أَيْ يَسْتَحِقُّ الْفَسْخَ فَيَشْمَلُ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُدْخِلْ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ الطُّولِ وَلَمْ يُطِلْ أَوْ أَبَدًا حَمْلًا لِيَمِينِهِ عَلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ فَلَوْ فَاتَ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ فِي الْحَلِفِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُقَيَّدِ وَالْأَجَلُ بَاقٍ بَرَّ وَلَا يَبِرُّ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً تَزْوِيجًا صَحِيحًا إلَّا أَنَّهَا لَا تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ بِأَنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ دَنِيئَةً
ــ
[حاشية العدوي]
أَنَّ كِسْوَةَ الْوَلَدِ لَيْسَتْ كَالطَّعَامِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا لَبِسْت مَا يَكْسُوهُ لِي فُلَانٌ أَوْ لَا أَكْتَسِي مِنْهُ ثُمَّ لَبِسَ مَا كَسَاهُ لِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ كَذَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الطَّعَامِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَكْلِهِ إلَخْ) الصَّوَابُ مَا فِي عج لِكَوْنِ الطَّعَامِ لَا يُنْتَفَعُ إلَّا بِأَكْلِهِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَعَبْدُهُ كَوَلَدِهِ) وَهَلْ الْعَبْدُ شَامِلٌ لِمُكَاتَبِهِ وَهَلْ زَوْجَتُهُ كَوَلَدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَوَالِدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَنْتَظِرُ لِعَاقِبَةِ حَالِهِ هَلْ يُوَفِّي أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا وَالِدُهُ) وَكَذَا وَلَدُ وَلَدِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْت الْعِلَّةُ الْجَارِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْيَسِيرِ لِلْوَلَدِ الْفَقِيرِ تَجْرِي فِي إعْطَاءِ الْيَسِيرِ لِلْوَالِدِ الْفَقِيرِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ مَحْجُورٌ لِلْوَالِدِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ) وَمِثْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ.
(قَوْلُهُ وَثَلَاثَةٍ فِي كَأَيَّامٍ) وَلَا يَحْسِبُ يَوْمَ الْحَلِفِ إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ لَكِنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ فِيهِ فَإِنْ كَلَّمَهُ فِيهِ حَنِثَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ حَلَفَ بِمَا ذُكِرَ مَعَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ وَقِيلَ بِعَدَمِ الْإِلْغَاءِ فِي الْأُولَى فَيُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لِلْغُرُوبِ وَيُكْمِلُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ الْمَحْلُوفِ فِيهِ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي الْيَوْمَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ النُّذُورِ تَرْجِيحُهُ وَحِلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ أَبَدًا.
(قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي لَأَهْجُرَنَّهُ إلَخْ) وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَهْجُرَهُ عَقِيبَ يَمِينِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ وَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْحِنْثِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ بِخِلَافِ لَا أُكَلِّمُهُ سَنَةً فَمِنْ حِينِ يَمِينِهِ يَلْزَمُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَجْرَ حَلِفٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لِأَنَّ نُونَ التَّوْكِيدِ تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَمَتَى وُجِدَ بَرَّ بِخِلَافِ لَا أُكَلِّمُهُ حَلَفَ أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ فِعْلٌ فَمَتَى وُجِدَ مِنْهُ حَنِثَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُصَافَاةٌ فَالشَّهْرُ طُولٌ) أَيْ فَضْلًا عَنْ السَّنَةِ (قَوْلُهُ فَالشَّهْرُ طُولٌ) أَيْ فَيَبِرُّ بِهِجْرَانِهِ قَطْعًا بَلْ وَعِشْرُونَ يَوْمًا مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ الْأَبَدَ) هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ اقْتِصَارُ شب وعب عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ عب وَلَزِمَهُ سَنَةً فِي حِينِ وَكَذَا إنْ عَرَّفَهُ وَزَمَانٌ إلَخْ فَإِنْ عَرَّفَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الْأَبَدَ رَعْيًا لِلْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ الْحِينُ بِمَعْنَى الزَّمَانِ لُغَةً وَهُمَا تَابِعَانِ لعج حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَسَنَةً إلَخْ أَيْ أَقُولُ لَا فَرْقَ فِي الْأَوَّلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُنَكَّرًا أَوْ مُعَرَّفًا وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَيَلْزَمُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْأَبَدُ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ الْعَصْرُ الدَّهْرُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا هُوَ فَسَنَةٌ وَلَوْ عَرَّفَ) وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ لَأَتَزَوَّجَنَّ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِأَجَلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَمَعْنَى حِنْثِهِ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ أَوْ يُحْمَلُ حِنْثُهُ عَلَى مَا إذَا عَزَمَ عَلَى الضِّدِّ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ لَيَتَزَوَّجَنَّ فِي أَجَلِ كَذَا فَيَتَزَوَّجُ بِمَا يَفْسَخُ أَوْ بِغَيْرِ نِسَائِهِ فَمَعْنَى حَنِثَ عَلَى بَابِهِ إذَا مَضَى الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَلَا حِنْثَ) الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْبِرِّ
الْأَصْلُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لَا يُبْرِئُهُ إلَّا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ وَأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ وَاشْتَرَطَ الْمُغِيرَةُ أَنْ تُشْبِهَهُ وَتُشْبِهَ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ أَغْيَظُ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى التَّسَرِّي كَالْحَلِفِ عَلَى التَّزْوِيجِ.
