الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ (فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَضَّلَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يُفَضِّلُ إلَّا بِشَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ وَهِنْدٍ وَقَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى هَؤُلَاءِ مَثَلًا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ سَوَاءٌ فِي الْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى.
(ص) وَلَمْ يَخْرُجْ سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ سَفَرِ انْقِطَاعٍ أَوْ بَعِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَكَنَ فِي الْحَبْسِ عَلَى نَصِيبِهِ ثُمَّ اسْتَغْنَى فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبْسِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْكُنَ غَيْرُهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّبْعِ سَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِحَقٍّ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِرِضَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى يَخْرُجُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ أَوْ يَكُونُ السَّاكِنُ سَافَرَ سَفَرَ انْقِطَاعٍ أَوْ سَافَرَ بَعِيدًا فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ السُّكْنَى وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَسْكُنَ مَكَانَهُ فَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ فِي سَفَرِهِ هَلْ هُوَ سَفَرُ انْقِطَاعٍ أَوْ سَفَرُ عَوْدٍ وَرُجُوعٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَفَرُ عَوْدٍ وَالْبَعِيدُ هُوَ الَّذِي يُحْمَلُ صَاحِبُهُ عَلَى الِانْقِطَاعِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنِينَ مَحْصُورِينَ وَإِلَّا وَجَبَ إخْرَاجُ مَنْ زَالَ مِنْهُ ذَلِكَ الْوَصْفُ كَقَوْلِهِ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مَثَلًا فَإِنْ زَالَ الْفَقْرُ أَوْ تُرِكَ الْعِلْمُ أُخْرِجَ
(بَابٌ) يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعُمْرَى
وَحُكْمُهَا أَيْ: الْهِبَةِ النَّدْبُ لِذَاتِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الصَّدَقَةِ مِنْ أَنْفُسِ مَالِهِ وَكَوْنُهَا فِي الْأَقَارِبِ انْتَهَى وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْفِ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ الْمَعْرُوفُ وَالْخَيْرُ وَنَفْيُ الْعِوَضِيَّةِ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَكَالْبَيْعِ وَلِذَا ذَكَرَهَا آخِرَ الْبَابِ كَالتَّبَعِ وَالْهِبَةُ مَصْدَرٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ وَهَبْت لَهُ شَيْئًا وَهْبًا بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا وَهِبَةً وَالِاسْمُ الْمُوهِبُ وَالْمَوْهِبَةُ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِيهِمَا وَالِاتِّهَابُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيهَابُ سُؤَالُ الْهِبَةِ وَتَوَاهَبَ الْقَوْمُ إذَا وَهَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَوَهَبْته كَذَا لُغَةً قَلِيلَةً وَرَجُلٌ وَهَّابٌ وَوَهَّابَةٌ أَيْ كَثِيرُ الْهِبَةِ لِأَمْوَالِهِ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْعَطِيَّةَ الَّتِي الْهِبَةُ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا بِقَوْلِهِ تَمْلِيكُ مُتَمَوَّلٍ بِغَيْرِ عِوَضِ إنْشَاءٍ قَوْلُهُ مُتَمَوَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ غَيْرِهِ كَتَمْلِيكِ الْإِنْكَاحِ فِي الْمَرْأَةِ أَوْ تَمْلِيكِ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَخْرَجَ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَقَوْلُهُ إنْشَاءٍ أَخْرَجَ بِهِ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مُتَمَوَّلٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ إلَّا أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْعَطِيَّةِ إنْشَاءٌ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَا ثَبَتَ
ــ
[حاشية العدوي]
لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ أَهْلَ الْحَاجَةِ) أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا فَيُعْطَى مَنْ لَهُ كِفَايَةٌ وَرُبَّمَا ضَاقَ حَالُهُ بِكَثْرَةِ عِيَالِهِ (قَوْلُهُ وَالْعِيَالِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَقَضِيَّةُ بَهْرَامَ أَنَّ الْغَنِيَّ ذَا الْعِيَالِ لَا يُعْطَى شَيْئًا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَغْنَى) أَيْ أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ مَثَلًا فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ مَوْصُوفِينَ بِالْفَقْرِ وَلَا مَفْهُوم لَهُ وَقَوْلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى أَيْ: أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ مَثَلًا أَيْ: أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا أَنَّ النَّاظِرَ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلِذَلِكَ جُعِلَ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَفَرُ عَوْدٍ) مُخَالِفٌ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُهُ خِلَافُ مَا فِي عب وَحَيْثُ قُلْنَا بِأَنَّهُ سَافَرَ لِيَرْجِعَ فَإِنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فَإِنَّهُ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ مَوْضِعَهُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُهُ عَلَى مُعَيَّنِينَ مَحْصُورِينَ كَأَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى الْفُرْقَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَالصَّعَائِدَةِ أَوْ الْمَغَارِبَةِ الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ سَبَقَ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْوَصْفُ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ لِمَنْ فِيهِ الْوَصْفُ وَالْعِبْرَةُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَا فِي الدَّوَامِ أَيْ إلَّا لِشَرْطِ أَوْ رَأْيِ نَاظِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْوَصْفِ فَمَنْ سَبَقَ بِالسُّكْنَى فَهُوَ أَحَقُّ وَالْغَلَّةُ كَالسُّكْنَى.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا زَالَ الْفَقْرُ أَوْ تُرِكَ الْعِلْمُ أُخْرِجَ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الشَّبَابِ أَوْ الْأَحْدَاثِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى الشَّبَابِ مِنْ أَوْلَادِ فُلَانٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ مَعَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِزَوَالِ هَذَا الْوَصْفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصْفَ بِشَبَابٍ وَنَحْوِهِ لَيْسَ كَالْوَصْفِ بِالْفَقْرِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّبَابِ وَنَحْوِهِ لَمَّا كَانَ أَمْرًا لَازِمًا لِلذَّاتِ كَانَ زَوَالُهُ مُؤَثِّرًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ بِخِلَافِ الْوَصْفِ بِالْفَقْرِ فَلَا يُؤَثِّرُ زَوَالُهُ قَطْعًا لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ
[بَاب الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعُمْرَى]
(قَوْلُهُ النَّدْبُ لِذَاتِهَا) أَيْ: وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا الْوُجُوبُ كَالْهِبَةِ لِمُضْطَرٍّ وَالْحُرْمَةُ كَأَنْ يَهَبَ لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمَعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ أَيْ كَهِبَةِ هِرٍّ لِأَكْلِهِ أَوْ كَانَ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَكْرُوهٍ كَشُرْبِ الدُّخَانِ مَثَلًا عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا فِي الْأَقَارِبِ) أَيْ فَهِيَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَتُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا آخَرَ كَوْنُهَا فِي الْأَقَارِبِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالْخَيْرُ) هُوَ عَيْنُ الْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ وَالْهِبَةُ مَصْدَرٌ إلَخْ) حَاصِلَهُ أَنَّ الْهِبَةَ فِي اللُّغَةِ الْمَصْدَرُ الَّذِي هُوَ إعْطَاءُ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ وَالِاسْمُ الْمُوهِبُ) أَيْ فَالْمُوهِبُ وَالْمُوهِبَةُ اسْمَانِ لِلذَّاتِ الْمَوْهُوبَةِ.
(قَوْلُهُ وَالِاتِّهَابُ) قَصْدُهُ بِذَلِكَ تَصَارِيفُ الْمَادَّةِ (قَوْلُهُ إذَا وَهَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ) أَيْ وَهَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ فَظَهَرَتْ الْمُفَاعَلَةُ (قَوْلُهُ وَوَهَبْته كَذَا إلَخْ) أَيْ: أَنَّ اللُّغَةَ الْكَثِيرَةَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ وَهِبَتُهُ لَهُ يَتَعَدَّى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَاللُّغَةُ الْقَلِيلَةُ تَعْدِيَتُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ وَهَبْتُهُ كَذَا (قَوْلُهُ وَوَهَّابَةٌ أَيْ: كَثِيرُ الْهِبَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَثِيرَ الْهِبَةِ يَظْهَرُ فِي وَهَّابٍ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَهَّابَةٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ كَثِيرُ الْهِبَةِ لِأَمْوَالِهِ كَثْرَةً مُؤَكَّدَةً.
(قَوْلُهُ كَتَمْلِيكِ الْإِنْكَاحِ) لِزَيْدٍ أَيْ: كَأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ عَلَى وَلِيَّتِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَوَلَّى عَقْدَهُ عَلَى فُلَانَةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ
وَالْعَطِيَّةُ إنْشَاءُ التَّمْلِيكِ لَا أَنَّهَا قُرِّرَتْ وَيَدْخُلُ فِي الْعَطِيَّةِ الْعَارِيَّةُ وَالْحَبْسُ وَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ هَذَا حَدُّ الْعَطِيَّةِ الْعَامَّةِ الَّتِي هِيَ كَالْحَيَوَانِ لِلْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ إنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا نَوْعًا وَكَالْإِنْسَانِ لِلصَّقَلِّيِّ وَالزِّنْجِيِّ إنْ كَانَ صِنْفًا ثُمَّ قَالَ رحمه الله وَالْهِبَةُ لَا لِثَوَابِ تَمْلِيكِ ذِي مَنْفَعَةٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ بَدَلٌ لِوَجْهِ الْمُعْطَى فَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ ذِي مَنْفَعَةٍ الْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهَا وَقَوْلُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى أَخْرَجَ بِهِ الصَّدَقَةَ فَإِنَّهَا لِوَجْهِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ لِإِرَادَةِ الثَّوَاب مَعَ وَجْهِ الْمُعْطَى عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ هِبَةَ الثَّوَابِ ثُمَّ قَالَ رحمه الله وَهِبَةُ الثَّوَابِ عَطِيَّةٌ قُصِدَ بِهَا عِوَضٌ مَالِيٌّ.
(ص) الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ (ش) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَالْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لَا لِلثَّوَابِ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلِلثَّوَابِ أَيْ: ثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ فَقَوْلُهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ وَهُوَ قَوْلُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى لَهُ وَتَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ صَادِقٌ عَلَيْهِمَا لَكِنْ اخْتَلَفَا بِالْغَرَضِ وَالْقَصْدِ وَقُلْنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لِأَجْلِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِتَمْلِيكٍ بِعِوَضٍ؛ إذْ هُوَ فِعْلٌ وَهُوَ صِفَةٌ لِلْمُمَلِّكِ الَّذِي هُوَ الْوَاهِبُ لِنَحْتَرِزَ بِذَلِكَ عَنْ الْهِبَةِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ إذْ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِتَمْلِيكٍ ثُمَّ الْقِسْمَانِ مُقَابِلَانِ لِهِبَةِ الثَّوَابِ الْخَارِجَةِ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ أَوَّلَ بَابِ الرَّهْنِ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ؛ إذْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ وَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ مَعَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مُضَافٌ فَيُقَالُ الْهِبَةُ ذَاتُ تَمْلِيكٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ وَنَظِيرُهُ يُقَالُ فِي الرَّهْنِ فَلَا إشْكَالٍ.
(ص) وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ (ش) تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ كَمَا فِي الْوَقْفِ وَذَكَرَ الْوَاهِبَ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَالصِّيغَةَ بِقَوْلِهِ بِصِيغَةِ أَوْ مُفْهَمِهَا وَذَكَرَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ وَعَكَسَ فِي الْوَقْفِ فَذَكَرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَأَسْقَطَ الْوَاقِفَ فَمَا أَسْقَطَهُ هُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَبِالْعَكْسِ فَإِنَّ الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ بَلْ سَائِرُ أَبْوَابِ التَّبَرُّعَاتِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَفِي الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ لِلْوَاهِبِ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً يُنْقَلُ شَرَعَا اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرَعَا كَالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَكَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ زَادَ ابْنُ هَارُونَ وَكَالشُّفْعَةِ وَرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ
ــ
[حاشية العدوي]
لَيْسَ إنْشَاءً بَلْ هُوَ تَقْرِيرٌ لِمَا ثَبَتَ قَبْلُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ مَوْجُودٌ فِي الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْهِبَةِ إنْشَاءٌ بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ إنْشَاءً بَلْ هُوَ تَقْرِيرٌ (قَوْلُهُ وَالْعَطِيَّةُ إنْشَاءُ التَّمْلِيكِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّمْلِيكَ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْفَاعِلِ يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ هُوَ إنْشَاؤُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يُفَسَّرُ بِالتَّقْرِيرِ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ بَلْ يُفَسَّرُ بِإِنْشَاءِ التَّمْلِيكِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ فَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ وَارِثٍ خَرَجَ بِقَوْلِهِ تَمْلِيكٍ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا نَوْعًا) الْمُنَاسِبُ أَنْوَاعًا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ صِنْفًا أَيْ إنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا أَصْنَافًا وَلَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ نُظِرَ إلَيْهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ ذِي مَنْفَعَةٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: وَأَمَّا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَكُونُ هِبَةً بَلْ إمَّا إخْدَامٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ حَبْسٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَطِيَّةُ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَنَحْوُهَا إشَارَةٌ لِلْمُحْبَسِ وَالْعُمْرَى (قَوْلُهُ أَوْ لِإِرَادَةِ الثَّوَابِ) أَيْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ هِبَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ) حَاصِلُ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ عَلَى تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنْ تَقُولَ الْهِبَةُ لَا لِلثَّوَابِ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَالْهِبَةُ لِلثَّوَابِ صَدَقَةٌ يُشْكِلُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّدَقَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْهِبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّانِي إنَّ الْمُنَاسِبَ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَوْضُوعُ فِيهِمَا الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ أَوْ الْمَحْمُولُ فِيهِمَا الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَا أَنَّهُ يُجْعَلُ أَحَدُهُمَا مَحْمُولًا وَالْآخَرُ مَوْضُوعًا وَتَخَلَّصَ تت مِنْ أَحَدِ الْإِشْكَالَيْنِ فَقَالَ وَالْعَطِيَّةُ لِثَوَابِ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ ثُمَّ رَأَيْت مُحَشَّى تت انْتَصَرَ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ حَيْثُ إنَّ قَصْدَ الْمُصَنِّفِ بَيَانُ أَنَّ الْهِبَةَ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ تُعَدُّ مِنْ أَفْرَادِ الصَّدَقَةِ وَلَيْسَ قَصْدُهُ بَيَانَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ لَا لِلثَّوَابِ) أَيْ: ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ فَقَوْلُهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَدَّرَ قَوْلُهُ لَا لِلثَّوَابِ لَا قَوْلُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى كَمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ بِمَعْنَاهُ فَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الْبُيُوعِ فَخَرَجَتْ هِبَةُ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: إذْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالرَّهْنِ الْفِعْلُ فَصَارَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا نَظِيرَ بَابِ الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْفِعْلُ فِي الْبَابَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مُضَافٌ أَيْ: عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالْهِبَةِ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ وَقَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ يُقَالُ فِي بَابِ الرَّهْنِ أَيْ الرَّهْنُ ذُو بَدَلٍ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالرَّهْنِ الْمَرْهُونُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ الْمَرْهُونُ وَالْمَوْهُوبُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الذَّاتِ بِالْفِعْلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُرَادَ مِنْ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ الْفِعْلُ الثَّانِي أَنْ يُرَادَ الْمَرْهُونُ وَالْمَوْهُوبُ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ كَمَا تَبَيَّنَ {تَنْبِيهٌ} تَقَدَّمَ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ شَرْعًا، وَأَمَّا تَعْرِيفُهَا لُغَةً فَهُوَ إيصَالُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ لِلْوَاهِبِ) أَيْ: فَهِبَةُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِخُرُوجِهِ بِعِوَضٍ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ أَيْ: مُتَمَوَّلٍ احْتِرَازًا عَنْ الْكَلْبِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْفَعَةً) تَقَدَّمَ أَنَّ إعْطَاءَ الْمَنْفَعَةِ لَا يُقَالُ لَهُ هِبَةٌ إمَّا عَارِيَّةٌ أَوْ حَبْسٌ (قَوْلُهُ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ وَهَبْت لَك الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجَتِي الَّذِي أَسْتَحِقُّهُ وَقَوْلُهُ كَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا أُمُّ الْوَلَدِ لَا بَيْعُهَا
وَمَا زَادَهُ حَسَنٌ، وَكَذَلِكَ الْحَبْسُ لَا يَصِحُّ هِبَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ يَصِحُّ نَقْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِانْتِقَالَاتِ فَيَصِحُّ هِبَةُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَلْبِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ نَقْلِهِمَا عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْبَيْعُ امْتِنَاعُ نَقْلِهِمَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ.
