المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الخلع وما يتعلق به] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٤

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ]

- ‌ أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْل الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ: طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[بَاب الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التوكيل فِي الطَّلَاق]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجْعَةُ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[بَاب الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ اللِّعَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابٌ الْعِدَّةَ]

- ‌[أَحْكَام الْإِحْدَادُ]

- ‌(فَصْلٌ)لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌ مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌[مَفَاهِيمِ قُيُودِ الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعَدَد]

- ‌[الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ]

- ‌[بَابٌ مَسَائِلُ الرَّضَاعِ]

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي نَفَقَة الرَّقِيق والدواب]

- ‌ الْحَضَانَةُ

- ‌[بَقَاءِ الْحَضَانَةِ مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِالْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَتْهُمْ فِي بَيْتٍ بِنَفَقَتِهِمْ وَخَادِمِهِمْ]

الفصل: ‌[فصل الخلع وما يتعلق به]

كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَنْبِطُ عِلْمَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِهِ فَإِذَا خَرَجَا عَنْ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْأَهْلِ أَجْزَأَ وَاحِدٌ قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَا مُوَلًّى عَلَيْهِمَا وَالتَّحْكِيمُ مِنْ قِبَلِ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِمَا فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ كَانَ الْمُقِيمُ لِلْوَاحِدِ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمَ وَكَانَ الْمُقَامُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا امْتَنَعَتْ إقَامَتُهُ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمِ اتِّفَاقًا وَسُئِلَ الْمُؤَلِّفُ لِمَ جَازَ هُنَا بِحُكْمِ وَاحِدٍ وَلَمْ يَجُزْ فِي تَحْكِيمِ الصَّيْدِ إلَّا اثْنَانِ وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِتَحْكِيمِ اثْنَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ وَهَذَا حَقٌّ لِلزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهُ.

(ص) وَلَهُمَا إنْ أَقَامَاهُمَا الْإِقْلَاعُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَيْنِ إذَا أَقَامَا حَكَمَيْنِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ وَيَعْزِلَا الْحَكَمَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ عَنْ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَمَّا إنْ اسْتَوْعَبَا الْكَشْفَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَعَرَفَا أَمْرَهُمَا وَعَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا يَحْكُمَانِ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمَا وَسَوَاءٌ رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَوْ رَجَعَا مَعًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَا بِالْبَقَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَمَّا إذَا رَجَعَا وَرَضِيَا بِالْإِصْلَاحِ وَالْبَقَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

(ص) وَإِنْ طَلَّقَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلَا طَلَاقَ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ اتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاخْتَلَفَا فِي الْعِوَضِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَعَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بِلَا عِوَضٍ فَإِنْ الْتَزَمَتْ الْمَرْأَةُ الْمَالَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَبَانَتْ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا وَعَادَ الْحَالُ كَمَا كَانَ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْحَاكِمِ الْوَاحِدِ وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ فَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ أَيْ فِي أَصْلِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ لَوَجَبَ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ وَكَذَا فِي صِفَتِهِ وَجِنْسِهِ كَذَا يَنْبَغِي، وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَى أَقَلِّهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) .

وَلَمَّا جَرَى فِي نُشُوزِ الزَّوْجَيْنِ ذِكْرُ الْخُلْعِ عَقَدَ لَهُ فَصْلًا عَقِبَهُ فَقَالَ:

(فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَمَعْنَاهُ الزَّوَالُ وَالْبَيْنُونَةُ يُقَالُ: خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ وَخَالَعَهَا إذَا افْتَدَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا وَأَبَانَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْفِرَاقُ خُلْعًا لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ النِّسَاءَ لِبَاسًا لِلرِّجَالِ وَالرِّجَالَ لِبَاسًا لَهُنَّ فَإِذَا افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ تُعْطِيهِ لِيُبِينَهَا مِنْهُ فَأَجَابَهَا إلَى ذَلِكَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَخَلَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِبَاسَ صَاحِبِهِ وَالطَّلَاقُ لُغَةً إزَالَةُ الْقَيْدِ كَيْفَ كَانَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي إرْسَالِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَزُولُ عَنْ الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ وَلِذَا تَقُولُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا امْتَنَعَتْ) أَيْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقَرَابَةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا لِلزَّوْجَيْنِ قَرَابَةً مُسْتَوِيَةً فَكَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَقْرَبَ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ بِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إلَخْ) وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ حَكَمَيْ الزَّوْجَيْنِ بِإِقَامَةِ الْقَاضِي وَحَكَمَيْ الصَّيْدِ بِإِقَامَةِ الْمَطْلُوبِ فَلَزِمَ تَعَدُّدُهُ لِتَنْتَفِيَ تُهْمَتُهُ وَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ فِي الزَّوْجَيْنِ لَهُ خَصْمٌ لَيْسَ هُوَ فِي الصَّيْدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُمَا إنْ أَقَامَاهُمَا إلَخْ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَقَامَاهُمَا أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَيْنِ الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ) مُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ إذَا حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْآخَرُ بِالْبَقَاءِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَا مَعًا بِمَالٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ) بَيَانُهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدَ بِالْمَالِ لَمَّا لَمْ تَلْتَزِمْ الْمَرْأَةُ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ الْمَالِ كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ حُكْمٌ أَصْلًا فَقَدْ انْتَفَى بَعْضُ الْمَجْمُوعِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَكَانَ خُلْعُ الْمِثْلِ ثَلَاثِينَ مَثَلًا فَاللَّازِمُ الْعِشْرُونَ وَإِذَا كَانَ خُلْعُ الْمِثْلِ ثَمَانِيَةً فَاللَّازِمُ عَشَرَةٌ.

[فَصْل الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(فَصْلٌ: الْخُلْعُ) وَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ الْقَابِلُ وَالْمُوجِبُ وَالْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَالصِّيغَةُ فَالْقَابِلُ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ، وَالْمُوجِبُ زَوْجٌ أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ، وَالْعِوَضُ الشَّيْءُ الْمُخَالَعُ بِهِ، وَالْمُعَوَّضُ بُضْعُ الزَّوْجَةِ، وَالصِّيغَةُ خَالَعْتُك (قَوْلُهُ: وَالْبَيْنُونَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: يُقَالُ خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى أَزَالَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا وَمَعْنَاهُ الْإِزَالَةُ وَالْإِبَانَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلشَّيْءِ بِأَثَرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا افْتَدَتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ الزَّوَالُ إلَخْ أَنْ يُقَالَ خَلَعَ امْرَأَتَهُ وَخَالَعَهَا إذَا أَزَالَهَا عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ) الْأَوْلَى أَبَانَهَا (قَوْلُهُ: لِبَاسَ صَاحِبِهِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ كَانَ) أَيْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ لِيفٍ أَوْ حِلْفٍ أَوْ جِلْدٍ حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ الْعِصْمَةُ فَلَا يُنَاسِبُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَمَا تَبَيَّنَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ أَيْ لُغَةً وَتَبِعَهُ الشَّرْعُ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ الْمَنْقُولَةِ وَقَوْلُهُ: فِي إرْسَالٍ أَيْ فِي إزَالَةٍ وَقَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ أَيْ حِسِّيٍّ أَيْ وَأَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ مَعْنَوِيٍّ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَاتَّضَحَ الْحَالُ وَهَذَا وَجْهُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ: هِيَ فِي حِبَالِك أَيْ مُقَيَّدَةٌ بِحِبَالِك أَيْ كَأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِحِبَالِك الْحِسِّيَّةِ أَوْ أَرَادَ بِهَا الْوِثَاقَ بِمَعْنَى الْعِصْمَةِ أَيْ أَرَادَ جِنْسَ الْحِبَالِ الْمُتَحَقِّقَ فِي وَاحِدٍ فَيَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مَجَازًا مَشْهُورًا.

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: إذَا كَانَ النَّعْتُ مُنْفَرِدًا بِهِ الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ لَمْ تَدْخُلْ الْهَاءُ نَحْوُ طَالِقٍ وَطَامِثٍ وَحَائِضٍ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِفَارِقٍ لِاخْتِصَاصِ الْأُنْثَى بِهِ انْتَهَى.

ص: 11

النَّاسُ: هِيَ فِي حِبَالِك إذَا كَانَتْ تَحْتَك وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْخُلْعَ مُقَدِّمًا ذِكْرَ حُكْمِهِ (ص) جَازَ الْخُلْعُ (ش) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِتَعْرِيفِ الطَّلَاقِ الصَّادِقِ بِالْخُلْعِ وَغَيْرِهِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبًا تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ فَقَوْلُهُ " مُوجِبًا " بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ إمَّا مِنْ ضَمِيرِ " تَرْفَعُ " أَوْ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِلصِّفَةِ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ (ص) وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (ش) وَهَذَا التَّعْرِيفُ مُعْتَرَضٌ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّهُ خُلْعٌ أَيْضًا مَعَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ أَوْ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ نَوْعَيْ الْخُلْعِ، وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا، وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ بِعِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِ " جَازَ " لَا بِالطَّلَاقِ أَيْ وَجَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ، وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ فَسْخٌ.

(ص) وَبِلَا حَاكِمٍ (ش) الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ حَالٌ مِنْ الْخُلْعِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِعِوَضٍ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُلْعًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِعِوَضٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(ص) وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ مِنْهَا أَيْ جَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَا وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَغْنَى عَنْهُ عُمُومُ قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) عَلَى أَنَّ شَرْطَ دَافِعِ الْعِوَضِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ أَيْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ انْتَهَى وَهُوَ الْعِصْمَةُ.

(ص) لَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَسَفِيهَةٍ وَذِي رِقٍّ وَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَالسَّفِيهَةَ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا أَمْ لَا وَمَنْ فِيهَا بَعْضُ رِقٍّ إذَا خَالَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ زَوْجَهَا الرَّشِيدَ عَلَى عِوَضٍ دَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَرُدُّ الْعِوَضَ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجَةِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَوْ رَاجَعَهَا فِي إحْدَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَظُنُّ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ أَوْ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَاهُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَيَكُونُ الْوَطْءُ وَطْءَ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ رَجْعِيًّا انْتَهَى وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُحِلُّ الْحَرَامَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ " وَذِي رِقٍّ " أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ دُونَ إذْنِهِ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا تُتْبَعْ إنْ عَتَقَتْ وَبَانَتْ وَهَذَا فِيمَنْ يُنْتَزَعُ مَالُهَا أَمَّا غَيْرُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: مُقَدِّمًا ذِكْرَ حُكْمِهِ) أَيْ عَلَى تَعْرِيفِهِ الَّذِي هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَصَوَّرَهُ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ حَكَمَ قَبْلَ التَّصَوُّرِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْجَائِزُ يَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ فَلَيْسَ فِيهِ رَدٌّ لِأَنَّا نَقُولُ الْجَائِزُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْأُصُولِ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَائِزِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَائِزُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ هُوَ الَّذِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمِيَّةٌ أَيْ لَا حِسِّيَّةٌ أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ هُوَ التَّلَفُّظَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَلَا اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ بَلْ صِفَةٌ تَنْشَأُ عَنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ هِيَ إرْسَالُ الْعِصْمَةِ الْمُشَارِ لَهَا أَوْ لَا؟ قُلْت لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَوْلُهُ: مُوجِبًا تَكَرُّرُهَا أَيْ تَكَرُّرُ مَا نَشَأَتْ عَنْهُ الَّذِي هُوَ التَّلَفُّظُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: تَكَرُّرُهَا) فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ مُوجِبًا وَقَوْلُهُ: حُرْمَتَهَا إلَخْ مَفْعُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: جَرَتْ عَلَى غَيْرِ إلَخْ) لِأَنَّ " تَكَرُّرُهَا " فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ مُوجِبًا (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ) نَبَّهَ بِقَوْلِهِ بِعِوَضٍ عَلَى أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ لَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ لَا عَطِيَّةٌ فَلَوْ أَحَالَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ فَمَاتَتْ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَالتَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ (قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا وَفِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّعْرِيفَ اللَّفْظِيَّ هُوَ التَّعْرِيفُ بِالْمُرَادِفِ فَلَا يُعْقَلُ فِيهِ عَدَمُ جَمْعٍ الثَّانِي أَنَّ التَّعْرِيفَ اللَّفْظِيَّ مِنْ قَبِيلِ الرَّسْمِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا مَانِعًا (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا) لَا تَظْهَرُ الْبَدَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ قَصْدُهُ التَّعْرِيفَ بَلْ مَا قَصَدَ إلَّا الرَّدَّ.

(أَقُولُ) : وَحِينَئِذٍ فَكَانَ قَوْلُهُ: وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ قَصَدَ الْأَجْنَبِيُّ بِدَفْعِ الْعِوَضِ صَيْرُورَةَ الطَّلَاقِ بَائِنًا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ طَلَاقٌ.

