الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوْبَتَهَا لِزَوْجِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ بَلْ يُقَدِّرُ الْوَاهِبَةَ كَالْعَدَمِ فَمَنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَبَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ ثُمَّ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَوْبَتَهَا لَهُ فَتَسْقُطُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ التَّالِيَةَ لِمَنْ نَامَ عِنْدَهَا فَيَنَامُ عِنْدَ مَنْ يَلِيهَا وَهَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي سُؤَالُ وَاهِبَةِ الزَّوْجِ هَلْ أَرَادَتْ الْإِسْقَاطَ أَوْ أَرَادَتْ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّانِيَ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ انْتَهَى، وَإِذَا وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا أَوْ لِزَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ لِمَا يُدْرِكُهَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَيْرَةِ.
(ص) وَإِنْ سَافَرَ اخْتَارَ إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَيُقْرِعُ وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَأَكْثَرُ وَأَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْ نِسَائِهِ مَنْ يَأْخُذُهَا مَعَهُ فِي سَفَرِهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَكُونُ فِي إقَامَةِ إحْدَاهُنَّ إمَّا لِثِقَلِ جِسْمِهَا أَوْ لِكَثْرَةِ عَائِلَتِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ وَلَا ضَرَرٍ اللَّخْمِيُّ وَمَنْ تَعَيَّنَ سَفَرُهَا جُبِرَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا أَوْ يَعِرّهَا انْتَهَى وَلَا تُحَاسَبُ مَنْ سَافَرَ بِهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ بَلْ يَبْتَدِئُ الْقَسْمَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَ نِسَائِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا أَخَذَهَا وَفِي كَلَامِ الذَّخِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ، وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ اللُّبَابِ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَخْتَارُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ كَانَ السَّفَرُ حَجًّا أَوْ غَزْوًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ لِمَالِكٍ وَهِيَ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا، الْقُرْعَةُ مُطْلَقًا، الْإِقْرَاعُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَقَطْ، الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْقَسْمِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى
أَحْكَامِ النُّشُوزِ
فَقَالَ (ص) وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجْرُهَا ثُمَّ ضَرْبُهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَشَزَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِأَنْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَعِظُهَا بِأَنْ يُذَكِّرَهَا أُمُورَ الْآخِرَةِ وَمَا يَلْزَمُهَا مِنْ طَاعَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَإِنَّهُ يَهْجُرُهَا فِي مَضْجَعِهَا بِأَنْ يَبْعُدَ عَنْهَا فِي الْمَضْجَعِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَإِنَّهُ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِضَرْبٍ مَخُوفٍ لَمْ يَجُزْ تَضْرِيرُهَا وَإِنْ ادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَدَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى حَالَةٍ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُفِيدُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ وَيَفْعَلُ مَا عَدَا الضَّرْبَ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ إفَادَتَهُ لَعَلَّهُ يُفِيدُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا إذَا ظَنَّ إفَادَتَهُ لِشِدَّتِهِ.
(ص) وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ فَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُضَارِرُهَا فَإِنَّهُ يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّهُ عَنْهَا وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ زَجْرَهُ بِاجْتِهَادِهِ كَمَا كَانَ يَتَوَلَّى الزَّوْجُ زَجْرَهَا حِينَ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَعِظُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ضَرَبَهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ تَكُونَ أَحْفَظَ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَعَيَّنَ سَفَرُهَا) أَيْ بِالْقُرْعَةِ أَيْ أَوْ اخْتَارَ سَفَرَهَا جُبِرَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى السَّفَرِ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَنْ أَبَتْ السَّفَرَ مَعَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا أَيْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزًا (قَوْلُهُ: أَوْ يَعِرّهَا) أَيْ يَكُونُ عَلَيْهَا مَعَرَّةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تُحَاسَبُ مَنْ سَافَرَ بِهَا) أَيْ إنَّ ضَرَّتَهَا لَا تُحَاسِبُهُ مُدَّةَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْرِعُ إلَخْ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا كُنَّ يَصْلُحْنَ لِلسَّفَرِ (قَوْلُهُ: الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَزْوَ تَشْتَدُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِرَجَاءِ تَحْصِيلِ الشَّهَادَةِ كَذَا ظَهَرَ وَلَمْ أَرَهُ فَتَأَمَّلْهُ.
