المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١٢

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره]

[بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ]

ُ قَوْلُهُ (إذَا وَصَلَ بِهِ مَا يَسْقُطُهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي " أَوْ " قَبَضَهُ " أَوْ " اسْتَوْفَاهُ " أَوْ " أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ " أَوْ " تَكَفَّلْت بِهِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ " أَوْ " أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا " أَوْ " إلَّا سِتَّمِائَةٍ " لَزِمَهُ الْأَلْفُ) . ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ. مِنْهَا: قَوْلُهُ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي " فَيَلْزَمُهُ. الْأَلْفُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَحُكِيَ احْتِمَالٌ: لَا يَلْزَمُهُ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَدْ قَبَضَهُ، أَوْ اسْتَوْفَاهُ " فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ بِلَا نِزَاعٍ. وَمِنْهَا: قَوْلُهُ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ " أَوْ " تَكَفَّلْت بِهِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ " فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله غَيْرَهُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَالْأَظْهَرُ يَلْزَمُهُ مَعَ ذِكْرِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ.

قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.

ص: 167

وَقِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي قَوْلِهِ " كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ ". وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: لَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ " أَوْ " لَمْ أَقْبِضْهُ " أَوْ " مُضَارَبَةً تَلِفَتْ، وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا " مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً مَعَ فَسَادِهِ: خِلَافًا وَمَذْهَبًا. وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ " لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ " وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ " بَلْ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِك ". الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ " عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ " لَمْ يَلْزَمْهُ وَجْهًا وَاحِدًا. أَعْنِي إذَا قَدَّمَ قَوْلَهُ " عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ " عَلَى قَوْلِهِ " أَلْفٌ ". وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُصَنِّفِ: لَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا " فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ قَوْلًا. وَاحِدًا. وَمِنْهُمَا: لَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا سِتَّمِائَةٍ " فَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعُمِائَةٍ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي " بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ ".

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ " كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَضَيْته " أَوْ قَضَيْت مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ " فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ. وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ

ص: 168

اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله رِوَايَةً بِغَيْرِ هَذَا. قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ الْجُمْهُورُ: الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْخَمْسِمِائَةِ مَعَ يَمِينِهِ. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَكُونُ مُقِرًّا مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ. فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ: حَلَفَ الْمُدَّعِي " أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَمْ يُبْرِئْ " وَاسْتَحَقَّ. وَقَالَ: هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَنْهُ يَكُونُ مُقِرًّا. اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُ. فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، وَيُحَلِّفُ خَصْمَهُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو الْوَفَاءِ، وَغَيْرُهُمَا. كَسُكُوتِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ. وَانْتَهَى. قُلْت: وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِجَوَابٍ. فَيُطَالَبُ بِرَدِّ الْجَوَابِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالرِّعَايَةِ. وَهِيَ أَشْهَرُ.

ص: 169

فَوَائِدُ: الْأُولَى لَوْ قَالَ " بَرِئْت مِنِّي " أَوْ " أَبْرَأْتَنِي " فَفِيهَا الرِّوَايَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَقِيلَ: مُقِرٌّ. الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ " كَانَ لَهُ عَلَيَّ " وَسَكَتَ: فَهُوَ إقْرَارٌ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. الثَّالِثَةُ لَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَضَيْته " وَلَمْ يَقُلْ " كَانَ " فَفِيهَا طُرُقٌ لِلْأَصْحَابِ. أَحَدُهَا: أَنَّ فِيهَا الرِّوَايَةَ الْأُولَى. وَرِوَايَةَ أَبِي الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ. وَرِوَايَةً ثَالِثَةً: يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ، وَكَذَّبَ نَفْسَهُ فِي الْوَفَاءِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ، وَلَوْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ لَهُ: هِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْ ذَلِكَ. الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ هَذَا بِجَوَابٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَإِنْ كَانَ جَوَابًا فِي الْأُولَى فَيُطَالَبُ بِرَدِّ الْجَوَابِ.

ص: 170

الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: قَبُولُ قَوْلِهِ هُنَا. وَإِنْ لَمْ نَقْبَلْهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ: عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا. وَهِيَ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ هُنَا، وَإِنْ قَبِلْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ) . تَقَدَّمَ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي " بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ ". وَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ لَا يَسْكُتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْكَلَامُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ النَّاظِمُ، وَغَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ فِي الْوَاضِحِ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " كِتَابِ الْأَيْمَانِ ". وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَقَالَ: مِثْلُهُ كُلُّ صِلَةِ كَلَامٍ مُغَيِّرٍ لَهُ. وَاخْتَارَ: أَنَّ الْمُتَقَارِبَ مُتَوَاصِلٌ. وَتَقَدَّمَ هَذَا مُسْتَوْفًى فِي آخِرِ " بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ " فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا زَادَ عَلَيْهِ) يَعْنِي: عَلَى النِّصْفِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

ص: 171

حَتَّى قَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ فِي أُصُولِهِ: اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَأَصْحَابِهِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي الطَّلَاقِ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ.

وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَغَيْرِهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ. قَالَ فِي النُّكَتِ: وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا وَاخْتَارَهُ فِيمَا إذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ " أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ. قَالَ: وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ. قَوْلُهُ (وَفِي اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ: وَجْهَانِ) . وَحَكَاهُمَا فِي الْإِيضَاحِ رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.

ص: 172

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى أَكْثَرَهُ: لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. وَلَزِمَهُ جَمِيعُ مَا أَقَرَّ بِهِ. فَظَاهِرُهُ: صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ.

قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ: وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرِ مِنْ النِّصْفِ. فَظَاهِرُهُمَا: صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي الصُّغْرَى: يَصِحُّ فِي الْأَقْيَسِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ. قَالَ الشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَشَارِحُ الْوَجِيزِ: هَذَا أَوْلَى. قَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي الْأُصُولِ وَشَرْحِهِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: وَقَالَ طَائِفَةٌ: الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْ النِّصْفَ وَالثُّلُثَ. قَالَ: وَبِهِ أَقُولُ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى أَيْضًا فِي " بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ ".

قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ " لَهُ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا " لَزِمَهُ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ. فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا. فَقَالَ " هُوَ الْمُسْتَثْنَى " فَهَلْ يُقْبَلُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى.

ص: 173

أَحَدِهِمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَشَارِحُ الْوَجِيزِ وَالنَّاظِمُ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لَوْ قَتَلَ، أَوْ غَصَبَ الْجَمِيعَ إلَّا وَاحِدًا: قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِهِ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ. لِحُصُولِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِينَ أَوْ الْمَغْصُوبِينَ، أَوْ رُجُوعِهِمْ لِلْمُقَرِّ لَهُ. الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ " غَصَبْتُهُمْ إلَّا وَاحِدًا " فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا إلَّا وَاحِدًا: صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ. وَإِنْ قَالَ " غَصَبْت هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إلَّا وَاحِدًا " صُدِّقَ فِي تَعْيِينِ الْبَاقِي.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ " أَوْ " هَذِهِ الدَّارُ لَهُ، وَهَذَا الْبَيْتُ لِي " قُبِلَ مِنْهُ) . بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَهَا. وَإِنْ قَالَ " لَهُ هَذِهِ الدَّارُ نِصْفُهَا " فَقَدْ أَقَرَّ بِالنِّصْفِ. كَذَا نَحْوُهُ. وَإِنْ قَالَ. " لَهُ هَذِهِ الدَّارُ وَلِي نِصْفُهَا " صَحَّ فِي الْأَقْيَسِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

ص: 174

وَقَالَ فِي الصُّغْرَى: بَطَلَ فِي الْأَشْهَرِ. قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: بَطَلَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَوْ قَالَ " هَذِهِ الدَّارُ لَهُ إلَّا ثُلُثَيْهَا " أَوْ " إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا " أَوْ " إلَّا نِصْفَهَا " فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ، وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ " أَوْ " لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا " فَهَلْ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالتَّلْخِيصِ إذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ " لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا أَوْلَى. وَرُدَّ غَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ. وَالْوَجْهِ الثَّانِي: يَصِحُّ. صَحَّحَهُ. فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِوَاوٍ يَرْجِعُ إلَى الْكُلِّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: صَحَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَصِحُّ.

ص: 175

وَمَا قَالُوهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ. بَلْ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ: تَقْتَضِي صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ. وَأَمَّا إذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، وَدِرْهَمٌ، إلَّا دِرْهَمَيْنِ " فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ، فَهُنَا لَا يَصِحُّ بِطَرِيقٍ أَوْلَى. وَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهَا وَجْهَانِ، كَالَّتِي قَبْلَهَا. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي. وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ: الْإِطْلَاقَ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: وَالِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الْعَطْفِ بِوَاوٍ يَرْجِعُ إلَى الْكُلِّ. وَقِيلَ: إلَى مَا يَلِيهِ فَلَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ، إلَّا دِرْهَمًا " فَدِرْهَمٌ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ صَحَّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ، وَإِلَّا فَاثْنَانِ. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: بِأَنَّهُ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالشَّرْحِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ أَوْلَى. وَصَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ. وَرَدَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ. وَلُزُومَ دِرْهَمَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا " لَزِمَهُ الْخَمْسَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ

ص: 176

قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: وَإِنْ قَالَ " خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا " وَجَبَ خَمْسَةٌ، عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ. وَالْوَجْهِ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفُرُوعِ.

قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. فَإِذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ سَبْعَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا " لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) . لِأَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ سَبْعَةً. ثُمَّ نَفَى مِنْهَا ثَلَاثَةً. ثُمَّ أَثْبَتَ وَاحِدًا. وَبَقِيَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَنْفِيَّةِ دِرْهَمَانِ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ السَّبْعَةِ. فَيَكُونُ مُقِرًّا بِخَمْسَةٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا " لَزِمَهُ عَشَرَةٌ فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ) . إنْ بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بَاطِلٌ، بِعَوْدِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ لِبُعْدِهِ، كَسُكُوتِهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَهَذَا الْوَجْهُ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَفِي الْآخَرِ: يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ وَبَعَّدَهُ النَّاظِمُ. قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا رَفَعَ الْكُلَّ، أَوْ الْأَكْثَرَ: سَقَطَ، إنْ وَقَفَ عَلَيْهِ.

ص: 177

وَإِنْ وَصَلَهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ: اسْتَعْمَلْنَاهُ. فَاسْتَعْمَلْنَا الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ لِوَصْلِهِ بِالثَّانِي، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُسْتَثْنَى عِبَارَةٌ عَمَّا بَقِيَ. فَإِنَّ عَشَرَةً إلَّا دِرْهَمًا عِبَارَةٌ عَنْ تِسْعَةٍ. فَإِذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً " صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ. لِأَنَّهُ وَصَلَهَا بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ. وَلِذَلِكَ صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ وَالدِّرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ ذَلِكَ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ. وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. فَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ. وَهِيَ نَفْيٌ. فَبَقِيَ خَمْسَةٌ. وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ إثْبَاتٌ. فَعَادَتْ ثَمَانِيَةٌ. وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمَيْنِ. وَهِيَ نَفْيٌ فَبَقِيَ سِتَّةٌ. وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ السِّتَّةِ: أَنْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ. وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ. فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ وَالدِّرْهَمِ. وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ وَالِاثْنَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَعَلَى قَوْلِنَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ. وَلَا يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ، يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ بَقِيَ خَمْسَةٌ. وَاسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْخَمْسَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ، فَيَبْطُلُ، وَيَلِي قَوْلُهُ " إلَّا دِرْهَمَيْنِ " قَوْلَهُ " إلَّا خَمْسَةً " فَيَصِحُّ. فَيَعُودُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْخَارِجَةِ دِرْهَمَانِ. خَرَجَ مِنْهَا دِرْهَمٌ بِقَوْلِهِ " إلَّا دِرْهَمًا " بَقِيَ دِرْهَمٌ، فَيُضَمُّ إلَى الْخَمْسَةِ تَكُونُ سِتَّةً. انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِتَوْجِيهِ الشَّارِحِ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ: يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءَاتِ كُلِّهَا. وَالْعَمَلِ بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ.

فَإِذَا قَالَ " عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً " نَفَى خَمْسَةً.

ص: 178

فَإِذَا قَالَ " إلَّا ثَلَاثَةً " عَادَتْ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا إثْبَاتٌ. فَإِذَا قَالَ " إلَّا دِرْهَمَيْنِ " كَانَتْ نَفْيًا، فَيَبْقَى سِتَّةٌ. فَإِذَا قَالَ " إلَّا دِرْهَمًا " كَانَ مُثْبِتًا. صَارَتْ سَبْعَةً. قَالَهُ الشَّارِحُ. وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّى: وَعَلَى قَوْلِنَا: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ، وَلَا يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ: يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ. لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْخَمْسَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ لَا يَصِحُّ. وَاسْتِثْنَاءَ الدِّرْهَمَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَا يَصِحُّ. وَاسْتِثْنَاءَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ لَا يَصِحُّ. بَقِيَ قَوْلُهُ " إلَّا ثَلَاثَةً " صَحِيحًا. فَتَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ " إلَّا عَشَرَةً، إلَّا ثَلَاثَةً " فَيَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ. انْتَهَى. وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلشَّارِحِ أَيْضًا.

(وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ: يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ) . قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ يُلْغِي الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ؛ لِكَوْنِهِ النِّصْفَ. فَإِذَا قَالَ " إلَّا ثَلَاثَةً " كَانَتْ مُثْبَتَةً. وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْخَمْسَةِ. وَقَدْ بَطَلَتْ. فَتَبْطُلُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا. وَيَبْقَى الِاثْنَانِ؛ لِأَنَّهَا نَفْيٌ، وَالنَّفْيُ يَكُونُ مِنْ إثْبَاتٍ. وَقَدْ بَطَلَ الْإِثْبَاتُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. فَتَكُونُ مَنْفِيَّةً مِنْ الْعَشَرَةِ، يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ. وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدِ مِنْ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ نِصْفٌ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَعَلَى قَوْلِنَا: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ، وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ: يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْخَمْسَةِ لَا يَصِحُّ. وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ: وَلِيَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلَهُ " إلَّا ثَلَاثَةً ". فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَهُ، لَكِنْ وَلِيَهُ قَوْلُهُ " إلَّا دِرْهَمَيْنِ " وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ. وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ وَلِيَ قَوْلُهُ " إلَّا دِرْهَمًا " قَوْلَهُ " إلَّا ثَلَاثَةً ". فَعَادَ مِنْهَا الدِّرْهَمُ إلَى السَّبْعَةِ الْبَاقِيَةِ. فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ ثَمَانِيَةً. انْتَهَى

ص: 179

فَخَالَفَ الشَّارِحَ أَيْضًا فِي تَوْجِيهِهِ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ أَقْعَدُ. وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي النُّكَتِ لِتَوْجِيهِ هَذِهِ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا وَمَا نَظَرَ عَلَيْهِ مِنْهَا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ خَامِسٌ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ إنْ صَحَّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ. جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ.، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْبَهِ إنْ بَطَلَ النِّصْفُ خَاصَّةً: فَثَمَانِيَةٌ. وَإِنْ صَحَّ فَقَطْ: فَخَمْسَةٌ. وَإِنْ عَمِلَ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ: فَسَبْعَةٌ. انْتَهَى.

وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ إذَا صَحَّحْنَا اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ خَمْسَةٌ، أَوْ سِتَّةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِذَا لَمْ نُصَحِّحْهُ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، أَوْ ثَمَانِيَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ: بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كُلُّهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَصَحَّ فِي الْآخَرِ. فَيَكُونُ مُقِرًّا بِسَبْعَةٍ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي النُّكَتِ عَلَى وَجْهِ لُزُومِ الْخَمْسَةِ إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ صَحِيحٌ، وَاسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةٍ مِنْ خَمْسَةٍ بَاطِلٌ فَيَبْطُلُ مَا بَعْدَهُ. وَعَلَى وَجْهِ لُزُومِ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ صَحِيحٌ، وَاسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةٍ مِنْ خَمْسَةٍ بَاطِلٌ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. وَاسْتِثْنَاءُ اثْنَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ صَحِيحٌ. فَصَارَ الْمُقَرُّ بِهِ: سَبْعَةً. ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ. يَبْقَى سِتَّةٌ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: الْكَلَامُ بِآخِرِهِ. وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَاتُ كُلُّهَا. فَيَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ. وَهُوَ وَاضِحٌ

ص: 180

قَالَ: وَأَلْزَمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِسِتَّةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَرَادَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الشَّارِحَ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِهِ.

وَقَالَ عَنْ وَجْهِ الثَّمَانِيَةِ: لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْخَمْسَةِ بَاطِلٌ، وَاسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِهِ صَحِيحٌ، يَبْقَى سَبْعَةٌ. وَاسْتِثْنَاءُ الِاثْنَيْنِ بَاطِلٌ، وَاسْتِثْنَاءُ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ صَحِيحٌ، يَزِيدُهُ عَلَى سَبْعَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اسْتِثْنَاءُ خَمْسَةٍ وَثَلَاثَةٍ بَاطِلٌ. وَاسْتِثْنَاءُ اثْنَيْنِ مِنْ عَشَرَةٍ صَحِيحٌ. وَاسْتِثْنَاءُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ بَاطِلٌ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ عَنْ قَوْلِهِ " وَقِيلَ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا " أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ، أَوْ لَا. وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ. وَهُوَ تَصْحِيحُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ كُلِّهَا. عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ: وَحِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْوَجْهَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ: فِيهَا شَيْءٌ. وَأَحْسِبُهُ لَوْ قَالَ: وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ: كَانَ أَوْلَى.

تَنْبِيهٌ مَبْنَى ذَلِكَ: إذَا تَخَلَّلَ الِاسْتِثْنَاءَاتِ اسْتِثْنَاءٌ بَاطِلٌ. فَهَلْ يُلْغَى ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ الْبَاطِلُ وَمَا بَعْدَهُ، أَوْ يُلْغَى وَحْدَهُ وَيَرْجِعُ. مَا بَعْدَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ؟ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي. قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. أَوْ يُنْظَرُ إلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ؟ . اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، فِيهِ أَوْجُهٌ.

ص: 181

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِهِ فِي الْأُصُولِ، وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: لَوْ اسْتَثْنَى مَا لَا يَصِحُّ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْئًا: بَطَلَا. وَقِيلَ: يَرْجِعُ مَا بَعْدَ الْبَاطِلِ إلَى مَا قَبْلَهُ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ. زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَقِيلَ: إنْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ دُونَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ: صَحَّ. وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِذَا قَالَ " لَهُ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا " لَزِمَتْهُ الْمِائَةُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، مُطْلَقًا، إلَّا مَا اسْتَثْنَى. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يَلْزَمُ مِنْ رِوَايَةِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْآخَرِ: صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ نَوْعٍ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَزِمَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْوَرِقِ وَغَيْرِهِمَا فَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِهِمَا صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا. قُلْت: صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

تَنْبِيهٌ قَدْ يُقَالُ: دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: مَا لَوْ أَقَرَّ بِنَوْعٍ مِنْ جِنْسٍ، وَاسْتَثْنَى نَوْعًا

ص: 182

مِنْ آخَرَ، كَأَنْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ، وَاسْتَثْنَى مَعْقِلِيًّا وَنَحْوَهُ. وَهُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: عَدَمُ الصِّحَّةِ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ هُوَ، وَابْنُ رَزِينٍ.

قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَيْنًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ وَرِقًا مِنْ عَيْنٍ. فَيَصِحُّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) . وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اخْتَارَهَا أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالزَّرْكَشِيِّ. تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ مِنْ الْأَصْحَابِ: مَبْنَى الرِّوَايَتَيْنِ: عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ أَوْ جِنْسَانِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَمَا قَالَهُ غَلَطٌ. إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْعُمْدَةِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: إنَّهُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِي أَشْيَاءَ.

