الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ الصَّدَاقِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ اقْتِضَاءً أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) فَقَالَ (ص) إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ (ش) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَالضَّمِيرُ فِي تَنَازَعَا رَاجِعٌ لِلْمُتَنَازِعَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ تَنَازَعَا أَوْ لِلْمُتَدَاعَيَيْنِ لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ إذْ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يَنْفِيهَا (ص) ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنْكَرَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ عَلَى النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ وَسَوَاءٌ شَهِدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا أَوْ عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِيَّ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ (ص) وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَلِعَدَمِ ثَمَرَتِهَا لَوْ تَوَجَّهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ إذَا نَكَلَ عَنْهَا إذْ لَا يُقْضَى بِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ نُكُولِ الْآخَرِ (ص) وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الْيَمِينِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُنْكِرِ إذْ لَا ثَمَرَةَ لِتَوَجُّهِهَا عَلَيْهِ إذْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ فَنَكَلَ عَنْهَا لَمْ يُقْضَ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ أَيْ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ لَا نِكَاحَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ.
(ص) وَحَلَفَتْ مَعَهُ وَوَرِثَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ مَيِّتٍ أَنَّهُ كَانَ زَوْجًا لَهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَشْهَدُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ لَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ مَعَهُ وَتَرِثُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى آلَتْ إلَى مَالٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا إذْ هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا الْمَالَ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى عِلَّتِهِ أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العدوي]
[فَصْل حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ]
فَصْلُ التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ) . (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ أَيْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ أَيْ وُجُودِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّنَازُعَ فِي الصَّدَاقِ تَنَازُعٌ فِي النِّكَاحِ لَكِنْ لَيْسَ تَنَازُعًا فِي أَصْلِهِ بَلْ تَنَازُعٌ فِي قَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ طَارِئَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِدَعْوَاهُمَا الْمَأْخُوذَةِ مِنْ التَّنَازُعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ التَّجْرِيدِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِدَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إثْبَاتُهَا أَوْ نَفْيُهَا.
(قَوْلُهُ: تَثْبُتُ) أَيْ تَثْبُتُ فَعَبَّرَ بِالْمَاضِي وَأَرَادَ الْمُضَارِعَ وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّمَاعِ) مَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مُجَوِّزَةً لِغَيْرِ مَنْ أَقَامَ بِالسَّمَاعِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُجَوِّزَةً لِأَحَدٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ الْمُقِيمُ لِلسَّمَاعِ الْجَائِزَ لَهَا. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ مَعَ مُعَايَنَتِهِمَا لَهُمَا كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوعِهِمْ أَوْ مَعَ ثُبُوتِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ قَيْدًا لِعَدَمِ ذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ فِي بَابِهَا بَلْ إنَّمَا ذَلِكَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ شُهُودَ السَّمَاعِ عَايَنُوا الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُجَوِّزًا لَهُمْ لِلْقَطْعِ بِالنِّكَاحِ وَلَا يُسْنِدُوهُ لِلسَّمَاعِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ شب إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَزَالَ الْإِشْكَالَ فَقَالَ قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّكَاحِ وَعَايَنَتْ الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَحَصَلَ لَهُمْ الْيَقِينُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ جُلُّ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ فِي النِّكَاحِ إذَا انْتَشَرَ خَبَرُهُ فِي الْجِيرَانِ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَسُمِعَ الدِّفَافُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَ فُلَانٍ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ النِّكَاحَ فَقَوْلُهُ: لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ بِالْقَطْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرُوا طُولَ الزَّمَانِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ بِالْقَطْعِ، وَالدِّفَافُ وَالدُّخَانُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى الِانْتِشَارِ وَكَثْرَتِهِ وَوُجُودِ الْأَمَارَاتِ الْمُفِيدِ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْقَطْعِ بِالشَّهَادَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ إذَا أَفَادَ الْعِلْمَ بِاسْتِفَاضَةٍ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ) أَيْ شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ أَوْ مُعْتَمِدَةً عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِي. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ بِالدُّفِّ أَوْ الدُّخَانِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ أَفَادَهُ بَهْرَامُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُقْضَى) عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا) لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُنْكِرَةً لِلزَّوْجِيَّةِ
. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ) بَلْ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرَ أَنَّ مُحَشِّي تت قَدْ قَالَ وَاعْتَبَرَ الْقَيْدَ الْحَطَّابُ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَأَقَرَّهُ نَاصِرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ قَائِلًا سَيُصَرِّحُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ لَهَا) وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهَا عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ بِدَعْوَاهَا وَكَذَا يُقَالُ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بَعْدَ مَوْتِهَا
الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَيَاةِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ أُخَرُ غَيْرُ الْمَالِ كَلُحُوقِ النَّسَبِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ أَثْبَتْنَا النِّكَاحَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِمَّا أَنْ تَثْبُتَ كُلُّ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ تَثْبُتَ الْأَحْكَامُ الْمَالِيَّةُ خَاصَّةً مَعَ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ بِذَلِكَ بَلْ الزَّوْجُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى نِكَاحِ مَيِّتَةٍ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا فَرَضَهُ الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الشَّهَادَةِ وَنِكَاحٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا حَالَ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةَ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى نِكَاحٍ وَالدَّعْوَى الَّتِي بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى مَالٍ، وَقَوْلُهُ مَعَهُ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَتَانِ.
(ص) وَأُمِرَ الزَّوْجُ بِاعْتِزَالِهَا لِشَاهِدٍ ثَانٍ زَعَمَ قُرْبَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ حِينَئِذٍ يَأْمُرُ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ بِأَنْ يَعْتَزِلَهَا حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمُدَّعِي بِشَاهِدِهِ الثَّانِي الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ غَائِبٌ غَيْبَةً قَرِيبَةً لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي انْتِظَارِهِ فَإِنْ أَتَى بِشَاهِدِهِ عَمِلَ بِالشَّهَادَةِ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ وَتُرَدُّ إلَى عِصْمَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يَقْرَبُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَطِئَهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدِهِ الثَّانِي أَوْ كَانَ بَعِيدًا فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَبْقَى فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا لِأَجْلِ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَهُ.
(ص) وَأُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ لِبَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهَا رَجُلٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَأَكْذَبَتْهُ فِي ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ غَيْبَةً قَرِيبَةً لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي انْتِظَارِهَا وَرَأَى الْحَاكِمُ لِدَعْوَاهُ وَجْهًا بِأَنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِانْتِظَارِهِ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَتِهِ فَإِنْ أَتَى بِهَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةَ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُؤْمَرُ بِانْتِظَارِهِ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهَا فِي الِانْتِظَارِ وَتَتَزَوَّجُ مَتَى شَاءَتْ (ص) ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ إذَا قَالَ لِي بَيِّنَةٌ قَرِيبَةٌ وَأَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ لِيَأْتِيَ بِهَا ثُمَّ عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْأَعْذَارِ أَيْ حُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا أَنَّ لَهُ حُجَّةً ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ أَمْ لَا وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي تَعْجِيزُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْحَبْسِ وَالدَّمِ وَضَابِطُهُ كُلُّ حَقٍّ لَيْسَ لِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيَأْتِي هَذَا فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ (ص) ، وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ (ش)
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَثْبَتْنَا النِّكَاحَ) يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ قَصْدَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ بَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ) لِأَنَّ مُقْتَضَى ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ ثُبُوتُ الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَا يُعْمَلُ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى غَيْرِهَا وَيَشْهَدُ لَهُ ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَانْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ رَدَّ الْحَاكِمُ الْعَمَلَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ لِوُقُوعِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ حَالَ الْحَيَاةِ ثُمَّ إنَّهُ ادَّعَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِدَعْوَاهُ هَلْ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ كَمَا يَأْتِي مَا يُفِيدُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ مَعَ يَمِينٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ
. (قَوْلُهُ: وَأُمِرَ الزَّوْجُ بِاعْتِزَالِهَا) هَذَا حَيْثُ كَانَ الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِالْقَطْعِ لَا عَلَى السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا تَنْفَعُ فِيمَا تَحْتَ زَوْجٍ وَأُمِرَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَعْنَاهُ نُدِبَ فَكَانَ الْأَفْضَلُ وَاعْتَزَلَهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ الْوَاقِعَةَ فِي عِبَارَاتِ الْمُؤَلِّفِينَ تُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ بَهْرَامَ وَنُسْخَةِ تت وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ، وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَحْسَنُ لِشُمُولِهَا لِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلِمَا إذَا زَعَمَ بَعِيدًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرَبُهَا إلَّا بَعْدَ إلَخْ) وَنَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ الِاعْتِزَالِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهَا فَإِنْ ثَبَتَتْ لِمُقِيمِ الْبَيِّنَةِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مُدَّةَ الِاعْتِزَالِ وَمُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ الْأَوَّلِ
. (قَوْلُهُ: وَأُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ إلَخْ) الْمُرَادُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِالْقَطْعِ أَوْ بِالسَّمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ تَحْتَ زَوْجٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِاعْتِزَالِهَا حَتَّى لِدَعْوَى شَخْصٍ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ.
