الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَلَغَهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُنَّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاحْتِيَاطِ لَا لِلْإِيجَابِ والله تعالى أعلم
(باب استحباب استعمال المغتسله من الحيض فرصة من مسك)
(
في موضع الدم)
قَدْ قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ صِفَةَ غُسْلِ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ سَوَاءٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْبَابِ بَيَانُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ أن تأخذ شيأ مِنْ مِسْكٍ فَتَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلَهَا فِي فَرْجِهَا بَعْدَ اغْتِسَالِهَا وَيُسْتَحَبُّ هَذَا لِلنُّفَسَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْحَائِضِ وَذَكَرَ الْمَحَامِلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابهِ الْمُقْنِعُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَنْ تُطَيِّبَ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَصَابَهَا الدَّمُ مِنْ بَدَنِهَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ تَعْمِيمِ مَوَاضِعِ الدَّمِ مِنَ الْبَدَنِ غَرِيبٌ لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِاسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ تَطْيِيبُ الْمَحَلِّ وَدَفْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَحَكَى أَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُهُ أَسْرَعَ إِلَى عُلُوقِ الْوَلَدِ قَالَ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَفَقَدَتِ الْمِسْكَ اسْتَعْمَلَتْ مَا يَخْلُفُهُ فِي طِيبِ الرَّائِحَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي اسْتَعْمَلَتْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقُسْطِ وَالْأَظْفَارِ وَشِبْهِهِمَا قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ اسْتِعْمَالِهِ فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ قَالَ تَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي قَالَ قَبْلَهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَيَكْفِي فِي إِبْطَالِهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَّهَّرُ بِهَا وَهَذَا نَصٌّ فِي اسْتِعْمَالِ الْفِرْصَةَ بَعْدَ الْغُسْلِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ ان المراد الاسراع في العلوق فضعيف أوباطل فانه
عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَصُّ بِهِ ذَاتُ الزَّوْجِ الْحَاضِرِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ جِمَاعُهُ فِي الْحَالِ وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَصِرْ إِلَيْهِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ وَإِطْلَاقُ الْأَحَادِيثِ يَرُدُّ عَلَى مَنِ الْتَزَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ تَطَيُّبُ الْمَحَلِّ وَإِزَالَةُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مُغْتَسِلَةٍ من الحيض اوالنفاس سَوَاءٌ ذَاتَ الزَّوْجِ وَغَيْرَهَا وَتَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مِسْكًا فَتَسْتَعْمِلُ أَيَّ طِيبٍ وَجَدَتْ فَإِنْ لِمْ تَجِدْ طِيبًا اسْتُحِبَّ لَهَا اسْتِعْمَالُ طِينٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُزِيلُ الْكَرَاهَةَ نَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَالْمَاءُ كَافٍ لَهَا لَكِنْ إِنْ تَرَكَتِ التَّطَيُّبَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ كُرِهَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْفِرْصَةُ فَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ واسكان الراء وبالصاد المهمله وهي القطعة والمسك بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي رَوَاهُ وَقَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ أَهْلِ الْعُلُومِ وَقِيلَ مَسْكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْجِلْدُ أَيْ قِطْعَةُ جِلْدٍ فِيهِ شَعْرٌ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ فَتْحَ الميم هي رواية الاكثرين وقال أبوعبيد وبن قُتَيْبَةَ إِنَّمَا هُوَ قُرْضَةٌ مِنْ مَسْكٍ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمَسْكٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدٍ وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ فِرْصَةٌ مُمَسَّكَةٌ وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ قُطْنٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خِرْقَةٍ مُطَيَّبَةٍ بِالْمِسْكِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَطَّهَّرِي بِهَا وسبحان اللَّهِ) قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمْثَالِهِ يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ وَكَذَا لااله إِلَّا اللَّهُ وَمَعْنَى التَّعَجُّبِ هُنَا كَيْفَ يَخْفَى مثل هذا الظاهر الذي لايحتاج الْإِنْسَانُ فِي فَهْمِهِ إِلَى فِكْرٍ وَفِي هَذَا جَوَازُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَاسْتِعْظَامِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ عِنْدَ التَّثَبُّتِ عَلَى الشَّيْءِ وَالتَّذَكُّرِ بِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِعْمَالِ الْكِنَايَاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَوْرَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَرَّاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(تَتَبَّعِي بِهَا آثَارَ الدَّمِ) قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَعْنِي بِهِ الْفَرْجَ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ الْمَحَامِلِيِّ أَنَّهُ قَالَ تُطَيِّبُ كُلَّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ الدَّمُ مِنْ بَدَنِهَا وَفِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لَهُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ) هُوَ حَبَّانُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَوْلُهُ (غُسْلُ الْمَحِيضِ) هُوَ الْحَيْضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ) قَالَ الْقَاضِي عياض رحمه الله تعالى التطهر الاول تطهر مِنَ النَّجَاسَةِ وَمَا مَسَّهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضِ هكذا قال القاضي وَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّطَهُّرِ الْأَوَّلِ الْوُضُوءُ كَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُسْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ بَيَانَ مَعْنَى تَحْسِينِ الطُّهْرِ وَهُوَ اتمامه بهيأته فَهَذَا الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (حتى تبلغ شؤن رَأْسِهَا) هُوَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ ومعناه أصول شعر رأسها وأصول الشؤن الْخُطُوطُ الَّتِي فِي عَظْمِ الْجُمْجُمَةِ وَهُوَ مُجْتَمَعُ شُعَبِ عِظَامِهَا الْوَاحِدُ مِنْهَا شَأْنٌ قَوْلُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتْبَعِينَ أَثَرَ الدَّمِ مَعْنَاهُ قَالَتْ لَهَا كَلَامًا خَفِيًّا