[أَحْكَامِ النُّشُوزِ]
(قَوْلُهُ: وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ) قَالَ الْحَطَّابُ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ النُّشُوزَ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِزَجْرِهَا هُوَ الزَّوْجُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا إصْلَاحَهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَوَلَّى زَجْرَهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَجْرُهَا) وَغَايَتُهُ شَهْرٌ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الَّتِي لِلْمُولِي قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ عج وَقَوْلُهُ: وَغَايَتُهُ شَهْرٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَهْجُرُهَا فَوْقَ شَهْرٍ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ هَجْرَهَا فَوْقَ الشَّهْرِ وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَغَايَتُهُ شَهْرٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ وَغَايَةُ الْأَوْلَى مِنْهُ شَهْرٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ) رَاجِعٌ لِلضَّرْبِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا ظَنُّ الْإِفَادَةِ بَلْ يَكْفِي شَكُّهَا وَلَا يُقَالُ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ظَنُّ الْإِفَادَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُمَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الشَّخْصِ ضَرَرًا عَنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيرَ مُضَافٍ أَيْ تَخَافُونَ ضَرَرَ نُشُوزِهِنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ) هُوَ مَنْزِلُهُ وَفِيهَا قُصُورٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَشْمَلُ وَنَصُّهُ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِ وَطْءٍ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ أَوْ خُرُوجٍ بِلَا إذْنٍ أَوْ عَدَمِ أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِهِ انْتَهَى إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً عَلَى تَجَوُّزٍ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً قَدْ يَكُونُ مَخُوفًا كَاللَّكْمَةِ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ عَلَى الثَّدْيَيْنِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ وَلِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِتَأْدِيبِهَا لَا لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ عج أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الزَّوْجُ مَوْكُولٌ فِي الزَّوْجَةِ إلَى أَمَانَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَعْظِ وَالْهَجْرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِسْقَاطِهِ نَفَقَتَهَا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِهِ الْعَدَاءَ مِنْهَا وَالنُّشُوزَ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ كَمَا كَانَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ضَرَبَهُ) الْمُنَاسِبُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَمَرَهَا بِهَجْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ ضَرَبَهُ وَبِهِ أَفْصَحَ شب فِي شَرْحِهِ وَفِي شَرْحِ عب.
يُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي: وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ وَمِثْلُ تَعَدِّيهِ مَا إذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِمَا مَعًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ (ص) وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ (ش) الْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الصَّالِحِينَ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا تَكَرَّرَتْ مِنْهَا الشَّكْوَى فَقَطْ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَفِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ الضَّرَرَ وَتَكَرَّرَتْ مِنْهُمَا الشَّكْوَى وَحَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى (ص) وَإِنْ أَشْكَلَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (ش) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِشْكَالِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ بَعَثَ حَكَمَيْنِ وَالْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ اتَّضَحَ الْحَالُ فَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ أَشْكَلَ أَيْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ بَعَثَ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ إلَخْ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْإِشْكَالُ بَعْدَ السُّكْنَى بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَوْ ابْتِدَاءً وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّامِلِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلِقَوْلِ الْأَكْثَرِ (ص) مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ (ش) أَيْ وَيُشْتَرَطُ وُجُوبًا كَوْنُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَلَوْ وَاحِدًا وَهَلْ يَنْتَقِضُ الْحُكْمُ إذَا بَعَثَ الْقَاضِي أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ وُجُودِهِمَا مِنْ أَهْلٍ أَمْ لَا؟ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ الْأَهْلِينَ مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبٌ شَرْطًا فَلَوْ أَمْكَنَ إقَامَةُ الْأَهْلِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ أَوْ يُقَامُ الَّذِي مِنْ الْأَهْلِ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى الثَّانِي اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّ مَفْهُومَ إنْ أَمْكَنَ عَدَمُ الْإِمْكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (ص) وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِهِمَا وَلِمَفْهُومِ إنْ أَمْكَنَ أَيْ وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْحَكَمَيْنِ جَارَيْنِ فِي صُورَةِ بَعْثِ الْأَهْلِينَ إنْ أَمْكَنَ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ فِي صُورَةِ بَعْثِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ بَعْثُ الْأَهْلِينَ.