وَقَالَ بَعْضٌ يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَنْ تَحْتَ زَوْجٍ وَهِيَ أَخْذُ حَمِيلٍ بِالْوَجْهِ مِنْهَا أَوْ حَبْسُهَا إنْ خَشِيَ تَغَيُّبَهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يُلْقِي السِّلَاحَ وَيَقُولُ عَجَزْتُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا، وَتَارَةً يُنَازِعُ وَيُعَالِجُ وَيَقُولُ عِنْدِي الْبَيِّنَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَآتَى بِهَا وَيُنَازِعُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مُدَّعِي حُجَّةٍ وَالْمُرَادُ بِالْحُجَّةِ الْبَيِّنَةُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ مَعْذُورٌ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَالْإِعْذَارُ) أَيْ قَطْعُ الْعُذْرِ بِالتَّلَوُّمِ.
(قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِي الدَّمِ؛ لِأَنَّ لَهُ إسْقَاطَهُ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُدَّعِي حُجَّةٍ لَا مُقَابِلُهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَذَكَرَ عج مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّعْجِيزَ لَهُ مَعْنَيَانِ تَعْجِيزٌ يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ، وَتَعْجِيزٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ حُكْمُهُ لِخَصْمِهِ بِمَا ادَّعَى أَوْ حُكْمُهُ بِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ إلَخْ وَانْظُرْ لَوْ حَكَمَ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ وَمَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَلَّ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا يُقَيِّدُ رُجْحَانَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا إنَّ التَّعْجِيزَ فِي هَذَا الْقِسْمِ بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ ظَاهِرُهَا ضَعِيفًا ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ نَذْكُرُ لَك مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيزِ هُنَا الْحُكْمَ بِعَدَمِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَلَا الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عَجَزَ بَلْ الْحُكْمُ بِرَدِّ دَعْوَاهُ كَأَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَك مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالتَّعْجِيزِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ ادِّعَائِهِ الْبَيِّنَةَ وَلَدَدِهِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ تُقْبَلُ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ
يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِ الْبَيِّنَةِ.
(ص) وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا (ش) صُورَتُهَا رَجُلٌ فِي عِصْمَتِهِ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَامِسَةً بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُطَلِّقَ هَذِهِ الرَّابِعَةَ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَأَحْرَى إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً غَيْرَهَا وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ بِرُجُوعِهِ عَنْ دَعْوَاهُ أَوْ تَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمَ حَدِّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً قَبْلَ طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْخَامِسَةِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ.
(ص) وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَأَكْذَبَهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهَا أَوْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَتْهُ وَلَمْ يَأْتِ الرَّجُلُ بِمِدْفَعٍ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْإِنْكَارِ الطَّلَاقَ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُ الرَّجُلَ الدُّخُولُ عَلَيْهَا وَالنَّفَقَةُ لَهَا.
(ص) وَلَوْ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ فَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ فُسِخَا كَالْوَلِيَّيْنِ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ ادَّعَى رَجُلَانِ عَلَيْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ أَيْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالْعَاقِدُ لَهُمَا عَلَيْهَا وَلِيٌّ وَاحِدٌ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ شَهِدَتْ لَهُ بِمَا قَالَ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَتْ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَإِنَّ النِّكَاحَيْنِ يَنْفَسِخَانِ مَعًا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ إذَا جُهِلَ زَمَنُ الْعَقْدَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا بِهَا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا يَفُوتُ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ وَهَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ كَالْوَلِيَّيْنِ وَإِلَّا كَانَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِأَعْدلِيَّتِهِما اوَلَا لِتَارِيخٍ وَلَا لِبَقِيَّةِ الْمُرَجِّحَاتِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ
(ص) وَفِي التَّوْرِيثِ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الْبَلَدِيَّيْنِ إذَا أَقَرَّا بِأَنَّهُمَا زَوْجَانِ مُتَنَاكِحَانِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يَرِثُهُ الْآخَرُ أَوْ لَا يَرِثُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَتَوَارَثَانِ وَالزَّوْجِيَّةُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَوَارَثَانِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَمَّا الزَّوْجَانِ الطَّرِيئَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِإِقْرَارِهِمَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ لِثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَقَبِلَ دَعْوَى طَارِئَةِ التَّزْوِيجِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ وَقَعَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَنَّ مَحَلَّ الْإِرْثِ فِي الطَّارِئَيْنِ بِالْإِقْرَارِ حَيْثُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَرَضِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَإِنْشَاؤُهُ فِيهِ وَلَوْ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْمِيرَاثِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ.
(ص) وَالْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَفِي التَّوْرِيثِ فِي الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ غَيْرِ وَلَدٍ
ــ
[حاشية العدوي]
وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ أَقَرَّ إلَخْ لَيْسَ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ تَقْيِيدُ ابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَيَّدَ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْقَبُولُ وَغَيْرُهُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْقَبُولِ بِمَا إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى حُجَّةً وَلَمْ يُقِرَّ فَلَا تُقْبَلُ قَطْعًا، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمُ الْقَبُولِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ تُسْمَعُ بِبَيِّنَتِهِ إذَا عَجَّزَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ لِقَوْلِهَا أَوْ قَامَتْ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ انْتَفَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا وَلَوْ قَصَدَهُ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَلَيْسَ عِنْدَ خِطْبَتِهَا وَلَا نَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْإِنْكَارِ الطَّلَاقَ) وَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ طَلَاقًا أَنَّهُ يَحْتَاجُ الزَّوْجُ لِعَقْدٍ عَلَيْهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَتْ الْعِدَّةُ قَدْ انْقَضَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا
. (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَتْهُمَا) أَيْ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا أَوْ أَنْكَرَتْ أَحَدَهُمَا وَأَقَرَّتْ بِالْآخَرِ أَوْ سَكَتَتْ وَلَمْ تُقِرَّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا لِتَارِيخٍ إلَخْ) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ عج مَحَلُّ الْفَسْخِ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْبَيِّنَاتُ، وَأَمَّا إنْ رُجِّحَتْ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ زِيَادَةِ الْعَدَدِ كَالتَّارِيخِ أَوْ تَقَدُّمِهِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مَا يُفِيدُهُ وَذَكَرَهُ تت هُنَا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَزَادَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فَإِنْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا بِالشَّهْرِ وَالْأُخْرَى بِالْيَوْمِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ قُضِيَ بِالْمُؤَرَّخَةِ بِالْيَوْمِ إلَّا أَنْ تَقْطَعَ الْمُؤَرَّخَةُ بِالشَّهْرِ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ
. (قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ إلَخْ) فَإِنْ أَقَرَّ وَلَمْ تُقِرَّ هِيَ وَلَا كَذَّبَتْهُ وَرِثَتْهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ هِيَ وَلَمْ يُقِرَّ هُوَ وَلَا كَذَّبَهَا بَلْ سَكَتَ وَرِثَهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الشَّارِحِ شَرْطَانِ أَنَّهُمَا لَا بُدّ مِنْ تَقَارُرِهِمَا وَأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ وَيُزَادُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ فَإِذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِ الْحَاءِ يَرِثُ الْمَرْأَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِلْحَاقُ فِي الْمَرَضِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا وَلَكِنْ نَقْلُ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ بَلْ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجِيَّةُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا) يُنَافِيهِ مَا فِي شَرْحِ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَأَشْعَرَ جَعْلُهُ الْخِلَافَ فِي التَّوْرِيثِ عَدَمَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا أَشْعَرَ إذْ لَا يَثْبُتُ بِتَقَارُبِ الْبَلَدَيْنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ طُولٍ وَفِيهِ وَقْفَةٌ
. (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَلَدٍ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ وَلَدًا فَهُوَ اسْتِلْحَاقٌ لَا إقْرَارٌ فَيُعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ الْمُقَرَّ بِهِ يَرِثُ الْأَبَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُتَّهَمُ فِيهِ كَاتِّهَامِهِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا إرْثُ الْأَبِ الْمُقِرِّ مِنْ الْوَلَدِ الْمُقَرِّ بِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حِينَ اسْتَلْحَقَهُ الْأَبُ حَيًّا غَيْرَ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْأَبَ يَرِثُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ رِقًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَقَلَّ الْمَالُ وَقَوْلُهُ وَلَا زَوْجٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجًا فَهُوَ مَا قَبْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِقْرَارُ بِالْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِالْمُعْتِقِ
وَلَا زَوْجٍ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ الْمُقَرُّ بِهِ تَصْدِيقٌ وَلَا تَكْذِيبٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَارِثٌ ثَابِتٌ نَسَبُهُ حَائِزٌ لِلْإِرْثِ خِلَافٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَمَّ وَارِثٌ حَائِزٌ لِلْإِرْثِ كَابْنٍ وَأَخٍ فَلَا إرْثَ لِلْمُقَرِّ لَهُ اتِّفَاقًا وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا صَوَّبَ وَإِنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ وَإِلَّا فَخِلَافٌ أَيْ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَوْ حَائِزٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ.