(ص) وَبِضَمَانِ الْوَجْهِ فِي لَا أَتَكَفَّلُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ فَتَكَفَّلَ بِالْوَجْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَدْنَى شَيْءٍ هَذَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ وَقَوْلُهُ وَبِضَمَانِ الْوَجْهِ بِأَنْ قَالَ أَضْمَنُ وَجْهَهُ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ فِي قَوْلِهِ لَا أَتَكَفَّلُ لِفُلَانٍ بِمَالٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ فَهُنَا قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُ تت فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي لَا أَتَكَفَّلُ وَأَطْلَقَ وَأَحْرَى لَوْ تَكَفَّلَ بِمَالٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ يَحْنَثُ بِكُلِّ ضَمَانٍ وَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُ عَدَمِ الْغُرْمِ وَإِنْ قَيَّدَ بِالْوَجْهِ حَنِثَ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِمَّا سَمَّى.
(ص) وَبِهِ لِوَكِيلٍ فِي لَا أَضْمَنُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلضَّمَانِ أَيْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أَضْمَنُ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِضَمَانِهِ لِوَكِيلِهِ فِي مَالِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ الْمَضْمُونُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ يَكُونَ صَدِيقًا لَهُ مُلَاطِفًا أَوْ قَرِيبًا وَهَلْ الْحِنْثُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ أَوْ الْحِنْثُ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَهُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ اشْتَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَقْصِدْهُ الْحَالِفُ وَلَمْ يَشْمَلْهُ لَفْظُهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْآتِيَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَكَأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ الضَّامِنِ لِلْمُوَكِّلِ فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ نَاحِيَتِهِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَضْمُونَ وَكِيلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ حَنِثَ بِاتِّفَاقٍ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا.
(ص) وَبِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي لِمُخْبِرٍ فِي لَيُسِرَّنَّهُ (ش) صُورَتُهَا أَعْلَمَ زَيْدٌ خَالِدًا بِأَمْرٍ وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى كِتْمَانِهِ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَسَرَّهُ لِغَيْرِ خَالِدٍ فَأَسَرَّهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِخَالِدٍ فَأَخْبَرَهُ بِهِ فَقَالَ خَالِدٌ لِلْمُخْبِرِ لَهُ مَا ظَنَنْت أَنَّ زَيْدًا قَالَ ذَلِكَ الْأَمْرَ لِغَيْرِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَقَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَوْتِ إلَخْ أَيْ وَحَنِثَ الْحَالِفُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْمُخْبِرِ مَا ظَنَنْته أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهُ قَالَهُ أَيْ الْخَبَرَ الْمَفْهُومَ مِنْ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِي مُتَعَلِّقٌ بِقَالَهُ وَلِمُخْبِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ.
(ص) وَبِاذْهَبِي الْآنَ إثْرَ لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَفْعَلِي (ش) صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تَفْعَلِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اذْهَبِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْآنَ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ أَنْ تَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ الْآنَ مُتَعَلِّقٌ بِحَنِثَ الْمُقَدَّرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ بِاذْهَبِي أَيْ وَحَنِثَ الْآنَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ اذْهَبِي أَيْ وَحَنِثَ وَقْتَ قَوْلِهِ لَهَا اذْهَبِي وَلَا يُنْتَظَرُ وُقُوعُ الْفِعْلِ.