(ص) وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ وَسَفِيهٍ وَامْرَأَةٍ وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْمُحَكَّمِ أَيْ وَبَطَلَ حُكْمُ مَنْ ذُكِرَ بِطَلَاقٍ أَوْ إبْقَاءٍ أَوْ مَالٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الذُّكُورِيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالرُّشْدُ وَالْفِقْهُ بِمَا حُكِّمَ فِيهِ؛ فَيَبْطُلُ حُكْمُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
ــ
[حاشية العدوي]
أَنَّهَا لَا تَهْجُرُهُ (قَوْلُهُ: مَا إذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِمَا مَعًا) أَيْ فَإِنَّهُ يَزْجُرُهُمَا مَعًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ (قَوْلُهُ: وَسَكَّنَهَا إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي نَحْوُ هَذَا أَيْضًا إذَا تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الشَّكْوَى وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَكَانَ زَجْرُهَا لِلْإِمَامِ وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ " وَاعْلَمْ أَنَّ عج قَالَ ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ السُّكْنَى بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ وَبَيْنَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ مَرْتَبَةٌ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّتَّائِيِّ مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَرْتَبَةً وَهِيَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْأَمْرُ بِالسُّكْنَى بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ يُسْكِنُ مَعَهَا ثِقَةً أَوْ يُسْكِنُهَا مَعَ ثِقَةٍ، وَثِقَةٌ فِي كَلَامِهِ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ عَنْ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْأَمِينَةِ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلِ بِالْحَكَمَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسْكِنُهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ ثُمَّ إنْ عَمِيَ عَلَى الْإِمَامِ الْخَبَرُ وَطَالَ التَّكَرُّرُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الظُّلْمُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِأَمِينَةٍ بَلْ بِالْحَكَمَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قُوَّةُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ: أَعَمَّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ إلَّا بَعْدَ تَسْكِينِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ وَلَمْ يَتَّضِحْ الْحَالُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ إلَخْ) وَرَجَّحَهُ عج (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ) لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ وَأَطْيَبُ لِلصَّلَاحِ، وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إلَيْهِمَا فَيُبْرِزَانِ مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَإِرَادَةِ الصُّحْبَةِ وَالْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ ابْنُ الْحَاجِبِ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُرِيدُ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْحَكَمَانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ وَوُجِدَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْأَجَانِبِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ تَجِدُهُ مُوَافِقًا لِلَّخْمِيِّ وَإِلَّا لَقَالَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدَا فَالْأَجَانِبُ وَيَكُونُ صَادِقًا بِصُورَتَيْنِ فَعُدُولُهُ إلَى مَا قَالَ يَدُلُّ لِمَا قُلْنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُرَدُّ إلَيْهِ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلًا مُقَابِلًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْإِمْكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ الْإِمْكَانُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا هَذَا مُرَادُهُ وَبَعْدَ هَذَا فَأَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ أَيْ أَمْكَنَ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنَا مَعًا أَوْ أَمْكَنَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ) لِأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ تُوجِبُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِحَالِ الزَّوْجَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَسَفِيهٍ) عَطْفُ مُغَايِرٍ لِأَنَّ السَّفِيهَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا وَذَلِكَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ وَلَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَأَمَّا السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ عَدْلًا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مُوَلًّى عَلَيْهِ وَالسَّفِيهُ هُوَ الْمُبَذِّرُ مَالَهُ فِي اللَّذَّاتِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ بِقَيْدِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَامْرَأَةٍ) لَيْسَ مُرَادُهُ مَرْأَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا مُرَادُهُ مَرْأَتَانِ أَيْ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا تَكُونَانِ حَكَمَيْنِ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ حَكَمًا فَأَحْرَى الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمَالِ صُورَةٌ أُخْرَى مُغَايِرَةٌ لِلْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ، وَالْإِبْقَاءُ يَنْفَرِدُ عَنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَاضِحُ أَنْ يَقُولَ: بِطَلَاقٍ بِمَالٍ أَمْ لَا أَوْ إبْقَاءٍ
وَالْعَبْدِ، وَالْكَافِرِ، وَالْفَاسِقِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمَرْأَةِ، وَغَيْرِ الْفَقِيهِ بِبَابِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَإِنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ " غَيْرِ " فِي قَوْلِهِ " وَغَيْرِ فَقِيهٍ " لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ " سَفِيهٍ " وَ " امْرَأَةٍ " مَعْطُوفَانِ عَلَى " غَيْرِ " لَا عَلَى " الْعَدْلِ " وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهَا.
