الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُعَاقَدَةِ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْغَرَرُ فِي الْأَوَّلِ قَلِيلٌ بِخِلَافِ الثَّانِي وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ انْتَهَى.
(ص) وَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ فَلَا لَك وَلَا عَلَيْك (ش) أَيْ وَإِنْ زَادَ الْمُكْتَرِي فِي حِمْلِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ نَقَصَ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَايِيلِ فَلَا لَك يَا مَكْرِي فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْك يَا مَكْرِي فِي النَّقْصِ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ إلَخْ مُسْتَأْنَفًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعَمُّ وَهَذَا أَتَمُّ فَائِدَةً فَيَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ وَغَيْرَهَا.
(فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ
(ص) جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارِ غَائِبَةٍ كَبَيْعِهَا أَوْ نِصْفِهَا (ش) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْكِرَاءُ اشْتِرَاءُ الْمَنَافِعِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّهَا وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ وَلَا الْجَهْلُ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكِرَاءُ مَمْدُودٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْحَمَّامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَفُرْنٍ وَمَعْمَلِ فَرُّوجٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ دَارٍ غَائِبَةٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ حَانُوتٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْغَيْبَةُ كَاكْتِرَائِهِ دَارًا بِمِصْرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهَا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ الدَّارِ أَوْ جَزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ الشَّائِعَةِ كَرُبُعٍ وَنَحْوِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَهِيَ أَحْسَنُ ثُمَّ إنَّ كِرَاءً فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى اكْتِرَاءٍ فَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِكْرَاءِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الِاكْتِرَاءِ فَتَجْعَلُهُ بِمَعْنَى الِاكْتِرَاءِ وَيَكُونُ الْإِكْرَاءُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي الِاكْتِرَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفِهَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلَيْنِ بِمَنْعِ كِرَاءِ مَا ذُكِرَ وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ إلَّا لِلشَّرِيكِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَبَيْعِهِ أَوْ نِصْفِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَذْكُورِ فَيَشْمَلُ الدَّارَ وَالْحَمَّامَ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَمَّامَ مُذَكَّرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّثَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الدَّارِ وَالْحَمَّامِ بِاعْتِبَارِ التَّغْلِيبِ لِقُرْبِ الدَّارِ لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ.
(ص) أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ نِصْفِ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلنِّصْفِ وَيَسْتَعْمِلُهُ الْمُكْتَرِي يَوْمًا وَالْآخَرُ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ اقْتَسَمَاهَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ.
(ص) وَشَهْرًا عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا لَزِمَ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ شَهْرًا عَلَى شَرْطِ إنْ سَكَنَ الْمُكْتَرِي يَوْمًا فَأَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ أَيْ: الْعَقْدُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَمْلِكُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُكْتَرِي رَجَعَتْ لِرَبِّهَا وَلَا يَتَصَرَّفُ الْمُكْتَرِي فِي الْمُدَّةِ بِكِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ أَيْ: إنْ دَخَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ الْمُكْتَرِي) عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَ زَادَ الْمُكْرِي كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفَّ وَنُشِرْ مُشَوَّشٌ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا) وَهُوَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِي الْحَمْلِ وَهُوَ مَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ أَيْ: بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ فِي الطَّحْنِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعُمّ أَيْ: شَامِلٌ لِلْحِمْلِ وَالطَّحْنِ
[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ]
(قَوْلُهُ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) إنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهُ لِجَوَازِ دُخُولِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَاَللَّهِ مَا دُخُولُهُ بِصَوَابٍ أَيْ: حَسَنٍ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْعِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ وَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ اشْتِرَاءُ الْمَنَافِعِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا يَعْقِلُ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ بَيْعٌ اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَبِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَلَعَلَّ هَذَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ كَفَرْنَ وَمَعْمَلِ فُرُوجٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِثْلَ الْحَمَّامِ غَيْرُهُ مِمَّا مَنْفَعَتُهُ عَامَّةٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ رُبُعٌ إلَخْ) هَذَا مِنْ نَظِيرِ الدَّارِ أَيْ: فَنَبَّهَ بِالدَّارِ لِدُخُولِ مَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ كَهُوَ (قَوْلُهُ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ: لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ وَصْفٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمُكْرِي وَذَلِكَ كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَزْءٌ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ نِصْفَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى هَا فِي بَيْعِهَا وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ بَهْرَامَ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ: وَهُوَ حَمَّامٌ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٍ وَكِرَاءُ نِصْفِهَا وَإِلَى كَلَامِ بَهْرَامَ يُشِيرُ قَوْلُ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ إلَخْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ نِصْفَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ لِقَصْدِ الرَّدِّ وَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبِرِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعِهَا دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا بِإِفْرِيقِيَةَ وَهُوَ بِمِصْرَ جَازَ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ الْإِكْرَاءُ وَيُمْنَعُ الِاكْتِرَاءُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ إذَا جَازَ أَحَدُ الْمُتَلَازِمَيْنِ يَجُوزُ الْآخَرُ وَالْكِرَاءُ وَالِاكْتِرَاءُ مُتَلَازِمَانِ، فَإِذَا جَازَ أَحَدُهُمَا جَازَ الْآخَرُ وَإِذَا مُنِعَ أَحَدُهُمَا مُنِعَ الْآخَرُ وَالشَّارِحُ فِيمَا قَالَهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَهَؤُلَاءِ ثِقَاتٌ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا بَعْضُ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ لَا يُسَلِّمُ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ وَيَظْهَرُ قَوْلُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاكْتِرَاءُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَيَجُوزُ الْإِكْرَاءُ الْمُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ التَّغْلِيبِ) كَيْفَ التَّغْلِيبُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي تَثْنِيَةٍ أَوْ جَمْعٍ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَاوَ فِي وَدَارٍ بِمَعْنَى أَوْ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ التَّغْلِيب وَقَدْ غُلِّبَ الْمُؤَنَّثُ وَالْأَحْسَنُ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَحْسَنُ.
(قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ عَبْدٍ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي اسْتِئْجَارِ الْعَقَارَاتِ
عَلَى مِلْكِ الْبَقِيَّةِ إمَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَالْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَدُخُولِهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ رَجَعَتْ الذَّاتُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِرَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِكِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ فِي الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ وَهَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَقَوْلُهُ عَلَى إنْ سَكَنَ أَيْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَسْكُنْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَشَهْرًا عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٍ أَمَدًا مَعْلُومًا وَشَهْرًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مَعَ انْدِرَاجِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: وَجَازَ الْكِرَاءُ شَهْرًا إلَخْ.
(ص) وَعَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَحَمَلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى كِرَاءٍ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَعَدَمِ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَقَوْلِهِ أَسْتَأْجِرُ مِنْك سَنَةً مَثَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الِابْتِدَاءَ وَيَحْمِلَ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَهْرٍ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ لَزِمَهُ كُلُّهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ تَمَامٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ عَقَدَاهُ، وَكَذَلِكَ فِي السَّنَةِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ لَزِمَهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا حَسِبَا أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَشَهْرًا عَلَى تَمَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَمَلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَمْ مُشَاهَرَةً أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ السُّكْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا كَفَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ سَقَطَ عَنْهُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ لَهُ بَدَلُ مَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ ثُمَّ مَكَّنَهُ فَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِقَدْرِ مَا مُنِعَ مِنْهُ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(ص) وَمُشَاهَرَةً وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا إلَّا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى شَهْرًا أَيْ: وَجَازَ الْكِرَاءُ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَاةً أَوْ مُيَاوَمَةً إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْحِلَالُ مَتَى شَاءَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك كُلَّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَجَّلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا عَجَّلَ، فَإِذَا قَالَ: أَكْتَرِي مِنْك كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ عَجَّلَ لَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَالْمُشَاهَرَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ وَالْوَجِيبَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ الْمَحْدُودَةِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْ أَيْ الْكِرَاءُ لَهُمَا فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِفَاعِلِ يَلْزَمُ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ عَدَّاهُ بِاللَّامِ قَوْلُهُ فَقَدَّرَهُ أَيْ: فَيَلْزَمُ قَدْرُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ اللُّزُومِ فَيَعْمَلُ بِهِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَجِيبَةِ.
(ص) كَوَجِيبَةٍ بِشَهْرٍ كَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرُ أَوْ شَهْرًا أَوْ إلَى كَذَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدَّرَهُ وَلَمَّا كَانَ الْوُجُوبُ أَصْلُهُ السُّقُوطُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] أَيْ: سَقَطَتْ وَكَانَ السَّاقِطُ يَلْزَمُ مَكَانَهُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ سُمِّيَ الْوَاجِبُ لَازِمًا فَلِذَا سُمِّيَتْ وَجِيبَةً لِلُزُومِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ وَقَوْلُهُ وَلَا غَيْرَهُ أَيْ: مِنْ إسْكَانِهِ لِلْغَيْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَسْكُنُ هُوَ وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يَسْقُطْ نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُهُمْ فَقَدْ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَكْتَرِيَ الْبَيْتَ وَنَقَلَهَا اللَّخْمِيُّ بِزِيَادَةٍ لَا خَيْرَ فِيهَا وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مُوَضِّحًا لِذَلِكَ الْفَرْقِ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَاسِدٌ وَإِسْقَاطُ الشَّرْطِ يُصَحِّحُهُ وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ) أَيْ فَهَذِهِ مُشَاهَرَةٌ لَا وَجِيبَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا نَقَدَ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنْعِ بِسُكْنَى رَبِّهَا أَوْ بِمَنْعِ الْمِفْتَاحِ أَوْ بِإِجَارَتِهَا لِلْغَيْرِ وَلَكِنْ نَذْكُرُ لَك حَاصِلَ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَكَّنَهُ رَبُّ الدَّارِ مِنْهَا فَتَرَكَهَا الْمُكْتَرِي مُدَّةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا وَلَا مُسْكِنًا غَيْرَهُ فِيهَا وَلَا مَانِعًا مِنْهُ الْمِفْتَاحَ فَجَمِيعُ الْكِرَاءِ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي كَمَنْ اكْتَرَى إبِلًا أَوْ دَوَابَّ لِيَرْكَبَهَا فَأَتَاهُ بِهَا رَبُّهَا فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ، وَإِذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ رَبُّهَا مِنْهُ سَنَةً مَثَلًا فَتَارَةً يُكْرِيهَا فِي السَّنَةِ لِآخَرَ فَلِلْمُكْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَيْت بِهِ وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ دَفْعُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ لِرَبِّهَا أَوْ يَحُطُّ عَنْهُ حِصَّةَ سَنَةٍ مِنْ الْكِرَاءِ فَالْخِيَارُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، وَتَارَةً يَسْكُنُ رَبُّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِفْتَاحِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ عَنْ الْمُكْتَرِي حِصَّةَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَوْ مُسَانَاةً إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُشَاهَرَةَ مَا عُبِّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الشَّهْرِ وَأَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَالْمُشَاهَرَةُ إلَخْ يُنَافِيهِ وَيَقْتَضِي أَنْ لَا حَذْفَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَى سُنَنِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ فَالْجَارُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فَاعِلَ لَزِمَ ضَمِيرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ إعْمَالِ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ الْمُسْتَتِرِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِهِ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: الْكِرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا وَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَجِيبَةِ فَنَقُولُ تَلْزَمُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ اللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ أَيْ فَيَلْزَمُ قَدْرُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَدْرَهُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ.
(قَوْلُهُ سُمِّيَ الْوَاجِبُ لَازِمًا) جَوَابٌ لِمَا أَيْ: سُمِّيَ الْوَاجِبُ فِي الشَّرْعِ لَازِمًا وَقَوْلُهُ فَلِذَا أَيْ: فَلِكَوْنِ الْوُجُوبِ يَلْزَمُهُ السُّقُوطُ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْعُقْدَةُ وَجِيبَةً لِلُزُومِهَا
الْإِجَارَةُ الْوَجِيبَةَ لَازِمَةٌ لَهُمَا حَصَلَ نَقْدٌ أَمْ لَا إلَى آخِرِ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّيَاهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدُهُمَا الْخُرُوجَ مَتَى شَاءَ فَيَكُونُ الْعَقْدُ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَهَا أَلْفَاظٌ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: أَكْتَرِي مِنْك شَهْرًا كَذَا أَوْ سَنَةً أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَشْهُرًا أَوْ سِنِينَ أَوْ إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ إلَى يَوْمِ كَذَا كُلُّ ذَلِكَ وَجِيبَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا لَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِ ذَلِكَ وَالْبَاءُ فِي بِشَهْرِ كَذَا لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: كَوَجِيبَةٍ مُصَوَّرَةٍ بِشَهْرِ كَذَا أَوْ بِكَذَا، وَقَوْلُهُ بِشَهْرِ كَذَا مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ هَذَا الشَّهْرُ مُعَرَّفٌ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرًا وَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً أَنَّ الِابْتِدَاءَ لَمَّا كَانَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك هَذَا الشَّهْرَ.
(ص) وَفِي سَنَةً بِكَذَا تَأْوِيلَانِ (ش) سَنَةً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحِكَايَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَكْتَرِي مِنْك سَنَةً بِكَذَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَجِيبَةً بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ غَيْرَ وَجِيبَةٍ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ فِي ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ فَلَا يَكُونُ وَجِيبَةً وَأَنْ يُرَادَ سَنَةً وَاحِدَةً فَيَكُونُ وَجِيبَةً فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ.