ص: 183

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَمَنْ تَبِعَهُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ. بِحَمْلِ رِوَايَةِ الصِّحَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْآخَرِ، أَوْ يُعْلَمُ قَدْرُهُ مِنْهُ. وَرِوَايَةُ الْبُطْلَانِ عَلَى مَا إذَا انْتَفَى ذَلِكَ. فَعَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَالْعُمْدَةِ، وَالْوَاضِحِ: يَخْتَصُّ الْخِلَافُ فِي النَّقْدَيْنِ وَعَلَى مَا حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمَنْ تَبِعَهُ: يَنْتَفِي الْخِلَافُ.

فَائِدَةٌ قَالَ فِي النُّكَتِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْفُلُوسِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ فِيهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ. أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ. وَالثَّانِي: جَوَازُهُ مَعَ نِفَاقِهَا خَاصَّةً. انْتَهَى. قُلْت: وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: الصِّحَّةُ، بَلْ هِيَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ إلَّا دِينَارًا " فَهَلْ. يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ. وَقَدْ عَلِمْت مِنْهُمَا. وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ: يَرْجِعُ إلَى سِعْرِ الدِّينَارِ بِالْبَلَدِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ قِيمَتِهِ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِعْرٌ مَعْلُومٌ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

ص: 184

وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ " فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَرْجِعُ إلَى سِعْرِ الدَّنَانِيرِ بِالْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا مَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ: صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: يَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ إلَى الْمُقِرِّ. فَإِنْ فَسَّرَهُ بِالنِّصْفِ فَأَقَلَّ: قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ الْمِائَةِ رَجَعَ فِي تَفْسِيرِ قِيمَتِهِ إلَيْهِ. وَمَعْنَاهُ فِي التَّبْصِرَةِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ " ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْكَلَامُ. ثُمَّ قَالَ " زُيُوفًا " أَوْ " صِغَارًا " أَوْ " إلَى شَهْرٍ " لَزِمَهُ أَلْفٌ جِيَادٌ، وَافِيَةٌ حَالَّةٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ، أَوْ مَغْشُوشَةٌ. فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ. أَحَدِهِمَا: يَلْزَمُهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

ص: 185

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهَذَا أَوْلَى. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالتَّلْخِيصِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: إنْ فَسَّرَ إقْرَارَهُ بِسِكَّةٍ دُونَ سِكَّةِ الْبَلَدِ، وَتَسَاوَيَا وَزْنًا: فَاحْتِمَالَانِ. وَشَرَطَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَالَ " صِغَارًا " أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ، وَإِلَّا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ. وَيَأْتِي قَرِيبًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَى شَهْرٍ " فَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ التَّأْجِيلَ: لَزِمَهُ مُؤَجَّلًا) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَالًّا. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ قُبِلَ فِي الضَّمَانِ. وَفِي غَيْرِهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَالنُّكَتِ، وَالنَّظْمِ

ص: 186

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّرِ: الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَجَلِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الْقَبُولُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَإِنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ: أُجِّلَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَمَنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ: صُدِّقَ. وَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ يَقْبَلُهُ الْحُلُولُ، وَلِمُنْكِرِ التَّأْجِيلِ يَمِينُهُ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: الَّذِي يَظْهَرُ قَبُولُ دَعْوَاهُ.

تَنْبِيهٌ قَالَ فِي النُّكَتِ: قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ " قُبِلَ فِي الضَّمَانِ " أَمَّا كَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي الضَّمَانِ: فَلِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِأَصْلٍ وَلَا ظَاهِرٍ فَقُبِلَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ. وَمِنْ أَصْلِنَا صِحَّةُ ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ غَيْرَ ضَمَانٍ كَبَيْعٍ وَغَيْرِهِ فَوَجْهُ قَوْلِ الْمُقِرِّ فِي التَّأْجِيلِ: أَنَّهُ سَبَبٌ يَقْبَلُ الْحُلُولَ وَالتَّأْجِيلَ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ، كَالضَّمَانِ. وَوَجْهُ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ: أَنَّهُ سَبَبٌ مُقْتَضَاهُ الْحُلُولُ. فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَأَصْلِهِ. وَبِهَذَا فَارَقَ الضَّمَانَ. قَالَ: وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ جُلِّ كَلَامِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ بَعْدَ نَظْمِ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ الَّذِي يَقْوَى عِنْدِي: أَنَّ مُرَادَهُ يُقْبَلُ فِي الضَّمَانِ أَيْ يَضْمَنُ مَا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ ثَمَنُ مَبِيعٍ أَوْ أُجْرَةٍ، لِيَكُونَ بِصَدَدِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ هُوَ أَوْ بَعْضُهُ إنْ تَعَذَّرَ قَبْضُ مَا ادَّعَاهُ