(قَوْلُهُ: وَبِلَا حَاكِمٍ) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ مَظِنَّةُ الْجَوْرِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْطُوفُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَيُعْتَرَضُ (قَوْلُهُ: بَاذِلُ الْخُلْعِ) أَيْ مُعْطِي الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ فَأَطْلَقَ الْخُلْعَ عَلَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَاذِلُ مَالِ الْخُلْعِ أَيْ الَّذِي هُوَ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عِوَضُهُ مَالًا لَمْ تَتَوَقَّفْ الصِّحَّةُ عَلَى صِحَّةٍ مَعْرُوفِهِ كَصِحَّةِ بَيْعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا.

(قَوْلُهُ: وَسَفِيهَةٍ) أَيْ مُهْمَلَةٍ أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا جَازَ وَصَحَّ (قَوْلُهُ: مُوَلًّى عَلَيْهَا) أَيْ كَانَ لَهَا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُقَدَّمُ قَاضٍ وَقَوْلُهُ " أَمْ لَا " أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُهْمَلَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا) لَيْسَ هَذَا مَدْلُولَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَدْلُولُهُ لَا مِنْ صَغِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُقَلِّدًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّقْلِيدَ جَائِزٌ قَالُوا وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي لَا يَرَى ذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْظُرُ لِتَقْلِيدِهِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَأَمَّا إذَا رُفِعَ لِحَاكِمٍ لَا يَرَى ذَلِكَ فَيَحْكُمُ بِذَلِكَ وَلَا يَلْتَفِتُ لِتَقْلِيدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى ضَعْفِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا وَسَيَأْتِي تَوْجِيهُهُ بِمَا يُفِيدُ عَدَمَ ضَعْفِهِ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا أُحِلُّ حَرَامًا مِمَّا

ص: 12

فِي مَرَضِ السَّيِّدِ إذَا خَالَعَا وُقِفَ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ صَحَّ الْخُلْعُ وَإِنْ صَحَّ بَطَلَ وَرُدَّ الْمَالُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا خَالَعَتْ بِالْكَثِيرِ فَيُرَدُّ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعَجْزِهَا.

(ص) وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ خُلْعَ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الْمُجْبَرَةِ مِنْ مَالِهَا - وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا - جَائِزٌ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ مِنْ الْمُجْبِرِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَدْخُلَ الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (بِخِلَافِ الْوَصِيِّ) أَيْ غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَمَّنْ تَحْتَ إيصَائِهِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَكَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ (ص) وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا خَالَعَ عَنْ ابْنَتِهِ الْبَالِغِ الثَّيِّبِ السَّفِيهَةِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ.

(ص) وَبِالْغَرَرِ كَجَنِينٍ وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ وَلَهُ الْوَسَطُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهَا وَمِثْلُهُ الْآبِقُ وَالشَّارِدُ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَبِحَيَوَانٍ وَعَرْضٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا الْوَسَطُ مِنْ جِنْسِ مَا وَقَعَتْ الْمُخَالَعَةُ بِهِ لَا مِنْ وَسَطِ مَا يُخَالِعُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ حَالُ الْمَرْأَةِ وَإِذَا انْفَشَّ الْحَمْلُ الَّذِي وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِذَلِكَ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ.

(ص) وَعَلَى نَفَقَةِ حَمْلٍ إنْ كَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا عَلَى أَنْ تُنْفِقَ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا إنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ أَعْسَرَتْ أَنْفَقَ هُوَ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ إنْ أَيْسَرَتْ فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ وَأَوْلَى الْحَمْلُ الظَّاهِرُ.

(ص) وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا (ش) أَيْ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا لِلْأَبِ وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ فِيهَا لِلْأَبِ وَهَذَا دَلِيلٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْجَارِيَيْنِ فِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْحَضَانَةِ إلَى مَنْ هُوَ فِي ثَالِثِ دَرَجَةٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي الْقِيَامُ لِأَنَّ الْأَبَ الْمُسْقِطَ لَهُ قَامَ مَقَامَ الْأُمِّ الْمُسْقِطَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا قِيَامَ لِمَنْ بَعْدَهَا مَعَ وُجُودِهَا فَلَا كَلَامَ لَهُ مَعَ مَنْ قَامَ مَقَامَهَا وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا (ص) وَمَعَ الْبَيْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْخُلْعِ مَعَ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ مَعَ النِّكَاحِ لِتَنَافِي الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ لِبِنَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالثَّانِي عَلَى الْمُسَامَحَةِ.

(ص) .

ــ

[حاشية العدوي]

كَانَ ظَاهِرُهُ جَائِزًا وَبَاطِنُهُ مَمْنُوعٌ كَمَنْ حَكَمَ بِإِقَامَةِ شَاهِدَيْ زُورٍ.

(قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْمَالُ إلَخْ) مَا لَمْ يَقُلْ مُخَالِعُ الصَّغِيرَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ أَوْ ذَاتِ الرِّقِّ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَبْرَأْت كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُجِزْ الْوَلِيُّ وَالسَّيِّدُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ اللَّفْظَ لِرَشِيدَةٍ فَقَالَتْ لَهُ أَبْرَأَك اللَّهُ أَوْ أَبْرَأْتُك تَمَّ الْخُلْعُ وَبَرِئَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَهَا عَلَيْهِ أَشَارَ لِهَذَا عج فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا خَالَعَتْ بِكَثِيرٍ) وَأَمَّا لَوْ خَالَعَتْ بِيَسِيرٍ فَإِنَّهُ يُوقَفُ مَا خَالَعَتْ بِهِ فَإِنْ عَجَزَتْ بَطَلَ وَإِنْ أَدَّتْ صَحَّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ذَاتَ الرِّقِّ إذَا خَالَعَتْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا مَضَى الْخُلْعُ إلَّا الْمُكَاتَبَةَ بِالْكَثِيرِ فَإِنَّ إذْنَهُ لَهَا بِالْمُخَالَعَةِ كَالْعَدَمِ فَيَرُدُّ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَإِنْ خَالَعَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ كَانَ يَنْزِعُ مَالَهَا كَالْقِنِّ الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ فِيهِمَا وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا الْمُخَالَعَةُ وَبَطَلَ الْخُلْعُ وَإِذَا كَانَ لَا يَنْزِعُ مَالَهَا فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً لِأَجَلٍ وَقَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً فَلَا كَلَامَ لِلسَّيِّدِ فِيمَا فَعَلَاهُ.

وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرَةً وَمَرِضَ سَيِّدُهُمَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِهِ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ صَحَّ الْخُلْعُ لَكِنْ فِي الْمُدَبَّرَةِ إنْ خَرَجَتْ حُرَّةً وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ فَلَهُ رَدُّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً فَإِذَا كَانَ مَا خَالَعَتْ بِهِ يَسِيرًا وُقِفَ مَا فَعَلَتْهُ أَيْضًا فَإِنْ أَدَّتْ مَضَى فِعْلُهَا وَإِنْ عَجَزَتْ فَلِلسَّيِّدِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَهَا رَدُّهُ أَيْ فَيَجِبُ رَدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَيِّدَهَا كَذَلِكَ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهَا فِي التِّجَارَةِ فَلَيْسَ لَهَا خُلْعٌ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِشْرَافِ مِنْ أَنَّ إذْنَهَا فِي التِّجَارَةِ إذْنٌ لَهَا فِي الْخُلْعِ وَلَا يَضْمَنُ سَيِّدٌ بِإِذْنٍ فِي خُلْعٍ، وَالْإِشْرَافُ كِتَابٌ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ أَشْرَفَ بِهِ عَلَى مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ مِمَّنْ ذُكِرَ وَلَمْ يَطَّلِعْ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَرُبَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَمَرِضَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْخُلْعِ أَوْ وَقْتُ الِاطِّلَاعِ أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ: عَنْ الْمُجْبَرَةِ) أَيْ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجٍ يُجْبِرُهَا فَيُخَالِعُ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي خُلْعِهَا مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ لَهَا هِيَ فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِضَرَرِ ذَاتِهَا وَلَوَازِمِ عِصْمَتِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا) أَيْ وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ كَانَ مِنْ مَالِهَا بِإِذْنِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِإِذْنِهَا كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ اُنْظُرْ مُحَشِّيَ تت.

(قَوْلُهُ: كَجَنِينٍ) فَإِذَا أَعْتَقَ الزَّوْجُ الْجَنِينَ الْمُخَالَعَ بِهِ شَرْعًا صَارَ حُرًّا بِبَطْنِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ) وَيَدْخُلُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْوَسَطُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْفَشَّ الْحَمْلُ) أَيْ أَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَيْ وَالْجَنِينُ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهَا.

(قَوْلُهُ: أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ نَفَقَةَ الْحَمْلِ أَيْ نَفَقَةَ أُمِّ الْحَمْلِ.

(قَوْلُهُ: وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا) مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ ضَرَرًا مَا بِعُلُوقِ قَلْبِهِ بِأُمِّهِ أَوْ لِأَنَّ مَكَانَ الْأَبِ غَيْرُ حَصِينٍ فَلَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْأَبُ عَلَى صِفَةِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَهَلْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ تَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهَا لِإِسْقَاطِ الْأُمِّ حَقَّهَا (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْحَقَّ لِمَنْ يَلِي الْأُمَّ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ لِلْأَبِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَقٌّ لِلْأُمِّ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا هُنَا نَعَمْ يُشْكِلُ إذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ لَهُ وَلَدَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَتَى بِهِ تَقْوِيَةً لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْجَارِيَيْنِ فِيمَنْ تَرَكَ حَقَّهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ هُنَا إلَّا أَنَّك

ص: 13

وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ مَعَهُ نِصْفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى عَبْدِهَا الْآبِقِ وَدَفَعَ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ أَلْفًا فَالْعَبْدُ الْآبِقُ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَلْفِ الْمَذْكُورَةِ فَمَا قَابَلَ الْعِصْمَةَ فَهُوَ خُلْعٌ صَحِيحٌ وَمَا قَابَلَ الْأَلْفَ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَتَرُدُّ الزَّوْجَةُ الْأَلْفَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَقَوْلُهُ " وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ " وَنَحْوِهِ مِنْ صُوَرِ الْغَرَرِ وَلَامُهُ لِلْعِلَّةِ " مَعَهُ " أَيْ مَعَ الْمَبِيعِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَهُوَ الْأَلْفُ فِي الْمِثَالِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ مِنْ الزَّوْجِ لَهَا بِنِصْفِ الْآبِقِ فَتَرُدُّهَا وَتَرُدُّ نِصْفَهُ أَيْ نِصْفَ الْآبِقِ مِنْ يَدِ الزَّوْجِ إلَيْهَا فَهِيَ تَرُدُّ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِهَا لِزَوْجِهَا وَتَرُدُّ نِصْفَ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ زَوْجِهَا إلَيْهَا فَيَتِمُّ لِلزَّوْجِ الْأَلْفُ وَهِيَ مَالُهُ وَنِصْفُ الْعَبْدِ فِي الْعِصْمَةِ وَيَبْقَى لَهَا نِصْفُهُ وَلَوْ قَالَ " وَرَدَّ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ بِيعَ نِصْفُهُ " لَكَانَ أَوْضَحَ.

(ص) وَعُجِّلَ الْمُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ لَكِنْ أَجَّلَتْهُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ وَتَدْفَعُهُ لِلزَّوْجِ الْآنَ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَدْفَعَ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ يَوْمَ الْخُلْعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ - الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ - أَنَّ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ حَلَالٌ، وَكَوْنُهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ فَيَبْطُلُ الْحَرَامُ وَيُعَجَّلُ الْمَالُ وَوَجْهُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْبَاءُ فِي بِقِيمَتِهِ بِمَعْنَى " عَلَى " أَيْ عَلَى تَعْجِيلِ قِيمَتِهِ.

(ص) وَرَدَّتْ دَرَاهِمَ رَدِيئَةً إلَّا لِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا رَدِيئَةٌ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُبْدِلَهَا عَلَيْهَا كَالْبَيْعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الرَّدِيءَ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ أَوْ قَالَتْ لَا أَعْرِفُ الدَّرَاهِمَ إنْ كَانَتْ زُيُوفًا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ " وَرَدَّ رَدِيءَ مُخَالَعٍ بِهِ " لَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا.

(ص) وَقِيمَةَ كَعَبْدٍ اُسْتُحِقَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى عَبْدٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ وَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهَا قِيمَتَهُ أَمَّا إنْ عَلِمَتْ دُونَهُ فَهُوَ قَوْلُهُ لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ أَيْ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَإِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ، عَلِمَتْ مَعَهُ أَوْ لَا فَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ.