(ص) مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْوَاهِبُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَلَّذِي لَهُ التَّبَرُّعُ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ فَيَخْرُجُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَالسَّكْرَانُ وَيَدْخُلُ الْمَرِيضُ إذَا تَبَرَّعَ بِثُلُثِهِ؛ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَلَهَا أَنْ تَتَبَرَّعَ بِثُلُثِهَا لَكِنَّ هِبَةَ الزَّوْجَةِ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ وَالْغَرِيمِ، وَأَمَّا هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فَبَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ الْبُطْلَانَ فِي الْجَمِيعِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ الْهِبَةِ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ وَمَنْ لَا فَلَا فَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَرَادَا هِبَةَ ثُلُثِهِمَا يَصِحُّ لَهُمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا بِهِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِهَا لَوَرَدَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا التَّبَرُّعُ دَائِمًا الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا ذُكِرَ.
(ص) وَإِنْ مَجْهُولًا وَكَلْبًا وَدَيْنًا وَهُوَ إبْرَاءٌ إنْ وُهِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا تَجُوزُ هِبَتُهُ وَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا وَسَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ أَوْ الْقَدْرِ كَانَ مَجْهُولًا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ فِيهِ هِبَةُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ، وَكَذَلِكَ الْآبِقُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُون فِي اتِّخَاذِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّقَيُّدِ بِالْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَمْلُوكِ أَيْ: فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي يُنْقَلُ كَلْبًا، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ هِبَةُ الدَّيْنِ الشَّرْعِيِّ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِهِ لَكِنْ إنْ وُهِبَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ وَفِي كَوْنِ دَفْعِ ذِكْرِ الْحَقِّ إنْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْ شَرْطَ كَمَالٍ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَشَرْطُ كَمَالٍ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ أَيْ: وَإِنْ وُهِبَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَكَقَبْضِ الدَّيْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَالْكَلْبِ) أَيْ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ هِبَةَ الزَّوْجَةِ) أَيْ: فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا لَا فِي هِبَةِ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ فِيهَا الْإِجَازَةَ خِلَافًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا هِبَةُ الْمَرِيضِ إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَفِي عب أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَجَعَلَهُ كَالزَّوْجَةِ فِي تَبَرُّعِهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُهُ فِي الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ أَيْ وَمِثْلُهُمَا الْعَبْدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ.
{فَرْعٌ} إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ حَبَسَ ثُمَّ مَاتَ كَانَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ بَتَّلَهُ وَلَا يَتَعَجَّلُهُ مُعْطَاهُ حَتَّى يَصِحَّ أَوْ يَمُوتَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَفْهُومِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ يَلْزَمُ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ وَهُوَ صَادِقٌ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ الْهِبَةِ) أَيْ: أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِغَيْرِ الْهِبَةِ كَالْوَقْفِ يَكُونُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ فَالْمَعْنَى إلَخْ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُغَايِرٌ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ) أَيْ: مِنْ جَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ إذَا أَرَادَ هِبَةَ ثُلُثِهِمَا) أَيْ: وَأَمَّا إذَا أَرَادَا أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا مُفَادُهُ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الزَّوْجَةِ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا) عَلَى حَذْفِ أَيْ: أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا (قَوْلُهُ دَائِمًا) أَيْ: مُطْلَقًا ثُلُثًا أَوْ أَزْيَدَ بَلْ الْمُرَادُ الثُّلُثُ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِقَوْلِهِ بِهَا لَأَفَادَ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ يَصِحُّ مِنْهُمَا التَّبَرُّعُ مُطْلَقًا كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَأَقُولُ) لَوْ حُذِفَ بِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَنْ جَازَ لَهُ التَّبَرُّعُ صَحَّ مِنْهُ الْهِبَةُ ثُمَّ إنَّ جَوَازَ التَّبَرُّعِ الْمَذْكُورِ يُرْجَعُ فِيهِ لِمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي بَابِ التَّبَرُّعِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالزَّوْجَةَ فِي الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ لِوُجُودِ الْحَجْرِ فِيهِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الرَّشِيدِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ الْمَدِينِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْحَجْرِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَجْهُولًا) دَخَلَ فِيهِ الْمُكَاتَبُ بِتَقْدِيرِ عَجْزِهِ وَهِبَةِ مِلْكِ غَيْرِهِ بِتَقْدِيرِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ أَوْ الْقَدْرِ) أَيْ: أَوْ كَانَ مَجْهُولَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ) كَمَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَنَا اعْتَقَدْت أَنَّ مَا وَهَبْته لَك شَيْءٌ يَسِيرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَثِيرٌ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ اللَّخْمِيِّ كَلَامٌ آخَرُ مُغَايِرٌ لِذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ يَرَى أَنَّ لِلْمَوْرُوثِ دَارًا يَعْرِفُهَا فِي مِلْكِهِ فَأَبْدَلَهَا الْمَيِّتُ فِي غَيْبَتِهِ بِأَفْضَلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْعَطِيَّةِ إذَا قَالَ كَانَ قَصْدِي تِلْكَ الدَّارَ وَإِنْ خَلَفَ مَالًا حَاضِرًا ثُمَّ طَرَأَ مَالٌ آخَرُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَضَتْ الْعَطِيَّةُ فِيمَا عَلِمَ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ حَاضِرًا وَكَانَ يَرَى أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْثَرُ كَانَ شَرِيكًا بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ) فَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ كَالطَّلَاقِ) فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْعِصْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهَا لِلزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْمِلْكِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ لِلْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِفَةَ قَبْضِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الدَّيْنِ لِفُلَانٍ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَيَدْفَعَ الْوَاهِبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذِكْرَ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَكَقَبْضِ الدَّيْنِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَبْضِ وَيَقُولُ وَإِذَا
الرَّهْنِ وَالْمُؤَلِّفُ لَمْ يَذْكُرْ قَبْضَ الرَّهْنِ فِي بَابِهِ لَكِنَّ الْجَمَاعَةَ ذَكَرُوهُ هُنَاكَ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَالْجَمْعُ وَدَفْعُ ذِكْرِ الْحَقِّ (ص) وَرَهْنًا لَمْ يُقْبَضْ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُجْعَلُ وَإِلَّا بَقِيَ لِبَعْدِ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ تَصِحُّ هِبَتُهُ إنْ كَانَ رَاهِنُهُ مُوسِرًا وَإِنَّمَا أَبْطَلَتْ الْهِبَةُ الرَّهْنَ مَعَ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَاهَا ذَهَبَ الْحَقُّ جُمْلَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ لَوْ أَبْطَلْنَاهُ لَمْ يَذْهَبْ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَعْسَرَ رَاهِنُهُ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى مُرْتَهِنُهُ بِالْهِبَةِ فَتَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الرَّهْنِ وَأَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَهُ أَمْ لَا وَإِنْ وَقَعَ مِنْ الرَّاهِنِ الْهِبَةُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ فَيُقْضَى عَلَى الرَّاهِنِ بِفَكِّ الرَّهْنِ أَيْ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا حَالَّةً أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَيَدْفَعُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إذَا وَهَبَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ.
وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ إنْ حَلَفَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ دَيْنِهِ وَيَسْتَمِرُّ الرَّهْنُ تَحْتَ يَدِ مُرْتَهِنِهِ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ رَهْنًا آخَرَ فَإِنْ انْقَضَى الْأَجَلُ وَافْتَكَّهُ أَخَذَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَإِلَّا فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ فِي دَيْنِهِ فَقَوْلُهُ وَرَهْنًا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَجْهُولًا وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْبَضْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ أَيْ: أَوْ أَعْسَرَ وَرَضِيَ مُرْتَهِنُهُ أَنْ يَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ فَالْمَعْطُوفُ مُقَدَّرٌ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَيْسَرَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرْضَ فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَلْ هِيَ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَقْبِضْ أَيْ: وَأَمَّا إنْ قَبَضَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الرَّاهِنِ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ مِنْ الرَّهْنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.
(ص) بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهَمِهَا وَإِنْ بِفِعْلٍ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الصِّيغَةُ كَقَوْلِهِ وَهَبْت لَك أَوْ مُفْهَمُ مَعْنَاهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مُفْهَمُ مَعْنَى الصِّيغَةِ قَوْلًا كَخُذْ هَذَا وَلَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ فِعْلًا كَدَفْعِهِ لَهُ وَتَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْهُ وَتَمْلِيكِهِ لِلْمُعْطَى وَمَثَّلَ الْمُؤَلِّفُ لِلْفِعْلِ بِقَوْلِهِ (كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ) وَالْمَعْنَى إنَّهُ إذَا حَلَّى وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِحُلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلصَّبِيِّ وَلَا يُورَثُ عَنْ الْأَبِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِالتَّمَلُّكِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيَةَ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِالْإِمْتَاعِ وَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ وَأَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَازَعَ فِي قَوْلِهِ بِصِيغَةٍ كُلٌّ مِنْ قَوْلِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَالْهِبَةُ حِينَئِذٍ كَرَهْنِ الدَّيْنِ فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ فِي رَهْنِ الدَّيْنِ صِحَّةٌ وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ صِحَّةً وَكَمَالًا (قَوْلُهُ قَبْضَ الرَّهْنِ) أَيْ: قَبْضَ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْإِشْهَادُ أَيْ بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ رَهْنٌ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِفُلَانٍ وَقَوْلُهُ وَالْجَمْعُ أَيْ: يَجْمَعُ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ وَدَفْعُ ذِكْرِ الْحَقِّ أَيْ: بِأَنْ يَدْفَعَ وَثِيقَةَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَضْ) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ: أَوْ أَعْسَرَ وَرَضِيَ مُرْتَهِنُهُ (قَوْلُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ) جُرَّ بَعْدَ اللَّامِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُجَرُّ إلَّا بِمِنْ كَإِلَى عِنْدَ بَعْضِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَلَعَلَّ مُرَادِفَهَا وَهُوَ اللَّامُ كَذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوْ أَنَّ اللَّامَ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَإِلَّا بَقِيَ لِزَمَنٍ كَائِنٍ بَعْدَ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ رَاهِنُهُ مُوسِرًا) وَبَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُفْرِطٌ أَيْ: مَظِنَّةَ التَّفْرِيطِ فَإِنَّ الْجَدَّ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْجَدِّ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إسْقَاطِ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَهُ أَمْ لَا) هَذَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مُطْلَقًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ بِهَا فَتَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ أَيْسَرَ رَاهِنُهُ أَوْ أَعْسَرَ ادَّعَى جَهْلَ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَتِمُّ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ أَمْ لَا وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَلَوْ شُرِطَ الرَّهْنُ فِي أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الرَّاهِنِ بِفَكِّ الرَّهْنِ) أَيْ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الرَّاهِنِ مُوسِرًا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا حَالَّةً) أَيْ مِنْ بَيْعٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ قَرْضٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَقَوْلُهُ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً.
(قَوْلُهُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ) أَيْ وَيَبْقَى لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا وَهَبَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا) أَيْ: مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ حَلَّ فَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ: فِي دَيْنِهِ أَيْ وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بَقِيَ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ إذَا كَانَ الْوَاهِبُ مُعْسِرًا وَوَهَبَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ ثُمَّ أَيْسَرَ أَثْنَاءَ الْأَجَلِ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ نَظَرًا لِيُسْرِهِ وَيَأْخُذُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَبْقَى رَهْنًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ نَظَرًا لِعُسْرِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا اسْتَمَرَّ عُسْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَعْنَى الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَحْلِفْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِكُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُعَجَّلُ أَوْ أَعْسَرَ رَاهِنُهُ أَوْ لَا يَعْلَمُ وَحَلَفَ.
(قَوْلُهُ أَوْ مُفْهَمُ مَعْنَاهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ حَمَلَ الصِّيغَةَ عَلَى صِيغَةِ لَفْظِ الْهِبَةِ مِثْلَ أَنَا وَهَبْت وَأَنَا وَاهِبٌ أَوْ أَهَبُ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَا كَانَ صِيغَةً وَلَيْسَ فِعْلًا (قَوْلُهُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُحَلِّي الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِجِهَازٍ عَظِيمٍ
الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَصَحَّتْ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُفْهَمِهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: مُفْهَمِ مَعْنَاهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْهِبَةِ أَيْ: أَوْ مُفْهَمِ الْهِبَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بِصِيغَةٍ مَعْنَاهُ بِقَوْلٍ، وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الزَّوْجَةِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ.
(ص) لَا بِابْنٍ مَعَ قَوْلِهِ دَارُهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُفْهَمِهَا إذَا الْمُفْهَمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ فَيَرْجِعُ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ لَهُ أَيْ: لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ ابْنِ هَذِهِ الْعَرْصَةَ دَارًا مَعَ قَوْلِهِ دَارًا بُنِيَ لِلْعُرْفِ فِي قَوْلِ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَقُولُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ إلَّا قِيمَةُ مَا فَعَلَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَانْقَضَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ أَنَّ ابْنِ مِنْ الْبُنُوَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَطَأٌ وَلَا يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا قَالَ لِآخَرَ ابْنِ فِي عَرْصَتِي هَذِهِ دَارًا وَبَنَى وَأَضَافَهَا لَهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْبَانِي لِفَقْدِ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الِابْنِ مَعَ الْأَبِ.
(ص) وَحِيزَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ يُحَازُ عَنْ وَاهِبِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْوَاهِبُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى حِيَازَتِهِ لِلْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَقِيقَةُ الْحَوْزِ فِي عَطِيَّةِ غَيْرِ الِابْنِ رَفْعُ تَصَرُّفِ الْمُعْطِي فِي الْعَطِيَّةِ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطَى أَوْ نَائِبِهِ كَالْحَبْسِ انْتَهَى وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْحَوْزِ فِي الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ فِي بَابِ الرَّهْنِ ثُمَّ إنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ إذَا تَأَخَّرَ حَوْزُهَا عَنْ الْوَاهِبِ فِي صِحَّتِهِ حَتَّى لَحِقَهُ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ بَعْدَهَا لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَوْزُ فَقَوْلُهُ وَحِيزَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى يُنْقَلُ أَيْ: نُقِلَ وَحِيزَ وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْحَوْزِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَحِيزَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَحِيزَتْ كَمَا قَالَ أَوَّلًا وَصَحَّتْ وَثَانِيًا فِي قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ وَالصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ يَتَعَلَّقَانِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ
ــ
[حاشية العدوي]
وَمَاتَ وَأَرَادَتْ الْإِخْوَةُ قِسْمَتَهُ فَلَا يُجَابُونَ بَلْ تَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالتَّمْلِيكِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى) أَيْ: لِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَكُونُ مَدْلُولُهُ لَفْظًا آخَرَ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدْخُلُ فِي الصِّيغَةِ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ يُمْكِنَ أَنْ يُعَبَّرَ فِي الْهِبَةِ بِصِيغَةٍ وَيَكُونَ لَهَا صِيغَةٌ أُخْرَى يُعْلَمُ مِنْهَا قَصْدُ الْهِبَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ: أَوْ مُفْهَمِ الْهِبَةِ) أَيْ: غَيْرِ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بِصِيغَةٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالصِّيغَةِ مَا صُرِّحَ بِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الزَّوْجَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ الزَّوْجَةِ أُمُّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ الْإِمْتَاعِ) أَيْ: الِانْتِفَاعِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مُفْهَمِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ مُتَعَاطِفَيَّ لَا يَكُونَانِ مُتَغَايِرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الشَّارِحِ فَلَوْ قَالَ بِصِيغَةٍ أَيْ: غَيْرِ قَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ لَا بِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مُفْهَمِهَا صَادِقٌ بِأَيِّ قَوْلٍ كَمَا أَنَّهُ صَادِقٌ بِأَيِّ فِعْلٍ فَمِنْ حَيْثُ صِدْقِهِ بِأَيِّ قَوْلٍ لَا يُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يُقَالَ مَا عَدَا قَوْلَهُ ابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارِهِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مُرَادًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى صِيغَةٍ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي الْقَوْلِ فَهِيَ أَوْلَى بِالتَّقَيُّدِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ دَارًا بُنِيَ أَيْ مَقْرُونًا ذَلِكَ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ دَارُهُ (قَوْلُهُ لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ) وَكَذَا ارْكَبْ هَذِهِ الدَّابَّةَ مَعَ قَوْلِهِ دَابَّةُ وَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ وَحِيزَ) أَيْ: وَحَازَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا لِمَحْجُورِهِ إلَخْ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْحَوْزِ أَيْ: عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ حَيْثُ طَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ إنْ تَأَخَّرَ) أَيْ: الْحَوْزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ أَشْهَدَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ يَمُوتُ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ يَقُومُ مَقَامَ الْحِيَازَةِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ) أَيْ: دَاخِلٌ الْمَاهِيَّةَ فَعِنْدَ عَدَمِهِ تَبْطُلُ الْهِبَةُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ إرْسَالِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ وَالْحِيَازَةُ شَرْطٌ) أَيْ: شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ مَانِعٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحِيَازَةُ شَرْطًا لَهُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَطَايَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى حِرْمَانِ مُسْتَحِقِّ الْمَالِ بَعْدَ الْوَاهِبِ بِأَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ ادْفَعُوا الْمَالَ لِزَيْدٍ فَإِنِّي كُنْت وَهَبْته لَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: مُصَوَّرًا ذَلِكَ بِصَرْفِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَيْ: نُقِلَ وَحِيزَ) أَيْ: فَالْحَامِلُ عَلَى تَأْوِيلِ يُنْقَلُ الْمُضَارِعِ بِالْمَاضِي الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُ الْمَاضِي عَلَى الْمُضَارِعِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِتَأْوِيلِ يُنْقَلُ بِنُقِلَ ثُمَّ أَقُولُ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى الْمَاضِي بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْهِبَةِ قَبُولُ النَّقْلِ فَلَا يَظْهَرُ التَّأْوِيلُ بِالْمَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّأْوِيلُ بِالْمَاضِي إنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَحِيزَ) أَيْ: فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ إلَخْ) لَا يَخْفَى إنَّهُ إذَا كَانَ الْحَوْزُ مُتَعَلِّقًا بِالذَّاتِ وَالصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ مُتَعَلِّقَانِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَيَكُونُ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ أَيْ: وَكَانَ يَقُولُ وَصَحَّ وَبَطَلَ وَحِيزَتْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا اتَّفَقَ وَوَقَعَ وَنَزَلَ أَنَّهُ عُبِّرَ بِصَحَّتْ وَبَطَلَتْ أَيْ: الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَلَوْ عُبِّرَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَحِيزَتْ بِالتَّاءِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ فَاعِلُ صَحَّتْ وَبَطَلَتْ وَهُوَ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَلِذَلِكَ غَايَرَ الْأُسْلُوبَ وَعَبَّرَ بِحِيزَ فَاقْتَضَى أَنَّ الضَّمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا عَلَى مَا عَادَ إلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي صَحَّتْ وَبَطَلَتْ وَهُوَ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى
الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَهُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ كَالصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَحِيزَ لِلْمُلُوكِ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْحَوْزِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَحِيزَتْ أَيْ: الْهِبَةُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ وَقَوْلُهُ لِدَيْنٍ أَيْ لِثُبُوتِ دَيْنٍ مُحِيطٍ وَثُبُوتُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبْقِهِ أَوْ لُحُوقِهِ ثُمَّ إنَّ اللَّامَ فِي الدَّيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلْغَايَةِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَأَخَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَطَلَتْ.
(ص) أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ وَحَازَ أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوْ اسْتَوْلَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا وَهَبَ الْهِبَةَ لِشَخْصٍ ثَانٍ وَحَازَهَا هَذَا الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَقَوَّى جَانِبُهُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحَوْزِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْأَوَّلُ وَفَرَّطَ أَمْ لَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَبْضُ أَمْ لَا كَذَلِكَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا أَعْتَقَ الْوَاهِبُ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَوْ كَانَ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُعْطَى بِالْهِبَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي وَهَبَهَا قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا الْمَوْهُوبُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ مُفَوِّتًا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَقَوْلُهُ (وَلَا قِيمَةَ) أَيْ: عَلَى الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(ص) أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ أَيْضًا فِيمَا إذَا أَخَذَ شَخْصٌ صَحِبَتْهُ هَدِيَّةٌ لِآخَرَ غَائِبٍ عَنْ بَلَدِ الْمَهْدِيِّ أَوْ أَرْسَلَهَا لَهُ مَعَ رَسُولِهِ فَمَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِ الْهِبَةِ لَهُ وَتَرْجِعُ لِلْوَاهِبِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ لِعَدَمِ الْحَوْزِ فِي مَوْتِ الْوَاهِبِ وَلِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يُشْهِدْ الْوَاهِبُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ أَمَّا إنْ أَشْهَدَ أَنَّهَا هَدِيَّةٌ لِفُلَانٍ حِينَ الْإِرْسَالِ أَوْ حِينَ الِاسْتِصْحَابِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَلَا بِمَوْتِ الْوَاهِبِ فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ أَيْضًا وَمَفْهُومُ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تُعَيَّنْ لَهُ بِأَنْ قَالَ حِينَ أَرْسَلَهَا أَوْ حِينَ اسْتَصْحَبَهَا هَذِهِ الْهِبَةُ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَشْهَدَ الْوَاهِبُ أَمْ لَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ عَشْرَةٌ.
(ص) كَأَنْ دَفَعْت لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ دَفَعَ مَالًا لِمَنْ يُفَرِّقُهُ صَدَقَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَاسْتَمَرَّ الْمَالُ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُلُ وَتَرْجِعُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ أَمَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَصْدَرِيِّ بَلْ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بَلْ بِمَعْنَى الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَحِيزَ لِلْمُلُوكِ) فَإِنْ قُلْت هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ الْمُقْتَضِي لِلتَّأْنِيثِ قُلْت يُرَادُ بِالذَّاتِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ بِمَعْنَى الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَحِيزَتْ) أَيْ: الْهِبَةُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى الْأُسْلُوبِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ أَيْ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلْغَايَةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ جَعْلُهَا لِلْغَايَةِ، وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلتَّعْلِيلِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ إنْ تَأَخَّرَ الدَّيْنُ يَبْطُلُ لِأَجْلِ دَيْنٍ مُحِيطٍ فَلَا يُعْلَمُ غَايَةُ التَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ الْحَوْزَ تَأَخَّرَ لِلدَّيْنِ الْمُحِيطِ أَيْ تَأَخَّرَ حَتَّى لَحِقَهُ الدَّيْنُ الْمُحِيطُ (تَتِمَّةٌ) الِالْتِزَامُ إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَمَاتَ أَوْ حَصَلَ مَانِعٌ وَلَمْ يَحُزْهُ الْمُلْتَزِمُ لَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا سُئِلَ عَنْهُ عج عَنْ رَجُلٍ الْتَزَمَ لِامْرَأَتِهِ بِجَارِيَةٍ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ لَهَا الْجَارِيَةَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ بِمَوْتِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ حَصَلَ قَبْلَ قَبْضِهِ مَانِعٌ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ) أَيْ تَبَرَّعَ فَيَشْمَلُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْحَبْسَ وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرَّطَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الثَّانِي حَازَهَا أَنْ يَكُونَ فَرَّطَ فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَيَكُونُ التَّعْوِيلُ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْأَوَّلُ وَفَرَّطَ أَوْ لَا فَإِنْ حَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْحَائِزُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ قِيلَ إنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَيُرَاعَى فِيهَا الْخِلَافُ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ قَائِلٍ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ فَيُفَرِّطَ أَوْ لَا يَعْلَمُ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَبْضُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ إلَخْ وَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ جَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا حَصَلَ هِبَةٌ لِثَانٍ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي {تَنْبِيهٌ} هَذِهِ الْفُرُوعُ مَشْهُورَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فَتَبْطُلُ بِالْوَطْءِ فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ خِلَافُهُ وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْإِيلَادِ فَإِنَّهُ قَالَ عَطْفًا عَلَى مَا لَا تَبْطُلُ بِهِ وَلَا بِرَهْنٍ وَتَزْوِيجِ رَقِيقٍ وَتَعْلِيمٍ وَوَطْءٍ (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدَ الْهِبَةَ شَخْصٌ فَإِنَّ قِيمَتَهُ تَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ الْوَاهِبُ فَإِنَّ قِيمَتَهُ يَغْرَمُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ وَتَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ عَنْ شَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) مُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ صِحَّتُهَا مَعَ الْإِشْهَادِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَحُرِّرَ. وَاعْلَمْ أَنَّ قِيَامَ الْإِشْهَادِ مَقَامَ الْحِيَازَةِ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِرْسَالِ وَالِاسْتِصْحَابِ مَعَ مَوْتِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ أَوْ الْجُنُونِ فَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ عَلَى الْهِبَةِ وَتَبْطُلُ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ) أَمَّا لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ فِي صُورَةِ عَدَمِ التَّعْيِينِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ حَيْثُ لَا إشْهَادَ وَتَصِحُّ مَعَ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ عَشْرَةٌ) أَقُولُ بَلْ سِتَّ عَشْرَةَ وَذَلِكَ أَنَّك عَرَفْت أَنَّهُ عِنْدَ التَّعْيِينِ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَذَلِكَ أَنَّ فِي مَوْتِ الْمُرْسِلِ أَرْبَعَةٌ مُرْسِلٌ أَوْ مُسْتَصْحِبٌ أَشْهَدَ أَمْ لَا
حِينَ دَفَعَ الْمَالَ إلَى مَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ وَتَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنَّمَا صُرِّحَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تُشْهِدْ مَعَ أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْبُطْلَانِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ مُشَبَّهٌ فِي مُطْلَقِ الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الْإِشْهَادِ كَأَنْ دَفَعْت إلَخْ ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ إنْ حَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ تَفْرِقَةِ جَمِيعِهَا أَوْ بَعْدَ تَفْرِقَةِ بَعْضِهَا فَتَبْطُلُ كُلُّهَا فِي الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي لَمْ يُفَرَّقْ فِي الثَّانِي، وَأَمَّا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ فَهِيَ مَاضِيَةٌ فَلَوْ فَرَّقَهَا أَوْ بَعْضَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْمَانِعِ ضَمِنَ الْكُلَّ فِي الْأَوَّلِ وَمَا فُرِّقَ فِي الثَّانِي.
(ص) لَا إنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَى وَرُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَاهِبُ الْهِبَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِي حَوْزِهَا كَمَا يَأْتِي فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ فَإِنْ فَرَّطَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفُذُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا لِلْمُعْطَى رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا فَعَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ يَكُونُ الثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ يَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ فَقَوْلُهُ لَا إنْ بَاعَ إلَخْ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَدَاةِ النَّفْيِ وَالشَّرْطِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ عَطْفُهُ أَوْ جُنَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُثْبَتَاتِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَفْهَمُ وَيَصِحُّ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ أَوْ بَاعَ وَاهِبٌ إلَخْ يَجْعَلُهُ عَطْفًا عَلَى مَفْهُومِ لَمْ تُشْهِدْ أَيْ: فَإِنْ أَشْهَدَ صَحَّتْ كَمَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إذَا بَاعَهَا الْوَاهِبُ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ حَكَى الْمُؤَلِّفُ فِيمَا إذَا بَاعَ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ أَيْ: وَقَدْ فَرَّطَ رِوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الثَّمَنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْوَاهِبِ وَكَوْنُ الثَّمَنِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ الْهِبَةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّفْرِيطِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَفِيمَا إذَا بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ بِالْأَوْلَى لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ.
(ص) أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَبْطُلُ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا حَصَلَ لَهُ جُنُونٌ وَاتَّصَلَ بِمَوْتِهِ أَوْ حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ وَاتَّصَلَ بِمَوْتِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَوْزِ كَوْنُهُ فِي صِحَّتِهِ وَعَقْلِهِ قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ أَيْ: بِغَيْرِ جُنُونٍ؛ لِأَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ كَعَكْسِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ مِمَّا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَلَا تَبْطُلُ.
(ص) أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا وَهَبَ وَدِيعَتَهُ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَنَازَعَهُ الْوَارِثُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ مِلْكِ الْهِبَةِ وَتَرْجِعُ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَلَا يُقَالُ الْحَوْزُ حَاصِلٌ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَوْزُهُ أَوَّلًا إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُودِعُ الْوَاهِبُ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَاهِبِ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ بِيَدِ الْوَاهِبِ حَتَّى مَاتَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَوْزَ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي وَحُكْمُ الْعَارِيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
تَصِحُّ فِي صُورَتَيْ الْإِشْهَادِ وَتَبْطُلُ فِي صُورَتَيْ عَدَمِهِ، وَكَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فِي مَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ تَصِحُّ أَشْهَدَ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُهْدِي مُرْسِلًا أَوْ مُسْتَصْحِبًا {فَائِدَةٌ} يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ عِنْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ قَصَدَ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ: إذَا كَانَ صَحِيحًا وَثُلُثُ الْمَالِ حِينَ الدَّفْعِ إنْ كَانَ مَرِيضًا وَيُصَدَّقُ الْمُفَرِّقُ فِي التَّصَدُّقِ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي لَمْ يُفَرَّقْ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ وَافَقَهُ الْوَارِثُ عَلَى أَنَّ مَا بِيَدِهِ صَدَقَةٌ فَإِنْ نَازَعَ فِي أَنَّ الْمَيِّتَ أَمَرَهُ أَنْ يُفَرِّقَ ضَمِنَ مَا فَرَّقَ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ حَلِفِ الْوَارِثِ حَيْثُ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَمَّا عَلَى إنَّهَا لِلْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِنَاءً عَلَى لُزُومِهَا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْحَمْلِ عَلَى مَا إذَا جَدَّ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بِكَسْرِ الطَّاءِ وَهُوَ الْوَاهِبُ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْحَوْزِ أَوْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَجِدَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَفْهَمُ) أَيْ: لِأَنَّ الْعَاقِلَ يُدْرِكُ أَنَّ وُجُودَ الْجُنُونِ أَوْ الْمَرَضِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِالْمَوْتِ لَا يُعْقَلُ مَعَهُمَا صِحَّةُ الْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُدْرَكًا عُطِفَ ذَلِكَ عَلَى الْمُثْبَتَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَقْلَ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ فَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الذِّهْنِ الصِّحَّةُ مَعَ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَخِلَافُ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ بِجَعْلِهِ عَطْفًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي سَبْكِهِ جَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ كَمَا يَصِحُّ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْعَطْفَ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ وَلَمْ تَشْهَدْ إلَّا بِجَعْلِ الْجَوَابِ مُتَأَخِّرًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ أَشْهَدَ أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ إلَخْ صَحَّتْ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ لِوُقُوعِهَا فِي الصِّحَّةِ فَلَمْ تَخْرُجْ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ) أَيْ: تَتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلَمَ الْعِتْقُ أَوْ يَصِحَّ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَطْفَ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا قُدِّرَتْ هَذَا التَّقْدِيرَ وَلَمْ أُبْقِ الْعِبَارَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا الشَّامِلِ لِلْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَعَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَاوِ وَلَا بِأَوْ.
(قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ) ظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ لِمَوْتِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت أَيْ: فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَالَ قَبِلْت وَمَا قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ) الْأَنْسَبُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبُولِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ.
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ مَفْهُومَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ قَبِلَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَصِحُّ مَعَ أَنَّ الْحَوْزَ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْقَبُولِ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ عَقْدِ الْهِبَةِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ فَأَجَابَ بِعَدَمِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْحَوْزَ يَصِحُّ وَلَوْ مَعَ التَّرَاخِي (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْعَارِيَّةِ)
مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ فِي الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْعَرَ جَعْلُ الْمُؤَلِّفِ مَوْتَ الْوَاهِبِ غَايَةً لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَقْبَلْ أَصْلًا.
(ص) وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى (ش) أَيْ صَحَّ الْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ قَبَضَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ لِيَتَرَوَّى فِي أَمْرِهِ هَلْ يَقْبَلُ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْوَدِيعَةِ وَفِي هَذِهِ حَصَلَ مِنْهُ إنْشَاءُ قَبْضٍ بَعْدَ الْهِبَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْوَى.
(ص) أَوْ جَدَّ فِيهِ أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ (ش) فَاعِلُ جَدَّ هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ لِلْقَبْضِ وَالضَّمِيرُ فِي شَاهِدِهِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ أَوْ لِلشَّخْصِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا جَدَّ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ وَالْوَاهِبُ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَاضِيَةٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا أَنْكَرَهَا الْوَاهِبُ وَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَاحْتَاجَتْ إلَى التَّزْكِيَةِ فَجَدَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي تَزْكِيَتِهَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَاضِيَةٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ التَّزْكِيَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ جَدَّ عَطْفٌ عَلَى قَبَضَ لِيَتَرَوَّى وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ.
(ص) أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ إذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ إذَا أَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مَاضِيَةً وَيُعَدُّ فِعْلُهُ ذَلِكَ حَوْزًا لَهَا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْإِعْلَانِ مَعَ الْإِشْهَادِ وَلَعَلَّهُ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ وَالْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ وَالْإِعْلَانُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِتْقِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْإِشْهَادُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَعْتَقَ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ وَيُفِيدُ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَيْسَا كَالْعِتْقِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ بَاعَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَهَبَ.
