الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ مَلَّكَ رَسُولَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَا وَكِيلَيْنِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَسَّمَهُ إلَى وَاقِعٍ مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ ذَكَرَ مَا قَدْ يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَهِيَ الرَّجْعَةُ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَفْعُ الزَّوْجِ أَوْ الْحَاكِمِ حُرْمَةَ الْمُتْعَةِ بِالزَّوْجَةِ لِطَلَاقِهَا. فَتَخْرُجُ الْمُرَاجَعَةُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " أَوْ الْحَاكِمِ " لِإِدْخَالِ مَا إذَا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ الرَّجْعَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَرْتَجِعُ لَهُ جَبْرًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
وَقَوْلُهُ " حُرْمَةَ الْمُتْعَةِ " هَذَا هُوَ الْمَرْفُوعُ وَقَوْلُهُ لِطَلَاقِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحُرْمَةِ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ رَفْعِ الزَّوْجِ الْحُرْمَةَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ كَمَا إذَا رَفَعَ حُرْمَةَ الظِّهَارِ بِالْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الْمُرَاجَعَةُ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ، وَالرَّجْعَةُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَخَرَجَتْ بِقَوْلِهِ " رَفْعُ الزَّوْجِ " وَلَمَّا كَانَ الْبَحْثُ فِي الرَّجْعَةِ يَتَعَلَّقُ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ؛ الْمُرْتَجِعِ وَالْمُرْتَجَعَةِ وَسَبَبِ الرَّجْعَةِ وَأَحْكَامِ الْمُرْتَجَعَةِ قَبْلَ الِارْتِجَاعِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ:(فَصْلٌ) يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّ كَلَامَهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ ارْتِجَاعُ مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَكِرَ بِحَلَالٍ وَلَا يَخْرُجُ الصَّبِيُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ طَلَاقَهُ إمَّا بَائِنٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ يُطَلِّقَ هُوَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ حُكْمُ النِّكَاحِ مِنْ جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَلَمَّا أَخْرَجَ الْمَرِيضَ وَالْمُحْرِمَ وَالْعَبْدَ بِقَوْلِهِ مَنْ يَنْكِحُ نَصَّ عَلَى دُخُولِهِمْ بِقَوْلِهِ.
(ص) وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ كَانَ نِكَاحُهُ مَمْنُوعًا وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مُحْرِمَةً أَيْضًا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ مُنِعَ النِّكَاحَ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ لِأَنَّ فِي نِكَاحِهِ إدْخَالَ وَارِثٍ، وَالرَّجْعِيَّةُ تَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ فِي رَجْعَتِهَا إدْخَالُ وَارِثٍ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّفِيهِ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُفْلِسِ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ وَتَصِحُّ
ــ
[حاشية العدوي]
وَاحِدَةً جَازَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ طَلِّقَا امْرَأَتِي فَهَذَا لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ فَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ حَمَلَ الرِّسَالَةَ عَلَى الْإِجْمَاعِ فَرَأَى الطَّلَاقَ وَاقِعًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الرِّسَالَةِ بَلَّغَاهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَهُمَا: أَعْلِمَا امْرَأَتِي بِطَلَاقِهَا وَحَمَلَ هَاهُنَا الرِّسَالَةَ عَلَى غَيْرِ الْإِجْمَاعِ فَرَأَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَبْلِيغِ مَنْ بَلَّغَهَا الطَّلَاقَ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ جَازَ وَمَا لَمْ يُطَلِّقْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمُمَلَّكِ الطَّلَاقَ وَقِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يُرِيدَ الرِّسَالَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَإِيَّاهُ اخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ اهـ وَمَعْنَى الْإِجْمَاعِ الْعَزْمُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اقْتِصَارَ س عَلَى هَذَا السَّمَاعِ فِي قَوْلِهِ إذَا حُمِلَ عَلَى الرِّسَالَةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُبَلِّغَاهَا وَتَبِعَهُ الْحَطَّابُ، وَقَوْلُ الشَّامِلِ وَحُمِلَ " طَلِّقَا امْرَأَتِي " عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَلَا يَقَعُ حَتَّى يُبَلِّغَ الرَّسُولُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ يُشِيرُ إلَى تَرْجِيحِهِ.
[فَصَلِّ فِي الرَّجْعَةُ]
(فَصْلٌ: الرَّجْعَةُ)(قَوْلُهُ: عَلَى الطَّلَاقِ) أَيْ مَسَائِلِهِ وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ كَقَوْلِهِ وَسُفِّهَ قَائِلُ: يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي، وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ) وَهُوَ الْمُمَلَّكَةُ وَالْمُخَيَّرَةُ وَالْمُوَكَّلَةُ (قَوْلُهُ: الرَّجْعَةُ) فَتْحُ رَائِهَا أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَأَنْكَرَ غَيْرُهُ الْكَسْرَ وَكَسْرُهَا أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ (قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ الْمُرَاجَعَةُ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَائِنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُوَثِّقِينَ يَسْتَعْمِلُونَ " رَاجَعَ " فِي الْبَائِنِ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ مَعًا فَهِيَ مُفَاعَلَةٌ وَيَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ " ارْتَجَعَ " فِي غَيْرِ الْبَائِنِ لِأَنَّهَا بِيَدِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا فَإِنَّهُ وَارِدٌ بِحَسَبِ اللُّغَةِ وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْحُرْمَةِ) أَيْ مُرْتَبِطٌ ارْتِبَاطًا مَعْنَوِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ الْحُرْمَةِ الْكَائِنَةِ لِأَجْلِ طَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: أَوْجُهٍ) الْأَوْلَى بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ (قَوْلُهُ: أَيْ يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ) أَيْ إنَّ الْمُصَنِّفَ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ الْمَرِيضُ وَالْمُحْرِمُ وَالْعَبْدُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَمَّا أَخْرَجَ الْمَرِيضَ إلَخْ وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ لِأَنَّ شَرْطَ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ دُخُولُهُ فِيمَا قَبْلَهَا فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَوْلَا الْمَانِعُ أَعْنِي الْمَرَضَ وَالْإِحْرَامَ وَالْحَجَّ قُلْتُ يُقَالُ: إنَّ الْمَجْنُونَ كَذَلِكَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لَوْلَا الْمَانِعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَانِعُ الْجُنُونِ أَشَدُّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَخْرَجَ أَيْ يُتَوَهَّمُ إخْرَاجُهُ لَا أَنَّهُ خَارِجٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ ارْتِجَاعُ مَجْنُونٍ) أَيْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ مَنْ يَنْكِحُ مَنْ شَأْنُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ شَأْنَ كُلٍّ مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ وَالْعَبْدِ جَوَازُ النِّكَاحِ لَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَنْ يَنْكِحُ مَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لَمْ تَصِحَّ الْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا صَادِقًا عَلَيْهَا وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَنْ يَلْزَمُ نِكَاحُهُ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ " وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ " أَيْضًا وَنَحْوُهُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ غَيْرِهِ إلَّا الصَّبِيَّ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَرِيضِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ
الرَّجْعَةُ إذَا وَضَعَتْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ قَبْلَ خُرُوجِ بَعْضِهِ الْآخَرِ وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ.