(ص) وَالْحَرَامَ كَخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ وَإِنْ بَعْضًا وَلَا شَيْءَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخُلْعَ إذَا وَقَعَ بِشَيْءٍ حَرَامٍ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرْمَتُهُ أَصْلِيَّةً - كَخَمْرٍ كَانَ كُلُّهُ حَرَامًا أَوْ بَعْضُهُ كَخِنْزِيرٍ وَثَوْبٍ -، أَوْ عَارِضَةً كَأُمِّ وَلَدٍ وَمَغْصُوبٍ فَإِنَّ الْخُلْعَ يَنْفُذُ وَيَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا وَيُرَدُّ الْمَغْصُوبُ إلَى رَبِّهِ وَتُكْسَرُ آنِيَةُ الْخَمْرِ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُسَرَّحُ عَلَى مَا فِي وَلَائِهَا وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرَامِ - كُلًّا أَوْ بَعْضًا -، وَالْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ عَالِمًا، عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا.

(ص) كَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَرَدَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى أَنْ أَخَّرَتْهُ بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ يُرَدُّ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهَا جَرَّ مَنْفَعَةً لَهَا وَهُوَ الْعِصْمَةُ وَبَانَتْ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا وَتَأْخُذُهُ بِالدَّيْنِ حَالًّا وَمِثْلُهُ سَلَفُهَا لَهُ ابْتِدَاءً وَتَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أَخَّرَ يُعَدُّ مُسْلِفًا كَمَنْ أَخَّرَ مَا عَجَّلَ وَإِنَّمَا أَتَى بِالْكَافِ

ــ

[حاشية العدوي]

خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ وَغَيْرَهَا لَا أَنَّهُ يَبْتَكِرُ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ فَالْوَاضِحُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لِلْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ إلَخْ) وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَبِيعُ نِصْفَ الْعَبْدِ إذَا عَيَّنَتْ ذَلِكَ أَوْ دَفَعَتْهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْعِصْمَةِ مَعًا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي ذَلِكَ - حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ مَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَعْلُومِ - أَنَّ لِلْمَعْلُومِ النِّصْفَ وَلِلْمَجْهُولِ النِّصْفَ وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَتْ لِلْمَعْلُومِ قَدْرًا فَيُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ تَرُدُّ الْمَبِيعَ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَلْفُ أَوْ يَقُولُ الْمَعْنَى مَعَ رَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ وَاقِعًا عَلَى نِصْفِ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ رَدَّهَا ذَلِكَ حَقِيقَةٌ، وَإِسْنَادَ رَدِّ نِصْفِ الْعَبْدِ لَهَا مَجَازٌ لِأَنَّ الَّذِي يَرُدُّهُ الزَّوْجُ.

(قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى غَرَرِهِ وَانْظُرْ كَيْفَ يُقَوَّمُ مَعَ أَنَّ أَجَلَهُ مَجْهُولٌ، وَكَيْفِيَّةُ تَقْوِيمِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَيْنًا قُوِّمَ بِعَرْضٍ ثُمَّ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا قُوِّمَ بِعَيْنٍ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ دَرَاهِمَ إلَخْ) سَوَاءٌ أَرَتْهُ إيَّاهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالْإِرَاءَةِ وَلَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِهَا فِي الْبَيْعِ وَالْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَتْ خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالشَّرْطِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهُ) أَيْ إذَا وَقَعَ عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْصُوفًا فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا.

(تَنْبِيهٌ) : الرَّدُّ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ دَرَاهِمَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ يَرُدُّ الزَّوْجُ الدَّرَاهِمَ وَفِي الثَّانِي بِمَعْنَى الدَّفْعِ وَفِي الثَّالِثِ بِمَعْنَى كَسْرِ آنِيَةِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَتُكْسَرُ آنِيَةُ الْخَمْرِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ أُهْرِيقَتْ الْخَمْرُ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ كَسْرِ آنِيَتِهَا لِأَنَّهَا مَالُ مُسْلِمٍ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَتْبَعَهَا (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ إلَخْ) حَكَاهُمَا بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ (قَوْلُهُ: وَيُسَرَّحُ) أَيْ يُطْلَقُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَالِمًا) رَاجِعٌ لِلْمَغْصُوبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَرَامَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لَا شَيْءَ لَهُ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا لَا قِيمَةً وَلَا مِثْلًا وَكَذَا الْمَغْصُوبُ إذَا كَانَ عَالِمًا وَأَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَيَرُدُّ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَمِثْلَهُ فَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ فِي الْخَمْرِ وَكَذَا فِي الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَقْتَ الْخُلْعِ وَإِلَّا وَقَعَ وَلَزِمَهَا مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدٍ أَيْ بِأَنْ يُخَالِعَهُ رَجُلٌ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أُمَّ وَلَدِهِ.

(قَوْلُهُ: كَتَأْخِيرِهَا) وَقَوْلُهُ " وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا " وَقَوْلُهُ " وَتَعْجِيلِ إلَخْ "

ص: 14

وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ عَلَى حَرَامٍ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمُشَبَّهِ لَيْسَتْ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ.

(ص) وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَسْكَنِهَا الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ لَا بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَتَحَمَّلُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ زَمَنَ الْعِدَّةِ مِنْ مَالِهَا فَيَجُوزَ.

(ص) وَتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهُ كَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ مَعَ خَوْفِ الطَّرِيقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى " حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ " فَالزَّوْجَةُ قَدْ حَطَّتْ عَنْهُ الضَّمَانَ وَزَادَهَا الْعِصْمَةَ فَإِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ نَفَذَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى أَجَلِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ " وَتَعْجِيلِهِ " مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ لَهَا مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّى لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَقَوْلُهُ مَا مَفْعُولُهُ الثَّانِي تَعَدَّى لَهُ بِنَفْسِهِ.

(ص) وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ أَوْ لَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَتَخَالَعَا عَلَى تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ الْخُلْعُ وَرُدَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ اهـ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَغَيْرِهِ كَالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ وَالطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ فَيُرَدُّ لِأَجَلِهِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَقِيلَ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَحَمَلَهَا بَعْضٌ عَلَى خِلَافِهِ وَفَصَّلَ فَقَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَمَا يَجِبُ قَبُولُهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ لَهَا ذَلِكَ وَلَا يُرَدُّ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَدْخُلُ هَهُنَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلَعَهَا بِلَا مَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ.

(ص) وَبَانَتْ (ش) أَيْ وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى عِوَضٍ وَلَوْ صُورَةً بَانَتْ الْمَرْأَةُ تَمَّ الْعِوَضُ لِلزَّوْجِ أَمْ لَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَمَا يَأْتِي إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَهِيَ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا وَأَشَارَ لِحُرٍّ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ حُرٌّ فَأَعْطَتْهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْحَرَامَ. .

(ص) وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نَصَّ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ طَلَاقِ الْخُلْعِ الْبَيْنُونَةُ وَلَوْ وَقَعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ يُرِيدُ إذَا صَرَّحَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِافْتِدَاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) إلَى أَنَّهُ إذَا نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ الْعِوَضِ بِأَنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا وَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَخَذَ مِنْهَا وَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ مَعَ الْعِوَضِ الْبَيْنُونَةُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا النَّصُّ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَمِثْلُ نَصِّهِ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ الْعِوَضِ نَصُّهُ عَلَيْهَا مَعَ لَفْظِ الْخُلْعِ.

(ص) كَإِعْطَاءِ مَالٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى نَفْيِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ إنَّهَا دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةً ثَانِيَةً بَائِنَةً عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ عَدَمَ الِارْتِجَاعِ مَلْزُومٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَمَا أَنْشَأَهُ الْآنَ غَيْرُ مَا مَرَّ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ تَبِينُ بِالْأُولَى وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَهُ الرَّجْعَةُ وَيَرُدُّ لَهَا مَالَهَا وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَحَمَلَهُ الْمَوَّاقُ عَلَى كَلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

الطَّلَاقُ فِي الْمَسَائِلِ لَازِمٌ بَائِنٌ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُهُ وَلَا الْخُرُوجُ وَلَا تَعْجِيلُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُشَبَّهَ مَا كَانَ بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّ الْإِشَارَةَ خَفِيَّةٌ وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ طَلَاقُهُ مَعَ تَأْخِيرِهِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا فَرَجْعِيٌّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْعٌ فِي التَّأْخِيرِ وَإِلَّا مُنِعَ وَبَانَتْ.

(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُخَالَعَةَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْكَنِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ وَالْمُخَالَعَةُ عَلَى كِرَاءِ الْمِثْلِ حَقُّ آدَمِيٍّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ سَلَمٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ) لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: مِنْ بَيْعٍ أَيْ بِدُونِ سَلَمٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ " الْمُعَجَّلِ ".

(قَوْلُهُ: وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَعَبَ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ صَادِقَةٌ بِكَوْنِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ كَوْنُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) الْكَلَامُ الْآتِي إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ " مِنْ قَرْضٍ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ " وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ مِنْ بَيْعٍ فَالْحَقُّ لَهُمَا فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ) لِكَوْنِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ بَائِنًا وَالْمَرْأَةُ فِي الْبَائِنِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: سُوءَ الْخُصُومَاتِ أَيْ الْخُصُومَاتِ السَّيِّئَةَ الَّتِي قَدْ تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا) وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ) كَأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ نَفْعٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَيْ جَرَّ لَهُ نَفْعًا مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ سُقُوطُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ أَوْ سُقُوطُ سُوءِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَمِنْ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ انْتَفَى السَّلَفُ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا بِاعْتِبَارِهِ وَنُفِيَ بِاعْتِبَارِ إسْقَاطِهِ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى لَفْظِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ مُصَالِحَةٌ لِي أَوْ مُبَرِّئَةٌ لِي أَوْ مُفْتَدِيَةٌ مِنِّي وَانْظُرْ قَوْلَ الشَّارِحِ إنَّهَا فِي مَعْنَى الْخُلْعِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى يَخْتَلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهَا بِمَعْنَاهُ اسْتِعْمَالًا فِي الْبَيْنُونَةِ فَيَكُونُ خُلَاصَتُهُ أَنَّهَا أَلْفَاظٌ تُعُورِفَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِوَضِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى بِلَا عِوَضٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بِعِوَضٍ نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ وَتَفُوتُهُ مَسْأَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ

ص: 15

ابْنِ وَهْبٍ لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ حَيْثُ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ فَمُشْكِلٌ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقَبُولِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ.

(ص) كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا وَالْمُخْتَارُ نَفْيُ اللُّزُومِ فِيهِمَا (ش) هَذَا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَاعَ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوَّجَ زَوْجَتَهُ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَجَاعَةٍ أَمْ لَا هَازِلًا أَوْ جَادًّا، وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا وَلَا يَتَزَوَّجُهَا وَلَا غَيْرَهَا حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ بَيْعِهَا ثَانِيَةً قَالَهُ فِي الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمَ لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ وَإِلَيْهِمَا يَعُودُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ لُزُومِهِ فِيهِمَا وَالْمَذْهَبُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.

(ص) وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ إلَّا لِإِيلَاءٍ وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ حَكَمَ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ بِإِنْشَائِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا إلَّا الطَّلَاقَ عَلَى الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِمَا رَجْعِيٌّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ وَفِي قَوْلِهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِمِثْلِهَا وَقَوْلُنَا حُكِمَ بِإِنْشَائِهِ أَيْ لِكَعَيْبٍ أَوْ اضْطِرَارٍ أَوْ نُشُوزٍ أَوْ فَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِلُزُومِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ أَخْرَجَ مِنْهَا قَوْلَهُ (لَا إنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ) أَيْ لَا إنْ طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَشُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ (بِلَا عِوَضٍ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ وَهُوَ رَجْعِيٌّ. وَ " شُرِطَ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ شَرْطَهُ وَشَرْطَهَا.

(ص) أَوْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَأَعْطَاهَا مِائَةً مَثَلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا.

(ص) أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى (ش) صُورَتُهَا أَنَّ لَهَا عَشَرَةً مَثَلًا فَأَخَذَتْ مِنْهُ خَمْسَةً وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً هِبَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ مَا تَرَكَتْهُ مِنْ دَيْنِهَا لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَمَا أَخَذَتْهُ فَهُوَ صُلْحٌ عَنْ بَعْضِ دَيْنِهَا وَقِيلَ بَائِنٌ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ طَلَّقَ وَأَعْطَى، وَصَالَحَ وَأَعْطَى فَقَالَ: إنْ أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ وَقَصَدَ الْمُتَارَكَةَ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَبَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَرَجْعِيَّةٌ وَتَأَوَّلَ ابْنُ الْكَاتِبِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ تَأْوِيلَانِ

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ لَفْظِ الْمُخَالَعَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى ضَمِيرِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْخُلُوِّ وَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ) بِأَنْ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ قَبِلْت ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ أَيْ كَأَنْ يَتَكَلَّمَ بِقَلْبِهِ.

