المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أركان الطلاق] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٤

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ]

- ‌ أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْل الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ: طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[بَاب الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التوكيل فِي الطَّلَاق]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجْعَةُ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[بَاب الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ اللِّعَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابٌ الْعِدَّةَ]

- ‌[أَحْكَام الْإِحْدَادُ]

- ‌(فَصْلٌ)لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌ مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌[مَفَاهِيمِ قُيُودِ الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعَدَد]

- ‌[الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ]

- ‌[بَابٌ مَسَائِلُ الرَّضَاعِ]

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي نَفَقَة الرَّقِيق والدواب]

- ‌ الْحَضَانَةُ

- ‌[بَقَاءِ الْحَضَانَةِ مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِالْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَتْهُمْ فِي بَيْتٍ بِنَفَقَتِهِمْ وَخَادِمِهِمْ]

الفصل: ‌[فصل أركان الطلاق]

أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَحْسَنَهُ أَوْ أَفْضَلَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَكْثَرَ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً عَظِيمَةً أَوْ قَبِيحَةً أَوْ كَالْقَصْرِ أَوْ كَالْجَبَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ سَحْنُونَ وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ.

(ص) وَثَلَاثٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ بَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ فَثَلَاثٌ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلصُّورَتَيْنِ إذْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْعُمُومِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَقْسَامِ الطَّلَاقِ مِنْ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ مَصْحُوبٍ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ مَصْحُوبٍ بِهِ شَرَعَ فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْأَعَمِّ وَأَسْبَابِهِ وَشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ.

(فَصْلٌ) : وَرُكْنُهُ أَهْلٌ وَقَصْدٌ وَمَحَلٌّ وَلَفْظٌ (ش) الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ جَازَ الْخُلْعُ وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَ " رُكْنُهُ " مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ كَأَنَّهُ قَالَ وَجَمِيعُ أَرْكَانِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ مُوقِعُ الطَّلَاقِ زَوْجًا كَانَ أَوْ وَلِيَّهُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ هَذَا الْمُوقِعِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ وَأَمَّا الْفُضُولِيُّ فَالْمُوقِعُ فِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ وَالْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَصَدَ مَدْلُولَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ.

وَالْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْعِصْمَةُ الْمَمْلُوكَةُ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا. وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ مَا دَلَّ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّلَالَةُ وَضْعِيَّةً كَمَا فِي لَفْظِ الطَّاءِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ أَوْ عُرْفِيَّةً كَالْكِنَايَاتِ.

(ص) وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ مُوقِعِ الطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا فَلَا يَصِحُّ طَلَاقٌ مِنْ كَافِرٍ لِكَافِرَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَيَجْرِيَ فِيهِ تَأْوِيلَاتٌ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا إلَخْ وَلَا لِكَافِرَةٍ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَلَوْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ عَلَيْهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا فَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مَجْنُونٍ، وَإِنْ جُعِلَ الْمُسْلِمُ صِفَةً لِذَكَرٍ خَرَجَ بِهِ الْأُنْثَى فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ أُنْثَى لَا يُقَالُ إذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ بَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ عَدَمِ وُقُوعِهِ مِنْ مُكَلَّفٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْبَيْنُونَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لَهَا.

(ص) وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي لُزُومِ طَلَاقِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ إذْ سُكْرُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ التَّكْلِيفِ فَيَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ وَلَوْ سَكِرَ سُكْرًا حَرَامًا كَالْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ.

ــ

[حاشية العدوي]

مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ) أَيْ تَعْجِيلُ ثَلَاثٍ عَلَى مُقْتَضَى النَّوَادِرِ وَمُقَابِلُهُ تَعْجِيلُ وَاحِدَةٍ الْآنَ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةٍ إذَا حَاضَتْ وَوَاحِدَةٍ إذَا طَهُرَتْ وَهَذَا إذَا قَالَهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا طَلُقَتْ مَكَانَهَا ثَلَاثًا لِأَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ فِيهَا وَاحِدَةٌ

[فَصْلٌ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ]

(قَوْلُهُ: الْأَعَمِّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَسْبَابِهِ) أَرَادَ بِالْأَسْبَابِ وَالْأَرْكَانِ شَيْئًا وَاحِدًا هُوَ مَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ " وَشُرُوطِهِ " أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ (فَصْلٌ: وَرُكْنُهُ أَهْلٌ) .

(قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ أَهْلٌ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَرْكَانِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَاهِيَّةُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أُمُورٌ حِسِّيَّةٌ، وَالطَّلَاقَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ إلَخْ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ حِسِّيًّا (قَوْلُهُ: وَلَفْظٌ) فَلَا يُطَلِّقُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ إلَّا لِعُرْفٍ كَمَسْأَلَةِ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: الْوَاوُ عَاطِفَةٌ إلَخْ) وَلَا يَكُونُ الْفَصْلُ بِالْفَصْلِ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَيْفَ يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْ مُفْرَدٍ بِمُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ قَالَ: وَجَمِيعُ أَرْكَانِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الْعُمُومِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفُضُولِيُّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: هَلَّا زِدْتَ فَقُلْتَ: زَوْجًا كَانَ أَوْ وَلِيَّهُ أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْفُضُولِيِّ وَأَيْضًا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَهْلُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا إلَخْ مَعَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ يُوقِعُ الطَّلَاقَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمُوقِعَ فِي الْحَقِيقَةِ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْعِصْمَةُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَجُوسِيُّ إذَا أَسْلَمَ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ وَطَلَّقَهَا بِقُرْبِ إسْلَامِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَالْكِنَايَاتِ) أَيْ الظَّاهِرَةِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِتَابَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَدْلُولَهُ وَهُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَقَصَدَ حَلَّهَا فِي الْكِتَابَةِ الْخَفِيَّةِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ قَاصِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ) أَيْ زَوْجَتَهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَنْهُ وَالْفُضُولِيُّ مَعَ الْإِجَازَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ بَلْ تَمْيِيزٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ أُنْثَى) وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُخَيَّرَةً أَوْ مُمَلَّكَةً فَيَصِحُّ وَكَذَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا فُضُولِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ مَنُوطًا بِإِجَازَةِ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا مُبَالَغَةٌ إلَخْ) فَالْمَعْنَى هَذَا إنْ لَمْ يَسْكَرْ بَلْ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا فَلَا يَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا سَكِرَ حَلَالًا كَمَا يَشْمَلُهُ لَفْظُهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ إذْ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكِرَ سُكْرًا حَرَامًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ " حَرَامًا " مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ السُّكْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ سَكِرَ أَيْ حَالَ كَوْنِ السُّكْرِ حَرَامًا أَوْ مِنْ فَاعِلِ " سَكِرَ " أَيْ حَالَ كَوْنِهِ حَرَامًا أَيْ آتِيًا بِحِرَامٍ وَالْمُرَادُ اسْتَعْمَلَ عَمْدًا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَلَوْ

ص: 31

أَوْ الْمِزْرِ أَوْ الْحَشِيشَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى إسْكَارَهَا وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمَ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ كَظَنِّهِ لَبَنًا أَوْ مَاءً لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَا حَدُّ قَذْفٍ وَمَحْمَلُهُ مَحْمَلُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى وَيُصَدَّقُ فِي ظَنِّهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي دِينِهِ وَهَلْ مَحَلُّ صِحَّةِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُمَيِّزُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ اتِّفَاقًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَيَّزَ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ إنْ كَانَ مَعَهُ مَيْزٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَيْزٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذِهِ الطُّرُقُ مَا عَدَا طَرِيقَ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ مُتَّفِقَانِ مَعْنًى فِي اللُّزُومِ لِلسَّكْرَانِ مُطْلَقًا إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا مُطْبِقًا أَوْ مُمَيِّزًا وَهُوَ مَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَعْبَانَ وَالصَّقَلِّيِّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَهُ وَرَدَّ مُقَابِلَهُ بِلَوْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ فَالطُّرُقُ ثَلَاثٌ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ ثَانِيهَا طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ ثَالِثُهَا طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَغْمُورِ لَا فِي الَّذِي مَعَهُ مَيْزٌ وَكَمَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ الطَّلَاقُ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالْحُدُودُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ.

(ص) وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ كَبَيْعِهِ (ش) أَيْ وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ كَبَيْعِهِ إلَّا أَنَّ الْعِدَّةَ وَالْأَحْكَامَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي الْخِلَافُ هُنَا كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ النَّاسَ يَطْلُبُونَ فِي سِلَعِهِمْ الْأَرْبَاحَ بِخِلَافِ النِّسَاءِ.

(ص) وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ إنْ هَزَلَ بِإِيقَاعِهِ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ هَزَلَ بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَالْعِتْقُ، وَبِعِبَارَةِ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ هَازِلًا لَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِقَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لِأَجْلِ إتْيَانِهِ بِلَوْ الَّتِي يُشِيرُ بِهَا إلَى الْخِلَافِ وَالْهَزْلِ بِإِيقَاعِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(ص) لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَالْتَوَى لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

مَعَ شَكِّهِ أَنَّهُ يُغَيِّبُ كَالْخَمْرِ الَّذِي هُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّبِيذِ أَيْ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ التَّمْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمِزْرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالزَّايِ وَهُوَ الْبُوزَةُ الْمُسْكِرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْحَشِيشَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى إسْكَارَهَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا تُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَاسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ غَابَ عَقْلُهُ وَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْمُحَرَّمَ) بَقِيَ صُورَةٌ وَهُوَ مَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ خَمْرًا أَمْ لَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَكَّهُ فِي كَوْنِهِ مُسْكِرًا كَشُرْبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ أَنَّهُ مُسْكِرٌ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي ظَنِّهِ) أَيْ بِيَمِينٍ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ فَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ) أَيْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَيَّزَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إمَّا اتِّفَاقًا) فِي الَّذِي عِنْدَهُ مَيْزٌ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ) وَنَقُولُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ وَفِي بَعْضِهَا وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ بِإِسْقَاطِ لَا وَالْكُلُّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ) الْمُنَاسِبُ لِأَهْلِ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ يُعَدَّانِ طَرِيقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ) أَيْ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ فَهُوَ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ) بَلْ لَا تَصِحُّ الْعُقُودُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَحْكَامَ) أَيْ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي أَيَّامِ الْعِدَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَعَدَمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ إنَّ الْعِدَّةَ وَالْأَحْكَامَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَالْأَحْكَامُ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ وَبِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا أَجَازَهُ طَائِعًا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ، وَالْفُرْقُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ حَالَ الْإِكْرَاهِ قَدْ قِيلَ بِلُزُومِهِ وَأَيْضًا الْمُوقِعُ وَالْمُجِيزُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ وَاحِدٌ وَفِي مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ الْمُوقِعُ غَيْرُ الْمُجِيزِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ) فِيهِ خِلَافٌ بِالْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ.

(تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَوْقَعَ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُجِيزَ وَاحِدَةً أَوْ رَجْعِيَّةً فَالْمُعْتَبَرُ مَا يُجِيزُهُ لَا مَا أَوْقَعَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزَلَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ) أَيْ هَزَلَ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ أَيْ حَلِّ الْعِصْمَةِ أَيْ هَزَلَ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي السُّلَيْمَانِيَّة مِنْ قَوْلِهِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: جِدٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَجَدَّ فِي كَلَامِهِ جَدًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ ضِدُّ هَزَلَ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْجِدُّ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ» لِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُطَلِّقُ أَوْ يَعْتِقُ أَوْ يَنْكِحُ ثُمَّ يَقُولُ كُنْت لَاعِبًا وَيَرْجِعُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَوْلُهُ: هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ فَكَّ الْعِصْمَةِ أَيْ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ حُصُولِهَا (قَوْلُهُ: هَازِلًا) حَالٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي حَالِ كَوْنِهِ هَازِلًا فَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) عَطْفٌ عَلَى " بِاسْتِعْمَالِ " أَيْ لَا بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ قَاصِدًا لِفَكِّ الْعِصْمَةِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِقَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْهَزْلِ بِإِيقَاعِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِإِيقَاعِهِ أَيْ بِإِيقَاعِهِ مَعَ قَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ

ص: 32

شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ.

(ص) أَوْ لُقِّنَ بِلَا فَهْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لُقِّنَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَأَوْقَعَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ فَهِمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا.

(ص) أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا هَذَى لِمَرَضِهِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَنْكَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا فِي الْقَضَاءِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَجْنُونِ قَالَ مَالِكٌ وَيُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا شَعَرَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ وَتَقَدَّمَ إطْلَاقُ الْبَاجِيِّ وَتَقْيِيدُ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ وَقَعَ مِنِّي شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى كَذِبِهِ.

(ص) أَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقُ: يَا طَالِقُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَالِقَ فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ قَاصِدًا بِذَلِكَ نِدَاءَهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ.

(ص) وَقُبِلَ مِنْهُ فِي " طَارِقَ " الْتِفَاتُ لِسَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقَ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَا طَالِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ أَيْ الْتَوَى وَانْصَرَفَ عَنْ مَقْصُودِهِ فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ وَقَالَ: الْتَفَتَ لِسَانِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ لَقَالَ كَمَنْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ يَا طَالِقُ مُدَّعِيًا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَحَذَفَ قَوْلَهُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقَ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَطَلَقَتَا إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ وَلِعَمْرَةَ.

(ص) أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا اسْمُهَا حَفْصَةُ وَالْأُخْرَى اسْمُهَا عَمْرَةُ فَقَالَ يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا حَفْصَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَفْظِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بَلْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّ حَفْصَةَ تَطْلُقُ فَقَطْ وَهِيَ الْمَدْعُوَّةُ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَفْظِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا تَطْلُقَانِ مَعًا حَفْصَةُ بِقَصْدِهِ وَعَمْرَةُ بِلَفْظِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ عَطْفٌ عَلَى " سَبَقَ لِسَانُهُ " فَهِيَ فِي النَّفْيِ أَيْ إنَّهُ لَا تَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ وَهِيَ عَمْرَةُ فِي الْفَتْوَى بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَالْمَدْعُوَّةُ لَيْسَ بَيَانًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بَلْ هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَتَطْلُقُ الْمَدْعُوَّةُ وَهِيَ حَفْصَةُ فِي الْفَتْوَى وَقَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا أَيْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى عَمْرَةَ الْمُجِيبَةِ لَفْظًا لَا نِيَّةً وَالضَّمِيرُ فِي طَلَقَتَا بِفَتْحِ اللَّامِ رَاجِعٌ لِمَنْ ادَّعَى فِيهَا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَلِعَمْرَةَ فِي مَسْأَلَةِ " أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ إلَخْ " وَأَمَّا حَفْصَةُ فَتَطْلُقُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَيَحْتَمِلُ ضَمِيرُ طَلَقَتَا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِحَفْصَةَ وَعَمْرَةَ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَتَمُّ فَائِدَةً.

(ص) أَوْ أُكْرِهَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " سَبَقَ لِسَانُهُ " أَيْ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَلَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ.

وَلَمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا وَغَيْرَهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ لَا يَنْفَعُ فِي رَفْعِ الْحِنْثِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَوْ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ فَأَخْرَجَهَا قَاضٍ لِتَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ فِي نِصْفِ عَبْدٍ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نِصْفَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْحَالِفِ وَكُمِّلَ بِهِ عِتْقُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِكَلَامِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ (وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) أَيْ لَا يَحْنَثُ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ صُورَةُ غَيْرِ الْهَزْلِ، وَاثْنَتَانِ فِي الْهَزْلِ فَمَا قَبِلَ الْمُبَالَغَةَ صُورَتَانِ.

(قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْقَصْدِ) أَيْ لِعَدَمِ قَصْدِ اللَّفْظِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ أَيْ تَكَلَّمَ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ) بَلْ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الصِّدْقِ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ وَقَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَذَيَانٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ يُكَذِّبُ بَيِّنَتَهُ، وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَأَنْكَرَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ صَدَرَ مِنْهُ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ) فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ؛ الْحَذْفِ وَالِالْتِفَاتِ، وَالظَّاهِرُ فِي تَنَازُعِهِ مَعَهَا فِي الْتِفَاتِ لِسَانِهِ أَوْ فِي سَبْقِهِ أَنَّهُ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ الْبَيِّنَةِ) الْمُرَادُ عِنْدَ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ عِنْدَ الْقَاضِي مَعَ مُرَافَعَتِهَا لَهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْمُفْتِي فَكَإِقْرَارِهِ.

(فَائِدَةٌ) : وَمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا أَفْعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْكِيَ كَلَامَ رَجُلٍ فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَنَسِيَ أَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ فَإِنْ كَانَ نَسَقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُنْتُ طَلَّقْتُكِ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَمَنْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ مِنْ ذِرَاعِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجَةَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْإِيقَاعِ بَلْ وَلَوْ فِي تَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ مِمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا أَوْ فِي فِعْلٍ مِمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ غَيْرَ شَرْعِيٍّ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءٍ إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي حَالٍ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْجَبْرُ شَرْعِيًّا كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ لَا يُطِيعُ أَبَوَيْهِ أَوْ لَا يَقْضِي فُلَانًا حَقَّهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَأَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ

ص: 33

وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ وَلَوْلَا مَا بَعْدَهُ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فِي صُورَةِ حَلِفِهِ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ أَوْ فِي صُورَةِ حَلِفِهِ لَا اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَ هُوَ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ.

(تَنْبِيهٌ) : الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ بِمَنْزِلَةِ الطَّوْعِ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ أَمَّا غَيْرُ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَالشَّرْعِيِّ وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَلَا يُوجِبُ حِنْثًا سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَلَفَ لَا خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَأَخْرَجَهَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَرَبِّ الدَّارِ أَوْ سَيْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ خَوْفٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَيَمِينُهُ حَيْثُ انْتَقَلَتْ بَاقِيَةٌ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا.

(ص) أَوْ فِي فِعْلٍ (ش) عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أُكْرِهَ أَيْ أُكْرِهَ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ فَكَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ فِي الْقَوْلِ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْفِعْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ أَوْ لَا أَكَلَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ أَوْ عَلَى أَكْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ.

(ص) إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أُكْرِهَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ إذْ الْفِعْلُ لَا تُمْكِنُ فِيهِ التَّوْرِيَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ قَدْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا وَعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَأَمَّا إنْ تَرَكَ الْحَالِفُ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالتَّوْرِيَةُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَالِفُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرِيدُ الْبَعِيدَ كَقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ وَيُرِيدُ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ يُرِيدُ وَجَعَهَا بِالطَّلْقِ وَهُوَ الْمَخَاضُ وَمَعْنَى طَالِقٍ الْقَرِيبُ إبَانَةُ الْعِصْمَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيَّ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ (ص) بِخَوْفٍ مُؤْلِمٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ وَلَمْ يَقُلْ بِتَحَقُّقِ أَوْ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ بِقَوْلِهِ (ص) مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ (ش) وَلَوْ قَلَّ (ص) أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ (ش) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا أَيْضًا وَلَوْ قَلَّ.

(ص) أَوْ صَفْعٍ (ش) فِي الْقَفَا (لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ) أَيْ بِجَمْعٍ فَإِنْ فُعِلَ بِهِ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ وَلَوْ فِي الْخَلَاءِ وَبِعِبَارَةٍ: الْمَلَأُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَشْرَافِ خَاصَّةً وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ مَعَهُ فِي الْخَلَاءِ وَالصَّفْعُ هُوَ الضَّرْبُ بِالْكَفِّ فِي الْقَفَا ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ يَسِيرَهُ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ التَّخْوِيفُ بِذَلِكَ لَا حُصُولُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ وَغَيْرِهِ - فِي الْمَلَإِ وَالْخَلَاءِ -، وَالْيَسِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ فِي الْمَلَأِ وَيَظْهَرُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُ الْمَخُوفِ بِهِ يَقَعُ نَاجِزًا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك فَعَلْت كَذَا بِك بَعْدَ شَهْرٍ وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

يَنْفَعُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا مَا بَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ الشَّارِحَ يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) وَعَلَى عَدَمِهِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ) مِنْ كُلِّ فِعْلٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ وَزِنًا بِطَائِعَةٍ غَيْرِ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا سَيِّدٍ وَبِقَيْدِ بِمَا إذَا كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ بِرٍّ كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْيَمِينِ حَيْثُ قَالَ: وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ بِالْإِكْرَاهِ هُوَ الْحَالِفَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ: لَا أَدْخُلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ مُطْلِقِ الطَّلَاقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّوْرِيَةُ إلَخْ) وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْمَخْلَصُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْبَعِيدِ دُونَ الْقَرِيبِ أَوْ غَيْرِهِ كَجَوْزَتِي طَالِقٌ يُرِيدُ جَوْزَةَ حَلْقِهِ لَيْسَ فِيهَا لُقْمَةٌ مَثَلًا بَلْ سَالِكَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْقَوْلِيِّ لَا مِنْ الْفِعْلِيِّ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَخَاضُ) هُوَ وَجَعُ الْوِلَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ) وَالْمُعْتَمَدُ لَا حِنْثَ وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا (قَوْلُهُ: مُؤْلِمٍ) صِفَةٌ لِخَوْفٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَتْلَ وَمَا بَعْدَهُ أَنْوَاعٌ لِلْمَخُوفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِالْخَوْفِ الْمَخُوفَ وَفِي شَرْحِ شب مَا يَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ قَالَ لِخَوْفِ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ بِهِ وَهَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَقِينِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى؟ خِلَافٌ، وَالْمُرَادُ مُؤْلِمٌ حَالًا أَوْ مَآلًا فَالْخَوْفُ حَالًا وَالْمُتَخَوَّفُ مِنْ وُقُوعِهِ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا هُدِّدَ أَوْ لَا وَطُلِبَ فِيهِمَا مِنْهُ الْحَلِفُ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ بِالْحَلِفِ قَبْلَ الطَّلَبِ وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إكْرَاهٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ هُدِّدَ وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ إكْرَاهٍ مُطْلَقًا فَإِنْ قَيَّدَ كَلَامَهُ بِاللَّخْمِيِّ وَافَقَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَجْنٍ) عَلَى تَفْصِيلٍ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّهُ إكْرَاهٌ لِذَوِي الْأَقْدَارِ وَلَيْسَ إكْرَاهًا لِغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يُهَدَّدَ بِطُولِ الْمُقَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ - وَهُوَ الْأَفْصَحُ -، وَضَمِّهَا كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي) بَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَلَأِ أَوْ الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ) فَإِنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ مِنْ أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَقُّنِ بِذَلِكَ وَلَوْ خُوِّفَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ بِالسَّجْنِ فَهُوَ إكْرَاهٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ

ص: 34

كَانَ إكْرَاهًا.

(ص) أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظَّالِمَ إذَا خَوَّفَ شَخْصًا بِقَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ بِإِتْلَافِ مَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت وَلَدَك أَوْ أَخَذْت مَالَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إكْرَاهًا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَفِي تَخْوِيفِهِ بِعُقُوبَةِ وَلَدِهِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ هُنَا وَإِنْ سَفَلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْمَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ فَقَوْلُهُ " أَوْ قَتْلِ " مَعْطُوفٌ عَلَى " خَوْفٍ " وَقَوْلُهُ " أَوْ لِمَالِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى أُكْرِهَ أَيْ أَوْ فَعَلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ أَيْ مَالِ الْمُكْرَهِ نَفْسِهِ وَأَمَّا مَالُ غَيْرِهِ فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي.

(ص) وَهَلْ إنْ كَثُرَ؟ تَرَدُّدٌ (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى فِي خَوْفِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ إكْرَاهٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَقِيلَ إنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ الثَّالِثُ تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ طَرِيقَةُ بَعْضِهِمْ وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ.

(ص) لَا أَجْنَبِيٍّ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفِ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا قَالَ ظَالِمٍ لِشَخْصٍ: إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِفُلَانٍ أَقْتُلُهُ وَهُوَ عِنْدَك وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَإِلَّا قَتَلْتُ زَيْدًا مَثَلًا فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: فُلَانٌ لَيْسَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ وَلَا أَنَا قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَ فُلَانٍ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ وَلَكِنْ يُثَابُ الْحَالِفُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ) أَيْ وَأُمِرَ نَدْبًا بِالْحَلِفِ كَاذِبًا لِأَجْلِ سَلَامَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالِهِ وَفَائِدَةُ الْحَلِفِ مَعَ كَوْنِهِ يَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا.

(ص) وَكَذَا الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْيَمِينُ وَنَحْوُهُ (ش) أَيْ وَمِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ الْإِكْرَاهُ عَلَى عِتْقِ رَقِيقِهِ وَإِنْكَاحِ بَنَاتِهِ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا، وَالْيَمِينُ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ مِنْ قَتْلٍ وَضَرْبٍ وَصَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ.

(ص) وَأَمَّا الْكُفْرُ وَسَبُّهُ عليه الصلاة والسلام وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَتْلِ (ش) الْمَسَائِلُ الْمُتَقَدِّمَةُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ وَمَا مَعَهُ وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسَائِلُ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا إلَّا بِالتَّخْوِيفِ مَعَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَكْفُرَ بِاَللَّهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَسُبَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أَوْ عَلَى أَنْ يَقْذِفَ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا مَعَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَقَطْ، وَعَطْفُ السَّبِّ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَلَمَّا كَانَ أَشَدَّ مِنْ الْكُفْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَتْلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَتَى بِهِ وَمِثْلُ قَذْفِ الْمُسْلِمِ سَبُّ الصَّحَابَةِ بِغَيْرِ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَأَمَّا قَذْفُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَتْلِ.

(ص) كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا، وَصَبْرُهُ أَجْمَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ الْقُوتِ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) وَلَوْ عَاقًّا (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِهِ) أَيْ أَوْ بِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي تَخْوِيفِهِ بِعُقُوبَةِ وَلَدِهِ خِلَافٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَارًّا أَوْ عَاقًّا وَفِي عب مُشَبِّهًا فِي كَوْنِهِ إكْرَاهًا وَكَذَا بِعُقُوبَةِ الْبَارِّ إنْ تَأَلَّمَ بِهَا كَمَا بِنَفْسِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لَا إنْ لَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ كَذَا اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بِعُقُوبَةِ عَاقٍّ مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: احْلِفْ لِي عَلَى كَذَا وَإِلَّا عَاقَبْت وَلَدَك فَحَلَفَ لَهُ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي خَوْفِ الضَّرْبِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا فِي وَلَدِ الْبِنْتِ دُونَ غَيْرِهِ وَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْحَلِفُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِتَخْوِيفِهِ بِالْأَخْذِ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ كَثُرَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَرْجَحِيَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَرَدُّدًا فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إنَّمَا ذَلِكَ طَرِيقَتَانِ فِي رُجُوعِ الْخِلَافِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ أَوْ إبْقَائِهَا عَلَى كَوْنِهَا أَقْوَالًا مُتَبَايِنَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَرَدَّدُوا فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ كَأَنَّ وَاحِدًا يَقُولُ: إنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَوَاحِدًا يَقُولُ: إنَّهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَحَذْفِ تَأْوِيلِ الْخِلَافِ وَهُوَ أَوْ مُطْلَقًا أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَيْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ لِكَوْنِهِ مُعْتَمَدًا وَطَرْحِ مَا عَدَاهُ.