(ص) طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ (ش) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُرْتَجَعَةُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " طَالِقًا " مِنْ الزَّوَاجِ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَالُ فِيهِ رَجْعَةٌ وَبِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ مِنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِخُلْعٍ أَوْ بِطَلَاقٍ بَلَغَ الْغَايَةَ وَقَوْلُهُ " طَالِقًا " مَفْعُولُ " يَرْتَجِعُ " وَ (فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْتَجِعُ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ حَلَّ وَطْؤُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَقَوْلُهُ " صَحِيحٍ " صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْفَاسِدِ يُرِيدُ الَّذِي لَا يُقَرُّ بِالدُّخُولِ وَسَوَاءٌ فَسَخَ أَوْ طَلَّقَ فِيهِ بَعْدَ الدُّخُولِ كَخَامِسَةٍ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ (ص) حَلَّ وَطْؤُهُ (ش) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ مِنْ وَطْءٍ وَأَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَا يُقَالُ الْعِدَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْوَطْءَ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَلَّ وَطْؤُهُ مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَ وَطْءٍ فَاسِدٍ كَفِي صَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ كَمَا لَا يَقَعُ بِهِ إحْلَالٌ وَلَا إحْصَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا.
وَأَشَارَ إلَى الْبَحْثِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَبَبُ الرَّجْعَةِ بِقَوْلِهِ: (ص) بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " يَرْتَجِعُ " وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ مَعَ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْقَوْلِ الْمُحْتَمِلِ نَحْوُ أَمْسَكْتُهَا وَرَجَعْتُهَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْتُ عَنْ مَحَبَّتِهَا وَأَمْسَكْتُهَا تَعْذِيبًا لَهَا فَقَوْلُهُ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ أَيْ بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ كَمَا مَثَّلَ لَهُ وَأَمَّا الْقَوْلُ الصَّرِيحُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَارْتَجَعْتُ وَرَاجَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا لِنِكَاحِي ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ عَدَمُ افْتِقَارِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةٍ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي النَّفْسِ فَإِذَا نَوَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ رَاجَعَهَا وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ فِي ضَمِيرِهِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَعِزُّ وُجُودُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ طَالِقًا إلَخْ) لَيْسَ قَصْدُهُ الِاحْتِرَازَ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُ الْفِيشِيِّ قَوْلُهُ: طَالِقًا لَا مُحْتَرَزَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ إلَّا طَالِقًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ: طَالِقٌ أَيْ طَلْقَةً وَالْمُعْتَبَرُ تَحَقُّقُ الطَّلَاقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي اعْتِقَادِ الْمُرْتَجِعِ فَمَنْ ارْتَجَعَ زَوْجَتَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا فَإِنَّ رَجْعَتَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا وَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ رَجْعَةٍ غَيْرِ الرَّجْعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَلَيْسَتْ مُسْتَنِدَةً لِلطَّلَاقِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ هَكَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ شب.
(قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ) أَيْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ " طَالِقًا " مَفْعُولُ " يَرْتَجِعُ ") أَيْ يَرْتَجِعُ امْرَأَةً مُطَلَّقَةً (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حِلُّ وَطْئِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ السَّفِيهَ إذَا تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَطَلَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا امْرَأَتَهُ وَرَاجَعَهَا فَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ وَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا نَعَمْ هِيَ مُتَوَقِّفَةٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: لَا يُغْنِي عَنْهُ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ مَنْ طَلُقَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا يُقَالُ فِيهَا: إنَّهَا مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا بَائِنًا بَلْ غَيْرَ بَائِنٍ فَلِذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَقَوْلُهُ: صَحِيحٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَامِسَةَ إذَا طَلُقَتْ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْخَامِسَةِ أَنَّهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَتْ فِي خُلْعٍ أَيْ صُورَتُهُ صُورَةُ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَهُوَ فَسْخٌ بِدُونِ طَلَاقٍ فَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ طَلَاقٌ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا تَعْتَدُّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ) يُغْنِي عَنْ هَذِهِ قَوْلُهُ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: كَفِي صَوْمٍ وَنَحْوِهِ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ كَأَنْ كَانَ فِي إحْرَامٍ أَوْ حَيْضٍ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَقَعُ بِهِ إحْلَالٌ وَلَا إحْصَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ يُحِلُّ وَيُحْصِنُ اللَّخْمِيُّ فَعَلَى هَذَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، وَفِي الْفِيشِيِّ اُنْظُرْ هَلْ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْحَرَامِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ لَا رَجْعَةَ فِيهِ فَفِيهِ النَّفَقَةُ وَالْإِرْثُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ نِيَّةٍ) أَيْ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةٍ أَيْ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا لِأَنَّهُمَا صِيغَتَانِ غَيْرُ صَرِيحَتَيْنِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ لِأَنَّ الصَّرِيحَ ارْتَجَعْتُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَعْت لَيْسَ صَرِيحًا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْتُ لِمَحَبَّتِهَا أَوْ مَوَدَّتِهَا لَا لِعِصْمَتِهَا وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ (قَوْلُهُ: كَارْتَجَعْتُ إلَخْ) هَذِهِ ثَلَاثُ صِيَغٍ (قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ عَدَمُ افْتِقَارِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةٍ) قَالَ بَهْرَامُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَافٍ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ) قَالَ عج وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) الْعِبَارَةُ فِيهَا تَغْيِيرٌ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ مُصَرِّحَةٌ بِالْمَقْصُودِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ تَخْرِيجُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِصُعُوبَةِ وُجُودِهِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ
الْمَذْهَبِ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجُ ابْنِ الْمَوَّازِ نِيَّةَ الرَّجْعَةِ بِالْقَلْبِ لَا تَنْفَعُ إلَّا مَعَ فِعْلٍ مِثْلُ جَسَّةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرِ فَرْجٍ وَمَا قَارَبَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَنْفَعْهُ النِّيَّةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى ثُمَّ أَصَابَ فَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ.
وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الرَّجْعَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فِيمَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ فِيهَا بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا رُفِعَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ.
(ص) أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا فِيهِ لِأَنَّ هَزْلَهُ جِدٌّ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ النِّيَّةِ فَيُؤْخَذُ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِقَوْلٍ أَيْ صَرِيحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ كَارْتَجَعْتُهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ هَزْلًا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَا قَبْلَهَا مَعَ قَوْلِهِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ.
(ص) لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْت الْحِلَّ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْعَارِيَ عَنْ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْمُحْتَمِلَ الْعَارِي عَنْ النِّيَّةِ وَعَنْ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ كَقَوْلِهِ أَعَدْتُ الْحِلَّ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلرَّجْعَةِ وَلِغَيْرِهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى عَمَلِ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ شَرَعَ فِي فِعْلِ الْجَوَارِحِ فَقَالَ.