(قَوْلُهُ: كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا) وَكَذَا إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِحَضْرَتِهِ وَسَكَتَ وَسَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ كَانَ هَازِلًا أَوْ جَادًّا إلَّا إنْ أَنْكَرَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَانْظُرْ إذَا عَلِمَ بِالْعَقْدِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَمَا بَاعَهَا أَوْ زَوَّجَهَا أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تُكَذِّبُهُ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ.

(قَوْلُهُ: وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ) أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ) كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَلِيءَ إذَا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاضِرٍ يُفْرَضُ لِزَوْجَتِهِ فِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ عَدَمِ نَفَقَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَتْ مَنْ يُدَايِنُ الْغَائِبَ وَيَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْغَائِبِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَدَايَنَ وَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا وَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُوجِبُ لِلْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ الِارْتِدَادُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَظْهَرْ ثَمَرَةٌ إلَّا عِنْدَ الْإِسْلَامِ نُظِرَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ، وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فَلَا يُحْتَاجُ لِإِنْشَائِهِ مِنْ حَاكِمٍ.

(قَوْلُهُ: لَا أَنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا رَجْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ الرَّجْعَةُ بِأَوَّلِ لَفْظِهِ فَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ بِقَوْلِهِ لَا رَجْعَةَ فِيهَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ فَإِنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَقِيلَ بَائِنَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَرَجَّحَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهَا بَائِنَةٌ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا ثَلَاثٌ ضَعِيفٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ طَلَاقٌ تَمْلِكِينَ بِهِ نَفْسَكِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَلَاثٌ بِاتِّفَاقٍ فَلَوْ زَادَ عَلَى تَمْلِكِينَ إلَخْ: وَلَا رَجْعَةَ عَلَيْك فَهُوَ بَائِنٌ كَمَا لِلْمِعْيَارِ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا

(قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ) أَيْ كَلَفْظِ الْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ وَالِافْتِدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

(وَقَوْلُهُ: وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً هِبَةً) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَعْطَى أَيْ وَأَعْطَى مَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةً وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بَائِنٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ فَلَا يُسَلَّمُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّأْوِيلَانِ ضَعِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا الْحَلُّ وَفِي عب أَنَّ الْمَعْنَى أَوْ صَالَحَ زَوْجَةً عَلَى مَا لَهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا وَأَعْطَاهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهِ وَلِلَّقَانِيِّ كَلَامٌ آخَرُ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ فَصَالَحَهَا عَلَى إسْقَاطِ بَعْضِهِ لِأَنَّ الَّذِي صَالَحَهَا بِهِ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُلْحٌ عَلَى وَجْهٍ مَا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ قِصَاصًا اهـ وَالظَّرْفُ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَظْهَرُ وَالثَّانِي قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ) أَيْ فَصَلَ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ " وَقَصَدَ الْمُتَارَكَةَ " عَطْفُ تَفْسِيرٍ

ص: 16

(ش) أَيْ وَهَلْ الطَّلَاقُ فِيهِمَا رَجْعِيٌّ سَوَاءٌ جَرَى بَيْنَهُمَا مَعْنَى الْخُلْعِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ أَمْ لَا أَوْ هِيَ رَجْعِيَّةٌ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ مَعْنَى قَصْدِ الْخُلْعِ إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ إذْ لَوْ قَصَدَهُ بِاللَّفْظِ لَمْ يَكُنْ نِزَاعٌ أَنَّهُ بَائِنٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقَابِلِ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُوجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) وَمُوجِبُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ (ش) أَيْ وَمُوجِبُ الْعِوَضِ عَلَى مُلْتَزِمِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا زَوْجٌ مُكَلَّفٌ أَيْ صُدُورُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجٍ - وَلَوْ سَكْرَانَ - أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ بِطَلَاقِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ وَمُوجِبُهُ أَيْ طَلَاقِ الْخُلْعِ أَيْ مَوْقِعُهُ لَا الْعِوَضِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ مُلْتَزِمُهُ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوقِعُ هُنَا رَشِيدًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ، وَلَمَّا شَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الرَّشِيدَ وَالسَّفِيهَ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سَفِيهًا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِهِ أَوْلَى (ص) أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ غَيْرَهُمَا (ش) أَيْ كَمَا يُوجِبُهُ طَلَاقُ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ يُوجِبُهُ أَيْضًا وَلِيُّ صَغِيرٍ أَيْ صُدُورُ طَلَاقٍ مِنْهُ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ سُلْطَانًا أَوْ مُقَامَ سُلْطَانٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ وَيَلْزَمُ الصَّغِيرَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " أَبًا " الْوَاقِعِ حَالًا، وَمِثْلُ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونُ فَالنَّظَرُ لِوَلِيِّهِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ الْوَلِيَّ بِقَوْلِهِ أَبًا إلَخْ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالسَّيِّدُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْحَاكِمِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ الْمُجْبِرُ كَمَا مَرَّ فِي خُلْعِ الْمُجْبَرَةِ (ص) لَا أَبُ سَفِيهٍ وَسَيِّدُ بَالِغٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّفِيهِ لَا بِيَدِ وَلِيِّهِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْبَالِغِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ لَا بِيَدِ سَيِّدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ " بَالِغٍ " لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ غَيْرُ الْبَالِغِ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّفَهِ كَالرَّقِيقِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِلصِّغَرِ وَالرِّقِّ فَقَوْلُهُ " بَالِغٍ " رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ يَتْرُكُهَا فَلَا يُرَاجِعُهَا وَقَوْلُهُ: وَجَرَى بَيْنَهُمَا مَا أَيْ لَفْظٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الطَّلَاقُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ رُجُوعَهُ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ عَلَى مَا هُوَ الْمَرْضِيُّ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَالرَّاجِحُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مَعْنَى الْخُلْعِ) أَيْ مَعْنًى هُوَ الْخُلْعُ أَوْ مَعْنَى لَفْظِ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَارَكَةِ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَوْ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفُ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ: وَالْقَصْدِ إلَيْهِ أَيْ أَوْ الْقَصْدِ إلَيْهِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَالْمَعْنَى أَوْ حَصَلَ الْقَصْدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ وَيَجْرِي بَيْنَهُمْ مَعْنَى الْخُلْعِ وَالْمُتَارَكَةِ وَقَوْلُهُ بِالدَّفْعِ أَيْ بِقَصْدِهِ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ أَيْ الْخُصُومَاتِ السَّيِّئَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا رَجْعَةَ لَا يَأْتِي خُصُومَةٌ مِنْ جِهَةِ نَفَقَةٍ وَلَا مِنْ جِهَةِ رَجْعَةٍ (قَوْلُهُ: إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ لَفْظُ الطَّلَاقِ مُسْتَعْمَلًا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ أَيْ أَوْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ فَطَابَقَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ إنَّمَا يَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِافْتِدَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّهُ مَعَ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَهُ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا مَعْنَى الْخُلْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا تَلَفَّظَ الزَّوْجُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى قَالَ خَالَعْتُك أَوْ فَادَيْتُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يَكُونُ بَائِنًا فَيُجَابُ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا تَلَفَّظَ الزَّوْجُ بِ " خَالَعْتُكِ " إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَابِلَةٌ أَيْ طَالِبَةٌ قَبُولَ الزَّوْجِ مِنْهَا ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ الْقَابِلَةُ لِلرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَهِيَ الرَّشِيدَةُ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَقَوْلُهُ: الْقَابِلِ أَيْ الصَّالِحِ لِلِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّقْدِيرِ فَإِذَا قُدِّرَ صُدُورُ الطَّلَاقِ صَحَّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ) هَذَا التَّوَهُّمُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ كَانَ يَدْفَعُ الْمَالَ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ الْمَالَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) وَكُمِّلَ لَهُ خُلْعَ الْمِثْلِ إنْ خَالَعَ بِدُونِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَبْرَأُ الْمُخْتَلِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلسَّفِيهِ بَلْ لِوَلِيِّهِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ التَّوْضِيحِ وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ الْمُخْتَلِعِ بِدَفْعِ الْخُلْعِ لِلسَّفِيهِ دُونَ وَلِيِّهِ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْحَجْرِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَبْضَ لِلْوَلِيِّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَإِذَا صَحَّحْنَاهُ أَيْ خُلْعَ السَّفِيهِ فَلَا يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ بَلْ إلَى وَلِيِّهِ وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّفِيهِ رَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُلْطَانًا إلَخْ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: فَالنَّظَرُ لِوَلِيِّهِ) وَوَلِيُّهُ إمَّا الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَإِمَّا الْأَبُ إذَا جُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رُشْدِهِ وَاتَّصَلَ (قَوْلُهُ: لَا أَبُ سَفِيهٍ وَسَيِّدُ بَالِغٍ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الْخُلْعُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَهُمَا فُضُولِيَّانِ وَلَوْ جَبَرَاهُمَا عَلَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّفِيهِ) وَقَوْلُهُ بَعْدُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ حَيْثُ قَالَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إنْ رَأَى الْوَلِيُّ لِلْمَحْجُورِ حُسْنَ النَّظَرِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: كَالرَّقِيقِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِسَفَهٍ خُلَاصَتُهُ أَنَّ السَّفِيهَ هُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الَّذِي يُضَيِّعُ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِلصِّغَرِ وَالرِّقِّ) أَيْ لَا لِلسَّفَهِ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ السَّفِيهِ بِكَوْنِهِ بَالِغًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَالِغًا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ إضَافَةَ " سَيِّدُ "

ص: 17

(ص) وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا وَمَنْ فِي حُكْمِهِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ كَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَالْمَحْبُوسِ لِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ وَارِثٍ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ.

(ص) وَوَرِثَتْهُ دُونَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا طَلَّقَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ ثُمَّ مَاتَتْ فِيهِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَرِثُهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا مَرِيضَةً لِأَنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَرِثُهُ لِأَنَّهُ فَارٌّ بِطَلَاقِهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْإِرْثِ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ أَمْ لَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمِيرَاثِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَحُكْمُهَا فِيهِ كَغَيْرِهَا مِنْ عِدَّةٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَدَمِهَا فِي غَيْرِهَا، وَيَتَنَصَّفُ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهَا وَإِنْ قَتَلَتْهُ خَطَأً وَرِثَتْ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا عُدْوَانًا لَا تَرِثُ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ.

(ص) كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ فِيهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي إرْثِهَا مِنْهُ دُونَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَلَّكَهَا أَمْرَ نَفْسِهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ إذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ طَالَ مَرَضُهُ أَوْ قَصُرَ وَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ هِيَ فِي مَرَضِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا أَوْقَعَتْ طَلَاقًا بَائِنًا فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فِي مَرَضِهِ لَا رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَيَرِثُهَا وَتَرِثُهُ فَقَوْلُهُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَا بِمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ أَيْ وَأَوْقَعَتْهُ فِيهِ كَانَ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ.

(ص) وَمُولًى مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا آلَى فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَانْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَيْئَةِ وَلَا وَعَدَ بِهَا فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ يَرْتَجِعْ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ.

(ص) وَمُلَاعَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ تَقُومُ مَقَامَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ جَاءَ مِنْ سَبَبِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ طَلَاقَ الْإِيلَاءِ رَجْعِيٌّ، وَكَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْبَائِنِ وَبِعِبَارَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَمُلَاعَنَةٍ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَرِيضُ لَمْ تَرِثْهُ زَوْجَتُهُ وَلَا غَيْرُهَا فَإِنْ قِيلَ إذَا وَجَبَ الْمِيرَاثُ فِي اللِّعَانِ مَعَ كَوْنِهِ فَسْخًا فَفِي الرِّدَّةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا طَلَاقٌ وَالْفَسْخُ أَقْوَى مِنْهُ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ اللِّعَانَ خَاصٌّ بِالْمَرْأَةِ فَاتُّهِمَ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ سَائِرَ الْوَرَثَةِ.

(ص) أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ: إنْ دَخَلْتِ دَارَ فُلَانٍ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْهَا فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَتَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ لَمْ يَرِثْهَا فَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ أَوْقَعَتْ الْحِنْثَ عَلَيْهِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِيهِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَأَوْلَى لَوْ أَحْنَثَهُ غَيْرُهَا.

(ص) أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ (ش) صُورَتُهَا تَزَوَّجَ بِكِتَابِيَّةٍ أَوْ بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ ثُمَّ إنَّهُ مَرِضَ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَذْكُورَةَ وَلَوْ بَائِنًا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْكِتَابِيَّةَ الَّتِي أَسْلَمَتْ وَالْأَمَةَ الَّتِي عَتَقَتْ تَرِثُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى مَنْعِهَا مِنْهُ لَمَّا خَشِيَ الْإِسْلَامَ أَوْ الْعِتْقَ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا.