(قَوْلُهُ: لَا أَجْنَبِيٍّ) وَهُوَ مَا عَدَا النَّفْسَ وَالْوَلَدَ وَلَوْ أَخًا أَوْ أَبًا (قَوْلُهُ: وَأُمِرَ نَدْبًا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقُتِلَ الْمَطْلُوبُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِالْحَلِفِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ أَمْرَ الْيَمِينِ شَدِيدٌ وَحَرِجٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا نَعَمْ إنْ دَلَّ الظَّالِمَ ضَمِنَ.

وَقَالَ اللَّقَانِيِّ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجَةِ أَخَفُّ مِنْ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا غُرْمُ الْمَالِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الذَّبْحِ: أَوْ تَرْكَ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا) أَيْ غَمُوسًا حَرَامًا بَلْ هِيَ غَمُوسٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: لَنَا غَمُوسٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ يُقَالُ لَنَا غَمُوسٌ أُجِرَ عَلَيْهَا وَكُفِّرَتْ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ يُنْدَبُ حَلِفُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَوْضِعَهُ، وَيُكَفِّرُ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِعِتْقٍ إلَخْ) وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إكْرَاهٌ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ فِي تَعْلِيقِهِ فَلَا تَكْرَارَ.

(قَوْلُهُ: وَسَبُّهُ عليه الصلاة والسلام) وَكَذَا كُلُّ نَبِيٍّ مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكٍ مُجْمَعٍ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ وَكَذَا الْحُورُ الْعِينُ لِمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ قَتْلِ سَابِّهِمْ وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ فَيُشَدَّدُ عَلَى سَابِّهِمْ فَقَطْ فَالْإِكْرَاهُ عَلَى سَبِّهِمْ دُونَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا) أَيْ حَيَاتَهَا أَيْ إلَّا مَا يُقِيمُ حَيَاتَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا) فَيُبَاحُ لَهَا وَتَتَنَاوَلُ مَا يُشْبِعُهَا لَا قَدْرَ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ

ص: 35

بِأَنْ وَصَلَتْ إلَى حَالَةٍ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ لَمَاتَتْ فَإِنَّهُ يَسُوغُ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا مَنْ يَزْنِي بِهَا لَكِنَّ صَبْرَ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْقَتْلِ وَلَا يَكْفُرُ بِاَللَّهِ وَلَا يَسُبُّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام وَلَا يَقْذِفُ الْمُسْلِمَ وَلَا تَزْنِي الْمَرْأَةُ أَجْمَلُ أَيْ أَفْضَلُ لَهُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا.

(ص) لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ وَقَطْعُهُ وَأَنْ يَزْنِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ رِجْلِهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ فَهُوَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ وَلَا زَوْجَ لَهَا فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ.

(ص) وَفِي لُزُومِ طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى لُزُومِ طَاعَةٍ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ نَحْوِهِمَا أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يَغُشُّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَوْلَانِ أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِمُبَاحٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا.

(ص) كَإِجَازَتِهِ كَالطَّلَاقِ طَائِعًا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ وَهُمَا لِسَحْنُونٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مُكْرَهًا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِمْ ثُمَّ أَجَازَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ كَأَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى اللُّزُومِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي لُزُومِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) فَقَوْلُهُ كَإِجَازَتِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالطَّلَاقِ بِمَعْنَى " مِثْلِ " أَيْ كَإِجَازَةِ الْمُكْرَهِ - بِالْفَتْحِ - عَلَى الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوُهُ الطَّلَاقُ طَائِعًا وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْأَهْلُ وَأَشَارَ لِنَوْعٍ مِنْ الْقَصْدِ بِقَوْلِهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ وَيَأْتِي أَنَّهُ أَشَارَ لِنَوْعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي الْمَاءَ " أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ لَزِمَ ثُمَّ أَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ.

(ص) وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا أَوْ إنْ دَخَلْت وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا (ش) أَيْ وَشَرْطُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكُهُ حِينَ التَّلَفُّظِ بِهِ مِلْكًا مُحَقَّقًا كَزَوْجَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ أَوْ تَعْلِيقًا سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالنِّيَّةِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَوَى إنْ دَخَلَتْهَا بَعْدَ نِكَاحِهَا أَوْ بِالْبِسَاطِ كَقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَةِ امْرَأَةٍ هِيَ طَالِقٌ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إنْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّ وُقُوعَ هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

ذَلِكَ سَدُّ رَمَقِ صِبْيَانِهَا إنْ لَمْ تَجِدْهُ إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ " أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ " وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا تَجِدُ عَدَمُ جَوَازِ إقْدَامِهَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَيْتَةٍ تَسُدُّ رَمَقَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا الذَّكَرُ فَلَا وَلَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ فَلَا يُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ لِشِدَّةِ أَمْرِ اللِّوَاطِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَأَمَّا عج فَنَظَرَ فِيهِ وَأَمَّا الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ تُعْطِيهِ مَا يَسُدُّهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَزْنِيَ كَذَا فِي عب وَفِيهِ قُصُورٌ بَلْ هُوَ مَنْصُوصٌ عَنْ سَحْنُونَ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ.

(قَوْلُهُ: لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ) وَلَوْ رَقِيقًا وَلَا يَجُوزُ لِخَوْفِ الْقَتْلِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْإِكْرَاهُ بِفِعْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِمَخْلُوقٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الذِّمِّيَّ كَالْمُسْلِمِ قَالَ عج: وَقُرِّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لَا مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَقَطْعُهُ أَيْ قَطْعُ مُسْلِمٍ غَيْرَهُ وَلَوْ أُنْمُلَةً فَيُمَكِّنُ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَقْطَعُ أُنْمُلَةَ الْغَيْرِ وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ الْمُكْرَهِ فَيُبَاحُ لَهُ لِخَوْفِ قَتْلِهِ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ) وَفِي عب: وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ مَعَ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْحَقَّ حِينَئِذٍ لِلَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذَا بِالْقَتْلِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ) هَذَا نَفْيٌ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ) مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ مُسْتَقْبَلًا فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ أَنَّهَا إذَا كَانَ مُتَعَلَّقُهَا مُسْتَقْبَلًا فَتَرْكُهُ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِأَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ عَلَى الْيَمِينِ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي الْحِنْثِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُرْسَلًا عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ أَمَّا إنْ كَانَ مُرْسَلًا عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ ثُمَّ أَجَازَ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ الْمَرَاغِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِنَوْعٍ مِنْ الْقَصْدِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ انْتَفَى الْقَصْدُ بِجَمِيعِ أَوْجُهِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الطَّلَاقِ كَفَى.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعْلِيقًا) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ أَيْ ذَا تَعْلِيقٍ أَوْ مُعَلَّقًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ خِطْبَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ فَقَالَ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَيْ أَوْ قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَقَدْ حَذَفَهُ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَطْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ إذْ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَمَا اُحْتِيجَ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ وَإِنْ عَادَ عَلَى الطَّلَاقِ يَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نُفُوذِهِ (قَوْلُهُ: الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ) مَأْخُوذٌ مِنْ الِاعْتِصَامِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ وَمِنْهُ عِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمَرْأَةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا فَلَهُ عِصْمَةٌ تَذْهَبُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِالْخُلْعِ وَبِالثَّلَاثِ وَبِالْوَفَاةِ، وَالْمُضِيُّ فِي الْعِدَّةِ لَيْسَ امْتِنَاعًا لِلزَّوْجِ بَلْ لِحَقِّ النَّسَبِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ) أَيْ إنَّهُ حِينَ خِطْبَتِهَا شَرَطُوا عَلَيْهِ شُرُوطًا فَكَرِهَهَا فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ إمَّا بِالْبِسَاطِ أَوْ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَتَرَكَ الثَّالِثَ لِظُهُورِهِ ثُمَّ إنَّهُ اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُمْ عَرَّفُوا الْمِلْكَ بِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقُ

ص: 36

بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ قِيلَ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ فَقَوْلُهُ " مَا " أَيْ عِصْمَةٌ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ فِي " مَلَكَ " نَظَرًا لِلَفْظِ " مَا " وَلَوْ رَاعَى مَعْنَاهَا لَقَالَ " مُلِكَتْ ".

(ص) وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ (ش) عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ أَيْ عَقِبَ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَدُخُولِ الدَّارِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ النِّصْفُ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا أَوْ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا النِّصْفَ مِنْ صَدَاقِهَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلَتْ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِلَّا فَيَجِبُ لَهَا جَمِيعُهُ.

(ص) إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَصْوَبِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا وَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ نِكَاحُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا رَابِعَةً قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا فَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ عَلَى الْأَصْوَبِ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ أَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًا وَبِعِبَارَةٍ: إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ أَيْ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَأَمَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَيَعُودُ الْحِنْثُ وَالنِّصْفُ إلَّا أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ وَهَكَذَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً حِينَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى كُلِّ عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ فَيَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ أَيْ إنْ كَانَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) وَلَوْ دَخَلَ فَالْمُسَمَّى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا وَدَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ (فَقَطْ) قَوْلَ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفُ صَدَاقٍ وَبِعِبَارَةٍ: فَالْمُسَمَّى أَيْ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ دَخَلَ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَدُخُولِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ.

(ص) كَوَاطِئٍ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ (ش) مُشَبَّهٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا لِاسْتِنَادِهِ إلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهَا عَالِمَةً أَمْ لَا وَلَا لِكَوْنِهَا طَائِعَةً أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ وَالشُّبْهَةُ فِي وَطْئِهِ مُتَّحِدَةٌ وَلَوْ عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ الْحَانِثُ فِيهِ رَجْعِيًّا فَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ لَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ.

. (ص) كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا (ش) التَّشْبِيهُ

ــ

[حاشية العدوي]

التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ وَجْهٍ جَائِزٍ، وَالتَّصَرُّفُ يَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَالزَّوْجُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَصَرُّفٌ خَاصٌّ مِثْلُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ أَوْ التَّعْلِيقِ أَوْ التَّخْيِيرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى قُصُورٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُصَنِّفُ شَامِلًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ إلَخْ) مَعْلُومٌ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُحْتَاجُ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَقَوْلُهُ: عَقِبَهُ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْعَقِبِ الْمُقَارَنَةَ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فَيُجَابُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَيْ قَدْ يَقَعَانِ فَلَيْسَ كُلِّيًّا.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْوَبِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَلَوْ قَبْلَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) وَكَذَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْوَصْفِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فِي قَبِيلَةِ كَذَا أَوْ بَلَدِ كَذَا أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا فَتَطْلُقُ عَقِبَهُ وَانْحَلَّتْ عَنْهُ يَمِينُهُ لِأَنَّ حِنْثَ الْيَمِينِ يُسْقِطُهَا.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِلُزُومِ النِّصْفِ مَعَ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْت نَعَمْ يَسَعُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ غَيْرُ فَاسِدٍ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّ التَّعْلِيقَ غَيْرُ لَازِمٍ فَالْقَائِلُ بِوُجُوبِ النِّصْفِ لَاحَظَ هَذَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ) كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَتُخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ مَحْلُوفٌ لَهَا.

(قَوْلُهُ: قَوْلَ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفُ) وَجْهُهُ أَنَّ النِّصْفَ لَزِمَ بِالْعَقْدِ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَقِبَهُ وَأَمَّا الصَّدَاقُ بِتَمَامِهِ فَبِالدُّخُولِ وَوَجْهُ مَذْهَبِنَا مَعَ ظُهُورِ تَعْلِيلِ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الدُّخُولُ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ بِالْبِنَاءِ وَنِصْفُهُ بِالْعَقْدِ إذْ لَوْ لَمْ يُلَاحَظْ أَنَّ الْبِنَاءَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ طَلَقَتْ عَقِبَهُ لَكَانَ وَطْؤُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ لِعَقْدٍ زِنًا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى) أَيْ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي إلَخْ) أَيْ وَالْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ وَكَانَ لِعَقْدِهِ فِيهِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَاسِدًا فَثُبُوتُ الصَّدَاقِ فِيهِ ظَاهِرٌ الَّذِي هُوَ الْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ: كَدُخُولِهِ أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَوَاطِئِ إلَخْ) صُورَتُهَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ فِي الْعِصْمَةِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَمْرٍ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فَحَنِثَ وَوَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى دُخُولِ دَارٍ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا فَوَطِئَ فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَالشُّبْهَةُ فِي وَطْئِهِ مُتَّحِدَةٌ) لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَةٌ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا) بِتَعْلِيقٍ وَبِدُونِهِ وَقَوْلُهُ: لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ ظَاهِرٌ أَيْ أَبْقَى شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ زَمَنٍ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُهُ: أَوْ زَمَانٍ مَعَ قَوْلِهِ كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَثِيرًا لَزِمَ أَنْ يُفَسِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهُ.

(قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) أَيْ غَالِبًا ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ مُدَّةً بَعْدَمَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا يَتَزَوَّجُ فِيهَا وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزَوُّجِ

ص: 37

فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ أَيْ فَكَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ وَذَلِكَ الْجِنْسُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَبْقَى قَلِيلٌ كَقَوْلِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ السُّودَانِ أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ مِصْرَ طَالِقٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى سَنَةٍ - أَوْ إلَى أَجَلٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ - طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِفِ شَبَابًا وَكُهُولَةً وَشُيُوخَةً ابْنُ شَعْبَانَ، وَيُعَمَّرُ فِي هَذَا بِالتِّسْعِينَ عَامًا وَيَلْزَمُهُ إذَا كَانَ الْأَجَلُ حَيَاةَ فُلَانٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ فُلَانٍ قَبْلَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ فُلَانٍ.

(ص) لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَهُ زَوْجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ الْبَلْدَةِ تَحْتَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ إنَّمَا تَنْصَرِفُ الْيَمِينُ فَيَلْحَقُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ نِكَاحُهَا لَا فِيمَنْ سَبَقَ نِكَاحُهَا وَهِيَ حَالَ الْيَمِينِ تَحْتَهُ (لَا إذَا) أَبَانَهَا وَ (تَزَوَّجَهَا) فَتَصِيرُ مَشْمُولَةً بِالْيَمِينِ وَتَطْلُقُ كَغَيْرِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ " وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ وَلُبْسِهِ فِي: لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ حَيْثُ جَعَلُوا الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ " أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ لَا يَرَى التَّعْلِيقَ وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ حَقِيقَتُهُ إنْشَاءُ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَمْ يَدْخُلْ مَنْ تَحْتَهُ فِي قَوْلِهِ " أَتَزَوَّجُهَا "، بِخِلَافِ أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ لَا يُنْشِئَ رُكُوبًا وَلَا لُبْسًا عُمِلَ بِنِيَّتِهِ أَيْضًا (ص) وَلَهُ نِكَاحُهَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا بِلَفْظٍ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَيْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَفَائِدَةُ جَوَازِ تَزْوِيجِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْوَطْءُ - وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ - تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ حِلِّيَّتُهَا لَهُ وَتَبْقَى مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ.

(ص) وَنِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي كُلِّ حُرَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ حُرَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْإِمَاءِ لِأَنَّهُ صَارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَعَادِمِ الطَّوْلِ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ هَذَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي وَإِلَّا وَجَبَ فَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فِي مَسْأَلَةِ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.

(ص) وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ وَالطَّارِئَةِ إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِصْرِيَّةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْمِصْرِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَزِمَ أَيْضًا فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ وَأُمُّهَا شَامِيَّةٌ مَثَلًا وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ وَفِي الطَّارِئَةِ الْمُتَخَلِّقَةِ بِخُلُقِ نِسَاءِ الْمِصْرِ فِي طِبَاعِهِنَّ وَسِيرَتِهِنَّ.

(ص) وَفِي مِصْرَ يَلْزَمُ فِي عَمَلِهَا إنْ نَوَى وَإِلَّا فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ فِي مِصْرَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ بِمِصْرَ وَفِي عَمَلِهَا إنْ نَوَاهُ وَالْمُرَادُ بِعَمَلِهَا إقْلِيمُهَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ مِصْرِيَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَمَلَهَا بَلْ نَوَى الْبَلَدَ خَاصَّةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنَّ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ فِيمَنْ عَلَى مَسَافَةٍ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ مِنْهَا إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَنَارِ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ مِصْرُ تَنْصَرِفُ لِلْقَاهِرَةِ لِلْعُرْفِ وَالْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا أَيْ مِنْ نِسَاءٍ وَزَمَنٍ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ زَمَنٍ " لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَلَمْ يَبْقَ هُنَاكَ زَمَنٌ لَا كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا أَيْ وَبَقِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ فَالزَّمَنُ الْكَثِيرُ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَوْلَادُ وَفِي شَرْحِ شب.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَدَاةُ أَدَاةَ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَبْقَى قَلِيلٌ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَ الْكَثِيرَ بِالْكَثِيرِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يُبْقِهِ فَمَنْ أَبْقَى الْفُسْطَاطَ أَوْ الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ لَزِمَهُ طَلَاقُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ أَبْقَى كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِالتِّسْعِينَ) بِتَقْدِيمِ التَّاءِ عَلَى السِّينِ الْمُعْتَمَدُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ سَبْعُونَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ) أَيْ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ إنْشَاءَ رُكُوبٍ وَلُبْسٍ بَلْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ: فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ الدَّوَامَ) أَيْ دَوَامَ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ الَّتِي عَتَقَتْ لَيْسَ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ دَوَامَ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ كَابْتِدَائِهِ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ.

(وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَكَذَا إذَا قَالَ: كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (قَوْلُهُ: إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ) أَيْ الْأَخْلَاقِ الَّتِي تَحْمِلُ الزَّوْجَ عَلَى تَجَنُّبِ الْمِصْرِيَّاتِ وَمِثْلُ التَّخَلُّقِ بِخُلُقِهِنَّ مَا إذَا طَالَ مُقَامُهَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ طَالَ مُكْثُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى حَلِفِهِ التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الرَّدِيئَةِ وَقَدْ فُقِدَتْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ) فَمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ أُمُّهَا مِصْرِيَّةٌ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَسِيرَتِهِنَّ) أَيْ طَرِيقَتِهِنَّ عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

(قَوْلُهُ: إقْلِيمُهَا) سَيَأْتِي رَدُّهُ وَإِقْلِيمُهَا مِنْ إسْكَنْدَرِيَّةَ إلَى أُسْوَانَ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ بِعَيْنِهِ فَإِنْ نَوَى وَاحِدًا بِعَيْنِهِ عُمِلَ بِهِ وَكَذَا لَوْ جَرَى عُرْفُ الْحَالِفِ بِإِطْلَاقِ مِصْرَ عَلَى خُصُوصِ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا عِنْدَ رِيفِ مِصْرَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُطْلِقَ مِصْرُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ وَيَقُولَ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ جَرَى

ص: 38

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَمَلِهَا الْقَضَائِيُّ - وَهُوَ مِصْرُ وَنَوَاحِيهَا كَجَزِيرَةِ الْفِيلِ وَبُولَاقَ وَبِرْكَةِ الْحَجِّ وَمِصْرَ الْعَتِيقَةِ وَطُرَى وَمُعَيْصَرَةَ لَا السُّلْطَانِيُّ إذْ يَبْعُدُ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ الْخُرُوجَ عَنْ الْإِقْلِيمِ بِالْمَرَّةِ (ص) وَلَهُ الْمُوَاعَدَةُ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ فِي مِصْرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَاعِدَهَا عَلَى التَّزْوِيجِ فِي مِصْرَ وَيَخْرُجَ بِهَا عَنْ الْعَمَلِ إنْ نَوَى وَإِلَّا فَخَارِجَ الْمَحَلِّ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ لَا بِمَوْضِعِ الْمُوَاعَدَةِ.

(ص) لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا وَمَعْنَى عُمُومِ النِّسَاءِ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُعَلَّقًا أَوْ لَا كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ أَبْقَى لِنَفْسِهِ التَّسَرِّيَ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ أَضْبَطُ لِمَا لَهُ مِنْ السُّرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذَا أَبْقَى قَلِيلًا كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا مِنْ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لِأَنَّ تَبْقِيَةَ ذَلِكَ الْقَلِيلِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّعْمِيمِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا تَفْوِيضًا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ عَمَّ النِّسَاءَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَيَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ الَّذِي عُلِّقَ مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ فِيهِ اخْتِصَاصُهُ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فَلِذَا لَزِمَ وَفِي غَيْرِهِ تَعْمِيمُ التَّحْرِيمِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (ص) أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ، صَغِيرَةٌ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَالْأَحْسَنُ فِي " صَغِيرَةٌ " الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ قَالَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ إذْ لَيْسَ " صَغِيرَةٌ " مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِهِ وَالصَّغِيرَةُ هِيَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يَتَزَوَّجُ أَيْ لَا يَجِدُ فِيهَا عَدَدًا يَتَخَيَّرُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.

(ص) أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا فَعَمِيَ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا طَالِقٌ فَعَمِيَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ وَمِثْلُهُ حَتَّى يَنْظُرَهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ أَوْ مَاتَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَخْشَى الْعَنَتَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَسَرَّى بِهِ وَحَتَّى هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُقَدَّرٌ أَيْ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهَا أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ رحمه الله وَبِعِبَارَةٍ: يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ " حَتَّى " جَارَّةً أَيْ إلَى أَنْ أَنْظُرَهَا أَيْ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ يَنْظُرَهَا وَأَنْ تَكُونَ تَعْلِيلِيَّةً أَيْ لِأَجْلِ أَنْ أَنْظُرَهَا وَأَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافِيَّةً.

(ص) أَوْ الْأَبْكَارِ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ وَبِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَكُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْأَبْكَارِ وَيَلْزَمُهُ فِي الثَّيِّبَاتِ لِتَقَدُّمِهِنَّ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الثَّيِّبَاتِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَبْكَارِ لِتَقَدُّمِهِنَّ فِي يَمِينِهِ فَقَوْلُهُ " أَوْ الْأَبْكَارِ " أَيْ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْأَبْكَارِ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ كَمَا لَا يَلْزَمُ فِي الثَّيِّبَاتِ بَعْدَ كُلِّ بِكْرٍ فِي الْعَكْسِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ مَعَ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى

ــ

[حاشية العدوي]

بِإِطْلَاقِ مِصْرَ عَلَى الْقَاهِرَةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَمَلِهَا الْقَضَائِيُّ) أَيْ الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِ قَاضِي الْعَسْكَرِ الَّذِي بِمِصْرَ وَأَمَّا الصَّعِيدُ وَالْبُحَيْرَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ عَمَلِهَا الْقَضَائِيِّ لِأَنَّ قُضَاةَ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ مِنْ إسْتَانْبُولَ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الْعَمَلُ السُّلْطَانِيُّ لِأَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا إلَيْهِ فَإِنْ نَوَى الْعَمَلَ انْصَرَفَ لِلسُّلْطَانِيِّ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ فَإِذَا جَرَى عُرْفٌ بِخِلَافِهِ عُمِلَ عَلَيْهِ وَكَذَا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ إذَا لَمْ يَنْوِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمُوَاعَدَةُ) إنَّمَا جَازَتْ هُنَا وَمُنِعَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْخِطْبَةِ وَالْمُوَاعَدَةُ لَيْسَتْ مِنْ التَّزَوُّجِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَالَهُ تت.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ) وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا فَقَدْ أَبْقَى قَلِيلًا أَيْ لِأَنَّ شَأْنَهُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ فَمَعْرِفَتُهُ عِنْدَ قَوْمٍ لَا تُعْتَبَرُ وَغَيْرُهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لِقِلَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ) أَيْ الْحِنْثُ بِالْمِلْكِ الَّذِي عَلَّقَهَا أَيْ بِالْعِصْمَةِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي عَلَّقَ عَلَيْهَا أَيْ فَإِذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ وَقَدْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا وَبَعْدَ زَوْجٍ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَا يَحْنَثُ فِي الْعِصْمَةِ الثَّانِيَةِ بَلْ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا دَقِيقٌ) وَجْهُ الدِّقَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ ذَلِكَ فِيهِ اخْتِصَاصُهُ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا أَيْ وَيُمْكِنُهُ فِرَاقُهَا فَيَخْرُجُ عَنْ الضِّيقِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ بِخِلَافِ مَنْ عَمَّمَ فَلَا طَرِيقَةَ لَهُ يَخْرُجُ بِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ " صَغِيرَةٌ " إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تُفِيدُ التَّعْيِينَ وَالصَّغِيرَةُ دُونَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا ظَهَرَ إلَخْ) وَتَكُونُ اسْتِثْنَائِيَّةً وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ ظَهَرَ أَنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تُجْعَلْ لِلِاسْتِثْنَاءِ بَلْ جُعِلَتْ غَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ يَنْظُرَهَا فَإِذَا نَظَرَهَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ يَنْظُرَهَا فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا غَيْرَ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا آخَرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْضًا فِي ذَلِكَ التَّقْدِيرِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالَةِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ " حَتَّى " جَارَّةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْفِعْلِ وَاسْتِمْرَارَهُ إلَى النَّظَرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَكَذَا جَعْلُهَا تَعْلِيلِيَّةً وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ عِلَّةً لِلطَّلَاقِ فَالْمُنَاسِبُ الْأَخِيرُ وَهُوَ جَعْلُهَا اسْتِثْنَائِيَّةً وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي

ص: 39

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُؤَلِّفِ وَعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ " لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ " عَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينَيْنِ مَعًا وَحَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ لَكِنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمْ مَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا وَقِيلَ يَلْزَمُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلتَّخْصِيصِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْظُرْ هَلْ لُزُومُ الْيَمِينِ فِي الثَّيِّبَاتِ عِنْدَ تَقْدِيمِهِنَّ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَطْءِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَمَّ النِّسَاءَ لِأَنَّ نِسَاءَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ الْأَبْكَارِ وَقَدْ حَلَفَ عَلَيْهِنَّ أَوْ لَا تَأَمَّلْ.

(ص) أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَعَيَّنَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ أَيْ الزِّنَا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ أَجَّلَ بِأَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فَأَلْ فِي الْمُؤَجَّلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِي تَنْعَقِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِأَنْ يَبْلُغَهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا.

(ص) أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ (ش) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ لِأَنَّ الْآخِرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ فَهُوَ كَمَنْ حَرَّمَ جَمِيعَ النِّسَاءِ إذْ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى امْرَأَةٍ أَبَدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا آخِرَ امْرَأَةٍ لَهُ فَكُلَّمَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصُوِّبَ وُقُوفُهُ عَنْ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً ثُمَّ كَذَلِكَ (ش) لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ وَنَحْنُ نَرَى أَنْ يُوقَفَ عَنْ وَطْءِ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً فَتَحِلَّ لَهُ الْأُولَى وَيُوقَفَ عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةً وَهَكَذَا وَلَمَّا كَانَ فِي الَّتِي يُوقَفُ عَنْهَا تَعْذِيبٌ رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمُولِي) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ هُوَ عَنْهَا كَالْمُولِي فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ طُلِّقَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَتْ أُوقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً فَيَأْخُذَهُ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَيُرَدَّ إلَى وَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ الْمُتَزَوِّجُ عَمَّنْ وُقِفَ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ لِأَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ لَكِنْ قَالَ إلَّا الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَلَا أُوَافِقُ سَحْنُونًا عَلَى إيقَافِهِ عَنْهَا بَلْ الصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ جَعَلَ لِنِكَاحِهِ أَوَّلًا لَمْ يُرِدْهُ بِيَمِينِهِ وَآخِرًا عَلَّقَ بِهِ يَمِينَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَاخْتَارَهُ إلَّا الْأُولَى) أَيْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونَ إلَّا الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهَا وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَيَجْرِي فِي آخِرِ امْرَأَةٍ الْقَوْلَانِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْرِي فِيهَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ.

(ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا نُجِّزَ طَلَاقُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَالَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نُجِّزَ طَلَاقُ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَمْلِيَّةٌ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

حَالِ النَّظَرِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَعَطْفِهِ) أَيْ عَطْفِ جُمَلٍ لَا عَطْفِ مُفْرَدَاتٍ لِأَنَّ الْأَبْكَارَ اسْمٌ جَامِدٌ وَلَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ ذَكَرَ الْأَبْكَارَ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلُ " هَلْ " الْأُولَى فَتَكُونَ الْوَاوُ سَاكِنَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلُ " هَلْ " مَحْذُوفًا وَيُقْرَأَ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَيْ تَأَمَّلْ هَلْ يُعَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هَذَا أَوْ يُقَالُ كَلَامُهُمْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ يَقْدِرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ جَعَلَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ هُوَ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَنْ حَرَّمَ جَمِيعَ النِّسَاءِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْعَلَهُ تَعْلِيلًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَسْتَقِرُّ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ لَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَصُوِّبَ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ وَالْمُصَوِّبُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ وُقُوفُهُ حَتَّى يَتَزَوَّجَ وَلَوْ قَالَ أَنَا لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْنُ نَرَى إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيُوَافِقُهُ سَحْنُونَ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ) جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْكُوفِيِّينَ فِي عَدَمِ إبْرَازِ الضَّمِيرِ لِأَنَّ اللَّبْسَ هُنَا مَأْمُونٌ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يُوقَفُ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ وَالْأَصْلُ الْمَوْقُوفُ هُوَ عَنْهَا فَحَذَفَ الْجَارَّ وَهُوَ عَنْ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَهُوَ إلَخْ عَمَّا لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذَهُ) وَيُكَمَّلَ لَهَا الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: فَيُرَدّ إلَى وَرَثَتِهَا) وَلَا يُكَمَّلَ لَهَا الصَّدَاقُ، وَيُلْغَزُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَوُقِفَ مِيرَاثُهَا وَلَيْسَ فِي وَرَثَتِهَا حَمْلٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ وَيُقَالُ: مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ وَلَا يَرِثُهَا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمُتَزَوِّجُ إلَخْ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ مَاتَ عَنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فِي نِكَاحٍ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ.

(قَوْلُهُ: نُجِّزَ طَلَاقُهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتُجْعَلُ حَمْلِيَّةً وَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِأَنْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ ذَلِكَ قُلْت لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ انْتَفَى تَزْوِيجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ

ص: 40

الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إنْ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَهَا) وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوَّلًا ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِيَّةِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالُ النُّفُوذِ (ش) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ شَرْحٌ لِقَوْلِهِ وَرُكْنُهُ أَهْلٌ أَيْ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وِلَايَةِ الْأَهْلِ - أَيْ الزَّوْجِ - عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ وَهِيَ الْعِصْمَةُ - حَالُ النُّفُوذِ أَيْ فِعْلِ الشَّيْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا وَقْتُ التَّعْلِيقِ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي نَحْوِ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ فَعَتَقَ وَدَخَلَتْ لَزِمَتْ أَيْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْعَبْدُ الثَّالِثَةَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ.

(ص) فَلَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَوْ نَكَحَهَا فَفَعَلَتْهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيمَا يُوقِعُهُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَالُ النُّفُوذِ فَلِهَذَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَبَانَهَا بِأَنْ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ فَعَلَتْ ذَلِكَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا الْآنَ أَجْنَبِيَّةٌ وَمَحَلُّ الطَّلَاقِ مَعْدُومٌ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ إنْ بَقِيَ لَهُ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ طَلَاقُهَا الْأَوَّلُ قَاصِرًا عَلَى الْغَايَةِ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَهْدِمُ الطَّلَاقَ السَّابِقَ وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ وَانْقَضَى أَمَّا لَوْ انْقَضَى زَمَنُهَا فَلَا تَعُودُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَبَانَهَا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ رَدَّهَا وَلَمْ يَقْضِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ وَحَنِثَ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ ثَانِيًا إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا إلَّا مَسْأَلَةُ تَرْكِهِ الْوِتْرَ فَيَتَكَرَّرُ فِيهَا الْحِنْثُ بِتَرْكِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَرَّةً وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ بَقِيَ إلَخْ عَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ إنَّهَا فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا قَدْ زَالَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا أَبَتَّهَا فَكَأَنَّهَا مَاتَتْ وَصَارَتْ كَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَلَيْهَا يَمِينٌ.

(ص) كَالظِّهَارِ (ش) تَشْبِيهٌ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهَا دَخَلَتْهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ مِلْكِهِ فَلَوْ نَكَحَهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ.

(ص) لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَزَوْجَتُهُ مَحْلُوفٌ لَهَا فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَكُلُّ مَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

تَزْوِيجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَلَا طَلَاقَ هَذَا وَجْهُ ذِكْرِ الْقَبْلِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ إلَخْ) بَلْ تَظْهَرُ فِيمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ فَعَلَتْ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا ذَكَرَ مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ التَّفْرِيعِ.

(قَوْلُهُ: حَالُ النُّفُوذِ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ " حَالُ النُّفُوذِ " فِي الْمُصَنِّفِ نَائِبُ فَاعِلِ " اُعْتُبِرَ " فَهُوَ مَرْفُوعٌ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ اللُّزُومُ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ حَالِ النُّفُوذِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ لِيَشْمَلَ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ حَالَ التَّعْلِيقِ كَمَا إذَا عَلَّقَ صَبِيٌّ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَبَلَغَ فَدَخَلَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) وَمِنْ هُنَا حَصَلَ الْخِلَافُ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَمَالِكٌ يَقُولُ بِعَوْدِ الصِّفَةِ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَقُولُ بِعَوْدِهَا وَلِذَلِكَ يَقُولُ بِفَائِدَةِ الْخُلْعِ، وَفَائِدَتُهُ لَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ سَقَطَ التَّعْلِيقُ وَلَوْ أَعَادَهَا ثُمَّ فَعَلَتْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَعُودُ التَّعْلِيقُ حَيْثُ كَانَتْ الْعِصْمَةُ بَاقِيَةً (قَوْلُهُ: لَا يَهْدِمُ الطَّلَاقَ) أَيْ تَعْلِيقَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا هُنَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ) فَإِنْ كَانَ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا كَلَّمْتِ زَيْدًا أَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَتَى فَعَلَتْهُ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا لَزِمَهُ وَلَوْ طَلَّقَ وَعَادَتْ لِعِصْمَتِهِ وَبَقِيَ مِنْهَا بَقِيَّةٌ وَإِلَّا انْقَضَى التَّعْلِيقُ حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ التَّعْلِيقِ وَإِلَّا عَادَتْ الْيَمِينُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْعِصْمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ فِي هَذِهِ) أَيْ عَنْ قَوْلِنَا وَلَوْ حَلَفَ فَلَا يَحْنَثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا مَسْأَلَةُ تَرْكِ الْوِتْرِ) الْمَسْأَلَةُ نَوْعِيَّةٌ أَيْ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ كُلِّ عِبَادَةٍ ذَاتِ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ) أَيْ بِخِلَافِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا وَلَا تَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ حَالًا لِأَنَّهُ إذَا عَلَّقَ وَهُوَ مَالِكٌ الْعِصْمَةَ انْصَرَفَ إلَى مَا فِي مِلْكِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَمْلِكُ حَالًا الثَّلَاثَ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَّقَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ بِتَقْدِيرِ التَّزْوِيجِ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِعِصْمَةٍ إذْ لَيْسَ هُنَا مَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ لَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إلَخْ) فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ لُزُومِ الظِّهَارِ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.

(قَوْلُهُ: صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) هَذِهِ مَحْلُوفٌ لَهَا وَبِهَا أَيْ فَهِيَ مَحْلُوفٌ لَهَا مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْك وَمَحْلُوفٌ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمُصَنِّفَ لِأَنَّهُ إنْ نُظِرَ لِكَوْنِهِ مَحْلُوفًا لَهَا حَنِثَ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَإِنْ نُظِرَ لِكَوْنِهِ مَحْلُوفًا بِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَقَدْ تَضَارَبَ الْحُكْمَانِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُرَجَّحَ جَانِبُ الْمَحْلُوفِ لَهَا

ص: 41

ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنَّ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا تَطْلُقُ وَمِثْلُ الْمَحْلُوفِ لَهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ كَمَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ بِخِلَافِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ نَكَحَهَا فَفَعَلَتْهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ.

(ص) وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَهَلْ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي طَلَّقَهَا يَرْجِعُ لِلْمَحْلُوفِ لَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَحْلُوفَ لَهَا أَيْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ أَوْ بِالثَّلَاثِ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَحْلُوفَ لَهَا فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَحْلُوفِ لَهَا وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ إذَا قَالَ إنَّمَا تَزَوَّجْت الْمَحْلُوفَ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَمْ أَتَزَوَّجْ غَيْرَهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ جَمَعَ فَقِيلَ إنَّمَا لَمْ يَنْوِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لَصُدِّقَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِلزَّوْجَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَهِيَ إنَّمَا نَوَتْ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا إنْ قِيلَ النِّيَّةُ هُنَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ لَا مُخَالِفَةٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ يَمِينَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْمَعُ مَعَهَا غَيْرَهَا فِي الْجُمْلَةِ وَحِينَئِذٍ فَادِّعَاؤُهُ مُخَالِفٌ لِلَفْظِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَحْمَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَإِنْ وَافَقَتْ مَدْلُولَ اللَّفْظِ لُغَةً لَكِنْ خَالَفَتْ مَدْلُولَهُ عُرْفًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أُمَّتَهُ وَقَالَ نَوَيْت بِرِجْلِي فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ مَعَ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْمَدْلُولِ لُغَةً.

(ص) وَفِيمَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا تَحْتَهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَمُرَادُهُ بِفُلَانَةَ امْرَأَةٌ مُعَيَّنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ فُلَانَةُ تَحْتَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ أَوْ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ فُلَانَةُ تَحْتَهُ وَيَنْوِيَ بِحَيَاتِهَا مَا دَامَتْ زَوْجَةً لَهُ فَإِذَا طَلَّقَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا فَقِيلَ لَهُ حَنِثْت لِأَنَّك نَوَيْت مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ فَقَالَ: لَا لِأَنِّي نَوَيْتُ بِقَوْلِي مَا عَاشَتْ مَا دَامَتْ تَحْتِي وَقَدْ أَبَنْتُهَا فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.

(ص) وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ فَعَتَقَ وَدَخَلَتْ لَزِمَتْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالُ النُّفُوذِ أَيْ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ فَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ - وَلَوْ ذَا شَائِبَةٍ - لِزَوْجَتِهِ: إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ ثُمَّ إنَّهَا كَلَّمَتْ زَيْدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إنَّمَا هُوَ حَالُ النُّفُوذِ وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ وَلَوْ دَخَلَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ عَتَقَ ثُمَّ إنَّهَا دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ فَالتَّصْوِيرُ بِهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَحْلُوفِ لَهَا إلَخْ) فَلَوْ حَلَفَ لِزَيْنَبِ بِطَلَاقِ حَفْصَةَ إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَطَلَّقَ زَيْنَبَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَلَهُ وَطْءُ عَزَّةَ فَلَوْ عَادَتْ زَيْنَبُ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَوَطِئَ عَزَّةَ وَحَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ حَنِثَ فِي حَفْصَةَ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ عَزَّةَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَوَطِئَهَا وَحَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ حَنِثَ فِي حَفْصَةَ فَلَوْ أَبَان حَفْصَةَ ثُمَّ وَطِئَ عَزَّةَ لَمْ يَحْنَثْ فِي حَفْصَةَ فَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ حَفْصَةُ فَوَطِئَ عَزَّةَ حَنِثَ فِي حَفْصَةَ إلَّا أَنْ يَبُتَّ حَفْصَةَ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ تَعُودَ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ فَوَطِئَ عَزَّةَ لَمْ يَحْنَثْ فِي حَفْصَةَ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ بِطَلَاقِهَا وَقَدْ انْقَضَتْ عِصْمَتُهَا بِخِلَافِ زَيْنَبَ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ لَهَا وَعَزَّةَ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا فَالْيَمِينُ بِحَفْصَةَ بَاقِيَةٌ لِزَيْنَبِ وَعَلَى عَزَّةَ فِي عِصْمَتِهَا الْأُولَى وَفِي غَيْرِهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا بِالِاخْتِصَاصِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ) الْقَائِلِ إنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا تَخْتَصُّ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْمَلُ قَصْدُهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ قَصْدَهُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ (أَقُولُ) مَعَ جَرَيَان التَّأْوِيلَيْنِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ أَيْ لِقَوْلِهِ يُحْمَلُ قَصْدُهُ أَوْ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُحْمَلُ قَصْدُهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُفْتٍ وَقَاضٍ فَلَا دَاعِيَ لِقَوْلِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِلزَّوْجَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا التَّأْوِيلِ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَهَا بِأَنْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَوْ تَطَوَّعَ لَهَا بَعْدَهُ بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهَا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِي التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ إنَّمَا نَوَتْ إلَخْ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَلَوْ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ فَالتَّأْوِيلُ الْقَائِلُ إنَّهَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي مُشْكِلٌ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ عِنْدَ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ مُخَالِفَةً وَهُنَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ يَمِينَهُ مَحْمُولَةٌ) أَيْ شَرْعًا فَخَالَفَتْ النِّيَّةُ مَدْلُولَ اللَّفْظِ شَرْعًا فَخَالَفَ الْجَوَابُ الَّذِي بَعْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا مَحْمُولٌ شَرْعًا وَعُرْفًا عَلَى أَنْ لَا أَجْمَعَ بَيْنَهُمَا (ثُمَّ أَقُولُ) أَمَّا الثَّانِي فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الْيَمِينَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ لِأَنَّ النِّيَّةَ.

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا إلَخْ) لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا تَحْتَهُ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا ثَلَاثًا فَإِنْ أَبَتَّهَا فَلَهُ تَزَوُّجُ غَيْرِهَا وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ بَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَبْدًا فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ فَالْعِبْرَةُ بِمَا تَبَيَّنَ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ وَهُوَ عَبْدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ وَبِالْعَكْسِ

ص: 42

(وَاثْنَتَيْنِ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ النُّفُوذِ يَمْلِكُ ثَلَاثًا عَلَى زَوْجَتِهِ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُعْتَقُ فَإِنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِذَهَابِ نِصْفِ طَلَاقِهِ وَهُوَ طَلْقَةٌ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ) قَالُوا: لِأَنَّهُ لَمَّا عَتَقَ مَلَكَ عَلَيْهَا عِصْمَةَ حُرٍّ وَقَدْ طَلَّقَ النِّصْفَ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ نِصْفَ طَلَاقِهِ ذَهَبَ فَصَارَ كَحُرٍّ ذَهَبَتْ لَهُ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَصَارَتْ طَلْقَتَانِ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَلَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ وَاحِدَةً عَلَى الدُّخُولِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ دَخَلَتْ بَقِيَتْ مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِعَدَدٍ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَعَلَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهِ بَقِيَتْ لَهُ طَلْقَتَانِ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى يَوْمُ الْحِنْثِ كَمَنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي ثُلُثِهِ.

(ص) وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ لَمْ يَنْفُذْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ إذَا تَزَوَّجَ بِأَمَةِ وَالِدِهِ وَعَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي أَوْ إنْ مَاتَ أَوْ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ مَحَلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَحَلَّ أَحَدُ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ، وَالْمَاهِيَّةُ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ أَجْزَاءٍ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَبُ مَوْرُوثًا فَلَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ إذْ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) وَلَفْظُهُ: طَلَّقْت وَأَنَا طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ، أَوْ مُطَلَّقَةٌ، أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ لَا مُنْطَلِقَةٌ وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ عَلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي فِي الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " وَلَفْظُهُ " اللَّفْظُ الصَّرِيحُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَلْفَاظِ وَهُوَ مَا فِيهِ الطَّاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ، وَأَمَّا مُنْطَلِقَةٌ فَلَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ طَلَاقٌ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ نَقَلَ " أَنْتِ طَالِقٌ " مِنْ الْخَبَرِ إلَى الْإِنْشَاءِ وَلَمْ يَنْقُلْ " أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ "، وَأَلْفَاظُ الطَّلَاقِ تَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ مَا يَلْزَمُ بِهِ طَلْقَةٌ فَقَطْ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَوْ قَدْ طَلَّقْتُك، أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ أَوْ قَدْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُنْطَقُ فِيهِ بِالطَّاءِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ وَمَا يَلْزَمُ بِهِ ثَلَاثٌ وَلَا يُنَوَّى، سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَمَا يَلْزَمُ بِهِ ثَلَاثٌ، وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ فِي كَالْمَيْتَةِ إلَى قَوْلِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ وَمَا يَلْزَمُهُ بِهِ ثَلَاثٌ وَيُنَوَّى فِي مَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرِهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَثَلَاثٌ فِي خَلَّيْت سَبِيلَك.

وَقِسْمٌ يُنَوَّى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي وَانْصَرِفِي إلَى قَوْلِهِ أَوْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ وَشَبَّهَ بِمَا يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ مَا هُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ بِقَوْلِهِ (كَ " اعْتَدِّي ") فَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ اعْتَدِّي إعْلَامَهَا بِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَلَا يُنَوَّى، وَإِنَّمَا نُوِّيَ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ كَتَرَتُّبِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُنَافِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ مِنْ حُرِّيَّةٍ أَوْ رِقِّيَّةٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا تَبَيَّنَ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةٌ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الثَّلَاثَ نَعَمْ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ غَيْرَهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ لَمْ يَنْفُذْ) وَفَائِدَةُ عَدَمِ النُّفُوذِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ زَوْجٍ وَلَوْ قِيلَ بِالنُّفُوذِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ مَاتَ) وَمِثْلُهُ " إذَا " وَقَالَ شب وَعَبَ تَبَعًا لِعَجِّ إذَا قَالَ " إذَا " أَوْ " إنْ " يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ إنْ عَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ تَنَجَّزَ وَعَلَى ظَرْفٍ فَلَا وَالْحَقُّ مَعَ شَارِحِنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مُتِّي لَا يَقَعُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ) وَهُوَ الطَّلَاقُ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَوْتُ ثُمَّ إنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِي أَيْ لِصِدْقِ الْيَوْمِ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْهُ مَثَلًا وَيَكُونُ مَوْتُهُ فِي آخِرِ النَّهَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ فَيُرَادُ بِيَوْمِهِ وَقْتُ الْمَوْتِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ) أَيْ لِأَنَّ بِمَوْتِ الْأَبِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ لَهُ مَحَلًّا (قَوْلُهُ: وَالْمَاهِيَّةُ الْمُرَكَّبَةُ) أَيْ مَاهِيَّةُ الطَّلَاقِ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ أَجْزَاءٍ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الزَّوْجِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ الَّذِي هُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَتَسْمِيَتُهَا أَجْزَاءً تَسَمُّحٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الطَّلَاقَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي إلَخْ) مُرَادُهُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ وَلَمْ يُرِدْ بِهَا قَصْدَ الطَّلَاقِ وَالتَّصْمِيمَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِاتِّفَاقٍ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْقَصْدَ وَالتَّصْمِيمَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا الطَّلَاقُ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يَسُوقَ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكِنَايَةِ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالنِّيَّةِ) أَيْ مَعَ التَّلَفُّظِ بِمُنْطَلِقَةٍ (قَوْلُهُ: تَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ) وَسَيَأْتِي قِسْمٌ سَادِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ) أَيْ إذَا نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ) أَيْ فَكَانَ لِلتَّنْوِيَةِ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ) أَيْ لِأَنَّ " ثُمَّ " لِلتَّرَاخِي وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ تَرَاخٍ فَحِينَئِذٍ فَهِيَ لِمُجَرَّدِ

ص: 43

بِالْوَاوِ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ فَكَعَدَمِ الْعَطْفِ (ص) وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى الْعَدِّ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَ " اعْتَدِّي " أَيْ وَصُدِّقَ بِيَمِينٍ فِي دَعْوَى نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ اعْتَدِّي إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ جَوَابًا لِعَدَدِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً وَقَالَتْ: أَطْلِقْنِي وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا لَهُ - وَهِيَ مُوثَقَةٌ بِقَيْدٍ وَنَحْوِهِ - أَطْلِقْنِي، وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ مِنْ ذَلِكَ الْوِثَاقِ وَلَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ إرَادَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ فَفِي تَنْوِيَتِهِ وَعَدَمِهَا إذَا حَضَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا فَيُصَدَّقُ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ.

(ص) وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ رحمه الله فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يُنَوَّى بَنَى بِهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ وَمِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ كِنَايَاتٌ ظَاهِرَةٌ (ص) وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِك أَيْ كَتِفُك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَهَا بَنَى بِهَا أَوْ لَا فَهِيَ مِثْلُ الْبَتَّةِ فِي عَدَمِ التَّنْوِيَةِ فَإِنَّ الْحَبْلَ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ الَّتِي بِيَدِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَهِيَ مِثْلُ الْبَتَّةِ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ كَوْنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِوُضُوحِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ أَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ قَارَنَتْ عِوَضًا فَوَاحِدَةٌ وَبِعِبَارَةٍ: وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ قَوْلِهِ وَاحِدَةً وَنَظَرُوا إلَى قَوْلِهِ بَائِنَةً احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ.

(ص) أَوْ نَوَاهَا بِ " خَلَّيْتُ " سَبِيلَكِ أَوْ اُدْخُلِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَلَّيْت سَبِيلَك أَوْ قَالَ لَهَا اُدْخُلِي الدَّارَ أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِك أَوْ اسْتَتِرِي أَوْ اُخْرُجِي وَنَوَى بِكُلِّ لَفْظٍ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَلَوْ نَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوَهُ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا إذَا نَوَاهَا بِ خَلَّيْت سَبِيلَك بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْ الثَّلَاثُ مَعَ كِنَايَتِهِ فَأَوْلَى مَعَ صَرِيحِهِ.

(ص) وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَوَهَبْتُكِ وَرَدَدْتُكِ لِأَهْلِكِ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْت أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحُلِّفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَأَمَّا زَوْجَتُهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا إذَا قَالَ لَهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ.

(ص) أَوْ أَنْتِ أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ حَرَامٌ سَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ قَالَ لَهَا مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعَطْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَتَكُونُ خَرَجَتْ عَنْ التَّرْتِيبِ وَعَنْ التَّرَاخِي وَأَمَّا إذَا جَعَلْنَاهَا مِثْلَ الْفَاءِ فَتَكُونُ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ التَّرَاخِي فَقَطْ وَالتَّرْتِيبُ ثَابِتٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ أَقْرَبُ مِنْ خُرُوجِهَا عَنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِلْحَاقُ ثُمَّ بِالْفَاءِ أَقْرَبُ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً) عَطْفٌ عَلَى دَلَّ بِسَاطٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبِسَاطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ، فَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْعَدِّ مَعَ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ وَالتَّقْدِيرُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ إمَّا عَلَى الْعَدِّ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ وَثَاقٍ بِأَنْ كَانَتْ مُوثَقَةً (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَوَابٍ) أَيْ سَتَطْلُقِي وَإِلَّا كَانَ كَذِبًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُوثَقَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُوثَقَةِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللُّزُومَ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ فَمَا هُنَا فِي الصَّرِيحِ وَمَا يَأْتِي فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَيُحَلَّفُ فِيهَا فِي الْقَضَاءِ، وَالنِّيَّةُ لَا تَنْفَعُ وَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ صَرْفِهِ مُنَافِيَةٌ لِمَوْضُوعِهِ وَالْبِسَاطُ سَبَبٌ حَامِلٌ عَلَى مُجَرَّدِ النُّطْقِ بِمَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ وَالْحَلِفِ وَعَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ) فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَاطِعَةً أَوْ مَقْطُوعًا بِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَتِفُك) هُوَ فِي الْأَصْلِ كَتِفُ الدَّابَّةِ أَوْ مَا انْحَدَرَ مِنْ أَسْفَلِ صَنَمِ الْبَعِيرِ فَالْحَبْلُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ الَّتِي بِيَدِ الزَّوْجِ أَيْ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَكَوْنُهَا عَلَى كَتِفِهَا كِنَايَةٌ عَنْ مِلْكِهَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِالثَّلَاثِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَدْ تَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ كَمَا إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ) كَمَا إذَا نَوَاهَا بِ " خَلَّيْت " سَبِيلَك أَيْ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فِيمَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ: وَوَهَبْتُك) أَيْ نَفْسَك أَوْ طَلَاقَك أَوْ لِأَبِيك أَوْ قَالَ لِأَهْلِهَا: وَهَبْتُهَا لَكُمْ.

ص: 44

الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ أَهْلٍ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا قَالَ حَاشَيْتُ الزَّوْجَةَ فَيُصَدَّقُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَهْلَ وَلَا يُصَدَّقُ حَيْثُ ذَكَرَهُ.

(ص) أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ أَوْ أَنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ وَسَوَاءٌ قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ أَنَا خَلِيٌّ مِنْك أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْكِ أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ.

(ص) وَحُلِّفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُنَوَّى فِيهَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّا إذَا قُلْنَا: يُنَوَّى وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَا يُحَلَّفُ قَبْلَ إرَادَةِ النِّكَاحِ فَلَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا وَمَفْهُومُهُ لَوْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ وَحُلِّفَ أَيْ إذَا رُوفِعَ وَعَبَّرَ بِالنِّكَاحِ دُونَ الِارْتِجَاعِ لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ بَائِنٌ (ص) وَدُيِّنَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَدُيِّنَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ صَرِيحَةً أَوْ كِنَايَةً بِيَمِينٍ إنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَبِغَيْرِهِ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فِي نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى نَفْيِ الطَّلَاقِ بِأَنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ غَيْرُ الطَّلَاقِ يَكُونُ هَذَا جَوَابَهُ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْهُ إذَا كَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً الْمُتَيْطِيُّ إنْ قَالَ لِمَنْ طَلَّقَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَهُ: يَا مُطَلَّقَةُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا قَدْ كَانَ أَوْ أَكْثَرْتَ فِي مُرَاجَعَتِهِ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ لَهَا: يَا مُطَلَّقَةُ أَيْ شِبْهُهَا فِي الْبِذَاءِ وَطُولِ اللِّسَانِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَبِعِبَارَةٍ: وَدُيِّنَ أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ قَوْلِهِ فِي كَالْمَيْتَةِ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ: أَرَدْت فِي الرَّائِحَةِ مَثَلًا وَكَأَنْ يَقُولَ أَرَدْت خَلِيَّةً مِنْ الْخَيْرِ وَكَأَنْ يَقُولَ أَرَدْت بِبَائِنَةٍ مُنْفَصِلَةً وَبِقَوْلِي أَنَا بَائِنٌ أَيْ مُنْفَصِلٌ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ أَيْ أَنْتِ مُنْفَصِلَةٌ مِنِّي أَوْ أَنَا مُنْفَصِلٌ مِنْك وَكَأَنْ يَقُولَ أَرَدْت بِالدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ إذَا كَانَتْ رَائِحَتُهَا قَذِرَةً أَوْ كَرِيهَةً.

(ص) وَثَلَاثٌ فِي: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْكِ، أَوْ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ إلَّا لِفِدَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْفِدَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى الْخُلْعِ حَتَّى يُرِيدَ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى مُطْلَقًا إذَا اشْتَرَتْ الْعِصْمَةَ مِنْ زَوْجِهَا مِثْلُ أَنْ تَقُولَ بِعْنِي عِصْمَتَك عَلَيَّ فَيَفْعَلَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: اشْتَرَيْتُ مِلْكَكَ عَلَيَّ أَوْ طَلَاقَكَ عَلَيَّ لِأَنَّهَا اشْتَرَتْ كُلَّ مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْهَا بِخِلَافِ لَوْ قَالَتْ: بِعْنِي طَلَاقِي فَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهَا أَضَافَتْ الطَّلَاقَ إلَى نَفْسِهَا وَلَيْسَ لَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ) هَكَذَا بِدُونِ التَّاءِ فِي نُسْخَتِهِ بِخِلَافِهَا فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهَا بِالتَّاءِ فِي نُسْخَتِهِ فَلَمْ يَأْتِ فِي الشَّارِحِ عَلَى طِبْقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا خَلِيٌّ مِنْك أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْك) ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ مِنْك فِي اللَّفْظَتَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عَلَيْك فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنَا حَرَامٌ وَعِبَارَةُ شب أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ أَنَا خَلِيٌّ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَرِيءٌ قَالَ مِنْك أَوْ لَمْ يَقُلْ فَقَوْلُهُ أَوْ أَنَا رَاجِعٌ لَهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إذَا رُوفِعَ) وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ نَحْوَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ بَرِيَّةٍ وَخَلِيَّةٍ وَ " حَبْلُك عَلَى غَارِبِك " وَ " رَدَدْتُك " إنَّمَا كَانَ لِعُرْفٍ سَابِقٍ وَأَمَّا الْآنَ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِهَا إلَّا لِمَنْ عَرَفَ أَيْ وَإِلَّا كَانَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَلَا نَجِدُ أَحَدًا الْيَوْمَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ بِخَلِيَّةٍ وَلَا بَرِيَّةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِالطَّلَاقِ حَتَّى يَعْلَمَ الْعُرْفَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَدُيِّنَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ صَرِيحَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّرِيحَ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ الْبِسَاطَ يَنْفَعُ فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَدُيِّنَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى الْعَدِّ فَالْأَحْسَنُ قَصْرُهُ عَلَى غَيْرِ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: أَيْ شِبْهُهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: الْبِذَاءِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ، وَقَوْلُهُ " وَطُولِ اللِّسَانِ " تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى رُجُوعُهُ لَهُ وَهَذَا الْحَلُّ قَدْ حَلَّ بِهِ أَوَّلًا شب وَقَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عُمُومُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي لَفْظِ خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَبَائِنَةٍ وَانْظُرْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَاقِي قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ أَيْ الَّذِي هُوَ أَحْمَدُ بَابَا وَقَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ فِي الدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ إذَا كَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا هَذَا مَعْنَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَخْ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْفِدَاءِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعَ مَعْنًى هُوَ الْفِدَاءُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك مُصَاحِبًا لِفِدَاءٍ قَالَ ابْنُ الْقُرْطُبِيِّ وَالْأَبْيَانِيّ فِي الْقَائِلِ لِزَوْجَتِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك: إنَّهَا ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِدَاءٌ فَتَكُونَ وَاحِدَةً حَتَّى يُرِيدَ ثَلَاثًا أَبُو مُحَمَّدٍ وَذَلِكَ صَوَابٌ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَا لِقَوْلِهِ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى مُطْلَقًا) أَيْ دَخَلَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: اشْتَرَيْت مِلْكَك عَلَيَّ) بِكَذَا فَيَقُولُ بِعْتُكِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ قَالَتْ بِعْنِي طَلَاقِي) أَيْ فَيَقُولُ بِعْتُك طَلَاقَك بِكَذَا وَعِبَارَةُ عب فَإِنْ قَالَتْ: بِعْنِي عِصْمَتَك عَلَيَّ أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك مِلْكَك عَلَيَّ أَوْ طَلَاقَك فَفَعَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ قَالَتْ بِعْنِي طَلَاقِي فَفَعَلَ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ

ص: 45

هِيَ طَلَاقٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا قَصَدَتْ بِقَوْلِهَا طَلَاقِي مُطْلَقَ الطَّلَاقِ وَمُطْلَقُهُ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ أَضَافَتْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ إرَادَةُ الْجَمِيعِ.

(ص) وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا فِي: خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: خَلَّيْت سَبِيلَك فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الثَّلَاثَ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ ثَلَاثٌ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِقَوْلِهِ ثَلَاثٌ وَلِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ.

(ص) وَوَاحِدَةٌ فِي فَارَقْتُك (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ مُطْلَقًا: فَارَقْتُك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ.

(ص) وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي وَانْصَرِفِي أَوْ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَكَ امْرَأَةٌ فَقَالَ: لَا، أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِكِ أَوْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَهِيَ الْمُحْتَمِلَةُ لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يُنَوَّى فِي الطَّلَاقِ وَفِي نَفْيِهِ فَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ طَلَاقًا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: نَوَيْتُ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ بِطَلْقَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عُمِلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي الْأَخِيرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَلَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ وَفِي الْفَتْوَى بِلَا يَمِينٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) وَإِنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِتَابًا وَإِلَّا فَبَتَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنْ كَانَ عِتَابًا لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِتَابًا لَهَا بَلْ قَالَ ذَلِكَ لَهَا ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ أَيْ الثَّلَاثُ قَالَ بَعْضٌ: وَيَنْبَغِي فِي الْمَدْخُولِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا قَصَدَتْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ لَا طَلَاقَ لَهَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا لَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّفْرِيعَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ مَعَ إعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْجُمْلَةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ إطْلَاقِهَا حَيْثُ أَضَافَتْ إلَيْهِ جَمِيعَ الطَّلَقَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَوَاهَا بِ " خَلَّيْت " سَبِيلَك لِأَنَّهُ نَوَى بِهَا الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ وَمَا هُنَا نَوَى حَلَّ الْعِصْمَةِ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَهُ وَوَاحِدَةً فِي فَارَقْتُك عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَفْظُهُ طَلَّقْت.

(قَوْلُهُ: أَنْتِ حُرَّةٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِمِنِّي وَحَمَلَهُ بَعْضٌ عَلَى مَا إذَا أَطْلَقَ فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ، وَتَقْرِيرُ الْمَتْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ يَقُولُ بِالْحَلِفِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ " أَنْتِ مُعْتَقَةٌ مِنِّي " (قَوْلُهُ: وَالْحَقِي بِأَهْلِك إلَخْ) يُقْرَأُ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ لَحِقَ يَلْحَقُ لَا مِنْ أَلْحَقَ يُلْحِقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تُلْحِقَ الْغَيْرَ بِأَهْلِهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَهْلِهَا وَمِثْلُهُ انْتَقِلِي إلَى أَهْلِك أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا: اُنْقُلِي إلَيْكِ ابْنَتَكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ الْأَحَدَ الدَّائِرَ أَيْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِعَدَمِ الطَّلَاقِ بَلْ يَنْصَرِفُ لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ كَذِبٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الصُّوَرِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَفِي الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذِبًا لَكِنْ لَيْسَ مَعْنَاهُ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ) فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ وَقَالَ عج: إذَا نَوَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ أَوْ أَقَلَّ عُمِلَ بِمَا نَوَى وَظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ نَوَى عَدَمَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

(تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَهَلْ يُنَوَّى فِي عَدَدِهِ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ: وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ إلَخْ وَانْظُرْ هَلْ يُحَلَّفُ فِي دَعْوَى الْعَدَدِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَدَدِ دُونَ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَمَا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ فِيهِ الثَّلَاثُ؟

وَالْجَوَابُ: أَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الصَّرِيحِ أَوْجَبَ رِيبَةً عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الثَّلَاثِ ذَكَرَهُ أَصْبَغُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَرَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُهُ اهـ عج (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي الْأَخِيرِ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَنُوِّيَ فِيهِ " وَلَوْ قَالَ كَ " لَسْتِ " لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ) أَيْ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ) أَيْ فَلَا يُؤْخَذُ حِينَئِذٍ بِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَظَهَرَ أَنَّ مُغَايَرَةَ التَّعْلِيقِ فِي الْأَخِيرِ لِغَيْرِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلًا فَإِنَّهُ فِي الْأَخِيرِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَهُ صُدِّقَ فِي الْفَتْوَى بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ هَذَا مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا نَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَأَمَّا إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ احْتِيَاطًا قَالَ عج وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَنْوِ عَدَدًا خَاصًّا فَيُعْمَلُ بِهِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: الْأَوْلَى حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: كَأَنْ عَلَّقَ فِي الْأَخِيرِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ بِالْحُكْمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ.

ص: 46

بِهَا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا.

(ص) وَهَلْ تَحْرُمُ بِوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى اللُّزُومِ.

(ص) أَوْ عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ بِتَخْفِيفِ " عَلَى " فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى نَقْلِ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ وَجْهُك حَرَامٌ بِتَشْدِيدِ " عَلَيَّ " فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُطْلَقُ جُزْءٍ فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

(ص) أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَيَلْزَمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ.

(ص) كَقَوْلِهِ لَهَا يَا حَرَامُ أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا (ش) هَذِهِ الْفُرُوعُ الْأَرْبَعَةُ مُشَبَّهَةٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الْحَلَالُ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ " عَلَيَّ " لَا مُقَدَّمَةً وَلَا مُؤَخَّرَةً وَإِلَّا فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ لَهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ مَا أُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا، وَمِثْلُهُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَمَّا عَلَيَّ الْحَرَامُ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ: جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إدْخَالَ الزَّوْجَةِ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْإِدْخَالِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُحَاشَاةِ وَهِيَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْرَاجِ أَوَّلًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَمْ تَدْخُلْ إلَّا بِإِدْخَالِهَا فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ بِخِلَافِ " الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا فَاحْتِيجَ إلَى إخْرَاجِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهِ فَإِنْ نَكَلَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُنَوَّى فِي عَدَدِهِ أَيْ فِيمَا أَرَادَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ لِأَنَّ نُكُولَهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَلِذَلِكَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ كَيْفَ يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ كَذَا مِنْ الْعَدَدِ وَهُوَ مُنْكِرٌ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَنَا فِي هَذَا إلَّا مَحْضُ التَّقْلِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ نِيَّةً بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ (وَعُوقِبَ) رَاجِعٌ لِهَذَا الْقِسْمِ وَلِلسَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) وَأَمَّا غَيْرُهَا فَيُنَوَّى (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَفِي عب مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى اللُّزُومِ) وَلِذَلِكَ كَانَ هُوَ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَانَ اللَّائِقُ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَجْزِمَ بِمَا حَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى شُذُوذِ مُقَابِلِهِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّفْظَ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا وَجْهِي عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ وَجْهِكِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ " عَلَى وَجْهِكِ " مُتَعَلِّقٌ بِحَرَامٌ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ) الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفَ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَإِنَّمَا فِيهَا لُزُومُ الطَّلَاقِ وَفِي شَرْحِ عب وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِي النِّيَّةِ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ هَذَا بَعِيدٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَيَّ الْحَرَامُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَعَلَيَّ الْحَرَامُ أَنَّ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُرْفِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ " عَلَيَّ حَرَامٌ " فَمَنْ قَاسَ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " عَلَى " عَلَيَّ حَرَامٌ " فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الْقِيَاسِ لِوُجُودِ الْفَارِقِ وَخَالَفَ الْمَنْصُوصَ فِي كَلَامِهِمْ فِي " عَلَيَّ الْحَرَامُ " أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ: حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهِ) مَحَلُّهُ فِي سَائِبَةٍ حَيْثُ لَا بِسَاطَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ كَقَوْلِهِ لَهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَا سَائِبَةُ فَهَلْ يُحَلَّفُ أَيْضًا أَوْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ) اُنْظُرْ كَيْفَ لَزِمَتْ الثَّلَاثُ بِلَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا مَعَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: زَوْجَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ طَلَاقٌ صَرِيحٌ، وَسَائِبَةٌ وَحُرَّةٌ وَمُعْتَقَةٌ كِنَايَاتٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ هُنَا لَمَّا نَكَلَ اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ نَوَى الثَّلَاثَ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ تُهْمَتَهُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا

(قَوْلُهُ: وَعُوقِبَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُلِّفَ لَا عَلَى قَوْلِهِ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا عُطِفَ عَلَى نُوِّيَ فَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيمَا إذَا حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ) أَيْ إذَا قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَفِيهِ تَلْبِيسٌ مِنْ حَيْثُ الْوَاحِدَةُ أَوْ أَكْثَرُ

ص: 47

لِتَلْبِيسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ.

(ص) وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا جَوَابًا لِذَلِكَ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ قَالَ لَهَا - جَوَابَ قَوْلِهَا -: أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا بَرِيءٌ مِنْك أَوْ خَلِيٌّ أَوْ أَنَا بَاتٌّ مِنْك وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَانْظُرْ التَّفْصِيلَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ " فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي " الْمَاءَ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ لَزِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَلَا مِنْ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الظِّهَارِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ فِعْلًا كَضَرْبِهَا وَنَحْوِهِ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقَوْلُنَا وَلَا مِنْ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الظِّهَارِ احْتِرَازًا مِنْ صَرِيحِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرِيحُهُ بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٌ وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ تَأْوِيلَانِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ " اسْقِنِي الْمَاءَ " مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَاسْقِنِي الْمَاءَ لَيْسَ مَدْلُولُهُ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ لَا مِنْ بَابِ النِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ.

(ص) لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا غَلَطًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَصَدَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بِأَنْ قَالَ اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِنِيَّتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ إيقَاعَهُ بِلَفْظِهِ فَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ وَلَا بِلَفْظٍ أَرَادَهُ بِهِ.

(ص) أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الثَّلَاثَ فَتَلْزَمَهُ.

(ص) وَسُفِّهَ قَائِلُ: يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا أُمِّي أَوْ قَالَ لَهَا: يَا أُخْتِي أَوْ: يَا عَمَّتِي وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسَفَّهُ أَيْ يُعَدُّ هَذَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَانْظُرْ التَّفْصِيلَ إلَخْ) وَنَصُّ ك: وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْكِرْ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَلْ قَالَ قَصَدْته وَقَصَدْت وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا يُنَوَّى فِي بَتَّةٍ مُطْلَقًا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا إذَا لَمْ يَبْنِ قَالَهُ س زَادَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا بِطُرَّةِ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِ " يَنْبَغِي " قُصُورٌ انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا مَعَ إنْكَارِهِ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرِيَّةَ يَلْزَمُ بِهَا الثَّلَاثُ إذَا قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ عَدَمَ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ قَصْدُهُ عَدَمَ الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا مَعَ عَدَمِ إنْكَارِهِ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَكَمَفْهُومِ الشَّرْطِ فَإِذَا قَالَ قَصَدْته وَقَصَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مُطْلَقًا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا إلَّا فِي بَتَّةٍ.

(قَوْلُهُ: اسْقِنِي الْمَاءَ) خِطَابًا لَهَا بِصِيغَةِ الْمُذَكَّرِ لَحْنًا أَوْ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ اسْتِهْزَاءً بِهَا أَوْ تَعْظِيمًا لَهَا وَأَوْلَى أَمْرُهَا بِقَوْلِهِ اسْقِينِي الْمَاءَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ بَابِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ إلَّا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ كَحُرَّةٍ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ: إذَا نَوَاهُ أَيْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَوْلُهُ: مَعَ الْبَيِّنَةِ أَيْ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَيْ فَالظِّهَارُ يُؤَاخَذُ بِهِ اتِّفَاقًا وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ الَّذِي نَوَاهُ تَأْوِيلَانِ رَاجِعْ بَابَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَدْلُولُهُ الطَّلَاقَ) أَيْ مَدْلُولُهُ الِالْتِزَامِيُّ أَيْ فَالطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ طَلَبُ السَّقْيِ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِنَايَةِ اللُّغَوِيَّةِ هِيَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنًى غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ فَلَيْسَتْ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَلَا كِنَايَةً قَالَ عج وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكُلِّ صَوْتٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ مَا إذَا قَصَدَهُ بِصَوْتٍ سَاذَجٍ أَيْ خَالٍ مِنْ الْحُرُوفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَهُ بِالصَّوْتِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَنْفِ لَزِمَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَهُ بِالصَّوْتِ الْحَاصِلِ مِنْ الْهَوَاءِ الْمُنْضَغِطِ بَيْنَ قَارِعٍ وَمَقْرُوعٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَصْدِهِ بِالْفِعْلِ وَالْفِعْلُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَهُ بِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهُ لِلطَّلَاقِ وَإِلَّا لَزِمَ وَمَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِهِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِنِيَّتِهِ) أَيْ نِيَّةِ اسْقِنِي أَيْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِ " اسْقِنِي " الْمُصَاحِبِ لِنِيَّتِهِ أَيْ لِنِيَّةِ حُصُولِ الطَّلَاقِ بِهِ وَهَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ) نُسْخَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِوُجُودِ ضَمِيرٍ وَعَدَمِهِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهَا عَدَمُهُ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَيْ فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةِ اسْقِنِي وَلَا بِلَفْظٍ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِهِ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الثَّلَاثَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَعَكَسَ الْمُصَنِّفُ: يُنَوَّى فِي الْفَتْوَى عِنْدَ سَحْنُونَ وَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ

ص: 48

مِنْ كَلَامِ أَهْلِ السَّفَهِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الْحُرْمَةِ أَوْ الْكَرَاهَةِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام فِي قَوْلِهِ لَمَّا «قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخَيَّةُ أَأُخْتُكَ هِيَ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ» .

(ص) وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ بِأَنْ احْتَفَّ بِهَا مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهَا الطَّلَاقُ وَهِيَ كَصَرِيحِهِ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ مَنْ عَايَنَهَا بِذَلِكَ فَهِيَ كَالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَخْرَسُ وَالسَّلِيمُ.

(ص) وَبِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ بِهِ مَعَ رَسُولٍ (ش) لَا خِلَافَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِلرَّسُولِ بَلِّغْ زَوْجَتِي طَلَاقَهَا أَوْ أَخْبِرْ زَوْجَتِي بِطَلَاقِهَا أَنَّهُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلرَّسُولِ سَوَاءٌ بَلَّغَهَا الرَّسُولُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ إلَخْ أَيْ وَبِإِرْسَالِهِ الْمُجَرَّدِ.

(ص) وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَتَبَ إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ إلَى غَيْرِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيُنَزَّلُ كَتْبُهُ لِلَفْظِ الطَّلَاقِ مَنْزِلَةَ مُوَاجَهَتِهَا بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْكِتَابَةِ: إذَا جَاءَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ وَوَصَلَ إلَيْهَا أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ (ص) أَوْ لَا إنْ وَصَلَ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَتَبَ إلَى زَوْجَتِهِ بِطَلَاقِهَا وَهُوَ غَيْرُ عَازِمٍ عَلَيْهِ حِينَ كَتَبَهُ أَيْ وَلَا أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَيْضًا بَلْ كَتَبَهُ وَأَخْرَجَهُ لِيَنْظُرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ وَصَلَ الْكِتَابُ لَهَا إلَّا إنْ لَمْ يَصِلْ وَسَوَاءٌ كَتَبَ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إذَا جَاءَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْكَتْبِ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى عَدَمِ الْعَزْمِ وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْعَزْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا مِنْ الْحِنْثِ بِالْكِتَابَةِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِالْكِتَابَةِ وَلَوْ عَازِمًا إلَّا بِالْوُصُولِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ بَابِ الطَّلَاقِ.

(ص) وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ كَمَا يُنْشِئُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِلِسَانِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ. خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَلَيْسَ مَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ وَيُصَمِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَبْدُوَ لَهُ وَلَا أَنْ يَعْتَقِدَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ طَلَاقٌ إجْمَاعًا.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ اللَّفْظُ تَشَعُّبٌ فَهُوَ أَطْوَلُهَا شَرَعَ فِي مُتَعَلَّقَاتِهِ فَمِنْهَا تَكَرُّرُهُ بِعَطْفٍ أَوْ دُونَهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعِيدَ الْمُبْتَدَأَ مَعَ الْعَطْفِ أَوْ لَا وَحُكْمُ الْفَاءِ وَثُمَّ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِي إرَادَةِ التَّأْكِيدِ فِي لُزُومِ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُنَافِيهِ وَمَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي الْوَاوِ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا مِثْلُ الْفَاءِ وَثُمَّ فَلَا يُنَوَّى فِيهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا كَالْمَدْخُولِ بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ النَّسَقِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إنْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: أَهْلِ السَّفَهِ) هُمْ أَهْلُ الْخُدْعَةِ وَالْمُجُونِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا احْتِمَالَانِ إلَخْ) أَيْ فَحَمَلَهُ بَعْضٌ عَلَى الْحُرْمَةِ وَبَعْضٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ) أَيْ نَهْيًا ضِمْنِيًّا مِنْ قَوْلِهِ: أَأُخْتُك هِيَ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْهُ، وَكَرَاهَتَهُ أَيْ لَمْ يُحِبَّهُ فَصَحَّ كَوْنُهُ مُحْتَمِلًا لِلْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْفَاهِمُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْطَعْ مَنْ عَايَنَهَا بِالْفَهْمِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَوَاهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَوَاهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ عج يَمِيلُ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَبِإِرْسَالِهِ الْمُجَرَّدِ) أَيْ عَنْ الْوُصُولِ.

(قَوْلُهُ: وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكْتُبَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ تُضْرَبُ فِي مِثْلِهَا بِتِسْعٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَصِلَ أَوْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ.

فَإِذَا كَتَبَهُ عَازِمًا فَيَحْنَثُ بِصُوَرِهِ السِّتِّ وَهِيَ: إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَصِلَ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا إنْ وَصَلَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوُصُولِ أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ يَحْنَثُ فِيهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِلْ لَا حِنْثَ فِي السِّتَّةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُصُولِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ مُوَاجَهَتِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِمَنْزِلَةِ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: بَلْ كَتَبَهُ وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ) هَذَا الْإِضْرَابُ يُفِيدُ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْتَشِيرًا وَكَتَبَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ حَلٌّ لِلْفِقْهِ الْمُرَادِ وَقَدْ عَلِمْت ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعَارِضُ الْإِضْرَابَ الَّذِي حُمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا حَلٌّ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حَلِّهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَزْمِ هُنَا النِّيَّةُ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ لِأَنَّا نَقُولُ انْضَمَّ لَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكِتَابَةُ وَمُحْتَرَزُ الْعَزْمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ التَّرَوِّي وَالِاسْتِشَارَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّصْمِيمَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ اللَّفْظُ فَكَيْفَ لَزِمَ بِالْإِشَارَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ حَذْفًا دَلَّ عَلَيْهِ مَا هُنَا تَقْدِيرُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ مَعَ الْعَزْمِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهَا مِثْلُ الْفَاءِ وَثُمَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِيمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا)

ص: 49

دَخَلَ بِهَا لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) كَمَعَ طَلْقَتَيْنِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي: الزَّوْجُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ مَصْحُوبَةً أَوْ مَقْرُونَةً بِهِمَا أَوْ تَحْتَهَا أَوْ فَوْقَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ.

(ص) وَبِلَا عَطْفٍ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إنْ نَسَقَهُ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ وَهَذَا قَسِيمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ اعْتَدِّي، اعْتَدِّي، اعْتَدِّي، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتَ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَأِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَبِشَرْطِ النَّسَقِ فِي غَيْرِهَا وَالْمُرَادُ بِالنَّسَقِ الْمُتَابَعَةُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِكَلَامٍ أَوْ صُمَاتٍ اخْتِيَارِيٍّ لَا بِسُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ فَإِنْ نَوَى بِاللَّفْظِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ التَّأْكِيدَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (ص) فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ أَيْ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ إنَّمَا تَنْفَعُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ أَصْلًا أَوْ تَعْلِيقٌ بِمُتَّحِدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ بِمُتَعَدِّدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا آخَرَ فَكَلَّمَتْ كُلًّا مِنْهُمَا لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَكَذَا إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتِ إنْسَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ فُلَانًا وَحْدَهُ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا " غَيْرُهُ مَعَ غَيْرِهِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " إنْ كَلَّمْتِ إنْسَانًا " فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِفُلَانٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ فِي نَفْسِهِ غَيْرُهُ مَعَ غَيْرِهِ.

(ص) وَلَوْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ عَلَى زَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ مَا فَعَلْت فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ أَرَادَ إخْبَارَهُ بِمَا فَعَلَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأُولَى وَإِنْ نَوَى الْإِنْشَاءَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ مُرْدَفَةٌ عَلَى الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارًا وَلَا إنْشَاءً فَقِيلَ تَلْزَمُهُ الطَّلْقَةُ الْأُولَى فَقَطْ حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَارِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ كَمَا عِنْدَ غَيْرِهِ حَمْلًا عَلَى الْإِنْشَاءِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِأَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَقَالَ: مُطَلَّقَةٌ أَوْ طَلَّقْتهَا فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا الطَّلْقَةُ الْأُولَى اتِّفَاقًا.

فَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وَأَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ وَالْإِنْشَاءَ كَمِثَالِ الْمُؤَلِّفِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ إنَّهُ يُحَلَّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ وَاحِدَةٍ حَيْثُ كَانَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ح أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا طَلَاقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا،

. وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ تَجْزِئَةِ الطَّلَاقِ أَنْ يُكَمَّلَ، وَحُكْمُ هَذَا الْبَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ مَا يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ اثْنَتَانِ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ ثَلَاثٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ.

(ص) وَنِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ أَوْ وَاحِدَةً فِي وَاحِدَةٍ أَوْ مَتَى مَا فَعَلْتِ وَكُرِّرَ أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا طَلْقَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهَا تُكَمَّلُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَعُشْرِ طَلْقَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ إنَّهُ إذَا خَالَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ طَلْقَةُ الْخُلْعِ وَالطَّلْقَةُ الَّتِي أَرْدَفَهَا وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا تَبِينُ بِالْأُولَى وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَعَةُ تَبِينُ بِالْخُلْعِ وَلَزِمَهَا الطَّلْقَةُ فَكَذَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّ نَسَقَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا، لَا يُقَالُ إنَّ اشْتِرَاطَ النَّسَقِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا غَيْرُ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْعَطْفِ بِثُمَّ لِدَلَالَتِهَا عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّا نَقُولُ دَلَالَتُهَا عَلَى التَّرَاخِي فِي الْإِخْبَارِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْإِنْشَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَهَا أَوْ فَوْقَهَا) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ الْعَائِدَةِ عَلَى الطَّلْقَةِ وَفِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَتَانِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالنَّسَقِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ النَّسَقَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَهُوَ تَوَسُّطُ أَحَدِ الْحُرُوفِ التِّسْعَةِ بَيْنَ التَّابِعِ وَمَتْبُوعِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ النَّسَقُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نِيَّةَ التَّأْكِيدِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَسَقًا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ نَسَقًا وَإِلَّا لَزِمَهُ لِأَنَّ الْفَصْلَ يَمْنَعُ إرَادَةَ التَّأْكِيدِ وَأَبْقَاهُ عج عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا مَا ذَكَرَهُ عج كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مَعَ عج انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) أَيْ بَلْ نَوَى التَّأْسِيسَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ) لَكِنْ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِدُونِهَا فِي الْفَتْوَى ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَكُونُ مَعَهَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ) أَيْ وَلَا إنْشَاءَهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَارِ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَجِّحَ لِعَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ الْمُفْتِي تَقَدَّمَ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ) لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِلُزُومِ طَلْقَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَوَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَهُ طَلْقَةٌ) أَيْ بِأَنْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً قَبْلَ هَذِهِ الطَّلْقَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالِ إلَخْ) بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ: يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا، لَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا، أَيْ أَرَادَ رَجْعَتَهَا أَمْ لَا؛ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَاحِدَةً فِي وَاحِدَةٍ) هَذَا إذَا كَانَ

ص: 50

فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِرُجُوعِ الْجُزْأَيْنِ إلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِذِكْرِ الطَّلْقَةِ فِي الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا عَلَّقَهُ بِأَدَاةٍ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ إذَا مَا أَوْ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ وَكَرَّرَ الْفِعْلَ وَسَوَاءٌ قَرَنَ بِمَا أَوْ لَا.

وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ وَاسْتَمَرَّ طَلَاقُك أَبَدًا وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَلَمْ يُرَاجِعْهَا فَقَدْ اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا أَبَدًا وَقَوْلُهُ: وَنِصْفَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِشَارَةِ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ وَلَزِمَ فِي الْإِشَارَةِ وَفِي " نِصْفَ " طَلْقَةٌ، وَطَلْقَةٌ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فَاعِلُ لَزِمَ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلْقَتَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " طَلْقَةً " وَقَوْلُهُ: أَوْ مَتَى مَا فَعَلْتِ وَكُرِّرَ: " كُرِّرَ " مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ إنْ ضُمَّتْ تَاءُ " فَعَلْتِ " وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْحَالِفِ وَلِلْمَفْعُولِ إنْ كُسِرَتْ التَّاءُ وَنَائِبُهُ يَعُودُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجَعَ لِلْمَرْأَةِ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَتَعَيَّنَ إلْحَاقُ تَاءِ التَّأْنِيثِ لَهُ لِأَنَّهُ مُسْنَدٌ لِحَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ لِقَوْلِهِ وَمَتَى مَا إلَخْ نَظَرٌ مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَاثْنَتَانِ فِي رُبُعِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ وَوَاحِدَةٍ فِي اثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ رُبُعَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الرُّبُعِ وَالنِّصْفِ الْمَذْكُورَيْنِ مُضَافٌ إلَى طَلْقَةٍ غَيْرِ الَّتِي أُضِيفَ إلَيْهَا الْآخَرُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ مُمَيِّزَهُ فَاسْتَقَلَّ وَلِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا ذُكِرَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى.

(ص) وَالطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ حُكْمَ التَّجْزِئَةِ التَّكْمِيلُ فَلَمَّا كَانَ الْحَاصِلُ طَلْقَةً وَنِصْفًا كَمَّلْنَا عَلَيْهِ الْكَسْرَ بِطَلْقَةٍ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَهَا وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَفُرِّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ نِصْفَهُ أَوْ نِصْفَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ وَاحِدَةٌ فَاسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا لَا يُفِيدُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَأَلْزَمَهُ مَعَ الضَّمِيرِ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا نِصْفَهُ وَأَلْزَمَهُ مَعَ غَيْرِهِ الثَّلَاثَ وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ.

(ص) وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إنَّهُ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى قَرْيَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ وَأُخْرَى بِالْعُمُومِ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ - وَهُوَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِمَرْأَةٍ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ - يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي عَكْسُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِي مِنْ لُزُومِ طَلْقَتَيْنِ، وَوَجْهُ الْمُسْتَصْوَبِ أَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ نِسَاءِ الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الطَّلَاقُ ثَانِيًا.

(ص) وَثَلَاثٌ فِي إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَقَصَدَهُ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَاحِدَةً عَلَى وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ إذَا مَا أَوْ مَتَى مَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا تَقْتَضِيَانِ التَّكْرَارَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إذَا مَا أَوْ مَتَى مَا) مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَتَى مَا مَعْنَى كُلَّمَا وَإِلَّا فَثَلَاثٌ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ التَّعَدُّدَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ لِجَعْلِ الْأَبَدِيَّةِ لِلْفِرَاقِ فِي أَزْمَانِ الْعِصْمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَذَلِكَ بِالثَّلَاثِ (أَقُولُ) وَهَذَا الْقَوْلُ إمَّا مُسَاوٍ لِلْمُصَنِّفِ أَوْ أَرْجَحَ لِذَهَابِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ لِأَنَّهُ عَجُوزَةُ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَاجِعْهَا) بَلْ وَلَوْ رَاجَعَهَا الطَّلَاقُ مُسْتَمِرٌّ لَهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ فَقَدْ اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا أَيْ أَثَرُ طَلَاقِهَا وَهُوَ مُفَارَقَتُهَا أَبَدًا (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِشَارَةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ " لَزِمَ " الْمَذْكُورَ مُسَلَّطٌ عَلَى " نِصْفَ " أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ " نِصْفَ " وَالْأَصْلُ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَ " طَلْقَةٌ " فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكُونُ تَوْكِيدًا لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ فِي نِصْفٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ " لَزِمَ " لِئَلَّا يَلْزَمَ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِعَاطِفٍ وَاحِدٍ (أَقُولُ) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ " طَلْقَةٌ " مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا وَحُذِفَ الْجَارُّ مِنْ الْخَبَرِ لِتَقَدُّمِ مِثْلِهِ أَيْ طَلْقَةٌ كَائِنَةٌ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَيْهِ فَاعِلُ لَزِمَ) الْمُنَاسِبُ دَلَّ عَلَيْهِ لَزِمَ الَّذِي هُوَ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْنَدٌ إلَى حَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ) وَمِثْلُهُ مَجَازِيُّهُ (قَوْلُهُ: وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: وَكُرِّرَ أَيْ اللَّفْظُ بِأَنْ قَالَ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ وَاحِدَةٌ) أَيْ فِي الْمُسْتَثْنَى الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: فَاسْتِثْنَاؤُهُ أَيْ الشَّخْصِ وَقَوْلُهُ: مِنْهَا أَيْ مِنْ الصِّيغَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي) الَّذِي هُوَ الْبُرْزُلِيُّ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِي) الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَإِنْ كَانَ مُعْتَمَدُ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ " وَوَجْهُ الْمُسْتَصْوَبِ " هَذَا التَّوْجِيهُ مَوْجُودٌ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا الطَّلَاقُ أَوَّلًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْمُسْتَصْوَبِ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا التَّوْجِيهُ جَارٍ فِي الْعَكْسِ وَقَدْ عَرَفْت الْحُكْمَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى نِصْفَ طَلْقَةٍ عُلِمَ أَنَّ الْغَرَضَ بِالطَّلَاقِ الطَّلَاقُ غَيْرُ

ص: 51

فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ فَيَلْزَمُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ الثَّلَاثُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ حُكْمَ الْكَسْرِ التَّكْمِيلُ.

(ص) وَاثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا وَهُوَ طَلْقَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَارِفِ بِالْحِسَابِ وَغَيْرِهِ.

(ص) أَوْ كُلَّمَا حِضْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتَ طَالِقٌ كُلَّمَا حِضْت أَوْ كُلَّمَا جَاءَ شَهْرٌ أَوْ يَوْمٌ أَوْ سَنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ مُنَجَّزًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرُ كَطَالِقٍ مِائَةً وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ لَا إنْ كَانَتْ شَابَّةً لَا تَحِيضُ أَوْ آيِسَةً كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ كُلَّمَا أَوْ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ " كُلَّمَا " وَ " مَتَى مَا " وَ " إذَا مَا " أَدَوَاتُ تَكْرَارٍ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ مَتَى مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَتَى مَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إذَا مَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إذَا مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّوَرِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ هُوَ فَاعِلُ الْمُسَبَّبِ فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى وُقُوعُ الثَّانِيَةِ وَمِنْ وُقُوعِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ مِمَّا هُوَ فِعْلُهُ وَهِيَ الْأُولَى صَارَتْ الثَّانِيَةُ فِعْلَهُ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَتَقَعُ الثَّالِثَةُ بِمُقْتَضَى أَدَاةِ التَّكْرَارِ.

(ص) أَوْ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ طَلَاقِي ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ مِنْ الْمُنَجَّزِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ تَمَامِ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَبْلِيَّةِ لَغْوٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ مَا لَمْ يَزِدْ الْعَدَدُ عَلَى الرَّابِعَةِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَسْرَ فِي الطَّلَاقِ حُكْمُهُ التَّكْمِيلُ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ رُبُعُ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفُ طَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ فَكُمِّلَتْ عَلَيْهَا وَإِذَا قَالَ لَهُنَّ: بَيْنَكُنَّ خَمْسُ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ سِتُّ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ سَبْعُ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ ثَمَانُ تَطْلِيقَاتٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ لَهُنَّ: بَيْنَكُنَّ تِسْعُ تَطْلِيقَاتٍ إلَى أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

(ص) سَحْنُونَ وَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ شَرَّكْتُ بَيْنَكُنَّ فِي طَلْقَةٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَطْلُقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ شَرَّكْتُ بَيْنَكُنَّ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ شَرَّكْت بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ سَحْنُونَ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ مُوَافِقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ مَا لَمْ يُشَرِّكْ فَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَعَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ يَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ وَمَسْأَلَةُ التَّشْرِيكِ الْآتِيَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا كَانَ يَقُولَ: إلَّا نِصْفَهُ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُسْتَغْرِقٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بَهْرَامُ وَأَوْلَى مِنْ مِثَالِ الشَّارِحِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَغَيْرِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ يُرِيدُ اثْنَتَيْنِ عَلَى اثْنَتَيْنِ يُنَوَّى عِنْدَ الْمُفْتِي أَوْ عَرَّفَهُمْ ذَلِكَ أَوْ يُعْلَمُ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ جُهَّالِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يُرِيدُونَ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ الثَّلَاثُ.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا تَحِيضُ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ آيِسَةً.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ) هُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى وَقَوْلُهُ " وَالْمُسَبَّبِ " الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَإِذَا كَانَ فَاعِلُ السَّبَبِ فَاعِلَ الْمُسَبَّبِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ فِعْلُهُ فَتُجْعَلُ سَبَبًا لِلثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: فَصَارَتْ الثَّانِيَةُ فِعْلَهُ أَيْضًا) أَيْ وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّالِثَةُ بِالثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ أَيْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَيْ كَأَنَّهُمَا فِعْلُهُ حَقِيقَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُولَى فِعْلُهُ حَقِيقَةً وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ الْتِزَامًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَزِمَتْهُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى الْأُولَى، وَالثَّالِثَةَ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: فَتَقَعُ عَلَى حَذْفِ أَيْ فَتَقَعُ إلَخْ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا هُوَ بِكُلَّمَا وَأَمَّا " إذَا مَا " وَ " مَتَى مَا " فَيَلْزَمُهُ فِيهِمَا طَلْقَتَانِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا تَلْزَمُهُ كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ، وَمِثْلُهُ " إذَا مَا " وَ " مَتَى مَا " وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَتَى مَا فَعَلْت وَكُرِّرَ فَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ غَيْرُ طَلَاقٍ فَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَالُوهُ مَعَ أَنَّ الْمَنْطِقِيِّينَ عَلَى أَنَّ " إنْ " وَ " لَوْ " وَ " إذَا " لِلْإِهْمَالِ وَ " مَتَى " مِنْ السُّوَرِ الْكُلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَبْلِيَّةِ لَغْوٌ) وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَغْوًا لَمْ يَلْزَمْهُ تَمَامُ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ وَكَذَا لَوْ اُعْتُبِرَتْ أَمْسِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَضَى زَمَنُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ) أَيْ أَوْ أَرْبَعٌ.

(قَوْلُهُ: سَحْنُونَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَهُوَ مُنْصَرِفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَذَا لَقَبُهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ، لُقِّبَ بِسَحْنُونٍ اسْمِ طَائِرٍ حَدِيدِ النَّظَرِ لِحِدَّةِ فَهْمِهِ وَقَالَ عج بِفَتْحِ السِّينِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْكَثِيرُ وَأَمَّا اللُّغَةُ فَالضَّمُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ إلَخْ) بِفَتْحِ اللَّامِ عج وَ " ثَلَاثًا " حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَ " ثَلَاثًا " الثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ثَلَاثًا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْنَكُنَّ وَبَيْنَ هَذِهِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا تُوجِبُهُ الْقِسْمَةُ وَالْقِسْمَةُ تُوجِبُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ ثَلَاثَةٌ إلَى أَرْبَعٍ فَيُقَالُ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ وَلَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ شَيْئًا وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا نَطَقَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ لِكُلِّ

ص: 52

تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ يُسْتَشْعَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُرْتَضِيهِ لِأَنَّهُ قَالَ وَنَسَبَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ لِسَحْنُونٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ ابْنَ الْقَاسِمِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ أَنْتِ شَرِيكَةُ مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا وَلِثَالِثَةٍ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا طَلَقَتْ اثْنَتَيْنِ وَالطَّرَفَانِ ثَلَاثًا (ش) صُورَتُهَا ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ وَقَالَ لِلثَّانِيَةِ: وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا وَقَالَ لِلثَّالِثَةِ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالطَّرَفَيْنِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ الْتَزَمَ الثَّلَاثَ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ أَشْرَكَهَا مَعَهَا وَمَعَ الثَّانِيَةِ فَنَابَهَا مِنْ الْأُولَى طَلْقَةٌ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ فَكُمِّلَتْ طَلْقَتَانِ وَنَابَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَلَاثٌ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ فِيهَا طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ أَشْرَكَهَا مَعَ الْأُولَى فَنَابَهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَكُمِّلَتْ.

(ص) وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ عَلَى زَوْجَتِهِ جُزْءَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَكَذَا يُؤَدَّبُ مُعَلِّقُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّجْزِئَةِ بِتَشْرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ لِإِيهَامِهِ عَلَى النَّاسِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَتَجَزَّأُ (ص) كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ وَإِنْ كَيَدٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي اللُّزُومِ وَالْأَدَبِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لَهَا يَدُكِ طَالِقٌ أَوْ عَيْنُك طَالِقٌ أَوْ نِصْفُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّجْزِئَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطْلِيقَاتِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْيَدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُعَيَّنَ لَيْسَ كَالشَّائِعِ (ص) وَلَزِمَ بِشَعْرُكِ طَالِقٌ أَوْ كَلَامُكِ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: شَعْرُك طَالِقٌ أَوْ كَلَامُك طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ لِأَنَّ الشَّعْرَ وَالْكَلَامَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ وَمِثْلُهُ الرِّيقُ وَالْعَقْلُ بِخِلَافِ الْعِلْمِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا قَصَدَ الشَّعْرَ الْمُتَّصِلَ بِهَا أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْمُنْفَصِلَ فَهُوَ كَالْبُصَاقِ.

(ص) لَا بِسُعَالٍ وَبُصَاقٍ وَدَمْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ سُعَالُك أَوْ بُصَاقُك أَوْ دَمْعُك طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَاسِنِهَا.

(ص) وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ بِإِلَّا إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الطَّلَاقِ بِإِلَّا أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَدَوَاتِ يَصِحُّ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَّصِلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ اخْتِيَارًا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ الْفَرْعَيْنِ سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ أَيْ فِي الْمَرْأَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ) أَيْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ خِلَافٌ أَيْ وَيَكُونُ ضَعِيفًا إذْ لَوْ كَانَ مُعْتَمَدًا لَكَانَ يَلْزَمُهُ فِي الثَّانِيَةِ الثَّلَاثُ بِمُقْتَضَى الشَّرِكَةِ مَعَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مُرْتَضِيهِ) أَيْ مُرْتَضِي أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ كَلَامُ سَحْنُونَ مُقَابِلًا نَقُولُ الْحُكْمُ كَمَا فِي الْأَوَّلِ عَبَّرَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالتَّشْرِيكِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ الْفَرْعَيْنِ سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ وَقَدْ ارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ وَفِي شَرْحِ عب وَشُبْ اعْتِمَادُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ فِي هَذَا الْفَرْعِ ضَعِيفٌ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْآتِيَةِ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُشْعِرُ بِالتَّوَقُّفِ.

(قَوْلُهُ: وَلِثَالِثَةٍ) فَلَوْ قَالَ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا بِالْإِفْرَادِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَوْدُهُ عَلَى الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْنِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْأُولَى وَاقْتَصَرَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَيْهَا أَلْبَتَّةَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَلْبَتَّةَ فَقَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ لِلْأُخْرَى وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا طَلَقْنَ أَلْبَتَّةَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ: ثَلَاثًا لِأَنَّهَا لَغْوٌ مَعَ أَلْبَتَّةَ قُدِّمَتْ أَوْ أُخِّرَتْ، وَأَلْبَتَّةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي هَذِهِ وَلَوْ قَالَ لِلثَّالِثَةِ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا بِالْإِفْرَادِ اُنْظُرْ عب.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً بَلْ مَأْخُوذَةً مِنْ الْحُكْمِ بِالتَّأْدِيبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُؤَدَّبُ مُعَلِّقُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَهَلْ تَعْلِيقُهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مَمْنُوعٌ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ؟

خِلَافٌ فَذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى الْكَرَاهَةِ وَاللَّخْمِيُّ إلَى الْمَنْعِ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يُحَلِّفُ بِهِ سُلْطَانٌ وَلَا غَيْرُهُ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَيَدٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا كَنِصْفٍ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَائِعًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) وَذَلِكَ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا فِي كُلِّ الْبَدَنِ لِعُمُومِهِ وَأَمَّا الْخَاصُّ فَلَا (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَقَالَ سَحْنُونَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِمَا وَالرِّيقُ مَا لَمْ يُزَايِلْ وَالْبُصَاقُ مَا زَايَلَ وَالرِّيقُ يُلْتَذُّ بِهِ وَلِذَا «كَانَ عليه الصلاة والسلام يَمُصُّ لِسَانَ عَائِشَةَ» وَقَوْلُهُ " وَالْعَقْلُ " أَيْ لِأَنَّهُ مِمَّا يُلْتَذُّ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِهِ لِأَنَّهَا بِعَقْلِهَا يَصْدُرُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلرَّجُلِ الْقَبُولَ عَلَيْهَا وَالِالْتِذَاذَ بِخِلَافِ الْعِلْمِ الْمُجَرَّدِ وَيَدْخُلُ فِي الْمُنْفَصِلِ مَا لَوْ قَالَ: اسْمُكِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِكَوْنِهِ مُنْفَصِلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَاسِنِهَا) لِأَنَّهُ لَا يُلْتَذُّ بِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ شَعْرُ غَيْرِ حَاجِبِهَا وَرَأْسِهَا وَمَا شَابَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهَا وَحَاجِبِهَا وَمَا غَلُظَ مِنْ صَوْتِهَا فَلَا يَلْزَمُ بِطَلَاقِ مَا ذُكِرَ طَلَاقٌ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ هُوَ بِهِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ يَنْوِيَ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ فَكَالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ) أَيْ وَنَوَاهُ وَنَطَقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ أَيْ إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) وَفِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ هَلْ الْمُرَادُ اتِّصَالُهُ بِالْيَمِينِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اتِّصَالَ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إنْ دَخَلْت الدَّارَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا وَاحِدَةً فَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَّصِلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُعَدُّ مِنْ الْمُتَّصِلِ وَلَا يُعَدُّ فَصْلًا إلَّا السُّكُوتُ اخْتِيَارًا فَلَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ فَلَا يَضُرُّ وَلَا تُغْتَفَرُ سَكْتَةُ التَّفَكُّرِ كَمَا أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَكَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَوْ وَصَلَهُ

ص: 53

الثَّانِي أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ كَانَ قَدْرَهُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ إجْمَاعًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا أَوْ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَرُبُعًا أَوْ إلَّا ثَلَاثًا وَرُبُعًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِغْرَاقِ بِالذَّاتِ أَوْ بِالتَّكْمِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " وَثَلَاثٌ فِي إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ " وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ " وَلَمْ يُسَاوِ " لَفُهِمَ الْمُسْتَغْرَقُ بِالْأَوْلَى (ص) فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً اثْنَتَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُسْتَغْرَقَ بَاطِلٌ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثَّلَاثِ مِنْ نَفْسِهَا لَغْوٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إثْبَاتٌ "، وَقَوْلَهُ " إلَّا اثْنَتَيْنِ " نَفْيٌ مِنْ الثَّلَاثِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ، وَقَوْلَهُ " إلَّا وَاحِدَةً " إثْبَاتٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ الْمَنْفِيَّتَيْنِ فَهِيَ مُثْبَتَةٌ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى وَقَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَيَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ فَقَوْلُهُ فَفِي ثَلَاثٍ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ.

(ص) وَوَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ فَوَاحِدَةٌ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَطَلْقَتَيْنِ إلَّا طَلْقَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ إلَّا طَلْقَتَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الْمَعْطُوفِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ حِينَئِذٍ حَيْثُ اُسْتُغْرِقَ، وَالْعَطْفُ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ بِغَيْرِهِمَا مِنْ الْحُرُوفِ مِمَّا يَأْتِي هُنَا كَالْفَاءِ وَحَتَّى كَذَلِكَ.

(ص) وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ هَلْ يُلْغَى فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا أَوْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فَيَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا شَرْعًا لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ لَفْظًا فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَإِنْ اُعْتُبِرَ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ الْخَمْسِ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَالْقَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ وَرَجَعَ لِلْقَوْلِ بِالِاعْتِبَارِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَرْجَحِيَّتُهُ.

(ص) وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَوْ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْأَوَّلِ وَسَيَأْتِي الثَّانِي وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: مَكْرُوهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَمْنُوعٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لَا يَخْلُو امْتِنَاعُهُ إمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ أَوْ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْعِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَالْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ حَضَرْتُ فُلَانًا أَمْسِ لَأَجْمَعَنَّ بَيْنَ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّ أَبَاهُ الْمَيِّتَ وَالثَّانِي إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَوْ حَضَرْتُ

ــ

[حاشية العدوي]

بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لَفُهِمَ الْمُسْتَغْرِقُ بِالْأَوْلَى) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ شَامِلٌ لِلْمُسَاوِي (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثًا) أَيْ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَحُذِفَ اثْنَتَانِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ نَوَى ذَلِكَ وَإِنَّهُمَا كَمُعَبَّرٍ عَنْهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مِنْ الْكُلِّ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَقَطْ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ قَوْلَيْنِ لُزُومَ الثَّلَاثِ وَوَاحِدَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُهُ) هُوَ الرَّاجِحُ فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِائَةَ طَلْقَةٍ إلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَالْقَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِالِاعْتِبَارِ لَيْسَ فِيهِ احْتِيَاطٌ لِلْفُرُوجِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْقَائِلِ بِالْإِلْغَاءِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ كَوْنِ الرَّاجِحِ الثَّانِيَ وَهُوَ الِاعْتِبَارُ إذَا كَانَ فِيهِ احْتِيَاطٌ لِلْفُرُوجِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِسَحْنُونٍ وَأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الزَّائِدِ قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ الْأَوْلَى لِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ فَأَنْتَ تَرَاهُ عَلَّلَ بِالْعُرْفِ لَا بِالِاحْتِيَاطِ فَالْوَاجِبُ إبْقَاءُ النَّقْلِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي الْعَبْدِ وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَانِ وَهَلْ يُلْغَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلَّفْظِ فَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اللَّفْظُ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَتَبْقَى لَهُ فِيهَا وَاحِدَةٌ وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ فِي الْعَبْدِ وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلَّقَ بِمَاضٍ) أَيْ رَبَطَهُ بِمَاضٍ يَمْتَنِعُ إلَخْ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ حَضَرْت لَجَمَعْت بَيْنَ وَجُودِك وَعَدَمِك وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ: وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقٌ عَلَى عَدَمِ صِدْقِ الْمُلَازَمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مُرْتَبِطٌ بِالْمُسْتَحِيلِ بِأَوْجُهِهِ وَفِي الْوَاقِعِ إنَّمَا هُوَ بِنَقِيضِهِ فَإِذَا كَانَ مُرْتَبِطًا ظَاهِرًا بِالْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى ضِدِّهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْعَقْلِيُّ وَقِسْ.

(قَوْلُهُ: بِمَاضٍ) أَيْ بِأَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِأَجْلِ قَوْلِهِ " مُمْتَنِعٍ " لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ وَيُشِيرُ لِهَذَا حَلُّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ حَضَرْت إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَالْأَوَّلُ إذَا قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَوْ حَضَرْت فُلَانًا أَمْسِ لَأَجْمَعَنَّ بَيْنَ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ فَالطَّلَاقُ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ أَجْمَعْ فَهِيَ طَالِقٌ وَقِسْ عَلَيْهِ

ص: 54

فُلَانًا أَمْسِ لَأُدْخِلَنَّهُ الْأَرْضَ، وَالثَّالِثُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ: لَوْ حَضَرْتُ فُلَانًا أَمْسِ لَأَقْتُلَنَّهُ أَوْ لَفَقَأْتُ عَيْنَهُ ابْنُ بَشِيرٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَقْصِدُ الْمُبَالَغَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا حِنْثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِقِيَامِ الشَّكِّ فِي وُقُوعِهِ فِي الْمَاضِي وَلَوْ عُلِمَتْ الْقُدْرَةُ أَوْ قُصِدَتْ الْمُبَالَغَةُ لِجَوَازِ مَانِعٍ انْتَهَى وَإِنَّمَا نُجِّزَ فِي الْمُمْتَنِعِ عَقْلًا وَعَادَةً وَشَرْعًا، وَالْجَائِزِ لِلْقَطْعِ بِالْكَذِبِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِلشَّكِّ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي الْأَخِيرَيْنِ (ص) أَوْ جَائِزٍ كَلَوْ جِئْت قَضَيْتُك (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ مُمْكِنِ الْوُقُوعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِشَخْصٍ لَوْ جِئْتَنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك وَإِنَّمَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ لَوْ جَاءَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَوْ لَا يَقْضِيَهُ فَحَصَلَ الشَّكُّ وَبِمَا قَرَّرْنَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ بِقَوْلِهِ كَيْفَ يُمَثِّلُ الْمُؤَلِّفُ لِلْجَائِزِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ قَضَاءَهُ وَاجِبٌ وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ وَاجِبٍ عَادَةً كَقَوْلِهِ: زَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَوْ لَقِيَنِي أَسَدٌ أَمْسِ لَفَرَرْتُ مِنْهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَائِزِ وَأَمَّا الْوَاجِبُ عَقْلًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ لَقِيتُكَ مَا جَمَعْتُ بَيْنَ وَجُودِك وَعَدَمِك أَوْ مَا طَلَعْتُ بِك السَّمَاءَ وَلَا نَزَلْتُ بِك الْأَرْضَ.

(ص) أَوْ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا عَادَةً كَبَعْدَ سَنَةٍ أَوْ يَوْمَ مَوْتِي (ش) عَطْفٌ عَلَى بِمَاضٍ أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ وُقُوعُهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقُ يَوْمَ مَوْتِي أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شَبِيهٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ حِلِّيَّةَ فَرْجِهَا إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِك وَأَمَّا إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتُّ أَوْ إذَا مُتِّي فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ بِمَا يُشْبِهُ مَا كَانَ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ فَأَقَلَّ وَبِمَا لَا يُشْبِهُ مَا كَانَ فَوْقَ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا بَلَغَهُ عُمُرُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَادَةً وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ عُمُرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ ح يُفِيدُ أَنَّهُ يُنَجَّزُ فِيمَا إذَا كَانَ يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ (ص) أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ أَيْ مُحَقَّقٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ الْمَسِّ وَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ لَا مُمْتَنِعٌ وَكَذَا إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْبَحْرَ أَوْ إنْ لَمْ أَلِجْ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ أَوْ إنْ لَمْ أَحْمِلْ الْجَبَلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ (ص) أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا (ش) أَيْ وَكَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: أَنْتَ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ) يَظْهَرُ هَذَا فِي الْأَخِيرِ فِي الْوَسَطِ بِالنِّسْبَةِ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْكُلِّ وَفِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخِيرَةِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ إلَخْ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى شب فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ وَلَوْ قَصَدَ الْمُبَالَغَةَ أَيْ الْكِنَايَةَ عَنْ كَوْنِهِ يَفْعَلُ بِهِ مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ رُبَّمَا يَدْفَعُهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فَلَا يُسَلَّمُ (قَوْلُهُ: مُمْكِنِ الْوُقُوعِ) أَيْ عَادَةً أَوْ عَقْلًا (قَوْلُهُ: كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِشَخْصٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَاضٍ جَائِزٍ شَرْعًا - كَزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَأَعْطَيْتُك كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ - فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَيْ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَاضٍ وَاجِبٍ شَرْعًا كَقَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك حَيْثُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ الْجَائِزُ الْعَقْلِيُّ سَقَطَ إلَخْ.

(أَقُولُ) الْحَقُّ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْبِسَاطِيِّ مُتَّجَهٌ إذْ لَوْ أُرِيدَ بِالْجَائِزِ الْجَائِزُ الْعَقْلِيُّ لَدَخَلَ فِيهِ الْمُسْتَحِيلُ عَادَةً وَشَرْعًا فَكَانَ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْجَائِزَ لَا حِنْثَ فِيهِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ شَرْعًا أَوْ عَادَةً لَا حِنْثَ فِيهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ الْحِنْثَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَائِزِ أَيْ الْجَائِزِ الْعَقْلِيِّ أَيْ وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْوُقُوعِ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَسْلِيمُهُ وَأَنَّهُ لَا نَظَرَ (قَوْلُهُ: مَا طَلَعْت بِك السَّمَاءَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ طُلُوعَ السَّمَاءِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَكَذَا نُزُولُهُ بِهِ الْأَرْضَ فَعَدَمُهُمَا وَاجِبٌ عَادَةً لَا وَاجِبٌ عَقْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَمَ وَاجِبٌ عَادَةً لَاحَظَتْهُ عَدَمَ وَاحِدٍ أَوْ عَدَمَهُمَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَعَلَ حِلِّيَّةَ فَرْجِهَا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ آخِرَ النَّهَارِ فَتَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (أَقُولُ) وَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا يُقَوِّي الْبَحْثَ الْمُتَقَدِّمَ وَأَنَّهُ كَيْفَ يُعْقَلُ تَسْلِيطُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا عَلَى الْمِثَالِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِي هَكَذَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت بَعْضَ شُيُوخِنَا أَفَادَهُ قَائِلًا فَالْأَحْسَنُ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ أَنْ يَجْعَلَهُ مِثَالًا لِمُقَدَّرٍ فِي الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا أَوْ يَتَحَقَّقُ لَا بِقَيْدِ التَّثْنِيَةِ بَلْ الْمَعْنَى وَيَتَحَقَّقُ الْبُلُوغُ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِشَهْرٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ وَرُوحُ عَدَمِ الْفَرْقِيَّةِ التَّعْمِيمُ فِي مَوْتِهِ وَمَوْتِهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْتَفَتْ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ مَحَلًّا وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَاتَ أَوْ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ وَفِي شَرْحِ عب وَشُبْ وَيَوْمَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ جَارِيَةً لِفُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ أَبَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ) أَيْ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُسْتَقْبَلًا مُحَقَّقًا.

ص: 55

هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ طَائِرًا سَوَاءٌ قَدَّمَ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ، وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ نَدَمًا جَارٍ فِيهِمَا.

(ص) أَوْ لِهَزْلِهِ كَطَالِقٍ أَمْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ وَهَذَا مُتَرَدِّدٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ بَيْنَ الْهَزْلِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ مَا يَقَعُ الْآنَ يَسْتَحِيلُ أَمْسِ فَيَكُونُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ هَزْلًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْإِخْبَارَ أَيْ أَخْبَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا الطَّلَاقُ وَعَلَى تَعْلِيلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا بِالْهَزْلِ فَالصَّوَابُ حِينَئِذٍ إسْقَاطُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِهَزْلِهِ فَيَكُونُ الْهَزْلُ عِلَّةً لَهَا وَعَلَى التَّصْوِيبِ يَكُونُ قَوْلُهُ كَطَالِقٍ أَمْسِ مُشَبَّهًا بِمَا قَبْلَهُ فِي التَّنْجِيزِ وَالْهَزْلِ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ الْإِنْشَاءَ فَهُوَ هَازِلٌ وَعَلَى عَدَمِهِ يَكُونُ الْمُؤَلِّفُ سَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الْأُولَى.

(ص) أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْت (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِمَاضٍ أَيْ وَيُنَجَّزُ إنْ عَلَّقَ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت لِغَيْرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَوْ لَبِسْت لِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَصِحُّ ضَبْطُ تَاءِ الْفَاعِلِ بِكُلٍّ مِنْ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ فَيَشْمَلُ فِعْلَهُ وَفِعْلَهَا وَفِعْلَ الْغَيْرِ لِأَنَّ مَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ.

(ص) أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي تَحِيضُ: إنْ حِضْتِ أَوْ إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَحِيضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ الْغَالِبُ وُقُوعُهُ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمُحَقَّقِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ.

(ص) أَوْ مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَلَّيْت أَنَا أَوْ إنْ صَلَّيْت أَنْتِ أَوْ إنْ صَلَّى زَيْدٌ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا بُدَّ مِنْهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَرْكِهَا فَصَارَ كَالْمُحَقَّقِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ تَنْزِيلًا لِوُجُوبِهَا مَنْزِلَةَ وُقُوعِهَا.

(ص) أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَيُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يَعْزِلْ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَعَزَلَ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ مِثْلُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ عُمُومِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.

(ص) أَوْ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنَجَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ أَوْ أَنَا أَوْ أَنْتِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَدَّمَ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ) الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ إنَّمَا هُوَ إذَا قَدَّمَهُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الشَّرْطِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ كَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ: جَارٍ فِيهِمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ هُوَ جَارٍ فِي تَأْخِيرِ الشَّرْطِ فَقَطْ أَيْ إنَّهُ لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَدِمَ فَأَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِالْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجَازُ وَهُوَ تَمَامُ الْأَوْصَافِ الْحَجَرِيَّةِ لِكَوْنِهَا صُلْبًا لَا يَتَأَثَّرُ بِالْحَدِيدِ فَيُنْظَرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَيَجْرِي أَيْضًا فِي إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ) أَيْ لَا صَبْرَ عَلَى عَدَمِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ لِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ يَعْسُرُ فِيهِ تَرْكُ الْقِيَامِ وَلَوْ دُونَ سَاعَةٍ لِأَنَّ مَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً لَا يَعْسُرُ تَرْكُهُ فِيهَا لَمْ يُنَجَّزْ عَلَيْهِ إلَّا إنْ قَامَتْ قَبْلَ فَوَاتِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ كَسِيحًا حَالَ الْيَمِينِ فَلَا يُنَجَّزُ إلَّا إنْ زَالَ بَعْدَهُ فَيَقَعُ كَالْآيِسَةِ إذَا حَاضَتْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَحِيضِي إلَخْ) لَا يَصِحُّ هَذَا إلَّا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ تَحِيضُ وَقَيَّدَ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ وَأَنْ لَا تَحِيضَ لَا إنْ عَمَّ الزَّمَنَ أَوْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ بَعِيدٍ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ) بِأَنْ كَانَتْ آيِسَةً أَوْ بَالِغَةً إلَّا إنْ حَاضَتْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حَيْثُ قَالَ النِّسَاءُ: إنَّهُ حَيْضٌ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَا لَا يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا مَعًا إلَيْهِ وَبَلَغَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا قَالَهُ عج وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ هُنَا مُشْكِلٌ فِي الْآيِسَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالَ الْيَمِينِ لِلشَّكِّ حِينَهَا وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ عَقِبَ الْيَمِينِ بِأَنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا عَقِبَهَا فَإِنْ قُلْت الْمُعَلَّقُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَشْكُوكٌ فِي دُخُولِهِ فَلَمْ لَمْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ يُنْتَظَرُ دُخُولُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ ظَاهِرًا كَانَ أَسْهَلَ مِنْ تَعْلِيقِهِ عَلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ الْغُلَامِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ: أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَعَزَلَ عَنْهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحِنْثُ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ إلَخْ) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا قَلْبٌ فِي الْأُولَى وَقَلْبَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمُ بِتَنْجِيزِهِ فِي هَذَيْنِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَتَحْرِيكِهَا قُرْبَ أُذُنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ أَنَّ فِيهَا قَلْبًا أَوْ قَلْبَيْنِ وَكَسَرَهَا عَقِبَ يَمِينِهِ فَرَأَى فِيهَا مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَالَ حَلِفِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ حَلَفَ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ هُنَاكَ شَرْعِيَّةٌ وَهَذِهِ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا لَهُ بِالنَّارِ كَأَبِي لَهَبٍ وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ مَا يُوَافِقُهَا فِي الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ هَذِهِ وَمَا

ص: 56

فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ ثَبَتَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ وَكُلِّ مَنْ أُخْبِرَ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْإِجْمَاعُ بِعَدَالَتِهِ وَصَلَاحِهِ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى صِحَّةِ جَمِيعِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِنْثِ بَيْنَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْحِنْثَ فِي الْأَوَّلِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ وَعَدَمَهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حُمِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَيَحْنَثُ فِيهِمَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ " إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ عَلَى الثَّانِي فَلَا يَحْنَثُ انْتَهَى.

(ص) أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَيْ مِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ حَالًا وَتُعْلَمُ مَآلًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ هَذَا إنْ مَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَأَنْزَلَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ كَانَ مَحْمَلُهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَاخْتَارَهُ مَعَ الْعَزْلِ (ش) أَيْ وَحُمِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتَ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا طَلَقَتْ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا: عَلَى الْمَشْهُورِ - أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ - نَظَرًا لِلَّخْمِيِّ وَكَذَلِكَ أَرَى أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَيْضًا إنْ كَانَ يُنْزِلُ وَيَعْزِلُ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ نَادِرٌ فَلَا تَطْلُقُ فِي إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَطْلُقُ فِي إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَكِنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ.

(ص) أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ اللَّهِ (ص) أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةٍ مُغَيَّبَةٍ عَنَّا كَإِنْ شَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ لِلْجَهْلِ لَنَا بِذَلِكَ فَالْعِصْمَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا (ص) أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ أَنَا الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الدُّخُولُ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَلَا يُفِيدُهُ صَرْفُ الْمَشِيئَةِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ.

(ص) بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ (ش) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَدْخُلْهَا أَوْ تَدْخُلِيهَا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، فَيُفِيدُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَى الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَهُوَ الدُّخُولُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ مَوْقُوفًا عَلَى إرَادَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ الدَّارِ

ــ

[حاشية العدوي]

يُوَافِقُهَا فِي الْمَعْنَى هِيَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا تَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: ابْنِ سَلَامٍ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: مَنْ شَهِدَ لَهُ الْإِجْمَاعُ إلَخْ) أَيْ وَالْإِجْمَاعُ مَعْصُومٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ) أَيْ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ) أَيْ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ كُتُبُ الصَّحِيحِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيْ لَوْ حَلَفَ أَنَّ مَا فِيهَا صَحِيحٌ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْعُلَمَاءُ وَحَكَمُوا بِضَعْفِهِ وَالْمُرَادُ بِالصَّحِيحِ مَا كَانَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَمَّا مَا فِي الْمُوَطَّأِ فَكُلُّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا إلَّا مَا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَضْعِيفِ غَيْرِهِ لَوْ ضَعَّفَ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِنْثِ) أَيْ بِخِلَافِ ابْنِ وَهْبٍ يَقُولُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ مُوَافِقًا لِلَّيْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46](قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) بَعِيدٌ وَالْأَظْهَرُ إبْقَاءُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالْأُولَى وَهُمَا إذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبَهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ) أَيْ الْحَالِفِ.

(قَوْلُهُ: فِي هَذَا نَظَرٌ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي طُهْرٍ وَلَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ نَظَرٌ إذَا ذَهَبْنَا لِلْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَلَوْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَلَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ يَقُولُ بِهَا اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ السَّبْقَ نَادِرٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ الْحَمْلَ نَادِرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ كَثِيرًا وَالْعِبْرَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمَظِنَّةُ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَإِنْ نَدَرَ الْحَمْلُ وَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ) أَيْ لِلَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَقَوْلُهُ: عَلَى مُعَلَّقٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَرَفَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَمَلَ وَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ التَّنْجِيزُ فِيمَا إذَا صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْلَى لِعَدَمِ إفَادَتِهِ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَمَا قَدَّمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَصْرِفُهَا لِشَيْءٍ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ سَبَبًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَهُ تت أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى جَعْلَهُ سَبَبًا وَلَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَلَوْ أَرَادَ جَعْلَهُ سَبَبًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَصْوِيرًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ

ص: 57

سَبَبًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَجْعَلْهُ سَبَبًا لِوُقُوعِهِ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مَوْكُولٍ إلَى إرَادَةِ الْمُكَلَّفِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ، وَجَزْمِهِ عَلَى جَعْلِهِ سَبَبًا وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُعَلَّقِ نَفْسِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ فَيُنَجَّزُ.

(ص) أَوْ كَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ غَدًا إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ أَوْ إنْ مَطَرَتْ غَدًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُنْ مَطَرَتْ بِالشَّامِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ وَلَا يُنْتَظَرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لِيُنْظَرَ أَيَكُونُ الْمَطَرُ أَمْ لَا وَلَوْ مَطَرَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَعَلَّلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْبِ أَيْ فَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الشَّكِّ وَالْهَزْلِ وَكِلَاهُمَا مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ وَهَذَا مَا لَمْ يَعُمَّ الزَّمَنَ فَإِنْ عَمَّهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَمْطُرْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَسَوَاءٌ عَمَّ أَوْ سَمَّى بَلَدًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَمْطُرَ فِي زَمَنٍ مَا وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَخَمْسِ سِنِينَ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ.

(ص) أَوْ يَحْلِفُ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ (ش) أَيْ وَكَذَا لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا حَلَفَ لِعَادَةٍ اعْتَادَهَا كَمَا إذَا رَأَى سَحَابَةً وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا أَنْ تَمْطُرَ السَّمَاءُ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتُنْتَظَرُ السَّحَابَةُ هَلْ تَمْطُرُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ مَا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: إنْ حَلَفَ لِغَالِبِ ظَنِّهِ لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ فِي الشَّرْعِ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بِكِهَانَةٍ أَوْ عَلَى الشَّكِّ طُلِّقَ عَلَيْهِ (ص) وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي الْبِرِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يُنَجَّزُ كَالْحِنْثِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ مُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ لَا لِعَادَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ مَطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ هَلْ يُنْتَظَرُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ يُنَجَّزُ كَالْحِنْثِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ تَأْوِيلَانِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ لِعَادَةٍ وَقَرُبَ الزَّمَنُ كَشَهْرٍ مَثَلًا كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ

ــ

[حاشية العدوي]

مَوْقُوفًا إلَخْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْفِيشِيَّ ذَكَرَ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَيْهِ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَصْرِفُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُنَجَّزُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ لَمْ تَكُنْ مَطَرَتْ بِالشَّامِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيمَا مَضَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مَطَرَتْ بِالشَّامِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ طَلَقَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ أَيْ سَوَاءٌ صِيغَةُ الْبِرِّ وَصِيغَةُ الْحِنْثِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَطَرَتْ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ إنْ مَطَرَتْ غَدًا لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي الْبِرِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَمَّ) أَيْ جَمِيعَ الْأَمْكِنَةِ أَوْ سَمَّى بَلَدًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ أَجَلًا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَمَّ جَمِيعَ الْأَمْكِنَةِ أَوْ سَمَّى بَلَدًا وَيُخَالِفُهُ مَا فِي عب وَنَصُّهُ وَمِثْلُ مَا إذَا عَمَّ الزَّمَنَ إذَا قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَكَانٍ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ وَالْأَحْسَنُ مَا فِي شَارِحِنَا كَمَا يُفِيدُهُ عج وَفِي شَرْحِ شب قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ " خَمْسِ سِنِينَ " لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْمُرَادُ زَمَنٌ لَا يَتَأَخَّرُ الْمَطَرُ فِيهِ عَادَةً.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَحْلِفُ لِعَادَةٍ لِيُنْتَظَرَ) وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَالْمُرَادُ عَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى حَصَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَيُمْنَعُ مِنْهَا فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ لِأَنَّ فِي إرْسَالِهِ عَلَيْهَا إرْسَالًا عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا وَالظَّاهِرُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ) سِيَاقُ كَلَامِهِ فِي الْعَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ الْحَاكِمِ بِالتَّنْجِيزِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَمُفَادُ بَهْرَامَ أَنَّهَا أَقْوَالٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ بَهْرَامَ لَا يُسَلَّمُ وَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ يَقُولُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فَإِنْ غَفَلَ وَلَمْ يَطَّلِعْ فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فَالْأَوْلَى أَنَّ الشَّارِحَ يَذْكُرُ " انْتَهَى " آخِرًا لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَلِذَا قَالَ الْفِيشِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورَ مَا نَصُّهُ: قَالَ بَعْضٌ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ غَفَلَ عَنْهُ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ ابْتِدَاءً وِفَاقًا لِعِيَاضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ كَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَيُعْلَمُ مَآلًا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: " أَوْ كَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ وَقَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَشَهْرٍ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لِعَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَيُنْتَظَرَ فَإِنْ أَطْلَقَ فِي الزَّمَنِ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ خَصَّهُ بِبَلَدٍ كَأَنْ قَيَّدَ بِخَمْسِ سِنِينَ أَوْ كَإِنْ مَطَرَتْ وَقَيَّدَ بِالْبَعِيدِ وَإِنْ خَصَّهُ بِمَكَانٍ فَإِنْ قَيَّدَ بِالْقَرِيبِ وَحَلَفَ لِعَادَةٍ اُنْتُظِرَتْ وَإِلَّا فَهَلْ كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يُنَجَّزُ؟ تَأْوِيلَانِ " لَوَفَّى بِالْمُرَادِ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ قَيَّدَ بِخَمْسِ سِنِينَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ كَذَا قَالَ عج وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ عج اعْتِمَادُ كَلَامِ عِيَاضٍ لَا كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ وَالْعَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «إذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَأَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ» قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ: بَحْرِيَّةً كَذَا رَأَيْته مَضْبُوطًا بِالْفَتْحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي " نَشَأَتْ " الْعَائِدِ لِلسَّحَابَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ وَغُدَيْقَةٌ - بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍ مَفْتُوحَةٍ - أَيْ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ، وَالْغَدَقُ - بِفَتْحِ الدَّالِ -: الْمَطَرُ الْكِبَارُ وَغَدَقٌ اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ فِيهِ وَرُوِيَ بِرَفْعِ " بَحْرِيَّةً " وَبِتَكْبِيرِ " غُدَيْقَةٌ " أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَقَوْلُهُ: تَشَأَّمَتْ أَيْ إذَا طَلَعَتْ السَّحَابَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَمَالَتْ إلَى جِهَةِ الشَّأْمِ فَتِلْكَ السَّحَابَةُ غَزِيرَةُ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: تَوَسَّمَهُ) أَيْ تَفَرَّسَهُ أَيْ أَدْرَكَهُ لِعَادَةٍ بِعَدَمِ وُقُوعِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: بِكِهَانَةٍ) هِيَ الْإِخْبَارُ بِالْمُسْتَقْبِلَاتِ مُعْتَمِدًا عَلَى إخْبَارِ الْجِنِّ الَّذِينَ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ وَأَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ قَوْلَ الْمُنَجِّمِ

ص: 58

مَطَرَتْ بَعْدَ شَهْرٍ لِعَادَةٍ تَوَسَّمَهَا اُنْتُظِرَ قَطْعًا وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ نُجِّزَ اتِّفَاقًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ قَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَلَمْ يَحْلِفْ لِعَادَةٍ قَوْلُهُ كَالْحِنْثِ فَإِنَّهُ جَعَلَ مَحَلَّ التَّنْجِيزِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ حَيْثُ قَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَلَمْ يَحْلِفْ لِعَادَةٍ.

(ص) أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ قَبْلَ التَّنْجِيزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَتَجَرَّأَ وَيَفْعَلَهُ فَلَا يُنَجَّزَ عَلَيْهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ بِاَللَّهِ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ إلَخْ فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَمْشِ أَوْ لِيُطَلِّقْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ اجْتَرَأَ فَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ زَالَتْ أَيْمَانُهُ فِيهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُحَرَّمِ أَيْ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ مُحَرَّمٍ.

(ص) أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَمَآلًا (ش) أَيْ وَكَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَا نَعْلَمُهُ حَالًا وَلَا مَآلًا كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَدُيِّنَ إنْ أَمْكَنَ حَالًا وَادَّعَاهُ) كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ - وَالسَّمَاءُ مُطْبِقَةٌ بِالْغَيْمِ - لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ لَا لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا سَبَقَ إلَيْهِ قَلَمُ بَعْضٍ إذْ لَا يَكُونُ الشَّهْرُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا.

(ص) فَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ عَلَى النَّقِيضِ كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ يَقِينًا طَلَقَتْ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَدُيِّنَ إنْ أَمْكَنَ حَالًا وَادَّعَاهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَأَى رَجُلَانِ طَائِرًا فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غُرَابٌ وَحَلَفَ الْآخَرُ عَلَى النَّقِيضِ وَهُوَ أَنَّ الطَّائِرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِغُرَابٍ وَتَعَذَّرَ التَّحْقِيقُ فَإِنْ ادَّعَيَا يَقِينًا أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ فَإِنَّهُمَا يُدَيَّنَانِ أَيْ يُوكَلَانِ إلَى دِينِهِمَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمَا وَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا يَقِينًا أَيْ اعْتِقَادًا جَازِمًا بِأَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا يَقِينًا عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا حِنْثَ عَلَى مَنْ ادَّعَى الْيَقِينَ وَيَحْنَثُ الْآخَرُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ يَقِينًا طَلَقَتْ أَيْ طَلَقَتْ امْرَأَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ سَوَاءٌ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا أَيْ مَعًا أَوْ عَلَى الْبَدَلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا زَوْجَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ وَقَدْ تَسَامَحَ فِي إطْلَاقِ الْيَقِينِ عَلَى الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ تَبَعًا لِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْيَقِينَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ وَعَدَمُ الشَّكِّ، وَلَا يَقْبَلُ التَّشْكِيكَ إلَّا الِاعْتِقَادُ وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ فَرَأَى طَائِرًا فَقَالَ إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَزَيْنَبُ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَزَّةُ طَالِقٌ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ طَلَقَتَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ دَعْوَى التَّحْقِيقِ فِي الْحَالَتَيْنِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ شَرَعَ فِيمَا لَا يُنَجَّزُ فِيهِ أَعَمَّ مِمَّا لَا شَيْءَ فِيهِ حَالًا وَلَا مَآلًا أَوْ حَالًا لَا مَآلًا فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (ص) وَلَا حِنْثَ إنْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمَسْت السَّمَاءَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَقَوْلُهُ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا كَإِنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَادَةً كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ أَوْ إنْ حَمَلْت الْجَبَلَ أَوْ شَرْعًا كَإِنْ شَرِبْت الْخَمْرَ.

(ص) أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ (ش) صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ شَاءَ الطَّلَاقَ أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْتَ: تَقَدَّمَ مَسْأَلَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ إذْ لَمْ تُعْلَمْ الْمَشِيئَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهَذَا يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا،

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِعَادَةٍ أَوْ لَا أَنْ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ هُنَاكَ عَادَةً (ثُمَّ أَقُولُ) ذَكَرُوا أَنَّ الْبَعِيدَ خَمْسُ سِنِينَ وَالْقَرِيبَ مَا دُونَهَا الشَّهْرُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ قَيَّدَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ قَيَّدَ بِهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ بَلْ يَسْتَحِيلُ بِبَلَدِنَا وَنَحْوِهِ عَادَةً أَنْ تَمْضِيَ سَنَةٌ وَلَا يَحْصُلَ فِيهَا مَطَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَشْهُرُ الَّتِي لَا يَتَخَلَّفُ الْمَطَرُ فِيهَا عَادَةً كَالتَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ فَيَفْتَرِقُ فِيهَا صِيغَةُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمُحَرَّمٍ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ الْحَاكِمِ لَا بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَإِنْ لَمْ أَزْنِ) وَمِثْلُهُ كَإِنْ لَمْ يَزْنِ زَيْدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَعَادَهُ إلَخْ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ يُمْكِنُ تَعَلُّقُ عَمَلِنَا بِهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ وَمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا لَهُ خَارِجٌ يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مِنْ غَيْرِ خَبَرٍ كَزَيْدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَحَاصِلُ جَوَابِ الْبِسَاطِيِّ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ لَا تُعْلَمُ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَكَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْلَمُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ جَوَابٌ بَعِيدٌ.

(قَوْلُهُ: عَلَى النَّقِيضِ) أَيْ جِنْسِ النَّقِيضِ إذْ حَلِفُ اثْنَيْنِ عَلَى النَّقِيضَيْنِ أَوْ التَّقْدِيرُ كُلٌّ عَلَى النَّقِيضِ (قَوْلُهُ: وَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا فَيَحْنَثَ أَيْضًا مَنْ بَانَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ) وَأَوْلَى إذَا تَوَهَّمَ تَبَيُّنَ شَيْءٍ بِصِدْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِكَوْنِهِ حَالَ الْيَمِينِ غَيْرَ جَازِمٍ عَلَى مَا حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ) بِأَنْ كَانَ جَازِمًا حِينَ الْيَمِينِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْتَبَسَ الْحَالُ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ.

(قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٍ إلَخْ) أَيْ فِي صِيغَةِ بِرٍّ لَا فِي صِيغَةِ حِنْثٍ فَيُنَجَّزُ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ أَوْ إنْ لَمْ أَجْمَعْ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ الْحِنْثِ ثُمَّ إنَّهُ عُورِضَتْ هَذِهِ بِلُزُومِ طَلَاقِ الْهَزْلِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَمَشَى فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى قَوْلٍ وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَجَرُ

ص: 59

وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ الْآدَمِيُّ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا حِينَ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ أَوْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ صَغِيرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ الْآنَ وَيُنْتَظَرُ وَهَذَا فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ اُنْظُرْ الشَّارِحَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَيْ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ التَّفْوِيضِ وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ قَبْلَ بُلُوغِهَا.

(ص) أَوْ لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا إلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا أَوْ عُمُرُ أَحَدِهِمَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ انْخَرَمَتْ الْعَادَةُ وَعَاشَا إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى حَيْضِ يَائِسَةٍ وَحَاضَتْ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ (ص) أَوْ طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ (ش) الْمَعْطُوفُ أَيْضًا مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَهَذَا إذَا عُلِمَ مِنْ الْقَائِلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فِي حَالَةِ الصِّبَا وَمِنْ الثَّانِي أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ جُنُونٌ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِاللَّفْظِ نَسَقًا.

(ص) أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مُتِّي أَوْ إنْ. إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِي لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مُتِّ أَنْتِ أَوْ إنْ مُتِّ أَنْتِ أَوْ مَتَى مُتِّ أَنْتِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ وَلَا تَطْلُقُ مَيِّتَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الْمَوْتَ عِنَادًا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ.

(ص) أَوْ إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً أَوْ إذَا حَمَلْتِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمُحَقَّقِ بَرَاءَتُهَا مِنْ الْحَمْلِ بِأَنْ قَالَ لَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا أَوْ إذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَيُنْزِلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي أَنَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً كَقَوْلِهِ لِأَمَتِهِ إنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَيْ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَيُمْسِكُ إلَى أَنْ تَحْمِلَ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ وَجَوَازِ الْعِتْقِ لَهُ.

(ص) كَإِنْ حَمَلْتِ وَوَضَعْتِ (ش) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا حَمَلْتِ وَوَضَعْتِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَهِيَ مِمَّنْ تَحْمِلُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ تَحَقَّقَ حَمْلُهَا وَأَمَّا مَنْ تَحَقَّقَ حَمْلُهَا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ.

(ص) أَوْ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ كَيَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ أَوَّلَهُ إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مِمَّا لَا يُنَجَّزُ فِيهَا الطَّلَاقُ وَهِيَ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبِ الْوُقُوعِ وَكَانَ مُثْبَتًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ ذَلِكَ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَيْهِ لَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

يَمْتَنِعُ عَادَةً وَعَقْلًا كَوْنُهُ غَيْرَ حَجَرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ قَلْبُ الْحَقَائِقِ كَانَ هَازِلًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ الْحَجَرِ فَإِنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ عَادَةً لَا عَقْلًا وَلِهَذَا لَمْ يَحْنَثْ

(قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ) وَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ مِنْ بَعْضِ الْأَمْوَاتِ وَكَأَنَّ عِلْمَ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ أَدْخَلَ فِي الْوُجُودِ مِنْ عِلْمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَمَا مَعَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِلَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ هَذَا مَا يُفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ) الْمُعْتَبَرُ الْعُمُرُ الشَّرْعِيُّ الْآتِي فِي الْفَقْدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ وُقُوعُهُ عِنْدَ بُلُوغِ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْحَدُّ الَّذِي فِيهِ التَّعْمِيرُ مِنْ سَبْعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَغَيْرِهِمَا وَانْظُرْ لَوْ عَلَّقَهُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ عَلَى زَمَنٍ آتٍ هَلْ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مُدَّةٍ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَبْلُغَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ قِصَرِ الْمُدَّةِ وَطُولِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْآيِسَةِ إذَا حَاضَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَذَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (أَقُولُ) لَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: الْمَعْطُوفُ أَيْضًا) الْأَوْلَى حَذْفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ الثَّانِي أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ الْجُنُونُ) أَيْ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ فِي حَالِ الْجُنُونِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ) أَيْ بِإِنْ أَوْ " إذَا " تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا مَتَى تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ أَيْضًا أَيْ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَمُوتُ أَيْ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إذَا حَمَلَتْ) وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِحَمْلٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْحَمْلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِحُصُولِ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ) أَيْ أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ أَوْ أَنْزَلَ وَعَزَلَ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُنْزِلُ) أَيْ وَكَانَتْ مِمَّنْ تَحْمِلُ احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَحْمِلَ) أَيْ أَوْ تَحِيضَ.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ غَالِبٍ) شَامِلٌ لِمَا اسْتَوَى وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَلِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَهُ وَيَدُلُّ لَهُ الْأَمْثِلَةُ (قَوْلُهُ: كَيَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ قُدُومِهِ وَأَنَّ الزَّمَنَ تَبَعٌ لَهُ فَيَحْنَثُ بِالْقُدُومِ وَلَوْ لَيْلًا فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى الزَّمَنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَيَوْمَ وَأَنَّ الْفِعْلَ تَبَعٌ لَهُ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ نُجِّزَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِيَوْمِ الْقُدُومِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَصَدَ مَدْلُولَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْسَ الْقُدُومِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَيْلًا وَلَا يَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ أَوَّلَهُ إنْ قَدِمَ أَثْنَاءَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) وَثَمَرَتُهُ أَيْضًا التَّوَارُثُ وَرُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ أَوَّلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ

ص: 60

كَانَتْ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ طَاهِرًا وَحَاضَتْ وَقْتَ مَجِيئِهِ لَمْ يَكُنْ مُطَلِّقًا فِي الْحَيْضِ وَعَلَيْهِ أَيْضًا فَتَحْسُبُ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ عِدَّتِهَا إذْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْغَاءِ وَانْظُرْ هَلْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ مُسَلَّمَةٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ هَذَا أَمْ لَا وَسَيَأْتِي قَسِيمُ قَوْلِهِ وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ اُنْتُظِرَ وَمُنِعَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمَ أَيْ حَيًّا وَأَمَّا إنْ قُدِمَ بِهِ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ص) وَ " إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ " مِثْلُ " إنْ شَاءَ "(ش) مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْحُكْمِ أَوْ هَذَا كَهَذَا فِي أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ فَإِنْ شَاءَ طَلَاقَهَا طَلَقَتْ وَإِنْ شَاءَ عَدَمَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَاتُّفِقَ فِي إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ رَفْعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَهُوَ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يُدْفَعُ وَفِي الثَّانِي وُقُوعُهُ مَشْرُوطٌ بِمَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا وَأَمَّا مَشِيئَتُهُ هُوَ فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتُ نَفَعَهُ بِخِلَافِ " إلَّا أَنْ أَشَاءَ " وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَةٍ، وَالثَّانِي رَفْعٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَإِنَّهُ رَافِعٌ أَيْضًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّافِعَ فِي قَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَشَاءَ " هُوَ الْمُوقِعُ، وَفِي قَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ " غَيْرُهُ فَضَعُفَتْ تُهْمَةُ رَفْعِ مَا هُوَ وَاقِعٌ (ص) بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي (ش) أَيْ فَلَا يَنْفَعُهُ حَيْثُ رَدَّهُ لِلْيَمِينِ أَوْ احْتَمَلَ رَدَّهُ لَهَا وَلِلْمُعَلَّقِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ حَيْثُ رَدَّهُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَيْ أَنْ أَجْعَلَ دُخُولَ الدَّارِ لَيْسَ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ وُكِّلَ إلَى إرَادَتِهِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ عَلَى جَعْلِهِ سَبَبًا (ص) كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: عَلَيَّ نَذْرُ كَذَا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ إنْ شَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَإِنْ قَالَ: إنْ شِئْتُ تَوَقَّفَ أَيْضًا وَأَمَّا إنْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ لَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ.

(ص) ثُمَّ ذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ مُنِعَ مِنْهَا (ش) أَيْ وَإِنْ نَفَى بِأَنْ أَتَى بِصِيغَةِ الْحِنْثِ وَلَمْ يُؤَجِّلْ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَقْدَمْ مِنْ كَذَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنْ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ، وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ فِي قَوْلِهِ: وَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَمِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ لِتَكَرُّرِهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَفِي الْبِرِّ كَنَفْسِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْحِنْثِ إلَخْ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ الْجَزْمِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَيُجَابُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي " يَقْدَمْ " عَائِدٌ عَلَى الْحَالِفِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَكَاهُ بِصِيغَةِ الْمُغَيَّبَةِ (ص) إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ يُمْنَعُ مِنْهَا فِي كُلِّ لَفْظٍ فِيهِ نَفْيٌ وَلَمْ يُؤَجِّلْ إلَّا فِي هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيَسْتَرْسِلُ عَلَيْهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا فَإِنْ وَقَفَ عَنْ وَطْئِهَا كَانَ مُولِيًا عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْحَمْلُ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ.

(ص) وَهَلْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا فِي كَإِنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَيْسَ وَقْتَ سَفَرٍ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ لَكِنْ هَلْ الْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ: أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ لَا يَقَعُ فِيهِ عَادَةً فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ حَلِفِهِ وَمَا لَهُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ لَا يَقَعُ قَبْلَهُ عَادَةً فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إنْ جَاءَ وَقْتُهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُهَا فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا أَوْ خِلَافًا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَتَحْسُبُ هَذَا الْيَوْمَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ الطُّهْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْيَوْمِ الطُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَذِهِ الْأَحْكَامَ هَلْ هِيَ مُسَلَّمَةٌ) كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قُدِمَ بِهِ مَيِّتًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَدِمَ وَإِنَّمَا يُقَالُ قُدِمَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا كَهَذَا) تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عِتْقِ عَبْدِي إلَخْ) هَذِهِ فِي صِيَغِ النَّذْرِ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ إلَخْ وَشَارِحُنَا فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّذْرِ مَا صَرَّحَ فِيهِ بِلَفْظِ النَّذْرِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى) أَيْ أَتَى بِصِيغَةِ حِنْثٍ صَرِيحًا أَوْ مَعْنًى كَطَالِقٍ لَيَقْدَمَنَّ زَيْدٌ وَقَوْلُهُ: مُنِعَ مِنْهَا أَيْ وَيُنْتَظَرُ فَحَذَفَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا وَمِنْ هَذَا يُنْتَظَرُ فَهُوَ شِبْهُ الِاحْتِبَاكِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَجِّلْ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ) وَأَمَّا لَوْ أَجَلَّ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَقْدَمْ قَبْلَ شَهْرٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ زَيْدٌ) كَذَا الْمُصَنِّفُ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَتَى بِصِيغَةِ الْحِنْثِ) وَالْفَرْضُ أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَيُنَجَّزُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ كَإِنْ لَمْ يَزْنِ زَيْدٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافَ تَفْرِقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) أَيْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْأَقْرَبُ وَقَالَ تت فِيهِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ حَمْلُهَا وَلَوْ مِنْ جِهَتِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى لَا يَتَمَكَّنُ (قَوْلُهُ: لَا يَقَعُ فِيهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ قَبْلَهُ ثُمَّ هُوَ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ أَرَادَ لَا يُمْكِنُ قَبْلَهُ عَادَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَهُنَاكَ أُمُورٌ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ تُفْعَلُ فِيهِ عَادَةً وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ

ص: 61

تَأْوِيلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَظْهَرَ عِنْدِي أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَلَا يَقْصِدُ أَحَدٌ الْحَجَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْخُرُوجِ لِبَلَدٍ وَلَا يُمْكِنُهُ حِينَئِذٍ وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " وَقْتَ سَفَرٍ " الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ لِلسَّفَرِ فِيهِ مِنْ مَحَلِّ الْحَالِفِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْعَامَ مَعَ أَنَّهُ فِي تَعْيِينِهِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا جَاءَ وَقْتُ الْفِعْلِ وَلِذَلِكَ تَمَحَّلَ لَهُ بَعْضٌ بِقَوْلِهِ: قَوْلُهُ " فِي هَذَا الْعَامِ " مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوْلِ الْمَدْخُولِ لِحَرْفِ الْجَرِّ لَا بِ " أَحُجَّ " أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ إنْ لَمْ أَحُجَّ مَثَلًا لِأَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ أُمُورًا كَثِيرَةً فَصَارَ الْقَوْلُ مُقَيَّدًا، وَالْفِعْلُ - وَهُوَ الْحَجُّ - مَثَلًا مُطْلَقًا.

وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ يُمْنَعُ وَعَلَى مُؤَجَّلٍ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا مِنْ الْوَطْءِ خَشِيَ النَّقْضَ عَلَيْهِ بِمَسَائِلَ مِنْ ذَلِكَ يَتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ فِي مُطْلَقِهَا وَمُؤَجَّلِهَا فَأَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ مُطْلِقًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك السَّاعَةَ فَقَوْلُهُ إلَى أَجَلٍ هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ " مُطْلِقًا " بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ بِأَجَلٍ وَيَصِحُّ فَتْحُهَا أَيْ قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ مُنِعَ وَلَمْ يُنَجَّزْ إلَّا فِي كَذَا وَقَوْلُهُ " فَيُنَجَّزُ " قَرِينَةٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَأْتِ بِالْعَاطِفِ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(ص) أَوْ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ أَوْ الْآنَ فَيُنَجَّزُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ إحْدَى أَلْبَتَّتَيْنِ وَاقِعَةٌ رَأْسَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إمَّا بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ فَهُوَ كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ.

وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَالْبَتَّةُ وَاقِعَةٌ إمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ وَمَا بَعْدَهُ وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْحَالِفَ شَيْءٌ بِوَجْهٍ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى إيقَاعِ أَلْبَتَّةَ رَأْسَ الشَّهْرِ بِوُقُوعِ أَلْبَتَّةَ الْآنَ فَلَهُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ إيقَاعُ أَلْبَتَّةَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ الطَّلَبِ وَاخْتِيَارُ الْحِنْثِ كَمَا لِكُلِّ حَالِفٍ فَإِذَا اخْتَارَهُ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوعُ الْحِنْثِ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ زَمَانِ أَلْبَتَّةَ الْمَحْلُوفِ بِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهَا فِي زَمَانِ الْحَالِ الَّذِي عَادَ مَاضِيًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمُضِيِّ زَمَنِهِ يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ: إذَا كَلَّمْتُ فُلَانًا غَدًا أَنَّهُ إذَا كَلَّمَهُ غَدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَدَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَةٌ وَقَدْ انْقَضَى وَقْتُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.

وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ إذَا كَلَّمَهُ غَدًا وَلَيْسَ لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَيَّامِ وَجْهٌ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (وَيَقَعُ) أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ طَلَاقِ أَلْبَتَّةَ نَاجِزًا فِي إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ.

(وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) وَلَيْسَ لِتَعْلِيقِهِ بِالْأَيَّامِ وَجْهٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَطْلُبُ بَتَّةَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ بَتَّتِهِ وَطَلَبُ بَتَّةِ أَوَّلِهِ فَلَا تَقَعُ لِانْعِدَامِ زَمَنِهَا وَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ وُقُوعُ أَلْبَتَّةَ رَأْسَ الشَّهْرِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ صَارَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ) الْمُنَاسِبُ تَقْيِيدٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ) يَتَخَرَّجُ مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذَكَرُوهَا هُنَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ وَلَمْ يَخْرُجْ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَاجُّ أَقَامَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً أَنَّهُ فَعَلَ مَعَ الْحَجِّ أَفْعَالَ الْحَجِّ وَادَّعَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْخُطْوَةِ بَلَّغَهُ ذَلِكَ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ سَقَطَ عَنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَبَرَّ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا الْعُرْفُ وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي شَرْحِ عب وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَيْ مِمَّا لَهُ وَقْتٌ (قَوْلُهُ: تَمَحَّلَ لَهُ بَعْضٌ) أَيْ تَكَلَّفَ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ) لَا يُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ كُلِّ حَالِفٍ وَاقِعٌ فِي عَامِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا جَوَابٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ وَكَانَ الْأَحْسَنُ حَذْفَهَا (قَوْلُهُ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ أُمُورًا كَثِيرَةً) عِلَّةٌ لِتَقْدِيرِ " مَثَلًا ".

(قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ) أَيْ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ مُطْلِقًا فِي ذَلِكَ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ بِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُنَجَّزْ.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِإِيقَاعِهِ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ إمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) لِأَنَّهُ حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهَا الْخِلَافَ فَقَدْ قَالَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الْهِلَالِ ثَلَاثًا فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْآنَ وَتَبْقَى حَتَّى يَبَرَّ بِفِعْلِ الطَّلَاقِ الَّذِي حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَقِيلَ: يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَدَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَةٌ) الْأَوْلَى لِأَنَّ الْيَوْمَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَيَّامِ) أَيْ لِارْتِبَاطِ الطَّلَاقِ بِالْأَيَّامِ أَيْ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا) أَيْ زَمَنُ أَحَدِ فَرْدَيْهَا الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الشَّهْرِ

ص: 62

مُحَقَّقَةَ الْوُقُوعِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَعُجِّلَتْ خِلَافًا لِمُخْتَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهَا وَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (ص) كَطَالِقٍ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا غَدًا (ش) وَكَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِفَجْرِ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْحِنْثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَلَّمَهُ فِي غَدٍ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهُوَ يَوْمَ كَلَّمَهُ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ إذَا تَأَخَّرَ زَمَنُ الْحِنْثِ عَنْ يَوْمِ الْحَلِفِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ لَمَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، وَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي مُطَلَّقَةٍ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ وَهَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَبَيُّنِ الْوُقُوعِ فِي أَوَّلِهِ أَمْ لَا انْتَهَى وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ الْأَوَّلَ.

(ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَجَّلَهَا أَجْزَأَتْ وَإِلَّا قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا وَإِلَّا بَانَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ طَلْقَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يَضُرُّ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُنَجَّزَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا وُقِفَ وَقِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتَ التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مَجِيئِهِ طَلَقَتْ أَلْبَتَّةَ.

(ص) وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَفِي الْبِرِّ كَنَفْسِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْحِنْثِ أَوْ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَيُتَلَوَّمُ لَهُ؟ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الزَّوْجَةَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْبِرِّ أَيْ الْمُطْلَقِ فَهُوَ كَحَلِفِهِ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إنْ دَخَلْتُ أَنَا الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ إنْ دَخَلْتِ أَنْتِ أَوْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنْتَظَرُ إنْ أَثْبَتَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعٍ وَلَا وَطْءٍ أَمَّا الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ كَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا يُمْنَعُ فِيهِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ مِنْ وَطْءٍ وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ كَحَلِفِهِ هُوَ أَوْ لَا يَكُونُ كَحَلِفِهِ هُوَ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ الثَّانِيَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَطَالِقٍ الْيَوْمَ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالْأَصْلُ وَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَطَالِقٍ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَعْنَى أَيْ إنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى وَرَدَّ اللَّقَانِيِّ كَوْنَهُ اسْتِظْهَارًا فَقَالَ جَعْلُهُ تَنْظِيرًا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ قِيَاسًا لِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَالْخَصْمَانِ هُنَا لَيْسَا مُتَّفِقَيْنِ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ رُشْدٍ خَالَفَا فِي ذَلِكَ انْتَهَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ فَكَيْفَ الْجَوَابُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ هُنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ أَصْلًا أَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَشَفَ الْغَيْبُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ عَلَيْهَا أَيْ لَمَّا كَشَفَ فَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَقَوْلُهُ: كِلَاهُمَا بَاطِلٌ أَيْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: مَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ هُنَا بَاطِلٌ بَلْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالثَّانِي لَمَّا كَشَفَ أَيْ إنَّ عَدَمَ كَشْفِ الْغَيْبِ بَاطِلٌ بَلْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي مُطَلَّقَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ، وَالطَّلَاقُ تَعَلَّقَ بِمُطَلَّقَةٍ أَيْ بِمُطَلَّقَةٍ بِهَذَا الطَّلَاقِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَمَضَى الزَّمَنُ الَّذِي تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ لَانْتَفَتْ عَنْهَا الْعِدَّةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمُطَلَّقَةٍ بِهِ بَلْ تَعَلَّقَ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَتَأَمَّلْ وَالثَّانِي مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ رَأْسَ الشَّهْرِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْبَيَانِ وَنَصُّهَا وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبَى وُقِفَ فَقِيلَ لَهُ: إمَّا عَجَّلْت التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ وَهَذَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَقُولُ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا أَنَّهُ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي جَعَلَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبِي أَنْ يُعَجِّلَهَا تُرِكَ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى هَلَّ الشَّهْرُ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ حَتَّى يَأْتِيَ الشَّهْرُ فَيَبَرَّ بِالطَّلَاقِ عِنْدَهُ أَوْ يَحْنَثَ وَإِنْ عَجَّلَ التَّطْلِيقَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الشَّهْرُ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ وَإِلَّا حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا بَانَتْ الْآنَ وَقَوْلُهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ أَيْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ، وَقَوْلُهُ " قَبْلَ مَجِيئِهِ " الْأَوْلَى قَبْلَ الْمُجَاوَزَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْفِعْلَ فِي الْأَجَلِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ وَأَوْقَعَ إذْ ذَاكَ وَاحِدَةً هَلْ تَكْفِيهِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بَانَتْ مِنْهُ الْآنَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ) هُوَ الْحِنْثُ الْمُقَيَّدُ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى) وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ عَلَى الرَّاجِحِ

ص: 63

قَالَ: أَوْ لَا وَيُتَلَوَّمُ لَهُ كِفَاءً لِلْعِلْمِ بِنَفْيِ ضَرْبِ الْأَجَلِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا.

(ص) وَإِنْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت صُدِّقَ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَخَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ فَحَلَفَ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ وَأَنِّي كُنْت كَاذِبًا فِي قَوْلِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ أَوَّلًا أَوْجَبَ التُّهْمَةَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَمْ يُحَلَّفْ وَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَوْ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَمْرٍ لَشَمِلَ الْقَوْلَ.

(ص) بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَيُنَجَّزُ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ يُقِرُّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى جَارِيَةً فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ أَيْ بِالْقَضَاءِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفُتْيَا.

(ص) وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ وَبَانَتْ وَلَا تَتَزَيَّنُ إلَّا كَرْهًا (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى جَارِيَةً ثُمَّ قَالَ لَقَدْ تَزَوَّجْت بَعْدَ يَمِينِي أَوْ تَسَرَّيْت ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حِينَ إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ فَلَا كَلَامَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ وَسَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ فَإِنَّهَا لَا تُمَكِّنُهُ وَلَا تَتَزَيَّنُ لَهُ إلَّا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ وَ " كَرْهًا " اسْمُ مَصْدَرِ " أَكْرَهَ " وَمَصْدَرُهُ إكْرَاهٌ فَأَطْلَقَ اسْمَ الْمَصْدَرِ وَأَرَادَ الْمَصْدَرَ أَيْ إلَّا إكْرَاهًا فَسَاوَى مُكْرَهَةً فَلَا اعْتِرَاضَ وَوَاوُ وَبَانَتْ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا بَانَتْ أَيْ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (ص) وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حِينَ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِشَعْرِ رَأْسِهَا لِتُخَلِّصَ نَفْسَهَا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَطَلَبَ مِنْهَا الْجِمَاعَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُطِيعَهُ وَلَا تُمَكِّنَهُ وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ عِنْدَ طَلَبِهِ ذَلِكَ مِنْهَا أَوْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَظَاهِرُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ قَتْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِشَبَهِهِ بِالصَّائِلِ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ.