(ص) وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ لَا الْوَكَالَةُ وَلَا الشَّهَادَةُ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ فَإِذَا حَكَمَا بِطَلَاقٍ وَلَوْ خُلْعًا نَفَذَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَةِ حَاكِمِ الْبَلَدِ وَلَا إلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ وَمَحَلُّ نُفُوذِ طَلَاقِهِمَا إنْ لَمْ يَزِيدَا فِي حُكْمِهِمَا عَلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الزَّائِدَ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ الَّذِي بُعِثَا إلَيْهِ وَإِذَا حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِوَاحِدَةٍ وَالْآخَرُ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَلْبَتَّةَ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا وَاحِدَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ إلَخْ أَيْ بَعْدَ إيقَاعِهِمَا الطَّلَاقَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَهُمَا الْإِقْلَاعُ.
(ص) وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَلَوْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ، وَمِنْ الضَّرَرِ قَطْعُ كَلَامِهِ عَنْهَا، وَتَحْوِيلُ وَجْهِهِ عَنْهَا، وَضَرْبُهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا لَا مَنْعُهَا الْحَمَّامَ أَوْ تَأْدِيبُهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّسَرِّي، وَالتَّزَوُّجُ عَلَيْهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا أَرَادَتْ الْفِرَاقَ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا أَرَادَتْ الْبَقَاءَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَهَا إلَخْ أَنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْبَالِغِينَ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا هَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ قَوْلَانِ.
(ص) وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ وَبِالْعَكْسِ ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا وَإِنْ أَسَاءَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَغَيْرِ الْفَقِيهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يُشَاوِرَ الْعُلَمَاءَ.
(قَوْلُهُ: وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا) أَيْ وَجَازَ ابْتِدَاءً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ: لَا الْوَكَالَةُ إلَخْ) وَقِيلَ: طَرِيقُهُمَا الْوَكَالَةُ أَيْ عَنْ الْبَاعِثِ لَهُمَا الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَانِ وَقِيلَ طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا حَكَمَا بِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَلَسْت أَرَى ذَلِكَ لِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ أَقَامَاهُمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا أَيْ وَلَوْ كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَتِهِمَا وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي نُفُوذِ طَلَاقِهِمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِحُكْمِ حَاكِمٍ وَفِي عَدَمِ رِضَا الزَّوْجَيْنِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَوْ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ كَمَا قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ آخِرِ قَوْلِهِ وَلَا إلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُمَا وَكِيلَانِ لَاحْتِيجَ إلَى رِضَاهُمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ رِضَا الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْأَمْرَيْنِ الْوَكَالَةِ وَالشَّهَادَةِ، أَمَّا الْوَكَالَةُ فَقَدْ عَرَفْته وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَكُونَانِ حَكَمَيْنِ إلَّا إذَا كَانَا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَأَمَّا إذَا كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا فَلَا يَكُونُ طَرِيقُهُمَا ذَلِكَ بَلْ طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَيْهِمَا وَالْحُكْمُ لِغَيْرِهِمَا الَّذِي هُوَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ) الْمُرَادُ بِالْإِصْلَاحِ مَا فِيهِ صَلَاحٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِصْلَاحَ ضِدَّ الِافْتِرَاقِ، خِلَافَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرُ إلَخْ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " طَلَاقُهُمَا " وَ " أَوْقَعَا " فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا يَنْفُذُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَاهُ وَكَأَنَّهُ نَبَّهَ بِالصِّفَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَأَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا لِلطَّلَاقِ الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ وَاحِدَةٌ فَوُجِدَ شَرْطُ الْعَطْفِ بِلَا وَهُوَ أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ " طَلَاقُهُمَا " لِأَنَّهُ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ أَيْ تَطْلِيقُهُمَا وَاحِدَةً لَا أَكْثَرَ، وَجَرُّهُ بِالْفَتْحَةِ عَطْفًا أَيْضًا عَلَى مَعْمُولِ " طَلَاقُهُمَا " أَيْ تَطْلِيقُهُمَا بِوَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ مَنْ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ لِاخْتِلَافِهِمَا فَلَا يُسْتَغْنَى بِمَا قَبْلَهُ عَنْهُ وَالِاخْتِلَافُ إمَّا بِأَنْ يَقُولَ وَاحِدٌ أَوْقَعْت وَاحِدَةً وَيَقُولَ الْآخَرُ: أَوْقَعْت اثْنَتَيْنِ فَقَطْ أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: أَوْقَعْنَا مَعًا وَاحِدَةً وَقَالَ الْآخَرُ: أَوْقَعْنَا مَعًا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ) أَيْ وَيَزْجُرُهُ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: «لَا ضَرَرَ» إلَخْ) قَالَ عِيَاضٌ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقِيلَ الضَّرَرُ مَا كَانَ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَالضِّرَارُ مَا كَانَ عَنْ قَصْدٍ وَقِيلَ الضَّرَرُ مَا كَانَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِك فِيهِ مَضَرَّةٌ وَالضِّرَارُ مَا لَمْ يَكُنْ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِك مَضَرَّةٌ وَقِيلَ: الضَّرَرُ الِاسْمُ وَالضِّرَارُ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْبَالِغِينَ) يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا فِي عب وَدَلَّ قَوْلُهُ: وَلَهَا أَنَّ لَهَا الرِّضَا وَلَوْ مَحْجُورَةً وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ دُونَ وَلِيِّهَا وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ شُرِطَ فِيهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا لَيْسَ لِوَلِيِّهَا قِيَامٌ بِهِ إنْ رَضِيَتْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي إلَخْ) أَفَادَ بَعْضٌ هُنَا أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ يَجْرِي الْقَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: بِنَظَرِهِمَا) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إذَا كَانَ النَّظَرُ الِائْتِمَانَ فَعَلَاهُ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ الْمُخَالَعَةَ فَعَلَاهُ وَيَكُونُ النَّظَرُ أَيْضًا فِي قَدْرِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الصَّدَاقِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ النَّظَرَ يَكُونُ فِي أَصْلِ الْخُلْعِ وَفِي قَدْرِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسَاءَا) أَيْ مَعًا أَوْ أَشْكَلَ الْمُسِيءُ مِنْهُمَا أَوْ أَيُّهُمَا أَشَدُّ إسَاءَةً وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسَاءَا أَيْ وَلَمْ تَكُنْ إسَاءَةُ الزَّوْجِ أَشَدَّ وَإِلَّا فَكَإِسَاءَتِهِ، وَلَا إسَاءَةُ الْمَرْأَةِ أَشَدَّ وَإِلَّا فَكَإِسَاءَتِهَا وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ " التَّعْيِينُ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا خُلْعٍ وَأَمَّا
بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُمَا لِلْأُلْفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنْ يَخْلُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَرِيبِهِ وَيَسْأَلَهُ عَمَّا كَرِهَ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَقُولَ لَهُ: إنْ كَانَ لَك حَاجَةٌ فِي صَاحِبِك رَدَدْنَاهُ إلَى مَا تَخْتَارُ مَعَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ نَظَرَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ الزَّوْجِ طَلَّقَا عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ مِنْ صَدَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهَا ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُمَا يَجْعَلَانِهِ أَمِينًا عَلَيْهَا بِالْعَدْلِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَإِنْ رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَا لَهُ مِنْهَا شَيْئًا وَيُوقِعَا الْفِرَاقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَا إنْ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا وَسَدَادًا، وَلَوْ كَانَ مَا أَخَذَاهُ مِنْهَا لَهُ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهُمَا مَعًا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْإِصْلَاحِ الطَّلَاقُ بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْهَا لَهُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلُهُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ أَيْ إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ.
(ص) وَأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا (ش) قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ وَلَا الْوَكَالَةُ كَمَا قِيلَ فَإِذَا حَكَمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ إنْ شَاءَا إلَى الْحَاكِمِ الَّذِي أَرْسَلَهُمَا يُخْبِرَانِهِ بِمَا حَكَمَا بِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِذَ حُكْمَهُمَا وَقِيلَ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا ظَهَرَ لَا بِقَطْعٍ وَشَهَادَةٍ وَبِقَوْلِنَا إنْ شَاءَ يَنْدَفِعُ مُعَارَضَةُ مَا هُنَا لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ، وَلَمَّا جَرَى خِلَافٌ فِي رَفْعِ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ لِلْخِلَافِ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُهُ ظَهَرَتْ فَائِدَةُ تَنْفِيذِ الْحَاكِمِ لِحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ لِيَصِيرَ رَفْعُ الْخِلَافِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.