(ص) بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الطَّارِئَيْنِ عَلَى بَلْدَةٍ إذَا قَدِمَا وَأَقَرَّا بِالزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ فِي الزَّوْجِيَّةِ.
(ص) وَإِقْرَارُ أَبَوَيْ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ (ش) أَيْ وَكَذَا يُقْبَلُ إقْرَارُ أَبَوَيْ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّ أَبُو الصَّبِيِّ وَأَبُو الصَّبِيَّةِ أَنَّهُمَا زَوْجَانِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِرْثَ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا تُهْمَةَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ فِي إقْرَارِهِمَا إذْ لَهُمَا الْقُدْرَةُ عَلَى إنْشَاءِ مَا أَقَرَّا بِهِ.
(ص) وَقَوْلُهُ تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ بَلَى أَوْ قَالَتْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَالَعْتَنِي أَوْ قَالَ اخْتَلَعْتِ مِنِّي أَوْ أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ طَلِّقْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِلْمَرْأَةِ أَنَا تَزَوَّجْتُكِ فَقَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِهِ بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ قَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَالَعْتَنِي بِالْفِعْلِ الْمَاضِي أَوْ الْأَمْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ لُغَةً وَعُرْفًا، وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا اخْتَلَعْتِ مِنِّي أَوْ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا لَهُ طَلِّقْنِي فَإِنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ طَارِئَيْنِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَزَوَّجْتُكِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَقَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ قَدْ تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ إلَخْ إقْرَارٌ بِالزَّوْجِيَّةِ وَهَلْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ النِّكَاحُ أَمْ لَا فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّارِئَيْنِ أَيْ أَنَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ إذَا قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ فَقَالَتْ بَلَى لَكِنَّهُ يُخَصُّ بِالطَّارِئَيْنِ.
(ص) لَا إنْ لَمْ يُجِبْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَلَمْ يُجِبْهُ الْآخَرُ بَلْ سَكَتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ كَمَا إذَا قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْتنِي فَلَمْ يُجِبْهَا أَوْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ فَلَمْ تُجِبْهُ فَيُجَبْ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ أَيْ لَا إنْ لَمْ يُجِبْ السَّائِلُ مِنْهُمَا الْبَادِيَ وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْئُولِ أَيْ لَا إنْ لَمْ يُجِبْ الْمَسْئُولُ السَّائِلَ فَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ.
(ص) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ بِهَذَا وَهُوَ مَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ دُونَ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ الْمُقَرُّ بِهِ تَصْدِيقٌ) فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فَكُلٌّ مُقِرٌّ بِالْآخَرِ كَمَا يَأْتِي أَيْ وَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ وُجُودِ ثَابِتِ النَّسَبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ يَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَا زِيَادَةً وَرَاجِعْ بَابَ الِاسْتِلْحَاقِ فَإِنَّ فِيهِ مَا إذَا أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُنَاكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) رَجَّعَهُ عج لِلثَّانِيَةِ وَعَمَّمَ فِي الْأُولَى وَقَوَّاهُ وَاعْتَمَدَهُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ، فَفِي الْأُولَى أَنَّهُ إذَا كَانَ وَارِثٌ فَالْإِرْثُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بِخِلَافِ هَذِهِ هَذَا مُفَادُ النَّقْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُحَشِّي تت فَظَاهِرُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُرَادٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا صُوِّبَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ
. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ) الْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَا بَلَدِيَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَلَدِيًّا فَلَيْسَا طَارِئَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَدِمَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ
. (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ أَبَوَيْ إلَخْ) كَانَا طَارِئَيْنِ أَمْ لَا كَانَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَالسُّكُوتُ لَيْسَ كَالْإِقْرَارِ فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَإِنَّ سُكُوتَهُ لَا يُعَدُّ إقْرَارًا وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْبَالِغَيْنِ السَّفِيهَيْنِ بِإِقْرَارِ أَبَوَيْهِمَا وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي إقْرَارِ الرَّشِيدَيْنِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقَيَّدَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ بِحَالَةِ الْإِرْثِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالَةِ الْإِرْثِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ إقْرَارَ أَبَوَيْ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ مُوجِبٌ لِأَحْكَامِ النِّكَاحِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى إنْشَاءِ عَقْدِهِ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ حَيَاتِهِمَا إذْ لَا يَجْرِي فِيمَا إذَا مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِ الْأَبَوَيْنِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ كَانَا طَارِئَيْنِ أَمْ لَا بِشَرْطِ الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ
. (قَوْلُهُ: تَزَوَّجْتُكَ) إذَا فُرِضَ فِي الطَّارِئَيْنِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ فُرِضَ فِي غَيْرِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ لِتَصْحِيحِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَالَعْتَنِي بِالْفِعْلِ الْمَاضِي) لِأَنَّهَا دَعْوَى مِنْهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى زَوْجٍ وَيُحْتَمَلُ بِفِعْلِ الْأَمْرِ طَلَبٌ مِنْهَا لِلطَّلَاقِ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ زَوْجٍ وَإِنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ الَّذِي قَبْلَهُ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ فِي الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ هَذَا وَلَمْ يُعِدْهُ مَعَ خَالَعْتَنِي؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى طَلَّقْتَنِي مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ اقْتِضَاءُ عَدَمِ الْبَقَاءِ فِي الْعِصْمَةِ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَتْ فِي جَوَابِهِ بَلَى) الْحَاصِلُ أَنَّ نَعَمْ يُجَابُ بِهَا مُطْلَقًا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى حَالِهِ، وَأَمَّا بَلَى فَلَا تَقَعُ جَوَابًا إلَّا بَعْدَ النَّفْيِ غَالِبًا تُصَيِّرُهُ إثْبَاتًا وَالْمُصَنِّفُ أَوْقَعَهَا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ فَهِيَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَالَ عج
نَعَمْ لِتَقْرِيرِ الَّذِي قَبْلَهَا
…
إيجَابًا أَوْ نَفْيًا كَذَا قَرَّرُوا
بَلَى جَوَابَ النَّفْيِ لَكِنَّهُ يَصِيرُ إثْبَاتًا كَمَا حَرَّرُوا
اهـ. (قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ طَلِّقْنِي) أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ لَا تَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ إلَّا إذَا سَأَلَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ زَوْجٍ.
طَلِّقْنِي أَمْ لَا لِصِدْقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُقَالُ إلَّا عَلَى مَنْ تَلَبَّسَ بِالظِّهَارِ حَالَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَهَذَا يَسْتَدْعِي زَوْجِيَّتَهَا حِينَئِذٍ.
(ص) أَوْ أَقَرَّ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ فَأَنْكَرَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ الرَّجُلُ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ تَزَوَّجْتَنِي فَأَنْكَرَ هُوَ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَثْبُتُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا؛ إذْ لَا بَيِّنَةَ وَلَا إقْرَارَ وَلَا اشْتِرَاكَ فِي زَمَنَيْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ
(ص) وَفِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الزَّوْجِيَّةِ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ بِأَنْ قَالَتْ قَدْرُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا مَثَلًا وَقَالَ هُوَ بَلْ بِعَشَرَةٍ فَقَطْ أَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ فَقَالَتْ هِيَ بِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مَثَلًا وَقَالَ هُوَ بَلْ بِعَبْدٍ تُرْكِيٍّ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ بِأَنْ قَالَتْ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَقَالَ هُوَ بَلْ لِعَرْضٍ صِفَتُهُ كَذَا فَإِنَّهَا تَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهَا إنْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ وَيَحْلِفُ هُوَ عَلَى دَعْوَاهُ إنْ كَانَ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُمَا.
وَيُفْسَخُ النِّكَاح بَيْنَهُمَا بِطَلَاقٍ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَلَا طَلَاقٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَتَوَقَّفُ بِالْفَسْخِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَيَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَا يُنْظَرُ إلَى دَعْوَى شَبَهٍ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ (وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ وَغَيْرِهِ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الرُّجُوعِ وَأَفْرَدَ ضَمِيرَهُ مُلَاحَظَةً لِمَا ذُكِرَ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ كُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْغَرَضُ الذَّاتِيُّ مِنْ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ (كَالْبَيْعِ) الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِيَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا فِي فَصْلِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ حَكَمَ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَتَنَاكُلِهِمَا وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ وَحَلَفَ إنْ فَاتَ وَبُدِئَ الْبَائِعُ.
فَقَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ أَيْ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ لِلْأَشْبَهِ وَعَدَمُ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِشَبَهٍ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُنْظَرُ فِيهِ لِلشَّبَهِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ إلَخْ.
(ص) إلَّا بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيمَا ذُكِرَ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِمَا وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ مَعَ الْحَيِّ أَوْ وَرَثَتِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ (فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) بِشَرْطِ أَنْ يُشْبِهَ؛ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ حِينَ مَكَّنَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ نَفْسِهَا وَفَوَّتَتْ سِلْعَتَهَا وَأَيْضًا الزَّوْجُ غَارِمٌ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا أَوْ وَرَثَتِهَا فِي الْمَوْتِ وَإِحَالَةُ مَا ذُكِرَ عَلَى الْبَيْعِ يُفِيدُ شَرْطَ الشَّبَهِ لِلزَّوْجِ أَشْبَهَتْ هِيَ أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَتْ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَنُسْخَةُ أَوْ مَوْتٍ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ أَوْ مَوْتِهَا لِشُمُولِهَا لِمَوْتِهِمَا وَلِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ الْمَوْتِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُرَدُّ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ) أَيْ حَالِ التَّكَلُّمِ وَعَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا حَالَ التَّلَبُّسِ كَمَا عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ
. (قَوْلُهُ: إذْ لَا بَيِّنَةَ) أَيْ تَشْهَدُ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا اشْتِرَاكَ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَلَا إقْرَارَ أَيْ وَلَا اشْتِرَاكَ فِي الْإِقْرَارِ فِي زَمَنَيْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا الْحُكْمِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ لَك عِنْدِي عَشَرَةٌ فَقَالَ مَا لِي عِنْدَكَ شَيْءٌ فَرَجَعَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ فَرَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ لِتَصْدِيقِهِ فَاسْتَمَرَّ الْمُقِرُّ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ أَقَرَّتْ فَأَنْكَرَ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ فَأَنْكَرَتْ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ بِعَدَمِ اتِّحَادِ زَمَانِ إقْرَارِهِمَا جَارٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا
. (قَوْلُهُ: حَلَفَا وَفُسِخَ) أَيْ بِطَلَاقٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِدَعْوَى شَبَهٍ) لَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ عج بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ الْقَوْلُ لِمَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا بِيَمِينٍ فَإِنْ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّنَازُعَ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ مَا نَصُّهُ فِي الْجِنْسِ مُطْلَقًا كَفِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ إلَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ لَأَفَادَ أَقْسَامَ مَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِيَّةِ) أَيْ فِي الْأَحْكَامِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْمَشْهُورِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ) سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْفَوَاتِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يُلْتَفَتُ لِلشَّبَهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِشَبَهٍ قَبْلَ الْفَوَاتِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ الْقَوْلُ لِمَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا إذَا أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَا مَعًا أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ بِنَاءً) قَالَ الْحَطَّابُ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ التَّنَازُعَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ كَالتَّنَازُعِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ التَّصْرِيحَ بِهِ، لَكِنَّ إلْحَاقَ الْمَوْتِ بِالْبِنَاءِ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يُشْبِهَ) اعْتَمَدَ عج خِلَافَهُ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ فِي الطَّلَاقِ وَوَرَثَتُهَا فِي الْمَوْتِ فَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ أَوْ وَرَثَتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الزَّوْجَ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا.
(قَوْلُهُ: وَإِحَالَةُ مَا ذُكِرَ عَلَى الْبَيْعِ) فِيهِ أَنَّ الْإِحَالَةَ عَلَى الْبَيْعِ إنَّمَا هِيَ فِيمَا قَبْلَ الْفَوَاتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ
إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى شَبَهٍ مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ دُونَ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ عَنْ دَعْوَاهُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّ الْمِثْلَ فِي جِنْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْهُ أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ وَثَبَتَ النِّكَاحُ) وَالنَّوْعُ كَالصِّفَةِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَقَوْلُهُ وَثَبَتَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ إلَّا فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ وَمُرَادُهُ الثُّبُوتُ حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَيْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ وَفِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْجِنْسِ لَيْسَ فِيهِ اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَإِنَّ فِيهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجِنْسِ وَعَلَى أَصْلِ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَمَّا كَانَ فِيهِ اتِّفَاقٌ فِي الْجُمْلَةِ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ (وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا عِنْدَ مُعْتَادِيهِ) مُبَالَغَةً فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالْمَعْنَى إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَفْوِيضٍ وَادَّعَتْ هِيَ فِي الطَّلَاقِ أَوْ وَرَثَتُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أَنَّهُ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَسْمِيَةٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا صَدَاقَ لَهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ التَّفْوِيضُ فَقَطْ أَوْ تَارَةً وَتَارَةً، أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ التَّسْمِيَةَ فَقَطْ أَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّسْمِيَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي التَّسْمِيَةِ بِيَمِينٍ.
(ص) وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ (ش) أَيْ وَلَا كَلَامَ فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ لِلْمَرْأَةِ السَّفِيهَةِ وَلَا لِسَفِيهٍ بَلْ الْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ وَيَحْلِفُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَسَوَاءٌ وَافَقَتْ الْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ وَلِيَّهَا أَوْ خَالَفَتْهُ
(ص) وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى صَدَاقَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ لَزِمَا وَقُدِّرَ طَلَاقٌ بَيْنَهُمَا وَكُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ بِأَلْفَيْنِ مَثَلًا فِي عَقْدَيْنِ وَأَكْذَبَهَا الرَّجُلُ فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهَا بِمَا قَالَتْ فَإِنَّ الشَّرْعَ يُقَدِّرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ وَيَلْزَمُ الرَّجُلَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا الصَّدَاقَ الثَّانِيَ كُلَّهُ بِلَا إشْكَالٍ؛ لِأَنَّهَا الْآنَ فِي عِصْمَتِهِ وَأَمَّا الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ يُقَدَّرُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ وَعَلَى الزَّوْجِ بَيَانُ أَنَّهُ قَبْلَهُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ إنَّمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ يُقَدَّرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهَا بَيَانُ أَنَّهُ بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ قَبْلَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِتَكْلِيفِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ.
(ص) وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ أُمِّي حَلَفَا وَعَتَقَ الْأَبُ وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا
ــ
[حاشية العدوي]
إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَالْبَيْعِ مَحْذُوفٌ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ مَا بَعْدَ الْفَوَاتِ بِالْبِنَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِهِمَا) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا قَدْ تَدَّعِي أَنَّ الْمَهْرَ مِثْلِيٌّ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَ مِثْلِ مَا ادَّعَتْ أَيْضًا فَأَرَادَ بِالْقِيمَةِ الْعِوَضَ لِيَشْمَلَ الْمِثْلَ. (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ النِّكَاحُ) أَيْ إمَّا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَيْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى أَصْلِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْجِنْسُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَصْلِ ذَلِكَ) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا) لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مُبَالَغَةً؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقًا عَلَيْهَا وَالْأَمْرُ هُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ إذْ التَّنَازُعُ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَنَازُعٌ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ أَوْ صِفَتِهِ بَلْ هُوَ شَرْطُ حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ فَكَذَلِكَ أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّفْوِيضَ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّسْمِيَةَ وَوَقَعَ الْعَقْدُ فِي مَوْضِعِ أَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ وَإِنْ وَقَعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِمَا فَانْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ الْمَوْضِعُ أَيْضًا أَوْ يُغَلَّبُ جَانِبُ الزَّوْجِ وَلَوْ حَصَلَ التَّنَازُعُ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فُسِخَ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا فَرَضَهُ الْمَوَّاقُ فِيمَا إذَا حَصَلَ طَلَاقٌ أَوْ مَوْتٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِنَاءٌ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُصُولَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ فِيهِ وَأَمَّا قَبْلَ وُجُودِ مُفَوِّتٍ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ) أَيْ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَارَةً) أَيْ مَعَ التَّسَاوِي أَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَارَةً وَتَارَةً) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسَةٌ اعْتَادُوا التَّفْوِيضَ فَقَطْ أَوْ كَانَ أَغْلَبَ أَوْ مُسَاوِيًا فَهَذِهِ حُكْمُهَا وَاحِدٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي ادِّعَائِهِ التَّفْوِيضَ أَيْ بِيَمِينٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ أَوْ أَغْلَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّسْمِيَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي التَّفْوِيضِ فِي غَلَبَةِ التَّسْمِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
. (قَوْلُهُ: وَلَا لِسَفِيهٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ فَأَرَادَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ السَّفِيهَ وَالسَّفِيهَةَ وَالصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ.