(ص) وَلَا يَفْعَلُ دُونَهَا كَوَطْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ مُجَرَّدٍ عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَلَوْ بِأَقْوَى الْأَفْعَالِ كَوَطْءٍ وَأَحْرَى قُبْلَةٌ وَلَمْسٌ، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا مِنْ الْفِعْلِ فَإِذَا نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ كَفَى قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ الْوَطْءِ، وَلَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْوَطْءِ بَلْ بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ رَجْعَةً حَتَّى يَنْوِيَهَا بِهِ وَكَانَ وَطْءُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: ابْنِ الْمَوَّازِ إلَخْ) أَقُولُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُخَرَّجَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لُزُومُ الطَّلَاقِ بِهِ أَجَابَ الْبَدْرُ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْأَصَحُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْصُوصٌ أَيْ فَيَكُونُ قَوِيًّا فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ وَعَادَةُ الْمُصَنِّفِ إذَا قَدَّمَ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ يَكُونُ الْأَوَّلُ أَقْوَى عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُهُ وَتَضْعِيفُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرِ فَرْجٍ) وَالظَّاهِرُ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهَا) عِبَارَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ نَوَى الرَّجْعَةَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ إلَّا مَعَ فِعْلٍ مِثْلُ جَسَّةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ ضَمَّةٍ أَوْ نَظَرٍ إلَى فَرْجِهَا وَمَا قَارَبَهَا فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِشَارِحِنَا أَنْ يَزِيدَ " أَوْ ضَمَّةٍ " لِأَجْلِ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَارَبَهَا لِلْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى) أَيْ قَصَدَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِيَسِيرٍ أَيْ الْقَصْدُ: وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ أَوَّلًا فِي النِّيَّةِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَلَمْ يَأْتِ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ) أَيْ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا.
(قَوْلُهُ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " أَوْ نِيَّةٍ " عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا) أَيْ لِمَا قُلْنَا أَنَّهَا رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ وَحُكْمِ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ فِيهَا بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا هِيَ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ بَلْ نَقُولُ يَحِلُّ إرْثُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ تُقِمْ بَيِّنَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) أَيْ إنْ أَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً كَمَا ذَكَرُوا نَظِيرَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ فَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ظَاهِرٌ أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرْفَعْ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ مَعَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَذَلِكَ إرْثٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزْلًا) الْمُرَادُ بِالْهَزْلِ الْعَارِي عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فِي الظَّاهِرِ) رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَا الْبَاطِنِ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْهَزْلِ رَجْعَةً فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ لُزُومُ الْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَيَحِلُّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا مَعَ الْهَزْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَقَدْ قِيلَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ مُلَخَّصُ مَا فِي عب (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ الْقَوْلُ الْمُحْتَمِلُ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقَوْلٍ هَزْلًا غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ وَأَمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِنِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَهَلْ تَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ النِّيَّةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ أَوْ لَا وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ وَالرَّجْعَةَ تُحَلِّلُ.
(قَوْلُهُ: الْعَارِيَ عَنْ النِّيَّةِ) وَصْفٌ مُخَصِّصٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ " وَعَنْ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ " وَصْفٌ كَاشِفٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلرَّجْعَةِ وَلِغَيْرِهَا) إذْ " أَعَدْتُ الْحِلَّ " يَحْتَمِلُ لِي وَلِلنَّاسِ وَقَوْلُهُ " وَرَفَعْتُ التَّحْرِيمَ " عَنِّي أَوْ عَنْ النَّاسِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ رَجْعَةٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ أَعَدْتُ حِلَّهَا أَوْ رَفَعْتُ تَحْرِيمَهَا فَرَجْعَةٌ لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَعَدْتُ حِلَّهَا لِلنَّاسِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَرَفَعْتُ تَحْرِيمَهَا عَنْ النَّاسِ لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ دَلَالَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: كَوَطْءٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَحِبَهُ قَوْلٌ بِلَا نِيَّةٍ مُحْتَمِلٌ أَوْ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَبْرِئُهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَطْءَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: بَلْ بِغَيْرِهِ) لَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَجْعَةٌ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ فُسِخَ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ هَذِهِ كَالْعِدَّةِ
الْمَبِيعَةِ بِخِيَارٍ اخْتِيَارًا وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ جَعَلَ لَهُ الْبَائِعُ الْخِيَارَ وَأَبَاحَ لَهُ الْوَطْءَ بِهِ فَفَعَلَ مُبَاحًا وَتَمَّ بِهِ مِلْكُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّيَّةِ - فَقَطْ - تَكُونُ رَجْعَةً بِخِلَافِ الْفِعْلِ أَنَّ النِّيَّةَ مَوْضُوعَةٌ لِلرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ (ص) وَلَا صَدَاقَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَطْئًا عَارِيًّا عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَقُلْنَا لَا تَحْصُلُ لَهُ بِهِ الرَّجْعَةُ فَإِنَّهُ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ لَهَا بِذَلِكَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَإِنْ اسْتَمَرَّ وَانْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَاسْتَمَرَّ عَلَى وَطْئِهَا وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ إلَى أَنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ حَنِثَ فِيهَا بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ فَهُوَ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا يَلْحَقُهَا إذْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَانْظُرْ التَّلَذُّذَ بِهَا مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ إذَا حَصَلَ بِلَا نِيَّةٍ وَطَلَّقَ هَلْ يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ كَمَا إذَا وَطِئَ بِلَا نِيَّةٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَنْ وَافَقَهُ ثُمَّ إنَّ الْخِلَافَ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَأَمَّا إنْ أَسَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ بِاتِّفَاقٍ.
(ص) وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ فَلَا رَجْعَةَ وَلَوْ تَصَادَقَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ وَأَوْلَى إذَا تَصَادَقَا بَعْدَهُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَدَاءِ الرَّجْعَةِ إلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيَّ وَلَا صَدَاقَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ فَتَصِحَّ حِينَئِذٍ رَجْعَتُهُ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَنْفِي التُّهْمَةَ وَبِعِبَارَةٍ لَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُ الدُّخُولِ أَوْ ظُنَّ أَوْ شُكَّ أَوْ تُوُهِّمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِلْمَ عَدَمِ الدُّخُولِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَلَا إنْ عُلِمَ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَتَعَقُّبُ الْبِسَاطِيِّ لِكَلَامِ الشَّارِحِ فَاسِدٌ إذْ لَا يَتَرَدَّدُ عَاقِلٌ فِي أَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ غَيْرُ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ (ص) وَأَخَذَا بِإِقْرَارِهِمَا (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَيَعْمَلُ بِهِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَكَامِلُ الصَّدَاقِ وَلَا يَتَزَوَّجُ بِأُخْتِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا بِخَامِسَةٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ الْعِدَّةُ وَعَدَمُ تَزْوِيجِ الْغَيْرِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ (ص) كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ عَلَى الْأَصْوَبِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمَيْنِ وَهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَالْأَخْذُ بِإِقْرَارِهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
إذْ مَنْ عَقَدَ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ لَا يُفْسَخُ عَقْدُهُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَيَكُونُ رَجْعَةً.