(ص) وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا أُبَالِي بَدْءًا لِقَوْلٍ آخَرَ.
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَا يُبَرِّئُهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَطْءِ فِي الْبِرِّ كَمَا فِي شَرْحِ شب فَلَا يَكْفِي الْعَقْدُ فِي الْبِرِّ وَانْظُرْ لِمَ تَوَقَّفَ الْبِرُّ عَلَى الْوَطْءِ الْمُبَاحِ هُنَا بِخِلَافِ حَلِفِهِ لَأَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَوَطِئَهَا حَائِضًا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِالْمَنْدُوحَةِ هُنَا (وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ) أَيْ فِي الْقَدْرِ وَالرِّفْعَةِ هَذَا كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ إذَا كَانَ الْحَالِفُ رَجُلًا فَلَوْ كَانَ امْرَأَةً فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي بِرِّهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ إلَّا كَوْنَ النِّكَاحِ رَغْبَةً فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي بِرِّهَا اتِّفَاقًا كَذَا يَنْبَغِي وَأَمَّا الرَّجُلُ فَهَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ نَكَحَهَا نِكَاحَ رَغْبَةٍ وَنَسَبٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَبِرُّ وَلَوْ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ إبْرَارَ يَمِينِهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَتُشْبِهُ زَوْجَتَهُ) أَيْ فِي حَلِفِهِ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ تُشْبِهُهُ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْغُرْمَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا (قَوْلُهُ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ) هَذَا الْحَصْرُ فِي قُوَّةِ شَرْطِ عَدَمِ الْغُرْمِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَلِفَهُ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ لِأَنَّ الْغُرْمَ شَأْنُهُ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ضَمَانٍ) وَلَوْ الطَّلَبَ.
(قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ عَلِمَ) وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ إنْ ادَّعَى عَدَمَهُ وَكَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا أَيْ أَوْ مِمَّا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ لَكِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُودٍ بِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ فِي هَذَيْنِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ.
(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي) وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَا أَظُنُّهُ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى أَنَّهُ أَسَرَّهُ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ) وَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي الْمُقَيِّدُ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا ظَنَنْته الَّذِي هُوَ الصَّرِيحُ وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُهُ وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَهُ فَلَا تَعْقِيدَ وَسَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ فِي لَيُسِرَّنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِحَنِثَ أَيْ وَحَنِثَ بِقَوْلِهِ فِي حَلِفِهِ لَيُسِرَّنَّهُ.
(قَوْلُهُ وَبِاذْهَبِي) وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَبِاذْهَبِي بَلْ النَّهْيُ كَلَا تَذْهَبِي وَالْإِشَارَةُ كَذَلِكَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي الْحِنْثِ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ ذَلِكَ بِالْأَثَرِ ك (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ كِنَانَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ الْآنَ إلَخْ) هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْحِنْثِ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْكَلَامُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَقُولِ الْحَالِفِ كَأَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَمْرِهَا بِالْبُعْدِ عَنْهُ الْآنَ وَالتَّكَلُّمُ وَعَدَمُهُ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت ابْنَ فُجْلَةَ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ اذْهَبِي وَافْعَلِي الْآنَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ التَّحْرِيضُ عَلَى الْفِعْلِ حَتَّى يُكَلِّمَ فَيَبِرَّ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِذَلِكَ أَيْ فَهُوَ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ اذْهَبِي.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا أُبَالِي)
لَا أُكَلِّمُك حَتَّى تَبْدَأَنِي (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا حَتَّى يَبْدَأَهُ بِالْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ عِنْدَ ذَلِكَ إذَنْ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي مِنْك فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا بُدَاءَةً يُعْتَدُّ بِهَا فِي حِلِّ الْيَمِينِ فَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ صُدُورِ كَلَامِ غَيْرِ هَذَا مِنْهُ حَنِثَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ لَا أُبَالِي كَلَامًا لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْبِرِّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْكَلَامِ يُعْتَدُّ بِهِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامًا لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْحِنْثِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَقَلَّ الْأَشْيَاءِ.
