المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌شروط القصر: وشرط قصر الموصوف على الصفة أفرادًا عدم تنافي الصفتين1 - الإيضاح في علوم البلاغة - جـ ٣

[جلال الدين القزويني]

الفصل: ‌ ‌شروط القصر: وشرط قصر الموصوف على الصفة أفرادًا عدم تنافي الصفتين1

‌شروط القصر:

وشرط قصر الموصوف على الصفة أفرادًا عدم تنافي الصفتين1 حتى تكون منفية في قولنا "ما زيد إلا شاعر" كونه كاتبًا أو منجمًا أو نحو ذلك، لا كونه مفحمًا لا يقول الشعر، ليتصور اعتقاد المخاطب اجتماعهما.

1 ليصح اعتقاد المخاطب اجتماعهما في الموصوف حتى تكون الصفة المنفية في قولنا: "ما زيد إلا شاعر" كونه كاتبًا أو منجمًا لا كونه مفحمًا أي غير شاعر؛ لأن الإفحام وهو وجدان الرجل غير شاعر ينافي الشاعرية.

وخص هذا الشرط بقصر الموصوف على الصفة دون قصر الصفة على الموصوف؛ لأن الموصوفات لا تكون إلا متنافية، وقال يس، يشترك في قصر الصفة على الموصوف أفرادًا عدم تنافي الاتصافين فلا يصح قولك:"لا أبا لزيد إلا عمرو"؛ لأن لا يجتمع الموصوفان في وصف الأبوة فلا يتأتى نقص الأفراد.

ص: 18

وشرط قصره1 قلبًا تحقق تنافيهما2 حتى تكون المنفية3 في قولنا ما زيد إلا قائم كونه قاعدًا أو جالسا أو نحو ذلك، لا كونه أسود أو أبيض أو نحو ذلك، ليكون إثباتها4 مشعرًا بانتفاء غيرها5.

1 أي الموصوف على الصفة.

2 أي تنافي الوصفين، أما قصر الصفة على الموصوف قلبًا فلا يشترط فيه تحقق التنافي بل تارة يتحقق وتارة لا.

3 أي الصفة المنفية.

4 أي إثبات الصفة وهي القيام في قولك ما محمد إلا قائم.

5 هي ما قبلها من القعود والجلوس ونحو ذلك: وفي هذا التعليل نظر، حاصله أنه إذا أراد أن إثبات المتكلم هو المشعر بنفي غيرها فأداة القصر مشعرة بذلك من غير حاجة للتنافي وإن أراد أن إثبات المخاطب هو المشعر فلا يتوقف أيضًا على التنافي بل يفهمه المتكلم منه بقرينة أو عبارة. والحاصل أن شرط قصر القلب اعتقاد المخاطب العكس سواء تحقق التنافي أم لا.

هذا وقد أحسن صاحب المفتاح في إهمال هذا الاشتراط، فلم يتعرض له ولا للشرط المذكور في قصر الأفراد؛ لأن قولنا:"ما زيد إلا شاعر" لمن اعتقد أنه كاتب وليس بشاعر قصر قلب على ما صرح به في المفتاح مع عدم تنافي الشعر والكتابة في الواقع، وإن كان المخاطب يعتقد تنافيهما، ومثل هذا خارج عن أقسام القصر الإضافي على رأي المصنف.

الحق هو رأي السكاكي وإن كان بعض العلماء يوافق الخطيب في شرطه في قصر الأفراد، ويوافق السكاكي في عدم اشتراط شرط في قصر القلب، ومنهم الشيخ سليمان نوار في مذكرته في القصر.

أفلا يكون هذا الشرط الذي اشترطه الخطيب ليس شرطًا للصحة بل شرطًا للحسن ليوافق رأيه رأي السكاكي؟ بعيد جدًّا ذلك؛ لأنه لا دلالة للفظ عليه، مع أننا لا نسلم عدم حسن قولنا:"ما زيد إلا شاعر" لمن اعتقده كاتبًا غير شاعر.

وهل يصح أن نقول: أن المراد بالتنافي في كلام الخطيب هو التنافي في اعتقاد المخاطب سواء تنافيا في الواقع أم لا حتى يوافق أيضًا كلام الخطيب رأي السكاكي؟ بعيد أيضًا ذلك.

ص: 19

وقصر التعيين أعم 1؛ لأن اعتقاد كون الشيء موصوفًا بأحد أمرين معينين على الإطلاق لا يقتضي جواز اتصافه بهما معًا ولا امتناعه. وبهذا علم أن كل ما يصلح أن يكون مثلًا لقصر الأفراد أو القلب يصلح أن يكون مثالًا للتعيين من غير عكس.

وقد أهمل السكاكي القصر الحقيقي2 وأدخل قصر التعيين في

1 لأن التنافي بحسب اعتقاد المخاطب معلوم مما ذكره الخطيب من أن قصر القلب هو الذي يعتقد فيه المخاطب العكس، فيكون هذا الاشتراط ضائعًا ويرد مثل هذا أيضًا على قوله "وشرط قصر الموصوف على الصفة أفرادًا عدم التنافي".

2 ولأننا لو فسرنا التنافي بالتنافي في اعتقاد المخاطب لم يصح قول المصنف الآتي في الإيضاح أن "السكاكي لم يشترط في قصر القلب تنافي الوصفين".

1 أي من كل واحد منهما، والعموم باعتبار المحل، أي فقد يوجد فيه التنافي وقد لا يوجد، فلا يشترط فيه التنافي كما لا يشترط فيه عدمه، فكل مثال يصلح لقصر الأفراد والقلب يصلح لقصر التعيين من غير عكس.

2 لم يصرح السكاكي بتقسيمه القصر إلى حقيقي وإضافي، فتوهم الخطيب أنه أهمل ذكر الحقيقي وليس كذلك؛ لأنه قال:"كما في ص125 من المفتاح":

"حاصل معنى القصر راجع إلى تخصيص الموصوف بوصف دون ثان أو بوصف مكان آخر، أو إلى تخصيص الوصف بموصوف دون ثان أو بموصوف مكان آخر" وهذا التفسير شامل للحقيقي وغيره؛ لأن المراد بقوله: "ثان وآخر" ما يصدق عليه أنه ثان أو آخر أعم من أن يكون واحدًا أو أكثر إلى ما لا نهاية إذ لو أريد الواحد لخرج عنه كثير من أمثلة القصر الغير الحقيقي أيضًا. فهذا هو منشأ توهم اختصاص التفسير بغير الحقيقي.

ص: 20