ص: 187

أَوْ بَعْضِهِ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ كَذَلِكَ. فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَقَرَّ بِمِائَةٍ سِكَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ نَاقِصَةٍ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ، وَقِيلَ: بَلْ مُرَادُهُ نَفْسُ الضَّمَانِ. أَيْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّهُ ضَامِنٌ مَا أَقَرَّ بِهِ عَنْ شَخْصٍ، حَتَّى إنْ بَرِئَ مِنْهُ بَرِئَ الْمُقِرُّ. وَيُرِيدُ بِغَيْرِهِ: سَائِرَ الْحُقُوقِ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ. قَالَ فِي النُّكَتِ: وَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ نَاقِصَةٌ " لَزِمَتْهُ نَاقِصَةً) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الشَّارِحُ: لَزِمَتْهُ نَاقِصَةً، وَنَصَرَهُ. وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ نَاقِصَةٌ " قُبِلَ قَوْلُهُ. وَإِنْ قَالَ " صِغَارًا " وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ: قُبِلَ قَوْلُهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَرَاهِمُ صِغَارٌ: لَزِمَهُ وَازِنَةٌ، كَمَا لَوْ قَالَ " دُرَيْهِمٌ " فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَازِنٌ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ قَالَ " صِغَارٌ " قُبِلَ بِنَاقِصَةٍ. فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: قُبِلَ وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ: وَإِنْ قَالَ " نَاقِصَةٌ " لَزِمَهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَجْهًا وَاحِدًا.

فَائِدَةٌ لَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ وَازِنَةٌ " فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ

ص: 188

قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ: أَوْ وَازِنَةٌ فَقَطْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ قَالَ " دَرَاهِمُ عَدَدًا " لَزِمَهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا، أَوْ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ: فَالْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ. وَلَوْ قَالَ " عَلَيَّ دِرْهَمٌ " أَوْ " دِرْهَمٌ كَبِيرٌ " أَوْ " دُرَيْهِمٌ " لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي " دُرَيْهِمٌ " يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عِنْدِي رَهْنٌ " وَقَالَ الْمَالِكُ " بَلْ وَدِيعَةٌ " فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ قَوْلِهِ. " كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَبَضْته ". ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ " وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ " بَلْ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِك " فَعَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي

ص: 189

أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ شَارِحُ الْوَجِيزِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَوْلَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ " وَفَسَّرَهُ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ: قُبِلَ مِنْهُ) بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَوْ قَالَ " لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ رَدَّدْتهَا إلَيْهِ " أَوْ " تَلِفَتْ " لَزِمَهُ ضَمَانُهَا وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ " وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ: لَمْ يُقْبَلْ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ وَالْخِرَقِيِّ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ يُقْبَلُ

ص: 190

قَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى تَأْوِيلِ عَلَيَّ حِفْظُهَا أَوْ رَدُّهَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ: إذَا لَمْ يُفَسِّرْهُ مُتَّصِلًا فَإِنْ فَسَّرَهُ بِهِ مُتَّصِلًا: قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ إنْ زَادَ فِي الْمُتَّصِلِ " وَقَدْ تَلِفَتْ " لَمْ يُقْبَلْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ الْأَمَانَةَ، وَلَا مَانِعَ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لَوْ أَحْضَرَهُ، وَقَالَ " هُوَ هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ " فَفِي قَبُولِ الْمُقَرِّ لَهُ: أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: الْإِطْلَاقُ إحْدَاهُمَا: لَا يُقْبَلُ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَالْكَافِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ.

ص: 191

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ " لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ وَدِيعَةٌ بِشَرْطِ الضَّمَانِ " لَغَا وَصْفُهُ لَهَا بِالضَّمَانِ وَبَقِيَتْ عَلَى الْأَصْلِ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ مِنْ مَالِي " أَوْ " فِي مَالِي " أَوْ " فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ " أَوْ " نِصْفُ دَارِي هَذِهِ " وَفَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ، وَقَالَ " بَدَا لِي فِي تَقْبِيضِهِ " قُبِلَ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْأُولَى وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا: فِي قَوْلِهِ " لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفٌ " أَوْ " لَهُ نِصْفُ مَالِي إنْ مَاتَ " وَلَمْ يُفَسِّرْهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ وَذَكَرَ فِي الْوَجِيزِ: إنْ قَالَ " لَهُ مِنْ مَالِي " أَوْ " فِي مَالِي " أَوْ " فِي مِيرَاثِي أَلْفٌ " أَوْ " نِصْفُ دَارِي هَذِهِ " إنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ، بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ: فِي قَوْلِهِ " لَهُ نِصْفُ دَارِي " يَكُونُ هِبَةً وَتَقَدَّمَ

ص: 192

وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْوَصَايَا " هَذَا مِنْ مَالِي لَهُ " وَصِيَّةٌ وَ " هَذَا لَهُ " إقْرَارٌ، مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْوَصِيَّةِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي قَوْلِهِ " لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي " يَصِحُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَحَقَّ بِسَبَبٍ سَابِقٍ، وَ " مِنْ مَالِي " وَعْدٌ قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا فَرْقَ بَيْنَ " مِنْ " وَ " فِي " فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَلَا يَكُونُ إقْرَارًا إذَا أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يُفَسِّرْهُ بِالْهِبَةِ: يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: فَلَوْ فَسَّرَهُ بِدَيْنٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ: صَحَّ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ، لِلتَّنَاقُضِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لَوْ زَادَ عَلَى مَا قَالَهُ أَوَّلًا " بِحَقٍّ لَزِمَنِي " صَحَّ الْإِقْرَارُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ " دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو " فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ أَيْضًا قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ " فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ)

