الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ]
بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ
قَوْلُهُ (وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ) ، (وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ وَإِنْ عَلَا، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ) ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا، نَحْوُ: إنْ عَهِدَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَذْفٍ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: تُقْبَلُ مَا لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا، كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِمَالٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَنِيٌّ، قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْقِصَاصِ، وَالْمَالِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَأَطْلَقَ رِوَايَةَ الْقَبُولِ فِي الْكَافِي، فَقَالَ: وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ مِنْ رِجَالِنَا، فَيَدْخُلَانِ فِي عُمُومِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ. انْتَهَى. وَعَنْهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ مِنْ زِنًا، أَوْ رَضَاعٍ، وَفِي الْمُبْهِجِ، وَالْوَاضِحِ، رِوَايَةٌ: لَا تُقْبَلُ، وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ.
قَوْلُهُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) ، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَمْ أَجِدْ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي الْجَامِعِ عَنْهُ اخْتِلَافًا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فَوَائِدُ إحْدَاهَا: قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْفُرُوعِ: لَوْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحَاكِمِ لَهُ، فَهَلْ لَهُ الْحَكَمُ بِشَهَادَتِهِ؟ كَشَهَادَةِ وَلَدِ الْحَاكِمِ عِنْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ وَالِدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ؟ يَتَوَجَّهُ عَدَمُ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ تَزْكِيَةٌ لَهُ، وَهِيَ شَهَادَةٌ لَهُ. انْتَهَى.
الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ أَيْضًا فِي الْحَوَاشِي: لَوْ شَهِدَ عَلَى الْحَاكِمِ بِحُكْمِهِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ بِالْمَحْكُومِ فِيهِ، فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ الْأَظْهَرُ: لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ: أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَتَهُ، وَحَكَمَ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لَهُ فِيهِ بِشَهَادَتِهِ بِكَذَا، فَيَكُونُ قَدْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ قَبِلَهُ، وَقَالَ أَيْضًا: تَزْكِيَةُ الشَّاهِدِ رَفِيقَهُ فِي الشَّهَادَةِ: لَا تُقْبَلُ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى انْحِصَارِ الشَّهَادَةِ فِي أَحَدِهِمَا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ شَهِدَ ابْنَانِ عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أَوْ طَلَاقِهَا: فَاحْتِمَالَانِ فِي مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ، قَطَعَ الشَّارِحُ بِقَبُولِهَا فِيهِمَا، وَقَطَعَ النَّاظِمُ بِقَبُولِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الْمُغْنِي: فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، قُلْت: قَطَعَ فِي الْمُغْنِي بِالْقَبُولِ فِي " كِتَابِ الشَّهَادَاتِ " عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا، وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ.
قَوْلُهُ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ: الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشَّرِيفُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَابْنُ هُبَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعُوا بِهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تُقْبَلُ، قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَالْقَبُولُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ، وَلَا اخْتَارَهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
فَوَائِدُ
الْأُولَى: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَتُقْبَلُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ أَمْثَلُ الطَّرِيقَتَيْنِ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: فِيهِ ذَلِكَ الْخِلَافُ، قُلْت: هَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَصْوَبُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله رِوَايَةٌ بِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: الْمَذْهَبُ الْقَبُولُ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ) بِلَا نِزَاعٍ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ: وَفِي الْمُقْنِعِ نَظَرٌ، وَبَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ، فَقَالَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُكَاتَبِ سَيِّدِهِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَصِحُّ لِزَوْجِ مَوْلَاتِهِ. انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ، فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي، وَأَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا: لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ حَالَ الْعِتْقِ، أَوْ يُخْرِجُ الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا، وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، فَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ لِلتَّرِكَةِ، أَوْ وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِي الرِّقِّ: لَمْ تُقْبَلْ؛ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ، وَلَا يَجُوزُ.
قُلْت: فَيُعَايَى بِذَلِكَ كُلِّهِ.
قَوْلُهُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ قَالَ: تُرَدُّ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ بِصَدَاقَةٍ مُؤَكَّدَةٍ، وَالْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ؛ لِأَنَّ الْعِشْقَ يُطِيشُ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَمِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ: الْحِرْصُ عَلَى أَدَائِهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا، قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا فَتُرَدُّ، وَهَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا بِذَلِكَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: وَمِنْ مَوَانِعِهَا: الْعَصَبِيَّةُ، فَلَا شَهَادَةَ لِمَنْ عُرِفَ بِهَا، وَبِالْإِفْرَاطِ فِي الْحَمِيَّةِ كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ عَلَى قَبِيلَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ. انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْحَاوِي: وَمَنْ حَرَصَ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْهَا، وَأَدَّاهَا قَبْلَ سُؤَالِهِ: رُدَّتْ، إلَّا فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ قَبُولِهَا مَعَ الْعَصَبِيَّةِ، خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، وَهُوَ فِي بَعْضِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ، لَكِنَّهُ قَالَ: فِي حَيِّزِ الْعَدَاوَةِ. الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَنْ حَلَفَ مَعَ شَهَادَتِهِ: لَمْ تُرَدَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَمَعَ النَّهْيِ عَنْهُ، قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَى كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ تُرَدُّ، أَوْ وَجْهٌ.
قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله، وَالْأَصْحَابُ،
وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَأَنْ لَا يَدْخُلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَكْرَهُهُ. انْتَهَى. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ: مَا مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: (كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ، وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَسْرِي الْجُرْحُ إلَى نَفْسِهِ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ لَهُمْ. (وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ، وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ، بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ)، يَعْنِي: بِمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، (وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ)، يَعْنِي: الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ، (وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ) ، وَكَذَا الْحَاكِمُ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ، قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ، وَالرَّوْضَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ: وَكَذَا أَجِيرٌ لِمُسْتَأْجِرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ: فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ فَقَطْ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ جَوَازُهُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: قَدْ مَلَكُوهُ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ. كَشَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَمْ تُمْلَكْ، قُبِلَتْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَفِي قَبُولِهَا نَظَرٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لَمْ تُمْلَكْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ تَجُرُّ نَفْعًا،
قَالَ فِي الْفَائِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ: قُلْت: ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَطِئَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ، وَذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ: أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الْغَانِمِينَ بِمَالِ الْغَنِيمَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. انْتَهَى.
فَوَائِدُ
الْأُولَى: تُرَدُّ الشَّهَادَةُ مِنْ وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَلِّيهِ وَمُوَكِّلِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: تُرَدُّ إنْ كَانَ خَاصَمَ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ: الْقَبُولَ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ خَاصَمَ فِي خُصُومَةٍ مَرَّةً ثُمَّ نَزَعَ، ثُمَّ شَهِدَ: لَمْ تُقْبَلْ. الثَّانِيَةُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْحَاكِمِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ. الثَّالِثَةُ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِمَوْرُوثِهِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالزَّرْكَشِيُّ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ: لَوْ شَهِدَ غَيْرُ وَارِثٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا، سُمِعَتْ، دُونَ عَكْسِهِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ حَكَمَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ بَعْدَ الْمَوْتِ،
قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. الرَّابِعَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: عَدَمُ الْقَبُولِ مِمَّنْ لَهُ الْكَلَامُ فِي شَيْءٍ، أَوْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ، نَحْوَ مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي قَوْمٍ فِي دِيوَانٍ آجَرُوا شَيْئًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ، أَوْ وُلَاةٌ، قَالَ: وَلَا شَهَادَةُ دِيوَانِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ عَلَى الْخُصُومِ.
قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا، كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ الْخَطَإِ) ، وَكَشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإِنْسَانٍ يَجْرَحُ الشَّاهِدُ عَلَيْهِ، وَكَزَوْجٍ فِي زِنًا، بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَا تُقْبَلُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِزِنًا، وَقِيلَ: مَعَ ثَلَاثَةٍ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ مِمَّنْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ: الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا، بَلْ الْفَقِيرُ الْمُعْسِرُ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَقِيرًا أَوْ بَعِيدًا: قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي الْحَالِ الرَّاهِنَةِ، وَأَطْلَقَ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَغَيْرِهِمْ، قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْقَبُولِ
فَائِدَةٌ: تُقْبَلُ فُتْيَا مَنْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا بِهَا.
قَوْلُهُ (وَالرَّابِعُ: الْعَدَاوَةُ كَشَهَادَةِ الْمَقْذُوفِ عَلَى قَاذِفِهِ، وَالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ عَلَى قَاطِعِهِ) بِلَا نِزَاعٍ، فَلَوْ شَهِدُوا: أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا، أَوْ عَلَى الْقَافِلَةِ: لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدُوا: أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى هَؤُلَاءِ: قُبِلُوا، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ: هَلْ قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ؟ لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، وَلَوْ شَهِدُوا: أَنَّهُمْ عَرَضُوا لَنَا، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا، فَقَالَ فِي الْفُصُولِ: تُقْبَلُ، وَقَالَ: وَعِنْدِي لَا تُقْبَلُ.
فَوَائِدُ
الْأُولَى: يُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْعَدَاوَةِ: كَوْنُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْرُوثَةً أَوْ مُكْتَسَبَةً، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: تَكُونُ ظَاهِرَةً، بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَرُّ بِمَسَاءَةِ الْآخَرِ، وَيَغْتَمُّ بِفَرَحِهِ، وَيَطْلُبُ لَهُ الشَّرَّ، قُلْت: قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَالْوَجِيزِ: وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ وَغَمَّهُ فَرَحُهُ: فَهُوَ عَدُوٌّ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: أَوْ حَاسِدُهُ. الثَّانِيَةُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ. الثَّالِثَةُ: لَوْ (شَهِدَ بِحَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ مَنْ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ وَبَيْنَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) : لَمْ تُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي نَفْسِهَا،
وَقِيلَ: تَصِحُّ لِمَنْ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: تَصِحُّ، إنْ شَهِدَ: أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى الْقَافِلَةِ، لَا عَلَيْنَا. الرَّابِعَةُ: لَوْ شَهِدَ عِنْدَهُ، ثُمَّ حَدَثَ مَانِعٌ: لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمَ، إلَّا فِسْقٌ أَوْ كُفْرٌ، أَوْ تُهْمَةٌ: فَيَمْنَعُ الْحُكْمَ، إلَّا عَدَاوَةً ابْتَدَأَهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، كَقَذْفِهِ الْبَيِّنَةَ، وَكَذَا مُقَاوَلَتُهُ وَقْتَ غَضَبٍ وَمُحَاكَمَةٌ بِدُونِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ سَابِقَةٍ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَا لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْفِسْقِ، وَحُدُوثُ مَانِعٍ فِي شَاهِدٍ أَصْلٍ كَحُدُوثِهِ فِيمَنْ أَقَامَ الشَّهَادَةَ، وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ: لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ، بَلْ مَالٌ، وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ: وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْمُغْنِي فِي مَوْضِعٍ، وَقَطَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الْقِصَاصِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ (الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ الْفَاسِقُ بِشَهَادَةٍ، فَتُرَدَّ، ثُمَّ يَتُوبَ وَيُعِيدَهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةً: تُقْبَلُ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ وَالصِّبَا: قُبِلَتْ) ، هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ: قُبِلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ،
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ أَبَدًا.
فَائِدَةٌ: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ وَالْخِلَافِ وَالْمَذْهَبِ: لَوْ رَدَّهُ لِجُنُونِهِ، ثُمَّ عَقَلَ، أَوْ لِخَرَسِهِ ثُمَّ نَطَقَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتِبِهِ، أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ، فَرُدَّتْ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَبُرْءِ الْجُرْحِ: فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَظَاهِرِ الْفُرُوعِ: إدْخَالُ ذَلِكَ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ. أَحَدُهُمَا: تُقْبَلُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ، وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: إنْ زَالَ الْمَانِعُ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ: رُدَّتْ، وَإِلَّا فَلَا.
فَائِدَةٌ: لَوْ رُدَّتْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ، أَوْ عَدَاوَةٍ، أَوْ رَحِمٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ، فَزَالَ الْمَانِعُ، ثُمَّ أَعَادَهَا: لَمْ تُقْبَلْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَمْ تُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ
قَالَ فِي الْكَافِي: هَذَا الْأَوْلَى، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَقِيلَ: تُقْبَلُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالْقَبُولُ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: تُرَدُّ مَعَ مَانِعٍ زَالَ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ، كَتَطْلِيقِ الزَّوْجَةِ، وَإِعْتَاقِ الْقِنِّ، وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ فِي الشُّفْعَةِ عَنْهَا، فَرُدَّتْ، ثُمَّ عَفَا الشَّاهِدُ عَنْ شُفْعَتِهِ، وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ: لَمْ تُقْبَلْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقْبَلَ)، قَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا رُدَّتْ لِكَوْنِهِ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ بِهَا نَفْعًا، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِعَفْوِهِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ مِنْ زِيَادَاتِ الشَّارِحِ فِي الْمُقْنِعِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.