الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ نَجَزَ عِتْقُهُ وَلَا كَلَامَ لِسَيِّدِهِ، وَأَمَّا الْأُجْرَةُ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ فِي بَقِيَّةِ زَمَنِ الْإِجَارَةِ هَلْ تَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنَ فَالْأُجْرَةُ فِيهَا لِلْعَبْدِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ فِيهَا لِلسَّيِّدِ فَقَوْلُهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ فَقَطْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ أَيْضًا
(فَصْلٌ)
ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ وَالْمُنَاسِبُ لِلِاخْتِصَارِ أَنْ يُسْقِطَ قَوْلَهُ فَصْلٌ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ وَيُذْكَرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ يَعْقِلُ وَبِالْكِرَاءِ لِمَا لَا يَعْقِلُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ ذَلِكَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ مِنْ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ.
(ص) وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ (ش) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَيْ: إنَّ كِرَاءَ الدَّابَّةِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِهِ وَأَجْرِهِ كَالْبَيْعِ هَذَا مَعْنَى كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي يَجُوزُ هُنَاكَ يَجُوزُ هُنَا وَمَا يَمْتَنِعُ هُنَاكَ يَمْتَنِعُ هُنَا وَأَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمَا بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِأَكْلِهَا أَوْ وَقَعَ أَكْلُهَا جَزًّا مِنْ الْأَجْرِ وَظَهَرَ أَنَّهَا أَكُولَةٌ فَيُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ طَعَامُ رَبِّهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى رَبِّهَا طَعَامُ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ كَذَلِكَ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْكِرَاءِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ الْعَقْدُ لَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ وَإِلَّا لَمَا صَدَقَ إلَّا عَلَى الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ غَيْرِهَا.
(ص) وَجَازَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً مِنْ شَخْصٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ بِعَلَفِهَا كَانَ أَوْلَى إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ كِرَائِهَا بِدَرَاهِمَ وَعَلَفِهَا بِالْأَوْلَى لِكَوْنِهِ صَارَ تَابِعًا وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا شَمِلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَمِلَهُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا أَجَازُوهَا لِلضَّرُورَةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ الْمَنْعَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لَمَا يُعْلَفُ لِلدَّوَابِّ كَالشَّعِيرِ مَثَلًا وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ مُنَاوَلَةُ ذَلِكَ لَهَا فَلَوْ وَجَدَهَا أَكُولَةً أَوْ وَجَدَ رَبَّهَا أَكُولًا فَلَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ.
(ص) أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَك (ش) أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك يَا مُكْتَرٍ طَعَامَ رَبِّ الدَّابَّةِ أَوْ كِرَاؤُهَا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهَا طَعَامَ الْمُكْتَرِي وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ أَوْ عَلَيْهِ هُوَ طَعَامُك مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اكْتَرَاهَا بِطَعَامٍ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ طَعَامٍ بِطَعَامِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ.
(ص) أَوْ لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ شَهْرًا فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا يَرْكَبُ النَّاسُ الدَّوَابَّ جَازَ وَهَكَذَا يَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الشَّيْخِ بِمَا قَالَ وَأَنَّ رُكُوبَ النَّاسِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمُتَكَارِيَيْنِ لَمْ يَجُزْ.
(ص) أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تُكْرِيَ مِنْهُ دَابَّةً لِتَطْحَنَ عَلَيْهَا الْحِنْطَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
السَّيِّدِ لَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحَرِّ فِي الْوَطْءِ.
[فَصْلٌ كِرَاءُ الدَّوَابِّ]
(فَصْلٌ) كِرَاءُ الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ يَعْقِلُ) تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا غَيْرَ السَّفِينَةِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إجَارَةٌ (قَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةِ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَلِمَ مِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بَيْعًا لَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَزِدْ هُنَا بِعِوَضِ بَعْضِهِ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا كَمَا فُعِلَ فِي الْإِجَارَةِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَنَافِعِ دَابَّةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.
(قَوْلُهُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِهِ) فِيهِ أَنَّ الْكِرَاءَ هُوَ نَفْسُ الْعَقْدِ وَالْعِبَارَةُ تُؤْذِنُ بِالْمُغَايَرَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَنَّ الَّذِي إلَخْ) بَيَانٌ لِلْأَعَمِّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْعُمُومِ الشَّامِلِ لِمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَاكَ أَيْ: فِي بَابِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ هُنَا فِي بَابِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِأَكْلِهَا أَيْ: كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا بِأَكْلِهِ وَظَهَرَ أَكُولًا يُخَيَّرُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيَانِ أَنَّ مَا جَرَى فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَجْرِي فِي بَابِ الْكِرَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْكِرَاءِ كَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِجَارَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِلْمَعْنَى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ الدَّرَاهِمُ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) أَقُولُ لَا اسْتِثْنَاءَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْكِرَاءِ مُسَاوِيَةٌ لِأَحْكَامِ الْإِجَارَةِ نَعَمْ يُحْتَاجُ لِلِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ) لَمَّا قَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا وَعَلَفُهَا لَيْسَ مَعْلُومًا عَلَى التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ فَالضَّرُورَةُ تَكُونُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْإِجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ رَجُلٍ بِأَكْلِهِ.
(قَوْلُهُ وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ طَعَامِ رَبِّهَا وَهَلْ كَمَا أَنَّ الْعَلَفَ بِالْفَتْحِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَلَيْهِ مُنَاوَلَتُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مُنَاوَلَةَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي جَبْرُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَيَلْزَمُهُ نَفَقَتهَا وَلَوْ أَكُولَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَجَدَ الْأَجِيرَ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ الزَّوْجَةَ قَلِيلَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يَأْكُلَانِ خِلَافًا لِابْنِ عُمَرَ أَنَّ لَهُمَا الْفَاضِلَ يَصْرِفَانِهِ فِيمَا أَحَبَّا.
(قَوْلُهُ أَوْ طَعَامُ رَبِّهَا إلَخْ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تَجُوزُ الْجَمْعُ انْضَمَّ لَهُمَا نَقَدَ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ) كُنْت رَأَيْت فِي
شَهْرًا بِعَيْنِهِ أَيْ: وَالطَّحْنُ بَيْنَهُمْ مَعْرُوفٌ وَلَا مَفْهُومَ لِشَهْرٍ بَلْ الْمُرَادُ زَمَنًا مُعَيَّنًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَيْ: وَجَازَ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَوْ الرُّكُوبَ أَوْ الطَّحْنَ أَوْ الْحَمْلَ إلَخْ، وَكَذَا وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَقَوْلُهُ شَهْرًا يَتَنَازَعُهُ كُلُّ مَنْ يَرْكَبُ وَيَطْحَنُ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ أَوْ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِيَرْكَبَهَا أَوْ لِيَطْحَنَ أَوْ لِيَحْمِلَ بِمَعْنَى عَلَى مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ عَلَيْك وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا وَلَوْ سَمَّى قَدْرَ مَا يَطْحَنُ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الزَّمَنَ وَالْعَمَلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْأَرَادِبِّ وَالْأَيَّامِ الَّتِي يَطْحَنُ فِيهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدِهِمَا اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَهَلْ تَفْسُدَانِ جَمْعُهُمَا وَتَسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَنْعِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِاتِّفَاقٍ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ بِأَنَّ عَمَلَ الدَّابَّةِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَلَيْسَ مُنْضَبِطًا لِعَدَمِ وُجُودِ الِاخْتِيَارِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ.