(ص) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَوْتِ يَرْجِعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بَلْ هِيَ نَافِذَةٌ وَتَنْزِلُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَنْزِلَتَهُ فَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ مِنْ الْوَاهِبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ يُعْلَمْ مَبْنِيٌّ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَيْ: لَمْ يَقَعْ عِلْمُ الْهِبَةِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَّصِفُ بِالْعِلْمِ هُوَ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُمْكِنُ وَبِهَا نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ الَّذِي يَرْجِعُ مَوْتُهُ لِلْوَاهِبِ فَالْحُكْمُ فِيهَا الْبُطْلَانُ.
(ص) وَحَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلَقًا (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُ كُلٍّ مِنْ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَحِيَازَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ: إذَا وَهَبَهَا الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْمُعِيرُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ) ، وَأَمَّا لَوْ قَبِلَ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَصِحُّ حَوْزُهُ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ إذَا قَبِلَ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَإِنْ قُلْت شَرْطُ الْحَوْزِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَهَذَا حَالُ الْمَانِعِ فَلَا يَصِحُّ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَيْنِ لَمَّا كَانَا حَائِزَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ كَانَ حَوْزُهُمَا مَعَ الْمَانِعِ كَافِيًا اُنْظُرْ ك وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا وَهَبَ لَهُ وَحَصَلَ مِنْهُ الْقَبُولُ فِي حَالِ مَرَضِ الْوَاهِبِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْوَدِيعَةِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لَهَا أَنَّهُ لَهَا (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ حَصَلَ إلَخْ) لَا يُسَلَّمُ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَفِي هَذِهِ كَانَ حَائِزًا وَيَنَزَّلُ تَرَوِّيهِ مَنْزِلَةَ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ حَوْزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ تَبْطُلُ الْهِبَةُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْجَدِّ وَالتَّزْكِيَةِ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ) أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ مَعْنَاهُ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ فَصَحَّ حِينَئِذٍ أَنْ يُرَادَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى مَا فَعَلَهُ وَقَوْلُهُ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ أَيْ: أَعْلَنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ) أَيْ: الْإِعْلَانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَثَابَةِ حَوْزِ السِّلْعَةِ الْمَوْهُوبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لِإِثْبَاتِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالْإِعْلَانَ بِمَثَابَةِ حَوْزِ السِّلْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْبَيْعِ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ وَالْإِعْلَانَ بِمَثَابَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَوْزِ (قَوْلُهُ وَالْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَيُفِيدُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْحِيَازَةِ فِي الرَّقَبَةِ الْحِسِّيَّةِ وَأَيْضًا قُدِّمَ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ مِنْ الْوَاهِبِ الْبُطْلَانُ لِلْهِبَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَا مَقَامَ الْحِيَازَةِ مِنْ الْمَوْهُوبِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلُ وَتَرَكَهَا حَتَّى مَاتَ فَتَبْطُلُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الصِّحَّةُ أَيْضًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَرَكَ قَبْضَهَا تَفْرِيطًا فَيَكُونُ كَقَبْضِهَا لِيَتَرَوَّى (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ حُرًّا وَسَيِّدُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) وَلَا يُعْذَرُ فِيهَا بِعَدَمِ الْعِلْمِ أَيْ: لِأَنَّ مَوْتَ الْوَاهِبِ قَبْلَ حِيَازَةِ الْهِبَةِ يُبْطِلُهَا عِلْمُ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَيْهَا أَوْ لَا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أَوْ أَرْسَلَهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.
(قَوْلُهُ وَحَوْزُ مُخْدَمٍ إلَخْ) الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ الشَّخْصُ الَّذِي أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا عِنْدَهُ لِيَخْدُمَهُ فَالْعَبْدُ يُقَالُ لَهُ مُخْدَمٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا، وَأَمَّا مُخْدِمٌ بِكَسْرِ الدَّالِ فَهُوَ مُعْطِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) اُعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِمَا وَرِضَاهُمَا كَذَا فِي عج وَهُوَ تَبَعُ الْمُؤَلِّفِ وعب تَبَعُ عج وَرَدَّهُ مُحَشَّى تت بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ذَلِكَ وَنَصُّهَا، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدَمُ وَالْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُخْدَمُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمَّا قَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونَ حَوْزُ الْمُودَعِ صَحِيحٌ إنْ عَلِمَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ
سَوَاءٌ عَلِمَ كُلٌّ بِالْهِبَةِ أَمْ لَا تَقَدَّمَ كُلٌّ مِنْ الْخِدْمَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ عَلَى الْهِبَةِ أَوْ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا لَا نَحُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ تَقَدَّمَتْ الْهِبَةُ عَلَيْهِمَا فَالْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى إخْدَامٌ وَلَا إعَارَةٌ وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ حَوْزِهِمَا لَهُ حِينَئِذٍ إنْ رَضِيَا لَهُ.
(ص) وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا وَهَبَهَا مَالِكُهَا لِغَيْرِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَلِمَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ بِذَلِكَ وَرَضِيَ فَإِنَّ حِيَازَتَهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَاطِلَةً التُّونُسِيُّ لَمْ يَشْتَرِطْ ابْنُ الْقَاسِمِ عِلْمَ الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ كَمَا شَرَطَ عِلْمَ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا الرِّقَابَ لِمَنَافِعِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ قَالَا لَا تَحَوُّزَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُبْطِلَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَلَا يَقْدِرَانِ عَلَى ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ قَبُولِهِمَا فَصَارَ عِلْمُهُمَا غَيْرَ مُفِيدٍ وَالْمُودِعُ لَوْ شَاءَ لَقَالَ خُذْ مَا أَوْدَعْتَنِي لَا أَحُوزُهُ.
(ص) لَا غَاصِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ إذَا وَهَبَهُ مَالِكُهُ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ حَوْزُ الْغَاصِبِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يُقْبِضْهُ لِلْمَوْهُوبِ وَلَا أَمَرَهُ الْوَاهِبُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَا أَمَرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ لَجَازَ وَهَذَا إذَا رَضِيَ الْغَاصِبُ أَنْ يَحُوزَ لَهُ وَيَصِيرَ كَالْمُودَعِ.
(ص) وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْإِجَارَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَرْهُونَ إذَا وَهَبَهُ مَالِكُهُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ حَوْزَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَكُونُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، فَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ فَالرَّهْنُ لِوَرَثَتِهِ لَهُمْ أَنْ يَفْتَكُّوهُ وَلَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَذَا الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ حَوْزُهُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ حَائِزٌ لِضَرُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ وَهَبَ الْأُجْرَةَ أَيْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الرَّدِّ وَقَبْضُهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّوَثُّقِ لِنَفْسِهِ فَفَارَقَ الْمُودَعَ وَلَا حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ لِجَوَلَانِ يَدِ الْمُؤَجِّرِ فِي الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ بِقَبْضِ أُجْرَتِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِذَا لَوْ وَهَبَ الْأُجْرَةَ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ الرَّقَبَةَ كَانَ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَأَمَّا مَنْ وَهَبَ الْوَاهِبَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ مَا قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَكُونُ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حِينَئِذٍ حَوْزًا لَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ الْأُجْرَةَ بَدَلَ الْإِجَارَةَ لَكَانَ أَوْلَى وَبَعْدَ ذَلِكَ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا وَهَبَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا عَلِمْته أَنَّ هِبَةَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا تَكُونُ حَوْزًا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يَقْبِضُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ بَعْدَ هِبَتِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَيْدَ كَوْنِ هِبَةِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُسَمَّى أُجْرَةً وَإِنَّمَا تَصِيرُ مَالًا مُسْتَقِلًّا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ.
(ص) وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ بِأَنْ آجَرَهَا أَوْ أَرْفَقَ بِهَا (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَلَا وَاهِبٍ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ لَا غَاصِبٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى وَاهِبِهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ الْحَوْزِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِأَنْ آجَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ لِوَاهِبِهَا أَوْ أَرْفَقَهُ بِهَا أَيْ: أَرْفَقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ بِالْهِبَةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ أَيْضًا وَالْإِرْفَاقُ هُوَ الْعُمْرَى؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الرُّجُوعِ عَنْ قُرْبٍ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ يُحِيلُ عَلَى إسْقَاطِ الْحِيَازَةِ فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي رَجَعَتْ لِلْهِبَةِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِإِلَى لِلْوَاهِبِ وَضَمِيرُ بَعْدَ لِلْحَوْزِ وَفَاعِلُ آجَرَ وَأَرْفَقَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ لِلْهِبَةِ وَالْقُرْبُ
ــ
[حاشية العدوي]
هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا قَبْضَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُخْدَمِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ مَعْرِفَتَهُمَا انْتَهَى وَكَذَا فِي مَعِينِ الْحُكَّامِ.
(قَوْلُهُ وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ إلَخْ) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ اعْتِمَادُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَرَضِيَ) إشَارَةٌ مِنْ الشَّارِحِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا زِيَادَةً عَلَى الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُبْطِلَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ فَهَذَا يُنْتِجُ أَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا الرِّقَابَ لِمَنَافِعِهِمَا لَا لِلْمُعِيرِ وَلَا لِلْمُخْدِمِ فَلِذَلِكَ صَحَّ حَوْزُهُمَا.
(قَوْلُهُ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى إبْطَالِ مَا لَهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ عَطِيَّةً مِنْهُمَا لِلْمَالِكِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا لَمَّا قَبِلَا مَلَكَا الْمَنْفَعَةَ فَإِبْطَالُهُمَا لِلْمَالِكِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُهُمَا.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْإِجَارَةَ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَهَبَ الْأُجْرَةَ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ الرَّقَبَةَ لَا لِغَيْرِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الرَّدِّ) الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْمُودِعِ وَالْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ فَفَارَقَ الْمُودَعَ أَيْ: بِقَوْلِهِ وَقَبْضُهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّوَثُّقِ لِنَفْسِهِ أَيْ: فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهُ بِخِلَافِ الْمُودَعِ فَلِذَلِكَ صَحَّ حَوْزُهُ إنْ عَلِمَ وَرَضِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَزَوَّجَهَا مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ أَرْفَقَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ هَذَا فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ غَلَّةٌ) ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ، فَإِذَا عَادَ لِوَاهِبِهِ بَعْدَ أَنْ صَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ فَلَا يَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّ فِي عب خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ وَلَا وَاهِبَ إنْ رَجَعَتْ الْهِبَةُ كَانَ لَهَا غَلَّةٌ أَمْ لَا إلَيْهِ بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقُرْبٍ مِنْ حَوْزِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حَصَلَ مَانِعٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَتَصِيرُ الْحِيَازَةُ كَعَدَمِهَا وَيَبْطُلُ حَقُّهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ فَلَا تَبْطُلُ وَلَهُ أَنْ يَحُوزَهَا وَتَتِمَّ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَرِينَةَ الرُّجُوعِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: قَرِينَةً هِيَ الرُّجُوعُ
دُونَ السَّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مُقَابَلَتُهُ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ سَنَةٍ) يَعْنِي أَنَّ رُجُوعَ الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَنَةً لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا طُولٌ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِقُرْبٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِيُبَيِّنَ مِقْدَارَ الْقُرْبِ وَهَذَا يُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ بَلْ هُمَا أَمْرَانِ مُتَقَابِلَانِ تَأَمَّلْ.
(ص) أَوْ رَجَعَ مُخْتَفِيًا أَوْ ضَيْفًا فَمَاتَ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ سَنَةٍ؛ إذْ مَعْنَى كَلَامِهِ لَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ رَجَعَ الْوَاهِبُ إلَى عَقَارِهِ الَّذِي وَهَبَهُ مُتَخَفِّيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ بِأَنْ وَجَدَ الدَّارَ الْمَوْهُوبَةَ خَالِيَةً فَسَكَنَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَمَاتَ فِيهَا أَوْ رَجَعَ إلَيْهَا ضَيْفًا فَمَاتَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ نَافِذَةٌ وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهَا عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ وَمِثْلُ الضَّيْفِ الزَّائِرُ.
(ص) وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ نَافِذَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ عَنْ هِبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ فَقَوْلُهُ وَهِبَةُ إلَخْ إمَّا بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ قَبَضَ أَيْ: صَحَّ الْحَوْزُ فِي قَبْضِهِ لِيَتَرَوَّى وَفِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ كَذَا وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ مُفِيدٌ لِلصِّحَّةِ وَاعْتِبَارُ الْحِيَازَةِ لَا لِلصِّحَّةِ فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.
(ص) وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا لَا الْعَكْسِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ هِبَةُ الزَّوْجَةِ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، وَأَمَّا هِبَةُ الزَّوْجِ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُلِ لَا لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِزَوْجِهَا.
(ص) وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا الْعَكْسِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِفَوَاتِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ مِلْكِهَا سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ بِهَا أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي بَقِيَتْ عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْهِبَةِ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ إلَخْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامًا حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ الِاسْمُ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْبَابِ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ إلَخْ فِي مَعْنًى وَهُوَ التَّمْلِيكُ وَضَمِيرُهُ وَهُوَ الْمُسْتَتِرُ فِي رَجَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْهِبَةُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ ثُمَّ إنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الْوَاهِبِ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ وَلِكُلِّ أَحَدٍ إلَى وُجُودِ الْمَانِعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ أَيْ: هِبَةُ مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَدَارَ سُكْنَاهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا إلَخْ وَالدَّلِيلُ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ وَالْمَوْضُوعُ فِي الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حُصُولُ الْمَانِعِ.
(ص) إلَّا لِمَحْجُورِهِ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوْ خُتِمَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ لِكُلِّ شَخْصٍ مَوْهُوبٍ إلَّا لِمَحْجُورِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَوْهُوبٍ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ هِبَةً وَاسْتَمَرَّتْ عِنْدَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ بَلْ هُمَا أَيْ قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ دُونَ السَّنَةِ ثُمَّ أَقُولُ هَذَا لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّ فِيهِ إخْرَاجًا إنَّمَا قَالَ يُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ.
(قَوْلُهُ مُخْتَفِيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ) تَبِعَ تت فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ بَلْ فَرْضُهَا فِي اخْتِفَائِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ خَوْفًا فَمَرِضَ فَمَاتَ انْتَهَى
(قَوْلُهُ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِهِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَآنِيَةٍ وَالْخَادِمِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ وَمِثْلُ هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا هِبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا أَوْ سَيِّدِهَا لَهَا مَتَاعًا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَمِثْلُ الْمَتَاعِ عَبِيدُ الْخِدْمَةِ لَا الْخَرَاجِ؛ إذْ لَا بُدَّ فِي عَبِيدِ الْخَرَاجِ مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الْحِيَازَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَتَاعًا (قَوْلُهُ وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَلَا يُخَالِفَ مَا فِي الْبَيْعِ مِنْ فَسَادِ عَقْدِهِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ خَرَجَ عَلَى عِوَضٍ بِخِلَافِ هَذَا تَقْرِيرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ هَكَذَا قَالَ عج اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُحَشَّى تت بِمَا حَاصِلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا فَالنَّصُّ فِيهِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَصَدَّقَ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِالْمَسْكَنِ الَّذِي تَسْكُنُ مَعَهُ فِيهِ أَوْ تَتَصَدَّقَ عَلَى بَنِيهَا الصِّغَارِ بِالْمَسْكَنِ الَّذِي تَسْكُنُ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا أَنَّ ذَلِكَ حِيَازَةٌ لِبَنِيهِ إذَا مَكَّنَتْ الْأَبَ مِنْ الدَّارِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْكَانِ وَجَوَازِ الْحِيَازَةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ الْإِمْكَانِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَهُ أَتَصَدَّقُ عَلَيْك بِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَّاهَا عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجَنِي مِنْهَا وَتَسْكُنُ فِيهَا مَعِي أَوْ تَقُولَ لَهُ أَتَصَدَّقُ عَلَى بَنِيك بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ فِيهَا فَتَلْتَزِمَ الْكِرَاءَ لَهُمْ وَلَا تُخْرِجُنِي مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ سُكْنَاهُ مَعَهَا فِيهَا حِيَازَةً لَهُ وَلَا لَهُمْ فَالنَّقْلُ صَرِيحٌ خِلَافُ مَا قَالَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا فَالرَّاجِحُ أَنَّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِرَجُلٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ فَالشَّرْطُ عَامِلٌ وَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَبْسِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ وُرِثَتْ عَنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ) أَيْ: حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا وَتَحُوزَهَا الزَّوْجَةُ لِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ حَصَلَتْ إحَاطَةُ دَيْنٍ (فَلَا يَحْتَاجُ) كَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ كُلْفَةٍ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِخْدَامُ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ إنَّمَا يُقَدَّرُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِمَحْجُورِهِ لَا أَنَّهُ يُقَدَّرُ قَبْلُ كَمَا تَقْضِيهِ عِبَارَتُهُ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ.