(ص) أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ (ش) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ وَطَالَ مَرَضُهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَنَّ إرْثَهَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْهُ بَلْ لَوْ تَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا وَطَلَّقَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَطَالَ مَرَضُهُمْ ثُمَّ مَاتُوا فَإِنَّهَا تَرِثُهُمْ كُلَّهُمْ وَلَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ آخَرَ حَيٍّ غَيْرِ الْمَرِيضِ (ص) وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ بِصِحَّةٍ بَيِّنَةٍ (ش) أَيْ وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ إرْثُ الزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ بِحُصُولِ صِحَّةٍ بَيِّنَةٍ لَهُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ.

(ص) وَلَوْ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

لِبَالِغٍ يَمْنَعُ رُجُوعَهُ لَهُمَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ) مَخُوفًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعٍ) أَيْ خِيفَ مِنْهُ الْمَوْتُ حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ذَلِكَ نَافِذٌ وَجَائِزٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا فَنَافِذٌ وَلَمْ يَكُنْ جَائِزًا لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ وَارِثٍ وَلَوْ لِكَافِرَةٍ أَوْ أَمَةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَخُوفِ فَجَائِزٌ وَلَوْ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ مَعَ النُّفُوذِ بَقِيَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَبْسِ فِي الْقَطْعِ مُوجِبٌ لِمَنْعِ الْخُلْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْرِيبِ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: إذَا طَلَّقَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ) ثُمَّ مَاتَ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ كَسُعَالٍ وَمَاتَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ حِينَ الطَّلَاقِ غَيْرَ مَخُوفٍ ثُمَّ صَارَ مَخُوفًا قَبْلَ الْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ تَقُومُ مَقَامَ الطَّلَاقِ) أَيْ تَقُومُ مَقَامَ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَلَاقٌ) أَيْ كَطَلَاقٍ (قَوْلُهُ: لَمْ تَرِثْهُ زَوْجَتُهُ وَلَا غَيْرُهَا) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ دُونَ زَوْجَتِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ مُرَاجَعَةً وَتَرِثُهُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ عَوْدَهَا إلَيْهِ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ الْحَطَّابُ وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِهِ قُلْت الْأَظْهَرُ أَنْ تَرِثَهُ زَوْجَتُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ لِاخْتِصَاصِ الْحِرْمَانِ بِهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّمَا يَحْصُلُ حِرْمَانُهُ بِالْمَوْتِ فِي زَمَنِهَا فَقَطْ فَصَارَ اتِّهَامُهُ فِيهَا كَالِاتِّهَامِ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ لِجُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ فَلَا تَرِثُ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ لِنُشُوزٍ فَفِي إرْثِهَا قَوْلَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لِلْجُنُونِ وَمَا مَعَهُ حُكْمُهُمَا مَا مَرَّ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ وَمَا مَعَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ اُنْظُرْ عج.

(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ إرْثِهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.

(قَوْلُهُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَرَاجَعْت بَهْرَامَ وَغَيْرَهُ فَلَمْ أَرَ لَهُ مُقَابِلًا

ص: 18

لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا فَأَرْدَفَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ فَتَرِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُرْدَفٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ زَالَتْ تُهْمَتُهُ فِي الصِّحَّةِ وَدَلِيلُ كَوْنِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا إذْ لَوْ كَانَ بَائِنًا لَمْ يَرْتَدِفْ عَلَيْهِ طَلَاقَ الْمَرَضِ الثَّانِي وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ ارْتَجَعَهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الثَّانِي وَعُلِمَ كَوْنُهُ مَرِيضًا مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ.

(ص) وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ، وَالْعِدَّةُ مِنْ الْإِقْرَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى مَرَضِهِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْنَادِهِ لِلزَّمَنِ السَّابِقِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَرَّخَتْ فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ أَوْ الشَّهَادَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي انْقِضَائِهَا أَوْ بَعْضِهَا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَلَمْ يَرِثْهَا هُوَ إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ فَيُعْمَلَ عَلَى مَا أَرَّخَتْهُ الْبَيِّنَةُ فِي الْعِدَّةِ وَفِي الْإِرْثِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ فِي الْعِدَّةِ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا أَيْ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ خَاصَّةً لَا إنْ انْقَضَتْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ هُنَا مَرِيضٌ وَهُنَاكَ صَحِيحٌ.

(ص) وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدَتْ بَعْدَ مَوْتِ شَخْصٍ عَلَى طَلَاقِهِ لِزَوْجَتِهِ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى حَسَبِ تَارِيخِهِمْ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُهُ أَبَدًا كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ) لِمَا مَرَّ لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الشُّهُودَ عُذِرُوا بِغَيْبَتِهِمْ إذْ لَوْ كَانُوا حَاضِرِينَ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِسُكُوتِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِطَلَاقِهَا لَمْ يَرِثْهَا وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ مَوْتِهِ وَمَوْتِهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ أَشْهَدَ بِهِ فِي سَفَرٍ ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فُرِّقَ وَلَا حَدَّ (ش) أَيْ وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ دُونَهُ أَيْ بِإِنْشَائِهِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فِي سَفَرٍ ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى يُحْكَمَ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ.

(ص) وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَفَسَادُهُ لِعَقْدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ إدْخَالِ وَارِثٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ وَيُعَجَّلُ الْفَسْخُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ كَمَا مَرَّ فَالتَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْفَسْخِ وَلَوْ بَعْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) لَوْ قَالَ إلَّا فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا عِدَّةَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَرِثُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهُ وَالسَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ فِي قُوَّةِ عِدَّةِ الثَّانِي لَا إرْثَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ) أَيْ وَهُوَ مُنْكِرٌ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَهَلْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ يَوْمِ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: إنَّهُ طَلَّقَ، فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) أَيْ بِأَنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ: وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِرْثُ ثَابِتٌ لَهَا وَلَوْ انْقَضَتْ كَمَا بَيَّنَّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا تَقَدَّمَ إقْرَارٌ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، أَوْ إنْكَارٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَأَمَّا هَذِهِ فَهِيَ إقْرَارٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَيْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَلَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ فِي الْعِدَّةِ) حَاصِلُ مَا فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِيَوْمِ الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ فَالْمَرْأَةُ لَا تَرِثُ إلَّا إذَا مَاتَ وَالْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ بَاقِيَةٌ فَإِذَا انْقَضَتْ وَمَاتَ فَلَا تَرِثُ فَالْمُشَارُ لَهُ قَوْلُهُ: فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ) أَيْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَقَوْلُهُ: فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي شَهَادَتِهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَبِهَذَا أَيْضًا يُوَجَّهُ إرْثُهَا لَهُ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ حَيْثُ أَسْنَدَتْهُ لِصِحَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تَبْقَى لِمَوْتِهِ وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعُلِمَ ذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرِثْهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْفَرْقَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ يَجِبُ الْإِعْدَادُ فِيهَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ لِمَوْتِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَرِثَهُ لِاحْتِمَالِ إبْدَائِهِ مَطْعَنًا فِيهَا لَوْ كَانَ حَيًّا وَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ فَقَدْ أُعْذِرَ إلَيْهِ فِيهَا فَلَمْ يُبْدِ فِيهَا مَطْعَنًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَرِثَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ بِهِ) أَيْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ وَهُوَ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهَذَا الْوَطْءِ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ارْتِجَاعُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ) وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جُوِّزَ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ) فَإِشْهَادُهُ بِالطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَإِنْكَارُهُ الشَّهَادَةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجْعَةِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الِإِنْشَاءِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ صِحَّتِهِ) صَادِقٌ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ وَبِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي آخِرِ مَرَضِهِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ تَزَوَّجَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ

ص: 19

الْبِنَاءِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الصَّدَاقِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ: عِلَّةُ فَسْخِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ - وَهِيَ إدْخَالٌ وَارِثٍ - مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِثُبُوتِ الْإِرْثِ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِرْثَ الَّذِي هُوَ ثَابِتٌ لَهَا تَقْطَعُهُ الصِّحَّةُ الْبَيِّنَةُ فَإِرْثُهَا إذَا حَصَلَتْ الصِّحَّةُ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّزْوِيجِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وُجِدَ مُوجِبُ فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ.

(ص) وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ وَهَلْ يُرَدُّ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا وَوُقِفَ إلَيْهِ تَأْوِيلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اخْتَلَعَتْ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَأَنَا أَرَى أَنَّهَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَاخْتُلِفَ هَلْ قَوْلُهُمَا خِلَافٌ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ نَافِعٍ -، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ وَيَرُدُّ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا، أَوْ وِفَاقٌ - وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَكْثَرُ -، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ لَمْ يَجُزْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ مِنْ الْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى إرْثِهِ أَيْ إنَّهُ يَبْطُلُ الْقَدْرُ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ مِمَّا خَالَعَتْ بِهِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ وَاسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ أَيْ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ وَمَا كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَلَهُ، وَتُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْمُخَالَعِ بِهِ لِإِرْثِهِ وَعَدَمُ مُجَاوَزَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا لَا يَوْمَ الْخُلْعِ فَيُوقَفُ جَمِيعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ إلَى مَوْتِهَا لِيُنْظَرَ هَلْ هُوَ قَدْرُ إرْثِهِ أَوْ أَقَلُّ أَيْ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ فَيَأْخُذُهُ وَمَا زَادَ فَيَرُدُّهُ.

(ص) وَإِنْ نَقَصَ وَكِيلُهُ عَنْ مُسَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِوَكِيلِهِ خَالِعْ لِي زَوْجَتِي بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَخَالَعَهَا بِخَمْسَةٍ فَإِنَّ الْخُلْعَ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْزُولٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَلْزَمَ إذْ لَا مِنَّةَ تَلْحَقُ الزَّوْجَ.

(ص) أَوْ أَطْلَقَ لَهُ أَوْ لَهَا حُلِّفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَطْلَقَ لِوَكِيلِهِ فِي الْمُخَالَعَةِ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَطْلَقَ لِزَوْجَتِهِ فِي الْمُخَالَعَةِ عَنْ نَفْسِهَا فَنَقَصَ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُحَلَّفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تُتِمَّ لَهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَكِيلُ خُلْعَ الْمِثْلِ فَيَلْزَمَهُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الْيَمِينِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا وَإِلَّا لَقُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ أَوْ دَعَوْتِنِي إلَى الصُّلْحِ - مُعَرَّفًا -، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَعَوْتِنِي إلَى صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ فَيَلْزَمُهُ مَا أَتَتْ لَهُ بِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَكَذَا عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهَا عَلَى مَا قَصَدَتْ وَاسْتَعْمَلَهُ هُنَا فِي إبَانَةِ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَرُدُّ؟ الظَّاهِرُ - كَمَا قَالَ بَعْضٌ - أَنَّ هَذَا الرَّدَّ إبْطَالِيٌّ أَيْ الْخُلْعُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُلْعَ لَهُ مَعْنَيَانِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ) إنَّمَا الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا فِيهِ التَّصْرِيحُ إلَّا بِعَدَمِ كَوْنِهِ لَا يَرِثُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ إرْثِهَا مِنْهُ يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهَا طَالِبَةً لِلْفِرَاقِ لِأَنَّهَا خَالَعَتْهُ (قَوْلُهُ: فَيُوقَفُ جَمِيعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ) أَيْ لَا قَدْرُ الْإِرْثِ خَاصَّةً وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْإِنْفَاقِ مِنْهُ أَخَذَتْهُ وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَقْفِ جَمِيعِ مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْحَطَّابِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَقَالَ تت وَمَنْ تَبِعَهُ: يُوقَفُ قَدْرُ إرْثِهِ مِمَّا خَالَعَتْ بِهِ مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَمَعْنَى إيقَافِهِ أَنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهَا وَيُوقَفُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَفَقَةٍ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَتَلِفَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ رَضِيَهُ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَوُقِفَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيُوقَفُ عَنْ أَخْذِهِ إلَى الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْتِهَا) قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَإِنْ قُلْنَا يَوْمَ الْمَوْتِ وُقِفَ فَإِنْ صَحَّتْ أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَتْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الَّذِي كَانَ بِيَدِهَا وَمِمَّا حَدَثَ لَهَا مِنْ مَالٍ وَفِيمَا عَلِمَتْ بِهِ وَمَا لَمْ تَعْلَمْ مَا لَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ صَحَّتْ نَفَذَ الْخُلْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُلْعِ أَوْ يَوْمِ الْمَوْتِ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَعَلَى الْمُؤَلِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَتَقْدِيمِهِ تَأْوِيلَ الْأَقَلِّ بِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمِيرَاثِ وَإِنْ صَحَّتْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا خَالَعَتْ بِهِ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ الزَّوْجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا عَاشَتْ أَوْ مَاتَتْ وَهُوَ جَوْرٌ بَيِّنٌ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ النَّقْصُ وَالزَّوْجُ بَائِعٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ قَالَ أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا) بِأَنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ: إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ أَمَّا الْأُولَى فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي خُلْعَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ خُلْعِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَعْطَتْهُ قَدْرًا وَلَوْ خُلْعَ الْمِثْلِ وَقَالَ مَا أَرَدْت إلَّا نِصْفَ مَالِكِ أَيْ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ: إنْ دَعَوْتنِي إلَى صُلْحٍ فَلَمْ أُجِبْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِمَا دَفَعَتْ لَهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُ وَلَوْ حُلِّفَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهَا خَالَعْتَنِي عَلَى مَالٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ

ص: 20

وَلَوْ تَافِهًا.