(ص) وَبِالْإِقَالَةِ فِي لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ تَفِ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَلَفَ لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ شَيْئًا ثُمَّ تَقَايَلَا فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حِينَ الْإِقَالَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ حَنِثَ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ عِوَضُ مَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ أَيْ السِّلْعَةِ أَيْ قِيمَتِهَا أَنْ لَوْ بِيعَتْ الْآنَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَفَاءً مُحَقَّقًا غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَلَوْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ فَلَا يَنْفَعُهُ وَيَحْنَثُ الْحَالِفُ الْبَائِعُ.
(ص) لَا إنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) مَعْطُوفٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ بِالْإِقَالَةِ أَيْ لَا بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا تَرَكَ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ الَّتِي بَاعَهَا شَيْئًا فَأَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ حُسْنُ مُعَامَلَةٍ لَا إسْقَاطٌ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يُقَالُ الْأَجَلُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ التَّأْجِيلُ ابْتِدَاءً.
(ص) وَلَا إنْ دَفَنَ مَالًا فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي أَخْذَتَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَنَ مَالًا ثُمَّ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ نَاسِيًا لِمَكَانِهِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَخَذَتْهُ ثُمَّ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ ثَانِيًا فَوَجَدَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ إنْ كَانَ الْمَالُ ذَهَبَ فَمَا أَخَذَهُ إلَّا أَنْتَ وَلَمْ يَذْهَبْ، وَهَذَا وَاضِحُ حَيْثُ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ.
(ص) وَبِتَرْكِهَا عَالِمًا فِي لَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلَا عِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَمَتَى خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَنِثَ عَلِمَ بِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا إشْكَالَ فِي الْحِنْثِ وَكَذَلِكَ إنْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ بِهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا وَتَرْكِهَا كَالْإِذْنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لَا خَرَجَتْ أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا فَعَلْت أَوْ لَا تَفْعَلِي كَذَا وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُنَا فِي جَانِبِ الْبِرِّ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلَا عِلْمٍ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَمَعْنَاهَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِزَوْجَتِهِ إلَّا فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ مَثَلًا فَأَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَذَهَبَتْ إلَيْهِ ثُمَّ زَادَتْ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ زَادَتْ وَهُوَ عَالِمٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ عِلْمَهُ كَإِذْنِهِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّاقِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ بِلَا عِلْمٍ أَيْ حَالَ الزِّيَادَةِ فَعِلْمُهُ بَعْدَ فِعْلِهَا الزِّيَادَةَ لَا يُوجِبُ حِنْثَهُ ثُمَّ إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا خَرَجَتْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فَيَحْنَثُ أَوْ لَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ لِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي فَخَرَجَتْ ابْتِدَاءً إلَى غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ خَرَجَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لِغَيْرِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ.
(ص) وَبِعَوْدِهِ لَهَا بَعْدُ بِمِلْكٍ آخَرَ فِي لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ
ــ
[حاشية العدوي]
وَلَوْ كَرَّرَهُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْبِرِّ) أَيْ وَأَيْضًا الْمَقْصُودُ حَتَّى تَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ يَظْهَرُ أَنَّك الْخَاضِعُ لِي دُونَ أَنْ أَكُونَ الْخَاضِعَ لَك.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ حَنِثَ) مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ فَلَا حِنْثَ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَيَحْنَثُ وَاشْتِرَاطُ الْوَفَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَقَالَ رُبَّ نَظْرَةٍ خَيْرٌ مِنْ وَضِيعَةٍ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ فِي مَحِلِّهِ وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ غَيْرُهَا وَتَارَةً لَا يَتَبَيَّنُ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِمَوْضِعِهِ أَوْ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ ظَانًّا أَوْ شَاكًّا فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازَ مَا بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي صُورَتَيْنِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ تَبَيَّنَ فِي مَوْضِعِهِ وَغَمُوسٌ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ لِمَا تَقَدَّمَ يَكُونُ الْجَمِيعُ سِتَّ عَشْرَةَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِعَدَمِ الْأَخْذِ أَوْ شَاكًّا أَوْ ظَانًّا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِكَوْنِهِ غَمُوسًا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازِمًا بِالْأَخْذِ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ أَحَدًا أَخَذَهُ فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْيَمِينِ وَلَا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لِكَوْنِهِ لَغْوًا.