(ص) وَأَرْضُ مَطَرٍ عَشْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَرْضِ الْمَطَرِ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَشْرَ سِنِينَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا فَسَدَ لِدَوَرَانِ الثَّمَنِ مَعَ الشَّرْطِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ وَمَعَ غَيْرِ الشَّرْطِ لَا يَدُورُ فَيَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ: بِشَرْطٍ وَشَرْطُ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ وَلَا مَفْهُومَ لِعَشْرٍ وَلَا مَفْهُومَ لِأَرْضِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّ كِرَاءَ جَمِيعِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ نَقْدٍ جَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَأَرْضُ مَطَرٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى حَمَّامٍ أَيْ: أَرْضٍ غَيْرِ مَأْمُونَةٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ سَنَةً) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ وَلَوْ فِي سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى السَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ نَقْدَ بَعْضِهَا أَيْ: بِشَرْطٍ لَا يُفْسِدُ وَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ الْخِيَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَرْضٌ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا مَعَ التَّعْلِيلِ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ وَقَعَ فِيمَا قَلَّ.
(ص) إلَّا الْمَأْمُونَةَ (ش) أَيْ: فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مَعَ الشَّرْطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مَعَ الشَّرْطِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي أَرْضِ الْمَطَرِ وَقَوْلُهُ (كَالنِّيلِ وَالْمَعِينَةِ فَيَجُوزُ) تَشْبِيهٌ أَيْ: كَمَا يَجُوزُ فِي أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَعِينَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تُسْقَى بِالْعَيْنِ السَّانِيَةِ وَالْآبَارِ الْمَعِينَةِ النَّقْدِ لَا تَمْثِيلَ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمُؤَلِّفُ سَاكِتًا عَنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهَا هَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا أَمْ لَا؟ وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِيهَا.
(ص) وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ (ش) النِّيلُ بِكَسْرِ النُّونِ فَيْضُ مِصْرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ النِّيلِ الْمَأْمُونَةَ إذَا رُوِيَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا أَيْ: يُقْضَى لِرَبِّهَا بِالْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِمَّا اكْتَرَاهُ، وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ وَالْمَطَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي نَقْدُ الْكِرَاءِ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَخَرَجَ بِمَأْمُونَةِ الرَّيِّ غَيْرُ مَأْمُونَتِهِ كَالْمُرْتَفِعَةِ الَّتِي لَا يَبْلُغُهَا النِّيلُ لِعُلُوِّ أَرْضِهَا قَوْلُهُ إذَا رُوِيَتْ أَيْ تَحَقَّقَ رَيُّهَا وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ وَيَجِبُ إلَخْ أَيْ وَتَمَكُّنٍ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ سِنِينَ) وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَ جَمْعَ كَثْرَةٍ (قَوْلُهُ وَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ جَارٍ فِي سَنَةٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْكِي فِيهِ التَّأْوِيلَيْنِ فَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشْهُرًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ التَّأْوِيلَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ أَشْهَرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَوْ أَنَّهُ مَشَى عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمُقَدِّمَاتِ تَارِكًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مِثْلَ سَنَةٍ شَهْرًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ أَيْ عَلَى الْإِفْرَادِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ شَهْرًا أَوَّلًا إشَارَةً إلَى اعْتِمَادِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَتَّفِقُ لَهُ.
(قَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَجِيبَةً؟) هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ بَلْ هُوَ ظَاهِرُهَا وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ وَجِيبَةٍ هُوَ تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ.
(قَوْلُهُ عَشْرًا) لَا مَفْهُومَ لِعَشْرٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعَ النَّقْدِ تَطَوُّعًا الدَّوَرَانَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الدَّوَرَانُ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الدَّوَرَانَ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّ لَهُ تَفْصِيلًا ضَعِيفًا لَا دَاعِيَ لِجَلْبِهِ (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ إلَخْ) وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا دُونَ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سَنَةً كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ.
(قَوْلُهُ إلَّا الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ الْمَأْمُونَةُ الرَّيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا) أَيْ: كَأَرَاضِي الْمَشْرِقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا أَرْبَعِينَ عَامًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ سِنِينَ كَثِيرَةً) ذَكَرَ الْحَطَّابُ إنَّمَا تُكْرَى بِالنَّقْدِ الثَّلَاثِينَ عَامًا وَالْأَرْبَعِينَ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الْكَثْرَةِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ لِنَقْلِهِ.
(قَوْلُهُ النَّقْدُ) أَيْ: شَرْطُ النَّقْدِ وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ كَذَا فِي الشُّرَّاحِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ أَرَاضِي النِّيلِ مِمَّا شَأْنُهُ الرَّيُّ (قَوْلُهُ أَرْضُ النِّيلِ الْمَأْمُونَةُ) فِيهِ شَيْءٌ؛ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ الرَّيِّ إذَا رُوِيَتْ لَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَيَجِبُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ) لَكِنَّ رَيَّهَا مَجْزُومٌ بِهِ لِكَوْنِهَا شَدِيدَةَ الِانْخِفَاضِ وَقَرِيبَةً مِنْ الْبَحْرِ فَأَدْنَى زِيَادَةٍ مِنْ الْبَحْرِ تُرْوَى مِنْهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ تَحَقُّقُ رَيِّهَا وَقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ بَلْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْدُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ بِأَنْ ذَهَبَ النِّيلُ عَنْهَا فَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَهُ رحمه الله؛ إذْ صَارَ وُجُوبُ النَّقْدِ مَنُوطًا بِالْأَمْرَيْنِ وُجُودِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ؛ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ
وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ.
(ص) وَقَدْرٍ مِنْ أَرْضِك إنْ عُيِّنَ أَوْ تَسَاوَتْ (ش) الْقَدْرُ يَشْمَلُ الْأَذْرُعَ وَالْفَدَادِينَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ مِنْ أَرْضِهِ قَدْرًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ عَيَّنَ الْجِهَةَ الَّتِي يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُكْتَرِي أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْجِهَةَ الَّتِي يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُكْتَرِي وَاحْتُرِزَ بِالْقَدْرِ عَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رُبُعَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ شَائِعًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ ذَلِكَ.
(ص) وَعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلَاثًا أَوْ يَزْبِلَهَا إنْ عَرَفَ (ش) يَعْنِي وَكَذَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَحْرُثَهَا مُكْتَرِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَزْرَعَهَا فِي الْحَرْثَةِ الرَّابِعَةِ وَكَذَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَزْبِلَهَا مُكْتَرِيهَا وَيَزْرَعَهَا وَيَكُونَ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ كِرَاؤُهَا إنْ كَانَ أَمْرًا مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْثَاتِ وَالتَّزْبِيلِ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى فِي الْأَرْضِ وَلِذَا اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْأَرْضِ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَيَصِيرُ كَنَقْدٍ اُشْتُرِطَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَعَلَى إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَأَرْضٌ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى حَمَّامٍ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ إنْ عَرَفَ أَيْ: نَوْعَ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ مِنْ زِبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزِّبْلَ أَنْوَاعٌ وَيَنْبَغِي أَوْ قَدْرُهُ كَعَشْرَةِ أَحْمَالٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ مُخْتَلِفَةٌ فَبَعْضُهَا ضَعِيفَةُ الْحَرَارَةِ فَيُقَوِّيهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ وَبَعْضُهَا قَوِيُّ الْحَرَارَةِ فَيُضْعِفُهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ.
(ص) وَأَرْضٍ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً (ش) أَيْ وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ سِنِينَ مَاضِيَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا فِي تِلْكَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً فَسِنِينَ الْأُولَى مَعْمُولٌ لِنَعْتِ أَرْضٍ وَمُسْتَقْبَلَةً صِفَةٌ لِسِنِينَ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَعْمُولٌ لَجَازَ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لِغَيْرِك) أَيْ وَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِك وَمَعْنَاهُ أَنَّك اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ ثُمَّ أَكْرَيْتهَا لِغَيْرِك تِلْكَ السِّنِينَ فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا ثُمَّ انْقَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً وَلَك أَنْ تَأْمُرَ الْغَارِسَ أَنْ يَقْلَعَ شَجَرَهُ مِنْ أَرْضِك إلَّا أَنْ يُرْضِيَك هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَنَّ لِغَيْرِك فَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِمُسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ مِنْ رَبِّهَا أَوَّلًا وَثَانِيًا، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُهَا فَقَوْلُهُ وَأَرْضٍ إلَخْ عُطِفَ عَلَى حَمَّامٍ وَعَلَى نُسْخَةٍ كَذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ بِالْكَافِ يَكُونُ الْمَعْنَى وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ سِنِينَ أَيْ: يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَكْتَرِيَ أَرْضًا سِنِينَ كَجَوَازِ اكْتِرَائِهَا صَاحِبَ شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً إلَخْ أَيْ: كَمَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ شَجَرٍ بِهَا اكْتِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً إلَخْ فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَسِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٌ مَعْمُولٌ لَجَازَ عَلَى كِلَا النُّسْخَتَيْنِ لَا أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ سِنِينَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ تِلْكَ مَاضِيَةٌ وَهَذِهِ مُسْتَقْبَلَةٌ.
(ص) لَا زَرْعٍ (ش) أَيْ: لَا إنْ كَانَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ زَرْعًا لِغَيْرِك فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
إنَّمَا يَكُونُ بِوُجُودِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَزَوَالِهِ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رُبْعَهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ذَكَرَ عَدَدَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَذْرُعِ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهُ قَدْرًا مِنْهُ مُعَيَّنًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَرْضُك أَلْفُ ذِرَاعٍ وَأَكْتَرِي مِنْهَا مِائَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا بِنِسْبَةِ قَدْرِ مَا اسْتَأْجَرَ لِجَمِيعِ قَدْرِ ذَرْعِهَا كَمَا فِي الطِّخِّيخِيِّ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُزَبِّلُهَا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُزَبِّلَهَا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكِرَاءَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهَذَا التَّزْبِيلُ أَوْ الْحَارِثُ زِيَادَةٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا جَعَلَ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا الْحَرْثَ أَوْ التَّزْبِيلَ الْمَذْكُورَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ هَذَا الزِّبْلُ لَا بُدَّ مِنْ طَهَارَتِهِ كَمَا وَجَدْته عِنْدِي (قَوْلُهُ وَلِذَا اُشْتُرِطَ إلَخْ) أَقُولُ وَالْمُصَنِّفُ مُفِيدٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا أَيْ الْأَرْضَ الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَ) أَيْ: نَوْعُ مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ (أَقُولُ) كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا مَانِعَ مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ يَحْرُثُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَرْثَ تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ وَلَوْ بَيَّنَ عَدَدَهُ، فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ عَدَدِهِ وَصِفَتِهِ مَعْلُومًا بِالْعَادَةِ كَفَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ مَنْ زَبَّلَ أَوْ غَيْرَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي ذَلِكَ تَنَافِيًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُزَبَّلَ بِهِ زِبْلٌ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ مَا يُصْلِحُهَا بِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلزِّبْلِ وَغَيْرِهِ أَيْ: كَرَمَادٍ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِبْلٍ أَيْ نَوْعٍ مِنْ الزِّبْلِ كَزِبْلِ الْحَمَامِ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ لَمَا عَدَّاهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ زِبْلَ الْحَمَامِ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَيُضَعِّفُهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيَكْفِيهَا الْقَلِيلُ.
(قَوْلُهُ مَعْمُولٌ لَجَازَ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَعْمُولٌ لِكِرَاءٍ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ أَيْ: يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَكْتَرِيَ أَرْضًا سِنِينَ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرَعَيْنَ مُشَبَّهٌ بِهِ وَمُشَبَّهٌ فَأَمَّا الْمُشَبَّهُ بِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَرْضُ مَطَرٍ عَشْرًا فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَهُ لِشُمُولِ هَذَا لِكِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَصَّلَ فِي النَّقْدِ دُونَ هَذَا، وَأَمَّا الْمُشَبَّهُ فَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْقَائِلُ وَإِنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً فَغَرَسْت فِيهَا شَجَرًا وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرُك فَلَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً انْتَهَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ لِغَيْرِك تَضِيعُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ) أَيْ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً مَرْتَبَتُهَا التَّقْدِيمُ عَلَى قَوْلِهِ لِذِي شَجَرٍ بِهَا وَقَوْلُهُ لِذِي شَجَرٍ حَقُّهَا التَّأْخِيرُ.
(أَقُولُ) وَإِذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ تَقْدِيمًا وَلَا تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا عُلِمَ وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ سِنِينَ مَاضِيَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ فَقَوْلُهُ لِذِي شَجَرٍ بِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ مُسْتَأْجَرَةٌ سِنِينَ مَاضِيَةً فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ لَا زَرْعَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ الشَّجَرِ زَرْعٌ أَخْضَرُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكْرِيَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الشَّجَرَ فَافْتَرَقَا إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ جَبَرَ الْغَارِسَ عَلَى قَلْعِ غَرْسِهِ وَكَذَا الْمُكْتَرِي إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِهِ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْغَارِسُ لَا يَسْتَطِيعُ
يُتْرَكُ إلَى تَمَامِ طِيبِهِ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا وَبِعِبَارَةٍ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى شَجَرٍ أَيْ لَا اسْتِئْجَارُ غَيْرِ ذِي زَرْعِ أَرْضِ زَرْعِهِ أَيْ: زَرْعِ الْغَيْرِ قُرِئَ لِذِي شَجَرٍ بِاللَّامِ أَوْ بِالْكَافِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ سِنِينَ لَا زَرْعٌ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرْضِهِ لِغَيْرِ رَبِّهِ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الْغَارِسَ بِقَلْعِهِ كَمَا مَرَّ وَالشَّجَرُ إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ أَبَّرَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ.
(ص) وَشَرَطَ كَنْسَ مِرْحَاضٍ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ قَضَى الْعُرْفُ أَنَّ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ عَلَيْهِ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الْوَقْفِ وَالْمَمْلُوكَةُ عَلَى الْمُكْرِي وَقَوْلُهُ (أَوْ مَرَمَّةً) عُطِفَ عَلَى كَنْسٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ أَوْ الْحَمَّامُ مَثَلًا مِنْ الْمَرَمَّةِ وَهِيَ إصْلَاحُ مَا وَهَى مِنْ بِنَائِهَا مِنْ كِرَائِهَا الْوَاجِبِ.
(ص) وَتَطْيِينٌ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ لَا إنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنْ يُطَيِّنَ الدَّارَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ عَلَى الْمُكْتَرِي بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ وَتَطْيِينُ الدَّارِ هُوَ طَرُّهَا أَيْ: جَعْلُ الطِّينِ عَلَى سَطْحِهَا وَقَيَّدَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِأَنْ يُسَمَّى مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ لَا إنْ قَالَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا ذُكِرَ مِنْ كِرَاءٍ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَكِرَاءٌ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَلِلْمُكْرِي قِيمَةُ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي وَلِلْمُكْتَرِي قِيمَةُ مَا رَمَّ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَرْطِ كَوْنِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ وَتَطْيِينٍ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي لِلْجَهَالَةِ فَقَوْلُهُ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ رَاجِعٌ لِلتَّرْمِيمِ وَالتَّطْيِينِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَى الْمُكْتَرِي فَلَوْ كَانَ عَلَى الْمُكْرِي بِالْعُرْفِ وَاشْتَرَطَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي جَازَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ فَلَوْ رَجَعَ الْمُكْرِي بَعْدَ عَقْدِهِ مَعَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ وَقَالَ لِلْمُكْتَرِي لَا تَتَصَرَّفْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
(ص) أَوْ حَمِيمَ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ أَوْ نَوْرَتَهُمْ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي حَمِيمَ أَهْلِهِ أَيْ: غُسْلَهُمْ أَيْ كُلَّمَا احْتَاجُوا إلَى الْحَمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مَعْلُومًا فَيَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ نُورَةِ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ عَلَى الْمُكْتَرِي لِلْجَهَالَةِ وَسَوَاءٌ عَرَفَ الْمُكْتَرِي أَهْلَ ذِي الْحَمَّامِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ وَهَذَا بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ خَيَّاطٍ يَخِيطُ لَهُ وَلِعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي السَّنَةِ أَوْ الْخَبَّازِ بِأَنْ يَخْبِزَ لَهُ وَلِعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي السَّنَةِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ الْأُسْبُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا عَرَفَ عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ.
(ص) أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فِي الْأَرْضِ بِنَاءٌ وَغَرْسٌ وَبَعْضُهُ أَضَرُّ وَلَا عُرْفَ (ش) عُطِفَ عَلَى لَمْ يَجِبْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَشَاءُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ وَلَا ثَمَّ
ــ
[حاشية العدوي]
مُخَالَفَتَهُ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ الْغَارِسُ غَرْسَهُ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ بِخِلَافِ الزَّرْعِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى الْقَلْعِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ فَلِذَا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا الْآنَ بَعْدَ تَمَامِ زَرْعِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ إذْ هُوَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، وَلِذَا حَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الزَّرْعِ وَأَنَّ إلَى الْمَعْنَى بَعْدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ لِلزَّرْعِ فَلَا مَعْنَى لِعَقْدِ الْكِرَاءِ عَلَى ذَلِكَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت رحمه الله (فَإِنْ قُلْت) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ.
(قُلْت) قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الزَّرْعَ يَفْسُدُ بِقَلْعِهِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ لَا يَفْسُدُ بَلْ يُمْكِنُ غَرْسُهُ أَوْ يَسْتَمِرُّ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِالرَّفْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الرَّفْعِ يَكُونُ عَامًّا بِخِلَافِ الْجَرِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَأْجِرَةً سِنِينَ مَاضِيَةً لِذِي زَرْعٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مُسْتَقْبَلًا وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ فِي الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ إلَخْ) أَيْ: فَإِذَا اسْتَأْجَرْت أَرْضًا سَنَةً كَامِلَةً وَزَرَعْت فِيهَا زَرْعًا فَلَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مَا دَامَ الزَّرْعُ فِيهَا وَلَوْ انْقَضَتْ السُّنَّة، ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ السَّنَةِ أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ فِي السَّنَةِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فَيَجُوزُ إيجَارُهَا لِغَيْرِ الزَّارِعِ وَلَوْ فَسَدَ زَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِعِلْمِهِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّارِحُ هَذَا تَقْيِيدُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَهُ لَمْ يَتِمَّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي كِرَاءٍ لَا تَتِمُّ سَنَتُهُ بِالْحَصَادِ فَإِنْ كَانَتْ تَتِمُّ بِالْحَصَادِ وَوَقْتُهُ مُنْضَبِطٌ كَمَا بِمِصْرَ جَازَ.
(قَوْلُهُ لِمَنْ قَضَى الْعُرْفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عِنْدَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعِ مَا يُفِيدُ أَنَّ بِالْأَصَالَةِ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ عَلَى الْمُكْرِي وَفِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْكِرَاءِ وَالثَّانِيَ فِي الْحَادِثِ بَعْدَهُ وَبِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْفَنَادِقِ وَالْحَمَّامَاتِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ أَوْ عُرْفٌ) أَيْ: يَشْتَرِطُ الْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي التَّعْجِيلَ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ أَيْ: أَوْ تَجْمُدُ الْكِرَاءُ عَلَى الْمُكْتَرِي.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مَعْلُومًا) أَيْ: كَأَنْ يَدْخُلُوا كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً أَوْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ عِدَّتَهُمْ وَالْوَقْتَ الَّذِي يَدْخُلُونَ فِيهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ: فَالْمَدَارُ عَلَى مَعْرِفَةِ عِيَالِ الرَّجُلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ آخِرًا إذَا عَرَفْت عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ لَا أَمْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ)
عُرْفٌ يُصَارُ إلَيْهِ فَقَوْله أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَإِنْ عُيِّنَ مَا يَفْعَلُهُ فِيهَا جَازَ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضَرَّ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا فَبَدَا لَهُ فَزَرَعَهَا حِنْطَةً؛ إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَجُمْلَةُ وَلَا عَرَفَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ.
(فَائِدَةٌ) صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِمَنْعِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ الْحَفْرُ فِيهِ وَلَا الدَّفْنُ فِيهِ قَالُوا وَلَعَلَّ مَنْ يَذْكُرُ الْكَرَاهَةَ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ.
(ص) وَكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ أَوْ بِعَرْضٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْوَكِيلِ مُفَوَّضًا كَانَ أَوْ خَاصًّا لِأَرْضِ مُوَكِّلِهِ أَوْ دَارِهِ بِمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ لِمُوَكِّلِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ ذَلِكَ بِعَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالدَّارَ لَا تُكْرَى إلَّا بِالنَّقْدِ وَلَهُ فَسْخُ عَقْدِ الْكِرَاءِ وَإِجَازَتِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ فِي مَلَائِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَدِيمًا رَجَعَ عَلَى السَّاكِنِ بِالْكِرَاءِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلسَّاكِنِ عَلَى الْوَكِيل وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ حَيْثُ حَابَى فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ كَذَلِكَ بِجَامِعِ التَّصَرُّفِ عَنْ الْغَيْرِ فِي الْكُلِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ.
(ص) وَأَرْضٌ مُدَّةً لِغَرْسٍ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ نِصْفُهُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا سَمَّاهُ لَهُ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَ الشَّجَرُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي أُجْرَتِهَا وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَى أَرْضَهُ بِشَجَرٍ لَا يَدْرِي أَيَسْلَمُ أَمْ لَا؟ فَلَوْ قَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ: لَك نِصْفُ الشَّجَرِ أَوْ رُبْعُهُ مِنْ الْآنَ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ مَا أَجَّرَهُ بِهِ هُنَا مَعْلُومٌ مَرْئِيٌّ قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ الْغَرْسُ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى هُوَ أَيْ: فَهُوَ أَوْ نِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِذَا وَقَعَ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَقِيلَ إنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَاهَا بِشَجَرٍ لَا يَدْرِي أَيَسْلَمُ أَمْ لَا وَقِيلَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْغَرْسُ لِمَنْ غَرَسَهُ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَيَفُوتُ بِالْغَرْسِ وَعَلَى الثَّانِي يُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ الْغَرْسِ يَوْمَ وَضْعِهِ وَيُطَالِبُهُ أَيْضًا بِمَا أَكَلَ مِنْ الثَّمَرِ فِيمَا مَضَى.
(ص) وَالسَّنَةُ فِي الْمَطَرِ بِالْحَصَادِ وَفِي السَّقْيِ بِالشُّهُورِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْمَطَرِ أَوْ أَرْضَ النِّيلِ سَنَةً فَإِنَّهَا تَنْقَضِي فِيهَا بِحَصَادِ الزَّرْعِ مِنْهَا، وَأَمَّا أَرْضِ السَّقْي أَيْ: الَّتِي تُسْقَى بِالْآلَةِ فَالسَّنَةُ تَنْقَضِي فِيهَا بِالشُّهُورِ أَيْ: فَيَلْزَمُ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا قَوْلُهُ بِالْحَصَادِ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ: مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَيْ: اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ مَا يَبْنِيهِ هَلْ بِئْرٌ أَوْ حَائِطٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ إطْلَاقِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْمَطْمُورَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْغَرْسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ مَا يَغْرِسُهُ هَلْ جُمَّيْزٌ أَوْ عِنَبٌ مَثَلًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْبِئْرَ أَضَرُّ مِنْ الْحَائِطِ وَالْجُمَّيْزُ أَضَرُّ مِنْ الْعِنَبِ وَيُحْتَمَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا مَا يَفْعَلُهُ هَلْ هُوَ بِنَاءٌ أَوْ غَرْسٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ بَعْضُهُ أَضَرُّ قَيْدٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضَرَّ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّنَا نَجْزِمُ قَطْعًا بِأَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْغَرْسِ أَضَرُّ مِنْ غَيْرِهِ وَبَعْضُ أَفْرَادِ الْبِنَاءِ أَضَرُّ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا عَلِمْت فَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِذَلِكَ الْقَيْدِ وَكَذَا يَأْتِي الْبَحْثُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِالْأَوْلَى نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُصَوِّرَ عَدَمَ الضَّرَرِ فِيمَا إذَا قَالَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك الْأَرْضَ عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا يُجْعَلُ خُبْزًا؛ إذْ هُوَ شَامِلٌ لِلْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَلَيْسَ بَعْضُهُمَا أَضَرَّ فَلَا يُحْتَاجُ لِلْبَيَانِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَمْثِيلًا لِلْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ نَوْعٌ مِنْ الْغَرْسِ، وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُ أَنْوَاعِهِ لَيْسَ أَضَرَّ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ فَلَا بَيَانَ لِنَوْعِ ذَلِكَ الْغَرْسِ مَعَ أَنَّنَا جَازِمُونَ قَطْعًا بِأَنَّ بَعْضَهُ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا الْمِثَالُ الَّذِي ذَكَرْنَا إنَّمَا هُوَ بَعْضُ أَفْرَادِ نَوْعٍ مِنْ الْغَرْسِ أَيْ بَعْضُهُ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ فَلَيْسَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْغَرْسِ بَلْ بَيْنَ أَصْنَافِ نَوْعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا إلَخْ) تَنْظِيرٌ.
(قَوْلُهُ وَكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ إلَخْ) وَإِذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ بِأَنْ وَقَعَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فَلَا فَسْخَ وَقَوْلُهُمْ الْوَقْفُ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ بِهِ شَخْصٌ حَتَّى وَصَّلَهُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ مُدَّةً لِغَرْسِ) وَأَمَّا مُدَّةٌ لِبِنَاءٍ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَعَرْته أَرْضَك لِيَبْنِيَ فِيهَا وَيَسْكُنَ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ يَخْرُجَ وَيَدَعَ الْبِنَاءَ فَإِنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْبِنَاءِ وَمَبْلَغَهُ أَيْ: الْمُدَّةَ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الْمُكْتَرِي فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ لَمْ يَجُزْ فَلَوْ قَالَ أَسْكُنُ مَا بَدَا لِي لَمْ يَجُزْ فَإِنْ وَقَعَ فَلَكَ كِرَاءُ أَرْضِك وَلَك أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَإِنْ أَعَرْته سِنِينَ عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا أُصُولًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك بَعْدَ الْمُدَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ إذْ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْرُوفٌ انْتَهَى أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ صِفَةِ الْغَرْسِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْعَارِيَّةِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فَإِنَّ صِفَتَهُ تُعْرَفُ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْعَارِيَّةِ تَذَكَّرَهَا حِينَ الْعَقْدِ وَإِصْلَاحِ الْبِنَاءِ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ لَيْسَ فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ كَمَا فِي إصْلَاحِ الْغَرْسِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُؤَلِّفِ إجَارَةٌ وَهَذِهِ مُغَارَسَةٌ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا جَعَلَهُ لَهُ كُلَّهُ مِنْ الْآنَ كَمَا اسْتَظْهَرُوا (قَوْلُهُ كِرَاءً فَاسِدًا) أَيْ أَكْرَى الْأَرْضَ كِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَا لَا يَعْقِلُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَيْ: أَجَّرَ الْمُكْتَرِي فَقَدْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَنَافِعِ مَا يَعْقِلُ.
(قَوْلُهُ وَيَفُوتُ بِالْغَرْسِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَنَافِعِ الْأَرْضِ وَحَكَمْنَا بِفَسَادِهِ وَشَأْنُهُ الْفَسْخُ وَالْفَسْخُ عِنْدَ عَدَمِ التَّغَيُّرِ وَغَرْسُهَا تَغَيُّرٌ فَلِذَلِكَ عُدَّ مُفَوِّتًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يَقُولُ بِالْإِجَارَةِ وَإِنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِمَنَافِعِ الْعَاقِلِ وَالْعَاقِلُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ تَغَيُّرًا فَلِذَا حَكَمْنَا بِالْفَسْخِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ
كَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مِرَارًا فِي السَّنَةِ أَوْ مَرَّةً وَالْحَصَادُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ أَيْ: بِحَصْدِهِ أَوْ قَطْعِهِ أَوْ جَذِّهِ أَوْ رَعْيِهِ كَالزَّرْعِ وَالْبِرْسِيمِ وَاللِّفْتِ وَالْمُلُوخِيَّةِ وَالْكَمُّونِ وَنَحْوِهَا فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُخَلِّفُ بُطُونًا فَبِآخِرِ بَطْنٍ.
(ص) فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَكِرَاءٌ مِثْلُ الزَّائِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةُ إذَا انْقَضَتْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يُبْقِيَهُ فِيهَا إلَى تَمَامِ طِيبِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْ: فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ يَلْزَمُ فِيهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الزَّرْعُ فَلَوْ بَقِيَ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا تُسَاوِي هَذِهِ الْأَرْضُ فِي الْمُدَّةِ لَوْ أُكْرِيَتْ؟ فَيُقَالُ: يُسَاوِي كِرَاؤُهَا كَذَا فَيُعْطَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا يَصِحُّ تَفَرُّعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ فِيهِ بِالْحَصَادِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ أَيْ: زَرْعٌ لَمْ يَتِمَّ أَيْ: أَوْ شَجَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ أَيْ: وَكَانَ يَظُنُّ الزَّارِعُ تَمَامَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَظُنُّ تَمَامَهُ بَعْدَهَا بِكَثِيرٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ قُرْبَهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ حَرَثَ أَرْضَهُ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ أَوْ أَقَرَّهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَمِنْ كِرَاءِ الْوَجِيبَةِ.
(ص) وَإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي حَبٌّ فَنَبَتَ قَابِلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَعِنْدَ حَصَادِهِ انْتَثَرَ مِنْهُ حَبٌّ فِي الْأَرْضِ بِآفَةٍ كَبَرَدٍ أَوْ غَيْرِ آفَةٍ فَنَبَتَ قَابِلًا أَيْ: فِي زَمَنٍ قَابِلٍ كَانَ فِي عَامِهِ أَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعْرَضَ عَنْهُ عَادَةً وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَنَبَتَ لِلتَّعْقِيبِ وَتَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْمُكْتَرِي بَلْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ بَلْ كُلُّ مَا يَنْتَثِرُ فِي الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِكِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ زَارِعِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لِمُكْرِيهَا لَا لِزَارِعِهَا وَهَذَا حَيْثُ انْقَضَتْ مُدَّةُ كِرَاءِ مَنْ انْتَثَرَ حَبُّهُ فَإِنْ بَقِيَتْ فَهُوَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ أَكْرَاهَا رَبُّهَا لِغَيْرِهِ وَنَبَتَ فِي مُدَّةِ كِرَائِهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ لَا لِلْمُكْتَرِي قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ وَمَفْهُومُ انْتَثَرَ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فِي سَنَةِ بَذْرِهِ وَنَبَتَ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاؤُهُ وَهَلْ عَلَيْهِ كِرَاءٌ فِي الْعَامِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ فِيهِ يَجْرِي عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِعَطَشٍ وَنَحْوِهِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ.
(ص) كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ إلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيْلَ إذَا جَرَّ حَبَّ رَجُلٍ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي انْجَرَّ إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا جَرَّ السَّيْلُ زَرْعَ رَجُلٍ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ فَقَوْلُهُ كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ أَيْ: كَشَخْصٍ جَرَّ السَّيْلُ الزَّرْعَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ جَرَّهُ إنْ جَعَلْت الضَّمِيرَ لِلزَّرْعِ أَفَادَ أَنَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَأَخَذَ مِنْهُ أَرْجَحِيَّةَ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصَادِ فِي الزَّرْعَةِ الْأُولَى حَيْثُ كَانَتْ تُزْرَعُ الْأَرْضُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ قَائِلًا مَا نَصُّهُ وَالْعِبْرَةُ بِالْحَصْدِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَوْ جَذُّهُ) الْجَذُّ هُوَ الْقَطْعُ وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَلْعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ كَالزَّرْعِ رَاجِعٌ لِلْحَصَادِ وَقَوْلُهُ وَالْبِرْسِيمُ رَاجِعٌ لِلرَّعْيِ وَقَوْلُهُ وَاللِّفْتُ رَاجِعٌ لِلْقَلْعِ وَقَوْلُهُ وَالْمُلُوخِيَّةُ رَاجِعٌ لِلْقَطْعِ وَقَدْ تُجَذُّ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يَخْلُفُ بُطُونًا كَالْبِرْسِيمِ.
(قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ إلَخْ) أَيْ: الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْكِرَاءِ فِي السَّنَةِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِلْكِرَاءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَا يُنْظَرُ لِنِسْبَتِهِ لِكِرَاءِ السَّنَةِ وَهَذَا عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ وَالْمُصَنِّفُ مَاشٍ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَحْنُونًا طَرَحَ قَوْلَهُ فِيهَا عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى مِنْهُ فَهُوَ مَاشٍ عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا أَكْرَى مِنْهُ وَمَعْنَى عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى مِنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ كِرَائِهَا فِي السَّنَةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ مَثَلًا ثُمَّ يُقَالُ وَمَا قِيمَةُ كِرَاءِ هَذَا الْأَمَدِ الزَّائِدِ؟ فَيُقَالُ: دِينَارٌ فَيُعْطَى لِلزَّائِدِ مِثْلَ خُمُسِ الْكِرَاءِ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُ كَلَامِ سَحْنُونَ وَضَعُفَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّنَةَ فِيهِ بِالْحَصَادِ) أَيْ لِزَرْعِهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ الزَّرْعُ عَنْ السَّنَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعٌ وَلَا أُجْرَةٌ قَالَهُ تت.
(قَوْلُهُ لَمْ يُؤَبَّرْ) ؛ إذَا مَا لَمْ يُؤَبَّرْ لَيْسَ فِيهِ تَلَفُ شَيْءٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُسْتَأْجِرَ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عج وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَرْضُ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَظُنُّ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَظُنُّ بَقَاءَهُ فَالْحُكْمُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَبٌّ هَلْ يَكُونُ لِرَبِّ الْحَبِّ أَوْ هُوَ مُبَاحٌ كَالْعُشْبِ كَمَا قَالَهُ عج؟ فَإِنْ قُلْت: سَيَأْتِي فِي الْمَوَاتِ أَنَّ حَرْثَهَا مِنْ الْإِحْيَاءِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَعَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا وَمَا هُنَا قَدْ أَعْرَضَ عَنْهَا (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ) أَيْ: وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ أَعَارَهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَتْ فَهُوَ لَهُ) أَيْ: وَكَذَا إذَا أَكْرَاهَا قَابِلًا عَقِبَ اكْتِرَائِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ) أَيْ: إذَا لَمْ يَطْرُدْ الصَّائِدُ الصَّيْدَ لِلدَّارِ ثُمَّ إنَّ الصَّيْدَ غَلَبَهُ وَدَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِرَبِّهَا مَالِكُ ذَاتِهَا لَا مَالِكُ مَنْفَعَتِهَا.
(قَوْلُهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) عِبَارَةٌ قَاصِرَةٌ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي عج حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ جَرَّ شَجَرَةً فَإِنْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ لَا تَنْبُتُ أَوْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ تَنْبُتُ وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ أَخْذِهَا فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ تَنْبُتُ وَطَلَبَهَا رَبُّهَا لِيَغْرِسَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا حَطَبًا كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَنْعُهُ مِنْ قَلْعِهَا وَهَلْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا فَالْأَوَّلُ نَظَرٌ لِقَوْلِ رَبِّهَا وَالثَّانِي احْتِمَالٌ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ عَوْدُهَا لِمَكَانِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَغْرِسَهَا لَا قَوْلَ الْآخَرِ لِيَجْعَلَهَا حَطَبًا وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الزَّرْعِ الَّذِي جَرَّهُ السَّيْلُ حَيْثُ كَانَ يَنْبُتُ بِأَرْضِ رَبِّهِ حُكْمُ الشَّجَرِ الَّذِي يَنْبُتُ بِأَرْضِ رَبِّهِ.
جَعَلْته لِلْبَذْرِ أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْمَتْنُ قَابِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لِرَبِّهِ فَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ لِلْبَذْرِ، وَأَمَّا الشَّجَرُ فَيُفْهَمُ مِنْ فَرْضِ الْمُؤَلِّفِ الْكَلَامَ فِي الْبَذْرِ أَوْ الزَّرْعِ أَنَّهُ لِرَبِّهِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ إذَا قَلَعَ يَنْبُتُ وَإِلَّا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا.
(ص) وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ يَلْزَمُ فِيهَا الْكِرَاءُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا كَمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَوْلُهُ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ أَيْ: فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَحْوِ الْفَأْرِ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ خَشِيَ إنْ زَرَعَ أَكَلَهُ الْفَأْرُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ الْبَاجِيُّ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إذَا بَاضَتْ فِي الْأَرْضِ فَمَنَعَتْ الْحَرْثَ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ خِيفَةَ أَنْ يُؤْذِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَا كِرَاءَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ.
(ص) وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا وَإِنْ فَسَدَ زَرْعُهَا لِأَجْلِ جَائِحَةٍ نَزَلَتْ بِهِ كَبَرْدٍ أَوْ جَلِيدٍ وَجَرَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا دَخْلَ لِلْأَرْضِ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَالْكِرَاءُ لَازِمٌ.
(ص) أَوْ غَرَقٌ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إذَا غَرِقَتْ الْأَرْضُ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ وَسَوَاءٌ زَرَعَهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ الْإِبَّانِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ أَوْ غَرِقَتْ فِيهِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَهُ وَانْكَشَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا كِرَاءَ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى الْأَرْبَعِ صُوَرٍ قَوْلُهُ أَوْ غَرَقٌ بِالْمَصْدَرِ عُطِفَ عَلَى جَائِحَةٍ وَبِالْفِعْلِ عُطِفَ عَلَى فَسَدَ.
(ص) أَوْ عَدَمِهِ بَذْرًا أَوْ سِجْنِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الزَّرْعِ لِعَدَمِهِ مِنْ الْبَذْرِ أَوْ لِأَجْلِ سَجْنِهِ وَسَوَاءٌ سُجِنَ ظُلْمًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يُكْرِيَهَا لِغَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي عَدَمِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمُكْتَرِي وَاحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا عَدِمَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا كِرَاءَ لَهُ وَالسَّجْنُ بِفَتْحِ السِّينِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ مَنْ يَسْجُنُهُ بِسَجْنِهِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَرْعِهَا فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ وَالْكِرَاءُ عَلَى الْمَانِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ عُطِفَ عَلَى جَائِحَةٍ لَكِنْ فَسَدَ مُضَمَّنٌ مَعْنَى تَعَطَّلَ وَالْمُرَادُ بِالْبَذْرِ مَا يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ كَانَ بَذْرًا أَوْ شَتْلًا كَالْقَصَبِ وَالْكُرَّاثِ وَالْفُجْلِ
. (ص) أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا إذَا انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ أَوْ نَحْوُهَا وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى الشُّرُفَاتِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.
(ص) أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا إذَا اكْتَرَى دَارًا أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا انْتَفَى كَأَرْضٍ غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ وَإِنْ صَحَّتْ إجَارَتُهَا وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ التَّمَكُّنِ إنْ نَازَعَهُ الْمُكْرِي فَإِنْ أَقَرَّ الْمُكْتَرِي بِالتَّمَكُّنِ لَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَصَلَ مَانِعٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مَا يُسْقِطُ الْكِرَاءَ قَالَ قَوْلٌ لِلْمُكْرِي (قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ قَبْلَ الطَّيَرَانِ فَلَا يَلْزَمُ لِقَوْلِهِ الْجَرَادُ يَبِيضُ فِي الْأَرْضِ، وَأَمَّا لَوْ طَارَتْ فَيَلْزَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَمَنَعَتْ الْحَرْثَ) أَيْ مَنَعَتْ النَّاسَ مِنْ أَنْ يَحْرُثُوا خَوْفًا مِنْ أَذِيَّةِ الْجَرَادِ لِلزَّرْعِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْحَرْثِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ) أَيْ: تَعَطَّلَ بِجَائِحَةٍ وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْوُجُودِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِسُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ وَجَرَادٍ) أَيْ طَرَأَ الْجَرَادُ بَعْدَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا فَبَاضَتْ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ جَيْشٍ وَغَاصِبٍ وَعَدَمِ إثْبَاتِ حَبٍّ.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ لُزُومِ الْكِرَاءِ مَعَ فَسَادِهِ بِجَائِحَةٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُوجِبُ إسْقَاطَ الْكِرَاءِ إنْ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَقَحْطِ السَّمَاءِ حَتَّى لَمْ يَنْتِجْ الزَّرْعُ لَمْ يَتِمَّ لِأَجْلِ الْقَحْطِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ التَّرَدُّدُ هَلْ يُعْتَبَرُ إذَا حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَمَا حَرَثْت لِشَيْءٍ خَاصٍّ إبَّانَ مَا حَرَثْت لَهُ أَوْ إبَّانَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا مُطْلَقًا ظَاهِرُ شَارِحِنَا الْأَوَّلِ وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا عَدِمَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ: عَدِمَ أَهْلُ الْبَلَدِ مِلْكًا وَتَسَلُّفًا حَتَّى مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ حَيْثُ جَرَى عُرْفٌ بِتَسَلُّفِهِمْ مِنْهُمْ كَذَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب بَقِيَ مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُمْ الشِّرَاءُ مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ هَلْ ذَلِكَ لَيْسَ عَدَمًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ وَالْكُرَّاثُ) أَرَادَ بِهِ الْكُرَّاثَ الَّذِي لَهُ رَأْسٌ كَالْبَصَلِ وَقَوْلُهُ وَالْفُجْلُ لَعَلَّهُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ.
(قَوْلُهُ شُرُفَاتٌ) الشِّينُ مَضْمُومَةٌ وَالرَّاءُ مُثَلَّثَةٌ لَيْسَ الْكَسْرُ فِيهَا فَالرَّاءُ مَضْمُومَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ أَوْ سَاكِنَةٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ: بَعْدَ أَخْذٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْمُكْرِي.
(قَوْلُهُ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) أَيْ سَوَاءٌ سَكَنَ بِإِذْنِ الْمُكْتَرِي أَوْ غَصْبًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا مِنْ الدَّارِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ الْأَجْنَبِيُّ بِسُكْنَى الْمُكْرِي فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَثَابَةِ مَا إذَا سَكَنَ الْمُكْرِي
نَحْوَهَا وَسَكَنَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ مِثْلِ مَا سَكَنَهُ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ صَاحِبُ الدَّارِ بَعْضَهَا فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى حِصَّةِ مَا سَكَنَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي.
(ص) لَا إنْ نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَإِنْ قَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُنْهَدِمَ كَالشُّرُفَاتِ وَنَحْوِهَا إذَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَحُطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ مَا لَهُ جَمَالٌ كَبَيَاضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ أَيْ: إنْ لَمْ يَقِلَّ بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا بَلْ وَإِنْ قَلَّ لَكِنْ بِقَيْدِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَيَكُونَ مَعْنَى الْقَلِيلِ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُكْتَرِي وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَلِّ الشَّارِحِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.
(ص) أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا وَلَا فِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ أَوْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا لَا شَكَّ فِي شُمُولِ مَا قَبْلَهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَا يَشْمَلُ الثَّانِيَ.
(ص) أَوْ سَكَنَهُ مُكْرِيهِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْحِصَّةَ الَّتِي سَكَنَهَا الْمُكْرِي بِأَنْ أَجَّرَهُ سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ سَكَنَ الْمُكْرِي قَدْرًا مِنْ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ وَتَقَدَّمَ مَفْهُومُ مُكْرِيهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ سَكَنَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْءٌ وَالضَّمِيرُ فِي سَكَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بَيْتٌ مِنْهَا وَمِثْلُ سُكْنَاهُ مَا إذَا شَغَلَهُ بِمَتَاعِهِ.
(ص) أَوْ لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا كَانَ فِيهَا عُلْوٌ وَسُفْلُ وَلَمْ يَأْتِ الْمُكْرِي لِلْمُكْتَرِي بِسُلَّمٍ يَصْعَدُ عَلَيْهِ لِلْعُلْوِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّةَ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ.
(ص) أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ أَوْ غَرِقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا عَطِشَ بَعْضُهَا أَوْ غَرِقَ بَعْضُهَا يُرِيدُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ دُونَ الْجُلِّ، وَأَمَّا إذَا غَرِقَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا أَوْ عَطِشَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ أَمَّا إنْ حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الْحَرْثِ الْغَالِبُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا نَفْسُ الْأَرْضِ بِانْفِرَادِهَا وَقَوْلُهُ (فَبِحِصَّتِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ.
(ص) وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ كَهَطْلٍ فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يُخَيَّرُ إذَا حَصَلَ هَطْلٌ فِيمَا اكْتَرَاهُ بِأَنْ صَارَ يَتَتَابَعُ الْمَطَرُ مِنْهَا أَوْ انْهَدَمَ يَسِيرٌ مِنْ جُدْرَانِ الدَّارِ أَوْ انْهَدَمَ الْبَاذَهْنَجُ مِنْهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَخْرُجَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَبَقِيَ سَاكِنًا بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ مِنْ غَيْرِ نَقْصِ مَنَافِعَ وَإِلَّا حَطَّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ كَهَطْلٍ تَمْثِيلٌ بِالْأَخَفِّ فَأَوْلَى الْهَدْمُ وَنَحْوُهُ.
(ص) كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الصُّلْحِ إذَا عَطِشَتْ فَتَلِفَ زَرْعُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْكِرَاءُ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ مُحَقَّقَةٍ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ السُّلْطَانُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَالًا مَعْلُومًا بِخِلَافِ أَرْضِ الْخَرَاجِ كَأَرْضِ مِصْرَ فَإِنَّهَا إجَارَةٌ مُحَقَّقَةٌ وَلِأَنَّهَا أَرْضُ عَنْوَةٍ أَجَّرَهَا السُّلْطَانُ، فَإِذَا عَطِشَتْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَطَشُ قَدْ طَرَأَ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا إذَا زَرَعُوا فَعَطِشَ فَعَلَيْهِمْ خَرَاجُ أَرْضِهِمْ انْتَهَى.
(ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا إنْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَهَلْ لُزُومُ الْكِرَاءِ لِأَهْلِ أَرْضِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ أَوْ مَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ ثُمَّ عَطِشَتْ بَعْدَ زَرْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَالَحَةِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجَمَاجِمِ بِقَدْرٍ أَيْضًا أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الرِّقَابِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ كِرَائِهَا بِذَلِكَ فَيُقَالُ عَشْرَةٌ وَمَا قِيمَةُ كِرَائِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَيُقَالُ تِسْعَةٌ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُكْتَرِي عُشْرُ الْكِرَاءِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ يُقَيَّدُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي) ، فَإِذَا ضَرَّ بِالْمُكْتَرِي فَيُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ الْبَقَاءُ مَعَ إسْقَاطِ حِصَّةِ الْمُضِرِّ مِنْ الْكِرَاءِ.
(قَوْلُهُ مَا إذَا أَشْغَلَهُ بِمَتَاعِهِ) وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَمَّا الْعَطَشُ فَمُطْلَقٌ، وَأَمَّا الْغَرَقُ فَيُقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ إبَّانِ الْحَرْثِ لَا بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَرِقَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ) أَيْ: قَبْلَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ أَوْ عِنْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْغَرَقُ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ) أَيْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي الْقَلِيلِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ: يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِحِصَّتِهِ إنْ قَامَ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحُطَّ وَعَقْدُ الْكِرَاءِ لَازِمٌ لَهُ فِي السَّنَةِ فَإِنْ ادَّعَى الْقِيَامَ وَخَالَفَهُ الْمُكْرِي عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُكْرِي كَمَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا تَنَازَعَا فِي وَقْتِ انْهِدَامِ بَيْتٍ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ) أَيْ: فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا الصَّادِقُ بِصُورَتَيْنِ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَلَاثٌ (وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا إذَا صَالَحُوا) أَيْ: فَعَلَ الْخِلَافُ هَذِهِ الصُّورَةَ فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ صُورَةِ الْإِجْمَالِ وَصُورَةِ مَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ إلَخْ) أَيْ:
وَعَلَى الْأَرْضِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مَا لِلْأَرْضِ مِنْهُ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمْ فِي الْعَطَشِ بِاتِّفَاقٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ عِبَارَتُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.
(ص) عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ لِكَثْرَةِ دُودِهَا أَوْ فَأْرِهَا أَوْ عَطَشٍ أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا عُكِسَ الْحُكْمِ فِيمَا مَرَّ فَكَمَا يَجِبُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا مَرَّ يَسْقُطُ جَمِيعُهُ هُنَا بِتَلَفِ الزَّرْعِ لِأَجْلِ دُودِ الْأَرْضِ أَوْ لِأَجْلِ فَأْرِهَا أَوْ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ مَنَعَتْهُ مِنْ ازْدِرَاعِهَا أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ مِنْ الزَّرْعِ كَخَمْسَةِ أَوْ سِتَّةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ مِائَةِ فَدَّانٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِهَذَا الْقَلِيلِ فَالْمُرَادُ بِالْعَكْسِ التَّخَالُفُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ لَا الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ مَعًا فَلَا يَتَأَتَّى وَلَوْ قَالَ لِدُودِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْكَثْرَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعْتَادَةً بِذَلِكَ أَمْ لَا.
(ص) وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ عَلَى إصْلَاحٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالِكَ الرَّقَبَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِهَا سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُ مَعَهُ السُّكْنَى أَمْ لَا وَسَوَاءٌ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ يَخْرُجَ، فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا فِي إصْلَاحِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَأَخَذَ بَعْضٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ خَرِبَةٌ بِجِوَارِ شَخْصٍ يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ كَسَارِقٍ وَنَحْوِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا وَلَا بَيْعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ جَاءَ اللِّصُّ مِنْهَا إلَى الْجِيرَانِ وَعَلَى ذَوِي الْعُمْرَانِ حِفْظُ مَتَاعِهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِلْوَقْفِ فَلَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ جُبِرَ لِحَقِّ الْوَقْفِ.
(ص) بِخِلَافِ سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّارِ إذَا أَصْلَحَ مَا انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ قَبْلَ خُرُوجِ الْمُكْتَرِي مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ حِينَئِذٍ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فَإِنْ أَصْلَحَ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَقَوْلُهُ أَصْلَحَ صِفَةٌ لِسَاكِنٍ أَيْ: تَمَّ الْإِصْلَاحُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ جَمِيعًا وَلَهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَبَقِيَّةَ ظَرْفٌ لِأَصْلَحَ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ ظَرْفٌ أَيْضًا.
(ص) وَإِنْ اكْتَرَيَا حَانُوتًا فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَكْرَى عَلَيْهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اكْتَرَيَا حَانُوتًا فَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقَدَّمَهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إنْ تَحَمَّلَ الْقَسْمَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهُ أَكْرَى عَلَيْهِمَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صَنْعَتُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ وَمِثْلُ الِاكْتِرَاءِ الِاشْتِرَاءُ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَالْقُرْعَةُ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا كَاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ.
(ص) وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ مَكْرِي سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهِ نَفَقَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِيَزْرَعَهَا فَغَارَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَدَمَتْ بِئْرُهَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَ وَأَبَى رَبُّهَا أَنْ يُصْلِحَ فَإِنَّ لِمُكْتَرِيهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا حِصَّةَ تِلْكَ السَّنَةِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَيُلْزِمَ رَبَّهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى حِصَّةِ سَنَةٍ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا زَادَ فَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَا سَقَى النَّخْلَ حَتَّى غَارَتْ الْعَيْنُ
ــ
[حاشية العدوي]
فَمَحَلُّ الْخِلَافِ صُورَتَانِ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُخَالِفَةٌ لِلْأُولَى إلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ فَقَطْ لِيَأْتِيَ هَذَا التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا صَادِقٌ بِتَعْيِينِ مَا لِكُلٍّ أَوْ لَا بِأَنْ دَخَلُوا عَلَى الْإِجْمَالِ أَيْ: مَعَ أَنَّهُمَا إذَا دَخَلَا عَلَى الْإِجْمَالِ مِنْ مَحَلِّ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ عِبَارَتُهُ أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعَ تَعْيِينِ مَا لِلْأَرْضِ مِمَّا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ عج اعْتَمَدَ ظَاهِرَ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْخِلَافُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ.
(قَوْلُهُ عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ) هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَهُوَ عَكْسُ تَلَفٍ إلَخْ أَوْ حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ عَكْسَ تَلَفٍ.
(قَوْلُهُ كَخَمْسَةِ أَفْدِنَةٍ) كَذَا فِي الْمُوَازِيَةِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ هَذَا إنْ كَانَ مُفَرَّقًا فِي الْفَدَادِينِ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ الْمُوَازِيَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ (قَوْلُهُ التَّخَالُفُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ) أَيْ: فَهُوَ عَكْسٌ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ لَا عَكْسٌ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ مَعًا مِثَالُ الْعَكْسِ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ أَنْ يُقَالَ مَثَلًا أُمِّنَ زَيْدُ ثُمَّ سَرَقَ فَلَا قَطْعَ وَأَدْرَكَ عَكْسَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا لَا يُخَيَّرُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي بِلَادِنَا وَلَوْ طَاعَ الْمُكْتَرِي بِالْإِصْلَاحِ مِنْ مَالِهِ أَيْ: لَا لِيَحْسِبَهُ مِنْ الْكِرَاءِ جُبِرَ رَبُّهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْعِهِ مُضَارٌّ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ انْقَضَتْ الْوَجِيبَةُ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا كَانَ بِإِذْنٍ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ) أَيْ: الشَّافِعِيُّ جَوَابًا فِي نَازِلَةٍ سُئِلَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ جُبِرَ لِحَقِّ الْوَقْفِ) وَحِينَئِذٍ فَالْبَانِي فِي الْوَقْفِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ قَائِمًا سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ كَانَ يَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ.
(قَوْلُهُ أَصْلَحَ لَهُ) كَانَ الْمُصْلِحُ رَبَّ الدَّارِ أَوْ النَّاظِرَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ بِخِلَافِ الْمَالِكِ لَمْ يَقُمْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ ظَرْفٌ أَيْضًا) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَلُّقَ قَوْلِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ أَصْلَحَ يُغْنِي عَنْ تَعَلُّقِ بَقِيَّةٍ بِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَيُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ أَوْ لَزِمَتْهُ السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ نَائِبُ فَاعِلٍ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ ظَرْفٌ لِأَصْلَحَ وَقَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ سِنِينَ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ سِنِينَ بَلْ سَنَةٌ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ سِنِينَ رَدًّا لِمَنْ يَقُولُ تُنْفَقُ أُجْرَةُ السِّنِينَ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (قَوْلُهُ نَفَقَتْ حِصَّةٌ) أَيْ: صُرِفَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ وَالْمُرَادُ بِحِصَّةِ السَّنَةِ مَا يَخُصُّ تِلْكَ السَّنَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَنَفِقَ بِفَتْحِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفَرِحَ (قَوْلُهُ وَلَا سَقْيُ النَّخْلِ) إشَارَةٌ
فَإِنَّهُ لَا يُنْفِقُ شَيْئًا عَلَى إصْلَاحِهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا إنْ أَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّ تَلَفَ زَرْعِهَا مِنْ الْعَطَشِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْمُونَةِ مَا يَحْصُلُ بِإِنْفَاقِ حِصَّةِ السَّنَةِ فِيهَا الْأَمْنُ مِنْ عَطَشِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ.
(ص) وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ فَلَا كِرَاءَ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ تَمْلِكُ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ وَجِيبَةٍ أَوْ مُشَاهَرَةٍ مَعَ حُصُولِ نَقْدٍ فَسَكَنَ مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَمِثْلُ مِلْكِهَا مَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ لِأَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَتْ لِلزَّوْجِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السُّكْنَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُ لِلشَّرْطِ، وَأَمَّا مِلْكُ أَخِيهَا وَعَمِّهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عِنْدَهُ وَإِنْ قَصُرَتْ يَحْلِفَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْكُنَاهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَأَخَذَاهَا مِنْهُ، وَأَمَّا أَبَوَا الزَّوْجِ فَهُمَا كَأَبَوَيْ الزَّوْجَةِ، وَأَمَّا أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إذَا قَالَا إنَّمَا سُكْنَاهُ بِالْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخِي الزَّوْجَةِ أَوْ عَمِّهَا وَبَيْنَ أَخِي الزَّوْجِ أَوْ عَمِّهِ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِانْضِمَامِ الْبِنْتِ إلَيْهِمَا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَحِفْظِهَا لِلْعِرْضِ بِخِلَافِ أَخِي الزَّوْجِ أَوْ عَمِّهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِانْضِمَامِهِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْهُ مَا يُخْشَى مِنْ الْبِنْتِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ لَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَفِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهَا بَيَانٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَيَكُونُ لَهَا الْكِرَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الدُّخُولِ.
(ص) وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ وَصَلَ كِتَابًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ إلَى بَلَدِ كَذَا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَبْلِيغِ حَمْلٍ إلَى بَلَدِ كَذَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَمَدٍ يُبَلَّغُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لَا فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْوُصُولَ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْوَدِيعَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يَشْهَدْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الدَّيْنِ كَالدَّيْنِ.
(ص) وَأَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِصْنَاعَ وَرَبُّ الْمَتَاعِ يَقُولُ بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ لِلصَّنْعَةِ كَأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَالْآخَرُ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ وَبِعِبَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا يُدْفَعُ لِلصُّنَّاعِ لِلِاسْتِصْنَاعِ وَالْإِيدَاعِ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَلَيْهِ فَيُنْظَرُ مَا وَجْهُ رُجُوعٍ إنْ أَشْبَهَ لِهَذَا وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَدَّعِيَ الصَّانِعُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَصْنَعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ اسْتِصْنَاعَ مَا تُكَذِّبُ الْقَرِينَةُ دَعْوَاهُ كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: افْتَقْ خِيَاطَةَ الْمَخِيطِ وَأَعِدْهَا حَيْثُ لَا مُوجِبُ لِذَلِكَ.
(ص) أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ (ش) عُطِفَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ أَيْ وَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ خُولِفَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى اسْتَصْنَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّانِعَ يُصَدَّقُ إذَا اخْتَلَفَ مَعَ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فِي الصِّفَةِ حَيْثُ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ كَمَا إذَا قَالَ أَمَرْتنِي بِصَبْغِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَقَالَ رَبُّهُ أَخْضَرَ مَثَلًا وَمُفَادُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ يُصَدَّقُ الصَّانِعُ إنْ أَشْبَهَ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ حَلَفَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَفِي أَخْذِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ الصَّانِعُ مَجَّانًا وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لِرَبِّهِ وَظَاهِرُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَتْ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ نَخْلًا مُسَاقَاةً فَغَارَ مَاؤُهَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا قَدْرَ حِصَّةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَرَةِ سَنَةً تِلْكَ لَا أَكْثَرَ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِيهَا وَاَلَّذِي زَرَعَ أَوْ سَاقَى قَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ نَفَقَةٌ فِيهَا وَعَمَلٌ وَفِي نَفَقَتِهِ إحْيَاءٌ لِزَرْعِهِ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَا سَقَى النَّخْلَ حَتَّى غَارَتْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا شَيْئًا اهـ. فَالشَّارِحُ أَجْحَفَ فِي الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ مَا يَحْصُلُ بِإِنْفَاقٍ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا دِينَارَيْنِ وَلَا تَتَأَتَّى إلَّا بِهِمَا فَحِصَّةُ السَّنَةِ دِينَارٌ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّهَا يَلْزَمُهُ دِينَارٌ فَقَطْ وَالدِّينَارُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لَا أَنَّ رَبَّهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ ذَاتَ بَيْتٍ) أَيْ: رَشِيدَةً وَهَلْ لِوَلِيِّ غَيْرِهَا فِعْلُ مَا تَفْعَلُهُ الرَّشِيدَةُ أَوْ لَا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَ الزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ سُكْنَاهُ مَعَهَا بِبَيْتِهَا بِلَا كِرَاءٍ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ اجْتِمَاعَ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ يُوجِبُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ سَلِمَ فَيُفِيدُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السُّكْنَى) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْبَيَانُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ السُّكْنَى كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُ الْعَاصِمِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَصَّلَ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ (قَوْلُهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ مِثْلَهُ) أَيْ: فِي مِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ خُولِفَ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهَا النِّزَاعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ رَبِّ الثَّوْبِ مُحَقَّقَةً (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَنْ يَلْبَسُ الْأَحْمَرَ أَوْ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَكُنْ رَبُّهُ شَرِيفًا وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ كَصَبْغِهِ شَاشًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ أَوْ أَزْرَقَ لِنَصْرَانِيٍّ فَلَا يَقْبَلُ دَعْوَى شَرِيفٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَزْرَقَ لِيُهْدِيَهُ لِنَصْرَانِيٍّ وَلَا دَعْوَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ لِيُهْدِيَهُ لِشَرِيفٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِقَرِينَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ اخْتِلَافَهُمَا فِي صِفَةٍ لَا تَجْتَمِعُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ كَأَسْوَدَ وَأَزْرَقَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ رَبُّهُ أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَكْحَلَ وَالصَّانِعُ أَزْرَقَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ فِي تَخْفِيفِ الْأُجْرَةِ وَلِلصَّانِعِ فِي عَدَمِ لُزُومِ إعَادَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ) أَقُولُ: وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الِاسْتِصْنَاعِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ
وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ يَنْقُصُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَمِنْ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ اشْتَرَكَ هُوَ وَالصَّانِعُ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَهَذَا بِقِيمَةِ صَبْغِهِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الصَّانِعُ.
(ص) وَفِي الْأُجْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا ادَّعَى مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَجْرًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَخَالَفَهُ رَبُّهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى مِنْ الْأَجْرِ أَشْبَهَ رَبَّهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَشْبَهَ رَبَّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَدْفَعُ لِلصَّانِعِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ لِلصَّانِعِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (إنْ أَشْبَهَ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ (وَحَازَ) خَاصٌّ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَحُزْ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ كَالْبَنَّاءِ فَقَوْلُهُ (لَا كَبِنَاءٍ) مَفْهُومُ حَازَ وَبَنَّاءٍ بِبَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ كَخَيَّاطٍ لَا كَبَنَّاءٍ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِعَدَمِ حَوْزِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ بِبَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُخَفَّفَةٍ أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ فِي كَخِيَاطَةٍ لَا فِي كَبِنَاءٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الْحَوْزُ وَعَدَمُهُ وَهَذَا مُجَرَّدُ مِثَالٍ بَلْ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ خَيَّاطٌ غَيْرَ حَائِزٍ كَمَا لَوْ كَانَ يَخِيطُ فِي بَيْتِ رَبِّ الْمَخِيطِ وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْهُ بَلْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ يَتْرُكُهُ وَلَا يَنْقُلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ الْحِيَازَةُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ.
(ص) وَلَا فِي رَدِّهِ فَلِرَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا صَنَعَ الْمَتَاعَ وَقَالَ رَدَدْته لِرَبِّهِ وَكَذَّبَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَ الصَّانِعُ قَبَضَ الْمَصْنُوعَ مِنْ رَبِّهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُودِعِ إذَا قَبَضَ الْوَدِيعَةَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَادَّعَى رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَنَّهُ مُصَدَّقٌ أَنَّ الْمُودِعَ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الضَّمَانِ وَالصَّانِعُ قَبَضَ مَا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِي الصَّانِعِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يَقْبَلُ فِيهِ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى رَدَّهُ لِرَبِّهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَلَفَهُ مَقْبُولَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ.
(ص) وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَالَ سَرَقَ مِنِّي وَأَرَادَ أَخْذَهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ فَلَا يَمِينَ وَإِلَّا حَلَفَا وَاشْتَرَكَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِصْنَاعَ وَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: بَلْ سَرَقَ مِنِّي، فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَخْذَ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أُجْرَةَ عَمَلِ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَى الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَفَائِدَةُ هَذَا إسْقَاطُ الزَّائِدِ عَنْ رَبِّ الْمَتَاعِ وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَنْ يُضَمِّنَ الصَّانِعَ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ لِرَبِّهِ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَبَى تَحَالَفَا بِأَنْ يَحْلِفَ رَبُّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَالَهُ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ وَهُوَ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ مَجَّانًا، وَأَمَّا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ مَجَّانًا فَعَدَمُ كَلَامِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ عَامٌّ فِيمَا قَبْلَ الْقَيْدِ وَبَعْدَهُ، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْقَيْدِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ لَا كَبِنَاءٍ إلَخْ) قَالَ عج وَاَلَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ بِالتَّأَمُّلِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحُزْ الصَّانِعُ وَلَكِنَّهُ أَشْبَهَ وَلَمْ يُشْبِهْ رَبَّهَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الصَّانِعِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَازَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي قَبُولِ قَوْلِ الصَّانِعِ مُطْلَقًا بَلْ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ حَيْثُ أَشْبَهَا، وَأَمَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَائِزُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْحَائِزِ مِنْهُمَا أَوْ الْوَاجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْحَوْزِ انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ وَحَازَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عِنْدَ شَبَهِهِمَا وَإِلَّا فَلَا تَنْفَعُ الْحِيَازَةُ وَيَنْظُرُ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَتْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ: الصَّانِعِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعِينَ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَشْبَهَا وَحَلَفَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَائِزًا لِلسِّلْعَةِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ عَنْهُ قُوَّةُ يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ حَازَ أَوْ لَمْ يَحُزْ بِخِلَافِ الصَّانِعِ لَا تَقْوَى يَدُهُ قُوَّةَ يَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا زَمَنَ ضَمَانِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْحَوْزِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ) أَيْ: يَوْمَ الْعَدَاءِ عَلَى زَعْمِ رَبِّهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ كَذَا ذَكَرُوا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَا) وَبُدِئَ الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَرَبُّهُ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ سَرَقَ مِنِّي كَمَا فِي النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ طِبْقَ دَعْوَاهُ وَقَاعِدَةُ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى وَوَجْهُ مَا فِي النَّقْلِ أَنَّ تَرَتُّبَ غُرْمِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنَّمَا هُوَ عَلَى حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ سَرِقَةً وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِحَالِفٍ عَلَى نَاكِلٍ، فَإِذَا حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَلَوْ نَقَصَتْ الثَّوْبُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ فَيَأْخُذُهُ بِدُونِ قِيمَةِ الصَّبْغِ.
(قَوْلُهُ وَاشْتَرَكَا) وَالِاشْتِرَاكُ وَلَوْ نَقَصَ بِسَبَبِ الصَّبْغِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَبِقِيمَةِ الصَّبْغِ لَا بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بِثَمَنٍ فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَى حَسْبِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَبْيَضَ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الصَّبْغِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ خَمْسَةً فَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثٌ، فَإِذَا بِيعَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ يَأْخُذُ بِنِسْبَةِ مَا لَهُ.
(قَوْلُهُ إنْ زَادَتْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ قِيمَةُ الصَّبْغِ وَفِي قَوْلِهِ بِيَمِينٍ أَيْ، فَإِذَا لَمْ تَزِدْ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ أُخِذَ مَا ادَّعَى فَقَطْ وَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّهِ
الثَّوْبِ أَوَّلًا أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَيَحْلِفُ الصَّانِعُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَهَذَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي ادَّعَاهُ عَائِدٌ عَلَى الِاسْتِصْنَاعِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَصْنَعَ وَقَوْلُهُ سُرِقَ بَنَاهُ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا قَالَ سَرَقَهُ غَيْرُك أَوْ سَرَقْته مِنِّي وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ سَرَقْته مِنِّي نَظَرَ فِي الصَّانِعِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبَ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ قَوْلُهُ وَأَرَادَ إنْ جَعَلَ مَفْعُولَهُ مَحْذُوفًا أَيْ: وَأَرَادَ عَدَمَ تَضْمِينِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ كَانَ قَوْلُهُ أَخَذَهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَبِيَمِينٍ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَذْفٍ وَإِنْ جُعِلَ أَخْذُهُ مَفْعُولَ أَرَادَ كَانَ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ: أَخَذَهُ بِيَمِينٍ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الْأَجْرُ وَالصَّبْغُ بِالْفَتْحِ الْعَمَلُ أَيْ: دَفْعُ أَجْرِ الْعَمَلِ وَلَوْ قَالَ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الصَّبْغِ وَالطَّرْزِ وَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ الْمَصْبُوغُ بِهِ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ لَا تَضِيعُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَصْبُوغِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ وَالْمَصْبُوغُ بِهِ.
(ص) لَا إنْ تُخَالَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ وَأَبَى مَنْ دَفَعَ مَا قَالَ اللَّاتُّ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ أَيْ: خَلْطِهِ بِأَنْ قَالَ اللَّاتُّ أَمَرْتنِي أَنْ أَلُتَّهُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ مِنْ السَّمْنِ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّ السَّوِيقِ مَا أَمَرْتُك أَنْ تَلُتَّهُ بِشَيْءٍ أَصْلًا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ السَّوِيقِ ادْفَعْ لَهُ مَا لَتَّهُ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ الْأَرْطَالِ إنْ شِئْت وَخُذْ سَوِيقَك مَلْتُوتًا فَإِنْ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ قِيلَ لِلَّاتِّ اغْرَمْ لَهُ مِثْلَ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَلَا يَأْخُذُهُ مَلْتُوتًا فَإِنْ أَبَى قِيلَ لَهُ أَسْلِمْهُ بِلُتَاتِهِ لِصَاحِبِهِ وَلَا شَيْءَ لَك وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ هُنَا لِوُجُودِ الْمِثْلِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الثَّوْبِ فَقَوْلُهُ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ أَيْ: عَيْنًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ أَوْ إنْ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْوِفَاقِ وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا الشَّارِحُ.
(ص) وَلَهُ وَلِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ بَلَغَا الْغَايَةَ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ بِيَمِينٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ إلَى الْأَجِيرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا طَلَبَ أُجْرَتَهُ وَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: قَدْ دَفَعْتهَا إلَيْك فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي عَدَمِ قَبْضِهَا بِيَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ رَبُّ الْمَتَاعِ مَعَ الْجَمَّالِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْجَمَّالِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ أَيْ الْبَلَدِ الَّتِي تَكَارَيَا إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَتَاعِ لِرَبِّهِ فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَهُوَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَأَمَّا لَوْ قَامَ بِحَدٍّ ثَانٍ تَسْلِيمُ الْأَمْتِعَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُمَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُنَازَعَةَ هُنَا بَيْنَ رَبِّ الْجِمَالِ وَرَبِّ الْأَحْمَالِ فِي الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ إلَخْ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ لَا تَضِيعُ) حَاصِلُهُ أَنَّنَا لَوْ قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ فَالْمُرَادُ قِيمَةُ الْعَمَلِ وَالْمَصْبُوغِ وَكَذَا إذَا قَرَأْنَاهُ بِالْكَسْرِ نُرِيدُ بِهِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ) الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لَا إنْ تَخَالَفَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ حَلِفًا وَاشْتَرَكَا أَيْ فَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الْحَلِفِ وَالِاشْتِرَاكُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ النَّقْلُ.
(قَوْله فَقَوْلُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ بَلْ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ تَخْيِيرُ اللَّاتِّ (قَوْلُهُ أَيْ: عَيْنًا) أَيْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمِثْلِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ سَوِيقِهِ وَلَوْ رَضِيَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُخَيَّرُ فِي دَفْعِ مِثْلِهِ أَوْ فِي دَفْعِهِ مَلْتُوتًا وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مَلْتُوتًا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَهُ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ رَبُّهُ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْضَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُفَادَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلَّاتِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مِثْلِهِ أَوْ فِي دَفْعِهِ مَلْتُوتًا وَمُفَادُ هَذَا التَّوْفِيقِ أَنَّ الْخِيَارَ لِرَبِّ السَّوِيقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ يُعَارِضُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلَّاتِّ فَإِنْ قُلْت: مَا يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عِلَّةِ الْمُقَابِلِ وَهِيَ لُزُومُ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا قُلْت أُجِيبَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّأْدِيَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ الصَّانِعُ يَقُولُ لَمْ أَتَعَدَّ فِيمَا فَعَلْته فِي طَعَامِك حَتَّى يَجِبَ عَلَيَّ مِثْلُهُ بَلْ لَتَتّهُ بِإِذْنِك فَلَمْ أَدْفَعْ لَك إلَّا مَا تَمْلِكُ وَأَنْتَ ظَلَمْتنِي فِي عَدَمِ دَفْعِ الْعِوَضِ، وَهَذَا وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ اللَّتَّ غَيْرُ نَاقِلٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ نَاقِلٌ فَكَيْفَ يَقُولُ أَشْهَبُ بِعَدَمِ جَوَازِ أَخْذِهِ مَلْتُوتًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَبُ يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ قَالَ الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَرْجِيحِ الْغَيْرِ عِنْدَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ السَّوِيقِ شَامِلٌ لِمَا إذَا ادَّعَى رَبُّهُ السَّرِقَةَ أَوْ الْوَدِيعَةَ وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَصْنُوعِ الْمُقَوَّمِ وَمَا هُنَا مِثْلِيٌّ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ وَلَا تَخَالُفَ فَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَحْسَنُ لِعُمُومِهَا.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً) الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِإِقْرَارِ الْمُكْتَرِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِأَنَّ الْكِرَاءَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُكْرِي مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ حَصَلَ التَّسْلِيمُ وَالطُّولُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَيُصَدَّقُ الْمُكْتَرِي فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْيَوْمَيْنِ أَيْ: فَالطُّولُ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَحْمَالِ لِرَبِّهَا الَّذِي هُوَ الْمُكْتَرِي وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقَرِيبِ مِنْ الْيَوْمَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الثَّالِثُ
اكْتَرَيْتُك لِلْمَدِينَةِ إلَخْ الْمُنَازَعَةُ فِيهِمَا ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ عَاطِفَةٌ عَلَى الْأَجِيرِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلِلْجَمَّالِ عَطْفٌ عَلَى ذَلِكَ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ بِالْعُرْفِ.
(ص) وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ وَقَالَ بَلْ لِإِفْرِيقِيَةَ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ عُدِمَ السَّيْرُ أَوْ قَلَّ وَإِنْ نَقَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَّالَ وَصَاحِبَ الْمَتَاعِ إذَا تَنَازَعَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَالَ الْجَمَّالُ وَقَعَ الْكِرَاءُ بَيْنَنَا إلَى بَرْقَةَ وَهِيَ الْقَرِيبَةُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بَلْ لِإِفْرِيقِيَةَ وَهِيَ الْبَعِيدَةُ بِالْمِائَةِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الظَّهْرِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ ثُمَّ يَفْسَخُ الْكِرَاءَ إنْ عُدِمَ السَّيْرُ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ قَلِيلٍ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْجِمَالِ فِي رُجُوعِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ فِي طَرْحِ مَتَاعِهِ وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ دَفَعَ الْأُجْرَةَ لِلْجَمَّالِ أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي قَالَ الْأَوَّلِ لِلْجَمَّالِ وَفِي الثَّانِي لِلْمُكْتَرِي وَلَوْ حَذَفَ عَدَمَ مَعَ أَوْ وَقَدَّمَ لَفْظَ قَلَّ عَلَى السَّيْرِ فَقَالَ إنْ قَلَّ السَّيْرُ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِمَرَامِهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ لِاسْتِفَادَةِ حُكْمِ مَا إذَا عَدِمَ السَّيْرَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَلَّ السَّيْرُ بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّهُ لَا يُنْظَرُ هُنَا إلَى دَعْوَى شَبَهٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَتَفْصِيلُهُ فِيمَا بَعْدَهُ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَلَيْسَ هُنَا مُفَوِّتٌ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَبْدَأَ مِنْ أَيْنَ؟ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ إذْ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَايَةِ وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ إفْرِيقِيَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا الْقَيْرَوَانُ أَيْ: الْمَدِينَةُ الْمَخْصُوصَةُ.
(ص) وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْدَمْ السَّيْرَ وَلَا قَلَّ بَلْ كَثُرَ أَوْ بَلَغَا الْغَايَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُكْرِي فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ خَاصَّةً سَوَاءٌ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْ، وَأَمَّا إنْ أَشْبَهَا مَعَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ عَلَى مَا ادَّعَى فَتَكُونَ لَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ أَيْ: مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيُفْسَخُ عَنْهُ الْبَاقِي وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا وَلَيْسَ الْمُكْتَرِي هُنَا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي حَلَفَ الْمُكْتَرِي وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا.
(ص) وَلِلْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فَقَطْ أَوْ أَشْبَهَا وَانْتَقَدَ (ش) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْرِيَ وَالْمُكْتَرِيَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَأَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ وَهُوَ الْجَمَّالُ وَقَدْ سَارَ سَيْرًا كَثِيرًا أَوْ بَلَغَ بَرْقَةَ الَّتِي هِيَ الْقَرِيبَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ سَوَاءٌ انْتَقَدَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَشْبَهَا مَعًا وَانْتَقَدَ الْكِرَاءَ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ فَقَوْلُهُ وَلِلْمُكْرِي إلَخْ كَأَنَّهُ قَالَ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَلِلْمُكْرِي إلَخْ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى فَلَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَفَسْخُ الْبَاقِي (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَشْبَهَا مَعًا وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومَ شَرْطٍ وَحِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ أَنْ يَسِيرَ عَلَى مَا قَالَهُ وَهُوَ بَقِيَّةُ الْمَسَافَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ أَيْضًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْمَسَافَةِ وَهِيَ بَرْقَةُ الْقَرِيبَةُ فَلَهُ حِينَئِذٍ حِصَّتُهَا عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَهِيَ إفْرِيقِيَةُ الْبَعِيدَةُ وَيَفْسَخُ الْبَاقِيَ بِأَنْ يُقَالَ مَا تُسَاوِي حِصَّةَ بَرْقَةَ الْقَرِيبَةَ مِنْ ابْتِدَاء السَّيْرِ إلَى إفْرِيقِيَةَ الْبَعِيدَةِ بِالْمِائَةِ الْمُكْتَرَى بِهَا بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالْوُعُورَة وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَيُقَالُ مَثَلًا الرُّبُعُ أَوْ النِّصْفُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَأْخُذ الْجَمَّالُ مِنْ الْمِائَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَمَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ مَعَ دَعْوَى الِاشْتِبَاهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ عَاطِفَةٌ عَلَى الْأَجِيرِ إلَخْ) أَيْ: عُطِفَ عَلَى لِلْأَجِيرِ وَقَوْلُهُ وَلِلْجَمَّالِ عَطْفٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى لِلْأَجِيرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَيْ: قَوْلِهِ وَلِلْجَمَّالِ وَتَكُونُ نُكْتَةُ ذَلِكَ قُرْبَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْمَعَاطِيفِ بِالْوَاوِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ بِالْعُرْفِ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ فَهِيَ طَرِيقَةٌ مُبَايِنَةٌ لِلْأُولَى الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَامَ بِحِدْثَانٍ إلَخْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُفَادُ مِنْ النَّقْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأُولَى مُفَسِّرَةٌ لِلْعُرْفِ فَلَا تَخَالُفَ.
(قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ) أَيْ: لِأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَلَا يُنْظَرُ لِدَعْوَى شَبَهٍ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ هُنَا مُفَوِّتٌ أَيْ: فِي حَالَةِ عَدَمِ السَّيْرِ أَوْ قِلَّةِ السَّيْرِ، وَأَمَّا إذَا كَثُرَ السَّيْرُ أَوْ بَلَغَ الْمَسَافَةَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْفَوَاتِ فِي بَابِ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُقَابِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ هُنَا مُفَوِّتٌ لِيَكُونَ نَصًّا فِي أَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ يُعْتَبَرُ الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ (قَوْلُهُ أَيْ: الْمَدِينَةُ الْمَخْصُوصَةُ) أَيْ: لَا الْإِقْلِيمُ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا) أَيْ: بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا بِحَسَبِ اللَّفْظِ وَإِلَّا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ الْمُكْتَرِي جَوَابُ أَنَّ.
(قَوْلُهُ وَلِلْمُكْرِي إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ شَبَهِ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ وَبَيْنَ شَبَهِ الْمُكْرِي فَقَطْ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ أَشْبَهَا وَانْتَقَدَ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ تَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي الْبَيْعِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا أَشْبَهَا مَعًا وَفِي الْكِرَاءِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا انْتَقَدَ اهـ.
وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ حُصُولَ النَّقْدِ لَمَّا رُجِّحَ جَانِبُ الْمُكْرِي أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ الْبَاقِي) أَيْ بَعْدَ بَرْقَةَ أَوْ السَّيْرِ الْكَثِيرِ إنْ كَانَ فِي مُسْتَعْتَبٍ وَإِلَّا أَوْصَلَهُ إلَى أَمْنٍ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ) مُرَادُهُ بِجَمِيعِ الْبَابِ مَسْأَلَتُنَا قَوْلُ الْمُكْتَرِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَرُجُوعُهُ لِهَذِهِ
الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَا قَالَ فَاعِلُ لَزِمَ وَالْجَمَّالَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (ص) وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى (ش) أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّبَهِ لَهُمَا وَتَلْخِيصُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَبَيَانُهَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ تَنْظُرَ فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ انْتَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْتَرِي خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْ وَإِنْ أَشْبَهَ مَا قَالَا مَعًا نَظَرْت فَإِنْ انْتَقَدَ الْكِرَاءُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْرِي فَيَحْلِفُ وَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي حَلَفَ وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيَفْسَخُ عَنْهُ الْبَاقِيَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلُ وَاحِدٍ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَكَانَ لَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَأَيُّهُمَا نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِمَنْ حَلَفَ.
(ص) وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْتُك لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَبَلَغَاهَا وَقَالَ بَلْ لِمَكَّةَ بِأَقَلَّ (ش) اعْلَمْ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّمَا كَانَ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ فِي الْمَسَافَةِ وَفِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ مَعًا وَقَدْ اخْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ فِيهَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ يَسِيرٍ أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ كَثِيرٍ اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا إذَا تَخَالَفَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ يَسِيرٍ التَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ، وَأَمَّا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ فَتَرَكَ هُنَا إذَا عَدِمَ السَّيْرَ أَوْ قَلَّ لِأَخْذِهِمَا هُنَا مِنْ الْمَفْهُومِ وَتَرَكَ السَّيْرَ الْكَثِيرَ اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ وَتَرَكَ هُنَاكَ بُلُوغَ الْغَايَةِ اتِّكَالًا عَلَى مَا هُنَا وَهُوَ صُنْعٌ عَجِيبٌ.
(ص) فَإِنْ نَقَدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ وَحَلَفَا وَفَسَخَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَا الْمَدِينَةَ يُرِيدُ وَبَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا انْتَقَدَ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِيمَا إذَا ادَّعَيَا مَعًا مَا يُشْبِهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالنَّقْدِ وَدَعْوَى الشَّبَهِ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي بَلَغَاهَا وَهِيَ الْمَدِينَةُ فَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ لِتَسْقُطَ عَنْهُ مَسَافَةُ مَا بَقِيَ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لِتَسْقُطَ عَنْهُ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى فَالْمَسَافَاتُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَنْزِلَةِ السِّلَعِ فَمَا فَاتَ مَضَى وَمَا بَقِيَ يَقَعُ النِّزَاعُ فِيهِ فَقَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ الْمُرَادَ شَبَهُهُمَا مَعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَلَفَا وَقَوْلِهِ وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ أَوْ لِدَلَالَةِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِيَ فَقَطْ فَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ وَلَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِيَ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى مَكَّةَ بِمَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا حَلَفَا وَفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ يَمِينِهِمَا (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الْمُكْتَرِي لِلْجَمَّالِ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا يُرِيدُ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَيْ أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ أَيْ: فِي أَنَّ الْمَسَافَةَ إلَى الْمَدِينَةِ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمِائَةِ وَالْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا أَيْ الْمَسَافَةِ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْخَمْسِينَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لِمَكَّةَ أَيْ إنَّ الْكِرَاءَ لِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ بُلُوغَ الْمَسَافَةِ الْمُدَّعَاةِ يُرَجِّحُ قَوْلَ مُدَّعِيهَا وَعَدَمَ التَّقْدِيرِ حَجّ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بَعْدَ يَمِينِهِمَا أَيْ: يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ مَا اكْتَرَيْتُك إلَّا لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي إنَّمَا اُكْتُرِيَتْ مِنْك لِمَكَّةَ بِخَمْسِينَ
ــ
[حاشية العدوي]
مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَلِلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا (قَوْلُهُ لِأَخْذِهِمَا هُنَا مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ: مَفْهُومِ وَبَلَغَا الْغَايَةَ أَيْ: مَعَ مُلَاحَظَةِ أَنَّ السَّيْرَ الْكَثِيرَ حُكْمُهُ حُكْمُ بُلُوغِ الْغَايَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ لِأَخْذِهِمَا مِنْ الْمَفْهُومِ يُنَكِّدُ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ وَتَرَكَ هُنَاكَ بُلُوغَ الْغَايَةِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّيْرُ كَثِيرًا فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ بِبُلُوغِ الْغَايَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادِرٍ (قَوْلُهُ حَلَفَا) فَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ مَا أَكْرَيْتَ إلَّا لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي إنَّمَا اكْتَرَيْت مِنْك لِمَكَّةَ بِخَمْسِينَ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ) مُرَتَّبٌ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلِفِ الْمُكْتَرِي وَإِنَّمَا حَلِفُهُ لِإِسْقَاطِ خَمْسِينَ عَنْهُ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا انْتَقَدَ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ) أَيْ: الْكِرَاءَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَهُوَ الْخَمْسُونَ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ فَسَقَطَ عَنْهُ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى) أَيْ وَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ فَقَطْ وَيُبَلِّغُهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي أَيْ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَشْبَهَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا إلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ) أَيْ: الَّتِي ادَّعَاهَا وَيُبَلِّغُهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلَّقَانِيِّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِيَ فَقَطْ نَقَدَ أَمْ لَا حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا وَلَمْ يَحْصُلُ نَقْدٌ وَهَذَا الْآتِي هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ عج وَادَّعَى أَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَتَبِعَهُ عب وَشُبْ ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَبَهِ الْمُكْتَرِي أَنْ يَكُونَ مَا أَقْبَضَهُ مُوَافِقًا لِدَعْوَى الْمُكْرِي وَزَائِدًا عَلَى دَعْوَاهُ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُكْرِي أَنَّ الْكِرَاءَ عَشْرَةٌ وَادَّعَى الْمُكْتَرِي أَنَّهَا خَمْسَةٌ وَقَدْ أَقْبَضَهُ عَشْرَةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي مُشْبِهًا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ مَا أَقَبَضَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَدِيعَةٌ أَوْ سَلَفٌ عِنْدَ الْمُكْتَرِي كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا أَنْ
وَيَأْخُذُ الْجَمَّالُ حِصَّةَ الْمَسَافَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَا تُسَاوِي حِصَّةَ الْمَدِينَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالْوُعُورَةِ وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَيُقَالُ: الرُّبُعُ أَوْ النِّصْفُ مَثَلًا فَيُعْطَى الْجَمَّالُ مِنْ الْخَمْسِينَ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ قَوْلُهُ لِلْجَمَّالِ قِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ أَيْ فَلِلْجَمَّالِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ حَذْفَ الْفَاءِ مَعَ مَدْخُولِهَا جَائِزٌ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّك إنْ تَذَرْهُمْ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ» أَيْ فَهُوَ خَيْرٌ وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ لِلْجَمَّالِ أَيْ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ فَيَأْخُذُ حِصَّةَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْخَمْسِينَ فَفِي الْحَقِيقَةِ أَعْمَلْنَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي وَحُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ سَوَاءٌ نَقَدَ لِلْجَمَّالِ أَمْ لَا كَحُكْمِ مَا إذَا أَشْبَهَا وَلَمْ يَنْتَقِدْ.
(ص) وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ إلَّا قَوْلَ الْمُكْرِي وَهُوَ الْجَمَّالُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَيَتْرُكُ الْمُكْتَرِي مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى.
(ص) وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِلَّا سَقَطَتَا (ش) أَيْ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْد أَنْ بَلَغَا الْمَدِينَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَهُوَ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ وَإِحْدَاهُمَا أَزْيَدُ عَدَالَةً وَمَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَدْلَةً فَقَطْ فَإِنْ تَسَاوَيَا سَقَطَتَا وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَتَجْرِي كُلُّ مَسْأَلَةٍ عَلَى تَفْصِيلِهَا وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَدْلَةً وَالْأُخْرَى فَاسِقَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّفْضِيلِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ أَيْ: وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْفَاسِقَةَ عَدْلَةٌ كَانَتْ هَذِهِ أَعْدَلَ مِنْهَا وَهَذَا الْقِسْمُ أَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ زَيْدٌ أَعْلَمُ مِنْ الْحِمَارِ أَيْ: لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحِمَارَ عَالِمٌ كَانَ زَيْدٌ أَعْلَمَ مِنْهُ رَاجِعْ الْمُرَادِيَّ عَلَى التَّسْهِيلِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ.
(ص) وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْت عَشْرًا بِخَمْسِينَ وَقَالَ بَلْ خَمْسًا بِمِائَةٍ حَلَفَا وَفُسِخَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا سِنِينَ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ فَقَالَ الْمُكْتَرِي اكْتَرَيْت عَشْرَ سِنِينَ بِخَمْسِينَ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ بَلْ خَمْسَ سِنِينَ بِمِائَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْيَمِينِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ التَّنَازُعَ وَقَعَ قَبْلَ الزَّرْعِ وَلَا يُرَاعَى هُنَا نَقْدٌ وَلَا عَدَمُهُ.
(ص) وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا وَلَمْ يَنْقُدْ فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَ الْمُكْتَرِي بَعْضَ الْمُدَّةِ أَوْ سَكَنَ الدَّارَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِعَدَمِ النَّقْدِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَدَعْوَى الشَّبَهِ وَيَحْلِفُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي أَمْ لَا فَقَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا أَيْ فَلِرَبِّهَا بِحِسَابِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي.
(ص) وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ الْمُكْتَرِي أَوْ أَشْبَهَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى وَفُسِخَ الْبَاقِي مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ وَلَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُقْضَى لِرَبِّ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ فِيمَا زَرَعَهُ أَوْ سَكَنَهُ وَيَفْسَخُ الْبَاقِيَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِدَعْوَاهُ فِي كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى يَتَنَازَعُ فِيهِ جَمِيعُ الْعَوَامِلِ السَّابِقَةِ.
(ص) وَإِنْ نَقَدَ فَتَرَدَّدَ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ أَيْ: وَإِنْ نَقَدَ الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِانْتِقَادِ الْكِرَاءِ وَلَا فَسْخَ أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ قِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى نُسْخَةِ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ نَعَمْ يَتَأَتَّى عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ النُّسْخَةَ لِلْجَمَّالِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ نَقَدَ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَسَافَةِ الْمَدِينَةِ وَلَوْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي.
(قَوْلُهُ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) وَكَذَا يُقْضَى بِذَاتِ التَّارِيخِ وَبِتَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مَزِيدَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ لِمَا يَأْتِي كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ الْمُكْتَرِي) أَيْ: حَلَفَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ أَشْبَهَ وَلَمْ يَحْلِفْ ثَلَاثُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ وَفِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فَقَطْ صُوَرٌ لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَحْلِفْ أَوْ حَلَفَ وَلَمْ يُشْبِهْ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَلَمْ يَحْلِفْ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُكْرِي وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا أَيْ: وَيَجِبُ الْفَسْخُ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ بَاقِي الصُّوَرِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا إذَا أَشْبَهَ كُلٌّ مِنْهَا وَلَمْ يَحْلِفْ.
(قَوْلُهُ حَلَفَا وَوَجَبَ إلَخْ) قَالَ عج وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا إذَا نَكَلَا يَكُونُ كَمَا إذَا حَلَفَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْأَحَدَ مَفْهُومُهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَضَى يَتَنَازَعُ إلَخْ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ الْكَوْنَ الْمَحْذُوفَ وَالتَّقْدِيرُ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي كَائِنٌ لِرَبِّهَا فِيمَا مَضَى وَالْعَامِلُ الثَّانِي قَوْلُهُ فَقَوْلُ رَبِّهَا أَيْ: فَقَوْلُ رَبِّهَا فِيمَا مَضَى أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى أَيْ: كِرَاءُ الْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى.
(قَوْلُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَيْ، وَأَمَّا إذَا نَقَدَ وَلَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ وَلَا فَسْخٌ) بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