ص: 193

هَذَا الْمَذْهَبُ فَلَوْ فَسَّرَهُ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ: لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إذَا قَالَ " لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ " أَوْ " فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ أَلْفٌ " يَصِحُّ، وَيُفَسِّرُهَا قَالَ: وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكَهُ " فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ " أَقَرَّ وَكَانَ مِلْكَهُ إلَى أَنْ أَقَرَّ " أَوْ قَالَ هَذَا مِلْكِي إلَى الْآنَ وَهُوَ لِفُلَانٍ " فَبَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ " هُوَ لِفُلَانٍ، وَمَا زَالَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت " لَزِمَهُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْأَزَجِيُّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ " دَارِي لِفُلَانٍ " فَبَاطِلٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَهُ هَذِهِ الدَّارُ عَارِيَّةً " ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْعَارِيَّةِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ " لَهُ هَذِهِ الدَّارُ هِبَةً أَوْ سُكْنَى " وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، فِي الْأُولَى وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ فِيهِمَا، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَزَادَ قَوْلَ الْقَاضِي لِأَنَّ هَذَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ قَالَ الْقَاضِي: فِي هَذَا وَجْهٌ لَا يَصِحُّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَنْعُ قَوْلِهِ " لَهُ هَذِهِ الدَّارُ ثُلُثَاهَا " وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ صِحَّتَهُ. فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " هِبَةً سُكْنَى " أَوْ " هِبَةً عَارِيَّةً " عُمِلَ بِالْبَدَلِ

ص: 194

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: بُطْلَانُ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِلرَّقَبَةِ وَبَقَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَنَا فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ " أَنَّهُ وَهَبَ " أَوْ " رَهَنَ وَأَقْبَضَ " أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَنْكَرَ، وَقَالَ " مَا قَبَضْت، وَلَا أَقْبَضْت " وَسَأَلَ إحْلَافَ خَصْمِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَحَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ رِوَايَتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ إحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: وَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْفُصُولِ، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ بَلْ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ " بَابِ الرَّهْنِ " مِنْ الْمُغْنِي وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ

ص: 195

نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ: وَلَا يُشْبِهُ مَنْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ وَادَّعَى تَلْجِئَةً، إنْ قُلْنَا: يُقْبَلُ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَعْنًى آخَرَ لَمْ يَنْفِ مَا أَقَرَّ بِهِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إقْبَاضٍ ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَهُ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ يَظُنُّ الصِّحَّةَ: كُذِّبَ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ بِبُطْلَانِهِ وَكَذَا إنْ قُلْنَا: تُرَدُّ الْيَمِينُ فَحَلَفَ الْمُقِرُّ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا، ثُمَّ أَقَرَّ: أَنَّ الْمَبِيعَ لِغَيْرِهِ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ، وَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " لَمْ يَكُنْ مِلْكِي، ثُمَّ مَلَكْته بَعْدُ " لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً، فَيُقْبَلُ ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ: أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ قَالَ " قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي " أَوْ نَحْوَهُ: لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا)

ص: 196

لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِخِلَافِ مَا أَقَرَّ بِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ فَائِدَةٌ لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِآدَمِيٍّ، أَوْ بِزَكَاةٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ: لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ: إنْ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُهُ: صَحَّ رُجُوعُهُ وَعَنْهُ: فِي الْحُدُودِ دُونَ الْمَالِ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " غَصَبْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ، لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو " أَوْ " مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ، لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو " لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى زَيْدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: دَفَعَهُ لِزَيْدٍ وَإِلَّا صَحَّ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ " الْأَدَمِيِّ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ: لَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو وَقِيلَ: لَا إقْرَارَ مَعَ اسْتِدْرَاكٍ مُتَّصِلٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَهُوَ الصَّوَابُ فَائِدَةٌ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَكَمِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لَوْ قَالَ " غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَغَصَبَهُ هُوَ مِنْ عَمْرٍو " أَوْ " هَذَا لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو "

ص: 197

وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله عَلَى هَذِهِ الْأَخِيرَةِ.

وَأَمَّا إذَا قَالَ " مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ " فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى زَيْدٍ، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَ هَذَا: الْأَشْهَرُ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى عَمْرٍو، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: الْعَبْدُ لِزَيْدٍ وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شَيْئًا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله فَائِدَةٌ لَوْ قَالَ " غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو " فَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمَا: أَنَّهُ لِزَيْدٍ، وَلَمْ يَغْرَمْ لِعَمْرٍو شَيْئًا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَخَذَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شَيْئًا فِي الْأَشْهَرِ انْتَهَى وَقِيلَ: يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو كَالَّتِي قَبْلَهَا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ " مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ " دَفَعَهُ إلَى زَيْدٍ وَقِيمَتَهُ إلَى عَمْرٍو

ص: 198

وَهَذَا مُوَافِقٌ لِإِحْدَى النُّسْخَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " غَصَبْته مِنْ أَحَدِهِمَا " أُخِذَ بِالتَّعْيِينِ فَيَدْفَعُهُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ، وَيَحْلِفُ الْآخَرُ) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ قَالَ " لَا أَعْلَمُ عَيْنَهُ " فَصَدَّقَاهُ: اُنْتُزِعَ مِنْ زَيْدٍ وَكَانَا خَصْمَيْنِ فِيهِ وَإِنْ كَذَّبَاهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً " أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِمَنْ هُوَ مِنْهُمَا " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ: أَنَّهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا " أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْهُ مِنْهُ " قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي " بَابِ الدَّعَاوَى " فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى رَجُلَانِ دَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا: فَالْمُقَرُّ بِهِ بَيْنَهُمَا) هَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ وَقِيلَ: إنْ أَضَافَا الشَّرِكَةَ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ وَنَحْوِهِمَا فَالنِّصْفُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَلَا زَادَ فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْفُصُولِ: وَلَمْ يَكُونَا قَبَضَاهُ بَعْدَ الْمِلْكِ لَهُ

ص: 199

وَتَابَعَهُمَا فِي الْوَجِيزِ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَاهُ فِي الْمُحَرَّرِ إلَى الْقَاضِي قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ " هَذَا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ " وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ: لَزِمَ الْوَرَثَةَ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الصَّدَقَةُ بِجَمِيعِهِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ، سَوَاءٌ صَدَّقُوهُ أَوْ لَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَصَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ بِالتَّصَدُّقِ بِثُلُثِهَا، إنْ قُلْنَا: تُمْلَكُ اللُّقَطَةُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ مِائَةً، فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَأَقَرَّ ابْنُهُ لَهُ بِهَا، ثُمَّ ادَّعَاهَا آخَرُ فَأَقَرَّ لَهُ: فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُهَا لِلثَّانِي) هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الشَّارِحُ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ " هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو " انْتَهَى

ص: 200

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ فِي غَرَامَتِهَا لِلثَّانِي خِلَافًا. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا مَعًا: فَهِيَ بَيْنَهُمَا) قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَيْضًا

قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةً دَيْنًا فَأَقَرَّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَقَرَّ لَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ: فَهِيَ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي: إذَا كَانَتْ الْمِائَةُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله اشْتِرَاكُهُمَا إنْ تَوَاصَلَ الْكَلَامُ بِإِقْرَارَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ: هِيَ لِلْأَوَّلِ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ، فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا بِالِاشْتِرَاكِ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ، كَإِقْرَارِ مَرِيضٍ لَهُمَا وَقَالَ الْأَزَجِيُّ أَيْضًا: لَوْ خَلَّفَ أَلْفًا فَادَّعَى إنْسَانٌ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِهَا، فَأَقَرَّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ أَلْفًا دَيْنًا، فَأَقَرَّ لَهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَبَقِيَّتُهَا لِلثَّانِي وَقِيلَ: كُلُّهَا لِلثَّانِي

ص: 201

وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا: احْتَمَلَ أَنَّ رُبْعَهَا لِلْأَوَّلِ وَبَقِيَّتَهَا لِلثَّانِي انْتَهَى قُلْت: عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: يُعَايَى بِهَا

قَوْلُهُ (وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ مِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ: لَزِمَ الْمُقِرَّ نِصْفُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَيَحْلِفُ الْغَرِيمُ مَعَ شَهَادَتِهِ وَيَأْخُذُ مِائَةً، وَتَكُونُ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ) تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي آخِرِ " كِتَابِ الْإِقْرَارِ " عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ عَلَى مَوْرُوثِهِمْ بِدَيْنٍ: لَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ مِنْ التَّرِكَةِ " قَوْلُهُ (وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَعَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَقَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ " أَبِي أَعْتَقَ هَذَا فِي مَرَضِهِ " فَقَالَ الْآخَرُ " بَلْ أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ " عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَصَارَ لِكُلِّ ابْنٍ سُدُسُ الَّذِي أَقَرَّ بِعِتْقِهِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا " أَبِي أَعْتَقَ هَذَا " وَقَالَ الْآخَرُ " أَبِي أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا، لَا أَدْرِي مَنْ مِنْهُمَا؟ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الَّذِي اعْتَرَفَ الِابْنُ بِعِتْقِهِ: عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثَاهُ إنْ لَمْ يُجِيزَا عِتْقَهُ كَامِلًا وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ: كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَوْ عَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ الثَّانِي سَوَاءٌ) قَالَ الشَّارِحُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ كَانَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ

ص: 202

وَقُوَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: تُعْطِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ " عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ " وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ صَحِيحَةٌ لَا أَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا لَكِنْ لَوْ رَجَعَ الِابْنُ الَّذِي جَهِلَ عَيْنَ الْمُعْتَقَ وَقَالَ " قَدْ عَرَفْته قَبْلَ الْقُرْعَةِ " فَهُوَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ جَهْلٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقُرْعَةِ، فَوَافَقَهَا تَعْيِينُهُ: لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ وَإِنْ خَالَفَهَا: عَتَقَ مِنْ الَّذِي عَيَّنَهُ ثُلُثُهُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الَّذِي عَيَّنَهُ أَخُوهُ: عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَإِنْ عَيَّنَ الْآخَرَ: عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ وَهَلْ يَبْطُلُ الْعِتْقُ فِي الَّذِي عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْوَجِيزِ

ص: 203