(قَوْلُهُ: وَتَمَّ بِهِ مِلْكُهُ) الظَّاهِرُ فَتَمَّ بِهِ مِلْكُهُ فَرُوحُ الْفَرْقِ قَوْلُهُ: فَعَلَ بِهِ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: أَنَّ النِّيَّةَ مَوْضُوعَةٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً لَمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَدْلُولَهَا ذَلِكَ لُغَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لُغَةً لَا شَرْعًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَقِيلَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا انْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ فِيهَا بِالثَّلَاثِ) بِأَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا وَدَخَلَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَهَا أَيْ بِدُونِ تَعْلِيقٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ وَيَكْفِي عِلْمُهَا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَتِهَا وَعَلَى شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِالْخَلْوَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ تَقَارُرِهِمَا عَلَى الْوَطْءِ وَلَكِنْ يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ إقْرَارَ الزَّوْجِ فَقَطْ بِالْوَطْءِ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ فَلَا رَجْعَةَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ فَلَا وَطْءَ فَلَا رَجْعَةَ (قَوْلُهُ: وَتَعَقُّبُ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ تت وَإِدْخَالُ الشَّارِحِ عِلْمَ عَدَمِ الدُّخُولِ تَحْتَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ تَعَقَّبَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ غَيْرُ عِلْمِ عَدَمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى كَلَامُ تت وَحَاصِلُ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَجْزِمُ بِأَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ غَيْرُ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ.
فَبَهْرَامُ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُفِيدًا أَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ هُوَ الْعِلْمُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ بَلْ كَلَامُهُ مُفِيدٌ أَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ دَاخِلٌ تَحْتَ عَدَمِ عِلْمِ الدُّخُولِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فَاسِدٌ وَقَوْلُ تت وَهُوَ ظَاهِرٌ فَاسِدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ سَوَاءٌ كَانَ تَصَادُقُهُمَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِمَا إلَّا فِي الْعِدَّةِ فَقَطْ وَهُوَ تَابِعٌ لِلتَّتَّائِيِّ وَالزَّرْقَانِيِّ وَبَعْضِ الشَّارِحِينَ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالشَّيْخُ خَضِرٌ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا فَحُرْمَةُ تَزْوِيجِهَا بِالْغَيْرِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِالْعِدَّةِ بَلْ قَدْ يَكُونُ فِيهَا وَبَعْدَهَا أَيْ مَعَ ادِّعَاءِ الرَّجْعَةِ وَاعْتَمَدَ مُحَشِّي تت كَلَامَ تت وَبَعْضِ الشَّارِحِينَ وَجَعَلَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ خَضِرٌ وَمَنْ وَافَقَهُ غَيْرَ مُسَاعِدٍ لَهُ النَّقْلُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ) قَالَ مُحَشِّي تت فَمَنْ رَجَعَ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تت وَصَرَّحَ بِهِ س وَزَعَمَ ج أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَائِلًا إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى مَنْعِ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ قَوْلِهِ رَجَعْتُهَا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ يُجْبِرُهَا لَهُ إذَا أَعْطَاهَا رُبُعَ دِينَارٍ قَبُولُ رُجُوعِهَا عَنْ تَصْدِيقِهِ وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ قَبُولَ رُجُوعِهِمَا عَنْ قَوْلِهِمَا كَمَنْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَكَذَّبَهَا ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ مُرَاجَعَتَهُ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا أَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَاخْتَارَهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا فَتَأَمَّلْهُ
فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَيْ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ قَدْ عُلِمَتْ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ وَهِيَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى الدَّوَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ وَكَذَا هِيَ إنْ صَدَّقَتْهُ وَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ أَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ بِأَنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ بَعْدَهَا أَيْ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَاهُ لَا بِالْهَاءِ مِنْ لَهَا وَقَوْلُهُ إنْ تَمَادَيَا يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا التَّصْدِيقُ عَلَى الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ دُخُولٍ وَدَعْوَى الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمَّا لَوْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَ نَفْسَهُ سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ مِنْهُمَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَانْظُرْ بَسْطَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
(ص) وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ (ش) أَيْ وَلِلْمُصَدِّقَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي الْأُولَى وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَبَدًا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَا عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا شِبْهُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ إذْ التَّمَادِي عَلَى التَّصْدِيقِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَصْدِيقِهَا وَإِنَّمَا ارْتَكَبَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَا تَطْلُقُ) عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ قَامَتْ (لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا وَلَا هِيَ زَوْجَةٌ فِي الْحُكْمِ وَلِأَنَّ بِيَدِهَا أَنْ تَرْجِعَ فَيَسْقُطَ عَنْهَا مَا كَانَ لَازِمًا لَهَا بِإِقْرَارِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا تَطْلُقُ إلَخْ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الْأُولَى أَيْضًا لَكِنْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (ص) وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ (ش) أَيْ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُصَدِّقَةَ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ عَلَيْهَا بِرُبُعِ دِينَارٍ بِأَنْ يَحْضُرَ وَلِيُّهَا وَيَدْفَعَ لَهَا ذَلِكَ وَتُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ وَيُعِيدُهَا لَهُ وَلِيُّهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ شُرُوطِهِ وَذَلِكَ يَزُولُ بِوُجُودِ الْعَقْدِ الْجَدِيدِ فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَعْقِدُ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَبَتْ هِيَ (ص) وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ فِي زِيَارَةٍ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَذَّبَتْهُ فَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ لِإِقْرَارِهِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْخَلْوَةِ وَإِنْ خَلَا بِهَا خَلْوَةَ الْبِنَاءِ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ فَقَوْلُهُ وَلَا إنْ أَقَرَّ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ أَيْ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ رَجْعَةٌ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ قَدْ عُلِمَتْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا تَكْفِي الْخَلْوَةُ فِي الْمُرَاجَعَةِ وَإِنْ كَفَتْ فِي الْعِدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ قَرِيبًا عَلَى خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ) يَقْتَضِي وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَلَوْ لَمْ تُصَدِّقْهُ وَيَرُدُّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَاهُ) أَيْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: لَا بِالْهَاءِ مِنْ لَهَا) أَيْ إذْ لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْهَاءِ مِنْ لَهَا لَكَانَ الْمَعْنَى لِلرَّجْعَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى إذَا رَجَعَتْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا) أَيْ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهَا أَيْ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: شِبْهُ تَكْرَارٍ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ شِبْهُ وَلَمْ يَقُلْ تَكْرَارٌ لِأَنَّهُ قَالَ إذْ التَّمَادِي عَلَى التَّصْدِيقِ مُسْتَلْزِمٌ وَلَمْ يَقُلْ هُوَ تَصْدِيقُهَا أَيْ وَلَمَّا كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَيْنَهُ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ: وَلَا هِيَ زَوْجَةٌ فِي الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأُولَى أَيْضًا لَكِنْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ الْحَلَّ الْمُتَقَدِّمَ لَهُ الَّذِي مَشَى فِيهِ عَلَى كَلَامِ تت مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِمَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَا مُؤَاخَذَةَ بِالْإِقْرَارِ وَتَتَزَوَّجُ بِالْغَيْرِ وَتِلْكَ الرَّجْعَةُ كَالْعَدَمِ فَهَذَا الْكَلَامُ يُنَاسِبُ كَلَامَ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالشَّيْخِ خَضِرٍ وَقَدْ عَلِمْتَ رَدَّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا ذَهَبَ أَوَّلًا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ تَمَادَيَا إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا ثُمَّ إنَّهَا رَجَعَتْ فَلَا يَلْزَمُهَا إتْمَامُهَا وَأَمَّا عج فَرَجَّعَهُ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ قَائِلًا.
وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَمْ لَا إنْ اسْتَمَرَّتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَمَادَيَا وَإِلَّا عُمِلَ بِرُجُوعِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَسْأَلَةِ دَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا وَلَا يَلْزَمَانِ بِشَيْءٍ فَقَوْلُهُ إنْ تَمَادَيَا شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ أَخْذًا بِإِقْرَارِهِمَا تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَمْ لَا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ رَجَعَتْ، وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ فِيهَا وَلَوْ رَجَعَتْ أَيْضًا وَإِلَى كَلَامِ عج هَذَا مَالَ شَارِحُنَا آخِرًا حَيْثُ يَقُولُ وَفِي الْأُولَى أَيْضًا إلَخْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا حَيْثُ يَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ تَمَادَيَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَوْلِ شَارِحِنَا آخِرًا حَيْثُ يَقُولُ وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ عج (قَوْلُهُ: وَلَهُ جَبْرُهَا إلَخْ) هَذَا حَيْثُ لَمْ تَرْجِعْ قَبْلَ جَبْرِهِ حَيْثُ كَانَ يُعْمَلُ بِرُجُوعِهَا وَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ أَبَدًا وَفِي الْأُولَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَيُجْبِرُهَا وَلَوْ رَجَعَتْ لِأَنَّ رُجُوعَهَا لَا يُعْمَلُ بِهِ هَذَا عَلَى كَلَامِ عج الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا آخِرًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَعْقِدُ لَهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَهُ جَبْرُ سَيِّدِهَا حَيْثُ اعْتَرَفَ السَّيِّدُ بِارْتِجَاعِ الزَّوْجِ فَإِنْ أَبَى عَقَدَ السُّلْطَانُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبِنَاءِ) الْمَذْهَبُ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا عَلَى الْوَطْءِ وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إقْرَارِهِمَا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّ الْمَشْهُورَ: يُكْتَفَى بِإِقْرَارِهِ فَقَطْ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَظَهَرَ تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ
إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَقَطْ وَكَذَّبَتْهُ هِيَ فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ سَوَاءٌ زَارَتْهُ أَوْ زَارَهَا وَبِعِبَارَةٍ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الزَّائِرَ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةَ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ الْوَطْءَ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ.
وَلَمَّا كَانَتْ الرَّجْعَةُ حَقًّا لِلزَّوْجِ وَفِيهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ أَشَارَ إلَى اجْتِمَاعِ الشَّيْئَيْنِ فِيهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي إبْطَالِهَا إنْ لَمْ تُنَجَّزْ كَغَدٍ أَوْ الْآنَ فَقَطْ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الرَّجْعَةِ إذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً غَيْرَ مُنَجَّزَةٍ كَقَوْلِهِ إذَا كَانَ فِي غَدٍ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ هَلْ تَبْطُلُ حَالًا وَمَآلًا وَلَا تَصِحُّ رَأْسًا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ مُؤَجَّلًا وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ أَوْ تَبْطُلُ الْآنَ فَقَطْ وَتَكُونُ صَحِيحَةً غَدًا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَهُ تَعْلِيقُهَا وَعَلَيْهِ فَلَا يَطَؤُهَا وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ مَجِيءِ غَدٍ أَيْ إنَّهَا قَبْلَ مَجِيئِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تُرَاجَعْ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَجِيءِ غَدٍ لِوَضْعٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ تَمَّ زَمَانُهَا إنْ كَانَتْ بِالْأَشْهُرِ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا بِمَجِيءِ غَدٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَطِئَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ كَانَ وَطْؤُهُ رَجْعَةً أَيْ لِأَنَّهُ فِعْلٌ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ (ص) وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ: إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا (ش) هُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ سَحْنُونَ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ وَخَافَ أَنْ تُحَنِّثَهُ فَقَالَ بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا فَقَالَ: لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ وَلَا تَتِمُّ لَهُ رَجْعَةٌ وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ خَافَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَعَلَّقَ الرَّجْعَةَ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ نَظَرٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبُطْلَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ بِعَبْدٍ إذَا أَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهَا إنْ تَمَّ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ فَقَدْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ أَوْ اخْتَارَتْهُ فَلَا يَلْزَمُهَا أَخْذٌ وَلَا إسْقَاطٌ وَلَهَا إذَا أُعْتِقَتْ أَنْ تَخْتَارَ خِلَافَ مَا أَشْهَدَتْ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ لَهَا وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ لِأَجَلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَخِلَافُ عَمَلِ الْمَاضِينَ (ص) بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تُخَالِفُ الْأَمَةَ فِي الشَّرْطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً إذَا شَرَطَ لَهَا زَوْجُهَا أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا مَثَلًا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ: فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّنِي إنْ فَعَلَ زَوْجِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ فَارَقْتُهُ أَوْ اخْتَرْتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْأَخْذُ أَوْ الْإِسْقَاطُ وَالْفَرْقُ أَنَّ خِيَارَ الْأَمَةِ إنَّمَا يَجِبُ بِعِتْقِهَا فَاخْتِيَارُهَا سَاقِطٌ كَالشُّفْعَةِ فِي إسْقَاطِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَالْمُمَلَّكَةُ جَعَلَ لَهَا زَوْجُهَا مَا كَانَ لَهُ إيقَاعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ فَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ.
وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَمَاكِنَ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ شَرَعَ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ فَقَالَ (ص) وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدُّخُولَ قَدْ عُلِمَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِيهَا وَمَعْنَاهَا أَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ تَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ بِنِيَّةِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الرَّجْعَةَ وَفِي الشَّارِحِ احْتِمَالَانِ غَيْرُ هَذَا فِيهِمَا نَظَرٌ.
