المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَا يَطَأُ وَاسْتَثْنَى أَنَّهُ مُولٍ وَحُمِلَتْ عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٤

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ]

- ‌ أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْل الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ: طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[بَاب الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التوكيل فِي الطَّلَاق]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجْعَةُ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[بَاب الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ اللِّعَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابٌ الْعِدَّةَ]

- ‌[أَحْكَام الْإِحْدَادُ]

- ‌(فَصْلٌ)لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌ مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌[مَفَاهِيمِ قُيُودِ الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعَدَد]

- ‌[الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ]

- ‌[بَابٌ مَسَائِلُ الرَّضَاعِ]

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي نَفَقَة الرَّقِيق والدواب]

- ‌ الْحَضَانَةُ

- ‌[بَقَاءِ الْحَضَانَةِ مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِالْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَتْهُمْ فِي بَيْتٍ بِنَفَقَتِهِمْ وَخَادِمِهِمْ]

الفصل: لَا يَطَأُ وَاسْتَثْنَى أَنَّهُ مُولٍ وَحُمِلَتْ عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ

لَا يَطَأُ وَاسْتَثْنَى أَنَّهُ مُولٍ وَحُمِلَتْ عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَأُورِدَ: لَوْ كَفَّرَ عَنْهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَفُرِّقَ بِشِدَّةِ الْمَالِ وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحَلِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ مُولٍ وَلَهُ الْوَطْءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَقَدْ اسْتَثْنَى، وَالِاسْتِثْنَاءُ حَلٌّ لِلْيَمِينِ أَوْ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ وَحُمِلَ قَوْلُ الْإِمَامِ فِيهَا لِيَزُولَ إشْكَالُهَا عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ زَوْجَتُهُ إلَى الْحَاكِمِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ، وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ ثُمَّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَإِنَّمَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى أَنَّ الْيَمِينَ تَرْتَفِعُ عَنْهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ صُدِّقَ فِي الْكَفَّارَةِ وَلَمْ يُتَّهَمْ كَمَا اُتُّهِمَ فِي الْأُولَى؟ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُكَفِّرَ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَالِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي الشِّدَّةِ الصَّوْمُ فَكَانَ ذَلِكَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَيْسَ بِشَدِيدٍ عَلَى النَّفْسِ بَلْ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ حَلَّ الْيَمِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ فَلِذَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَتِهِ حَلَّ الْيَمِينِ وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ الَّتِي هِيَ إخْرَاجُ الْمَالِ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ حَلِّ الْيَمِينِ بِلَا شَكٍّ وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ لِيَمِينٍ أُخْرَى بَعِيدٌ فَالتُّهْمَةُ فِي الْكَفَّارَةِ بَعِيدَةٌ وَفِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا لَهُ فِي إرَادَةِ الْحَلِّ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ فَيَرْجِعُ لِشِدَّةِ الْمَالِ فَيَبْطُلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَالُ الْمُرَافَعَةُ خَاصَّةٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لِأَنَّا نَقُولُ الْيَمِينُ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ لَكِنَّهَا آيِلَةٌ إلَى الطَّلَاقِ.

وَلَمَّا كَانَ الظِّهَارُ شَبِيهًا بِالْإِيلَاءِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ وَيَرْفَعُ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَكَانَا طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ أَعْقَبَهُ بِالْإِيلَاءِ فَقَالَ:

(بَابٌ) يُذْكَرُ فِيهِ رَسْمُ الظِّهَارِ وَأَرْكَانِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالظِّهَارُ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ، وَالرُّكُوبَ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الظَّهْرِ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَرِهَ أَحَدُهُمْ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ فَتَصِيرُ لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَتَّى ظَاهَرَ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ مِنْ امْرَأَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ حِينَ جَادَلَتْهُ عليه الصلاة والسلام وَاخْتَلَفَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ طَلُقَتَا أَيْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَتْ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) وَأَيْضًا كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُخَالِفُ فِيهِ الْقَاضِي الْمُفْتِيَ إذَا أَتَى عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَهُنَا لَمْ يَأْتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ وَطْئِهَا جَعَلَ تِلْكَ النِّيَّةَ مُخَالِفَةً لِلظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ) لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْوَطْءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حَلَّ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: فَلِأَيِّ شَيْءٍ صُدِّقَ) فَكَانَ الْوَاجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا إمَّا بِحُكْمِ هَذِهِ أَوْ بِحُكْمِ هَذِهِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ مِنْ غَيْرِ فَارِقٍ (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ إلَخْ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَجْسَامِ وَتَخْفِيفِهَا فِي الْمَعَانِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا} [النساء: 130] وَنُقِضَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} [الأنعام: 159](قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ صَرْفِ الْكَفَّارَةِ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ فَالْأَصْلُ عَدَمُ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَا كَفَّارَةَ فَلَا شِدَّةَ تَلْحَقُهُ وَيُبْحَثُ أَيْضًا بِأَنَّهُ إذَا حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى الرَّفْعِ كَانَ قَضِيَّتُهُ الْكَفَّارَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا كَفَّارَةَ.

[بَاب الظِّهَارِ]

(بَابُ الظِّهَارِ)(قَوْلُهُ: وَكَانَا طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ) مَعْطُوفٌ عَلَى " يَمِينٌ " وَالتَّقْدِيرُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ وَفِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ أَيْ وَالْجَاهِلِيَّةِ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَكَانَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ طَلَاقًا بَائِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّارِعُ حُكْمَهُمَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ عُمِلَ بِهِمَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ) فَقَضِيَّةُ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ تَفَارَقَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَعْقَبَهُ بِالْإِيلَاءِ) أَيْ لِلْإِيلَاءِ. (قَوْلُهُ: رَسْمُ الظِّهَارِ) أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ لِلظِّهَارِ رَسْمًا صَرِيحًا بَلْ ضِمْنًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ إلَخْ) وَعَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ إتْيَانُ النِّسَاءِ مِنْ قِبَلِ ظُهُورِهِنَّ وَلَمْ تَكُنْ الْأَنْصَارُ تَفْعَلُ غَيْرَهُ اسْتِبْقَاءً لِلْحَيَاءِ وَطَلَبًا لِلسَّتْرِ وَكَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْوُجُوهِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ فَكَانُوا يَأْتُونَهُنَّ مِنْ قِبَلِ الْوَجْهِ فَتَزَوَّجَ مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيَّةً وَرَاوَدَهَا عَلَى الْإِتْيَانِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا فَامْتَنَعَتْ لِخِلَافِ عَادَتِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي نُزُولِهَا (أَقُولُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَسُمِّيَ هَذَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْوَطْءِ ظِهَارًا لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ وَهُوَ فِي الْغَالِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ فَتَصِيرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا بَائِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لِلْحَطَّابِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ تت وَنَصُّ تت وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَرِهَ أَحَدُهُمْ امْرَأَةً وَلَمْ يُرِدْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ فَتَصِيرُ لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْتَ تَرَى مَا فِي عِبَارَةِ تت مِنْ التَّنَافِي وَقَدْ تَبِعَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) هَذَا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ الدُّخُولَ فَقَوْلُهُ: فِيهِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ أَيْ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ الْأُولَى فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَمَا قَبْلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: حَتَّى ظَاهَرَ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى أَنْ ظَاهَرَ إلَخْ

ص: 101

الْأَحَادِيثُ فِي نَصِّ مُجَادَلَتِهَا فَفِي بَعْضِهَا «إنَّهُ أَكَلَ شَبَابِي وَفَرَشْتُ لَهُ بَطْنِي فَلَمَّا كَبِرَ سِنِّي ظَاهَرَ مِنِّي وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا وَإِنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيَّ جَاعُوا وَهُوَ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1] أَيْ تَرَاجُعَكُمَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ: لَا يَجِدُ قَالَ فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَشَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَتْ مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِفَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا سَأُعِينُهُ بِفَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي وَأَطْعِمِي سِتِّينَ مِسْكِينًا وَأَرْجِعِي ابْنَ عَمِّكِ» وَالْفَرَقُ بِالتَّحْرِيكِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَبِالتَّسْكِينِ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الظِّهَارُ تَشْبِيهُ زَوْجٍ زَوْجَتَهُ - أَوْ ذِي أَمَةٍ - حَلَّ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِمَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ وَأَصْوَبُ مِنْهُ تَشْبِيهُ ذِي حِلِّ مُتْعَةٍ حَاصِلَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ بِآدَمِيَّةٍ إيَّاهَا أَوْ جُزْئِهَا بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مِمَّنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَوْ جُزْئِهِ فِي الْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ بِمَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْهُ إذْ لَوْ، كَانَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَقَالَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْمُلَاعَنَةِ مَثَلًا لَا يَكُونُ ظِهَارًا مَعَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ شَامِلٍ لِلتَّشْبِيهِ بَيْنَ الْجُزْأَيْنِ وَبَيْنَ الْجُزْءِ وَالْكُلِّ وَلَا يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ وَقَوْلُهُ وَأَصْوَبُ مِنْهُ إلَخْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ صَوَابٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِمَا إذَا شَبَّهَ مَنْ تَحِلُّ بِالْمُلَاعَنَةِ مَثَلًا وَلِمَا إذَا شَبَّهَ جُزْءَ مَنْ تَحِلُّ بِمَنْ تُحَرَّمُ أَوْ بِجُزْئِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِأَصْوَبَ أَنَّهُ صَوَابٌ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَشْبِيهُ مَنْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِمَنْ يُحَرَّمُ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِقَوْلِهَا قَالَ مَالِكٌ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَهِيَ الْبَتَاتُ وَعَكْسُهُ بِتَشْبِيهِ الْجُزْءِ اهـ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤَلِّفُ أَنَّ حَدَّ ابْنِ الْحَاجِبِ مَدْخُولٌ عَدَلَ عَنْهُ إلَى مَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْمُشَبَّهُ وَالْمُشَبَّهَةُ بِهَا وَأَدَاةُ التَّشْبِيهِ مَعَ الْجَمْعِ وَالْمَنْعِ.

فَقَالَ (ص) تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ (ش) أَيْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَا الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فِي الْإِيلَاءِ فَرُبَّمَا تُسْقِطُهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ فَيَسْقُطُ، فَقَوْلُهُ " تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ " مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ مَالِكِ الْعِصْمَةِ الْمُسْلِمِ كَانَ زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ إذَا ظَاهَرَتْ مِنْ زَوْجِهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ وَلَا يَلْزَمُهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ فِي الْأَوَّلِ وَلَاسْتُحِقَّ فِي الثَّانِي (ص) الْمُكَلَّفِ (ش) أَيْ وَإِنْ عَبْدًا أَوْ سَكْرَانَ فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَإِتْيَانُهُ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا مُخْرِجٌ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ الطَّوْعِ فَلَا يَلْزَمُ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ وَشَمِلَ السَّفِيهَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: إنَّهُ أَكَلَ شَبَابِي) كِنَايَةٌ عَنْ ذَهَابِ قُوَّتِهَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَشْتُ لَهُ بَطْنِي) كِنَايَةٌ عَنْ حُسْنِ عِشْرَتِهَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا كَبِرَ سِنِّي) فِي الْمِصْبَاحِ كَبِرَ الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ يَكْبَرُ مِنْ بَابِ تَعِبَ كِبَرًا وِزَانُ عِنَبٍ وَمَكْبِرًا مِثْلُ مَسْجِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَبُرَ الشَّيْءُ كُبْرًا - مِنْ بَابِ قَرُبَ - عَظُمَ فَهُوَ كَبِيرٌ اهـ (قَوْلُهُ: يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ) أَيْ الْأَوْلَى لَكِ أَنْ لَا تَشْكِيهِ فَإِنَّ التَّقْوَى تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَمَا بَرِحَتْ) أَيْ فَمَا زَالَتْ (قَوْلُهُ: مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ)" مِنْ " زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَكَذَا قَوْلُهُ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنِّي سَأُعِينُهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا يُكْمِلُ بِهِ الْكَفَّارَةَ فَقَوْلُهَا مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَيْ يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بِفَرَقٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا هُوَ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: إيَّاهَا) تَنَازَعَ فِيهِ تَشْبِيهٌ وَوَطْءٌ (قَوْلُهُ: فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا) مَدْخُولُ " فِي " رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ) كَأَنْ يَقُولَ يَدُكِ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَوْلُهُ: وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ أَيْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: كَالْحَاصِلِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: بِآدَمِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُتْعَةٍ وَقَوْلُهُ: إيَّاهَا مَعْمُولُ " تَشْبِيهُ " وَلَمْ يَقُلْ بَدَلَهُ " كُلَّهَا " وَإِنْ كَانَ أَخْصَرَ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْعَوَامِلَ اللَّفْظِيَّةَ وَقَوْلُهُ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَشْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ بِمَحْرَمٍ مِنْهُ لِصِدْقِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ فِي الْعِدَّةِ وَالْمُلَاعَنَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: بِظَهْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرْمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ) أَيْ إدْرَاكُهُ تَصْدِيقٌ لِأَنَّهُ قَضِيَّةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ) أَيْ إدْرَاكُهُ تَصَوُّرٌ (قَوْلُهُ: فَهِيَ الْبَتَاتُ) أَيْ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظِهَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالظَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَبْطُلُ عَكْسُهُ أَيْ كَوْنُهُ جَامِعًا وَالطَّرْدُ كَوْنُهُ مَانِعًا (قَوْلُهُ: بِتَشْبِيهِ الْجُزْءِ) أَيْ بِالتَّشْبِيهِ بِهِ فَإِنَّ الْجُزْءَ كَمَا يَقَعُ مُشَبَّهًا يَقَعُ مُشَبَّهًا بِهِ (قَوْلُهُ: مَدْخُولٌ) أَيْ مُعْتَرَضٌ (قَوْلُهُ: إلَى مَا يَشْتَمِلُ) أَيْ تَعْرِيفٍ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُسْتَلْزِمٍ لِلتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ إلَخْ) كَقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ كَمِثْلِ وَالْكَافِ فَإِنْ حَذَفَهَا خَرَجَ عَنْ الظِّهَارِ وَرَجَعَ إلَى كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ إلَخْ) وَلِذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ إنَّهَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ الْفِرَاقُ أَوْ الْبَقَاءُ بِلَا عَزْمٍ فَإِنْ قَالَتْ نَوَيْتُ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يُعْمَلْ بِنِيَّتِهَا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ صَرِيحَ بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ لِآخَرَ وَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا كَمَا ذَكَرَهُ عج عِنْدَ قَوْلِهِ وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَتَى بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ

ص: 102

وَلِوَلِيِّهِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْعِتْقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ لَمْ يُعْتِقْ عَنْهُ لِإِجْحَافِهِ بِمَالِهِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهِ الظِّهَارَ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِلزَّوْجَةِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ صَامَ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ لِوَلِيِّهِ فَإِنْ أَبَى فَهُوَ مُضَارٌّ وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ

(ص) مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِظَهْرِ مُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْمُشَبَّهَةُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ كَأَنْتِ عَلَيَّ أَوْ رَأْسُكِ أَوْ رِيقُكِ أَوْ كَلَامُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَ " مُحَرَّمٍ " إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَصَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ بِقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ زَوْجَتِي الْحَائِضِ وَنَحْوِهِ لِعُرُوضِ تَحْرِيمِ الْمُشَبَّهِ بِهَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا شَبَّهَ زَوْجَتَهُ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ بِمَنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ الثَّانِي بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَحَلَّ تَرَدُّدٍ وَعَلَى أَنَّهُ ظِهَارٌ فَيُقَالُ: لِمَ أُلْغِيَ اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ وَاعْتُبِرَ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَعَلَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْعِصْمَةِ، وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْأَصَالَةِ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَا يَكُونُ غَيْرَ أَصْلِيٍّ وَالْمَحْرَمُ مَنْ حُرِّمَ نِكَاحُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ لِحُرْمَتِهِ أَيْ لِشَرَفِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ فَإِذَا قَالَ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الدَّابَّةِ كَانَ مُظَاهِرًا تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ (ظِهَارٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ " تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ ".

