الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا حَدِيثَانِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْوَى دَلِيلًا وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ أجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِبَاحَتُهُ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ دُونَ مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ عَنْ مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَهِيَ أَعْطَانُهَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ مَا يُخَافُ مِنْ نِفَارِهَا وَتَهْوِيشِهَا عَلَى الْمُصَلِّي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شك في الحدث)
(فله يصلي بطهارته تلك) فيه قَوْلُهُ (شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ في الصلاة قال لاينصرف حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا (قَوْلُهُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ يَعْنِي خُرُوجَ الْحَدَثِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا مَعْنَاهُ يَعْلَمُ وُجُودَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ وَالشَّمُّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أصُولِ الْإِسْلَامِ وَقَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى يُتَيَقَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ الطَّارِئُ عَلَيْهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَابِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ هَذَا الشَّكِّ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَحُصُولِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ إِنْ كَانَ شَكُّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُهُ إِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ بِكُلِّ حَالٍ وَحُكِيَتِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ مَحْكِيٌّ عَنْ بَعْضِ اصحابنا وليس بشيء قال اصحابنا ولافرق فِي الشَّكِّ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوِيَ الِاحْتِمَالَانِ فِي وُقُوعِ الْحَدَثِ وَعَدَمِهِ أَوْ يَتَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ احتياطا فلوتوضأ احْتِيَاطًا وَدَامَ شَكُّهُ فَذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فَهَلْ تُجْزِيهِ تِلْكَ الطَّهَارَةُ الْوَاقِعَةُ فِي حَالِ الشَّكِّ فِيهِ وجهان لاصحابنا اصحهما عندهم أنه لاتجزيه لِأَنَّهُ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي نِيَّتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا إِذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا حَدَثٌ وَطَهَارَةٌ وَلَا يَعْرِفُ السَّابِقُ مِنْهُمَا فإن كان لايعرف حَالَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ وَإِنْ عَرَفَ حَالَهُ فَفِيهِ أَوْجُهٌ لِأَصْحَابِنَا أَشْهَرُهُمَا عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَكُونُ بِضِدِّ مَا كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ كَانَ قَبْلهَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ وَالثَّالِثُ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَالرَّابِعُ يَكُونُ كَمَا كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْأَمْرَيْنِ الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِهَا هَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَبُطْلَانُهُ أَظْهَرُ مِنْ أنْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ لِأُنَبِّهَ عَلَى بُطْلَانِهِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ وَكَيْفَ يَحْكُمُ بِأَنَّهُ عَلَى حَالِهِ مَعَ تَيَقُّنِ بُطْلَانِهَا بِمَا وَقَعَ بَعْدَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ مَسَائِلِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ أَوْ طَهَارَةِ النَّجَسِ أَوْ نَجَاسَةِ الثَّوْبِ أَوِ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أنَّهُ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَوْ أرْبَعًا أَوْ أنَّهُ ركع وسجد أم لا أوأنه نَوَى الصَّوْمَ أَوِ الصَّلَاةَ أَوِ الْوُضُوءَ أَوِ الاعتكاف وهوفي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ فَكُلُّ هَذِهِ الشُّكُوكِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ هَذَا الْحَادِثِ وَقَدِ اسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ مَسَائِلَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الفقه لايتسع هَذَا الْكِتَابُ لِبَسْطِهَا فَإِنَّهَا مُنْتَشِرَةٌ وَعَلَيْهَا اعْتِرَاضَاتٌ وَلَهَا أَجْوِبَةٌ وَمِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلِهَذَا حَذَفْتُهَا هُنَا وَقَدْ أوْضَحْتُهَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ وَبَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ مِنَ الْمَجْمُوعِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَجَمَعْتُ فِيهَا مُتَفَرِّقَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَا تَمَسُّ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ سَعِيدٍ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ شُكِيَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إِلَيْهِ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ) ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