(قَوْلُهُ: بَلْ الْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلَوْ حَاكِمًا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً) أَيْ جِنْسَ بَيِّنَةٍ إذْ الصَّدَاقَانِ الْمُخْتَلِفَانِ لَا تَشْهَدُ بِهِمَا بَيِّنَةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: فِي عَقْدَيْنِ) أَيْ مُتَرَتِّبَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مُقِرَّةٌ بِالطَّلَاقِ فَيُقَدَّرُ طَلَاقُهَا أَيْ يُعْتَبَرُ وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهَا وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَهُوَ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ لَزِمَا أَيْ نِصْفُهُمَا أَيْ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدَلِيلٍ وَكُلِّفَتْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَتْ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ قَامَتْ أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْآنَ فِي عِصْمَتِهِ) تَعْلِيلٌ لِلُزُومِ كُلِّ الصَّدَاقِ. (أَقُولُ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِي دُخُولٌ وَلَا أَنْ تَكُونَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي الثَّانِي الصَّدَاقُ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ لَهُ
. (قَوْلُهُ: الْمُصَنِّفِ حَلَفَا) أَيْ وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَإِذَا حَلَفَ الزَّوْجُ وَنَكَلَتْ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَعَتَقَ الْأَبُ فَقَطْ وَهُوَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ تَارَةً يَعْتِقُ الْأَبُ وَتَارَةً يُعْتَقَانِ مَعًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ) هَذَا شَامِلٌ
وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَمْلِكُ أَبَوَيْ امْرَأَةٍ فَقَالَ لَهَا أَصْدَقْتُكِ أَبَاك وَقَالَتْ هِيَ بَلْ أَصَدَقْتَنِي أُمِّي وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ غَيْرَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حَفِظَتْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَحْفَظْ عَلَى أَيِّهِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا مَرَّ وَالِاخْتِلَافُ هُنَا فِي الصِّفَةِ، وَيَعْتِقُ الْأَبُ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ حُرٌّ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا نَكَلَا وَوَلَاؤُهُ لَهَا وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ وَبِغَيْرِ طَلَاقٍ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مَعًا الْأَبُ لِإِقْرَارِهِ وَالْأُمُّ بِحَلِفِ الزَّوْجَةِ وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَلَاءُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا لِلزَّوْجَةِ وَهِيَ حَلِفُهُمَا نُكُولُهُمَا حَلِفُهُ دُونَهَا وَعَكْسُهُ فَقَوْلُهُ حَلَفَا قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الْعِتْقِ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ فِيمَا إذَا طَلَّقَ فَفِي حَلِفِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَبِ، وَفِي حَلِفِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ فَإِنْ حَلَفَ عَتَقَ الْأَبُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَعَتَقَا مَعًا فَإِنْ نَكَلَتْ عَتَقَ الْأَبُ فَقَطْ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(ص) وَفِي قَبْضِ مَا حَلَّ فَقَبْلَ الْبِنَاءِ قَوْلُهَا وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فِيهِمَا عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ وَإِسْمَاعِيلُ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهَا مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا وَأَكْذَبَتْهُ وَقَالَتْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا وَإِلَّا فَوَلِيُّهَا هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ وَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّهَا غَرِمَ لَهَا لِإِضَاعَتِهِ بِنُكُولِهِ وَكَذَا يَغْرَمُ لَهَا لَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِتَفْرِيطِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ وَقَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسْلِمُ سِلْعَتَهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا لَكِنْ بِيَمِينٍ إنْ كَانَ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَقَيَّدَ كُلٌّ مِنْ الْقُضَاةِ الثَّلَاثَةِ قَبُولَ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِقَيْدٍ فَقَيَّدَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْأَبْهَرِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِكِتَابٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا وَالْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إسْمَاعِيلُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ تَأْخِيرَ الْحَالِّ مِنْ الصَّدَاقِ عَنْ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِمَا إذَا ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى دَفْعَهُ لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُصَدَّقُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى دَفْعِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ كَلَامَ الْقُضَاةِ تَقْيِيدٌ
(ص) وَفِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِيَمِينٍ وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
لِمَا إذَا حَلَفَتْ بَعْدَ نُكُولِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَأَبَى الزَّوْجُ مِنْ الْحَلِفِ وَوَرَثَتُهُ حِينَئِذٍ وَلِمَا إذَا كَانَ نُكُولُهُ بَعْدَ حَلِفِهَا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ هِيَ الْمُبْدَأَةُ بِالْيَمِينِ فَلَا يَكُونُ نُكُولُهُ وَحَلِفُهُ إلَّا بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَتْ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَبْدَأُ بِيَمِينِهَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ وَلَا تَحْلِفُ هِيَ إلَّا إذَا نَكَلَ وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ إلَّا إذَا حَلَفَتْ وَخُلَاصَتُهُ كَمَا أَفَادَهُ عج أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا ثَبَتَ بِهِ النِّكَاحُ فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ فُسِخَ النِّكَاحُ وَعَتَقَ الْأَبُ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ.
وَأَمَّا إذَا حَصَلَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يُتَصَوَّرُ حَلِفُهُمَا حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ هُوَ أَوْ وَرَثَتُهُ وَحَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَرَثَتُهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ وَعَتَقَا فَإِنْ نَكَلَ كُلٌّ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ فَحَيْثُ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُمَا يَعْتِقَانِ لَكِنَّ عِتْقَ الْأَبِ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ وَعِتْقَ الْأُمِّ لِثُبُوتِ كَوْنِهِ صَدَاقًا وَحَيْثُ عَتَقَ الْأَبُ لِإِقْرَارِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ أَخَذَ الزَّوْجُ الْقِيمَةَ وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ بِالْوَلَاءِ وَالْمِيرَاثِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ) أَيْ حَاكِمٍ يَفْسَخُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) هَذَا إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَتْ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْأَبُ فَقَطْ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ فَإِنْ فَسَخَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فِي الطَّلَاقِ وَبِقِيمَتِهِ بِتَمَامِهَا فِي الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَتْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا فِيمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفِيمَا قَبْلُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَا فَسْخَ. (قَوْلُهُ: انْفِرَادًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا انْفِرَادُ الْأَبِ وَحْدَهُ دُونَ الْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا) أَيْ أَوْ الْمُنَجَّمِ إذَا حَلَّ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ احْتِرَازًا مِمَّا حَلَّ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِ لَا قَبْلَ حُلُولِهِ وَلَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) أَيْ بِيَمِينٍ كَمَا فِي شَرْحِ عب وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا الَّذِي فِي عب وشب بِلَا يَمِينٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا فِي كَلَامِ إسْمَاعِيلَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَشَاهِدٍ وَانْظُرْ عَلَى كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ هَلْ يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ أَوْ لَا اهـ.
(أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الِاحْتِيَاجُ كَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِهَا رَهْنٌ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ) أَيْ بِيَمِينٍ كَمَا فِي شَرْحِ عب
. (قَوْلُهُ: فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الرَّجُلُ وَهُوَ فِي حَوْزِهِ الْأَخَصِّ فَإِنْ ادَّعَاهُ وَهُوَ فِي حَوْزِهِ الْأَخَصِّ فَهُوَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ) ظَاهِرُهُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ لَا فَإِذَا اُعْتِيدَ لُبْسُ خَاتَمِ الذَّهَبِ لَهُمَا وَتَنَازَعَاهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلرَّجُلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَدَّعِهِ الْمَرْأَةُ وَهُوَ فِي حَوْزِهَا الْأَخَصِّ فَهُوَ لَهَا
مَتَاعِ الْبَيْتِ الْكَائِنِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بِلِعَانٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ فَسْخٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِمَا هُوَ الْعُرْفُ فَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا كَالْحُلِيِّ بِيَمِينٍ وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا أَوْ لِلرِّجَالِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلرَّجُلِ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَقِيرَةً وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِمِقْدَارِ صَدَاقِهَا وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِيمَا لَا يُشْبِهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِفَقْرِهِ مِمَّا هُوَ لِلرَّجُلِ عِنْدَ التَّنَازُعِ.
(ص) وَلَهَا الْغَزْلُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي الْغَزْلِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ هُوَ لِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ هُوَ لِي وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمَرْأَةِ يُرِيدُ بَعْدَ حَلِفِهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْكَتَّانَ مِلْكُهُ أَوْ تُقِرَّ الزَّوْجَةُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ الْغَزْلِ هُوَ بِقِيمَةِ كَتَّانِهِ وَهِيَ بِقِيمَةِ غَزْلِهَا (ص) وَإِنْ نَسَجَتْ كُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَسَجَتْ شُقَّةً وَادَّعَتْ أَنَّ غَزْلَهَا لَهَا وَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ غَزْلُهُ، وَإِنَّمَا نَسَجَتْهَا لَهُ فَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا فَإِنْ بَيَّنَتْ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ الشُّقَّةَ وَيَدْفَعُ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ
(ص) وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَالَهَا حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ كَالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَادَّعَى الرَّجُلُ شَيْئًا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلنِّسَاءِ كَالْحُلِيِّ أَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ لَا لَهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ ثَمَنَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ إنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا ادَّعَتْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلرِّجَالِ كَالسَّيْفِ فَقَالَتْ هُوَ لِي وَأَقَامَتْ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ وَسَكَتَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ يَمِينِهَا فَقِيلَ اجْتِزَاءً بِيَمِينِ الرَّجُلِ عَنْ يَمِينِهَا وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي حَلِفِهَا تَأْوِيلَانِ) وَلَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ بِمِيرَاثِ مَا يُعْرَفُ لَهُمَا أَوْ بِهِبَتِهِ مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَوَرَثَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْحَلِفِ وَلَكِنْ يَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ
(ص) الْوَلِيمَةُ مَنْدُوبَةٌ (ش) هِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ خَاصَّةً وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ النَّاسِ فِيهَا وَمِنْهَا أَوْلَمَ الْغُلَامُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ وَالْمَذْهَبُ
ــ
[حاشية العدوي]
كَذَا قَالَ عج.
(تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الزَّوْجَيْنِ الْقَرِيبَانِ كَرَجُلٍ سَاكِنٍ مَعَ مَحْرَمِهِ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ تَنَازَعَ مَعَهَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِمِقْدَارِ صَدَاقِهَا) أَيْ بِمِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ مِنْ صَدَاقِهَا أَيْ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قَدْرُ قِيمَتِهَا قَدْرُ الْمَقْبُوضِ مِنْ صَدَاقِهَا
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسَجَتْ كُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا) هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَهَا الْغَزْلُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِيَ قَوْلُ مَالِكٍ أَوْ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ صَنْعَتُهَا النَّسِيجُ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ صَنْعَتُهَا الْغَزْلَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءٍ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ بِاشْتِرَائِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِاشْتِرَائِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُتَيْطِيُّ وَقَوْلُهُ حَلَفَ أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا لَا مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ بِاشْتِرَائِهِ فَقَطْ وَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ ثَمَنَهُ إلَخْ) وَيُجْمَعُ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) آمِرُونَ نَاهُونَ قَائِمُونَ بِأُمُورِهِنَّ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالشَّأْنُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَا اشْتَرَتْ ذَلِكَ إلَّا لِنَفْسِهَا لَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قَوَّامَةً عَلَى زَوْجِهَا وَانْظُرْ إذَا كَانَ عُرْفُ قَوْمٍ أَنَّ النِّسَاءَ قَوَّامَاتٌ عَلَى الرِّجَالِ كَالْبَدْوِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ نِسَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمَ رِجَالِ غَيْرِهِنَّ مِنْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَبْنَاهُ الْعُرْفُ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ بِمِيرَاثِ مَا يُعْرَفُ لَهُمَا) أَيْ أَوْ شِرَاءِ مَا يُعْرَفُ لَهُمَا أَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَكَذَا لَوْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِمِيرَاثِ مَا يُعْرَفُ لَهَا أَوْ بِهِبَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ دُونَ يَمِينٍ، وَكَذَا لَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهُ فَقَطْ بِذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهُ فَقَطْ أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهَا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ بِدُونِ يَمِينٍ
. (قَوْلُهُ: وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ) بِأَنْ تَقُولَ وَلِيمَةُ الْخِتَانِ وَاعْلَمْ أَنَّ طَعَامَ الْخِتَانِ يُقَالُ لَهُ إعْذَارٌ وَالنَّقِيعَةُ طَعَامُ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ وَالْخُرْسُ طَعَامُ النِّفَاسِ وَالْمَأْدُبَةُ الطَّعَامُ الَّذِي يُعْمَلُ لِلْجِيرَانِ لِلْمَوَدَّةِ وَالْوَكِيرَةُ طَعَامُ بِنَاءِ الدُّورِ وَالْعَقِيقَةُ طَعَامُ الْوِلَادَةِ وَالْحَذَاقَةُ طَعَامُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْوُجُوبُ إنَّمَا هُوَ فِي طَعَامِ الْعُرْسِ خَاصَّةً لَا فِي غَيْرِهِ وَنَظَمَ عج ذَلِكَ فَقَالَ
وَيُكْرَهُ إتْيَانٌ لِكُلٍّ سِوَى الَّذِي
…
لِعُرْسٍ وَمَوْلُودٍ بِغَيْرِ تَنَاسِ
فَيُنْدَبُ فِي الثَّانِي الْحُضُورُ لَهُ وَفِي
…
الْوَلِيمَةِ أَوْجَبُ لَا تَكُونُ بِنَاسِ
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ
بَلْ يُبَاحُ لِكُلِّهَا
…
سِوَى عُرْسٍ أَوْ مَأْدُبَاتٍ لِنَاسِ
إذَا فَعَلْت لَا لِلْفَخَّارِ وَإِنْ لَهُ
…
فَيُكْرَهُ يَا ذَا فَاجْنِ طِيبَ غِرَاسِ
وَمَأْدُبَةٍ لِلْجَارِ قَصْدَ مَوَدَّةٍ
…
فَفِيهَا أَتَى نَدْبًا حُضُورُ مُوَاسِ
قَالَ مَالِكٌ وَيُكْرَهُ حُضُورُ أَهْلِ الْفَضْلِ غَيْرَ الْوَلِيمَةِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِغَيْرِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْأَصْحَابِ وَالْجِيرَانِ وَالرَّحِمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا بِالْفِعْلِ أَوْ الِاجْتِمَاعِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْ النَّاسِ فِيهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ.
(قَوْلُهُ: وَخُلُقُهُ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ مُرَادًا بِهَا كَمَالُ الْعَقْلِ وَكَانَ هَذَا يُقَالُ لَهُ
مَا هُنَا أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا فَلَا يُقْضَى بِهَا وَقِيلَ وَاجِبَةٌ يُقْضَى بِهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ سَابِقًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَوْنُ النَّدْبِ مُنَصَّبًا عَلَى كَوْنِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ (بَعْدَ الْبِنَاءِ يَوْمًا) هُوَ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَقْتُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا تَكْفِي لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَعَلَيْهِ أَيْضًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا دُعِيَ لَهَا وَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ فَاسِدٌ وَفِي كَلَامِ الْأَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ مُسْتَحَبٌّ فَفِعْلُهَا فِي غَيْرِهِ فِعْلٌ لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اسْتِحْبَابُ الْوَلِيمَةِ وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ طَلُقَتْ وَقَوْلُهُ (تَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالتَّعْيِينُ بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْعُرْسِ تَأْتِي عِنْدَنَا وَقْتَ كَذَا أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي فُلَانًا بِعَيْنِهِ لَا إنْ قَالَ اُدْعُ مَنْ لَقِيتَ.
(ص) وَإِنْ صَائِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَةَ إلَى الْوَلِيمَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ صَاحِبُ الْوَلِيمَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْدُوبُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْعُوُّ صَائِمًا أَوْ غَيْرَ صَائِمٍ وَسَوَاءٌ أَكَلَ الْمُفْطِرُ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ (ص) إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى مَنْ عُيِّنَ أَنْ لَا يَحْضُرَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ حُضُورَ السَّفَلَةِ لَا يَأْمَنُ الْمَرْءُ مَعَهُمْ عَلَى دِينِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَأَذِّيهِ لِمُخَاطَبَتِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ، وَمِنْ شُرُوطِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَسْبِقَ الدَّاعِي غَيْرَهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ الدَّاعِي أَجَابَ الْأَسْبَقَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَذُو الرَّحِمِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا دَارًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ.
(ص) وَمُنْكَرٌ كَفَرْشِ حَرِيرٍ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ فَإِنْ كَانَ سَقَطَتْ كَفَرْشِ حَرِيرٍ يَجْلِسُ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ يَجْلِسُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ التَّرَفُّهُ بِلِينِ الْفِرَاشِ وَهُوَ مَوْجُودٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الْجُدَرَانِ بِالْحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَمِمَّا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ أَنَّهُ يَكُونُ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ وَعَلَى رُءُوسِهِمْ قَوْمٌ يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَمِمَّا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ أَنْ يُخَصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ.
(ص) وَصُوَرٌ عَلَى كَجِدَارٍ (ش) أَيْ وَمِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
حِينَ يَبْلُغُ الْحُلُمَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا) وَيَحْصُلُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَطْعَمَهُ وَلَوْ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهَا وَأَنَّهُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ حَصَلَ الْمَنْدُوبُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى بِهَا) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.
(قَوْلُهُ: يَوْمًا) أَيْ قِطْعَةَ زَمَنٍ يَقَعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِأَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَوْمًا بِتَمَامِهِ يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ تَكَرُّرُهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَدْعُوِّ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تَكْرَارَ الطَّعَامِ بَعْدَهَا لَا بِقَصْدِهَا فَلَا يُكْرَهُ قَالَ الْبَدْرُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَايَتَهَا لِلسَّابِعِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إنْ أَخَّرَ لِلسَّابِعِ كَانَتْ الْإِجَابَةُ مَنْدُوبَةً لَا وَاجِبَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ دُعِيَ أَوَّلًا وَأَجَابَ ثُمَّ دُعِيَ ثَانِيًا فِي ثَانِي يَوْمٍ مَثَلًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَتْ بِوَلِيمَةٍ قَطْعًا كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ.
(قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَقْتَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَوَقْتُهَا كَائِنٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَتَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ. (قَوْلُهُ: فَفَعَلَهَا فِي غَيْرِهِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا دُعِيَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: يَمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ شَرُّ الطَّعَامَ أَيْ أَنَّ مَنْ يَرْغَبُ فِي الْإِتْيَانِ لَهَا لِاحْتِيَاجِهِ لِلتَّنَاوُلِ مِنْهَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَلَا يُدْعَى إلَيْهَا وَقَوْلُهُ وَيُدْعَى إلَيْهَا إلَخْ أَيْ أَنَّ مَنْ يَأْبَاهَا وَلَا يُرِيدُ الذَّهَابَ إلَيْهَا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا يُدْعَى إلَيْهَا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمَحْصُورِينَ يَتَعَارَضُ فِيهَا قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ اُدْعُ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْإِجَابَةِ فِيهَا وَفِي الثَّانِي وُجُوبُ الْإِجَابَةِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْإِجَابَةُ لَوْ قَالَ اُدْعُ أَهْلَ مَحَلَّةِ كَذَا وَهُمْ مَحْصُورُونَ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ حُكْمًا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَحْصُورِ كَادْعُ مَنْ لَقِيتَ أَوْ الْعُلَمَاءَ أَوْ الْمُدَرِّسِينَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَلَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُخَاطِبُ الْمَدْعُوَّ أَوْ يُرْسِلَ كِتَابًا لَهُ أَوْ رَسُولًا ثِقَةً وَلَوْ مُمَيِّزًا غَيْرَ مُجَرَّبٍ فِي كَذِبٍ وَإِذَا تَنَازَعَ الرَّسُولُ وَالْمَدْعُوُّ فِي التَّعْيِينِ بِالشَّخْصِ وَغَيْرِهِ صُدِّقَ الرَّسُولُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَرِينَةٌ عَلَى الصِّدْقِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لعب بَلْ لَا يُحْتَاجُ لِلْيَمِينِ إلَّا فِي الْمُتَّهَمِ فِيمَا يَظْهَرُ
. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَةَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الْإِجَابَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْدُوبُهُ) أَيْ رَسُولُهُ الْمُمَيِّزُ الْغَيْرُ الْمُجَرَّبِ فِي الْكَذِبِ. (قَوْلُهُ: لِمُخَاطَبَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ مُخَاطَبَتِهِ أَيْ مُخَاطَبَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ رُؤْيَتِهِ أَيْ كَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ وَقَوْلُهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ يَتَأَذَّى مِنْ الْمُخَاطَبَةِ أَوْ الرُّؤْيَةِ لَا لِضَرَرٍ يَحْصُلُ بِذَلِكَ بَلْ لِحَظِّ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ) إلَّا أَنْ يُخْشَى بِمُجَالَسَتِهِ أَوْ خِطَابِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ بِهِ أَوْ أَذِيَّتِهِ اغْتِيَابُهُ أَوْ أَذِيَّتُهُ ك.
(قَوْلُهُ: كَفَرْشِ حَرِيرٍ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّرْحُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَيَصِحُّ مُرَادًا مِنْهُ الْمَفْرُوشُ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ جَمْعًا أَيْ هَذَا الْجِنْسَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الْجُدْرَانِ إلَخْ) وَانْظُرْ بِالذَّهَبِ وَقَدْ رَأَيْت مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّتَائِرِ الَّتِي عَلَى الْجُدْرَانِ وَكَذَا تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ وَمِمَّا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: يُخَصُّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ) أَيْ فَإِنْ خُصَّ الْأَغْنِيَاءُ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَظَاهِرُهُ يَسْقُطُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَحُكْمُ اخْتِصَاصِ الدَّعْوَةِ بِالْأَغْنِيَاءِ الْكَرَاهَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ
شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ أَوْ صُوَرٌ مُجَسَّدَةٌ عَلَى الْجِدَارِ كَصُوَرِ السِّبَاعِ الَّتِي لَهَا ظِلٌّ وَلَوْ لَمْ يَدُمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ التِّمْثَالُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَيَوَانٍ كَالشَّجَرِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لِحَيَوَانٍ فَمَا لَهُ ظِلٌّ وَيُقِيمُ فَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يُقِمْ كَالْعَجِينِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ «الْمُصَوِّرِينَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا كُنْتُمْ تُصَوِّرُونَ» وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا فَتَرْكُهُ أَوْلَى انْتَهَى وَهَذَا فِي الصُّورَةِ الْكَامِلَةِ، وَأَمَّا نَاقِصُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ فَيُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ صُورَةٌ عَلَى كَجِدَارٍ عَنْ صُوَرِ الثِّيَابِ.
(ص) لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ وَلَوْ فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ تُتْرَكُ الْإِجَابَةُ مَعَ مُنْكَرٍ لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ كَضَرْبِ الْغِرْبَالِ وَالْغِنَاءِ الْخَفِيفِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَدْعُوُّ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام حَضَرَ ضَرْبَ الدُّفِّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذُو الْهَيْئَةِ أَعْلَمَ وَأَهْيَبَ مِنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ لَا يَنْبَغِي لِذِي هَيْئَةٍ أَنْ يَحْضُرَ مَوْضِعًا فِيهِ لَهْوٌ وَاحْتُرِزَ بِالْمُبَاحِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَالْمَشْيِ عَلَى الْحَبْلِ وَجَعْلِ خَشَبَةٍ عَلَى جَبْهَةِ إنْسَانِ وَيَرْكَبُهَا آخَرُ فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ.
(ص) وَكَثْرَةُ زِحَامٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ يَحْضُرُ مُضَمَّنًا مَعْنَى يُوجَدُ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ وَكَثْرَةُ زِحَامٍ أَوْ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى يَحْضُرُ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ كَثْرَةُ زِحَامٍ عَلَى طَرِيقَةِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا فَإِنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا إمَّا تَضْمِينُ عَلَفْتُهَا مَعْنَى أَنَلْتُهَا أَوْ جَعَلَ الْعَامِلَ فِي " مَاءً " مُقَدَّرًا أَيْ وَسَقَيْتُهَا.
(ص) وَإِغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ يُغْلَقُ الْبَابُ عِنْدَ حُضُورِهِ وَلَوْ لِأَجْلِ الْمُشَاوَرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ مِنْ إغْلَاقِ الْبَابِ لِخَوْفِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ؛ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ
(ص) وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دُعِيَ إلَى الْوَلِيمَةِ وَهُوَ مُفْطِرٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرَدُّدٌ لِلْبَاجِيِّ قَالَ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا وَفِي الْمُذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ أَيْ لِلْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَبِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ ابْنُ رُشْدٍ الْأَكْلُ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ فَحَمَلَ مَالِكٌ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَكَذَا إذَا كَانَ صَائِمًا بِالْفِعْلِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ وَعِبَارَةُ عج وَمِمَّا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ أَيْضًا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ صَائِمٌ إلَخْ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ صَائِمًا أَيْ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لِلدَّاعِي وَقْتَ الدَّعْوَةِ أَنَّهُ صَائِمٌ بِالْفِعْلِ وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ وَالِانْصِرَافُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَكَذَا إذَا فَعَلَ طَعَامَ الْوَلِيمَةِ لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ لَا لِلْأَكْلِ فَإِنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا قَدْرَ مَا يَطِيبُ بِهِ خَاطِرُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَمْ تَحْرُمْ الدَّعْوَةُ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الضَّحِيَّةِ وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّاعِي امْرَأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ كَانَ هُنَاكَ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ وَمِثْلُهُ آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ أَمْرَدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً أَوْ قَالَةً وَيَظْهَرُ أَيْ يَكُونُ الدَّاعِي كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى الْمَدْعُوِّ دَيْنٌ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً.
وَكَذَا إذَا كَانَ النِّسَاءُ بِسَطْحِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا يَنْظُرْنَ لِلرِّجَالِ أَوْ يَخْتَلِطْنَ بِهِمْ وَكَذَا يُبِيحُهُ مَرَضٌ أَوْ حِفْظُ مَالٍ أَوْ خَوْفُ عَدُوٍّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ مِمَّا يُبِيحُهُ شِدَّةُ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَكَذَا إنْ بَعُدَ مَكَانُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ تَلْحَقُ الْآكِلَ مِنْهُ بَلْ لَا يَجُوزُ الْحُضُورُ وَلَا الْأَكْلُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَالْمُرَادُ شُبْهَةٌ تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْأَكْلِ مِنْهُ وَيَأْتِي فِي الْقِرَاضِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَرَامًا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَالْأَكْلِ مِنْ طَعَامِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الشُّبْهَةَ الْمُبِيحَةَ لِلتَّخَلُّفِ كَوْنُ الطَّعَامِ كُلِّهِ مِنْ حَرَامٍ وَمِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ لِكَافِرٍ بَلْ لَا تَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّاعِي لَهُ مُسْلِمًا.