. (قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ) أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ لِمَانِعٍ كَمَوْتِهِ
الْوَاهِبِ إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ لِمَحْجُورِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحْجُورُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ مُقَدَّمًا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَأَبْقَاهَا تَحْتَ يَدِهِ إلَى أَنْ فَلَّسَ مَثَلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهَا بِخَتْمِهِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ الْعَمَلُ نَعَمْ إنْ خَتَمَ عَلَيْهَا وَحَازَهَا لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَى أَنْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ.
(ص) وَدَارُ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ وَالْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ مَا لَا يُعْرَفُ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهَا لِمَحْجُورِهِ مَا دَامَ الْوَاهِبُ سَاكِنًا فَلَوْ سَكَنَ الْأَقَلَّ وَأَكْرَى لِمَحْجُورِهِ الْأَكْثَرَ فَلَا يَضُرُّ وَتَصِيرُ كُلُّهَا صَدَقَةً عَلَى الْمَحْجُورِ فَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ وَأَكْرَى لَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَإِنَّ مَا سَكَنَهُ تَبْطُلُ الصَّدَقَةُ فِيهِ وَمَا أَكْرَاهُ لَهُ تَمْضِي صَدَقَتُهُ لِلْمَحْجُورِ فَإِنْ سَكَنَ الْوَاهِبُ الْأَكْثَرَ وَأَكْرَى لَهُ أَقَلَّهَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ كُلَّهَا تَبْطُلُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَحْجُورِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ الْأَبُ دَارَ سُكْنَاهُ لِكِبَارِ وَلَدِهِ فَلَا يَبْطُلُ مِنْهَا إلَّا مَا سَكَنَهُ فَقَطْ وَيَصِحُّ مَا حَازَهُ الْوَلَدُ كَانَ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا وَالْوَقْفُ مِثْلُ الْهِبَةِ فِي ذَلِكَ.
(ص) وَجَازَتْ الْعُمْرَى (ش) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْهِبَةِ أَتْبَعَهَا بِالْعُمْرَى وَهِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَقْصُورَةً مَأْخُوذَةً مِنْ الْعُمْرِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لَهَا وَأَفْرَدَهَا عَنْ الْهِبَةِ إشَارَةً لِلْفَرْقِ؛ إذْ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ لِلذَّاتِ وَهَذِهِ لِلْمَنَافِعِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ هِيَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ حَيَاةِ الْمُعْطِي بِغَيْرِ عِوَضِ إنْشَاءٍ أَخْرَجَ بِالْمَنْفَعَةِ إعْطَاءَ الذَّاتِ وَأَخْرَجَ بِحَيَاةِ الْمُعْطِي الْحَبْسَ وَالْعَارِيَّةَ وَالْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطِي بِكَسْرِهَا لَيْسَ بِعُمْرَى حَقِيقَةً وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَا إذَا كَانَ بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَقَوْلُهُ إنْشَاءٍ أَخْرَجَ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ الْعُمْرَى وَحُكْمُهَا النَّدْبُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالْجَوَازِ دُونَ النَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْأَصِيلُ وَلِيَأْتِيَ الْإِخْرَاجُ الْإِخْرَاجُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ لَا الرُّقْبَى.
(ص) كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَارِثَك (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى تَكُونُ بِلَفْظِ الْعُمْرَى وَبِغَيْرِهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعَطَايَا كَقَوْلِهِ أَعْمَرْتُك دَارِي أَوْ أَسْكَنْتُك وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ أَعْمَرْت وَارِثَك أَوْ أَعْمَرْتُك وَوَارِثَك وَبِعِبَارَةٍ كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَوَارِثَك كَذَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا وَأَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا لَهُمْ وَلَا عَايَنُوا الْحِيَازَةَ وَلَا صَرْفَ الْغَلَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَاقِفَ خَرَجَ عَنْ الْغَلَّةِ فَقَطْ فَاشْتَرَطَ صَرْفَهَا لَهُ كَمَا قُدِّمَ فِي الْوَقْفِ، وَأَمَّا الْوَاهِبُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الذَّاتِ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ {تَتِمَّةٌ} قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي غَايَةِ الْأَمَانِي مَا نَصُّهُ ج أَيْ ابْنُ نَاجِي فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ فَلَا تَجُوزُ حِيَازَتُهُ لَهُ أَيْ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فِي صِغَرِهِ فَحَازَ لَهُ فَبَلَغَ رَشِيدًا أَوْ لَمْ يَحُزْ بَعْدَ رُشْدِهِ مَا وَهَبَهُ لَهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا وَيُخْتَلَفُ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الرُّشْدِ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ أَوْ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الرُّشْدُ قَوْلَانِ وَإِذَا تَنَازَعَ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ فَادَّعَى الْكِبَارُ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ بُلُوغِ الصِّغَارِ وَأَنَّهُ حَازَ لَهُمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ وَادَّعَى الصِّغَارُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ فَإِنَّ الْحَوْزَ صَحِيحٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصِّغَارِ وَعَلَى الْكِبَارِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ إلَخْ) أَيْ: وَكَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ مِنْ دُورٍ أَوْ عَبِيدٍ
(قَوْلُهُ وَلَوْ خَتَمَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِلْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَحْضَرَهَا لِلشُّهُودِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَدَارُ سُكْنَاهُ) أَيْ وَكَذَا ثَوْبٌ لَبِسَهُ وَمَوْضُوعُ تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورُ فِي الْمَحْجُورِ وَلَوْ بَلَغَ أَوْ رَشِدَ وَلَمْ يَحُزْ بَعْدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ يَفْتَرِقُ دَارُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِهَا فِي هِبَةِ الْأَبِ لِلصَّغِيرِ أَنَّ دَارَ السُّكْنَى لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلتَّخَلِّي وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَمِثْلُهَا الْمَلْبُوسُ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَكْفِي الْإِشْهَادُ بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَايَنْ الْحِيَازَةُ انْتَهَى فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ يُغْنِي عَنْ الْحِيَازَةِ وَإِحْضَارِ الشُّهُودِ بِهَا فِيمَا لَا يَسْكُنُهُ الْأَبُ وَلَا يَلْبَسُهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا) لَيْسَ خَاصًّا بِدَارِ السُّكْنَى بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهَا إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُخَصِّصُوا هَذَا التَّفْصِيلَ بِدَارِ السُّكْنَى كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُ الدُّورِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الثِّيَابُ يَلْبَسُهَا أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ مِثْلُ الْهِبَةِ إلَخْ) أَيْ: الصَّدَقَةُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعُمْرِ) أَيْ: عُمِّرَ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لَهَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ أَعْمَرْتُك وَمَلَّكْتُك مَنْفَعَةَ هَذَا الشَّيْءِ مُدَّةَ حَيَاتِك ح أَيْ: لَا مِنْ الْإِعْمَارِ وَلِأَجْلِ كَوْنِهَا مَأْخُوذَةً مِنْ الْعُمْرِ تَصِحُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَالثِّيَابِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ فَإِنْ قُصِرَتْ عَنْ الْعُمْرِ صَحَّتْ وَلَكِنْ لَا يُقَالُ لَهَا عُمْرَى بَلْ عَارِيَّةٌ.
{تَنْبِيهٌ} هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ كَالْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِعُمْرَى حَقِيقَةً) أَيْ: بَلْ عُمْرَى مَجَازًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ إنْشَاءٍ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِ عَلَيْك (قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا النَّدْبُ) أَيْ: الْأَصْلُ النَّدْبُ أَيْ وَقَدْ تَعْرِضُ الْكَرَاهَةُ كَمَا إذَا أَعْمَرَهَا لِمَنْ يُخْشَى مِنْهُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ وَتَحْرِيمُهَا كَمَا إذَا تَحَقَّقَ فِيهَا فِعْلُ الْمَعْصِيَةِ وَوُجُوبُهَا كَقَوْلِ شَخْصٍ لِمَالِكِ دَارٍ إنْ لَمْ تُعْمِرْهَا فُلَانًا قَتَلْتُك وَفِيهِ بَحْثٌ؛ إذْ الْمُكْرَهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَلَا يَتَّصِفُ فِعْلُهُ بِوُجُوبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْأَصِيلُ) أَيْ الْمُتَأَصِّلُ أَيْ: بِخِلَافِ النَّدْبِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ لَيْسَ بِأَصِيلٍ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِنَدْبِيَّتِهَا فَمَا مَعْنَى الْأَصَالَةِ الْمُتَأَصِّلَةِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيُصَدَّقُ بِالنَّدْبِ (قَوْلُهُ وَأَعْمَرْتُك وَوَارِثَك) فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْمَوْرُوثِ بِخِلَافِ وُقِفَ عَلَيْك وَعَلَى وَلَدِك فَإِنَّهُمَا
يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِوَاوِ الْعَطْفِ بَعْدَ أَوْ وَأَيْ كَأَعْمَرْتُك فَقَطْ أَوْ أَعْمَرْتُك وَأُورِثُك فَهُمَا مِثَالَانِ انْتَهَى وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةَ جَمْعٍ فَيَصْدُقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ.
(ص) وَرَجَعَتْ لِلْمُعَمِّرِ أَوْ وَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ تَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ لِلْمُعَمِّرِ مِلْكًا أَوْ لِوَارِثِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُعَقَّبَةً أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ الْمُعَقَّبَةُ تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَا تَرْجِعُ لِلْمُعَمِّرِ وَالْمُرَادُ وَارِثُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْمَرْجِعِ مَثَلًا لَوْ مَاتَ الْمُعَمِّرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلَهُ وَلَدٌ وَأَخٌ فَلَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تُدْفَعُ لِلْأَخِ.
(ص) كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِآخَرِكُمَا مِلْكًا (ش) التَّشْبِيهُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْجَوَازِ أَيْ: فِي جَوَازِ رُجُوعِهَا فِي الْعُمْرَى مِلْكًا وَرُجُوعِهَا لِلْآخَرِ فِي الْحَبْسِ مِلْكًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدِي هَذَا حَبْسٌ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِلْآخَرِ مِنْكُمَا جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ مِلْكًا يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَشَاءُ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مِلْكٌ لَيْسَ بِكَلَامِ الْمُحْبِسِ بَلْ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: رَجَعَ أَوْ الرُّجُوعُ مِلْكٌ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مِلْكًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي رَجَعَتْ انْتَهَى أَيْ: رَجَعَتْ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ أَوْ وَارِثِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُمْرَى وَلِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ وَتَأْخِيرُهُ هُنَا لِيَكُونَ نَصًّا فِي رُجُوعِهِ لِمَسْأَلَةِ الْحَبْسِ أَيْضًا الْمُحْتَاجُ إلَى طَلَبِ ذَلِكَ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نُصُوصِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ إذْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلٌ فَلَوْ أُسْقِطَ وَهُوَ لِآخِرِكُمَا فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا رَجَعَ لِلْآخَرِ حَبْسًا، فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ فَهَلْ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ أَوْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحْبِسِ أَوْ وَارِثِهِ.
(ص) لَا الرُّقْبَى (ش) عَطْفٌ عَلَى الْعُمْرَى وَالْمَنْعُ ضِدُّ الْجَوَازِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى بَيَانِ حَقِيقَتِهَا الْعُرْفِيَّةِ بِالْمِثَالِ بِقَوْلِهِ (كَذَوِي دَارَيْنِ قَالَا إنْ مِتّ قَبْلِي فَهُمَا لِي وَإِلَّا فَلَكَ) أَيْ: كَصَاحِبَيْ دَارَيْنِ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ مِتّ قَبْلَك فَدَارِي حَبْسٌ عَلَيْك فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَلِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ إلَى الْمُخَاطَرَةِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ فُسِخَ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ رَجَعَتْ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا وَلَا تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بَاطِلٌ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
يَشْتَرِكَانِ أَيْ: يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَارِثُهُ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ وَارِثُهُ بِالْقُوَّةِ فَيَشْمَلُ ابْنَهُ الْمَوْجُودَ الْآنَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَثَابَةِ قَوْلِك أَعْمَرْتُك (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ إلَخْ) هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ أَوْ وَارِثَك أَيْ: أَنَّ ذَلِكَ الْإِعْمَارَ إمَّا لَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ) أَيْ: فَيَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْ: جَمْعُ الْأَمْرَيْنِ هُوَ وَوَارِثُهُ وَقَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَالثَّالِثَةُ هِيَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فِي الْإِعْمَارِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نُسْخَتِهِ أَوْ وَوَارِثَك هِيَ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ سَاكِنًا عَنْ نُسْخَةِ إعْمَارِ الْوَارِثِ فَقَطْ بِخِلَافِ هَذِهِ النُّسْخَةِ فَتَكُونُ شَامِلَةً لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ) أَيْ: لَا بِمَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَفِي الْعِبَارَةِ عَلَى انْقِرَاضِ الْعَقِبِ (قَوْلُهُ مَثَلًا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثَّلَ بِابْنٍ رَقِيقٍ وَأَخٍ حُرٍّ كَانَا مَوْجُودَيْنِ حِينَ مَوْتِ الْمُعَمِّرِ وَلَكِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ حَتَّى عَتَقَ الِابْنُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا حِينَ مَاتَ الْمُعَمِّرُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا) وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَكُمَا أَمْ لَا وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ لِآخَرِكُمَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وَقَوْلُ شَارِحِنَا فَلَوْ أَسْقَطَ وَهُوَ لِآخَرِكُمَا أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَكُمَا (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْجَوَازِ) وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَجَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ إلَخْ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَفِي رُجُوعِهِمَا مِلْكًا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ بَلْ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَيْ: إنْ مَلَّكَهُ لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ، وَأَمَّا جَعْلُهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ فَوَاضِحٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرُّجُوعَ الْمَذْكُورَ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِيَّةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي تَرْجِيعِهِ لِلْعُمْرَى أَيْ: مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَاجُ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ أَيْ: طَلَبَ الرُّجُوعَ لَهَا طَلَبًا أَكِيدًا وَأَصْلُ الْمَعْنَى الْمُحْتَاجُ إلَى الرُّجُوعِ الْمَطْلُوبُ لَهَا طَلَبًا أَكِيدًا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِيَكُونَ نَصًّا (قَوْلُهُ إذْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَتْ فَقَوْلُهُ مَلَكَ فِي الْمَعْنَى مُتَقَدِّمٌ فَأَيْنَ النُّصُوصِيَّةُ (قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعُ إلَخْ) فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَهَذَا الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَعَلَى عَشَرَةٍ حَيَاتَهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَهُمْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَفِي عب تَبَعًا لِمُفَادِ عج أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَبَقِيَ مَا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَهُوَ لِآخَرِكُمَا كَانَتْ لِلْآخَرِ حَبْسًا فَإِنْ مَاتَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ بِصُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْهَا.
(قَوْلُهُ وَالْمَنْعُ ضِدُّ الْجَوَازِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا الرُّقْبَى فَهِيَ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضِدُّ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَهُمَا لِي) لَا يَخْفَى أَنَّ دَارَ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ مِتّ قَبْلِي فَدَارُك لِي مَضْمُومَةٌ لِدَارِي وَإِنْ مِتّ قَبْلَك فَدَارِي لَك مَضْمُومَةٌ لِدَارِك فَهُوَ مِنْ الْمُشْبِهِ لِلنَّوْعِ الْمُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135](قَوْلُهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ عج ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا وَقَعَ مَا ذُكِرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمَا تَفْسِيرٌ) لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ رَجَعَتْ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ صَوَابُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَجَعَتْ لِوَارِثِهِ
كَهِبَةِ نَخْلٍ وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا سِنِينَ وَالسَّقْيِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (ش) هُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَهَبَ شَخْصًا نَخْلًا وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ لِنَفْسِهِ ثَمَرَتَهَا سِنِينَ مَعْلُومَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ السَّقْيَ لِلنَّخْلِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِلنَّخْلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ وَلِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا أَعْوَامًا مُعَيَّنَةً وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي سَقْيَهَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَصِيرُ النَّخْلُ إلَيْهِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَعْوَامِ فَهُوَ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ ثَمَرَتِهَا لِأَكْلِهَا لَجَازَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَالسَّقْيِ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّقْيُ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَلَكِنْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ لَجَازَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَهِبَةِ نَخْلٍ أَيْ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى سَقْيٍ وَعِلَاجٍ وَلَا مَفْهُومَ لِسِنِينَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْغَرَرُ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَيَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ وَالثَّمَرَةُ وَالْأُصُولُ لِرَبِّهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِتَغَيُّرِ مِلْكِهِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا أَكَلَهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ تَأَمَّلْ.