(ص) أَوْ تَصَرُّفِهِ وَمَبِيتِهِ فِيهَا (ش) ضَمِيرُ فِيهَا لِلْعِدَّةِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْإِقْرَارِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْمَبِيتِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ تَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مَصَالِحِهَا وَأَنَّهُ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ التَّصَرُّفِ وَالْمَبِيتِ مَعَهَا لَا عَلَى إقْرَارِهِ بِهِمَا فِيهَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: سَوَاءٌ زَارَتْهُ أَوْ زَارَهَا) كَذَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُخَالِفَةٌ لِأَبِي الْحَسَنِ وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ.
(قَوْلُهُ: إلَى اجْتِمَاعِ الشَّيْئَيْنِ) أَيْ مُلَاحَظَةِ الشَّيْئَيْنِ؛ كَوْنِهِ حَقًّا لِلزَّوْجِ، وَكَوْنِهِ فِيهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يُلَاحِظُ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ وَالثَّانِي يُلَاحِظُ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْآنَ فَقَطْ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحَ كَمَا عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَهُ تَعْلِيقُهُ وَتَنْجِيزُهُ وَمُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ يَبْطُلُ الْآنَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ الْآنَ لَا أَنَّهَا حَاصِلَةٌ الْآنَ وَلَا تَصِحُّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ فَرْعَ الْحُصُولِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَكَذَا عَلَى الثَّانِي لَوْ وَطِئَ قَبْلَ غَدٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ نَظَرٌ) وَذَلِكَ أَنَّهُ صَوَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ وَيَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَفِي إبْطَالِ إلَخْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالتَّعْلِيقِ عَلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ مَنْ يَغِيبُ أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْغَيْبَةَ وَيَخَافُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَجَلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ زَمَانُ تَمَامِ الْعِتْقِ وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ بِنِيَّةِ الرَّجْعَةِ) هَذِهِ زِيَادَةٌ مُلْحَقَةٌ وَلَيْسَتْ فِي نُسْخَتِهِ وَاَلَّذِي فِي نُسْخَتِهِ وَيُصَدَّقُ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ وَيَبْقَى إنْ قَامَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالتَّلَذُّذِ فِيهَا كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ دَخَلَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ وَبَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَلَا تَرِثُهُ وَلَا عِدَّةَ وَفَاةٍ (قَوْلُهُ: احْتِمَالَانِ إلَخْ) أَوَّلُهُمَا وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ لَا تَصِحُّ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَأَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ هَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ. الثَّانِي أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْحُكْمُ فِي الْأُولَى لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِيَةُ نَسَبَهَا بَعْضُهُمْ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي فِيهَا مَا صَوَّرَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ) وَأَمَّا الشُّهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَايَنَةٍ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ
وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفُ فِي حَوَائِجِهَا وَمَصَالِحِهَا لَا الدُّخُولُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَبِيتِ وَعَلَى هَذَا فَالْوَاوُ عَلَى حَالِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ مِنْ عَطْفِ الْمَبِيتِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِأَوْ يُحْمَلُ التَّصَرُّفُ عَلَى تَصَرُّفٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ كَدُخُولِهِ عَلَيْهَا وَغَلْقِ الْبَابِ عَلَيْهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (ص) أَوْ قَالَتْ: حِضْتُ ثَالِثَةً فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ بِمَا يُكَذِّبُهَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فَقَالَتْ: دَخَلْتُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَبِذَلِكَ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا ارْتِجَاعَ لَكَ عَلَيَّ فَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ عَلَى قَوْلِهَا أَنَّهَا قَالَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ أَحِضْ أَوْ قَدْ حِضْتُ حَيْضَةً وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ - مِنْ حِينِ قَوْلِهَا - يَحْتَمِلُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ بَقِيَّةَ الثَّلَاثِ حِيَضٍ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ صَحِيحَةٌ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فَقَوْلُهُ بِمَا يُكَذِّبُهَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ " أَقَامَ بَيِّنَةً " أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ (ص) أَوْ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا فَصَمَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ انْقَضَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَهَا فَصَمَتَتْ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا انْتَهَى زَمَنُ الْمُرَاجَعَةِ قَالَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ: عِدَّتِي كَانَتْ انْقَضَتْ قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَيُعَدُّ نَدَمًا وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهَا مَعَ الْإِشْهَادِ بِهَا دَلِيلُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَمَفْهُومُ صَمَتَتْ أَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْقِضَاءُ (ص) أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الثَّانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَّبَتْهُ وَعُلِمَ بَيْنَهُمَا دُخُولٌ وَوَطْءٌ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَمُكِّنَتْ مِنْ التَّزْوِيجِ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، وَوَضَعَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا كَامِلًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطْءِ الثَّانِي فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ الَّتِي ادَّعَاهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حِينَ الطَّلَاقِ كَانَتْ حَامِلًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عِدَّةَ الْحَامِلِ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْهَا هَذَا الْأَوَّلُ أَوْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِهَذَا الثَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ لَا مُعْتَدَّةً وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ يُؤَبَّدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ: وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عَلَى طَوْرٍ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى طَوْرٍ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ رَجْعَةَ الْأَوَّلِ لَا تَصِحُّ ثَانِيهِمَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَرُدَّتْ إلَخْ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَوِلَادَتِهَا لِلْوَلَدِ أَكْثَرُ مِنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَلَا تُرَدُّ بِرَجْعَتِهِ.
(ص) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا حَتَّى انْقَضَتْ وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا فَكَالْوَلِيَّيْنِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهَا لِلرَّجْعَةِ وَفِي " تَعْلَمْ " لِلزَّوْجَةِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ بِرَجْعَةِ الزَّوْجِ لَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَتَفُوتُ عَلَى الْمُرَاجِعِ لَهَا بِوَطْءٍ أَوْ تَلَذُّذِ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا أَوْ السَّيِّدِ غَيْرِ الْعَالِمَيْنِ كَفَوَاتِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الثَّانِي (ص) وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا (ش) الْكَلَامُ الْآنَ عَلَى أَحْكَامِ الْمُرْتَجَعَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ حُكْمُهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمُوَارَثَةِ بَيْنَهُمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ بِنَظْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ رُؤْيَةِ شَعْرٍ وَاخْتِلَاءٍ بِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُضَادٌّ لِلنِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا بَقَاءَ لِلضِّدِّ مَعَ وُجُودِ ضِدِّهِ وَلَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا وَلَا يَأْكُلُ مَعَهَا وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ رَجْعَتَهَا حَتَّى يُرَاجِعَهَا وَهَذَا تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَذَاكَرَا مَا كَانَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ عَلَى حَالِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَبِيتِ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ الْوَصْفِ عَلَى نُسْخَةِ الْوَاوِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ نُسْخَةَ " أَوْ " أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَا تَكَلُّفَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَأَقَامَ بَيِّنَةً) الرِّجَالُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا النِّسَاءُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْحَيْضِ لَا عَلَى رُؤْيَةِ أَثَرِ الْحَيْضِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهُ وَلَوْ رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يُقِمْهَا) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِوُجُودِ بَيِّنَةٍ لَمْ يُقِمْهَا وَبِعَدَمِ بَيِّنَةٍ أَصْلًا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَتْ إلَخْ) إتْيَانُهُ بِثُمَّ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا تَرَاخَتْ بَعْدَ صُمَاتِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَمَّا انْتَهَى مِنْ الْمُرَاجَعَةِ قَالَتْ بَعْدَ يَوْمٍ إلَخْ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ نَسَقًا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ إلَخْ) الْمَعْطُوفُ عَلَى صَمَتَتْ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ وَحَذْفُ الْمَعْطُوفِ لِقَرِينَةٍ جَائِزٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا فَقَالَتْ انْقَضَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَضَعَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا كَامِلًا) أَيْ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَاضَتْ مَعَ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَوْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْكَذِبَ فِي قَوْلِهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ وَأَمَّا الْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعَةُ فَكَالسِّتَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ أَوْ تَلَذُّذِ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا أَوْ السَّيِّدِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا عَقْدُ الثَّانِي لَمْ تَفُتْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ عَالِمًا بِتَزَوُّجِ الثَّانِي فَإِنَّهَا تَفُوتُ بِتَزَوُّجِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: بِنَظْرَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِلَذَّةٍ (قَوْلُهُ: وَاخْتِلَاءٍ بِهَا) تَفْسِيرٌ لِلدُّخُولِ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ لَكِنْ سَيَقُولُ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بَقَاءَ لِلضِّدِّ) أَيْ لَا أَثَرَ لِلضِّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْكُلُ مَعَهَا) وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا..
يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَى وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا لِغَيْرِ لَذَّةٍ اتِّفَاقًا إذْ لِلْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ وَلَهُ السُّكْنَى مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهَا وَلِلنَّاسِ وَلَوْ أَعْزَبَ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ أَيْ الَّتِي لَا خَلَلَ وَلَا ثَلْمَ فِي عِصْمَتِهَا فَلَمْ يَلْزَمْ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَمِنْ أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهَا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ وَالطَّلَاقُ وَأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
(ص) وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ وَسُئِلَ النِّسَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ وَلَوْ أَمَةً إذَا رَاجَعَهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ عَقِبَ ذَلِكَ عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ إذَا كَانَ هُنَاكَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِمَا ادَّعَتْ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا لِأَنَّ النِّسَاءَ مَأْمُونَاتٌ عَلَى فُرُوجِهِنَّ وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا نَادِرًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يُسْأَلْنَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدْنَ لَهَا بِذَلِكَ أَيْ شَهِدْنَ أَنَّ النِّسَاءَ يَحِضْنَ لِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَسُئِلَ النِّسَاءُ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ صُدِّقَتْ وَلَا حَاجَةَ إلَى سُؤَالِ النِّسَاءِ بَلْ هُوَ مُقْتَضَبٌ رَاجِعٌ لِمَا إذَا ادَّعَتْ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ إلَّا نَادِرًا أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ ادِّعَاءَهَا فِي مُدَّةٍ لَا تَنْقَضِي فِيهَا بِحَالٍ لَا تُصَدَّقُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ.
(ص) وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا، وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ أَوَّلًا قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ وَقُلْتُمْ هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كُنْتُ كَاذِبَةً وَإِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهَا نَدَمًا وَلَا يَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا رَجْعَتُهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ وَكَذَلِكَ لَا يُفِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا " دَخَلْتُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ": إنِّي رَأَيْتُ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ وَكُنْتُ أَظُنُّ دَوَامَهُ الدَّوَامَ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا إنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ وَكَذَلِكَ لَا يُفِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا " حِضْتُ ثَالِثَةً " رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَبَانَتْ حِينَ قَالَتْ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي مِقْدَارٍ تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ عُمُومُ ذَلِكَ فِي الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِأَنْ تَقُولَ وَضَعْتُ ثُمَّ تَقُولَ كَذَبْتُ وَرَأَيْنَهَا فَلَمْ يَجِدْنَ أَثَرَ وَضْعٍ وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ.
(ص) وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ كَسَنَةٍ فَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ وَحُلِّفَتْ فِي كَالسِّتَّةِ لَا فِي كَالْأَرْبَعَةِ وَعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: وَالْوَضْعِ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَضْعُ سَقْطًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ إمْكَانِ تَصْدِيقِهَا أَيْ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا، وَقَوْلُهُ: وَسُئِلَ النِّسَاءُ وَهَلْ يُحَلَّفْنَ مَعَ تَصْدِيقِهِنَّ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَعْضِهِمْ
(قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ) فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ حَيْضُهَا ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ حَتَّى يُسْأَلَ النِّسَاءَ مَعَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ قُلْتُ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرٍ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِهِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ فَتَحِيضُ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْضًا فَتَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طَاهِرًا ثُمَّ يَأْتِيهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَسْتَمِرُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَأْتِيهَا الْحَيْضُ عَقِبَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الطُّهْرِ بِالْأَيَّامِ فَلَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْحَيْضِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِهَا وَكَذَا فِي سَادِسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً مِنْهُ، وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِهَا هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيَةٌ فَتَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ) بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ الْمُدَّةُ لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْمُدَّةُ كَيْفَ تَعْلَمُ النِّسْوَةُ الطَّرِيقَ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَنَا حَالَتَيْنِ حَالَةَ إمْكَانٍ وَحَالَةَ وُقُوعٍ فَأَمَّا حَالَةُ الْإِمْكَانِ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ لَنَا بِتَأَتِّيهَا فِي الشَّهْرِ وَأَمَّا حَالَةُ الْوُقُوعِ فَتُعْلَمُ مِنْ النِّسَاءِ عِنْدَ سُؤَالِهِنَّ فَأَيْنَ الْإِشْكَالُ الَّذِي يُرْجَعُ عِنْدَهُ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ لِتَحَقُّقِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ هَذِهِ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَسْنِدْ لِمَا تَعَذَّرَ بِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَوْ ذَكَرَ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ هَذِهِ كَالتَّتِمَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ) أَيْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَكَذَا الرَّجْعَةُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: لَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَيُحْمَلُ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهُ (أَقُولُ) وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ كَسَنَةٍ) مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَالصَّوَابُ بَعْدَ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ) وَأَمَّا الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ فَيُصَدَّقَانِ بِلَا يَمِينٍ مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَالْمَرَضِ وَتُصَدَّقُ الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ مَرَضًا شَأْنُهُ مَنْعُ الْحَيْضِ فِي عَدَمِ انْقِضَائِهَا بَعْدَ الْفِطَامِ بِالْفِعْلِ وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْ مُدَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَعْدَ الْمَرَضِ بِيَمِينٍ أَيْ قَبْلَ الْعَامِ وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَ عَامٍ وَلَوْ حَلَفَتْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ وَإِلَّا صُدِّقَا بِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ (قَوْلُهُ: وَحُلِّفَتْ فِي كَالسِّتَّةِ) أَيْ إلَى تَمَامِ الْعَامِ (قَوْلُهُ: وَعَشْرٍ) أَيْ لَيَالٍ عَشْرٍ الْأَوْلَى حَذْفُهَا لِأَنَّهُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ أَنْ تُخَالِفَ عَادَتَهَا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ السَّنَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِظْهَارِ مَا لَمْ تُوَافِقْ عَادَتَهَا وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى.
