المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب القراءة في الظهر والعصر) - شرح النووي على مسلم - جـ ٤

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب القدر المستحب من الماء في غسل الْجَنَابَةِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ افاضة الماء على الرأس وغيره ثلاثا)

- ‌(باب حكم ضفائر المغتسله)

- ‌(باب استحباب استعمال المغتسله من الحيض فرصة من مسك)

- ‌في موضع الدم)

- ‌(باب الْمُسْتَحَاضَةِ وَغُسْلِهَا وَصَلَاتِهَا)

- ‌(إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي

- ‌(باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة)

- ‌(باب تستر المغتسل بثوب ونحوه)

- ‌(باب تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَاتِ)

- ‌(باب جَوَازِ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ)

- ‌(باب الِاعْتِنَاءِ بِحِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(باب التستر عند البول قَوْلُهُ)

- ‌(باب بيان أن الجماع كان في أول الاسلام لا يوجب

- ‌(باب الوضوء مما مست النار)

- ‌(باب الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شك في الحدث)

- ‌(بَابُ طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ)

- ‌فصل)

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ المسلم في هذا الحال

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها)

- ‌(باب جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْدِثِ الطَّعَامَ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ)

- ‌(باب ما يقال اذا أراد دخول الخلاء)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ نَوْمَ الْجَالِسِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ)

- ‌كتاب الصلاة)

- ‌(باب بدء الاذان)

- ‌(باب الأمر بشقع الأذن وايتار الاقامة الا كلمة

- ‌(باب صفة الاذان)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ للمسجد الواحد)

- ‌(باب جَوَازِ أَذَانِ الْأَعْمَى إِذَا كَانَ مَعَهُ بَصِيرٌ)

- ‌(باب الْإِمْسَاكِ عَنْ الْإِغَارَةِ عَلَى قَوْمٍ فِي دَارِ الْكُفْرِ إِذَا

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الْقَوْلِ مِثْلِ قَوْلِ المؤذن لمن سمعه)

- ‌(بَابُ فضل الاذان وهروب الشَّيْطَانِ عِنْدَ سَمَاعِهِ)

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمِنْكَبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرِةِ

- ‌(بَابُ إِثْبَاتِ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ ركعة وانه اذا لم يحسن)

- ‌(وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ

- ‌(باب نَهْيِ المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه)

- ‌(بَابُ حُجَّةِ مَنْ قال لا يجهر بالبسملة)

- ‌(باب حُجَّةِ مَنْ قَالَ الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى

- ‌(باب وضع يده الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ

- ‌(باب التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ)

- ‌(باب التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّأْمِينِ)

- ‌(باب ائتمام المأموم بالإمام)

- ‌(بَابُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إِذَا عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ وَسَفَرٍ

- ‌(باب تَقْدِيمِ الْجَمَاعَةِ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ إِذَا تَأَخَّرَ الْإِمَامُ)

- ‌(بَابُ تَسْبِيحِ الرَّجُلِ وَتَصْفِيقِ الْمَرْأَةِ إِذَا نَابَهُمَا شَيْءٌ فِي

- ‌(باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها)

- ‌(باب تَحْرِيمِ سَبْقِ الْإِمَامِ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَنَحْوَهُمَا)

- ‌(باب النهي عن رفع البصر إلى السماء فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة

- ‌(باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها)

- ‌(باب أَمْرِ النِّسَاءِ الْمُصَلِّيَاتِ وَرَاءَ الرِّجَالِ)

- ‌(باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب التَّوَسُّطِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ)

- ‌(بَابُ الاستماع للقراءة)

- ‌(باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنِّ)

- ‌(باب الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ)

- ‌(باب الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ)

- ‌(باب أَمْرِ الْأَئِمَّةِ بِتَخْفِيفِ الصَّلَاةِ فِي تَمَامٍ)

- ‌(باب اعْتِدَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَتَخْفِيفِهَا فِي تَمَامٍ)

- ‌(باب متابعة الإمام والعمل بعده)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من اركوع)

- ‌(باب النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(باب ما يقال في الركوع والسجود)

- ‌(باب فَضْلِ السُّجُودِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ)