(ص) أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا سِنِينَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَدْفَعَ فَرَسًا لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ وَيَكُونُ لَهُ بَعْدُ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْفَرَسَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ تِلْكَ السِّنِينَ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْلَمُ الْفَرَسُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ بَاطِلًا فَهَذَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ وَاوُ الْحَالِ وَالْحَالُ قَيْدٌ أَيْ: شَرْطٌ فِي عَامِلِهَا وَصَاحِبِهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ شَرْطٌ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي تَعَقُّبِ الْبِسَاطِيِّ لَهُ نَظَرٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ أَيْ: أَنْ لَا يَمْلِكَهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَيَنْبَغِي إذَا سَقَطَ الشَّرْطُ صَحَّ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ خُيِّرَ رَبُّ الْفَرَسِ إمَّا أَنْ يُسْقِطَ الشَّرْطَ وَتَكُونَ الْفَرَسُ لِمَنْ أُعْطِيت لَهُ أَوْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيُؤَدِّيَ لِلرَّجُلِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ كَانَتْ الْفَرَسُ لِلْآخِذِ بَتْلًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ.
(ص) وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ (ش) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزِ وَضَمِيرُ اعْتِصَارِهَا عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ لَا الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِصَارَ لَهُ فِيهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ دَنِيَّةٌ إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ كَهِبَةِ نَخْلٍ) فَصَلَ بِالْكَافِ وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الرُّقْبَى مِنْهُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْهِبَةُ وَإِنْ مِنْ الْآنَ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْهِبَةَ وَاقِعَةٌ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا مِنْ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ إلَخْ إنَّمَا يَنْتِجُ عَنْ كَوْنِهِ بَيْعًا فَقَطْ لَا كَوْنِهِ مُتَأَخِّرَ الْقَبْضِ وَقَالَ شَارِحُنَا لَعَلَّ الْإِطْلَاقَ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَرَةَ أَيْ: الْغَرَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَاشْتُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ مُلَاحَظَةَ الشَّرْطِيَّةِ فِي ذَلِكَ تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَنٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ سَابِقًا؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِلنَّخْلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي النَّظِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ لِكَوْنِ الثَّمَرَةِ لَهُ (قَوْلُهُ لَجَازَ ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّ قَبْضَ الْبُسْتَانِ حَصَلَ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ) ابْنُ عَاشِرٍ وَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى مُعَانَاةٍ فِي السَّقْيِ بِمَاءِ الْوَاهِبِ فَيُشْكِلُ حِينَئِذٍ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ) اعْتَمَدَ عج كَلَامَ الْبِسَاطِيِّ جَاعِلًا أَنَّهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ مَلَكَ النَّخْلَ وَثَمَرَهُ وَلَا نَظَرَ لِلِاسْتِثْنَاءِ.
. (قَوْلُهُ أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا سِنِينَ) قَالَ عج الْجَمْعُ هُنَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ السَّابِقِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ شَرْطٌ) الشَّرْطِيَّةُ بِحَسْبِ الْمَقَامِ لَا فِي كُلِّ حَالٍ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَك جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا فَالْحَالُ فِي هَذَا قَيْدٌ لَا يُقَالُ لَهُ شَرْطٌ وَقَوْلُهُ وَصَاحِبُهَا فِيهِ تَسَامُحٌ إنَّمَا هِيَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا (قَوْلُهُ وَفِي تَعْقِيبِ الْبِسَاطِيِّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ وُهِبَ لَهُ الْآنَ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَبِأَنَّ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَالْمُصَنِّفُ قَالَ سِنِينَ وَبِأَنَّهُ أَخَلَّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ هِيَ لَهُ وَبِأَنَّ فِي كَلَامِهَا وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ وَالْمُصَنِّفُ حَذَفَ وَاشْتَرَطَ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذِهِ الْإِيرَادَاتِ أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَبِيعُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ يُفِيدُ ذَلِكَ لِقَصْرِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي الثَّلَاثَةِ فَأَحْرَى فِي أَقَلَّ مِنْهَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فَمَفْهُومَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَالْحَالُ قَيْدٌ أَيْ: شَرْطٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ صَحَّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ.
(قَوْلُهُ كَانَتْ لِلْآخِذِ بَتْلًا) أَيْ فَالتَّفْصِيلُ حَيْثُ لَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ وَإِلَّا مَلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ) وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّجَرِ مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ هُنَا قَدْ انْقَضَى وَلَمْ يَنْقَضِ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ الْأَشْجَارَ تَغَيَّرَتْ فِي ذَاتِهَا فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا فَاتَ فَلَوْ انْقَضَى الْأَجَلُ فَقَدْ مَلَكَهَا مِنْ غَيْرِ دَفْعِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَتِهَا كَالْفَرَسِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ دَنِيَّةٌ) أَيْ: الْحُرَّ وَقَوْلُهُ مِنْ وَلَدِهِ أَيْ: الْحُرِّ أَيْ ارْتِجَاعُهَا بِدُونِ عِوَضٍ جَبْرًا عَلَيْهِ
وَهَبَ لِوَلَدِهِ هِبَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا حِيزَتْ الْهِبَةُ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ هِبَةً ثُمَّ يَعُودَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ» وَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ: وَلِلْأَبِ فَقَطْ لَا الْجَدِّ مَثَلًا اعْتِصَارٌ فَقَطْ أَيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الِاعْتِصَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ: الْهِبَةِ فَقَطْ لَا الصَّدَقَةِ مِنْ وَلَدِهِ فَقَطْ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَأُمٍّ فَقَطْ لَا الْجَدَّةِ مَثَلًا وَاعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِصَارَ مُخْتَصٌّ بِالْهِبَةِ وَحْدَهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْعَطِيَّةِ وَالْمِنْحَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ دُونَ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا قَالَ فِيهِ هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ جَعَلَهُ صِلَةَ رَحِمٍ فَلَا اعْتِصَارَ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا شَرَطَ اعْتِصَارَهَا فَلَهُ شَرْطُهُ وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاعْتِصَارَ بِقَوْلِهِ هُوَ ارْتِجَاعُ عَطِيَّةٍ دُونَ عِوَضٍ لَا بِطَوْعِ الْمُعْطَى.
(ص) كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ وَإِنْ مَجْنُونًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ إذَا وَهَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ هِبَةً فَلَهَا أَنْ تَعْتَصِرَهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَجْنُونًا مُطْبِقًا وَقْتَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ وَالِابْنُ مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَأَمَّا الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهُ لَا اعْتِصَارَ لَهُمْ وَعَنْ ذَلِكَ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ وَإِنَّمَا قُلْنَا صَغِيرًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ تَيَتَّمَ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ: أَنَّ الْأُمَّ إذَا وَهَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ وَلَهُ أَبٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْيُتْمُ بَعْدَ الْهِبَةِ فَإِنَّهَا تَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَبٌ حِينَ الْهِبَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْهِبَةِ لَا أَبَ لَهُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَصِرَهَا؛ لِأَنَّهُ يَتِيمٌ وَيُعَدُّ ذَلِكَ كَالصَّدَقَةِ يُرِيدُ وَلَوْ بَلَغَ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَتْ الْكَبِيرَ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَمْ لَا.
(ص) إلَّا فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ أَوْ الْإِخْدَامَ أَوْ الْعُمْرَى أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْمُعْطِي بِمَا ذُكِرَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابَ الْآخِرَةِ صَارَ صَدَقَةً وَهِيَ لَا تُعْتَصَرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ لَا اعْتِصَارَ لِأَبٍ وَلَا لِأُمٍّ إذَا أَرَادَ كُلٌّ بِالْهِبَةِ صِلَةَ الرَّحِمِ كَمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا مُحْتَاجًا أَوْ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا اعْتِصَارَ لِأَحَدِهِمَا فِي الْهِبَةِ إذَا شَهِدَ عَلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ (كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الِاعْتِصَارِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَعْتَصِرَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا حِينَئِذٍ فَلَوْ شَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ وَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا فَإِنْ قُلْت سُنَّةُ الصَّدَقَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهَا يُقَالُ وَسُنَّةُ الْحَبْسِ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِ وَإِذَا شَرَطَ الْمُحْبِسُ فِي نَفْسِ الْحَبْسِ بَيْعَهُ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ.
(ص) إنْ لَمْ تَفُتْ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي مَوَانِعِ الِاعْتِصَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الِاعْتِصَارِ لِلْهِبَةِ أَنْ لَا تَفُوتَ مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ كَمَا إذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ أَوْ سَمِنَ الْهَزِيلُ أَوْ هَزَلَ الْكَبِيرُ أَوْ بِجَعْلِ الدَّنَانِيرِ حُلِيًّا أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوَّتَاتِ فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا اعْتِصَارَ لِوَاهِبِهَا حِينَئِذٍ، وَأَمَّا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَلَا تُفِيتُ الِاعْتِصَارَ فِي الْهِبَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَلَى حَالِهَا وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنَقْصُهَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا وَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا وَلِقَوْلِهِ حِيزَتْ رُدَّ بِالْأَوَّلِ عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلِ إنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي حِجْرِهِ أَوْ بَائِنًا عَنْهُ وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ وَبِالثَّانِي عَلَى مَنْ يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَجُزْ (قَوْلُهُ يَهَبَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ: لَفْظِ الِاعْتِصَارِ رُدَّ هَذَا بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى لَفْظِ الِاعْتِصَارِ بِدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ أَوْ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَوْدِ كَانَ بِلَفْظِ الِاعْتِصَارِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُخْتَصٌّ بِالْهِبَةِ وَحْدَهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ لَفْظَةُ وَحْدَهَا فَالْوَحْدَةُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ دُونَ الصَّدَقَةِ وَقَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالْعُمْرَى وَقَوْلُهُ دُونَ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ فَالْخَارِجُ الصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ فَقَطْ وَكَذَا مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ هُوَ ارْتِجَاعُ عَطِيَّةٍ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْرِيفَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الِاعْتِصَارِ وَكَذَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي لَفْظَ الِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَجْنُونًا مُطْبِقًا وَقْتَ الْهِبَةِ) وَلَوْ جُنَّ الْأَبُ بَعْدَ هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ فَلِوَلِيِّهِ الِاعْتِصَارُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْبِكْرَ بِنْتَ الْمَجْنُونِ لَا تُسْتَأْمَرُ إذَا قَدَّمَ الْقَاضِي مَنْ يَتَزَوَّجُهَا؛ لِأَنَّ لَهَا أَبًا وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُسْتَأْمَرَ كَالْيَتِيمَةِ وَابْنَةِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ طَرَأَ إلَخْ) أَيْ فَصِيغَةُ الْفِعْلِ تَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ الْيُتْمِ بَعْدَ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ) الصَّوَابُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ {تَنْبِيهٌ} الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُقَابَلٌ بِهِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا اعْتِصَارٌ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ مِنْهُ الْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ تَبَعِيَّتُهُمْ (قَوْلُهُ وَيُرِيدُ وَلَوْ بَلَغَ) أَيْ بَعْدَ الْهِبَةِ.
(قَوْلُهُ وَثَوَابَ الْآخِرَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ وَهُوَ الْأُمُّ (قَوْلُهُ صَغِيرًا مُحْتَاجًا) أَيْ: فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِنَفَقَتِهِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى أَبِيهِ أَوْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفَقَتِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ أُمًّا (قَوْلُهُ أَوْ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَشَأْنُهُ الْحَاجَةُ أَيْضًا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَصَدَ صِلَةَ الرَّحِمِ وَإِلَّا فَلَهُ الِاعْتِصَارُ (قَوْلُهُ كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ: بِأَنْ شَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ) أَيْ: وَلَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ يُقَالُ وَسُنَّةُ إلَخْ) كَأَنَّهُ قَالَ لَا غَرَابَةَ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِذَا شَرَطَ) أَقُولُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَلْ نَوَى فَقَطْ وَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ تَغَيُّرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِجَعْلِ الدَّنَانِيرِ حُلِيًّا) أَيْ: فَفِيهَا نَقْصٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ مُفِيتٌ؛ لِأَنَّهُ نَقْصُ صِفَةٍ وَهُوَ فَوْتٌ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَأَحْرَى مَا هُنَا (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنَقْصُهَا)
تَأْثِيرَ فِي صِفَتِهَا فَلَمْ تَمْنَعْ الِاعْتِصَارَ كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ وَلَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ بَيْنَ الْمَعْنَوِيَّةِ كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ لَهَا بَالٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ كَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ يَعْمَلُ صَنْعَةً فَنَسِيَهَا أَوْ الْحِسِّيَّةِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ وَسِمَنِ الْهَزِيلِ وَهَلْ هُوَ عَامٌّ فِي الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ أَوْ فِي الدَّوَابِّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقَالَةِ وَمِمَّا يُفَوِّتُ الْهِبَةَ خَلْطُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَهَا بِمِثْلِهَا فَلَوْ زَالَ النَّقْصُ وَرَجَعَ الزَّيْدُ فَإِنَّهُ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ.
(ص) وَلَمْ يَنْكِحْ أَوْ يُدَايِنْ لَهَا أَوْ يَطَأْ ثَيِّبًا أَوْ يَمْرَضْ كَوَاهِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الِاعْتِصَارِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ قَدْ تَزَوَّجَ أَيْ عَقَدَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَإِنَّ عَقْدَ الْوَلَدِ النِّكَاحَ مُفَوِّتٌ لِلِاعْتِصَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَدَايَنَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِلِاعْتِصَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي التَّدَايُنِ لِأَجْلِ الْهِبَةِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ قَصْدُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ فَلَوْ تَدَايَنَ لِغَيْرِ الْهِبَةِ بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَلِيلَةً فِي نَفْسِهَا لَا يُزَوَّجُ وَلَا يُعَامَلُ لِأَجْلِهَا فَإِنَّ التَّزَوُّجَ وَالتَّدَايُنَ حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ اعْتِصَارِهَا وَلِلْأَبِ أَوْ الْأُمِّ الِاعْتِصَارُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَ الْوَلَدُ الْبَالِغُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الِاعْتِصَارُ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا حَمَلَتْ، وَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا إلَى أَجَلٍ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ افْتِضَاضَ الْبِكْرِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ النَّقْصِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَلِكَ يَفُوتُ الِاعْتِصَارُ بِمَرَضِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِالْهِبَةِ أَوْ بِمَرَضِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا صَارَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَارِثٌ وَقَدْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الِابْنِ.
(ص) إلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا وَلَدَهُ هِبَةً وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ أَوْ وَهُوَ مِدْيَانٌ أَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَقْتَ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الِاعْتِصَارِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا وَهَبَهُ وَلَيْسَ ثَمَّ مَرَضٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا مُدَايَنَةٌ وَهَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ وَهُوَ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ.
(ص) أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَرَضَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ إذَا زَالَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِصَارُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَأَمَّا النِّكَاحُ وَالْمُدَايَنَةُ إذَا زَالَا فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِصَارِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرَضِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ أَنَّ الْمَرَضَ أَمْرٌ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَإِذَا زَالَا عَادَ الِاعْتِصَارُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَامَلَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَإِذَا زَالَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ الِاعْتِصَارُ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَنُقِلَ هَذَا الْفَرْقُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(ص) وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَوْدَ الصَّدَقَةِ إلَى مِلْكِ مَنْ تَصَدَّقَ بِهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَاحْتُرِزَ بِالصَّدَقَةِ مِنْ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ مِمَّا إذَا عَادَتْ لَهُ بِمِيرَاثٍ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَقَوْلُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ أَيْ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا تَأْثِيرَ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ: وَلَا ذُو تَأْثِيرٍ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الدَّوَابِّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقَالَةِ)(قَوْلُهُ فَلَوْ زَالَ النَّقْصُ إلَخْ) أَيْ: كَأَنْ حَدَثَ نَقْصٌ ثُمَّ زَالَ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّيْدُ أَيْ: حَدَثَ زَيْدٌ ثُمَّ رَجَعَتْ لِحَالِهَا الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَيْ: عَقَدَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْكِحْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَدَايَنَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ وَلَمْ يُدَايِنْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ إلَخْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يُزَوَّجْ يَقْتَضِي قِرَاءَةَ وَلَمْ يُنْكَحْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَيُخَالِفُ مُقْتَضَى مَا صَدَرَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَيُقَالُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ الْوَلَدِ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الدَّيْنِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَمُفَادُ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَكْفِي قَصْدُ الِابْنِ وَحْدَهُ وَكَذَا مُفَادُ غَيْرِهِ وَيَكُونُ قَصْدُ الْغَيْرِ أَوْلَى غَيْرَ أَنَّ مُحَشَّى تت يُفِيدُ قُوَّةَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تت حَلَّ الْمُصَنَّفَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَجَاءَ الْمُحَشَّيْ فَقَالَ هَذَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّأِ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ) أَيْ الْعَلِيَّةَ لَا الْوَخْشَ فَلَا يَفُوتُهَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الِابْنِ) كَالزَّوْجَةِ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ ابْنِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ أَوْ يَزُولُ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ: وَكَذَا لَوْ اعْتَصَرَ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ صَحَّ الْمَرِيضُ فَيَصِحُّ الِاعْتِصَارُ السَّابِقُ وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ زَوَالَ الزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ لَيْسَ كَزَوَالِ الْمَرَضِ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) وَذَلِكَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا مَرِضَ الِابْنُ ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ هَلْ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ لِزَوَالِ مَانِعِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْمُغِيرَةِ وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ بِأَنَّ الِاعْتِصَارَ لَا يَعُودُ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ أَمْرٌ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ: غَيْرَ دَاخِلِينَ عَلَيْهِ مُتَرَقِّبِينَ لَهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ فَإِنَّ النَّاسَ يُعَامِلُونَهُ عَلَيْهِمَا أَيْ: مُتَرَقِّبُونَ نِكَاحَهُ وَمُدَايَنَتَهُ وَالْمُعَامَلَةُ فِي الْمَقَامِ هِبَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) ظَاهِرُهُ لَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) أَيْ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا إلَخْ) أَيْ: يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا بِعِوَضٍ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِعَبْدِ الْوَاهِبِ يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَوْدِ
لِانْتِفَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْعَرِيَّةُ كَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيَبَّسَ إلَخْ.
(ص) وَلَا يَرْكَبُهَا أَوْ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّتِهَا (ش) مَا مَرَّ فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ ذَاتِهَا وَمَا هُنَا فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ غَلَّتِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهَا بِوَجْهٍ وَلَا يَشْرَبَ مِنْهَا وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ.
(ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا تَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ بِصَدَقَةٍ مِنْ الْأَنْعَامِ وَرَضِيَ الْوَلَدُ أَنْ يَشْرَبَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ مِنْهَا أَيْ: مِنْ لَبَنِهَا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ تَأْوِيلَانِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ صَدَقَتِهِ وَلَوْ رَضِيَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ بِذَلِكَ وَلَا مَفْهُومَ لِلَّبَنِ بَلْ وَغَيْرُهُ مِنْ الْغَلَّاتِ كَذَلِكَ.
(ص) وَيُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِصَدَقَةٍ فَافْتَقَرَ الْأَبُ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْمِيرَاثِ لَمْ يَقُلْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يُشْعِرُ بِالِاخْتِيَارِ وَالْعَوْدُ بِمِيرَاثٍ لَيْسَ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَيَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ بَعْدَ أَنْ عَبَّرَ بِالتَّمَلُّكِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَلُّكِ الِاسْتِمْرَارُ أَيْ: اسْتِمْرَارُ الصَّدَقَةِ تَحْتَ يَدِ الْمُصَدِّقِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَرِيَّةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا وَأَوْلَى إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَمِثْلُهَا الْعُمْرَى فَيَجُوزُ لِلْمُعَمِّرِ شِرَاؤُهَا وَمَنْ سَبَّلَ مَاءَ عَلَى مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ وَمَنْ أَخْرَجَ كِسْرَةً لِسَائِلٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَكْلُهَا وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ.
(قَوْلُهُ وَمَا هُنَا فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ غَلَّتِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَا هُنَا فِي تَمَلُّكِ مَنْفَعَتِهَا أَوْ غَلَّتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهَا) أَيْ كَثَمَرَتِهَا أَوْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ يَنْتَفِعَ بِصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ إنَّمَا يُعْقَلُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا لَا الْقَهْرِ وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ قَطْعًا، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلَدِ فَمُحْتَمَلٌ وَحَاصِلُ مُفَادِهِ بِاعْتِبَارِ الْوَلَدِ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ صَغِيرًا وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا رَضِيَ أَوْ لَا وَهُوَ مُفَادُ عب، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّشِيدِ فَتَأْوِيلَانِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا رَضِيَ أَوْ لَا الثَّانِي مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الرِّضَا، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الرِّضَا فَلَا كَرَاهَةَ فَقَوْلُهُ بَعْدُ أَوْ لَا مَعْنَاهُ وَلَا يَجُوزُ أَيْ: يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا قَالَهُ الْأَشْيَاخُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمَعْنَى يُكْرَهُ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ عب وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَاهُ ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ عَنْ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي عج خِلَافُهُ قَائِلًا وَاعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْ: بِمَعْنَى يَحْرُمُ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِأَكْلِ ثَمَرِهَا أَوْ شُرْبِ لَبَنِهَا أَوْ رُكُوبِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَذُكِرَ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْ لَبَنِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ فَقِيلَ مَا فِي الرِّسَالَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ وِفَاقٌ وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْفِيقِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَا فِي الرِّسَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَصَدِّقِ الِانْتِفَاعُ بِصَدَقَتِهِ إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَيْ: الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ وَرَضِيَ بِانْتِفَاعِ أَبِيهِ بِالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَثِيرٌ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى إلَخْ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ أَجْوِبَةٍ وَاقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ مُحَصَّلُ كَلَامِ عج هَذَا أَنَّ الرُّكُوبَ وَنَحْوَهُ يَحْرُمُ إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا كَانَ بِرِضَاهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ رَشِيدًا فَتَأْوِيلٌ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا بِرِضَاهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَتَأْوِيلٌ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَ بِرِضَاهُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الْأَحْسَنَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَا يَحْرُمُ بِرِضَاهُ ثُمَّ إنَّ عج ذَكَرَ كَلَامًا آخَرَ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ هَلْ مَفْهُومُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَيْ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ: فَنَقُولُ يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ لِلَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا بِرِضَاهُ أَمْ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ مَا يُفِيدُهُ مَفْهُومَ قَوْلِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَبِيرًا أَيْ: رَشِيدًا وَرَضِيَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا مُطْلَقًا أَوْ رَشِيدًا وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَحُكْمُهُمْ كَالْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَجُوزُ الرُّكُوبُ وَنَحْوُهُ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَنَذْكُرُ لَك جَوَابًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي لَمْ نَذْكُرْهَا عَنْ الْمُعَارَضَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ تُحْمَلَ الرِّسَالَةُ عَلَى مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْمُدَوَّنَةُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ كَثِيرًا فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ وِفَاقٌ أَوْ تَبْقَى الْمُدَوَّنَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا وَالرِّسَالَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ.
(قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ: أَوْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا اتَّبَعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ وَوَافَقَهُ عب عَلَيْهِ وَمُفَادُ عج كَمَا عَلِمْت خِلَافُهُ وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ كَلَامَ عج هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَائِلًا أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَرْكَبُهَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إذْنٌ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ إذْنٌ مُعْتَبَرٌ كَالِابْنِ الْكَبِيرِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ تَأْوِيلَانِ، وَأَمَّا الْإِذْنُ الْغَيْرُ الْمُعْتَبَرِ كَالصَّبِيِّ فَيَحْرُمُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْكَلَامُ وَإِلَّا فَالْحَمْلُ عَلَى الْحُرْمَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ.
(أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي هَذَا الْكَلَامِ لِدَاعِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ وَكَذَا يُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ صَدَقَتِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ غَنِيَّةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ لِلنِّكَاحِ
يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ.
(ص) وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِلضَّرُورَةِ وَيَسْتَقْصِي (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ وَعُطِفَ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِأَمَةٍ فَتَبِعَتْهَا نَفْسُهُ فَلَهُ أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ وَيَسْتَقْصِيَ فِي الْقِيمَةِ لِأَجْلِ الْوَلَدِ وَيُشْهِدَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ عَلَى شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَوِّمَهَا كَمَا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لِلْأَبِ أَنْ يُقَوِّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَيَسْتَقْصِيَ فِي الْقِيمَةِ لِلْوَلَدِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي الْجَارِيَةِ لَا تَجْرِي هُنَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّا إذَا لَمْ نُقَوِّمْهُ عَلَيْهِ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَاسْتَخْدَمَهُ بِلَا شَيْءٍ وَارْتَكَبَ الْحَرَامَ وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الرُّجُوعِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقْصَاءِ السَّدَادُ فِي الثَّمَنِ أَيْ: بِأَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ سَدَادٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِالتَّقْيِيدِ بِالصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ بِإِشْهَادِ الْأَبِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا بِثَمَنٍ لَا بِاعْتِصَارٍ وَذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الصَّدَقَةِ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ فَإِنْ كَانَتْ تُعْتَصَرُ وَامْتَنَعَ الْوَاهِبُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ أَخْذَهَا بِالْعِوَضِ فَهَلْ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ لَهُ أَخْذُهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
(ص) وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ (ش) هِبَةُ الثَّوَابِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَهَبُ لَك هَذَا الثَّوْبَ مَثَلًا لِأَجْلِ أَنْ تُثِيبَنِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّوَابَ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ قَوْلُهُ شَرْطُ أَيْ: اشْتِرَاطُ الثَّوَابِ وَهُوَ الْعِوَضُ وَأَصْلُهُ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ فَكَأَنَّ الْمُثِيبَ يُرْجِعُ إلَى الْمُثَابِ مِثْلَ مَا دَفَعَ.
(ص) وَلَزِمَ بِتَعْيِينِهِ (ش) فَاعِلُ لَزِمَ هُوَ الثَّوَابُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْمُضَافِ يَرْجِعُ لِلثَّوَابِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ وَهَبْت لَك هَذَا عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ حَاضِرٍ أَوْ مَعْلُومٍ غَائِبٍ جَازَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ إذَا انْعَقَدَ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ: وَلَزِمَ دَفْعُ الثَّوَابِ إنْ عُيِّنَ، وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ فَهُوَ لَازِمٌ عُيِّنَ الثَّوَابُ أَمْ لَا وَمَعْنَاهُ إذَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ.
(ص) وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
لَا لِلْفَقْرِ (قَوْلُهُ وَعُطِفَ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ) وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ وَهَذَا فِي الصَّدَقَةِ فَانْدَفَعَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ مَا قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَعْطِفُ الصَّدَقَةَ عَلَى الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ) أَيْ: وَمِثْلُهُ الْأُمُّ (قَوْلُهُ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ الْبَالِغُ (قَوْلُهُ فَتَبِعَتْهَا نَفْسُهُ) أَيْ: أَوْ يَحْتَاجُ الْأَصْلُ لِخِدْمَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَيُشْهِدَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ لَا بِالِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ بِإِشْهَادِ الْأَبِ إلَخْ) لَكِنْ اُسْتُظْهِرَ أَنَّ الْإِشْهَادَ حَقٌّ لَهُ لِخَوْفِ دَعْوَى الِابْنِ عَلَيْهِ الِاعْتِصَارَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّدَقَةِ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ) أَيْ بِأَنْ شُرِطَ فِيهَا عَدَمُ الِاعْتِصَارِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) وَجْهُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهَا إلَّا بِالْعِوَضِ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ دَفْعَ الْعِوَضِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّوَابَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّوَابَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي أَيْ: أَنْ تُرْجِعَ إلَيَّ الْعِوَضَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِأَجْلِ أَنْ تُثِيبَنِي عَلَيْهِ لَيْسَ ذِكْرُهُ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ) فَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ تَعْيِينِ الْقَدْرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا لِلثَّوَابِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ هَذَا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِأَجْلِ أَنْ تُثِيبَنِي عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ ذِكْرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَيْ: اشْتِرَاطُ إلَخْ) إنَّمَا أَوَّلَهُ بِاشْتِرَاطِ؛ لِأَنَّهُ الْفِعْلُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ، وَأَمَّا الشَّرْطُ بِمَعْنَى الْمَشْرُوطِ فَهُوَ عَيْنُ الثَّوَابِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ (فَكَأَنَّ الْمُثِيبَ) لَفْظُ كَأَنَّ لِلتَّحْقِيقِ.
(قَوْلُهُ مِثْلَ مَا دَفَعَ) الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْمُقَابِلُ فَيَشْمَلُ الْقِيمَةَ فِي الْمُقَوَّمِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذَا وَقَعَ التَّعْيِينُ مِنْ الْوَاهِبِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ إذَا انْعَقَدَ) أَيْ: كَالْبَيْعِ الْمُسْتَوْفِي لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ إذَا حَصَلَ فَأَرَادَ بِانْعِقَادِهِ حُصُولَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى تَعَاقَدَا وَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ كُلَّ تِلْكَ الْهِبَةِ فِي مُقَابَلَةِ ثَوَابٍ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِلْهِبَةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ لَازِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الثَّوَابِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَا يَكْفِي فِي اللُّزُومِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ، وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الثَّوَابُ فَلَازِمٌ بِالْقَبْضِ عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِهِ الْقَبْضُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَعْيِينٌ، فَإِذَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا قَبَضَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُ مَا وَفَّاهَا حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يُثَابُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ قِيمَتُهَا بِقَبْضِهَا إنَّمَا يَلْزَمُ بِفَوْتِهَا عِنْدَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ الثَّوَابِ وَإِنَّمَا أَرَادَهُ أَوْ ذَكَرَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ وَعَيَّنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْآخَرُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَسَوَاءٌ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ أَمْ لَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ وَكَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا لُزُومَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ الرِّضَا وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا.
وَأَمَّا إنْ حَصَلَ قَبْضٌ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّ الثَّوَابَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَتَلْزَمُ الْوَاهِبَ مَتَى دَفَعَ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةَ وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُهَا بَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِوَاهِبِهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِفَوَاتِهَا عِنْدَهُ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ غَيْرَ جِنْسِ الثَّوَابِ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ فَمَتَى حَصَلَ رِضًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ حَصَلَ قَبْضٌ أَمْ لَا.
{تَنْبِيهٌ} أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْحَوْزُ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ إذَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ) ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ وَالتَّعْيِينُ يَحْصُلُ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَقَرِينَةٍ
إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً أَيْ: غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِثَوَابٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْوَاهِبُ إنَّمَا وَهَبْت لِلثَّوَابِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَلْ وَهَبْت لِي بِغَيْرِ ثَوَابٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَاهِبِ إنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ أَمَّا إنْ شَهِدَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ الْوَاهِبِ لَا يَطْلُبُ فِي هِبَتِهِ ثَوَابًا فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الثَّوَابِ أَيْ: فِي قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ لَا فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الشَّرْطَ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِعُرْفٍ وَلَا ضِدِّهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَوْلُهُ وَصُدِّقَ وَاهِبٌ هَذَا إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لِعُرْسٍ) مُبَالَغَةٌ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَى الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَا وَهَبَ إلَّا لِلثَّوَابِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِعُرْسٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا لِلثَّوَابِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ شَيْئِهِ مُعَجَّلًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلْمُعْطَى عُرْسٌ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُقَاصَّ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَهُ هُوَ وَمَنْ جَاءَ مَعَهُ.
(ص) وَهَلْ يَحْلِفُ أَوْ إنْ أَشْكَلَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَإِذَا كَانَ الْوَاهِبُ مُصَدَّقًا فِي دَعْوَاهُ الثَّوَابَ فَهَلْ يَحْلِفُ سَوَاءٌ شَهِدَ الْعُرْفُ لَهُ أَمْ لَا هَذَا تَأْوِيلٌ قَالَ عِيَاضٌ هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ أَيْ: لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ تَأْوِيلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ هَلْ هُوَ بِمَثَابَةِ شَاهِدٍ فَيَحْلِفُ مَعَهُ أَوْ بِمَثَابَةِ شَاهِدَيْنِ فَلَا فَضَمِيرُ يَحْلِفُ لِلْوَاهِبِ الْمُتَقَدِّمِ.
(ص) فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ إلَّا بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ لَا يُصَدَّقُ فِي طَلَبِ الثَّوَابِ عَلَى النُّقُودِ الْمَسْكُوكَةِ أَوْ السَّبَائِكِ أَوْ الْحُلِيِّ الْمَكْسُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْهِبَةِ فَيُثَابُ حِينَئِذٍ عَنْهُ وَيَكُونُ الْعِوَضُ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا وَمِثْلُ الشَّرْطِ الْعَادَةُ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ غَيْرِ الْمَكْسُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْكُوكِ وَالْحُلِيِّ أَنَّ السِّكَّةَ صَنْعَةٌ يَسِيرَةٌ فَلَا تُنْقَلُ عَنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الصِّيَاغَةِ فَإِنَّهَا صَنْعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ وَصَيَّرَتْهُ كَالْمُقَوَّمِ.