(قَوْلُهُ وَبِتَرْكِهَا إلَخْ) فَلَوْ أَغَاظَتْهُ فَقَالَ لَهَا اُخْرُجِي إلَى الشَّرْقِ أَوْ الْغَرْبِ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَإِنَّمَا هُوَ سُخْرِيَةٌ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ ابْتِدَاءً إلَى غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ ثُمَّ ذَهَبَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) ظَاهِرُهُ عَلِمَ أَمْ لَا الْحِنْثُ لِأَصْبَغَ مَعَ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمُهُ لِنَقْلِ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ وَبِعَوْدِهِ) أَيْ وَحَنِثَ بِعَوْدِهِ لَهَا أَيْ لِلدَّارِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ لَا سَكَنَتْ بَعْدُ أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ بِمِلْكِ آخَرَ) بِالْإِضَافَةِ
لَهُ لَا دَارَ فُلَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَهَا الْحَالِفُ بَعْدَ بَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ التَّعْيِينِ فَلَا يُزِيلُهُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ تِلْكَ الْبُقْعَةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا دَامَتْ لَهُ وَلَوْ قَالَ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ فَبَاعَهَا فُلَانٌ فَسَكَنَهَا الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ لَمْ يَنْوِ عَيْنَهَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِعَوْدِهِ لَهَا سَوَاءٌ عَادَ لَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا حِنْثَ مَعَ الْإِكْرَاهِ قِيلَ وَفِي ذِكْرِ الْعَوْدِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ سَاكِنًا ثُمَّ عَادَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْدَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: 13] أَيْ لَتَدْخُلُنَّ وَهُوَ الْمُرَادُ أَيْ وَبِدُخُولِهِ عَلَى وَجْهِ السُّكْنَى إلَخْ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِلْغَيْرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
(ص) وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَتْ الدَّارُ وَصَارَتْ طَرِيقًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ) شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ وَبُنِيَتْ وَدَخَلَهَا مُكْرَهًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ أَيْ بِالْإِكْرَاهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِنَا مُكْرَهًا وَهَذَا الْمُقَدَّرُ مَعْلُومًا مِمَّا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرَّ وَذَكَرَهُ هُنَا لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا حَلَفَ لَا دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرِبَتْ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ كَرَاهَتِهِ فِي صَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَهِيَ خَرَابٌ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ كَرَاهَتِهِ لِعَيْنِ الدَّارِ فَلَا يَمُرُّ بِهَا أَبَدًا قَالَ فِيهَا فَإِنْ بُنِيَتْ ثَانِيًا فَمَرَّ بِهَا حَنِثَ إلَّا أَنْ تُبْنَى مَسْجِدًا فَلَا حِنْثَ بِدُخُولِهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا فَهَذَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ جَلَسَ فِيهَا أَوْ نَامَ مِنْ غَيْرِ خَرَابٍ إذَا نَقَلَ أَمْتِعَتَهُ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهُ أَمْتِعَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلتَّخْرِيبِ كَمَا فَهِمَ الْمُؤَلِّفُ قَالَهُ ح وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَوَهَّمُ لَا لِلْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمَأْمُورَ بِهِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَإِنَّمَا هُوَ حِنْثٌ بِالدُّخُولِ بَعْدَ أَنْ خَرِبَتْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ بِالتَّخْرِيبِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَإِلَّا فَاسْمُ الدَّارِ زَالَ عَنْهَا لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلسَّاحَةِ مَعَ الْبُنْيَانِ.
(ص) وَفِي لَا بَاعَ مِنْهُ أَوْ لَهُ بِالْوَكِيلِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا بَاعَ مِنْ فُلَانٍ أَيْ لِفُلَانٍ شَيْئًا ثُمَّ بَاعَ مِمَّنْ اشْتَرَى لِفُلَانٍ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرَى مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَقَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ شَيْئًا أَيْ لَا أَكُونُ سِمْسَارًا لِشَيْئِهِ فَدَفَعَ فُلَانٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَأَعْطَاهُ الرَّجُلُ لِلْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ثَوْبُ فُلَانٍ إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِهِ لِوَكِيلٍ فِي لَا أَضْمَنُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بِهِ تَأْوِيلَانِ يَأْتِيَانِ هُنَا كَمَا أَجْرَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ (ص) وَإِنْ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت فَقَالَ هُوَ لِي ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْحِنْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت أَنِّي لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ وَأَخْشَى أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ إنَّمَا ابْتَاعَهُ لِي لَا لِلْمُوَكِّلِ فَبَاعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ الْحَالِفَ وَيَحْنَثُ وَقَوْلُنَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَالَ أَشْتَرِي لِنَفْسِي ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ اشْتَرَيْت لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِي وَلَوْ قَالَ إنْ كُنْت تَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِفُلَانٍ لَا نَبْغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِذَلِكَ.
