المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَكِرَاءُ الدَّوَابِّ وَالْحَمَّامِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِ وَمَا - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٧

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

الفصل: (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَكِرَاءُ الدَّوَابِّ وَالْحَمَّامِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِ وَمَا

(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَكِرَاءُ الدَّوَابِّ وَالْحَمَّامِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) وَالْإِجَارَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَجْرِ بِمَعْنَى الثَّوَابِ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَحُكِيَ فِيهَا الضَّمُّ أَيْضًا حَكَاهُ الْمُبَرِّدُ وَقَدْ غَلَبَ وَضْعُ الْفِعَالَةِ بِالْكَسْرِ لِلصَّنَائِعِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالْفَعَالَةِ بِالْفَتْحِ لِأَخْلَاقِ النُّفُوسِ الْجِبِلِّيَّةِ نَحْوِ السَّمَاحَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَالْفُعَالَةِ بِالضَّمِّ لِمَا يُطْرَحُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ نَحْوِ الْكُنَاسَةِ وَالْقُلَامَةِ، وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ فَذَكَرَ تَأْجِيلَ الْإِجَارَةِ وَسُمِّيَ عِوَضًا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ» وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ غَيْرَ سَفِينَةٍ وَلَا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْهَا بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا فَقَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الذَّوَاتِ، وَقَوْلُهُ أَمْكَنَ نَقْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِمَنَافِعِهِمَا لَيْسَ بِإِجَارَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ كِرَاءٌ وَقَوْلُهُ وَلَا حَيَوَانٍ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الرَّوَاحِلِ، وَقَوْلُهُ بِعِوَضِ جَزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، ثُمَّ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْهَا لِيُخْرِجَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِ عَائِدٌ عَلَى الْعِوَضِ وَفِي تَبْعِيضِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا زَادَ لَفْظَةَ بَعْضِهِ لِيُدْخِلَ فِي الْحَدِّ قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} [القصص: 27] ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ عِوَضُهَا الْبِضْعُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضِهِ لَخَرَجَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْحَدِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ وَهِيَ إجَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ

وَأَرْكَانُهَا خَمْسَةٌ الْمَنْفَعَةُ وَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ إلَخْ وَالْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (صِحَّةُ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ) وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْعِوَضُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأَجْرٌ كَالْبَيْعِ) وَسَكَتَ عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَاب الْإِجَارَةُ]

(بَابُ الْإِجَارَةِ)(قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ)

أَيْ كَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ مَعَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الثَّوَابِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْجَزَاءُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْإِجَارَةِ جَزَاءً عَنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ أَعَمُّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْجَزَاءَ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ.

(قَوْلُهُ الْجِبِلِّيَّةِ) صِفَةٌ لِلْأَخْلَاقِ (قَوْلُهُ {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] أَيْ: وَالْأُجْرَةُ عِوَضُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] أَيْ: أَعْوَامٍ عَلَى رَعْيِ الْغَنَمِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ) أَيْ: وَلَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ (قَوْلُهُ تَأْجِيلُ الْإِجَارَةِ) أَيْ: التَّأْجِيلُ الْمَنْسُوبُ لِلْإِجَارَةِ لَا أَنَّ نَفْسَ الْإِجَارَةِ مُؤَجَّلَةٌ (قَوْلُهُ وَسَمَّى عِوَضَهَا) أَيْ وَهُوَ عَقْدُهُ عَلَى إحْدَى ابْنَتَيْهِ وَهِيَ الصُّغْرَى الَّتِي أَرْسَلَهَا فِي طَلَبِهِ هَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَقِيلَ الْكُبْرَى ثُمَّ تَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْغَنَمُ لِلزَّوْجَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَنَّ شَرِيعَتَهُمْ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى مُجَرَّدِ جَوَازِ الْإِجَارَةِ نَعَمْ بَقِيَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُتَمَوِّلَةً وَالِانْتِفَاعُ بِالْبِضْعِ لَيْسَ مُتَمَوِّلًا وَالْجَوَابُ الْمَنْعُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَصَبَ امْرَأَةً وَوَطِئَهَا يَلْزَمُهُ مَهْرُهَا.

(قَوْلُهُ غَيْرَ سَفِينَةٍ) أَيْ:، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا فَيُقَالُ لَهَا إجَارَةٌ وَجَعَالَةٌ فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالتَّمَامِ جَعَالَةٌ وَبِاعْتِبَارِ إذَا تَلِفَتْ يَسْتَحِقُّ بِحِسَابِ مَا سَارَ إجَارَةً.

(قَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) الصَّوَابُ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا لَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الدَّارِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الدَّارِ إلَخْ فَلَا يُقَالُ فِيهِ إجَارَةٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ كِرَاءٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الرَّوَاحِلِ وَالدَّوَابِّ مِنْ الْحَمِيرِ وَالْخَيْلِ وَدَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ الْعَقْدُ عَلَى مَنَافِعِ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ جَزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا) أَيْ: رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَلَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ.

(قَوْلُهُ لِيُخْرِجَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الْحَيَوَانِ الْعَاقِلِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ نَاشِئٍ عَنْهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ إجَارَةٌ بَلْ يُقَالُ لَهُ قِرَاضٌ أَوْ مُسَاقَاةٌ (قَوْلُهُ عِوَضُهَا الْبِضْعُ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةِ الْبِضْعِ أَيْ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْضُهَا الْجَعَالَةُ فَإِنَّ بَعْضَ الْعِوَضِ لَا يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ إلَخْ)

ص: 2

الصِّيغَةِ لِوُضُوحِهَا وَسُهُولَةِ أَمْرِهَا وَتَيَسُّرِ تَصَوُّرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِ الْإِجَارَةُ التَّمْيِيزُ وَشَرْطُ لُزُومِ عَقْدِ عَاقِدِهَا التَّكْلِيفُ كَالْبَيْعِ وَشَرْطُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ مِنْ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا وَلَا يُرَدُّ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت إجَارَةُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ وَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَارَةُ، قُلْت: وُجُودُ الشَّرْطِ لَا يَلْزَمُهُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ وَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ يَكُونُ الثَّمَنُ فِيهَا فِي الْبَيْعِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْبَيْعِ كُلُّهَا وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا وَتَلَقِّي السِّلَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(ص) وَعَجَّلَ إنْ عَيَّنَ (ش) قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْحُلُولِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ أَيْ: عَلَى التَّأْجِيلِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الَّذِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ جَرَى بِذَلِكَ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: وَلَوْ عُجِّلَتْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّعْجِيلُ فِي الْعَقْدِ.

(ص) أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا شَرَطَ عِنْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةُ تَعْجِيلَهُ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ فِي الْإِجَارَةُ ثُمَّ لُزُومُ التَّعْجِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَلِحَقِّ الْآدَمِيِّ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَانْتِفَاؤُهُ فِي الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَيَقْضِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ ثُمَّ الْفَسَادُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

(ص) أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا كَانَ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَإِلَّا أَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بَيَانُهُ أَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَك بِالدَّابَّةِ وَذِمَّتُك مَشْغُولَةٌ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَحَاصِلُ مَا قِيلَ هُنَا أَنَّ السَّفِيهَ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَهِيَ لَازِمَةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا كَلَامَ لِلْوَلِيِّ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ، وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَ الصَّغِيرُ أَوْ الْعَبْدُ أَنْفُسَهُمَا فَلِلْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ فَلَوْ لَمْ يَطْلُعْ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَهُمَا عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِمَّا سَمَّاهُ، وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ الْأَبِ وَلَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ بَالِغًا لَا إنْ كَانَ صَبِيًّا، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ لِتَعْلِيمِهِ الصَّنْعَةَ جَازَ وَيُنْفِقُ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرُ مِنْ أُجْرَتِهِ وَيَحْبِسُ لَهُ مَا زَادَ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ سِلْعَتَهُ يُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَقَوْلُهُ وَسَكَتَ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ مِنْ خَارِجٍ فَغَيْرُهَا مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ وَإِلَّا فَهِيَ كَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ صِحَّةِ عَقْدِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ وَبَعْدُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ لُزُومٍ إلَخْ) زَادَهُ كَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السَّفِيهِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللُّزُومَ مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَلِذَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ (قَوْلُهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ) فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى شَرْطُ الْإِجَارَةُ الَّتِي هِيَ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ أَنْ تَكُونَ صَادِرَةً مِنْ عَاقِدٍ كَالْعَاقِدِ الصَّادِرِ مِنْهُ الْبَيْعُ وَأَنْ تَكُونَ بِأَجْرٍ كَالْأَجْرِ الَّذِي فِي الْبَيْعِ مُرَادٌ بِهِ الْعِوَضُ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ: إجَارَةُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ تَرَتُّبٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَتَخَلَّفُ لِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ مَعْلُومًا) إمَّا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَوْ تَفْصِيلًا فَقَطْ كَحِرَاسَةِ الْأَنْدَرِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِقَدَحٍ (قَوْلُهُ وَتَلَقِّي السِّلَعِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَيْ وَقَاعِدَةُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى التَّعْجِيلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ إلَخْ) وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهَا إلَّا عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا عِنْدَ فَقْدِهَا فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ إلَّا إذَا اسْتَوْفَى الْعَمَلَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (قَوْلُهُ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ تَعْجِيلِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَجَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنْ لَا يَجْرِيَ بِشَيْءٍ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَالْجَرَيَانِ مَعَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَيُفْسِدُ الْعَقْدَ وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى عُرْفٌ بِتَعْجِيلِهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ يَكُونُ فَاسِدًا كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شُرِعَ فِيهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ أَوْ اُشْتُرِطَ تَعْجِيلُهُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَسَدَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ عَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ تَعْجِيلُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ وَجَبَ تَعْجِيلُهُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، فَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ وَلَا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ تَعْجِيلُهُ وَتَأْخِيرُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْأَجْرَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ عَيَّنَ وَقَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَضْمُونَةٌ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَضْمُونَةِ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ أَوْ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ وَالثَّالِثُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَادَةٌ (قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ) أَيْ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) ، وَأَمَّا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ ذَلِكَ وَهَذَا فِي النَّقْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي بَابِ الْبَيْعِ عَلَى مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ وَبَيْعِ دَارٍ لِتَقْبِضَ بَعْدَ عَامٍ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَغَائِبٍ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ: ابْتِدَاءُ دَيْنٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ

ص: 3

فِي السَّيْرِ لَجَازَ التَّأْخِيرُ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ حِينَئِذٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ فِي السَّيْرِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا الْآنَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَتَأْخِيرُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ سُلِّمَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَجْرِي عَلَى بَابِ السُّلَّمِ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوَضَعَ لِلتَّوَثُّقِ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ فِي الْإِبَّانِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَكْتَفِي بِتَعْجِيلِ الْيَسِيرِ وَقَوْلِهِ (إلَّا كَرْيَ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ) أَيْ فَيَكْتَفِي بِتَعْجِيلِ الْيَسِيرِ كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِبَّانِ أَوْ قَبْلَهُ وَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لَا لِكَوْنِ الْإِبَّانِ لَمْ يَأْتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ حَيْثُ وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَّا كَكَرْيِ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْأَجْرِ فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ كَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ لَضَاعَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ هُرُوبِ الْجَمَّالِينَ بِالْأَجْرِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا طَلَبَ التَّعْجِيلَ فِي الْمَضْمُونَةِ وَطَلَبَ الْمُكْتَرِي الشُّرُوعَ وَعَدَمَ التَّعْجِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايَعَيْنِ وَبُدِئَ الْمُشْتَرِي.

(ص) وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (ش) أَيْ: وَالْإِبَّانُ لَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَكُنْ ثُمَّ شَرْطٌ وَلَمْ تَكُنْ عَادَةٌ فَمُيَاوَمَةً بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوَاوِ عَلَى الْيَاءِ أَيْ: كُلَّمَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ يَوْمٍ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا لَزِمَهُ أَجَرْته وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْقِطْعَةُ الْمُعَيَّنَةُ مِنْ الزَّمَنِ لَا حَقِيقَةُ الْيَوْمِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ أَوَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ.

(ص) وَفَسَدَتْ إذَا انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ الَّتِي فِيهَا الْأَجْرُ مُعَيَّنٌ تَفْسُدُ إذَا انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ فِيهِ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا يُوجَدُ فِيهِ عُرْفٌ بِتَعْجِيلٍ وَلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ عَجَّلَهُ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ أَوْ يُشْتَرَطُ الْخُلْفُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَمَا يَأْتِي.

(ص) كَمَعَ جُعْلٍ لَا بَيْعٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةُ إذَا وَقَعَتْ مَعَ الْجُعْلِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً لِتَنَافُرِ الْأَحْكَامِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ وَتَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَيَجُوزُ فِيهَا الْأَجَلُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُعْلِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ ضَرْبُ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ مَعَ الْجُعْلِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةُ مَعَ الْبَيْعِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ جُلُودًا عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهَا الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي نِعَالًا أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا آخَرَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ لَا مَعَ بَيْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ وَبِعِبَارَةٍ لَا مَعَ بَيْعٍ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ وَجْهَ خُرُوجِهِ كَالثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ أَوْ الْجِلْدَ عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهُ أَوْ الْقَمْحَ عَلَى أَنْ -

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تُقْبَضْ كُلُّهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَبْضَ أَوَائِلِهَا كَأَنَّهُ قَبْضٌ لَهَا كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَكَانَ أَحْسَنَ فَلَمْ يَلْزَمْ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَمٌ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صِحَّةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي جَانِبِ تَأْخِيرِ الْأُجْرَةِ لَا فِي جَانِبِ تَأْخِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَالْأَحْسَنُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ مَا قَالَهُ عج وَهُوَ أَنَّ أَجْرَ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ حَيْثُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا يَجِبُ تَعْجِيلُ جَمِيعِهِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي إبَّانِهَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ قَبْلَهُ كَوُقُوعِهِ قَبْلَ زَمَانِ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُ مَا قَلَّ نَحْوُ الدِّينَارِ كَانَ هُوَ جَمِيعَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْضَ الْكِرَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ فِي الْمَضْمُونَةِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَجْرُ الْمَنَافِعِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهَا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فَإِنْ انْتَفَيَا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَسَدَ عَقْدُ الْكِرَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يَفْسُدْ عَقْدُ الْكِرَاءِ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ تَعْجِيلُهُ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي) أَيْ: لِأَنَّهُ بَائِعٌ وَالْمُكْتَرِي مُشْتَرٍ لِلْمَنَافِعِ وَيُقْضَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ مَا فِي جِهَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً) هَذَا فِي غَيْرِ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ فِي غَيْرِ بَيْعِ السِّلَعِ؛ إذْ الصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ فِي غَيْرِ بَيْعِ السِّلَعِ لَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، وَأَمَّا مَنْفَعَةُ دَارٍ وَأَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ عَمَلُ أَجِيرٍ فِي بَيْعِ سِلَعٍ فَفِي هَذِهِ كُلُّ مَا حَصَلَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَتِهِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ عَادَةً) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ وَلَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا حَازَ كَالْخَيَّاطِ فَصَانِعٌ وَإِلَّا فَأَجِيرٌ كَالْبَنَّاءِ، فَإِنْ زَادَ الصَّانِعُ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا فَصَانِعٌ وَبَائِعٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ) الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُهُ لِلْمَنْفِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ لَفْظُ الْيَوْمِ وَلَمْ يَقُلْ زِيَادَةٌ.

(قَوْلُهُ تَفْسُدُ إذَا انْتَفَى عُرْفٌ إلَخْ) عَلَّلَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ بِشَرْطِ التَّأْجِيلِ يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَعِمَارَةُ الذِّمَّتَيْنِ وَمِمَّا يَجِبُ التَّعْجِيلُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ كِرَاءُ أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ: عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُهَا أُجْرَةً إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ مِنْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخُلْفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى شَيْءٍ بِالدَّرَاهِمِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَطْبُوعَةِ الَّتِي بِيَدِ فُلَانٍ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً) وَكَذَا يَفْسُدُ الْجَعْلُ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الْوَاحِدُ صَحِيحًا فِي شَيْءٍ وَفَاسِدًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَرَادَ لَا يَتَحَقَّقُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَخْرِزَهَا) أَيْ: بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِكُلٍّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنْ الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَإِذَا كَانَتْ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ فَقَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ وَلَوْ فِي الْمَبِيعِ الْمُنَاسِبُ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ وَجْهَ خُرُوجِهِ) وَيُزَادُ وَأَنْ

ص: 4

يَطْحَنَهُ أَوْ يُمْكِنَ إعَادَتُهُ كَالنُّحَاسِ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ قَدَحًا، فَإِذَا انْتَفَى الْإِكْرَامُ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ فَلَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ نَفْسِ الْمَبِيعِ جَازَتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ.

(ص) وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ وَنُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا عَلَى سَلْخِ شَاةٍ مَثَلًا بِجِلْدِهَا وَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاةِ مَذْبُوحَةً أَوْ حَيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجِلْدَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ سَلْخِهِ وَقَدْ يَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَقَدْ يُسَلَّمُ وَمِثْلُ الْجِلْدِ اللَّحْمُ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْجِلْدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ تت وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إنَّ اللَّحْمَ دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ هُوَ مَعَ السَّلْخِ بِرَأْسِ الشَّاةِ أَوْ بِالْأَكَارِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَصِحُّ ذَكَاتُهَا أَمْ لَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ نَظَرَ فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ نَحْوِ السِّبَاعِ عَلَى ظُهُورِهَا بِخِلَافِ بَيْعِ جُلُودِ الْغَنَمِ عَلَى ظُهُورِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِنُخَالَتِهَا لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا وَبِصِفَتِهَا فَأَشْبَهَتْ الْجُزَافَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ النُّخَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ لِلطَّحَّانِ اطْحَنْهُ وَلَك صَاعٌ مِنْ النُّخَالَةِ لَجَازَ.

(ص) وَجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ آجَرْتَهُ عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ لَهُ نِصْفُهَا إذَا فَرَغَ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَخْرُجُ، وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِهِ أَصْبَغُ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَى هَذَا إنْ فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ بَعْدَ الدَّبْغِ فَلَهُ النِّصْفُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ خَرَجَتْ الْجُلُودُ مِنْ الدِّبَاغِ وَلِرَبِّهَا النِّصْفُ الْآخَرُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ الْجَمِيعِ يَعْنِي إذَا فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ بِقِيمَتِهِ فَيَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا.

وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ دَبْغِهِ أَيْضًا أَمَّا لَوْ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبُغَهَا مُجْتَمِعَةً فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَلَهُ نِصْفُهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا وَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِي نِصْفِهَا لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ يَعْنِي إذَا دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبَغَهَا مُجْتَمِعَةً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ أَجْرُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيهِ، وَاحْتَرَزَ الْمُؤَلِّفُ بِجُزْءِ الثَّوْبِ مِنْ جَزْءِ الْغَزْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَك مِنْ الْغَزْلِ كَذَا نَفْعَلُ فِيهِ مَا شِئْت فِي نَظِيرِ نَسِيجِك، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ لَهُ الْآنَ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ يَضْرِبَ أَجَلَ الْإِجَارَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَهُ غَايَةٌ يَكْفِي فِيهِ تَعْيِينُ الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَمَا لَا غَايَةَ لَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْأَجَلِ كَالرَّعْيِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ) أَيْ: اللَّذَانِ هُمَا مَعْرِفَةُ الْخُرُوجِ أَوْ إمْكَانُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الزَّيْتُونَ لَا يُعْرَفُ خُرُوجُهُ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ وَإِمْكَانِ إعَادَتِهِ زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَائِلًا وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا ضَرَبَا لِلْإِجَارَةِ أَجَلًا وَإِلَّا فَكَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْجَعْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ تَعْيِينُ الْإِجَارَةُ بِالْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْجَلْدِ) أَيْ: فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً لِسَلَّاخٍ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ دَفْعُ الْجِلْدِ عَلَى الذَّبْحِ أَيْضًا لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ احْتِمَالُ عَدَمِ خُرُوجِهِ سَالِمًا مِنْ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ) أَيْ: بِرَأْسِهَا أَوْ أَكَارِعِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى السَّلْخِ بِالْأَكَارِعِ مِثْلُ الرَّأْسِ فِي أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِجِلْدِهَا أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا عَلَى سَلْخِهَا لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَبْحِهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ جُلُودِ الْغَنَمِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَنَمَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا فَلَا يُحْتَاطُ فِي حِفْظِ الْجِلْدِ بِخِلَافِ السِّبَاعِ يُكْرَهُ أَكْلُهَا فَيُحْتَاطُ فِي حِفْظِ الْجِلْدِ وَهَذَا مَا ذَكَرُوهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ كَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ فَهُنَاكَ قَوْلٌ يَقُولُ بِمَنْعِ بَيْعِ جُلُودِ السِّبَاعِ عَلَى ظُهُورِهَا وَقَوْلٌ يَقُولُ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ الْغَنَمِ عَلَى ظُهُورِهَا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَةِ مَوْجُودٌ.

(قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا) أَيْ: الْقِسْمِ الَّذِي لَمْ يُجْعَلْ لَهُ النِّصْفُ الْأَبْعَدُ إلَخْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ) أَيْ: فَالدِّبَاغُ لَيْسَ مُفَوِّتًا بَلْ الْفَوَاتُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدَّبْغِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْفَوَاتُ بَعْدَ الدَّبْغِ يَلْزَمُ صَاحِبَ الْجِلْدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ كُلِّ الْجِلْدِ أَوْ نَسْجِ كُلِّ الثَّوْبِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الصَّانِعَ بَعْدَ أَخْذِهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي الْجَمِيعِ دَفْعُ قِيمَةِ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ جُعِلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ عِنْدَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ فَيَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَهُ لَهُ مِنْ الْآنَ فَحُكْمُهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ أَنَّ الصَّانِعَ يَغْرَمُ قِيمَةَ نِصْفِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَلَا يَأْخُذُ أَجْرًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِقِيمَتِهِ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ النِّصْفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ يَوْمَ خَرَجَتْ الْجُلُودُ) وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَكَانَ الْقَبْضُ إنَّمَا حَصَلَ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ) أَيْ بِتَمَامِ الدَّبْغِ أَيْ: فَالدِّبَاغُ مُفَوِّتٌ، وَأَمَّا الشُّرُوعُ فِيهِ فَهَلْ هُوَ فَوْتٌ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ أَيْ إنَّمَا حَكَمْنَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ نَتِيجَةُ الْفَسَادِ لِلتَّحْجِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَدْبُغَهَا مُجْتَمِعَةً) وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ الْجُزْءَ قَبْلَ الدَّبْغِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي دَبْغِهِ مَعَ جُزْئِهِ فَيَجُوزُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ جَعَلَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَعْطَاهُ

ص: 5

مُجْتَمِعَةً وَيَقْطَعَ بَعْد ذَلِكَ مَا يَخُصُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.

(ص) أَوْ رَضِيعٍ وَإِنْ مِنْ الْآنَ (ش) عُطِفَ عَلَى ثَوْبٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى إرْضَاعِ حَيَوَانٍ صَغِيرٍ صَامِتٍ أَوْ نَاطِقٍ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَلَوْ قَبَضَ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ يَتَعَذَّرُ رَضَاعُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ خَلَفُهُ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهِ كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ بِشَرْطٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْ وَالنَّقْدُ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ مُمْتَنِعٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَرَدُّدٍ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلْغَرَرِ؛ إذْ لَا يَدْرِي مَا الَّذِي يَأْخُذُهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ إلَى شَهْرٍ وَفِي قَوْلِهِ وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا إلَخْ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ.

(ص) وَبِمَا سَقَطَ أَوْ خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ أَوْ عَصْرِهِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ لَهُ اُنْفُضْ زَيْتُونِي فَمَا سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ أَوْ رُبُعُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْغَرَرُ لِلْجَهْلِ فِي قَدْرِ مَا يَسْقُطُ فَهُوَ جَهْلٌ فِي الْكَمِّ.

أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: اُنْفُضْ زَيْتُونِي كُلَّهُ وَلَك نِصْفُهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ: اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَمَا لَقَطْت فَلَهُ نِصْفُهُ أَوْ رُبُعُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ فَلَوْ قَالَ لَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ فَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يُخْرِجُ وَلَا كَيْفَ يُخْرِجُ وَلِأَنَّك لَوْ بِعْته زَرْعًا جُزَافًا قَدْ يَبِسَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك حَصَادَهُ وَدَرْسَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى حَبًّا جُزَافًا لَمْ يُعَايِنْ جُمْلَتَهُ اهـ.، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ اعْصِرْ زَيْتُونِي وَمَا عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ مَثَلًا وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِصِفَةِ الْخَارِجِ فَهُوَ جَهْلٌ بِالْكَيْفِ وَبِالْكَمِّ أَيْضًا فَقَوْلُهُ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِمَا سَقَطَ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَصْرِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ خَرَجَ وَقَوْلُهُ وَبِمَا سَقَطَ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ يُرْشِدُ لَهُ السِّيَاقُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجَارَةِ وَهِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى فِيهَا شَيْءٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْ: وَبِجُزْءِ مَا سَقَطَ أَوْ بِجُزْءِ مَا خَرَجَ وَبِعِبَارَةِ الْوَاوِ عَاطِفَةً لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إلَخْ أَيْ وَفَسَدَتْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِمَا سَقَطَ أَيْ: بِجُزْءٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَيَجُوزُ، أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَبِمَا سَقَطَ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: وَفَسَدَتْ بِانْتِفَاءِ عُرْفِ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَبِجُزْءِ مَا سَقَطَ.

(ص) كَاحْصُدْ وَادْرُسْ وَلَك نِصْفُهُ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ لَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ، وَلَك نِصْفُهُ مَثَلًا وَعِلَّةُ الْفَسَادِ مَا مَرَّ وَمِثْلُهُ اُدْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ قَالَ سَحْنُونَ وَلَوْ قَالَ: اُحْصُدْهُ كُلَّهُ وَادْرُسْهُ وَصَفِّهِ وَلَك نِصْفُهُ فَهَلَكَ بَعْدَ حَصَادِهِ فَضَمَانُهُ كُلِّهِ مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ.

(ص) وَكِرَاءُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَعَ جُعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ كَالْقَمْحِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا كَاللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْغَزْلَ عَلَى جَزْءٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ مِنْ الْغَزْلِ أَوْ مِنْ الثَّوْبِ فَأَصَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعَ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ الْآنَ) فَإِنْ مَلَكَهُ لَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ وَمَاتَ قَبْلَ الْفِطَامِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ وَيَرْجِعُ الْأَجِيرُ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ جَمِيعِهَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْفِطَامِ فَإِنَّ رَبَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الْأَجِيرُ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ مَلَكَهُ لَهُ قَبْلَ الْفِطَامِ وَهَلَكَ سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ الْفِطَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْهُمَا وَيَتَرَاجَعَانِ.

(قَوْلُهُ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ أَنَّ قَوْلَ شَارِحِنَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا أَيْ: فِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهُ عَلَى الرَّضَاعِ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَطَ نَقْدَهَا وَإِنْ كَانَ خُرُوجًا عَمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَاشْتَرَطَ نَقْدَهَا يُؤَدِّي لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُقَوَّمًا كَمَا إذَا جَعَلَ لَهُ نِصْفَ الْحَيَوَانِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَدْرِي مَا الَّذِي يَأْخُذُهُ) أَيْ: هَلْ الْمُقَوَّمُ أَوْ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ إلَى شَهْرٍ) أَيْ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ) أَيْ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مُفَادَ بَهْرَامَ هَذِهِ الْعِلَّةَ أَعْنِي التَّرَدُّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ لَا تَجْرِي فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ مُقَوَّمٌ وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ يُفِيدُ الْأَمْرَيْنِ وَعِلَّةُ مَسْأَلَتِنَا الْغَرَرُ.

(قَوْلُهُ انْفَضَّ زَيْتُونِيٌّ) مَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا قَالَ لَهُ اُنْفُضْ بِيَدِك، وَأَمَّا بِالْعَصَا فَيَجُوزُ هَكَذَا قَيَّدَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَاسْتَبْعَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَيْ فَالنَّفْضُ بِالْعَصَا مُرَادُ الْمَنْعِ بِنَاءً عَلَى اسْتِبْعَادِ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ: لِأَنَّهُ مِنْ مَقْدُورِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ كَاحْصُدْ وَادْرُسْ فَالْفَسَادُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا (قَوْلُهُ اعْصِرْ زَيْتُونِي وَمَا عَصَرْت) أَيْ وَمِثْلُهُ اعْصِرْهُ وَلَك نِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ جَهْلٌ بِالْكَيْفِ) تَقِفُ ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ وَنَقُولُ وَبِالْكَمِّ أَيْضًا أَيْ: وَجُهِلَ بِالْكَمِّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ اُدْرُسْ زَرْعِي هَذَا وَمَا دَرَسْت فَلَكَ نِصْفُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْحِنْطَةِ مَثَلًا فِي سُنْبُلِهَا وَتِبْنِهَا عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ هِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاحْصُدْ وَادْرُسْ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ اُدْرُسْهُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ فَاسِدٌ بِخِلَافِ اُحْصُدْهُ فَقَطْ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عب.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُكْرِي بِكُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَصِيلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا أَمْكَنَ كِرَاؤُهَا بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ مَنْ يَزْرَعُهَا فَيَجُوزُ، وَكَذَا أَرْضُ الْمِلَاحَةِ وَالطَّرَانَةُ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ.

(قَوْلُهُ كَاللَّبَنِ) أَيْ وَكَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا اللَّحْمُ كَخَصِيِّ الْمَعْزِ وَكَالسَّمَكِ وَالطَّيْرِ أَوْ الضَّأْنِ فَهَذِهِ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِهَا بِخِلَافِ مَا يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ وَأَخْذُهَا عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ) فَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ الَّذِي يَدْفَعُهُ كِرَاءً بِالطَّعَامِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ: نَحْوُ الْقُطْنِ أَيْ: كَالْكَتَّانِ وَالزَّعْفَرَانِ

ص: 6

لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْمُزَابَنَةُ، وَأَمَّا أَرْضُ غَيْرِ الزِّرَاعَةِ كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ إجْمَاعًا وَلَا بَأْسَ بِكِرَاءِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالْمَاءِ وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَجَرٍ فِيهِ ثَمَرٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كِرَاءً.

(ص) إلَّا كَخَشَبٍ (ش) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا حَتَّى يُعَدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا كَخَشَبٍ وَعُودِ الْهِنْدِيِّ وَصَنْدَلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كِرَاؤُهَا بِهِ وَالصَّنْدَلُ هُوَ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ الطِّيبُ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ وَلَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَشِيشِ وَالْحَلْفَاءِ.

(ص) وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ (ش) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ لِبَلَدِ كَذَا بِنِصْفِهِ مَثَلًا إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ الْآنَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ أَيْ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِالْفِعْلِ وَكَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ، وَمِثْلُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ مَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ وَعَجَّلَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِجَارَةِ بِمُعَيَّنٍ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُهَا وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْعُرْفُ التَّعْجِيلُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ.

وَحَيْثُ قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ هُنَا التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي التَّعْجِيلِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ؛ إذْ الْقَبْضُ مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ غَيْرُ كَافٍ.

(ص) وَكَانَ خِطَّتُهُ الْيَوْمَ بِكَذَا وَإِلَّا فَبِكَذَا (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ وَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْأَجْرِ فَإِنْ وَقَعَ وَخَاطَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا فَقَوْلُهُ وَكَانَ خِطَّتُهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ.

(ص) وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ (ش) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ: لَهُ اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي أَوْ اعْمَلْ لِي عَلَى دَابَّتِي أَوْ عَلَى سَفِينَتِي أَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِي حَمَّامِي أَوْ فِي دَارِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ وَسَوَاءٌ عَمِلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهَا لِمَنْ عَمِلَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ أَدْخَلَ الْفَاءَ فِيهِ لِكَوْنِ مَا بَعْدَهَا جَوَابَ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَإِذَا عَمِلَتْ فَمَا حَصَلَ.

(ص) وَهُوَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ فِي الدَّارِ فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَمَا مَعَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَكَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ عَمِلَ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا كَانَ مُطَالَبًا بِالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ عَاقَهُ عَنْ الْعَمَلِ عَائِقٌ وَعَرَفَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَمْ يُكْرِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ.

(ص) عَكْسُ لِتَكْرِيهَا (ش) الْعَكْسُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَمَا مَعَهَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَهُ نَفْسَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَكْسِ الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا الْفَسَادُ كَالْأُولَى وَلَوْ قَالَ لَهُ أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ مَا حَصَلَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ وَلِرَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَنَافِعِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فُسِخَ.

(ص) وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا إلَّا بِالْبَلَدِ إنْ أَجَّلَا وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا (ش) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَعَامٍ فَالْمَنْعُ إذَا أُكْرِيَتْ لِلزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا لَوْ أُكْرِيَتْ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ لِلْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ كَالدُّورِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا كَخَشَبٍ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْحَشِيشُ وَالْحَلْفَاءُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ اسْتَنْبَتَ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَنْتُجُ كَأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا وَلَا يَنْزِعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عُدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَا يَطُولُ مِمَّا يَنْزِعُ لِلِانْتِفَاعِ بَعْدُ كَجُزْءٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَخْ) وَإِذَا نَزَلَ وَحَمَلَهُ إلَى الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ كُلِّهِ أَيْ: أُجْرَةُ الْمِثْلِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ خِطْته إلَخْ) وَالْمَنْعُ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْلَا حَدُّهُمَا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ لِكُلٍّ جَازَ.

(قَوْلُهُ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي) أَيْ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ قَيَّدَ الْعَمَلَ بِالِاحْتِطَابِ جَازَ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا قَالَ أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ) أَيْ: مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ حَطَبٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ أُجْرَةٍ كَمَا فِي الَّذِي قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِي حَمَّامٍ (قَوْلُهُ عَكْسُ لِتُكْرِيهَا) أَيْ: وَمَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: خُذْهَا لِتُكْرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ) هَذَا تَقَدُّمٌ لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَكْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا) أَيْ: وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا فَهُمَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ

ص: 7

مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ مَثَلًا بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ أَيْ جَعَلَ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمَبِيعِ لِلسِّمْسَارِ مَجْمُوعَ الدِّينَارِ وَسَمْسَرَتَهُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا بِمَعْنَى عَلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بَاءَ الْعِوَضِ أَيْ: بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَ عَبْدٍ مَثَلًا عَلَى سَمْسَرَتِهِ فِي بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ التَّتَّائِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَاءِ فِي نَحْوِ بِعْته بِكَذَا أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً عَلَى الْعِوَضِ نَحْوُ بِعْته بِدِرْهَمٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا بَيْعٌ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا هُنَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً فَقَطْ أَوْ جَعَالَةً، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَصْلُحُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا شُرِطَ فِي الْجَوَازِ ضَرْبُ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى حَمْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ الْأَجَلَ سَوَاءٌ كَانَتْ جَعَالَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ إجَارَةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ فِيهَا كَافٍ كَالتَّعْيِينِ بِالزَّمَنِ لَا يُقَالُ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ لَا يَكْفِي هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ لَا يَكْفِي مَحَلُّهُ حَيْثُ انْضَمَّ لِلْإِجَارَةِ بَيْعٌ كَمَا فِي الْحَمْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً إنْ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا أَوْ مَعَ جَعَالَةٍ إنْ لَمْ يَضْرِبَا لِذَلِكَ أَجَلًا وَلَا يَصْلُحُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ إنْ أَجَّلَا وَبِعِبَارَةٍ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْبَيْعِ بِالْبَلَدِ الَّذِي هُمَا بِهِ الثَّانِي أَنْ يَضْرِبَا بِالْبَيْعِ النِّصْفَ الثَّانِيَ أَجَلًا الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا فَاشْتَرَطَ الْبَلَدَ لِيَسْلَمَ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إلَى تِلْكَ الْبَلَدِ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَا يَقْبِضُهُ لَا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَهُوَ بُلُوغُهُ لِلْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَبِيعَ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَيْ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَى مِثْلِهِ، وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ انْتَهَى وَاشْتُرِطَ الْأَجَلُ لِيَكُونَ إجَارَةً وَهِيَ تُجَامِعُ الْبَيْعَ وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْأَجَلَ فَتَكُونُ جَعَالَةً وَهِيَ لَا تُجَامِعُ الْبَيْعَ وَاشْتُرِطَ كَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً سَلَفًا إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ وَتَارَةً ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ أَوْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَبِعْ وَعِبَارَةُ الطِّخِّيخِيِّ وَالْعِلَّةُ فِي كَوْنِ الثَّمَنِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَقَدْ قَبَضَ إجَارَتَهُ وَهِيَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ يَبِيعُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَيَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ فَتَصِيرُ إجَارَةً وَسَلَفًا انْتَهَى، وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ لَا يَرُدُّ بَاقِيَ الْأَجْرِ بَلْ يَتْرُكُهُ لَهُ أَوْ يَأْتِيه بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَيْ: ثَمَنُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّمْسَرَةُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسَاوٍ وَلِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ أَوْ بِالْمَبِيعِ وَالْحُلِيِّ وَالْغَزْلِ مِنْ الْمُقَوِّمِ كَمَا فِي بَابِ الْغَصْبِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَبِعِبَارَةِ الثَّمَنِ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَيْ: وَإِذَا كَانَ نِصْفُ الْمَبِيعِ مِثْلِيًّا تَضَمَّنَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ مِثْلِيًّا.

(ص) وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُؤَاجِرَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا أَوْ يَسْتَقِي وَلَهُ نِصْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْمَلْ إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا نَقْلَةٌ وَلِلْآخِرِ مِثْلُهَا أَوْ لِهَذَا يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ مِثْلُهُ أَوْ لِهَذَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلِلْآخَرِ مِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ: عَلَى الدَّابَّةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ إذَا كَانَ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَاقْتَصَرَ تت عَلَى الْأَوَّلِ فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ.

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ نِصْفَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ سَمْسَرَتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً أَيْ: فَيَقُولُ لَهُ آجَرْتُك عَلَى كَذَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا وَقَوْلُهُ أَوْ جَعَالَةً أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَاعَلْتُكَ عَلَى كَذَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ غَيْرَ لَازِمٍ.

(قَوْلُهُ أَنْ يَضْرِبَا لِبَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي أَجَلًا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجَلُ قَرِيبًا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي السَّمْسَرَةِ وَلَا يُشْرَعُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِلَ لِلْبَلَدِ وَقَوْلُهُ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَبْضَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الشُّرُوعِ فِي السَّمْسَرَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِهِ أَيْ: بِالسَّمْسَرَةِ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا) أَيْ: كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ) أَيْ: حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ جَمِيعَ النِّصْفِ عَلَى أَنَّهُ يُسَمْسِرُ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْأَجَلِ، فَإِذَا بِيعَ قَبْلَ تَمَامِهِ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِحَسَبِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْأَجَلِ وَيَصِيرُ مُسْلِفًا لِمَا يَخُصُّ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ فَإِنْ قُلْت: إنَّهُ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا وَبَاعَ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ يَرُدُّ مَا قَابَلَ الْبَقِيَّةَ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِثَمَنِ الْعَمَلِ هُوَ النِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَصَحَّ دَعْوَى الْمُشَارَكَةِ.

(قَوْلُهُ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ النِّصْفَ بِدِينَارٍ وَالسَّمْسَرَةُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَمَصْدُوقُ الْبَعْضِ هُوَ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ الْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ أَيْ: الْمَبِيعُ كُلُّهُ الْوَاقِعُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ وَالدِّينَارِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ بِنِصْفٍ إلَخْ) الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ ثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تَأْخُذْ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ مُجْتَمِعًا أَوْ بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمِعًا لِمَوْضِعِ كَذَا فَيَمْتَنِعُ أَيْ: وَجَازَ إجَارَةُ دَابَّةٍ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِنِصْفٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِهَا وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِكِرَاءٍ مُرَادًا بِهِ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ نِصْفٌ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِرَابِطٍ لَكِنْ بَقِيَ أَنْ مَحَطَّ الْحُكْمِ الْبَدَلُ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالنِّصْفِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاعْمَلْ

ص: 8

مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا مِنْ نِصْفِ ثَمَنِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَمِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ وَالشَّبَكَةُ فَلَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْعَامِلُ نَقْلَتَهُ فِيمَا إذَا قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لَك وَغَدًا لِي فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ لَهُ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَهُ كِرَاؤُهَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ نَقْلَتَهُ فِيمَا إذَا عَكَسَ فِي الْمِثَالِ فَلِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِدَابَّةٍ أُخْرَى.

(ص) وَصَاعُ دَقِيقٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِرَجُلٍ عَلَى طَحْنِ حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَهُ مِنْ دَقِيقِهَا صَاعٌ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ خُرُوجُ الدَّقِيقِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَ رَجُلًا عَلَى عَصْرِ زَيْتُونِك بِقِسْطٍ مِنْ زَيْتِهِ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ خُرُوجُ الزَّيْتِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ يَرْجِعُ لَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ حَتَّى يَطْحَنَ أَوْ يَعْصِرَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَفِي عِبَارَةٍ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ خُرُوجُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّقْيِيدُ الَّذِي فِي الْبَيْعِ وَهُوَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ هُنَا قَدْ حَصَلَ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يَجِدْهُ جَيِّدًا.

(ص) وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ مَثَلًا لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ تِلْكَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهَا بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ قَالَ حُلُولُو وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ اسْتِئْجَارُهُ بِجِنْسِ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَجَلُ إلَى الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوَأَكْثَرَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ هُنَا مَا يَمْتَنِعُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَيَجُوزُ هُنَا مَا يَجُوزُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنَافِعَ فَحُكْمُهَا كَالْبَيْعِ، فَإِذَا اكْتَرَى الدَّارَ شَهْرًا بِعَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى مُضِيِّ ذَلِكَ الشَّهْرِ ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ اكْتَرَاهَا مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ لِدَفْعِ قَلِيلٍ عَادَ إلَيْهِ كَثِيرٌ.

(ص) وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ سَنَةً مِنْ أَخْذِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَدْفَعَ غُلَامَك إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ الصَّنْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ بِخِدْمَتِهِ سَنَةً مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِهِ بِعَمَلِهِ سَنَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِمَنْ يَعْقِلُ وَقَوْلُهُ سَنَةً قَيْدٌ فِي الْعَمَلِ، وَأَمَّا التَّعْلِيمُ فَهُوَ مُطْلَقٌ وَلَا مَفْهُومَ لِسَنَةٍ وَقَوْلُهُ مِنْ أَخْذِهِ مُسْتَأْنَفٌ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ: وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ مَاذَا فَقَالَ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ وَالسَّنَةُ مَحْسُوبَةٌ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ.

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِثْلَيْ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَقِيمَةُ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى رَبِّهِ بِثُلُثِ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ انْتَهَى بَيَانُ ذَلِكَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُعَلِّمَ وَجَبَ لَهُ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ ثُلُثَا أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَجَبَ لِلصَّبِيِّ عَلَى الْمُعَلِّمِ ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُكَمَّلُ لِلْمُعَلِّمِ مَا بَقِيَ لَهُ وَهُوَ ثُلُثُ تَكْمِلَةِ الثُّلُثَيْنِ تَأَمَّلْ.

(ص) وَاحْصُدْ هَذَا وَلَك نِصْفُهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ اُحْصُدْ هَذَا الزَّرْعَ وَلَك نِصْفُهُ أَوْ اُلْقُطْ هَذَا الزَّيْتُونَ وَلَك نِصْفُهُ أَوْ اُلْقُطْ نِصْفَهُ وَلَك نِصْفُ مَا لَقَطْت أَوْ جُذَّ نَخْلِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ أَوْ اجْنِهِ وَلَك نِصْفُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى دَابَّتِي إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ لِمَا بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا أَبْطَلَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ لَهَا فَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمَعْلُومَةُ مِنْ السِّيَاقِ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يَقُولَ الْمَعْلُومَةُ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الِاحْتِطَابَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الدَّابَّةِ.

(قَوْلُهُ السَّفِينَةُ) بِشَرْطِ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ لَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ بَلَدٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا فِي السَّنَةِ فَيُمْنَعُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ يَكُونَ لَا يُكْرِي إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَبْيَنُ) وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَبْيَنِيَّةِ أَنَّهَا دَابَّةٌ مُعَيَّنَةٌ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ إلَّا بِهَا، فَإِذَا تَلِفَتْ انْفَسَخَتْ تِلْكَ الْعُقْدَةُ.

(قَوْلُهُ وَصَاعُ دَقِيقٍ مِنْهُ) أَيْ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ خُرُوجُ الدَّقِيقِ) أَيْ: يَعْلَمُ عَدَمَ الِاخْتِلَافِ أَوْ يَشُكُّ وَهَذَا فِي الدَّقِيقِ أَوْ يَعْلَمُ فَقَطْ فِي الزَّيْتُونِ لَا أَنْ يَشُكَّ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ عِلْمُ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ فِيهِمَا فَالْجَوَازُ الِاخْتِلَافُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ شَكٌّ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ الدَّقِيقُ عَلَى عَدَمِ الِاخْتِلَافِ وَفِي الزَّيْتِ عَلَى الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ رَدٌّ لِلَّتِي قَبْلَهَا، الْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقَعَ الطَّحْنُ أَوْ الْعَصْرُ فَيَقَعُ الْعَقْدُ أَوْ يَقَعُ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ إذَا طَحَنَ وَلَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ فَيَرُدُّ أَنْ يُقَالَ لَا يُعْقَلُ وُقُوعُ الْعَقْدِ بَعْدَ الطَّحْنِ وَلَا يُعْقَلُ شَرْطُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَحَنَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ عَلَى الصِّفَةِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَهَذَا الثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَوَّلَ وَلَكِنْ يُدْفَعُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ حَتَّى يَطْحَنَ الْبَعْضَ أَوْ يَعْصِرَ الْبَعْضَ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ: لَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَلَعَلَّ هَذَا حَالُ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي مَبْدَأِ مُدَّتِهِمَا أَمَدًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ إلَخْ) مَثَلًا قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ فِي السَّنَةِ بِتَمَامِهَا اثْنَا عَشَرَ وَكَذَا قِيمَةُ عَمَلِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَعْلِيمَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ صَعْبٌ وَعَمَلُهُ قَلِيلٌ، فَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَوَجَدْنَا قِيمَةَ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةً وَقِيمَةَ عَمَلِهِ أَرْبَعَةً فَقَدْ وَصَلَ الْمُعَلِّمَ ثُلُثُ أُجْرَةِ السَّنَةِ وَالْمُعَلِّمُ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْهَا ثَمَانِيَةً فَيَرْجِعُ عَلَى أَبِي الطِّفْلِ بِأَرْبَعَةٍ وَقَوْلُهُ ثُلُثَا أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَرَادَ ثُلُثَا قِيمَةِ التَّعْلِيمِ.

وَقَوْلُهُ: ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَرَادَ ثُلُثَ قِيمَةِ التَّعْلِيمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ وَالنَّظَرُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ يَقْضِي بِفَسَادِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ تُسَاوِي الْعَمَلَ وَالتَّعْلِيمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَارَةً يَزِيدُ الْعَمَلُ عَلَى التَّعْلِيمِ فَلَا رُجُوعَ لِأَبِي الصَّبِيِّ عَلَى الْمُعَلِّمِ وَتَارَةً يَزِيدُ التَّعْلِيمُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ بِخِدْمَةِ الْوَلَدِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْ الْخِدْمَةِ فِي الصَّنْعَةِ الَّتِي أَرَادَ تَعْلِيمَهَا.

ص: 9

كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ وَالدِّرَاسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا.

(ص) وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ مَا حَصَدْت مِنْ زَرْعِي هَذَا فَلَكَ نِصْفُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ مَا لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ مَا جَنَيْت فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَك نِصْفُهُ بِخِلَافِ مَا نَفَضْت أَوْ حَرَّكْت أَوْ ذَرَّيْت أَوْ عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَصْدَ وَمَا مَعَهُ مِنْ مَقْدُورِهِ بِخِلَافِ النَّفْضِ وَالْعَصْرِ وَالتَّحْرِيكِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي النَّفْضِ إذَا كَانَ بِالْيَدِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ مَا نَفَضْت بِالْعَصَا فَلَكَ نِصْفُهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ.

(ص) وَإِجَارَةُ دَابَّةٍ لِكَذَا عَلَى إنْ اُسْتُغْنِيَ فِيهَا حَاسَبَ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي أَنَا آخُذُ دَابَّتَك إلَى الْمَدِينَةِ مَثَلًا بِدِينَارٍ وَإِنْ وَجَدْت حَاجَتِي فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ رَجَعْت وَحَاسَبْتُك بِنِسْبَةِ مَا سِرْت عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: آخُذُهَا إلَى الْمَدِينَةِ بِدِينَارٍ وَأَيَّمَا بَلَغَتْ مِنْ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ بِالْمَسَافَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ بَلْ السَّفِينَةُ وَالدَّارُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَوْ نَازَعَهُ رَبُّهَا وَقَالَ لَهُ لَمْ تَسْتَغْنِ أَصْلًا أَوَاسْتَغْنَيْت فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ: فِي الْمُسَافَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لِكَذَا؛ إذْ هُوَ غَايَةٌ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِالْغَايَةِ؛ إذْ هِيَ تَسْتَلْزِمُ الْمَبْدَأَ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ.

(ص) وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ (ش) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَمُؤَجَّرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَجُوزُ إجَارَتُهَا لِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا وَلِغَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ التَّوَاجِرِ وَفِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأَرْضٌ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٍ وَإِنْ لِغَيْرِك لَا زَرْعَ بِهَا بَلْ هُوَ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا.

(ص) أَوْ مُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ (ش) كَأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً تَبْقَى فِيهَا الرَّقَبَةُ غَالِبًا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَاجِرَهَا مُدَّةً بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِيَقْبِضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَهَا، وَالْمُدَّةُ الْمُسْتَثْنَاةُ صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهَا عَامٌ فِي الدَّارِ وَسُنُونَ فِي الْأَرْضِ، وَصَرَّحَ فِي الدَّابَّةِ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ لَا جُمُعَةٍ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ عُطِفَ عَلَى فَاعِلٍ جَازَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُسْتَثْنَى عُطِفَ عَلَى مُؤَجَّرٍ، وَقَوْلُهُ مَنْفَعَتُهُ هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ بِمُسْتَثْنَى؛ إذْ هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ.

(ص) وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ وَلِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَتَجُوزُ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ لَا يَتَغَيَّرُ فِي الْغَالِبِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ) إنَّمَا نُبِّهَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا سَبَقَ وَدُونَ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لَا الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالدَّارِسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا) فَلَوْ شُرِطَ فِي الزَّرْعِ قَسْمَهُ قَتًّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ قَدْرِ الَّذِي يَحْصُدُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ اُحْصُدْ هَذَا فَالْمُشَارُ إلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ بَابَ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَأْخُذُ بِحِسَابِ كُلِّ مَا حَصَدَ شَابَهَ الْإِجَارَةَ بَقِيَ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْجَعَالَةِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَهَلَّا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ مِثْلُ اُحْصُدْهُ وَلَعَلَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَقْدُورِهِ جُعِلَ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِيهِ غُرُورٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: اُحْصُدْ أَوْ ذَرِّ أَوْ اُدْرُسْ فَقَطْ فَالْمَنْعُ فِي صُورَتَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ خِفَّةُ الْغَرَرِ فِي اُحْصُدْهُ فَقَطْ دُونَ الصُّورَتَيْنِ وَوَجْهُ شِدَّةِ الْغَرَرِ فِي اُدْرُسْهُ أَنَّ الدَّارِسَ لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حَدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَقْدُورِهِ وَيَخْتَلِفُ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ: فَيَضُرُّ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّهُ كِرَاءٌ بِخِيَارٍ هَكَذَا جَزَمَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْمُضِرَّ النَّقْدُ بِشَرْطٍ وَمِثْلُهُ شَرْطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَأَيَّمَا بَلَغَتْ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ لَهُ وَمَا بَلَغَتْ إلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ فَبِحِسَابِهِ لَجَازَ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ غَايَةٌ) أَيْ: غَايَةُ مَسَافَةٍ وَقَوْلُهُ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا أَيْ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعٍ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ مِنْ.

(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) وَعَلَى كَسْرِهَا يَصِيرُ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً وَاسْتَأْجَرَهَا شَخْصٌ فَلَيْسَ لِمُسْتَحِقِّهَا أَنْ يُكْرِيَهَا لِغَيْرِ مُكْتَرِيهَا مُدَّةً تَلِي الْمُدَّةَ الْأُولَى لِمَا سَيَأْتِي عَنْ النَّاصِرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَيْعُ دَارٍ لِتَقْبِضَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْمُكْتَرِيَ وَهُوَ صَاحِبُ الْخُلُوِّ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ النَّاظِرِ أَنْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْبِنَاءِ حَيْثُ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ ابْتِدَاءً أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَعَمُّ) ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَكْرَارٌ) وَوَجْهُ كَوْنِهِ تَكْرَارًا أَنَّ الْمُؤَجَّرَ الْمَذْكُورَ هُنَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنَّ الْمُكَرَّرَ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ وَأَرْضٍ سِنِينَ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَرْضًا مُكْتَرَاةً فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِذِي شَجَرٍ بِهَا فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِمَنْ اكْتَرَاهَا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَلِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا) وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَتَمِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ بَيَانُ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ لِذِي شَجَرٍ لَا ذِي زَرْعٍ.

(قَوْلُهُ وَسُنُونَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ: عَشْرَةٌ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الدَّابَّةِ) وَالْعَبْدُ كَالدَّابَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مُؤَجِّرِهِ أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشَّيْءِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ

ص: 10

وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا وَلِذَا أَجَازُوا اشْتِرَاطَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إلَى سِنِينَ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ.

(ص) وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّقَبَةَ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الْأُجْرَةِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّقَبَةَ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الْأُجْرَةِ.

(ص) وَكِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَالنَّقْضُ لِرَبِّهِ إذَا انْقَضَتْ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا مَسْجِدًا مُدَّةَ الْإِجَارَةُ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَبْسِ التَّأْبِيدُ كَمَا يَأْتِي، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ النَّقْضُ لِرَبِّهِ أَيْ: لِمَنْ بَنَاهُ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَقَاءَ الْبِنَاءِ فِي أَرْضِهِ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ بَانِيهِ بَقَاءَهُ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا لَمْ يُجْبَرْ مَالِكُ الْأَرْضِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ بِنَائِهَا مَسْجِدًا لِلَّهِ فَإِنَّ النَّقْضَ لَا يَكُونُ لِبَانِيهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِلَّهِ؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ خَرَجَ عَنْهُ لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ.

(ص) وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى طَرْحِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى حَمْلِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَلَا يَجُوزُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حَمْلِ مَيْتَةٍ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى جَارٍ وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتِئْجَارٌ عَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ وَاغْتُفِرَ عَمَلُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا لِكَوْنِ الْمَعْمُولِ جَارًّا وَمَجْرُورًا عَلَى مَا فِيهِ وَاحْتَجْنَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَصْلُحُ لَأَنْ يُعْطَفَ هَذَا عَلَيْهِ.

(ص) وَالْقِصَاصُ وَالْأَدَبُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقِصَاصِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ قِصَاصٌ عَلَى شَخْصٍ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَسْلَمَ لِمُسْتَحِقِّهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ غَرِيمِهِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يُؤَدِّبُ لَهُ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْقِصَاصِ مِمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ لَهُ رَجُلًا ظُلْمًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ أَحْكَامِ الدِّمَاءِ.

(ص) وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا (ش) أَيْ: أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا أَيْ: بِالنَّقْدِ وَلَوْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا سَنَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَفَرٍ فَغَايَةُ ذَلِكَ الشُّهُورُ، قَالَ فِيهَا: لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَالدَّارُ أَبْيَنُ أَيْ ذَلِكَ فِيهَا جَائِزٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ فِيهِ بِشَرْطِ ابْنِ يُونُسَ يَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ وَبِعِبَارَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج جَعَلَهُ شَرْطًا فِي جَوَازِ إجَارَتِهِ أَيْ: إنْ شَرَطَ جَوَازَ إجَارَةِ كُلٍّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ التَّوَاجِرِ الْأُوَلِ وَتَلِي مُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَمُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ غَالِبًا وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِمَا فِيهِمَا وَفِيمَا سَيَأْتِي فِيهِ احْتِمَالُ بَقَائِهِ وَتَغَيُّرِهِ وَالْأَوَّلُ يَجُوزُ فِيهِ الْعَقْدُ وَالنَّقْدُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ النَّقْدُ، وَاخْتَلَفَ هَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ أَمْ لَا وَهَذَا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي النَّقْدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَتَغَيُّرُهُ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى وَشَارِحُنَا رحمه الله لَمَّا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي النَّقْدِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يُقَيِّدَ بِقَوْلِهِ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهَا وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ الشَّامِلِ لِصُورَةِ التَّسَاوِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ) هَذَا فِي الْحَيَوَانِ الرَّقِيقِ لَا فِي دَابَّةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا رُكُوبًا أَوْ حَمْلًا أَوْ عَمَلًا فَإِنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُكُوبُهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ سَنَةٍ) فَلَوْ كَانَتْ سَنَةً تُخَالِفُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا كَذَلِكَ كَدُورِ مَكَّةَ وَحَصَلَ مَانِعٌ فَإِنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لِلتَّقْوِيمِ جَازَ اتِّفَاقًا وَلِلتَّسْمِيَةِ فَسَدَ اتِّفَاقًا أَوْ سَكَتَا رَجَعَا لِلْقِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ وَيُقْضَى بِالْقِيمَةِ وَلِمَالِكِ الْعَقْدِ فَاسِدًا نَظَرٌ تت وَقَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا مَعْنَاهُ مَا لَمْ تُوَافِقْ التَّسْمِيَةُ الْقِيمَةَ فَإِنْ وَافَقَتْهَا صَحَّ الرُّجُوعُ لَهَا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ ضِمْنًا.

(قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ) وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَيُبْقِيهِ مَسْجِدًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبَدِ جُبِرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْقَبُولِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِخَزْنٍ وَنَحْوِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ أَوْ أَرَادَ دَفْعَ قِيمَةِ الْأَنْقَاضِ وَلَمْ يُبْقِهِ مَسْجِدًا أَوْ أَبْقَاهُ مَسْجِدًا لَا عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ) لَا مَفْهُومَ لِمَسْجِدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى حَبْسٍ كَمَا قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ: وَلَوْ لِنَفْعِ كِلَابِهِ كَذَا قُرِّرَ.

(قَوْلُهُ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ) لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَالَةِ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَالَةَ الشُّهُودِ أَوْ عَلِمَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ وَصِحَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ عَادِلًا بَلْ جَائِرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ النَّازِلَةِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّبُ لَهُ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ) وَيُصَدَّقُ الْأَبُ وَالسَّيِّدُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ وَالْعَبْدَ فَعَلَا مَا يُوجِبُ الْأَدَبَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا وَالْوَلَدِ إنْ كَانَ صَغِيرًا، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الثُّبُوتِ.

(قَوْلُهُ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ) الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْمُدَّةَ فِي الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُدَّةِ فِي الدَّابَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ يُخْبِرُ بِحَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إتْلَافِهَا (قَوْلُهُ فَغَايَةُ ذَلِكَ الشُّهُورُ) وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ: مَا عَدَا السَّنَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ) أَيْ: غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ وَمِثْلُهَا فِي التَّفْصِيلِ الْأَرْضُ وَكَوْنُهَا مَأْمُونَةَ الرَّيِّ، وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ عج أَنَّ الْأَمْنَ أَيْ: غَلَبَةُ ظَنِّ الْأَمْنِ تُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى شَرْطِ النَّقْدِ وَاسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ يُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ النَّقْدِ، وَأَمَّا غَلَبَةُ ظَنِّ عَدَمِ الْأَمْنِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدًا وَلَا نَقْدًا

ص: 11

وَيَنْظُرُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالشَّيْخِ وَالْهَرَمِ وَلِلدَّابَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْقَوِيَّةِ وَالضَّعِيفَةِ وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا أَيْ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ يُسْتَأْجَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا وَبِعِبَارَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ فِي النَّقْدِ أَيْ: وَجَازَ النَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا كَانَ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَالنَّقْدُ فِيهِ.

(ص) وَيَوْمٍ أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ يَجُوزُ أَنْ تُحَدَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ تُحَدَّدُ أَيْضًا بِعَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ جُبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ مَثَلًا لَيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ وَيَوْمٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ وَاسْتِئْجَارُ يَوْمٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُون عَطْفًا عَلَى طُرِحَ أَيْ وَعَلَى يَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ بَعْضٌ أَيْ: أَنَّ الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ صَنْعَةً فَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالزَّمَنِ وَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالْعَمَلِ وَقَوْلُهُ مَثَلًا يَرْجِعُ لِيَوْمٍ وَخِيَاطَةِ وَثَوْبٍ وَهُوَ مَا يُسْفِرُ عَنْهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِتَرَدُّدِ الْبِسَاطِيِّ وَمَثَلًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ أُمَثِّلُ لَك مَثَلًا.

(ص) وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا أَوْ تُسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ خِطْ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِدِرْهَمٍ فَجَمَعَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْعَمَلِ فِي عَقْدٍ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ تَفْسُدُ إذَا كَانَ الزَّمَانُ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ وَالْآخَرُ عَدَمُ الْفَسَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ الْمَشْهُورَ الثَّانِيَ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا حَكَى فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ وَإِذَا كَانَ الزَّمَنُ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا وَيُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ خِلَافٌ حَقُّهُ أَنْ يُعَبَّرَ بِتَرَدُّدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ أَسْتَأْجِرُك عَلَى بَيْعِ هَذَا الثَّوْبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ فِي الْجُعَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ وَالْفَرْقُ خِفَّةُ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الِاسْتِصْنَاعِ أَيْ: أَنَّ تَيَسُّرَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ أَقْوَى مِنْ تَيَسُّرِ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ.

(ص) وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَرْضٍ لِعَشْرٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُسْتَأْجَرَ أَوْ الْمَبِيعَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ عِنْدَ عَقْدِ إجَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ شَرَعَ هُنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى مِقْدَارِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا فَبَيَّنَ أَنَّهَا فِي الدَّارِ سَنَةٌ وَفِي الْأَرْضِ عَشْرُ سِنِينَ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهَا سَنَةً ثُمَّ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَرْضَهُ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهَا عَشْرَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْأَمْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِسُرْعَةِ التَّغَيُّرِ فِيهِ.

(تَنْبِيهٌ) : ضَمَانُ الدَّارِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَدَمَ التَّغَيُّرِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً) أَقُولُ إذَا كَانَ شَرْطُ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إذْ يُنْظَرُ حِينَئِذٍ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ هَلْ عَدَمُ التَّغَيُّرِ أَوْ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ فِي الْعَبْدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فِي بَعْضِ الْعَبِيدِ وَمَا زَادَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إلَّا فِي الْعَشَرَةِ لَا أَزْيَدَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لِلضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ فَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالزَّمَنِ وَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالْعَمَلِ) مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الْخِيَاطَةِ يَوْمًا مَثَلًا وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ ثَوْبًا مُعَيَّنًا وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِتَرَدُّدِ الْبِسَاطِيِّ) فَالْبِسَاطِيُّ رحمه الله تَرَدَّدَ هَلْ مَثَلًا رَاجِعٌ لِيَوْمٍ وَخِيَاطَةٍ أَوْ لِخِيَاطَةٍ فَقَطْ هَذَا حَاصِلُهُ فَعَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ نَقُولُ الشَّهْرُ وَالْجُمُعَةُ وَالسَّنَةُ كَالْيَوْمِ وَالْجُبَّةُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ.

(قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَيَجُوزُ وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقًا وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَمَامِهَا وَلَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ بِتَمَامِهَا وَلَا عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشِيرُ لَهُمَا بِتَرَدُّدٍ لَا بِخِلَافٍ ثُمَّ نَقُولُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَتْ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ أَمْ لَا عَمِلَهُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ عَمِلَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ فَيُقَالُ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ، فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَ فِيهِ، فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعٌ حَطَّ فِيهِ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا إلَّا عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ.

(قَوْلُهُ جَازَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا) أَيْ: كَمَنْعِهِ إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ أَيْ: إنْ تَيَسَّرَ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّيَسُّرِ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي جَزْءٍ لَطِيفٍ مِنْ الزَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُدْرَةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَجِيءَ مُشْتَرٍ وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْحُكْمَ سَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا حَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي بَابِ الْبُيُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَثْنَى هَلْ هُوَ مُبْقًى أَوْ مُشْتَرًى؟ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ الْجَمِيعَ ثُمَّ اشْتَرَى الْمَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَهَذِهِ إجَارَةٌ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ) هَذَا فِي دَابَّةِ غَيْرِ الرُّكُوبِ وَمَا سَيَأْتِي فِي التَّقْيِيدِ بِالثَّلَاثَةِ فَفِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً لَيْسَ الْمُرَادُ دَابَّةَ

ص: 12

وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ مِنْ أَنَّ ضَمَانَهَا فِيمَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَمْنُوعًا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ فَمِنْ الْمُبْتَاعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ الْمَعْمُولِ لِبَيْعٍ وَقَوْلُهُ لِعَشْرٍ أَيْ: إلَى عَشْرٍ أَوْ بَعْدَ عَشْرٍ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بَعْدَ عَامٍ الْمَعْمُولِ لِتُقْبَضَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولِينَ لِعَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ بَيْعِ أَرْضٍ.

(ص) وَاسْتِرْضَاعٍ وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ لِلطِّفْلِ لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَلِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ عَيْنًا فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُجْرَةُ الظِّئْرِ نَقْدًا أَوْ طَعَامًا وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ، فَيَجُوزُ أَنْ تُكْرَى لَهُ حِمَارَةٌ تُرْضِعُهُ لِلضَّرُورَةِ وَيُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ إنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَقَوْلُهُ وَالْعُرْفُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ: وَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ إلَخْ أَوْ وَالْعُرْفُ مُعْتَبَرٌ فِي كَذَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ عَلَى أَبِيهِ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفَةٌ فَلَوْ قَالَ وَغَسْلُ خِرْقَةٍ عَلَى أَبِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ لِيُسْتَفَادَ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى أَبِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(ص) وَلِزَوْجِهَا فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ زَوْجُهَا بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الشَّرِيفَةَ إذَا أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِرَضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ لَهَا لَيْسَ لِأَبِيهَا فَسْخُهَا.

(ص) كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الظِّئْرَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلرَّضَاعِ إذَا حَمَلَتْ فَلِأَهْلِ الطِّفْلِ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا يَضُرُّ بِالطِّفْلِ وَلَهَا بِحِسَابِ مَا أَرْضَعَتْ فَلَوْ كَانَتْ أَكَلَتْ الْأُجْرَةَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِدَفْعِهَا لَهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِعِبَارَةٍ كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ وَالْخَوْفِ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَحَمْلُ ظِئْرٍ عَطْفًا عَلَى مَا يُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَصَلَ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ، قِيلَ: إنَّمَا عَبَّرَ بِأَهْلِ الطِّفْلِ دُونَ الْوَلِيِّ لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْأُمِّ أَيْضًا.

(ص) وَمَوْتُ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ ظِئْرَيْنِ مَعًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِرَضَاعِ طِفْلٍ فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَلِلثَّانِيَةِ فَسْخُ الْعَقْدِ وَلَهَا أَنْ تَرْضَى بِرَضَاعِ الطِّفْلِ وَحْدَهَا، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَمَاتَتْ الثَّانِيَةُ فَالرَّضَاعُ لِلْأُولَى لَازِمٌ كَمَا كَانَتْ، وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِأُخْرَى تُرْضِعُ مَعَ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا إذَا كَانَتْ عَالِمَةً حِينَ إجَارَتِهَا أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَإِلَّا لَزِمَهَا قَالَهُ حَمْدِيسٌ وَعَارَضَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ السَّطِّيُّ بِقَوْلِهَا فِي الْحِمَالَةِ إذَا أَخَذَ حَمِيلًا بَعْدَ حَمِيلٍ وَالثَّانِي عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ لَزِمَ الثَّانِيَ جَمِيعُ الْكَفَالَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حُجَّةً بِخِلَافِ الظِّئْرِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَفِيلَ الثَّانِيَ دَخَلَ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ وَالظِّئْرُ الثَّانِيَةُ إنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى الْقِيَامِ بِنِصْفِ مُؤْنَةِ الْوَلَدِ.

(ص) وَمَوْتُ أَبِيهِ وَلَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ لِلظِّئْرِ أَنْ تَفْسَخَ عَقْدَ الْإِجَارَةُ إذَا مَاتَ أَبُو الطِّفْلِ وَالْحَالُ أَنَّ الظِّئْرَ لَمْ تَقْبِضْ أُجْرَتَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ يُرِيدُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلظِّئْرِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لَهَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بَلْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهَا إلَى تَمَامِ عَقْدِ الرَّضَاعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهَا وَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ لَهَا وَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الْأُجْرَةِ.

(ص) وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الرُّكُوبِ فَقَطْ بَلْ دَابَّةُ الِانْتِفَاعِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلرُّكُوبِ أَوْ لِلْعَمَلِ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْحَيَوَانِ الرَّقِيقِ وَالثَّلَاثَ فِي دَابَّةٍ أَعَمُّ مِنْ دَابَّةِ الرُّكُوبِ أَوْ دَابَّةِ الْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ) يَشْمَلُ الْجَائِزَ وَالْمَكْرُوهَ.

(قَوْلُهُ وَاسْتِرْضَاعٍ) مَحَلُّ الرَّضَاعِ عِنْدَ الْأَبَوَيْنِ حَيْثُ لَا عُرْفَ إلَّا امْرَأَةً لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ يَكُونَ الْأَبُ وَضِيعًا لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا عِنْدَهُ فَذَلِكَ لَهَا (قَوْلُهُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ حَمِيمُهُ أَيْ: غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَدَقُّ رَيْحَانِهِ وَرَبْطُهُ فِي تَخْتِهِ وَحَمْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ) كَجَحْشٍ صَغِيرٍ أَوْ مُهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَجِدْ امْرَأَةً تُرْضِعُهُ يَرْضَعُ عَلَى الْحِمَارَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ تُكْرِيَ لَهُ حِمَارَةً) وَأَمَّا بَقَرَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفَةٌ) أَقُولُ إذَا تَأَمَّلْتهَا تَجِدُهَا مُوَافِقَةً وَنَصُّهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَلَدُ مِنْ رَيْحَانٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ غَسْلِ خِرْقَةٍ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْأُجْرَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّهَا فِي مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْإِرْضَاعِ إلَّا لِشَرْطٍ.

(قَوْلُهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ) أَيْ: بِتَشَاغُلِهَا عَنْهُ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ خِدْمَتُهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لَيْسَ لِأَبِيهَا فَسْخُهَا) أَيْ: وَلَا يُنْظَرُ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَضَرَّةِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ حَصَلَ الضَّرَرُ) أَيْ: أَوْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ.

(قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَتْ عَالِمَةً) أَيْ: وَلَيْسَ لِرَبِّ الطِّفْلِ إلْزَامُهَا بِرَضَاعِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا كَانَتْ مَعَ الْأُولَى الَّتِي مَاتَتْ لِكَثْرَتِهِ مِنْهُ حَالَ عَدَمِ رَضَاعِهِ كُلَّ يَوْمٍ (قَوْلُهُ وَعَارَضَهَا إلَخْ) الْمُعَارَضَةُ بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِ عَبْدِ الْحَقِّ.

(قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ إلَخْ) وَجَوَابٌ آخَرُ أَنَّ الضَّمَانَ مَعْرُوفٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.

(قَوْلُهُ وَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ إلَخْ) أَيْ: فَلَيْسَ إعْطَاءُ الْأَبِ أُجْرَةَ رَضَاعِهِ هِبَةً مِنْهُ لَهُ وَإِنَّمَا إرْضَاعُهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ انْقَطَعَ بِمَوْتِ الْأَبِ وَلَوْ كَانَ هِبَةً لِلرَّضِيعِ لَرَجَعَ مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ

ص: 13

أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا (ش) التَّشْبِيهُ فِيمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْلِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَكُولٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِأَكْلٍ وَسَطٍ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ تَظْهَرُ أَكُولَةً فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَمُسْتَأْجَرٌ اسْمُ مَفْعُولٍ وَجُمْلَةُ أُوجِرَ بِأَكْلِهِ صِفَةٌ لَهُ وَقَوْلُهُ أَكُولًا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ فَقَدْ اُسْتُغْنِيَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ النَّاسِ فِي الْأَكْلِ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَوُجِدَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُضَافِ هُنَا صَالِحًا لِلْعَمَلِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ ظُهُورًا مَصْدَرٌ.

(ص) وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ مِنْ وَطْءٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا رَضِيَ لِزَوْجَتِهِ أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ وَفَعَلَتْ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَلْزَمُهَا وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً لَا يَلْزَمُهَا رِضَاعُ وَلَدِهَا وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ حِينَئِذٍ مِنْ وَطْئِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ وَطْؤُهُ يَضُرُّ بِالطِّفْلِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا خِلَافًا لَأَصْبَغَ فِيهِمَا فَلَوْ تَعَدَّى وَوَطِئَ فَهَلْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا قَوْلَانِ قِيلَ لِأَهْلِ الطِّفْلِ الْفَسْخُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ الْفَسْخُ.

(ص) وَسَفَرٍ كَأَنْ تُرْضِعَ مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً كَعَكْسِهِ (ش) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى وَطْءٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِهِ كَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ بِهَا حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيُسَافِرَ بِهَا، وَكَذَلِكَ تُمْنَعُ الظِّئْرُ مِنْ أَنْ تُرْضِعَ مَعَ الطِّفْلِ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ بِهَا كِفَايَةٌ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ اشْتَرَوْا جَمِيعَ لَبَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ رَضِيعٌ حَالَ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ رَضَاعِهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ، وَمَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً تُرْضِعُ وَلَدَهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَحْضُنَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى حَضَانَتِهِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ فَفَاعِلُ يَسْتَتْبِعُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ السَّابِقِ.

(تَنْبِيهٌ) : وَأَمَّا سَفَرُ الْأَبَوَيْنِ بِالْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى الظِّئْرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَجَّرَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَتَنَازَعَتْ مَعَهُ لِمَنْ يَكُونُ مَا أَخَذَتْ فِي أُجْرَةِ رَضَاعِهَا فَوَقَعَ الْحُكْمُ بِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ لَهَا بِحِسَابِهِ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَا حُجَّةَ لِلزَّوْجِ بِأَنَّهُ مَلَكَ مَنَافِعَهَا فَبَاعَتْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا مَنَافِعُ الْأَشْيَاءِ الْبَاطِنَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَشَذَّالِيُّ.

(ص) وَبَيْعَةُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَصُورَتُهَا شَخْصٌ بَاعَ سِلْعَةً لِآخَرَ تُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ مَثَلًا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ سَنَةً فَآلَ الْأَمْرُ إنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَمَلُهُ سَنَةً فِيهَا وَحَلُّ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ وَالْوَسَطِ مُعْتَرَضٌ، وَلِجَوَازِ الْمَسْأَلَةِ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، الثَّالِثُ: أَنْ يُعَيِّنَ النَّوْعَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ، الْخَامِسُ: أَنْ يَحْضُرَ الثَّمَنُ لِيَخْرُجَ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَى أَمَانَتِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ فَيَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَيَزِيدَهُ فِيهِ، السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَكِرَ إنَّمَا يَبِيعُ إذَا غَلَتْ السِّلَعُ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ السَّابِعُ

ــ

[حاشية العدوي]

عِنْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَبُ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِمْ يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا قَدِمَ بِوَضْعِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ خَوْفًا أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ فَلَا يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ بَاقِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ مِنْ الْأَبِ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَكُولَ الطَّعَامَ الْوَسَطَ وَأَبَى الْأَجَلُ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِهِ جَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ) أَيْ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَبُنِيَ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَمُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ الْخِيَارُ فِي عَبْدٍ مَبِيعٍ ظَهَرَ أَكُولًا وَلَكِنْ أَفْتَى النَّاصِرُ بِعَدَمِ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوهُ مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْصُرْ عُيُوبَ الْمَبِيعِ بَلْ قَالَ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةً بِالْكَافِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ: وَلَيْسَ مَفْعُولَ ظُهُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ.

(قَوْلُهُ وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا كَذَا قَالَ عج وَلَكِنْ جَزَمَ اللَّقَانِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ فِيهِمَا) أَيْ: فِي التَّعْمِيمَيْنِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الضَّرَرِ أَوْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً) أَيْ: لَا يَلْزَمُهَا حَضَانَتُهُ لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَكُونُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ مَا أَخَذَتْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ فَوَقَعَ الْحُكْمُ) أَيْ حُكْمُ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ الْأَشْيَاءُ الْبَاطِنَةُ) كَالْعَجْنِ وَالطَّبْخِ وَحَاصِلُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ صَدَاقًا فِي وَطْءٍ إكْرَاهًا أَوْ شُبْهَةً كَانَ لَهَا لَا لَهُ.

(قَوْلُهُ وَحَلَّ الشَّارِحُ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَالَ يَعْنِي إذَا بَاعَهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا) هَذَا يُفْهَمُ مِنْ تَعَلُّقِ التِّجَارَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَنْ يُعَيِّنَ النَّوْعَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ الْأَنْوَاعِ يَخْتَلِفُ مُؤْنَتُهُ بِالثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ فَبَعْضُهَا أَشَقُّ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ) هَذَا مِنْ جَعْلِ الْفِعْلِ مُضَارِعًا الْمُقْتَضَى لِلتَّجَدُّدِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَيُفِيدُ أَنَّهُ مُدِيرٌ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُحْضِرَ الثَّمَنَ) أَيْ: وَأَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِضَافَةَ فِي ثَمَنِهَا لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ فَهُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا هَذَا الثَّمَنُ الْحَاضِرُ فَيُفِيدُ بِتِلْكَ الْمَعُونَةِ اشْتِرَاطَ

ص: 14

أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَلَفَ وَإِلَّا أَدَّى إلَى الْغَرَرِ الثَّامِنُ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَإِذَا اتَّجَرَ بِالْمِائَةِ فَنَقَصَتْ فِي خِلَالِ السَّنَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَهُ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهَا الْمُشْتَرِي وَلَا كَلَامَ لَهُ انْتَهَى، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْخَلَفُ وَهَذَا وَاضِحٌ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ أَوْ طَلَبَ الْخَلَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الرِّبْحِ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ أَيْضًا وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ وَقَدْ اتَّجَرَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ السَّنَةِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيمَا اتَّجَرَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ فِي الْمِائَةِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْمُشْتَرِي بِالْمِائَةِ إلَّا نِصْفَ السَّنَةِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ وَقَدْ فَاتَتْ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ تُنْقِصُهَا الرُّبُعَ رَجَعَ مُشْتَرِي السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرُبُعِ الْمِائَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَرْجِعُ أَيْضًا بِرُبُعِ قِيمَةِ الْإِجَارَةِ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَيَتَّجِرُ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِينَارًا؛ لِأَنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ رُبُعَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ فِي شَيْءٍ وَقَدْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَكَانَ الْعَيْبُ يُنْقِصُهَا الرُّبُعَ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَتَّجِرُ لَهُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ يَتَّجِرُ لَهُ بِهَا.

(ص) كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ كَمَا فِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ لِيُوَافِقَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِعَيْنِهَا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّ مَا مَاتَ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ مَا تَلِفَ مِنْهَا أَخْلَفَهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ قِيلَ لِلرَّاعِي اذْهَبْ بِسَلَامٍ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ.

(ص) وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْغَنَمُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلِلرَّاعِي الْخَلَفُ بِالْقَضَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فِيمَا هَلَكَ مِنْهَا إلَى تَمَامِ عَمَلِهِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ الرَّاعِي الْخَلَفَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ قِيلَ لِلْعَامِلِ اذْهَبْ بِسَلَامٍ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَغَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي الْجَوَازِ بِدُونِ قَوْلِهِ إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ أَيْ: وَجَازَ بَيْعُهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ عُيِّنَتْ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ بِمَعْنَى عَلَى وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُوَ الرَّاعِي وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَرْطُ الْخَلَفِ عَلَى آجِرِهِ وَهُوَ رَبُّ الْغَنَمِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ.

(ص) كَرَاكِبٍ (ش) أَيْ: أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَرَثَتَهُ إنْ مَاتَ أَنْ يَأْتُوا بِخَلَفِهِ أَوْ يَدْفَعُوا جَمِيعَ الْأُجْرَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْخَلَفِ أَيْ: كَمَا يَجِبُ خَلَفُ الرَّاكِبِ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ وَحَلُّ الشَّارِحِ أَيْضًا وَاضِحٌ

ــ

[حاشية العدوي]

الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخُلْفَ) هَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَالْمُشْتَرِطُ الْبَائِعُ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَرَضِ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَهِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِطَ إنَّمَا هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ فِي الشَّرْطِ فَائِدَةٌ وَهِيَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عَلَى تَقْدِيرِ تَلَفِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْغَرَرِ يُفِيدُ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ ذِكْرَ الشَّرْطِيَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ جَرَى عُرْفٌ بِهِ لَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِهِ ثُمَّ إذَا حَصَلَ شَرْطُ الْخَلَفِ وَحَصَلَ تَلَفُ الْبَعْضِ وَرَضِيَ رَبُّ السِّلْعَةِ بِالتَّجْرِ بِمَا بَقِيَ جَازَ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ جَعْلِ التِّجَارَةِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَالرِّبْحُ لَيْسَ مَعْلُومًا وَقَيَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرِّبْحُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُتَقَارِبًا وَإِلَّا جَازَ.

(تَنْبِيهٌ) : لَوْ اخْتَلَّ الْحُضُورُ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ تِجَارَةَ سَنَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَقِيمَةُ التَّجْرِ خَمْسُونَ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَهَلْ يَرْجِعُ شَرِيكًا بِثُلُثِهَا أَوْ بِثُلُثِ قِيمَتِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَحْضَرَ الثَّمَنَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّجْرَ بِالرِّبْحِ فَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ) وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْخَلَفُ أَيْ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَلَفُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ رحمه الله.

(قَوْلُهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ سَنَةٍ وَهُوَ يَتَّجِرُ فِي الْمِائَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَرْكُ التَّجْرِ نِصْفَ سَنَةٍ (قَوْلُهُ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ) أَيْ: لِأَنَّهُ كَشَفَ الْعَيْبَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاتِّجَارُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ لَا بِالْمِائَةِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ: فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ وَمَاتَ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ تَلِفَ فَإِنَّ رَبَّهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِالْخَلَفِ يَسْتَحِقُّ الرَّاعِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ) أَيْ: بِفَتْحِ الْجِيمِ.

(فَرْعٌ) لَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهُ رَاعِيًا آخَرَ وَلَوْ بِرِضَا رَبِّ الْغَنَمِ وَيَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْأَمَانَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجَرِ شَرْطُ الْخَلَفِ) أَيْ: اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ عَلَى رَبِّهَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَرَثَتَهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا بِخِلَافِ مَوْتِ الدَّابَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فُسِخَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ الْآتِي لَا بِهِ فَصَارَ لِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ تَرْجِيحٌ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ صَرِيحًا فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الدَّابَّةُ الْمُكْتَرَاةُ لِعَرُوسٍ تُزَفُّ عَلَيْهَا فَيَتَعَذَّرُ زَفُّهَا فَعَلَى وَلِيِّهَا الْكِرَاءُ (قَوْلُهُ وَحَلُّ الشَّارِحِ وَاضِحٌ)

ص: 15

فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا فَهَلَكَتْ فَعَلَى الْمُكْرِي خَلَفُهَا انْتَهَى فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْخَلَفِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا.

(ص) وَحَافَّتَيْ نَهْرِك لِيَبْنِيَ بَيْتًا وَطَرِيقٍ فِي دَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُؤَاجِرَ حَافَّتَيْ نَهْرِك لِمَنْ يَبْنِي عَلَيْهِ بَيْتًا أَوْ لِمَنْ يَنْصِبُ عَلَيْهِ رَحًى وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَ طَرِيقًا فِي دَارِ رَجُلٍ لِتَتَوَصَّلَ مِنْهَا إلَى مَنَافِعِك وَمَا تُرِيدُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَارٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ طَرِيقٌ فِي أَرْضِ غَيْرِك كَانَتْ دَارًا أَوْ أَرْضًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَحَافَّتَيْ نَهْرِك بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُوجِرٍ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ كَمَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى غَنَمٍ مِنْ قَوْلِهِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي طَرِيقٍ وَمَا بَعْدَهُ.

(ص) وَمَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ (ش) الثَّلَاثَةُ اسْمُ مَكَان فَمَسِيلٌ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ كَالْمُجْرَاةِ وَمَصَبٌّ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ وَمِرْحَاضٌ اسْمٌ لِمَكَانِ الرَّحْضِ وَهُوَ صَبُّ الْمَاءِ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ مَكَان يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ وَبِعِبَارَةٍ مَسِيلٌ اسْمُ مَكَان وَمَصَبٌّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى انْصِبَابٍ وَمِرْحَاضٌ مِنْ الرَّحْضِ وَهُوَ الصَّبُّ.

(ص) لَا مِيزَابٍ (ش) أَيْ: لَا شِرَاءَ مَاءِ مِيزَابٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِيزَابُ مَنْسُوبًا وَمُضَافًا لِمَنْزِلِك تَسْتَأْجِرُ مِنْ جَارِك مَسِيلَهُ لِيَجْرِيَ مَاءُ مِيزَابِك فِي أَرْضِهِ لِيَخْرُجَ إلَى خَارِجِ دَارِ الْجَارِ وَيَسْتَقِرَّ فِيهَا فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ كَمَسْأَلَةِ مَصَبِّ الْمِرْحَاضِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْجَارٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ وَبِعِبَارَةٍ لَا مِيزَابٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: لَا شِرَاءِ مَاءِ مِيزَابٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسِيلٍ لَا عَلَى مِرْحَاضٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ أَيْ وَجَازَ اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لَا شِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَكُونُ وَلَا يَكُونُ وَسَوَاءٌ طَالَ أَمَدُ الْمَاءِ أَوْ قَصُرَ وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ وَهَذَا الْفَرْعُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ.

(ص) وَكِرَاءِ رَحَى مَاءٍ بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ رَحَا تَدُورُ بِالْمَاءِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحَى لَمَّا كَانَتْ مُتَشَبِّثَةً بِالْأَرْضِ وَيُعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّقْدِيرَ مِنْ جِهَةِ الدَّابَّةِ وَقَيَّدَهَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إلَّا أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْخَلَفِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَجَوُّزٌ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْخَلَفِ) إنَّمَا عَبَّرَ بِمُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ فِي الْأَوَّلِ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ وَالتَّلَفُ فِي الثَّانِي عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الْحَلِّ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ) أَيْ: بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ قَالَ تت وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَرِّضُ الْجِدَارَ فَيَضِيقُ مَجْرَى النَّهْرِ، ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الْبِنَاءِ أَيْ: مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ (قَوْلُهُ لِتَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى مَنَافِعِك) فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) فَإِنْ قُلْت هُوَ هِبَةٌ قُلْت لَمَّا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُعْطَ حُكْمَ الْهِبَةِ وَعُدَّ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى غَنَمٍ مِنْ قَوْلِهِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ) أَيْ: عَلَى غَنَمٍ عُيِّنَتْ مَدْخُولُهُ الْكَافُ أَيْ: وَالْمَعْنَى كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رَعْيِ غَنْمٍ مُعَيَّنَةٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى حَافَّتَيْ نَهْرِك.

(قَوْلُهُ كَالْمُجْرَاةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ فِي دَارِ الْجَارِ الَّتِي يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى الْخَارِجِ أَوْ إلَى الْخَلِيجِ كَمَا فِي مِصْرَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ هُوَ الْمَسِيلُ الْمَنْسُوبُ لِلْجَارِ وَالْمُرَادُ بِالْمِرْحَاضِ مَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَقَدْ جُعِلَ الْمَصَبُّ اسْمَ مَكَان يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْمُجْرَاةِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّهَا يُصَبُّ فِيهَا مَاءُ الْجَارِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ إضَافَةُ مَسِيلٍ لَهَا لِلْبَيَانِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا نَفْسُ الْمِرْحَاضِ؛ لِأَنَّهُ يَصُبُّ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَعَلَيْهِ تَكُونُ إضَافَةُ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَمَصَبٌّ بِمَعْنَى انْصِبَابٍ) أَقُولُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَالْمَعْنَى جَازَ اسْتِئْجَارُ مَسِيلِ مَاءٍ ذِي انْصِبَابٍ مِنْ مِرْحَاضٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّحْضِ وَهُوَ الصَّبُّ أَيْ: لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ كَمَا قُلْنَا يَصُبُّ فِيهَا الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ.

(قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك إلَخْ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْعُ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ فَيُنَاقِضُ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا شِرَاءَ إلَخْ بِدَلِيلِ إلَخْ أَيْ: قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَيَسْتَقِرُّ فِيهَا) أَيْ: فِي خَارِجِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسِيلٍ) الْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى اسْتِئْجَارٍ (قَوْلُهُ وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ) حَاصِلُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَمَدِ الْقَصِيرِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهِ الْمَطَرُ فَهُوَ غُرُورٌ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَمَدَ الْكَثِيرَ جِدًّا يَقَعُ فِيهِ الْمَطَرُ عَلَى جَرْيِ الْمُتَعَارَفِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ) لَا مَعْنَى لِلتَّرْتِيبِ مَعَ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمِيزَابِ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَائِلًا اُنْظُرْ مَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ هَلْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُطْحَنُ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مَنَافِعَ هَذَا الْمَاءِ بِطَعَامٍ أَوْ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُتَشَبِّثَةً بِالْأَرْضِ يُعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ انْتَهَى وَمَعْنَى مُتَشَبِّثَةٍ مُتَعَلِّقَةٌ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ أَيْ: أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ فَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ بِأَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا

ص: 16

يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ أَيْ: أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِ مَا ضَرَّهُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى.

(ص) وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحِفْظُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِقْهَ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ وَالْقُرْآنُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ وَأَنَّ تَعْلِيمَ الْفِقْهِ بِأُجْرَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِخِلَافِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ مُشَاهَرَةً لَا مَفْهُومَ لَهُ مَنْصُوبٌ إمَّا عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: عَلَى الْمُشَاهَرَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِعَطْفِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ.

(ص) وَأَخَذَهَا وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَأْخُذُ الْحَذْقَةَ أَيْ: الْإِصْرَافَةَ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ أَيْ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَلَا حَدَّ فِيهَا وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى حَالِ الْأَبِ فِي يُسْرِهِ وَعُدْمِهِ، وَيُنْظَرُ فِيهَا أَيْضًا إلَى حَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ حَافِظًا فَتَكُونُ حَذْقَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي لَا يَحْفَظُ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَأَ وَأَخَذَهَا بِالتَّحْرِيكِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ بِالسُّكُونِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ أَخْذُهَا وَاجِبًا فَيُقْضَى بِهَا عَلَى الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا مِنْهُ إذَا امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ فَلَا يُفِيدُ وُجُوبَ أَخْذِهَا بَلْ جَوَازُهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا حَيْثُ طَلَبَهَا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا وَلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا لَهُ لَا عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْحَذْقَةِ مِنْ السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَ بِهِ الْعُرْفُ مِثْلُ لَمْ يَكُنْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَالْفَتْحِ وَالصَّافَّاتِ، وَالْعُرْفُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ.

(ص) وَإِجَارَةِ مَاعُونٍ كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ مَا ذُكِرَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ آلَةٌ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ؛ لِأَنَّ الْمَاعُونَ الْوِعَاءُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ مَا ذُكِرَ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، رَدَّ الْقَوْلَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي مَنْعِهِمْ كِرَاءَ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَقُدُورِ الْفَخَّارِ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ بِحَيْثُ لَا تُعْرَفُ إلَّا أَنْ يُنْقَشَ عَلَيْهَا.

(ص) وَعَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إجَارَةٌ وَجَعَالَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ جَائِزَةٌ لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ إجَارَةً بِأَنْ وَصَفَ لَهُ الْبِئْرَ وَعَيَّنَ مِقْدَارَ الْحَفْرِ وَإِذَا انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ كَالدُّورِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ الَّذِي تَدُورُ بِهِ فَهُوَ عُذْرٌ يُوجِبُ فَسْخَ الْكِرَاءِ فَإِنْ عَادَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ عَادَ الْكِرَاءُ وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي الِانْقِطَاعِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى وُجُودِ الْمَاءِ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ وَفِي آخِرِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي.

(قَوْلُهُ وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ) أَيْ: قِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ حِفْظٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَذَا الْحِفْظُ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحِفْظُ وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ فِي شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهَا عَلَى الْحِذَاقِ جَعَالَةً لَكِنْ إذَا حَصَلَ التَّرْكُ فَلِلْمُعَلَّمِ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّمَ انْتَفَعَ كَذَا وَجَدْت عِنْدِي فِي كِتَابَتِي أَيَّامَ الْحُضُورِ عَلَى الْأَشْيَاخِ.

(تَنْبِيهٌ) : يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَيْ: الْحِفْظُ وَكَوْنُهُ فِي شَهْرٍ مَثَلًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ تَسَاوِي الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا كَمَا مَرَّ إمْكَانُ مُسَاوَاةِ الْعَمَلِ مَعَ الزَّمَنِ هُنَاكَ تَحْقِيقًا أَوْ تَحَرِّيًا وَعَدَمُهُ هُنَا لِبَلَادَةِ الْمُتَعَلِّمِ وَعَدَمِ سُرْعَةِ حِفْظِهِ وَعَدَمُ تَحَرِّي ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ الْفِقْهَ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْأُصُولِيِّينَ الرَّاجِحَةُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا كُرِهَ الْأَخْذُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَقِلَّ طَالِبُهُ (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ: بَلْ مِثْلُهُ مُسَانَاةً أَوْ مُيَاوَمَةً أَيْ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْحَالِ) أَيْ حَالِ كَوْنِ التَّعْلِيمِ مُشَاهَرَةً أَيْ: ذَا مُشَاهَرَةٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ) أَيْ: كِتَابَةُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهَا جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: الْإِصْرَافَةَ) أَيْ: فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخْذُهَا عَائِدٌ عَلَى الْحِذَاقِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ الْحِفْظُ بَلْ بِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ الْإِصْرَافَةُ فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ وَمَحَلُّ أَخْذِهَا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهَا فَيَعْمَلُ بِهِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ رحمه الله.

(قَوْلُهُ وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَحُكْمُ الْقُضَاةِ فِيهَا عِنْدَنَا مِنْ دِينَارٍ إلَى دِينَارٍ وَنِصْفٍ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَإِلَى الْأَقَلِّ فِيمَا دُونَهُ وَقَدْرُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى الْمَلِيءِ إلَى دِينَارَيْنِ وَنِصْفٍ فَإِنْ أَخْرَجَ الْأَبُ ابْنَهُ قُرْبَ مَحَلِّهَا لَزِمَهُ وَإِنْ بَقِيَ مَالَهُ بَالٌ كَالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ سَقَطَتْ وَلَوْ تَرَكَ الْمُعَلِّمُ التَّعْلِيمَ وَقَدْ قَرُبَ مَحَلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا.

(فَائِدَةٌ) لَوْ مَاتَ أَبُو الطِّفْلِ أَوْ الْمُعَلِّمُ فَلَا يُقْضَى بِالْحَذْقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ الْأَبُ فَقَدْ وَهَبَ شَيْئًا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ وَإِنْ مَاتَ الْمُعَلِّمُ فَهِيَ هِبَةٌ لِمُعَيَّنٍ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا الْأَوَّلَ بِمَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ بِهَا الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَشْهَدَ يُقْضَى بِهَا وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ الْبُرْزُلِيُّ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ) مُقَابِلُهُ لَا يُقْضَى بِهَا عِنْدَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إبْرَاهِيمَ.

(قَوْلُهُ وَلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ) أَيْ: وَلَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ كَمَا قَدَّرْنَاهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ) فَقَدْ يُؤْخَذُ عَلَى شَيْخٍ مَثَلًا فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ.

(قَوْلُهُ نَحْوُ الْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْخَاءِ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ فَهُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْقِيَاسِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الْبُلَيْدِيُّ رحمه الله.

(قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) كَالْوِعَاءِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوَّلًا كَالصُّحُونِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا وَلَمْ تُمَيَّزْ بِعَلَامَةٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ وَافَقَهُ) أَيْ: كَابْنِ الْفَخَّارِ وَابْنِ فَتُّوحٍ (قَوْلُهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُ قُدُورُ الْفَخَّارِ مُطْلَقًا مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ (أَقُولُ) وَقَدْ يُوجَدُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَغْيِيرُ دِهَانٍ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا انْهَدَمَتْ)

ص: 17

الْعَمَلِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَإِنْ انْهَدَمَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَتَارَةً تَكُونُ جَعَالَةً فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةِ أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا لَا يَحْصُلُ فِيهِ نَفْعٌ لِلْجَاعِلِ حِينَ التَّرْكِ لَوْ تُرِكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إلَّا فِي الْمَوَاتِ وَبِقَوْلِنَا حِينَ التَّرْكِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَحِينَئِذٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُجَاعَلَةُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ حِينَ التَّرْكِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَاعِلِ نَفْعٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إجَارَةٌ أَيْ: فِي مِلْكِك وَغَيْرِهِ كَالْمَوَاتِ وَجَعَالَةٌ فِي غَيْرِهِ لَا فِي مِلْكِك؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ بِالْبِئْرِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ.

(ص) وَيُكْرَهُ حُلِيٌّ (ش) أَيْ يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ لِلْكَرَاهَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا تت فَقَالَ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ لِنَقْصِهِ وَقَدْ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ نَقْدًا أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إعَارَتَهُ زَكَاتُهُ خِلَافٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَحُلِيٌّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدًا فَيَكُونَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا فَيَكُونَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ.

(ص) كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةِ مِثْلِهِ (ش) هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ لِيَرْكَبَهَا وَإِنْ وَقَعَ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ فِي خِفَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْكَرَاهَةِ وَكَأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ إلَى التَّشْبِيهِ لِأَجْلِ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الثَّوْبُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكُتُبُ مِثْلَ الثِّيَابِ لِاخْتِلَافِ اسْتِعْمَالِ النَّاسِ فِيهَا فَلَوْ أَكْرَاهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الثَّوْبِ دُونَ الدَّابَّةِ، وَهَلْ الضَّمَانُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ فَيَزُولُ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي كِرَاءِ دَابَّةِ الرُّكُوبِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِذَلِكَ لِتَعَذُّرِ رُكُوبِهِ مَثَلًا فَإِنْ حَصَلَ ضَرُورَةً فَلَا.

(ص) أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَظَّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِفَظٍّ مِثْلِهِ يَرْكَبُهَا، فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَتُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ لِكَوْنِ رَبِّ الدَّابَّةِ دَخَلَ عَلَى إعْطَائِهَا لِفَظٍّ فَقَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهَا فَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِغَيْرِ فَظٍّ مِثْلِهِ أَوْ لِفَظٍّ مِثْلِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

هَذَا مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِ الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا وَصْفُ الْبِئْرِ وَتَعْيِينُ الْحَفْرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةِ كَمَا ذَكَرَهُ عج وَكَذَا يَكُونُ إجَارَةً تَارَةً إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَوَاتِ أَوْ مِلْكِك وَتَارَةً يَكُونُ جَعَالَةً إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْجَعَالَةِ أَوْ قَالَ لَا أَسْتَحِقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمَوَاتِ فَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِإِجَارَةٍ وَلَا بِجَعَالَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْكُلِّ أَوْ بِالْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِك فَيَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْمَوَاتِ فَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ يَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا.

(أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْجَعَالَةِ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْكُلِّ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَقْدًا فَاسِدًا أَوْ تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْجَعَالَةِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فَهَلْ كَذَلِكَ يَكُونُ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) أَيْ: مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْفَرْقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا غَاصِبٌ أَوْ سَارِقٌ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ) أَيْ: ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ فِيهِمَا أَوْ فِضَّةٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: وَهُوَ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إعَارَتَهُ زَكَاتُهُ أَيْ: أَنَّ الْحُلِيَّ الْمُبَاحَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَعَلَّلُوا عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِأَنَّ إعَارَتَهُ لِمَنْ يَتَزَيَّنُ بِهِ هِيَ زَكَاتُهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَارَتْ مَنْفَعَتُهُ مُعَدَّةً لِلْإِعَارَةِ فَلَا يُكْرِي؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ فَلَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ أَيْ: وَالشَّارِعُ طَلَبَ زَكَاتَهُ الَّتِي هِيَ الْإِعَارَةُ وَالْحُلِيُّ إذَا كَانَ مُحَرَّمًا لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ (قَوْلُهُ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ لِنَقْصِهِ) لَمَّا كَانَ النَّقْصُ غَيْرَ مُحَقَّقٍ مُتَّفِقٌ لَمْ يُجْزَمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ) أَيْ: الْعُلَمَاءُ كَمَا وَجَدْتُهُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا) أَقُولُ وَعَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ لَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَمْعِ وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى إرَادَةُ الْأَفْرَادِ أَيْ: جِنْسِ الْحُلِيِّ.

(قَوْلُهُ لِيَرْكَبَهَا) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اكْتَرَاهَا لِلْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَاهَا) أَيْ: الذَّاتَ الْمُكْتَرَاةَ أَعَمُّ مِنْ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ) أَيْ: لَا ضَمَانُ عَدَاءٍ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يُؤَجِّرْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ يُؤَجِّرْهَا وَارِثُهُ لِمَوْتِهِ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي أَكْرَاهَا مِنْ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا حَيْثُ جُهِلَ حَالُ الْمُكْرِي، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ مِنْهُ الرِّضَا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا فَهَلْ يَكُونُ كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يُكْرِيَ لِمِثْلِهِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَاهُ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ أَوْ لَيْسَ كَالشَّرْطِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ الِاضْطِرَارُ بَلْ مَتَى بَدَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ اُضْطُرَّ أَمْ لَا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بَدَأَ لَهُ مِنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ أُكْرِيَتْ مِنْ مِثْلِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ) اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى لِفَظٍّ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) صِفَةٌ لِغَيْرِ فَظٍّ أَيْ أَنَّ غَيْرَ الْفَظِّ آجَرَهَا لِغَيْرِ فَظٍّ مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِفَظٍّ مِثْلِهِ) أَيْ: أَوْ آجَرَهَا فَظٌّ لِفَظٍّ مِثْلِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ لِمِثْلِهِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُصَنَّفِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: لِفَظٍّ مِثْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ لَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ ثَوْبٍ بِمِثْلِهِ أَيْ:

ص: 18

(ص) وَتَعْلِيمُ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ كَبَيْعِ كُتُبِهِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ لِئَلَّا يَقِلَّ طَالِبُهُ وَالْمَطْلُوبُ خِلَافُهُ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ فِقْهِ الْفَرَائِضِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ بَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِضَرُورَةِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ عَمَلِ الْفَرَائِضِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَعَطْفُ فَرَائِضَ عَلَى فِقْهٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

وَقَالَ الشَّارِحُ قَالَ فِي الْمَعُونَةِ وَأَكْرَهُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ عِلْمِ الشِّعْرِ وَالنَّحْوِ وَعَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ وَإِجَارَةَ كُتُبٍ فِيهَا ذَلِكَ أَوْ بَيْعَهَا وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ كُتُبِ الْفِقْهِ فَكَيْفَ بِهَذِهِ وَمَا كُرِهَ بَيْعُهُ فَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ انْتَهَى أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ وَالْفِقْهُ لُغَةً الْفَهْمُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ.

(ص) وَقِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ (ش) الْمُرَادُ بِاللَّحْنِ التَّطْرِيبُ وَهُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ بِالْأَنْغَامِ عَلَى حَدِّهِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَأُجْرَةُ قِرَاءَةٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مُقَامَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ بِاللَّحْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ مَعَ مَا سَبَقَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِالْمُفْرَدِ لِلِاخْتِصَارِ.

(ص) وَكِرَاءُ دُفٍّ وَمِعْزَفٍ لِعُرْسٍ (ش) الدُّفُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا لُغَةً هُوَ الْمُدَوَّرُ الْمُغَشَّى مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ غُشِّيَ مِنْهُمَا وَكَانَ مُرَبَّعًا فَهُوَ الْمِزْهَرُ وَالْمِعْزَفُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِيدَانِ وَنَقَلَ بَعْضٌ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَعَازِفَ الْمَلَاهِيَ وَيَشْمَلُ الْأَوْتَارَ وَالْمَزَاهِرَ انْتَهَى وَالْمَعْنَى أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ كِرَاءَ مَا ذُكِرَ لِلْأَعْرَاسِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ ضَرْبِ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ إبَاحَةُ إجَارَتِهِ فِيهِ، وَأَمَّا إجَارَةُ الْمِعْزَفِ فِي غَيْرِ الْأَعْرَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْمُرَادُ بِالْعُرْسِ خُصُوصُ النِّكَاحِ.

(ص) وَكِرَاءُ كَعَبْدٍ كَافِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ دَابَّتَهُ لِكَافِرٍ وَمَحَلُّهَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْحَرْثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ فِعْلُهُ لِنَفْسِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ أَنْ يُكْرِيَهُ لِمِثْلِهِ وَضَمِنَهُ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّي الثَّانِي؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَوَّلِ ضَمَانُ تُهْمَةٍ فَيَزُولُ مَعَ الْبَيِّنَةِ لَا ضَمَانُ عَدَاءٍ وَيَجْرِي فِي الثَّوْبِ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا يَظْهَرُ، فَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ فِي حَمْلٍ مِثْلِهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ لِعَدَمِ إرَادَةِ لُبْسِهِ أَوْ وَارِثِهِ لِمَوْتِهِ.

(قَوْلُهُ وَتَعْلِيمُ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ) أَيْ: إذَا كَانَ عَيْنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كِفَائِيًّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْفَرْضِ الْكِفَائِيِّ (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ بَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ) أَيْ مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهُ (قَوْلُهُ جَائِزٌ لِضَرُورَةِ الْغُرَمَاءِ) بَلْ وَاجِبٌ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِيعَتْ كُتُبُ ابْنِ وَهْبٍ الَّتِي أَلَّفَهَا بِثَلَثِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَصْحَابُنَا مُتَوَافِرُونَ وَكَانَ أَبِي وَصِيَّهُ (قَوْلُهُ تَعْلِيمِ عَمَلِ الْفَرَائِضِ) هُوَ الْمُنَاسَخَاتُ (قَوْلُهُ وَعَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ) أَيْ: مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهَا، وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْفِقْهِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ كُتُبٍ فِيهَا لِذَلِكَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْإِجَارَةُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهَا وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ كُتُبٍ فِيهَا ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِاللَّحْنِ التَّطْرِيبُ) عِبَارَةُ بَعْضٍ أَيْ: التَّنْغِيمُ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ) الْمُرَادُ عَدَمُ اتِّصَالِ الْحُرُوفِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ عَلَى حَدِّهِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ وَالْمُرَادُ لَحْنٌ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْقُرْآنُ عَمَّا أَجْمَعَتْ السَّبْعَةُ عَلَى وُجُوبِهِ، وَأَمَّا مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ بِخِلَافِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ يَنْبَغِي قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَا وَرَاءَ السَّبْعِ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهِ (- قَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِالْمُفْرَدِ لِلِاخْتِصَارِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْأَلْحَانِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ لَحْنٍ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِتَلْحِينٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ لَفْظُ هُنَا وَيَقُولُ وَعَبَّرَ بِالْمُفْرَدِ لِلِاخْتِصَارِ.

(قَوْلُهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِيدَانِ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ بَهْرَامَ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ الْأَوَّلِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ الْأَوْتَارُ وَالْمَزَاهِرُ) وَعِبَارَةٌ أُخْرَى فَيَشْمَلُ الْأَعْوَادَ وَالرَّبَابَ وَالسِّنْطِيرَ وَالْكَبَنْجَا وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الْجَوَازُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنْ قُلْت فِعْلُهُمَا فِي الْعُرْسِ جَائِزٌ فَلِمَ كُرِهَ الْكِرَاءُ لَهُ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا قُلْت سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أَيْ: لَوْ جَازَ فِي الْعُرْسِ لَتَوَصَّلَ إلَى كِرَائِهِ فِي غَيْرِهِ انْتَهَى. وَعِبَارَةٌ أُخْرَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوحُ الْفِعْلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعُرْسِ خُصُوصُ النِّكَاحِ) وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ النِّكَاحِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعُرْسِ كُلُّ فَرَحٍ كَاجْتِمَاعِ بَعْضِ النَّاسِ بِبَعْضٍ فِي لَيَالِيَ مَعْرُوفَةٍ وَيَجْعَلُونَهُ فَرَحًا وَسُرُورًا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مَا ذُكِرَ انْتَهَى. ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكِرَاءُ دُفٍّ وَمِعْزَفٍ لِعُرْسٍ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْآلَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْمِعْزَفِ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحُرْمَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَدْرَ نَقَلَ مَنْعَ سَمَاعِ الْآلَةِ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ وَأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ نَصَّ عَلَى أَنَّ كَرَاهَةَ كِرَاءِ الْمَعَازِفِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ سَمَاعِ الْآلَةِ فِي الْعُرْسِ انْتَهَى، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ حُرْمَةُ اسْتِمَاعِ الْآلَةِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا.

(تَنْبِيهٌ) : بَقِيَ كِرَاءُ الدُّفِّ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَعَنْ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْحُكْمُ الْحُرْمَةُ كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ كَالْخِيَاطَةِ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَسْتَبِدُّ بِذَلِكَ لِلْكَافِرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي حَانُوتِهِ وَيَخِيطُ لَهُ كَالنَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ يَخِيطُ لَهُ فِي حَانُوتِهِ وَلَا يَخِيطُ إلَّا لَهُ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ

ص: 19

كَعَصْرِ الْخَمْرِ وَرَعْيِ الْخَنَازِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ لِكَافِرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تُرَدُّ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِرِ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَدَبًا لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِأَجْلِ جَهْلٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَنُصِبَ قَوْلُهُ كَافِرًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ لِعَبْدِ الذِّمِّيِّ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ لِعَبْدِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِكِرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ فَيَنْصِبُ مَفْعُولَيْنِ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ كَعَبْدٍ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّصْبَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ.

(ص) وَبِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِلْكِرَاءِ أَيْ: يَأْخُذَ أُجْرَةً مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ، وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْيَاءِ مِنْ مَنْعِ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِلْكِرَاءِ فَلَهُ حُرْمَةٌ فَوْقَ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ الْمَبْنِيِّ لِلْكِرَاءِ كَمَا هُنَا أَوْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ فَيُوَافِقُ الْمَنْعَ الْآتِيَ كَمَا نَقَلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ عَلَى التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا السُّكْنَى فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ أَهْلٍ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ تَحْتَ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِلْكِرَاءِ أَمْ لَا.

(ص) بِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ (ش) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ تَقْدِيرُهُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ يُدْفَعُ بِسَبَبِ مَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِعَاقِدٍ كَعَاقِدِ الْبَيْعِ وَبِدَفْعِ أَجْرٍ بِسَبَبِ مَنْفَعَةٍ تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةُ لَهَا قِيمَةٌ، وَمَعْنَى تَتَقَوَّمُ أَنْ تَكُونَ لَهَا قِيمَةٌ يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ تُفَّاحَةً لِلشَّمِّ أَوْ اسْتَأْجَرَ الطَّعَامَ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ خَشْيَةَ السَّلَفِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ، وَانْظُرْ حُكْمَ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِسْكًا أَوْ زَبَادًا لِلشَّمِّ هَلْ هُوَ مِثْلُ اسْتِئْجَارِ التُّفَّاحَةِ لِلشَّمِّ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمِثْلُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كِرَاءُ الشَّمْعِ لِلْمَشْيِ بِهَا فِي الزَّفَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ وَبِعِبَارَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى تَقْوِيمِهَا دُخُولُهَا تَحْتَ التَّقْوِيمِ بِأَنْ تَكُونَ الذَّاتُ بِحَيْثُ تَتَأَثَّرُ بِاسْتِيفَائِهَا مِنْ حَيْثُ اسْتِيفَاؤُهَا تَأَثُّرًا شَرْعِيًّا يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ لَهُ كَالْقِيمَةِ لِلذَّوَاتِ، وَأَمَّا تَأَثُّرِ التُّفَّاحَةِ وَنَحْوِهَا بِالشَّمِّ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِيفَاءُ.

(ص) قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ حِسًّا فَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَعْمَى لِلْخَطِّ وَالْأَخْرَسِ لِلْكَلَامِ وَشَرْعًا فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ وَالدُّعَاءِ وَحَلِّ الْمَرْبُوطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ وَدُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ.

(ص) بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ كَعَصْرِ الْخَمْرِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَخْدِمُهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ يَجْرِي خَلْفَهُ فَهُوَ حَرَامٌ وَيُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ فَلَا يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ فَحُرْمَةُ هَذَا أَخَفُّ مِنْ حُرْمَةِ الْعَصِيرِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ) مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَكَانَ الْأَوْلَى إلْصَاقَهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِلْكِرَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنْ بَنَاهُ لِلَّهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَصَدَ أَخْذَ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي كُرِهَ الْقَصْدُ الثَّانِي وَكَذَا يُكْرَهُ أَخْذُ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَ غَيْرُهَا أَخْذَهُ فِي الْبَيْتِ وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَكْثَرَ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِمَّنْ يُصَلِّي إشَارَةً إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ إذَا أَخَذَتْ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا كَرَاهَةَ كَذَا وَجَدْتُ عِنْدِي مِمَّا كَتَبْت زَمَن الْأَخْذِ عَنْ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ يُكْرَهُ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ) هَذَا إذَا بُنِيَ لِلسُّكْنَى قَبْلَ التَّحْبِيسِ بِأَنْ قَصَدَ ذَلِكَ قَبْلَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَالَ بِنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَحْبِيسِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي إلَخْ أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا بَنَاهُ بَعْدَ تَحْبِيسِهِ وَانْظُرْ لَوْ جَهِلَ فِعْلَ الْوَاقِفِ مِنْ الْمَبِيتِ فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ هَلْ هُوَ قَبْلَ تَحْبِيسِهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا إلَخْ) اسْتَظْهَرُوا الْجَوَابَ الْأَوَّلَ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ قُوَّةَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ) كَانَ مَبْنِيًّا لِلْكِرَاءِ أَوْ لِلْعِبَادَةِ.

(قَوْلُهُ تَتَقَوَّمُ) مُضَارِعُ تَقَوَّمَ أَيْ: تَقْبَلُ التَّقْوِيمَ فَيَجُوزُ إثْبَاتُ تَاءَيْهِ وَحَذْفُ إحْدَاهُمَا وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُبْنَى لِلْمَفْعُولِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْأُولَى وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ إلَخْ) جَعْلُهَا لِلْعِوَضِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى صِحَّةُ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ أَيْ: تَقْبَلُ الْقِيمَةَ لَوْ تَلِفَتْ بِخِلَافِ التُّفَّاحَةِ فَإِنَّ رَائِحَتَهَا لَا قِيمَةَ لَهَا إذَا تَلِفَتْ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَأَجْرٌ يُدْفَعُ) الدَّفْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

(قَوْلُهُ لِلْمَشْيِ بِهَا فِي الزَّفَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ) وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ شَمْعُ الْقَاعَةِ أَيْ: يَمْشِي بِهَا لِلزِّينَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوقَدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ أَنْ يُوقِدَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهَا بِحَسَبِ مَا ذَهَبَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ فَلَا يَجُوزُ وَتَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ.

(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِيفَاءٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِيفَاءَ أَصْلًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا، وَأَمَّا تَأَثُّرُهَا فَمِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَشَرْعًا) قَدْ يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَظْرَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الْمَنْفَعَةُ جَازَ فَقَدْ قَالَ الْأَبِيُّ، وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ عَلَى حَلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ يَرْقِيهِ بِالرُّقْيَةِ الْعَرَبِيَّةِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِالرُّقَى الْعَجَمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ النَّفْعُ جَازَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا) قَالَ بَهْرَامُ وَقَوْلُهُ قَصْدًا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ إجَارَةِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا وَإِنْ ذَهَبَ بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ بِحُكْمِ التَّبَعِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَالشَّاةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَطَّ الْفَائِدَةِ قَوْلُهُ قَصْدًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ

ص: 20

الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ صِحَّةُ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مِمَّا تَتَقَوَّمُ وَأَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا فَلَا تُسْتَأْجَرُ الشَّاةُ لِأَخْذِ نِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا وَلَا الْأَشْجَارُ لِأَخْذِ ثِمَارِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ إلَخْ مَسْأَلَةُ الِاسْتِرْضَاعِ وَمَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا عَيْنٌ أَوْ بِئْرٌ وَشَاةٌ لِلَبَنِهَا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْمَاءُ.

(ص) وَلَا حَظْرٍ وَتَعَيُّنٍ (ش) الْحَظْرُ الْمَنْعُ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَيَّنِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْحَظْرِ أَيْ: الْمَنْعِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى صَنْعَةِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ وَاسْتِئْجَارُ الْحَائِضِ عَلَى كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَعَيَّنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

(ص) وَلَوْ مُصْحَفًا وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ وَشَجَرًا لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا (ش) مُبَالَغَةً فِي الْجَوَازِ فِيمَا إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمُصْحَفِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ إجَارَتَهُ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي غَمَرَهَا الْمَاءُ بِشَرْطِ عَدَمِ انْتِقَادِ الْأُجْرَةِ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ وَقُيِّدَ بِنُدُورِ الِانْكِشَافِ لِكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ انْكِشَافُهُ غَالِبًا فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِمَنْ يُجَفِّفُ عَلَيْهَا ثِيَابَهُ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ تَنْقُصُ بِذَلِكَ مَنْفَعَتُهَا وَتَتَأَثَّرُ فَقَوْلُهُ وَأَرْضًا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُصْحَفًا فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَلِذَا قُيِّدَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ؛ إذْ هِيَ جُمْلَةٌ مَاضَوِيَّةٌ حَالِيَّةٌ فَيُقَدَّرُ مَعَهَا قَدْ، وَقَوْلُهُ غَمَرَ مَاؤُهَا صِفَةٌ لِأَرْضٍ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ غَمَرَهَا مَاؤُهَا وَقَوْلُهُ وَشَجَرًا إلَخْ مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مُصْحَفًا فَفِيهِ الْخِلَافُ وَلِذَا قَالَ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخِلَافُ فِيهَا خِلَافٌ فِي حَالِ هَلْ هَذِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا؟

(ص) لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا شَجَرًا لِأَخْذِ ثَمَرِهِ أَيْ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ أَخْذِ ثِمَارِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بَلْ قَبْلَ وُجُودِهَا وَقَوْلُهُ (أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا) يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ شَجَرًا لِلتَّجْفِيفِ إلَخْ حَيْثُ اسْتَوْفَى شُرُوطَ بَيْعِ اللَّبَنِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّ بَيْعَهُ إنْ وَقَعَ جُزَافًا لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا وَأَنْ يُسَلِّمَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ زَمَنُ الرَّبِيعِ وَأَنْ يَعْرِفَا وَجْهَ حِلَابِهَا أَيْ: قَدْرَهُ لِيَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ مَا بَاعَ وَيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا اشْتَرَى وَأَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَأَنْ يَشْرَعَ فِي ذَلِكَ فِي يَوْمِهِ أَوْ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ وَأَنْ يُسَلِّمَ إلَى رَبِّهَا لَا إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْكَيْلِ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَلَعَلَّ الْجَوَازَ مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَنَّ الشِّيَاهَ لَمَّا كَثُرَتْ بِأَنْ كَانَتْ عَشْرَةً مَثَلًا وَأَخَذَ لَبَنَ شَاتَيْنِ مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ لَبَنَ شَاتَيْنِ غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَكِنْ لَا قَصْدًا (قَوْلُهُ فَلَا تُسْتَأْجَرُ الشَّاةُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ بَلْ بَيْعُ ذَاتٍ كَمَا فِي عج.

(قَوْلُهُ وَلَا حَظْرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْحَظْرِ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى صَنْعَةِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُصْحَفًا) فَيَجُوزُ إجَارَتُهُ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ تَتَقَوَّمُ أَيْ: تَتَأَثَّرُ بِاسْتِيفَائِهَا؛ لِأَنَّ أَوْرَاقَهُ وَكِتَابَتَهُ تَتَأَثَّرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ مُتَّجَرًا انْتَهَى. وَانْظُرْ لَوْ جَعَلَهُ مُتَّجَرًا هَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك أَرْضَك إنْ انْكَشَفَتْ وَلَمْ يَنْفُذْ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عج وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ إجَارَةَ الْأَرْضِ الَّتِي غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الِانْكِشَافِ عَنْهَا أَيْ: الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ وَجَوَازُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ النَّقْدِ فَمَتَى حَصَلَ وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ إجَارَتَهُ) أَيْ: لِأَنَّ إجَارَتَهُ كَأَنَّهَا ثَمَنٌ لِلْقُرْآنِ وَبَيْعُهُ ثَمَنٌ لِلْوَرِقِ وَالْخَطِّ فَابْنُ حَبِيبٍ يُوَافِقُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَيُخَالِفُ فِي إجَارَتِهِ فَقَدْ بِيعَتْ الْمَصَاحِفُ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ فَكَانَ إجْمَاعًا.

(قَوْلُهُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ) أَيْ: وَيَجُوزُ بِشَرْطِ النَّقْدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ انْكِشَافُهُ مُسْتَوِيًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ صُورَةِ النُّدُورِ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ عَلَى الْأَحْسَنِ) أَيْ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ شَجَرًا فَقَطْ (قَوْلُهُ هَلْ هَذِهِ) بَيَانٌ لِلْخِلَافِ فِي حَالِ.

(قَوْلُهُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) إنَّمَا جَعَلَهُ مَحْذُوفًا؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ إلَّا الْمُفْرَدَاتِ أَيْ: الْأَسْمَاءَ الْمُفْرَدَةَ (قَوْلُهُ أَيْ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِمَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا فِيهِمَا بَيْعُ ذَاتٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِمَا فِي مُحْتَرَزٍ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا نَعَمْ يَصِحُّ جَعْلُهُمَا مُحْتَرَزَهُ إنْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ لِأَمْرَيْنِ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا وَأَخْذِ ثَمَرَتِهَا وَالشَّاةُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فِي شَيْءٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِيهِ وَلِأَخْذِ لَبَنِهَا.

(قَوْلُهُ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فَقَطْ) وَهُوَ قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْدَادِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا أَيْ: فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَجْمُوعُ.

(قَوْلُهُ وَأَخْذُ لَبَنِ شَاتَيْنِ) أَيْ: لَا أَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمَّا لَبَنُ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَهَذَا خَطَأٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت قَائِلًا مَعْنَى كَالْعَشَرَةِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَبَنَ عَشْرَةِ شِيَاهٍ مَثَلًا وَمَعْنَى الْقِلَّةِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ هَذَا مَعْنَى الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَمَنْ اشْتَرَى لَبَنَ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا جُزَافًا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا يَسِيرَةً كَشَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ لَمْ يَجُزْ؛ إذْ لَيْسَتْ مَأْمُونَةً وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا كَثُرَ مِنْ الْغَنَمِ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَتْ فِي الْإِبَّانِ وَعُرْفًا وَجْهُ حِلَابِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَى لَبَنَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي إبَّانِهِ فَمَاتَتْ خَمْسٌ بَعْدَ أَنْ حُلِبَتْ جَمِيعُهَا شَهْرًا نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ تَحْلِبُ قِسْطَيْنِ وَالْبَاقِيَةُ قِسْطًا نُظِرَ كَمْ الشَّهْرُ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي قَدْرِ نِفَاقِ اللَّبَنِ وَرُخْصِهِ فَإِنْ قِيلَ النِّصْفُ فَقَدْ قُبِضَ نِصْفُ صَفْقَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهَلَكَ ثُلُثَا النِّصْفِ الْبَاقِي قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ ثُلُثَا نِصْفِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ ثُلُثُ الثَّمَنِ

ص: 21

لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي اللَّبَنِ وَهَذَا لَا غَرَرَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالشَّاةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ كَمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَمْنُوعِ حَيْثُ انْخَرَمَ بَعْضُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ ذَاتٍ وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْإِجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ.

(ص) وَاغْتُفِرَ مَا فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِالتَّقْوِيمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ فَاشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي إدْخَالَ الشَّجَرِ الْمَذْكُورِ فِي عَقْدِ التَّوَاجِرِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ حَيْثُ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِلَا شَجَرٍ فَيُقَالُ عَشْرَةٌ مَثَلًا وَمَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ مُنْفَرِدَةً بِلَا أَرْضٍ بَعْدَ إسْقَاطِ الْكُلْفَةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِالتَّقْوِيمِ إلَى أَنَّ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ إنَّمَا يُنْظَرُ لَهُ بِالتَّقْوِيمِ لَا بِمَا اُسْتُؤْجِرَ الْعَيْنُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ عَدَمُ اغْتِفَارِ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ شُرِطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ فَأَقَلُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ اشْتِرَاطٌ لِدُخُولِ الشَّجَرِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ بَلْ هُوَ لِلْمُكْرِي فَقَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا لِيَسَارَتِهِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الشَّجَرِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ، وَأَمَّا لِلزَّرْعِ فَلَا يُغْتَفَرُ اشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ ثُلُثًا قَالَ فِيهَا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ لَمْ يَطِبْ فَاشْتَرَطَهُ فَإِنْ كَانَ تَافِهًا جَازَ وَلَا أَبْلُغُ بِهَذَا الثُّلُثِ اهـ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالزَّرْعِ أَنَّ الزَّرْعَ أَخْفَضُ مِنْ مَرْتَبَةِ الْأُصُولِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ تَجُزْ مَسَاقَاتُهُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَمَنَعَهَا ابْنُ عَبْدُوسٍ رَأْسًا فَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ مَقِيسٌ عَلَى جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ وَمُسَاقَاتُهُ مَقِيسَةٌ عَلَى مُسَاقَاةِ الْأُصُولِ فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَى مَقِيسٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ

. (ص) وَلَا تَعْلِيمُ غِنَاءٍ أَوْ دُخُولُ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ لَا تَجُوزُ وَمِثْلُهُ آلَاتُ الطَّرَبِ كَالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ عَلَى الْعِوَضِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ عَلَى الْمُعَوَّضِ وَلِخَبَرِ «أَنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ عَلَى أَنْ تَخْدُمَ الْمَسْجِدَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُتَعَلِّقَةً بِذِمَّتِهَا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُقِيمَ مَنْ يَخْدُمُ الْمَسْجِدَ عَنْهَا نِيَابَةً لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ دَارِهِ مَثَلًا لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً، وَكَذَلِكَ بَيْعُهَا لِذَلِكَ وَيُرَدُّ الْعَقْدُ إنْ وَقَعَ فَإِنْ فَاتَ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بَعْضِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ وَبِفَاضِلِ الثَّمَنِ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ يُقَالَ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً مَثَلًا فَيُقَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ وَمَا تُسَاوِي لَوْ بِيعَتْ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا خَمَّارَةً فَيُقَالُ عَشْرَةٌ فَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعُودُ لِلْمُكْرِي مَا أَكْرَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ وَالْأَرْضُ كَالدَّارِ مِنْ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْكِرَاءِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالزَّائِدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ الدَّارَ لَمَّا كَانَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بَعْدَ بِنَائِهَا غَالِبًا فَكَأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

أَجْمَعَ وَلَوْ كَانَ مَوْتُ هَذِهِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تَحْلُبَ شَيْئًا لَرَجَعَ بِثُلُثَيْ جَمِيعِ الثَّمَنِ انْتَهَى عِيَاضٌ وَإِنَّمَا جَازَ شِرَاء لَبَن الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ وَلَا تُؤْمَنُ فِيهَا جَائِحَةُ الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ هِيَ آمَنُ مِنْ الْقَلِيلَةِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ إذَا مَاتَ مِنْهَا بَعْضٌ أَوْ جَفَّ لَبَنُهُ بَقِيَ بَعْضٌ وَقَدْ يَقِلُّ لَبَنُ وَاحِدَةٍ وَيَزِيدُ لَبَنُ أُخْرَى وَالْقِلَّةُ الْمُعْتَادَةُ وَالزِّيَادَةُ الْمُعْتَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَمِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَصْوِيرَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ لِلْكَثِيرَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ وَالشَّاةُ أَوْ الشَّاتَانِ مُعَيَّنَتَانِ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَإِنْ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى كَلَامِهِمَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي السَّلَمِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ.

(قَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ إلَخْ) مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَأَنْ يَكُونَ طَيِّبَ الثَّمَرَةِ فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَأَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَالْمُكْتَرَاةُ مُشَاهَرَةٌ لَا يُغْتَفَرُ فِيهَا شَيْءٌ وَقَدَّرْنَا قَوْلَهُ فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ أَيْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، أَمَّا إنْ كَانَ وَقْتُ الْكِرَاءِ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ إدْخَالُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ فَاشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي) إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ إلَّا بِهِ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا سِنِينَ وَبِهَا ثَمَرٌ اشْتَرَطَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَنَةً الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ فِي سَنَةٍ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ وَفِي سَنَةٍ أَكْثَرَ وَإِذَا نَظَرَ إلَى قِيمَةِ جَمِيعِهِ مِنْ الْكِرَاءِ فِي الْمُدَّةِ كَانَتْ الثُّلُثَ لَمْ يَجُزْ وَيَكُونُ الْكِرَاءُ فَاسِدًا فِي الْمُدَّةِ جَمِيعِهَا.

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ ثُلُثًا) أَيْ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ (قَوْلُهُ فَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَخَفَضَ مَرْتَبَةً أَيْ وَلِأَجْلِ الْأَخْفَضِيَّةِ حَكَمُوا بِأَنَّ جَوَازَ اشْتِرَاطِهِ مَقِيسٌ عَلَى جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ.

(قَوْلُهُ كَنِيسَةً) أَيْ أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ مَحَلًّا لِبَيْعِ الْخَمْرِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ مَجْمَعًا لِلْفُسَّاقِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ لَا تَجُوزُ) فِيهِ أَنَّ الْغِنَاءَ الْمُجَرَّدَ عَنْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ الْكَرَاهَةُ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ مَكْرُوهَةً لَا حَرَامًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) أَيْ: مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلَةِ الْكِرَاءَ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ، وَقِيلَ فِي الْبَيْعِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ، وَأَمَّا فِي الْكِرَاءِ فَيَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ إنَّ الدَّارَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْظُورَ فِيهَا الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهَا وَيُقَدَّرُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا أَيْ: مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ لَا تُقْصَدَ فَلِذَا تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْبَرَاحِ وَبَعْدَ هَذَا فَهُوَ تَكَلُّفٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ الدَّارَ أَيْ أَرْضَ الدَّارِ وَقَوْلُهُ فَكَأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ أَقُولُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا إلَخْ

ص: 22

الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ فَالْمَنْفَعَةُ فِيهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْإِجَارَةِ.

(ص) وَلَا مُتَعَيِّنٍ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسه فِيهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْأَذَانِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ.

(ص) وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ وَرَضِيعٌ وَدَارٌ وَحَانُوتٌ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارِ وَمَحْمَلٌ (ش) يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَسَدَ فَأَمَّا تَعْيِينُ الْمُتَعَلِّمِ وَالرَّضِيعِ فَلِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُتَعَلِّمِ بِالذَّكَاءِ وَالْبَلَادَةِ وَحَالِ الرَّضِيعِ بِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ تَعْيِينُ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ وَالْحَانُوتِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا مَضْمُونَيْنِ فِي الذِّمَّةِ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِمَا وَحُدُودِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأُجْرَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَكْرَى جِدَارًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِ الْبِنَاءِ وَصِفَتِهِ وَكَوْنِهِ بِالطُّوبِ أَوْ الْحِجَارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ أَيْضًا تَعْيِينُ الْمَحْمَلِ إذَا أَكْرَاهُ لِيَرْكَبَ فِيهِ وَمَحَلُّ لُزُومِ تَعْيِينِ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ إنْ لَمْ تُوصَفْ وَإِلَّا اكْتَفَى بِالْوَصْفِ عَنْ التَّعْيِينِ فَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تُوصَفْ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ لَكِنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ إلَّا الْوَصْفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا فَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الرَّضِيعِ وِفَاقٌ لِلْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَقَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ وَصَفُوا سِنَّ الرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ رَضَاعِهِ جَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ.

(ص) وَدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ غَيْرَ الْمَضْمُونَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً أَيْ: مُشَاهَدَةً مَعَ الْإِشَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً لَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينُهَا بَلْ الْوَاجِبُ تَعْيِينُ جِنْسِهَا كَخَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بِغَالٍ وَنَوْعِهَا كَبِرْذَوْنٍ أَوْ عَرَبِيٍّ أَوْ بُخْتٍ أَوْ عِرَابٍ وَذُكُورَتِهَا أَوْ أُنُوثَتِهَا، فَإِذَا قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك دَابَّتَك هَذِهِ أَوْ سَفِينَتَك هَذِهِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك دَابَّةً أَوْ سَفِينَةً أَوْ دَابَّتَك أَوْ سَفِينَتَك كَانَتْ مَضْمُونَةً وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُشَاهَدَةً وَلَوْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ سَفِينَةٌ غَيْرُهَا وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ الضَّمَانِ إلَى التَّعْيِينِ إلَّا الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَالْوَصْفُ فِي هَذَا الْبَابِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَأَنْ يَقُولَ دَابَّتُك الْبَيْضَاءُ أَوْ السَّوْدَاءُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اكْتَرَيْتُك لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لِتَبْنِيَ لِي هَذَا الْحَائِطَ فَهُوَ مَضْمُونٌ حَتَّى يَقُولَ بِنَفْسِك وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تُوصَفْ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يَقُولَ فَكَأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ لَا فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِذَاتِ صَاحِبَةَ وَالْمَعْنَى صَاحِبَةُ الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ الدَّارُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ أَيْ: فَأُجْرَتُهَا بِمَثَابَةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ يَرِدُ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الدَّارِ لَمَّا كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فَالدَّرَاهِمُ الْوَاقِعَةُ فِي مُقَابَلَتِهَا لَيْسَتْ بِمَثَابَةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَلِذَا رُدَّتْ كُلُّهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا مُتَعَيِّنَ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يُطْلَبُ مِنْ الشَّخْصِ فِعْلُهُ وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ فِيهِ) وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ أَكْرَاهُ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ نَفْسُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهُ فِي فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ الْكِرَاءُ عَلَى فِعْلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِ الْجِنَازَةِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا فَقَدَ وَصْفَ التَّعْيِينِ مِنْ الْعِبَادَةِ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَتَعَيَّنْ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْت هَذَا مَنْقُوضٌ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا قُلْت لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةً صُورَةً مُنِعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي الِامْتِيَازِ بِالصُّورَةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ أَيْ: فَالْغُسْلُ يَكُونُ لِلْعِبَادَةِ وَالنَّظَافَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَا حَمْلُ الْجِنَازَةِ مُشَارِكٌ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ أَيْ: بَعْضُ الْكِفَايَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي حَاشِيَةِ اللَّقَانِيِّ.

(قَوْلُهُ وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ) أَيْ لِقِرَاءَةٍ وَكِتَابَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَلَا يَلْزَمُ اخْتِبَارُ حَالِهِمَا لِإِمْكَانِ عِلْمِ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ مِنْ نَحْلِهِ وَقُوَّتِهِ وَكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ وَالْمُتَعَلِّمِ يُعْلَمُ غَالِبًا ذَكَاؤُهُ وَبَلَادَتُهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَدَارٌ وَحَانُوتٌ) أَشْعَرَ تَمْثِيلُهُ بِالْعَقَارِ بِأَنَّ الدَّوَابَّ وَالسُّفُنَ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا بَلْ تَجُوزُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَفِي الذِّمَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارٍ) احْتِرَازٌ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ كَوْنِهِ بِحَجَرٍ أَوْ طُوبٍ.

(قَوْلُهُ مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقَّةٍ وَشُقْذُفٍ أَوْ مِحَفَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَمَّا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ فَعِلَاقَةُ السَّيْفِ ثُمَّ إنَّهُمْ اسْتَظْهَرُوا أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَصْفُ الْمَذْكُورَاتِ إذَا أُحْضِرَتْ مَجْلِسَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا.

(قَوْلُهُ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ) لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى النَّوْعِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْجِنْسِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ غَيْرَ الْمَضْمُونَةِ) إذَا أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً قَبْلَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعْيِينِ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُشَاهَدَةً) لِاحْتِمَالِ إبْدَالِهَا بِدُونِ (قَوْلُهُ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ) أَيْ: فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْخُرُوجِ عَنْ كَوْنِهَا مَضْمُونَةً إلَى كَوْنِهَا مَضْمُونَةً مُعَيَّنَةً بِحَيْثُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا حِسًّا (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولَ بِنَفْسِك) أَيْ: أَوْ يَعْرِفُ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا لِدِقَّتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مُحَمَّدٌ وَإِنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ حُمِلَ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّعْيِينِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَتْ فَجِنْسٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ

ص: 23

عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُ أَطْلَقَ الْجِنْسَ وَأَرَادَ بِهِ النِّصْفَ الَّذِي فِي الْخَيْلِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ مُطْلَقُ الْحَيَوَانِ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ وَأَرَادَ بِهِ بَعْضَ أَفْرَادِ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَهُوَ الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ مِنْ الْجِمَالِ.

(ص) وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى إنْ لَمْ يَقْوَ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ وَإِلَّا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ كَثِيرَةٍ لَا يَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ يَقْوَى بِهِ فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ رَبُّهَا أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ فَإِنْ رَعَى غَيْرَهَا بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِرَبِّ الْغَنَمِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِمُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَجْرَ لَهُ وَيَسْقُطُ حِصَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَثَلًا مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِمُشَارِكٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى وَيُحْتَمَلُ ضَمِيرٌ أَوْ تَقِلُّ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْأُولَى وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْبِسَاطِيِّ لَكِنْ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ رَعْيِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ الْقُوَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ خِلَافُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ أَيْ فَلَوْ كَانَ لَهُ مُشَارِكٌ أَوْ قَلَّتْ جَازَ لَهُ رَعْيُ أُخْرَى مَا لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ أَيْ: خِلَافَ رَعْيِ أُخْرَى بِأَنْ سَكَتَ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا.

(ص) وَلَمْ يَلْزَمْهُ رَعْيُ الْوَلَدِ إلَّا لِعُرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْعَى مَا وَلَدَتْهُ الْغَنَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُهُمْ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَعَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ بِرَاعٍ مَعَهُ لِئَلَّا يَتْعَبَ رَاعِي الْأُمَّهَاتِ إذَا فَارَقَتْ أَوْلَادَهَا لَا لِأَجْلِ التَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِمَنْ يَعْقِلُ عَلَى مَا مَرَّ.

(ص) وَعُمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ وَنَقْشِ الرَّحَى وَآلَةِ بِنَاءٍ (ش) أَيْ وَعُمِلَ بِالْعُرْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ أَنَّ الْخَيْطَ عَلَى الْخَيَّاطِ وَآلَةَ الْبِنَاءِ وَنَقْشَ الرَّحَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قُضِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ قُضِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ فَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّهِ) وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْكَسْرِ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَدَابَّةٌ لِرُكُوبٍ إنْ عُيِّنَتْ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ الَّذِي إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَطْلَقَ الْجِنْسَ وَأَرَادَ بِهِ النَّوْعَ كَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُطْلَقُ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ وَهُوَ الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ مِنْ الْجِمَالِ مَثَلًا.

(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ التَّعْيِينِ إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الصِّنْفَانِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الْبُخْتُ أَوْ الْعِرَابُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الصِّنْفِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ إلَخْ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى بِكُلِّ حَالَةٍ إلَّا بِحَالَةِ الْمُشَارَكَةِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ إلَخْ) قَالَ عج وَطَرِيقَةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا وَحْدَهَا، فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ نَقَصَ الْخَمْسُ فَيُخَيَّرُ مُسْتَأْجِرُهُ بَيْنَ أَنْ يَنْقُصَهُ الْخَمْسَ مِنْ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَخْذِ مَا أَجَّرَ بِهِ نَفْسَهُ وَيَجْرِي نَحْوُهُ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ قَالَهُ ح وَهَذَا حَيْثُ عَمِلَ بِأَجْرٍ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ فَأَجَّرَهُ فَإِنْ عَمِلَ مَجَّانًا فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ لِغَيْرِهِ أَيْ: بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمُسَمَّى.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِمُسْتَأْجَرِهِ الْأَوَّلِ) هَذَا حَيْثُ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِيمَا يُشْبِهُ أَجْرُهُ أَجْرَ الْأَوَّلِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا بِدِينَارٍ فَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ يَوْمًا بِدِينَارٍ أَوْ قَاتَلَ فَيَدْفَعُ لَهُ فِي سَهْمِهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ بِهَا مُدَّةَ تَعْطِيلِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ عَمِلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلِلْأَجِيرِ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا حَيْثُ عَطَّلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَجْرُ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَقُولُ إذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ عَدَمَ الْقُوَّةِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ رَعْيُ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً كَانَتْ الثَّانِيَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعًا أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ تَقِلُّ مَعَ الْقُوَّةِ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ تَقِلُّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَقْوَى إذَا كَانَ مَعَهُ مُشَارِكٌ أَوْ قَلَّتْ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ لِلْفِعْلِ عَلَى اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ مُشَارِكٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَعْيِ غَنَمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدَهَا فَذَكَرَ بَهْرَامُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رِعَايَةُ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ كُلَّهَا صَارَتْ لِمُسْتَأْجَرِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَنَمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَعْزٍ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ تَعَبًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

(تَنْبِيهٌ) : ج قَالَ ابْنُ نَاجِي أَقَامَ شَيْخُنَا مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَدِّبَ أَيْ: وَمَنْ يُشْبِهُهُ مِنْ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا يُطِيقُ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَدِ الْغَنَمِ لَا يَلْزَمُهُ رَعْيُهُ وَوَلَدِ الْمَرْأَةِ الَّذِي وَضَعَتْهُ فِي السَّفَرِ يَلْزَمُ الْجَمَّالَ حَمْلُهُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ ضَرَرُ الرَّاعِي وَحِينَ الْعَقْدِ لَا أَوْلَادَ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ وَالضَّرَرُ الْحَاصِلُ لِلْجَمَّالِ مَشَقَّةُ الْحَمْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مَحْمُولًا قَبْلَ وَضْعِهِ فَيُسْتَصْحَبُ.

(قَوْلُهُ آلَةُ بِنَاءٍ) مِنْ أَدَاةٍ وَفُئُوسٍ وَقِفَافٍ وَدِلَاءٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِالنَّظَرِ لِآلَةِ الْبِنَاءِ وَالْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فِي ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَبِكَسْرِ الْجِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِنَقْشِ الرَّحَى وَهُوَ مَنْ اسْتَأْجَرَ الرَّحَى مِنْ رَبِّهَا لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ) بِالْكَسْرِ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ رَبُّ الثَّوْبِ وَقَوْلُهُ وَالْأَخِيرَةُ أَيْ: الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّقِيقِ وَقَوْلُهُ وَرَبُّ الرَّحَى فِي الْوُسْطَى أَيْ: الَّذِي

ص: 24

وَرَبُّ الرَّحَى فِي الْوُسْطَى وَبِعِبَارَةِ وَنَقْشُ الرَّحَى يَعْنِي أَنَّ أُجْرَةَ نَقْشِ الرَّحَى يُعْمَلُ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ بَيْنَ رَبِّ الرَّحَى وَرَبِّ الدَّقِيقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّقِيقِ فَصُورَتُهَا أَنَّ الرَّحَى مُكْتَرَاةٌ لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ رَبُّهُ أَيْ: رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ (ص) عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهِهِ (ش) الْعَكْسُ هُنَا حَيْثُ لَا عُرْفَ أَيْ فَالْأَمْرُ مَعْكُوسٌ فِي الْإِكَافِ وَهُوَ شَيْءٌ يُرْكَبُ عَلَيْهِ أَصْغَرُ مِنْ الْبَرْدَعَةِ وَشِبْهُهُ مِنْ سَرْجٍ وَلِجَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأُمُورِ السَّابِقَةِ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي وَهُنَا عَلَى الْمُكْرِي هَذَا حَقِيقَةُ الْعَكْسِ وَلَوْ كَانَ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا فَهِمَ الشَّارِحُ لَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ: هَذَا عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهِهِ.

(ص) وَفِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَعَالِيقِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ وَمِقْدَارِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَفِي الْمَعَالِيقِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُسَافِرُ لِلسَّمْنِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ وَفِي السَّيْرِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْخَيْطِ وَكَأَنَّهُ أَعَادَ الْجَارَّ لِلْبُعْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَإِلَّا فَسَدَ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا الْمَعَالِيقُ وَمَا مَعَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لِحَمْلِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ حَمْلُهَا.

(ص) وَالزَّامِلَةِ وَوِطَائِهِ بِمَحْمَلٍ وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ وَتَوْفِيرِهِ (ش) الزَّامِلَةُ الْخُرْجُ وَنَحْوُهُ فَيُرْجَعُ فِي حَمْلِهِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ حَمْلُ ذَلِكَ وَهَكَذَا يَرْجِعُ فِيمَا تَحْتَ الْمُكْتَرِيَ فِي الْمَحْمَلِ مِنْ فِرَاشٍ إلَى الْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا نَقَصَ الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يُعَوِّضَ بَدَلَهُ أَوْ أَرَادَ صَاحِبُهُ تَوْفِيرَهُ مِنْ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَأَرَادَ الْمُكْرِي تَخْفِيفَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا نَقَصَتْ زَامِلَةُ الْحَاجِّ أَوْ نَفِدَتْ فَأَرَادَ إتْمَامَهَا وَأَبَى الْجَمَّالُ حَمَلَا عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ فَعَلَيْهِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرَطِ إلَى تَمَامِ غَايَةِ الْكِرَاءِ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ الْمُشْتَرَطُ بِمَطَرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ الْوَزْنِ الْمُشْتَرَطِ قَالَهُ سَحْنُونَ.

(ص) كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ قَائِلَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً كَاللَّيْلِ وَالْقَائِلَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَائِلَةٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي اللُّبْسِ لَزِمَ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامِ لُبْسِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِمَّا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْمَكَانِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ هُنَا فِي الزَّمَانِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَنْ اكْتَرَى عَلَى مَتَاعِ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ وَفِي الطَّرِيقِ نَهْرٌ لَا يُجَازُ إلَّا عَلَى الْمَرْكَبِ وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ كَالنِّيلِ وَشِبْهِهِ فَجَوَازُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابِّ عَلَى رَبِّهَا وَإِنْ كَانَ يُخَاضُ فِي الْمَخَائِضِ فَاعْتَرَضَهُ حَمْلَانِ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَتِلْكَ جَائِحَةٌ نَزَلَتْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ النَّهْرُ شَتْوِيًّا يَحْمِلُ بِالْأَمْطَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْكِرَاءِ قَدْ عَلِمُوا جَرْيَهُ وَعَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

هُوَ الْمُسْتَأْجَرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ طَاحُونَةً (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْأُولَى قَطْعًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ عَلَى الْأُولَى الرَّحَى؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِيهَا النَّقْشَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْقَمْحُ؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِيهَا الطَّحْنَ (أَقُولُ) وَذَهَبَ شب إلَى الثَّانِيَةِ جَاعِلًا الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ الدَّقِيقَ وَذَهَبَ عب إلَى الْأُولَى جَاعِلًا الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ الرَّحَى وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِي حَلِّ عَكْسِ إكَافٍ وَشِبْهِهِ يُقَوِّي الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عُرِفَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي وَهُنَا عَلَى الْمُكْرِي وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَبَّ الرَّحَى مُكْرٍ لَكِنْ قَالَ شب فِي شَرْحِهِ إنَّ رَبَّ الرَّحَى مُكْتَرٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الرَّحَى اكْتَرَى مَنْ يَطْحَنُ لَهُ قَمْحَهُ وَنَحْوَهُ عَلَى رَحَاهُ انْتَهَى أَيْ فَصَارَ رَبًّا لِلدَّقِيقِ، وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ رَبَّ الرَّحَى صَارَ رَبًّا لِلشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ أَرَدْت بِهِ الرَّحَى أَوْ الدَّقِيقَ فَحَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْجَمْعُ فَيُقْرَأُ قَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ الَّذِي هُوَ الْبَنَّاءُ وَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ رَبُّ الرَّحَى لِيَطْحَنَ لَهُ عَلَيْهَا قَمْحَهُ.

(أَقُولُ) وَيَبْقَى الْكَلَامُ حِينَئِذٍ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ طَاحُونًا مِنْ رَبِّهَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا لِلنَّاسِ أَوْ لِرَبِّهَا وَلِلنَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لِهَذَا الْجَمْعِ جَاءَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ لَكِنْ يُقَالُ مَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ حِينَئِذٍ.

(تَتِمَّةٌ) اخْتَلَفَ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنَائِعِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى صَنْعَتِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ الْبِسَاطِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ التَّتِمَّاتِ كَالْخَيَّاطِ لَمْ يُجْبَرْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاجِيَّاتِ أُجْبِرَ كَالْفَرَّانِ انْتَهَى (قَوْلُهُ شَيْءٌ يُرْكَبُ عَلَيْهِ أَصْغَرُ مِنْ الْبَرْذَعَةِ) هَذَا مَا عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَيْ: يَرْكَبُ عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ الْبَرْذَعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ أَوْ فَوْقَهَا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْبَرْذَعَةُ أَيْ: بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالذَّالِ الْمُهْمَلَةِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُكْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّقِيقِ فَهُوَ يُؤَيِّدُ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ) أَيْ مِنْ السَّيْرِ مَنْ هُوَ بَنَى أَوْ جَدَّ أَوْ تَوَسَّطَ وَقَوْلُهُ وَالْمَنَازِلُ أَيْ: مَوَاضِعُ الْمَنَازِلِ وَلَوْ أَرَدْنَا بِأَحْوَالِ السَّيْرِ كَثْرَةً أَوْ قِلَّةً لَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي مَوَاضِعِ النُّزُولِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَقَوْلُهُ وَالْمَعَالِيقُ جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ وَهُوَ مَا يُعَلِّقُهُ الْمُسَافِرُ مَعَهُ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ وَوِطَائِهِ) وَكَذَا الْغِطَاءُ وَسَكَتَ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مِمَّا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِيهِ لِفَهْمِهِ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِخِلَافِ وَطَائِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ) أَيْ: تَبْيِينٌ لِقَوْلِهِ حَمْلًا عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ.

(قَوْلُهُ كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ إلَخْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا كَمَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ إلَّا أَنَّ الْكَسْرَ أَفْصَحُ (قَوْلُهُ وَشِبْهُهُ) أَيْ: كَسَيْلٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُخَاضُ) أَيْ: النَّهْرُ وَقَوْلُهُ فِي الْمَخَائِضِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مَعْدُودًا فِي الْمَخَائِضِ أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْمَخَائِضِ وَكَأَنَّهُ جَمْعُ مَخَاضَةٍ (قَوْلُهُ فَاعْتَرَضَهُ حِمْلَانِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا فِي ضَبْطِ بَعْضِ شُيُوخِنَا أَيْ سَيْلٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ شَتْوِيًّا) أَيْ: يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ وَقَوْلُهُ يُحْمَلُ بِالْأَمْطَارِ أَيْ: يَكْثُرُ بِالْأَمْطَارِ

ص: 25

ذَلِكَ دَخَلُوا فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ ابْنُ عَاتٍ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْفَتْوَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا الْأَصْلَ مَعَ زِيَادَةِ وَزْنِ حِمْلِ الدَّابَّةِ بِالْمَطَرِ يَعْنِي هَلْ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ أَمْ لَا.

(ص) وَهُوَ أَمِينٌ فَلَا ضَمَانَ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا فَادَّعَى ضَيَاعَهُ أَوْ تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالضَّمِيرُ فِي وَهُوَ لِمَنْ تَوَلَّى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ لِمَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَامِلٌ لِلْمُؤَجَّرِ كَالرَّاعِي وَالْمُسْتَأْجِرِ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطَ انْتَهَى

(ص) وَلَوْ شَرَطَ إثْبَاتَهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الضَّمَانَ سَاقِطٌ عَنْهُ وَلَوْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ مَا مَاتَ مِنْهَا ضَمِنَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَكِنْ رُبَّمَا أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَتْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الْكِرَاءُ حَيْثُ لَمْ يَسْقُطْ الشَّرْطُ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَإِلَّا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَالْفَوَاتُ بِانْقِضَاءِ الْعَمَلِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْإِرْشَادِ فَإِسْقَاطُهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يُعْمَلُ بِهِ كَإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ.

(ص) أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ وَلَمْ يَتَعَدَّ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى شُرِطَ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَهُوَ أَمِينٌ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ عَثَرَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ آجَرَ شَخْصًا لِحَمْلِ دُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ دَابَّتِهِ فَعَثَرَ هُوَ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ فَتَلِفَ مَتَاعُهُ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ لَا يَضْمَنُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُغَرَّ مِنْ ضَعْفِ حَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُغَرَّ بِفِعْلِهِ) إلَى أَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ لَا أَثَرَ لَهُ مِثَالُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِشَقَّةٍ لِخَيَّاطٍ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَكْفِي هَذِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَذْهَبُ صَاحِبُهَا فَيُفَصِّلُهَا فَلَا تَكْفِي، وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ إنْ كَانَتْ تَكْفِي فَفَصِّلْهَا فَقَالَ لَهُ تَكْفِيك وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَمِثَالُهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ الصَّيْرَفِيُّ فِي دِرْهَمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ زَائِفٌ إنَّهُ طَيِّبٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَرَابِعُهَا الْعَكْسُ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَوْ عَلِمَ بِالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ عُوقِبَ وَأُخْرِجَ مِنْ السُّوقِ وَمِثَالُ الْغُرُورِ الْفِعْلِيِّ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعَثَّرَ فِيهِ وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَتَعَدَّ أَنَّهُ إنْ تَعَدَّى بِأَنْ أَخْرَقَ فِي السَّيْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ) أَيْ: فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابِّ عَلَى رَبِّهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا حِينَ الْعَقْدِ يَكُونُ حِمْلُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمَا بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ بِالْجَمَّالِ يَكُونُ حَمْلُ الْجَمِيعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَحْمُولِ فِي زِيَادَتِهِ بِالْمَطَرِ مُقَصِّرٌ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ وِقَايَةً تَمْنَعُ الْمَطَرَ عَنْهُ فَعِنْدَهُ تَقْصِيرٌ بِتَرْكِهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَمِينٌ) أَيْ: فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخِيَانَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْأَمَانَةُ أَوْ يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ وَالْمُرَادُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُصَاحَبَتُهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَوْ صَاحَبَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ثُمَّ فَارَقَهُ وَادَّعَى تَلَفَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مُصَاحَبَتَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ وَمُفَارَقَتَهُ فِي بَاقِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَهُ لَمَا عُرِفَ مِنْ حِفْظِهِ وَاحْتِرَازِهِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ أَصْلًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا فَارَقَهُ اخْتِيَارًا وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ مَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي مِنْ سَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ وَلَحْمٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ مَثَلًا لَا كَقَمْحٍ وَفُولٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْكَسْرِ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ غَيْرَ طَعَامٍ أَوْ طَعَامًا كَقَمْحٍ مِمَّا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي فَيُصَدَّقُ، وَأَمَّا الَّذِي تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِثْبَاتِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ: كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا قَائِلًا لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطْت) أَيْ: وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ فَيُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ ضَيَاعٌ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطَ.

(تَنْبِيهٌ) لَا ضَمَانَ عَلَى السِّمْسَارِ لَا فِي الثَّمَنِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ الَّتِي يَبِيعُهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيْعَ سِلْعَةٍ مِنْ رَجُلٍ عَيَّنَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِهِ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهَا ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ أَوْ طَعَامٌ) أَيْ: غَيْرَ دُهْنٍ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ؛ إذْ هُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ ك، وَاعْلَمْ أَنَّ غَيْرَ الدُّهْنِ وَالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ لَا يَضْمَنُ) فَهُوَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَوْ الظَّهْرِ كَأَنْ يَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ فَهُوَ مُكْرٍ لِظَهْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَغْتَرَّ بِفِعْلٍ) صَادِقٌ بِعَدَمِ الْغُرُورِ أَصْلًا وَبِالْغُرُورِ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ مُحَارِبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَأَنْ يَقُولَ هِيَ سَلِيمَةٌ وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهَا فَهُوَ كَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُ عُوقِبَ) أَقُولُ وَمِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

الْقَوْلُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ أَخَذَ أَجْرًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ عج فِي الْخُفَرَاءِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ الضَّمَانُ إذَا انْضَمَّ لِغُرُورِهِ عَقْدٌ كَمَا إذَا عَقَدَ مَعَهُ بِجَدِيدٍ مَثَلًا وَقَلَبَهُ وَوَزَنَهُ وَقَالَ لَهُ طَيِّبٌ وَازِنٌ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ إذَا انْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ صَارَ مِنْ الْفِعْلِيِّ فَالضَّمَانُ وَأَفَادَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَجْرٍ ضَمِنَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ أَخْرَقَ فِي السَّيْرِ) أَيْ أَسْرَعَ فِي السَّيْرِ

ص: 26

مَا سَارَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ ضَمِنَ فِي الْمَحْمُولَاتِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ لَهُ إلَّا عَلَى الْبَلَاغِ، وَأَمَّا فِي الْمَرْكُوبَاتِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ مُطْلَقًا.

(ص) كَحَارِسٍ وَلَوْ حَمَّامِيًّا (ش) أَيْ وَهَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى حَارِسٍ وَلَوْ كَانَ حَمَّامِيًّا فِيمَا ضَاعَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَوْ أَخَذَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا وَنَكَّرَ الْحَارِسَ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْحُرَّاسِ كَكَرْمٍ وَنَخْلٍ وَدَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَحْرُسُهُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ خِيَانَةٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَمِنْ التَّفْرِيطِ إذَا قَالَ الْحَارِسُ جَاءَنِي إنْسَانٌ يُشْبِهُك فَدَفَعْت إلَيْهِ الثِّيَابَ وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَتَى إنْسَانٌ لِيَأْخُذَ ثَوْبًا فَتَرَكَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا الْخُفَرَاءُ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا ضَاعَ شَيْءٌ فِي دَارٍ يَضْمَنُونَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ وَلَا ضَمَانَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطُوا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ.

(ص) وَأَجِيرٌ لِصَانِعٍ (ش) أَيْ: وَهَكَذَا لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ مَا تَلِفَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الْغَسَّالِ تَكْثُرُ عِنْدَهُ الثِّيَابُ فَيُؤَاجِرُ آخَرَ يَبْعَثُهُ الْبَحْرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَغْسِلُهُ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَنَّهُ ضَامِنٌ.

وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ هَذَا إذَا آجَرَهُ عَلَى عَمَلِ أَثْوَابٍ مُقَاطَعَةً كُلُّ ثَوْبٍ بِكَذَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ آجَرَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا يَعْمَلُهُ فِي دَارِهِ أَوْ غَابَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَأَجِيرٌ إلَخْ عُطِفَ عَلَى حَارِسٍ.

(ص) وَسِمْسَارٍ (ش) أَيْ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى سِمْسَارٍ طَوَّافٍ فِي الْمُزَايَدَةِ أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا بَاعَهُ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَالتِّبَاعَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَبِيعِ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ الضَّمَانِ بِالْمُشْتَهِرِ بِالْخَيْرِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ (إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَأَمَّا الْجُلَّاسُ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ يَأْخُذُونَ السِّلَعَ عِنْدَهُمْ كَالصُّنَّاعِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ ضَمَانِ السِّمْسَارِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَصَارَ كَالصَّانِعِ.

(ص) وَنُوتِيٌّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ وَهُوَ خَادِمُ السَّفِينَةِ كَانَ رَبَّهَا أَمْ لَا إذَا غَرِقَتْ بِسَبَبِ فِعْلٍ سَائِغٍ فِعْلُهُ فِيهَا مِنْ عِلَاجٍ أَوْ مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ، وَأَمَّا إنْ غَرِقَتْ بِفِعْلٍ غَيْرِ سَائِغٍ فَيَضْمَنُ الْأَمْوَالَ وَالدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُمْ وَإِلَّا قُتِلَ بِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

(ص) لَا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ (ش) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَا تَرْعَ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَيَرْعَى فِيهِ فَيُهْلِكُ بَعْضُ الْمَاشِيَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ التَّعَدِّي مَا لَمْ يَكُنْ صَبِيًّا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَاصِلَ مَا تَقَدَّمَ بَلْ الْمُرَادُ حَاصِلُ الْفِقْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حَيْثُ ضَمِنَ فِي تَلَفِ الْمَحْمُولَاتِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ) مَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ لَا سَبَبَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ فِيهِ وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلَ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ الْأَجْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ؟ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْمَرْكُوبَاتِ حَيْثُ تَلِفَ الْمَرْكُوبُ وَيَقْرَأُ ضُمِنَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ ضَمِنَ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ كَحَارِسٍ وَلَوْ حَمَّامِيًّا) أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ رَبُّ الثِّيَابِ ثِيَابَهُ رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَا لَمْ يُجْعَلْ حَارِسًا لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ كَمَا إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْحَرَامِ وَجُعِلَ حَارِسًا لَأَنْ تُتَّقَى سَرِقَتُهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُفَرِّطْ الْحَارِسُ، وَأَمَّا لَوْ نَامَ فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ أَوْ تَرَكَ الْعَسَّ فِي وَقْتٍ يَعُسُّ فِيهِ الْحَارِسُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ كَكَرْمٍ وَنَخْلٍ) أَيْ: كَحَارِسِ كَرْمٍ وَنَخْلٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْخُفَرَاءُ) بَالِغَيْنِ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمَوْجُودُ فِي تت الْخُفَرَاءُ جَمْعُ خَفِيرٍ بِالْخَاءِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ) قَالَ عج وَقَدْ يُقَالُ تَضْمِينُهُمْ مِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْإِمَامُ مَنْ الْتَزَمَ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إجَارَةٌ فِيهِ أَجْرٌ وَالْمَعْرُوفُ لَا أَجْرَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ أَشْهَبَ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ حَاصِلَ كَلَامِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَقُولُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ كَانَ الْأَجِيرُ يَغِيبُ عَلَيْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ تَحْتَ يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَكِنْ جَزَمَ بِهَذَا الْقَيْدِ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالْأُجَرَاءُ وَالصُّنَّاعُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ أُمَنَاءُ لَهُ فَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ يَدِهِ مِمَّا لَوْ غَابُوا عَنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَعْلَمُ) فَقَدْ نَصَّ أَشْهَبُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ تت عَنْ أَشْهَبَ فَجَزَمَ بِجَعْلِهِ تَقْيِيدًا لِلْمَشْهُورِ وَكَذَا يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفَادَ قَوْلُهُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ الْإِشَارَةَ إلَى مُوجِبِ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الصَّانِعِ الْأَسْفَلِ قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ: وَيُعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ.

(قَوْلُهُ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ إلَخْ)، فَإِذَا سُئِلَ عَنْ رَبِّ الْمَتَاعِ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ كَذَا رَأَيْته لِكَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِنَا قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ اسْتَرَابَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يُعَاقِبَ بِالسِّجْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجُلَّاسُ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَوَافٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ نَصَبَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ النَّاصِبَ نَفْسَهُ يَضْمَنُ وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ وَهَذَا كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ فَيَفْصِلْ فِيهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ خَيْرُهُ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مِنْ عب وَانْظُرْ هَذَا الْقَيْدَ هَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ) أَيْ: وَلَا أُجْرَةَ لِلنُّوتِيِّ وَلَوْ وَصَلَتْ غَايَةَ الْمَسَافَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إخْرَاجِ الْمَالِ، أَمَّا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْوُصُولِ يُمْكِنُ صَاحِبَ الْأَحْمَالِ أَنَّهُ يَخْرُجُ أَحْمَالَهُ أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ بَادَرَ لِإِخْرَاجِهَا فَتَوَانَى فَغَرِقَتْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ أَوْ رِيحٌ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمَوْجَ وَالرِّيحَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لَا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ)

ص: 27

وَنَحْوَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ أَمِنَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لَا إنْ خَالَفَ إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ؛ إذْ لَا يُعْطَفُ بِلَا الْجُمَلُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ أَعْنِي حَارِثٌ أَيْ لَا رَاعٍ إنْ خَالَفَ وَقَوْلُهُ أَوْ صَانِعٍ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا بِالْعِطْفِ عَلَى أَمِينٍ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ أَمِينٌ.

(ص) أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ (ش) أَيْ: وَهَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَنْزَى عَلَى الْمَاشِيَةِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْإِنْزَاءُ إطْلَاقُ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى لِلطَّرْقِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَنَّ الرَّاعِيَ يُنْزِي.

(ص) أَوْ غُرَّ بِفِعْلِهِ (ش) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَرَّ بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومَ شَرْطٍ أَوْ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا غُرَّ بِفِعْلٍ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّيْءِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَ مَرْعَى شَرْطٍ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَوْلُهُ يَوْمَ التَّلَفِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ.

(ص) أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ لَا غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا كَانَ لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ فَلَا يَضْمَنُ الْكِتَابَ إذَا دَفَعَهُ الْمَنْسُوخُ لَهُ لِيَنْسَخَ لَهُ مِنْهُ؛ إذْ لَا صَنْعَةَ لَهُ فِيهِ وَكَذَا إذَا دَفَعَ لَهُ سَيْفًا يَصُوغُ لَهُ عَلَى نَصْلِهِ وَدَفَعَ مَعَهُ الْجَفْنَ فَضَاعَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، وَكَذَلِكَ ظَرْفُ الْقَمْحِ إذَا ضَاعَ مِنْ عِنْدِ الطَّحَّانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ (وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ كَأَحَدِ الْخُفَّيْنِ يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحٍ فَيَدْفَعُ الْفَرْدَتَيْنِ إلَى الصَّانِعِ فَتَضِيعُ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهُ فِيهَا.

(ص) وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ بِلَا أَجْرٍ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي ضَمَانِ الصَّانِعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِمَّا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ وَإِنْ صَنَعَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ أَوْ حَانُوتِهِ وَسَوَاءٌ عَمِلَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَغْرِيرٌ كَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ وَإِحْرَاقِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ وَوَضْعِ الثَّوْبِ فِي قِدْرِ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهَا وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى مَا إذَا عَمِلَهُ الصَّانِعُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَجْرٍ عُطِفَ عَلَى بَيْتٍ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الصُّنَّاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ رَدُّوا الْمَتَاعَ الَّذِي عَمِلُوهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَخَذُوهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا إذَا أَقَرُّوا بِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَالَ وَلَا رَدَّ فَلِرَبِّهِ وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ.

(ص) إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ وَغَابَ عَلَيْهَا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ دَفْعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِضَمَانِ الصَّانِعِ لِمَصْنُوعِهِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ يَنْصِبَ نَفْسَهُ لِلصَّنْعَةِ لِعَامَّةِ النَّاسِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِشَخْصٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا أَنْ يَغِيبَ عَلَى الذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ، أَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا بِأَنْ عَمِلَهَا فِي بَيْتِ رَبِّهَا وَلَوْ غَائِبًا أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَلَا ضَمَانَ فَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَعْمَلَهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ فِي بَيْتِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَصْنُوعُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ غُلَامَهُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ وَقَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى هُرُوبَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي الصَّنْعَةِ تَغْرِيرٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا فَالضَّمِيرُ فِي وَغَابَ عَلَيْهَا رَاجِعٌ لِلذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ أَوْ الْأَشْيَاءِ الْمَصْنُوعَةِ وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ عِنْدَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّهُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُوَازِيَةِ وَالْوَاضِحَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَآخُذُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَبِعِبَارَةِ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ هَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا غَيْرَ مَصْنُوعَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَيْ: فَلَا ضَمَانَ سَوَاءٌ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ هُوَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ مَا إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهِ لَا لِقَوْلِهِ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّاهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ الصَّانِعُ هُنَا مَصْنُوعَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ وَمَا مَرَّ يَوْمَ التَّلَفِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لَا ضَمَانَ فِيهَا بِالْأَصَالَةِ وَهَذِهِ الضَّمَانُ فِيهَا أَصْلِيٌّ.

(ص) وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَالْأَوَّلُ كَالرَّعْيِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ النَّدَى عَنْ النَّبَاتِ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الصَّغِيرَةِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ لَا تَرْعَ بِمَوْضِعِ كَذَا أَخَافُ وُحُوشَهُ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ) ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَيَوْمُ التَّعَدِّي كَذَا قَالَ عج وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُهُ لِلْجَمِيعِ وَيُوَافِقُهُ بَهْرَامُ فِي مُخَالَفَةِ الْمَرْعِيِّ الْمُشْتَرَطِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي غُرَّ بِالْفِعْلِ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْعِثَارِ أَمْ لَا وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلَ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْمَصْنُوعِ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ أَمِينٌ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّ عَمَلٌ فَاعِلُ مُحْتَاجًا لَا نَائِبُ فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَجْرٍ) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا فَعَلَهُ بِأَجْرٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رُؤْيَتِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الرُّؤْيَةُ غَرِمَ وَقْتَ آخِرِ رُؤْيَةٍ وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ إنَّمَا تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ آخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ تَعَدَّدَتْ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ.

(قَوْلُهُ هُوَ خَاصٌّ إلَخْ) أَرَادَ أَنَّ تَرَتُّبَ السُّقُوطِ عَلَى الْبَيِّنَةِ إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّ بِدَعْوَى أَخْذِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ بَاقٍ عِنْدَهُ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا رُئِيَ عِنْدَهُ أَيْ: وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يَدْعُهُ لِأَخْذِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ قَامَتْ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُرَتِّبَ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ النَّافِيَةِ لِضَمَانِ الْقِيمَةِ الَّتِي كَانَ حَقُّهَا أَنْ تُعْتَبَرَ يَوْمَ الدَّفْعِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِخْبَارِ بِسُقُوطِهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الدِّقَّةِ قَالَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ

ص: 28

(ش) يُرِيدُ أَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ عَلَى الصَّانِعِ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الضَّمَانِ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَتَرْدِيدُ الزَّرْقَانِيِّ فِي الْفَسَادِ لَا مَحَلَّ لَهُ.

(ص) أَوْ دَعَا لِأَخْذِهِ (ش) عُطِفَ عَلَى شَرْطِ نَفْيَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ عَلَى الصَّانِعِ وَلَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ حَتَّى يَصِيرَ إلَى يَدِ رَبِّهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّانِعُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُودِعِ.

(ص) إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ (ش) أَيْ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فَقَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ فَإِنْ قُلْت سُقُوطُ الْأُجْرَةِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ لَا عَنْ نَفْيِ الضَّمَانِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَرَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَفْيَ الضَّمَانِ.

(ص) وَإِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ (ش) هَكَذَا قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الضَّمَانَ عَلَى الصَّانِعِ بِمَا إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْمَصْنُوعَ قَالَ: وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ وَرَآهُ صَاحِبُهُ مَصْنُوعًا عَلَى صِفَةِ مَا شَارَطَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَرَكَهُ عِنْدَهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الْإِجَارَةِ إلَى حُكْمِ الْإِيدَاعِ فَقَوْلُهُ بِشَرْطِهِ أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ بَيْنَهُمَا.

(ص) وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي صُدِّقَ لِلرَّاعِي وَكَذَا فِي نَحَرَ أَيْ: أَنَّ الرَّاعِيَ إذَا خَافَ مَوْتَ شَاةٍ فَذَبَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ إذَا جَاءَ بِهَا مَذْبُوحَةً وَكَذَا يُصَدَّقُ فِيمَا هَلَكَ أَوْ سَرَقَ وَلَوْ قَالَ ذَبَحْتهَا ثُمَّ سُرِقَتْ صُدِّقَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالضَّمِيرُ فِي مَنْحُورَةٍ لِلرَّاعِي لَا لِرَبِّهَا وَفَحْوَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ وَمَنْ نَسَبَ لِلْمُدَوَّنَةِ الْيَمِينَ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ ظَاهِرُهَا عَدَمُ الْيَمِينِ، ثُمَّ إنَّ الرَّاعِيَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَأَكَلْتهَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ: ذَبَحْتهَا خَوْفَ الْمَوْتِ وَأَكَلْتهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَكْلَهَا، فَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ صُدِّقَ وَكَذَا إذَا جَعَلَ لَهُ أَكْلَ بَعْضِهَا حَيْثُ أَتَى بِالْبَاقِي وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَالْمُلْتَقِطُ مِثْلُ الرَّاعِي يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي اللُّقَطَةِ وَانْظُرْ إذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ خَوْفَ الْمَوْتِ وَأَكَلَ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّاعِي فَلَا يُصَدَّقُ أَمْ لَا.

(ص) أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ (ش) هُنَا صِفَةٌ مَحْذُوفَةٌ أَيْ: أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَجَّامَ إذَا ادَّعَى قَلْعَ الضِّرْسِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْلُوعَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا سَمَّاهُ لَهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْحَجَّامُ عَلَى مَا قَالَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَلَا مَفْهُومَ لِلضِّرْسِ بَلْ السِّنُّ أَوْ النَّابُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّ الضِّرْسَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْوَجَعَ يَقَعُ فِيهِ.

(ص) أَوْ صَبْغًا (ش) هُوَ بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى خَوْفٍ أَيْ: وَهَكَذَا يُصَدَّقُ الصَّانِعُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَغَ الثَّوْبَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرًا مَثَلًا وَادَّعَى أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ وَقَالَ رَبُّهُ إنَّمَا أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ بِخَمْسَةٍ فَقَطْ مَعَ يَمِينِ الصَّانِعِ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بِعَشْرَةٍ وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَالَ سُرِقَ مِنِّي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى صُورَةٍ يَنْدَفِعُ بِهَا التَّكْرَارُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّانِعُ يَخِيطُ وَيَصْبُغُ فَيَقُولُ رَبُّهُ دَفَعْته لَك لِتَخِيطَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ.

(قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ تَسْقُطْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ) أَيْ: الْمُفَادُ بِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ.

(قَوْلُهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ) أَيْ: بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ فَقَوْلُهُ وَرَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَفْيَ الضَّمَانِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ سُقُوطُ الْأُجْرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِقَوْلِهِ اكْتَفَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْأُجْرَةَ ضَمِنَ كَمَا فِي شَرْحِ عب.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكَافِي فِي الصَّانِعِ تَضِيعُ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ أَنَّهَا لِلصَّانِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ عَبْدَهُ فَأَنْكَرَهُ فَصَالَحَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى هُوَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ صَحِيحًا أَوْ مَعِيبًا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ عِنْدَهُ قَدْ أَخْفَاهُ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَفِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُكْتَرِي يَتَعَدَّى عَلَى الدَّابَّةِ فَتَذْهَبُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ هِيَ لِلْمُكْتَرِي اهـ. .

(قَوْلُهُ فَنَحَرَ) أَيْ: أَوْ ذَبَحَ وَجَاءَ بِهَا مُذَكَّاةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ أَيْ: الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ) أَيْ: بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ لِثَوْرٍ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فَمَنْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا ثُمَّ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتِهِ فَنَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ) فَإِنْ تَرَكَ التَّذْكِيَةَ حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَالْآتِي بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ قَلْعِ ضِرْسٍ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَتَى بِالْبَاقِي) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْمَكَانَ قَرِيبٌ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ) وَانْظُرْ هَلْ بِيَمِينٍ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَغَ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ صُبِغَا مَعْنَاهُ إنْ ادَّعَى صَبْغًا أَيْ: قَدْرًا مِنْ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ) أَيْ: إنْ أَشْبَهَ (قَوْلُهُ فِي الصِّفَةِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ أَخْضَرَ أَوْ أَحْمَرَ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنَّهُ اُسْتُصْنِعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ) وَجْهُ التَّكْرَارِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ صَبْغًا مَعْنَاهُ ادَّعَى الصَّانِعُ الصَّبْغَ وَادَّعَى رَبُّهُ خِلَافَهُ وَهَذَا صَادِقٌ بِذَلِكَ

ص: 29

وَيَقُولُ الْآخَرُ دَفَعْته لِأَصْبُغَهُ وَهَذَا إذَا حُمِلَ قَوْلُهُ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ عَلَى صِفَةِ الصَّبْغِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ فَلَا يَنْدَفِعُ التَّكْرَارُ، وَقَوْلُهُ (فَنُوزِعَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ.