(ص) وَهِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ (ش) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَهَبَ صَاحِبَهُ هِبَةً وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّوَابَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِنَفْيِ الثَّوَابِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْهِبَةِ أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَأْخُذُ الثَّوَابَ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّرْطِ وَلَا تَكْفِي الْقَرِينَةُ فِيهِ وَمِثْلُ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعُ الْأَقَارِبِ.
(ص) وَلِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ وَإِنْ فَقِيرًا لِغَنِيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ أَيْ: وَغَيْرِ هِبَةٍ لِقَادِمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَادِمَ إذَا أَهْدَى إلَيْهِ شَخْصٌ هَدِيَّةً مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالرُّطَبِ وَشَبَهِهِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَقَالَ إنَّمَا أَهْدَيْت إلَيْهِ لِيُثِيبَنِي وَكَذَّبَهُ الْقَادِمُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَادِمِ فِي نَفْيِ الثَّوَابِ وَلَوْ كَانَ دَافِعُ الْهَدِيَّةِ فَقِيرًا وَالْقَادِمُ غَنِيًّا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِثَابَةَ فَلَوْ أَرَادَ الْفَقِيرُ أَنْ يَأْخُذَ هَدِيَّتَهُ حَيْثُ لَمْ يُثِبْهُ الْقَادِمُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَذَهَبَتْ عَلَيْهِ مَجَّانًا وَالِيه أَشَارَ بِقَوْلِهِ.
(ص) وَلَا يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَإِنْ قَائِمَةً (ش) عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْفَوَاكِهِ وَشَبَهِهَا تَبَعًا لِلْحَطَّابِ، وَأَمَّا الْخِرَافُ وَالدَّجَاجُ وَالْقَمْحُ وَشَبَهُهَا فَالْقَوْلُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَإِرَادَتِهِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ لَا فِي شَرْطِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِضِدِّهِ وَإِلَّا فَلَا مُحْوِجَ لِدَعْوَى الشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ مُبَالَغَةٌ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى الْقَابِسِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّأْخِيرِ وَهَكَذَا قَالَ تت وَلَكِنْ فِي الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ إلَخْ)، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى حَلِفِ الْوَاهِبِ حَالَ الْإِشْكَالِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ لَمْ يَشْهَدْ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُدَوَّنَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَا يَكُونُ هَذَا تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ أَيْ: لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ) أَيْ: أَوْ شَهِدَ لَهُمَا فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ فِيهِ وَقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صُدِّقَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَعَلُّقُ جَارَّيْنِ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حَالٌ أَوْ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ جَائِزٌ نَحْوَ جَلَسْت فِي الْمَسْجِدِ بِمِحْرَابِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ: أَوْ عُرْفٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ عَلَى فَاسِدٍ أَوْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَقَعَ الشَّرْطُ أَوْ الْعُرْفُ عَلَى إثَابَةِ مِثْلِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَكْسِ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْحَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ الْحُلِيِّ الْمَكْسُورِ) أَوْ التِّبْرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ غَيْرِ الْمَكْسُورِ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ نَقْدٍ إلَّا الْحُلِيَّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ الْمَسْكُوكَ وَالْمَكْسُورَ وَالتِّبْرَ لَا ثَوَابَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا تُنْقَلُ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ التِّبْرُ لَكِنْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَصْدُقْ فِي التِّبْرِ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَسْكُوكُ مَنْزِلَتَهُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ فِي التِّبْرِ ثُمَّ يُبَيِّنَ وَجْهَ إلْحَاقِ الْمَسْكُوكِ بِهِ وَأَقُولُ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ أَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَهَبُونَ مَا تَتَبَايَنُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُهُ أَيْ: وَالتِّبْرُ وَالْمَكْسُورُ وَالْمَسْكُوكُ لَيْسَ كَذَلِكَ {فَائِدَةٌ} حَدِيثُ «مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ» ضَعِيفٌ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ وَأَوْرَدَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَبَعْضٌ عَلَى النَّدْبِ وَبَعْضٌ عَلَى الْفَوَاكِهِ وَبَعْضٌ عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ وَالرُّبُطِ وَحَمَلَهُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الثَّالِثِ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ) أَيْ وَأَوْلَى الْعُرْفُ.
(قَوْلُهُ وَشَبَهِهِ) أَيْ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَمْ تَعْظُمْ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ مَا عَظُمَتْ قِيمَتُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ فِي قَصْدِ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِثَابَةَ) أَيْ: أَوْ يَجْرِيَ عُرْفٌ كَمَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَرَى أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مَا لَمْ تَفُتْ انْتَهَى
لِلْمُهْدِي فِي الثَّوَابِ إنْ ادَّعَاهُ.
(ص) وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ الْقِيمَةُ إلَّا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا طَلَبَ الثَّوَابَ فِي هِبَتِهِ الْمَدْفُوعَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَدَفَعَهُ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّوَابَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْوَاهِبِ خُذْ هِبَتَك عَنِّي لَا حَاجَةَ لِي بِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِيَدِهِ بِزِيَادَةٍ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ أَوْ سِمَنِ الْهَزِيلِ أَوْ بِنَقْصٍ كَهَرَمِ الْكَبِيرِ وَلَا تُعْتَبَرُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِ الْهِبَةِ وَقَوْلُنَا الْمَدْفُوعَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ بِيَدِ وَاهِبِهَا فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَوْ بُدِّلَ لَهُ أَضْعَافُ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ الْقِيمَةُ فَاعِلُ لَزِمَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ: وَلَزِمَ وَاهِبَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا بَذَلَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْفَوَاتَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ كَانَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ، وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِ الْهِبَةِ وَرَدِّهَا.
(ص) وَلَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ هِبَتَهُ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ ثَوَابَهَا الْمُشْتَرَطَ أَوْ مَا يَرْضَى بِهِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الثَّوَابِ وَقَفَ فَإِمَّا أَثَابَهُ أَوْ رَدَّهَا وَيَتَلَوَّمُ لَهُمَا تَلَوُّمًا لَا يَضُرُّ بِهِمَا فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ لِلثَّوَابِ وَالْهِبَةُ بِيَدِهِ فَهِيَ نَافِذَةٌ كَالْبَيْعِ وَلِلْمَوْهُوبِ قَبْضُهَا إنْ دَفَعَ الْعِوَضَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُثِيبَ الْوَاهِبَ فَلِوَرَثَتِهِ مَا كَانَ لَهُ.
(ص) وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ وَإِنْ مَعِيبًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا أَثَابَ الْوَاهِبَ فِي هِبَتِهِ مَا يُعَاوِضُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا أَيْ فِيهِ عَيْبٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْقِيمَةِ أَوْ يُكْمِلُهَا لَهُ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَيَأْخُذَ غَيْرَهُ سَالِمًا فَيُثَابَ عَنْ الْعَرْضِ طَعَامٌ وَدَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَعَرْضٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَمَّا مِنْ جِنْسِهِ فَلَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى السَّلَمِ الْفَاقِدِ لِلشُّرُوطِ وَلَا يُثَابُ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةٌ وَلَا ذَهَبٌ وَلَا عَنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى صَرْفِ مُؤَجَّرٍ أَوْ بَدَلٍ مُؤَخَّرٍ وَلَا عَنْ اللَّحْمِ حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا عَكْسُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُثَابُ عَنْ الطَّعَامِ عَرْضٌ وَدَنَانِيرُ وَلَا يُثَابُ عَنْهُ طَعَامٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ مَعَ الْفَضْلِ إنْ كَانَ هُنَاكَ فَقَوْلُهُ مَا أَيْ: شَيْئًا وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ وَقَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ فَإِنْ قِيلَ عَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِأُثِيبَ أَوْ يُقْضَى فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِيُقْضَى؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ لَهُ فَلَوْ عُلِّقَ بِأُثِيبَ لَاقْتَضَى جَوَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ عَنْهُ بِهِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ تَأَمَّلْ.
(ص) إلَّا كَحَطَبٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا دَفَعَ لِلْوَاهِبِ ثَوَابَ هِبَتِهِ حَطَبًا أَوْ تِبْنًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ أَنْ يُثَابَ بِهِ فَإِنَّ الْوَاهِبَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يَجُوزُ بَيْعُهُ شَرْعًا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَلَزِمَ وَاهِبَهَا إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَلَزِمَ وَاهِبَهَا قَبُولُ الْقِيمَةِ لَا الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ أَيْ: أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ حَيْثُ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ فَيُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى أَخْذِ الْفَضْلِ فَلَوْ حَلَفَ كُلٌّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْوَاهِبُ؛ لِأَنَّ هِبَاتِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِبَاتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُعْمَلْ بِقَوْلِ الْمَوْهُوبِ.
{تَنْبِيهٌ} هَذَا كُلُّهُ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ فِيهَا الْقِيمَةُ وَيُقْضَى عَنْهَا بِمَا يُقْضَى بِهِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ، وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ عِوَضُهَا مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْقِيمَةِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ بِتَعْوِيضِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِهَا كَهَدِيَّةِ مَكَّةَ لِمَنْ يُهْدِي لِلْقَادِمِ بِهَا خِرَافًا وَنَحْوَهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِيَدِهِ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) فَإِنْ ارْتَفَعَ الْمُفِيتُ فَلَهُ رَدُّهَا إلَّا فِيمَا إذَا بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَكَانَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ مَلِيئًا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ دَفْعُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ مُنْحَلَّةٌ وَلِذَلِكَ لَمْ تُجْعَلْ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِيهَا مُفِيتَةً كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ) أَيْ: بِالتَّعْيِيبِ لَا بِالْهَلَاكِ وَلَا بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ) وَضَمَانُهَا مِنْ الْوَاهِبِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَقْبِضَ ثَوَابَهَا الْمُشْتَرَطَ) أَيْ الْمُعَيَّنَ الْقَدْرُ أَوْ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا نَافِذَةٌ) أَيْ صَحِيحَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ إنْ كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهِيَ لَازِمَةٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ حَصَلَ قَبُولٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَعِيبًا) أَيْ: غَيْرَ فَادِحٍ، وَأَمَّا الْفَادِحُ كَالْبَرَصِ فَلَا يُقْضَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْمُصَنَّفِ (قَوْلُهُ الْفَاقِدِ لِلشُّرُوطِ) أَيْ: لِجِنْسِ الشُّرُوطِ الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ وَذَلِكَ أَنَّ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ مَتَى كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لِلدَّافِعِ أَوْ لَهُمَا مَعًا امْتَنَعَ فَالشَّرْطُ الْمَفْقُودُ هُنَا عَدَمُ قَصْدِ الدَّافِعِ النَّفْعَ أَيْ وَشَأْنُ الْمُهْدِي لِلثَّوَابِ إنَّمَا يَقْصِدُ نَفْعَ نَفْسِهِ خُصُوصًا إذَا كَانَ الثَّوَابُ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى صَرْفِ مُؤَخَّرٍ) أَيْ: فِي الْقَضَاءِ عَنْ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلٍ مُؤَخَّرٍ كَمَا إذَا قُضِيَ عَنْ الْفِضَّةِ بِفِضَّةٍ أَوْ الذَّهَبِ بِذَهَبٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَأَنْ يُقْضَى عَنْ حَيَوَانٍ لَا يُرَادُ إلَّا لِلَحْمِهِ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُثَابُ عَنْهُ طَعَامٌ) أَيْ: وَلَوْ وَافَقَهُ قَدْرًا وَصِفَةً.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ فَضْلٌ)، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ فَفِيهِ رِبَا النَّسَاءِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْأَمْرَانِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ) تَقْدِيرُ الْعِبَارَةِ وَأُثِيبَ الْوَاهِبُ شَيْئًا أَيْ وَأُثِيبَ عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ شَيْءٌ يَصِحُّ أَنْ يُقْضَى بِهِ عَنْهُ أَيْ: عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الرِّبَا فِي الثَّوَابِ (قَوْلُهُ لَاقْتَضَى جَوَازَ ذَلِكَ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مُبْهَمٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأُثِيبَ عَنْهُ مَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ.
(قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِ الْأَمْصَارِ مِنْ كُلِّ مَحَلٍّ يَكُونُ لِهَذَا وَنَحْوُهُ قِيمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فَيَصِحُّ وُقُوعُهُ ثَوَابًا وَلَوْ عَنْ دَرَاهِمَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ
لَكِنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْوَاهِبِ لِقَبُولِهِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ عِنْدَ النَّاسِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ.
(ص) وَلِلْمَأْذُونِ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِهِ هِبَةً لِلثَّوَابِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ هِبَةً لِلثَّوَابِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ هِبَةً لِغَيْرِ الثَّوَابِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَارِيَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَجَّانًا فَقَوْلُهُ وَلِلْمَأْذُونِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ وَلِلْأَبِ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي لِلْأَبِ لِاخْتِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ؛ إذْ الْعَبْدُ وَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَالْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ الْهِبَةُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ ثُمَّ إنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ حَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ أَيْ الْمَأْذُونُ هُوَ فَهُوَ مُسْتَتِرٌ لَا مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْمَحْجُورُ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوَاعِدِ وَوُضُوحِ الْمَعْنَى إذْ لَا يُتَوَهَّمُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ الرَّشِيدِ وَلِقِرَانِهِ بِالْمَأْذُونِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَحَاجِيرِ.
(ص) وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ حَبْسٌ مَثَلًا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ فَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلِعَدَمِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ حِينَ الْيَمِينِ فِي الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ حَبْسٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِلَا يَمِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ أَيْضًا بِخِلَافِ لَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّرَ وَالْقُرْبَةَ حِينَئِذٍ وَالْمُرَادُ بِالْيَمِينِ مَا الْتَزَمَهُ مِمَّا فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ لَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيُّ وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْبَتِّ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ يُقْضَى بِهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَطَلَبَهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَامْتَنَعَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِّ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ جِدًّا فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: فِي غَيْرِ يَمِينٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا.
(ص) وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ يَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا قَوْلًا وَاحِدًا.
(ص) وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا وَهَبَ لِذِمِّيٍّ هِبَةً أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ لُزُومٍ وَإِثَابَةٍ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا وَهَبَ لِذِمِّيٍّ هِبَةً فَإِنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّظَالُمِ الَّذِي أَمْنَعُهُمْ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ إلَخْ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ مَتَى جَرَى عُرْفٌ بِبَيْعِهِ جَازَ أَنْ يُثَابَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْإِثَابَةِ بِهِ فَيُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِهِ يَلْزَمُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي جَوَازِ هِبَتِهِ لِلثَّوَابِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْمَحْجُورُ) أَيْ: وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) قَالَ ابْنُ نَاجِي كَمَا لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا فَجَعَلَهُ صَدَقَةً فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ جَمِيعَ مَالِهِ وَيُتْرَكُ لَهُ قَدْرُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَأَهْلُهُ كَالْمُفْلِسِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا) أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رحمه الله (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ دَارٌ صَدَقَةٌ وَسَكَتَ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ وَيَسْكُتُ، وَيَجْرِي مِثْل ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَنَقُولُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْيَمِينِ وَمَتَى انْتَفَى وَاحِدٌ فَيَجِبُ التَّنْفِيذُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَالِالْتِزَامُ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ يُقْضَى بِهِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يُقْضَى بِهِ، وَأَمَّا النَّذْرُ فَلَا يُقْضَى بِهِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ دَفْعُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا الْوَعْدُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهِ تَوْرِيطٌ قُضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِزَيْدٍ كَذَا فَهُوَ نَذْرٌ لَا يُقْضَى بِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ وَلِذَا قَالَ شب فِي شَرْحِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ لَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ فَقَطْ أَيْ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَارِي أَوْ عَبْدِي أَوْ أَهَبُهَا أَوْ أَحْبِسُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِهَا عَلَى مَنْ ذُكِرَ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْبَتِّ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: بَتِّ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَدَارِي حَبْسٌ مِنْ بَتِّ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَرُبَّمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ إذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَبْسَ وَالْهِبَةَ مِثْلُ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ) وَجْهُهُ أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ مِنْ قَبِيلِ عَدَمِ الْمُعَيَّنِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلًا وَاحِدًا) أَيْ: فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا إلَخْ) أَيْ هِبَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أَيْ: فَلَا تَكَلُّمَ فِي شَأْنِهَا مِنْ إثَابَةٍ أَوْ لُزُومٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