(ص) وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا قَالَتْ لِوَكِيلِهَا خَالِعْ عَنِّي زَوْجِي بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّتْ لَهُ أَوْ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ فَإِنَّ الْخُلْعَ يَلْزَمُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ مَا سَمَّتْ لِلْوَكِيلِ فَقَطْ، وَالزَّائِدُ عَلَى مَا سَمَّتْهُ أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ عَلَى وَكِيلِهَا.

(ص) وَرَدَّ الْمَالَ لِشَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الضَّرَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ أَنَّهَا مَا خَالَعَتْهُ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ مَا خَالَعَهَا بِهِ وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ السَّمَاعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا سُمِعَتْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ وَنَحْوِهِمْ عُمِلَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَ " أَلْ " فِي الضَّرَرِ لِلْعَهْدِ أَيْ الضَّرَرِ الَّذِي لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ فَلَيْسَ مِنْ الضَّرَرِ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَدَّبَهَا وَيَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ مُضَارَّتُهَا إذَا عَلِمَ مِنْهَا زِنًا حَتَّى تَفْتَدِيَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ (ص) وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَرُدُّ الزَّوْجُ الْمَالَ الْمُخَالَعَ بِهِ إذَا أَقَامَتْ عَلَى الضَّرَرِ شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِأَنَّهُ يَضُرُّهَا حَيْثُ حَلَفَتْ مَعَهُ وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ (ص) وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) الْمُرَادُ بِبَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا بِالضَّرَرِ أَيْ أَشْهَدَتْهَا بِالضَّرَرِ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا خَالَعَتْهُ لَا عَنْ ضَرَرٍ وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ لَهَا بِالضَّرَرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْإِشْهَادُ وَالْإِسْقَاطُ وَتَقُومُ بَيِّنَتُهَا فَأَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ الِاسْتِرْعَاءَ هُنَا عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَلَوْ قَالَ وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعَاةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَقَدْ ذَكَرَهُ (ز) هُنَا وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ فَانْظُرْ نَصَّهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ مَعَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ.

(ص) وَبِكَوْنِهَا بَائِنًا لَا رَجْعِيَّةً (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِوَضَ الَّذِي تَدْفَعُهُ الْمَرْأَةُ فِي الْخُلْعِ إنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَنْ انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ فَإِذَا ثَبَتَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْخُلْعِ طَلَاقًا بَائِنًا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ فِيمَا دَفَعَتْهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ لِأَنَّ الْخُلْعَ صَادَفَ مَحَلًّا لِمِلْكِ الزَّوْجِ عِصْمَتَهَا وَلُحُوقِ طَلَاقِهِ لَهَا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ.

(ص) أَوْ لِكَوْنِهِ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي يُفْسَخُ نِكَاحُهَا بِلَا طَلَاقٍ - بِأَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ كَالْخَامِسَةِ أَوْ الْمَحْرَمِ - إذَا خَالَعَهَا زَوْجُهَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَسْنَدَ الْوَكِيلُ الِاخْتِلَاعَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَيْهَا أَوْ لَا إلَى نَفْسِهِ وَلَا إلَيْهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا أَسْنَدَ الِاخْتِلَاعَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ خَالِعْ فُلَانَةَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مِنْهَا أَوْ لَا إلَى نَفْسِهِ وَلَا إلَيْهَا كَقَوْلِهِ خَالِعْهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَأَمَّا لَوْ أَسْنَدَ الِاخْتِلَاعَ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ خَالِعْهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مِنِّي أَوْ قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك عِصْمَتَهَا بِكَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى أَيْ مَا سَمَّاهُ لِلزَّوْجِ قَالَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْبَيَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ هَذَا جَارٍ فِيمَا إذَا سَمَّتْ لَهُ وَفِيمَا إذَا أَطْلَقَتْ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْمَالَ إلَخْ) وَكَذَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ أَوْ إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا أَيْ وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَيَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا) عِنْدَ الْمُضَارَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ وَأَمَّا عَلَى السَّمَاعِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ الْمَالَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى السَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ، وَظَاهِرُ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ رَدَّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى السَّمَاعِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ ز) وَنَصُّهُ: الِاسْتِرْعَاءُ هُنَا عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ، وَنَصُّهُ: الِاسْتِرْعَاءُ هُوَ إيدَاعُ الشَّهَادَةِ وَذَلِكَ كَأَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِجَمَاعَةٍ مَثَلًا إنَّ لِي بَيِّنَةً عَلَى ضَرَرِهِ لِي وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَخَالِعَهُ وَأَقَرَّتْ بِعَدَمِ الضَّرَرِ فَإِذَا أَسْقَطَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ فَلَهَا أَنْ تُقِيمَهَا لِتُقِيمَ بَيِّنَةَ الضَّرَرِ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا مُكَذِّبَةٌ لَهَا انْتَهَى (قُلْت) وَأَسْقَطَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَقَرَّتْ بِعَدَمِ الضَّرَرِ وَهُوَ أَنِّي إنْ أَسْقَطْت بَيِّنَةَ الضَّرَرِ فَلَسْتُ مُلْتَزِمَةً لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَإِذَا أُسْقِطَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ وَإِذَا كَانَ لَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ فَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَكِنْ يَقْدَحُ فِيمَا ذَكَرَهُ ز أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَشَارَ بِهِ لِتَرْجِيحِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ إنَّمَا وَقَعَ فِي إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ ز لَا يُفِيدُ أَنَّ إسْقَاطَ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّ إسْقَاطَ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ لَا يَضُرُّ أَنَّ إسْقَاطَ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَا يَضُرُّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ بَيِّنَةَ الضَّرَرِ تَسْقُطُ إذَا أَسْقَطَتْهَا لِأَنَّ لَهَا فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِهَا مَنْدُوحَةً وَهِيَ اسْتِرْعَاؤُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُلْتَزِمَةً لِإِسْقَاطِهَا وَأَمَّا بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ فَلَيْسَ لَهَا فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِهَا مَنْدُوحَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا لِأَنَّا نَقُولُ كَمَا لَهَا مَنْدُوحَةٌ فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ بِمَا ذُكِرَ لَهَا مَنْدُوحَةٌ أَيْضًا فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ بِالِاسْتِرْعَاءِ فَاسْتَوَيَا هَذَا وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ كُلَّ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِمَا يُنَافِي مَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا قَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: الْمُسْتَرْعِيَةُ هُوَ فِي النُّسَخِ مَرْسُومٌ بِالْيَاءِ، وَقَاعِدَةُ الْخَطِّ أَنَّ الْأَلِفَ إذَا تَجَاوَزَتْ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا يَاءٌ رُسِمَتْ يَاءً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ وَاوٍ أَوْ عَنْ أَلِفٍ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهُنَا كَذَلِكَ فَتُرْسَمُ بِالْيَاءِ وَتُقْرَأُ بِالْأَلِفِ وَقِرَاءَتُهُ بِالْيَاءِ لَحْنٌ فَاحِشٌ يَقْرَؤُهُ الْجَاهِلُ بِعِلْمِ الْخَطِّ وَالرَّسْمِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ) وَأَمَّا

ص: 21

عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ مِلْكِيَّةِ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ (ص) أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ (ش) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ هُوَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَنَحْوُهُمَا فَإِذَا خَالَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنْ بِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا أَنْ تَرُدَّهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا فِي الْمُخَالَعَةِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى النِّكَاحِ وَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدَمِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ قَالَ: إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرَدُّ فِيهَا الْمَالُ لِلزَّوْجَةِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا عَلَى خُلْعِهَا، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَقَعُ الْخُلْعُ قَبْلَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِيَسْتَحِقَّ بِهِ الْمَالَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا وَلَا غَيْرَهُ أَوْ قَالَ وَاحِدَةً ثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ مَلَكَهُ وَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ (ش) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُخَالَعَةَ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ فَخَالَعَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادًا لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ لَا تَسْقُطُ بِالْمُخَالَعَةِ عَلَى نَفَقَةِ الرَّضَاعِ فِي هَذَا الْفَرْضِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِوَلَدِهَا مَنْ يَصِيرُ وَلَدًا أَيْ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ مَا تَلِدُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ بِهِ تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ مَا تَلِدُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي حَمْلِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ.

(ص) وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ وَزَائِدُ شَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا نَفَقَتَهُ أَوْ نَفَقَةَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تَكْفُلَ وَلَدَهَا مُدَّةً زَائِدَةً عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مَا ذُكِرَ عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْهُ عَلَيْهَا أَوْ مِنْهَا عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَالْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَسَحْنُونٌ لَا تَسْقُطُ وَصَوَّبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: إنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يَرِدُ الْخُلْعُ فِيهِ لِكَوْنِهِ بِطَلَاقٍ وَأَمَّا خُلْعُ الْمُمَلَّكَةِ فَمَاضٍ وَيَكُونُ مِنْهَا رَدًّا لِمَا جَعَلَهُ وَلَا تُعْذَرُ بِجَهْلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ بِهَا مُثْلَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) أَيْ تَرْجِعُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا تَرْجِعُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى عَيْبِ خِيَارٍ بِالزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى طَلَاقٍ لَيْسَ بِخُلْعٍ وَالْمُعَارَضَةُ مَعَ قَوْلِهِ طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْخُلْعِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْخُلْعِ لَا مُعَارَضَةَ.

(قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ) وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً أَوْ كَانَ وَاحِدَةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ اثْنَتَيْنِ أَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ خَالَعَهَا بِمَالٍ رَدَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِبَيْنُونَتِهَا بِالثَّلَاثِ وَبِالْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ إلَخْ) فَلَمْ يَكُنْ لِلْخُلْعِ مَحَلٌّ يَقَعُ فِيهِ وَعِبَارَةٌ أُخْرَى لِتَقْدِيرِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مُسَبَّبٌ، وَالْمُسَبَّبُ مَعَ السَّبَبِ إمَّا أَنْ يَقَعَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ الْمُسَبَّبُ بَعْدَ السَّبَبِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ) بَلْ وَصَادِقٌ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ إذَا خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ لَا يَشْمَلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ثَلَاثَةٌ مَعَ صِحَّةِ الْخُلْعِ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَنْفِيهِ إلَّا وُقُوعُهُ مَعَ الثَّلَاثِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ شَرْطُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ لَهَا نَفَقَتُهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ الصَّقِلِّيُّ وَقَالَهُ سَحْنُونَ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ) وَلَا تَدْخُلُ الْكِسْوَةُ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَأَفْتَى النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بِدُخُولِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ بِهِ تَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْخُلْعِ فَإِذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ مَا تَلِدُهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْحَمْلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الْخُلْعِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ مُدَّةَ الشَّهْرِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بِمَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْحُقُوقَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ عج وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ تَسْقُطُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْمُخَالَعَةُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا جَازَ عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَلَزِمَ دُونَ مُدَّةِ غَيْرِهَا مَعَهُ أَوْ مُسْتَقِلَّةً عَلَى وَلَدِهَا الْكَبِيرِ مَعَ وُجُودِ الْغَرَرِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَلِأَنَّ رَضَاعَهُ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهَا حَيْثُ مَاتَ الْأَبُ وَهُوَ مُعْدِمٌ وَفِي عب أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهَا وَعَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَى الْمُخَالِعِ أَيْضًا مُدَّةَ رَضَاعِ وَلَدِهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجِ الْمُضَافَةُ لِلرَّضَاعِ فِي الشَّرْطِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُضَافَةً لِرَضَاعِ وَلَدِهَا وَقَدَّرَهَا بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَحَوْلَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَالْمَخْزُومِيُّ) لَا شَكَّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ هُوَ الْمَخْزُومِيُّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا

ص: 22

مَالِكٍ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ: وَالْعَمَلُ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ غُرُورٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَأَمَّا لَوْ قُيِّدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ عَاشَ لَجَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْأَبُ ذَلِكَ مُشَاهَرَةً وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُقَابِلٌ وَأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ.

(ص) كَمَوْتِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي السُّقُوطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَوْلَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْوَضْعِ فَمَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا ذَلِكَ.

(ص) وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَعَلَيْهَا (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ مِنْهَا وَتُرْضِعَهُ مُدَّةَ حَوْلَيْنِ فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا مَا يُصْرَفُ عَلَى الْوَلَدِ فِي نَفَقَتِهِ وَرَضَاعِهِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهَا فَهُوَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَ الْمَالُ لِوَرَثَةِ أُمِّهِ يَوْمَ مَوْتِهَا فَإِنْ لَمْ تُخَلِّفْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فَإِنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَأُجْرَةَ رَضَاعِهِ عَلَى أَبِيهِ فَلَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَسْتَأْجِرَ مَنْ يُرْضِعُهُ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ أَنْ تُرْضِعَهُمَا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِمَا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ فَقَوْلُهُ فَعَلَيْهَا يَرْجِعُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ أَوْ عَنْ نَفَقَتِهَا نَفْسِهَا أَنْفَقَ الْأَبُ وَتَبِعَهَا إنْ أَيْسَرَتْ.

(ص) وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ إلَّا لِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي: الزَّوْجُ إذَا خَلَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ بَعِيرِهَا الشَّارِدِ فَإِنَّ أُجْرَةَ تَحْصِيلِهِمَا وَالْجُعْلَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا صَارَا عَلَى مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْخُلْعِ وَزَالَ مِلْكُ الزَّوْجَةِ عَنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا.

(ص) لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ أُمِّ الْجَنِينِ تَكُونُ عَلَى الزَّوْجَةِ حَيْثُ خَالَعَتْهُ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهَا إلَى حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ثُمَّ تَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ أُجْرَةُ رَضَاعِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ وَصَارَ فِي مِلْكِهِ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَلَى جَمْعِ الْجَنِينِ مَعَ أُمِّهِ بِأَنْ يَبِيعَاهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ.

(ص) وَفِي نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِالْكُلِّيَّةِ هَلْ نَفَقَتُهَا إلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ تَمَّ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ شَرْعًا قَوْلَانِ لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَمْ تَطِبْ بَدَلَ " لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا " لَكَانَ أَخْصَرَ.

(ص) وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ (ش) أَيْ كَأَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهٍ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ وَيَفْعَلَ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ كَأَنْ تَكُونَ عَادَتُهُمْ أَنَّهَا إذَا خَلَعَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهُ لَهُ أَوْ خَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَنَّهُ طَلَاقٌ وَكَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفَقَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ الْكَبِيرِ أَيْ الَّذِي لَيْسَ بِرَضِيعٍ لَا فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُفْرَضَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالزَّوْجِ بِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ عج وَيُحْمَلُ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْإِسْقَاطِ بِأَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِالرُّجُوعِ أَوْ لَمْ يَجْرِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَمَوْتِهِ تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْإِسْقَاطِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ عَنْهَا ذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ كَمَا يُفِيدُ أَبُو الْحَسَنِ وَمِثْلُ الْمَوْتِ اسْتِغْنَاؤُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ وَيُوقَفُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَبُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْوَلَدِ فَكَلَّمَا مَضَى أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ دَفَعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الْمَالِ لِوَرَثَةِ الْأُمِّ يَوْمَ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَقَصَ عَنْ كِفَايَةِ الْوَلَدِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِشَرْطٍ) وَمِثْلُهُ الْعُرْفُ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ مَاتَتْ وَمَا بَعْدَهُ وَتَقْدِيمُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ كَالْعُرْفِ الْخَاصِّ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَالْجُعْلَ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ قَالَ اللَّقَانِيِّ تَعْبِيرُهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِالْجَعَالَةِ وَمِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِالْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَالنَّفَقَةُ تَشْمَلُ الْجَعَالَةَ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ تَحْصِيلِهِ لَا عَلَى الزَّوْجَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا وَضَمَانُهَا بِالْمُخَالَعَةِ عَلَيْهِ إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ النَّفَقَةِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا انْتَهَى فَتَبَيَّنَ قُصُورُ كَلَامِ شَارِحِنَا.

(قَوْلُهُ: لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ) أَيْ أُمِّ جَنِينٍ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَيْ لَكِنْ بَعْدَ وَضْعِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَنِينًا بَعْدَ وَضْعِهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَيْ أُجْرَةُ رَضَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ) أَيْ وَأُجْبِرَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ) أَيْ لِأَنَّ بُعْدَهُ عَنْ أُمِّهِ بِعِوَضٍ فَلِذَلِكَ جُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ بَلْ يَكْفِي الْجَمْعُ فِي الْحَوْزِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِالْكُلِّيَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ) الظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَإِنْ بَدَا وَلَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ بُدُوِّهِ لِكُلْفَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ أَخْذِهَا إلَّا لِشَرْطٍ.

(قَوْلُهُ: وَيَفْعَلَ فِعْلًا) الْفِعْلُ فِي الْمَقَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ عَدَمُ الْمَنْعِ بِمَعْنَى الْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى صُورَتَيْنِ صُورَةٍ لِلْخُلْعِ وَصُورَةٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي الْخُلْعِ فَقَوْلُهُ " كَأَنْ تَكُونَ عَادَتُهُمْ " هَذِهِ صُورَةٌ لِلْخُلْعِ وَقَوْلُهُ " أَوْ خَرَجَتْ إلَخْ " صُورَةٌ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ " وَكَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ " هَذِهِ صُورَةُ خُلْعٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً "

ص: 23

دَرَاهِمَ أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً وَيَقْبَلَ مِنْهَا ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ الْحُفْرَةَ وَعُرْفُهُمَا دَلَالَةُ الْحُفْرَةِ وَالدَّفْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ.

(ص) وَإِنْ عَلَّقَ بِالْإِقْبَاضِ وَالْأَدَاءِ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَقْبَضْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَدَّيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَدَّيْتنِي فَقَدْ طَلَّقْتُك لَمْ يَخْتَصَّ إقْبَاضُهَا أَوْ أَدَاؤُهَا بِالْمَجْلِسِ أَيْ الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلَ بَلْ إذَا أَقْبَضَتْهُ أَوْ أَتَتْ إلَيْهِ بِمَا طَلَبَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ يُرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَجْعَلُ التَّمْلِيكَ إلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْمَجْلِسَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى تِلْكَ الْقَرِينَةِ، وَالْوَاوُ فِي " وَالْأَدَاءِ " بِمَعْنَى " أَوْ " وَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ هَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ الْبَيْنُونَةُ أَمْ لَا يَأْتِي التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَمْ يَخْتَصَّ لِلْإِقْبَاضِ أَوْ الْأَدَاءِ وَأَمَّا الْقَبُولُ فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا وَإِنَّمَا يُنَاطُ الْحُكْمُ بِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ وَإِلَّا فَلَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُوَافِقٌ لِمَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ نَاجِزًا فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ.

(ص) وَلَزِمَ فِي الْأَلْفِ الْغَالِبُ (ش) يَعْنِي لَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ هَذَا الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ هِيَ الْغَالِبَةَ أَيْ غَالِبُ تَعَامُلِ النَّاسِ بِهَا أَوْ الدَّنَانِيرُ فَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي غَنَمِ تِلْكَ الْبَلَدِ الضَّأْنَ أَوْ الْمَعَزَ فَإِنَّ الْأَلْفَ يُؤْخَذُ مِنْ الْغَالِبِ وَيَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الْغَالِبِ الْبَيْنُونَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْبَيْنُونَةُ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ.

(ص) وَالْبَيْنُونَةُ إنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَارَقْتُكِ أَوْ أُفَارِقْكِ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا (ش) عَطَفَ عَلَى " الْغَالِبُ "

ــ

[حاشية العدوي]

صُورَةٌ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ " وَيَقْبَلَ مِنْهَا ذَلِكَ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَكَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ " وَقَوْلُهُ " أَوْ يَرُدَّ الْحُفْرَةَ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً " وَيَكُونُ الْفِعْلُ الصَّادِرُ مِنْ الزَّوْجِ هُوَ عَدَمَ الْمَنْعِ أَيْ الْكَفَّ عَنْ الْمَنْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ " أَوْ خَرَجَتْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَرُدَّ الْحُفْرَةَ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ وَعَلَى هَذَا عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ: فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مَا يَغِيظُهَا وَأَخْرَجَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهُ لَهُ وَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ وَالرَّدُّ هُوَ الرَّدْمُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا.

(قَوْلُهُ: وَعُرْفُهُمَا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ " وَعُرْفُهُمْ دَلَالَةُ مَا ذُكِرَ " لِيَشْمَلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخُلْعِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الدَّارِ وَمَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِلَّا وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ صَاحَبَهُ عِوَضٌ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِلَّا فَهُوَ رَجْعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْأَمْثِلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِالْتِزَامِ أَوْ الْوَعْدِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مَنَاطُ الْحُكْمِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مُفِيدٌ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِالْتِزَامُ وَلَا وَعْدُ الِالْتِزَامِ وَالِالْتِزَامُ وَالْوَعْدُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ فِي نَحْوِ فَارَقْتُكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنَاطُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَكِّدُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ نَاجِزًا) مَثَلًا بِأَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ أَقْبَضْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَقُولَ أُقْبِضُك وَتَقْبِضُ فَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَتْبَعْ قَبُولٌ نَاجِزٌ بِالْمَجْلِسِ وَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَعَ قَرِينَةٍ عَلَى عَدَمِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ عِنْدَهُ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وُجُودُ الْقَبُولِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِالْمَجْلِسِ نَاجِزَيْنِ فَخُلْعٌ بِاتِّفَاقِهِمَا، الثَّانِيَةُ عَدَمُ وُجُودِهِمَا إلَى مَا يَرَى تَرْكَ الزَّوْجَيْنِ لِلتَّعْلِيقِ وَلَا قَرِينَةَ فَلَا خُلْعَ بِاتِّفَاقِهِمَا. الثَّالِثَةُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَعَ قَرِينَةٍ عَلَى عَدَمِ التَّرْكِ وَلَمْ يَقَعْ قَبُولٌ نَاجِزًا بِالْمَجْلِسِ فَهُوَ لَيْسَ خُلْعًا لَهَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَهَا ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ هَذَا مَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ إلَّا أَنَّهُ فِي شَرْحِ شب يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمُعَلَّقِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ نَاجِزًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ مِنْهُ مِثْلُ مَتَى أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مِنْهَا مِثْلُ مَتَى طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَلَّقِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ نَاجِزًا وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَوْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ نَاجِزًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ أَصْلًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ النَّقْدِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الذَّهَبَ فَالْأَلْفُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْفِضَّةَ فَالْأَلْفُ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ النِّصْفُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ اثْنَيْنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَمِنْ كُلٍّ الثُّلُثُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الذَّهَبَ أَصْنَافٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ أَلْفٌ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا قُبِلَ تَفْسِيرُهُ إنْ وَافَقَتْهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْهُ حُلِّفَتْ وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ (تَقْرِيرٌ) وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: لَزِمَ مَا تَأْتِي بِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالْبَيْنُونَةُ) مَرْضِيُّ عج وَابْنِ فُجْلَةَ أَنَّ الْمُرَادَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْطَاءِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ الطَّلَاقِ وَمَرْضِيُّ النَّاصِرِ أَنَّ الْمَعْنَى وَلَزِمَ إنْشَاءُ الْبَيْنُونَةِ أَيْ إنْشَاءُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَأَنْ يَقُولَ هِيَ طَالِقٌ وَالْحَقُّ كَلَامُ النَّاصِرِ وَلِذَلِكَ كَتَبَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءٍ وَهُوَ ظَاهِرُ تَوْضِيحِهِ أَيْضًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِنْشَاءِ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَنْشَأْت عَقْدَ الْخُلْعِ وَفَائِدَةُ حُصُولِ الْإِنْشَاءِ أَنَّ الْوَعْدَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنْ يُنْشِئَ الطَّلَاقَ إذَا أَعْطَتْهُ أَلْفًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ) قَالَ الْحَطَّابُ فِي كِتَابِهِ الِالْتِزَامِ: الْمَرْجِعُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الِالْتِزَامِ وَالْوَعْدِ إلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَحَيْثُ دَلَّ الْكَلَامُ عَلَى أَحَدِهِمَا

ص: 24

وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ إنْ أَدَّيْتنِي أَلْفًا أَوْ إنْ أَتَيْتنِي بِأَلْفٍ مِنْ الْغَنَمِ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَتْ لَهُ بِأَلْفٍ مِنْ غَالِبِ نُقُودِ الْبَلَدِ أَوْ غَنَمِهَا أَوْ بَقَرِهَا أَوْ إبِلِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ هَذَا إذَا فُهِمَ مِنْهُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَوْ الْمَقَالِ كَمَتَى شِئْت أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا الِالْتِزَامُ لِذَلِكَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَذَا إنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَدْ وَرَّطَهَا أَيْ أَدْخَلَهَا فِي وَرْطَةٍ بِأَنْ بَاعَتْ أَمْتِعَتَهَا أَوْ دَارَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِذَلِكَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْخِلْهَا فِي وَرْطَةٍ بِسَبَبِ الْوَعْدِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ قَوْلُهُ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ رَاجِعٌ لِلصِّيغَتَيْنِ أَمَّا رُجُوعُهُ لِأُفَارِقكِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِفَارَقْتُكِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا إلَّا أَنَّ " إنْ " تُخَلِّصُ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ أُفَارِقْكِ بِالْجَزْمِ جَوَابُ الشَّرْطِ.