(ص) وَتَوَقَّفَ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ إذَا وَقَعَ مُعَلَّقًا مِنْ الزَّوْجِ بِأَدَاةِ تَعْلِيقٍ مِنْ " إنْ " أَوْ " إذَا " أَوْ " مَهْمَا " أَوْ " مَتَى " كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْتِ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى شِئْتِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ عَلَى مَشِيئَتِهَا أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا كَزَيْدٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ فَلَا يَقَعُ حَتَّى يَشَاءَ مَنْ عُلِّقَ بِمَشِيئَتِهِ فَإِنْ رَدَّهُ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ مَشِيئَةٌ لَمْ يَلْزَمْ فَقَوْلُهُ " وَتَوَقَّفَ " حُذِفَ مُتَعَلَّقُهُ أَيْ عَلَى مَشِيئَتِهَا (ص) وَهُوَ بِيَدِهَا (ش) أَيْ إنْ شَاءَتْ أَوْقَعَتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ أَبْطَلَتْ مَا جَعَلَ لَهَا فَقَوْلُهُ بِيَدِهَا أَيْ قُدْرَتِهَا وَحَوْزِهَا بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ تُوقَفْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَقَوْلُهُ (مَا لَمْ تُوقَفْ) أَيْ وَتَقْضِي أَوْ يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْإِيقَافِ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا (ص) وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الظِّهَارَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَعْدَ سَنَةٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَإِنْ حَدَّدَهُ بِوَقْتٍ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا تَأَبَّدَ لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ بِهَا كَالطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

(ص) أَوْ بِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَ الْيَأْسِ أَوْ الْعَزِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ التَّزْوِيجِ عَلَيْهَا وَالْيَأْسُ يَحْصُلُ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَمَنْعُ الْوَطْءِ لِمَصْلَحَةٍ وَاَللَّهُ يَقُولُ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [المجادلة: 4] إلَخْ أَيْ يُجْزِئُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ السَّفِيهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَقَوْلُهُ: كَانَ مُضَارًّا أَيْ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَيَحْتَمِلُ فَإِنْ أَبَى أَيْ الْوَلِيُّ فَتَرْفَعُهُ لِلْحَاكِمِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ إمْضَاءُ ظِهَارِ الْفُضُولِيِّ بِإِمْضَاءِ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ: مَنْ تَحِلُّ) زَوْجَةً أَوْ أَمَةً حِلًّا أَصْلِيًّا فَيَصِحُّ فِي حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمُحْرِمَةٍ وقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ جُزْأَهَا) حِسِّيًّا كَالْيَدِ أَوْ عُرْفِيًّا كَالشَّعْرِ وَالرِّيقِ وَالْكَلَامِ وَالْأَحْسَنُ أَوْ حُكْمِيًّا وَقَوْلُهُ " بِظَهْرِ " أَتَى بِهِ لِيَكُونَ صَرِيحًا وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْجُمْلَةُ لَا يَخْفَى دُخُولُهُ فِي جُزْئِهِ وَقِيلَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ؛ تَشْبِيهِ كُلٍّ بِكُلٍّ وَتَشْبِيهِ جُزْءٍ بِجُزْءٍ وَجُزْءٍ بِكُلٍّ وَكُلٍّ بِجُزْءٍ (قَوْلُهُ: وَ " مُحَرَّمٍ " إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ يَكُونُ شَامِلًا لِمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمَتِي الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ الْمُتَزَوِّجَةِ (قَوْلُهُ: لِمَ أُلْغِيَ اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ) أَيْ قُلْتُمْ إنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا إذَا شَبَّهَهَا بِمُحَرَّمٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ بِهَا لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ مَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ بِمَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى كُلٍّ يُنَافِي مُقْتَضَى الْآخَرِ وَيُمَثَّلُ أَيْضًا بِمَا إذَا شَبَّهَ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً بِامْرَأَةٍ رَجْعِيَّةٍ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ هَذَا يَأْتِي عَلَى نُسْخَةِ بِمُحَرَّمٍ بِالتَّشْدِيدِ فَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ بِخِلَافِ نُسْخَةِ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَقَاصِرَةٌ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) لَعَلَّهُ أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَأَفَادَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِشُمُولِ الْعِبَارَةِ ذَلِكَ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ) أَيْ وُقُوعُ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت) أَيْ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ) وَتُدْخِلُ الْكَافُ أَيْضًا رِضَاهَا أَوْ إرَادَتَهَا أَوْ اخْتِيَارَهَا وَالْمَدَارُ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ طَائِعَةً وَأَصْبَغُ يَقُولُ وَلَوْ وُطِئَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَقْضِي) بِبَقَاءٍ أَوْ رَدٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا لَمْ تَقْضِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ بِيَدِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِيمَا تُرِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْتِ أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْتِ أَوْ مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْتِ وَكَذَا أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَأْسُ يَحْصُلُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ بِهَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فُلَانَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْيَأْسُ يَحْصُلُ بِمَوْتِ فُلَانَةَ لَا بِتَزَوُّجِهَا وَلَا بِغَيْبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَزْمَ.

ص: 103

فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يَقَعُ الْحِنْثُ وَيُمْنَعُ مِنْهَا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ.

(ص) وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ الْمُعَلَّقَ عَلَى صِيغَةِ بِرٍّ لَا يَصِحُّ أَنَّهُ يُخْرِجُ كَفَّارَتَهُ قَبْلَ لُزُومِهِ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ أَوْ الْكَلَامِ لِفُلَانٍ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي لُزُومِ الظِّهَارِ بَلْ لَوْ أَخْرَجَ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ لُزُومِهِ، وَقَبْلَ الْعَوْدِ الْآتِي بَيَانُهُ لَا تَصِحُّ أَيْضًا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ اللُّزُومِ وَقَبْلَ الْعَوْدِ الثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَصِحُّ فِيهِ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَكُونُ لَازِمًا وَغَيْرَ لَازِمٍ فَيَلْزَمُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ هُنَا اللُّزُومُ التَّحَتُّمِيُّ وَذَلِكَ بِأَنْ يَعُودَ ثُمَّ يَطَأَ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ هُنَا وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ يُرْجَعُ فِيهِ لِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ إلَخْ فَمَا هُنَا فِي الْمُعَلَّقِ وَمَا يَأْتِي فِي الْمُطْلَقِ فَأَفَادَ هُنَا حُكْمَيْنِ وَاحِدًا بِالنَّصِّ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ وَوَاحِدًا بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ فَيُقَيَّدُ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَتَجِبُ إلَخْ فَهَذَا الْمَفْهُومُ يُقَيَّدُ بِالْمَنْطُوقِ الْآتِي فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي يَمِينِ الْبِرِّ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا يَمِينُ الْحِنْثِ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ (ص) وَصَحَّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ (ش) أَيْ إنَّ الظِّهَارَ يَصِحُّ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ كَمَا يَصِحُّ مِمَّنْ هِيَ فِي الْعِصْمَةِ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا تَحْرِيمَهَا كَأَنَّهُ لِعَارِضٍ لَمَّا كَانَ زَوَالُ اسْتِمْتَاعِهِ بِيَدِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قِيلَ إنَّ ظِهَارَهُ مِنْهَا قَرِينَةُ ارْتِجَاعِهَا لَمَا بَعُدَ (ص) وَمُدَبَّرَةٍ وَمُحْرِمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الْمُدَبَّرَةِ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا وَلَا مِنْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَلَا مِنْ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَةٍ لِعَارِضٍ كَمُحْرِمَةٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ حَائِضٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّ وَطْأَهُنَّ جَائِزٌ وَإِنَّمَا حُرِّمْنَ لِعَارِضٍ مَا لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَإِنْ قَيَّدَ فَلَا.

(ص) وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهَا مِنْ إسْلَامِهِ كَالشَّهْرِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَهِيَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ إسْلَامِهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَيَلْزَمُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِمَّنْ أَسْلَمَ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ ظَاهَرَ وَهُوَ مَجُوسِيٌّ لَكِنَّ هَذَا الْإِيهَامَ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ سَابِقًا تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرَاخِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِثُمَّ الْمُدَّةُ الَّتِي يُقَرُّ فِيهَا عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَهُوَ الشَّهْرُ لَا مُطْلَقُ التَّرَاخِي وَلَوْ بَعُدَ.

(ص) وَرَتْقَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّتْقَاءَ يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِمْتَاعُهُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ خَاصٍّ لَا يَتَعَذَّرُ اسْتِمْتَاعُهُ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَسِيسِ وَعَلَيْهِ لُزُومُ ظِهَارِ الشَّيْخِ الْفَانِي وَالْمَجْبُوبِ وَالْمُعْتَرِضِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ وَرَتْقَاءَ هَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي الْإِيلَاءِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا ظِهَارٌ وَقَدْ قَالَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا أَيْ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا وَرَدُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ فَإِنَّ وَطْأَهَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَالظِّهَارُ يَنْعَقِدُ فِيهَا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا ظِهَارٌ وَكَلَامُهُ هُنَا يَرُدُّ كَلَامَهُ السَّابِقَ (ص) لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا فَإِذَا قَالَ لَهَا السَّيِّدُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ أَدَّتْ وَعَتَقَتْ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَجَعَتْ إلَى الرِّقِّ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى الضِّدِّ يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَفِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً وَلَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِتَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ وَلَا بِغَيْبَتِهَا أَيْ بِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهَا فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْيَأْسِ مِنْ التَّحَقُّقِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ وَكَمَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا يَحْصُلُ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الزَّوْجُ وَبِهَرَمِهِ الْمَانِعِ لِلْوَطْءِ لَا مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَا لَمْ يَكُنْ التَّزَوُّجُ لِأَجْلِ الْخِدْمَةِ فَقَطْ بِأَنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ وُجِدَ بِسَاطٌ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْهَرَمُ مُوجِبًا لِلظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظِّهَارِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُمْنَعُ مِنْهَا إلَخْ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَقَعُ الْحِنْثُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَعَبَ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) هَذَا مُسَايَرَةٌ مَعَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ ثُمَّ يَلْزَمُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ لَا يَكُونُ إلَّا لَازِمًا (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ لَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْزِئُ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمُعَلَّقِ) لَا يُفِيدُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَدُلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنَّمَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ) وَكَذَا يَصِحُّ مِنْ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ عَتَقَتْ أَوْ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَهَلْ إنْ عَقَلَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ عِنْدَهُمَا ظِهَارٌ فِي هَؤُلَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَرَتْقَاءَ) وَأَوْلَى قَرْنَاءُ وَعَفْلَاءُ وَبَخْرَاءُ وَبَاقِي الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ هُنَا يَرُدُّ) أَيْ فَثَبَتَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا يَرُدُّ كَلَامَهُ السَّابِقَ غَيْرَ أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ وِقَاعُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْبُوبٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْوَطْءِ فَقَطْ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَمَنُوطٌ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يَرُدُّ مَا فِي أَحَدِ الْبَابَيْنِ مَا فِي الْآخَرِ.

ص: 104

فَفِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَجْزِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ اللُّزُومُ إذَا عَجَزَتْ اسْتِصْحَابًا لِحَالِ مِلْكِهَا الَّذِي كَشَفَهُ عَجْزُهَا وَقَوْلُهُ لَا مُكَاتَبَةٍ عَطْفٌ عَلَى " رَجْعِيَّةٍ " وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ حَصَلَ عَجْزُهَا بِالْقُرْبِ وَحِينَئِذٍ يُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَجُوسِيَّةِ تُسْلِمُ بِالْقُرْبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ حَيْثُ أَسْلَمَتْ بِالْقُرْبِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ عِصْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الظِّهَارُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى عَجْزِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ نَوَى وَلَوْ عَجَزَتْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَأَمَّا الْمُحَبَّسَةُ وَالْمُخْدَمَةُ فَعَلَى حُرْمَةِ وَطْئِهِمَا لَا يُظَاهَرُ مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُخْدَمَةَ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا.

(ص) وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْ عَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ قَادِرٍ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَشَيْخٍ فَانٍ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ -، وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ تَأْوِيلَانِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ وَالرَّتْقَاءِ حَيْثُ جَرَى فِي الْأَوَّلِ خِلَافٌ، وَصِحَّةِ الظِّهَارِ فِي الثَّانِي أَنَّ الرَّتْقَاءَ وَنَحْوَهَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَطْءُ بَيْنَ شُفْرَيْهَا أَقْوَى مِنْ اسْتِمْتَاعِ الْمَجْبُوبِ بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَإِنْ أَنْزَلَ.

وَلَمَّا كَانَتْ أَلْفَاظُ الظِّهَارِ صَرِيحَةً وَكِنَايَةً أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَرِيحُهُ بِظَهْرِ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ مَا فِيهِ ظَهْرُ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أُمِّ زَوْجَتِي أَوْ مُلَاعَنَتِي لَا أُخْتِ زَوْجَتِي وَعَمَّتِهَا (ص) أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ (ش) كَوْنُ هَذَا مِنْ الصَّرِيحِ مُشْكِلٌ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى ذِكْرِ ظَهْرِ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا مَرَّ وَلِذَا قِيلَ صَوَابُهُ لَا عُضْوِهَا أَوْ كَظَهْرِ ذَكَرٍ بِالنَّفْيِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ، نَحْوُ أَنْتِ عَلَيَّ كَيَدِ أُمِّي وَكَظَهْرِ أَبِي وَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ بَيَّنَ ثَمَرَةَ مَعْرِفَةِ الصَّرِيحِ مِنْ الْكِنَايَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ (ش) أَيْ وَلَا يَنْصَرِفُ صَرِيحُ الظِّهَارِ لِلطَّلَاقِ بِحَيْثُ يَكُونُ طَلَاقًا فَقَطْ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ كُلَّ صَرِيحٍ فِي بَابٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ.

(ص) وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي مَعَهُ لِلظِّهَارِ وَفِي نَوَاهُ لِلطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ نَوَيْتُ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ الطَّلَاقَ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ لِنِيَّتِهِ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَبِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ حَتَّى يُكَفِّرَ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَأْوِيلَانِ وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِي الْقَضَاءِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِإِقْرَارِهِ (ص) كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي (ش) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ حَيْثُ نَوَاهُمَا مَعًا فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ وَهُنَاكَ تَقْرِيرٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ) وَنَصَّهُ الْجَلَّابُ لَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ فِي الْمُكَاتَبَةِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَلَوْ عَجَزَتْ فَيَلْزَمَهُ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ تَزَوَّجْتُكِ انْتَهَى فَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ اعْتِمَادُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُخْدَمَةَ إلَخْ) يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ فَتَكُونُ الْمُحَبَّسَةُ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّتِهِ إلَخْ) الْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُظَاهِرِ هَلْ هُوَ الْوَطْءُ وَالِاسْتِمْتَاعُ مَعًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ الْوَطْءُ فَقَطْ كَذَا ذَكَرُوا إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت أَفَادَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَنْصُوصُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى إلَخْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَذْكُورِ أَقْوَى مِنْ اسْتِمْتَاعِ الْمَجْبُوبِ بِزَوْجَتِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قَصْرِهِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ قَصْرِهِ أَيْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِعِيسَى مِنْ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ إذَا نَوَاهُ وَلَوْ دُونَ الثَّلَاثِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقِيلَ يَنْصَرِفُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ لَا دُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ) أَيْ ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْدَلَ إلَخْ) أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُفْتِي لَا يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مُنَكَّرًا وَمُعَرَّفًا فَيَرِدُ أَنَّ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مُخَالِفًا لِظَاهِرِ لَفْظِهِ فَيُؤَاخَذَ الْقَاضِي نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَلَا يُؤَاخَذَ الْمُفْتِي عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَبَعْدَ التَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ التَّأْوِيلَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ يَقُولُ لَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا عِنْدَ الْمُفْتِي وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي يَقُولُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ عِنْدَ الْمُفْتِي وَأَمَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ مَعًا عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ قَالَ هُنَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ تَقْرِيرٌ آخَرُ) ذَكَرَهُ عب هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَيْ لَا بِقَيْدِ قِيَامٍ أَيْضًا وَرَجَّحَهُ مُحَشِّي تت وَنَصُّهُ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَذْكُرْ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ تُؤْخَذُ بِالْأَحْرَى، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ انْتَهَى.

ص: 105

فِي الْكَبِيرِ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ الْمُؤَلِّفُ وَسَقَطَ - أَيْ الظِّهَارُ - إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي اهـ الشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَأَخَّرَ قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمَّا عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ لَمْ يَعْتَبِرْ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا هُنَا فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي كَالْحَالِ مِمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ: مِثْلُ أُمِّي.

(ص) وَكِنَايَتُهُ كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ أَوْ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ كَانَ كِنَايَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ كَأُمِّي كَانَ هَذَا كِنَايَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ الظَّهْرِ وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِذَلِكَ الْكَرَامَةَ لِزَوْجَتِهِ مِنْ أَنَّهَا مِثْلُ أُمِّهِ فِي الشَّفَقَةِ وَالْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ ظِهَارٌ وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ وَلَوْ وَقَعَ الظِّهَارُ مُعَلَّقًا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَقَالَ سَحْنُونَ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ خِلَافُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْحِنْثِ أَوْ يَوْمِ الْيَمِينِ وَعَكْسُهُ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ فَعَلَ.

(ص) وَنَوَى فِيهَا فِي الطَّلَاقِ فَالْبَتَاتِ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهَا يَرْجِعُ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى بِالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صُدِّقَ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ فَاللَّازِمُ لَهُ الْبَتَاتُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ إذْ الْجَامِعُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ التَّحْرِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْبَتَاتِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَوْلُهُ فَالْبَتَاتُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا قَرَّرْنَا.

وَقَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الضَّمِيرِ فِي فِيهَا لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَشْمَلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (ص) كَأَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا أَنْ يُنَوِّيَهُ مُسْتَفْتٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَالْبَتَاتُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ أَوْ أَنْتِ فُلَانَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ظَهْرٍ وَلَا مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ عَلَى مَا مَرَّ وَالظِّهَارُ مَعًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.

(ص) أَوْ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْبَتَاتُ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (ص) وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كِنَايَاتِ الظِّهَارِ مِنْهَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ مَرَّ وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِيٌّ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ؛ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ اسْقِينِي الْمَاءَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَالَ أَرَدْتُ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ الصَّوْتُ فَشَمِلَ كَنَعْقِ الْغُرَابِ وَنَهِيقِ الْحِمَارِ.

وَالْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الظِّهَارِ كَالْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَأَمَّا الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الظِّهَارُ وَلَوْ نَوَاهُ بِهِ (ص) لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا إلَخْ) أَيْ صَرَفَ الْحَرَامَ عَنْ أَصْلِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَجَعَلَ مُرَادًا مِنْهُ الظِّهَارَ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُقَيَّدَ يُقَيِّدُ مَصَبَّ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ مَعَ أَنَّهُ أُخِذَ بِهِ قُلْت أُخِذَ بِهِ لِنِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ: كَالْحَالِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَالٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ حَرَامٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ كَالْحَالِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ.

(قَوْلُهُ: وَكِنَايَتُهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَكَأُمِّي خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَالتَّقْدِيرُ وَكِنَايَتُهُ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ أَنْتِ أُمِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِنَايَةَ مَا سَقَطَ مِنْهُ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ؛ الظَّهْرِ أَوْ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ) أَيْ إذَا كَانَ يُهِينُ أُمَّهُ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ كَأُمِّي أَيْ فِي الْإِهَانَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا حَكَاهُ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ مَا لِسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَالتَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ أَيْ التَّحْرِيمُ الْحَقِيقِيُّ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ يُحَرَّمُ وَطْؤُهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْتَفِي بِالرَّجْعَةِ كَانَ كَلَا تَحْرِيمٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ " فِي الطَّلَاقِ " بَدَلُ اشْتِمَالٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الطَّلَاقِ سَابِقٌ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِهِ فَالْبَتَاتُ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ مُخَالِفٌ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ يَلْزَمُهُ فِيهَا الظِّهَارُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ فَيَلْزَمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى مَا مَرَّ وَأَمَّا أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الظِّهَارَ فَيَلْزَمَهُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَمَعَ الطَّلَاقِ فِي الْقَضَاءِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَلَا يُنَوَّى إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي شب وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي عب وَمَا فِي عب بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَابْنِي) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي فَظِهَارٌ وَهُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ: كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) لِأَنَّ الْكِتَابَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَالْخِنْزِيرَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَرَادَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَا فَالصَّرِيحُ أَوْلَى كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ عُرْفًا إلَخْ) كَمَا إذَا جَرَى عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الْحَفْرِ فِي الظِّهَارِ.

ص: 106

وَطِئْتُ أُمِّي أَوْ لَا أَعُودُ لِمَسِّكِ حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي أَوْ لَا أُرَاجِعُكِ حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ وَطِئْتُ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ التَّابِعُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ لِغَيْرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلِ الصَّقِلِّيِّ شَيْءٌ لِعَدَمِ نَقْلِهِ الشَّيْخَ فِي نَوَادِرِهِ، وَكَوْنُهُ ظِهَارًا أَقْرَبُ مِنْ لَغْوِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ " إنْ وَطِئْتُكِ وَطِئْتُ أُمِّي " لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَطَأَ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَطْئِي إيَّاكِ كَوَطْءِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ وَهَذَا أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا يَسْرِقُ حَتَّى يَسْرِقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وَإِلَّا لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ يُوسُفُ عليه السلام بَلْ مَعْنَاهُ سَرِقَتُهُ كَسَرِقَةِ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ وَلِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ لَا أَمَسُّ امْرَأَتِي أَبَدًا أَوْ لَا أُرَاجِعُكِ حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ وَحَذَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَقَوْلُهُ لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ إلَخْ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكِنَايَتُهُ أَيْ فَهَذَا لَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الظِّهَارِ نَفْيُ الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ قَالَ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ.

(ص) وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عَلَى الْمُظَاهِرِ إذَا ظَاهَرَ بَعْدَ أَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ فِي ظِهَارٍ أَوَّلًا كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَدَخَلَتْ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ وَوَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْهَا وَعَادَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا لِأَنَّ الْأُولَى لَمَّا تَقَرَّرَتْ بِالْوَطْءِ صَارَ الظِّهَارُ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ وَامْتَنَعَ التَّأْكِيدُ فَيَجِبُ التَّأْسِيسُ فَقَوْلُهُ إنْ عَادَ صَوَابُهُ إنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ وَمُجَرَّدُ الْعَوْدِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدُّدِ فَلَوْ قَالَ إنْ كَفَّرَ أَوْ بَقِيَ يَسِيرٌ مِنْهَا أَوْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ وَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَادَ وَلَمْ يُكَفِّرْ وَلَمْ يَطَأْ ثُمَّ ظَاهَرَ أَنَّهَا تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا وَاحِدَةً وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الظِّهَارُ بِمُتَعَدِّدٍ إذْ مَعَ تَعَدُّدِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ تَعَدُّدِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْمُخْتَلِفِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَ الْيَمِينَيْنِ مُوجِبُ تَعَدُّدٍ (ص) أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: مَنْ دَخَلَتْ أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ لَهُ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَيَّتُكُنَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَيْ وَحَصَلَ مِنْهُنَّ دُخُولٌ لِلدَّارِ الْمُعَلَّقِ الظِّهَارُ عَلَى دُخُولِهَا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى عَامٍّ وَالْحُكْمَ عَلَى الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَهَكَذَا.

(ص) لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَهُنَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لَكِنْ لَا يَقْرَبُ الْأُولَى حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً لَزِمَتْهُ وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبَوَاقِيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ تَزَوَّجْتُهَا مِنْكُنَّ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِإِبْهَامِ يَمِينِهِ وَخِطَابِ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَمَسْأَلَةُ الْمُؤَلِّفِ أَوْقَعَ فِيهَا الظِّهَارَ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ فَأَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (ص) أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ أَوْ كَرَّرَهُ (ش) أَيْ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظِّهَارَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجٌ بِالْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَالْيَمِينِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ، وَابْنَ يُونُسَ الَّذِي هُوَ الصَّقِلِّيُّ نَقَلَهُ عَنْ سَحْنُونَ فَيَرِدُ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي نَوَادِرِهِ لَا يَقْتَضِي الِاعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ يُونُسَ لِجَلَالَتِهِ وَعِظَمِ قَدْرِهِ مَعَ أَنَّهُ يَنْقُلُ شَيْئًا لَا أَصْلَ لَهُ، وَكَوْنُ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْهُ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَنْفِ وُجُودَهُ هَذَا مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ نُسْخَةَ النَّوَادِرِ الَّتِي بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا هَذَا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ ظِهَارًا إلَخْ) مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ فَهُوَ كَالْعَبَثِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى قَدْ عَلَّقَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ عَلَى وَطْءِ أُمِّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَطَؤُهَا أَبَدًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ إلَخْ) يَنْبَغِي كَمَا قَالَ عج إجْرَاءُ التَّفْصِيلِ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ: مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكِنَايَتُهُ) أَيْ مِنْ مَحْذُوفٍ مُرْتَبِطٍ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ وَكِنَايَتُهُ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ أَنْتِ كَأُمِّي لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا لَيْسَ بِكِنَايَةٍ) أَيْ ظَاهِرَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ يَلْزَمُهُ بِهَا الظِّهَارُ إذَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إلَخْ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الظِّهَارُ إذَا نَوَاهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّكَلُّفِ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ التَّأْسِيسُ) مُفَادُ هَذَا أَنَّ التَّأْسِيسَ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ الْأُخْرَى وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَهُنَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عُقُودٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ) فَإِنْ صَامَ عَنْ إحْدَاهُنَّ جَهْلًا مِنْهُ حَيْثُ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مَخْرَجٌ بِالْكَفَّارَةِ إلَخْ) أَيْ خُرُوجٌ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ مَخْرَجٌ مُصَوَّرٌ بِالْكَفَّارَةِ.

ص: 107

بِاَللَّهِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحِدَةٌ كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْمُتَعَدِّدَاتِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَذَلِكَ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ، سَوَاءٌ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَايَرَ فِي لَفْظِهِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَرَّرَهُ لِوَاحِدَةٍ فِي مَجَالِسَ وَكَذَا لَوْ كَرَّرَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ.

(ص) أَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَّحِدٍ (ش) كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَلَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ أَكَلْتِ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهَا فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ إنْ حَنِثَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْرَاجِ الْأُولَى وَلَا يُنَوَّى وَكَذَا قَبْلَ إخْرَاجِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا (ص) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ فَتَلْزَمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

(ص) وَلَهُ الْمَسُّ بَعْدَ وَاحِدَةٍ (ش) أَيْ إنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ لَهُ إذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً وَاحِدَةً أَنْ يَطَأَهَا لِأَنَّهَا هِيَ اللَّازِمَةُ بِالْأَصَالَةِ، وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ نَذْرٌ قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَأَبُو عِمْرَانَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِهَذِهِ الْكَفَّارَاتِ وَضَاقَ الثُّلُثُ أَنْ تُقَدَّمَ وَاحِدَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَتُقَدَّمَ كَفَّارَتُهُ عَلَى الْبَاقِي (ص) وَحُرِّمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ (ش) أَيْ وَحُرِّمَ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَبْلَ إكْمَالِ الْكَفَّارَةِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ حَمْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] عَلَى عُمُومِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ قَبْلَهَا وَلَوْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهَا (ص) وَعَلَيْهَا مَنْعُهُ (ش) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (ص) وَوَجَبَ إنْ خَافَتْهُ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ (ش) قَالَ فِيهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنْ خَشِيَتْ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا وَيُؤَدِّبُهُ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ بِشَرْطِ الِاسْتِتَارِ وَأَمَّا كَوْنُهُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ فَجَائِزٌ إنْ أُمِنَ عَلَيْهَا وَلَهُ النَّظْرُ لِوَجْهِهَا وَرَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا إنْ أُمِنَ) وَمَفْهُومُ " إنْ أُمِنَ " عَدَمُ جَوَازِ الْكَيْنُونَةِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ أُمِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُنْحَلَّةُ النِّكَاحِ، وَالْمُظَاهَرَ مِنْهَا ثَابِتَةُ الْعِصْمَةِ صَحِيحَةُ النِّكَاحِ.

(ص) وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا عَلَّقَ ظِهَارَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ هَذَا مَا يَتَبَادَرُ أَيْ الْأَيْمَانِ الْمُتَعَدِّدَةِ ضِمْنًا فَلَا تُعْطَى حُكْمَ الصَّرِيحَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مُتَعَدِّدَةً ضِمْنًا لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ: فُلَانَةُ كَظَهْرِ أُمِّي وَفُلَانَةُ كَظَهْرِ أُمِّي وَهَكَذَا أَوْ أَرَادَ جَمِيعَ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّأْسِيسَ) أَيْ ظِهَارًا مُسْتَقِلًّا قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ وَمُقْتَضَى التَّأْسِيسِ أَنَّهُ تَتَعَدَّدُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ أَنَاطُوا التَّعَدُّدَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ لَا التَّأْسِيسِ فَيُتَّبَعُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهُ التَّعَدُّدَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ) وَأَمَّا لَوْ كَرَّرَهُ بِنِسْوَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ وَلَكِنَّهُ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ تَعَدَّدَتْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَّحِدٍ) جَعَلَ هَذَا قَسِيمَ الَّذِي قَبْلَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا فِيهِ تَعْلِيقٌ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَرَّرَهُ فَإِنْ جَمَعَ فِي صِيغَتِهِ الْمُكَرَّرَةِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَيُسَمَّى بَسِيطًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنْ لَبِسْتِ الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ لَبِسَتْهُ تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ قَدَّمَ الْبَسِيطَ عَلَى الْمُعَلَّقِ أَوْ أَخَّرَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَبْلَ إخْرَاجِهَا) وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ خِلَافًا لِمَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِقَوْلِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ وَطِئَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا أَوْ تَعَدَّدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْمُخْتَلِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِهَا) وَمُقَابِلُهُ لِلْمَخْزُومِيِّ مِنْ أَنَّهُ تُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمَهُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَمْ تُفِدْ زِيَادَةً عَلَى مَا أَفَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ نَوَى ظِهَارَيْنِ لَا تَتَعَدَّدُ كَفَّارَتُهُ وَمَنْ نَوَى كَفَّارَاتٍ تَتَعَدَّدُ أَنَّ لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ مَشْرُوطٌ بِالْعَوْدِ دُونَ نَاوِي الْكَفَّارَاتِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ إكْمَالِ الْكَفَّارَةِ) وَأَوْلَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ) وَلَوْ مِنْ مَجْبُوبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَطْءِ فَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَ وَيُبَاشِرَ وَيَطَأَ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهَا) هُوَ مَا أَفَادَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ النَّظَرُ إلَخْ أَيْ فَقَوْلُهُمْ وَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهَا أَيْ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ عَلَيْهَا مَنْعُهُ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَمَّا جَاءَ مِنْ سَبَبِهِ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ فَدَفَعَهُ بِهَذَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إعَانَةٌ) أَيْ عَدَمَ الْمَنْعِ إعَانَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ خَافَتْهُ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَانْظُرْ فِي الشَّكِّ وَالْوَهْمِ وَلَا يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ " وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا " لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ بِغَيْرِ وَطْءٍ خِلَافًا لتت فَقَوْلُهُ: فَيَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ مِثْلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ لَذَّةٍ) أَيْ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَرَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا) أَيْ لَا لِصَدْرِهَا أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَهُ النَّظَرُ لِوَجْهِهَا أَوْ رَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا لِصَدْرِهَا وَفِيهَا وَلَا لِشَعْرِهَا وَقِيلَ يَجُوزُ انْتَهَى وَيُفْهَمُ.

ص: 108

ثَلَاثًا أَوْ طَلْقَةً مُكَمِّلَةً لِلْعِصْمَةِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ فَإِنَّ الظِّهَارَ يَنْحَلُّ عَنْهُ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ فَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا أَعَادَهَا إلَى عِصْمَتِهِ بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّ الظِّهَارَ يَعُودُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْأُولَى شَيْءٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ مِمَّا إذَا تَنَجَّزَ بِأَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ إنَّ إطْلَاقَ السُّقُوطِ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَمْ يَلْزَمْ حَتَّى يُقَالَ سَقَطَ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَسَقَطَ حُكْمُهُ وَاعْتِبَارُهُ أَوْ وَسَقَطَ تَعْلِيقُ الظِّهَارِ.

(ص) أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ ابْتِدَاءً أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّ الظِّهَارَ لَا يَلْزَمُهُ لِسُقُوطِ تَعْلِيقِهِ وَلِعَدَمِ وُجُودِ مَحَلِّهِ وَهِيَ الْعِصْمَةُ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ انْقَطَعَتْ عِصْمَتُهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِأَنَّ الزَّوْجَةَ الْغَيْر الْمَدْخُولِ بِهَا بَانَتْ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرْدَفَ عَلَى الْخُلْعِ طَلَاقًا فَيَلْزَمُهُ حَيْثُ كَانَ نَسَقًا لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثَلَاثًا إذْ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ كَذَلِكَ (ص) لَا إنْ تَقَدَّمَ أَوْ صَاحَبَ كَإِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وَكَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ إذَا صَاحَبَهُ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ لِمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِمَا لِانْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ وَقَعَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ بِالْعَقْدِ فَتَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ثَلَاثًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ اللَّفْظِيُّ لَا الزَّمَانِيُّ وَلَا الْمَكَانِيُّ وَلَا الرُّتْبِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ صَاحَبَ أَيْ فِي الْوُقُوعِ لَا فِي اللَّفْظِ إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا وَالْمُعَلَّقَ مَجْمُوعُهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْوُقُوعِ وَإِذَا وَقَعَا مَعًا وَجَدَ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا، أَوْ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ أَوْ أَنَّ وُقُوعَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَقَوْلُ تت بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ فِي الْوُقُوعِ كَانَ بِعَطْفٍ أَوْ لَا كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ أَوْ غَيْرِهَا بِقَرِينَةِ التَّعْلِيقِ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْتِ

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْهُ أَنَّ النَّظَرَ لِلصَّدْرِ وَالشَّعْرِ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْأَطْرَافُ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا لَهَا إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّظَرَ لِلرَّأْسِ نَظَرٌ لِشَعْرِهَا فَفِيهِ تَنَافٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَمَنْ يُعَبِّرُ بِالنَّظَرِ لِلرَّأْسِ أَيْ بِجَوَازِ النَّظَرِ لَهَا يَحْكُمُ بِجَوَازِ النَّظَرِ لِلشَّعْرِ وَمَنْ يَحْكُمُ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلشَّعْرِ يَحْكُمُ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلرَّأْسِ فَإِنْ قُلْت النَّظَرُ لِلرَّأْسِ أَيْ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ شَعْرٍ وَشَعْرِهَا إذَا كَانَتْ فِيهَا شَعْرٌ فَرُؤْيَةُ الشَّعْرِ أَشَدُّ مِنْ رُؤْيَةِ الْجِلْدِ لِأَنَّهُ يُلْتَذُّ بِهِ فَهُوَ دَاعِيَةٌ لِلْوَطْءِ فَلَا تَنَافِي قُلْت هُوَ قَرِيبٌ فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ) أَيْ وَدَخَلَتْ الدَّارَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ فَرَجَعَ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ " أَوْ وَسَقَطَ تَعْلِيقُ ظِهَارٍ ".

(قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَ) عَطْفٌ عَلَى " تَعَلَّقَ " لَا عَلَى " لَمْ يَتَنَجَّزْ " لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا تَعْلِيقٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ مُتِمَّهَا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ تَعْلِيقِهِ) أَيْ لِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعَلَّقَيْنِ عَلَى شَيْءٍ يَقَعَانِ مَعًا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِمَا الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ فِي مَجْلِسٍ) هُوَ قَوْلُهُ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَوْلَى لَوْ قَدَّمَ " وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي " عَلَى " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا " وَقَوْلُهُ: أَوْ مَجْلِسَيْنِ أَيْ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّوْضِيحُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ اللَّفْظِيُّ) أَيْ وَالزَّمَنُ وَاحِدٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: لَا الزَّمَانِيُّ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلًا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ يَقُولَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَوْلُهُ: وَلَا الْمَكَانِيُّ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا فِي مَكَان عَلَى مَكَانِ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ: وَلَا الرتبي أَيْ لَا نَقُولُ: إنَّ الظِّهَارَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ الرُّتْبَةُ كَتَقَدُّمِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ وَإِنْ كَانَتْ مُقَارِنَةً لَهُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَحَرَكَةِ الْأُصْبُعِ فَإِنَّهَا عِلَّةٌ فِي حَرَكَةِ الْمِفْتَاحِ وَكَتَقَدُّمِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَوْلِك فِي الدَّارِ زَيْدٌ وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا (قَوْلُهُ: وَإِذَا وَقَعَا مَعًا) أَيْ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَجَدَ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ فَيَقَعَانِ مَعًا عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْوَاوَ إلَخْ أَيْ بَانِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بَانِينَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ) يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ وُقُوعَ أَحَدِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ التَّعْلِيقِ) أَيْ إنَّ التَّعْلِيقَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَطْفِ بِثُمَّ أَوْ غَيْرِهَا رَدًّا عَلَى ابْنِ مُحْرِزٍ فَإِنَّهُ فَرَّقَ فَقَالَ وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ بِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ اهـ.

ص: 109

عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَفِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ نَظَرٌ.

(ص) وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ هِيَ أُمِّي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إذَا تَزَوَّجَهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ هِيَ أُمِّي قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ فَعَلْت فَهِيَ أُمِّي فَإِذَا تَزَوَّجَهَا كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ وَصْفَهَا بِالْكِبَرِ أَوْ الْكَرَامَةِ أَوْ الْإِهَانَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مَعَ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ كَمَا فِي التَّبْصِرَةِ.

(ص) وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ تَجِبُ بِالْعَوْدِ الْآتِي تَفْسِيرُهُ فَلَوْ كَفَّرَ قَبْلَ الْعَوْدِ لَمْ تَجْزِهِ لِأَنَّهُ كَفَّرَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَهَذَا الْوُجُوبُ مَحَلُّهُ مَا دَامَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِصْمَتِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ وَتَتَحَتَّمُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ بِوَطْئِهِ لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا وَسَوَاءٌ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَسَوَاءٌ قَامَتْ بِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ إذْ لَوْ حَذَفَهُ لَأَوْهَمَ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى الْوَطْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ لَأَغْنَاهُ عَنْ التَّكْرَارِ قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ كَذَلِكَ وَنَصُّهَا: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَعَلَيْهَا فَلَا لَبْسَ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ تَوَجُّهُ الْخِطَابِ عَلَيْهِ بِهِ وَفَائِدَتُهُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ إذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَوْلِهِ وَتَجِبُ وَتَتَحَتَّمُ لُزُومٌ وَلَا أَنَّ أَحَدَهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَلَا أَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ بَلْ الْأَوَّلُ مِنْ قَبِيلِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فَلَوْ سَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ لَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ مَتَى عَادَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ أَغْنَى عَنْهُ بِلَا شَكٍّ وَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ لَكِنَّهُ لَمَّا قَالَ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ (ص) وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ؟ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ هُوَ يَعُودُ إلَى الْعَوْدِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعَوْدُ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ إمْسَاكِ الْعِصْمَةِ مَعًا فَهُمَا رِوَايَتَانِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا تَقْتَضِيهِ الْمُدَوَّنَةُ مِنْ ذَلِكَ فَاللَّخْمِيُّ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ هُوَ إرَادَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ وَفَهِمَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ هُوَ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ الْعِصْمَةِ مَعًا وَلَوْ سَنَةً تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَبِعِبَارَةٍ الْعَوْدُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْآيَةِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِنَقِيضِ مَا قَالُوا أَيْ قَوْلِهِمْ، وَقَوْلُهُمْ التَّحْرِيمُ، وَنَقِيضُهُ التَّحْلِيلُ أَيْ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا عَلَى الْفَوْرِ أَيْ يُمْسِكَهَا مُدَّةً تُنَافِي الْفَوْرَ.

(ص) وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا وَمَوْتِهَا (ش) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ أَيْ وَسَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ نَظَرٌ) كَانَ الْمُتَيْطِيُّ يَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ إلَخْ) حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ عج أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عُرِضَ بَلْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَمَا سَيَأْتِي عَنْ التَّبْصِرَةِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الظِّهَارِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا تَقَدَّمَهُ إيلَاءٌ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ إيلَاءٌ فَإِنَّ الظِّهَارَ يَصِحُّ (أَقُولُ) وَهَذَا لَا يَتِمُّ بَلْ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ فَهِيَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ظِهَارُهُ شَيْئًا وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ بِمُتْعَةٍ حَاصِلَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ أَيْ كَصُورَةِ التَّعْلِيقِ وَالْفَرْضِ لَا غَيْرُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ) أَيْ لِأَنَّ تَحَتُّمَ الْكَفَّارَةِ حَقٌّ لِلَّهِ أَيْ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ الْمُتَحَتِّمَةَ حَقٌّ لِلَّهِ (قَوْلُهُ: تَوَجُّهُ الْخِطَابِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِالْوُجُوبِ الْوُجُوبَ الْمُخَيَّرَ وَالتَّحَتُّمِ الْوُجُوبَ الْمُضَيَّقَ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ) أَيْ فَائِدَةُ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ لَا التَّحَتُّمَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: الْمُخَيَّرِ) أَيْ الْمُوَسَّعِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: أَغْنَى عَنْهُ بِلَا شَكٍّ) أَيْ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّحَتُّمِ يُفِيدُ سَبْقَ تَوَجُّهِ خِطَابٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ تَوَجُّهُ ذَلِكَ الْخِطَابِ هَلْ بِالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ فَقَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَغْنَى عَنْهُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ إلَخْ مَعْنَاهُ يَجِبُ وُجُوبًا مُضَيَّقًا فَيَقْتَضِي سَبْقَ وُجُوبٍ مُوَسَّعٍ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ احْتَاجَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَقَامَ فِي غُنْيَةٍ عَنْهَا لِأَنَّهُ مَا قَالَهَا إلَّا لِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ مَعَ أَنَّهُ بِصَدَدِ أَنَّ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلِمُحَشِّي تت هُنَا كَلَامٌ لَمْ أَفْهَمْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمْسَاكَ لَا فَائِدَةَ فِي الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ إذَا كَانَ يَعْقُبُهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ هَذَا جَارٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الْمُدَوَّنَةِ أُوِّلَتْ عَلَيْهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ بِاعْتِبَارِ فَهْمِ اللَّخْمِيِّ.

وَهَذَا الْجَوَابُ يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ مَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ الْعَوْدَةُ هُنَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ وَالتَّصْمِيمُ وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ " إرَادَةُ "(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَنَةً) كَذَا عَنْ الْبَاجِيِّ وَانْظُرْهُ هَلْ هُوَ مِثَالٌ فَمَا دُونَهَا كَذَلِكَ أَوْ هُوَ أَقَلُّ مَا يَكْفِي فِي الْإِمْسَاكِ قَالَهُ تت فِي صَغِيرِهِ وَقَالَ عج وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ إمْسَاكِهِ وَلَمْ يَدْعَمْهُ بِنَقْلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى السَّنَةِ تَقْتَضِي أَنَّ مَا دُونَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ: أَنْ يُمْسِكَهَا مُدَّةً تُنَافِي الْفَوْرَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَنَةً (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَرْكُ الْفِرَاقِ بِأَثَرِ الظِّهَارِ.

ص: 110

الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْعَوْدِ إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَطَأْ حَتَّى طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا فَيَسْتَمِرُّ الْخِطَابُ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ بِهَا وَإِنْ عَادَتْ لِعِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا قَبْلَ عَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا تَأْوِيلَانِ فَإِنَّ فَائِدَةَ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ فَإِنَّهُ يَقْرَبُهَا مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ (ص) وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُظَاهِرَ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ وَلَمْ يَطَأْ وَشَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهَا ثُمَّ إنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ أَكْمَلَ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِدَّةِ فَهَلْ تُجْزِئُهُ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ أَوْ لَا تُجْزِئُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا جَدِيدًا هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ أَتَمَّهَا أَوْ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ عَمِلَ أَقَلَّ الْكَفَّارَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ أَمَّا لَوْ أَتَمَّ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا أَيْ إذَا نَوَى رَجْعَتَهَا وَعَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَانَ كَالْبَائِنِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا فَعَلَ بَعْضَهَا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْنَفَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا تُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ قَوْلٌ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ.

(ص) وَهِيَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَهِيَ إعْتَاقٌ ثُمَّ صِيَامٌ ثُمَّ إطْعَامٌ وَالْمُؤَلِّفُ أَتَى بِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَذَلِكَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِنَصِّ التَّنْزِيلِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْكِسْوَةِ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَلِهَذَا بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالْعِتْقِ فَالضَّمِيرُ فِي وَهِيَ يَرْجِعُ لِلْكَفَّارَةِ أَيْ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا إعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَإِعْتَاقُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ هِيَ، أَوْ أَنَّ هِيَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فَأَصْلُهُ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا إعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ فَانْفَصَلَ الْمُضَافُ إلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ ضَمِيرًا مُنْفَصِلًا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهَا جِنْسٌ تَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ وَعَبَّرَ بِإِعْتَاقٍ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الرُّبَاعِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا فَلَا تُجْزِئُ بِدُونِهِ كَمَا إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا وَلَوْ عَبَّرَ بِعِتْقٍ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ لَفُهِمَ مِنْهُ الْإِجْزَاءُ حَيْثُ عَتَقَ كَانَ بِإِيقَاعٍ أَمْ لَا وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إعْتَاقُ الْمُظَاهِرِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا رَقَبَةً وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ عِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي (ص) لَا جَنِينٍ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُجْزِئُ عِتْقُ كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ لَا جَنِينٍ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَقَعَ عَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالرَّقَبَةِ الْمُحَقَّقَةُ، وَالْجَنِينُ وَمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ لَيْسَتْ رَقَبَتُهُمَا مُحَقَّقَةً وَجُمْلَةُ " وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ " مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا حُكْمُ الْجَنِينِ إذَا عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ وَلَمْ يَجْزِ فَقَالَ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ حُكْمُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ نَفَذَ فِيهِ الْعِتْقُ السَّابِقُ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عِتْقٍ الْآنَ (ص) وَمُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَوْدِ هَذَا مُفَادُهُ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) بِهَذَا تَعْلَمُ أَنْ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ " لَا إنْ تَقَدَّمَ " الْمُفِيدِ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِتَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا أَعَادَهَا لَعِصْمَتِهِ وَتَقْيِيدِ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يُعِدْهَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ فَائِدَةَ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ إلَخْ) وَفَائِدَةُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ لَا بُدَّ مِنْ التَّكْفِيرِ فَالدَّلَالَةُ فِي كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَفَعَلَ بَعْضَهَا ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْمَسِّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِمَذْهَبِهَا وَأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِهَا إنْ أَتَمَّهَا لَمْ تُجْزِئْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَالْبَيَانِ أَوْ وِفَاقٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى فِي الْمُدَوَّنَةِ اللُّزُومَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْوِفَاقِ بِقَوْلِهِ إلَخْ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إنْ أَتَمَّهَا وَهَلْ التَّأْوِيلَانِ وَلَوْ أَتَمَّهَا بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ مَحَلُّهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ أَوْ لَمْ تَنْقَضِ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ وَأَمَّا إذَا نَوَى الرَّجْعَةَ وَأَتَمَّهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَمِلَ أَقَلَّ الْكَفَّارَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا) أَيْ وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ) رَدَّهُ عج وَارْتَضَى أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْإِطْعَامِ لَا فِيهِ وَفِي الصِّيَامِ خِلَافًا لِبَهْرَامَ أَيْ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَيُتَّفَقُ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا كَانَ مُسْقِطًا لِلْكَفَّارَةِ أَوْجَبَتْ خَلَلًا فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُتِمَّ كَفَّارَتَهُ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الصِّيَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْنِي عَلَى الْإِطْعَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَبْنِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ نَافِعٍ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَالرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْهُ أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَمَعْنَى الثَّالِثِ أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَّا إذَا أَتَمَّهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا قَبْلُ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ وَحُرِّرَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَدْخَلَ لِلْكِسْوَةِ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) اُنْظُرْ عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ مَا مَرْتَبَتُهَا (قَوْلُهُ: فَلِهَذَا) أَيْ فَلِأَجْلِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَتَى بِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ بَدَأَ بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَحَذَفَ الْمُضَافَ) الْقَصْدُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جِنْسٌ تَحْتَهُ) فِيهِ أَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ نَفْسَ إعْتَاقٍ بَلْ إعْتَاقٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ) إلَّا أَنَّهُ مُقْتَرِنٌ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ وَضْعِهِ) أَيْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ.

ص: 111

صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ لَك عَبْدٌ غَائِبٌ فِي تِجَارَةٍ أَوْ إبَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ عَنْك فَأَعْتَقْته عَنْ ظِهَارِك فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُك عَنْ ذَلِكَ إذْ لَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا تُعْلَمُ سَلَامَتُهُ فَلَوْ كُشِفَ الْأَمْرُ عَنْ سَلَامَتِهِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْجَنِينِ فَإِنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً كَمَا مَرَّ.

(ص) مُؤْمِنَةٍ وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ وَفِي الْوَقْفِ حَتَّى يُسْلِمَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنْ تَكُونَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الرَّقَبَةَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِالْإِيمَانِ وَأَطْلَقَهَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقُرْبَةُ بِهَا وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا، وَالْإِيمَانُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي رَقَبَةِ الظِّهَارِ وَفِي كُلِّ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ لَكِنْ لَوْ أَعْتَقَ كَافِرًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَعْجَمِيِّ فَهَلْ يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ أَوْ لَا فِيهِ تَأْوِيلَانِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ح أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْأَعْجَمِيِّ مُطْلَقًا وَمُقْتَضَى تَقْرِيرِ ز أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ دِينَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ فَهَلْ يُمْنَعُ الْمُظَاهِرُ مِنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ بِالْفِعْلِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجْزِهِ حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بِلَفْظِ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ ابْنُ يُونُسَ وَقُلْت أَنَا بَلْ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَى دِينِ مَنْ اشْتَرَاهُ وَلَمَّا كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يَأْبَاهُ فِي غَالِبِ أَمْرِهِ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا مَا أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْوَقْفَ وَاجِبٌ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ وَيَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تُعْطِي أَنَّ الظِّهَارَ يَسْقُطُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَقْفِ وَعَدَمِهِ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ بِخِلَافِهَا وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَسْقُطُ الظِّهَارُ أَوْ لَا فَهِيَ مُحَرَّرَةٌ عَنْ هَذِهِ وَأَحْسَنُ مِنْهَا.