لَمْ أَحِضْ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَنِي إلَى الْآنَ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الثَّالِثَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَمْرَيْنِ تَارَةً تُظْهِرُ احْتِبَاسَ دَمِهَا وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ قَوْلِهَا فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَامِ وَالْعَامَيْنِ وَتَارَةً لَمْ تَكُنْ تُظْهِرْهُ فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا لِدَعْوَاهَا أَمْرًا نَادِرًا فَالتُّهْمَةُ حِينَئِذٍ قَوِيَّةٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعَةٍ وَلَا مَرِيضَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ مُرْضِعَةً فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالرَّضَاعَ يَمْنَعَانِ الْحَيْضَ غَالِبًا فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ وَتَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ صُدِّقَتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَمَفْهُومُ مَاتَ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ طُولَ عِدَّتِهَا وَهُوَ حَيٌّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا صُدِّقَتْ لِأَنَّهَا مُعْتَرِفَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ رَجْعَتِهَا مُطْلَقًا لَكِنْ إنْ صَدَّقَهَا فَلَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا لِلرَّجْعِيَّةِ وَإِنْ كَذَّبَهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا.
(ص) وَنُدِبَ الْإِشْهَادُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّجْعَةِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ كَمَا قِيلَ (ص) وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُجَامِعَهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهَا وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رُشْدِهَا وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً لِزَوْجِهَا بَلْ تُؤْجَرُ عَلَى الْمَنْعِ وَكَمَا يُنْدَبُ لِلْمُطَلِّقِ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ كَذَلِكَ يُنْدَبُ لَهُ إعْلَامُهَا أَيْضًا وَيُؤْخَذُ كَرَاهَةُ عَدَمِ الْإِشْهَادِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَصَابَتْ (ص) وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ كَالْعَدَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شَهِدَ سَيِّدُهَا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ وَلِلزَّوْجِ جَبْرُهَا عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ فَإِنْ أَبَى سَيِّدُهَا أَنْ يُعِيدَهَا لَهُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَعْقِدُ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَقَوْلُهُ " السَّيِّدِ " أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَلِيِّ مَعَ غَيْرِهِ كَالْعَدَمِ فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ إلَّا إذَا أَشْهَدَ رَجُلَيْنِ غَيْرَهُ.
(ص) وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتْعَةَ وَهِيَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ لِمُطَلَّقَتِهِ لِيَجْبُرَ بِذَلِكَ الْأَلَمَ الَّذِي حَصَلَ لَهَا بِسَبَبِ الْفِرَاقِ مُسْتَحَبَّةٌ وَتَكُونُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وَإِنَّمَا رُوعِيَ قَدْرُ حَالِهِ فَقَطْ لِأَنَّ كَسْرَهَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَقَطْ فَيُرَاعَى جَبْرُهَا مِنْهُ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ الْمُرَاعَى فِيهَا وُسْعُهُ وَحَالُهَا، فَقَوْلُهُ " وَالْمُتْعَةُ " عَطْفٌ عَلَى " الْإِشْهَادُ " مِنْ قَوْلِهِ وَنُدِبَ الْإِشْهَادُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِالْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] وَقَالَ أَيْضًا عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ قُلْنَا صَرَفَهُ عَنْهُ هُنَا قَوْلُهُ عَلَى الْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِمَا وَبِعِبَارَةٍ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ " حَقًّا " وَ " عَلَى " مِنْ أَلْفَاظِ الْوُجُوبِ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الثَّابِتُ الْمُقَابِلُ لِلْبَاطِلِ، وَالْمَنْدُوبُ ثَابِتٌ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْأَمْرَ هُنَا لِلنَّدْبِ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ لَكِنَّ الْمُتْعَةَ تَكُونُ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا إثْرَ طَلَاقِهَا لِحُصُولِ الْوَحْشَةِ بِأَلَمِ الْفِرَاقِ وَلِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ فَلَا كَسْرَ عِنْدَهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لَهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهَا لِأَنَّهَا كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُمَتَّعَ فَإِنَّ الْمُتْعَةَ تُدْفَعُ إلَى وَرَثَتِهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ أَوْ وَرَثَتِهَا)
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً) أَيْ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ كَرَاهَةُ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ فَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ بِالْجَوَازِ مُرَادًا بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى فَإِنْ قِيلَ هَذَا صَوَابٌ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَهُ خِلَافُ الصَّوَابِ وَلَا يُقَالُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى إنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ بَلْ يُقَالُ فِي الْمَكْرُوهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَلِيِّ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلسَّيِّدِ وَلَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُجْبِرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ كَمَا صَوَّرَ أَوَّلًا فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ كَالْعَدَمِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرِ حَالِهِ) لَوْ قَالَ: وَعَلَى قَدْرِ حَالِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ وَلَا فَرْقَ فِي الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهِ فِي مُقَابَلَةِ كَسْرِ الْمُطَلَّقَةِ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا وَلِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُوعِيَ قَدْرُ حَالِهِ فَقَطْ) فَلَوْ كَانَ غَنِيًّا مُتَزَوِّجًا بِفَقِيرَةٍ فَلَوْ رُوعِيَ حَالُهَا يُنَاسِبُهَا عَشَرَةُ أَنْصَافٍ وَإِنْ رُوعِيَ حَالُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَإِنْ رُوعِيَ حَالُهُمَا مَعًا عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُرَاعَى حَالُهُ فَتُعْطَى عِشْرِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْ " حَقًّا " وَ " عَلَى " وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ قَوْلَهُ {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] وَإِلَّا كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِمَا) وَرُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْإِحْسَانَ وَالتَّقْوَى مِنْ بَابِ التَّهْيِيجِ لَا مِنْ بَابِ تَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ أَيْ لَا يَأْبَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ إلَّا رَجُلُ سَوْءٍ وَقَدْ يُقَالُ وَالْمَنْدُوبَاتُ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) مَحَلُّ كَوْنِ الْمُتْعَةِ تُدْفَعُ لِلْوَرَثَةِ فِي الرَّجْعِيِّ إذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ فَلَا مُتْعَةَ لِوَرَثَتِهَا