- ‌(باب أَعْضَاءِ السُّجُودِ وَالنَّهْيِ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ)

- ‌(باب الِاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ وَوَضْعِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْأَرْضِ)

- ‌(باب مَا يَجْمَعُ صِفَةَ الصَّلَاةِ وَمَا يُفْتَتَحُ به ويختم به)

- ‌(باب سترة المصلى والندب إلى الصلاة إلى سترة والنهي

- ‌(باب الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَصِفَةِ لِبْسِهِ)

الفصل: ‌(باب القراءة في الظهر والعصر)

عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) فِيهِ الْحِرْصُ عَلَى مُصَاحَبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ فِي أَسْفَارِهِمْ وَمُهِمَّاتِهِمْ وَمَشَاهِدِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ مُطْلَقًا وَالتَّأَسُّفُ عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ قَوْلُهُ (آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ فِيمَا يَشَاءُ مِنَ الْجَمَادِ تَمْيِيزًا وَنَظِيرُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وقوله تعالى وان من شئ الايسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَحَدِيثُ الشَّجَرَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَتَتَاهُ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَحَدِيثُ حَنِينِ الْجِذْعِ وَتَسْبِيحِ الطَّعَامِ وَفِرَارِ حَجَرِ مُوسَى بِثَوْبِهِ وَرُجْعَانُ حِرَاءَ وَأُحُدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(باب الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ)

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ

ص: 171

الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحياناويقرأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه (كَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةٍ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً أَوْ قَالَ نِصْفُ ذَلِكَ وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي

ص: 172

كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ) وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ (أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ) وَفِي حديث أبي سَعِيدٍ الْآخَرِ قَالَ (لَقَدْ كَانَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ تُقَامُ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَأْتِي وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَةِ

ص: 173

الْأُولَى مِمَّا يُطَوِّلهَا) وَفِي أَحَادِيثَ أُخَرَ فِي غَيْرِ الْبَابِ وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَخَفَّ النَّاسِ صَلَاةً فِي تَمَامٍ وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مَخَافَةَ أَنْ تَفْتَتِنَ أُمُّهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانَتْ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَخْتَلِفُ فِي الْإِطَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ يُؤْثِرُونَ التَّطْوِيلَ وَلَا شُغْلَ هُنَاكَ لَهُ وَلَا لَهُمْ طُولُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ خَفَّفَ وَقَدْ يُرِيدُ الْإِطَالَةَ ثُمَّ يَعْرِضُ مَا يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ كَبُكَاءِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ وَيَنْضَمُّ إِلَى هَذَا أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَيُخَفِّفُ وَقِيلَ إِنَّمَا طَوَّلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ الْأَقَلُّ وَخَفَّفَ فِي مُعْظَمِهَا فَالْإِطَالَةُ لِبَيَانِ جَوَازِهَا وَالتَّخْفِيفِ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَقَدْ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِالتَّخْفِيفِ وَقَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ السَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ وَقِيلَ طَوَّلَ فِي وَقْتٍ وَخَفَّفَ فِي وَقْتٍ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَا تَقْدِيرَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الِاشْتِرَاطِ بَلْ يَجُوزُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَإِنَّمَا الْمُشْتَرَطُ الْفَاتِحَةُ وَلِهَذَا اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِيمَا زَادَ وَعَلَى الْجُمْلَةِ السُّنَّةُ التَّخْفِيفُ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعِلَّةِ الَّتِي بَيَّنَهَا وَإِنَّمَا طَوَّلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِتَحَقُّقِهِ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَحَدٌ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ طَوَّلَ قَوْلُهُ وَكَانَ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ بِكَمَالِهَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهَا من طويلة لان المستحب للقارئ ان يبتدىء مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ الْمُرْتَبِطِ وَيَقِفُ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْمُرْتَبِطِ وَقَدْ يَخْفَى الِارْتِبَاطُ عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ أَوْ كَثِيرٍ فَنُدِبَ مِنْهُمْ إِلَى إِكْمَالِ السُّورَةِ لِيُحْتَرَزَ عَنِ الْوُقُوفِ دُونَ الِارْتِبَاطِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِي السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَلَعَلَّ سَبَبُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنِ اخْتِلَافِ إِطَالَةِ الصَّلَاةِ وَتَخْفِيفِهَا بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثَّالِثَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَقِيلَ بِالِاسْتِحْبَابِ وَبِعَدَمِهِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْأُخْرَيَيْنِ أَتَى بِالسُّورَةِ فِي الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَيْهِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْ سُورَةٍ وَأَمَّا اخْتِلَافُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ فَهُوَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالُوا فَالسُّنَّةُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَتَكُونُ الصُّبْحُ أَطْوَلَ وَفِي الْعِشَاءِ وَالْعَصْرِ بِأَوْسَاطِهِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِهِ قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِطَالَةِ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ أَنَّهُمَا فِي وَقْتِ غَفْلَةٍ بِالنَّوْمِ آخِرَ اللَّيْلِ وَفِي الْقَائِلَةِ فَيُطَوِّلهُمَا لِيُدْرِكَهُمَا الْمُتَأَخِّرُ بِغَفْلَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْعَصْرُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ تَفْعَلُ فِي وَقْتِ تَعَبِ أَهْلِ الْأَعْمَالِ فَخُفِّفَتْ عَنْ ذَلِكِ وَالْمَغْرِبُ ضيقة الوقت

ص: 174

فَاحْتِيجَ إِلَى زِيَادَةِ تَخْفِيفِهَا لِذَلِكَ وَلِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى عَشَاءِ صَائِمِهِمْ وَضَيْفِهِمْ وَالْعِشَاءُ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ النَّوْمِ وَالنُّعَاسِ وَلَكِنَّ وَقْتَهَا وَاسِعٌ فَأَشْبَهَتِ الْعَصْرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَيَقْصُرُ الثَّانِيَةَ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَشْهَرُهُمَا عِنْدَهُمْ لَا يُطَوِّلُ وَالْحَدِيثُ مُتَأَوَّلٌ عَلَى أَنَّهُ طَوَّلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَوْ لِسَمَاعِ دُخُولِ داخل في الصلاة ونحوه لافي الْقِرَاءَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي الأولى قصدا وهذا هو الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ السُّنَّةِ وَمَنْ قَالَ بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا أَخَفُّ مِنْهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَطْوِيلِ الثَّالِثَةِ عَلَى الرَّابِعَةِ إِذَا قُلْنَا بِتَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ وَلَمْ يُوجِبْ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْقِرَاءَةَ بَلْ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالسُّكُوتِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلسُّنَنِ الصَّحِيحَةِ وَقَوْلُهُ (وَكَانَ يُسْمِعُنَا الْآيَةَ) أَحْيَانًا هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ جَوَازِ الْجَهْرِ فِي الْقِرَاءَةِ السِّرِّيَّةِ وَأَنَّ الْإِسْرَارَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْجَهْرَ بِالْآيَةِ كَانَ يَحْصُلُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي التَّدَبُّرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أَمَّا منصور فهو بن الْمُعْتَمِرِ وَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَلَيْسَ هُوَ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الْأُمَوِيَّ مَوْلَاهُمُ الْإِمَامَ الْجَلِيلَ الْمَشْهُورَ الْمُتَأَخِّرَ صَاحِبَ الْأَوْزَاعِيِّ بَلْ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو بِشْرٍ التَّابِعِيُّ وَأَنَّ اسْمَ أَبِي الصِّدِّيقِ بكر بن عمرو وقيل بن قَيْسٍ النَّاجِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى نَاجِيَةَ قَبِيلَةٍ قَوْلُهُ (كُنَّا نَحْزُرُ قِيَامَهُ) هُوَ بِضَمِّ الزَّايِ وَكَسْرِهَا لغتان قوله (والآوليين والآخريين) هو بيائين مُثَنَّاتَيْنِ تَحْتُ قَوْلُهُ (فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ قَدْرَ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) يَجُوزُ جَرُّ السَّجْدَةِ عَلَى الْبَدَلِ وَنَصْبُهَا بِأَعْنِي وَرَفْعُهَا خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَوْلُهُ (عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ) كَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَهُوَ مَعْنَى رِوَايَةِ مِنْ قَوْلُهُ (إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةَ شَكَوْا سَعْدًا) هُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَالْكُوفَةُ هِيَ الْبَلْدَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَدَارُ الْفَضْلِ وَمَحِلُّ الْفُضَلَاءِ بَنَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَعْنِي أَمَرَ نُوَّابَهُ بِبِنَائِهَا هِيَ وَالْبَصْرَةِ قِيلَ سُمِّيَتْ كُوفَةَ لِاسْتِدَارَتِهَا تَقُولُ الْعَرَبُ رَأَيْتُ كُوفًا وَكُوفَانًا لِلرَّمْلِ الْمُسْتَدِيرِ وَقِيلَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا تَقُولُ الْعَرَبُ تَكَوَّفَ الرَّمْلُ إِذَا اسْتَدَارَ وَرَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَقِيلَ لِأَنَّ تُرَابَهَا خَالَطَهُ

ص: 175

حَصًى وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ سُمِّيَ كُوفَةَ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُقَالُ لِلْكُوفَةِ أَيْضًا كُوفَانُ بِضَمِّ الْكَافِ قَوْلُهُ (فَذَكَرُوا مِنْ صَلَاتِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ (فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا شُكِيَ إِلَيْهِ نَائِبُهُ بَعَثَ إِلَيْهِ وَاسْتَفْسَرَهُ عَنْ ذَلِكِ وَأَنَّهُ إِذَا خَافَ مَفْسَدَةً بِاسْتِمْرَارِهِ فِي وِلَايَتِهِ وَوُقُوعَ فِتْنَةٍ عَزْلَهُ فَلِهَذَا عَزَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَلَلٌ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يَقْدَحُ فِي وِلَايَتِهِ وَأَهْلِيَّتِهِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُمَرَ وَالشُّورَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ إِنْ أَصَابَتِ الْإِمَارَةُ سَعْدًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِرَ فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ مِنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ قَوْلُهُ (لَا أَخْرِمُ عَنْهَا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ لَا أَنْقُصُ قَوْلُهُ (إِنِّي لَأَرْكُدُ بِهِمْ فِي الْأُولَيَيْنِ) يَعْنِي أُطَوِّلُهُمَا وَأُدِيمُهُمَا وَأُمِدُّهُمَا كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ قَوْلِهِمْ رَكَدَتِ السُّفُنُ وَالرِّيحُ وَالْمَاءُ إِذَا سَكَنَ وَمَكَثَ وَقَوْلُهُ وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ يَعْنِي أُقْصِّرُهُمَا عَنِ الْأُولَيَيْنِ لَا أَنَّهُ يُخِلُّهُ بِالْقِرَاءَةِ وَيَحْذِفُهَا كُلَّهَا قَوْلُهُ (ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَبَا إِسْحَاقَ) فِيهِ مَدْحُ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فِتْنَةً بِإِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ بِالْأَمْرَيْنِ وَجَمَعَ الْعُلَمَاءُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْتُهُ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُمَا فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ وَفِيهِ خِطَابُ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ بِكُنْيَتِهِ دون اسمه قوله (وما آلوا مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آلُو بِالْمَدِّ فِي أَوَّلِهِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ لَا أُقْصِرُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا أَيْ لَا يُقَصِّرُونَ فِي إِفْسَادِكُمْ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الوليد) يعنى بن مُسْلِمٍ هُوَ صَاحِبُ الْأَوْزَاعِيِّ قَوْلُهُ (عَنْ قَزَعَةَ) هُوَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَإِسْكَانِهَا قَوْلُهُ (وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَهُ نَاسٌ كَثِيرُونَ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ (أَسْأَلُكَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مالك فِي ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ) مَعْنَاهُ إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ الْإِتْيَانَ بِمِثْلِهَا لِطُولِهَا وَكَمَالِ خُشُوعِهَا وَإِنْ تَكَلَّفْتَ ذَلِكَ شُقَّ عَلَيْكَ وَلَمْ تُحَصِّلْهُ فَتَكُونُ قَدْ عَلِمْتَ السُّنَّةَ وَتَرَكْتَهَا

ص: 176