(ص) أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ مِائَةً وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَوَابُّ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِشَخْصٍ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلِّ دَابَّةٍ مِنْ مِقْدَارِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا حَذَفَ الْمُمَيِّزَ لِيَعُمَّ الْمَوْزُونَ وَالْمَعْدُودَ وَالْمَكِيلَ وَنَبَّهَ بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الدَّوَابِّ كُلِّهَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ شَتَّى وَحَمْلُهَا مُخْتَلِفٌ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَكْرَى دَابَّتَهُ كَالْبُيُوعِ، فَإِنْ سَمَّى مَا لِكُلٍّ وَاتَّحَدَ الْقَدْرُ جَازَ وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَيِّنَ مَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ وَمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ وَهَكَذَا فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ إذْ يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: إحْدَاهَا: أَنْ يُسَمِّيَ مَا لِكُلٍّ وَيَتَّحِدَ قَدْرُهُ، الثَّانِيَةُ: أَنْ يَخْتَلِفَ قَدْرُهُ وَيُعَيِّنَ مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ وَمَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ وَكِلْتَاهُمَا جَائِزَةٌ، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْتَلِفَ قَدْرُهُ وَلَا يُعَيِّنَ مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَهَذِهِ فَاسِدَةٌ، وَأَمَّا نُسْخَةُ الْمَوَّاقِ وَلَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ فَفِي مَفْهُومِهَا تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا.
(ص) وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَى حَمْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَرَهُمَا جَائِزٌ لِتَسَاوِي الْأَجْسَامِ فَإِنْ أَتَاهُ بِفَادِحَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَالْفَادِحُ هُوَ الْعَظِيمُ الثَّقِيلُ وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ بِالْوَسَطِ مِنْ النَّاسِ أَوْ تُكْرَى الْإِبِلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَالْعَقْدُ مُنْبَرِمٌ وَلَيْسَ الْأُنْثَى مِنْ الْفَادِحِ مُطْلَقًا بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الذَّكَرِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَأَتَاهُ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لَهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْفَادِحِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ بِامْرَأَةٍ فَلَهُ الْكَلَامُ وَفِي عَكْسِهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ إنْ قَالَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ كَالْفَادِحِ فَلَهُ حُكْمُهُ وَكَذَا مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ النَّوْمُ أَوْ عَادَتُهُ عَقْرُ الدَّوَابِّ بِرُكُوبِهِ كَذَا يَنْبَغِي.
(ص) بِخِلَافِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ (ش) أَيْ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ مَعَهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ يَكْبُرُ فِيهَا الْوَلَدُ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لُزُومُ حَمْلِ زِيَادَةِ الْبَلَلِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِحَمْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِأَنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بِنُدُورِهِ بِالنِّسْبَةِ لِحَمْلِ الْمَرْأَةِ.
(ص) وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّابَّةِ وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَا الْجُمُعَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْحَطَّابِ أَنَّهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَبُو عِيسَى الْغُبْرِينِيُّ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي.
(قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِشَهْرٍ) وَفِي عب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ شَهْرًا أَنَّ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شب وَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْمُرَادُ زَمَنًا مُعَيَّنًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ اهـ.
وَاَلَّذِي أَقُولُ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ) إعْرَابُ الْبِسَاطِيِّ يَرْجِعُ لِلْإِعْرَابِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْك فِي الْعِبَارَةِ حُذِفَ وَالتَّقْدِيرُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك لَا أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَدْخُولٌ عَلَى فَقَطْ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ) أَيْ: فِيمَا زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ جَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْحَطَّابَ ذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَيْسَ مُنْضَبِطًا إلَخْ فَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ عَمَلَ الدَّابَّةِ لَيْسَ مَوْكُولًا لِاخْتِيَارِهَا وَلَوْ كَانَ مَوْكُولًا إلَيْهِ لَمَا عَمِلَتْ شَيْئًا وَلَعَلَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ اهـ. .
(قَوْلُهُ وَحَمْلُهَا مُخْتَلِفٌ) أَيْ: وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَ فَيَجُوزُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ سَمَّى رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ كَانَ مَالِكًا أَوْ وَكِيلًا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ فَاسِدَةٌ) وَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُرِيدُ حَمْلَ الضَّعِيفَةِ لَا الْقَوِيَّةِ خَوْفًا مِنْ ضَعْفِهَا وَهَذَا الَّذِي قَلَّمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَرَهُ) وَلَمْ يُوصَفْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ لِتَسَاوِي الْأَجْسَامِ غَالِبًا (قَوْلُهُ فَلَهُ الْكَلَامُ) وَالظَّاهِرُ مَا لَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ) وَالظَّاهِرُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَدَتْهُ مَفْهُومُهُ) عَدَمُ لُزُومِ حَمْلِ مَا مَعَهَا وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ رَضِيعًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مَنْ زِنَا (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ حَمَلَتْ فِي السَّفَرِ وَوَلَدَتْهُ (قَوْلُهُ التَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بِنُدُورِهِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ فِي السَّفَرِ فِي إبَّانِ الْمَطَرِ وَلَوْ فَرَّقَ بِإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْ الْمَطَرِ أَيْ: بِوَضْعِ شَيْءٍ يَمْنَعُ مِنْهُ دُونَ الْوِلَادَةِ لَكَانَ أَظْهَرَ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ.
(قَوْلُهُ الثَّلَاثَ) الْأَحْسَنُ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ فِيهِ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ النُّحَاةِ أَنَّهُ مَتَى أُرِيدَ بِالظَّرْفِ اسْتِغْرَاقُهُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ ظَرْفًا لَأَوْهَمَ أَنَّ الرُّكُوبَ
فَصَاعِدًا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ فِي الْمَبِيعِ وَيُكْرَهُ الْمُتَوَسِّطُ مِنْ ذَلِكَ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِرُكُوبِهَا بَلْ، وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ عَمَلِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ كَالدَّابَّةِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَضَمَانُهَا فِي الْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي الْمَمْنُوعَةِ مِنْ الْبَائِعِ.
(ص) وَكِرَاءُ دَابَّةٍ شَهْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ دَابَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا الْمُكْتَرِي إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ لِيَسْتَوْفِيَ مَنَافِعَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَ عَقْدُ الْكِرَاءِ نُقِدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، لَا يُقَالُ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ لِلنَّقْدِ بِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لَا يُفِيدُ فَسَادَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ النَّقْدِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدِ بِالشَّرْطِ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ.
(ص) وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَوْ نَقَدَ وَاضْطُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ إذَا هَلَكَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُكْتَرِي دَابَّةً أُخْرَى يَرْكَبُهَا بَقِيَّةَ سَفَرِهِ إنْ كَانَ نَقَدَ الْأُجْرَةَ لِلْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، أَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ لِلْأُجْرَةِ أَوْ حَصَلَ وَاضْطُرَّ الْمُكْتَرِي لِلثَّانِيَةِ ضَرُورَةً شَدِيدَةً فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا إلَى زَوَالِ الضَّرُورَةِ فَقَوْلُهُ الْمُعَيَّنَةِ أَيْ: الذَّاتِ كَانَتْ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْهَالِكَةُ صِفَةٌ لِلْمُعَيَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِغَيْرٍ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ غَيْرٍ إلَى الْمُعَيَّنَةِ لَا يُفِيدُ تَعْرِيفًا فَلَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِالْمَعْرِفَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ بِفَتْحِ الْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَقَدَ لَا بِضَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَنْقَدَ.