(ص) أَوْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً (ش) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْبَيْنُونَةُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّلَاثِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا بِالثَّلَاثِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ الطَّلْقَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَائِنَةً نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَهَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ رَاجِعْ خُلْعَ الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) أَوْ بِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ.

(ص) أَوْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَفَعَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَبِنِّي بِأَلْفٍ أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ رُبُعَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ بِأَلْفٍ أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فِي جَمِيعِ هَذَا الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ بِأَلْفٍ فَفَعَلَ مَا سَأَلَتْهُ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْ عِصْمَتِهِ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَدْفَعَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي عَيَّنَتْهَا وَسَوَاءٌ أَوْقَعَ الْبَيْنُونَةَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ أَوْ أَثْنَائِهِ أَوْ آخِرِهِ فَقَوْلُهُ فَفَعَلَ جَوَابٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ.

(ص) أَوْ قَالَ بِأَلْفٍ غَدًا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا بِأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْإِبِلِ مَثَلًا فَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَيَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلِّقْنِي غَدًا وَلَك أَلْفٌ فَإِذَا طَلَّقَ فِي الْغَدِ أَوْ قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ إذَا فُهِمَ مِنْ مَقْصُودِهَا تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ وَإِنْ فُهِمَ مِنْهَا تَخْصِيصُ الْيَوْمِ لَمْ يَلْزَمْهَا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهَا إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ مُطْلَقًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ.

(ص) أَوْ بِهَذَا الْهَرَوِيِّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ (ش) الْهَرَوِيُّ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ بَعْدَهَا وَاوٌ

ــ

[حاشية العدوي]

عُمِلَ عَلَيْهِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إذْ الِالْتِزَامُ قَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ بِالْقَرِينَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ خَلِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَكِنَّ صِيغَةَ الْمَاضِي تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ وَإِنْفَاذِ الْعَطِيَّةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْوَعْدُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِيهِ الْتِزَامٌ وَلَا وَعْدٌ بَلْ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ التَّمْثِيلُ بِمَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: كَمَتَى شِئْت إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هُوَ نَفْسُ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الِالْتِزَامِ وَلَا ظُهُورَ لَهُ بَلْ الْقَرِينَةُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَلْزَمُ وَيُحَلَّفُ مَا أَرَدْتُ طَلَاقًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ قَائِلًا بَعْدُ: فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ وَوَرَّطَهَا لَا يَخْتَصُّ الْإِعْطَاءُ بِالْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ فَالدَّفْعُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ بَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْبَيْنُونَةُ إنْ حَصَلَ مِنْهَا الدَّفْعُ مَتَى فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ وَوَرَّطَهَا وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَخُصُّهَا اهـ (قَوْلُهُ: إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الظُّهُورَ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَظَاهِرُ إلَخْ ظُهُورُهُ أَكْثَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَعْدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْجَزْمِ إلَخْ) وَيُقْرَأُ بِالْإِدْغَامِ لِأَنَّهُ مُتَقَارِبٌ ك.

(قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ مَذْهَبُهَا بِأَنَّ شَرْطَ الزَّوْجَةِ الثَّلَاثَ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِبَيْنُونَتِهَا بِوَاحِدَةٍ وَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ وَهُوَ عَدَمُ رُجُوعِهَا إلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ إذَا نَدِمَتْ.

(قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) بَيَّنَهُ بَهْرَامُ بِقَوْلِهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثَلَاثًا أَنْ يُنْظَرَ إلَى سَبَبِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا وَهِيَ رَاغِبَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا مَقَالَ لَهَا وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً أَنْ تَرْجِعَ بِمَا أَعْطَتْهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يُوقِعَ إلَّا وَاحِدَةً لِتَحِلَّ لَهُ إنْ بَدَا لَهُمَا مِنْ قَبْلِ زَوْجٍ وَكَذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا فَطَلَّقَ وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى وَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ لِلثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ جَرَى عَلَى قَوْلَيْنِ فِيمَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَا يَنْفَعُهُ هَلْ يُوفِي بِهِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا مُقَابِلُ الْمَنْصُوصِ اهـ بَهْرَامُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي جَمِيع الشَّهْرِ) فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ وَقَعَ بَائِنًا وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَرْأَةَ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: إذَا فُهِمَ مِنْ مَقْصُودِهَا تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ) أَيْ أَوْ لَمْ يُفْهَمْ شَيْءٌ فِيمَا يَظْهَرُ عب (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ تَعْجِيلَ الطَّلَاقِ أَمْ لَا وَإِذَا فُهِمَ مِنْ الرَّجُلِ تَخْصِيصُ الْيَوْمِ فَالظَّاهِرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مِثْلُ مَا جَرَى فِي الْمَرْأَةِ

وَفِي عب وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الرَّجُلِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا بِأَلْفٍ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى أَلْفٍ وَغَدًا مَعًا أَوْ عَلَى الْأَلْفِ وَوَقَعَ غَدًا ظَرْفًا لَهُ، وَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِمِثْلِ هَذَا الزَّمَنِ أَوْ جَعْلُهُ ظَرْفًا لَهُ لَغْوٌ فَيُنَجَّزُ الطَّلَاقُ مَتَى وُجِدَتْ الْأَلْفُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ: أَرَدْتُ خُصُوصَ الْيَوْمِ.

ص: 25

مُشَدَّدَةَ الْيَاءِ ثَوْبٌ أَصْفَرُ يُعْمَلُ بِهِرَاوَةَ إحْدَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ يُقَالُ هَرَّيْت الثَّوْبَ إذَا صَبَغْته وَكَانَتْ السَّادَةُ مِنْ الْعَرَبِ يَتَعَمَّمُونَ بِالْعَمَائِمِ الْمُهَرَّاةِ، وَالْمَرْوِيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ثَوْبٌ يَلْبَسُهُ خَاصَّةُ النَّاسِ مَنْسُوبٌ إلَى مَرْوٍ وَهِيَ بَلْدَةٌ بِخُرَاسَانَ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا مَرْوِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَيُنْسَبُ إلَيْهَا أَيْضًا مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ زَايٍ وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ النَّسَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ الَّذِي فِي يَدِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ الثَّوْبَ كَانَ الْمَقْصُودُ ذَاتَه لَا نِسْبَتَهُ إلَى تِلْكَ الْبَلَدِ وَهُوَ مُقَصِّرٌ أَمَّا إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى ثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ هَرَوِيٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ.

(ص) أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَفِيهِ مُتَمَوَّلٌ أَوْ لَا عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَفَعْت لِي مَا فِي يَدِك - وَكَانَتْ مَقْبُوضَةً - فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَتَحَتْهَا فَإِذَا فِيهَا شَيْءٌ تَافِهٌ مُتَمَوَّلٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَالدِّرْهَمِ أَوْ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَخِرْقَةٍ مَثَلًا، أَوْ فَارِغَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ بِذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ لِأَنَّهُ طَلَّقَ لِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَوْ لَا يَأْخُذُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْأَحْسَنِ.

(ص) لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ لُزُومُ الْخُلْعِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْخُلْعُ فَمِنْ ذَلِكَ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا خَالِعْنِي عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَأَشَارَتْ إلَيْهَا فَخَالَعَهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا الدَّابَّةُ لَيْسَتْ لَهَا وَلَا مِلْكَ لَهَا فِيهَا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ لَهُ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَلَوْ أَجَازَ صَاحِبُهُ.

(ص) أَوْ بِتَافِهٍ فِي: إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَقَدْ خَالَعْتُك فَإِنْ أَتَتْهُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَإِنْ أَتَتْهُ بِدُونِ خُلْعِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّافِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ يَمِينًا.

(ص) أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ - مَثَلًا - فَقَبِلَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: مَا قَصْدِي وَغَرَضِي أَنْ تَتَخَلَّصِي مِنِّي إلَّا بِأَلْفٍ لَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِالْأَلْفِ لَزِمَهُ الْخُلْعُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ حَصَلَ، وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ بَلْ وُقُوعُ الثَّلَاثِ خِلَافُ طَلَاقِ السُّنَّةِ كَمَا يَأْتِي.

(ص) وَإِنْ ادَّعَى الْخُلْعَ أَوْ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا حُلِّفَتْ وَبَانَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى وُقُوعِ طَلْقَةٍ مَثَلًا وَقَالَ الزَّوْجُ وَقَعَتْ بِعِوَضٍ وَلَمْ تَدْفَعْهُ لِي وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْخُلْعِ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ الْمَذْكُورَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ قَالَ وَقَعَتْ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَقَالَتْ بَلْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ قَالَ عَلَى عَبْدٍ وَقَالَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ الْخُلْعَ يَلْزَمُ بَيْنَهُمَا وَتُحَلَّفُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي دَعْوَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَإِنْ نَكَلَتْ حُلِّفَ الزَّوْجُ وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي دَعْوَاهُ الْخُلْعَ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي دَعْوَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ.

(ص) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْعِوَضِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ وَاخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: ثَوْبٌ أَصْفَرُ إلَخْ) مِنْ رَقِيقِ الْقُطْنِ يُصَفَّرُ سَدَاهُ بِالزَّعْفَرَانِ أَوْ الْكَمُّونِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: يُقَالُ هَرَّيْت الثَّوْبَ إذَا صَبَغْته) أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْمَادَّةُ (قَوْلُهُ: يَلْبَسُهُ خَاصَّةُ النَّاسِ) مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْهَرَوِيَّ يَلْبَسُهُ خَاصَّةُ النَّاسِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ) هَكَذَا فِي التَّنْبِيهِ بِزِيَادَةِ " غَيْرِ " وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا وَالصَّوَابُ مَا فِي عج فَإِنَّهُ قَالَ مَرْوٌ بِسُكُونِ الرَّاءِ يُنْسَبُ إلَيْهَا مَا لَا يَعْقِلُ عَلَى الْقِيَاسِ فَيُقَالُ: ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ وَأَمَّا مَنْ يَعْقِلُ فَيُنْسَبُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَيُقَالُ: رَجُلٌ مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ " زَايٍ " ذَكَرَهُ التِّلْمِسَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مَرْوَزِيٌّ) لِقُرْبِ مَخْرَجِ الزَّايِ مِنْ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ) الْمُنَاسِبُ يَلْزَمُ مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا فَإِذَا كَانَ فِي يَدِهَا حَجَرٌ ظَاهِرٌ مُتَمَوَّلٌ وَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِهَذَا الْحَجَرِ فَطَلَّقَهَا فَبَائِنٌ وَاسْتَحَقَّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا مَعَ إرَاءَتِهَا إيَّاهُ فَرَجْعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ) وَهِيَ عَالِمَةٌ دُونَهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَوْصُوفٍ لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ وَعَلِمَتْ بِذَلِكَ بَانَتْ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَهِلَ مَعَهَا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ - عَلِمْت هِيَ أَمْ - لَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا خِلَافًا لِمَا فِي عب.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَقَدْ خَالَعْتُك) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّافِهِ) أَيْ فَلَمْ يُرَدْ التَّافِهُ لُغَةً وَهُوَ مَا لَا بَالَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا قَصْدِي إلَخْ) فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجُ صَحَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ) بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ فَاسِدٌ وَهُوَ تَنْفِيرُ الْأَزْوَاجِ عَنْهَا إذَا سَمِعُوا بِأَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقَعْ الثَّلَاثُ بِالنَّظَرِ لِلَفْظِهِ بِهَا نَظَرًا لِتَعْلِيقِهَا فِي الْمَعْنَى عَلَى شَيْئَيْنِ الْقَبُولِ وَالْأَلْفِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَلْفُ، أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَقَبِلْتِ الطَّلَاقَ بِالثَّلَاثِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ الشَّيْئَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْقَبُولُ لِلثَّلَاثِ فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ مَا يَقَعُ إلَّا مَا تُرِيدُهُ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَوْقَعَهَا، وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَتْ حُلِّفَ الزَّوْجُ) أَيْ لِأَنَّ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الطَّلَاقِ)" أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ.

ص: 26