(ص) سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي تُجْزِئُ فِي عِتْقِ الظِّهَارِ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً عَنْ الْعُيُوبِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْهَا قَطْعُ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ الْخِنْصَرَ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الذَّهَابُ وَلَوْ خِلْقَةً وَالْمُرَادُ بِالْأُصْبُعِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَطْعَ مَا دُونَ الْأُصْبُعِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ لَا يَضُرُّ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ " وَأُنْمُلَةٍ " يَقْتَضِي أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضِ أُنْمُلَةٍ يَضُرُّ وَانْظُرْ: الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ أَيِّهِمَا؟ لَكِنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ كُشِفَ الْأَمْرُ عَنْ سَلَامَتِهِ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ كَانَ مِمَّنْ يُجْزِئُ وَيُسَمَّى رَقَبَةً (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى أَيْ فِي قَوْلِهِ أَيْ فَيُجْزِئُ عِتْقُ كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِصِفَةِ مَنْ يُجْزِئُ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَ أَمَتِهِ عَنْ ظِهَارِهِ ظَانًّا عَدَمَ وَضْعِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَنْ يُجْزِئَهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَهُ بَهْرَامُ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا وَضَعَتْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حِينَ الْعِتْقِ لَمْ تَضَعْهُ لَا يُجْزِئُ.

(قَوْلُهُ: مُؤْمِنَةٍ) لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِرَقَبَةٍ لِأَنَّ فِيهِ الْفَصْلَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَالْأَوْلَى إعْرَابُهُ بَدَلًا مِنْ رَقَبَةٍ وَالْبَدَلُ يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْإِيمَانُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِيمَانُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِدُخُولِ الْأَعْجَمِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِكَوْنِ الْأَعْجَمِيِّ يُجْزِئُ يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَمَنْ يَقُولُ لَا يُجْزِئُ يَقُولُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَطَّابِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْأَعْجَمِيِّ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ: وَفِي الْأَعْجَمِيِّ أَيْ الْكَافِرِ إذَا كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَالْمَجُوسِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَمَنْ لَا يَعْقِلُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَفِي إجْزَائِهِ خِلَافٌ اُنْظُرْ اللَّخْمِيَّ اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ مَجُوسِيًّا مُطْلَقًا أَوْ كِتَابِيًّا صَغِيرًا فَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْجَمِيِّ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالصَّغِيرُ الْكِتَابِيُّ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمَجُوسِيِّ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْأَعْجَمِيِّ خُصُوصُ الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ الْكَبِيرُ فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الَّذِي يَقُولُ بِإِجْزَاءِ الْأَعْجَمِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِعِتْقِ الْأَعْجَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ إلَخْ) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ (وَأَقُولُ) وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ هُوَ الْوَجِيهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ يُجْبَرُ إلَخْ) أَيْ وَخُصُوصًا كَوْنُهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ مُطْلَقًا) أَيْ وُقِفَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَهِيَ مُحَرَّرَةٌ عَنْ هَذِهِ وَأَحْسَنُ) كَذَا قِيلَ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ عب وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهَا مُحَرَّرَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ هَلْ يَسْقُطُ الظِّهَارُ أَمْ لَا مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْقُطْ الظِّهَارُ فَلَا إجْزَاءَ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُفَرَّعَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ عَدَمُ سُقُوطِ الظِّهَارِ فَإِنْ قُلْت وَعَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَمَا مَعْنَى الْإِجْزَاءِ مَعَ كَوْنِهِ يُشْتَرَطُ الْوَقْفُ حَتَّى يُسْلِمَ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُجْزِئُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قُلْت مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صِيغَةُ إعْتَاقٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ رَأْسًا فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى صِيغَةِ إعْتَاقٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ.

(قَوْلُهُ: سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) وَمِثْلُهُ الشَّلَلُ وَالْإِقْعَادُ وَذَهَابُ الْأَسْنَانِ كُلِّهَا وَيُجْزِئُ ذَاهِبُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الذَّهَابُ وَلَوْ خِلْقَةً) كَذَا اللَّقَانِيِّ وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ عَبَّرَ بِقَطْعِ الظَّاهِرِ فِي حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَفِي عب وَلَوْ زَائِدًا إنْ أَحَسَّ وَسَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ كَذَا يَنْبَغِي انْتَهَى وَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيِّ

ص: 112

كَلَامَ ح يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَفْهُومُ أُصْبُعٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ مَا إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ.

(ص) وَعَمًى وَبُكْمٍ وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلَجٍ (ش) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْهَا الْعَمَى وَكَذَا الْغِشَاوَةُ الَّتِي لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ وَأَمَّا الْخَفِيفُ وَالْأَعْشَى وَالْأَجْهَرُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَعْوَرَ يُجْزِئُ وَمِنْهَا الْبُكْمُ وَهُوَ عَدَمُ فَصَاحَةِ النُّطْقِ بِالْكَلَامِ وَمِنْهَا الْجُنُونُ وَلَوْ قَلِيلًا كَمَرَّةٍ فِي الشَّهْرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَمِنْهَا الْمَرَضُ الْمُشْرِفُ وَهُوَ الَّذِي بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ وَغَيْرُهُ يُجْزِئُ وَمِنْهَا قَطْعُ أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ فَقَوْلُهُ وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ أَيْ أَشْرَافِهِمَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ قَطْعُهُمَا مِنْ أَصْلِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَسَتَأْتِي الْوَاحِدَةُ فِي قَوْلِهِ وَجَدْعٍ فِي أُذُنٍ وَمَفْهُومُ فِي أُذُنِهِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّهَا الْجَدْعُ لَا تُجْزِئُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَمِنْهَا الصَّمَمُ إنْ فَسَّرْنَاهُ بِعَدَمِ السَّمْعِ لَمْ يَأْتِ التَّقْيِيدُ بِالثَّقِيلِ وَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِثِقَلِ السَّمْعِ يَأْتِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ خَفِيفًا وَمِنْهَا الْهَرَمُ الشَّدِيدُ بِأَنْ لَا يُمْكِنَ مَعَهُ الْكَسْبُ بِصَنْعَةٍ تَلِيقُ بِهَرَمِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ وَإِنَّمَا مَنَعَ الْهَرِمَ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ مَنَافِعَ الصَّغِيرِ مُسْتَقْبَلَةٌ، وَمِنْهَا الْعَرَجُ الشَّدِيدُ فَقَوْلُهُ الشَّدِيدَيْنِ وَصْفٌ لِلْهَرَمِ وَالْعَرَجِ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُمَا فِي كَلَامِهِ وَمِنْهَا الْجُذَامُ وَإِنْ قَلَّ وَمِنْهَا الْبَرَصُ وَإِنْ قَلَّ وَمِنْهَا الْفَلَجُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَيُبْسُ الشِّقِّ لَيْسَ شَرْطًا وَلَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بَعْدَ عِتْقِهِ لَا يُجْزِئُ بِهِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَاسْتَعَانَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ، وَأَرْشُ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ وَالدَّيْنُ الْمَانِعُ سَعْيَهُ لِنَفْسِهِ لِصَرْفِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ.

(ص) بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رَقَبَةِ الظِّهَارِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً عَنْ شَوَائِبِ الْعِوَضِيَّةِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ مَالٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ (ص) لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُجْزِئُ عِتْقُ مَا لَا شَوْبَ عِوَضٍ فِيهِ لَا عِتْقُ مُشْتَرًى بِشَرْطِ الْعِتْقِ لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ لَيْسَتْ كَامِلَةً لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَضَعَ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَجْلِ الْعِتْقِ (ص) مُحَرَّرَةٍ لَهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِلظِّهَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِأَجْلِ الظِّهَارِ يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ كَقَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا بِسَبَبِ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ لِحُكْمٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ.

(ص) وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي تَأْوِيلَانِ (ش) التَّأْوِيلَانِ وَقَعَا فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يَجْزِهِ وَفِي قَوْلِ الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ فِيمَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ بِحَمْلِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ) وَمِثْلُهُمَا أُنْمُلَتَانِ وَبَعْضُ أُنْمُلَةٍ لِقَوْلِهِ بَعْدُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ.

(قَوْلُهُ: مُشْرِفٍ) أَيْ صَاحِبِهِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَعْشَى) هُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ لَيْلًا وَقَوْلُهُ وَالْأَجْهَرُ هُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ فَصَاحَةِ النُّطْقِ بِالْكَلَامِ) الْمُرَادُ لَا يَنْطِقُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شب كَانَ مَعَهُ صَمَمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنْ كَانَ يَأْتِي فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَتَأْتِي الْوَاحِدَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ قَطْعُ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ عب اضْطِرَابٌ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَا: وَقَطْعُ أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ ظَاهِرُهُ وَكَذَا قَطْعُ أَشْرَافِ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي إنَّ قَطْعَ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ لَا يَضُرُّ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ قَطْعَ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَيُبْسُ الشِّقِّ لَيْسَ شَرْطًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فَسَّرَتْهُ الْمُدَوَّنَةُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالْيُبْسِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحَرُّكِهِ وَالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ إلَخْ) أَيْ الدَّيْنُ مَنَعَ سَعْيَ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَسْعَى لِأَجْلِ أَنْ يَصْرِفَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ وَشَأْنُ الرَّقَبَةِ الَّتِي تَعْتِقُ فِي الظِّهَارِ وَنَحْوِهِ أَنْ لَا تِبَاعَةَ عَلَيْهَا لِأَحَدٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يُعْتِقَهُ السَّيِّدُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنَ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا لَمْ يُسْقِطْهُ سَيِّدُهُ عَنْهُ قَبْلُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَيْبًا فِي الْعَبْدِ يَمْنَعُ إجْزَاءَ عِتْقِهِ عَنْ الظِّهَارِ كَظُهُورِ عَيْبٍ تَبَيَّنَ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ كَعَمًى أَوْ عَجْزٍ وَسَوَاءٌ كَانَ سَيِّدُهُ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ.

(قَوْلُهُ: بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ) اسْمٌ بِمَعْنَى " غَيْرِ " ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَالشَّوْبُ الْخَلْطُ أَيْ بِلَا مُخَالَطَةِ عِوَضٍ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ أَسْقَطَ " شَوْبِ " لَتُوُهِّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا الْعِوَضُ الْكَامِلُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ السَّلَامَةُ مِنْ مُخَالِطٍ أَيْ عِوَضٍ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) وَأَمَّا بِمَا فِي يَدِهِ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ (قَوْلُهُ: لَا عِتْقُ مُشْتَرًى إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الْعِوَضِيَّةِ وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَيْ إنَّ الْبَائِعَ يَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْتِقَهُ (قَوْلُهُ: لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ حِينَ الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُ مِنْ شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ رَدُّهُ فَأَذِنُوا لَهُ فِي الشِّرَاءِ أَوْ فِي الْعِتْقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيُجْزِئُ عَنْ ظِهَارِهِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ احْتَاجَ لِحُكْمٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَلْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي التَّعْلِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي إنْ اشْتَرَيْته إلَخْ) بِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى.

ص: 113

حُرٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ - أَيْ مِنْ شُمُولِهِ لِمَا إذَا قَالَ عَنْ ظِهَارِي أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ حُرٌّ -، أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ عَنْ ظِهَارِي فَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَهُ فَالْإِجْزَاءُ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي أَنَّ قَوْلَهُ عَنْ ظِهَارِي يُعَدُّ نَدَمًا بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ تَعْلِيقَ عِتْقِ الظِّهَارِ لَا يُفِيدُ فَتَقْيِيدُهُ بِالظِّهَارِ بَعْدَ قَوْلِهِ حُرٌّ لَا يُفِيدُ فَمِلْكُهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ أَيْ لَمْ يَسْتَمِرَّ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ الظِّهَارُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ وَقَعَ مِنِّي وَنَوَيْت الْعَوْدَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ.

(ص) وَالْعِتْقِ لَا مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ أَيْ وَبِلَا شَوْبِ الْعِتْقِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ بَعْضِهِمْ " وَعِتْقٍ " بِتَنْكِيرِهِ وَجَرِّهِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ أَيْ وَبِلَا شَوْبِ عِتْقٍ أَيْ خَالِيَةٍ عَنْ شَائِبَةِ عِوَضٍ وَعِتْقٍ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِصِحَّةِ عَطْفِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُ عِتْقُ مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُبَعَّضٍ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ نُجُومِهِ وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُمَا وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَقُلْنَا بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ كَالْمُكَاتَبِ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ (ص) أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا فَكَمَّلَ عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَالْعَبْدُ شَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَقَوَّمَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ أَوْ لَا ثُمَّ أَعْتَقَ نِصْفَهُ الْآخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنْ تَخْرُجَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَهَذَا بَعْضُهَا وَلِأَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ التَّتْمِيمَ فِي الْبَاقِي صَارَ مِلْكُهُ غَيْرَ تَامٍّ (ص) أَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ شَيْءٌ إذَا أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ وَشَرِكَهُنَّ فِي الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ رَقَبَةٍ وَالْعِتْقُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ شَرِكَهُنَّ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ وَإِنْ عَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَقَبَةً حَلَلْنَ أَوْ أَطْلَقَ حَلَلْنَ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ وَأَبْهَمَ الْأُخْرَى حَلَّتْ الْمُعَيَّنَةُ مُطْلَقًا كَالْأُخْرَى إنْ تَعَيَّنَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ نَسِيَ الَّتِي أَعْتَقَ عَنْهَا كَفَّرَ عَنْ الْأُخْرَى وَأَجْزَأَهُ وَمُنِعَ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ الْأُخْرَى وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ.

(ص) وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ مِنْ ظِهَارِهِ عَبْدًا أَعْوَرَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَقُومُ مَقَامَ الِاثْنَتَيْنِ وَيَرَى بِهَا مَا يَرَى بِهِمَا وَدِيَتُهَا دِيَةُ الْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا أَلْفُ دِينَارٍ وَالْخِلَافُ فِي الْأَنْقَرِ الَّذِي خَرَجَتْ عَيْنُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ وَالظَّاهِرُ إجْزَاءُ عِتْقِ مَنْ فَقَدَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ بَعْضَ نَظَرِهَا (ص) وَمَغْصُوبٌ، وَمَرْهُونٌ وَجَانٍ إنْ افْتَدَيَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ عَبْدَهُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَيَجُوزُ وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ عَلَّقَ تَحْرِيرَهُ بِاشْتِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَجْزِهِ وَعَنْ ظِهَارِهِ يُجْزِئُ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ) أَيْ وَوَجْهُ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَائِمًا بِهِ الظِّهَارُ وَحَاصِلًا لَهُ بِالْفِعْلِ صُرِفَ ذَلِكَ الشِّرَاءُ إلَى الظِّهَارِ فَقَوْلُهُ: عَنْ ظِهَارِي لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: أَنَّ تَعْلِيقَ عِتْقِ الظِّهَارِ) أَيْ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يُفِيدُ فِي عِتْقِ الظِّهَارِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُجْزِئُهُ اتِّفَاقًا فَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَقُولُ لِلْقَائِلِ بِالْإِجْزَاءِ: أَنْتَ تُوَافِقُنِي عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَإِذَنْ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ظِهَارِي يُعَدُّ نَدَمًا، وَقَوْلُهُ فَمِلْكُهُ أَيْ لِأَنَّ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ: لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا) فِي عب وَوَجْهُ الْإِجْزَاءِ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى الشِّرَاءِ عَلَى شَرْطٍ وَهُوَ ظِهَارُهُ إنْ وُجِدَ مِنْهُ وَلِلشَّرْطِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَشْرُوطِ أَقْوَى مِنْ الْقَيْدِ فِي مُقَيَّدِهِ.

(قَوْلُهُ: كَالْمُكَاتَبِ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يُجْزِئُهُ إلَخْ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَقَوَّمَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النِّصْفُ الَّذِي كَمَّلَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجْزَاءِ وَمُفَادُ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْفِيشِيِّ بِالْحَرْفِ وَلَيْسَ فِيهَا عَنْ امْرَأَةٍ وَكَذَا بِخَطِّهِ لَيْسَ فِيهِ عَنْ امْرَأَةٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ " وَاحِدَةً " مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ وَإِذَا أَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ ظِهَارِهِ فَأَعْتَقَ وَاحِدَةً عَنْ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَسَكَتَ عَنْ الْأُخْرَى فَقَوْلُهُ: وَأَبْهَمَ الْأُخْرَى مَعْنَاهُ وَأَبْهَمَ الْمَرْأَةَ الْأُخْرَى الَّتِي أَعْتَقَ عَنْهَا الرَّقِيقَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: كَالْأُخْرَى إنْ تَعَيَّنَتْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا امْرَأَتَانِ قَدْ ظَاهَرَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ رَقِيقَيْنِ عَنْ ظِهَارِهِ وَعَيَّنَ أَحَدَ الرَّقِيقَيْنِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ فَتَحِلُّ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ أَوْ أَرْبَعٌ فَأَعْتَقَ رَقِيقَيْنِ عَنْ ظِهَارِهِ وَعَيَّنَ وَاحِدًا مِنْ الرَّقِيقَيْنِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ النِّسَاءِ وَسَكَتَ عَنْ الرَّقِيقِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَطَأُ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ إلَّا إذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً ثَالِثَةً أَوْ كَفَّارَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسِيَ الَّتِي أَعْتَقَ عَنْهَا) هَذَا يَتَحَقَّقُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مَرْأَتَانِ وَأَكْثَرُ وَأَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَسِيَهَا بِأَنْ يُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ " كَفَّرَ عَنْ الْأُخْرَى أَيْ جِنْسِ الْأُخْرَى " الْمُتَحَقَّقُ فِي وَاحِدَةٍ وَأَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي خَرَجَتْ عَيْنُهُ) أَيْ قُلِعَتْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْأَقْطَعِ.