(ص) وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَدُونَهُ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْعَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا هُوَ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ دُونَهُ وَلَا يَفْعَلُ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قَدْرًا، فَإِنْ قُلْت لِمَ تَرَكَ النَّصَّ عَلَى فِعْلِ مِثْلِهِ قُلْت؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا فَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا يُفِيدُهُمَا قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ، وَإِنْ سَاوَتْ إلَخْ فَإِنْ قُلْت الدُّونُ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِدُونِ الْمَسَافَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ كَمَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ، وَأَمَّا فِي الْمَسَافَةِ فَلَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ أَنْ يَقُولَ الْمُكْرِي عَلَيْهِ لَكِنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ أَيْ: وَجَازَ فِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ نَصْبُ دُونَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ وَيَجُوزُ
ــ
[حاشية العدوي]
فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ كَائِنٌ فِي بَعْضِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ اسْتِغْرَاقُ جَمِيعِ الثَّلَاثِ أَشَارَ لَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَاسْتِثْنَاءٌ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ وَالثَّلَاثُ ظَرْفٌ لِرُكُوبٍ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ) أَيْ: عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْمَتْنَ؛ لِأَنَّهُ مَا بِهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةِ) وَالسَّادِسُ مُلْحَقٌ بِالْجُمُعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ عَمَلِهَا) أَوْ حَمْلِهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب وَكَذَا اسْتِثْنَاءُ سَمْنِهَا وَلَبَنِهَا فَهُوَ كَالرُّكُوبِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ شب فِي شَرْحِهِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى فِي الْحَيَوَانِ إلَّا عَشْرَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَوَانِ الرَّقِيقُ فَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ سَابِقًا.
(قَوْلُهُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ) أَيْ: مُعَيَّنَةً شَهْرًا أَيْ: بَعْدَ شَهْرٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأَجْرِ إلَّا فِي الْحَجِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَى شَهْرٍ وَهِيَ أَقْرَبُ لِإِفَادَةِ الْمَعْنَى مِنْ نُسْخَةِ شَهْرٍ وَمِثْلُ الشَّهْرِ الشَّهْرَانِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لِفَهْمِ الشَّهْرِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ: لَمْ يُشْتَرَطْ النَّقْدُ ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ النَّقْدَ لَا يَجُوزُ لِشَهْرٍ وَيَجُوزُ لِدُونِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا زَادَ عَلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ مَفْرُوضٌ فِي السَّفِينَةِ وَكَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ يَطْلُبُ الْفَرْقَ.
(قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ: مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَى زَوَالِ الضَّرُورَةِ) أَيْ: لَا مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا فِي عج وَانْظُرْ هَلْ الِاضْطِرَارُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ أَوْ خَوْفُ الْمَرَضِ أَوْ ضَيَاعُ الْمَالِ أَيْ: فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ فِيهِ مَنْ يُكْرِيه وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصِلَ إلَى حَالَةٍ يُبَاحُ لَهُ فِيهَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ مُنِعَ مَعَ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ فَسَادًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ صِفَةً لِذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْنَى وَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِالْهَالِكَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ فِي نِيَّةِ حُلُولِهَا مَحَلَّ مَوْصُوفِهَا وَهُنَا لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ قَوْلِك مَرَرْت بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ قَوْلَك مَرَرْت بِالصَّالِحِ صَحِيحٌ وَمَفْهُومُ الْمُعَيَّنَةِ جَوَازُ الرِّضَا بِبَدَلِ الْهَالِكَةِ الْمَضْمُونَةِ.
(قَوْلُهُ وَدُونَهُ) أَيْ قَدْرًا وَضَرَرًا أَيْ: لَا أَكْثَرَ قَدْرًا وَلَوْ أَقَلَّ ضَرَرًا وَلَا دُونَهُ قَدْرًا وَأَكْثَرُ ضَرَرًا فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ) وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمَحْمُولِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ) خُصُوصًا وَقَدْ قُلْنَا يَجُوزُ فِي الْأَدْنَى مِنْ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ) أَيْ: كَوْنُ الْإِجَارَةِ تُقَالُ فِي الْعَاقِلِ وَالْكِرَاءُ فِي غَيْرِهِ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ أَيْ: لَا دَائِمٌ أَيْ: فَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُضَفْ فَتُبْنَى عَلَى الضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ وَقَوْلُهُ
جَرُّهَا عَطْفًا عَلَى لَفْظِ الْمُسْتَأْجَرِ.
(ص) وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (ش) هَذَا مِمَّا لَا خَفَاءَ فِيهِ وَهُوَ جَوَازُ كِرَاءِ الدَّابَّةِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا إمَّا بِرُؤْيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ أَوْ يُعَدَّ أَوْ يُكَالَ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ لِلِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ بِكَيْلِهِ أَوْ بِوَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ بِأَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَابَّةً لِحَمْلِ إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ أَوْ عِشْرِينَ بِطِّيخَةً مَثَلًا وَقَيَّدَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا وَإِنْ تَسَاوَى فِي الْكَيْلِ وَمَا بَعْدَهُ قَدْ يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْ بَعْضٍ كَإِرْدَبِّ فُولٍ وَإِرْدَبِّ شَعِيرٍ مَثَلًا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ قَيْدًا فِي الْعَدَدِ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَبِعِبَارَةٍ إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ أَيْ: تَفَاوُتًا لَهُ بَالٌ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ كَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَالْحِمْلُ بِكَسْرِ الْحَاءِ هُوَ الْمَحْمُولُ بِدَلِيلِ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ بِرُؤْيَتِهِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُرَى، وَأَمَّا بِفَتْحِ الْحَاءِ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُودَ مَحْمُولٍ وَعَلَى الثَّانِي الْبِسَاطِيُّ.
(ص) وَإِقَالَةٌ قَبْلَ النَّقْدِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ إنْ اقْتَصَّا أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ (ش) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَنَافِعِ وَمِنْ الْمُكْرِي عَلَى الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَجَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ سَوَاءٌ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ حِينَئِذٍ وَهِيَ التُّهْمَةُ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ وَإِقَالَةٌ بِزِيَادَةٍ إلَخْ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً جَازَ لَهُ أَنْ يُقَابِلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الْكِرَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَانَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَزْيَدَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضًا نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُكْتَرِي بِالزِّيَادَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَيُمْنَعُ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُكْرِي فَفَسْخُهَا فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بَعْدَ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُكْرِي غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمُكْتَرِي لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً صَارَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي رُكُوبٌ فَفَسْخُهُ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْرِي وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَيْبَةٌ عَلَى النَّقْدِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ
فَإِنْ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ لَا مِنْ الْمُكْرِي لِتُهْمَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيَجُوزُ جَرُّهَا هَذَا مُقَابِلُ الْأَحْسَنِ.
(قَوْلُهُ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ) أَرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةَ أَيْ: بِأَنْ يَرْفَعَهُ لِجِهَةِ الْعُلُوِّ مَثَلًا حَتَّى يَعْرِفَ ثِقَلَهُ مِنْ خِفَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ لَا يُقَالُ كَيْفَ لَا يُعْلَمُ الْجِنْسُ مَعَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى رُؤْيَتِهِ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْئِيُّ مِقْدَارُهُ لَا نَوْعُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي عَدْلٍ مَثَلًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ) الْحَقُّ مَعَ الْبِسَاطِيِّ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ الْمَعْدُودُ قَالَهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بَهْرَامَ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَتَفَاوَتُ كَإِرْدَبِّ الْفُولِ مَعَ الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ لَا يَنْهَضُ؛ إذْ ذُكِرَ الْجِنْسُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَيْلَهُ بِأَنْ يَقُولَ إرْدَبُّ قَمْحٍ أَوْ إرْدَبُّ فُولٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ بِأَنْ يَقُولَ قِنْطَارُ سَمْنٍ مَثَلًا لَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَدُهُ بِأَنْ يَقُولَ عِشْرُونَ بَيْضَةً وَعِشْرُونَ بِطِّيخَةً مَثَلًا وَالْأَوَّلُ مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مِمَّا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ، فَإِذَا قَالَ: أَسْتَأْجِرُك عَلَى حَمْلِ إرْدَبٍّ مِنْ الْحُبُوبِ وَأَطْلَقَ فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذِكْرَ الْجِنْسِ لَا يَكْفِي وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ وَلَوْ الْجِنْسَ يَجُوزُ وَهُمَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ عَنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ مِنْ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَا مَا يَأْتِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ وَكَانَ ظَهَرَ لِي قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
(قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ) أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ الْمَحْمُولُ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَرَى إنَّمَا هُوَ الْمَحْمُولُ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَلَا يَرَى وَالْمُصَنِّفُ قَالَ بِرُؤْيَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُودَ مَحْمُولٍ فَلَا ظُهُورَ لَهُ نَعَمْ لَوْ جَعَلَهُ وَجْهًا ثَانِيًا فَيَقُولُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَسْتَلْزِمُ مَحْمُولًا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِذَلِكَ اللَّازِمِ.
(قَوْلُهُ إنَّ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّقْدِ أَيْ: الْمَنْقُودِ أَصْلًا أَوْ غَابَ عَلَيْهِ غَيْبَةً لَا يُمْكِنُهُ انْتِفَاعُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ الْفَارِسِيَّ يُجَوِّزُ عَطْفَ الظَّرْفِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ كَمَا فِي الْمُغْنِي ذَكَرَهُ عِنْدَ أَقْسَامِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ إلَخْ) لَكِنْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّقْدِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا مُنِعَتْ أَيْضًا لِفَسْخِ الْمُكْتَرِي مَا فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي مِنْ كِرَاءِ مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ فِي مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) هَذَا التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ فِي ذَاتِهِ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلْفِقْهِ لَا فِي حَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ نَقْدًا) أَيْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَكُونُ نَقْدًا، وَقَوْلُهُ فَسْخُهَا فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَيْ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ الَّتِي تُدْفَعُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُكْرِي، وَأَمَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَيَجُوزُ مُطْلَقًا؛ إذْ لَا مَانِعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَيْبَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ) فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْمِيرُ ذِمَّةِ الْمُكْرِي غَايَةُ مَا هُنَاكَ تَعْمِيرُ ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ مُؤَخَّرَةً وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَاصَّةٌ وَفِي شَرْحِ عج لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاصَّةِ أَيْ: وَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ شَيْخِنَا أَوْ وُجُودُهَا كَافٍ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ
الْمَذْكُورَةُ سَلَفًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ تُعَدُّ سَلَفًا وَإِنَّمَا تَجُوزُ مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِعَشْرَةٍ وَنَقَدَهَا وَغَابَ الْمُكْرِي عَلَيْهَا ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ السَّيْرِ مَثَلًا عَلَى دِرْهَمَيْنِ يَدْفَعُهُمَا الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي وَدَخَلَا عَلَى إسْقَاطِ الدِّرْهَمَيْنِ مِمَّا عَلَى الْمُكْرِي وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي بِثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَفَعَ عَشْرَةً أَخَذَ ثَمَانِيَةً فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ فَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ سَيْرٌ كَثِيرٌ فَإِنْ حَصَلَ سَيْرٌ كَثِيرٌ تَنْتِفِي مَعَهُ تُهْمَةُ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْمُكْرِي بِزِيَادَةٍ بِشَرْطِ تَعْجِيلِهَا مَعَ أَصْلِ الْكِرَاءِ لِتَحْصُلَ السَّلَامَةُ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ بَعْضُهُ مُؤَخَّرٌ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْمُؤَخَّرَةُ وَمِنْ الْمُكْتَرِي بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَقَوْلُهُ وَإِقَالَةٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ أَيْ: النَّقْدُ بِمَعْنَى الْمَنْقُودِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْغَيْبَةُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ.
(ص) وَاشْتِرَاطُ هَدِيَّةِ مَكَّةَ إنْ عُرِفَ (ش) أَيْ: وَجَازَ اشْتِرَاطُ حَمْلِ هَدِيَّةِ مَكَّةَ عَلَى الْجِمَالِ إنْ عُرِفَ قَدْرُ ذَلِكَ كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْحَاجِّ هَدِيَّةَ مَكَّةَ وَنُسِبَ كُلٌّ لِلْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ هَدِيَّةُ مَكَّةَ هُوَ مَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ كِسْوَةِ وَطِيبٍ لِلْكَعْبَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَسِيَاقُ الْمُؤَلِّفِ فِي الدَّابَّةِ وَفِي الْحَمْلِ وَفِي قَوْلِهِ وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَمِثْلِهِ لَا أَضَرَّ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْهَدِيَّةِ مَا يُهْدَى لِلْأَجِيرِ بِمَكَّةَ.
(ص) وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ (ش) أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعُقْبَةَ عَلَى الْجَمَّالِ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفَةٌ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْكَبُ الْمِيلَ السَّادِسَ وَفِي نَدْبِ اشْتِرَاطِ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ لِيَخْرُجَا مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي فِعْلِ مِثْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَوُجُوبُهُ لِيَخْرُجَا مِنْ الْحُرْمَةِ فِي فِعْلِ الْأَضَرِّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ قَوْلَانِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبٌ وَلَا وُجُوبٌ وَقَوْلُهُ الْأَجِيرُ أَيْ: أَجِيرُ الْمُكْتَرِي كَالْعِكَامِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ بِالْعَطْفِ عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ) يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا جَازَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ وَالْأُجْرَةُ دَنَانِيرُ أَوْ بِالْعَكْسِ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا فِي عج خِلَافًا لِمَا فِي شَارِحِنَا وعب أَنَّ الْمُقَاصَّةَ شَرْطٌ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ النَّقْدِ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ الْمُكْرِي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ حَصَلَ سَيْرٌ كَثِيرٌ أَمْ لَا وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ الْمُقَاصَّةُ فِي زِيَادَةِ الْمُكْتَرِي قَبْلَ النَّقْدِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ مِنْ بَيْعِ عَرَضٍ وَنَقْدٍ بِنَقْدٍ وَعَلَى كُلٍّ يَفُوتُهُ شَرْطُ زِيَادَةِ الْمُكْرِي وَهُوَ تَعْجِيلُهَا.
(قَوْلُهُ فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ) أَيْ: وَإِلَّا امْتَنَعَ لِئَلَّا تَعْمُرَ الذِّمَّتَانِ وَمِثْلُ الدُّخُولِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ حُصُولُهَا بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهَا قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إلَخْ أَيْ: وَيَقُولُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَقَاصَّا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْمِيرُ الذِّمَّتَيْنِ وَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ تَعْجِيلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي حَيْثُ كَانَ الْكِرَاءُ مَضْمُونًا، وَأَمَّا فِي دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ؛ إذْ مَنَافِعُهَا لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى تَأْخِيرِ الزِّيَادَةِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ.
(تَنْبِيهٌ) : مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِرَاءِ دَابَّةٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الدُّورِ فَقِيلَ يُمْنَعُ وَلَوْ بَعْدَ كَثِيرِ سُكْنَى وَإِنْ عَجَّلَ الزِّيَادَةَ لِوُجُودِ تُهْمَةِ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ؛ إذْ لَا تَتَأَثَّرُ غَالِبًا بِكَثِيرِ سُكْنَى أَوْ أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّوَابِّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ كَثِيرًا وَلَا عَجَّلَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فَلَا تَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فَلَا يَلْزَمُ بِتَأْخِيرِهَا فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهَا كَالدُّورِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا مِنْ الْمُكْرِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ لَا تَجُوزُ إنْ نَقَدَ الزِّيَادَةَ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الرَّيِّ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ.
(قَوْلُهُ هَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ) وَعِبَارَتُهُ يَعْنِي أَنَّ الْحَاجَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ بَعِيرَهُ مَثَلًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ كُلَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ هَدِيَّةٍ إذَا كَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ هَدِيَّةُ مَكَّةَ) أَيْ: مَا يُهْدَى لِلْأَجِيرِ بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ هُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ كِسْوَةٍ وَطِيبٍ) هَذَا تَقْرِيرُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَظَاهِرُهَا جَوَازُ تَطْيِيبِهَا وَكِسْوَتِهَا إلَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِ مَا يَخْلُقُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُجَمَّرُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى. وَقَدَّمْنَا أَنَّ كِسْوَةَ الْكَعْبَةِ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ كِسْوَةِ الْجِدَارِ انْتَهَى تت وَحَيْثُ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ حَلًّا لِلْمُدَوَّنَةِ فَمَا قَالَهُ تت عَيْنُ مَا قَالَهُ بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ بَهْرَامَ نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ: إذَا كَانَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ لَا غَيْرُ.
(قَوْلُهُ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرِ إلَخْ) أَيْ: يَشْتَرِطُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْجَمَّالِ أَنَّهُ بَعْدَ كُلِّ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ يَرْكَبُ خَدَّامُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمِيلَ السَّادِسَ لَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَشْتَرِطُ الرُّكُوبَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُتَوَهَّمُ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ كَمَا لَوْ أَكْرَى جِمَالَهُ لِحَمْلِ شَيْءٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَجِيرُهُ يُبْعِدُهُ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ) أَيْ: فِي الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَالْعِبْرَةُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ فِي فِعْلِ مِثْلٍ إلَخْ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ جَمَّالُهُ مِثْلَهُ وَفِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ لِيَخْرُجَا مِنْ الْحُرْمَةِ إلَخْ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْجَمَّالُ أَثْقَلَ مِنْهُ وَنَزَلَ وَرَكِبَ مَكَانَهُ وَفِي اشْتِرَاطِ الْعُقْبَةِ سَلَامَةٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ ثُمَّ أَقُولُ مَا وَجْهُ الْحُكْمِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا يَخْتَارُ النَّدْبَ لِاحْتِمَالٍ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَنْ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ يَرَى الْغَالِبَ تَسَاوِي الرِّجَالِ وَمَنْ يَرَى الْحُرْمَةَ لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَبَادِرُ إلَخْ أَيْ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ
فَاعِلِ جَازَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَجَازَ اشْتِرَاطُ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ وَيَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ بِالْعَطْفِ عَلَى هَدِيَّةٍ.
(ص) لَا حَمْلُ مَنْ مَرِضَ (ش) صَوَّرَهَا الشَّارِحُ فِي رِجَالٍ اكْتَرَوْا عَلَى حَمْلِ أَزْوَادِهِمْ وَعَلَى حَمْلٍ مِنْ مَرَضٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَالْبِسَاطِيُّ عَلَى مَا إذَا اكْتَرَى مُشَاةٌ مَحْمَلًا لِأَزْوَادِهِمْ وَاشْتَرَطُوا حَمْلَ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ وَقَدْ يَطْرَأُ لِلصَّحِيحِ الْمَرَضُ فَيُؤَدِّي لِلتَّخَاصُمِ وَالصُّورَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ وَمِثْلُ الْمَرَضِ التَّعَبُ.
(ص) وَلَا اشْتِرَاطَ إنْ مَاتَتْ مُعَيَّنَةً أَتَاهُ بِغَيْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَشَرَطَ فِي أَوَّلِ كِرَائِهِ إنْ مَاتَتْ أَتَاهُ بِأُخْرَى مَكَانَ الْأُولًى إلَى مُدَّةِ السَّفَرِ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا إذَا نَقَدَ الْكِرَاءَ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِئَلَّا يَصِيرَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ وَلَا يُنَافِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ سَأَلَ أَنْ يُحَوِّلَهُ مِنْ مَحْمَلٍ لِزَامِلَةٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ دِينَارًا أَوْ مِنْ زَامِلَةٍ لِمَحْمَلٍ وَيَزِيدُهُ دِينَارًا أَنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ صِفَةِ وَالْأَوَّلِ فِي الْمَرْكُوبِ.
(ص) كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّوَابَّ إذَا كَانَتْ لِرِجَالٍ شَتًّى لِكُلِّ دَابَّةٍ أَوْ لِوَاحِدٍ وَاحِدَةٌ وَلِغَيْرِهِ أَكْثَر وَالْحَمْلُ مُخْتَلِفٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ مَا يُحْمَلُ عَلَى كُلٍّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ كُلُّ دَابَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ وَاخْتَلَفَ الْحِمْلُ، فَإِذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُتَّفِقَةٍ جَازَ فَمَتَى اتَّفَقَ الْحِمْلُ بِأَنْ يَتَّفِقَ وَزْنُ مَا يُحْمَلُ لِكُلِّ دَابَّةٍ كَقِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ بَطَّةٍ وَيَتَّفِقُ وَزْنُ الْمَوْزُونِ فِي اللُّيُونَةِ وَالْأَجْرِ وَيَتَّفِقُ الْمَكِيلُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ: الثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْكِرَاءُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ وَاخْتَلَفَ عَدَدُ مَا لِكُلٍّ أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ إذْ يُعْلَمُ حِينَئِذٍ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ وَقَدْرُ مَا يَنُوبُ مَحْمُولُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَمَتَى كَانَتْ الدَّوَابُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْكِرَاءُ أَيْضًا قَالَهُ تت وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحِمْلُ قَدْرًا وَلُيُونَةً وَيُبُوسَةً وَثِقَلًا وَخِفَّةً وَأَجْرًا فَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّوَابُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءَ مُتَسَاوِيَةٍ وَبِمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْحَمْلُ فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ أَوْ اتَّفَقَ الْحِمْلُ جَازَ الْكِرَاءُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ.
(ص) أَوْ لِأَمْكِنَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدٌ مُعَيَّنٌ وَإِنْ نَقَدَ (ش) أَيْ: وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ دَوَابَّهُ إلَى أَمْكِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَبُرْقَةِ وَإِفْرِيقِيَةَ وَطَنْجَةَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ الْمُتَكَارَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ قَدْ يَرْغَبُ فِي رُكُوبِ الْقَوِيَّةِ لِلْبَعِيدِ وَرَبُّهُ يُرِيدُهُ لِلضَّعِيفَةِ لِئَلَّا يُضْعِفَ الْقَوِيَّةَ فَيَدْخُلُهُ التَّخَاطُرُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا وَقَعَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَكُنْ عَرَفَ ذَلِكَ الْبَلَدُ نَقْدَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ وَقَعَ النَّقْدُ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَيَجُوزَ، ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَ نَقْدِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ مَضْبُوطٌ بِأَنْ كَانُوا يَتَكَارُونَ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي الْبَلَدِ نَقْدَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ لَجَازَ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَكَرَّرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِنْ نَقَدَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ خَاصٌّ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ غَائِبَةٍ بِأَنْ كَانَتْ لَهُ دَنَانِيرُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى يَدِ قَاضٍ مَثَلًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُكْتَرِي أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ أَوْ بَعْضُهَا أَخْلَفَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَشَرْطُ الْخُلْفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ أَمَّا الْحَاضِرَةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا اشْتِرَاطُ الْخُلْفِ بَلْ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدَهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ النَّقْدِ نَقَدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ أَيْ: كَكِرَاءِ دَوَابَّ لِلْحَمْلِ لِرِجَالٍ أَوْ لِأَمْكِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَقَوْلُهُ أَوْ لِأَمْكِنَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ بَعْدَ دَوَابَّ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى لِرِجَالٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الرِّجَالَ الْمُكْتَرُونَ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ الْمَالِكُونَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى الْمُقَدَّرِ قَبْلَ دَوَابَّ وَهُوَ كِرَاءٌ وَتَقْدِيرُهُ كَكِرَاءِ دَوَابَّ لِلْحَمْلِ أَوْ كِرَاءٍ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِيهِ نَقْدَ مُعَيَّنٍ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ مُصْلِحًا أَيْ: لِأَكْثَرَ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَمْرَضَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ وَيُحْتَمَلُ خِفَّةُ الْمَرَضِ وَشِدَّتُهُ وَطُولُهُ أَوْ قِصَرُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِطُرُوِّ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ وَقَوْلُهُ وَالصُّورَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مُتَّحِدَتَانِ إذَا أُرِيدَ بِالشِّرَاءِ شِرَاءُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مُتَبَايِنَتَانِ إنْ أُرِيدَ بِالشِّرَاءِ حَقِيقَتُهُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ وَاقِعًا مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ) أَيْ: أَوْ لِرَجُلَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحَمْلُ) لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ أَيْ: بِأَنْ تَقُولَ وَحَصَلَ التَّعْيِينُ فِيمَا يَحْمِلُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَدَ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ النَّقْدِ لَا وُجُودُهُ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إلَخْ) أَيْ: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ بِالْفِعْلِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ بَلْ عَلَى حُصُولِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّ تَعْجِيلَ الْمُعَيَّنِ يَكْفِي حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ غَائِبَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْحَاضِرَةِ، وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ الْمُعَيَّنَةُ الْغَائِبَةُ فَلَا يَكْفِي فِيهَا شَرْطُ التَّعْجِيلِ بَلْ لَا يَصِحُّ الْكِرَاءُ بِهَا إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ أَيْ: بِشَرْطِ الْإِتْيَانِ بِخَلَفِهَا إنْ تَلِفَتْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ ظَهَرَ فِيهَا زَائِفٌ أَيْ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِذَاتِهَا فَلِذَا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ الْخَلَفِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِهِمَا فَلِذَا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا التَّعْجِيلُ وَلَمْ يَكْفِ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ (قَوْلُهُ عَلَى يَدِ قَاضٍ مَثَلًا) دَخَلَ تَحْتَ مَثَلًا مَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ مُودِعٍ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْخَلَفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ) أَيْ: تَعْجِيلُ الْمُعَيَّنِ غَيْرِهَا لَا تَعْجِيلُهَا لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لَا يَصِحُّ إلَّا مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ حَيْثُ كَانَتْ غَائِبَةً
قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ وَاشْتِرَاطُ التَّعْجِيلِ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الْفَسَادِ إلَى الْجَوَازِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ الْعُرُوضِ وَالْمِثْلِيَّاتِ حَيْثُ جَازَتْ إذَا اشْتَرَطَ التَّعْجِيلَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخُلْفُ مُشْتَرَطًا فَكَأَنَّهَا مَا عُيِّنَتْ.
(ص) أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ أَوْ لِمَكَانٍ شَاءَ أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى مَكَان شَاءَ لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ بِالسُّهُولَةِ وَالْوُعُورَةِ أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا حَتَّى يَذْكُرَ مُنْتَهَى التَّشْيِيعِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا إذَا عُرِفَ بِالْعَادَةِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ بِمِثْلِ مَا تَكَارَى النَّاسُ لِلْجَهَالَةِ كَبَيْعِ السِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْكِرَاءِ عُرْفٌ لِلْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ نَوْعَ الْمَحْمُولِ كَفَى وَيُحَمِّلُهَا مَا تُطِيقُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا عَلَيْهِ الْأَنْدَلُسِيُّونَ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَحْمُولِ وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْقَرَوِيِّينَ فِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
(ص) أَوْ إنْ وَصَلَتْ فِي كَذَا فَبِكَذَا (ش) يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهُ مَكَّةَ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي أَكْثَرَ فَلَهُ دُونَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُدْرَى مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْكِرَاءِ انْتَهَى. وَبِفَسْخِ الْكِرَاءِ قَبْلَ الرُّكُوبِ فَإِنْ رَكِبَ لِلْمَكَانِ الَّذِي سَمَّاهُ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي سُرْعَةِ السَّيْرِ وَإِبْطَائِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا سَمَّاهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ إنْ وَصَلَتْ إلَخْ الْمَعْطُوفُ هُنَا مَحْذُوفٌ وَإِنْ شَرَطَ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ: أَوْ كِرَاءٍ قَالَ فِيهِ: إنْ وَصَلَتْ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُصَرِّحْ بِمُقَابِلِ قَوْلِهِ أَوْ إنْ وَصَلَتْ فِي كَذَا فَبِكَذَا لِيُصَدِّقَ بِمَا إذَا قَالَ وَإِلَّا فَبِكَذَا أَوْ مَجَّانًا.
(ص) أَوْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ (ش) يَنْتَقِلَ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ مِنْ الْفِعْلِ وَهُوَ حِمْلٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا حِمْلُ مَنْ مَرِضَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ أَيْ: وَلَا يَنْتَقِلُ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُقَدَّرًا فِيهَا الِاشْتِرَاطُ بِخِلَافِ هَذِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْغَبَ عَنْهَا وَيَسِيرَ إلَى غَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى دَابَّةٍ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ إذْنِ رَبِّهَا وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ غَيْرَ الْأُولَى اُتُّهِمَ عَلَى فَسْخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَصَارَتْ الْأُجْرَةُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فَسْخُهَا فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ الْمَسَافَةُ مُسَاوِيَةً لِلْأُولَى صَارَتْ بِمَثَابَتِهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ سَاوَتْ وَاوَ الْحَالِ وَإِنْ وَصْلِيَّةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْحَالِيَّةَ لَا تُصَدَّرُ بِعِلْمِ اسْتِقْبَالٍ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ وَإِذَا انْتَقَلَ لِبَلَدٍ آخَرَ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ مَا حَصَلَ وَلَوْ سَمَاوِيًّا وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لَا مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ تَقْرِيرٌ.
(ص) كَإِرْدَافِهِ خَلْفَك أَوْ حَمْلٌ مَعَك (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ وَالضَّمِيرُ فِي إرْدَافِهِ رَاجِعٌ لِرَبِّ الدَّابَّةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَخَلْفَ ظَرْفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ إذَا أَكْرَى دَابَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ مِنْ شَخْصٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ خَلْفَك يَا مُكْتَرِي رَدِيفًا وَلَا أَنْ يَحْمِلَ تَحْتَك مَتَاعًا؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مَلَكَ ظَهْرَهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالْكِرَاءُ لِلْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ اكْتَرَى حِمْلَ أَرْطَالٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ وَزْنٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً) أَيْ: وَالْكِرَاءُ لَك يَا مُكْتَرِي إنْ لَمْ تَكُنْ اكْتَرَيْت زِنَةً مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ وَيَجُوزُ لَهُ الْحَمْلُ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً شَرْطٌ فِي مَنْعِ الْحِمْلِ وَفِي الْكِرَاءِ أَيْ لَيْسَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ الْحَمْلُ إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الْفَسَادِ إلَى الْجَوَازِ) أَيْ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالتَّعْجِيلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ وَغَيْرِهَا لَا يُكْتَفَى بِشَرْطِ الْخَلَفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ فَيَسْأَلُ مَا الْفَرْقُ فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَلَفَ لَمَّا كَانَ مُشْتَرَطًا وَكَأَنَّهَا مَا عُيِّنَتْ لَا يُفِيدُ شَيْئًا (قَوْلُهُ حَيْثُ جَازَتْ إذَا اشْتَرَطَ التَّعْجِيلَ) أَيْ: وَلَا يَكْفِي شَرْطُ الْخَلَفِ عَنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ الْمُعَيَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ وَلَا يُكْتَفَى بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْفَرْقُ الَّذِي أَبْدَاهُ الشَّارِحُ لَا يَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ) عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمَجْهُولٌ وَانْظُرْ إذَا كَانَ مِثْلَ كِرَاءِ النَّاسِ فِي الْمَاضِي هَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَوْ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ أَكْرِيَةِ الدَّوَابِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا تَابِعٌ لِلْمُدَوِّنَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ لَفْظَهَا بِالتَّعْبِيرِ بِالْمُسْتَقْبِلِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لَأَنْ يَكُونَ حَلًّا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ أَيْ: مَا يُرِيدُهُ أَيْ: أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَهُ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ.
(قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مُفَادُ قَوْلِهِ أَوْ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ أَوْ عَدَدُهُ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِكَذَا أَوْ مَجَّانًا) وَالْمَنْعُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَجَّانًا مُطْلَقٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَبِكَذَا فَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ) ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَهَبَ بِهَا إلَيْهِ لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ كَغَاصِبٍ وَمَحَلُّ الْمُصَنِّفِ فِي كِرَاءٍ مَضْمُونٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَنَقْدِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَنْقُدْ الْأُجْرَةَ أَوْ نَقَدَ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَازَ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا) أَيْ: فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ عَقْدٍ (قَوْلُهُ صَارَتْ بِمَثَابَتِهَا) أَيْ فَيَجُوزُ مَعَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَفَرَّقَ بِفَرْقٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمَسَافَتَيْنِ مَعَ التَّمَاثُلِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الدَّابَّتَيْنِ فَإِنَّ التَّبَايُنَ بَيْنَهُمَا أَشَدُّ مِنْ تَبَايُنِ الْمَسَافَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْعِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا
أَيْ: بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ اكْتَرَاهَا كِرَاءً مَضْمُونًا أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ مَثَلًا فَإِنْ حَمَلَتْ زِنَةً بِالْفِعْلِ بِأَنْ سَمَّى لَهُ وَزْنًا مَعْلُومًا أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ حَمَّلَهَا حَمْلَ مِثْلِهَا فَلَا كِرَاءَ لَك يَا مُكْتَرِي، وَقَوْلُهُ (كَالسَّفِينَةِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ إلَى هُنَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ لَا فِيمَا قَبْلَهُ فَقَطْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً.
(ص) وَضَمِنَ إنْ أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا لَوْ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ أَضَرُّ وَهُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الثِّقَلِ أَوْ دُونَهُ فِيهِ وَإِذَا أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ فَلِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْتَرِيَ الثَّانِيَ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ التَّلَفُ بِسَبَبِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مِنْ سَبَبِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا فِي يَدِ مَنْ أَكْرَاهَا بِكِرَاءِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي عَدَمِ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ بِأَنْ اعْتَقَدَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِحَالٍ.
(ص) أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَا يَضْمَنُ الْمُكْتَرِي إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَى إلَيْهَا وَلَوْ قَلَّتْ كَالْمِيلِ وَعَطِبَتْ وَسَوَاءٌ عَطِبَتْ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَضْمَنُهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: إذَا بَلَغَ الْمُكْتَرِي الْغَايَةَ الَّتِي أَكْرَى إلَيْهَا ثُمَّ زَادَ مِيلًا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلُ وَالْخِيَارُ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الْمِثْلِ مَا بَلَغَ أَوْ قِيمَةُ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَيُسْتَثْنَى مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْمَسَافَةِ مَا يَعْدِلُ النَّاسُ إلَيْهِ عُرْفًا وَتَرَكَهُ لِعِلْمِ حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ أَيْ: بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا أَمْ لَا بِخِلَافِ لَوْ كَانَ الْعَطَبُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ.
(ص) أَوْ حِمْلٌ تَعْطَبُ بِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إذَا زَادَ حِمْلًا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ وَحَاصِلُ ضَمَانِهِ هُنَا أَنَّهُ إنْ زَادَ مِنْ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْكِرَاءَيْنِ وَإِنْ زَادَ فِي أَثْنَائِهَا خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا مَعَ كِرَاءِ مَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ اسْتَوْفَى الْمَسَافَةَ أَوْ قَسَّطَهُ مَعَ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ هَذَا إذَا تَلِفَتْ، وَأَمَّا إنْ تَعَيَّبَتْ فَيُنَزَّلُ الْأَرْشُ مَنْزِلَةَ الْقِيمَةِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَيْ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَدَّى بِزِيَادَةِ الْحَمْلِ وَنُكِّرَ حِمْلٌ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ ابْنُ يُونُسَ قَيَّدُوا الْحِمْلَ بِمَا تَعْطَبُ بِهِ وَأَطْلَقُوا فِي الْمَسَافَةِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ فِي الْحَمْلِ فِي الْجُمْلَةِ دُونَهَا فَكُلُّهَا تُعَدُّ بِخِلَافِهِ؛ إذْ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ.
(ص) وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ (ش) أَيْ: وَإِنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ وَلَمْ تَعْطَبْ أَوْ زَادَ حِمْلًا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ أَوْ لَمْ تَعْطَبْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فَقَطْ أَيْ: كِرَاءُ الزَّائِدِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا تَخْيِيرَ لَهُ فِي الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ (كَإِنْ لَمْ تَعْطَبْ) أَيْ: كَإِنْ زَادَ فِي الْحِمْلِ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَإِنْ لَمْ تَعْطَبْ مُغَايِرٌ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خَاصَّةٌ مُغَايِرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا وَهِيَ وَإِنْ أَمْكَنَ دُخُولُهَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِكِرَاءٍ لَكِنَّهُ أَفْرَدَهَا لِنُكْتَةٍ وَهِيَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الضَّمَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
يَنْظُرُ إلَيْهِ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا فِيمَا قَبْلُ.
(قَوْلُهُ كِرَاءً مَضْمُونًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلٌ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ فِيهِ عُيِّنَ الْمَحْمُولُ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا مَا شَاءَ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْ اللَّقَانِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ شَارِحُنَا سَبْقُ قَلَمٍ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلَ مِثْلِهَا) أَيْ: دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلَ مِثْلِهَا ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَمِينٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَاهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهُ أَمَانَةً لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ أَفَادَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَقَلُّ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الضَّمَانُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَمِينًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ قَدْ يَرَى رَبُّهَا أَنَّ الْأَوَّلَ يُرَاعَى حَقُّهُ وَيُحْفَظُ مَتَاعُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ وَعِلْمُهُ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ وَأَنَّ رَبَّهَا مَنَعَهُ مِنْ الْإِكْرَاءِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عِلْمًا بِتَعَدِّيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُكْتَرِيَ الثَّانِيَ أَيْضًا إذَا كَانَ عَالِمًا بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِتَعَدِّيهِ وَكَانَ التَّلَفُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتْبَعَ أَيَّهُمَا شَاءَ سَوَاءٌ كَانَا مَلِيَّيْنِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مِنْ سَبَبِهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ عَالِمٍ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إلَّا أَنَّهُ أَيْ: أَصْبَغَ قَيَّدَ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا إذَا كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَمْ يُقَيِّدْ وَمُفَادُ بَعْضٍ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلَ) هَكَذَا ذَكَرَهُ ح عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَرَادَ أَخْذَ الْقِيمَةِ أَوْ كِرَاءَ الْمِثْلِ فِي الزَّائِدِ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَيْ: أَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِزِيَادَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ يَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ الْعَطْبُ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالَ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِكَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَا يَضْمَنُ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِيمَةِ) أَيْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَرْشِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ أَيْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ) أَيْ: كَمَا يَشْمَلُ زِيَادَةَ الْكَيْلِ وَالْعَدَدِ (قَوْلُهُ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) بَحَثَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ إنَّمَا هَلَكَتْ بِمَجْمُوعِ التَّعَبِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ التَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ السَّابِقِ مَعَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِالْعَمَلِ.
(قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ) أَيْ وَلَوْ تَعَيَّبَتْ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ هَلَاكِهَا بِخِلَافِ تَعَيُّبِهَا بِزِيَادَةٍ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَزِيدُ فِي الْمَسَافَةِ وَتَارَةً يَزِيدُ فِي الْحِمْلِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَعْطَبَ أَوْ تَتَعَيَّبَ أَوْ لَا وَقَدْ عَرَفْت أَحْكَامَهَا مِنْ الشَّارِحِ وَمِمَّا قُلْنَا نَعَمْ يَبْقَى مَا إذَا تَعَيَّبَتْ لَا بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ فَالْحُكْمُ أَنَّ
لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ بَلْ هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعَطَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَطْلَقُوا فِي الضَّمَانِ مَعَ الزِّيَادَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الضَّمَانَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ فَصَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ إلَّا مَعَ الْعَطَبِ فَهُوَ مِنْ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالِاحْتِرَاسِ.
(ص) إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ أَيْ: إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا الْمُكْتَرِي زَمَنًا كَثِيرًا عَلَى مَا اكْتَرَاهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَحَبَسَهَا شَهْرًا فَلَهُ مَعَ كِرَاءِ الْيَوْمِ كِرَاءُ الزَّائِدِ الَّذِي حَبَسَهَا فِيهِ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَسَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهَا أَمْ لَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ كَثِيرًا أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا يَسِيرًا كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةِ الْمُرَادِ بِالْكَثِيرِ مَا فَاتَتْ فِيهِ أَسْوَاقُهَا الَّتِي تُرَادُ لَهَا كِرَاءً أَوْ بَيْعًا كَحَبْسِهَا عِنْدَ خُرُوجِ الْقَفْلِ لِلشَّامِ مَثَلًا.
(ص) وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ أَوْ جَمُوحٍ أَوْ أَعْشَى أَوْ دُبُرُهُ فَاحِشًا (ش) الْعَضُوضُ الَّذِي يَعَضُّ مَنْ يَقْرَبُ مِنْهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَنَحْوِهِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عَضُوضٍ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُكْتَرَاةَ فِيهَا عَيْبٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَيْهَا بِالْكِرَاءِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَالْجَمُوحُ الْقَوِيُّ الرَّأْسِ الَّذِي لَا يَنْقَادُ إلَّا بِعُسْرٍ وَالْأَعْشَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ حَيْثُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُهُ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَنَّهُ عَضُوضٌ أَوْ أَعْوَرُ أَوْ أَعْشَى أَوْ جَمُوحٌ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ مَسَافَةِ الْكِرَاءِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ أَرْشَ الْعَيْبِ عَنْ الْمُكْتَرِي وَفِي أَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ أَعْشَى وَصْفٌ لَا فِعْلٌ فَلَا إشْكَالَ فِي عَطْفِهِ عَلَى عَضُوضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ دُبُرُهُ فَاحِشًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَلَك فَسْخُ مَا كَانَ عَضُوضًا أَوْ جُمُوحًا أَوْ أَعْشَى أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا.
(ص) كَأَنْ يَطْحَنَ لَك كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوُجِدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا (ش) تَشْبِيهٌ فِي خِيَارِ الْمُكْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ ثُمَّ إنْ فَسَخَ فَلَهُ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ بَقِيَ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ كُلُّهُ قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي أَيْ: لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ يُفْسِدُ الْكِرَاءَ حَيْثُ تَسَاوَيَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ زَادَ الْعَمَلُ عَلَى الزَّمَنِ اتِّفَاقًا فَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَهَلْ تَفْسُدُ وَهُوَ مَا شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلًا وَهُوَ مَا يُفِيدُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِمَادَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُمَا حِينَ عَقْدِ الْكِرَاءِ اعْتَقَدَا أَنَّ الزَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْعَمَلِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَوُجِدَ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ جَوَّزَ هُنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَنِ لِقِلَّةِ وُقُوعِ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الصَّانِعِ لِكَثْرَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
لَهُ كِرَاءَ الزَّائِدِ وَأَرْشَ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ) أَيْ: الَّتِي تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا.
. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا) وَمِثْلُ الْحَبْسِ الْكَثِيرِ رُكُوبُ الْأَمْيَالِ الْكَثِيرَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ بِالْفِعْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ التَّخْيِيرَ فِي الْحَبْسِ الْكَثِيرِ كَالشَّهْرِ أَوْ الرُّكُوبِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ غَيْرِ الْأَسْوَاقِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا تَغَيَّرَتْ الْأَسْوَاقُ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَانُ كَثِيرًا وَإِذَا حَبَسَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى مَا بَحَثَهُ الْعَطَّارُ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا حَاضِرًا أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنَى) وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ التَّأَمُّلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ مُتَّصِلًا وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ وَلَمْ تَعْطَبْ أَوْ زَادَ حِمْلًا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَسَوَاءٌ عَطِبَتْ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ فَعَلَ بِهِ مَا يَأْمَنُ مَعَهُ عَدَمَ الْعَضِّ بِجَعْلِ شَبَكَةٍ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ) هَذَا الْقَيْدُ ضَعِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَاهُ وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ نَهَارًا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّهُ لَا يَسِيرُ إلَّا نَهَارًا أَوْ دَخَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فَمَتَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَاهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يُؤَجَّرُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ وَعَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ وَيَحُطُّ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِمَّا اكْتَرَاهُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اكْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ نَهَارًا فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ اكْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ لَيْلًا فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ أَرْشِ الْعَيْبِ فَإِنْ سَافَرَ بِهِ نَهَارًا وَلَمْ يَسِرْ بِهِ لَيْلًا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي سَيْرِهِ نَهَارًا مَعَ حَطِّ أَرْشِ الْعَيْبِ عَنْهُ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَكَان مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: تُمْكِنُ الْإِقَامَةُ فِيهِ أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ فِي مَكَان مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهَا حِينَئِذٍ وَإِلَّا تَمَادَى وَحَطَّ عَنْهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ إلَخْ) أَقُولُ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ لِيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ أَيْ: أَوْ حَيَوَانٍ دُبُرُهُ فَاحِشًا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ يَطْحَنَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مُشَاهَرَةٌ صَحِيحَةٌ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نَقَدَ الْكِرَاءَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إلْزَامَهُ جَمِيعَ الْكِرَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا إلْزَامٌ لِمَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ فَالصَّوَابُ مَا فِي مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الزَّمَنَ) هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يُتِمُّ إذًا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ عَدَمَ طَحْنِهِ لِلْإِرْدَبَّيْنِ بِضِيقِ الزَّمَنِ عِنْدَ طَحْنِهِمَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ فَوَحَّدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا عَجْزًا مَعَ سَعَةِ الزَّمَنِ لِطَحْنِهِمَا فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَوَابُ وَيَكُونُ الْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هَذَا عَلَى مَرْضِيِّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ حَيْثُ يَسَعُ الزَّمَنُ كَثِيرًا.
(قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) أَيْ: مَعَ التَّسَاوِي بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْعَمَلِ