الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِصْغَاءُ لَهُ وَالْإِنْصَاتُ السُّكُوتُ فَقَدْ يَسْتَمِعُ وَلَا يُنْصِتُ فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى فاستمعوا له وأنصتوا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ يُقَالُ أَنْصَتَ وَنَصَتَ وَانْتَصَتَ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهُنَّ أَنْصَتَ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ
(باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنِّ)
قَوْلُهُ سُوقُ عُكَاظٍ هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ وَالسُّوقُ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ لُغَتَانِ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِيَامِ النَّاسِ فِيهَا عَلَى سُوقِهِمْ قوله عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ مَا قَرَأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم وذكر بعده حديث بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمِ الْقُرْآنَ قَالَ الْعُلَمَاءُ هما قضيتان فحديث بن عَبَّاسٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَوَّلُ النُّبُوَّةِ حِينَ أتوا فسمعوا قراءة قل أوحى وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَلْ عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتِمَاعَهُمْ حَالَ اسْتِمَاعِهِمْ بِوَحْيٍ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ إِلَّا بَعْدَ ذلك واما حديث بن مَسْعُودٍ فَقَضِيَّةٌ أُخْرَى جَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ اللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِهِ وَكَانَ بَعْدَ اشْتِهَارِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتِ الشُّهُبُ عَلَيْهِمْ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا حَدَثَ بَعْدَ نُبُوَّةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا وَلِهَذَا أَنْكَرَتْهُ الشَّيَاطِينُ وَارْتَاعَتْ لَهُ وَضَرَبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا لِيَعْرِفُوا خَبَرَهُ وَلِهَذَا كَانَتِ الْكِهَانَةُ فَاشِيَةً فِي الْعَرَبِ حَتَّى قُطِعَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ صُعُودِ السَّمَاءِ وَاسْتِرَاقِ السَّمْعِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا وَأَنَّا
لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا وَقَدْ جَاءَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِاسْتِغْرَابِهِمْ رَمْيَهَا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَعْهَدُوهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَكَانَ رَمْيُهَا مِنْ دَلَائِلِ النبوة وقال جماعة من العلماء مازالت الشهب منذ كانت الدنيا وهو قول بن عَبَّاسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي أشعار العرب وروى فيه بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدِيثًا قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ فقد قال الله تعالى فمن يستمع الآن يجدله شهابا رصدا فَقَالَ كَانَتِ الشُّهُبُ قَلِيلَةً فَغَلُظَ أَمْرُهَا وَكَثُرَتْ حِينَ بُعِثَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ نَحْوَ هَذَا وَذَكَرُوا أَنَّ الرَّمْيَ بِهَا وَحِرَاسَةَ السَّمَاءِ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَمَعْلُومَةً وَلَكِنْ إِنَّمَا كَانَتْ تَقَعُ عِنْدَ حُدُوثِ أَمْرٍ عَظِيمٍ مِنْ عَذَابٍ يَنْزِلُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَوْ إِرْسَالِ رَسُولٍ إِلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا وَقِيلَ كَانَتِ الشُّهُبُ قَبْلُ مَرْئِيَّةً وَمَعْلُومَةً لَكِنْ رجم الشياطين واحراقهم لم يكن الابعد نُبُوَّةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَاخْتَلَفُوا فِي إِعْرَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى رُجُومًا وَفِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ هُوَ مَصْدَرٌ فَتَكُونُ الْكَوَاكِبُ هِيَ الرَّاجِمَةُ الْمُحْرِقَةُ بِشُهُبِهَا لَا بِأَنْفُسِهَا وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ فَتَكُونُ هِيَ بِأَنْفُسِهَا الَّتِي يُرْجَمُ بِهَا وَيَكُونُ رُجُومُ جَمْعَ رَجْمٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا مَعْنَاهُ سِيرُوا فِيهَا كُلِّهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَاتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ
تعالى يمقت على ذلك قوله فمر النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ وَهُوَ بِنَخْلٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بِنَخْلٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَصَوَابُهُ بِنَخْلَةٍ بِالْهَاءِ وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ هُنَاكَ كَذَا جَاءَ صَوَابُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ نَخْلٌ وَنَخْلَةٌ وَأَمَّا تِهَامَةُ فَبِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ وَمَكَّةَ مِنْ تهامة قال بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ سُمِّيَتْ تِهَامَةُ مِنَ التَّهَمِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْهَاءِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَرُكُودُ الرِّيحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَغَيُّرِ هَوَائِهَا يُقَالُ تَهِمَ الدُّهْنُ إِذَا تَغَيَّرَ وَذَكَرَ الْحَازِمِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ فِي أَرْضِ تِهَامَةَ تَهَائِمُ قَوْلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ قَالُوا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ السَّمَاءِ فِيهِ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ فِي السَّفَرِ وَأَنَّهَا كَانَتْ مَشْرُوعَةً مِنَ أَوَّلِ النُّبُوَّةِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ آمَنُوا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَلَا بُدَّ لِمَنْ آمَنَ عِنْدَ سَمَاعِهِ أَنْ يَعْلَمَ حَقِيقَةَ الْإِعْجَازِ وَشُرُوطَ الْمُعْجِزَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَقَعُ لَهُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الرَّسُولِ فَيَكُونُ الْجِنُّ عَلِمُوا ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَهُمْ عَلَى أَنَّهُ هُوَ النَّبِيُّ الصَّادِقُ الْمُبَشَّرُ بِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الْمَعَاصِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ من الجنة والناس أجمعين وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ وَمُطِيعُهُمْ هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُنَعَّمُ بِهَا ثَوَابًا وَمُجَازَاةً لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ أَمْ لَا يَدْخُلُونَ بَلْ يَكُونُ ثَوَابُهُمْ أَنْ يَنْجُوا مِنَ النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ كُونُوا ترابا كالبهائم وهذا مذهب بن أَبِي سُلَيْمٍ وَجَمَاعَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا وَيُنَعَّمُونَ فِيهَا بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ البصري والضحاك ومالك بن أنس وبن أبي ليلى وغيرهم وقوله (سألت بن مَسْعُودٍ هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ لَا) هَذَا صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ الْمَذْكُورِ فيه الوضوء بالنبيذ وحضور بن مَسْعُودٍ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ وَحَدِيثُ النَّبِيذِ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَمَدَارُهُ عَلَى زَيْدٍ
مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَوْلُهُ (اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ) مَعْنَى اسْتُطِيرَ طَارَتْ بِهِ الْجِنُّ وَمَعْنَى اغْتِيلَ قُتِلَ سِرًّا وَالْغِيلَةُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ هِيَ الْقَتْلُ فِي خُفْيَةٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ انتهى حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ قَوْلِهِ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ كَذَا رَوَاهُ أصحاب داود الراوي عن الشعبي وبن علية وبن زريع وبن أبي زائدة وبن إِدْرِيسَ وَغَيْرِهِمْ هَكَذَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِنَّهُ مِنْ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ مرويا عن بن مَسْعُودٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَالشَّعْبِيُّ لَا يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (لَكُمْ كُلَّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهُ عَلَيْهِ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا لِمُؤْمِنِيهِمْ وَأَمَّا غَيْرِهِمْ فَجَاءَ في حديث آخر أن طعامهم مالم يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