(ص) وَأُمِرَ بِالْفِرَاقِ فِي إنْ كُنْت تُحِبِّينِي أَوْ تَبْغُضِينِي وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَيُجْبَرَ؟ تَأْوِيلَانِ وَفِيهِمَا مَا يَدُلُّ لَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُغَيَّبٍ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ مِنْ كَذِبِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينِي أَوْ تُحِبِّي فِرَاقِي أَوْ تَبْغُضِينِي أَوْ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ أَوْ إنْ كُنْت دَخَلْتِيهَا فَقَالَتْ: لَا أُحِبُّك أَوْ لَا أَبْغَضُك أَوْ قَدْ دَخَلْتهَا أَوْ لَمْ أَدْخُلْهَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: لَشَمِلَ الْقَوْلَ) كَمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مَعْلُومَهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ فَأَظْهَرَ خَطُّهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّ خَطَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا بَعْدَهُ لِسَبْقِيَّةِ وُجُودِ الْخَطِّ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ الْحَلِفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْإِقْرَارِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانًا مَثَلًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا قَذَفَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ طَعْنِهِ فِي الْبَيِّنَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَكِنْ يُحَدُّ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ) أَيْ أَوْ ثُبُوتِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ لِرَدِّ شَهَادَةِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ) أَيْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ وَإِلَّا عَمِلَتْ بِمُقْتَضَى عِلْمِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا كَرْهًا) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ؛ التَّمَكُّنِ وَالتَّزَيُّنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَهَذَا بِمَثَابَتِهِ وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: فَإِنْ شَهِدَتْ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ عَيْنُ الَّذِي قَبْلَهُ وَسَمِعَتْ ذَلِكَ زَوْجَتُهُ أَيْ فَقَطْ أَيْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ وَالظَّاهِرُ وَلَوْ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي (قَوْلُهُ: إلَّا إكْرَاهًا) أَيْ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ إلَخْ) أَيْ عَلَيْهِ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ قَوْلَ التَّهْذِيبِ إلَّا كَارِهَةً بِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهَا كَرَاهَتُهَا لِإِتْيَانِهِ لَهَا وَإِنَّمَا يَنْفَعُهَا كَوْنُهَا مُكْرَهَةً فَمَنْ عَبَّرَ بِمُكْرَهَةٍ أَحْسَنَ مِنْ التَّهْذِيبِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَائِنًا) بِأَنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا) أَيْ مُرَاوَدَتِهَا لِلْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ) وَإِنْ قَتَلَتْ إلَّا أَنْ تُثْبِتَ مَا ادَّعَتْهُ فَلَا تُقْتَلُ إذْ هُوَ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا لَا يُنَافِي الْقِصَاصَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ مِنْهُ مَا يُبِينُهَا (قَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ) أَيْ إذَا عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّوَابُ أَنَّهَا إنْ أَمِنَتْ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهَا إنْ قَتَلَتْهُ أَوْ حَاوَلَتْ قَتْلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا قَتْلُهُ لِإِبَاحَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهَا فِي مُدَافَعَتِهَا بِالْقَتْلِ أَوْ بَعْدَ قَتْلِهِ فَهِيَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَا مَنْ رَأَى فَاسِقًا يُحَاوِلُ فِعْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا الْقَتْلَ لَوْ قَتَلَتْهُ لَكِنْ لَا تُمَكِّنُهُ إلَّا إذَا خَافَتْ الْقَتْلَ.

(قَوْلُهُ: تُحِبِّينِي أَوْ تَبْغُضِينِي) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفَرِحَ وَ " أَبْغَضَ " لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اُنْظُرْ الْقَامُوسَ (قَوْلُهُ: قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا) يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ قَالَ نَدْبًا إذَا أَجَابَتْ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ، وَوُجُوبًا إذَا أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ) رُدَّ بِأَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ بَلْ يُقَالُ إنَّهُ إنْ صَدَّقَهَا فِي قَوْلِهَا دَخَلْت جُبِرَ عَلَى الْفِرَاقِ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَذَّبَهَا أُمِرَ بِالْفِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ

ص: 64

وَلَا يَعْلَمُ صِدْقَهَا مِنْ كَذِبِهَا وَهَلْ مَحَلُّ الْأَمْرِ مَعَ عَدَمِ الْجَبْرِ سَوَاءٌ أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ كَمَا إذَا قَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينِي نَعَمْ أُحِبُّك أَمْ لَا بِأَنْ قَالَتْ: لَا أُحِبُّك نَظَرًا إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا أَوْ غَيْرَ مُطَابِقٍ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَبْرِ إذَا أَجَابَتْهُ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ وَأَمَّا إنْ أَجَابَتْهُ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ جَبْرًا؟ تَأْوِيلَانِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لَهُمَا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا.

(ص) وَبِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِ " أُمِرَ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَيَمْشِ إلَى مَكَّةَ وَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُنَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ (ص) وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ صَدَرَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ فَضْلًا عَنْ جَبْرِهِ بِخِلَافِ لَوْ شَكَّ هَلْ أَعْتَقَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ شَكَّ أَنَّ الظَّنَّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ فَهُوَ كَمَنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ أُلْغِيَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ هُوَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ رَاجِعٌ إلَى اسْتِيفَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَفِي الطَّلَاقِ رَاجِعٌ إلَى رَفْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الزَّوْجَةِ النِّكَاحُ الْمُبِيحُ لِلْوَطْءِ وَهُوَ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ.

(ص) إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ - وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ - كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا شَكَّ فِي كَوْنِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُجْبَرُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ حَلَفَ وَشَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا كَمَنْ حَلَفَ مَثَلًا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَمْرٌو دَارَ زَيْدٍ ثُمَّ رَأَى شَخْصًا دَاخِلًا الدَّارَ أَوْ خَارِجًا مِنْهَا وَشَكَّ الْحَالِفُ - وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ مِنْ الْوَسْوَسَةِ - هَلْ هُوَ عَمْرٌو الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ وَخَفِيَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَتَعَذَّرَ التَّحْقِيقُ فَهَذَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا أَبَى وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ؟ تَأْوِيلَانِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ " مِنْ غَيْرِهِ كَالْمُوَسْوَسِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمُوَسْوِسِ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

(ص) وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدُ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا (ش) أَيْ وَإِنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْمُوقَعِ عَلَيْهَا أَهِنْدُ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ فَحَنِثَ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ هِيَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُنَّ لَزِمَهُ طَلَاقُ مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقِهَا نَاجِزًا وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (ص) أَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (ش) أَيْ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، أَوْ لِزَوْجَاتِهِ، إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فِي الْجَمِيعِ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً وَنَسِيَهَا طَلَقَتَا أَوْ طَلَقْنَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَخْتَارُ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَسَوَّى الْمَدَنِيُّونَ فِي الِاخْتِيَارِ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ خِفَّةُ الْعِتْقِ لِجَوَازِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَسَوَاءٌ فِيهِمَا رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ لَمْ تَرْجِعْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَحَبَّةَ لَمَّا كَانَتْ قَلْبِيَّةً وَكَذَا بُغْضُهَا وَلَا يُتَوَصَّلُ فِيهِمَا إلَّا بِتَكْذِيبِهَا افْتَرَقَ حُكْمُهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ لِاحْتِمَالِ التَّوَصُّلِ فِيهَا إلَى الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ لَا أُحِبُّك) أَيْ أَوْ قَالَتْ لَا أُحِبُّك وَلَا أَبْغَضُك أَوْ سَكَتَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ) أَيْ وَهُوَ الِاحْتِمَالُ.

(قَوْلُهُ: أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا) ذَكَرَ الْحَطَّابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ بِالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ وَاخْتَارَ كَوْنَهُ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ) لِأَنَّهُ قَالَ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا لَا كَلَّمَ زَيْدًا ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا انْتَهَى، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ لَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَالْوَهْمُ لَا يُؤَثِّرُ وَصُحِّحَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَشَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِرَاقُ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ فُرِّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ مَعَ شَكِّهِ فِي الْحِنْثِ فِي أَنَّهُ يَقَعُ وَبَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مَعَ شَكِّهِ فِي فِعْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَانْظُرْ الْفَرْقَ، هَذَا مَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ بَهْرَامَ فَإِنَّ مُفَادَ بَهْرَامَ أَنَّ التَّصْوِيرَ وَاحِدٌ وَالْمُخَالَفَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالتَّنْجِيزِ، وَنَصُّهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بِمَشْيٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَلْ صَدَرَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَوْ لَا) بِأَنْ شَكَّ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَحْنَثْ وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ هَلْ فَعَلَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ إلَى اسْتِيفَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ) أَيْ حُكْمٍ هُوَ الْأَصْلُ أَيْ تَحْصِيلُ الْأَصْلِ وَهُوَ شَغْلُ الذِّمَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ إنَّ الشَّكَّ رَاجِعٌ إلَى تَحْقِيقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَشْغَلُ الذِّمَّةَ بِالصَّلَاةِ فَالشَّكُّ فِيهِ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يُبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ إلَّا أَنَّهُ لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَيَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِتَحْقِيقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِأَنْ يُقَالَ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَّقَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ لِكَوْنِهِ شَكًّا فِي الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّمَا هُوَ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ شَكٌّ حَقِيقَةً فِي الْمَانِعِ وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الطَّلَاقِ لَوْ أُمِرَ بِهِ فَهُوَ حَرَجٌ وَيَسَارَةِ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ: وَنَسِيَهَا) وَأَمَّا لَوْ نَوَى مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَنْسَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ يَمِينٍ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي

ص: 65

تَبْعِيضِهِ وَعَدَمِ تَنْجِيزِهِ إذَا عُلِّقَ بِمُحَقَّقٍ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِالْقُرْعَةِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَهِيَ فُرُوقٌ ضَعِيفَةٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ مِنْ الْعَوْدِ لِلْعِصْمَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (ص) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ أَنْتِ (ش) أَيْ فَإِنَّهُمَا يَطْلُقَانِ لِأَنَّ إضْرَابَهُ عَنْ الْأُولَى لَا يَرْفَعُ عَنْهَا طَلَاقَهَا فَقَوْلُهُ (طَلَقَتَا) جَوَابٌ عَنْ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ.

(ص) وَإِنْ قَالَ: أَوْ أَنْتِ خُيِّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَوْ أَنْتَ طَالِقٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهِمَا إنْ شَاءَ طَلَّقَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُحْدِثَ نِيَّةً بَعْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الْأُولَى تَطْلُقُ عَلَيْهِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَفْعُ الطَّلَاقِ عَنْهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَهَا عَلَى خِيَارٍ وَهُوَ لَا يَخْتَارُ طَلَاقَهَا لَمَّا طَلَقَتْ الْأُولَى.

(ص) وَلَا أَنْتِ طَلَقَتْ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ (ش) يَعْنِي لَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِلْأُخْرَى: لَا أَنْتِ طَلَقَتْ الْأُولَى فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " لَا أَنْتِ " الْإِضْرَابَ عَنْ الْأُولَى ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى الثَّانِيَةِ وَقَالَ أَنْتِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَطْلُقُ أَيْضًا وَبِعِبَارَةٍ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي أَوْ أَنْتِ وَلَا أَنْتِ أَيْ فَيُخَيَّرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَيَطْلُقَانِ مَعًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَنْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَتَطْلُقَانِ مَعًا وَانْظُرْ لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى فِي عِصْمَتِي فَهَلْ يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَتْوَى.

(ص) وَإِنْ شَكَّ أَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَصُدِّقَ إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبُتَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ هُوَ طَلْقَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ طَلَاقَهُ كَانَ قَاصِرًا عَنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ لَكِنْ إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَانَ خَاطِبًا مِنْ خُطَّابِهَا وَإِنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ حَتَّى تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْقَضَاءِ إنْ نَوَى بِطَلَاقِهِ الشَّابَّةَ أَوْ الْجَمِيلَةَ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ مَيْلَهُ لَهَا وَإِلَّا فَيَمِينٌ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ تَنْجِيزِهِ إذَا عَلَّقَ بِمُحَقَّقٍ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ جَاءَ الْمُحَرَّمُ فَهِيَ حُرَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدَانِ وَأَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدَهُمَا بِالْقُرْعَةِ خَشْيَةَ كَسْرِ خَاطِرِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ إذَا لَمْ يَضْرِبْ الْقُرْعَةَ، وَكَتَبَ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي وَرَقَةٍ رِقٌّ ثُمَّ يُخْلَطُ الْوَرَقَتَانِ ثُمَّ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدَةٍ وَرَقَةً فَمَنْ خَرَجَ لَهَا حُرٌّ عَتَقَتْ وَمَنْ خَرَجَ لَهَا رِقٌّ لَمْ تَعْتِقْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَصْوِيرِهِ وَانْظُرْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَهَلْ تَطْلُقُ الْمَرْأَتَانِ أَوْ لَا تَطْلُقُ إلَّا الَّتِي جَاءَتْ لَهَا الْوَرَقَةُ الَّتِي فِيهَا طَالِقٌ وَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَتَيْنِ مَثَلًا لَكَتَبَ فِي وَرَقَةٍ طَالِقٌ وَفِي الْأُخْرَى لَا وَخَلَطَهُمَا مَعًا ثُمَّ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدَةٍ وَرَقَةً وَقَضِيَّةُ التَّفْرِقَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْمَرْأَتَيْنِ مَعًا وَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: فُرُوقٌ ضَعِيفَةٌ) وَجْهُ ضَعْفِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ لِجَوَازِ تَبْعِيضِهِ قَدْ يُضْعِفُهُ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَقِيَاسُهُ عِتْقُهُمَا عَلَيْهِ لَا عِتْقُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَقَوْلُهُ: وَعَدَمِ تَنْجِيزِهِ قَدْ يُضَعَّفُ بِأَنَّ عِلَّةَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهَا فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ شُبْهَةٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَهَذَا لَا يَقْضِي بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بَلْ لَا مَانِعَ مَعَ هَذَا أَنْ يَعْتِقَا مَعًا وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهُ يَعْتِقُ بِالْقُرْعَةِ قَدْ يُضَعَّفُ بِأَنَّ عِتْقَهُ هُنَا وَاحِدَةً بِاخْتِيَارِهِ فِيهِ كَسْرٌ لِمَنْ لَمْ تَعْتِقْ فَكَانَ الْقِيَاسُ عِتْقَهُمَا بِخِلَافِ عِتْقِ الْقُرْعَةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَسَرَتْ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ لَكِنْ دُونَ كَسْرِهَا بِاخْتِيَارِهِ عِتْقَ غَيْرِهَا لِأَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ فِي الْقُرْعَةِ يُوجِبُ رِضَا كُلٍّ بِمَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ دُونَ اخْتِيَارِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِجَوَازِ إلَخْ عِلَّةٌ لِخِفَّةِ الْعِتْقِ وَمَا كَانَ يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا لَوْ قَالَ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ جَوَازُ التَّبْعِيضِ إلَخْ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فَرْقٌ وَاحِدٌ لَا فُرُوقٌ وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْخِفَّةِ فَلَمْ يَتِمَّ مَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ خُيِّرَ) وَالْفَرْضُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَإِلَّا طَلَقَتْ مَنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَهَذَا إذَا كَانَ نَسَقًا وَإِلَّا طَلَقَتْ الْأُولَى قَطْعًا وَالثَّانِيَةُ بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْدِثَ نِيَّةً) أَيْ نِيَّةَ التَّخْيِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى) أَيْ مَعَ نِيَّتِهِ ابْتِدَاءَ التَّخْيِيرِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى لِكَوْنِي نَوَيْت التَّخْيِيرَ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْفَتْوَى) أَيْ وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ قَصَدْت الْإِضْرَابَ فَكَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ: أَطَلَّقَ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ " شَكَّ " أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ) وَأَحْرَى بَعْدَهَا لِأَنَّ لَهُ فِي الْعِدَّةِ مُرَاجَعَتَهَا وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَبُتَّ إلَخْ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا قَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقِي عَلَيْك ثَلَاثًا فَقَدْ أَوْقَعْت عَلَيْك تَكْمِلَةَ الثَّلَاثِ فَيُقْطَعُ الدَّوْرُ (قَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ) أَيْ ثَانِيَ مَرَّةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ تِلْكَ الطَّلْقَةَ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَيْ ثَالِثَ مَرَّةٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَسَائِلِ الشَّكِّ فَلَا دَوَرَانَ فِيهَا بَلْ تَارَةً لَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَتَارَةً لَا فَلَا يَأْتِي فِيهَا قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا فَكَذَلِكَ إلَخْ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي وَاحِدَةٍ وَاثْنَتَيْنِ تَحِلُّ قَبْلَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا جَاءَ الشَّكُّ فِي الثَّلَاثِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا فَكَذَلِكَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَالِثًا حَلَّتْ قَبْلَ زَوْجٍ ثُمَّ اعْمَلْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً حَلَّتْ قَبْلَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا لَمْ تَحِلَّ وَكَذَا إنْ طَلَّقَهَا ثَالِثَةً فَإِنْ طَلَّقَهَا رَابِعَةً حَلَّتْ قَبْلَ زَوْجٍ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَكَذَلِكَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا حَلَّتْ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَالِثَةً لَمْ تَحِلَّ وَاعْمَلْ

ص: 66

إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهَا ثَلَاثًا وَهَذِهِ عِصْمَةٌ جَدِيدَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا أَرْبَعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا خَمْسًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً فَاثْنَتَانِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا سِتًّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا سَبْعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ؛ فَوَاحِدَةٌ تَكْمِلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَتَانِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا ثَمَانِيًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا تِسْعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا عَشْرًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ الْعَشَرَةِ تَكْمِلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْأُولَى وَتَبْقَى ثَلَاثُ عِصْمَاتٍ وَهَكَذَا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِأَلْبَتَّةَ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ تَصْدِيقَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ فَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ لَيْسَ مَعْمُولًا لِذَكَرَ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْمُولٌ لِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَارْتَجَعَ فِي الْعِدَّةِ.

(ص) وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ عَلَى غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ فَحَلَفَ الْآخَرُ لَا دَخَلْتُ حُنِّثَ الْأَوَّلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَنَعَ طَعَامًا مَثَلًا وَدَعَا إلَيْهِ النَّاسَ وَحَلَفَ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ دَارِي مَعَ النَّاسِ فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ صَانِعِ الطَّعَامِ وَتَنَازَعَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَانِعِ الطَّعَامِ بِالتَّحْنِيثِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ، وَالْآخَرُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَمْرِ يَمْلِكُهُ أَمَّا لَوْ طَاعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ وَحَنَّثَ نَفْسَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَى صَانِعِ الطَّعَامِ فَقَوْلُهُ حُنِّثَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ لَا بِفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ طَاعَ الثَّانِي بِالدُّخُولِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا لَمْ يَدْخُلْ الثَّانِي مُكْرَهًا وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ وَقَدْ حَصَلَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ دُخُولَهُ مُكْرَهًا.

(ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا (ش) هَذَا يُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَازِمٌ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِهِمَا مَعًا لِأَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوَّلًا تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ عَلَى تَكْلِيمِ زَيْدٍ وَإِنْ كَلَّمَتْ زَيْدًا أَوَّلًا تَعَلَّقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفْعَلَ الشَّرْطَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي اللَّفْظِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ صَادِقًا عَلَى الْكُلِّ وَعَلَى الْبَعْضِ كَقَوْلِهِ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الْأَكْلَ صَادِقٌ بِكُلِّ الرَّغِيفِ وَبَعْضِهِ وَأَمَّا الشَّرْطَانِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ وَغَيْرُ صَادِقٍ عَلَيْهِ وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لَهَا إنْ دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ كُلَّ دَارٍ غَيْرُ الْأُخْرَى وَغَيْرُ صَادِقَةٍ عَلَيْهَا وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ مِثْلُ قَوْلِهِ لَهَا إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَمَا أَنَّ الْأَكْلَ فِي الرَّغِيفِ صَادِقٌ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ كَمَا مَرَّ كَذَلِكَ الدُّخُولُ فِي الدَّارَيْنِ صَادِقٌ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَلَا يَنْحَصِرُ التَّعْلِيقُ عَلَى شَيْئَيْنِ بَلْ وَلَوْ تَعَدَّدَ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ شَرَعَ فِيمَا تُلَفَّقُ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَمَا لَا تُلَفَّقُ مِنْ تَعْلِيقٍ أَوْ إنْشَاءٍ، وَمُحَصَّلُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّلْفِيقَ يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى هَذَا انْتَهَى مِنْ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ: فَحَلَفَ الْآخَرُ) الْأَوْلَى الْوَاوُ لِيَصْدُقَ بِحَلِفِ الْآخَرِ قَبْلَ حَلِفِ صَانِعِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ نَبَّهَ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: مَنْ صَنَعَ طَعَامًا مَثَلًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ صَانِعُ طَعَامٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَرْكَبُ أَوْ يَلْبَسُ أَوْ يَقْرَأُ أَوْ يُسَافِرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَحَلَفَ الْآخَرُ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ حَنِثَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) إلَّا أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَدْخُلُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا فَيَحْنَثَ بِالْإِكْرَاهِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا يُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ) ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ هِيَ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ وَتَبِعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَنَازَعَهُ تت بِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ: تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ تَعْلِيقٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ كَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ لِزَيْدٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِدُخُولِهَا وَكَوْنِهَا لِزَيْدٍ وَلَوْ عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ اعْتِبَارًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْحِنْثَ إذَا فَعَلَهُمَا عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّ الثَّالِثَ مُعَلَّقٌ عَلَى الثَّانِي، وَالثَّانِيَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنْ حَيْثُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ فَالْوَجْهُ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَوَابَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالِاثْنَيْنِ تَقَدَّمَ هَذَا عَلَى هَذَا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ إلَخْ) هَكَذَا نُسْخَتُهُ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ صَادِقًا إلَخْ أَيْ إنَّ الْفِعْلَ كَالْأَكْلِ صَادِقٌ بِالْكُلِّ أَيْ صَادِقٌ بِأَكْلِ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ فَالْمَصْدُوقُ عَلَيْهِ أَكْلُ الْكُلِّ وَأَكْلُ الْبَعْضِ فَالْفِعْلُ هُوَ الْأَكْلُ وَمَاصَدَقَاتُهُ أَكْلُ الْكُلِّ وَأَكْلُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِكُلِّ الرَّغِيفِ) أَيْ بِأَكْلِ كُلِّ الرَّغِيفِ وَأَكْلِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ الدُّخُولُ فِي الدَّارَيْنِ) أَيْ الدُّخُولُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا يَصْدُقُ بِهِمَا جَمِيعًا وَبِأَحَدِهِمَا أَيْ صَادِقٌ بِدُخُولِهِمَا مَعًا أَوْ بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ تَعَدَّدَ) الْأَوْلَى بَلْ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيقٍ) إمَّا مِنْ حَيْثُ

ص: 67

وَلَوْ اخْتَلَفَتْ وَفِي الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ لَا فِي الْمُخْتَلِفِ مِنْهُ وَلَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٌ وَآخَرُ بِبَتَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ بِالثَّلَاثِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ، وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ.

(ص) أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَالَ فِي رَمَضَانَ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ وَيَلْزَمُ مَا شَهِدَا بِهِ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّعْلِيقُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي زَمَنِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الدُّخُولَ لِلدَّارِ بَعْدَ ذِي الْحِجَّةِ وَرَمَضَانَ ثَابِتٌ بِهَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (ص) أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ الْآخَرُ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِعْلٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ.

(ص) أَوْ بِكَلَامِهِ فِي السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى حُصُولِ الْكَلَامِ لِزَيْدٍ مَثَلًا ثَابِتٌ لَكِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ كَلَّمَهُ فِي السُّوقِ وَآخَرُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ لِأَنَّ الْكَلَامَ قَوْلٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ إنْ حَلَفَ بِهِ.

(ص) أَوْ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمًا بِمِصْرَ وَيَوْمًا بِمَكَّةَ لُفِّقَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِمَكَّةَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِمِصْرَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لُفِّقَتْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّمَنُ تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا.

(ص) كَشَاهِدٍ بِوَاحِدَةٍ وَآخَرَ بِأَزْيَدَ وَحُلِّفَ عَلَى الزَّائِدِ وَإِلَّا سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي التَّلْفِيقِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَشَهِدَ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَحُلِّفَ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ دُيِّنَ أَيْ وُكِلَ لِدِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ.

(ص) لَا بِفِعْلَيْنِ أَوْ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الطَّلَاقِ لَا تُلَفَّقُ فِي الْفِعْلَيْنِ وَلَا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَإِنَّمَا تُلَفَّقُ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَطْ فَقَوْلُهُ لَا بِفِعْلَيْنِ أَيْ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَأَنَّهُ رَكِبَهَا وَأَمَّا بِفِعْلَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ يُلَفَّقُ فِيهِمَا فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْت الشَّهَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا بِفِعْلَيْنِ فَقَطْ قُلْت غُلِّبَ جَانِبُ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَكَذَلِكَ لَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَةُ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِفِعْلٍ وَالْآخَرُ بِقَوْلٍ (كَ) شَهَادَةِ (وَاحِدٍ بِتَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ) لِدَارِ زَيْدٍ (وَ) شَهَادَةِ (آخَرَ بِالدُّخُولِ) وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَمِينٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ

ــ

[حاشية العدوي]

ذَاتُهُ أَوْ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، الْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ وَالثَّانِي مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا أَوْ بِكَلَامِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ " أَوْ إنْشَاءٍ " هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ) أَيْ فِي اللَّفْظِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي الْمَعْنَى فِي الْجُمْلَةِ كَمَا يَتَبَيَّنُ.

(قَوْلُهُ: بِحَرَامٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ كَمَا يُشِيرُ لَهُ تَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَمَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الْإِنْشَاءِ يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ كَأَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ حَرَامٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ بَتَّةٌ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ) فِيهِ أَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا يُنَوَّى فِيهَا وَأَنْتِ حَرَامٌ يُنَوَّى فِيهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُنَا مُنْكِرٌ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَنْوِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ إلَخْ) هَذَا أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ مَعْنًى فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِتَعْلِيقِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِحَرَامٌ وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْمَتْنِ حِينَئِذٍ مِنْ التَّكَلُّفِ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا) هَذِهِ شَهَادَةٌ مُلَفَّقَةٌ فِي فِعْلٍ مُتَّحِدٍ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِهِ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ بِكَلَامِهِ إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ إلَى شَهَادَةٍ مُلَفَّقَةٍ فِي قَوْلٍ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَمَا تَعْتَقِدُهُ الزَّوْجَةُ مِنْ تَارِيخِ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ تَعْتَقِدْ شَيْئًا فَيَنْبَغِي مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَذَا فِي عب وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا حُكْمَ حِينَئِذٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَحُلِّفَ عَلَى الزَّائِدِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ أَيْ حُلِّفَ لِأَجْلِ نَفْيِ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ) لَعَلَّهُ إنَّمَا طُلِبَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُنْكِرَ أَصْلِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ الْحَالِ أَنَّهُ يَقُولُ مَا طَلَّقْت أَكْثَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ مَا طَلَّقَ أَزْيَدَ يَكْفِي وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: خُلِّيَ سَبِيلُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُسْجَنُ وَلَا يُضْرَبُ فَلَا يُنَافِي لُزُومَ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وُكِلَ لِدِينِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا تُلَفَّقُ فِي الْفِعْلَيْنِ) أَيْ الْمُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: لَا بِفِعْلَيْنِ إلَخْ) مَحَلُّ قَوْلِهِ لَا بِفِعْلَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَإِلَّا لُفِّقَتْ كَشَاهِدٍ بِرِيحِ خَمْرٍ وَآخَرَ

ص: 68