(ص) وَأَجْزَأَ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ فِي إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَأَخَّرَتْهُ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُورَثُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ رَشِيدًا وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ.
(ص) لَا فِي دُخُولِ دَارٍ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا إذْنُهُ فِي دُخُولِ دَارٍ لَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ وَقَوْلُ تت بِالتَّنْوِينِ يُنَافِي قَوْلَهُ مَا دَامَتْ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ بِرُجُوعِهَا لِلْأَوَّلِ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ دَارَ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مَا دَامَتْ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ فِي الْأُولَى وَفُلَانٍ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ) يُنَافِي قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لِلْأُولَى لَكَانَ يَقُولُ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ صِحَّةِ مَا قَالَهُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) أَقُولُ إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ اتِّبَاعُ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ) وَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِفُلَانٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ بَائِعٌ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْبَيْعَ لَازِمٌ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً وَالْآتِيَةُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْوَارِثُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
فَلَا يَكْفِي وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ زَيْدٍ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تُورَثُ إلَّا بِإِذْنِ عَمْرٍو فَمَاتَ فَأَذِنَ لَهُ وَرَثَتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إذْ الْإِذْنُ لَا يُورَثُ قَالَ الْعَوْفِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ يَمِينِهِ أَنَّ عَمْرًا لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ فَكَرِهَ دُخُولَهَا لِأَجْلِ أَهْلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِي أَهْلِ عَمْرٍو حَقٌّ أَوْ يَكُونُ الْحَقُّ شَرِكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَيُجْزِئُهُ إذْنُ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ لَا يُوَفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَالْحَقُّ قَدْ انْتَقَلَ فَيُجْزِئُهُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا حَلَفَتْ امْرَأَةٌ لَا زَوَّجَتْ أَمَتَهَا عَبْدَ فُلَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ فَمَاتَ فُلَانٌ فَلَا تُزَوِّجُهَا إيَّاهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ وَرَثَتِهِ انْتَهَى.
(ص) وَتَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ وَلَا دَيْنَ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ فَأَخَّرَهُ الْوَصِيُّ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الْحَالِفُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ سَوَاءٌ كَانَ تَأْخِيرُهُ لِنَظَرٍ أَمْ لَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ كَانَ آثِمًا فَقَطْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ حَالًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ بِالنَّظَرِ لِأَجْلِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا لِإِجْزَائِهِ فَلِذَا قِيلَ لَوْ حَذَفَهُ لَوَافَقَ النَّقْلَ.
(ص) وَتَأْخِيرُ غَرِيمٍ إنْ أَحَاطَ وَأَبْرَأَهُ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَأَخَّرَهُ بِذَلِكَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ إنْ أَبْرَءُوا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرُوا بِهِ الْحَالِفَ حَتَّى يَكُونُوا كَالْقَابِضِينَ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْبَرَاءَةُ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ أَخْذِ الْغَرِيمِ مِنْ الْحَالِفِ بَعْدَ التَّأْخِيرِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ لِلدَّيْنِ فَتَبْقَى ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مُعَمِّرَةً لِلْغَرِيمِ فَإِذَا أَبْرَأَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبِرَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ لَا يُجْزِئْ تَأْخِيرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي التَّأْخِيرِ يُؤَخِّرُ بِهِ.
(ص) وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ أَوْ مُطْلَقًا فَوَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَثَلًا هَلْ يَبِرُّ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَيَحْنَثُ إنْ كَانَ أَجَلُهُ مَضَى (قَوْلَانِ) مَنْشَؤُهُمَا حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَفْهُومِهِ لُغَةً وَقَدْ حَصَلَ أَوْ شَرْعًا وَلَمْ يَحْصُلْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فَرَّطَ حَتَّى حَصَلَ الْحَيْضُ وَوَطِئَهَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا.