(ص) وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إنَّ كُلَّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ وَكُلُّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ صَبِيَّانِ وَفَرَسَانِ صَبِيًّا لِلتَّعْلِيمِ وَالرَّضَاعَةِ وَفَرَسًا لِلنَّزْوِ وَالرِّيَاضَةِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

(ص) إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ وَرَضِيعٌ وَفَرَسُ نَزْوٍ وَرَوْضٍ (ش) زَادَ الْمَازِرِيُّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ زَرْعَهُ الَّذِي فِي أَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فِي دَارِهِ ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَزَادَ غَيْرُهُ الْخَيَّاطَ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ يَخِيطُهُ لِلِّبَاسِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ وَزَادَ الْبَاجِيُّ مَسْأَلَةَ الْعَلِيلِ يُشَارِطُهُ الطَّبِيبُ عَلَى بُرْئِهِ فَيَمُوتُ قَبْلَ ذَلِكَ وَزَادَ غَيْرُهُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ فِي الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ صَنْعَةً ثُمَّ تَهْلِكُ وَفِي التَّوْضِيحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَدَمُ الْفَسْخِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرُ كَمَا إذَا نَزَلَ مَطَرٌ مَنَعَ النَّاسَ الْبِنَاءَ أَوْ الْحَرْثَ أَوْ انْكَسَرَ الْمِحْرَاثُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَالتَّلَفُ لَيْسَ شَرْطًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ التَّعَذُّرَ إنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ التَّلَفِ مِنْهُ وَمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ مَوْصُولَةٌ وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ أَيْ بِتَلَفِ الَّذِي يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْ: بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ فِيهَا وَقَوْلُهُ لَا بِهِ أَيْ: لَا مَا يُسْتَوْفَى بِهِ أَيْ: لَا الَّذِي يُسْتَوْفَى بِهِ أَيْ: لَا كُلُّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ وَبِجَعْلِنَا مَا مَوْصُولَةً فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا شَيْءٌ قَوْلُهُ مِنْهُ كَانَ الْوَاجِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى عَامِلِهِ فَيَقُولُ مَا مِنْهُ يُسْتَوْفَى لِيُفِيدَ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ أَيْ: بِتَلَفِ كُلِّ ذَاتٍ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا مِنْهَا وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا لَكِنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي كِرَاءِ الدَّوَابِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَهُ يُقَيِّدُ بَعْضُهُ بَعْضًا

. (ص) وَسِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى صَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مَنْ بِهِ أَيْ، وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ أَوْ ضِرْسٍ فَسَكَنَ أَلَمُهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ شَخْصٍ فَيَعْفُوَ عَنْهُ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ مِمَّنْ لَهُ الْقِصَاصُ كَمَا إذَا تَرَكَ أَوْلَادًا مَثَلًا لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ فِيهِمَا أَمَّا إنْ كَانَ الْعَافِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعَفْوِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَسِنٍّ لِقَلْعٍ أَنَّهُ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ فَسَكَنَتْ وَعِبَارَتُهُ لَا تُسَاعِدُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّهُ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ فَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ السِّنُّ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَقَلْعِ سِنٍّ فَسَكَنَتْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَسِنٍّ لِقَلْعٍ أَيْ: اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سِنٍّ لِأَجْلِ قَلْعِهَا وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَقَوْلُهُ فَسَكَنَتْ أَيْ: السِّنُّ أَيْ: أَلَمُهَا فَاكْتَسَبَ الْمُضَافُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الصَّبْغِ) أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَيْ: أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى الصَّبْغِ وَمَا اخْتَلَفُوا إلَّا فِي كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ) أَيْ: صُورَةَ مَا إذَا كَانَ يَخِيطُ وَيَصْبُغُ (أَقُولُ) وَفِي عب وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ مَا هُنَا مَحْمَلًا يَفْصِلُهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَقْسَامِ.

(قَوْلُهُ فَبِهَلَاكِهَا) أَرَادَ الْهَلَاكَ وَلَوْ حُكْمًا كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ وَسُكُونِ أَلَمِ سِنٍّ وَعَفْوِ قِصَاصٍ كَمَا يَأْتِي وَمَرَضِ صَبِيِّ تَعَلُّمٍ وَمَنْ بِهِ مَرَضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ فَسْخُهَا بِمُجَرَّدِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ بِهِ وَلَا إلَى تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فِيمَا سَيَأْتِي بَعْضُ مُخَالَفَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا صَبِيٌّ تَعَلَّمَ) أَيْ: أَوْ بَالِغٌ وَقَوْلُهُ تَعَلَّمَ أَيْ: لِصَنْعَةٍ وَالْمُرَادُ إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ وَرَضِيعٌ مَاتَ كُلٌّ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَفَرَسُ نَزْوٍ) أَيْ: يُنْزَى عَلَيْهَا مَاتَتْ أَوْ أَعْقَتْ مِنْ مَرَّةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَأَمَّا مَوْتُ ذَكَرِ نَزْوٍ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِشُمُولِ الْفَرَسِ لِلذَّكَرِ، وَأَمَّا الْحِصَانُ فَخَاصٌّ بِالذَّكَرِ وَقَوْلُهُ وَرَوْضٍ أَيْ: رِيَاضَةٍ أَيْ تَعْلِيمِهَا حُسْنَ السَّيْرِ فَمَاتَتْ أَوْ انْكَسَرَتْ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ زَرْعَهُ) أَيْ: الْمُعَيَّنَ أَيْ: أَوْ يَحْرُثَ أَرْضَهُ الْمُعَيَّنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ كُلَّهَا يُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ.

(قَوْلُهُ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ) أَيْ: وَيَتْلَفُ الثَّوْبُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ) أَقُولُ حَيْثُ إنَّ صَاحِبَ التَّوْضِيحِ أَفَادَ مَا ذُكِرَ فَصَحَّ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله عَلَى الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مَنَعَ النَّاسَ الْبِنَاءَ) أَيْ: فَتَعَذَّرَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْكَسَرَ الْمِحْرَاثُ أَيْ: الَّذِي يَحْرُثُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمِحْرَاثَ مُسْتَأْجَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُسْتَوْفًى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ حَيْثُ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَكِنْ حَيْثُ كَانَ مُرَادُنَا بِالتَّلَفِ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ إلَخْ الصَّادِقُ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاعِدَةِ) أَيْ: وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا أَيْ: الَّتِي هِيَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِكُلِّ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ لُزُومُ جَمِيعِ الْأَجْرِ (قَوْلُهُ كَلَامُهُ الْآتِي) أَيْ: فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْحَصْرِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْقَلْعُ لَا ذَاتُ السِّنِّ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَاتَ السِّنِّ هِيَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ بَاقٍ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَدْلُولِ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ فَاكْتَسَبَ الْمُضَافُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى السِّنِّ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ

ص: 30

مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ وَعُدِلَ فِي قَوْلِهِ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ عَنْ الْعَطْفِ إلَى التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ فَسَكَنَتْ أَيْ: حَيْثُ وَافَقَهُ الْأَجِيرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِقَرِينَةٍ.

(ص) وَبِغَصْبِ الدَّارِ وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذَا غُصِبَتْ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ مَنْفَعَتُهَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَالْفَسْخُ فِي هَذَيْنِ حَقٌّ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إجَارَتِهِ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتَحَقَّتْ إلَخْ فَمَنْ أَفْتَى بِأَنَّ لِلْمَالِكِ عَلَى الزَّارِعِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِفَسْخِ إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْغَصْبِ فَقَدْ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ فَلَمْ يُصِبْ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ صَرَّحَ بِلَفْظِ غَصْبٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِعَطْفِهِ عَلَى الدَّارِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِ مَنْفَعَتِهَا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِغَصْبِ الشَّيْئَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ تَكَلَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالًا عَلَى تَخْلِيصِهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَلَا يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهَا صَارَتْ مُعَرَّضَةً لِلْفَسْخِ لَا أَنَّهَا فُسِخَتْ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ.

(ص) وَأَمْرِ السُّلْطَانِ بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْحَوَانِيتِ إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ هُنَا ذُو الْقَهْرِ وَعَلَى السُّلْطَانِ الْأُجْرَةُ حَيْثُ قَصَدَ غَصْبَ الْمَنْفَعَةِ لَا الذَّاتِ وَانْظُرْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ.

(ص) وَحَمْلِ ظِئْرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رَضَاعٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِظُهُورِ حَمْلٍ بِأَنْ كَانَتْ الظِّئْرُ وَقْتَ الْعَقْدِ غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ ثُمَّ ظَهَرَ أَوْ بِمَرَضِهَا مَرَضًا لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الرَّضَاعِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الطِّفْلِ مُخَيَّرُونَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ مُتَعَارِضٌ حَيْثُ حَكَمَ هُنَاكَ بِالتَّخْيِيرِ وَهُنَا بِالْفَسْخِ بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ وَإِنْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ تَكَرَّرَتْ الْمَسْأَلَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَشَى فِي كُلٍّ عَلَى قَوْلٍ أَوْ كَرَّرَهَا جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ خِيفَ عَلَى الطِّفْلِ الضَّرَرُ بِدُونِ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا خَيِّرُوا مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَيْسَ مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَخُوفٌ يُحْتَمَلُ وُقُوعُهُ وَعَدَمُ وُقُوعِهِ، أَمَّا إذَا خِيفَ الْمَوْتُ فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَهُنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ.

(ص) وَمَرَضِ عَبْدٍ وَهَرَبِهِ لِكَالْعَدُوِّ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ رَجَعَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ أَوْ أَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ تَمَامُهَا إلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا قَبْلَ ذَلِكَ وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْ يَرْجِعَ لَفْظَةَ أَوْ يَصِحُّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّتِهِ رَاجِعًا لَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ: اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ أَيْ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَانِعِ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا تَمَامُ الْمُدَّةِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَا يُقَابِلُ أَيَّامَ الْهُرُوبِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَضَاءِ مُدَّةِ الْهُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ إذْ قَدْ وَجَبَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا يُقَابِلُ مُدَّةَ الْهُرُوبِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَيُفْسَخَا فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ.

(ص) بِخِلَافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ (ش) أَيْ: فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ وَلَا يَعُودُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ إلَخْ) هَذَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا بَعْدَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَمِينَهُ تَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ قَالَ عج ثُمَّ إنَّ بَعْضَ أَشْيَاخِي اسْتَظْهَرَ خِلَافَ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ اهـ. حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ يُصَدَّقُ فِي سُكُونِ الْأَلَمِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ.

(قَوْلُهُ وَبِغَصْبِ الدَّارِ) لَا مَفْهُومَ لِلدَّارِ بَلْ كَذَلِكَ غَصْبُ الدَّابَّةِ وَغَصْبُ مَنْفَعَتِهَا كَمَا هُوَ النَّصُّ (قَوْلُهُ لَمْ يُصِبْ) أَيْ: بَلْ يَجْرِي فِي الْمُسْتَأْجَرِ مَا جَرَى فِي مَالِكِ الْأَرْضِ بَعْدَ زَرْعِ الْغَاصِبِ وَيُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ) قَالَ عج هَذَا بَحْثُ شَيْخِنَا البرموني وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ خَلَّصَهُ بِمُجَرَّدِ حَقِّ صَاحِبِهَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا قَصْدُهُ مُجَرَّدُ تَخْلِيصِهَا وَدَفْعِهَا لِصَاحِبِهَا وَمَا هُنَا لَهُ حَقٌّ فِيهَا فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ خَلَّصَهَا مُتَبَرِّعًا بِمَا خَلَّصَهَا بِهِ.

(قَوْلُهُ وَانْظُرْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ) أَيْ: وَعَدَمِ الْقَرِينَةِ.

(قَوْلُهُ غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ) أَيْ: وَمَا تَقَدَّمَ حَمَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ فَاسْتَحَقَّتْ أَنْ يُفْسَخَ رَضَاعُهَا هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ يُخَيَّرُ الْوَلِيُّ فِي الْفَسْخِ وَهَذَا الْجَوَابُ رَدَّهُ ابْنُ نَاجِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ لَا تَقْدِرُ مَعَهُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ مَعَهُ عَلَى الرَّضَاعِ لَمْ تَنْفَسِخْ إلَّا أَنْ يَضْرِبَهُ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ: وَيُجْعَلُ الْمَوْضُوعُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَشَى إلَخْ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ أَيْ: فَيَكُونُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُنَا عَلَى التَّحَتُّمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَرَّرَهَا أَيْ: وَيَكُونُ مَا هُنَا مَحْمُولًا عَلَى التَّخْيِيرِ كَالْأَوَّلِ وَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ بِأَنَّ مَا حُكِمَ فِيهِ بِالتَّخْيِيرِ حَيْثُ الضَّرُورَةُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَوْتُ وَهُنَا تَحَقَّقَ الْمَوْتُ فَلِذَا حُكِمَ بِتَحَتُّمِ النَّسْخِ وَهُوَ جَوَابٌ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ.

(قَوْلُهُ لِكَالْعَدُوِّ) أَيْ: بِأَرْضِ حَرْبٍ وَمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهَا كَقُطْرٍ بَعِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنْ هَرَبَ لِقَرِيبٍ لَمْ تُفْسَخْ وَتَسْقُطُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ هُرُوبِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ) أَيْ: قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ أَيْ: اسْتَرَدَّهَا مِنْ الْمُكْرِي هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَجِّرُ قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ

ص: 31

إنْ صَحَّتْ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِالصَّبْرِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةُ فِي السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي السَّفَرِ وَالدَّابَّةُ فِي الْحَضَرِ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءً وَنَحْوُهُ فِي النُّكَتِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ ثُمَّ تَصِحَّ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَرَضٍ إذْ هُوَ مَصْدَرٌ وَتَقْدِيرُهُ بِخِلَافِ أَنْ تَمْرَضَ دَابَّةٌ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحَّ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَوَّلٌ عُطِفَ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ.

(ص) وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ (ش) أَيْ: وَخُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ إنْ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤَجَّرَ سَارِقٌ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ كَالْبَيْعِ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ اسْتِئْجَارُهُ لِخِدْمَةٍ فِي دَارِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ فِيهِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ سَارِقٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْته فَأَلْفَيْته سَارِقًا لَمْ تَنْفَسِخْ وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ إلَخْ.

(ص) وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ وَلِيٌّ إلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِرُشْدِ الصَّبِيِّ إذَا أَجَّرَهُ وَلِيُّهُ أَوْ أَجَّرَ سِلَعَهُ كَدَارِهِ أَوْ دَوَابَّهُ أَوْ رَقِيقَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَقَدْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ بِالنَّظَرِ لِلْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى سِلَعِهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهَا مَا يَلْزَمُ فِي سِلَعِ السَّفِيهِ وَهِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ وَبِعِبَارَةٍ وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى تَلَفٍ أَيْ وَفُسِخَتْ بِرُشْدِ صَغِيرٍ وَمَعْنَاهُ إنْ شَاءَ الصَّغِيرُ وَقَوْلُ بَعْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خُيِّرَ فِيهِ نَظَرٌ لِإِتْيَانِ الْمُؤَلِّفِ بِالْبَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَرُشْدٍ بِالْكَافِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(ص) كَسَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ اللُّزُومُ أَيْ: كَسِلَعِ سَفِيهٍ أَيْ: كَالْعَقْدِ عَلَى سِلَعِ سَفِيهٍ أَيْ: كَعَقْدِ الْوَلِيِّ عَلَى سِلَعِ سَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ ثَلَاثُ سِنِينَ مِنْ رِيعٍ أَوْ رَقِيقٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِيهَا عَلَى حُكْمِ الْإِجَارَةُ إذَا انْتَقَلَ إلَى حَالِ الرُّشْدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُدَّةً يَرْشُدُ فِي أَثْنَائِهَا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْسِ السَّفِيهِ إلَّا لِعَيْشِهِ وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ إنْ رَشَدَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي ذَلِكَ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَهُوَ كَتَصَرُّفِ الرَّشِيدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي السَّفِيهِ ظَنُّ عَدَمِ رُشْدِهِ وَلَا ظَنُّ رُشْدِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ أَمَدَهُ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الرُّشْدِ.

(ص) وَبِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ أَجَّرَ وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَقَفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَبَعْدَهُ عَلَى عَمْرٍو فَأَجَّرْت الطَّبَقَةُ الْأُولَى أَوْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ أَوْ أَجَّرَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ وَلِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْإِجَارَةُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ الْبَاقِيَةُ يَسِيرَةً؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَقَوْلُهُ وَبِمَوْتِ إلَخْ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ) أَيْ: السُّؤَالِ لِلْإِمَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءً) الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ لَا نَعْكِسُ الْحُكْمَ وَالْمَقْصُودُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَحَانُوتِهِ.

(قَوْلُهُ عَقَدَ عَلَيْهِ) أَيْ: لِغَيْرِ عَيْشِهِ فَإِنْ أَجَّرَهُ لِعَيْشِهِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ كَإِجَارَةِ السَّفِيهِ لِعَيْشِهِ فَلَا يُنْظَرُ لِبُلُوغِهِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِرُشْدِهِ وَإِذَا رَشَدَ هَلْ يُرَاعَى فِيمَا بَقِيَ أَنْ يَكُونَ كَالشَّهْرِ أَوْ أَنْ يَكُونَ كَالسَّفِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَ الْعَقْدِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا ثُمَّ رَشَدَ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ بِرُشْدِهِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي سِلَعِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَظُنُّ بُلُوغَهُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَارَةً يَظُنُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ وَتَارَةً لَا يَظُنُّ شَيْئًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ تَارَةً يَبْلُغُ سَفِيهًا وَتَارَةً يَبْلُغُ رَشِيدًا فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَمَتَى بَلَغَ رَشِيدًا يُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَيَنْبَغِي إذَا كَانَ عَلَى سِلَعِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ فَيُخَيَّرُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهَا إذَا كَانَ عَلَى سِلَعِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَهَذِهِ اثْنَتَانِ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ فِي سِلَعِهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إنْ بَقِيَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَزِمَهُ وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرَ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُدَّةُ رُشْدٍ فِي أَثْنَائِهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب وشب مِنْ أَنَّ لَهُ مَفْهُومًا.

(قَوْلُهُ إلَّا لِعَيْشِهِ) ، وَأَمَّا لِغَيْرِ عَيْشِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى مَالِ السَّفِيهِ لَا عَلَى ذَاتِهِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ ابْتِدَاءً وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ وَلَوْ رَشَدَ وَلَيْسَ لَهُ الِانْحِلَالُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ ظَنَّ رُشْدَهُ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَا كَلَامَ لَهُ إذَا رَشَدَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَى سِلَعِهِ وَرَشَدَ فَلَا كَلَامَ لَهُ إذَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِير وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مُقَرَّرًا فِي رِزْقِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ وَأَجَّرَهَا مُدَّةً وَمَاتَ وَقَرَّرَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ فِيهَا أَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ مَثَلًا فَأَجَّرَهَا الْأَعْلَمُ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَانْتَقَلَتْ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَجَّرَهَا إمَامُ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرُهُ

ص: 32

نَاظِرًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ تت مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَقَوْلُهُ وَقَفَ، وَأَمَّا الْمُعَمِّرُ فَلَا يُؤَجَّرُ إلَّا مَا قَرُبَ، وَأَمَّا الْمُخْدِمُ فَيُؤَجَّرُ مَا شَاءَ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْخِدْمَةِ.

(ص) لَا بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ (ش) عُطِفَ عَلَى بِتَلَفٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لِدَارٍ أَوْ لِعَبْدٍ أَوْ لِدَابَّةٍ إذَا قَالَ إنَّ الشَّيْءَ الْمُؤَجَّرَ لِغَيْرِي وَأَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنِّي قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى نَقْضِهَا وَسَمَّاهُ الْمُؤَلِّفُ مَالِكًا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ وَمِثْلُ إقْرَارِ الْمَالِكِ بِالْبَيْعِ إقْرَارُهُ بِالْإِجَارَةِ لِغَيْرِهِ أَيْضًا وَلِلْمُقِرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهَا وَمَا أَكُرِيَتْ بِهِ.

(ص) أَوْ خَلَفَ رَبُّ دَابَّةٍ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَحَجٍّ وَإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ (ش) خَلَفَ بِمَعْنَى تَخَلَّفَ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى إقْرَارٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ إذَا تَخَلَّفَ الْمُكْرِي عَنْ الْإِتْيَانِ بِالدَّابَّةِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وَاعَدَ الْمُكْتَرِيَ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِهَا فِيهِ وَإِنْ فَاتَ مَا يَقْصِدُهُ وَيَرُومُهُ مِنْ تَشْيِيعِ شَخْصٍ أَوْ تَلَقِّي رَجُلٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَكُنْ حَجًّا عُيِّنَتْ الدَّابَّةُ أَمْ لَا أَمَّا إنْ كَانَ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا كَأَكْتَرِي مِنْك دَابَّتَك لِأَرْكَبَ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ تَخْدُمُنِي أَوْ تَخِيطُ لِي أَوْ تَطْحَنُ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ قَالَ: أَحُجُّ عَلَيْهَا فَلَمْ يَأْتِ الْمُكْرِي بِالشَّيْءِ الْمُكْرَى إلَى أَنْ انْقَضَى ذَلِكَ الزَّمَنُ الْمُعَيَّنُ أَوْ فَاتَ الْحَجُّ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَجِّ مُعَيَّنَةٌ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي الرِّضَا مَعَ الْمُكْرِي بِالتَّمَادِي عَلَى الْإِجَارَةِ إذَا نَقَدَ الْكِرَاءَ لِلُزُومِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهُ الْعَمَلَ أَمَّا إنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَالْعِبْرَةُ بِالْعَمَلِ كَأَنْ يَقُولَ أَكْتَرِيَ مِنْك دَابَّتَك أَرْكَبُ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ ثَوْرَك أَطْحَنُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالْعِبْرَةُ بِالرُّكُوبِ وَالطَّحْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِخُصُوصِ الزَّمَنِ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَكِنَّهُ أُلْحِقَ بِهِ أَيْ: فَحَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تُوجَدُ فِي هَذَا الْعَامِ تُوجَدُ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً.

(ص) أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ وَآجَرَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُفَّ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِظُهُورِ الْمُسْتَأْجِرِ فَاسِقًا يَشْرَبُ فِيهَا الْخَمْرَ أَوْ يَزْنِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ بِالْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَجَّرَهَا عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كِرَاؤُهَا مِنْ يَوْمِهِ وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَكْتَرِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُكْتَرِيًا حَتَّى خَرَجَ الشَّهْرُ الَّذِي أَكْرَاهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْكِرَاءُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكِرَاءِ الْوَجِيبَةُ أَوْ الْمُشَاهَرَةُ وَنَقْدُ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَالْعَقْدُ غَيْرُ لَازِمٍ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا كَانَ مَالِكُ الدَّارِ فَاسِقًا وَنَحْوَهُ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: الْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ بِفِسْقِهِ يَكُونُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْقَوْمِ فِي دَارِ نَفْسِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يُعَاقِبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَخْرَجَهُ عَنْهُمْ وَبِيعَتْ عَلَيْهِ وَعِنْدَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْعُقُوبَةِ تُكْرَى فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ بِيعَتْ وَظَاهِرُ الصَّنِيعِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ.

(ص) وَبِعِتْقِ عَبْدٍ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ وَأَجَرْته لِسَيِّدِهِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ آجَرَ عَبْدَهُ سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ نَاجِزًا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ وَيَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهَا وَسَوَاءٌ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا أَمْ لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ

ــ

[حاشية العدوي]

وَمَاتَ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ النَّاظِرَ غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ أَوْ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَكَارَيَيْنِ وَالْفَسْخُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوْ بِهِ لَا بِمَنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ مِنْ مُؤَجِّرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ.

(قَوْلُهُ إلَّا مَا قَرُبَ) لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْقُرْبِ وَالظَّاهِرُ السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ وَحَرَّرَهُ فَلَوْ وَقَعَ وَأَجَّرَ وَمَاتَ الْمُعَمِّرُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ.

(قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْخِدْمَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَمَدَ الْخِدْمَةِ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ.

(قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهَا وَمَا أُكْرِيَتْ بِهِ) هَذَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَجَرَّهَا لِلْغَيْرِ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا وَكَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِفَوْرِ الْكِرَاءِ فَيُخَيَّرُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيْعِ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُؤَجِّرُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ أَوْ قِيمَةُ الْكِرَاءِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ فَيُخَيَّرُ الْمُقَرُّ لَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إمَّا الْقِيمَةُ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ أَوْ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ الْأَكْثَرُ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِفَوْرِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ فَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ.

(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ) أَيْ: فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَيْ: أَنَّهُ اكْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهَا يَوْمَ كَذَا فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَا يَنْفَسِخُ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَخَصِّ لِقَصْدِ تَحْصِيلِ الْأَعَمِّ لَا لِقَصْدٍ عَيْنه بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَكْرِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَهَذَا مِنْ الْأَخَصِّ لِعَيْنِهِ قَالَهُ عج وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى يَوْمٍ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَقَعَ عَقْدُ الْكِرَاءِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَا اكْتَرَاهُ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْعُرْفُ فِي زَمَانِنَا مِنْ اسْتِوَائِهِمَا.

(قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ أَرْكَبُ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ إلَخْ) هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا جَعَلَهُ فِيمَا سَبَقَ مِثَالًا لَمَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ لِيَطْحَنَ عَلَيْهَا إرْدَبًّا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَهَذَا يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ وَفِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مَا عُلِمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَلْحَقَ بِهِ أَيْ: بِالزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَيَنْفَسِخُ فِي الْحَجِّ وَفِي الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنَ أَوْ لَا إرَادَةَ لَهُ فَهِيَ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَخْ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّقِيقِ فِي شَهَادَتِهِ وَقِصَاصِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ لَا فِي وَطْءِ

ص: 33