ص: 114

يُجْزِئُ عِتْقُ عَبْدِهِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْجَانِي عَنْ ظِهَارِهِ لِبَقَاءِ كُلٍّ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً أَنْ يَفْتَكَّ الرَّهْنَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ إسْقَاطِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَأَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْقِطَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَغْصُوبَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي لَا يَجُوزُ عِتْقُ كُلٍّ ابْتِدَاءً إلَّا إنْ افْتَدَيَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمَوَّاقِ.

(ص) وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ (ش) فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ ذُو مَرَضٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صَاحِبِ الْعَيْبِ دُونَ الْعَيْبِ نَفْسِهِ ثُمَّ إنَّ " خَفِيفَيْنِ " إمَّا حَالٌ أَوْ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ وَذَلِكَ عَلَى أَنَّ " مَرَضٍ، وَعَرَجٍ " بِالرَّفْعِ وَإِنْ كَانَا بِالْجَرِّ فَهُوَ صِفَةٌ لَهُمَا وَيَلْزَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ أَوْ قَطْعُ نَعْتِ النَّكِرَةِ وَكِلَاهُمَا قَلِيلٌ وَعَلَى الثَّانِي حَذْفُ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءُ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ قَلِيلٌ أَيْضًا وَالشَّرْطُ الْمَفْقُودُ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ

وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا كَمَا

قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا

لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا حُذِفْ

مُمَاثِلًا لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ

(ص) وَأُنْمُلَةٍ وَجَدْعِ أُذُنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ عَبْدًا مَقْطُوعَ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُنْمُلَةُ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالْأُنْمُلَتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْأُنْمُلَةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَفْهُومِ أُصْبُعٍ فِيمَا مَرَّ وَكَذَا يُجْزِئُ عِتْقُ الْعَبْدِ الْمَجْدُوعِ أَيْ الْمَقْطُوعِ الْأَنْفِ أَوْ الْأُذُنِ حَيْثُ لَمْ يُوعِبْهَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: عَلَى أَنَّ مَقْطُوعَ الْأُذُنِ لَا يُجْزِئُ انْتَهَى وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ.

(ص) وَعِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ إنْ عَادَ وَرَضِيَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ ظِهَارٍ لَازِمٍ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَسَوَاءٌ أَذِنَ الْمُظَاهِرُ لِهَذَا الرَّجُلِ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُظَاهِرُ قَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِأَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْعَوْدُ أَيْ نَوَى وَطْءَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَطِئَهَا بِالْفِعْلِ وَبِشَرْطِ أَنْ يَرْضَى الْمُظَاهِرُ بِالْعِتْقِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَوْدٌ أَوْ لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ مَيِّتٍ فَالْعَوْدُ كَافٍ لِتَعَذُّرِ الرِّضَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَادَ أَيْ إنْ كَانَ عَادَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَرَضِيَ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ إنْ عَادَ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ وَرَضِيَهُ شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَهَا لَا فِيمَا قَبْلَهَا (ص) وَكُرِهَ الْخَصِيُّ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ (ش) أَيْ وَكُرِهَ عِتْقُ الْخَصِيِّ مَعَ الْإِجْزَاءِ وَاغْتُفِرَ نَقْصُهُ لِزِيَادَةِ مَنْفَعَتِهِ وَهَذَا جَارٍ فِي بَاقِي الْكَفَّارَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهَا بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَعَقَلَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَيْ عَقَلَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقُرَبِ بِأَنْ بَلَغَ حَدَّ التَّمْيِيزِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الِاحْتِلَامِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَالْعَمَلِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُسْلِمًا حَقِيقَةً وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ مُسْلِمٌ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ.

(ص) ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهُوَ الصِّيَامُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ يَرْجِعُ لِلْعِتْقِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِالْعِتْقِ وَقْتَ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ أَيْ وَقْتَ إخْرَاجِهَا فَإِنَّهُ يَصُومُ حِينَئِذٍ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ (لَا قَادِرٍ) وَإِنْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُعْسِرٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ بِمِلْكٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِكَمَرَضٍ أَوْ مَنْصِبٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَانَ قَادِرًا وَقْتَ الْأَدَاءِ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ بِأَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ افْتَدَيَا لَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِجْزَاءِ بَلْ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ أَيْ، وَأَمَّا الْإِجْزَاءُ فَيَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يُخَلَّصَا وَقَدْ تَبِعَ غَيْرَهُ وَهُوَ عج وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ قَالَ ج وَمَنْ تَبِعَهُ هَذَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَيَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَدِيَا قَائِلًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيعُ الْمَوَّاقِ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ بِالِافْتِدَاءِ إنْفَاذُ الْعِتْقِ بِخَلَاصِهِ مِنْ الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْتَدِ بِأَنْ أَخَذَهُ ذُو الْجِنَايَةِ أَوْ الدَّيْنِ وَبَطَلَ الْعِتْقُ فَكَيْفَ يَصِحُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِالْإِجْزَاءِ فَظَهَرَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْإِجْزَاءِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا وَلَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ مَا يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ وَالْجَانِيَ عَتَقَا عَنْ الظِّهَارِ قَبْلَ افْتِدَائِهِمَا فَيُجْزِئُ إنْ افْتَدَيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ فَرْضِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَانْظُرْ لَوْ اجْتَمَعَا فِيهِ خَفِيفَيْنِ هَلْ يُجْزِئُ أَمْ لَا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَرَجٍ (قَوْلُهُ: وَأُنْمُلَةٍ) قَالَ اللَّقَانِيِّ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَاقْتَصَرَ فِي الصِّحَاحِ عَلَى الْفَتْحِ وَهِيَ رَأْسُ الْأُصْبُعِ الْعُلْيَا (قَوْلُهُ: وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ مَنْفَعَتِهِ) كَذَا قَالَ تت قَالَ عب: وَانْظُرْ زِيَادَتَهُ فِيمَا ذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ إلَّا فِي خَصِيِّ الضَّحِيَّةِ قَالَ بَهْرَامُ وَانْظُرْ هَلْ حُكْمُ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ كَذَلِكَ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَوْ لَا يُكْرَهُ بَلْ يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَيُتَوَقَّفُ فِيهِ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُكْرَهُ فَاقِدُ إحْدَى الْأَلْيَتَيْنِ وَلَا يُكْرَهُ فَاقِدُهُمَا مَعًا أَوْ مَعْنَاهُ لَا يَجْرِي انْتَهَى شَرْحُ عب (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ كَالْخَصِيِّ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْخَصِيِّ مِنْ الْإِنْسَانِ لَيْسَتْ شَرْعِيَّةً (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ عِتْقَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا السِّنَّ يُجْزِئُ وَإِنْ رَضِيعًا كَمَا فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ كَذَلِكَ فَكَبِرَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ مُقْعَدًا أَوْ مُطْبَقًا فَعَنْ أَصْبَغَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَكَذَا لَوْ ابْتَاعَهُ فَكَبِرَ عَلَى مِثْلِ هَذَا لَا يُرَدُّ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقْتَ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ إخْرَاجِهَا لَا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَوْدُ وَلَا وَقْتَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لِكَمَرَضٍ) وَاقِعٍ أَوْ مُتَوَقَّعٍ.

ص: 115

كَانَ عِنْدَهُ ثَمَنُهَا أَوْ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ رَقَبَةٍ فَقَطْ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ لِأَجْلِ مَنْصِبٍ أَوْ سُكْنَى مَسْكَنٍ لَا فَضْلَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَضَمَّنَ " مُعْسِرٍ " مَعْنَى عَاجِزٍ فَقَابَلَهُ بِقَوْلِهِ " لَا قَادِرٍ ".

(ص) أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقَدْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْتِقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ لَهَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ حَلَّتْ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تُجْزِئُ قَبْلَ الْعَوْدِ وَالْعَوْدُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَوَطْءُ هَذِهِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا عَوْدٌ وَنَحْوُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَجْزَأَهُ عِتْقُهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَالَ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ تُوجِبُ كَفَّارَتَهُ وَإِنَّمَا يُضَعِّفُ هَذَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا لِلسَّلَفِ اهـ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ أَخْذِ اللَّخْمِيِّ مِنْهَا أَنَّ الْعَوْدَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.

(ص) صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ (ش) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لِمُعْسِرٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْسَرَ عَنْ عِتْقِ الرَّقَبَةِ وَقْتَ أَدَائِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ إذَا بَدَأَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَسَوَاءٌ كَانَ نَاقِصًا أَوْ كَامِلًا (ص) مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَفَّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ تَتَابُعَ الشَّهْرَيْنِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ أَيْضًا بِالصَّوْمِ الْكَفَّارَةَ عَنْ ظِهَارِهِ، وَيَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ كَفَّارَةٍ وَاجِبَةٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِصَوْمِهِ التَّكْفِيرَ عَنْ تِلْكَ الْكَفَّارَةِ (ص) وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فِي الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُ الشَّهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَ الصَّوْمَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ الصَّوْمَ وَيَصُومُ الشَّهْرَ الَّذِي بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ ثُمَّ يُكْمِلُ الْأَوَّلَ الْمُنْكَسِرَ مِنْ الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَلَوْ صَامَ مِنْ الْمُحَرَّمِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصُومُ صَفَرًا بِالْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا ثُمَّ يُكْمِلُ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَكَذَا لَوْ مَرِضَ فِي صَفَرٍ تَمَّمَهُ ثَلَاثِينَ وَلَوْ مَرِضَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فِي الثَّانِي ثُمَّ صَحَّ كَمَّلَهُمَا ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (ص) وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ إنْ أَضَرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُظَاهِرَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِالصَّوْمِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ يَضُرُّ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ إنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ أَوْ لَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ إنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ خِلَافًا لتت فَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ كُلًّا مِنْهُمَا وَحَصَلَ بِالصَّوْمِ ضَرَرٌ فِي أَحَدِهِمَا فَلَهُ الْمَنْعُ.

(ص) وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ (ش) أَيْ وَتَعَيَّنَ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ لِذِي الرِّقِّ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُكَاتَبِ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَجَزَ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا أَذِنَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ لِأَجْلِ مَنْصِبٍ) كَمَا إذَا كَانَ مِثْلَهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ سُكْنَى مَسْكَنٍ) وَكَذَا كُتُبُ فَقِيهٍ مُحْتَاجٍ لَهَا وَلَا يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَلَا النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِإِتْيَانِهِ بِمُنْكَرٍ مِنْ الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَأُورِدَ أَنَّ إثْبَاتَ الْحِلِّيَّةِ بِالْعِتْقِ الْمَذْكُورِ مُؤَدٍّ إلَى رَفْعِهَا وَمَا أَدَّى إثْبَاتُهُ إلَى رَفْعِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ حِلِّيَّةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ حِلِّيَّةُ الْمِلْكِ وَالْمَطْلُوبُ مُطْلَقُ حِلِّيَّةٍ الصَّادِقَةُ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ هَذِهِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ) أَيْ وَالْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ أَيْ وَلَوْ مَعَ نِيَّةِ التَّكْفِيرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مَعَ نِيَّةِ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَإِنَّمَا كَانَ الْعَزْمُ هُنَا مُمْتَنِعًا وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّكْفِيرِ لِأَنَّهَا بَعْدَهُ تَصِيرُ حُرَّةً فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَعَ نِيَّةِ التَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا) رُبَّمَا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَوَطْءُ هَذِهِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ أَيْ فَالْعَزْمُ مُمْتَنِعٌ وَقَوْلُهُ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ أَيْ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا وَقَوْلُهُ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ أَخْذِ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَوْدَ شَرْطٌ وَهَذَا الْأَخْذَ مَرْدُودٌ.

(قَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ " صَوْمُ " مَعْطُوفٌ عَلَى " إعْتَاقُ " الَّذِي هُوَ خَبَرُ هِيَ الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً أَيْ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْخَبَرِ خَبَرٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّرَهُ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ إعْتَاقُ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ وَالْمَعْنَى وَالْكَفَّارَةُ أَنْوَاعٌ مُرَتَّبَةٌ فَيَكُونُ قَوْلُهُ " ثُمَّ صَوْمُ " مَعْطُوفًا عَلَى " إعْتَاقُ " وَقَوْلُهُ " لِمُعْسِرٍ " مُرْتَبِطٌ بِهِ وَعَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ: مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ عَلَى كَلَامِهِ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ صَوْمُ شَهْرَيْنِ كَائِنٌ لِمُعْسِرٍ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَرِضَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ صَامَ الْأَوَّلَ بِتَمَامِهِ ثُمَّ مَرِضَ الثَّانِيَ فَيَكُونُ الْمُنْكَسِرُ هُوَ الثَّانِيَ فَقَطْ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْكَسْرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي أَوْ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْت: إنَّهُ فِي رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَ يَقْضِي بِالْعَدَدِ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ آيَتَيْ الظِّهَارِ وَرَمَضَانَ لَفْظُ شَهْرٍ وَهُوَ كَمَا فِي الْخَبَرِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ قُلْنَا إنَّ الشَّهْرَيْنِ فِي الظِّهَارِ لَمْ يُقَيَّدَا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَحُمِلَا عَلَى الشَّهْرَيْنِ الْكَامِلَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَبْدَآ بِالْهِلَالِ وَإِنَّ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُقَيَّدٌ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَاقْتُصِرَ عَلَى مَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ فِي الْعَدَدِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِالتَّعْيِينِ يُتَشَوَّفُ إلَى كَوْنِ السَّيِّدِ لَهُ الْمَنْعُ أَمْ لَا فَهُوَ كَالْمُتَفَرَّعِ عَلَيْهِ.

ص: 116

لَهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ وَبِعِبَارَةٍ: وَتَعَيَّنَ - أَيْ الصَّوْمُ - لِذِي الرِّقِّ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعِتْقِ وَإِنْ أَذِنَ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ يَصِحُّ مِنْهُ إنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ فَهُوَ يُشْبِهُ الْحَصْرَ الْإِضَافِيَّ.

(ص) وَلِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِعَشْرِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ فِي حَقِّ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِمُدَّةٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ وَهِيَ هُنَا الْكَفَّارَةُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ إذْ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْعُسْرِ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِلظِّهَارِ.

(ص) وَإِنْ أَيْسَرَ فِيهِ تَمَادَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ فَرْضِهِ الصِّيَامَ لِعَجْزِهِ عَنْ عِتْقِ الرَّقَبَةِ إذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى الصَّوْمِ وَلَا يَرْجِعُ لِلْعِتْقِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ حَيْثُ صَامَ مَا لَهُ بَالٌ كَالثَّلَاثِ وَأَمَّا إنْ كَانَ صَامَ كَالْيَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةٍ تَمَادَى أَيْ جَازَ لَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَمَادَى وُجُوبًا وَهَذَا إنْ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمَهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ صَوْمِهِ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ الْمُظَاهِرِ وَقْتَ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ لَمَّا أَبْطَلَ صَوْمَهُ خُوطِبَ بِأَدَائِهَا وَهُوَ الْآنَ مُوسِرٌ فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ)(ص) وَنُدِبَ الْعِتْقُ فِي كَالْيَوْمَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا قَدَّمَهُ - مِنْ أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ يَتَمَادَى - مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ صَامَ مَا لَهُ بَالٌ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَامَ الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْيَوْمِ يُسْتَحَبُّ بِاتِّفَاقٍ وَمِثْلُهُ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ لِغِلَظِ أَمْرِهِمَا.

(ص) وَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْمُعْسِرُ جَازَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُظَاهِرَ الْمُعْسِرَ إذَا تَكَلَّفَ الْعِتْقَ بِأَنْ تَدَايَنَ وَاشْتَرَى رَقَبَةً فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَنَظِيرُهُ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ فَتَكَلَّفَ الْغُسْلَ أَوْ مَنْ فَرْضُهُ الْجُلُوسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَكَلَّفَ الْقِيَامَ فِيهَا وَمَعْنَى جَازَ مَضَى لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَرْبَابُهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالٍ لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ السُّؤَالُ أَمْ لَا كَانَ إذَا سَأَلَ يُعْطَى أَمْ لَا.

(ص) وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَذَكَرَ هُنَا أُمُورًا تَقْطَعُ تَتَابُعَ الصَّوْمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِهِ وَيَبْتَدِئُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا وَأَمَّا إذَا وَطِئَ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ لَيْلًا وَلَوْ عَالِمًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ " وَمِثْلُ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي قَطْعِ الصَّوْمِ وَوُجُوبِ ابْتِدَائِهِ مَا إذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ مَثَلًا ظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُنَّ فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِهِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ مُقَدِّمَاتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَطْعِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعِتْقِ وَإِنْ أَذِنَ) أَيْ فَالرَّقِيقُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَذِنَ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَلَازَمَ الْعِتْقُ الْوَلَاءَ وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى مَلْزُومُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُمْ فِي الْحَالِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ وَالْمُعْتِقُ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ لَهُمْ وَلَاءُ مَا أَعْتَقُوهُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُمْ إنَّمَا هُوَ إذَا أَعْتَقُوا (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ) أَيْ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الصِّيَامِ.

