الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي
وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَكْرَارُ الْغُسْلِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وَمَنْ قَبْلَهُ ضَعْفَهَا وَإِنَّمَا صَحَّ فِي هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ رضي الله عنها اسْتُحِيضَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّي وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ وَلَا شَكَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ غُسْلَهَا كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَا أُمِرَتْ بِهِ وَذَلِكَ وَاسِعٌ لَهَا هَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ بِلَفْظِهِ وَكَذَا قَالَ شَيْخُهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا وَعِبَارَاتُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ تَرَى دَمًا لَيْسَ بِحَيْضٍ وَلَا يُخْلَطُ بِالْحَيْضِ كَمَا إِذَا رَأَتْ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ تَرَى دَمًا بَعْضُهُ حَيْضٌ وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ بأن كانت ترى دما متصلا دائما أومجاوزا لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ وَهَذِهِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ مُبْتَدِأَةً وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَرَ الدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا تُرَدُّ إِلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالثَّانِي إِلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَالْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فَتُرَدُّ إِلَى قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ اسْتِحَاضَتِهَا وَالثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ مُمَيِّزَةً تَرَى بَعْضَ الْأَيَّامِ دَمًا قَوِيًّا وَبَعْضَهَا دَمًا ضَعِيفًا كَالدَّمِ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ فَيَكُونُ حَيْضُهَا أيام ألاسود بشرط أن لاينقص الْأَسْوَدُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَزِيدَ عَلَى خمسة عشر يوما ولاينقص الْأَحْمَرُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِهَذَا كُلِّهِ تَفَاصِيلٌ معروفة لانرى الْإِطْنَابَ فِيهَا هُنَا لِكَوْنِ هَذَا الْكِتَابِ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِهَذَا فَهَذِهِ أَحْرُفٌ مِنْ أُصُولِ مَسَائِلِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَقَدْ بَسَطْتُهَا بِشَوَاهِدِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْفُرُوعِ الْكَثِيرَةِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثم)
شِينٍ مُعْجَمَةٍ وَاسْمُ أَبِي حُبَيْشٍ قَيْسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي واما قوله في الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى (فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ) فَكَذَا وَقَعَ فِي الاصول بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بِحَذْفِ لَفْظَةِ عَبْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (امْرَأَةٌ مِنَّا) فَمَعْنَاهُ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَالْقَائِلُ هُوَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَوْ أَبُوهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا فِيهِ ان المستحاضة تصلى أبدا الافي الزَّمَنِ الْمَحْكُومِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ مَسْأَلَةٌ وَجَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا وَمُشَافَهَتِهَا الرِّجَالَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَأَحْدَاثِ النِّسَاءِ وَجَوَازُ اسْتِمَاعِ صَوْتِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ أَمَّا عِرْقٌ فَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْعِرْقَ يُقَالُ لَهُ الْعَاذِلُ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَأَمَّا الْحَيْضَةُ فَيَجُوزُ فِيهَا الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا مَرَّاتٍ أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ الْخَطَّابِيِّ كَسْرُ الْحَاءِ أَيِ الْحَالَةَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَتْحُ الْحَاءِ أَيِ الْحَيْضَ وَهَذَا الْوَجْهُ قَدْ نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلِّهِمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُتَعَيِّنٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنَ الْمُتَعَيِّنِ فَإِنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ إِثْبَاتَ الِاسْتِحَاضَةِ وَنَفْيَ الْحَيْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ انْقَطَعَ وَانْفَجَرَ فهي زيادة لاتعرف فِي الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنًى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ يَجُوزُ فِي الْحَيْضَةِ هُنَا الْوَجْهَانِ فَتْحُ الْحَاءِ وَكَسْرُهَا جَوَازًا حَسَنًا وَفِي هَذَا نَهْيٌ لَهَا عَنِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَيَقْتَضِي فَسَادَ الصَّلَاةِ هُنَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالنَّافِلَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطَّوَافُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَسُجُودُ الشُّكْرِ وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَلَّفَةً بِالصَّلَاةِ وَعَلَى
أنه لاقضاء عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي الْمُرَادُ بِالْإِدْبَارِ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهِ مَعْرِفَةُ عَلَامَةِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَقَلَّ مَنْ أَوْضَحَهُ وَقَدِ اعْتَنَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَامَةَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَالْحُصُولِ فِي الطُّهْرِ أَنْ يَنْقَطِعَ خُرُوجُ الدَّمِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ وَسَوَاءٌ خَرَجَتْ رُطُوبَةٌ بَيْضَاءُ أَمْ لَمْ يخرج شيء أصلا قال البيهقي وبن الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا التَّرِيَّةُ رُطُوبَةٌ خَفِيفَةٌ لاصفرة فيها ولاكدره تكون على القطنه أثر لالون قَالُوا وَهَذَا يَكُونُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ قُلْتُ هِيَ التَّرِيَّةُ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ مُشَدَّدَةٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عنها أنها قالت للنساء لاتعجلن حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ والقصة بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْجَصُّ شُبِّهَتِ الرُّطُوبَةُ النَّقِيَّةُ الصَّافِيَةُ بِالْجَصِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إِذَا مَضَى زَمَنُ حَيْضَتِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تغتسل في الحال لاول صلاة تدركها ولايجوز لَهَا أَنْ تَتْرُكَ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَاةً وَلَا صوما ولا يمتنع زوجها من وطئها ولاتمتنع مِنْ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ الطَّاهِرُ وَلَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ أَصْلًا وَعَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه رِوَايَةٌ أَنَّهَا تَسْتَظْهِرُ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ عَادَتِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَأَنَّ الدَّمَ نَجِسٌ وَأَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ لِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رضي الله عنه الْحَرْفُ الَّذِي تَرَكَهُ هُوَ قَوْلُهُ اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَسْقَطَهَا مُسْلِمٌ لِأَنَّهَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ حَمَّادُ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ وَتَوَضَّئِي فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ حَمَّادٍ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ذِكْرَ الْوُضُوءِ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَأَيُّوبَ بْنِ أَبِي مَكِينٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةٍ (بِنْتُ جحش) ولم
يَذْكُرْ أُمَّ حَبِيبَةَ وَفِي رِوَايَةٍ (أُمُّ حَبِيبَةَ بنت جحش ختنة رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ (قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ) هَذِهِ الْأَلْفَاظُ هَكَذَا هِيَ ثَابِتَةٌ فِي الْأُصُولِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرَّازِيِّ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ عَنِ ابْنَةِ جَحْشٍ وَهَذَا هوالصواب وَبَيَّنَ الْوَهْمَ فِيهِ قَوْلُهُ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْنَبُ هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ولم يَتَزَوَّجْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَطُّ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ هِيَ أُمُّ حَبِيبَةَ أُخْتُهَا وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا عَلَى الصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ خَتَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَفِي قَوْلِهِ كَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي بَيْتِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ إِنَّ بَنَاتَ جَحْشٍ الثَّلَاثَ زَيْنَبَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَحَمْنَةَ زَوْجَ طَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنَّ يَسْتَحِضْنَ كُلُّهُنَّ وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَسْتَحِضْ مِنْهُنَّ إِلَّا أُمُّ حَبِيبَةَ وَذَكَرَ الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ فِي كتابه الموعب فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ مِثْلَ هَذَا وَذَكَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اسْمُهَا
زَيْنَبُ وَلُقِّبَتْ إِحْدَاهُنَّ حَمْنَةُ وَكُنِّيَتِ الْأُخْرَى أُمُّ حَبِيبَةَ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ سَلِمَ مَالِكٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي تَسْمِيَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَيْنَبَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي أُخْرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ مَعَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَمَّا قَوْلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمُّ حَبِيبٍ بِلَا هَاءٍ وَاسْمُهَا حَبِيبَةُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ صَحِيحٌ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَذَا الشَّأْنِ قَالَ غَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبٍ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَهَا حَبِيبَةُ قَالَ وكذلك قاله الحميدي عن سفيان وقال بن الْأَثِيرِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَقِيلَ أُمُّ حَبِيبٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً قَالَ وَأَهْلُ السِّيَرِ يَقُولُونَ الْمُسْتَحَاضَةُ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جحش قال بن عَبْدِ الْبَرِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا كَانَتَا تُسْتَحَاضَانِ قَوْلُهُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ أَمَّا قَوْلُهُ خَتَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَمَعْنَاهُ قَرِيبَةُ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْأَخْتَانُ جَمْعُ خَتَنٍ وَهُمْ أَقَارِبُ زَوْجَةِ الرَّجُلِ وَالْأَحْمَاءُ أَقَارِبُ زَوْجِ الْمَرْأَةِ وَالْأَصْهَارُ يَعُمُّ الْجَمِيعَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَعَرَّفَهَا بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا كَوْنُهَا أُخْتَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالثَّانِي كَوْنُهَا زَوْجَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَمَّا وَالِدُهَا جَحْشٌ فَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن سلمة المرادي (عن بن وهب عن عمرو بن الحرث عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ وهو الصواب وكذلك رواه بن أَبِي ذِئْبٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ كَمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَخَالَفَهُمَا الْأَوْزَاعِيُّ فَرَوَاهُ عن الزهري عن عروة عن عمرة بعن جعل عروة راويا عن عمر وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ إِلَّا السَّمَرْقَنْدِيَّ
فَإِنَّهُ جَعَلَ عُرْوَةَ مَكَانَ عَمْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قوله ص (وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي) وَفِي الرِّوَايَةِ الاخرى (امكثي قدرما كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي) فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا انْقَضَى زَمَنُ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَ الدَّمُ جَارِيًا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا بيناه قَوْلُهُ (فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ الْإِجَانَةُ الَّتِي تُغْسَلُ فيها الثياب قوله (حتى تعلوا حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي الْمِرْكَنِ فَتَجْلِسُ فِيهِ وَتَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَيَخْتَلِطُ الْمَاءُ الْمُتَسَاقِطُ عَنْهَا بِالدَّمِ فَيَحْمَرُّ الْمَاءُ ثم انه لابد انها كانت تنظف بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ تِلْكَ الْغُسَالَةِ الْمُتَغَيِّرَةِ