(ص) وَفِي لَتَأْكُلِنَّهَا فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَشَقَّ جَوْفَهَا وَأَكَلَتْ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ لَتَأْكُلِنَّ هَذِهِ الْقِطْعَةَ اللَّحْمَ فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ أَخَذَتْ الْهِرَّةَ فَذَبَحَتْهَا وَشَقَّتْ جَوْفَهَا وَأَخْرَجَتْ الْبَضْعَةَ اللَّحْمَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَلَّ فِي جَوْفِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَأَكَلَتْهَا هَلْ يَبِرَّ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَمَحِلُّهُمَا حَيْثُ تَوَانَتْ وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ تَتَوَانَ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ تَشُقَّ جَوْفَ الْهِرَّةِ وَتُخْرِجْهَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَمِينِهِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ وَتُحْرِزُهَا، وَعَدَمُ التَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ قَدْرُ مَا تَتَنَاوَلُهَا وَتُحْرِزُهَا فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا) إمَّا إلَى مَسْأَلَةِ الْبَضْعَةِ لَوْ أَخَّرَتْ الْمَرْأَةُ أَكْلَهَا ثُمَّ أَكَلَتْهَا بَعْدَ أَنْ فَسَدَتْ أَوْ إلَى مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَيَأْكُلَنَّهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ ثُمَّ أَكَلَهُ فَقَدْ حَنِثَ عِنْدَ مَالِكٍ إذْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الطَّعَامِ وَقَالَ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَهُ قَبْلَ أَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الْإِذْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالْأَصْلُ إلَّا بِإِذْنٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تُورَثُ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَاصِرَةٌ عَلَى إلَّا بِإِذْنٍ وَلَيْسَ فِيهَا وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ إلَخْ نَعَمْ مِثْلَ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ لَا أَقْضِي لَهُ حَقَّهُ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ) تَمْثِيلٌ لِلْبِسَاطِ (قَوْلُهُ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ) هَذَا مَعْطُوفٌ دَاخِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَكَرِهَ دُخُولَهَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَرِهَ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ شَرِكَةً وَلَوْ قَالَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَرِكَةً إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ تَمْثِيلٍ لِقَوْلِهِ إنَّ عَمْرًا لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ.
(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ) أَيْ لِكَوْنِ التَّأْخِيرِ يَسِيرًا أَوْ خَوْفَ الْجُحُودِ أَوْ الْخِصَامِ فَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ حُمِلَ عَلَى النَّظَرِ.
(قَوْلُهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ) وَمِثْلُهُ الْحَيُّ الْمُفْلِسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ أَبُو عِمْرَانَ الْمَسْأَلَةَ بِكَوْنِ الْحَقِّ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَكُونَ حَوَالَةً يُقْضَى بِهَا وَإِلَّا جَاءَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَبُو الْحَسَنِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَتَجَانَسْ الدَّيْنَانِ هَلْ يَكُونُ مِثْلَ تَأْخِيرِ الْوَصِيِّ أَوْ مِثْلَ الْقَضَاءِ الْفَاسِدِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (أَقُولُ) مُقْتَضَى كَوْنِهِ فَسَخَ الدَّيْنَ أَنَّهُ كَالْقَضَاءِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ لِلدَّيْنِ) أَيْ لِأَخْذِ الدَّيْنِ أَيْ كَتَلَفِ مَالِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَمْ يَبِرَّ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْحِنْثِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ إنْ وَطِئْتُك حَنِثَ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَفِي لَتَأْكُلِنَّهَا) أَصْلُهُ لَتَأْكُلِينَنَهَا فَحُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لِتَوَالِي الْأَمْثَالِ ثُمَّ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَصَارَ لَتَأْكُلِنَّهَا وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَمَحِلُّهَا حَيْثُ تَوَانَتْ) وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْحِنْثُ كَمَا فِي شَرْحِ عب وشب فَإِنْ قُلْت قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا لَمْ يُؤَجِّلْ وَحَصَلَ مِنْهُ وَفَرَّطَ فَيَحْنَثُ بِالْمَانِعِ وَلَوْ عَقْلًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ حَنِثَ بِالْمَانِعِ الْعَادِيِّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا قُلْنَا مَا تَقَدَّمَ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُنَا قَدْ فَعَلَهُ (قَوْلُهُ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ وَإِنْ تَوَانَتْ قَدْرَ مَا لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَهَا وَتُحْرِزَهَا دُونَهَا فَعَلَتْ فَهُوَ حَانِثٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ مَسْأَلَةِ الْبَضْعَةِ) أَيْ