(تَنْبِيهٌ) :: السَّفِيهُ الْمُظَاهِرُ الْعَاجِزُ عَنْ غَيْرِ الصَّوْمِ كَالْعَبْدِ وَكَذَا الْقَادِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَيَضُرُّ بِهِ فِي مَالِهِ لَا إنْ لَمْ يَضُرَّ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ الْتَزَمَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَ أَيْ قَبْلَ الظِّهَارِ وَأَمَّا بَعْدَ الظِّهَارِ فَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الظِّهَارُ مُسْتَثْنًى وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ سَوَاءٌ كَانَ الِالْتِزَامُ قَبْلَ الظِّهَارِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: كَالثَّلَاثِ) حَاصِلُ مَا فِي عب أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ تَمَادَى وُجُوبًا وَيُنْدَبُ التَّمَادِي إذَا أَيْسَرَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الرَّابِعِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّمَادِي وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إذَا أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي وَنَقُولُ إنَّ قَوْلَ بَهْرَامَ " لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ " صَادِقٌ بِجَوَازِ التَّمَادِي وَبِوُجُوبِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ عج فَإِذَا حَمَلَ عِبَارَةَ الشَّارِحِ عَلَيْهِ تَكُونُ الْكَافُ أَدْخَلَتْ الرَّابِعَ وَأَقَلَّ مِنْهُ لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ) التَّمَادِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ مَا فِي عب وَتُوَافِقُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) الْأَوْلَى إلَّا إنْ فَسَدَ لِإِيهَامِ كَلَامِهِ قَصْرَهُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْيَوْمِ بِاتِّفَاقٍ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ يُخَالِفُ مَا فِي عب وَشُبْ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ أَيْ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ وَقَوْلُهُ لِغِلَظِ أَمْرِهِمَا أَيْ فَلِذَلِكَ قُلْنَا يُنْدَبُ الرُّجُوعُ فِي الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ دُونَ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدَةٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت الْوَاحِدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ مُظَاهَرٌ مِنْهَا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ غُمُوضٌ قَدْ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ أَوْ مُنَازَعٌ فِيهِ ذَكَرَهُ.

(قَوْلُهُ: كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا وَطِئَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَا يَبْطُلُ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا ثُمَّ وَطِئَ أَنْ لَا يَبْطُلَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ مَحْضُ عَدَاءٍ وَبَعْدَ إخْرَاجِ الْبَعْضِ مَحْضُ عَدَاءٍ مَعَ الْمُنَافَاةِ كَالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ فِيهَا وَإِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَاتٌ مُتَعَدِّدَاتٌ لَيْلًا فِي الصَّوْمِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ إذْ وَطْؤُهُ لَيْلًا لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا.

ص: 117

أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ إطْعَامَهُ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ أَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ إطْعَامَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَعَبَّرَ بِالِانْقِطَاعِ فِي الصَّوْمِ لِمُنَاسَبَةِ وُجُوبِ تَتَابُعِهِ وَفِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِيهِ لَا تَفَنُّنًا.

(ص) وَبِفِطْرِ السَّفَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَفَّرَ بِالصَّوْمِ ثُمَّ إنَّهُ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى " فِي " لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ ظَرْفٌ لِلْمُضَافِ (ص) أَوْ بِمَرَضٍ هَاجَهُ لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَتَابُعَ الصَّوْمِ يَنْقَطِعُ بِسَبَبِ الْمَرَضِ الَّذِي حَرَّكَهُ السَّفَرُ وَأَفْطَرَ فِيهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ بِغَيْرِ سَبَبِ السَّفَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ وَيَبْنِي عَلَى صَوْمِهِ إذَا صَحَّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمَرَضٍ أَيْ أَوْ بِفِطْرِ مَرَضٍ هَاجَهُ أَيْ حَرَّكَهُ السَّفَرُ لَا إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَهِجْهُ بِأَنْ هَاجَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَيَجَانٌ أَصْلًا بِأَنْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ إنَّ هَذَا الْهِيَاجَ لَيْسَ مِنْ السَّفَرِ وَيَهِيجُهُ بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَضَمِّهِ لِأَنَّهُ يُقَالُ هَاجَهُ يَهِيجُهُ وَأَهَاجَهُ يُهِيجُهُ.

(ص) كَحَيْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَزِمَهَا صَوْمٌ يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ ثُمَّ حَصَلَ لَهَا حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ تَتَابُعَ الصَّوْمِ بَلْ تُفْطِرُ وَتَبْنِي (ص) وَإِكْرَاهٍ وَظَنِّ غُرُوبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِطْرَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَحْرَى الْفِطْرُ لِظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ وَمِثْلُهُ مَنْ صَامَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ أَصْبَحَ مُفْطِرًا لِظَنِّهِ الْكَمَالَ وَأَمَّا لَوْ أَفْطَرَ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ كَمَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا (ص) وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ (ش) أَيْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْقَطِعُ بِسَبَبِ فِطْرِ نِسْيَانٍ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ وَطْءِ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَأَمَّا وَطْءُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَلَوْ نَاسِيًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَقَوْلُهُ وَنِسْيَانٍ أَيْ وَضُمَّ لِمَا لَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَتَابُعٌ النِّسْيَانُ فَالْعَطْفُ يُسَمَّى بِالْعَطْفِ التَّلْقِينِيِّ.

(ص) وَبِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ لَا جَهْلَهُ وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ أَوْ يُفْطِرُهُنَّ وَيَبْنِي تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارٍ عَلَيْهِ مُتَعَمِّدًا لِصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ صَوْمَهُ لِعَدَمِ تَتَابُعِهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَتَابُعِ الصَّوْمِ وَأَمَّا لَوْ صَادَفَ الْعِيدَ فِي شَهْرَيْ ظِهَارِهِ جَاهِلًا لِلْعَدَدِ أَوْ غَافِلًا عَنْ أَنَّ زَمَنَ صَوْمِ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ وَيُجْزِئُهُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْإِجْزَاءِ مَعَ الْجَهْلِ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَامَ الْعِيدَ وَالْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ قَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصِيَامِهِ وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَصُمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَلْيَسْتَأْنِفْ شَهْرَيْ ظِهَارِهِ وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ الْإِجْزَاءُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَقَيَّدُ بِصَوْمِ أَيَّامِ النَّحْرِ الثَّلَاثَةِ بَلْ يَبْنِي قَضَاءَهُنَّ مُتَّصِلًا أَمْسَكَ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ أَمْ لَا وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ جَهْلُ كَوْنِ الْعِيدِ يَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ لَا جَهْلُ حُكْمِهِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ التَّتَابُعَ وَمَشَى أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْلِ جَهْلُ الْحُكْمِ وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ يَكُونُ جَهْلُ الْعَيْنِ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ وَالْمُرَادُ بِالصَّوْمِ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ ظَاهِرًا لِأَنَّ صَوْمَ هَذِهِ الْأَيَّامِ حَرَامٌ وَالْمُحَرَّمُ لَا يَنْعَقِدُ وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَصُومُ وَيُجْزِئُهُ فَإِنَّ فِطْرَهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اتِّفَاقًا (ص) وَجَهْلُ رَمَضَانَ كَالْعِيدِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) أَيْ وَحُكْمُ جَهْلِ رَمَضَانَ كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ وَرَمَضَانَ شَعْبَانُ كَالْجَهْلِ بِالْعِيدِ فِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ شَعْبَانُ وَرَمَضَانُ عَلَى فَرْضِهِمَا وَيَصُومُ شَوَّالًا مُتَّصِلَةً وَيُلْغِي يَوْمَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِمُنَاسَبَةِ وُجُوبِ تَتَابُعِهِ) لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ يُقَابِلُهُ التَّتَابُعُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَرَضٍ هَاجَهُ) الصِّفَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَجَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ اللَّبْسَ مَأْمُونٌ (قَوْلُهُ: حَرَّكَهُ السَّفَرُ) أَيْ وَلَوْ وَهْمًا فَقَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ أَيْ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى قَوْلِهِ " وَأَمَّا إلَخْ " لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْبِنَاءُ وَإِنْ هَاجَهُ السَّفَرُ لِأَنَّ السَّفَرَ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ هَاجَ بِنَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ تَحَرَّكَ الْمَرَضُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَيَجَانٌ أَصْلًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا قَبْلَ السَّفَرِ مَرَضًا يُجَوِّزُ الْفِطْرَ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ) أَيْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهَا نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَأَمَّا مِنْهَا فَيَنْقَطِعُ بِهِ تَتَابُعُهُ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا (قَوْلُهُ: فَهَذَا يُسَمَّى بِالْعَطْفِ التَّلْقِينِيِّ) كَأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَقَّنَ الْمُتَكَلِّمَ ذَلِكَ الْمَعْطُوفَ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يُفْطِرُهُنَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِالْفِطْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَأْمُورٌ بِصَوْمِهِمَا عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَوْمُ الْجَمِيعِ يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ

(قَوْلُهُ: جَاهِلًا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غَافِلًا أَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ عِنْدَهُ غَفْلَةٌ عَنْ الْعَدِّ بَلْ عَدَّ إلَّا أَنَّهُ جَهِلَ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ الْقَعْدَةُ إلَّا أَنَّهُ غَفَلَ عَنْ كَوْنِ الْعِيدِ يَأْتِي فِي الصِّيَامِ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ قَضَاهَا مُتَّصِلَةً) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا الْأَوَّلَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَبْنِي قَضَاءَهُنَّ) أَيْ بَلْ يَبْنِي فِي حَالِ كَوْنِهِ قَدْ قَضَاهُنَّ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: لَا جَهْلُ حُكْمِهِ) الْحُكْمُ هُوَ كَوْنُ الْعِيدِ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ اشْتَمَلَ الرَّابِعَ (قَوْلُهُ: وَجَهْلُ رَمَضَانَ كَالْعِيدِ إِلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَهْلُ ذَاتِ الشَّهْرِ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ أَوْ جَهْلُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ جَهْلَ رَمَضَانَ لَيْسَ كَالْعِيدِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ.

ص: 118

الْعِيدِ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يَكْفِي وَيَقْضِيهِ وَيَبْنِي لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَهَلْ إنْ صَامَهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ لِأَنَّهُ هُنَا يَصُومُهُ عَنْ فَرْضِهِ قَطْعًا أَمَّا لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَجْزِهِ سَوَاءٌ صَامَهُ عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ شَرِكَ فِيهِ فَرْضَهُ وَظِهَارَهُ.

(ص) وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِلْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِصِيَامِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَاطِعًا لِتَتَابُعِهِ وَسَوَاءٌ فَصَلَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَيَبْتَدِئُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَعْذُرُوهُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِيمَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَلَمْ يَغْسِلْهُ حِينَ ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّهَارَةَ نَسِيَ ذَلِكَ أَوْ تَعَمَّدَهُ بِخِلَافِ نَاسِي النَّجَاسَةِ ثُمَّ رَآهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسِيَ غَسْلَهَا حَتَّى دَخَلَ فِيهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى صَلَّى أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ لِخِفَّةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إذْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِ إزَالَتِهَا بِخِلَافِ الْمُوَالَاةِ وَتَقَدَّمَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اغْتِفَارُ النِّسْيَانِ الثَّانِي فِي الْمُوَالَاةِ أَيْضًا فِيمَنْ صَلَّى الْخَمْسَ كُلًّا بِوُضُوءٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ وُضُوءٍ مِنْهَا شَيْئًا وَقَوْلُهُ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَيْ بِمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَمَّا إذَا فَصَلَ بِمَا لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَيَوْمِ الْعِيدِ (ص) وَشُهِّرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ (ش) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ " وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِهَا فَمَا شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الذَّبَائِحِ وَشَهَّرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ.

(ص) فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّسْيَانَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَفْطَرَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ نَاسِيًا وَلَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُمَا هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ آخِرِ الْأُولَى وَالْآخَرُ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِاجْتِمَاعِهِمَا فَإِنَّهُ يَصُومُهُمَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى إكْمَالِهَا وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا قَضَاءُ شَهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْأُولَى أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ (ص) وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا صَامَهُمَا وَالْأَرْبَعَةَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اجْتِمَاعَ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ الْمَذْكُورِ مِنْ افْتِرَاقِهِمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُهُمَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا صَوْمُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْيَوْمَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّى الْخَمْسَ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْخَمْسَ كُلًّا بِوُضُوءٍ ثُمَّ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ وَاحِدٍ فَذَهَبَ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَنَسِيَ وَصَلَّى الْخَمْسَ ثَانِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَقَطْ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَلَلُ فِي وَاحِدٍ مِنْ وُضُوآتِ غَيْرِ الْعِشَاءِ، وَوُضُوءُ الْعِشَاءِ صَحِيحٌ فَقَدْ صَلَّاهَا ثَانِيًا بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ الْخَلَلُ فِي وُضُوءِ الْعِشَاءِ فَقَدْ مَسَحَ الرَّأْسَ فِيهِ وَصَلَّاهُ فَظَهَرَ اغْتِفَارُ النِّسْيَانِ الثَّانِي بِالنَّظَرِ لِلْعِشَاءِ وَلَوْ لَمْ يُغْتَفَرْ لَمَا سَاغَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِمَسْحِ رَأْسِهِ فَقَطْ وَيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَشُهِّرَ أَيْضًا " مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ غَيْرَ نِسْيَانٍ وَشُهِّرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَطْعِ لَا بِفَصْلِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ هُنَا قَوْلًا شُهِّرَ بِأَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا إلَخْ) بَلْ مِثْلُهُ فِي أَنَّ التَّشْهِيرَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالتَّشْهِيرَ الثَّانِيَ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لَعَلَّ هَذَا فِيمَا يَنْوِي كُلَّ لَيْلَةٍ وَإِلَّا صَامَ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ لِأَنَّ تَتَابُعَهُ انْقَطَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ ذَكَرَ جَدُّ عج عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِكَمَرَضٍ أَنَّ نِسْيَانَهُ أَيْ التَّتَابُعِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لَا عَلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَذَلِكَ لِأَنَّ صِيَامَ الْيَوْمَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِتَتْمِيمِ الثَّانِيَةِ قَطْعًا وَظَاهِرُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ احْتَمَلَ كَوْنَ الْيَوْمَيْنِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَضَاءُ الشَّهْرَيْنِ إلَّا عَنْ الْأَوَّلِ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ الثَّانِيَةِ بَلْ مِنْ الْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْيَوْمَانِ لِتَتْمِيمِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْأُولَى لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنْ لَا يَقْطَعَ التَّتَابُعَ لَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَانِ مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ آخِرِهَا لَا يَكْفِي الْيَوْمَانِ أَنْ يَكُونَا مُتَمِّمَيْنِ لِلثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ) أَيْ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهَا أَوْ آخِرِهَا لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ بِالْفِطْرِ نَاسِيًا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عب يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا حَيْثُ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرَّعَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ أَيْ الْفِطْرُ فِيهِ نَاسِيًا لَا يُبْطِلُهُ فَلِذَا صَامَ الْيَوْمَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ فَلِذَا قَضَى الشَّهْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَصُومُ شَهْرَيْنِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَلَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ آخِرِهَا وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ آخِرِهَا فَظَهَرَ أَنَّ صِيَامَ الْأَرْبَعَةِ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِصَوْمِ الْيَوْمَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ يَصُومُ الْأَرْبَعَةَ فَظَهَرَتْ الرَّكَّةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ إلَخْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ

ص: 119

الْمَذْكُورَيْنِ، وَالتَّفْرِيقُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ التَّفْرِيعَ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَطْعِ النِّسْيَانِ وَهُوَ أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ مُفْتَرِقَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ وَيَقْضِي شَهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى وَقَدْ بَطَلَتْ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ لِلْفَصْلِ.