(ص) وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ، وَفِي الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَهُمَا أَنْ يُقِيمَا وَاحِدًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا عَارِفًا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَلَا لِوَلِيِّ الزَّوْجَيْنِ الْمَحْجُورَيْنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ لَكِنْ إنْ نَزَلَ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ كَمَا عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَلِلْوَلِيَّيْنِ أَنْ يُقِيمَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا يَحْكُمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ رَجُلَانِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَهْلِ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
الطَّلَاقُ فَهُوَ بِإِرَادَةِ الزَّوْجَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا اللَّامُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ أَوْ عَلَيْهِمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ.
(قَوْلُهُ: وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ عَلَى الصَّوَابِ إذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ حُكْمَهُمَا أَتَيَا السُّلْطَانَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَحْضَرَيْ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَمَا أَنْفَذَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا وَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ وَإِنْفَاذِهِ انْتَهَى هَكَذَا فِي نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْهَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ تَعْلَمُ عَدَمَ صِحَّةِ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِالْإِتْيَانِ، وَالْإِشْكَالُ وَالْجَوَابُ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت رحمه الله رَحْمَةً وَاسِعَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمَّا جَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ) أَيْ بِمَا حَكَمَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ طَرِيقِهِمَا الْحُكْمَ لَا الشَّهَادَةَ لَا إعْذَارَ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا: طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ كَانَ عَلَيْهِمَا الْإِعْذَارُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنَاقَشُ فِي الشَّارِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْحُكْمُ يُوجَدُ الْإِعْذَارُ مَعَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْمَجْلِسِ لَا إعْذَارَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِعْذَارُ إذَا حَكَمَ بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ فَيُعْذِرُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَلَكَ حُجَّةٌ أَلَكَ مَطْعَنٌ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْك الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْذَارَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَعَ أَنَّ الْإِعْذَارَ عَلَى الْحَاكِمِ لَا عَلَى نَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ: لَا يُعْذِرُ الْحَكَمَانِ قَبْلَ حُكْمِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْكُمَانِ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ وَإِنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا خَلَصَ إلَيْهِمَا بَعْدَ النَّظَرِ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ (قَوْلَهُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا) فِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا هُنَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا ظَهَرَ لَا بِقَطْعٍ وَشَهَادَةٍ فَتَدَبَّرْ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ الْحَكَمَانِ إمَّا طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ أَوْ الشَّهَادَةُ أَوْ الْوَكَالَةُ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَابِلَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَقُولَ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْبَاجِيُّ فَقَالَ حُكْمُهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا الْوَكَالَةِ فَيَنْفُذُ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَ مَنْ بَعَثَهُمَا انْتَهَى أَيْ فَحُكْمُهُمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ النِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِهِمْ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ هَلْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ أَوْ الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ " وَاحِدٍ " شَامِلٌ لِلْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّالِثَةِ لِابْنِ عَرَفَةَ وَإِنْ خُصَّ بِالْأَجْنَبِيِّ كَانَ مُوَافِقًا لِلطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِهِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ لِأَنَّهُ بَعْضٌ مِنْهَا وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْتُ: فَفِي مَنْعِ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْثِ وَاحِدٍ مُطْلَقًا وَجَوَازِهِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مُطْلَقًا ثَالِثُ الطُّرُقِ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِلزَّوْجَيْنِ فَقَطْ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ إقَامَتِهِمَا لَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنَّ لِلزَّوْجَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْحَكَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ مَحْجُورَيْنِ وَمَعْنَاهُ إذَا قَامَتْ الزَّوْجَةُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ رَضِيَتْ سَقَطَ مَقَالُ وَلِيِّهَا وَلَوْ كَانَ أَبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إذَا أُقِيمَ اثْنَانِ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ فِي إقَامَتِهِمَا مُرَاعَاةً لِلزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيَّيْنِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحَكِّمَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ رَجُلَانِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَهْلِ فَإِذَا خَرَجَا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا، وَالتَّحْكِيمُ مِنْ قِبَلِ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِمَا