الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَيْ نَجْمَعُ النَّاسَ فِي حَيَاتِهِمْ وَمَوْتِهِمْ وَهُوَ بمعنى الكف في الرواية الأخرى كلاهما بِمَعْنًى وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ وَثَوْبُهُ مُشَمَّرٌ أَوْ كُمُّهُ أَوْ نَحْوُهُ أَوْ رَأْسُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ شَعْرُهُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَكُلُّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ فَلَوْ صَلَّى كَذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ بِإِجْمَاعِ العلماء وحكى بن الْمُنْذِرِ الْإِعَادَةَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ثُمَّ مذهب الجمهور أن النهي مطلقا لِمَنْ صَلَّى كَذَلِكَ سَوَاءٌ تَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ قَبْلَهَا كَذَلِكَ لَا لَهَا بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ يَخْتَصُّ النَّهْيُ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِلصَّلَاةِ وَالْمُخْتَارُ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فعل بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ هُنَا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَهُ وَلِهَذَا مَثَّلَهُ بِالَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ قَوْلُهُ (عَنِ بن عباس أنه رأى بن الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحِلُّهُ) فِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَنَّ ذلك لا يؤخر إذا لم يؤخره بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْمَكْرُوهَ يُنْكَرُ كَمَا يُنْكَرُ الْمُحَرَّمُ وَأَنَّ مَنْ رَأَى مُنْكَرًا وَأَمْكَنَهُ تَغْيِيرُهُ بِيَدِهِ غَيَّرَهُ بِهَا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب الِاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ وَوَضْعِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْأَرْضِ)
وَرَفْعِ المرفقين عن الجنبين ورفع البطن عن الفخذين في السجود مَقْصُودُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلسَّاجِدِ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ مِرْفَقَيْهِ عَنِ الْأَرْضِ وَعَنْ جَنْبَيْهِ رَفْعًا بَلِيغًا بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَاطِنُ إِبْطَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَسْتُورًا وَهَذَا أَدَبٌ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ مُسِيئًا مُرْتَكِبًا وَالنَّهْي لِلتَّنْزِيهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَبْعَدُ مِنْ هَيْئَاتِ الْكَسَالَى فَإِنَّ الْمُتَبَسِّطَ كَشَبَهِ الْكَلْبِ وَيُشْعِرُ حَالُهُ بِالتَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ وَقِلَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ فَفِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَا يَتَبَسَّطْ بِزِيَادَةِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ هَذَانِ اللَّفْظَانِ صَحِيحَانِ وَتَقْدِيرُهُ وَلَا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ فَيَنْبَسِطَ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ وَكَذَا اللَّفْظُ الْآخَرُ وَلَا يَتَبَسَّطْ ذِرَاعَيْهِ فَيَنْبَسِطَ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ اللَّهِ تعالى والله أنبتكم من الأرض نباتا وَقَوْلُهُ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ شَاهِدَانِ وَمَعْنَى يَتَبَسَّطْ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ يَتَّخِذُهُمَا بِسَاطًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنِ إِيَادٍ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وبالياء المثناة من تحت قوله (عن عبد الله بن مالك بن بُحَيْنَةَ) الصَّوَابُ فِيهِ أَنْ يُنَوِّنَ مَالِكٍ وَيَكْتُبَ بن بالألف لأن بن بُحَيْنَةَ لَيْسَ صِفَةً لِمَالِكٍ بَلْ صِفَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ اسْمُ أَبِيهِ مَالِكٍ وَاسْمُ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بُحَيْنَةُ فَبُحَيْنَةُ امْرَأَةُ مَالِكٍ وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَوْلُهُ (فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ) يَعْنِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَنْبَيْهِ قوله
(يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ مَعْنَى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى خَوَّى بِيَدَيْهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَفَرَّجَ وَجَنَّحَ وَخَوَّى بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ بَاعَدَ مِرْفَقَيْهِ وَعَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ قَوْلُهُ (يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى نَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ) هُوَ بِالنُّونِ فِي نَرَى وَرُوِيَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ الْمَضْمُومَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَيُؤَيِّدُ الْيَاءَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ مَيْمُونَةَ إِذَا سَجَدَ خَوَّى بِيَدَيْهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ ضَبَطْنَاهُ وَضَبَطُوهُ هُنَا بِضَمِّ الْيَاءِ وَيُؤَيِّدُ النُّونَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ قَوْلُهُ (لَوْ شَاءَتْ بُهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ) قَالَ أبو عبيد وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ الْبُهْمَةُ وَاحِدَةُ الْبُهْمِ وَهِيَ أَوْلَادُ الْغَنَمِ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَجَمْعُ الْبُهْمِ بِهَامٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْبُهْمَةُ مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ خَاصَّةً وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ وَالسِّخَالُ أَوْلَادُ الْمِعْزَى قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا بن عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ) هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِتَصْغِيرِ
الْأَوَّلِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا عَبْدُ اللَّهِ مُكَبَّرًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِي أَكْثَرِهَا بِالتَّكْبِيرِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالتَّصْغِيرِ فِي الثَّانِيَةِ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ فَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ أَخَوَانِ وَهُمَا ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بِالتَّكْبِيرِ أَكْبَرُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكِلَاهُمَا رَوَيَا عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَالَّذِي ذَكَرَهُ خَلَفُ الْوَاسِطِيُّ فِي كِتَابِهِ أَطْرَافِ الصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أبو داود وبن ماجة في سننيهما من رواية بن عُيَيْنَةَ بِالتَّكْبِيرِ وَلَمْ يَذْكُرُوا رِوَايَةَ الْفَزَارِيِّ وَوَقَعَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ اخْتِلَافٌ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ النَّسَائِيِّ بَعْضُهُمْ رَوَاهُ بِالتَّكْبِيرِ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّصْغِيرِ وَرَوَاهُ البيهقي في السنن الكبير من رواية بن عُيَيْنَةَ بِالتَّصْغِيرِ وَمِنْ رِوَايَةِ الْفَزَارِيِّ بِالتَّكْبِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ) هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ أَيْ بَيَاضُهُمَا قَوْلُهُ (وَإِذَا قَعَدَ اطْمَأَنَّ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى) يَعْنِي إِذَا قَعَدَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْقُعُودُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَالسُّنَّةُ فِيهِ التَّوَرُّكُ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ (جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ) بِضَمِّ الباء الموحدة والله أعلم