(ص) ثُمَّ تَمْلِيكُ سِتِّينَ مِسْكِينًا (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَشَرْطُهُ الْعَجْزُ عَنْ الصِّيَامِ بِيَأْسٍ أَوْ شَكٍّ عَلَى مَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] يَدْفَعُ الْمُظَاهِرُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَثُلُثَيْ مُدٍّ بِمُدِّ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام فَلَوْ دَفَعَ الْكَفَّارَةَ لِأَقَلَّ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ فَلَا تُجْزِئُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إذَا أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَقَدْ سَدَّ خَلَّةَ سِتِّينَ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ حَاجَةَ سِتِّينَ مُحَقَّقَةٌ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَاحِدُ فِي سِتِّينَ يَوْمًا، وَلِمَا يُتَوَقَّعُ فِي الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَمُصَادَفَةِ وَلِيٍّ وَلَوْ تَنَاهَبَهَا الْمَسَاكِينُ ابْتَدَأَهَا إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ وَإِلَّا بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وَكَمَّلَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَسَاكِينِ أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا لَا عَبِيدًا لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِسَادَاتِهِمْ لِجَبْرِهِمْ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ تَبْتِيلِ عِتْقِ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ لِيَصِيرَ مِنْ أَهْلِهَا مُسْلِمِينَ حَمْلًا عَلَى الزَّكَاةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بُرًّا وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ فَعِدْلُهُ (ش) الْبُرُّ هُوَ الْمُخْرَجُ مِنْهُ بِالْأَصَالَةِ فَإِنْ كَانَ قُوتُهُمْ غَيْرَهُ تَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَهُوَ الشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالذُّرَةُ وَالْأَرُزُّ وَالدُّخْنُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهُ بِعِدْلِ مُدِّ هِشَامٍ أَيْ بِعِدْلِ شِبَعِ مُدِّ هِشَامٍ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ: إذَا شَبِعَ الرَّجُلُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا فَيُقَالُ كَذَا فَيُخْرِجُ ذَلِكَ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ: الْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ زَادَ عَلَى مُدِّ هِشَامٍ أَوْ نَقَصَ نَقَلَهُ عَنْهُمَا حُلُولُو فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي مِثْلُهُ مَكِيلَةُ الْقَمْحِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَلَا يُجْزِئُ عَرَضٌ وَلَا ثَمَنٌ فِيهِ وَفَاءُ الْقِيمَةِ وَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى إجْزَاءِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُرَدُّ بِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِي الْكَفَّارَةِ بِقَدْرِ الْمُعْطَى وَعَدَدِ آخِذِيهِ انْتَهَى.

وَإِنْ أَعْطَى الدَّقِيقَ بِرِيعِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا قَالَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَمَا بَيَّنَّا وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا صَامَهُمَا وَالْأَرْبَعَةَ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَيْنِ فِي جَمِيعِ الصَّوْمِ وَيَقْضِي شَهْرَيْنِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ قَطْعِ النِّسْيَانِ) أَيْ بِعَدَمِ قَطْعِ الْفِطْرِ نِسْيَانًا التَّتَابُعَ.

(قَوْله تَمْلِيكُ) عَبَّرَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي الْآيَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ الْوَاجِبُ التَّمْلِيكُ قِيَاسًا عَلَى الْكِسْوَةِ فَلَوْ أَعَارَهُمْ الثِّيَابَ لَمْ يَجْزِهِ (قَوْلُهُ: مِسْكِينًا) أَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْفَقِيرَ لِأَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا وَإِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ الْحَاجَةِ لَا يُسَلَّمُ بَلْ الْمَقْصُودُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْآيَةِ سَدُّ خَلَّةِ سِتِّينَ إنْسَانًا مِسْكِينًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي الْأَخْذِ فَلَا يُكَمِّلُ لِوَاحِدٍ مُدًّا كَامِلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وَكَمَّلَ) لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنَّ مَعَ وَاحِدٍ مُدًّا كَامِلًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِنْفَاقِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَامٌّ، وَقَوْلُهُ " أَوْ الْبَيْعِ " أَيْ فِيمَنْ لَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ تَبْتِيلٍ " أَيْ تَنْجِيزٍ (قَوْلُهُ: أَحْرَارًا) بِالْجَرِّ صِفَةُ سِتِّينَ وَبِالنَّصْبِ صِفَةُ مِسْكِينًا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَسَاكِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا إلَخْ) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ أَوْ جُلُّهُمْ أَفْرَدَ التَّمْرَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هُوَ الْأَصْلَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَلَا يَدْفَعُ عِدْلَ الْبُرِّ وَقَوْلُهُ أَوْ مُخْرَجًا إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ جَائِزٌ كَعَكْسِهِ عَلَى مَا فِي الدَّمَامِينِيِّ وَيَمْتَنِعُ عَلَى مَا فِي خَالِدٍ عَلَى التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ فَقَالَ أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ غَيْرَ التَّمْرِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) وَهُوَ الْبُرُّ وَالتَّمْرُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أَرَدْنَا بِهِ التَّمْرَ وَالْبُرَّ فَيَكُونُ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْمُخْرَجِ فِي الْفِطْرِ مُطْلَقًا بِدُونِ نَظَرٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَوْ اُقْتِيتَ غَيْرُ هَذِهِ كَاللَّحْمِ وَالْقَطَّانِيِّ أَجْزَأَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ قَالَهُ تت وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي الْمُخْرَجِ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ مَا يَغْلِبُ اقْتِيَاتُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اُقْتِيتَ مِنْ غَيْرِهَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ التِّسْعَةِ وَهُوَ خِلَافُ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِعِدْلِ شِبَعٍ) أَيْ لَا كَيْلًا خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ: مُدِّ هِشَامٍ) هُوَ هِشَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ نَقَلَهُ مُحَشِّي تت وَفِي عب هِشَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ نَقَلَهُ عَنْ الْغِرْيَانِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَفِي شَرْحِ شب هُوَ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُدُّ هِشَامٍ مُدٌّ وَثُلُثَا مُدٍّ بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا) وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِمَحَلِّ الْإِخْرَاجِ فَإِذَا ظَاهَرَ شَخْصٌ بِالْمَدِينَةِ وَكَفَّرَ بِمِصْرَ مَثَلًا بِغَيْرِ بُرٍّ وَكَانَ مَا يَعْدِلُ الْبُرَّ مِمَّا أَخْرَجَ بِمِصْرَ يَزِيدُ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ لَوْ أَخْرَجَ بِالْمَدِينَةٍ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ مَحَلَّ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَاجِيُّ) مُقَابِلٌ لِاعْتِبَارِ الشِّبَعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: ثَمَنٌ فِيهِ وَفَاءُ الْقِيمَةِ) الْأَوْلَى وَلَا الْقِيمَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ هُنَاكَ قِيمَةً وَثَمَنًا مُخَالِطًا لَهَا فِيهِ وَفَاؤُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى إجْزَاءِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ) وَهِيَ لَا تُجْزِئُ فِيهَا الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ التَّخْرِيجُ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْمُعْطَى) أَيْ بِاعْتِبَارِ تَحْدِيدِ الْمُعْطَى بِكَوْنِهِ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ لَا أَزْيَدَ وَكَوْنِ الْآخِذِينَ سِتِّينَ أَيْ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَإِلَّا فَقَدْرُ الْمُعْطَى مُحَدَّدٌ فِي الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: بِرِيعِهِ) الرِّيعُ هُوَ الزَّائِدُ بَعْدَ طَحْنِهِ أَيْ بِرِيعِ أَصْلِهِ.

ص: 120

ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يُخَالِفُ فِي هَذَا ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (ص) وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَ السِّتِّينَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ غَدَاءً وَعَشَاءً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ مُدًّا بِالْهَاشِمِيِّ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) بِخِلَافِ الْيَمِينِ أَنْ " لَا أُحِبُّ " مَعْنَاهُ لَا يُجْزِئُ كَقَوْلِهِ فِيهَا وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءً وَعَشَاءً إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمَعْنَى " لَا أُحِبُّ " لَا يُجْزِئُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهَاشِمِيِّ.

(ص) وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ إنْ شَكَّ قَوْلَانِ فِيهَا وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَشْيَاخَ الْمَذْهَبِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْمُظَاهِرِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِالْإِطْعَامِ هَلْ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ لَا يُطْعِمَ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ حِينَ الْعَوْدَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِأَنْ كَانَ الْمُظَاهِرُ حِينَئِذٍ مَرِيضًا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ الْآنَ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ الشَّكِّ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ مُجَرَّدُ الشَّكِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِيَاسُ وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَذَهَبَ ابْنُ شَبْلُونَ إلَى بَقَاءِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ وَلَا تَوْفِيقٍ بَيْنَهُمَا وَذَهَبَ الْقَرَوِيُّونَ إلَى رَدِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَالتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الَّذِي أَيِسَ مِنْ الصَّوْمِ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَتَلَبَّسَ بِالْعَمَلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي يَكْتَفِي بِالشَّكِّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَلَا تَلَبَّسَ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ شَكَّ أَيْ أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ.

(ص) وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَكَالْيَمِينِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَدَدَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مُعْتَبَرٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ سِتُّونَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا أَطْعَمَ طَعَامَ السِّتِّينَ لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا بِأَنْ أَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ الْوَاجِبِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ لِسِتِّينَ مِنْهُمْ وَيَنْتَزِعَ مِنْ الْبَاقِينَ بِالْقُرْعَةِ إنْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ كَفَّارَةٌ وَبَقِيَ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَ طَعَامَ الْعَشَرَةِ الْمَسَاكِينِ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ حَيْثُ قَالَ: وَمُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعَ الْكَفَّارَةِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِنْ كَفَّارَتِي.

(ص) وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ (ش) أَيْ لَهُ وَلَهُ أَيْ وَلِلْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ الْإِطْعَامُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ وَلَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إمَّا بِفَرَاغِ عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ بِتَأْدِيَةِ خَرَاجِهِ أَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِيهِ وَالضَّمِيرُ فِي " إخْرَاجُهُ " لِلْقَدْرِ السَّابِقِ مِنْ الْإِطْعَامِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُحْتَاجُ إلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى " عَلَى "(ص) وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوْ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ أَوْ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمُ أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ فَقَطْ تَأْوِيلَاتٌ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا ظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) إشَارَةٌ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: كَفِدْيَةِ الْأَذَى) أَيْ كَمَا لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَمِينِ) أَيْ فَيُجْزِئُ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ فِيهَا وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) أَيْ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى (قَوْلُهُ: لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا إلَخْ) ابْنُ نَاجِي فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَنِي عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَإِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى الْعِلْمِ انْتَهَى فَلَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ بُلُوغِهِمَا الْمُدَّ وَثُلُثَيْهِ لَمْ يَجْزِيَا فَيَجُوزُ حَمْلُ لَا أُحِبُّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَيْثُ تَحَقَّقَ عَدَمُ بُلُوغِهِمَا الْمُدَّيْنِ كَذَا فِي عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا ابْنُ نَاجِي لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ عب أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ يُجْزِئُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَأَنَّ مُرَادَ ابْنِ نَاجِي أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَنَّ ظَنَّ بُلُوغِ الْمُدَّيْنِ يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: بِالْهَاشِمِيِّ صَوَابُهُ الْهِشَامِيُّ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِهِشَامٍ لَا لِهَاشِمٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَيِسَ) الْمُرَادُ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ شَكَّ) إلَّا إنْ تَوَهَّمَ وَأَوْلَى مِنْ الشَّكِّ إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ أَوْ أَيِسَ لَا إنْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِالْخِلَافِ تُؤُوِّلَتْ بِالْوِفَاقِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالتَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ) أَيْ وَيَكْفِي فِي انْتِقَالِهِ عَنْهُ إنْ شَكَّ فِي الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ وَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ أَوْ أَيِسَ لَا إنْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ) وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ إنْ شَكَّ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَيِسَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيَاسُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي هُنَا وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ إلَخْ أَيْ ثُلُثِ الْهَاشِمِيِّ أَوْ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعَ الْكَفَّارَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنْ بَيَّنَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيَانِ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا مُسْتَأْنَفًا بَيَانًا لِحُكْمٍ آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِمُطْلَقِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ لَا يَكْفِي بِأَنْ أَعْطَاهُ سَاكِتًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ الْقَوْلَانِ فَيُمْكِنُ جَرَيَانُهُمَا هُنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَهُ وَلَهُ) بِمَعْنَى لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ الصَّبْرُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَاجِزًا فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ وَعَلَيْهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى فَالشَّارِحُ يَقُولُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا قَرَّرْت لَك تَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ.

ص: 121

سَيِّدُهُ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطْعِمُ مَنْ قَدَرَ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ حَمَلَ جَوَابَ مَالِكٍ عَلَى الْوَهْمِ لِقَوْلِهِ مَا أَدْرِي مَا هَذَا وَلَا أَرَى جَوَابَ مَالِكٍ فِيهَا إلَّا وَهْمًا أَيْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ ظَنَّ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَأَجَابَ بِيَنْبَغِي لَا بِيَجِبُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لِلصَّوْمِ أَيْ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ أَنَّ " أَحَبُّ " مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَلِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ أَيْ إنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ فِي مَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ وَلِلْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ يُنْدَبُ لِلْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا أَيْضًا حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الصَّوْمُ وَلِلْأَبْهَرِيِّ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ عَلَى بَابِهَا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ لِكَمَرَضٍ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ ابْنُ بَشِيرٍ وَبَنَى ابْنُ مُحْرِزٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْقَادِرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ الِاعْتِذَارُ بِذَلِكَ وَإِلَى الْأَفْهَامِ الْخَمْسَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَأْوِيلَاتٌ وَلِابْنِ عَرَفَةَ فِيهَا بَحْثٌ وَتَحْرِيرٌ فِي عَزْوِهَا.

(ص) وَفِيهَا إنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ (ش) أَيْ ثِقَلٌ وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ إثْرَ الَّتِي قَبْلَهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ مَنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي فِي قَلْبِ الْإِمَامِ مِنْ جِهَةِ الْإِطْعَامِ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَوْ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ.

(ص) وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ (ش) بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ نَاوِيًا تَشْرِيَكَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكَمِّلَ لِكُلِّ مَنْ وَجَدَهُ مُدًّا وَهَلْ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا مَرَّ فَقَوْلُهُ " تَشْرِيكُ " أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ حَظَّ كُلِّ مِسْكِينٍ مَأْخُوذًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّشْرِيكَ وَقَعَ فِي الْإِطْعَامِ، وَالصِّيَامُ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ التَّشْرِيكَ وَقَعَ فِي جَمِيعِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَكَذَا حَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ التَّشْرِيكُ فِي بَعْضِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَتَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فَأَجَابَ بِيَنْبَغِي حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ حِكَايَةٌ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ ظَنَّ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ " وَهْمٌ " بِالسُّكُونِ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْغَلَطُ اللِّسَانِيُّ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْأَدَبِ لِأَنَّ الْغَلَطَ اللِّسَانِيَّ أَخَفُّ مِنْ الْغَلَطِ الْقَلْبِيِّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ ذَكَرَ هَذِهِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ إنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِيَصُومَ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ فِي حَلِّ التَّأْوِيلِ الرَّابِعِ مَا نَصُّهُ أَوْ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ فَالْأَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يُطْعِمَ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ بَلْ يَصْبِرُ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ الْآنَ لَعَلَّهُ يَأْذَنُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَجْزَأَهُ وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَجْزَأَهُ، وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ وَالصِّيَامُ أَبْيَنُ عِنْدِي فَلَمْ يَرَ مِلْكَهُ لِلْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ مِلْكًا مُتَقَرِّرًا انْتَهَى وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ الَّتِي ذَكَرَهَا شَارِحُنَا وَفِيهَا إنْ أَذِنَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ بِالْحَرْفِ وَفِيهَا " مَنْ حَمَلَ الْأُولَى " وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ " إنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ " (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا شَكَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَالُ حَمْلُ الْأَحَبِّيَّةِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ صَارَ الصَّوْمُ غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْهُ أَصْلًا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْأَحَبِّيَّةُ حِينَئِذٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ أَوْ يُشَكُّ فِي مِلْكِهِ وَقَوْلُهُ: عَلَى حَقِّهِ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ صَحِيحًا إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ فَسَادُ غَيْرِهِ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ (أَقُولُ) بَلْ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَيْ إمَّا لِلْجَزْمِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَوْ لِلشَّكِّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَيْفَ يَتَأَتَّى جَزْمٌ وَشَكٌّ فِي ذَلِكَ فِي آنٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ لِلْجَزْمِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ الشَّكِّ عَلَى قَوْلٍ بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ جَزَمَ وَبَعْضَهُمْ تَرَدَّدَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَعَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا التَّرَدُّدُ رُبَّمَا يُنْتِجُ وُجُوبَ الصَّوْمِ لَا أَحَبِّيَّتَهُ فَتَدَبَّرْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَ بِقَوْلِهِ إنَّمَا اُسْتُحْسِنَ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ الْإِطْعَامُ بِإِذْنِهِ بِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً وَعِبَارَةُ عب وَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ " هُنَا أَجْزَأَهُ " قَوْلَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ مَعَ إذْنِهِ لَهُ فِيهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ أَحَبَّ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَيُكَمِّلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا) أَيْ يُكَمِّلُ لِلسِّتِّينَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا وَيَنْتَزِعُ مِنْ الْبَاقِي بِالْقُرْعَةِ فَيُعْطِي نِصْفَ مُدٍّ تَمَامَ كَفَّارَةٍ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ تَمَامَ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ) فِيهِ أَنَّ التَّتَابُعَ مَوْجُودٌ.

ص: 122