(قَوْلُهُ: وَيُقِيمُ) أَيْ يَدُومُ. (قَوْلُهُ: كَالْعَجِينِ) أَيْ وَكَقِشْرِ الْبِطِّيخِ فَإِنَّ لَهُ ظِلًّا مَا دَامَ طَرِيًّا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ) كَاَلَّذِي فِي الْبُسُطِ وَالْحِيطَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ) أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْبُسُطِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَاقِصُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ وَالْمُنْخَرِقَةُ بَطْنُهُ وَانْظُرْ لَوْ غُطِّيَ عُضْوٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ صُوَرِ الثِّيَابِ) أَيْ فِي الثِّيَابِ أَيْ صُوَرِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: لَا مَعَ ذِي هَيْئَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي بَاقِيَةً عَلَى مَعْنَاهَا أَيْ وَلَوْ كَانَ وَاقِعًا فِي حَضْرَةِ ذِي هَيْئَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ) تَفْسِيرٌ لِلْأَصَحِّ لَيْسَ الْمُرَادُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ بَهْرَامُ وَقَوْلُهُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ خَبَرُ مُقَابِلُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَشْيُ عَلَى الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ) وَرَخَّصَ ابْنُ رُشْدٍ فِي اللَّعِبِ عَلَى الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ نَعَمْ لَا تَرْخِيصَ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ حُضُورُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ زِحَامٍ) الظَّاهِرُ فِي دُخُولٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ أَكْلٍ كَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ
(قَوْلُهُ: وَإِغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ) أَيْ لِلِازْدِرَاءِ بِهِ
. (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ) أَيْ قَدْرًا يُطَيِّبُ خَاطِرَ رَبِّ الْوَلِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ: أَكْلِ الْمُفْطِرِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِحُضُورِهِ وَشُرْبِ نَحْوِ قَهْوَةٍ وَقِيَامِهِ قَبْلَ وَقْتِ الطَّعَامِ لِغَيْرِ مَانِعٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُذْهَبِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِبَهْرَامَ وَضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ كِتَابٌ لِابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ كَلَامَ الْبَاجِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَلْيَدْعُ) أَيْ بِأَنَّ اللَّهَ يُتِمُّ مَا هُمْ فِيهِ بِخَيْرٍ
«إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَاسْتِعْمَالُ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى مِنْ إطْرَاحِ أَحَدِهِمَا.
(ص) وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ مَدْعُوٍّ إلَّا بِإِذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَتَى إلَى مَكَانِ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ
(ص) وَكُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَثْرَ مَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ فِي الْوَلِيمَةِ إذَا أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لِلنُّهْبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ شَيْئًا مِمَّا يَحْصُلُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ مَكْرُوهٌ لِمَا جَاءَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ النُّهْبَةِ، وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لَا لِلنُّهْبَةِ أَوْ لِلنُّهْبَةِ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مِنْ يَدِ بَعْضٍ فَحَرَامٌ.
(ص) لَا الْغِرْبَالُ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ كُرِهَ وَالْغِرْبَالُ وَالدُّفُّ مُتَرَادِفَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هُوَ الْمُدَوَّرُ وَمُجَلَّدٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّرْبَ بِمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا لِلرِّجَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلِذَا بَالَغَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لِرَجُلٍ) خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ لَهُ.
وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْكَبَرِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُدَوَّرُ الْمُجَلَّدُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْمِزْهَرِ وَهُوَ عُودٌ مُفَصَّلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ يُرَكَّبُ وَيُغْشَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِالْجَوَازِ كَالْغِرْبَالِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَبِالْكَرَاهَةِ فِيهِمَا وَبِالْجَوَازِ فِي الْكَبَرِ دُونَ الْمِزْهَرِ أَيْ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ وَهُوَ النَّفِيرُ قِيلَ مَعْنَاهُ الْبُوقَاتُ وَالزَّمَّارَاتُ الْيَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُلْهِي كُلَّ اللَّهْوِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ابْنُ كِنَانَةَ وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ) .
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ إلَخْ) أَيْ فَمَعْنَى التَّخْيِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مُتَعَيِّنًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَكْلُ
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ تَحْرِيمًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ مَعَ حُرْمَةِ مَجِيئِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَدْعُوٍّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَابَعَ ذِي قَدْرٍ عُرِفَ عَدَمُ مَجِيئِهِ وَحْدَهُ لِوَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عب وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ
. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ فِي الْوَلِيمَةِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ يُكْرَهُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لَا لِلنُّهْبَةِ) أَيْ بَلْ يَخُصُّ بِهِ مَنْ شَاءَ وَالنُّهْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَعِبَارَةُ غَيْرِ شَارِحِنَا أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَمَّا انْتِهَابُ مَا أَحْضَرَهُ لَا لِلنُّهْبَةِ أَوْ لِلنُّهْبَةِ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ فَحَرَامٌ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا لَهُ وَهِيَ أَقْرَبُ مِنْ الَّذِي ذَكَرْته أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ فَقَدْ رَأَيْت فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَرْعٌ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكَبِيرِ بِشَيْءٍ دُونَ مَنْ حَضَرَ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لَا الْغِرْبَالُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ فِي الْعُرْسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِصَرَاصِرٍ أَوْ جَرَسٍ مَثَلًا فَيَحْرُمُ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الطَّارَ الَّذِي بِالصَّرَاصِرِ مَمْنُوعٌ وَكَذَا الشَّبَّابَةُ وَالشَّبَّابَةُ الْقَصَبَةُ الْمَثْقُوبَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الْكَأْسِ وَفِي عج لَا الْغِرْبَالُ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِصَرَاصِرٍ كَمَا هُوَ فِي الْقُرْطُبِيِّ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعِ عَلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا بِصَرَاصِرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا الْغِرْبَالُ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ وَقُيِّدَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الرِّسَالَةِ قَالَ شَارِحُهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ تت وَقِيلَ بِجَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ النَّفْرَاوِيُّ الْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَالْخِتَانِ وَالْوِلَادَةِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ فَرَحٍ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ بَدْرٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يَحْرُمُ مَا عَدَا الدُّفَّ وَالْكَبَرَ مِنْ مِزْمَارٍ وَغَيْرِهِ وَأَبَاحَ الْقُرْطُبِيُّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ فِي كُلِّ سُرُورٍ وَأَجَازَ بَعْضٌ الضَّرْبَ بِهِ لِلْعَوَاتِقِ فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ غَيْرِ عُرْسٍ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ) وَأَمَّا بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ هُوَ الْمُقَابِلُ لِلصِّغَرِ وَأَمَّا بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْبَاءِ فَهُوَ الطَّعْنُ فِي السِّنِّ وَمَا عَدَا ذَلِكَ كَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ فَمَتْرُوكٌ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْكَبَرُ طَبْلَةٌ مِنْ فَخَّارٍ أَوْ عُودٌ لَهَا فَمَانِ ضَيِّقٌ وَوَاسِعٌ فَالْوَاسِعُ مُغَشًّى بِالْجِلْدِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُغَشًّى اهـ وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالدَّرَبُكَّةِ وَالْمَعْرُوفَةُ فِي الْحَدِيثِ بِالْكُوبَةِ وَالْقُرْطُبَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْبَازِ
(قَوْلُهُ: يُرَكَّبُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَقَوْلُهُ عُودٌ مُفَصَّلٌ لَعَلَّهُ أَعْوَادٌ مُفَصَّلَةٌ أَيْ ابْتِدَاءً عِنْدَ صُنْعِهِ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمِزْهَرَ كَالدُّفِّ لَكِنَّهُ لَهُ جِهَتَانِ بَيْنَهُمَا نَحْوُ أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ وَفِي شَرْحِ شب عُودٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اهـ أَيْ أَعْوَادٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ) جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَذَا أَفَادَهُ عج وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ ضِدَّهُ فَقَالَ وَقَوْلُهُ تَجُوزُ ضَعِيفٌ. (فَائِدَةٌ) يُقَالُ رَجُلٌ زَمَّارٌ لَا زَامِرٌ وَفِي الْمَرْأَةِ بِالْعَكْسِ يُقَالُ زَامِرَةٌ لَا زَمَّارَةٌ ك. (قَوْلُهُ: الْبُوقَاتُ وَالزَّمَّارَاتُ الْيَسِيرَةُ) أَيْ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ هَذَا الْقَيْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ يَسِيرُ التَّزْمِيرِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ وَأَمَّا كَثْرَةُ التَّزْمِيرِ فَلَا